المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السَعَادَة.. حَالَةُ رِضا أَمْ فَرح ؟


عبدالله بن مهدي
13-09-2012, 01:36 PM
السَعَادَة.. حَالَةُ رِضا أَمْ فَرح ؟

مقال : الخميس 13\9\2012



تعتبر السعادة حالة شعورية ظاهرة – غالبا – وهي هدف يُسعى إليه، ومطلب إنساني مشروع، وتختلف درجتها والإحساس بها من إنسان لآخر بحسب التكوين النفسي له، والظروف المحيطة به، ويكون الإنسان في الواقع بين سعادة معاشة أو سعادة منتظرة، وهي – أعني السعادة – مسألة قد تم تناولها قديما وحديثا، واختلفت حولها آراء الفلاسفة والعلماء تبعا لتباين منطلقاتهم واختلاف ثقافاتهم وعصورهم وبيئاتهم، فلقد قسمها أرسطو – وهو من فلاسفة الإغريق – إلى خمسة أقسام: أولها: صحة البدن، ولطف الحواس، وثانيها: الثروة والأعوان، وثالثها: المدح والثناء، ورابعها: النجاح، وخامسها: الرأي وصحة الفكر. ويرى أن من اجتمعت له هذه الأقسام – كلها – فهو السعيد الكامل، ومن حصل له بعضٌ منها كان حظه منها بحسب ذلك، ويراها ابن مسكويه في مرتبتين تتماشيان مع الطبيعة البشرية للإنسان، المكونة من جسم ونفس، وهما: السعادة البدنية، والسعادة الروحية، والأولى أدنى من الثانية، أما الغزالي فقد قسمها إلى أربعة أنواع هي: خيرات البدن، وخيرات النفس، والخيرات الخارجية، والخيرات التوفيقية، ثم قسّم كل نوع إلى أربعة أقسام فكان مجموعها لديه ستة عشر قسما، وقد جعل السعادة هدفا أساسيا للأخلاق.وهناك من العلماء المسلمين المُحدَثِيْن من حاول الابتعاد عن أفكار ابن مسكويه، والغزالي، وغيرهما من الفلاسفة، ومثال ذلك قول أنور الجندي: إن الأخلاق في الإسلام تقوم على مبدأ التقوى، وأن أخلاق القرآن أخلاق اجتماعية فردية، وأن الإسلام ربط بين الدين والأخلاق برباط عضوي، وأن ما ذكره الباحثون عن مفهوم السعادة الأخلاقية لا صلة له بمفهوم الإسلام الأخلاقي، ولا يمثل ذاتيته من قريب أو بعيد، فهو إما ناقص أو مستمد من آراء أرسطو، وفلسفات اليونان أو منحرف ناحية المفاهيم الصوفية والجبرية، ولعل قول أنور الجندي – آنف الذكر – يتفق مع قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي، صاحب المذهب – يرحمه الله – حيث ربط السعادة ربطا واضحا وقويا بالتقوى – إذ لا سعادة يراها دون تقوى – وهو بكل تأكيد يعني السعادة الحقيقية، وهو ما يفهم من هذا البيت المنسوب إليه حيث يقول:
وَلَسْتُ أَرى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ
وَلَكنَّ التَقِـــيَّ هُوَ السَّعِيدُ
ويعزز قول أنور الجندي كذلك – بأن الأخلاق اجتماعية فردية – ما عبر به رهين المحبسين – أبو العلاء المعري – فيلسوف الشعراء، وشاعر الفلاسفة – في قوله:
فَلا هَطَلَتْ عَليّ ولا بِأرضِي
سَحَائِبُ لَيسَتْ تَنْتَظِمُ البِّلادَ
فسعادة أبي العلاء المعري هي في سعادة مجتمعه، فهو لا يسعده ما اقتصر نفعه عليه دون غيره، بينما يُظهر أبو فراس الحمداني – رغم شهرته وفروسيته – نظرة فردية تشاؤمية أنانية من خلال قوله:
مُعَللَتِي بِالوَصْلِ والمَوتُ دُونَهُ
إذا مِتُّ ظَمْآنًا فَلا نَزَلَ القَطْرُ
ويعد الفرح لحظة عابرة أو لحظات متفرقة لا تدوم طويلا، أي أنها سرعان ما ينطفئ وهجها – رغم أهميتها وجمالها – ولربما تساهم كثيرٌ من حالات الفرح في حالة إشباع نفسي معين في وقت معين أو تلبي حاجة طارئة للإنسان، وتقابلها حالة الحزن التي تشبهها في بعض خصائصها، وإن اختلفتا في أثرهما، فكلاهما تبدأ قوية ثم تتدرج نحو الانطفاء أو النسيان، ومن نِعم الله على الإنسان أن جعل كلا الحالتين تتجهان نحو التلاشي، ولنا أن نتخيل إنسانا سيطرت عليه إحدى الحالتين بنفس القوة لفترة طويلة أو دائمة، وقد تختلفان من شخص لآخر باختلاف نمط الشخصية، أما السعادة فهي حالة نفسية داخلية مستمرة دائمة باعتبارها حالة رضا حقيقية أو هي حالة تكيف ذاتي، وتقابلها حالة الشقاء – ومما هو مشاهد أن تجد غنيا وفقيرا – رغم اختلاف حالهما – يعيشان سعادة حقيقية أو شقاء – فكلا الحالتين، السعادة والشقاء، ليس لهما علاقة بفقر الإنسان أو غناه أو تغير ظروفه المحيطة أو الضاغطة كحالات المرض أو الفقد بأنواعه المختلفة.
وقفة: إن المطلب الأسمى للإنسان هو تحقيق سعادة الدارين، فالسعادة حالة رضا عالية، وتوازن انفعالي، وكمال نفسي راقٍ، وهي مختلفة عن الفرح والصخب، ومن المؤكد أنه ليس كل مَن أظهر الفرح سعيد!.





http://www.alsharq.net.sa/2012/09/13/485390

شمس الرائدية
13-09-2012, 04:08 PM



ختآم جميل جدآ ..
وسطور آستمتعت بقرآئتهآ ..
آسعدك الله في آلدآرين ..’’

أبو الوليد
15-09-2012, 11:44 AM
.
http://www.alraidiah.org/up/up/22951235720081217.gif




نسأل الله أن يرزقنا التقوى والسعادة .. الله يعطيك العافية أستاذ / عبدالله


كلام جميل وسطور مميزة .. لا عدمناك ..






::

:101: وفقكم الباري :101:
http://www.alraidiah.org/up/up/22951247020081217.gif
:101: .. .. ومضـــــــــــــــــــــة .. .. :101:

لآ إله إلا أنت .. .. سبحانكـ .. إني كنت من الظالمين .....!!

سـَمآ ♪
15-09-2012, 11:54 AM
الف شكرلك ع المقال....|~

حزن
24-09-2012, 01:02 AM
كلام جميل

شكرا لك

أبو رائد
24-09-2012, 07:43 AM
سلمت يا أستاذ عبدالله

على هذه المقالة الطيبة

وعلى تواجدك الجميل معنا في الرائدية

نهار ناصر السهلي
25-09-2012, 12:03 AM
وثمة تساؤل اثاره داخلي ابداعك
هل للسعادة صناعة ؟ وهل ممكن اكتسابها ؟
اعتقد ذلك ولكنها تحتاج لتدريب وتدرب
جعلنا الله واياك والجميع من السعداء

النظرة الثاقبة
31-10-2012, 03:01 PM
السعادة تكمن في الرضا والقناعة بما آتاك الله به فتعيش به وتتقيه
ماأجمل فكرك و قلمك
رفع الله قدرك

عبدالله بن مهدي
01-11-2012, 06:00 AM
شكرا لكم جميعا على مروركم بالمقال.

الدووووخي
20-04-2013, 12:31 PM
الله يعطيكـ العافيــه على المقال ..

:101::102:

محمد الصالح
29-07-2013, 07:48 AM
يعطيك العافيه على مقالك

othman.q1
07-08-2013, 12:26 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

othman.q1
13-08-2013, 12:20 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

dody
13-08-2013, 02:06 AM
الله يعطيكـ العافيــه