أبو رائد
02-10-2011, 02:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تستحق القراءة فعلا :
(عباد الله:إن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم
وكل محدثة بدعة ضلاله وكل ضلاله في النار .
ايها المسلمون :
اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى
عباد الله : إن معنى كلمة الرجل في اللغة تدل على معان عديدة غير الذكورة المقابلة للأنوثة، تقول العرب في المفاضلة بين الاثنين: هو أرجل الرجلين ، وللدلالة على القدرة على التصدي للأحداث: هو رجل الساعة ، وفي ختام المباهاة بالشرف والثناء تقول هو من رجالات قومه
ونعني هنا بالرجل: هو الذي اخضع ذاته ونفسه وهواه لمنهج الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهما وسلوكا .
عباد الله: الرجولة ترسخ بعقيدة قوية ، وتهذب بتربية صحيحة ، وتنمى بقدوة حسنة .
الرجولة الحقة رأي سديد ، وكلمة طيبة ، ومروءة وشهامة ، وتعاون وتضامن ، كانت العرب قبل الاسلام تعتز وتفتخر بمعاني الرجولة وتربي أبنائها على ذلك ويرسلونهم إلي البوادي صغاراً ليرجعوا إلى أهليهم رجالاً أشداء حكماء ينصرونهم ويذبون عنهم .
فجاء الإسلام فأقر ما كان حسنا منها ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (الناس معادن خيرهم في الجاهلية خيرهم في الإسلام إذا فقهوا ) .
عباد الله : الرجولة تحمل المسئولية في الذب عن التوحيد والنصح في الله ، قال تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
الرجولة ياعباد الله قوة في القول ، وصدع بالحق ، وتحذير من المخالفة من أمر الله مع حكمة وفطنة ، قال تعالى : (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجل أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم"
الرجل الحق يصدق في عهده , ويفي بوعده، ويثبت على الطريق، قال تعالى : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
الرجولة مطلب يسعى للتجمل بخصائصها أصحاب الهمم ، ويسمو بمعانيها الرجال الجادون، وهي صفة أساسية ، فالناس إذا فقدوا أخلاق الرجولة صاروا أشباه الرجال وغثاء كغثاء السيل. لقد أصبح ميزان الرجولة عند بعض الناس هو ميزان مادي فقط , فمن كان جميل المظهر مكتمل القوى كثير المال فهو الرجل!! .
ولكن ميزان الرجال في شريعة الإسلام من كانت أعماله فاضلة , وأخلاقه حسنة فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلام فقال لرجل عنده جالس:(ما رأيك في هذا؟) قال: رجل من أشرف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع, فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلام ، ثم مر رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مارأيك في هذا) ، فقال: يا رسول الله : هذا رجل من فقراء المسلمين, هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن لا يشفع ، وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هذا خير من ملئ الأرض من مثل هذا ) رواه البخاري ومسلم
الرجال يا عباد الله لا يقاسون بضخامة أجسادهم ولا بهاء صورهم ، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله ابن مسعود ، فصعد على شجرة ، يأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابه إلى ساق عبدالله بن مسعود حين صعد الشجرة ، فضحكوا من حموشة ساقيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تضحكون !؟ ، لرجل عبدالله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد ) أخرجه أحمد
عباد الله : إن من حكمة الله تعالى أن خص الرجال بأمور دون النساء ومن ذلك الولاية والقضاء والقوامة والإمامة .
أيها المسلمون إن للرجولة خصائص وصفات , مدحها الشرع وأثنى على أهلها, وأشاد بذكرهم ورفع مكانتهم , ومع هذا نجد البعض هداهم الله قل نصيبهم منها. قال تعالى :( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ، وقال عز وجل:( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ماعملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب).
ففي هاتين الآيتين امتدح الله المؤمنين وسماهم رجالا فأين من هذه الصفة من تهاونوا بصلاة الجماعة وتشاغلوا ؟! أين منها من ناموا عنها وتكاسلوا ؟! فكيف يؤتمن تارك صلاة على أداء عمل او إنجاز مهمة, بل كيف يرعى زوجة ويكون أسرة، ويربي أبناء ويحفظ إخوة , أويكون قدوة لطلاب وأسوة لموظفين.
عباد الله : من صفات الرجال في القرآن ما ورد في قوله تعالى:( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين أتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون) فهو رجل واحد لم يعرف اسمه تكبد عناء المجيء من أقصى المدينة , وسارع إلى مقصوده ولم يتباطأ, فعل ذلك لتأييد الرسل ونصيحة قومه ليتبعوهم, ألا فما اكبر الفرق بينه وبين كثير من المفتونين اليوم, ممن درسوا في الغرب أو أعجبوا بأهله,وتشربوا سموم , شهواته , فصاروا لا يتحملون عبادة ، ولا يستقيمون في طاعة , ولا يثبتون على فضيلة ،ولا يصبرون عن شهوة , ثم لم يكتفوا بضلالهم في أنفسهم حتى عملوا على إضلال الآخرين ، وإنك لتجد هؤلاء ـ لا كثرهم الله_ كتابا في الصف , أو متحدثين على القنوات مستغلين ذلك لبث سمومهم , يفعلون كل ذلك طلبا للشهرة والشهوة , فأين هو الرجل التقي الخفي الذي يدافع عن المنكر؟! أين هو الرجل الذي يتحرك سريعاً لنصر الخير ، وبذل النصيحة لأهله ولو كان وحدة.
من صفات الرجال في القران ياعباد الله : القيام على من ولاهم الله أمره من النساء والبنين, وحسن توجيههم والاجتهاد في تربيتهم , قال سبحانه: ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ).
يقول بن كثير: القيم أي الرئيس , الذي يحكم أهله ويقوم اعوجاجهم أذا اعوجوا, وهو المسؤول عنهم يوم القيامة ,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته , والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ) .
وإن من حال بعض المجتمعات ياعباد الله : التهاون في شريعة الإسلام بل يصل الأمر حد الاستهزاء بها فنجد البعض ممن يستنكفون من أمر الشرع بعدم خروج المرأة أمام الرجال والبعض يزكي نفسه بقوله أن نوايانا حسنة !! والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهو أغير خلق الله على محارمه يقول :( الحمو الموت ) وهؤلاء مازالوا يقولون أن نوايانا حسنة !! والله المستعان .
وإن من حال بعض البيوت وما يذكر في كثير من الأسواق ماهي ضعف في الرجولة وتفريط في القوامة من بعض من تركوا نسائهم يطفن في الأسواق كالهمل ، يلبسن ملابس الفتنة ، ويظهرن بمظاهر التبرج كلبس العباءة الضيقة وكشف مفاتنها متعطرة متزينة قد تركها عرضة للسفهاء فلم يحفظ عرضه ففقد غيرة الرجال التي لم تفقدها البهائم ، الجمل يغار وهذا لا يغار !! وفي صورة أخرى من فقدان الرجولة وموت الغيرة ترى من لا يستنكر دخول العمال والسائقين إلى بيته ، بل ترى بعض أولئك العمال والسائقين وكأنه واحد من أهل البيت يأمر فيه وينهى ، ويضاحك النساء ويمازحهن وينظر منهن إلى مالا يحل !! فلا حول ولاقوة إلا بالله . يكثر الذكور ، ويقل الرجال !!! عباد الله : ليس الرجال أولئك الذين يتبعون الشهوات ، ويغرقون في الملذات ، الذين قعدوا عن معان الغايات ، وأعرضوا عن خالق الأرض والسماوات ، وليس أولئك الذين ضخمت أجسادهم وقد خلت من
من قول الحكمة ألسنتهم, وسداد الرأي عقولهم هؤلاء الرجال أشباه رجال لا نعنيهم , بل نعني الذين عناهم القرآن في قوله:( الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقيما() والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما() إنها ساءت مستقرا ومقاما() والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً()............
عباد الله : ليس من الرجولة أن يكون الشاب كالإمعة إن أحسن الناس أحسن, وإن أساؤوا أساء , وإذا ولغ أصحابه في مستنقعات السوء جرى في ركابهم لكي يكون رجلاً كما يزعمون .
اسمعوا لقصة الطفيل بن عمرو الدوسي فهو شاب من سادات قومه حذروه قريش من أن يستمع للنبي صلى الله عليه وسلم فحشا في أذنيه قطنا لكي لا يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاتب نفسه واستمع للحق واتبعه ، فكان سبباً لهداية قومه ، فتأملوا ما يفعله بعض الشباب هداهم الله من الإعراض عن الاستماع إلى العلماء الظاهرين على الحق المعرفين لدى الأمة بالاستقامة على منهج الكتاب والسنة ثم يعطل عقله الذي وهبه الله له ويتبع من يستحسن كلامهم ويستظرف عبارتهم واغتر بكثرتهم من غير رجوع للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة . فنتج عن ذلك تكفير وتفجير وبعد عن جادة الصواب .
عباد الله: هل من معالم الرجولة الحقة أن تكون غاية مراد الشاب شهوة قريبة , ولذة محرمة ، أين هذا من رجل قلبه معلق بالمساجد ؟! وأين هذا من رجل دعته أمرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ؟! وأين هذا من رجل تصدق بصدقة فأخفاها ، ورجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
عباد الله: إن من الشباب من ضعفت شخصيته وفقد رجولته فلبس لبس الغرب الفاضح وقلد الكفار في مظهرهم وسلوكهم وعق والداه ، وبر أصحابه وأطاعهم في مخالفة الشرع الحنيف لم يستح من ذلك بل يستحي من الاقتداء برسولنا الكريم في هديه وسلوكه كتقصير إزاره وإعفاء لحيته.
عباد الله :
قد ابتليت الأمة في هذا الزمن في بعض نواحيها بشباب لا يمتون إلى الرجولة بصله , ألفاظ خانعة , وترانيم ساقطة , إن شر ما تصاب به الحياة هو الخروج على الفطرة التي فطر الله الناس عليها , وذلك بتخنث الرجال واسترجال المرأة , أين الرجولة فيمن يتمايل في حركاته , ويتأطر في مشيته , بل قد يرقص كما ترقص النساء ؟! إن هذه السلوكيات نواة شر ونذير فساد لكل المجتمع ؟ لأنها تحكي مسخا وانحرافا عن الفطرة , وانهزامية وانحطاطا على حساب أخلاق الامة , ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)أخرجه البخاري
فاتقوا الله عباد الله , وربوا أبنائكم على التحلي بأخلاق الرجال المذكورة في كتاب الله , والمجمع على حسنها عند عباد الله .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه الذي أصطفى .
أيها المسلمون : يروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه يوما : تمنوا , فتمنوا ملء البيت الذي كانوا فيه مالا وجواهرً ينفقونها في سبيل الله , فقال عمر رضي الله عنه : لكني أتمنى رجالا مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان , فأستعملهم في طاعة الله عز وجل . رضي الله عن عمر ما أصوب رأيه وأدق فهمه إن رجلا واحدا تتحقق فيه الرجولة الحقيقية لهو أعز من كل معدن نفيس وأغلى من كل جوهر ثمين , وإن الرجل الصالح التام الرجولة الذي يعلم ماعليه فيؤديه وماله فيقف عنده لهو عماد الأمة وروح نهضتها .
عباد الله:
كم من شاب في سن الثلاثين أو كهل في سن الأربعين أو شيخ في سن السبعين , فإذا فتشت قلوبهم وجدت قلوب أطفال وأفئدة خاوية , يفرح بالتافه ، ويبكي على حقير .
وكم من غلام في مقتبل العمر دون العشرين ولكنك ترى فيه للرجولة علامات وتلمح منها أمارات , تلمسها في قوله الرصين , وتراها في عمله المتين ونجدها في تفكيره الرزين , وسمته ونهجه القويم , ويصدقها خلقه العالي وتعامله الناضج .
أيها المسلمون , أعلموا أن الرجوله لن تترعرع ، ولن تطول شجرتها ولن تتفرع ، ولن يتربى الرجال الصالحون المصلحون إلا في ظل عقائد راسخة , تقوم على أصول ثابتة , وتحفظها مبادئ متمكنة , أساسها التوحيد الخالص , وبناؤها العمل الصالح , وتضبطها القيم وترعاها الفضائل ، أما في ظلام الشبهات المضلة ومستنقعات الرذيلة والإنحلال والسفور التي تحفرها وسائل الإعلام والقنوات والفضائيات ، وتنقل عفنها الجوالات والشبكات ،فلن يتخرج للأمة رجال ، وإن الدنيا لم ترى الرجولة في أجل صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام من الرجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع ، ولن تزدهر الدنيا بالرجولة الحقة إلا بإحياء تلك النماذج العظيمة في الواقع وعرض سيرهم على الناشئة ، وهذا لن يكون إلا بتوفيق الله وبتربية أبنائنا التربية السليمة ، وغرس معاني الرجولة في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم .
وأبشروا ياعباد الله أن الخير باق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ، قال عليه الصلاة والسلام :( لا يزال رجال من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) متفق عليه
فسيروا عباد الله مسيرة محمد بن عبدالله ، وترسموا خطاه ، وأحيوا سنته ، واهتدوا بهديه تفوزوا وتفلحوا ، جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين.)
خطبة جمعة للشيخ : حافظ العنزي
الجمعة 2 / 11 / 1432هـ
تستحق القراءة فعلا :
(عباد الله:إن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم
وكل محدثة بدعة ضلاله وكل ضلاله في النار .
ايها المسلمون :
اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى
عباد الله : إن معنى كلمة الرجل في اللغة تدل على معان عديدة غير الذكورة المقابلة للأنوثة، تقول العرب في المفاضلة بين الاثنين: هو أرجل الرجلين ، وللدلالة على القدرة على التصدي للأحداث: هو رجل الساعة ، وفي ختام المباهاة بالشرف والثناء تقول هو من رجالات قومه
ونعني هنا بالرجل: هو الذي اخضع ذاته ونفسه وهواه لمنهج الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهما وسلوكا .
عباد الله: الرجولة ترسخ بعقيدة قوية ، وتهذب بتربية صحيحة ، وتنمى بقدوة حسنة .
الرجولة الحقة رأي سديد ، وكلمة طيبة ، ومروءة وشهامة ، وتعاون وتضامن ، كانت العرب قبل الاسلام تعتز وتفتخر بمعاني الرجولة وتربي أبنائها على ذلك ويرسلونهم إلي البوادي صغاراً ليرجعوا إلى أهليهم رجالاً أشداء حكماء ينصرونهم ويذبون عنهم .
فجاء الإسلام فأقر ما كان حسنا منها ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (الناس معادن خيرهم في الجاهلية خيرهم في الإسلام إذا فقهوا ) .
عباد الله : الرجولة تحمل المسئولية في الذب عن التوحيد والنصح في الله ، قال تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
الرجولة ياعباد الله قوة في القول ، وصدع بالحق ، وتحذير من المخالفة من أمر الله مع حكمة وفطنة ، قال تعالى : (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجل أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم"
الرجل الحق يصدق في عهده , ويفي بوعده، ويثبت على الطريق، قال تعالى : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
الرجولة مطلب يسعى للتجمل بخصائصها أصحاب الهمم ، ويسمو بمعانيها الرجال الجادون، وهي صفة أساسية ، فالناس إذا فقدوا أخلاق الرجولة صاروا أشباه الرجال وغثاء كغثاء السيل. لقد أصبح ميزان الرجولة عند بعض الناس هو ميزان مادي فقط , فمن كان جميل المظهر مكتمل القوى كثير المال فهو الرجل!! .
ولكن ميزان الرجال في شريعة الإسلام من كانت أعماله فاضلة , وأخلاقه حسنة فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلام فقال لرجل عنده جالس:(ما رأيك في هذا؟) قال: رجل من أشرف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع, فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلام ، ثم مر رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مارأيك في هذا) ، فقال: يا رسول الله : هذا رجل من فقراء المسلمين, هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن لا يشفع ، وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هذا خير من ملئ الأرض من مثل هذا ) رواه البخاري ومسلم
الرجال يا عباد الله لا يقاسون بضخامة أجسادهم ولا بهاء صورهم ، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله ابن مسعود ، فصعد على شجرة ، يأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابه إلى ساق عبدالله بن مسعود حين صعد الشجرة ، فضحكوا من حموشة ساقيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تضحكون !؟ ، لرجل عبدالله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد ) أخرجه أحمد
عباد الله : إن من حكمة الله تعالى أن خص الرجال بأمور دون النساء ومن ذلك الولاية والقضاء والقوامة والإمامة .
أيها المسلمون إن للرجولة خصائص وصفات , مدحها الشرع وأثنى على أهلها, وأشاد بذكرهم ورفع مكانتهم , ومع هذا نجد البعض هداهم الله قل نصيبهم منها. قال تعالى :( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ، وقال عز وجل:( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ماعملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب).
ففي هاتين الآيتين امتدح الله المؤمنين وسماهم رجالا فأين من هذه الصفة من تهاونوا بصلاة الجماعة وتشاغلوا ؟! أين منها من ناموا عنها وتكاسلوا ؟! فكيف يؤتمن تارك صلاة على أداء عمل او إنجاز مهمة, بل كيف يرعى زوجة ويكون أسرة، ويربي أبناء ويحفظ إخوة , أويكون قدوة لطلاب وأسوة لموظفين.
عباد الله : من صفات الرجال في القرآن ما ورد في قوله تعالى:( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين أتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون) فهو رجل واحد لم يعرف اسمه تكبد عناء المجيء من أقصى المدينة , وسارع إلى مقصوده ولم يتباطأ, فعل ذلك لتأييد الرسل ونصيحة قومه ليتبعوهم, ألا فما اكبر الفرق بينه وبين كثير من المفتونين اليوم, ممن درسوا في الغرب أو أعجبوا بأهله,وتشربوا سموم , شهواته , فصاروا لا يتحملون عبادة ، ولا يستقيمون في طاعة , ولا يثبتون على فضيلة ،ولا يصبرون عن شهوة , ثم لم يكتفوا بضلالهم في أنفسهم حتى عملوا على إضلال الآخرين ، وإنك لتجد هؤلاء ـ لا كثرهم الله_ كتابا في الصف , أو متحدثين على القنوات مستغلين ذلك لبث سمومهم , يفعلون كل ذلك طلبا للشهرة والشهوة , فأين هو الرجل التقي الخفي الذي يدافع عن المنكر؟! أين هو الرجل الذي يتحرك سريعاً لنصر الخير ، وبذل النصيحة لأهله ولو كان وحدة.
من صفات الرجال في القران ياعباد الله : القيام على من ولاهم الله أمره من النساء والبنين, وحسن توجيههم والاجتهاد في تربيتهم , قال سبحانه: ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ).
يقول بن كثير: القيم أي الرئيس , الذي يحكم أهله ويقوم اعوجاجهم أذا اعوجوا, وهو المسؤول عنهم يوم القيامة ,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته , والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ) .
وإن من حال بعض المجتمعات ياعباد الله : التهاون في شريعة الإسلام بل يصل الأمر حد الاستهزاء بها فنجد البعض ممن يستنكفون من أمر الشرع بعدم خروج المرأة أمام الرجال والبعض يزكي نفسه بقوله أن نوايانا حسنة !! والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهو أغير خلق الله على محارمه يقول :( الحمو الموت ) وهؤلاء مازالوا يقولون أن نوايانا حسنة !! والله المستعان .
وإن من حال بعض البيوت وما يذكر في كثير من الأسواق ماهي ضعف في الرجولة وتفريط في القوامة من بعض من تركوا نسائهم يطفن في الأسواق كالهمل ، يلبسن ملابس الفتنة ، ويظهرن بمظاهر التبرج كلبس العباءة الضيقة وكشف مفاتنها متعطرة متزينة قد تركها عرضة للسفهاء فلم يحفظ عرضه ففقد غيرة الرجال التي لم تفقدها البهائم ، الجمل يغار وهذا لا يغار !! وفي صورة أخرى من فقدان الرجولة وموت الغيرة ترى من لا يستنكر دخول العمال والسائقين إلى بيته ، بل ترى بعض أولئك العمال والسائقين وكأنه واحد من أهل البيت يأمر فيه وينهى ، ويضاحك النساء ويمازحهن وينظر منهن إلى مالا يحل !! فلا حول ولاقوة إلا بالله . يكثر الذكور ، ويقل الرجال !!! عباد الله : ليس الرجال أولئك الذين يتبعون الشهوات ، ويغرقون في الملذات ، الذين قعدوا عن معان الغايات ، وأعرضوا عن خالق الأرض والسماوات ، وليس أولئك الذين ضخمت أجسادهم وقد خلت من
من قول الحكمة ألسنتهم, وسداد الرأي عقولهم هؤلاء الرجال أشباه رجال لا نعنيهم , بل نعني الذين عناهم القرآن في قوله:( الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقيما() والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما() إنها ساءت مستقرا ومقاما() والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً()............
عباد الله : ليس من الرجولة أن يكون الشاب كالإمعة إن أحسن الناس أحسن, وإن أساؤوا أساء , وإذا ولغ أصحابه في مستنقعات السوء جرى في ركابهم لكي يكون رجلاً كما يزعمون .
اسمعوا لقصة الطفيل بن عمرو الدوسي فهو شاب من سادات قومه حذروه قريش من أن يستمع للنبي صلى الله عليه وسلم فحشا في أذنيه قطنا لكي لا يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاتب نفسه واستمع للحق واتبعه ، فكان سبباً لهداية قومه ، فتأملوا ما يفعله بعض الشباب هداهم الله من الإعراض عن الاستماع إلى العلماء الظاهرين على الحق المعرفين لدى الأمة بالاستقامة على منهج الكتاب والسنة ثم يعطل عقله الذي وهبه الله له ويتبع من يستحسن كلامهم ويستظرف عبارتهم واغتر بكثرتهم من غير رجوع للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة . فنتج عن ذلك تكفير وتفجير وبعد عن جادة الصواب .
عباد الله: هل من معالم الرجولة الحقة أن تكون غاية مراد الشاب شهوة قريبة , ولذة محرمة ، أين هذا من رجل قلبه معلق بالمساجد ؟! وأين هذا من رجل دعته أمرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ؟! وأين هذا من رجل تصدق بصدقة فأخفاها ، ورجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
عباد الله: إن من الشباب من ضعفت شخصيته وفقد رجولته فلبس لبس الغرب الفاضح وقلد الكفار في مظهرهم وسلوكهم وعق والداه ، وبر أصحابه وأطاعهم في مخالفة الشرع الحنيف لم يستح من ذلك بل يستحي من الاقتداء برسولنا الكريم في هديه وسلوكه كتقصير إزاره وإعفاء لحيته.
عباد الله :
قد ابتليت الأمة في هذا الزمن في بعض نواحيها بشباب لا يمتون إلى الرجولة بصله , ألفاظ خانعة , وترانيم ساقطة , إن شر ما تصاب به الحياة هو الخروج على الفطرة التي فطر الله الناس عليها , وذلك بتخنث الرجال واسترجال المرأة , أين الرجولة فيمن يتمايل في حركاته , ويتأطر في مشيته , بل قد يرقص كما ترقص النساء ؟! إن هذه السلوكيات نواة شر ونذير فساد لكل المجتمع ؟ لأنها تحكي مسخا وانحرافا عن الفطرة , وانهزامية وانحطاطا على حساب أخلاق الامة , ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)أخرجه البخاري
فاتقوا الله عباد الله , وربوا أبنائكم على التحلي بأخلاق الرجال المذكورة في كتاب الله , والمجمع على حسنها عند عباد الله .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه الذي أصطفى .
أيها المسلمون : يروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه يوما : تمنوا , فتمنوا ملء البيت الذي كانوا فيه مالا وجواهرً ينفقونها في سبيل الله , فقال عمر رضي الله عنه : لكني أتمنى رجالا مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان , فأستعملهم في طاعة الله عز وجل . رضي الله عن عمر ما أصوب رأيه وأدق فهمه إن رجلا واحدا تتحقق فيه الرجولة الحقيقية لهو أعز من كل معدن نفيس وأغلى من كل جوهر ثمين , وإن الرجل الصالح التام الرجولة الذي يعلم ماعليه فيؤديه وماله فيقف عنده لهو عماد الأمة وروح نهضتها .
عباد الله:
كم من شاب في سن الثلاثين أو كهل في سن الأربعين أو شيخ في سن السبعين , فإذا فتشت قلوبهم وجدت قلوب أطفال وأفئدة خاوية , يفرح بالتافه ، ويبكي على حقير .
وكم من غلام في مقتبل العمر دون العشرين ولكنك ترى فيه للرجولة علامات وتلمح منها أمارات , تلمسها في قوله الرصين , وتراها في عمله المتين ونجدها في تفكيره الرزين , وسمته ونهجه القويم , ويصدقها خلقه العالي وتعامله الناضج .
أيها المسلمون , أعلموا أن الرجوله لن تترعرع ، ولن تطول شجرتها ولن تتفرع ، ولن يتربى الرجال الصالحون المصلحون إلا في ظل عقائد راسخة , تقوم على أصول ثابتة , وتحفظها مبادئ متمكنة , أساسها التوحيد الخالص , وبناؤها العمل الصالح , وتضبطها القيم وترعاها الفضائل ، أما في ظلام الشبهات المضلة ومستنقعات الرذيلة والإنحلال والسفور التي تحفرها وسائل الإعلام والقنوات والفضائيات ، وتنقل عفنها الجوالات والشبكات ،فلن يتخرج للأمة رجال ، وإن الدنيا لم ترى الرجولة في أجل صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام من الرجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع ، ولن تزدهر الدنيا بالرجولة الحقة إلا بإحياء تلك النماذج العظيمة في الواقع وعرض سيرهم على الناشئة ، وهذا لن يكون إلا بتوفيق الله وبتربية أبنائنا التربية السليمة ، وغرس معاني الرجولة في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم .
وأبشروا ياعباد الله أن الخير باق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ، قال عليه الصلاة والسلام :( لا يزال رجال من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ) متفق عليه
فسيروا عباد الله مسيرة محمد بن عبدالله ، وترسموا خطاه ، وأحيوا سنته ، واهتدوا بهديه تفوزوا وتفلحوا ، جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين.)
خطبة جمعة للشيخ : حافظ العنزي
الجمعة 2 / 11 / 1432هـ