ساعد وطني
30-12-2012, 03:41 AM
د.خالد صالح الحميدي
يُروى أن امرأة قالت للشافعي: ''إِنَّ النِّساءَ رياحينُ خُلِقْنَ لكم، وكلُّكُم يَشْتَهي شمَّ الرَّياحينِ''.. من منَّا، نحن بني آدم، لا يميل إلى بنات حواء كسكن؟ سُنَّة الله في خلقه سبحانه.. ولولا اختلاف طبيعتهن عنّا، لما تحقّق هذا الميل، فالاختلاف هنا أصل لهذا ''السكن''، كما أن الاختلاف أصل للإيمان!
وأصل القصة، أن أبانا آدم، وهو في الجنة، استوحش الوحدة! فآنسه ربّه بمخلوق من نفسه، لا بل من جسده.. حواء، لتتحقق المودة والرحمة والألفة بينهما، كما جاء في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، خلقها - سبحانه وتعالى - من ضلع آدم، الأقصر الأيسر، كما جاء في تفسير ابن كثير، والأقرب إلى قلبه.. بعد أن ألقى عليه النوم حتى لا يشعر بألم خلقها منه فيكرهها! هذا الألم الذي تَتَقَبَّله المرأة بفطرتها، وهي تلد، صاحية، كي تزداد حباً وعطفاً والتصاقاً بمولودها! فحري بالمرأة أن تكون سكناً للرجل، ولولا هذا السكن، لفسدت الحياة، ولما عُمِّرت الأرض وتتابعت الأجيال!
ولقد أُمرنا، نحن بنو آدم، أن نعاشر بنات حواء بالمعروف، بعد أن بيَّن لنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – طبيعتهن: ''وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا'' (الشيخان)، كوصية لكل رجل، زوجا كان أو أبا أو أخا..
وهذا الضلع الأعوج، القصير والأيسر، خلقه الله، لحماية القلب.. وكفى بنا أن نتحسَّس هذا الضلع، الذي يُنْشَرُ في العمليات الجراحية لتطبيب القلوب العليلة! لمعرفة منافعه.. فلولا وجوده لنزف القلب عند أخف ضربة! وإذا كان هذا الضلع حامياً للقلب من الأمام.. فاعوجاجه، وهنا بيت القصيد، حماية للقلب، أيضاً، من الخلف.. فتخرج حواء، في نهاية التحليل، بعيدة عن صفة ''الاعوجاج''، كما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، فهي، كما قال الشعراوي: ليست ''ضلعاً أعوج''، بل حامية لقلب زوجها، من الأمام ومن الخلف.. لا بل من كل الاتجاهات!
أنا شخصياً، كابن لأبي آدم، أحبُّ هذا ''الاعوجاج'' بمعناه الرباني، وكما فسَّره ''أمين وحي السماء'' - صلى الله عليه وسلم، كمصدر للعاطفة الجياشة، كما عند كثير من المفسرين، التي قد تغلب على عقل بنت حواء.. كون هذه الغلبة مفتاحا لتحقيق المهام الموكولة إليها، إذ، جلها مبني على العاطفة.. فهي تعطيني ما ينقصني، واستمتع بهذا العطاء، بل أطلبه حثيثاً، ليل نهار.. سواء كانت هذه العاطفة ناقصة أو زائدة.. وسواء كانت بلسان ''أعوج'' أو بمزاج ''أعرج''! لأنني أشعر بأن كمال السعادة الزوجية لا تتحقق إلا فيما قصده الله – عز وجل – في الاختلاف الخلاّق للخلق، كسُنَّة كونية وشرعية، ولولا هذا الاختلاف لما كان للحياة الزوجية معنى.. لا بل، لما كان للإيمان وجوداً..!؟ فلماذا لا ''نستمتع'' بهذا ''الاعوجاج''، الذي هو بمعنى الاختلاف، فلا نكسره بالطلاق؟ ففي الحديث: ''إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا'' (مسلم).
وإذا كانت طبيعة الرجل القوة، وغلبة ورجاحة العقل على العاطفة، لأنه هو القائد والمعلم والتاجر، والمزارع والحداد، فلماذا لا ندع غلبة العاطفة لدى النساء تأخذ مداها؟ هذه العاطفة القائمة على هذا الاختلاف كنبع للحب والتضحية، كمميزات خاصة بالمرأة، بها تحمي زوجها، وبيتها، ومجتمعها.. فيتحقق التكامل؟!
ثم، ألا يكفي فخراً للنساء أن من أرحامهن يخرج الرجال، و''باعوجاجهن'' يُخرِّجن الأجيال..؟ ويا لها من مهمات تفوق بأهميتها مهام ''استقامة'' الرجال! لا بل، الجنة تحت أقدامهن، والابنة وقاية للأب من النار، ومن أكرمهن هو الكريم، ومن أهانهن فهو اللئيم.. وخيار الرجال خيارهم لنسائهن!
وما أهينت المرأة المسلمة إلا حين ركبت موجة التقليد للغرب، بلا وعي ولا تنسيق، بل، بلا إعداد لمواجهة الاحتمالات التي تترتب على هذا التقليد.. وها هي تدفع ثمن ذلك وهي تنافح لتتساوى مع الرجل ومهامه!
إن المرأة المسلمة لفي عزّ وسعادة وهناء، إذا التزمت بالفطرة التي فطرها الله عليها، وقامت بواجباتها، ونحَّت عنها تلك الهموم التي يريد الغرب أن يفرضها على حياتها، كما فرضها على نسائه، المتعبات المهانات العاملات الضائعات، في خضم الرأسمالية المادية التي فرضت عليهن ما لا يتلاءم مع فطرتهن الأصيلة!
يُروى أن امرأة قالت للشافعي: ''إِنَّ النِّساءَ رياحينُ خُلِقْنَ لكم، وكلُّكُم يَشْتَهي شمَّ الرَّياحينِ''.. من منَّا، نحن بني آدم، لا يميل إلى بنات حواء كسكن؟ سُنَّة الله في خلقه سبحانه.. ولولا اختلاف طبيعتهن عنّا، لما تحقّق هذا الميل، فالاختلاف هنا أصل لهذا ''السكن''، كما أن الاختلاف أصل للإيمان!
وأصل القصة، أن أبانا آدم، وهو في الجنة، استوحش الوحدة! فآنسه ربّه بمخلوق من نفسه، لا بل من جسده.. حواء، لتتحقق المودة والرحمة والألفة بينهما، كما جاء في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، خلقها - سبحانه وتعالى - من ضلع آدم، الأقصر الأيسر، كما جاء في تفسير ابن كثير، والأقرب إلى قلبه.. بعد أن ألقى عليه النوم حتى لا يشعر بألم خلقها منه فيكرهها! هذا الألم الذي تَتَقَبَّله المرأة بفطرتها، وهي تلد، صاحية، كي تزداد حباً وعطفاً والتصاقاً بمولودها! فحري بالمرأة أن تكون سكناً للرجل، ولولا هذا السكن، لفسدت الحياة، ولما عُمِّرت الأرض وتتابعت الأجيال!
ولقد أُمرنا، نحن بنو آدم، أن نعاشر بنات حواء بالمعروف، بعد أن بيَّن لنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – طبيعتهن: ''وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا'' (الشيخان)، كوصية لكل رجل، زوجا كان أو أبا أو أخا..
وهذا الضلع الأعوج، القصير والأيسر، خلقه الله، لحماية القلب.. وكفى بنا أن نتحسَّس هذا الضلع، الذي يُنْشَرُ في العمليات الجراحية لتطبيب القلوب العليلة! لمعرفة منافعه.. فلولا وجوده لنزف القلب عند أخف ضربة! وإذا كان هذا الضلع حامياً للقلب من الأمام.. فاعوجاجه، وهنا بيت القصيد، حماية للقلب، أيضاً، من الخلف.. فتخرج حواء، في نهاية التحليل، بعيدة عن صفة ''الاعوجاج''، كما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، فهي، كما قال الشعراوي: ليست ''ضلعاً أعوج''، بل حامية لقلب زوجها، من الأمام ومن الخلف.. لا بل من كل الاتجاهات!
أنا شخصياً، كابن لأبي آدم، أحبُّ هذا ''الاعوجاج'' بمعناه الرباني، وكما فسَّره ''أمين وحي السماء'' - صلى الله عليه وسلم، كمصدر للعاطفة الجياشة، كما عند كثير من المفسرين، التي قد تغلب على عقل بنت حواء.. كون هذه الغلبة مفتاحا لتحقيق المهام الموكولة إليها، إذ، جلها مبني على العاطفة.. فهي تعطيني ما ينقصني، واستمتع بهذا العطاء، بل أطلبه حثيثاً، ليل نهار.. سواء كانت هذه العاطفة ناقصة أو زائدة.. وسواء كانت بلسان ''أعوج'' أو بمزاج ''أعرج''! لأنني أشعر بأن كمال السعادة الزوجية لا تتحقق إلا فيما قصده الله – عز وجل – في الاختلاف الخلاّق للخلق، كسُنَّة كونية وشرعية، ولولا هذا الاختلاف لما كان للحياة الزوجية معنى.. لا بل، لما كان للإيمان وجوداً..!؟ فلماذا لا ''نستمتع'' بهذا ''الاعوجاج''، الذي هو بمعنى الاختلاف، فلا نكسره بالطلاق؟ ففي الحديث: ''إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا'' (مسلم).
وإذا كانت طبيعة الرجل القوة، وغلبة ورجاحة العقل على العاطفة، لأنه هو القائد والمعلم والتاجر، والمزارع والحداد، فلماذا لا ندع غلبة العاطفة لدى النساء تأخذ مداها؟ هذه العاطفة القائمة على هذا الاختلاف كنبع للحب والتضحية، كمميزات خاصة بالمرأة، بها تحمي زوجها، وبيتها، ومجتمعها.. فيتحقق التكامل؟!
ثم، ألا يكفي فخراً للنساء أن من أرحامهن يخرج الرجال، و''باعوجاجهن'' يُخرِّجن الأجيال..؟ ويا لها من مهمات تفوق بأهميتها مهام ''استقامة'' الرجال! لا بل، الجنة تحت أقدامهن، والابنة وقاية للأب من النار، ومن أكرمهن هو الكريم، ومن أهانهن فهو اللئيم.. وخيار الرجال خيارهم لنسائهن!
وما أهينت المرأة المسلمة إلا حين ركبت موجة التقليد للغرب، بلا وعي ولا تنسيق، بل، بلا إعداد لمواجهة الاحتمالات التي تترتب على هذا التقليد.. وها هي تدفع ثمن ذلك وهي تنافح لتتساوى مع الرجل ومهامه!
إن المرأة المسلمة لفي عزّ وسعادة وهناء، إذا التزمت بالفطرة التي فطرها الله عليها، وقامت بواجباتها، ونحَّت عنها تلك الهموم التي يريد الغرب أن يفرضها على حياتها، كما فرضها على نسائه، المتعبات المهانات العاملات الضائعات، في خضم الرأسمالية المادية التي فرضت عليهن ما لا يتلاءم مع فطرتهن الأصيلة!