كنزي
26-08-2012, 06:34 PM
لماذا يقول النُّحاة دائما ضرب زيد عمرا لا العكس ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا يقول النُّحاة دائما ضرب زيد عمرا لا العكس ؟
هناك موقف شهير لداود باشا رأى فيه البعض لطشة من لطشات الجنون. فقد كان من بين أحلام هذا الحاكم أن يقوم علماء عصره بتطوير اللغة العربية وتبسيط قواعد النحو فيها حتى تكون لغة سهلة وقابلة للاستخدام في سائر العلوم, وحتى لا تقف قواعدها الصعبة حاجزا قويا بين الناس وبين تعلمها بسرعة ودون أي تعقيد. وهنا وقعت القصة الطريفة التي دفعت البعض إلى اعتبارها تصرفا مجنونا من داود باشا, وهذه هي خلاصة القصة كما وردت في دراسة الباحث العراقي رزوق عيسي فقد أراد داود باشا أن يتقن العربية ويتفنن في أساليبها, ويقف على أسرارها ونوادرها, فأحضر أحد اللغويين الكبار في عصره وأخذ يتعلم على يديه, وفي أحد الأيام بينما كان اللغوي الكبير يقرأ على داود باشا فصلا من فصول النحو ويفسر له قواعده بأمثلة قديمة شعر داود باشا بالملل من تلك الأمثلة ومن أشهرها ضرب زيد عمرا, وخطر للوالي أن يسأل شيخة على سبيل المداعبة عن الجناية التي جناها عمرو ليستحق أن يضربه زيد كل يوم, وهل كان عمرو جبانا وذليل النفس إلى هذه الدرجة حتى أنه يتقبل الاهانة التي تلحق به في كل لحظة وهو ساكت لا يدافع عن نفسه؟
كان ذلك هو سؤال داود باشا للعالم اللغوي الكبير, وقد ضحك العالم اللغوي من السؤال وقال للوالي: ليس هناك يامولاي ضارب ولا مضروب بل اعتاد علماء النحو منذ قديم الزمان أن يأتوا بأمثلة لتقريب القواعد النحوية والصرفية من أذهان طلاب اللغة العربية, ولكن داود باشا لم يعجبه هذا الجواب, وقال للعالم اللغوي: لابد أن هناك جوابا على سؤال أفضل مما تقول. فسكت العالم النحوي ولم يجد ما يقوله أمام هذه المسألة التافهة, ولكن الوالي اعتبر سكوت العالم النحوي إهانة له.
وما تلا ذلك كان طريفا جدا. فقد أمر الوالي بسجن عالم النحو ليلقى جزاء جهله وغباوته. ثم طلب الوالي أن يحضروا علماء النحو إليه واحدا بعد الآخر وألقي عليهم سؤاله العجيب: لماذا ضرب زيد عمرا؟. فأجاب علماء النحو بما أجاب به العالم الأول, فأمر الوالي بسجن علماء النحو جميعا وأقفرت المدارس والكتاتيب من علماء النحو الذين ضاقت بهم السجون, وأصبحت قضية زيد وعمرو هي الشغل الشاغل للوالي وبطانته الذين انصرفوا عن جميع شئون الدولة ومصالحها حتي يجدوا جوابا يرضي به الوالي عن سؤاله: لماذا ضرب زيد عمرا؟!!
وتنتهي القصة الطريفة بأن يرسل الوالي جواسيسه ورجال مخابراته للبحث في كل أنحاء العراق عن عالم في النحو يستطيع أن يقدم جوابا مقنعا لسؤال الوالي وأخيرا تم العثور علي شيخ كبير, فقدم تفسيرا للضرب الذي نال عمرا على يد زيد يمكن تلخيصه فيمايلي:
فكلمة عمرو فيها واو زائدة, والذي حدث هو أن عمرا سرق هذه الواو من اسم آخر هو داود, التي كان ينبغي أن تكون مكتوبة بواوين لا واو واحدة, أي علي هذه الصورة: داوود. ولما كان داود هو اسم الوالي فقد رأي النحاة أن عمرا قد ارتكب جريمة السرقة من اسم آخر كريم, ولذلك فهو يستحق الضرب من زيد ومن غير زيد حىتى يتأدب ولا يكرر السرقة مرة أخرى!!
وبقية القصة أنَّ الوالي أعجبه هذا التخريج أو هذا التفسير الذكي المنافق فأكرم الشيخ الذي فعل ذلك وقال له: لا تخرج من عندي ما لم تطلب مني ما تشاء فأمرك مطاع وطلباتك مقضية!!, فما كان من الشيخ إلا أن طلب إطلاق سراح زملائه المساجين من علماء النحو, وإعادة صرف رواتبهم إليهم, فوافق الوالي على ذلك, ولكنه اشترط على هؤلاء العلماء أن يُصلحوا طريقة تعليمهم للغة العربية, وأن ينهجوا منهجا جديدا فيه تيسير على الناس حتى تصبح اللغة العربية سهلة يفهمها الجميع ويكتبونها ويتحدثون بها دون تعقيد.
تلك هي القضية التاريخية التي اعتبرها الكثيرون لطشة من لطشات الجنون في شخصية الوالي المستنير داود باشا
لكم ...
مما أعجبني .~
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا يقول النُّحاة دائما ضرب زيد عمرا لا العكس ؟
هناك موقف شهير لداود باشا رأى فيه البعض لطشة من لطشات الجنون. فقد كان من بين أحلام هذا الحاكم أن يقوم علماء عصره بتطوير اللغة العربية وتبسيط قواعد النحو فيها حتى تكون لغة سهلة وقابلة للاستخدام في سائر العلوم, وحتى لا تقف قواعدها الصعبة حاجزا قويا بين الناس وبين تعلمها بسرعة ودون أي تعقيد. وهنا وقعت القصة الطريفة التي دفعت البعض إلى اعتبارها تصرفا مجنونا من داود باشا, وهذه هي خلاصة القصة كما وردت في دراسة الباحث العراقي رزوق عيسي فقد أراد داود باشا أن يتقن العربية ويتفنن في أساليبها, ويقف على أسرارها ونوادرها, فأحضر أحد اللغويين الكبار في عصره وأخذ يتعلم على يديه, وفي أحد الأيام بينما كان اللغوي الكبير يقرأ على داود باشا فصلا من فصول النحو ويفسر له قواعده بأمثلة قديمة شعر داود باشا بالملل من تلك الأمثلة ومن أشهرها ضرب زيد عمرا, وخطر للوالي أن يسأل شيخة على سبيل المداعبة عن الجناية التي جناها عمرو ليستحق أن يضربه زيد كل يوم, وهل كان عمرو جبانا وذليل النفس إلى هذه الدرجة حتى أنه يتقبل الاهانة التي تلحق به في كل لحظة وهو ساكت لا يدافع عن نفسه؟
كان ذلك هو سؤال داود باشا للعالم اللغوي الكبير, وقد ضحك العالم اللغوي من السؤال وقال للوالي: ليس هناك يامولاي ضارب ولا مضروب بل اعتاد علماء النحو منذ قديم الزمان أن يأتوا بأمثلة لتقريب القواعد النحوية والصرفية من أذهان طلاب اللغة العربية, ولكن داود باشا لم يعجبه هذا الجواب, وقال للعالم اللغوي: لابد أن هناك جوابا على سؤال أفضل مما تقول. فسكت العالم النحوي ولم يجد ما يقوله أمام هذه المسألة التافهة, ولكن الوالي اعتبر سكوت العالم النحوي إهانة له.
وما تلا ذلك كان طريفا جدا. فقد أمر الوالي بسجن عالم النحو ليلقى جزاء جهله وغباوته. ثم طلب الوالي أن يحضروا علماء النحو إليه واحدا بعد الآخر وألقي عليهم سؤاله العجيب: لماذا ضرب زيد عمرا؟. فأجاب علماء النحو بما أجاب به العالم الأول, فأمر الوالي بسجن علماء النحو جميعا وأقفرت المدارس والكتاتيب من علماء النحو الذين ضاقت بهم السجون, وأصبحت قضية زيد وعمرو هي الشغل الشاغل للوالي وبطانته الذين انصرفوا عن جميع شئون الدولة ومصالحها حتي يجدوا جوابا يرضي به الوالي عن سؤاله: لماذا ضرب زيد عمرا؟!!
وتنتهي القصة الطريفة بأن يرسل الوالي جواسيسه ورجال مخابراته للبحث في كل أنحاء العراق عن عالم في النحو يستطيع أن يقدم جوابا مقنعا لسؤال الوالي وأخيرا تم العثور علي شيخ كبير, فقدم تفسيرا للضرب الذي نال عمرا على يد زيد يمكن تلخيصه فيمايلي:
فكلمة عمرو فيها واو زائدة, والذي حدث هو أن عمرا سرق هذه الواو من اسم آخر هو داود, التي كان ينبغي أن تكون مكتوبة بواوين لا واو واحدة, أي علي هذه الصورة: داوود. ولما كان داود هو اسم الوالي فقد رأي النحاة أن عمرا قد ارتكب جريمة السرقة من اسم آخر كريم, ولذلك فهو يستحق الضرب من زيد ومن غير زيد حىتى يتأدب ولا يكرر السرقة مرة أخرى!!
وبقية القصة أنَّ الوالي أعجبه هذا التخريج أو هذا التفسير الذكي المنافق فأكرم الشيخ الذي فعل ذلك وقال له: لا تخرج من عندي ما لم تطلب مني ما تشاء فأمرك مطاع وطلباتك مقضية!!, فما كان من الشيخ إلا أن طلب إطلاق سراح زملائه المساجين من علماء النحو, وإعادة صرف رواتبهم إليهم, فوافق الوالي على ذلك, ولكنه اشترط على هؤلاء العلماء أن يُصلحوا طريقة تعليمهم للغة العربية, وأن ينهجوا منهجا جديدا فيه تيسير على الناس حتى تصبح اللغة العربية سهلة يفهمها الجميع ويكتبونها ويتحدثون بها دون تعقيد.
تلك هي القضية التاريخية التي اعتبرها الكثيرون لطشة من لطشات الجنون في شخصية الوالي المستنير داود باشا
لكم ...
مما أعجبني .~