بشاش
05-01-2011, 04:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اقرا معى هذه الكلمات من صيد الخاطر لابن الجوزي
رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب ، فيكرر الدعاء و تطول المدة ، و لا يرى أثراً للإجابة ، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر .
و ما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب ، و لقد عرض لي من هذا الجنس . فإنه نزلت بي نازلة ، فدعوت ، فلم أر الإجابة ، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده .
فتارة يقول : الكلام واسع و البخل معدوم ، فما فائدة تأخير الجواب ؟
فقلت له : إخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، و لا أرضاك وكيلاً .
ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياك و مساكنة وسوسته ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو لكفي في الحكمة .
قالت : فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة .
فقلت : قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك ، و للمالك التصرف بالمنع والعطاء ، فلا وجه الاعتراض عليه .
و الثاني : أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ، فربما رأيت الشيء مصلحة و الحكمة لا تقتضيه ، و قد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب ، من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة ، فلعل هذا من ذاك
و الثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، و الاستعجال مضرة ، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي .
الرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة ، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه .
فابحثي عن بعض هذه الأسباب لعلك تقفي بالمقصود كما روى عن أبي يزيد رضي الله عنه : أنه نزل بعض الأعاجم في داره فجاء ، فرأه فوقف بباب الدار ، و أمر بعض أصحابه فدخل ، فقلع طيناً جديداً قد طينه ، فقام الأعجمي و خرج . فسئل أبو يزيد عن ذلك فقال : [ هذا الطين من وجه شبهة ، فلما زالت الشبهة زال صاحبها ] .
و عن إبراهيم الخواص رحمه الله عليه أنه خرج لإنكار منكر ، فنبحه كلب له فمنعه أن يمضي ، فعاد ودخل المسجد ، و صلى ثم خرج ، فسئل فبصبص الكلب له فمضى ، و أنكر فزال المنكر .
فسئل عن تلك الحال فقال : [ كان عندي منكر ، فمنعني الكلب ، فلما عدت تبت من ذلك ، فكان ما رأيتم ] .
و الخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ، فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخير عن مرتبة خير ، فكان المنع أصلح .
و قد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو ، فهتف به هاتف : [ إنك إن غزوت أسرت ، و إن أسرت تنصرت ] .
و السادس : أنه ربما كان فقد ما فقدته سبباً للوقوف على الباب و اللجأ و حصوله سبباً للاشتغال به عن المسؤول .
و هذا الظاهر بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ .
فالحق عز وجل من الخلق اشتغالهم بالبر عنه فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه ، يستغيسون به ، فهذا من النعم في طي البلاء .
و إنما البلاء المحض ، ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ، ففيه جمالك
و قد حكي عن يحي البكاء أنه رأى ربه عز وجل في المنام ، فقال : [ يارب كم أدعوك و لا تجيبني ] ؟ فقال : [ يا يحي إني أحب أن أسمع صوتك ] .
و إذا تدبرت هذه الأشياء ، تشاغلت بما هو أنفع لك ، من حصول ما فاتك من رفع خلل ، أو اعتزار من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اقرا معى هذه الكلمات من صيد الخاطر لابن الجوزي
رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب ، فيكرر الدعاء و تطول المدة ، و لا يرى أثراً للإجابة ، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر .
و ما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب ، و لقد عرض لي من هذا الجنس . فإنه نزلت بي نازلة ، فدعوت ، فلم أر الإجابة ، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده .
فتارة يقول : الكلام واسع و البخل معدوم ، فما فائدة تأخير الجواب ؟
فقلت له : إخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، و لا أرضاك وكيلاً .
ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياك و مساكنة وسوسته ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو لكفي في الحكمة .
قالت : فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة .
فقلت : قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك ، و للمالك التصرف بالمنع والعطاء ، فلا وجه الاعتراض عليه .
و الثاني : أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ، فربما رأيت الشيء مصلحة و الحكمة لا تقتضيه ، و قد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب ، من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة ، فلعل هذا من ذاك
و الثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، و الاستعجال مضرة ، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي .
الرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة ، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه .
فابحثي عن بعض هذه الأسباب لعلك تقفي بالمقصود كما روى عن أبي يزيد رضي الله عنه : أنه نزل بعض الأعاجم في داره فجاء ، فرأه فوقف بباب الدار ، و أمر بعض أصحابه فدخل ، فقلع طيناً جديداً قد طينه ، فقام الأعجمي و خرج . فسئل أبو يزيد عن ذلك فقال : [ هذا الطين من وجه شبهة ، فلما زالت الشبهة زال صاحبها ] .
و عن إبراهيم الخواص رحمه الله عليه أنه خرج لإنكار منكر ، فنبحه كلب له فمنعه أن يمضي ، فعاد ودخل المسجد ، و صلى ثم خرج ، فسئل فبصبص الكلب له فمضى ، و أنكر فزال المنكر .
فسئل عن تلك الحال فقال : [ كان عندي منكر ، فمنعني الكلب ، فلما عدت تبت من ذلك ، فكان ما رأيتم ] .
و الخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ، فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخير عن مرتبة خير ، فكان المنع أصلح .
و قد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو ، فهتف به هاتف : [ إنك إن غزوت أسرت ، و إن أسرت تنصرت ] .
و السادس : أنه ربما كان فقد ما فقدته سبباً للوقوف على الباب و اللجأ و حصوله سبباً للاشتغال به عن المسؤول .
و هذا الظاهر بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ .
فالحق عز وجل من الخلق اشتغالهم بالبر عنه فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه ، يستغيسون به ، فهذا من النعم في طي البلاء .
و إنما البلاء المحض ، ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ، ففيه جمالك
و قد حكي عن يحي البكاء أنه رأى ربه عز وجل في المنام ، فقال : [ يارب كم أدعوك و لا تجيبني ] ؟ فقال : [ يا يحي إني أحب أن أسمع صوتك ] .
و إذا تدبرت هذه الأشياء ، تشاغلت بما هو أنفع لك ، من حصول ما فاتك من رفع خلل ، أو اعتزار من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب.