نهر الوفاء
13-02-2012, 09:46 PM
مَا زَالَتْ سَوَاقِي الرُّوحِ تُعَاوِدُ أَشْوَاقَهَا الرِّيَاحُ
من مجموعة أميرة من كفر خضر
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج
ــــــــــــــ
اعْتَادَ أَنْ يُطْلِقَ سَاقَيْهِ بَيْنَ الْحُقُولِ الْمُمْتَدَّةِ بَيْنَ شَاطِئِ الْمَلاحَةِ الْمُحِيطِ بِالْقَرْيَةِ وَشَرِيطِ السِّكَّةِ الْحَدِيدِ كُلَّمَا تَذَكَّرَ عَيْنَيْهَا الْعَسَلِيَّتَيْنِ تَلْمَعَانِ كَبَرِيقٍ خَاطِفٍ فَوْقَ اللَّوْحَةِ 0
لَيْسَ يَدْرِي لِمَاذَا كَانَ يَسْتَسْلِمُ لِلسَّيْرِ نَحْوَ كَفْرِ
خَضْرٍ كُلَّمَا ازْدَادَ الْحَنِينُ ، وَآلَمَهُ الدُّمَّلُ الْقَدِيمُ الْغَائِرُ بَيْنَ الضُّلُوعِ ، وَدَقَّ الْقَلْبُ الْكَسِيرُ كَطَائِرِ الطَّنَّانِ يَتَهَاوَى فَاقِدًا السَّيْطَرَةَ عَلَى جَنَاحَيْهِ مُخْرِجًا أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ 0
بَعْدَ عُبُورِ الْجِسْرِ الْخَشَبِيِّ يَتَخَطَّى قَرْيَتَهُ ، مُنْحَنِيًا لِلْيَمِينِ لِيَتَوَسَّطَ الْمَمَرَّ الْفَاصِلَ بَيْنَ الشَّاطِئِ وَحُقُولِ الذُّرَةِ 000
قَدِيمًا كَانَتْ تَأْخُذُهُ حُقُولُ الْقُطْنِ الْمُتَرَامِيَةُ خَلْفَ الْجِسْرِ ، وَتُدْهِشُهُ اللَّوْزَاتُ الْبَيْضَاءُ ، تَتَفَتَّحُ فَوْقَ أَعْوَادِهَا كَأَثْدَاءِ الصَّبَايَا تَنْبُتُ فِي الصُّدُورِ الْمُرْتَعِشَةِ كَحُرُوفٍ أُولَى يَتَهَجَّاهَا رَضِيعٌ 0
فِي مَوْسِمِ الدُّودَةِ يَتَجَمَّعُ أَنْفَارُ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ فِي خُطُوطٍ طُولِيَّةٍ تَتَوَازَى ، يُتَابِعُ خُطُوَاتِهِمُ الثَّكْلَى خَوْلِيٌّ يَحْمِلُ خَيْزُرَانًا غَلِيظَةً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ، وَيَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِهِ 0
يَخْتَلِسُونَ النَّظَرَاتِ ، مُلْتَقِطِينَ اللُّطْعَةَ تِلْوَ اللُّطْعَةِ فِي مِخْلاةٍ مُمْتَلِئَةٍ 000
تَبْتَسِمُ زَهْرَةُ لَوْزٍ 000
تَهْتَزُّ الأَوْرَاقُ نَاضِرَةً ، وَتَنْسَابُ الْمَسَاقِي فِي بَهْجَةٍ إِلَى رَوَاتِبِهَا الظَّمْأَى 000
يَسْقُطُ طِفْلٌ فِي مَجْرَى قَنَاةٍ 000
تَحِنُّ الْحُقُولُ إِلَى ظِلالِهَا الْقَدِيمَةِ 000
يَفْتَحُونَ صَهَارِيجَ الرُّوحِ 000
تَتَدَفَّقُ سَاكِبَةً حَنِينَهَا لِحُقُولِ الْفُولِ
الْخَضْرَاءِ 000
يَحُطُّ فَوْقَهَا ـ فِي شَقَاوَةٍ ـ أَبُو قِرْدَانٍ 0
000000
000000
000000
عِنْدَ الْحَصَادِ ، تَشْتَعِلُ الْحُقُولُ بِابْتِسَامَاتِ الصَّبَايَا الْمَاكِرَاتِ عِنْدَمَا يَسْقُطُ عُصْفُورٌ فِي مَصْيَدَةِ الْفِئْرَانِ 000
يَضْرِبُ بِجَنَاحَيْهِ ـ فِي ارْتِبَاكٍ ـ مُحَاوِلاً الْخُرُوجَ مِنَ الْفَخِّ الْمُحْكَمِ ، لَكِنَّهُ يَسْقُطُ ثَانِيَةً لا مَحَالَةَ فَوْقَ لَوْزَةٍ نَاعِسَةٍ 0
يَمْتَزِجُ الْعَرَقُ الْمِسْكِيُّ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ
الْحَارِقَةِ ظُهْرًا بِضَحِكَاتٍ تَعْلُو صَافِيَةً ، تَشُقُّ فَدَادِينَ الْقَرْيَةِ 0
000000
000000
000000
الْحَيَاةُ بَسِيطَةٌ 000
وَالنَّاسُ طَيِّبُونَ 000
وَالأَرْوَاحُ كَانَتْ تَتَلاقَى عَلَى كِسْرَةِ خُبْزٍ وَعُودِ جَرْجِيرٍ أَخْضَرَ 0
000000
000000
000000
أَرْبَعُونَ عَامًا مِنْ عُمْرِهِ الْقَصِيرِ فَرَّتْ
مُسْرِعَةً ، وَهُوَ لا يَمَلُّ الْمَسِيرَ سَامِعًا
هَمْسَهَا آتِيًا مِنْ وَرَاءِ حُقُولِ الزَّيْتُونِ ،
مُؤْمِنًا أَنَّهَا سَتَفِي يَوْمًا بِالْمَوْعِدِ ، وَتَتَجَلَّى
فِي كَمَالِهَا ، وَتَأْخُذُهُ بَعِيدًا نَحْوَ حُلْمِهِ
السَّحِيقِ 000
000000
000000
000000
فِي الطَّرِيقِ إِلَى كَفْرِ خَضْرٍ تَتَمَدَّدُ سَاقِيَةٌ حَزِينَةٌ
تُرَجِّعُ أَشْوَاقَهَا فِي حُنُوٍّ دَافِئٍ 000
تَنْقُرُ ـ مِنْ بَقَايَا الْقَطَرَاتِ الْمُتَدَفِّقَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا ـ عَصَافِيرُ الرُّوحِ سَاعَةَ الْغُرُوبِ 0
000000
000000
000000
عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ رَآهَا جَالِسَةً كَحُورِيَّةٍ تُلْقِي بِالشُّصِّ فِي أَعْمَاقِ الشَّاطِئِ فِي انْتِظَارِ مُرُورِ سَمَكَةٍ تَبْتَلِعُ حَبَّاتِ الْقَمْحِ الْمَبْلُولَةَ 0
لِلْوَهْلَةِ الأُولَى قَفَزَتْ حِكَايَاتُ جَدَّتِهِ اللَّيْلِيَّةُ عَنْ عَرُوسِ الْبَحْرِ ، وَالنَّدَّاهَةِ 000
انْتَابَتْهُ قُشَعْرِيرَةٌ تَبْلَعُ شَهِيقَهُ فَلا يَكَادُ يُخْرِجُ
الزَّفِيرَ 000 أَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ 0
ـ رُبَّمَا كَانَتْ عَرُوسَ الْبَحْرِ تَتَخَفَّى فِي ثِيَابِ صَبِيَّةٍ تَسْتَدْرِجُنِي ، ثُمَّ تَخْطَفُنِي لِلأَبَدِ بَيْنَ عَيْنَيْهَا ، وَلا أَسْتَطِيعُ مِنَ النِّيلِ خُرُوجًا 000
ـ تَقَدَّمْ يَا رَجُلُ لا تَخَفْ !
ـ لَكِنَّهَا وَحِيدَةٌ فِي هَذَا اللَّيلِ الْحَزِينِ حَيْثُ
تَخْرُجُ الْجِنِّيَّاتُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ تَخْتَارُ مَنْ
تَشَاءُ ، وَتَذْهَبُ بِهِ إِلَى جَزَائِرِ الْمُحِيطِ حَيْثُ
لا يَعُودُ إِلَى الدِّيَارِ 000
ـ التَّرَدُّدُ يَا عَزِيزِي أَيْبَكُ !
000000
000000
000000
أَمْسَكَ بِزِمَامِ رُوحِهِ وَاقْتَرَبَ فِي رِفْقٍ وَنَظَرَ إِلَى الْغَمَّازَاتِ تَتَلأْلأُ فَوْقَ صَفْحَةِ الْمِيَاهِ 0
ـ شُدِّي الآنَ 000
لَقَدْ أَمْسَكْتِ بِهَا 000
أَحْسَنْتِ 000
الْتَفَتَتْ كَشَجَرَةِ نَبْقٍ طَالِعَةٍ بَيْنَ حُقُولِ
الْخَسِّ 000
انْزَلَقَتْ قَدَمَاهُ إِلَى أَمْوَاهِ الْبَحْرِ 000
تَمَاسَكَ فِي صَخْرَةٍ نَاعِسَةٍ عَلَى الشَّطِّ 000
مَدَّتْ يَدَهَا 000
أَمْسَكَهَا فِي لُطْفٍ 000
خَرَجَ إِلَى الشَّاطِئِ ، لَكِنَّ الشُّصَّ تَعَلَّقَ فَي
الأَهْدَابِ000
ـ هَلْ أَنْتَ بِخَيْرٍ ؟
ارْتَفَعَتْ أَمْوَاجُ الْبَحْرِ كَالطُّوفَانِ 000
انْسَابَتْ أَسْئِلَةٌ حَائِرَةٌ لا يَعْرِفُ كَيْفَ تَكُونُ
إِجَابَتُهَا 000
ـ هِيْهِ أَيْنَ أَنْتَ ؟
ـ مُسْتَحِيلٌ أَنْ تَتَحَقَّقَ الْمُعْجِزَةُ ، وَتَكُونَ نُبُوءَاتِي الْقَدِيمَةُ صَادِقَةً 000
ـ مَاذَا تَقُولُ ؟
أَخْرَجَ اللَّوْحَةَ مِنْ جَيْبِهِ 000
تَأَمَّلَ مَلامِحَ وَجْهِهَا 000
عَيْنَيْهَا الْعَسَلِيَّتَيْنِ كَفَرَاشَتَيْنِ تُحَلِّقَانِ فَوْقَ
الْمُحِيطِ 000
شَفَتَيْهَا النَّارِيَّتَيْنِ كَحَبَّةِ كَرْزٍ ذَابَتْ فِي عَسَلٍ
مُصَفَّىً 000
وَجْنَتَيْهَا الْبَاسِمَتَيْنِ كَوَرْدَتَيْنِ نَابِتَتَيْنِ فِي
الضُّلُوعِ 00
ـ أَنْتِ هِيَ ، بَلْ هِيَ أَنْتِ 000
أَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ عَقْلَهُ 000
يَلُفُّ حَوْلَهَا مُتَأَمِّلاً جَسَدَهَا الرَّقِيقَ كَفَرْعِ
بُرْتُقَالٍ 000
فِي حَذَرٍ يُلامِسُ رُوحَهَا 000
يَتَوَجَّعُ 000
تَتَوَجَّعُ 000
يَرْتَفِعَانِ 000
تَتَوَهَّجُ كَنَجْمَةٍ لامِعَةٍ فِي لَيْلَةِ صَيْفٍ
صَافِيَةٍ 000
يَتَوَحَدَانِ كَلَوْنَيْنِ امْتَزَجَا فِي لَوْحَةٍ
سُرْيَالِيَّةٍ 000
يَمْتَزِجَانِ 000
فِي الطَّرِيقِ إِلَى كَفْرِ خَضْرٍ يُرَاقِبَانِ ـ فِي ارْتَيَاحٍ ـ دُخُولَ الْقِطَارِ مَحَطَّةَ طَنْطَا 0
من مجموعة أميرة من كفر خضر
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج
من مجموعة أميرة من كفر خضر
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج
ــــــــــــــ
اعْتَادَ أَنْ يُطْلِقَ سَاقَيْهِ بَيْنَ الْحُقُولِ الْمُمْتَدَّةِ بَيْنَ شَاطِئِ الْمَلاحَةِ الْمُحِيطِ بِالْقَرْيَةِ وَشَرِيطِ السِّكَّةِ الْحَدِيدِ كُلَّمَا تَذَكَّرَ عَيْنَيْهَا الْعَسَلِيَّتَيْنِ تَلْمَعَانِ كَبَرِيقٍ خَاطِفٍ فَوْقَ اللَّوْحَةِ 0
لَيْسَ يَدْرِي لِمَاذَا كَانَ يَسْتَسْلِمُ لِلسَّيْرِ نَحْوَ كَفْرِ
خَضْرٍ كُلَّمَا ازْدَادَ الْحَنِينُ ، وَآلَمَهُ الدُّمَّلُ الْقَدِيمُ الْغَائِرُ بَيْنَ الضُّلُوعِ ، وَدَقَّ الْقَلْبُ الْكَسِيرُ كَطَائِرِ الطَّنَّانِ يَتَهَاوَى فَاقِدًا السَّيْطَرَةَ عَلَى جَنَاحَيْهِ مُخْرِجًا أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ 0
بَعْدَ عُبُورِ الْجِسْرِ الْخَشَبِيِّ يَتَخَطَّى قَرْيَتَهُ ، مُنْحَنِيًا لِلْيَمِينِ لِيَتَوَسَّطَ الْمَمَرَّ الْفَاصِلَ بَيْنَ الشَّاطِئِ وَحُقُولِ الذُّرَةِ 000
قَدِيمًا كَانَتْ تَأْخُذُهُ حُقُولُ الْقُطْنِ الْمُتَرَامِيَةُ خَلْفَ الْجِسْرِ ، وَتُدْهِشُهُ اللَّوْزَاتُ الْبَيْضَاءُ ، تَتَفَتَّحُ فَوْقَ أَعْوَادِهَا كَأَثْدَاءِ الصَّبَايَا تَنْبُتُ فِي الصُّدُورِ الْمُرْتَعِشَةِ كَحُرُوفٍ أُولَى يَتَهَجَّاهَا رَضِيعٌ 0
فِي مَوْسِمِ الدُّودَةِ يَتَجَمَّعُ أَنْفَارُ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ فِي خُطُوطٍ طُولِيَّةٍ تَتَوَازَى ، يُتَابِعُ خُطُوَاتِهِمُ الثَّكْلَى خَوْلِيٌّ يَحْمِلُ خَيْزُرَانًا غَلِيظَةً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ، وَيَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِهِ 0
يَخْتَلِسُونَ النَّظَرَاتِ ، مُلْتَقِطِينَ اللُّطْعَةَ تِلْوَ اللُّطْعَةِ فِي مِخْلاةٍ مُمْتَلِئَةٍ 000
تَبْتَسِمُ زَهْرَةُ لَوْزٍ 000
تَهْتَزُّ الأَوْرَاقُ نَاضِرَةً ، وَتَنْسَابُ الْمَسَاقِي فِي بَهْجَةٍ إِلَى رَوَاتِبِهَا الظَّمْأَى 000
يَسْقُطُ طِفْلٌ فِي مَجْرَى قَنَاةٍ 000
تَحِنُّ الْحُقُولُ إِلَى ظِلالِهَا الْقَدِيمَةِ 000
يَفْتَحُونَ صَهَارِيجَ الرُّوحِ 000
تَتَدَفَّقُ سَاكِبَةً حَنِينَهَا لِحُقُولِ الْفُولِ
الْخَضْرَاءِ 000
يَحُطُّ فَوْقَهَا ـ فِي شَقَاوَةٍ ـ أَبُو قِرْدَانٍ 0
000000
000000
000000
عِنْدَ الْحَصَادِ ، تَشْتَعِلُ الْحُقُولُ بِابْتِسَامَاتِ الصَّبَايَا الْمَاكِرَاتِ عِنْدَمَا يَسْقُطُ عُصْفُورٌ فِي مَصْيَدَةِ الْفِئْرَانِ 000
يَضْرِبُ بِجَنَاحَيْهِ ـ فِي ارْتِبَاكٍ ـ مُحَاوِلاً الْخُرُوجَ مِنَ الْفَخِّ الْمُحْكَمِ ، لَكِنَّهُ يَسْقُطُ ثَانِيَةً لا مَحَالَةَ فَوْقَ لَوْزَةٍ نَاعِسَةٍ 0
يَمْتَزِجُ الْعَرَقُ الْمِسْكِيُّ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ
الْحَارِقَةِ ظُهْرًا بِضَحِكَاتٍ تَعْلُو صَافِيَةً ، تَشُقُّ فَدَادِينَ الْقَرْيَةِ 0
000000
000000
000000
الْحَيَاةُ بَسِيطَةٌ 000
وَالنَّاسُ طَيِّبُونَ 000
وَالأَرْوَاحُ كَانَتْ تَتَلاقَى عَلَى كِسْرَةِ خُبْزٍ وَعُودِ جَرْجِيرٍ أَخْضَرَ 0
000000
000000
000000
أَرْبَعُونَ عَامًا مِنْ عُمْرِهِ الْقَصِيرِ فَرَّتْ
مُسْرِعَةً ، وَهُوَ لا يَمَلُّ الْمَسِيرَ سَامِعًا
هَمْسَهَا آتِيًا مِنْ وَرَاءِ حُقُولِ الزَّيْتُونِ ،
مُؤْمِنًا أَنَّهَا سَتَفِي يَوْمًا بِالْمَوْعِدِ ، وَتَتَجَلَّى
فِي كَمَالِهَا ، وَتَأْخُذُهُ بَعِيدًا نَحْوَ حُلْمِهِ
السَّحِيقِ 000
000000
000000
000000
فِي الطَّرِيقِ إِلَى كَفْرِ خَضْرٍ تَتَمَدَّدُ سَاقِيَةٌ حَزِينَةٌ
تُرَجِّعُ أَشْوَاقَهَا فِي حُنُوٍّ دَافِئٍ 000
تَنْقُرُ ـ مِنْ بَقَايَا الْقَطَرَاتِ الْمُتَدَفِّقَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا ـ عَصَافِيرُ الرُّوحِ سَاعَةَ الْغُرُوبِ 0
000000
000000
000000
عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ رَآهَا جَالِسَةً كَحُورِيَّةٍ تُلْقِي بِالشُّصِّ فِي أَعْمَاقِ الشَّاطِئِ فِي انْتِظَارِ مُرُورِ سَمَكَةٍ تَبْتَلِعُ حَبَّاتِ الْقَمْحِ الْمَبْلُولَةَ 0
لِلْوَهْلَةِ الأُولَى قَفَزَتْ حِكَايَاتُ جَدَّتِهِ اللَّيْلِيَّةُ عَنْ عَرُوسِ الْبَحْرِ ، وَالنَّدَّاهَةِ 000
انْتَابَتْهُ قُشَعْرِيرَةٌ تَبْلَعُ شَهِيقَهُ فَلا يَكَادُ يُخْرِجُ
الزَّفِيرَ 000 أَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ 0
ـ رُبَّمَا كَانَتْ عَرُوسَ الْبَحْرِ تَتَخَفَّى فِي ثِيَابِ صَبِيَّةٍ تَسْتَدْرِجُنِي ، ثُمَّ تَخْطَفُنِي لِلأَبَدِ بَيْنَ عَيْنَيْهَا ، وَلا أَسْتَطِيعُ مِنَ النِّيلِ خُرُوجًا 000
ـ تَقَدَّمْ يَا رَجُلُ لا تَخَفْ !
ـ لَكِنَّهَا وَحِيدَةٌ فِي هَذَا اللَّيلِ الْحَزِينِ حَيْثُ
تَخْرُجُ الْجِنِّيَّاتُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ تَخْتَارُ مَنْ
تَشَاءُ ، وَتَذْهَبُ بِهِ إِلَى جَزَائِرِ الْمُحِيطِ حَيْثُ
لا يَعُودُ إِلَى الدِّيَارِ 000
ـ التَّرَدُّدُ يَا عَزِيزِي أَيْبَكُ !
000000
000000
000000
أَمْسَكَ بِزِمَامِ رُوحِهِ وَاقْتَرَبَ فِي رِفْقٍ وَنَظَرَ إِلَى الْغَمَّازَاتِ تَتَلأْلأُ فَوْقَ صَفْحَةِ الْمِيَاهِ 0
ـ شُدِّي الآنَ 000
لَقَدْ أَمْسَكْتِ بِهَا 000
أَحْسَنْتِ 000
الْتَفَتَتْ كَشَجَرَةِ نَبْقٍ طَالِعَةٍ بَيْنَ حُقُولِ
الْخَسِّ 000
انْزَلَقَتْ قَدَمَاهُ إِلَى أَمْوَاهِ الْبَحْرِ 000
تَمَاسَكَ فِي صَخْرَةٍ نَاعِسَةٍ عَلَى الشَّطِّ 000
مَدَّتْ يَدَهَا 000
أَمْسَكَهَا فِي لُطْفٍ 000
خَرَجَ إِلَى الشَّاطِئِ ، لَكِنَّ الشُّصَّ تَعَلَّقَ فَي
الأَهْدَابِ000
ـ هَلْ أَنْتَ بِخَيْرٍ ؟
ارْتَفَعَتْ أَمْوَاجُ الْبَحْرِ كَالطُّوفَانِ 000
انْسَابَتْ أَسْئِلَةٌ حَائِرَةٌ لا يَعْرِفُ كَيْفَ تَكُونُ
إِجَابَتُهَا 000
ـ هِيْهِ أَيْنَ أَنْتَ ؟
ـ مُسْتَحِيلٌ أَنْ تَتَحَقَّقَ الْمُعْجِزَةُ ، وَتَكُونَ نُبُوءَاتِي الْقَدِيمَةُ صَادِقَةً 000
ـ مَاذَا تَقُولُ ؟
أَخْرَجَ اللَّوْحَةَ مِنْ جَيْبِهِ 000
تَأَمَّلَ مَلامِحَ وَجْهِهَا 000
عَيْنَيْهَا الْعَسَلِيَّتَيْنِ كَفَرَاشَتَيْنِ تُحَلِّقَانِ فَوْقَ
الْمُحِيطِ 000
شَفَتَيْهَا النَّارِيَّتَيْنِ كَحَبَّةِ كَرْزٍ ذَابَتْ فِي عَسَلٍ
مُصَفَّىً 000
وَجْنَتَيْهَا الْبَاسِمَتَيْنِ كَوَرْدَتَيْنِ نَابِتَتَيْنِ فِي
الضُّلُوعِ 00
ـ أَنْتِ هِيَ ، بَلْ هِيَ أَنْتِ 000
أَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ عَقْلَهُ 000
يَلُفُّ حَوْلَهَا مُتَأَمِّلاً جَسَدَهَا الرَّقِيقَ كَفَرْعِ
بُرْتُقَالٍ 000
فِي حَذَرٍ يُلامِسُ رُوحَهَا 000
يَتَوَجَّعُ 000
تَتَوَجَّعُ 000
يَرْتَفِعَانِ 000
تَتَوَهَّجُ كَنَجْمَةٍ لامِعَةٍ فِي لَيْلَةِ صَيْفٍ
صَافِيَةٍ 000
يَتَوَحَدَانِ كَلَوْنَيْنِ امْتَزَجَا فِي لَوْحَةٍ
سُرْيَالِيَّةٍ 000
يَمْتَزِجَانِ 000
فِي الطَّرِيقِ إِلَى كَفْرِ خَضْرٍ يُرَاقِبَانِ ـ فِي ارْتَيَاحٍ ـ دُخُولَ الْقِطَارِ مَحَطَّةَ طَنْطَا 0
من مجموعة أميرة من كفر خضر
للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج