رباب
21-01-2012, 02:32 PM
عندما تعبر سوق الحميدية الدمشقية القديمة وتفرعاتها المتعددة من باب البريد وحتى الكلاسة، وتنظر في واجهات بعض دكاكينها، حيث ترى عشرات الصحون الصغيرة الممتلئة بمزيج أبيض اللون تزينه شرائح رقيقة من حبات الفستق الحلبي واللوز، تعرف أنك أمام ألذ ما يمكن للحليب أن يقدمه للإنسان من خلال تحويله لمذاق رائع مع بعض المواد الأخرى، لينتج ما يدعى «المهلبية» أو كشك الأمراء، أو حتى كشك الفقراء (كما يدعوه البعض من الدمشقيين).
وعندما تعبر شوارع وأسواق دمشق الشعبية كالمرجة وشارع الثورة وسوق الهال القديمة وغيرها، وتشاهد أناسا يتحلقون حول بائعين جائلين بجانب عرباتهم خاصة في الصباح الباكر وفي المساء يتناولون بكثير من الاستمتاع صحن حليب ساخنا مع كعكة أو قطعة خبز «سمون»، تشعر معهم بمتعة التذوق مع دفء الحليب الذي يهبه للمتذوق في صباحات ومساءات دمشق الباردة، تعرف أنك أمام السحلب الدافئ الذي يعتبره بعض العابرين خاصة طلبة المدارس والجامعات والموظفين الذاهبين لمدارسهم وعملهم وجبة فطور رائعة أو وجبة عشاء لذيذة للمتسوقين وللعائدين من عملهم الليلي.
والمهلبية يقال إن اسمها جاء من الوالي والقائد الأموي المهلب بن أبي صفرة، الذي كان واليا على بلاد خراسان قبل أكثر من 1300 سنة، حيث تقول مصادر التاريخ إنه أمر الخدم بصنع حلوى مميزة كي يخلد اسمه في التاريخ وبالفعل حضروا له ما أراد من الحليب والنشاء، وتحول الاسم في ما بعد إلى كشك الأمراء حيث يطلق الدمشقيون على اللبن المحضر لفصل الشتاء اسم الكشكة، فصارت المهلبية وجبة الأمراء اللذيذة، ونكاية في هؤلاء حولها البعض للفقراء لكي لا تبقى حكرا على الأمراء! في دكان بكداش الشهير بسوق الحميدية، والذي مازال منذ عام 1895 يقدم البوظة الدمشقية اليدوية المسماة «إيما»، ما زال أيضا ومنذ 117 سنة يقدم كشك الأمراء أو الفقراء أو المهلبية أو آيس كريم الشتاء (سمها ما شئت). يبتسم هشام بكداش (أبو غسان) الرجل السبعيني ابن ووريث مطلق ومؤسس بوظة بكداش، كما يقدّم ومنذ ذلك التاريخ أطباقها الشقيقة (السحلب والمحلاية والأرز بالحليب والبالوظة)، في دكانه الواسع وكما يتابع الزائر في فصل الصيف عمال يدقون البوظة يدويا أمامهم بعضلاتهم القوية المفتولة، تشاهدهم في فصل الشتاء أمام قدور كبيرة (حلات) يحركون وبقوة بدنية متميزة ولساعات عديدة الحليب على نار هادئة ليخرج مغليا بشكل جيد وليتحول في ما بعد إلى منتجات لذيذة المذاق، يتحدث بكداش لـ«الشرق الأوسط» عنها وكيفية تحضيرها قائلا «نأتي بموادها الأولية وهي الحليب البقري الطازج من غوطة دمشق والسكر والنشاء والمنكهات كالفانيليا أو ماء الزهر والمسكة، ولها معايير متوازنة، فكل 130 كيلوغرام حليب (للطبخة الواحدة لدينا) تحتاج لـ8 كيلوغرامات من النشاء الأخضر النباتي المستخرج من القمح، و18 كيلوغرام سكر، وهناك كميات محددة من المنكهات، حيث ينتج عن كل هذه المقادير نحو (500 كأس مهلبية بوزن 200 غرام للكأس الواحدة)، وبالطبع يتم غلي الحليب على النار لمدة ساعة تقريبا وبدرجة حرارة 120 درجة مئوية مع التحريك الدائم، وبعد ذلك يضاف السكر أولا ومن ثم النشاء وبشكل تدريجي لمدة ربع ساعة ويتم تشغيل الخلاط يدويا (المشبك)، أثناء ذلك يتواصل غلي المزيج لمدة ساعة وبنفس درجة الحرارة، بعد ذلك يضاف ماء الزهر والفانيليا للنكهة والمسكة المطحونة التي تضاف بشكل تدريجي مع السكر، ويعاد تحريك المزيج على النار لمدة ساعة لتصبح جاهزة للسكب في صحون أو كؤوس بللورية، وتترك نحو الساعة لتبرد من خلال مراوح موجهة على الكؤوس، وتوضع بعد ذلك في نوافذ عرض مبردة، حيث تحافظ عليها طرية وطازجة لمدة يومين تقريبا بشرط أن تكون درجة حرارة البراد ما بين الصفر والسبع درجات لتؤكل من قبل الزبائن باردة لكن بعد تزيينها باللوز والفستق الحلبي المحمص، وتضاف لها الكريمة والكرز لتعطي منظرا جميلا ومذاقا ألذ وأشهى!».
ويوضح بكداش «تبقى الخبرة والعراقة في تحضير المهلبية هي الأساس في إنتاج الأنواع اللذيذة منها، فالتعامل مع الحليب والنشاء والمنكهات يختلف بين محضر وآخر، ولذلك تختلف مذاقات المهلبية ما بين هؤلاء». ومن شقيقات المهلبية أو كشك الأمراء هناك ما يسمى «البالوظة»، ويضحك بكداش ويقول «اسم غريب أليس كذلك، والقليل بات يتذكرها؟!.. فهي صارت في ذمة التراث لم يعد يحضرها بدمشق إلا عدد قليل وبعض النساء في منازلهن»، والبالوظة - يشرح أبو غسان «عبارة عن مزيج من عصير البرتقال الماوردي مع الحليب ويتم طبخه مثل المهلبية لكن لا يضاف له السكر، ويتم في البداية سكب الحليب المغلي بمقدار نصف الكأس ويبرد ومن ثم يوضع في البراد ومن ثم يضاف عصير البرتقال المغلي مع النشاء حيث يضاف هذا الشراب ليملأ نصف الكأس مع الحليب، فيكون لدينا الكأس متميزا بمنظره ومذاقه، ففي أسفله الحليب وفي أعلاه شراب البرتقال الطبيعي بلونه المتميز». لكن من أين جاءت هذه التسمية (بالوظة)؟.. يضحك بكداش «قد تكون كلمة تركية!».
والسحلب الذي أخذ اسمه من نبات شهير يحمل الاسم نفسه كيف يحضر؟ يجيب أبو غسان «يغلى الحليب ويضاف له السكر والفانيليا وماء الزهر، وهنا يضاف النشاء بكمية أقل من تلك التي تضاف للمهلبية بمقدار النصف، ويضاف لها (السحلب) المطحون الذي يعطيها الاسم وبكمية قليلة، حيث يقدم هذا الطبق بعكس المهلبية ساخنا. وميزة السحلب أنه يساعد على الهضم وتطرية الحلق عند تناوله، إضافة إلى مذاقه اللذيذ مع الكعك بالسمسم الدائري كما كان في السابق أو الرفيع المتطاول حاليا أو مع الخبز، بناء على رغبة الزبون حيث يغمس الكعكة أو السمونة بالسحلب السائل قليلا غير الجامد كما هو حال المهلبية، ويتم تناولها مع رشفة من السحلب حتى ينهي الكأس أو الصحن الممتلئ عادة بالسحلب.
ومن أخوات المهلبية أيضا هناك «المحلاية»، وهي وجبة لذيذة تتميز بزيادة حلاوتها، ومن هنا جاءت تسميتها وتختلف عن شقيقتها المهلبية، كما يوضح بكداش، ويؤكد أنها «دخلت تراث المطبخ الشامي ولم يعد يحضرها سوى محلنا، ولا يتذكرها سوى كبار السن، فهي لا تحتاج للنشاء بل إنها تحضر من منفحة الجبن العربية الثمينة (الغنم) والعزيزة بالحصول عليها، حيث تستخدم عادة المنفحة الإفرنجية لتحضير الجبن، ولكن هذه لا تناسب المحلاية وإنما نحتاج لتحضيرها المنفحة العربية والتي يحضرها بعض أهالي الريف من خلال أخذ خروف صغير يتناول الحليب من أمه النعجة لمدة شهر ومن ثم يذبحونه وينزعون معدته التي تكون ممتلئة بالحليب وتكون طرية جدا، ويقوم هؤلاء بتجفيف معدة الخروف لمدة عشرين يوما فتتحول إلى قطعة يابسة (كالخبز اليابس)، ويتم بعد ذلك تحويلها لقطع ناعمة لتنقع بعد ذلك بالماء ويضاف لها الملح وتستحلب بشكل متقن لتوضع بعد ذلك في البراد وتباع لنا (وبالتأكيد بسعر مرتفع بسبب صعوبة مراحل تحضيرها) لنستخدمها في تحضير المحلاية، حيث نضع ملعقة صغيرة (بضع غرامات) منها بكأس، ويغلى الحليب مع السكر لأكثر من ساعتين حتى يجف ويبرد بدرجة حرارة 40 درجة مئوية ومن ثم يسكب الحليب فوق المنفحة وننتظر نصف ساعة فيجمد المزيج ويصبح جاهزا للتناول، ولكن بعد إضافة الجوز للتزيين وزيادة المذاق اللذيذ».
ولا ينسى أخيرا بكداش أن يتحدث عن العديد من المشاهير من ملوك وأمراء ورجال فن وسياسة وثقافة الذين تناولوا كشك الأمراء في دكانه منذ افتتاحه أواخر القرن التاسع عشر خاصة وهم يزورون سوق الحميدية العريقة «حيث أعجبهم مذاقها، ومن هؤلاء في السنوات الأخيرة الرئيس التركي غل، الذي من شدّة إعجابه بها عندما تذوقها نصح وزير داخليته الذي زار دمشق بعده بعشرين يوما مع وفد مرافق بأن يتناول المهلبية في محلنا، حيث قال لي الوزير التركي (يبتسم بكداش): (أوصاني الرئيس غل بتناول المهلبية عندكم وقال لي إذا لم تتناول المهلبية فكأنك لم تزر دمشق فهي أكلة دمشقية ظريفة). كذلك تناولها لدينا الملك الأردني عبد الله الثاني وأعجب بمذاقها خاصة أنها غير معروفة ولا تحضر في الأردن».
وعندما تعبر شوارع وأسواق دمشق الشعبية كالمرجة وشارع الثورة وسوق الهال القديمة وغيرها، وتشاهد أناسا يتحلقون حول بائعين جائلين بجانب عرباتهم خاصة في الصباح الباكر وفي المساء يتناولون بكثير من الاستمتاع صحن حليب ساخنا مع كعكة أو قطعة خبز «سمون»، تشعر معهم بمتعة التذوق مع دفء الحليب الذي يهبه للمتذوق في صباحات ومساءات دمشق الباردة، تعرف أنك أمام السحلب الدافئ الذي يعتبره بعض العابرين خاصة طلبة المدارس والجامعات والموظفين الذاهبين لمدارسهم وعملهم وجبة فطور رائعة أو وجبة عشاء لذيذة للمتسوقين وللعائدين من عملهم الليلي.
والمهلبية يقال إن اسمها جاء من الوالي والقائد الأموي المهلب بن أبي صفرة، الذي كان واليا على بلاد خراسان قبل أكثر من 1300 سنة، حيث تقول مصادر التاريخ إنه أمر الخدم بصنع حلوى مميزة كي يخلد اسمه في التاريخ وبالفعل حضروا له ما أراد من الحليب والنشاء، وتحول الاسم في ما بعد إلى كشك الأمراء حيث يطلق الدمشقيون على اللبن المحضر لفصل الشتاء اسم الكشكة، فصارت المهلبية وجبة الأمراء اللذيذة، ونكاية في هؤلاء حولها البعض للفقراء لكي لا تبقى حكرا على الأمراء! في دكان بكداش الشهير بسوق الحميدية، والذي مازال منذ عام 1895 يقدم البوظة الدمشقية اليدوية المسماة «إيما»، ما زال أيضا ومنذ 117 سنة يقدم كشك الأمراء أو الفقراء أو المهلبية أو آيس كريم الشتاء (سمها ما شئت). يبتسم هشام بكداش (أبو غسان) الرجل السبعيني ابن ووريث مطلق ومؤسس بوظة بكداش، كما يقدّم ومنذ ذلك التاريخ أطباقها الشقيقة (السحلب والمحلاية والأرز بالحليب والبالوظة)، في دكانه الواسع وكما يتابع الزائر في فصل الصيف عمال يدقون البوظة يدويا أمامهم بعضلاتهم القوية المفتولة، تشاهدهم في فصل الشتاء أمام قدور كبيرة (حلات) يحركون وبقوة بدنية متميزة ولساعات عديدة الحليب على نار هادئة ليخرج مغليا بشكل جيد وليتحول في ما بعد إلى منتجات لذيذة المذاق، يتحدث بكداش لـ«الشرق الأوسط» عنها وكيفية تحضيرها قائلا «نأتي بموادها الأولية وهي الحليب البقري الطازج من غوطة دمشق والسكر والنشاء والمنكهات كالفانيليا أو ماء الزهر والمسكة، ولها معايير متوازنة، فكل 130 كيلوغرام حليب (للطبخة الواحدة لدينا) تحتاج لـ8 كيلوغرامات من النشاء الأخضر النباتي المستخرج من القمح، و18 كيلوغرام سكر، وهناك كميات محددة من المنكهات، حيث ينتج عن كل هذه المقادير نحو (500 كأس مهلبية بوزن 200 غرام للكأس الواحدة)، وبالطبع يتم غلي الحليب على النار لمدة ساعة تقريبا وبدرجة حرارة 120 درجة مئوية مع التحريك الدائم، وبعد ذلك يضاف السكر أولا ومن ثم النشاء وبشكل تدريجي لمدة ربع ساعة ويتم تشغيل الخلاط يدويا (المشبك)، أثناء ذلك يتواصل غلي المزيج لمدة ساعة وبنفس درجة الحرارة، بعد ذلك يضاف ماء الزهر والفانيليا للنكهة والمسكة المطحونة التي تضاف بشكل تدريجي مع السكر، ويعاد تحريك المزيج على النار لمدة ساعة لتصبح جاهزة للسكب في صحون أو كؤوس بللورية، وتترك نحو الساعة لتبرد من خلال مراوح موجهة على الكؤوس، وتوضع بعد ذلك في نوافذ عرض مبردة، حيث تحافظ عليها طرية وطازجة لمدة يومين تقريبا بشرط أن تكون درجة حرارة البراد ما بين الصفر والسبع درجات لتؤكل من قبل الزبائن باردة لكن بعد تزيينها باللوز والفستق الحلبي المحمص، وتضاف لها الكريمة والكرز لتعطي منظرا جميلا ومذاقا ألذ وأشهى!».
ويوضح بكداش «تبقى الخبرة والعراقة في تحضير المهلبية هي الأساس في إنتاج الأنواع اللذيذة منها، فالتعامل مع الحليب والنشاء والمنكهات يختلف بين محضر وآخر، ولذلك تختلف مذاقات المهلبية ما بين هؤلاء». ومن شقيقات المهلبية أو كشك الأمراء هناك ما يسمى «البالوظة»، ويضحك بكداش ويقول «اسم غريب أليس كذلك، والقليل بات يتذكرها؟!.. فهي صارت في ذمة التراث لم يعد يحضرها بدمشق إلا عدد قليل وبعض النساء في منازلهن»، والبالوظة - يشرح أبو غسان «عبارة عن مزيج من عصير البرتقال الماوردي مع الحليب ويتم طبخه مثل المهلبية لكن لا يضاف له السكر، ويتم في البداية سكب الحليب المغلي بمقدار نصف الكأس ويبرد ومن ثم يوضع في البراد ومن ثم يضاف عصير البرتقال المغلي مع النشاء حيث يضاف هذا الشراب ليملأ نصف الكأس مع الحليب، فيكون لدينا الكأس متميزا بمنظره ومذاقه، ففي أسفله الحليب وفي أعلاه شراب البرتقال الطبيعي بلونه المتميز». لكن من أين جاءت هذه التسمية (بالوظة)؟.. يضحك بكداش «قد تكون كلمة تركية!».
والسحلب الذي أخذ اسمه من نبات شهير يحمل الاسم نفسه كيف يحضر؟ يجيب أبو غسان «يغلى الحليب ويضاف له السكر والفانيليا وماء الزهر، وهنا يضاف النشاء بكمية أقل من تلك التي تضاف للمهلبية بمقدار النصف، ويضاف لها (السحلب) المطحون الذي يعطيها الاسم وبكمية قليلة، حيث يقدم هذا الطبق بعكس المهلبية ساخنا. وميزة السحلب أنه يساعد على الهضم وتطرية الحلق عند تناوله، إضافة إلى مذاقه اللذيذ مع الكعك بالسمسم الدائري كما كان في السابق أو الرفيع المتطاول حاليا أو مع الخبز، بناء على رغبة الزبون حيث يغمس الكعكة أو السمونة بالسحلب السائل قليلا غير الجامد كما هو حال المهلبية، ويتم تناولها مع رشفة من السحلب حتى ينهي الكأس أو الصحن الممتلئ عادة بالسحلب.
ومن أخوات المهلبية أيضا هناك «المحلاية»، وهي وجبة لذيذة تتميز بزيادة حلاوتها، ومن هنا جاءت تسميتها وتختلف عن شقيقتها المهلبية، كما يوضح بكداش، ويؤكد أنها «دخلت تراث المطبخ الشامي ولم يعد يحضرها سوى محلنا، ولا يتذكرها سوى كبار السن، فهي لا تحتاج للنشاء بل إنها تحضر من منفحة الجبن العربية الثمينة (الغنم) والعزيزة بالحصول عليها، حيث تستخدم عادة المنفحة الإفرنجية لتحضير الجبن، ولكن هذه لا تناسب المحلاية وإنما نحتاج لتحضيرها المنفحة العربية والتي يحضرها بعض أهالي الريف من خلال أخذ خروف صغير يتناول الحليب من أمه النعجة لمدة شهر ومن ثم يذبحونه وينزعون معدته التي تكون ممتلئة بالحليب وتكون طرية جدا، ويقوم هؤلاء بتجفيف معدة الخروف لمدة عشرين يوما فتتحول إلى قطعة يابسة (كالخبز اليابس)، ويتم بعد ذلك تحويلها لقطع ناعمة لتنقع بعد ذلك بالماء ويضاف لها الملح وتستحلب بشكل متقن لتوضع بعد ذلك في البراد وتباع لنا (وبالتأكيد بسعر مرتفع بسبب صعوبة مراحل تحضيرها) لنستخدمها في تحضير المحلاية، حيث نضع ملعقة صغيرة (بضع غرامات) منها بكأس، ويغلى الحليب مع السكر لأكثر من ساعتين حتى يجف ويبرد بدرجة حرارة 40 درجة مئوية ومن ثم يسكب الحليب فوق المنفحة وننتظر نصف ساعة فيجمد المزيج ويصبح جاهزا للتناول، ولكن بعد إضافة الجوز للتزيين وزيادة المذاق اللذيذ».
ولا ينسى أخيرا بكداش أن يتحدث عن العديد من المشاهير من ملوك وأمراء ورجال فن وسياسة وثقافة الذين تناولوا كشك الأمراء في دكانه منذ افتتاحه أواخر القرن التاسع عشر خاصة وهم يزورون سوق الحميدية العريقة «حيث أعجبهم مذاقها، ومن هؤلاء في السنوات الأخيرة الرئيس التركي غل، الذي من شدّة إعجابه بها عندما تذوقها نصح وزير داخليته الذي زار دمشق بعده بعشرين يوما مع وفد مرافق بأن يتناول المهلبية في محلنا، حيث قال لي الوزير التركي (يبتسم بكداش): (أوصاني الرئيس غل بتناول المهلبية عندكم وقال لي إذا لم تتناول المهلبية فكأنك لم تزر دمشق فهي أكلة دمشقية ظريفة). كذلك تناولها لدينا الملك الأردني عبد الله الثاني وأعجب بمذاقها خاصة أنها غير معروفة ولا تحضر في الأردن».