طالب الحور
27-07-2012, 06:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ننقل ههنا كلاما نفيسا للعلامة ابن القيم
رحمه الله ، يبين فيه أقوال العلماء في
المفاضلة بين قراءة القدر اليسير من القرآن بتدبر وفهم ،
وبين قراءة القدر الكثير من القرآن من غير تدبر ولا تفكر .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ،
أو السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟
على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما
إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة
القراءة مع كثرتها .
واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ،
وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى
معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به ،
فاتخذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به
، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما
من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله ، وإن
أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره
هو الذي يثمر الإيمان ، وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا
تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ، كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم :
( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ).
والناس في هذا أربع طبقات :
أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس . والثانية : من عدم
القرآن والإيمان . الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا .
الرابعة : من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .
قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي
قرآنا بلا إيمان ، فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة
أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .
قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان
يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، وقام بآية
حتى الصباح .
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ،
واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب
الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم
حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا
آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال :
إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني
رجل سريع القراءة ، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو
مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي
من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ
قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن
الصوت – فقال : رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه
نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا
يكن هم أحدكم آخر السورة .
- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين
آمنوا ) فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر
تصرف عنه . " انتهى.
" زاد المعاد " (1/337-340)
وانظر جواب السؤال رقم :
(4040)، (131788)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.info/ar/ref/137288
ننقل ههنا كلاما نفيسا للعلامة ابن القيم
رحمه الله ، يبين فيه أقوال العلماء في
المفاضلة بين قراءة القدر اليسير من القرآن بتدبر وفهم ،
وبين قراءة القدر الكثير من القرآن من غير تدبر ولا تفكر .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ،
أو السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟
على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما
إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة
القراءة مع كثرتها .
واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ،
وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى
معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به ،
فاتخذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به
، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما
من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله ، وإن
أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره
هو الذي يثمر الإيمان ، وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا
تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ، كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم :
( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ).
والناس في هذا أربع طبقات :
أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس . والثانية : من عدم
القرآن والإيمان . الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا .
الرابعة : من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .
قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي
قرآنا بلا إيمان ، فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة
أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .
قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان
يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، وقام بآية
حتى الصباح .
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ،
واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب
الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم
حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا
آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال :
إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني
رجل سريع القراءة ، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو
مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي
من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ
قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن
الصوت – فقال : رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه
نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا
يكن هم أحدكم آخر السورة .
- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين
آمنوا ) فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر
تصرف عنه . " انتهى.
" زاد المعاد " (1/337-340)
وانظر جواب السؤال رقم :
(4040)، (131788)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.info/ar/ref/137288