عاشق
04-02-2005, 01:17 AM
بالأمس وفي ساحة القصاص بمنطقة قصر الحكم بالرياض وبجوار المحكمة الكبرى رمز العدل والقضاء الشرعي انجلت معاني العدل والإنسانية حينما اسدل الستار عن قضية الشاب الأمير فهد بن نايف بن سعود الذي قتل المواطن الشاب منذر القاضي.. عن الخفايا وتفاصيل الحقيقة "الرياض" تلتقي والد المقتول وهو المواطن سليمان بن عبدالرحمن القاضي فكان هذا الحوار معه:
البداية
"الرياض": هل لك أن تروي ما حدث أمس (السبت) في القضية التي أنتم أصحاب الحق فيها وهو تنفيذ القصاص في قاتل ابنك الأمير فهد بن نايف بن سعود وكيف ذهبتم للوقوف على تنفيذ الحكم؟
- سليمان القاضي: عندما تبلغت بموعد القصاص وتم تحديد حضوري لساحة القصاص عند الساعة 8صباحاً فتوجهت مع بعض أبناء العم إلى مكتب الوكيل المساعد بإمارة الرياض الأستاذ إبراهيم الصبيحي ومن هناك وعندما هممنا بالذهاب إلى الساحة إذا بطلب من مكتب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الحضور إلى مكتب سموه قبل الذهاب للساحة فتوجهنا كمجموعة إلى مكتب سموه، وعندها قابلت سموه الذي رحب بنا ثم أوضح أن تنفيذ الحكم سيتم صباح هذا اليوم (السبت) وشرح سموه وجهة نظره أنه لا يتدخل في الأمر نهائياً وبالفعل كان هذا منهجه منذ بداية القضية عبر خط واحد هو العدل وعدم التدخل أو التأثير على مجرى التحقيق والحكم في القضية، ففي مكتب سموه شرح وأبدى مشاعره: أن العفو والصلح خير وبركة، كما أن الحق في القصاص قائم ومكفول بموجب الشرع والأمر متروك لي كولي أمر في ولاية الدم، فطلب سموه مني أن أتوكل على الله وأتوجه للساحة، وقال سموه: إن رأيت أن تعفو فهذا أجر وخير وإن رأيت تنفيذ الحكم فهذا حق كفله الشرع لك ولن يناقشني فيه أحد حاثاً لي أن أدعو الله أن يوجهني للخير حيثما كان.
في ساحة القصاص
ويضيف القاضي: وفعلاً ودعنا سموه وانتقلنا لساحة القصاص مع المجموعة من أبنائي وأبناء العم في حدود الساعة (9) صباحاً عندها انتظرنا حتى الساعة العاشرة لانهاء الإجراءات وحضور المحكوم عليه بالقصاص، وخلال هذه الفترة حضر الشيخ العبيد في الساحة الشمالية وعرف بنفسه ثم طلب مني أن أفكر في الموضوع وأعفو عن الأمر خيراً لي ولابني المرحوم "منذر" وأورد لي نصائح وأحاديث حيال هذا الموضوع، عندها أوضحت له أنني صليت "صلاة الاستخارة" منذ ليلة البارحة، وفي صباح اليوم "أمس السبت" ولم يتبين لي العدول عن القصاص.
وعند الساعة العاشرة تقريباً حضر المحكوم عليه بالقصاص فهد بن نايف بن سعود وطلبت من اللجنة أن أتعرف على الشخص وفعلاً شاهدته أنا وابني تميم وابن عمي سليمان القاضي
وشاهدناه وتعرفنا عليه إنه هو.
عندها كان ينادي بطلب العفو ويقول لي: "يا أبو تميم اعتق رقبتي لوجه الله".
القرار الأخير
ويقول القاضي: خلال هذه الفترة لم يكن لديّ توجه غير القصاص؛ رغم أنه كانت هناك إلحاحات كثيرة من بعض الحضور ومن بعض المشائخ ورجال الشرطة للتنازل لكن لا زال عندي عدم التنازل فلم أسمع لتلك الالحاحات وظل الاصرار على تنفيذ الحكم احتساباً لله وبياناً للحقيقة والعدل.
عندها قاموا بفتح باب السيارة ووضع الجاني في مكان الساحة لتنفيذ حكم القصاص؛ عندها حاول البعض ممن كانوا في الساحة محاولة واقترح ابن عمي عبدالرحمن ان يعطى لي (5) دقائق أفكر فيها بتأن إذا تبين لي العفو عفوت أو عدم العفو؛ وفعلاً وبعد مرور الخمس دقائق سألني مدير الشرطة: إلى أي قرار اتجهت؟؟ فقلت له: للتنفيذ؛ فطلب من السيّاف ينفذ الحكم.
ويروي القاضي قائلاً: وخلال هذه الثواني الأخيرة من تنفيذ الحكم اقترح بعض الأخوان من الحضور ان أصلي (صلاة استخارة) أخيرة معذرة أمام الله وبعدها أطرح قراري الأخير.
المشورة الصادقة
"الرياض": من هو الذي اقترح لك هذا المقترح؛ وهل هو شخص أم أكثر؟
- القاضي: لا أرغب ذكرهم هم مجموعة قرابة الثلاثة تحدثوا في وقت متقارب فناشدوا بهذه الصلاة الأخيرة وهم من جماعتي وآخرين في الساحة،عندها قبلت وتوجهت للقبلة وأديت الصلاة على أرضية الساحة ولم يكن تحتي سجادة أو شيء سوى ان أحد الحاضرين وضع لي "غترته الخاصة" للوقاية من الشمس فبعد الصلاة هذه دعوت الله عز وجل ان أتوجه للقرار الأخير بعون الله؛ فبعدما انتهيت من الصلاة ناديت ابني "تميم" وقلت له هاتف والدتك بالجوال واطرح لها ما حصل من موقف لعلها ترجح أحد الأمرين؛ وفعلاً أجابت بأن الأمر موكل لي والخيرة فيما اختاره الله عندها تشاورت مع ابني تميم والأخ عبدالرحمن وقلت لهم: إنني الآن أميل للعفو وهو ما ارتاحت له نفسي بعد الصلاة، فقالوا: الرأي ما تراه فترجح لي في هذه اللحظة الأخيرة ان العفو لله عز وجل وأنه رغم ان الحق نافذ والسياف ينتظر الأمر بتنفيذ الحكم إلاّ ان العفو عند المقدرة هو الراجح والخير في عتق الرقبة فلعلها خير لنا وله أمام الله عز وجل.
رفض العروض والمبالغ
"الرياض": يا أبا تميم.. سمعت أنه عرض لكم العديد من الوجاهات والمبالغ المالية التي وصلت إلى "70" مليون للتنازل والعفو فمامدى صحة ذلك بكل أمانة ومصداقية أمام القارئ والمهتم؟
- القاضي: يا ابني وبكل أمانة أمام الله فإن العروض المالية كانت مرفوضة منذ بداية القضية نهائياً؛ لأنه أولاً لا تسمح كرامتي تقبل مثل هذه العروض، ثم أنا لا أبيع واشتري بدم ابني؛ فهو أغلى من المال؛ ولن أقبل على نفسي ولا والدته ولا اخوانه يقبلون ريالاً واحداً في مثل هذا الجانب فتنازلي كان في تلك اللحظات من قناعتي بعد أمر الله سبحانه لا عتاق رقبة.
"الرياض": أقصد سابقاً هل عرض لكم من باب الاقناع ونحوه؟
- القاضي: أبداً كان منذ البداية هو التنفيذ وفق شرع الله تعالى؛ رغم أنه كثير من الاخوان والأقارب عندما حاولوا بدء الدخول في الوساطة والشفاعة والوجاهة من باب الخير وهذا ما أحسبهم والله حسيبهم كنت أرفضهم تماماً منذ بداية الحديث فأغلقت هذا الباب نهائياً والتوجه كان الحكم الشرعي في حق ابني "منذر" ويعلم الله ان الهدف ليس انتقاماً لكنه للعبرة وبيان مدى فداحة الأمر وايقاف مثل هذه الأمور.
التعرض للضغوطات
"الرياض": أسألك سؤالاً صريحاً قد يكون فيه شيء من الشفافية.. فآمل أن تصدقني القول: هل تعرضت لضغوطات في إسقاط حقكم الشرعي.. خاصة انكم أمام الجاني "أمير" من الأسرة المالكة؟
- القاضي: أقسم بالله العظيم انني لم أضع التخوف أو التنازل أمامي ولم اتعرض لأية ضغوط ثم تم الاتصال عليَّ بعد ثلاثة أو أربعة أيام لإبلاغي بموعد القصاص
العفو والمشاعر
"الرياض": كيف أعلنت العفو وما هو شعورك تلك اللحظات؟
- القاضي: عندما رغبت في ذلك بقناعة أعلنت ذلك أمام الجميع وقلت: اعتقت رقبة لله تعالى، ثم ذهبت وحللت الرباط من يديه دليل قناعة وبطواعية مني، ثم وجهت له شرطاً كاقتراح وحافز مني وممن معي أن يقوم الشاب فهد بتعلم القرآن الكريم وختمه وليس شرطاً الزامياً إنما هو حافز وتشجيع ونصح له.
وقد كان شعوري تلك اللحظات هو الرضا والقناعة انني استطعت أن اعتق رقبته لله عز وجل ولوجهه الكريم.
مزاعم وأقاويل
"الرياض": هناك بعض الأقاويل والأحاديث منها أن ما حدث مسرحية وفبركة، ومنهم من قال الهدف مادي لكنه مشروط فيما بين الطرفين فما ردكم؟
- القاضي: سمعت الكثير ومنها عرض الأموال والتي ذكرتم منها الـ (70) مليون وهذا غير صحيح وهذا نفيته كما ذكرته لك فالهدف المادي لم يكن، كذلك أن ما حدث في ساحة القصاص كان مرتباً له مسبقاً وفي هذا أقسم بالله العظيم أنه لم يكن صحيحاً
وأنه لم يتم التنازل إلا بعد ما صليت صلاة الاستخارة الأخيرة في ساحة القصاص وهذا أقسم به أمام الله عز وجل، ثم هناك من سيقول: لو نفذ ان ذلك الشخص المنفذ به الحكم ليس الجاني الحقيقي فما أريد التأكيد عليه امام الجميع انه لم يكن ذلك مفبركاً ولا مسرحية ونحو ذلك.
"الرياض": ذكرتم صلاة الاستخارة وهي سنة نبوية تتأكد في مثل هذه الأمور فكم مرة استخرت الله في هذا الأمر العصيب؟
- القاضي: استخرت الله عز وجل وصليت قرابة (3) مرات الأولى كانت ليلة تنفيذ القصاص والثانية في الصباح ثم الثالثة وهي التي كانت قبل تنفيذ الحكم بثوان..
"الرياض": كلمتكم كأب ونصيحتكم لمن يحملون السلاح من الشباب؟
- القاضي: السلاح بين الشباب بعشوائية أمر يدعو للحزم والتشديد من الآباء والمجتمع والمسؤولين وحيازته وفق رقابة تحد من التصرف غير المسؤول والمحمود.
من الحوار والمواجهة
@@ المواطن سليمان بن عبدالرحمن القاضي قرابة ( 60عاماً)، التخرج من جامعة الملك سعود، كان موظفاً في شركة الزيت العربية اليابانية بالخفجي، له من الأبناء (4) و(3) بنات من زوجة واحدة والأبناء تميم، ومالك وفارس والمقتول "منذر" - رحمه الله - وكان ترتيبه الثالث بينهم وكان عمره قرابة 15عاماً - رحمه الله.
@@ المواطن القاضي: يؤكد الدور الكبير الذي بذله سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز للسعي في النصح والاصلاح، كما يقدم الشكر والعرفان لكافة أسرة القاضي التي ساندته منذ بدء القضية وواسته.
@@ القضية منذ بدايتها وحتى قفل ملفها استمرت قرابة السنة والتسعة أشهر.
@@(16) قاضياً شاركوا في القضية وهم (3) للمحاكمة، و(3) لتصديق الاعتراف و(5) لتمييز الحكم و(5) قضاة لمجلس القضاء الأعلى.
@@ يؤكد والد المجني عليه منذر القاضي: انه لم يتقدم ولم يفتح باباً لديه للوجاهة أو تقديم الأموال من أي شخص من الأمراء أو أسرة القاضي أو مواطنين ومسؤولين .
@@ يضيف القاضي: حتى الأمير نايف بن سعود والد القاتل حضر لدينا مرة واحدة لتقديم العزاء وبعدها لم أشاهده إلا في مكتب الأمير سلمان وفي المحكمة في الجلسة الأخيرة.
@@ يوضح كذلك انه في ساحة القصاص لم يحضر أحد من أهل الجاني أما هو فقد حضر ومعه الأبناء تميم وفارس ومالك وابن عمه عبدالرحمن.
@@ وجه المواطن القاضي كلمة شكر وعرفان لهذه الدولة وقادتها على تطبيقهم شرع الله حتى على أبنائها، في هذا المجال أوجه نصيحة لكل مسلم أمام الله ألا يقول شيئاً عما حصل إلا وامامه سند حقيقي وإلا فانه محاسب امام الله تعالى..
@@ "الرياض" تطرح هذا الحوار بتجرد بياناً للأمر من مصدره ووقوفاً عند حقيقة أن أبناء الحاكم والمحكوم سواسية تحت مبدأ لهذه البلاد اتخذته دستوراً ومنهج حياة هو تطبيق شرع الله وسنة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام.
جريدة الرياض
البداية
"الرياض": هل لك أن تروي ما حدث أمس (السبت) في القضية التي أنتم أصحاب الحق فيها وهو تنفيذ القصاص في قاتل ابنك الأمير فهد بن نايف بن سعود وكيف ذهبتم للوقوف على تنفيذ الحكم؟
- سليمان القاضي: عندما تبلغت بموعد القصاص وتم تحديد حضوري لساحة القصاص عند الساعة 8صباحاً فتوجهت مع بعض أبناء العم إلى مكتب الوكيل المساعد بإمارة الرياض الأستاذ إبراهيم الصبيحي ومن هناك وعندما هممنا بالذهاب إلى الساحة إذا بطلب من مكتب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الحضور إلى مكتب سموه قبل الذهاب للساحة فتوجهنا كمجموعة إلى مكتب سموه، وعندها قابلت سموه الذي رحب بنا ثم أوضح أن تنفيذ الحكم سيتم صباح هذا اليوم (السبت) وشرح سموه وجهة نظره أنه لا يتدخل في الأمر نهائياً وبالفعل كان هذا منهجه منذ بداية القضية عبر خط واحد هو العدل وعدم التدخل أو التأثير على مجرى التحقيق والحكم في القضية، ففي مكتب سموه شرح وأبدى مشاعره: أن العفو والصلح خير وبركة، كما أن الحق في القصاص قائم ومكفول بموجب الشرع والأمر متروك لي كولي أمر في ولاية الدم، فطلب سموه مني أن أتوكل على الله وأتوجه للساحة، وقال سموه: إن رأيت أن تعفو فهذا أجر وخير وإن رأيت تنفيذ الحكم فهذا حق كفله الشرع لك ولن يناقشني فيه أحد حاثاً لي أن أدعو الله أن يوجهني للخير حيثما كان.
في ساحة القصاص
ويضيف القاضي: وفعلاً ودعنا سموه وانتقلنا لساحة القصاص مع المجموعة من أبنائي وأبناء العم في حدود الساعة (9) صباحاً عندها انتظرنا حتى الساعة العاشرة لانهاء الإجراءات وحضور المحكوم عليه بالقصاص، وخلال هذه الفترة حضر الشيخ العبيد في الساحة الشمالية وعرف بنفسه ثم طلب مني أن أفكر في الموضوع وأعفو عن الأمر خيراً لي ولابني المرحوم "منذر" وأورد لي نصائح وأحاديث حيال هذا الموضوع، عندها أوضحت له أنني صليت "صلاة الاستخارة" منذ ليلة البارحة، وفي صباح اليوم "أمس السبت" ولم يتبين لي العدول عن القصاص.
وعند الساعة العاشرة تقريباً حضر المحكوم عليه بالقصاص فهد بن نايف بن سعود وطلبت من اللجنة أن أتعرف على الشخص وفعلاً شاهدته أنا وابني تميم وابن عمي سليمان القاضي
وشاهدناه وتعرفنا عليه إنه هو.
عندها كان ينادي بطلب العفو ويقول لي: "يا أبو تميم اعتق رقبتي لوجه الله".
القرار الأخير
ويقول القاضي: خلال هذه الفترة لم يكن لديّ توجه غير القصاص؛ رغم أنه كانت هناك إلحاحات كثيرة من بعض الحضور ومن بعض المشائخ ورجال الشرطة للتنازل لكن لا زال عندي عدم التنازل فلم أسمع لتلك الالحاحات وظل الاصرار على تنفيذ الحكم احتساباً لله وبياناً للحقيقة والعدل.
عندها قاموا بفتح باب السيارة ووضع الجاني في مكان الساحة لتنفيذ حكم القصاص؛ عندها حاول البعض ممن كانوا في الساحة محاولة واقترح ابن عمي عبدالرحمن ان يعطى لي (5) دقائق أفكر فيها بتأن إذا تبين لي العفو عفوت أو عدم العفو؛ وفعلاً وبعد مرور الخمس دقائق سألني مدير الشرطة: إلى أي قرار اتجهت؟؟ فقلت له: للتنفيذ؛ فطلب من السيّاف ينفذ الحكم.
ويروي القاضي قائلاً: وخلال هذه الثواني الأخيرة من تنفيذ الحكم اقترح بعض الأخوان من الحضور ان أصلي (صلاة استخارة) أخيرة معذرة أمام الله وبعدها أطرح قراري الأخير.
المشورة الصادقة
"الرياض": من هو الذي اقترح لك هذا المقترح؛ وهل هو شخص أم أكثر؟
- القاضي: لا أرغب ذكرهم هم مجموعة قرابة الثلاثة تحدثوا في وقت متقارب فناشدوا بهذه الصلاة الأخيرة وهم من جماعتي وآخرين في الساحة،عندها قبلت وتوجهت للقبلة وأديت الصلاة على أرضية الساحة ولم يكن تحتي سجادة أو شيء سوى ان أحد الحاضرين وضع لي "غترته الخاصة" للوقاية من الشمس فبعد الصلاة هذه دعوت الله عز وجل ان أتوجه للقرار الأخير بعون الله؛ فبعدما انتهيت من الصلاة ناديت ابني "تميم" وقلت له هاتف والدتك بالجوال واطرح لها ما حصل من موقف لعلها ترجح أحد الأمرين؛ وفعلاً أجابت بأن الأمر موكل لي والخيرة فيما اختاره الله عندها تشاورت مع ابني تميم والأخ عبدالرحمن وقلت لهم: إنني الآن أميل للعفو وهو ما ارتاحت له نفسي بعد الصلاة، فقالوا: الرأي ما تراه فترجح لي في هذه اللحظة الأخيرة ان العفو لله عز وجل وأنه رغم ان الحق نافذ والسياف ينتظر الأمر بتنفيذ الحكم إلاّ ان العفو عند المقدرة هو الراجح والخير في عتق الرقبة فلعلها خير لنا وله أمام الله عز وجل.
رفض العروض والمبالغ
"الرياض": يا أبا تميم.. سمعت أنه عرض لكم العديد من الوجاهات والمبالغ المالية التي وصلت إلى "70" مليون للتنازل والعفو فمامدى صحة ذلك بكل أمانة ومصداقية أمام القارئ والمهتم؟
- القاضي: يا ابني وبكل أمانة أمام الله فإن العروض المالية كانت مرفوضة منذ بداية القضية نهائياً؛ لأنه أولاً لا تسمح كرامتي تقبل مثل هذه العروض، ثم أنا لا أبيع واشتري بدم ابني؛ فهو أغلى من المال؛ ولن أقبل على نفسي ولا والدته ولا اخوانه يقبلون ريالاً واحداً في مثل هذا الجانب فتنازلي كان في تلك اللحظات من قناعتي بعد أمر الله سبحانه لا عتاق رقبة.
"الرياض": أقصد سابقاً هل عرض لكم من باب الاقناع ونحوه؟
- القاضي: أبداً كان منذ البداية هو التنفيذ وفق شرع الله تعالى؛ رغم أنه كثير من الاخوان والأقارب عندما حاولوا بدء الدخول في الوساطة والشفاعة والوجاهة من باب الخير وهذا ما أحسبهم والله حسيبهم كنت أرفضهم تماماً منذ بداية الحديث فأغلقت هذا الباب نهائياً والتوجه كان الحكم الشرعي في حق ابني "منذر" ويعلم الله ان الهدف ليس انتقاماً لكنه للعبرة وبيان مدى فداحة الأمر وايقاف مثل هذه الأمور.
التعرض للضغوطات
"الرياض": أسألك سؤالاً صريحاً قد يكون فيه شيء من الشفافية.. فآمل أن تصدقني القول: هل تعرضت لضغوطات في إسقاط حقكم الشرعي.. خاصة انكم أمام الجاني "أمير" من الأسرة المالكة؟
- القاضي: أقسم بالله العظيم انني لم أضع التخوف أو التنازل أمامي ولم اتعرض لأية ضغوط ثم تم الاتصال عليَّ بعد ثلاثة أو أربعة أيام لإبلاغي بموعد القصاص
العفو والمشاعر
"الرياض": كيف أعلنت العفو وما هو شعورك تلك اللحظات؟
- القاضي: عندما رغبت في ذلك بقناعة أعلنت ذلك أمام الجميع وقلت: اعتقت رقبة لله تعالى، ثم ذهبت وحللت الرباط من يديه دليل قناعة وبطواعية مني، ثم وجهت له شرطاً كاقتراح وحافز مني وممن معي أن يقوم الشاب فهد بتعلم القرآن الكريم وختمه وليس شرطاً الزامياً إنما هو حافز وتشجيع ونصح له.
وقد كان شعوري تلك اللحظات هو الرضا والقناعة انني استطعت أن اعتق رقبته لله عز وجل ولوجهه الكريم.
مزاعم وأقاويل
"الرياض": هناك بعض الأقاويل والأحاديث منها أن ما حدث مسرحية وفبركة، ومنهم من قال الهدف مادي لكنه مشروط فيما بين الطرفين فما ردكم؟
- القاضي: سمعت الكثير ومنها عرض الأموال والتي ذكرتم منها الـ (70) مليون وهذا غير صحيح وهذا نفيته كما ذكرته لك فالهدف المادي لم يكن، كذلك أن ما حدث في ساحة القصاص كان مرتباً له مسبقاً وفي هذا أقسم بالله العظيم أنه لم يكن صحيحاً
وأنه لم يتم التنازل إلا بعد ما صليت صلاة الاستخارة الأخيرة في ساحة القصاص وهذا أقسم به أمام الله عز وجل، ثم هناك من سيقول: لو نفذ ان ذلك الشخص المنفذ به الحكم ليس الجاني الحقيقي فما أريد التأكيد عليه امام الجميع انه لم يكن ذلك مفبركاً ولا مسرحية ونحو ذلك.
"الرياض": ذكرتم صلاة الاستخارة وهي سنة نبوية تتأكد في مثل هذه الأمور فكم مرة استخرت الله في هذا الأمر العصيب؟
- القاضي: استخرت الله عز وجل وصليت قرابة (3) مرات الأولى كانت ليلة تنفيذ القصاص والثانية في الصباح ثم الثالثة وهي التي كانت قبل تنفيذ الحكم بثوان..
"الرياض": كلمتكم كأب ونصيحتكم لمن يحملون السلاح من الشباب؟
- القاضي: السلاح بين الشباب بعشوائية أمر يدعو للحزم والتشديد من الآباء والمجتمع والمسؤولين وحيازته وفق رقابة تحد من التصرف غير المسؤول والمحمود.
من الحوار والمواجهة
@@ المواطن سليمان بن عبدالرحمن القاضي قرابة ( 60عاماً)، التخرج من جامعة الملك سعود، كان موظفاً في شركة الزيت العربية اليابانية بالخفجي، له من الأبناء (4) و(3) بنات من زوجة واحدة والأبناء تميم، ومالك وفارس والمقتول "منذر" - رحمه الله - وكان ترتيبه الثالث بينهم وكان عمره قرابة 15عاماً - رحمه الله.
@@ المواطن القاضي: يؤكد الدور الكبير الذي بذله سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز للسعي في النصح والاصلاح، كما يقدم الشكر والعرفان لكافة أسرة القاضي التي ساندته منذ بدء القضية وواسته.
@@ القضية منذ بدايتها وحتى قفل ملفها استمرت قرابة السنة والتسعة أشهر.
@@(16) قاضياً شاركوا في القضية وهم (3) للمحاكمة، و(3) لتصديق الاعتراف و(5) لتمييز الحكم و(5) قضاة لمجلس القضاء الأعلى.
@@ يؤكد والد المجني عليه منذر القاضي: انه لم يتقدم ولم يفتح باباً لديه للوجاهة أو تقديم الأموال من أي شخص من الأمراء أو أسرة القاضي أو مواطنين ومسؤولين .
@@ يضيف القاضي: حتى الأمير نايف بن سعود والد القاتل حضر لدينا مرة واحدة لتقديم العزاء وبعدها لم أشاهده إلا في مكتب الأمير سلمان وفي المحكمة في الجلسة الأخيرة.
@@ يوضح كذلك انه في ساحة القصاص لم يحضر أحد من أهل الجاني أما هو فقد حضر ومعه الأبناء تميم وفارس ومالك وابن عمه عبدالرحمن.
@@ وجه المواطن القاضي كلمة شكر وعرفان لهذه الدولة وقادتها على تطبيقهم شرع الله حتى على أبنائها، في هذا المجال أوجه نصيحة لكل مسلم أمام الله ألا يقول شيئاً عما حصل إلا وامامه سند حقيقي وإلا فانه محاسب امام الله تعالى..
@@ "الرياض" تطرح هذا الحوار بتجرد بياناً للأمر من مصدره ووقوفاً عند حقيقة أن أبناء الحاكم والمحكوم سواسية تحت مبدأ لهذه البلاد اتخذته دستوراً ومنهج حياة هو تطبيق شرع الله وسنة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام.
جريدة الرياض