رانيا
20-05-2012, 04:17 PM
لـمـســـــة حـــــنان
البيت مرتب نظيف، يتوزع في أرجائه أثاث أنيق.. وعابد ذو السنوات السبع يجلس منزوياً على إحدى الكنبات المواجهة لجهاز التلفاز.. على الطاولة أمامه مجموعة أجهزة تحكم آلي.. جهاز تحكم بالتلفاز، وجهاز تحكم بالمكيف، وجهاز تحكم بستائر البيت وجهاز تحكم بألعابه الإلكترونية.. ويقف إلى جواره مطيع، فهل تعلمون من هو مطيع؟! مطيع هو رجل آلي (روبوت) أكثر الأجهزة طاعة وتنظيماً. اشتراه أبو عابد الذي يمضي أكثر وقته مسافراً بسبب ارتباطه بأعمال تجارية في بلد بعيد.. وأم عابد هي الأخرى، طبيبة مشهورة تمضي أكثر وقتها في ممارسة مهنة الطب، وحضور ندوات، وحالات تستدعي حضورها.. وعابد!
قال مرة لأبيه: أريدك إلى جانبي لتعلمني ممارسة الألعاب الإلكترونية.
فقال أبوه: بسيطة
قال عابد: أريدك إلى جانبي لأستفيد من علمك
فقال أبوه: بسيطة
قال عابد: أريدك إلى جانبي لأستمتع برؤيتك
قال أبوه: وهذه أيضاً بسيطة!
ثم قال عابد لأمه: أريد أن تقدمي لي الطعام الشهي، والحلوى.
قالت أمه: لك ما شئت من أطايب الطعام والشراب والحلوى.
قال: وأريدك أن تبقي إلى جواري لتغني لي وتقصّي على مسامعي حكاياتك الجميلة قبل أن أنام.
قالت أمه: ولك هذا أيضاً. فرح عابد كثيراً، فقد نال وعوداً بتنفيذ كل أمنياته..
لكنه فوجئ بعد أيام قليلة وهو يرى صندوقاً كرتونياً كبيراً يُحمل إلى داخل البيت، ويُفتح فيتَبدّى فيه رجل آلي له هيكل البشر.. يتحرك ماشياً بخطوات منتظمة.. وأكثر من ذلك فقد اكتشف عابد أن هذا الرجل الآلي له قدرة على النطق والمحادثة.. إنما بكلمات متقطعة.
قال أبو عابد وأم عابد: هذا مطيع.. كل ما يطلب منه يلبّى. يعلمك ممارسة الألعاب الإلكترونية، ويريك صور من تحب، حين تريد. وهو مبرمج بحيث يوقظك صباحاً ويمضي إلى المطبخ فيعد لك الوجبات الشهية.. وينظف البيت، ويذكرك بمواعيد الدراسة واللعب.. ويقيس حرارتك كل يوم للاطمئنان على صحتك.. ويقص على مسامعك حكايات شيقة في مواعيد محددة. ويسمعك إذا شئت أغنيات مسجلة، ويجيب على أية أسئلة تطرحها.. باختصار إنه خادمك الأمين يا ولدي.. سيساعدك على تحمل غيابنا عنك..
سُرّ عابد كثيراً بهذا الخادم الأمين.
صباح اليوم التالي سافر أبو عابد.. وعادت أم عابد تمضي معظم وقتها بعيداً عن ساعات عمر ولدها.
بداية:
أخذ عابد يصدر أوامره، فينفذها مطيع في الحال.. ضحك كثيراً لحديث الرجل الآلي الذي كان ينطق كلمة كلمة.. وأعد مطيع وجبات طعام شهية ثم وقف إلى جانب الطاولة بانتظار أن يفرغ عابد من طعامه ليعيد تنظيف الأواني وترتيبها. مرة، دعاه عابد ليشاركه طعامه فرد مطيع: لا شكراً -سيدي- أنا- أتناول- كل سنة وجبة- واحدة" ضحك عابد لهذا الرد.. وهزّ رأسه ساخراً. فأيّ رجل يبقى دون طعام سنة كاملة؟!
بعد مضي أيام.. إسبوع.. بدأ الضجر يتسلّل إلى نفس عابد.. وأخذ يمقت وجود مطيع، ويحاول إجهاده بإصدار أوامر لا جدوى منها.. ومطيع ينفذ كل الأوامر ومرة ركض عابد باتجاه مطيع أخذ يركله برجله.. وبقي مطيع جامداً لا يتحرك. رنّ جرس الهاتف.. أسرع عابد يرد، كان على الطرف الآخر والده.
سأله: الأب مالي أسمع صوتك حزيناً.. هل يقصر مطيع في خدمتك؟
عابد: لا.. إنه ينفذ كل ما أطلب.
الأب: إذاً ما الذي يحزنك؟
عابد: لا أريد مطيعاً.. أريد أبي.. مطيع ليس أبي.. أريده أن يقبلني ويمسح على وجهي بعطف وحب..
الأب: فهمت.. أعدك أن أختصر أسفاري وأمضي بين حين وآخر وقتاً طويلاً إلى جوارك.. إلى اللقاء يا ولدي.. وبعدها رن جرس الهاتف أيضاً.. كانت على الطرف الآخر أم عابد..
قالت الأم: عابد حبيبي.. هل تتمنى شيئاً يعجز عنه مطيع؟ إنه مبرمج لتلبية كافة رغباتك.. رد عابد بحزن أجل يا أمي.. أتمنى أن أغفو ويدك تداعب شعري، أتمنى لمسة حنانك التي اشتقت لها كثيراً. مطيع ليس أمي.. أريد أمي.
قالت أم عابد: ولدي الحبيب.. لا تحزن أرجوك.. أعدك أن أعطيك من وقتي زمناً أكبر أمضيه إلى جوارك.. سامحني يا حبيبي..
وضع عابد سماعة الهاتف مكانها.. أحس بفرح كبير لأنه نال هذه المرة وعوداً أكبر.. إنه بلا شك يحب مطيعاً.. لكنه الآن يجلس منتظراً أن ينال ما عجز عن تقديمه خادمه الأمين.. مطيع..!!!؟!
البيت مرتب نظيف، يتوزع في أرجائه أثاث أنيق.. وعابد ذو السنوات السبع يجلس منزوياً على إحدى الكنبات المواجهة لجهاز التلفاز.. على الطاولة أمامه مجموعة أجهزة تحكم آلي.. جهاز تحكم بالتلفاز، وجهاز تحكم بالمكيف، وجهاز تحكم بستائر البيت وجهاز تحكم بألعابه الإلكترونية.. ويقف إلى جواره مطيع، فهل تعلمون من هو مطيع؟! مطيع هو رجل آلي (روبوت) أكثر الأجهزة طاعة وتنظيماً. اشتراه أبو عابد الذي يمضي أكثر وقته مسافراً بسبب ارتباطه بأعمال تجارية في بلد بعيد.. وأم عابد هي الأخرى، طبيبة مشهورة تمضي أكثر وقتها في ممارسة مهنة الطب، وحضور ندوات، وحالات تستدعي حضورها.. وعابد!
قال مرة لأبيه: أريدك إلى جانبي لتعلمني ممارسة الألعاب الإلكترونية.
فقال أبوه: بسيطة
قال عابد: أريدك إلى جانبي لأستفيد من علمك
فقال أبوه: بسيطة
قال عابد: أريدك إلى جانبي لأستمتع برؤيتك
قال أبوه: وهذه أيضاً بسيطة!
ثم قال عابد لأمه: أريد أن تقدمي لي الطعام الشهي، والحلوى.
قالت أمه: لك ما شئت من أطايب الطعام والشراب والحلوى.
قال: وأريدك أن تبقي إلى جواري لتغني لي وتقصّي على مسامعي حكاياتك الجميلة قبل أن أنام.
قالت أمه: ولك هذا أيضاً. فرح عابد كثيراً، فقد نال وعوداً بتنفيذ كل أمنياته..
لكنه فوجئ بعد أيام قليلة وهو يرى صندوقاً كرتونياً كبيراً يُحمل إلى داخل البيت، ويُفتح فيتَبدّى فيه رجل آلي له هيكل البشر.. يتحرك ماشياً بخطوات منتظمة.. وأكثر من ذلك فقد اكتشف عابد أن هذا الرجل الآلي له قدرة على النطق والمحادثة.. إنما بكلمات متقطعة.
قال أبو عابد وأم عابد: هذا مطيع.. كل ما يطلب منه يلبّى. يعلمك ممارسة الألعاب الإلكترونية، ويريك صور من تحب، حين تريد. وهو مبرمج بحيث يوقظك صباحاً ويمضي إلى المطبخ فيعد لك الوجبات الشهية.. وينظف البيت، ويذكرك بمواعيد الدراسة واللعب.. ويقيس حرارتك كل يوم للاطمئنان على صحتك.. ويقص على مسامعك حكايات شيقة في مواعيد محددة. ويسمعك إذا شئت أغنيات مسجلة، ويجيب على أية أسئلة تطرحها.. باختصار إنه خادمك الأمين يا ولدي.. سيساعدك على تحمل غيابنا عنك..
سُرّ عابد كثيراً بهذا الخادم الأمين.
صباح اليوم التالي سافر أبو عابد.. وعادت أم عابد تمضي معظم وقتها بعيداً عن ساعات عمر ولدها.
بداية:
أخذ عابد يصدر أوامره، فينفذها مطيع في الحال.. ضحك كثيراً لحديث الرجل الآلي الذي كان ينطق كلمة كلمة.. وأعد مطيع وجبات طعام شهية ثم وقف إلى جانب الطاولة بانتظار أن يفرغ عابد من طعامه ليعيد تنظيف الأواني وترتيبها. مرة، دعاه عابد ليشاركه طعامه فرد مطيع: لا شكراً -سيدي- أنا- أتناول- كل سنة وجبة- واحدة" ضحك عابد لهذا الرد.. وهزّ رأسه ساخراً. فأيّ رجل يبقى دون طعام سنة كاملة؟!
بعد مضي أيام.. إسبوع.. بدأ الضجر يتسلّل إلى نفس عابد.. وأخذ يمقت وجود مطيع، ويحاول إجهاده بإصدار أوامر لا جدوى منها.. ومطيع ينفذ كل الأوامر ومرة ركض عابد باتجاه مطيع أخذ يركله برجله.. وبقي مطيع جامداً لا يتحرك. رنّ جرس الهاتف.. أسرع عابد يرد، كان على الطرف الآخر والده.
سأله: الأب مالي أسمع صوتك حزيناً.. هل يقصر مطيع في خدمتك؟
عابد: لا.. إنه ينفذ كل ما أطلب.
الأب: إذاً ما الذي يحزنك؟
عابد: لا أريد مطيعاً.. أريد أبي.. مطيع ليس أبي.. أريده أن يقبلني ويمسح على وجهي بعطف وحب..
الأب: فهمت.. أعدك أن أختصر أسفاري وأمضي بين حين وآخر وقتاً طويلاً إلى جوارك.. إلى اللقاء يا ولدي.. وبعدها رن جرس الهاتف أيضاً.. كانت على الطرف الآخر أم عابد..
قالت الأم: عابد حبيبي.. هل تتمنى شيئاً يعجز عنه مطيع؟ إنه مبرمج لتلبية كافة رغباتك.. رد عابد بحزن أجل يا أمي.. أتمنى أن أغفو ويدك تداعب شعري، أتمنى لمسة حنانك التي اشتقت لها كثيراً. مطيع ليس أمي.. أريد أمي.
قالت أم عابد: ولدي الحبيب.. لا تحزن أرجوك.. أعدك أن أعطيك من وقتي زمناً أكبر أمضيه إلى جوارك.. سامحني يا حبيبي..
وضع عابد سماعة الهاتف مكانها.. أحس بفرح كبير لأنه نال هذه المرة وعوداً أكبر.. إنه بلا شك يحب مطيعاً.. لكنه الآن يجلس منتظراً أن ينال ما عجز عن تقديمه خادمه الأمين.. مطيع..!!!؟!