ابراهيم الذيب
15-12-2011, 08:32 PM
وهو حالة تدعو إلى الإعجاب بالنفس، والتعاظم على الغير، بالقول أو الفعل، وهو: من أخطر الأمراض الخلقية، وأشدها فتكا بالإنسان، وأدعاها إلى مقت الناس له وازدرائهم به، ونفرتهم منه.
لذلك تواتر ذمة في الكتاب والسنة:
قال تعالى: ((ولا تصعر خدك للناس، ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور)) (لقمان: 18).
وقال تعالى: ((ولا تمش في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا)) (الإسراء: 37).
وقال تعالى: ((إنه لا يحب المستكبرين)) (النحل: 23).
وقال تعالى: ((أليس في جهنم مثوى للمتكبرين)) (الزمر: 60).
وقال الصادق:(إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن تكبر وضعاه)(الوافي ج3 ص87 عن الكافي).
وقال(عليه السلام): (ما من رجل تكبر أو تجبر، إلا لذلة وجدها في نفسه) (الوافي ج3 ص150 عن الكافي).
وقال النبي وسيد رسله(صلى الله عليه وآله): (إن أحبكم إلي، وأقربكم مني، يوم القيامة مجلسا، أحسنكم خلقا، وأشدكم تواضعا، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، وهم المستكبرون) (البحارمج15 ج2 ص209 ، عن قرب الإسناد، وقريب منه في علل الشرائع).
وعن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: (مر رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) على جماعة فقال: على ما اجتمعتم؟ فقالوا: يا رسول الله هذا مجنون يُصرع، فاجتمعنا عليه. فقال: ليس هذا بمجنون، ولكنه المبتلى. ثم قال: ألا أخبركم بالمجنون حقَ المجنون؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، يتمنى على الله جنته، وهو يعصيه، الذي لا يؤمَن شره، ولا يرجى خيره، فذلك هو المجنون هذا هو المبتلى) (4البحار م15 ج3 ص125).
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): في خطبة له: (فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس، إذ حبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا ، أم من سني الآخرة، عن كِبر ساعة واحدة، فمن بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته، كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به ملكا، واستعيذوا بالله من لواقح الكِـبر، كما تستعيذون من طوارق الدهر، فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم التواضع)(نهج البلاغة).
وعن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: (وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة فقال الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة، ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، من خف ميزانه فهو اللئيم) (البحار م15 ج124 عن أمالي الصدوق).
وعن الصادق(عليه السلام) قال: (جاء رجل موسر إلى رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) نقي الثوب، فجلس إلى رسول الله، فجاء رجل معسر، درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله): أخفت أن يمسك من فقره شئ؟ قال: لا. قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا. قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي. فقال رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) للمعسر: أتقبل؟ قال: لا فقال له الرجل: لِمَ ؟ قال: لأخاف أن يدخلني ما دخلك).
مساوئ التكبر
من الواضح أن التكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة، الشائعة في الأوساط الاجتماعية، التي سرت عدواها، وطغت مضاعفاتها على المجتمع، وغدا يعاني مساوئها الجمة.
فمن مساوئ التكبر وآثاره السيئة في حياة الفرد:
أنه متى استبد بالإنسان، أحاط نفسه بهالة من الزهو والخيلاء، وجن بحب الأنانية والظهور، فلا يسعده إلا الملق المزيف، والثناء الكاذب، فيتعامى آنذاك عن نقائصه وعيوبه، ولا يهتم بتهذيب نفسه، وتلافي نقائصه، ما يجعله هدفا لسهام النقد، وعرضة للمقت والإزدراء.
هذا إلى أن المتكبر أشد الناس عتوا وامتناعا عن الحق والعدل، ومقتضيات الشرائع والأديان.
ومن مساوئ التكبر الاجتماعية:
أنه يشيع في المجتمع روح الحقد والبغضاء، ويعكر صفو العلاقات الاجتماعية، فلا يسيء الناس ويستثير سخطهم ومقتهم، كما يستثيره المتكبر الذي يتعالى عليهم بصلفه وأنانيته.
إن الغطرسة داء يشقي الإنسان، ويجعله منبوذا يعاني مرارة العزلة والوحشة، ويشقي كذلك المرتبطين به بصنوف الروابط والعلاقات .
بواعث التكبر
الأخلاق البشرية كريمة كانت أو ذميمة، هي انعكاسات النفس على صاحبها، وفيض نبعها، فهي تشرق وتظلم، ويحلو فيضها ويمر تبعا لطيبة النفس أو لؤمها، استقامتها أو انحرافها، وما من خلق ذميم إلا وله سبب من أسباب لؤم النفس أو انحرافها.
فمن أسباب التكبر: مغالاة الإنسان في تقييم نفسه، وتثمين مزاياها وفضائلها، والإفراط في الإعجاب والزهو بها، فلا يتكبر إلا إذا آنس من نفسه علما وافرا، أو منصبا رفيعا، أو ثراء ضخما، أو جاها عريضا، ونحو ذلك من مثيرات الأنانية والتكبر.
وقد ينشأ التكبر من بواعث العداء أو الحسد أو المباهاة، مما يدفع المتصفين بهذه الخلال على تحدي الأماثل والنبلاء، وبخس كراماتهم، والتطاول عليهم، بصنوف الإزدراءات الفعلية أو القولية، كما يتجلى ذلك في تصرفات المتنافسين في المحافل والندوات.
درجات التكبر
وهكذا تتفاوت درجات التكبر وأبعاده بتفاوت أعراضه شدةً وضعفاً.
فالدرجة الأولى: وهي التي كَمِنَ التكبر في صاحبها، فعالجه بالتواضع، ولم تظهر عليه أعراضه ومساوئه.
والدرجة الثانية: وهي التي نما التكبر فيها، وتجلت أعراضه بالاستعلاء على الناس، والتقدم عليهم في المحافل، والتبختر في المشي.
والدرجة الثالثة: وهي التي طغى فيها، وتفاقمت مضاعفاته فجُن صاحبها بجنون العظمة، والإفراط في حب الجاه والظهور، فطفق يلهج في محاسنه وفضائله، واستنقاص غيره واستصغاره. وهذه أسوأ درجات التكبر، وأشدها صلفا وعتوا.
أنواع التكبر
وينقسم التكبر باعتبار مصاديقه إلى ثلاثة أنواع:
1 ـ التكبر على الله عز وجل:
وذلك بالامتناع عن الإيمان به، والاستكبار عن طاعته وعبادته. وهو أفحش أنواع الكفر، وأبشع أنواع التكبر، كما كان عليه فرعون ونمرود وأضرابهما من طغاة الكفر وجبابرة الإلحاد.
2 ـ التكبر على الأنبياء:
وذلك بالترفع عن تصديقهم والإذعان لهم، وهو دون الأول وقريب منه.
3 ـ التكبر على الناس:
وذلك بازدرائهم والتعالي عليهم بالأقوال والأفعال، ومن هذا النوع التكبر على العلماء المخلصين، والترفع عن مسائلتهم والانتفاع بعلومهم وإرشاداتهم، مما يفضي بالمستكبرين إلى الخسران والجهل بحقائق الدين، وأحكام الشريعة الغراء.
علاج التكبر
وحيث كان التكبر هوسا أخلاقيا خطيرا ماحقا، فجدير بكل عاقل أن يأخذ حذره منه، وأن يجتهد ـ إذا ما داخلته أعراضه ـ في علاج نفسه، وتطهيرها من مثالبه، وإليك مجملا من النصائح العلاجية:
1 ـ أن يعرف المتكبر واقعه وما يتصف به من ألوان الضعف والعجز: فأوله نطفة قذرة، وآخره جيف منتنة، وهو بينهما عاجز واهن، يرهقه الجوع والظمأ، ويعتوره السقم والمرض، وينتابه الفقر والضر ، ويدركه الموت والبِلى، لا يقوى على جلب المنافع ورد المكاره، فحقيق بمن اتصف بهذا الوهن ، أن ينبذ الأنانية والتكبر، مستهديا بالآية الكريمة ((تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين))(القصص: 83).
فأفضل الناس أحسنهم أخلاقا، وأكثرهم نفعا، وأشدهم تقوى وصلاحا
2 ـ أن يتذكر مآثر التواضع ومحاسنه، ومساوئ التكبر وآثامه، وما ترادف في مدح الأول وذم الثاني من دلائل العقل والنقل، قال بزرجمهر: (وجدنا التواضع مع الجهل والبخل، أحمد عند العقلاء من الكبر مع الأدب والسخاء، فأنبِل بحسنة غطت على سيئتين، وأقبح بسيئة غطت على حسنتين)(محاضرات الأدباء للراغب).
3 ـ أن يرض نفسه على التواضع، والتخلق لأخلاق المتواضعين، لتخفيف حدة التكبر في نفسه، وإليك أمثلة في ذلك:
أ ـ جدير بالعاقل عند احتدام الجدل والنقاش في المساجلات العلمية أن يذعن لمناظره بالحق إذا ما ظهر عليه، متفاديا نوازع المكابرة والعناد.
ب ـ أن يتفادى منافسه الأقران في السبق إلى دخول المحافل، والتصدر في المجالس.
ج ـ أن يخالط الفقراء والبؤساء، ويبدأهم بالسلام، ويؤاكلهم على المائدة، ويجيب دعوتهم، متأسيا بأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
لذلك تواتر ذمة في الكتاب والسنة:
قال تعالى: ((ولا تصعر خدك للناس، ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور)) (لقمان: 18).
وقال تعالى: ((ولا تمش في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا)) (الإسراء: 37).
وقال تعالى: ((إنه لا يحب المستكبرين)) (النحل: 23).
وقال تعالى: ((أليس في جهنم مثوى للمتكبرين)) (الزمر: 60).
وقال الصادق:(إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن تكبر وضعاه)(الوافي ج3 ص87 عن الكافي).
وقال(عليه السلام): (ما من رجل تكبر أو تجبر، إلا لذلة وجدها في نفسه) (الوافي ج3 ص150 عن الكافي).
وقال النبي وسيد رسله(صلى الله عليه وآله): (إن أحبكم إلي، وأقربكم مني، يوم القيامة مجلسا، أحسنكم خلقا، وأشدكم تواضعا، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، وهم المستكبرون) (البحارمج15 ج2 ص209 ، عن قرب الإسناد، وقريب منه في علل الشرائع).
وعن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: (مر رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) على جماعة فقال: على ما اجتمعتم؟ فقالوا: يا رسول الله هذا مجنون يُصرع، فاجتمعنا عليه. فقال: ليس هذا بمجنون، ولكنه المبتلى. ثم قال: ألا أخبركم بالمجنون حقَ المجنون؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، يتمنى على الله جنته، وهو يعصيه، الذي لا يؤمَن شره، ولا يرجى خيره، فذلك هو المجنون هذا هو المبتلى) (4البحار م15 ج3 ص125).
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): في خطبة له: (فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس، إذ حبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا ، أم من سني الآخرة، عن كِبر ساعة واحدة، فمن بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته، كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به ملكا، واستعيذوا بالله من لواقح الكِـبر، كما تستعيذون من طوارق الدهر، فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم التواضع)(نهج البلاغة).
وعن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: (وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة فقال الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة، ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، من خف ميزانه فهو اللئيم) (البحار م15 ج124 عن أمالي الصدوق).
وعن الصادق(عليه السلام) قال: (جاء رجل موسر إلى رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) نقي الثوب، فجلس إلى رسول الله، فجاء رجل معسر، درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله): أخفت أن يمسك من فقره شئ؟ قال: لا. قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا. قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي. فقال رسول الله وسيد رسله(صلى الله عليه وآله) للمعسر: أتقبل؟ قال: لا فقال له الرجل: لِمَ ؟ قال: لأخاف أن يدخلني ما دخلك).
مساوئ التكبر
من الواضح أن التكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة، الشائعة في الأوساط الاجتماعية، التي سرت عدواها، وطغت مضاعفاتها على المجتمع، وغدا يعاني مساوئها الجمة.
فمن مساوئ التكبر وآثاره السيئة في حياة الفرد:
أنه متى استبد بالإنسان، أحاط نفسه بهالة من الزهو والخيلاء، وجن بحب الأنانية والظهور، فلا يسعده إلا الملق المزيف، والثناء الكاذب، فيتعامى آنذاك عن نقائصه وعيوبه، ولا يهتم بتهذيب نفسه، وتلافي نقائصه، ما يجعله هدفا لسهام النقد، وعرضة للمقت والإزدراء.
هذا إلى أن المتكبر أشد الناس عتوا وامتناعا عن الحق والعدل، ومقتضيات الشرائع والأديان.
ومن مساوئ التكبر الاجتماعية:
أنه يشيع في المجتمع روح الحقد والبغضاء، ويعكر صفو العلاقات الاجتماعية، فلا يسيء الناس ويستثير سخطهم ومقتهم، كما يستثيره المتكبر الذي يتعالى عليهم بصلفه وأنانيته.
إن الغطرسة داء يشقي الإنسان، ويجعله منبوذا يعاني مرارة العزلة والوحشة، ويشقي كذلك المرتبطين به بصنوف الروابط والعلاقات .
بواعث التكبر
الأخلاق البشرية كريمة كانت أو ذميمة، هي انعكاسات النفس على صاحبها، وفيض نبعها، فهي تشرق وتظلم، ويحلو فيضها ويمر تبعا لطيبة النفس أو لؤمها، استقامتها أو انحرافها، وما من خلق ذميم إلا وله سبب من أسباب لؤم النفس أو انحرافها.
فمن أسباب التكبر: مغالاة الإنسان في تقييم نفسه، وتثمين مزاياها وفضائلها، والإفراط في الإعجاب والزهو بها، فلا يتكبر إلا إذا آنس من نفسه علما وافرا، أو منصبا رفيعا، أو ثراء ضخما، أو جاها عريضا، ونحو ذلك من مثيرات الأنانية والتكبر.
وقد ينشأ التكبر من بواعث العداء أو الحسد أو المباهاة، مما يدفع المتصفين بهذه الخلال على تحدي الأماثل والنبلاء، وبخس كراماتهم، والتطاول عليهم، بصنوف الإزدراءات الفعلية أو القولية، كما يتجلى ذلك في تصرفات المتنافسين في المحافل والندوات.
درجات التكبر
وهكذا تتفاوت درجات التكبر وأبعاده بتفاوت أعراضه شدةً وضعفاً.
فالدرجة الأولى: وهي التي كَمِنَ التكبر في صاحبها، فعالجه بالتواضع، ولم تظهر عليه أعراضه ومساوئه.
والدرجة الثانية: وهي التي نما التكبر فيها، وتجلت أعراضه بالاستعلاء على الناس، والتقدم عليهم في المحافل، والتبختر في المشي.
والدرجة الثالثة: وهي التي طغى فيها، وتفاقمت مضاعفاته فجُن صاحبها بجنون العظمة، والإفراط في حب الجاه والظهور، فطفق يلهج في محاسنه وفضائله، واستنقاص غيره واستصغاره. وهذه أسوأ درجات التكبر، وأشدها صلفا وعتوا.
أنواع التكبر
وينقسم التكبر باعتبار مصاديقه إلى ثلاثة أنواع:
1 ـ التكبر على الله عز وجل:
وذلك بالامتناع عن الإيمان به، والاستكبار عن طاعته وعبادته. وهو أفحش أنواع الكفر، وأبشع أنواع التكبر، كما كان عليه فرعون ونمرود وأضرابهما من طغاة الكفر وجبابرة الإلحاد.
2 ـ التكبر على الأنبياء:
وذلك بالترفع عن تصديقهم والإذعان لهم، وهو دون الأول وقريب منه.
3 ـ التكبر على الناس:
وذلك بازدرائهم والتعالي عليهم بالأقوال والأفعال، ومن هذا النوع التكبر على العلماء المخلصين، والترفع عن مسائلتهم والانتفاع بعلومهم وإرشاداتهم، مما يفضي بالمستكبرين إلى الخسران والجهل بحقائق الدين، وأحكام الشريعة الغراء.
علاج التكبر
وحيث كان التكبر هوسا أخلاقيا خطيرا ماحقا، فجدير بكل عاقل أن يأخذ حذره منه، وأن يجتهد ـ إذا ما داخلته أعراضه ـ في علاج نفسه، وتطهيرها من مثالبه، وإليك مجملا من النصائح العلاجية:
1 ـ أن يعرف المتكبر واقعه وما يتصف به من ألوان الضعف والعجز: فأوله نطفة قذرة، وآخره جيف منتنة، وهو بينهما عاجز واهن، يرهقه الجوع والظمأ، ويعتوره السقم والمرض، وينتابه الفقر والضر ، ويدركه الموت والبِلى، لا يقوى على جلب المنافع ورد المكاره، فحقيق بمن اتصف بهذا الوهن ، أن ينبذ الأنانية والتكبر، مستهديا بالآية الكريمة ((تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين))(القصص: 83).
فأفضل الناس أحسنهم أخلاقا، وأكثرهم نفعا، وأشدهم تقوى وصلاحا
2 ـ أن يتذكر مآثر التواضع ومحاسنه، ومساوئ التكبر وآثامه، وما ترادف في مدح الأول وذم الثاني من دلائل العقل والنقل، قال بزرجمهر: (وجدنا التواضع مع الجهل والبخل، أحمد عند العقلاء من الكبر مع الأدب والسخاء، فأنبِل بحسنة غطت على سيئتين، وأقبح بسيئة غطت على حسنتين)(محاضرات الأدباء للراغب).
3 ـ أن يرض نفسه على التواضع، والتخلق لأخلاق المتواضعين، لتخفيف حدة التكبر في نفسه، وإليك أمثلة في ذلك:
أ ـ جدير بالعاقل عند احتدام الجدل والنقاش في المساجلات العلمية أن يذعن لمناظره بالحق إذا ما ظهر عليه، متفاديا نوازع المكابرة والعناد.
ب ـ أن يتفادى منافسه الأقران في السبق إلى دخول المحافل، والتصدر في المجالس.
ج ـ أن يخالط الفقراء والبؤساء، ويبدأهم بالسلام، ويؤاكلهم على المائدة، ويجيب دعوتهم، متأسيا بأهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).