ثلجة وردية
27-11-2012, 02:14 PM
نسي الطــين ساعة أنه طين ... حقــير فصال تيها وعـــربد
بدأ الشاعر قصيدته بقوله (نسي الطين) حيث جعل الطين فاعلا منزلته الرفع التي هي أشرف الرتب الإعرابية وأعلاها ، ثم وسمه بالحقارة ؛ ليلفت النظر إلى أن شيئا ما قد خرج عن أصله وطبيعته ، وزيف حقيقته.
فكيف يصير الطين الحقير في أعلى المراتب؟!!
ولا يكتفي بذلك ولا يقف عند إنزال نفسه منزلة لا يستحقها بل تمــرد وتكبر وساء خلقه ودخله الغرور .
والشاعر يرمز بالطين إلى الجنس البشري ويقصد به ذلك الإنسان الذي نسي أصله وحقارته وطفق ينشر الفساد ويتكبر على بني جنسه.
ونلاحظ أن معظم الفاعلين في القصيدة ضمير مستتر ، وقد قصد الشاعر بذلك توسيع هذه المعاني لتشمل كل من يجد في نفسه هذه الصفـــــة ولا يربطها بشخص معين أو مناسبة خاصــة، أو لأن ذلك يعــــود إلى ظروف الشاعر الذي عاش في أرض المهجر "أمريكا" ولم يستطع أن يصــرح باسم هذا الشخص لأسباب خاصة .
وكسى الــخز جسمه فتباهى ... وحـــوى المال كيسـه فتمـرد
أعاد الشاعر في هذا البيت للإنسان المتكبر منزلته الحقيق بها ؛ حيث جعل جسمه ومظهره مفعولا به منصوبا ، ثم أضاف مظهره إليه ؛ ليبين له أن تلك المنزلة التي رأى نفسه فيها إنما هي نتيجة اغتراره بمظهره .
وهكـذا أنزل الشاعر جسم المتكبر منزلة النصب ثم جعله مجــــرورا بالإضافــة, ثم قال (وحوى المال كيسه) ليؤكـد حقيقــة هذا النوع من النــاس ، إذ هو مضاف إلى كيس ماله منزلته مرتبطة به لا يسـوى دونه شيئا ، فهو مجـرور مذلول بسبب حبه للمــال ليملأ به كيسه الذي بدونه لا يسوى شيئا وكأن كيس المال يجره ويتحكم فيه .
يا أخي لا تـمل بوجهك عني ... ما أنا فحمـة ولا أنت فرقـد
ويمضي الشاعر في قصيدته متمسكا بالمعنــــى الذي بدأها به
حيث يقول http://www.alfaseeh.com/vb/images/smilies/sad_smile.gifيا أخي لا تمل بوجهك) ، فاعل تمل هو أنت وقد جاء ضميرا مستترا ، واستتاره وجوبا ، ثم أنزل أكرم شيء فيه منزلة الجر حين جعله وجهه مجرورا بحرف يجره الحرف جرا .
وقوله (يا أخي) إنما هو لتذكيره بأنهما من جنس وأصل واحد لا فــرق بينهما ومما يؤكد ذلك أن الشاعر أضاف كلمة أخ إلى ضمير النفـــس أو المتكلم، ناهيك عما تحمله الكلمة من معنى .
وعند قوله ( ما أنا فحمة ولا أنت فرقد) يؤكد له أن لكل منهما نفس المنزلة وإن اختلفت المظاهر وتباينت الظروف .
أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
أنت : وإن كان مبنيا على الفتح إلا أنه ضمير منفصل للرفع على أنه مبتدأ .
وقد سبق كلا الضميرين حرف نفي ، واختلاف الحرف مقصود فهو يعكس اختلاف ظروف الغني والفقير ، وهما من حيث المعنى والغرض شيء واحد .
أنت لم تصنع الـحرير الذي ... تلبس واللؤلـؤ الذي تتقلــد
خاطبه هنا بالصورة التي رأى فيها نفسه ؛ فاستخدم ضمير الرفــــع المنفصل ؛ ليخبره أنه بهذه المنزلة المزيفة التي تعالى بها وتكبر وتغطرس لم تستطع أن تنصب الحرير الذي تلبس ولا اللؤلؤ الذي تتزين به .
إذن منزلتك التي رفعت نفسك إليها ما هي إلا بفعل مظهرك وملبسك لا بروحك وجوهرك ؛ فمظهرك وزينتك أعلى وأرفع من روحك وجوهرك.
ومما يدل على خوائك وضعف حيلتك وقوتك عجزك عن نصب من نصبـك وهو الحرير : ( كسى الخز جسمَه / لم تصنع الحـريرَ ) .
أنت لا تأكل النضار إذا جعــت ... ولا تشرب الجمـان المنضـد
أنت يا من رأيت نفسك شامخا في الإعراب ومنزلته كل ما صنعته هو تزييف حقيقتك حين وضعتها في أرقى الرتب الإعرابية الرفع (أنت).
هل استطعت أن تنصب الجمان أو النضار فضلا عن جره ؟؟
هل استطعت ذلك وأنت متحرك بدافع فسيولوجي ضروري وهو طلب المطعم والمشرب ؟؟
إلم تستطع ذلك فما الحالة الإعرابية التي تستحقها ؟!
أنت في البردة الموشاة مثلي ... في كسائي الرديم تشقى وتسعد
ويستمر الشاعر في مناداته بالصورة التي رفع إليها نفسـه ثم يثبت له الحقيقة فيقول :
أنت في حالة الرفع الراقية التي ترى فيها نفسك إنما حصل ذلك بفعــل البردة الموشاة التي ترتديها ، وهي بردة حقيرة مجرورة يجرها الحرف جرا، فأنت بذلك تزيد نفسك حقارة وذلا إذ رأيت نفسك عزيزا كريــما شامخا في الإعراب ومنزلته لارتدائك بردة حقيرة .
ثم إن بردتك الموشاة لا تختلف عن كسائي الرديم فكــلاهما له نفس المنزلة الإعرابية ، وأنا وأنت في مرتبة واحدة سواء بسواء نشقى ونسعد .
ولقلبي كما لقلبــك أحلام ... حســان فـإنه غير جلمــد
ثم يعمق الشاعر مبدأ المساواة بينهما (بين الغني والفقير) فجعـــل القلبين مجرورين بنفس الحرف (اللام) ثم أضافــهما لضميرين لهما مرتبة إعرابية واحدة أينما وقعا .
ومضمونه أن قلبي يجرني كما أن قلبك يجرك ، والأماني تعبث بقلبي كما تعبث بقلبك .
أأماني كلــها من تــراب ... وأمانيك كلها من عسجـد ؟
أماني كأمانيك لهما منزلة واحدة من الإعراب ، فإن كنت تــــرى أمانيك شيئا عظيما وهدفا ساميا ذا مرتبة عالية ومكانة رفيعة فكذلك أرى أماني ، وإن كان الطموح مختلفا إلا أن أصل الأماني حقير مجرور مهــين سواء كان عسجدا أو ترابا .
ومعنى البيت :
أني مضاف إلى أماني مجرور بها ، ألهث في الحياة لتحقيقها تماما كما هو الحال عندك ؛ فأنت مضاف لأمانيك مجرور بها .
ثم ينفي الفرق بينهما حين أكد كلا الأمنيتين بـ(كلها) ، وجعلهما مبتدأ ذا مرتبة الرفع العظيمة ، ولكنها ليست أماني كاملة حتمية المنال أو تحقق سعادة وخلودا ؛ لذا لا تستحق الغرور فخبرهما محذوف تعــــلق به الجار والمجرور .
وأماني كلـها للتلاشــي ... وأمانيــك للخـــلود المؤكــد
وكذلك نهاية الأماني وغايتها نهاية شبيهة بالبداية حقيرة دنيئــة مجرورة سواء كانت خلودا أو فناء ، وإن اختلف الحرف بين البدايــة والنهاية :
من تراب ، من عسجد / للتلاشي ، للخلود.
ونجد الشاعر هنا قد عمق معنى المساواة حيث أضاف أمانيــــه إليه وأضاف أماني المغرور على المغرور كذلك ، وحذف خبر الأمنيتين وعلق به الجار والمجرور . ومعنى الإضافة توحي بشدة الترابط بين المـــــرء وأهدافه ، فللجميع أهداف، والكل يسعى جاهدا لتحقيقها.
ثم أكد أمانيه ولم يؤكد أماني المغرور ولكنه عوض ذلك بالصفــة التي جاءت من لفظ التوكيد ( المؤكد) ، والتوكيد والصفة لهما المنزلة الإعرابية نفسهما حيث هما تابعان لمتعلقيهما موصوفا كان أو مؤكدا .
لا فهـذي وتلك تأتي وتمضي ... كذويــها وأي شيء يؤبـد ؟
إن أماني شيء رفيع ومطلب كبير ومطمع سامي كما ترى أمانيك ، وإن كانت أماني قريبة بسيطة متواضعة كما تراها أيها الغني المغرور :
هـذه: اسم إشارة مبني ، للقريب في محل رفع مبتدأ .
تلك : اسم إشارة مبني ، للبعيد في محل رفع معطوف على المبتدأ .
وهنا يعمق الشاعر المساواة بين الأمنيتين ويقررها ، وذلك حين عبــر عنهما باسمي إشارة ، في محل رفع بالابتداء ، ثم أشركهما في الخبر.
وحين نلحظ الربط بين إعراب البيت وكلمتي ( تأتي وتمضي) نجـــد الترابط العجيب ، وذلك أن فائدة ( هذه وتلك) إما أن تأتي إلى الجملـة الفعلية (تأتي) أو يمضي عنها إلى الجار والمجرور (كذويها) ، ويكون التقدير حينئذ ( هذه وتلك كائنة كذويها تأتي وتمضي ) وتكون الجملة الفعلية في محل نصب حال .
أيها المزدهي إذا مسك السقم ... ألا تشتــــكي ألا تتنهــــــد ؟
وإذا راعــك الحبيــب بهجــــــــر... ودعتك الذكرى ألا تتوجد ؟
عاد هنا لمناداة المغرور لكن ينزله المنزلة التي يستحقها ، منزلة إنسانيته وواقعه وحاجته ، أنزله منزلة النصب على النداء مرة والنصب على المفعولية أخرى . وقد جعل السقم والذكرى فاعلين فيه ، وجعله فاعلا في حال الشكوى ولحظة الألم والوجد والشوق ( تشتكي .. تتنهد .. تتوجد ) .
بدأ الشاعر قصيدته بقوله (نسي الطين) حيث جعل الطين فاعلا منزلته الرفع التي هي أشرف الرتب الإعرابية وأعلاها ، ثم وسمه بالحقارة ؛ ليلفت النظر إلى أن شيئا ما قد خرج عن أصله وطبيعته ، وزيف حقيقته.
فكيف يصير الطين الحقير في أعلى المراتب؟!!
ولا يكتفي بذلك ولا يقف عند إنزال نفسه منزلة لا يستحقها بل تمــرد وتكبر وساء خلقه ودخله الغرور .
والشاعر يرمز بالطين إلى الجنس البشري ويقصد به ذلك الإنسان الذي نسي أصله وحقارته وطفق ينشر الفساد ويتكبر على بني جنسه.
ونلاحظ أن معظم الفاعلين في القصيدة ضمير مستتر ، وقد قصد الشاعر بذلك توسيع هذه المعاني لتشمل كل من يجد في نفسه هذه الصفـــــة ولا يربطها بشخص معين أو مناسبة خاصــة، أو لأن ذلك يعــــود إلى ظروف الشاعر الذي عاش في أرض المهجر "أمريكا" ولم يستطع أن يصــرح باسم هذا الشخص لأسباب خاصة .
وكسى الــخز جسمه فتباهى ... وحـــوى المال كيسـه فتمـرد
أعاد الشاعر في هذا البيت للإنسان المتكبر منزلته الحقيق بها ؛ حيث جعل جسمه ومظهره مفعولا به منصوبا ، ثم أضاف مظهره إليه ؛ ليبين له أن تلك المنزلة التي رأى نفسه فيها إنما هي نتيجة اغتراره بمظهره .
وهكـذا أنزل الشاعر جسم المتكبر منزلة النصب ثم جعله مجــــرورا بالإضافــة, ثم قال (وحوى المال كيسه) ليؤكـد حقيقــة هذا النوع من النــاس ، إذ هو مضاف إلى كيس ماله منزلته مرتبطة به لا يسـوى دونه شيئا ، فهو مجـرور مذلول بسبب حبه للمــال ليملأ به كيسه الذي بدونه لا يسوى شيئا وكأن كيس المال يجره ويتحكم فيه .
يا أخي لا تـمل بوجهك عني ... ما أنا فحمـة ولا أنت فرقـد
ويمضي الشاعر في قصيدته متمسكا بالمعنــــى الذي بدأها به
حيث يقول http://www.alfaseeh.com/vb/images/smilies/sad_smile.gifيا أخي لا تمل بوجهك) ، فاعل تمل هو أنت وقد جاء ضميرا مستترا ، واستتاره وجوبا ، ثم أنزل أكرم شيء فيه منزلة الجر حين جعله وجهه مجرورا بحرف يجره الحرف جرا .
وقوله (يا أخي) إنما هو لتذكيره بأنهما من جنس وأصل واحد لا فــرق بينهما ومما يؤكد ذلك أن الشاعر أضاف كلمة أخ إلى ضمير النفـــس أو المتكلم، ناهيك عما تحمله الكلمة من معنى .
وعند قوله ( ما أنا فحمة ولا أنت فرقد) يؤكد له أن لكل منهما نفس المنزلة وإن اختلفت المظاهر وتباينت الظروف .
أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
أنت : وإن كان مبنيا على الفتح إلا أنه ضمير منفصل للرفع على أنه مبتدأ .
وقد سبق كلا الضميرين حرف نفي ، واختلاف الحرف مقصود فهو يعكس اختلاف ظروف الغني والفقير ، وهما من حيث المعنى والغرض شيء واحد .
أنت لم تصنع الـحرير الذي ... تلبس واللؤلـؤ الذي تتقلــد
خاطبه هنا بالصورة التي رأى فيها نفسه ؛ فاستخدم ضمير الرفــــع المنفصل ؛ ليخبره أنه بهذه المنزلة المزيفة التي تعالى بها وتكبر وتغطرس لم تستطع أن تنصب الحرير الذي تلبس ولا اللؤلؤ الذي تتزين به .
إذن منزلتك التي رفعت نفسك إليها ما هي إلا بفعل مظهرك وملبسك لا بروحك وجوهرك ؛ فمظهرك وزينتك أعلى وأرفع من روحك وجوهرك.
ومما يدل على خوائك وضعف حيلتك وقوتك عجزك عن نصب من نصبـك وهو الحرير : ( كسى الخز جسمَه / لم تصنع الحـريرَ ) .
أنت لا تأكل النضار إذا جعــت ... ولا تشرب الجمـان المنضـد
أنت يا من رأيت نفسك شامخا في الإعراب ومنزلته كل ما صنعته هو تزييف حقيقتك حين وضعتها في أرقى الرتب الإعرابية الرفع (أنت).
هل استطعت أن تنصب الجمان أو النضار فضلا عن جره ؟؟
هل استطعت ذلك وأنت متحرك بدافع فسيولوجي ضروري وهو طلب المطعم والمشرب ؟؟
إلم تستطع ذلك فما الحالة الإعرابية التي تستحقها ؟!
أنت في البردة الموشاة مثلي ... في كسائي الرديم تشقى وتسعد
ويستمر الشاعر في مناداته بالصورة التي رفع إليها نفسـه ثم يثبت له الحقيقة فيقول :
أنت في حالة الرفع الراقية التي ترى فيها نفسك إنما حصل ذلك بفعــل البردة الموشاة التي ترتديها ، وهي بردة حقيرة مجرورة يجرها الحرف جرا، فأنت بذلك تزيد نفسك حقارة وذلا إذ رأيت نفسك عزيزا كريــما شامخا في الإعراب ومنزلته لارتدائك بردة حقيرة .
ثم إن بردتك الموشاة لا تختلف عن كسائي الرديم فكــلاهما له نفس المنزلة الإعرابية ، وأنا وأنت في مرتبة واحدة سواء بسواء نشقى ونسعد .
ولقلبي كما لقلبــك أحلام ... حســان فـإنه غير جلمــد
ثم يعمق الشاعر مبدأ المساواة بينهما (بين الغني والفقير) فجعـــل القلبين مجرورين بنفس الحرف (اللام) ثم أضافــهما لضميرين لهما مرتبة إعرابية واحدة أينما وقعا .
ومضمونه أن قلبي يجرني كما أن قلبك يجرك ، والأماني تعبث بقلبي كما تعبث بقلبك .
أأماني كلــها من تــراب ... وأمانيك كلها من عسجـد ؟
أماني كأمانيك لهما منزلة واحدة من الإعراب ، فإن كنت تــــرى أمانيك شيئا عظيما وهدفا ساميا ذا مرتبة عالية ومكانة رفيعة فكذلك أرى أماني ، وإن كان الطموح مختلفا إلا أن أصل الأماني حقير مجرور مهــين سواء كان عسجدا أو ترابا .
ومعنى البيت :
أني مضاف إلى أماني مجرور بها ، ألهث في الحياة لتحقيقها تماما كما هو الحال عندك ؛ فأنت مضاف لأمانيك مجرور بها .
ثم ينفي الفرق بينهما حين أكد كلا الأمنيتين بـ(كلها) ، وجعلهما مبتدأ ذا مرتبة الرفع العظيمة ، ولكنها ليست أماني كاملة حتمية المنال أو تحقق سعادة وخلودا ؛ لذا لا تستحق الغرور فخبرهما محذوف تعــــلق به الجار والمجرور .
وأماني كلـها للتلاشــي ... وأمانيــك للخـــلود المؤكــد
وكذلك نهاية الأماني وغايتها نهاية شبيهة بالبداية حقيرة دنيئــة مجرورة سواء كانت خلودا أو فناء ، وإن اختلف الحرف بين البدايــة والنهاية :
من تراب ، من عسجد / للتلاشي ، للخلود.
ونجد الشاعر هنا قد عمق معنى المساواة حيث أضاف أمانيــــه إليه وأضاف أماني المغرور على المغرور كذلك ، وحذف خبر الأمنيتين وعلق به الجار والمجرور . ومعنى الإضافة توحي بشدة الترابط بين المـــــرء وأهدافه ، فللجميع أهداف، والكل يسعى جاهدا لتحقيقها.
ثم أكد أمانيه ولم يؤكد أماني المغرور ولكنه عوض ذلك بالصفــة التي جاءت من لفظ التوكيد ( المؤكد) ، والتوكيد والصفة لهما المنزلة الإعرابية نفسهما حيث هما تابعان لمتعلقيهما موصوفا كان أو مؤكدا .
لا فهـذي وتلك تأتي وتمضي ... كذويــها وأي شيء يؤبـد ؟
إن أماني شيء رفيع ومطلب كبير ومطمع سامي كما ترى أمانيك ، وإن كانت أماني قريبة بسيطة متواضعة كما تراها أيها الغني المغرور :
هـذه: اسم إشارة مبني ، للقريب في محل رفع مبتدأ .
تلك : اسم إشارة مبني ، للبعيد في محل رفع معطوف على المبتدأ .
وهنا يعمق الشاعر المساواة بين الأمنيتين ويقررها ، وذلك حين عبــر عنهما باسمي إشارة ، في محل رفع بالابتداء ، ثم أشركهما في الخبر.
وحين نلحظ الربط بين إعراب البيت وكلمتي ( تأتي وتمضي) نجـــد الترابط العجيب ، وذلك أن فائدة ( هذه وتلك) إما أن تأتي إلى الجملـة الفعلية (تأتي) أو يمضي عنها إلى الجار والمجرور (كذويها) ، ويكون التقدير حينئذ ( هذه وتلك كائنة كذويها تأتي وتمضي ) وتكون الجملة الفعلية في محل نصب حال .
أيها المزدهي إذا مسك السقم ... ألا تشتــــكي ألا تتنهــــــد ؟
وإذا راعــك الحبيــب بهجــــــــر... ودعتك الذكرى ألا تتوجد ؟
عاد هنا لمناداة المغرور لكن ينزله المنزلة التي يستحقها ، منزلة إنسانيته وواقعه وحاجته ، أنزله منزلة النصب على النداء مرة والنصب على المفعولية أخرى . وقد جعل السقم والذكرى فاعلين فيه ، وجعله فاعلا في حال الشكوى ولحظة الألم والوجد والشوق ( تشتكي .. تتنهد .. تتوجد ) .