بسمه
07-12-2012, 05:57 PM
رسالة إلى الموت ..؟؟
رسالة إلى الموت ..؟؟
لا تأتِ مصحوباً بالصخب، فأنا لا أريد أن يسمع أحد بمجيئك لزيارتي. يكفي أن نعرف نحن الاثنين، أنا و أنت، بذلك. ليست هناك حاجة لأن تستنفر الآخرين بحدث قدومك. تعال بشكل يليق بي، بسلوك ينسجم مع كياني وتاريخي. تعال بهدوءٍ وصمتٍ، تعال بما ينسجم مع نمط حياتي التي دامت أعواماً طويلة دونما ضجيج!
فأنت حين تأتي من أجلي أنا، أنت آتٍ لتأخذني لا لتقضَّ مضاجع الآخرين.
لقد تحمَّلتُ كل ما عانيت ضاحكاً و لم يعلم به سواي. أحزاني خبَّأتها لنفسي. أمَّا أفراحي فكنتُ أتقاسمها و الآخرين. كم أتمنًّى أن تكون نهايتي أيضاً على تلك الصورة! أنا أعرف أنَّك قويٌّ. رأسي الذي لم ينحنِ لأحدٍ قد ينحني لك أنتَ، عشت حياتي مرفوع الرأس، ناصع الجبين. فعانقني واقفاً. مرفوع الرأس حين تأتي لتأخذني. و إذا كنت قد أخفقتُ في إنجاز جميع المشاريع التي خطَّطتُ لها خلال الفترة التي أمهلتني فيها، فإنَّ الذنب في ذلك لا يقع على أحد سواي، أنا المذنب الوحيد. هذه العقوبة تكفيني، إنها أثقل العقوبات لدى الذين يحسون بمرارتها.
حياتي كلها أمضيتها و أنا في صراعٍ معك ندَّاً لندٍّ. كثيرة هي المرَّات التي تلقَّيتُ فيها الهزيمة.
روحي، وهي أقدسُ ما عندي، أريد أن أعطيها برجولةٍ، بوقارٍ، واقفاً، مرفوع الرأس، بصورةٍ تليق بي، إنَّني لا أريد أن أستسلم. أريد أن أقدِّم روحي لك كما لو كنت أقدِّم لك هديَّة تذكارية.
و مقابل هذا إذا أخذتني بعد أن تتسلَّم قلمي الذي كان سيفاً على الدَّوام بيديك الاثنتين بكلِّ إجلالٍ لتضعه فوق رأسكَ بإكبارٍ، فكن مفعماً بالاحترام أمام الروح النقية الشفافة التي دأبت كل حياتها على زيادة نقائها و شفافيتها، مثلما أنا ممتلئ احتراماً لك. لم يسمعني أحدٌ و أنا أتأفَّف فلا تجعلني أتأفَّف منك.
تعال في واحدة من لحظاتي العادية، الآن حين يكون القلم بيدي و الآلة الكاتبة أمامي. و الأوراق بجانبي. لا أريد أن تأتيني و أنا بطلٌ، لا، و لا و أنا غائبٌ عن الوعي. تعال ليلاً، و إذا شئت تعال نهاراً. تعال في الصيف. أو في الشتاء، إنَّ بابي و قلبي مفتوحان لك! يكفي ألَّا تجعلني أستصغر نفسي، يكفي ألَّا تضطرَّني إلى طلب الماء من أحدٍ، ألَّا تضطرَّني إلى طلب المساعدة. ألم نتصارع معاً برجولةٍ؟ ألستُ جديراً بأن أطالبك بكل هذا؟ إذا كنتَ مصرَّاً على جعلي أتأفَّف، فعلى الأقلِّ أرجوك أن تجعلني أفعلُ ذلك بيني و بينك فلا يسمعُ تأفُّفي أحدٌ غيرُنا.
كلانا مناضلٌ ثبت في وجه غريمه، كلانا كافح الآخر كلَّ هذه السنين دونَ توقُّفِ.
ولعلِّي أشير هنا إلى أنَّ نضالي كان أعظمَ و أكبرَ من نضالكَ أنتَ، ذلك لأنَّك كنت واثقاً من البداية من أنَّ النصر في النهاية سيكونُ، مهما حصل، إلى جانبك. في حين كنتُ أنا أعلم علمَ اليقين بأنَّ الهزيمة في نهاية المطافِ ستكونُ من نصيبي.
أريد أن أكون جديراً بالموت مثلما كنت جديراً بالحياة، لقد عملتُ و ناضلت كي أكون جديراً بالحياة فكنتُ جديراً بها. بقي الآن أن أكون جديراً بالموت.
اعترف لي بهذا الحقِّ! إنِّني بذلت كلَّ ما استطعتُ من جهدٍ لأضيفَ ألواناً أخرى من الجمال إلى هذا العالم المفعم بآياتٍ لا حصر لها من الجمال، هل يحقُّ لنا أن نلغي وجود جزيرة جميلةٍ لا حدَّ لها لأنها أصغر من أن نراها واضحةً في الأطالس؟ إنَّ مساهمتي موجودة، وإن كانت صغيرةً و متواضعةً لا تظهرُ على صفحاتِ الأطالس .
تسألني: ماذا فعلتَ؟
فإليك جوابي:
سيميائيو* العصور الوسطى عجزوا عن قَلْبِ الحجر إلى ذهبٍ. أمَّا أنا فسيميائي نجح في قَلْبِ دموعه إلى ضحكاتِ قدَّمها للعالم.
أيُّها الموتُ: تعال باحترام، فأنا في انتظارك!
ــــــــــــــــــــــــــ
* السِّيمياء: السحر و حاصله إحداث خيالاتٍ وهميةٍ لا وجود لها في الحسِّ، والسيميائيون: من مارسوا السيمياء، و أكثر ما اهتمُّوا به تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب
رسالة إلى الموت ..؟؟
لا تأتِ مصحوباً بالصخب، فأنا لا أريد أن يسمع أحد بمجيئك لزيارتي. يكفي أن نعرف نحن الاثنين، أنا و أنت، بذلك. ليست هناك حاجة لأن تستنفر الآخرين بحدث قدومك. تعال بشكل يليق بي، بسلوك ينسجم مع كياني وتاريخي. تعال بهدوءٍ وصمتٍ، تعال بما ينسجم مع نمط حياتي التي دامت أعواماً طويلة دونما ضجيج!
فأنت حين تأتي من أجلي أنا، أنت آتٍ لتأخذني لا لتقضَّ مضاجع الآخرين.
لقد تحمَّلتُ كل ما عانيت ضاحكاً و لم يعلم به سواي. أحزاني خبَّأتها لنفسي. أمَّا أفراحي فكنتُ أتقاسمها و الآخرين. كم أتمنًّى أن تكون نهايتي أيضاً على تلك الصورة! أنا أعرف أنَّك قويٌّ. رأسي الذي لم ينحنِ لأحدٍ قد ينحني لك أنتَ، عشت حياتي مرفوع الرأس، ناصع الجبين. فعانقني واقفاً. مرفوع الرأس حين تأتي لتأخذني. و إذا كنت قد أخفقتُ في إنجاز جميع المشاريع التي خطَّطتُ لها خلال الفترة التي أمهلتني فيها، فإنَّ الذنب في ذلك لا يقع على أحد سواي، أنا المذنب الوحيد. هذه العقوبة تكفيني، إنها أثقل العقوبات لدى الذين يحسون بمرارتها.
حياتي كلها أمضيتها و أنا في صراعٍ معك ندَّاً لندٍّ. كثيرة هي المرَّات التي تلقَّيتُ فيها الهزيمة.
روحي، وهي أقدسُ ما عندي، أريد أن أعطيها برجولةٍ، بوقارٍ، واقفاً، مرفوع الرأس، بصورةٍ تليق بي، إنَّني لا أريد أن أستسلم. أريد أن أقدِّم روحي لك كما لو كنت أقدِّم لك هديَّة تذكارية.
و مقابل هذا إذا أخذتني بعد أن تتسلَّم قلمي الذي كان سيفاً على الدَّوام بيديك الاثنتين بكلِّ إجلالٍ لتضعه فوق رأسكَ بإكبارٍ، فكن مفعماً بالاحترام أمام الروح النقية الشفافة التي دأبت كل حياتها على زيادة نقائها و شفافيتها، مثلما أنا ممتلئ احتراماً لك. لم يسمعني أحدٌ و أنا أتأفَّف فلا تجعلني أتأفَّف منك.
تعال في واحدة من لحظاتي العادية، الآن حين يكون القلم بيدي و الآلة الكاتبة أمامي. و الأوراق بجانبي. لا أريد أن تأتيني و أنا بطلٌ، لا، و لا و أنا غائبٌ عن الوعي. تعال ليلاً، و إذا شئت تعال نهاراً. تعال في الصيف. أو في الشتاء، إنَّ بابي و قلبي مفتوحان لك! يكفي ألَّا تجعلني أستصغر نفسي، يكفي ألَّا تضطرَّني إلى طلب الماء من أحدٍ، ألَّا تضطرَّني إلى طلب المساعدة. ألم نتصارع معاً برجولةٍ؟ ألستُ جديراً بأن أطالبك بكل هذا؟ إذا كنتَ مصرَّاً على جعلي أتأفَّف، فعلى الأقلِّ أرجوك أن تجعلني أفعلُ ذلك بيني و بينك فلا يسمعُ تأفُّفي أحدٌ غيرُنا.
كلانا مناضلٌ ثبت في وجه غريمه، كلانا كافح الآخر كلَّ هذه السنين دونَ توقُّفِ.
ولعلِّي أشير هنا إلى أنَّ نضالي كان أعظمَ و أكبرَ من نضالكَ أنتَ، ذلك لأنَّك كنت واثقاً من البداية من أنَّ النصر في النهاية سيكونُ، مهما حصل، إلى جانبك. في حين كنتُ أنا أعلم علمَ اليقين بأنَّ الهزيمة في نهاية المطافِ ستكونُ من نصيبي.
أريد أن أكون جديراً بالموت مثلما كنت جديراً بالحياة، لقد عملتُ و ناضلت كي أكون جديراً بالحياة فكنتُ جديراً بها. بقي الآن أن أكون جديراً بالموت.
اعترف لي بهذا الحقِّ! إنِّني بذلت كلَّ ما استطعتُ من جهدٍ لأضيفَ ألواناً أخرى من الجمال إلى هذا العالم المفعم بآياتٍ لا حصر لها من الجمال، هل يحقُّ لنا أن نلغي وجود جزيرة جميلةٍ لا حدَّ لها لأنها أصغر من أن نراها واضحةً في الأطالس؟ إنَّ مساهمتي موجودة، وإن كانت صغيرةً و متواضعةً لا تظهرُ على صفحاتِ الأطالس .
تسألني: ماذا فعلتَ؟
فإليك جوابي:
سيميائيو* العصور الوسطى عجزوا عن قَلْبِ الحجر إلى ذهبٍ. أمَّا أنا فسيميائي نجح في قَلْبِ دموعه إلى ضحكاتِ قدَّمها للعالم.
أيُّها الموتُ: تعال باحترام، فأنا في انتظارك!
ــــــــــــــــــــــــــ
* السِّيمياء: السحر و حاصله إحداث خيالاتٍ وهميةٍ لا وجود لها في الحسِّ، والسيميائيون: من مارسوا السيمياء، و أكثر ما اهتمُّوا به تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب