ابوسعود
28-03-2003, 02:45 PM
الرياض: كيم مورفي *
كانت الدعوة بعد ظهر احد ايام هذا الاسبوع لمناسبة اجتماعية لتناول الشاي للسيدات في منزل حرم السفير الاميركي في الرياض آن جوردان. كان السلوك المهذب اللطيف مطلوبا، حتى ولو كانت الحرب بين الاميركيين والعرب تجري على بعد 480 كيلومتراً في العراق.
ولكن سرعان ما تحول هذا التجمع، وهو واحد من التجمعات الصغيرة التي تزدحم بها السفارات الاميركية، الى ما يمكن ان يصفه الدبلوماسيون بتبادل مباشر وصريح للآراء.
انتقدت السيدات السعوديات نظيراتهن الاميركيات وعبرن عن غضبهن تجاه ما يحدث في العراق، وهو ما يبدو انه يحظى بموافقة قطاع عريض متزايد في العالم العربي. الا ان عددا قليلا من الاشخاص العاديين في هذه البلدان يمكن ان يحصل على فرصة لاسماع وجهات نظره بصورة مباشرة الى مثل هذه المجموعة من الاميركيات النافذات، ومن بينهن كانت جوردان المضيفة المبتسمة القادمة من تكساس، ومارغريت سكوبي نائبة رئيس البعثة في السفارة الاميركية في السعودية بالاضافة الى ملحقتين صحافيتين ومستشارة اعمال اميركية متزوجة منذ امد طويل من سعودي في الرياض ومجموعة من الصحافيات الاميركيات.
وتضم مجموعة السعوديات وهن نساء متعلمات تعليما رفيعا من بنات النخبة السعودية، ثلاثة استاذات جامعيات وكاتبتان ومديرة منظمة خيرية طبية. وقد وصلت النساء وهن يرتدين العباءة. تم تقديم الشاي وتبادلن التعارف والمجاملات والسؤال عن الاولاد. كما تم تمرير طبق من ساندويتشات السالمون المدخن.
ثم بعد ذلك خلعن قفاز المجاملات. فقد وضعت فوزية ابو خالد وهي شاعرة واكاديمية فنجان الشاي ونظرت الى الاميركيات بتحد، وصوتها يكاد يرتعش من فرط التصميم والغضب. قالت انه كان من الصعب قبول دعوة لزيارة مقر اقامة السفير في وقت تشن فيه الولايات المتحدة حربا ضد دولة عربية اخرى. واضافت ان معظم صديقاتها رفضن بأدب دعوة آن. والقلة اللاتي حضرن، قمن بذلك لاسماع الاميركيين وجهة نظرهن. واقرت بقية النساء السعوديات ذلك. وبدت آن مشدودة بعض الشيء.
قالت فوزية «لقد جعلت هذه الحرب الناس موالين (للرئيس العراقي) صدام حسين، لانه ليس من العدل ان تأتوا من الخارج لاقصاء رئيس، حتى ولو كان دكتاتورا. هل تعتقدون ان العراقيين سينضمون اليكم ويقاتلون من اجل حريتهم. انهم بدلا من القتال من اجل حريتهم يقفون خلفه، وهو ما لم يسع اليه احد». عقب ذلك تحدثت هند الخثيلة استاذة دراسات التعليم العالي في جامعة الملك سعود وقالت انها شاهدت صورة في الاخبار لاب اميركي يبكي لان ابنه قتل في المعارك في العراق. واضافت «كل منا يحتفظ بهذه الصورة في ذهنه، صورة الاب الباكي الذي يشتكي ويقول لبوش: لقد اخذت ابني مني، لا نستطيع رؤية ذلك». وتابعت قائلة «اعلم ما فعلته الحكومة العراقية. ولكن الآن من وجهة نظر انسانية نحن معه. لقد اعادت عقارب الساعة القضية لصالحه. لسنا مشوشين فقط بل اننا لا ننام. لقد تحطمت قلوبنا. ولا نستمتع حتى بالطعام الذي نأكله. عندما شاهدنا هذا الاب، بالرغم من اننا كلنا سعوديات، بدأنا في البكاء».
وتستمر الاسئلة: لماذا تسيطر وجهة النظر الاسرائيلية على وسائل الاعلام الاميركية؟ ولماذا لم تبذل ادارة بوش جهدا جادا لتحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين قبل شن الحرب في العراق؟ والم يكتشف الاميركيون عدم وقوع فيضان من اللاجئين العراقيين لان العراقيين ظلوا في وطنهم للدفاع عن ارضهم؟ وقالت هتون اجواد الفاسي، وهي استاذة التاريخ القديم في جامعة الرياض «الآن وقد بدأت الحرب، علينا التفكير فيما يمكن ان يحدث. ان قتل صدام لن يحل المشكلة. فلن تحصلوا على ارض سلمية تستسلم لكم وتحتضنكم. سيقع العديد من عمليات الانتقام، والكثير من عدم الاستقرار».
عند هذه النقطة تدخلت لورا كولينز، وهي اميركية تربي اولادها في السعودية وتساعد النساء السعوديات على تأسيس اعمالهن الخاصة عن طريق الهيئة العامة للاستثمار. وقالت كولينز: «لست داعية حرب، وبالتأكيد لا احب الحرب ولا احد يحب الحرب، لكنني اتفق مع مقاصد الولايات المتحدة، فقد تعاملت مع الاشياء بطريقة متميزة. فمنذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ظلت الولايات المتحدة في حاجة الى متابعة أي تهديد وحسمه». وبمناسبة ذكر قضية 11 سبتمبر، طرحت كولينز قضية ظلت مصدر ألم في العلاقات بين البلدين، اذ ان تحالفهما الذي ظل مستمرا على مدى عقود تعرض لاختبار حقيقي، لان 15 من الخاطفين منفذي تلك الهجمات الـ19 هم مواطنون سعوديون.
انخفضت الحرارة حول مائدة الشاي بصورة ملحوظة، وقالت كولينز معلقة: «صدام حسين رجل سيئ، انه قتل الكثير من المسلمين، كما انه كان المسلم الوحيد الذي هاجم الكويت وايران وقصف السعودية وقطر بالقنابل واستخدم الاسلحة الكيماوية ضد شعبه». واضافت متسائلة: «كم من البشر سيقتل صدام حسين قبل ان يوقف عند حده؟». قالت كولينز، التي تجمعها مع هؤلاء السيدات علاقات عمل وعلاقات اجتماعية، انها شعرت خلال حديثها بجانب روحاني. واضافت انها لا تدري ما اذا كانت بالفعل قالت هذه الاشياء وما اذا كانت اي من هؤلاء السيدات ستتحدث معها مرة اخرى.
بدا الارتباك على النساء السعوديات لأول وهلة، ثم تحدثت السيدة التي تدير الجمعية الخيرية، طالبة عدم ذكر اسمها، وبدأت حديثها عن سيل القذائف الذي انهمر على بغداد. سألت قائلة: «ألا تدرك لورا كولينز ان الكثير من الاميركيين يقتلون اناسا ابرياء؟». ثم اردفت قائلة: «ثلاثمائة صاروخ كروز حتى الآن». تحولت السيدات في حركة واحدة تقريبا نحو آن جوردن التي ظلت تستمع بهدوء للحديث. فماذا تعتقد زوجة السفير الاميركي؟ آن، التي كانت تعمل استاذة لمادة الأنثروبولوجيا بجامعة نورث تكساس قبل الانتقال مع زوجها الى المملكة العربية السعودية عام 2001، لم تجب عن السؤال المطروح، وقالت ان مهمتها تتركز على وجه التحديد في جمع النساء بغرض إجراء حوار، مؤكدة على ان التواصل ظل دائما هوة الخيار الافضل. دخلت مارغريت سكوبي في الحديث وقالت ان الولايات المتحدة بذلت جهدا كبيرا في تجنب هذه الحرب، لكنها توصلت في نهاية الامر الى انها شيء لا بد منه. وقالت ان الولايات المتحدة تدخلت لنزع اسلحة الدمار الشامل، وان الشيء الوحيد الذي وقف في الطريق هو نظام صدام حسين. واضافت سكوبي انه فيما يتعلق بالضحايا المدنيين، فإن الجنرال تومي فرانكس، قائد الحملة العسكرية في العراق، يشعر بالقلق ازاء النساء والاطفال اكثر بكثير من صدام حسين. وأضافت ان امدادات المياه والتيار الكهربائي ستظل موجودة بعد انتهاء عمليات القصف. وأوضحت ان عمليات القصف تبدو واسعة لكنها في واقع الامر موجهة بعناية الى اهداف محددة. واعترفت سكوبي بأن الاخبار التلفزيونية هذه الايام «مؤلمة للغاية» الى درجة انها لا تستطيع مشاهدتها في بعض الاحيان. وقالت ايضا ان للحرب نهاية، وعندها يجب على الجميع في المنطقة الجلوس للحديث حول كيفية مساعدة العراقيين على بناء بلدهم.
على الجانب الآخر من طاولة الشاي كانت هناك نظرات شك ثم ابتسامات مؤقتة، ثم اخيرا وداع ومصافحة.
خدمة «لوس انجليس تايمز»
heart2 heart2 heart2 ولنا الفخرheart2 heart2 heart2
heart2 heart2 heart2 ابوسعودheart2 heart2 heart2
كانت الدعوة بعد ظهر احد ايام هذا الاسبوع لمناسبة اجتماعية لتناول الشاي للسيدات في منزل حرم السفير الاميركي في الرياض آن جوردان. كان السلوك المهذب اللطيف مطلوبا، حتى ولو كانت الحرب بين الاميركيين والعرب تجري على بعد 480 كيلومتراً في العراق.
ولكن سرعان ما تحول هذا التجمع، وهو واحد من التجمعات الصغيرة التي تزدحم بها السفارات الاميركية، الى ما يمكن ان يصفه الدبلوماسيون بتبادل مباشر وصريح للآراء.
انتقدت السيدات السعوديات نظيراتهن الاميركيات وعبرن عن غضبهن تجاه ما يحدث في العراق، وهو ما يبدو انه يحظى بموافقة قطاع عريض متزايد في العالم العربي. الا ان عددا قليلا من الاشخاص العاديين في هذه البلدان يمكن ان يحصل على فرصة لاسماع وجهات نظره بصورة مباشرة الى مثل هذه المجموعة من الاميركيات النافذات، ومن بينهن كانت جوردان المضيفة المبتسمة القادمة من تكساس، ومارغريت سكوبي نائبة رئيس البعثة في السفارة الاميركية في السعودية بالاضافة الى ملحقتين صحافيتين ومستشارة اعمال اميركية متزوجة منذ امد طويل من سعودي في الرياض ومجموعة من الصحافيات الاميركيات.
وتضم مجموعة السعوديات وهن نساء متعلمات تعليما رفيعا من بنات النخبة السعودية، ثلاثة استاذات جامعيات وكاتبتان ومديرة منظمة خيرية طبية. وقد وصلت النساء وهن يرتدين العباءة. تم تقديم الشاي وتبادلن التعارف والمجاملات والسؤال عن الاولاد. كما تم تمرير طبق من ساندويتشات السالمون المدخن.
ثم بعد ذلك خلعن قفاز المجاملات. فقد وضعت فوزية ابو خالد وهي شاعرة واكاديمية فنجان الشاي ونظرت الى الاميركيات بتحد، وصوتها يكاد يرتعش من فرط التصميم والغضب. قالت انه كان من الصعب قبول دعوة لزيارة مقر اقامة السفير في وقت تشن فيه الولايات المتحدة حربا ضد دولة عربية اخرى. واضافت ان معظم صديقاتها رفضن بأدب دعوة آن. والقلة اللاتي حضرن، قمن بذلك لاسماع الاميركيين وجهة نظرهن. واقرت بقية النساء السعوديات ذلك. وبدت آن مشدودة بعض الشيء.
قالت فوزية «لقد جعلت هذه الحرب الناس موالين (للرئيس العراقي) صدام حسين، لانه ليس من العدل ان تأتوا من الخارج لاقصاء رئيس، حتى ولو كان دكتاتورا. هل تعتقدون ان العراقيين سينضمون اليكم ويقاتلون من اجل حريتهم. انهم بدلا من القتال من اجل حريتهم يقفون خلفه، وهو ما لم يسع اليه احد». عقب ذلك تحدثت هند الخثيلة استاذة دراسات التعليم العالي في جامعة الملك سعود وقالت انها شاهدت صورة في الاخبار لاب اميركي يبكي لان ابنه قتل في المعارك في العراق. واضافت «كل منا يحتفظ بهذه الصورة في ذهنه، صورة الاب الباكي الذي يشتكي ويقول لبوش: لقد اخذت ابني مني، لا نستطيع رؤية ذلك». وتابعت قائلة «اعلم ما فعلته الحكومة العراقية. ولكن الآن من وجهة نظر انسانية نحن معه. لقد اعادت عقارب الساعة القضية لصالحه. لسنا مشوشين فقط بل اننا لا ننام. لقد تحطمت قلوبنا. ولا نستمتع حتى بالطعام الذي نأكله. عندما شاهدنا هذا الاب، بالرغم من اننا كلنا سعوديات، بدأنا في البكاء».
وتستمر الاسئلة: لماذا تسيطر وجهة النظر الاسرائيلية على وسائل الاعلام الاميركية؟ ولماذا لم تبذل ادارة بوش جهدا جادا لتحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين قبل شن الحرب في العراق؟ والم يكتشف الاميركيون عدم وقوع فيضان من اللاجئين العراقيين لان العراقيين ظلوا في وطنهم للدفاع عن ارضهم؟ وقالت هتون اجواد الفاسي، وهي استاذة التاريخ القديم في جامعة الرياض «الآن وقد بدأت الحرب، علينا التفكير فيما يمكن ان يحدث. ان قتل صدام لن يحل المشكلة. فلن تحصلوا على ارض سلمية تستسلم لكم وتحتضنكم. سيقع العديد من عمليات الانتقام، والكثير من عدم الاستقرار».
عند هذه النقطة تدخلت لورا كولينز، وهي اميركية تربي اولادها في السعودية وتساعد النساء السعوديات على تأسيس اعمالهن الخاصة عن طريق الهيئة العامة للاستثمار. وقالت كولينز: «لست داعية حرب، وبالتأكيد لا احب الحرب ولا احد يحب الحرب، لكنني اتفق مع مقاصد الولايات المتحدة، فقد تعاملت مع الاشياء بطريقة متميزة. فمنذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ظلت الولايات المتحدة في حاجة الى متابعة أي تهديد وحسمه». وبمناسبة ذكر قضية 11 سبتمبر، طرحت كولينز قضية ظلت مصدر ألم في العلاقات بين البلدين، اذ ان تحالفهما الذي ظل مستمرا على مدى عقود تعرض لاختبار حقيقي، لان 15 من الخاطفين منفذي تلك الهجمات الـ19 هم مواطنون سعوديون.
انخفضت الحرارة حول مائدة الشاي بصورة ملحوظة، وقالت كولينز معلقة: «صدام حسين رجل سيئ، انه قتل الكثير من المسلمين، كما انه كان المسلم الوحيد الذي هاجم الكويت وايران وقصف السعودية وقطر بالقنابل واستخدم الاسلحة الكيماوية ضد شعبه». واضافت متسائلة: «كم من البشر سيقتل صدام حسين قبل ان يوقف عند حده؟». قالت كولينز، التي تجمعها مع هؤلاء السيدات علاقات عمل وعلاقات اجتماعية، انها شعرت خلال حديثها بجانب روحاني. واضافت انها لا تدري ما اذا كانت بالفعل قالت هذه الاشياء وما اذا كانت اي من هؤلاء السيدات ستتحدث معها مرة اخرى.
بدا الارتباك على النساء السعوديات لأول وهلة، ثم تحدثت السيدة التي تدير الجمعية الخيرية، طالبة عدم ذكر اسمها، وبدأت حديثها عن سيل القذائف الذي انهمر على بغداد. سألت قائلة: «ألا تدرك لورا كولينز ان الكثير من الاميركيين يقتلون اناسا ابرياء؟». ثم اردفت قائلة: «ثلاثمائة صاروخ كروز حتى الآن». تحولت السيدات في حركة واحدة تقريبا نحو آن جوردن التي ظلت تستمع بهدوء للحديث. فماذا تعتقد زوجة السفير الاميركي؟ آن، التي كانت تعمل استاذة لمادة الأنثروبولوجيا بجامعة نورث تكساس قبل الانتقال مع زوجها الى المملكة العربية السعودية عام 2001، لم تجب عن السؤال المطروح، وقالت ان مهمتها تتركز على وجه التحديد في جمع النساء بغرض إجراء حوار، مؤكدة على ان التواصل ظل دائما هوة الخيار الافضل. دخلت مارغريت سكوبي في الحديث وقالت ان الولايات المتحدة بذلت جهدا كبيرا في تجنب هذه الحرب، لكنها توصلت في نهاية الامر الى انها شيء لا بد منه. وقالت ان الولايات المتحدة تدخلت لنزع اسلحة الدمار الشامل، وان الشيء الوحيد الذي وقف في الطريق هو نظام صدام حسين. واضافت سكوبي انه فيما يتعلق بالضحايا المدنيين، فإن الجنرال تومي فرانكس، قائد الحملة العسكرية في العراق، يشعر بالقلق ازاء النساء والاطفال اكثر بكثير من صدام حسين. وأضافت ان امدادات المياه والتيار الكهربائي ستظل موجودة بعد انتهاء عمليات القصف. وأوضحت ان عمليات القصف تبدو واسعة لكنها في واقع الامر موجهة بعناية الى اهداف محددة. واعترفت سكوبي بأن الاخبار التلفزيونية هذه الايام «مؤلمة للغاية» الى درجة انها لا تستطيع مشاهدتها في بعض الاحيان. وقالت ايضا ان للحرب نهاية، وعندها يجب على الجميع في المنطقة الجلوس للحديث حول كيفية مساعدة العراقيين على بناء بلدهم.
على الجانب الآخر من طاولة الشاي كانت هناك نظرات شك ثم ابتسامات مؤقتة، ثم اخيرا وداع ومصافحة.
خدمة «لوس انجليس تايمز»
heart2 heart2 heart2 ولنا الفخرheart2 heart2 heart2
heart2 heart2 heart2 ابوسعودheart2 heart2 heart2