اميرة
28-05-2012, 11:11 PM
نعيش اليوم مع جانب من جوانب النعم الإلهية في الآيات القرآنية والمخلوقات الأرضية وخاصة النباتية منها الواردة في قوله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25} ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً{26} فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً{27} وَعِنَباً وَقَضْباً{28} وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً{29} وَحَدَائِقَ غُلْباً{30} وَفَاكِهَةً وَأَبّاً{31} مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ{32} )(عبس/ 24-32).
يقول الشيخ عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله في تفسير الآيات السابقة: (ثم أرشده إلى النظر والتفكر في طعامه وكيف وصل إليه بعدما تكررت عليه طبقات عدة ويسر الله له، فقال: (فَلْيَنظُرِالْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25}) أي نزل المطر على الأرض بكثرة (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً) للنبات (فَأَنبَتْنَا فِيهَا) أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة والأقوات الشهية (حَبّاً): وهذا هو شامل لسائر الحبوب على اختلاف اصنافها (وَعِنَباً وَقَضْباً): وهو القت (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً): وخص هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها (وانتشارها) (وَحَدَائِقَ غُلْباً) أي بساتين فيها الأشجار الكثيفة الملتفة، (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) الفاكهة ما يتفكه به الانسان من تين وعنب وخوخ ورمان وغير ذلك، والأب ما تاكله البهائم والانعام ولهذا قال (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) التي خلقها الله وسخرها لكم، فمن نظر في هذه النعم، أوجب عليه شكر ربه وبذل جهده في الإنابة اليه والإقبال على طاعته والتصديق لإخباره) انتهى (من تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 1077).
ومن يقرأ الآيات السابقات قراءة علمية نباتية إيمانية يشعر أن الآيات تأخذنا في جولة علمية عقائدية نرى من خلالها مراحل تكوين النبات والثمار حتى تصل الى مائدة الإنسان ومعالف الحيوان.
وتبدأ الآيات بداية علمية منطقية في عالم النبات فيقول تعالى: (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً) فنرى مياه المطر الغزير تهطل على الأرض الهامدة والأرض الخاشعة والأرض المزروعة والجافة فتبدأ العمليات الأرضية الفيزيائية والكيميائية والأحيائية لتسرب وتشرب الماء في التربة وتشققها للبذور والحبوب والجذور، وتبدأ عمليات إنبات الحبوب والبذور لتكون الجذور والسيقان والأوراق في البادرات، التي يخضر لونها لتكوين الخضر أو اليخضور المسمى بالكلوروفيل كما قال تعالى (فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً) (الأنعام/99)، وتبدأ عملية البناء الضوئي فيتكون الغذاء للنبات وينمو النبات ويتفرع ويحمل الأوراق والأزهار والثمار فترى نباتات القمح والشعير والأرز قد اخضرت سنابلها وامتلات بالحبوب وتدرج لون النبات من لأخضر إلى الأصفر , والحبوب من الليونة وعدم النضج إلى اليبوسة والنضج عندما يحين وقت حصادها.
وترى نباتات العنب وقد مدت جذورها في الأرض وسيقانها الضعيفة في الهواء فوق التعاريش أو من دونها (مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ) (الأنعام /141)، ثم اخرجت ازهارها في نورتها المعجزة الجميلة، ويتم تلقيحها واخصابها , وتعقد ثمارها التي تبدأ صغيرة خضراء حامضية ثم تنمو ويتغير لونها إلى الأصفر أو الأحمر أو الأسود أو القرمزي، وقد تدلت عناقيدها كثريات جميلة يسهل قطفها ونقلها وتخزينها وأكلها وتجفيفها وصناعة المشروبات غير المحرمة منها.
ونرى الأرض وقد نبتت فيها نباتات الأعلاف العشبية ذات السيقان القائمة الضعيفة والأوراق البسيطة أو المركبة المتعددة الوريقات، التي تستخدم علفا للأنعام، ثم تبدأ في إنتاج الأزهار والنورات (مجموعة الأزهار) ذات الألوان البيضاء والصفراء والقرمزية، لتعطي الحبوب والسيقان الهوائية التي تجف أو تجفف لتعطي أعلاف الحيوان الجافة.
وعلى الجانب الآخر نجد أشجار الزيتون بسيقانها الخشبية القوية ذات الفروع المتعددة والأوراق البسيطة الخضراء الرمحية الداكنة اللون الأخضر ثم تزهر وتثمر لتعطي ثمار الزيتون المحتوية على دهن الزيتون بفوائده العظيمة، وما يتبقى بعد العصر من الثمرات يستخدم في علف الدواب والوقود وطلاء الجدران ، وتخلل ثمار الزيتون الخضراء والسوداء لها لتعطي الثمار المخللة المغذية والمفيدة.
وبجانب هذه الأشجار نجد ان أشجار النخيل ذات السايقان الوحيدة الطويلة والأوراق المركبة الريشية المكونة لأجمل تاج نباتي في العالم، وعند الإثمار تعطي النخلة الأزهار القشدية اللون كأنها حبات اللؤلؤ الابيض، التي تعطي بعد تلقيحها وتخصيبها ثمار البلح الصغيرة الخضراء، التي تنمو في الحجم ويزداد طولها ووزنها لتظهر متراكبة كأنها عقد من الزمرد الأخضر، وبعد مدة يمتد اللون الأحمر أو الأصفر رويدا رويدا لتتحول الثمرة إلى اللون الأحمر الياقوتي أو الأصفر الكهرماني، ثم تسود لتكون كاللؤلؤ الأسود الجميل نادر الوجود.
وكل هذه النباتات وغيرها عندما تتجمع في مكان واحد وبتنظيم وتخطيط تكون الحدائق الغناء المتكاثفة الأشجار, والمتباينة الأطوال والحجوم والأزهار والثمار وتعطي الفاكهة والثمار الجميلة التي تزرع بينها النباتات الحولية العشبية (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَازَرْعاً) (الكهف / 32)، وتحاط تلك البساتين بالنخيل الطويل الدائم الخضرة كما قال تعالى: (وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ) (الكهف/32).
ونرى على الجانب الآخر الإنسان وهو يذري محصول الحبوب لفصلها والاستفادة منها، وما يتبقى من التبن يستخدمه في علف الدواب واطعامها كما يقوم الإنسان بقطع النباتات الحولية وتجفيفها لتعطي الآب (أَبّاً) المستخدم في علف الدواب.
ويستخدم الإنسان سيقان النباتات العشبية والحولية في الوقود وإنتاج الطاقة الحيوية ، إنها لوحة فنية رائعة وفيلم تسجيلي متميز يبدأ بالأرض الخاشعة والهامدة يلفها السكون، ثم تبدأ الأمطار بالسقوط بصوتها المعهود، وتجري المياه في الجداول والأنهار، وتحتفظ التربة ببعض الماء وتمسكه، وتهتز الأرض وتربو وتحيا بحياة ما فيها من كائنات حية تحت الثرى وهي بالملايين، وينمو النبات وتعم البهجة المكان كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{39}) (فصلت/39).
وقال تعالى: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ{5}) (الحج/5).
يا لها من صورة متتابعة جميلة ومبدعة ومعجزة ورائعة صورها لنا القرآن تصويرا علمياً فنيا رائعا!
وتأتي النتيجة النهائية لكل العمليات الحيوية النباتية السابقة (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (عبس/32). فنرى الإنسان يطحن الحبوب ويصنع منها الغذاء ويقطف الثمار ويأكلها ويمضغها ويتمتع بما فيها من مواد غذائية، ويتمتع بأزهارها وثمارها وأوراقها الجميلة ورائحتها الزكية.
وعلى الطرف الآخر نرى الحيوان يأكل العلف الأخضر ويرعى النباتات الحولية الخضراء، وورق الشجر وأزهاره وثماره، ويجمع النحل الرحيق من الأزهار ليعطينا الشراب المفيد المختلف الألوان والطعم والرائحة والفوائد والمستخدم في الغذاء والدواء.
وخص الله سبحانه وتعالى الحبوب وبدأ بها (فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً) (عبس /27)، لأن الحبوب هي أصل الغذاء على الأرض وهي تمد الإنسان والحيوان والكائنات الحية الدقيقة بالمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والفيتامينات والمعادن والأملاح بكميات كافية وتحولها الكائنات الحية الدقيقة الى منتجات حيوية مهمة كمضادات الحيوية والفيتامينات والهرمونات والدهون والبروتين والكحولات والميثان وغيرها، ومن لا يمتلك كفايته من الحبوب لا يمتلك قراره ولا كرامته ويسهل حصاره وتجويعه.
ويأتي العنب بما يحتويه من سكر العنب 15% من وزن الثمرة، وبروتين 8%، ودهون 5%، بالإضافة إلى البوتاسيوم والكالسيوم والفسفور وفيتامينات ب و أ و ج وبالعنب ألياف حوالي 4.3% و الألياف تمنع الإمساك وتنظم مستوى الجلوكوز والكولسترول في الجسم وتحمي من سرطان الأمعاء (قصتي مع العلاج بالعنب، أيمن الحسيني، دار الطلائع للنشر والتوزيع ص 9 (د س)، (د ط).
كما يجفف العنب وينتج منه الزبيب والزيتون به دهون صحية غير ممرضة وبه الأحماض الأمينية الأساسية.
ولثمار البلح فوائد غذائية جمة يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها (لا يجوع أهل بيت عندهم التمر) رواه مسلم، وفيه الماء والمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والمعادن والأملاح والفيتامينات وهو يقضي على الإمساك، ويعالج الدوار وينقي الكبد ويعالج التسمم الغذائي، ويستخدم نوى البلح في علف الدواب وإنتاج المواد الحيوية بالفطريات.
وهكذا جمعت آيات سورة عبس هذه اللوحة الفنية العلمية الحيوية الرائعة وكل هذا (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (عبس/32).
يقول الشيخ عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله في تفسير الآيات السابقة: (ثم أرشده إلى النظر والتفكر في طعامه وكيف وصل إليه بعدما تكررت عليه طبقات عدة ويسر الله له، فقال: (فَلْيَنظُرِالْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25}) أي نزل المطر على الأرض بكثرة (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً) للنبات (فَأَنبَتْنَا فِيهَا) أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة والأقوات الشهية (حَبّاً): وهذا هو شامل لسائر الحبوب على اختلاف اصنافها (وَعِنَباً وَقَضْباً): وهو القت (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً): وخص هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها (وانتشارها) (وَحَدَائِقَ غُلْباً) أي بساتين فيها الأشجار الكثيفة الملتفة، (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) الفاكهة ما يتفكه به الانسان من تين وعنب وخوخ ورمان وغير ذلك، والأب ما تاكله البهائم والانعام ولهذا قال (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) التي خلقها الله وسخرها لكم، فمن نظر في هذه النعم، أوجب عليه شكر ربه وبذل جهده في الإنابة اليه والإقبال على طاعته والتصديق لإخباره) انتهى (من تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 1077).
ومن يقرأ الآيات السابقات قراءة علمية نباتية إيمانية يشعر أن الآيات تأخذنا في جولة علمية عقائدية نرى من خلالها مراحل تكوين النبات والثمار حتى تصل الى مائدة الإنسان ومعالف الحيوان.
وتبدأ الآيات بداية علمية منطقية في عالم النبات فيقول تعالى: (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً) فنرى مياه المطر الغزير تهطل على الأرض الهامدة والأرض الخاشعة والأرض المزروعة والجافة فتبدأ العمليات الأرضية الفيزيائية والكيميائية والأحيائية لتسرب وتشرب الماء في التربة وتشققها للبذور والحبوب والجذور، وتبدأ عمليات إنبات الحبوب والبذور لتكون الجذور والسيقان والأوراق في البادرات، التي يخضر لونها لتكوين الخضر أو اليخضور المسمى بالكلوروفيل كما قال تعالى (فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً) (الأنعام/99)، وتبدأ عملية البناء الضوئي فيتكون الغذاء للنبات وينمو النبات ويتفرع ويحمل الأوراق والأزهار والثمار فترى نباتات القمح والشعير والأرز قد اخضرت سنابلها وامتلات بالحبوب وتدرج لون النبات من لأخضر إلى الأصفر , والحبوب من الليونة وعدم النضج إلى اليبوسة والنضج عندما يحين وقت حصادها.
وترى نباتات العنب وقد مدت جذورها في الأرض وسيقانها الضعيفة في الهواء فوق التعاريش أو من دونها (مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ) (الأنعام /141)، ثم اخرجت ازهارها في نورتها المعجزة الجميلة، ويتم تلقيحها واخصابها , وتعقد ثمارها التي تبدأ صغيرة خضراء حامضية ثم تنمو ويتغير لونها إلى الأصفر أو الأحمر أو الأسود أو القرمزي، وقد تدلت عناقيدها كثريات جميلة يسهل قطفها ونقلها وتخزينها وأكلها وتجفيفها وصناعة المشروبات غير المحرمة منها.
ونرى الأرض وقد نبتت فيها نباتات الأعلاف العشبية ذات السيقان القائمة الضعيفة والأوراق البسيطة أو المركبة المتعددة الوريقات، التي تستخدم علفا للأنعام، ثم تبدأ في إنتاج الأزهار والنورات (مجموعة الأزهار) ذات الألوان البيضاء والصفراء والقرمزية، لتعطي الحبوب والسيقان الهوائية التي تجف أو تجفف لتعطي أعلاف الحيوان الجافة.
وعلى الجانب الآخر نجد أشجار الزيتون بسيقانها الخشبية القوية ذات الفروع المتعددة والأوراق البسيطة الخضراء الرمحية الداكنة اللون الأخضر ثم تزهر وتثمر لتعطي ثمار الزيتون المحتوية على دهن الزيتون بفوائده العظيمة، وما يتبقى بعد العصر من الثمرات يستخدم في علف الدواب والوقود وطلاء الجدران ، وتخلل ثمار الزيتون الخضراء والسوداء لها لتعطي الثمار المخللة المغذية والمفيدة.
وبجانب هذه الأشجار نجد ان أشجار النخيل ذات السايقان الوحيدة الطويلة والأوراق المركبة الريشية المكونة لأجمل تاج نباتي في العالم، وعند الإثمار تعطي النخلة الأزهار القشدية اللون كأنها حبات اللؤلؤ الابيض، التي تعطي بعد تلقيحها وتخصيبها ثمار البلح الصغيرة الخضراء، التي تنمو في الحجم ويزداد طولها ووزنها لتظهر متراكبة كأنها عقد من الزمرد الأخضر، وبعد مدة يمتد اللون الأحمر أو الأصفر رويدا رويدا لتتحول الثمرة إلى اللون الأحمر الياقوتي أو الأصفر الكهرماني، ثم تسود لتكون كاللؤلؤ الأسود الجميل نادر الوجود.
وكل هذه النباتات وغيرها عندما تتجمع في مكان واحد وبتنظيم وتخطيط تكون الحدائق الغناء المتكاثفة الأشجار, والمتباينة الأطوال والحجوم والأزهار والثمار وتعطي الفاكهة والثمار الجميلة التي تزرع بينها النباتات الحولية العشبية (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَازَرْعاً) (الكهف / 32)، وتحاط تلك البساتين بالنخيل الطويل الدائم الخضرة كما قال تعالى: (وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ) (الكهف/32).
ونرى على الجانب الآخر الإنسان وهو يذري محصول الحبوب لفصلها والاستفادة منها، وما يتبقى من التبن يستخدمه في علف الدواب واطعامها كما يقوم الإنسان بقطع النباتات الحولية وتجفيفها لتعطي الآب (أَبّاً) المستخدم في علف الدواب.
ويستخدم الإنسان سيقان النباتات العشبية والحولية في الوقود وإنتاج الطاقة الحيوية ، إنها لوحة فنية رائعة وفيلم تسجيلي متميز يبدأ بالأرض الخاشعة والهامدة يلفها السكون، ثم تبدأ الأمطار بالسقوط بصوتها المعهود، وتجري المياه في الجداول والأنهار، وتحتفظ التربة ببعض الماء وتمسكه، وتهتز الأرض وتربو وتحيا بحياة ما فيها من كائنات حية تحت الثرى وهي بالملايين، وينمو النبات وتعم البهجة المكان كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{39}) (فصلت/39).
وقال تعالى: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ{5}) (الحج/5).
يا لها من صورة متتابعة جميلة ومبدعة ومعجزة ورائعة صورها لنا القرآن تصويرا علمياً فنيا رائعا!
وتأتي النتيجة النهائية لكل العمليات الحيوية النباتية السابقة (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (عبس/32). فنرى الإنسان يطحن الحبوب ويصنع منها الغذاء ويقطف الثمار ويأكلها ويمضغها ويتمتع بما فيها من مواد غذائية، ويتمتع بأزهارها وثمارها وأوراقها الجميلة ورائحتها الزكية.
وعلى الطرف الآخر نرى الحيوان يأكل العلف الأخضر ويرعى النباتات الحولية الخضراء، وورق الشجر وأزهاره وثماره، ويجمع النحل الرحيق من الأزهار ليعطينا الشراب المفيد المختلف الألوان والطعم والرائحة والفوائد والمستخدم في الغذاء والدواء.
وخص الله سبحانه وتعالى الحبوب وبدأ بها (فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً) (عبس /27)، لأن الحبوب هي أصل الغذاء على الأرض وهي تمد الإنسان والحيوان والكائنات الحية الدقيقة بالمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والفيتامينات والمعادن والأملاح بكميات كافية وتحولها الكائنات الحية الدقيقة الى منتجات حيوية مهمة كمضادات الحيوية والفيتامينات والهرمونات والدهون والبروتين والكحولات والميثان وغيرها، ومن لا يمتلك كفايته من الحبوب لا يمتلك قراره ولا كرامته ويسهل حصاره وتجويعه.
ويأتي العنب بما يحتويه من سكر العنب 15% من وزن الثمرة، وبروتين 8%، ودهون 5%، بالإضافة إلى البوتاسيوم والكالسيوم والفسفور وفيتامينات ب و أ و ج وبالعنب ألياف حوالي 4.3% و الألياف تمنع الإمساك وتنظم مستوى الجلوكوز والكولسترول في الجسم وتحمي من سرطان الأمعاء (قصتي مع العلاج بالعنب، أيمن الحسيني، دار الطلائع للنشر والتوزيع ص 9 (د س)، (د ط).
كما يجفف العنب وينتج منه الزبيب والزيتون به دهون صحية غير ممرضة وبه الأحماض الأمينية الأساسية.
ولثمار البلح فوائد غذائية جمة يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها (لا يجوع أهل بيت عندهم التمر) رواه مسلم، وفيه الماء والمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والمعادن والأملاح والفيتامينات وهو يقضي على الإمساك، ويعالج الدوار وينقي الكبد ويعالج التسمم الغذائي، ويستخدم نوى البلح في علف الدواب وإنتاج المواد الحيوية بالفطريات.
وهكذا جمعت آيات سورة عبس هذه اللوحة الفنية العلمية الحيوية الرائعة وكل هذا (مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (عبس/32).