اجمل عيون
16-04-2003, 01:17 AM
الوساوس كل ما تحتاج أن تعرفه عن الوساوس العامة والوساوس القهرية .. ماهي؟ وما مسبباتها؟ وما أنواعها؟ ولمن تأتي؟ وما طرق علاجاتها؟
ـ بإشراف: د. صلاح صالح الراشد
ديسمبر 20, 2002
تخيلوا :
نصف مليون سعودي «موسوس»!!
ما تعريف الوساوس؟
الوساوس هي أفكار أو مشاعر أو أحاسيس متكررة ودخيلة ومفاجئة على الإنسان، هكذا يعرفها الأطباء، ويعرفون الأفعال القهرية بأنها أفكار أو أعمال متكررة بوعي ومعتادة. إن الوساوس ترفع درجة القلق بينما الأفعال القهرية تنزل من درجة القلق.
مثال: شخص ترد عليه فكرة أنه غير طاهر فيقوم بالتغسيل عشر مرات فيرتاح، فكرة عدم الطهارة ترهقه وتتعبه بينما تكرار الغسيل يخفض من قلقه.
ولفظ وساوس قهرية ملخص لأربع كلمات وهي وساوس تسلطية وأفعال قهرية؛ فالفكرة تسلطية والأفعال قهرية.
ما مصادر الوساوس؟
ينبغي أن نعرف مصادر الوساوس أولاً وقبل الدخول في التفاصيل؛ لأن كثيراً من المختصين في الجوانب المختلفة من الحياة بالذات الشريعة وعلم النفس يخلطون في هذه المسألة بدون علم يلم بالمصدرين. وقليل من المختصين ممن يجمع بين علم الشريعة والعلوم المتخصصة الأخرى فيحصل خلط أحياناً.
الوساوس بالنظر إلى كل المدارس نوعان: وساوس إنسية ووساوس شيطانية؛ وقد ذكرها الله سبحانه في سورة الناس في قوله: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجِنة والناس)؛ فالوساوس نوعان: إنسية وجنية.
الوساوس الجنية أو الشيطانية هي التي تأتي بذبذات مرسلة من قبل شياطين إلى الإنسان، وقد ترسل من بعد آلاف الأميال وربما ملايين وربما ملايين الملايين من الأميال. وقصة أبينا آدم عليه السلام مع الشيطان من هذا النوع؛ حيث أرسل الشيطان بوسوسته إلى أدم وهو خارج الجنة، عبر أثير الدنيا. وهذه الوساوس طاقة تضعف وتقوى بحسب ضعف وقوة المستقبل؛ فالمستقبِل المتحصِن قادر أن يصدها ولا تؤثر عليه، بينما المستقبِل الضعيف قد تخترقه وتؤثر فيه، وسيأتي إن شاء الله، شرح لطرق صدها.
النوع الثاني من الوساوس هي الوساوس الإنسية، وهي قسمان: وساوس من الإنسان نفسه ووساوس من أناس آخرين. فالتي من الإنسان هي التي يقصدها الأطباء بالوساوس أو الوساوس القهرية إذا صاحبها فعل قهري. وأما التي من آخرين فهي كما الشيطانية قد يرسلها آخرون دون أن تعلم عن طريق القصد أو غير القصد، ولنا إن شاء الله عدد خاص قادم عن الطاقة وكيفية استقبالها وكيفية ارسالها وكيف تؤثر بالآخرين بقصد أو بغير قصد من مرسليها؟ كما سيأتي الحديث هنا عن كيفية التغلب على الوساوس الإنسية بقسميها إن شاء الله.
ما الفرق بين الوساوس والأمراض العقلية مثل الفصام؟
يعرِّف النفسانيون الشخص الذي يعاني من الوساوس بأنه يدرك عدم منطقية وساوسه أو أفعاله، بالمقابل فإن الشخص الذي يعاني من مرض عقلي يرى هذه الوساوس حقيقية؛ ولذا فهي هلاوس أكثر منها وساوس. إن الشخص الذي يعاني من المرض العقلي لا يعرف الفرق ويعتبره حقيقة بينما المصاب بالوساوس قد يطلب الاستشارة أو العلاج لعلمه أن هذه وساوس تؤذيه.
مرضى الوساوس أكثر عرضة للأمراض الأخرى النفسية من غيرهم؛ فمعدل نسبة الإصابة في الاكتئاب تصل 67% من نسبة المصابين و25% في الإصابة في الرهاب الاجتماعي. إصابات أخرى قد تشمل الإدمان والمخاوف المرضية، ونوبات الذعر، وأمراض الأكل.
ما أسباب الوساوس؟
أقررنا بأن هناك مصدرين من الوساوس النفسية والغيبية؛ فالغيبية هي من أناس آخرين أو من قوى خفية (الشياطين)؛ فالنوع الثاني مصدره الطاقة السلبية، وهذا سنؤجل الحديث عنه للقاء آخر عند الحديث عن الطاقة إن شاء الله. أما النوع الأول فبين النفسانيين عدة وجهات نظر، وقد يكون بعضها أو كلها صحيحة
كيف أشخّص الوساوس القهرية؟:
في الثمانينيات كانت الوساوس القهرية بالنسبة للطب النفسي غير شائعة ونادراً ما كانت تأتي بنتيجة لعلاجها. الآن تعد الوساوس القهرية من الأمراض المنتشرة التي تستجيب جيداً للعلاج.
يقال إن التشخيص نصف العلاج. تصور لو أن شخصاً يعاني من وساوس قهرية بسبب من الأسباب النفسية مثلاً وصار يعالج الوساوس بالرقية المكثفة فإن ذلك قد يزيد من وساوسه ولا ينقصها. إن التشخيص مثل تحديد المدينة للمسافر؛ فالشخص الذي يكون في الرياض ويود السفر إلى الدمام متوجهاً إلى طريق جدة كلما استمر في السفر كلما ابتعد أكثر من هدفه! لو شخص ما يريد وشخص الطريق وحدده فسوف يوفر الكثير من الوقت، وفي القواعد الإدارية الذهبية أنه من الوقت إضاعة بعض الوقت، مثل التخطيط والاجتماعات التي تضيع الأوقات الكثيرة عن الانتاج غير أنه بها تنضبط الأمور ويتوفر الكثير من الوقت على الطريق. ومثل التشخيص كذلك؛ فهو يأخذ وقتاً لكنه يوفر العمل، لذا فإنك تحتاج أن تشخص بطريقة صحيحة قبل البدء بأي عمل.
إن التشخيص الدقيق للوساوس التسلطية والأفعال القهرية وفق تعريف DSM-IV المعتمد لدى النفسانيين مع بعض التصرف كالتالي:
الوساوس تعرف وفق التالي:
1 - أفكار أو صور أو مشاعر متكررة ومتسلطة تأتي في وقت اضطراب وبدون أذن وهي غير منطقية وتسبب بذلك قلقاً.
2 - الأفكار أو المشاعر أو الصور ليست قلقاً مكثفاً عن مشاكل الحياة اليومية الحقيقية.
3 - الشخص يحاول تجنب هذه الأفكار أو الصور أو المشاعر أو تجاهلها من خلال التفكير في أمور أخرى.
4- الشخص يدرك أن هذه الأفكار أو الصور أو المشاعر نتاج فكره هو
الأفعال القهرية تعرف وفق التالي:
1- سلوك متكرر (مثل غسل اليدين، الوضوء، التكبير، التأكد) أو عمل فكري (مثل الدعاء، العد، تكرير كلمات بصمت) والتي يشعر الشخص بأنه لابد أن يفعلها كردة فعل للوساوس أو وفق قوانين معينة وبصلابة عنده.
2- السلوكيات أو الأعمال الفكرية مقصودة لمنع حادثة أو حوادث من الحصول، أو لتخفيف القلق، لكن هذه السلوكيات أو الأعمال إما أنها تكون غير واقعية في مواجهة فكرة الوساوس أو أنها مكثفة وغير طبيعية.
أمور يجب أن ترافق تشخيص الوسواس القهري..
1- يدرك الشخص ولو في فترة من فترة معاناته أن هذه السلوكيات أو الوساوس غير منطقية أو زائدة عن الحد المعقول.
2- هذه الوساوس التسلطية أو الأفعال القهرية تستهلك الكثير من الوقت (أكثر من ساعة في اليوم) أو أنها تصطدم مع روتين الحياة اليومية الاجتماعية أو الوظيفية أو الأسرية للشخص.
3- الاضطراب الحاصل ليس له علاقة مباشرة مع الإدمان (مثل المخدرات أو الأدوية) أو حالة طبية أخرى.
بهذه التعريفات الدقيقة يستنثى مرض الوساوس من غيره؛ فلو أن شخصاًُ مثلاً لا يدرك وساوسه فقد يحتاج لتشخيص طبيب أو استشاري متخصص فقد يكون لديه فصام أو مرض عقلي آخر، أو لو كان مثلاً يتناول أدوية أو مخدرات فقد يكون بسبب الآثار الجانبية للإدمان.
أين يراجع الذين يعانون من الوساوس؟
أغلب الذين يعانون من الوساوس يذهبون إلى طبيب باطني عام ولا يذهبون إلى طبيب أو أخصائي نفسي، الأمر الذي قد يؤخر العلاج وقد لا يعطي التشخيص الصحيح. وشريحة كبيرة من مرضى الوساوس في الدول الإسلامية يرتادون على أحسن الأحوال أماكن الرقية الشرعية وأسوأ الأحوال مواقع السحرة والمشعوذين والدجالين، الأمر الذي قد يزيد من المشكلة، إلا إذا كان الشيخ الراقي متعلماً ولديه دراية في الوساوس القهرية فقد يقوم بالرقية الشرعية ثم يوجهه للعلاج أو القراءة والوعي في هذه المسألة. وهنا بعض المختصين وغير المختصين ممكن قد يراجعهم المصابون بالوساوس:
هل هناك بعض المرفقات للوساوس؟
تشير الدراسات إلى أن 50-70% من الذين يصابون بالوساوس تكون بعد أحداث قلق مرتفع مثل الحمل أو مشكلة جنسية أو فقدان عزيز. بسبب أن أغلب المصابين يستطيعون إخفاء وساوسهم فإنهم في الغالب يصبرون 3 -10 سنوات قبل اللجوء إلى المساعدة تتراوح بحسب المستوى الثقافي ومستوى الوعي، فالأكثر ثقافة ووعياً مدتهم أقل والأقل وعياً قد تطول مدة تجاهلهم لطلب المساعدة.
نسبة التشافي لدى الأطباء النفسانيين هي 20-30% يتشافون تماماً، و40 -50% يتحسنون، والبقية 20 -40% يبقون مرضى وقد تسوء حالتهم. نود أن نشير إلى أن هذه النسبة خاصة بالطب النفسي وتتعلق أيضاً بنظرية أن التشافي ينطلق من الداخل فهناك نسبة كبيرة من المرضى في العمق لا يودون التحسن؛ فللمرض عندهم مكسب ثانوي آخر.
ثلث المصابين في الوساوس تظهر عندهم حالة اكتئاب، وعند تزايدها قد يكون خطر الانتحار وارداً.
ما الرأي المتخصص في الرقية الشرعية؟
ينبغي أن نعرِّف أولاً الرقية الشرعية؛ وهي تلاوة شيء من كتاب الله عز وجل أو ذكر دعاء مأثور على الطالب للرقية. وفيها مسألتان الأولى بركة القرآن الكريم وكلماته الخالدة العطرة وبركة الدعاء المأثور الشريف، والثانية طاقة الشخص الراقي. وبهذه الصيغة يرى الشرع أنها جائزة وشبه اجماع على هذه المسألة فقد ورد في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك؛ فقد رقى أصحابه آخرين وأقرهم؛ وبذلك صارت سنة تقريرية، كما جوّز أن يأخذ الشخص أجراً على ذلك، بل ويحدد قدره كما في حديث الصحابة الذين رقوا كبير قوم مقابل جُعل أي عطاء محدد وأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم ليعطي مؤشراً إلى أنه أكل حلال؛ فهو صلى الله عليه وسلم لا يأكل الحرام أو الشبهة. فمسألة الجواز تكون بشرط أن يكون من كتاب الله وسنة نبيه محسومة. غير أن العلماء اختلفوا على الوسيلة التي يعمل بها هذا العمل، فهل يجوز، مثلاً، أن يفتح شخص بيته أو داراً معينة ويدعو الناس له لتقديم الرقية ؟ وهل يجوز أن يرقي جماعياً كما هو سائد في الكنائس والمعابد البوذية؟ فهنا صار خلاف بين العلماء لأنه غير معهود في صدر الإسلام ولا في مملكاته.
أما الرقية من قبل الشخص لنفسه فمحبوبة، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم خاصة عند المرض، وربما من قبل أهله كما فعلت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، وعند زيارة المريض لضعفه وحاجته للدعاء وطاقة الآخرين. وأما طلب الرقية من الآخرين بالصيغة التي نراها اليوم فحتى لو كانت جائزة فهي غير محببة؛ فالأولى ألا يطلب الشخص الرقية من آخرين، وفي حديث عكاشة المشهور فيمن يدخلهم الله الجنة دون حساب أنهم «لا يسترقون، أي لا يطلبون الرقية، ولا يتطيرون، أي لا يتشاءمون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون». وقد سأله عكاشه أن يسأل الله أن يكون منهم فقال: «اللهم اجعل عكاشة منهم»، فسأله آخر فقال: «سبقك بها عكاشة!» والمقصود أن من يطلب الرقية لا يمكن أن يكون ممن يدخلهم الله الجنة دون حساب وفيه وهم مع المتشائمين والمكتوين والذين لا يحسنون التوكل على الله؛ فقد جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في مقام واحد. فكأن الرأي الشرعي يقول إن استطعت ألا تطلب الرقية فلا تطلبها. وأما أن ترقي نفسك فلا بأس فنص الحديث لم يقل «لا يرقون» بل «لا يسترقون» أي لا يطلبون الرقية.
وينبغي على مقدم الرقية ألا يشخص أبداً فقد يوقع نفسه في أثم عظيم ويجر الناس في ويلات تشخيصه؛ فلا شخص ينزل عليه الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم السحر والعين والحسد، وهي أمور خفية. وعليه فقط أن يقرأ شيئاً من القرآن أو دعاء من حديث ويحسن الظن بأن بركة هذا الكلام ستؤثر في هذا الشخص الطالب للرقية. وكل تشخيص جهل، وما أكثر من تضرر من زيارة دور الرقية، وفي العيادات النفسية عشرات بل مئات المتضريين بفكرة الشيطان التي زرعها في نفوس الناس من المس والقدرة على اللعب بالناس والتحكم فيهم كريموت كونترول. وكل من قال لشخص أنك ممسوس فقد زعم أمراً عظيماً، ولنا في نشرة خاصة مناقشة موضوع المس والرأي العلمي والشرعي المختصر فيه إن شاء الله.
ما العلاجات الموجودة للوساوس؟
على ما قدمناه في المقدمة بأن مصادر الوساوس مختلفة؛ فقد تكون من الشياطين وقد تكون من الناس وقد تكون من النفس؛ فهي إما جنية أو إنسية أو نفسية. وهنا بعض العلاجات المنشورة في الساحة العلمية:
- العلاج بالدواء Pharmacotherapy : تشير الدراسات إلى أن هناك استجابة جيدة للعلاج بالدواء عند المصابين بالوساوس القهرية. في العادة تأتي النتائج الإيجابية بالتحسن بعد 4-6 أسابيع، وهذا سبب أن كثيرين يتركون الدواء قبل الحصول على النتائج لأنهم أصلاً لا يأخذون الفترة الكافية؛ فالدواء يحتاج حتى يأتي بمفعوله 4-6 أسابيع على الأقل، مع أن الحاجة لتكملة النتائج قد تحتاج 8-16 أسبوعاً. غالب الأطباء يبدأون بالأدوية المتعلقة بالسيروتونين مثل الكلوميبرامين Clomipramine تجارياً معروف بالأنفارانيل Anafranil أو SSRI مثل فلوكسيتين Fluoxetine مشهور تجارياً بالبروزاك Prozac، وقد يغير الطبيب إذا كانت هذه الأدوية غير مؤثرة إلى أدوية أخرى غير مرتبطة بالتأثير على السيروتونين، مثل الليثيمLithium والمعروف بالإسكاليث Eskalith أو غيرها مثل فينيلزيين Phenelzine المشهور بالنارديل Nardil أو في أحيان قليلة بوسبيرونBuspirone المعروف تجارياً بالبوسبار BuSpar والكلونازيبام Clonazepam المعروف بالكلونوبين Klonopin
يقرر العلم أن الدواء من تخصص الطبيب فقط والطبيب النفساني المتخصص أفضل لتوافر الخبرة والدراية بالتخصص. فلا تقبل دواء نفسياً إلا من طبيب نفساني Psychiatri.
- العلاج النفسي Psychotherapy : وهو من العلاجات المشهورة والمنتشرة في الغرب والنادرة في الوطن العربي، بل إن بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية وعمان واليمن تخلو تماماً من أي مراكز استشارية للعلاج النفسي، بل إن هذه الدول لايوجد في تصنيفها التجاري او المهني استشارات نفسية. ومن دول الخليج فقط الكويت وتسمح الإمارات وقطر بتحفظ من باب ترخيص الاستشارات الاجتماعية بمزاولة هذه المهنة. وأكثر الدول تقديراً لهذه المسألة الأردن ففيها معاهد ومراكز وكليات وعيادات استشارية وإرشادية نفسية. وبسبب هذا التوجه أدى الأمر إلى نقص كبير في توفر المختصين في هذه التخصصات لعدم وضوح رؤية المستقبل المهني بالنسبة لهم.
للعلاج النفسي إذا توفر من قبل مختص ماهر ومحترف ومهتم نتائج طويلة المدى، قد تفوق أحياناً الدواء والعلاج السلوكي. وهناك عدة مدارس علاجية أهمها المدرسة، التي أطلقنا عليها منذ منتصف التسعينيات، المدرسة الإدراكية ويسميها النفسانيون المصريون المعرفية Cognitive School وهناك مدارس علاجية مقتبسة من هنا وهناك كالمدرسة الواقعية ومدرسة التمحور حول الذات وغيرها.
- العلاج الإيماني: وقد ينقسم إلى قسمين: الأول العلاج بالرقية الذي ذكرناه آنفاً خاصة إذا كان أثر الوساوس شيطانياً، فيقوم الشخص برقية نفسه صباحاً ومساءً دون المبالغة وسيأتي التفصيل بالتطبيقات العملية للتخلص من الوساوس.
15 تطبيقاً عملياً للتخلص من الوساوس والحصول على راحة البال
1- تعرف على الوساوس وأنواعها وأسبابها وأعراضها جيداً، لدى د. صلاح صالح الراشد إصدار أصدرته مؤسسة أحد بعنوان «كيف تريح بالك وتتخلص من الوساوس؟» استمع له وطبق ما فيه.
2- تجنب القلق والضغوط المستمرة. تعلم طرقاً فعالة في التغلب على القلق والشعور بالطمأنينة ومارس تطبيقاتها واعرف متى تصل إلى الحد المعقول من تحمل الضغوط.
3 - تجنب الحزن الشديد وتعلم وادرس طرق السعادة وتطبيقاتها وخذ الأمر بجدية، واجعل التعلم للسعادة والتطبيق جزءاً يومياً في حياتك.
4- تجنب الكمالية في الأشياء وارض بما هو أقل من 100% في الإنجاز أو الترتيب أو التنظيم أو العلاقات مع الآخرين. وتجنب طلب العلاقات المثالية في الناس وتوقع الكمال فيهم، واقبل منهم النقص والخطأ. اعلم أن الشخصية قابلة الوساوس شخصية كمالية متعبة.
5 - غيّر بعض الروتين المتكرر في حياتك. اسلك طرقاً في التجديد،
6 - وفّق بين العزلة وكثرة الاختلاط. كثرة الاختلاط مع السلبيين قد تبرمج الإنسان على السلب، بينما العزلة قد تجلب الاكتئاب وتزيد من الوساوس. وفق بين الأمرين بحيث تكون أغلب علاقاتك إيجابية وأن تعرف متى تعتزل وتخلو مع نفسك لتضبط بعض الأمور.
7 - ضع لحياتك رسالة عميقة وقوية. سل نفسك: ما سبب وجودي في الحياة؟ ثم أوجد سبباً قوياً يدفعك فعلاً لتكون موجوداً. إذا لم تجب على هذا السؤال بوضوح فسوف تتعبك أمور كثيرة بالإضافة إلى الوساوس.
8 - ضع رؤية واضحة لحياتك.
9 - التزم بالتحصين الشرعي كل صباح ومساء بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وتقول أيضاً: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء. ولا تسرف في التحصين ونعزز لاوساوس مثل قراءة سورة البقرة يومياً أو ما شابه، بل اكمل وردك إلى نهاية القرآن الكريم ثم اعد التلاوة وفق وردك اليومي.
10 - ارسم من وقت لاخر في مخيلتك دائرة نورانية أو زجاجية ضوئية وتخيل أنها تحجز الطاقة السلبية من الوصول إليك وتسمح للطاقة الإيجابية بالعبور لك.
11 - تخيل أنك تقطع حبلاً بينك وبين مصدر غير معروف إذا شعرت بضيق أو ألم في مكان معين دون سبب مرضي واضح، حتى تقطع صلة التأثير عليك.
12- لا تستشر إلا أهل الاختصاص، وأهل الاختصاص في الوساوس الشيطانية الدعاة المشايخ من ذوي العلم المتفتح، وأهل الاختصاص في الوساوس النفسية الأخصائيون والأطباء النفسانيون، وتضيع وقتك في غير ذلك في مسألة الوساوس، فإذا أردت الاستشارة اطلبها لدى المختصين.
13 - إذا تأزمت الحالة أو اشتدت الوساوس فاطلب المساعدة ولا تنتظر فإن ذلك مضيعة للوقت وإسراف له.
14- لا تستعجل النتائج أبداً. اعمل ولا تتوقع أي تحسن أو نتيجة. اعمل على تحسين حياتك فقط لأنك هكذا يجب أن تكون.
15- سل الله الشفاء والقوة يومياً في صلاتك أو بعدها.
لقد ذكرنا لك ما يجب أن تعرفه عن الوساوس وتابع بقية فنون الحياة في التغلب على المشاكل وعش الحياة الطيبة والسعيدة، فهي كثيرة ومتطلباتها لازمة.
المصدر: مجلة فواصل
:confused:
ـ بإشراف: د. صلاح صالح الراشد
ديسمبر 20, 2002
تخيلوا :
نصف مليون سعودي «موسوس»!!
ما تعريف الوساوس؟
الوساوس هي أفكار أو مشاعر أو أحاسيس متكررة ودخيلة ومفاجئة على الإنسان، هكذا يعرفها الأطباء، ويعرفون الأفعال القهرية بأنها أفكار أو أعمال متكررة بوعي ومعتادة. إن الوساوس ترفع درجة القلق بينما الأفعال القهرية تنزل من درجة القلق.
مثال: شخص ترد عليه فكرة أنه غير طاهر فيقوم بالتغسيل عشر مرات فيرتاح، فكرة عدم الطهارة ترهقه وتتعبه بينما تكرار الغسيل يخفض من قلقه.
ولفظ وساوس قهرية ملخص لأربع كلمات وهي وساوس تسلطية وأفعال قهرية؛ فالفكرة تسلطية والأفعال قهرية.
ما مصادر الوساوس؟
ينبغي أن نعرف مصادر الوساوس أولاً وقبل الدخول في التفاصيل؛ لأن كثيراً من المختصين في الجوانب المختلفة من الحياة بالذات الشريعة وعلم النفس يخلطون في هذه المسألة بدون علم يلم بالمصدرين. وقليل من المختصين ممن يجمع بين علم الشريعة والعلوم المتخصصة الأخرى فيحصل خلط أحياناً.
الوساوس بالنظر إلى كل المدارس نوعان: وساوس إنسية ووساوس شيطانية؛ وقد ذكرها الله سبحانه في سورة الناس في قوله: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجِنة والناس)؛ فالوساوس نوعان: إنسية وجنية.
الوساوس الجنية أو الشيطانية هي التي تأتي بذبذات مرسلة من قبل شياطين إلى الإنسان، وقد ترسل من بعد آلاف الأميال وربما ملايين وربما ملايين الملايين من الأميال. وقصة أبينا آدم عليه السلام مع الشيطان من هذا النوع؛ حيث أرسل الشيطان بوسوسته إلى أدم وهو خارج الجنة، عبر أثير الدنيا. وهذه الوساوس طاقة تضعف وتقوى بحسب ضعف وقوة المستقبل؛ فالمستقبِل المتحصِن قادر أن يصدها ولا تؤثر عليه، بينما المستقبِل الضعيف قد تخترقه وتؤثر فيه، وسيأتي إن شاء الله، شرح لطرق صدها.
النوع الثاني من الوساوس هي الوساوس الإنسية، وهي قسمان: وساوس من الإنسان نفسه ووساوس من أناس آخرين. فالتي من الإنسان هي التي يقصدها الأطباء بالوساوس أو الوساوس القهرية إذا صاحبها فعل قهري. وأما التي من آخرين فهي كما الشيطانية قد يرسلها آخرون دون أن تعلم عن طريق القصد أو غير القصد، ولنا إن شاء الله عدد خاص قادم عن الطاقة وكيفية استقبالها وكيفية ارسالها وكيف تؤثر بالآخرين بقصد أو بغير قصد من مرسليها؟ كما سيأتي الحديث هنا عن كيفية التغلب على الوساوس الإنسية بقسميها إن شاء الله.
ما الفرق بين الوساوس والأمراض العقلية مثل الفصام؟
يعرِّف النفسانيون الشخص الذي يعاني من الوساوس بأنه يدرك عدم منطقية وساوسه أو أفعاله، بالمقابل فإن الشخص الذي يعاني من مرض عقلي يرى هذه الوساوس حقيقية؛ ولذا فهي هلاوس أكثر منها وساوس. إن الشخص الذي يعاني من المرض العقلي لا يعرف الفرق ويعتبره حقيقة بينما المصاب بالوساوس قد يطلب الاستشارة أو العلاج لعلمه أن هذه وساوس تؤذيه.
مرضى الوساوس أكثر عرضة للأمراض الأخرى النفسية من غيرهم؛ فمعدل نسبة الإصابة في الاكتئاب تصل 67% من نسبة المصابين و25% في الإصابة في الرهاب الاجتماعي. إصابات أخرى قد تشمل الإدمان والمخاوف المرضية، ونوبات الذعر، وأمراض الأكل.
ما أسباب الوساوس؟
أقررنا بأن هناك مصدرين من الوساوس النفسية والغيبية؛ فالغيبية هي من أناس آخرين أو من قوى خفية (الشياطين)؛ فالنوع الثاني مصدره الطاقة السلبية، وهذا سنؤجل الحديث عنه للقاء آخر عند الحديث عن الطاقة إن شاء الله. أما النوع الأول فبين النفسانيين عدة وجهات نظر، وقد يكون بعضها أو كلها صحيحة
كيف أشخّص الوساوس القهرية؟:
في الثمانينيات كانت الوساوس القهرية بالنسبة للطب النفسي غير شائعة ونادراً ما كانت تأتي بنتيجة لعلاجها. الآن تعد الوساوس القهرية من الأمراض المنتشرة التي تستجيب جيداً للعلاج.
يقال إن التشخيص نصف العلاج. تصور لو أن شخصاً يعاني من وساوس قهرية بسبب من الأسباب النفسية مثلاً وصار يعالج الوساوس بالرقية المكثفة فإن ذلك قد يزيد من وساوسه ولا ينقصها. إن التشخيص مثل تحديد المدينة للمسافر؛ فالشخص الذي يكون في الرياض ويود السفر إلى الدمام متوجهاً إلى طريق جدة كلما استمر في السفر كلما ابتعد أكثر من هدفه! لو شخص ما يريد وشخص الطريق وحدده فسوف يوفر الكثير من الوقت، وفي القواعد الإدارية الذهبية أنه من الوقت إضاعة بعض الوقت، مثل التخطيط والاجتماعات التي تضيع الأوقات الكثيرة عن الانتاج غير أنه بها تنضبط الأمور ويتوفر الكثير من الوقت على الطريق. ومثل التشخيص كذلك؛ فهو يأخذ وقتاً لكنه يوفر العمل، لذا فإنك تحتاج أن تشخص بطريقة صحيحة قبل البدء بأي عمل.
إن التشخيص الدقيق للوساوس التسلطية والأفعال القهرية وفق تعريف DSM-IV المعتمد لدى النفسانيين مع بعض التصرف كالتالي:
الوساوس تعرف وفق التالي:
1 - أفكار أو صور أو مشاعر متكررة ومتسلطة تأتي في وقت اضطراب وبدون أذن وهي غير منطقية وتسبب بذلك قلقاً.
2 - الأفكار أو المشاعر أو الصور ليست قلقاً مكثفاً عن مشاكل الحياة اليومية الحقيقية.
3 - الشخص يحاول تجنب هذه الأفكار أو الصور أو المشاعر أو تجاهلها من خلال التفكير في أمور أخرى.
4- الشخص يدرك أن هذه الأفكار أو الصور أو المشاعر نتاج فكره هو
الأفعال القهرية تعرف وفق التالي:
1- سلوك متكرر (مثل غسل اليدين، الوضوء، التكبير، التأكد) أو عمل فكري (مثل الدعاء، العد، تكرير كلمات بصمت) والتي يشعر الشخص بأنه لابد أن يفعلها كردة فعل للوساوس أو وفق قوانين معينة وبصلابة عنده.
2- السلوكيات أو الأعمال الفكرية مقصودة لمنع حادثة أو حوادث من الحصول، أو لتخفيف القلق، لكن هذه السلوكيات أو الأعمال إما أنها تكون غير واقعية في مواجهة فكرة الوساوس أو أنها مكثفة وغير طبيعية.
أمور يجب أن ترافق تشخيص الوسواس القهري..
1- يدرك الشخص ولو في فترة من فترة معاناته أن هذه السلوكيات أو الوساوس غير منطقية أو زائدة عن الحد المعقول.
2- هذه الوساوس التسلطية أو الأفعال القهرية تستهلك الكثير من الوقت (أكثر من ساعة في اليوم) أو أنها تصطدم مع روتين الحياة اليومية الاجتماعية أو الوظيفية أو الأسرية للشخص.
3- الاضطراب الحاصل ليس له علاقة مباشرة مع الإدمان (مثل المخدرات أو الأدوية) أو حالة طبية أخرى.
بهذه التعريفات الدقيقة يستنثى مرض الوساوس من غيره؛ فلو أن شخصاًُ مثلاً لا يدرك وساوسه فقد يحتاج لتشخيص طبيب أو استشاري متخصص فقد يكون لديه فصام أو مرض عقلي آخر، أو لو كان مثلاً يتناول أدوية أو مخدرات فقد يكون بسبب الآثار الجانبية للإدمان.
أين يراجع الذين يعانون من الوساوس؟
أغلب الذين يعانون من الوساوس يذهبون إلى طبيب باطني عام ولا يذهبون إلى طبيب أو أخصائي نفسي، الأمر الذي قد يؤخر العلاج وقد لا يعطي التشخيص الصحيح. وشريحة كبيرة من مرضى الوساوس في الدول الإسلامية يرتادون على أحسن الأحوال أماكن الرقية الشرعية وأسوأ الأحوال مواقع السحرة والمشعوذين والدجالين، الأمر الذي قد يزيد من المشكلة، إلا إذا كان الشيخ الراقي متعلماً ولديه دراية في الوساوس القهرية فقد يقوم بالرقية الشرعية ثم يوجهه للعلاج أو القراءة والوعي في هذه المسألة. وهنا بعض المختصين وغير المختصين ممكن قد يراجعهم المصابون بالوساوس:
هل هناك بعض المرفقات للوساوس؟
تشير الدراسات إلى أن 50-70% من الذين يصابون بالوساوس تكون بعد أحداث قلق مرتفع مثل الحمل أو مشكلة جنسية أو فقدان عزيز. بسبب أن أغلب المصابين يستطيعون إخفاء وساوسهم فإنهم في الغالب يصبرون 3 -10 سنوات قبل اللجوء إلى المساعدة تتراوح بحسب المستوى الثقافي ومستوى الوعي، فالأكثر ثقافة ووعياً مدتهم أقل والأقل وعياً قد تطول مدة تجاهلهم لطلب المساعدة.
نسبة التشافي لدى الأطباء النفسانيين هي 20-30% يتشافون تماماً، و40 -50% يتحسنون، والبقية 20 -40% يبقون مرضى وقد تسوء حالتهم. نود أن نشير إلى أن هذه النسبة خاصة بالطب النفسي وتتعلق أيضاً بنظرية أن التشافي ينطلق من الداخل فهناك نسبة كبيرة من المرضى في العمق لا يودون التحسن؛ فللمرض عندهم مكسب ثانوي آخر.
ثلث المصابين في الوساوس تظهر عندهم حالة اكتئاب، وعند تزايدها قد يكون خطر الانتحار وارداً.
ما الرأي المتخصص في الرقية الشرعية؟
ينبغي أن نعرِّف أولاً الرقية الشرعية؛ وهي تلاوة شيء من كتاب الله عز وجل أو ذكر دعاء مأثور على الطالب للرقية. وفيها مسألتان الأولى بركة القرآن الكريم وكلماته الخالدة العطرة وبركة الدعاء المأثور الشريف، والثانية طاقة الشخص الراقي. وبهذه الصيغة يرى الشرع أنها جائزة وشبه اجماع على هذه المسألة فقد ورد في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك؛ فقد رقى أصحابه آخرين وأقرهم؛ وبذلك صارت سنة تقريرية، كما جوّز أن يأخذ الشخص أجراً على ذلك، بل ويحدد قدره كما في حديث الصحابة الذين رقوا كبير قوم مقابل جُعل أي عطاء محدد وأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم ليعطي مؤشراً إلى أنه أكل حلال؛ فهو صلى الله عليه وسلم لا يأكل الحرام أو الشبهة. فمسألة الجواز تكون بشرط أن يكون من كتاب الله وسنة نبيه محسومة. غير أن العلماء اختلفوا على الوسيلة التي يعمل بها هذا العمل، فهل يجوز، مثلاً، أن يفتح شخص بيته أو داراً معينة ويدعو الناس له لتقديم الرقية ؟ وهل يجوز أن يرقي جماعياً كما هو سائد في الكنائس والمعابد البوذية؟ فهنا صار خلاف بين العلماء لأنه غير معهود في صدر الإسلام ولا في مملكاته.
أما الرقية من قبل الشخص لنفسه فمحبوبة، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم خاصة عند المرض، وربما من قبل أهله كما فعلت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، وعند زيارة المريض لضعفه وحاجته للدعاء وطاقة الآخرين. وأما طلب الرقية من الآخرين بالصيغة التي نراها اليوم فحتى لو كانت جائزة فهي غير محببة؛ فالأولى ألا يطلب الشخص الرقية من آخرين، وفي حديث عكاشة المشهور فيمن يدخلهم الله الجنة دون حساب أنهم «لا يسترقون، أي لا يطلبون الرقية، ولا يتطيرون، أي لا يتشاءمون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون». وقد سأله عكاشه أن يسأل الله أن يكون منهم فقال: «اللهم اجعل عكاشة منهم»، فسأله آخر فقال: «سبقك بها عكاشة!» والمقصود أن من يطلب الرقية لا يمكن أن يكون ممن يدخلهم الله الجنة دون حساب وفيه وهم مع المتشائمين والمكتوين والذين لا يحسنون التوكل على الله؛ فقد جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في مقام واحد. فكأن الرأي الشرعي يقول إن استطعت ألا تطلب الرقية فلا تطلبها. وأما أن ترقي نفسك فلا بأس فنص الحديث لم يقل «لا يرقون» بل «لا يسترقون» أي لا يطلبون الرقية.
وينبغي على مقدم الرقية ألا يشخص أبداً فقد يوقع نفسه في أثم عظيم ويجر الناس في ويلات تشخيصه؛ فلا شخص ينزل عليه الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم السحر والعين والحسد، وهي أمور خفية. وعليه فقط أن يقرأ شيئاً من القرآن أو دعاء من حديث ويحسن الظن بأن بركة هذا الكلام ستؤثر في هذا الشخص الطالب للرقية. وكل تشخيص جهل، وما أكثر من تضرر من زيارة دور الرقية، وفي العيادات النفسية عشرات بل مئات المتضريين بفكرة الشيطان التي زرعها في نفوس الناس من المس والقدرة على اللعب بالناس والتحكم فيهم كريموت كونترول. وكل من قال لشخص أنك ممسوس فقد زعم أمراً عظيماً، ولنا في نشرة خاصة مناقشة موضوع المس والرأي العلمي والشرعي المختصر فيه إن شاء الله.
ما العلاجات الموجودة للوساوس؟
على ما قدمناه في المقدمة بأن مصادر الوساوس مختلفة؛ فقد تكون من الشياطين وقد تكون من الناس وقد تكون من النفس؛ فهي إما جنية أو إنسية أو نفسية. وهنا بعض العلاجات المنشورة في الساحة العلمية:
- العلاج بالدواء Pharmacotherapy : تشير الدراسات إلى أن هناك استجابة جيدة للعلاج بالدواء عند المصابين بالوساوس القهرية. في العادة تأتي النتائج الإيجابية بالتحسن بعد 4-6 أسابيع، وهذا سبب أن كثيرين يتركون الدواء قبل الحصول على النتائج لأنهم أصلاً لا يأخذون الفترة الكافية؛ فالدواء يحتاج حتى يأتي بمفعوله 4-6 أسابيع على الأقل، مع أن الحاجة لتكملة النتائج قد تحتاج 8-16 أسبوعاً. غالب الأطباء يبدأون بالأدوية المتعلقة بالسيروتونين مثل الكلوميبرامين Clomipramine تجارياً معروف بالأنفارانيل Anafranil أو SSRI مثل فلوكسيتين Fluoxetine مشهور تجارياً بالبروزاك Prozac، وقد يغير الطبيب إذا كانت هذه الأدوية غير مؤثرة إلى أدوية أخرى غير مرتبطة بالتأثير على السيروتونين، مثل الليثيمLithium والمعروف بالإسكاليث Eskalith أو غيرها مثل فينيلزيين Phenelzine المشهور بالنارديل Nardil أو في أحيان قليلة بوسبيرونBuspirone المعروف تجارياً بالبوسبار BuSpar والكلونازيبام Clonazepam المعروف بالكلونوبين Klonopin
يقرر العلم أن الدواء من تخصص الطبيب فقط والطبيب النفساني المتخصص أفضل لتوافر الخبرة والدراية بالتخصص. فلا تقبل دواء نفسياً إلا من طبيب نفساني Psychiatri.
- العلاج النفسي Psychotherapy : وهو من العلاجات المشهورة والمنتشرة في الغرب والنادرة في الوطن العربي، بل إن بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية وعمان واليمن تخلو تماماً من أي مراكز استشارية للعلاج النفسي، بل إن هذه الدول لايوجد في تصنيفها التجاري او المهني استشارات نفسية. ومن دول الخليج فقط الكويت وتسمح الإمارات وقطر بتحفظ من باب ترخيص الاستشارات الاجتماعية بمزاولة هذه المهنة. وأكثر الدول تقديراً لهذه المسألة الأردن ففيها معاهد ومراكز وكليات وعيادات استشارية وإرشادية نفسية. وبسبب هذا التوجه أدى الأمر إلى نقص كبير في توفر المختصين في هذه التخصصات لعدم وضوح رؤية المستقبل المهني بالنسبة لهم.
للعلاج النفسي إذا توفر من قبل مختص ماهر ومحترف ومهتم نتائج طويلة المدى، قد تفوق أحياناً الدواء والعلاج السلوكي. وهناك عدة مدارس علاجية أهمها المدرسة، التي أطلقنا عليها منذ منتصف التسعينيات، المدرسة الإدراكية ويسميها النفسانيون المصريون المعرفية Cognitive School وهناك مدارس علاجية مقتبسة من هنا وهناك كالمدرسة الواقعية ومدرسة التمحور حول الذات وغيرها.
- العلاج الإيماني: وقد ينقسم إلى قسمين: الأول العلاج بالرقية الذي ذكرناه آنفاً خاصة إذا كان أثر الوساوس شيطانياً، فيقوم الشخص برقية نفسه صباحاً ومساءً دون المبالغة وسيأتي التفصيل بالتطبيقات العملية للتخلص من الوساوس.
15 تطبيقاً عملياً للتخلص من الوساوس والحصول على راحة البال
1- تعرف على الوساوس وأنواعها وأسبابها وأعراضها جيداً، لدى د. صلاح صالح الراشد إصدار أصدرته مؤسسة أحد بعنوان «كيف تريح بالك وتتخلص من الوساوس؟» استمع له وطبق ما فيه.
2- تجنب القلق والضغوط المستمرة. تعلم طرقاً فعالة في التغلب على القلق والشعور بالطمأنينة ومارس تطبيقاتها واعرف متى تصل إلى الحد المعقول من تحمل الضغوط.
3 - تجنب الحزن الشديد وتعلم وادرس طرق السعادة وتطبيقاتها وخذ الأمر بجدية، واجعل التعلم للسعادة والتطبيق جزءاً يومياً في حياتك.
4- تجنب الكمالية في الأشياء وارض بما هو أقل من 100% في الإنجاز أو الترتيب أو التنظيم أو العلاقات مع الآخرين. وتجنب طلب العلاقات المثالية في الناس وتوقع الكمال فيهم، واقبل منهم النقص والخطأ. اعلم أن الشخصية قابلة الوساوس شخصية كمالية متعبة.
5 - غيّر بعض الروتين المتكرر في حياتك. اسلك طرقاً في التجديد،
6 - وفّق بين العزلة وكثرة الاختلاط. كثرة الاختلاط مع السلبيين قد تبرمج الإنسان على السلب، بينما العزلة قد تجلب الاكتئاب وتزيد من الوساوس. وفق بين الأمرين بحيث تكون أغلب علاقاتك إيجابية وأن تعرف متى تعتزل وتخلو مع نفسك لتضبط بعض الأمور.
7 - ضع لحياتك رسالة عميقة وقوية. سل نفسك: ما سبب وجودي في الحياة؟ ثم أوجد سبباً قوياً يدفعك فعلاً لتكون موجوداً. إذا لم تجب على هذا السؤال بوضوح فسوف تتعبك أمور كثيرة بالإضافة إلى الوساوس.
8 - ضع رؤية واضحة لحياتك.
9 - التزم بالتحصين الشرعي كل صباح ومساء بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وتقول أيضاً: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء. ولا تسرف في التحصين ونعزز لاوساوس مثل قراءة سورة البقرة يومياً أو ما شابه، بل اكمل وردك إلى نهاية القرآن الكريم ثم اعد التلاوة وفق وردك اليومي.
10 - ارسم من وقت لاخر في مخيلتك دائرة نورانية أو زجاجية ضوئية وتخيل أنها تحجز الطاقة السلبية من الوصول إليك وتسمح للطاقة الإيجابية بالعبور لك.
11 - تخيل أنك تقطع حبلاً بينك وبين مصدر غير معروف إذا شعرت بضيق أو ألم في مكان معين دون سبب مرضي واضح، حتى تقطع صلة التأثير عليك.
12- لا تستشر إلا أهل الاختصاص، وأهل الاختصاص في الوساوس الشيطانية الدعاة المشايخ من ذوي العلم المتفتح، وأهل الاختصاص في الوساوس النفسية الأخصائيون والأطباء النفسانيون، وتضيع وقتك في غير ذلك في مسألة الوساوس، فإذا أردت الاستشارة اطلبها لدى المختصين.
13 - إذا تأزمت الحالة أو اشتدت الوساوس فاطلب المساعدة ولا تنتظر فإن ذلك مضيعة للوقت وإسراف له.
14- لا تستعجل النتائج أبداً. اعمل ولا تتوقع أي تحسن أو نتيجة. اعمل على تحسين حياتك فقط لأنك هكذا يجب أن تكون.
15- سل الله الشفاء والقوة يومياً في صلاتك أو بعدها.
لقد ذكرنا لك ما يجب أن تعرفه عن الوساوس وتابع بقية فنون الحياة في التغلب على المشاكل وعش الحياة الطيبة والسعيدة، فهي كثيرة ومتطلباتها لازمة.
المصدر: مجلة فواصل
:confused: