اميرة
14-06-2012, 06:40 PM
بركة الوقت للأنبياء والصالحين
كيف تكون البركة؟هل سيزيد الله أيام الشهور على الثلاثين أو هل سيطيل الله يومه وليله عن الأربع والعشرين ساعة ؟كلا لكن البركة التي يقصدها ويعنيها هي التي يواجه الله بها عباده الصالحين فإن من إكرام الله للمتقين ومن منته وفضله على الصالحين أن يبارك لهم في الوقت والزمن بمعنى أن العمل الذي يحتاج في تنفيذه ليالي كثيرة يوفقه الله في تنفيذه في لحظة يسيرة وقد ضرب الله المثل على ذلك في شهر رجب لنبيه العظيم صلوات الله وسلامه عليه لقد أرسل إليه الأمين جبريل وهو نائم قال رَسُولَ اللهِ {فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ عَنْ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِيءٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي}[1] فحشوه بالإيمان والحكمة ثم مر بيده عليه فرجع إلى حالته ولم يشعر بألم ولا وجع ولا احتاج إلى خيط للجراحة ولا مشرط للفتح لأن هذا أمر من يقول للشئ كن فيكون ثم أحضر له البراق وركبه وأمسك جبريل بلجامه وإسرافيل يمشي خلفه وملائكة الله عن يمينه وعن يساره حتى وصل إلى المدينة المنورة وقال إنزل فصل - والصلاة كانت في هذا الوقت هي الدعاء لأنها لم تفرض إلا في تلك الليلة - فها هنا دار هجرتك ثم أخذه إلى قبر موسى وقال إنزل هنا فصل فهذا قبر أخيك موسى ثم أخذه إلى مكان ميلاد عيسى في بيت لحم وقال إنزل فصل فهنا ميلاد عيسى ثم ذهب إلى بيت المقدس ووجد مائة ألف ويزيد عليهم أربعة وعشرين ألف هم مجموع الرسل والأنبياء في انتظاره وتقدم وصلى بهم لله ثم جلسوا على المنصة وجلس كل واحد منهم في دوره يثني على الله بما وهبه الله في دنياه من التأييد في تبليغ رسالة الله فخطب إبراهيم خليل الرحمن ثم خطب نوح ثم خطب موسى ثم خطب داود وبعده سليمان وآخرهم عيسى عليهم السلام ثم قال الأمين جبريل :الآن يتكلم عليكم مسك الختام محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فألقى خطبة عظيمة كان في مقدمتها {الحمدُ لله الّذي أَرْسَلني رَحْمةً للعالمينَ وكافةً للناسِ بَشيراً ونذيراً وأَنْزَلَ عَليَّ الفُرْقانَ فيهِ تِبْيَانُ كلِّ شيءٍ وجَعَلَ أُمَّتي خَيْرَ أُمةٍ أُخْرجَتْ للنَّاسِ وَجَعَلَ أُمَّتي وَسَطاً وجَعلَ أُمتي هُمُ أَلاوَّلونَ وهُمُ الآخِرونَ، وشَرَحَ لِي صَدْرِي وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي ورَفَعَ لِي ذِكْرِي وجَعَلَني فاتِحاً وخَاتِماً } [2].خطاب طويل ثم قدم التحية الأمين جبريل ثم صعد إلى السماوات وبين السماء الأولى والأرض كما أنبأ (مسيرة خمسمائة عام) وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام زارها جميعاً واجتمع بكبار ملائكتها وحادثوه وحادثهم ثم زار الجنان واطلع على النيران ووصل إلى عرش الرحمن وذهب إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام ورجع بعد ذلك وفراشه الذي كان نائماً عليه لم يبرد بعد - مازال دافئاً - كيف قطع تلك المسافات؟ وكيف جاز تلك الجهات؟ وكيف أجرى كل تلك المحادثات في جزء قليل من الليل؟ إن هذه بركة الوقت وبركة الزمن التي أعطاها الله له ولذلك يسمع بعضنا أن الإمام علي زين العابدين مثلاً كان يصلي كل ليلة ألف ركعة لله يطيل فيها السجود حتى لقب بالسجاد كيف يكون ذلك إلا إذا بارك الله له في هذا الوقت وبارك الله له في هذا الزمان وسيدنا عثمان ابن عفان ورد عنه في الروايات العديدة أنه كان بعد صلاة المغرب يصلي ركعتين لله يقرأ فيهما القرآن كله من أوله إلى آخره وينتهي منهما قبل صلاة العشاء هذا أمر لو قسناه بعقولنا لذهلت لأنه أمر فوق مدارك العقول ولكن إذا قسناه بأرواحنا وبكتاب ربنا فلا عجب فقد كان الأمين جبريل ينزل على الحبيب من فوق سدرة المنتهى إلى الأرض في أقل من لمح البصر لأن الله اختصر له الزمن واختزل له الوقت وهذا أمر يجريه الله لعباده المؤمنين ولأوليائه الصالحين ومنهم هذا الرجل الإمام علي فقد كان نائماً في المسجد النبوي الشريف على التراب - ولذا لقبه النبي وقال له قم يا أبا تراب - فدخل النبي وهو نائم فأراد بعض أصحابه أن يوقظوه ومشى بعضهم مسرعاً فأشار إليه النبي وقال ما معناه {دعوه فإن علي وإن كان جسمه على الثرى[يعني على التراب] إلا إن قلبه بالملأ الأعلى } الجسم لا يستطيع أن يتحرك هذه الحركة التي كان فيها سيد الأولين والآخرين لأن هذه خصوصية من الله له لكن القلب إذا نام الجسد يجري الله عليه من أنوار هذه الخصوصية ويقوم من نومه وقد قطعت روحه ما لا يقطعه المرء في آلاف السنين وهو قطع ذلك كله في لحظات يسيرة قد تكون ساعة أو بضع ساعة كذلك إذا أكرم الله عبداً وأراد أن يعلمه كما علم الخضر{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} يعلِّمه كما علَّم نبيكم الكريم فقد جاء الطست من عالم الملكوت مملوءاً بالإيمان والحكمة وبالله عليكم هل الإيمان تراه العين؟ وهل الحكمة تطلع عليها العين؟ أو توضع في طست؟ لكنها أمور معنوية ذكرها لنا النبي ليعلمنا الإكرام الذي يكرم الله به أمة الإسلام في كل وقت وفي كل زمان ومكان فقد وضع في قلبه الإيمان والحكمة فعلم علم الأولين وعلم الآخرين وعلم علوم كل شئ يحتار فيها كبار العلماء المعاصرين للحكم العلمية والتقارير المحمدية التي أنبأ بها بدون أن ينظر في تليسكوب أو يطلع في مجهر أو يقرأه في كتاب أو يستغرق في مكتبة ولكنه من باب قول الله {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} يعلمكم الله من عنده علوماً إلهية وعلوماً ربانية إياك أن تقول إنها لا تمشي مع التكنولوجيا العلمية لأنها جاءت من واهب الحياة ومن ممد كل من في الكون بأسرار الكون وبأسرار الحياة لأنه رب العالمين فإذا أكرم الله العبد المطيع اختصر الله له الزمن واختصر الله له الوقت وطوي الله له المكان فيريد أن يقضي عدة مصالح في بلدة وبين كل مصلحة والأخرى مسافات فيهيأ الله له الأمر فيقضيها كلها في لحظات فعندما يصل إلى المصلحة الأولى يجد الموظف الذي يحتاجه كأنه في انتظاره وليس هناك طابور أمامه وذلك من بركة الله عليه ومن تيسير الله عليه يفتح له إشارات المرور ويهيأ له مكان يوقف فيه سيارته يهيأ له الأسباب حتى يختصر له الزمان لأنه اتقى الحنان المنان وقد روت إحدى مذيعات التليفزيون المصري وهي السيدة كاريمان حمزة إنها أعطت كتاباً من تأليف أبيها للشيخ عبد الحليم محمود رحمة الله عليه ليضع له مقدمة وقدمته له عند المساء وفي الصباح قدمه لها وقد كتب لها المقدمة وعندما قرأتها علمت أنه اطلع على الكتاب كله من أوله إلى آخره ولم يترك فيه صفحة واحدة لأنه كتب في المقدمة عن كل شئ فيه كيف تم هذا؟ بارك الله له في الزمان فجعل ما يقرأه في أسبوع يقرأه في ساعة كيف يكون هذا الأمر؟ لا تدبر بعقلك ولا تشغل البال بفكرك ولكن اعتقد في الله وثق في حسن صنع الله وزد يقينك في كتاب الله واعمل على تقوى الله تجد ما ذكرناه أمراً ميسراً لجميع عباد الله وهناك أيضاً فضل في الوقت ورد الأثر فيه {إذا أحبَّ الله عبداً سخَّره لأفضل الطاعات في أفضل الأوقات } وذلك يعني أني أنا وأنت نستطيع أن نقوم الليلة وكل ليلة بلا عناء ولا تعب إذا استحضرنا في قلوبنا وفي نياتنا عند صلاة العشاء في بيت الله والفجر في بيت الله حديث رسول الله {مَنْ صَلَّىٰ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلِهِ وَمَنْ صَلَّىٰ الْصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْل كُلَّهُ } [3]. فهذه بركة تفضل بها علينا الله فلو صلينا العشاء في بيت الله في جماعة والفجر في بيت الله في جماعة ولم نتململ ولم نتباطأ ونتكاسل كتبنا طائعين طوال الليل قائمين له بالتسبيح والذكر والصلاة والركوع والسجود مع أننا في أعمال غير ذلك وإذا وفقك الله إذا أصبحت وتلوت سورة الإخلاص ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله كما قال سيد البرية {مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَجْمَعَ }[4] وعلى مثل ذلك قس فهناك أحوال كثيرة وأعمال كثيرة هي يسيرة في العمل ولكنها تضاعف لك الزمن فإذا قرأت الإخلاص ثلاثاً في الصباح وثلاثاً في المساء فأنت عند الله تقرأ القرآن كله من أوله إلى آخره مرة بالنهار ومرة بالليل وإن كان ذلك في الأجر والثواب ولكنه لا يغني عن مطالعة الكتاب للعظة لبقية آياته وقصصه وحكمه هذه هي البركة التي دعا لنا بها النبي فالتمسوا البركة في الطاعات لأن أمتكم كما تعلمون وكما قال النبي الكريم:{أقصر الأمم أعماراً وأقلها أعمالاً} فالأمم السابقة منهم نوح عاش ألفاً وثلاث مائة عام منهم تسعمائة وخمسون في الدعوة وعندما خرج من دنياه وهو على باب الآخرة سأله الملائكة الواقفون على بوابة البرزخ { يَا نُوحُ يَا أَكْبَرَ الأَنْبِيَاءِ وَيَا طَوِيلَ الْعُمُرِ وَيَا مُجَابَ الدَّعْوَةِ كَيْفَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا ؟ قَالَ: مِثْلَ رَجُلٍ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ لَهُ بَابَانِ فَدَخَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَخَرَجَ مِنَ الآخَرِ }[5] فما بالكم لو نظر إلى عصرنا وإلى زماننا والذي يقول فيه نبينا { أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلى السَبْعِينَ }[6] فالعمر قصير والمطلوب منك يوم القيامة كثير فالتمس البركة من العلي الكبير في الطاعات والصالحات .ولا تشغلنك الحياة الدنيا فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة
كيف تكون البركة؟هل سيزيد الله أيام الشهور على الثلاثين أو هل سيطيل الله يومه وليله عن الأربع والعشرين ساعة ؟كلا لكن البركة التي يقصدها ويعنيها هي التي يواجه الله بها عباده الصالحين فإن من إكرام الله للمتقين ومن منته وفضله على الصالحين أن يبارك لهم في الوقت والزمن بمعنى أن العمل الذي يحتاج في تنفيذه ليالي كثيرة يوفقه الله في تنفيذه في لحظة يسيرة وقد ضرب الله المثل على ذلك في شهر رجب لنبيه العظيم صلوات الله وسلامه عليه لقد أرسل إليه الأمين جبريل وهو نائم قال رَسُولَ اللهِ {فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ عَنْ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِيءٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي}[1] فحشوه بالإيمان والحكمة ثم مر بيده عليه فرجع إلى حالته ولم يشعر بألم ولا وجع ولا احتاج إلى خيط للجراحة ولا مشرط للفتح لأن هذا أمر من يقول للشئ كن فيكون ثم أحضر له البراق وركبه وأمسك جبريل بلجامه وإسرافيل يمشي خلفه وملائكة الله عن يمينه وعن يساره حتى وصل إلى المدينة المنورة وقال إنزل فصل - والصلاة كانت في هذا الوقت هي الدعاء لأنها لم تفرض إلا في تلك الليلة - فها هنا دار هجرتك ثم أخذه إلى قبر موسى وقال إنزل هنا فصل فهذا قبر أخيك موسى ثم أخذه إلى مكان ميلاد عيسى في بيت لحم وقال إنزل فصل فهنا ميلاد عيسى ثم ذهب إلى بيت المقدس ووجد مائة ألف ويزيد عليهم أربعة وعشرين ألف هم مجموع الرسل والأنبياء في انتظاره وتقدم وصلى بهم لله ثم جلسوا على المنصة وجلس كل واحد منهم في دوره يثني على الله بما وهبه الله في دنياه من التأييد في تبليغ رسالة الله فخطب إبراهيم خليل الرحمن ثم خطب نوح ثم خطب موسى ثم خطب داود وبعده سليمان وآخرهم عيسى عليهم السلام ثم قال الأمين جبريل :الآن يتكلم عليكم مسك الختام محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فألقى خطبة عظيمة كان في مقدمتها {الحمدُ لله الّذي أَرْسَلني رَحْمةً للعالمينَ وكافةً للناسِ بَشيراً ونذيراً وأَنْزَلَ عَليَّ الفُرْقانَ فيهِ تِبْيَانُ كلِّ شيءٍ وجَعَلَ أُمَّتي خَيْرَ أُمةٍ أُخْرجَتْ للنَّاسِ وَجَعَلَ أُمَّتي وَسَطاً وجَعلَ أُمتي هُمُ أَلاوَّلونَ وهُمُ الآخِرونَ، وشَرَحَ لِي صَدْرِي وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي ورَفَعَ لِي ذِكْرِي وجَعَلَني فاتِحاً وخَاتِماً } [2].خطاب طويل ثم قدم التحية الأمين جبريل ثم صعد إلى السماوات وبين السماء الأولى والأرض كما أنبأ (مسيرة خمسمائة عام) وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام زارها جميعاً واجتمع بكبار ملائكتها وحادثوه وحادثهم ثم زار الجنان واطلع على النيران ووصل إلى عرش الرحمن وذهب إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام ورجع بعد ذلك وفراشه الذي كان نائماً عليه لم يبرد بعد - مازال دافئاً - كيف قطع تلك المسافات؟ وكيف جاز تلك الجهات؟ وكيف أجرى كل تلك المحادثات في جزء قليل من الليل؟ إن هذه بركة الوقت وبركة الزمن التي أعطاها الله له ولذلك يسمع بعضنا أن الإمام علي زين العابدين مثلاً كان يصلي كل ليلة ألف ركعة لله يطيل فيها السجود حتى لقب بالسجاد كيف يكون ذلك إلا إذا بارك الله له في هذا الوقت وبارك الله له في هذا الزمان وسيدنا عثمان ابن عفان ورد عنه في الروايات العديدة أنه كان بعد صلاة المغرب يصلي ركعتين لله يقرأ فيهما القرآن كله من أوله إلى آخره وينتهي منهما قبل صلاة العشاء هذا أمر لو قسناه بعقولنا لذهلت لأنه أمر فوق مدارك العقول ولكن إذا قسناه بأرواحنا وبكتاب ربنا فلا عجب فقد كان الأمين جبريل ينزل على الحبيب من فوق سدرة المنتهى إلى الأرض في أقل من لمح البصر لأن الله اختصر له الزمن واختزل له الوقت وهذا أمر يجريه الله لعباده المؤمنين ولأوليائه الصالحين ومنهم هذا الرجل الإمام علي فقد كان نائماً في المسجد النبوي الشريف على التراب - ولذا لقبه النبي وقال له قم يا أبا تراب - فدخل النبي وهو نائم فأراد بعض أصحابه أن يوقظوه ومشى بعضهم مسرعاً فأشار إليه النبي وقال ما معناه {دعوه فإن علي وإن كان جسمه على الثرى[يعني على التراب] إلا إن قلبه بالملأ الأعلى } الجسم لا يستطيع أن يتحرك هذه الحركة التي كان فيها سيد الأولين والآخرين لأن هذه خصوصية من الله له لكن القلب إذا نام الجسد يجري الله عليه من أنوار هذه الخصوصية ويقوم من نومه وقد قطعت روحه ما لا يقطعه المرء في آلاف السنين وهو قطع ذلك كله في لحظات يسيرة قد تكون ساعة أو بضع ساعة كذلك إذا أكرم الله عبداً وأراد أن يعلمه كما علم الخضر{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} يعلِّمه كما علَّم نبيكم الكريم فقد جاء الطست من عالم الملكوت مملوءاً بالإيمان والحكمة وبالله عليكم هل الإيمان تراه العين؟ وهل الحكمة تطلع عليها العين؟ أو توضع في طست؟ لكنها أمور معنوية ذكرها لنا النبي ليعلمنا الإكرام الذي يكرم الله به أمة الإسلام في كل وقت وفي كل زمان ومكان فقد وضع في قلبه الإيمان والحكمة فعلم علم الأولين وعلم الآخرين وعلم علوم كل شئ يحتار فيها كبار العلماء المعاصرين للحكم العلمية والتقارير المحمدية التي أنبأ بها بدون أن ينظر في تليسكوب أو يطلع في مجهر أو يقرأه في كتاب أو يستغرق في مكتبة ولكنه من باب قول الله {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} يعلمكم الله من عنده علوماً إلهية وعلوماً ربانية إياك أن تقول إنها لا تمشي مع التكنولوجيا العلمية لأنها جاءت من واهب الحياة ومن ممد كل من في الكون بأسرار الكون وبأسرار الحياة لأنه رب العالمين فإذا أكرم الله العبد المطيع اختصر الله له الزمن واختصر الله له الوقت وطوي الله له المكان فيريد أن يقضي عدة مصالح في بلدة وبين كل مصلحة والأخرى مسافات فيهيأ الله له الأمر فيقضيها كلها في لحظات فعندما يصل إلى المصلحة الأولى يجد الموظف الذي يحتاجه كأنه في انتظاره وليس هناك طابور أمامه وذلك من بركة الله عليه ومن تيسير الله عليه يفتح له إشارات المرور ويهيأ له مكان يوقف فيه سيارته يهيأ له الأسباب حتى يختصر له الزمان لأنه اتقى الحنان المنان وقد روت إحدى مذيعات التليفزيون المصري وهي السيدة كاريمان حمزة إنها أعطت كتاباً من تأليف أبيها للشيخ عبد الحليم محمود رحمة الله عليه ليضع له مقدمة وقدمته له عند المساء وفي الصباح قدمه لها وقد كتب لها المقدمة وعندما قرأتها علمت أنه اطلع على الكتاب كله من أوله إلى آخره ولم يترك فيه صفحة واحدة لأنه كتب في المقدمة عن كل شئ فيه كيف تم هذا؟ بارك الله له في الزمان فجعل ما يقرأه في أسبوع يقرأه في ساعة كيف يكون هذا الأمر؟ لا تدبر بعقلك ولا تشغل البال بفكرك ولكن اعتقد في الله وثق في حسن صنع الله وزد يقينك في كتاب الله واعمل على تقوى الله تجد ما ذكرناه أمراً ميسراً لجميع عباد الله وهناك أيضاً فضل في الوقت ورد الأثر فيه {إذا أحبَّ الله عبداً سخَّره لأفضل الطاعات في أفضل الأوقات } وذلك يعني أني أنا وأنت نستطيع أن نقوم الليلة وكل ليلة بلا عناء ولا تعب إذا استحضرنا في قلوبنا وفي نياتنا عند صلاة العشاء في بيت الله والفجر في بيت الله حديث رسول الله {مَنْ صَلَّىٰ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلِهِ وَمَنْ صَلَّىٰ الْصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْل كُلَّهُ } [3]. فهذه بركة تفضل بها علينا الله فلو صلينا العشاء في بيت الله في جماعة والفجر في بيت الله في جماعة ولم نتململ ولم نتباطأ ونتكاسل كتبنا طائعين طوال الليل قائمين له بالتسبيح والذكر والصلاة والركوع والسجود مع أننا في أعمال غير ذلك وإذا وفقك الله إذا أصبحت وتلوت سورة الإخلاص ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله كما قال سيد البرية {مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَجْمَعَ }[4] وعلى مثل ذلك قس فهناك أحوال كثيرة وأعمال كثيرة هي يسيرة في العمل ولكنها تضاعف لك الزمن فإذا قرأت الإخلاص ثلاثاً في الصباح وثلاثاً في المساء فأنت عند الله تقرأ القرآن كله من أوله إلى آخره مرة بالنهار ومرة بالليل وإن كان ذلك في الأجر والثواب ولكنه لا يغني عن مطالعة الكتاب للعظة لبقية آياته وقصصه وحكمه هذه هي البركة التي دعا لنا بها النبي فالتمسوا البركة في الطاعات لأن أمتكم كما تعلمون وكما قال النبي الكريم:{أقصر الأمم أعماراً وأقلها أعمالاً} فالأمم السابقة منهم نوح عاش ألفاً وثلاث مائة عام منهم تسعمائة وخمسون في الدعوة وعندما خرج من دنياه وهو على باب الآخرة سأله الملائكة الواقفون على بوابة البرزخ { يَا نُوحُ يَا أَكْبَرَ الأَنْبِيَاءِ وَيَا طَوِيلَ الْعُمُرِ وَيَا مُجَابَ الدَّعْوَةِ كَيْفَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا ؟ قَالَ: مِثْلَ رَجُلٍ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ لَهُ بَابَانِ فَدَخَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَخَرَجَ مِنَ الآخَرِ }[5] فما بالكم لو نظر إلى عصرنا وإلى زماننا والذي يقول فيه نبينا { أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلى السَبْعِينَ }[6] فالعمر قصير والمطلوب منك يوم القيامة كثير فالتمس البركة من العلي الكبير في الطاعات والصالحات .ولا تشغلنك الحياة الدنيا فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة