محمد المهنا
22-01-2013, 08:26 AM
ساعةٌ عذبةُ في ضيافة العالم الراحل د. عمر الأشقر - رحمه الله -
http://www.alraidiah.org/up/up/31329105820110814.jpg
بقلم : محمد بن سليمان المهنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد منَّ الله تعالى عليّ وأكرمني بالحرص عند دخولي بلداً من بلاد المسلمين على لقاء أكابر أهل العلم والفضل فيه , وقد تيسّر لي من تلك اللقاءات قدرٌ صالحٌ ولله الحمد ، فمن ذلك : لقاء أمير المؤمنين في الحديث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في بيته بعمّان والشيخ محمد إبراهيم شقرة تلميذه ورفيق عمره ، ولقاء المحقق الشهير الشيخ شعيب الأرناؤوط والمحقق الشهير الشيخ مشهور حسن سلمان ثلاثتهم بعمّان أيضاً ، ولقاء المُسند المعمّر الذي أربى على المئة بعشر سنين الشيخ محمد فؤاد الزبداني تلميذ الإمام بدر الدين الحسني بدمشق ، ولقاء العالم الكبير المعمَّر محمد بن إسماعيل العمراني وصديقه العلامة المؤرخ القاضي إسماعيل الأكوع رحمه كلاهما بصنعاء ، والشيخ العالم الأديب أحمد بن حسن المعلم بالمكلا من أعمال حضرموت ، والعالم الكبير محمد الأمين أبو خبزه بتطوان بالمغرب ، والشيخ العلّامة مصطفى حلمي شيخ مشايخ السلفية بالاسكندرية ، والشيخ العلامة أبو اسحاق الحويني بكفر الشيخ بمصر ، وغيرهم كثير من العلماء والمسندين وطلبة العلم والدعاة
كما لقيتُ عدداً من القراء الكبار كالعلّامة المعمّر إمام عصره في القراءات الشيخ إبراهيم السمنّودي ، وكشيخ المقارئ المصرية الشيخ الدكتور أحمد المعصرواي ، والقارئ الشهير محمود الطبلاوي ، والقارئ المعمّر محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الإبراهيمي بمدينة القدس ، والشيخ يحيى الحليلي شيخ القراء باليمن ، وغيرهم من جِلّة أهل العلم والحمد لله
ومن أجلّ من لقيتُ من العلماء الذين لهم الأثر البيّن في الأمة صاحبُ الفضل والفضيلة العالم الجليل الشيخ الدكتور عمر بن سليمان الأشقر بمنزله بمدينه عمّان الأردنيّة حرسها الله وعمرها بالطاعة ، وذلك قبل موته بثلاثة أشهر رحمه الله
وقد كنت أتمنى رؤية هذا الشيخ بعدما قرأتُ كتبه التي أكاد أجزم
بأنها أشهر كتب العقيدة التي صُنّفت في عصرنا ، وهي ( سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة ) ، وقد بلغت ثمانية أجزاء انتشرت في العالم الاسلامي انتشاراً كبيراً جداً وانتفع بها خلق كثير من الناس ولله الحمد
استأذنّا الشيخ بواسطة أحد معارفه فأذنَ لنا مشكوراً بزيارته رغم معاناته لمرض السرطان الذي أنهك قوته ، فقدمنا إليه ضحى يوم الأحد 22/6/1433 هـ
دخلنا على الشيخ وكنا ثلاثة : د. محمد العريفي ود. عبدالعزيز عرب وأنا فاستقبلنا بوجهه البشوش ومحيّاه الوقور ورحّب بنا ،
وسألناه عن صحته وأحواله فكان يلهج بالحمد والشكر لله رب العالمين
ثم سألناه عن شيء من خبره ومسيرة حياته : مولده ونشأته وطلبه للعم وأشياخه فتكلم في ذلك وأفاض ، وكان جُلّ حديثه عن نشأته العلمية في كنف شيخه الجليل الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
ذكر لنا الشيخ حفظهُ الله أنه من مواليد برقة بمحافظة نابلس - فلسطين عام 1940م – 1360 هـ وأنه نشأ في أسرة علم ، فأخوه هو الشيخ الفقية الأصولي المفسّر محمد بن سليمان الأشقر (صاحب زبدة التفسير) وغيره من التصانيف ، وهو أكبر من الشيخ عمر بعشر سنين رحمه الله وغفر له ، وأخوهما الأكبر هو الشيخ عبدالقادر من قدماء من تتلمذوا على الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعوديه وعلى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله
حدّثنا الشيخ عمر بأنه خرج إلى الرياض لطلب العلم وهو في الثالثة عشرة من عمره وكان أخواه عبدالقادر ومحمد قد سبقاه إلى هناك للدراسة على علماء البلاد السعودية لا سيّما الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله
يقول الشيخُ عمرُ : أتيتُ الرياض عام 1953 م وكنتُ في الثالثة عشر من العمر وكان أخواي عبدالقادر ومحمد ملازمَيْن للشيخ ابن باز فدخلت معهم وصرت ملازماً للشيخ أحضر دروسه وأقرأ بعض الكتب عليه
أذكرُ أني أول ما دخلتُ عليه -وكنت شاباً صغيراً لكني كنت طويلا- فسلّمتُ عليه فقال أخي : هذا أخونا الأصغر عمر ، فصافحني الشيخ وتحسس كتفي ورأسي فوجدني طويلاً فأنشد البيت المعروف :
فجاءت به سبطً العظام كأنما ** عمامته بن الرجال لواءُ
ثم سألني عن اسمي وأهلي وحالي وهذه عادة الشيخ رحمه الله مع من يزوره ، كان لطيفاً معهم يهتم بهم ويحرص على سؤالهم عن أسمائهم وأهليهم وأحوالهم
ثم أفاض الشيخ عمر في الحديث عن شيخه ابن باز رحمه الله فقال :
كان الشيخ ابن باز فريد عصره , كان فيه من الصفات الطيبة مالم يجتمع لأحد غيره ، كان كريماً سمحاً متواضعاً طيب المعشر زاهداً في الدنيا لا يلتفت إليها ولا يهتم بجمعها بل كان ينفق ما في يده على ضيوفه وأصحابه , كان بيته حافلاً بالضيوف من جميع الأجناس ، لابد أن تجد في البيت عشرين إلى ثلاثين رجلاً يشاركونه مجلسه وطعامه وشرابه وبعضهم يبيت عنده وغالبهم من الضيوف الذين يقيمون مدة ثم يرحلون
كان حريصاً على مساعدة الناس قدر استطاعته يعطيهم من ماله ويطلب لهُم صدقات التجار وكان ينفق أكثر راتبه في ذلك ولم يكن له من حظوظ الدنيا والرغبة من الاستكثار منها شي
لما صار الشيخ رئيساً للجامعة الإسلامية قال لي وأنا طالبٌ في السنة الأولى من الجامعة ( بالانتساب ) قال لي : يا عمر ، لم لا تتوظف ؟ فقلت : أنا لا أحب الوظائف الإدارية ، ومستواي الدراسي لا يسمح لي بأن أكون معيداً في الجامعه ، لذا لا أرغبُ في الوظيفة .. ثم تذكرتُ فقلتُ : إلا إن كنتَ ستوظفني أميناً لمكتبة الجامعة ؟ فقال : نعم , وظيفة أمين المكتبه شاغرة ، ثم أمرَ بتعييني اميناً للمكتبة
كنتُ لصيقاً بالشيخ أنام في بيته وأذهب إلى الدوام في سيارته وكنت أقرأ عليه بعضَ الكتب فقَد كان وقت الشيخِ كله للعلم ونفع الناس
دعاه أخي محمدٌ إلى زيارة بيته ( وأخي محمد من تلاميذه قرأ عليه المغني في الفقة ثلاث سنين ) فجآءَ الشيخ إلى بيت أخي فلما جلس قال -كما هي عادته- أحضروا لنا كتاب البداية والنهاية ، ثم أمرني بأن أقرأ عليه ، فقرأتُ ومررتُ على مواضع من كلام بعض الصالحين فتأثر الشيخ وبكى في المجلس
كان الشيخ يهتم بأحوال المسلمين ويسعى لنفعهم , أذكرُ مرةً أنّ امرأةً أرسلت رسالة من مصر ذكرت فيها فقرها الشديد فجمع لها الشيخ مبلغَ اثني عشرَ الفاً وكان هذا المبلغ كبيراً في ذلك الوقت ، فقيل له يا شيخ : هذا المبلغ كبير ، وحاجة هذه المرأة أقل من ذلك ، فقال : أعطوها المبلغ .. هذه فقيرةٌ محتاجة ونحن مسؤولون عنها
كان رحمه الله سمحاً كريماً ، جآءهُ مديرُ مكتبه غاضباً فقال : جارنا اعتدى على جزءٍ من أرضنا ( يقصد أرضاً للشيخ مجاورة لبيته ) اعتدى عليها فبنى عليها وأخذَ يتكلمُ بغضب فقال الشيخ بهدوء : الأمر سهل .. هذي الساعة المباركة .. هذولا جيران ولهم حق .. الله يجعلها مباركةً عليهم .. ما نبي من وراهم شيّ !
ثمّ أخبرنا الشيخ عمر عن دراسته على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية فقال : حضرتُ للشيخ دروساً قليلة وكان سبب اتصالي به شيخنا الشيخ صالح بن حسين العراقي وهو تلميذٌ للشيخ ابن باز وتلميذٌ كذلك للشيخ محمد بن إبراهيم
ومن عجائب ما رأيت من الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أنه كان حادّ الذكاء قوي الحفظِ رحمهُ الله
أذكُر مرة أني حضرت له درساً في الفرائِض فلما فرغ الشيخ من درسه بدأ يطرح أسئلته على تلاميذه وكانوا واحداً وعشرين طالباً ، بدأ بالأول فقال : من أنت ؟ ( وكان الشيخ محمد كفيفاً ) فقال الطالب : فلان ، فأعطاه الشيخ مسألة في الفرائض ثم قال لمن بعده : من ؟
فقال فلان فأعطاه مسألة ، وهكذا حتى أتى على جميع الطلاب ، فلما فرغ من المسائل رجع إلى الطالب الأول فقال فلان وش جوابك ؟ ثم الثاني والثالث حتى أتى عليهم كلهم ولم ينس اسم واحد منهم ولا موقعه ولا مسألته !
أخذ الشيخ عمر في الكلام عن شيوخه وأفاض في ذلك حتى شعرنا أنه تعب فاستأذناه في الانصراف فقام إلى مكتبته وأهدى إلينا شيئأ من كتبه ممهورة بتوقيعه ، ثم قبّلنا رأسه وودّعناه وقد عمر السرور قلوبنا برؤية عالم جليل من علماء الأمة العاملين .
الله اغفر لعبدك الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، وانفع بعلمه وآثاره الإسلام والمسلمين . اللهم آمين
ـــــــــــــــ مقالات أخرى للكاتب ــــــــــــــــ
هدية العيد : بيني وبين الشيخ محمد الفراج
(http://http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=150181)
المتفق والمفترق من أسماء الأعيان
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=149634)
الشيخ سلمان العودة يكشف سبب انحراف عبدالله القصيمي وإلحاده
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=148686)
التغريدات الخمسون عن الهيئة المفخرة [أطباء عبر القارات]
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=147208)
ماذا تعرفون عن اللبنانية سمر ..!؟
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=139936)
* قصة إسلام الشيخ يوسف استس الأمريكي (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=115172)
* الدمعـــة الألبانيـــــــــة (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=115406)
* دقيقة في منزل الشيخ الألباني ..!! (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=120838)
* بمناسبة 11 سبتمبر : مشاهدات داعية شهد تلك الحقبة في الولايات المتحدة الأمريكية (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=116773)
http://www.alraidiah.org/up/up/31329105820110814.jpg
بقلم : محمد بن سليمان المهنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد منَّ الله تعالى عليّ وأكرمني بالحرص عند دخولي بلداً من بلاد المسلمين على لقاء أكابر أهل العلم والفضل فيه , وقد تيسّر لي من تلك اللقاءات قدرٌ صالحٌ ولله الحمد ، فمن ذلك : لقاء أمير المؤمنين في الحديث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في بيته بعمّان والشيخ محمد إبراهيم شقرة تلميذه ورفيق عمره ، ولقاء المحقق الشهير الشيخ شعيب الأرناؤوط والمحقق الشهير الشيخ مشهور حسن سلمان ثلاثتهم بعمّان أيضاً ، ولقاء المُسند المعمّر الذي أربى على المئة بعشر سنين الشيخ محمد فؤاد الزبداني تلميذ الإمام بدر الدين الحسني بدمشق ، ولقاء العالم الكبير المعمَّر محمد بن إسماعيل العمراني وصديقه العلامة المؤرخ القاضي إسماعيل الأكوع رحمه كلاهما بصنعاء ، والشيخ العالم الأديب أحمد بن حسن المعلم بالمكلا من أعمال حضرموت ، والعالم الكبير محمد الأمين أبو خبزه بتطوان بالمغرب ، والشيخ العلّامة مصطفى حلمي شيخ مشايخ السلفية بالاسكندرية ، والشيخ العلامة أبو اسحاق الحويني بكفر الشيخ بمصر ، وغيرهم كثير من العلماء والمسندين وطلبة العلم والدعاة
كما لقيتُ عدداً من القراء الكبار كالعلّامة المعمّر إمام عصره في القراءات الشيخ إبراهيم السمنّودي ، وكشيخ المقارئ المصرية الشيخ الدكتور أحمد المعصرواي ، والقارئ الشهير محمود الطبلاوي ، والقارئ المعمّر محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الإبراهيمي بمدينة القدس ، والشيخ يحيى الحليلي شيخ القراء باليمن ، وغيرهم من جِلّة أهل العلم والحمد لله
ومن أجلّ من لقيتُ من العلماء الذين لهم الأثر البيّن في الأمة صاحبُ الفضل والفضيلة العالم الجليل الشيخ الدكتور عمر بن سليمان الأشقر بمنزله بمدينه عمّان الأردنيّة حرسها الله وعمرها بالطاعة ، وذلك قبل موته بثلاثة أشهر رحمه الله
وقد كنت أتمنى رؤية هذا الشيخ بعدما قرأتُ كتبه التي أكاد أجزم
بأنها أشهر كتب العقيدة التي صُنّفت في عصرنا ، وهي ( سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة ) ، وقد بلغت ثمانية أجزاء انتشرت في العالم الاسلامي انتشاراً كبيراً جداً وانتفع بها خلق كثير من الناس ولله الحمد
استأذنّا الشيخ بواسطة أحد معارفه فأذنَ لنا مشكوراً بزيارته رغم معاناته لمرض السرطان الذي أنهك قوته ، فقدمنا إليه ضحى يوم الأحد 22/6/1433 هـ
دخلنا على الشيخ وكنا ثلاثة : د. محمد العريفي ود. عبدالعزيز عرب وأنا فاستقبلنا بوجهه البشوش ومحيّاه الوقور ورحّب بنا ،
وسألناه عن صحته وأحواله فكان يلهج بالحمد والشكر لله رب العالمين
ثم سألناه عن شيء من خبره ومسيرة حياته : مولده ونشأته وطلبه للعم وأشياخه فتكلم في ذلك وأفاض ، وكان جُلّ حديثه عن نشأته العلمية في كنف شيخه الجليل الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
ذكر لنا الشيخ حفظهُ الله أنه من مواليد برقة بمحافظة نابلس - فلسطين عام 1940م – 1360 هـ وأنه نشأ في أسرة علم ، فأخوه هو الشيخ الفقية الأصولي المفسّر محمد بن سليمان الأشقر (صاحب زبدة التفسير) وغيره من التصانيف ، وهو أكبر من الشيخ عمر بعشر سنين رحمه الله وغفر له ، وأخوهما الأكبر هو الشيخ عبدالقادر من قدماء من تتلمذوا على الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعوديه وعلى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله
حدّثنا الشيخ عمر بأنه خرج إلى الرياض لطلب العلم وهو في الثالثة عشرة من عمره وكان أخواه عبدالقادر ومحمد قد سبقاه إلى هناك للدراسة على علماء البلاد السعودية لا سيّما الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله
يقول الشيخُ عمرُ : أتيتُ الرياض عام 1953 م وكنتُ في الثالثة عشر من العمر وكان أخواي عبدالقادر ومحمد ملازمَيْن للشيخ ابن باز فدخلت معهم وصرت ملازماً للشيخ أحضر دروسه وأقرأ بعض الكتب عليه
أذكرُ أني أول ما دخلتُ عليه -وكنت شاباً صغيراً لكني كنت طويلا- فسلّمتُ عليه فقال أخي : هذا أخونا الأصغر عمر ، فصافحني الشيخ وتحسس كتفي ورأسي فوجدني طويلاً فأنشد البيت المعروف :
فجاءت به سبطً العظام كأنما ** عمامته بن الرجال لواءُ
ثم سألني عن اسمي وأهلي وحالي وهذه عادة الشيخ رحمه الله مع من يزوره ، كان لطيفاً معهم يهتم بهم ويحرص على سؤالهم عن أسمائهم وأهليهم وأحوالهم
ثم أفاض الشيخ عمر في الحديث عن شيخه ابن باز رحمه الله فقال :
كان الشيخ ابن باز فريد عصره , كان فيه من الصفات الطيبة مالم يجتمع لأحد غيره ، كان كريماً سمحاً متواضعاً طيب المعشر زاهداً في الدنيا لا يلتفت إليها ولا يهتم بجمعها بل كان ينفق ما في يده على ضيوفه وأصحابه , كان بيته حافلاً بالضيوف من جميع الأجناس ، لابد أن تجد في البيت عشرين إلى ثلاثين رجلاً يشاركونه مجلسه وطعامه وشرابه وبعضهم يبيت عنده وغالبهم من الضيوف الذين يقيمون مدة ثم يرحلون
كان حريصاً على مساعدة الناس قدر استطاعته يعطيهم من ماله ويطلب لهُم صدقات التجار وكان ينفق أكثر راتبه في ذلك ولم يكن له من حظوظ الدنيا والرغبة من الاستكثار منها شي
لما صار الشيخ رئيساً للجامعة الإسلامية قال لي وأنا طالبٌ في السنة الأولى من الجامعة ( بالانتساب ) قال لي : يا عمر ، لم لا تتوظف ؟ فقلت : أنا لا أحب الوظائف الإدارية ، ومستواي الدراسي لا يسمح لي بأن أكون معيداً في الجامعه ، لذا لا أرغبُ في الوظيفة .. ثم تذكرتُ فقلتُ : إلا إن كنتَ ستوظفني أميناً لمكتبة الجامعة ؟ فقال : نعم , وظيفة أمين المكتبه شاغرة ، ثم أمرَ بتعييني اميناً للمكتبة
كنتُ لصيقاً بالشيخ أنام في بيته وأذهب إلى الدوام في سيارته وكنت أقرأ عليه بعضَ الكتب فقَد كان وقت الشيخِ كله للعلم ونفع الناس
دعاه أخي محمدٌ إلى زيارة بيته ( وأخي محمد من تلاميذه قرأ عليه المغني في الفقة ثلاث سنين ) فجآءَ الشيخ إلى بيت أخي فلما جلس قال -كما هي عادته- أحضروا لنا كتاب البداية والنهاية ، ثم أمرني بأن أقرأ عليه ، فقرأتُ ومررتُ على مواضع من كلام بعض الصالحين فتأثر الشيخ وبكى في المجلس
كان الشيخ يهتم بأحوال المسلمين ويسعى لنفعهم , أذكرُ مرةً أنّ امرأةً أرسلت رسالة من مصر ذكرت فيها فقرها الشديد فجمع لها الشيخ مبلغَ اثني عشرَ الفاً وكان هذا المبلغ كبيراً في ذلك الوقت ، فقيل له يا شيخ : هذا المبلغ كبير ، وحاجة هذه المرأة أقل من ذلك ، فقال : أعطوها المبلغ .. هذه فقيرةٌ محتاجة ونحن مسؤولون عنها
كان رحمه الله سمحاً كريماً ، جآءهُ مديرُ مكتبه غاضباً فقال : جارنا اعتدى على جزءٍ من أرضنا ( يقصد أرضاً للشيخ مجاورة لبيته ) اعتدى عليها فبنى عليها وأخذَ يتكلمُ بغضب فقال الشيخ بهدوء : الأمر سهل .. هذي الساعة المباركة .. هذولا جيران ولهم حق .. الله يجعلها مباركةً عليهم .. ما نبي من وراهم شيّ !
ثمّ أخبرنا الشيخ عمر عن دراسته على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية فقال : حضرتُ للشيخ دروساً قليلة وكان سبب اتصالي به شيخنا الشيخ صالح بن حسين العراقي وهو تلميذٌ للشيخ ابن باز وتلميذٌ كذلك للشيخ محمد بن إبراهيم
ومن عجائب ما رأيت من الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أنه كان حادّ الذكاء قوي الحفظِ رحمهُ الله
أذكُر مرة أني حضرت له درساً في الفرائِض فلما فرغ الشيخ من درسه بدأ يطرح أسئلته على تلاميذه وكانوا واحداً وعشرين طالباً ، بدأ بالأول فقال : من أنت ؟ ( وكان الشيخ محمد كفيفاً ) فقال الطالب : فلان ، فأعطاه الشيخ مسألة في الفرائض ثم قال لمن بعده : من ؟
فقال فلان فأعطاه مسألة ، وهكذا حتى أتى على جميع الطلاب ، فلما فرغ من المسائل رجع إلى الطالب الأول فقال فلان وش جوابك ؟ ثم الثاني والثالث حتى أتى عليهم كلهم ولم ينس اسم واحد منهم ولا موقعه ولا مسألته !
أخذ الشيخ عمر في الكلام عن شيوخه وأفاض في ذلك حتى شعرنا أنه تعب فاستأذناه في الانصراف فقام إلى مكتبته وأهدى إلينا شيئأ من كتبه ممهورة بتوقيعه ، ثم قبّلنا رأسه وودّعناه وقد عمر السرور قلوبنا برؤية عالم جليل من علماء الأمة العاملين .
الله اغفر لعبدك الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، وانفع بعلمه وآثاره الإسلام والمسلمين . اللهم آمين
ـــــــــــــــ مقالات أخرى للكاتب ــــــــــــــــ
هدية العيد : بيني وبين الشيخ محمد الفراج
(http://http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=150181)
المتفق والمفترق من أسماء الأعيان
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=149634)
الشيخ سلمان العودة يكشف سبب انحراف عبدالله القصيمي وإلحاده
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=148686)
التغريدات الخمسون عن الهيئة المفخرة [أطباء عبر القارات]
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=147208)
ماذا تعرفون عن اللبنانية سمر ..!؟
(http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=139936)
* قصة إسلام الشيخ يوسف استس الأمريكي (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=115172)
* الدمعـــة الألبانيـــــــــة (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=115406)
* دقيقة في منزل الشيخ الألباني ..!! (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=120838)
* بمناسبة 11 سبتمبر : مشاهدات داعية شهد تلك الحقبة في الولايات المتحدة الأمريكية (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=116773)