مشاهدة النسخة كاملة : روآيةْ سجَينَآت خَلف قُضْبآنْ القُصُور .
زورق الندى
22-01-2013, 08:55 PM
رواآية سجينات خلف قضبان القصور كاملة
للكاتبة : •غٌـمـوضٌ الــورد
الجزء الأول
[ الفصل الاول ]
21_158.gif
الصيف راح وزمهرير الشتـا حـلّ
وانا فقيـرة حـال وَاهْلِـي فَقَـارَا
ياشاعري عن مَطْلَبِي لَلْبَشَـرْ : قِـلّ
نورة تِبِيْ، مِعْطَفْ هنـادي، وِيَـارا
لو يوم واحد بَدْفِـنْ الفقـر وَافِـلّ
هذا الْحِجَاجْ اللـي كسـاه الغبـارا
وأدَوْس باقدامي على فَرْشَـة الـزّل
لو نصف يوم أهْجُرْ حيـاة الطُفَـارا
هذا الفقر مَـا كَـلّ مِنَـا وَلاَ مَـلّ
ولَـهْ سطـوةٍ جبّـارةٍ مَـا تُجَـارَا
بيِدْيه سَلّ الحـال ياشاعـري سَـلّ
ولبّـس عيونـي ليـل مالـه نهـارا
كم قِلْت لَهْ دِخِيْل رَبْ السما :حِـلّ
عنّا، وكـم صَيَّحْت،فيهـا جِهَـارا
وكم قِلْت لَهْ :فارق: عَنْ ارْوَاحَنَا :وَلّ
ويِقْبِـلْ عـدوٍّ مـن عـدوّه تثـارا
يا شاعري مِنْ تَلّـة اوْجَاعَنَـا طُـلّ
ومِدّ الْبَصَرْ دَاخِـلْ وِجِيْـه الْحيـارا
تلقى بِنَا : أعمى :وأطـرم :وِمِنْشَـلّ
وتلقى الأسَى يَسْكِنْ عيون الصغـارا
و تِلْقَى هَيَاكِلْ: نَاحِلَهْ مَا لَهَا ظِـلّ
عَنْهَا يطيـح مـن النحـول الأِزَارَا
تشرب قَهَرْ :والقـوت بَحْلَوْقَهَـا ذِلّ
ورغم الفقر تلبـس عبـاة الوقـارا
ومع كُلْ طَلْعَةْ شَمْس،تِنْدَاسْ:تِنْـذَلّ
والدين وصّى لاَ ضَـرَرْ: لاَ ضِـراراَ
مَامَرُّهُـمْ دِيْـم الْرَفَاهِيّـه وبَــلّ
ظُمَى الكبود إنْ كَانْ بَـلّ الصحـارا
حِنّا: وَطَنْ والفقر غـازي ومُحْتَـلّ
والْعِرْض عن عيـن الرذيلـه تِـوَارَا
نَعْرِفْ طريق المال ونشـوف وَنْـدِلّ
بس الثمن خُـزْي :وفضيحه:وعـارا
ونَخَافْ ثوب الْطُهرْ في يـوم يُبْتَـلّ
الفقـر كافـر :والمصايـب كبـارا
تِتِلّنِـا يُمْنـي الْفَقُـرْ للخطـا تَـلّ
بالنفس كسـر وبالعيـون انكسـارا
لو تصفع العابد يديـن الفقـر ضَـلّ
وصارت له قبـور الخطايـا مـزارا
ياشاعري سَوْلَفْت لك :جُزْء مِنْ كُلّ
عن فَقُرْ عَذْرا :كَمْ وَرَاهَـا عَـذَارا
وذولا يبيعـون المزايـيـن والْـبِـلّ
سَكْـرَةْ زَمَـنْ وِلاّ الأوادم سُكَـارا
ناَظِرْ عيونـي مَابَهَـا مَاطْـر ٍ هَـلّ
جفّـت سَحَايِبْهَـا بليـل السهـارا
وتبقى قضية فَقْرَنَـا مَـا لَهَـا حَـلّ
يَا شَاعِري مَا تْـت قُلـوب الغيـارا
ورَاحَتْ وانَا اقْول الْفَقُرْ شَخْص مُنْحَلّ
أبغـى أَدَارِيْهَـا وهِـيْ مَـا تُـدَارَا
أخاف اصَرّح ثُمْ عَلى راسـي اتْهِـلّ
سُحْب المصائب من يميـن ويسـارا
بَسْكِتْ وَبَبْلَعْهَا مِثِـلْ كَاتِـمْ الْغِـلّ
وأقـول ياربـي تعيـن الفـقـارا
وسلام :يا نَرْجِسْ: وِكَادِي :وِِيَا فُـلّ
وسلام يَا كِذْبَـة غِنَـى وازْدِهَـارا ...
المكان قرية " العتيق " 375 كم غرب مدينة الرياض ...
( اسم القرية من بنات افكاري فقط )
في بيت طين جدرانه متهالكة بسقفه الخشبي اللي يكاد يسقط عليهم ... وبإحدى
ليالي الشتاء الباردة ... تجمعو حول النار ينشدون الدفا من هذا البرد القارس..
بثيابهم البالية واللي بالكاد تسترهم ..
بوجه شاحب ملته تجاعيد الزمن وقفت تناظر عيالها .. اجساد نحيلة من الجوع ...
وملامح ارهقها الفقر والألم .. التفتت الى اصغر بناتها : منيرة روحي لم بيت عمتس
جيبي ملح ..
منيرة اللي قاعدة جنب موضي تزين لها شعرها جديلتين : يمه انا كل يوم اروح
قولي لسلمان ...
سلمان لزق في ابوه وبصراخ : مابي اروح انا بردان وماعندي شي يدفيني .. قولي لحصة !
ام راكان : حصة من تغطت ماعاد تروح بيت عمك هالحزة ..
حصة بفرح : الحمدلله هذا هي امي قالتها ..
ام راكان : يعني شلون تبوني اروح انا ؟
نورة قامت ومسكت يد امها : لا ارتاحي يالغالية انا بقوم اجيبه ..
ام راكان : وين تروحين يمتس بهالليول ؟
ارتسمت ابتسامة عذبة على شفايفها : يمه بيت عمي الباب بالباب .. اقعدي ولا يهمتس ..
لبست جلالها وطلعت لبيت عمها .. طقت الباب وفتح لها محمد ولد عمها ومن
شاف نورة توزى ورى الباب : هلا نورة آمري ؟
نورة : هلا بك محمد .. وين سارة ؟
محمد : حياتس ادخلي ..
دخلت الصالة وشافت عيال عمها بس ماشافت لا خالتها ولا سارة .. ودخلت
للغرفة الصغيرة اللي يقعدون فيها واللي بالكاد تحتمل وجود شخصين : سويرة ..
ارتاعت سارة والتفتت وراها : وجع .. " وطقتها على كتفها " ماتدرين اني اخاف ..
نورة بضحكة خفيفة : يقال لتس ماسمعتي الباب ..
سارة بتأفف : خير وش عندتس جايتني هالحزة ؟
نورة تكش عليها : من زينتس يوم اجي لتس .. " ومدت لها البيالة " خوذي حطي
لنا شوي ملح ..
سارة : من وين ياحسرة ؟ نورة احنا من اسبوعين ماطبخنا ولا عندنا شي نطبخه
لا جانا شي من عندكم كليناه وانتي تعرفين ..
نورة زفرت بوجع : ادري والله .. اليوم بعد بنقعد ماتعشينا ..
سارة : وش الجديد ؟ هذانا ننوم كل ليلة مانتعشى ..
نورة : اجل وش عندتس تحوسين ؟
سارة : بجيب لأمي لبن ..
نورة : خالتي قاعدة بالصالة ؟
سارة : لا تبي تنوم الحين من طلعة النور وهي قايمة ..
نورة : زين بروح لبيتنا .. الله يعين بس !
ورجعت للبيت يدينها خالية .. لمحت وجيههم تنتظر من عندها إجابة .. كلن منتظر
وش تجيب لهم : قاضي ملحهم من زمان ..
على طول صاح سلمان : يمه شلون ماناكل يعني ؟
ابو راكان بتذمر : بس اسكت ..هذا اللي الله كاتبه ..
منيرة شوي وتصيح : يبه تكفى خل سلمان يجيبه من دكان العم مرزوق ..
ابو راكان دخل يده بمخباة ثوبه البالي وقال بأسف : والله يابوتس ماعندي ريال
واحد ..
صاحت منيرة بعدها .. ولمتها موضي تسكتها : بس يامنيرة باتسر ان شاء الله
يجيب لنا العم مساعد كل اللي نبي ..
اكتسى الحزن وجيههم وبانت علامات البؤس والأسى ..صورة تتكرر كل ليلة ..
تمر عليهم ايامهم بدون وجبات رئيسية ..
قامت بعدها نورة خذت خواتها واخوها وراحو لغرفتهم الصغيرة .. اللي ينامون فيها كلهم ..
وعقبها نامو ام راكان وابو راكان بالصالة ..
غطت خواتها وسلمان وخذت لها فانوس وقعدت بزاوية الغرفة ... مسكت الثوب
الأسود والإبرة وقعدت تخيطه .. دموعها مو راضية توقف وهي تسمع شهقات
منيرة وسلمان اللي نامو وهم يصيحون من الجوع ..
................. : وشوله تصيحين ؟ على خبرتس هذا حالنا من ربي خلقنا ..
نورة : كسرو خاطري ياموضي ..
موضي : مردهم يتعودون مثل ماتعودنا .. هاتي اساعدتس !
نورة : ماتعرفين له ..
موضي : زين علميني ..
نورة : خليني هالمرة انا بخيطهن .. واذا باعتهن ابلة لمياء بعلمتس شلون وتساعديني
نخيط ثياب اكثر ونبيعهن .. لحفي حصة زين لا تمرض علينا ..
موضي وهي تغطي حصة : ادعي ربتس يمكن باتسر يصير احسن من اليوم ..
نورة بأسى : ياليت امي جابتني ولد ..
موضي : استغفري ربتس وش هالكلام ؟ هذي قسمة رب العالمين مايجوز تعترضين ..
نورة : استغفر الله العظيم .. شسوي ياموضي عازن علي عيشتنا ولا انتي عاجبتس
حالنا ؟
موضي : هذا هو راكان ولد وماتغير حالنا ..
نورة : راكان كمل دراسته وكلها سنتين ويتوظف ان شاء الله .. البلا احنا اللي حدنا
سادس ابتدائي ..
موضي : واذا توظف راكان وش نستفيد ؟ مانشوفه الا بالسنة مرتين ولا ثلاث ..
نورة : خوفي من ربتس لا تظلمينه حرام عليتس .. لولا الله ثم راكان كان متنا من
زمان .. مو كافي مايصرف علينا وعلى بيت عمي الا هو ..
نزلت دموع موضي غصب عنها : ذبحني الفقر يانورة ..
نورة : ذابحنا كلنا بس وش نسوي ؟ حيل الله اقوى .. خليني بس اشوف شغلي كود
يجينا رزق ماحسبنا له ..
موضي : ورى ماتنومين الحين ؟ ومن اصبح افلح ..
نورة : نومي انتي .. لا جاني النوم مانيب قاعدة ..
تلحفت موضي بالبطانية اللي تغطيها هي وسلمان ونورة .. على امل الغد يحمل لهم
الأمل اللي فقدوه ..
وظلت نورة تخيط الثياب يمكن تقدر تصرف على بيتهم وبيت عمها بعد .. غلبها النعاس
في ظرف ساعة ونامت مكانها بدون ماتحس ..
بأحد احياء الرياض الراقية .. وبأحد افخم القصور .. كانت الساعة تشير لـ 9:23 م ..
صوت الأغاني يصدح بكل الجناح .. كانت لابسة برمودا جينز لو ويست وتوب ابيض
بدون سيور .. قاعدة ترقص بجنون وخصلات شعرها الكستنائي تتطاير .. انفتح الباب
ودخلت عليها رسيل وخلفها الشغالة اللي حاملة بيدها اكياس مختلف الماركات : هــآآآآي
سما تأشر بيدها بحركة راقصة : اهلين حبيبتي ..
رسيل خذت الريموت وسكرت الأغنية : سموي تعالي شوفي الأغراض اللي شريتهم ..
سما : وش الجديد يعني ؟ انتي كل يوم تروحين السوق وتتشرين اللي تبين واللي ماتبين
بعد ..
رسيل تأففت بدلع : سموي صايرة مثل طلال .. هذي شاريتهم لعيد ميلاد وفاء .. " التفتت للشغالة
اللي شايلة الأكياس بيدها " سوجي حطيهم وروحي المطبخ ..
رسيل وهي واقفة وشايلة فستان شيفون قصير وردي مموج : حلو ؟
سما : وآآآآآآو ريسو يجنن .. روعة فانتاستيك ..
طلعت الصندل ( تكرمون ) الفضي من علبته : شرايك ؟
سما فاتحة عيونها على الآخر : مرررررة فخم .. امممم بس ليش فضي ؟
رسيل : مادري عجبني كثير .. وبعد اكره اللي تطقم كل شي نفس اللون .. حسيت
هاللون يعطي فخامة .. خصوصا انه الفستان سيمبل .. وبعد ابي اكسر اللون شوي ..
سما تبوس رسيل على خدها : ياعمري احسك تتكلمين مثل خبيرات الموضة ..
رسيل : هههههههههههههه يعني بكون اكشخ وحدة في الحفلة ؟
سما : اكييييييد انتي ريسو بنت مساعد مو حي الله ..
سوجي فتحت عليهم الباب : مدام يقول كم العشا ريدي ..
سما : اوكي .. وثاني مرة عندك شي بالانترفون مو كل شوي رازة فيسك هنا ..
يالله ريسو العشا ..
شالت رسيل اغراضها وراحت لجناحها .. اما سما نزلت ركض مع الدرج ..
.................. : شوي شوي لا تتكسرين !
ناظرته وهي خايفة : اووووف وانت قاعد لي على كل شي ؟ بابي شوف طلال ..
طلال : وش هاللي لابسته ؟
سما : مو شغلك ..
قرب منها يبي يمسكها بس ركضت لابوها وتخبت وراه : بابي الحق علي ..
طلال : انقلعي غرفتك بدلي ملابسك ..
سما : شفيهم ملابسي كل البنات يلبسون نفسي ..
ابو طلال : خلاص يابوك خلها براحتها يعني ماتعرف اختك .. !
طلال وهو يناظر رسيل اللي نازلة وهي لابسة بنطلون اسود ضيق وتوب رمادي
بسيور رفيعة وبالنص علامة ديور بالاسود اللامع : شوف هذي وش لابسة بعد ..
رسيل ناظرت نفسها : وش فيه لبسي ؟ لا تقول مو كشخة ..
سما : ههههههههههههههه لا بس مسوي لنا محاضرة كالعادة ..
مشت رسيل وحبت راس ابوها وقعت جنبه ..
طلال شافهم وهم قاعدات عند ابوه : هين انتي وياها .. الايام جاية والله لاربيكم..
ام طلال وهي جاية من صالة الطعام ابتسمت اول ماشافت ولدها : ياهلا بطلال ماشاء الله
اليوم مشرفنا ..
راح لامه وحب راسها : هلا يمه .. " ولف يده على كتفها " شلونك يالغالية ؟
ام طلال ابتسمت له : بخير .. يالله العشا جاهز ..
سما قربت من رسيل وهمست : الليلة الدلال كله لحبيب القلب واحنا اللي رحنا فيها ..
ضحكو ثنتينهم وابتسم ابوهم اللي كان وراهم وسامعهم ..
قعدو على طاولة الطعام اللي مزدحمة بكل اصناف الأكل اللي ممكن حتى ماتخطر
على البال ..
رسيل : غريبة وينه سامي للحين ماجا ؟
ام طلال : بيسهر اليوم مع اخوياه ..
ابو طلال : شلون يسهر وبكرة وراه مدرسة ؟
ام طلال : طلبني وماقدرت اقول له لا ..
ابو طلال : لا ضيعيه احسن .. هالسنة الولد توجيهي ولازم ينجح بنسبة زينة ..
رسيل : مايحتاج يتعب نفسه .. كلها كم الف وياخذ الاول على المدرسة ..
طلال : ايه مو طلال اللي انكرف على وجهه وحفظ كتبه من الجلدة للجلدة ..
ابو طلال : انت الوحيد اللي ربيتك مثل ما ابي .. ولا اخوانك انشغلت عنهم
بتجارتي وشركاتي ..
التفتت ام طلال عليه بعصبية : وش قصدك يعني تربيتي هي الخربانة ؟
سما بتأفف : يااااربيه بدا موال كل ليلة ..
ابتسم ابو طلال وحب يلطف الجو : لا والنعم فيك يالطيفة بس انتي تدللينهم
بزيادة ..
ام طلال بابتسامة بسيطة : بعد عيالي ولازم ادللهم ..
رسيل متفاجأة ان النقاش ما احتد : ماشاء الله اليوم الاجواء صافية .. طلول تكفى
كل ليلة تعشى معانا ..
سما تغمز لها : ايه عشان الاشتباكات وكذا ..
طلال مافهم عليهم بالبداية بس من شاف ابتسامة امه وابوه .. طلعت منه نصف
ابتسامة : ان شاء الله لا خلصت اشغالي اجي بدري ..
سما وهي تفتح عيونها الواسعة على الآخر : واااااي مو مصدقة طلال يبتسم ؟
ام طلال : بعد عمري ولدي وليش مايبتسم ؟
سما : مادري بس دايم عابس ونفسه في راس خشمه ..
طلال وهو يقوم ومطنش كلام اخته : اليوم انا رايق ..
ابو طلال : وين ؟ ماتعشيت ..
طلال : الحمدلله .. عن اذنكم بخلص كم شغلة وانام .. وطلع رايح لجناحه ...
بعد ماخلصو الكل عشا طلعو رسيل وسما الصالة اللي
فوق يشوفون التليفزيون وقعد ابو طلال ومرته يشربون الشاهي ..
ام طلال : يااارب متى يطمن قلبي هالولد ويتزوج ..
ابو طلال : لا تتعبين عمرك معاه .. كل مافاتحته بالموضوع تضايق وزعل ..
ام طلال بضيق : من طلق هالنسرة وهو كاره طاري الزواج ..
ابو طلال : خلاص لا تجيبين طاريها لا بخير ولا شر .. راحت بحالها والله
يستر عليها ..
ام طلال : مساعد تكفى كلمه واقنعه كلها كم شهر ويدخل الـ 35 وهو بعده ما استقر
ولا فرحني بعياله ..
ابو طلال وهو قايم : انا عجزت فيه .. هذا هو عندك روحي له وكلميه ..
ام طلال : هذا انت دايم رامي الحمل علي ؟
ابو طلال من اعلى الدرج : غيري جو شوي .. قابلي عيالك بدل هالحفلات اللي
تحضرينها كل يوم والثاني ..
كانت بترد بس فضلت الصمت من اختفى زوله عن نظرها .. تأففت بقهر وقعدت
بالصالة
لبست عباتها وطلعت توصل سلمان ومنيرة لمدارسهم .. بالاول وصلت منيرة لان مدرستها
اقرب وبعدها راحت لمدرسة سلمان ...
سلمان : خلاص روحي البيت انا اعرف الطريق .. الحين العيال والمدرسين يشوفونتس ..
موضي : وانا وش علي فيهم ؟ لابسة عباتي ومستترة امش قدامي يالله ..
سلمان : مانيب رايح .. والله ما اروح ..
موضي : ماهو بكيفك امش عاااااد ..
وقف مكانه معند ومايبي يتحرك .. نزلت نفسها لمستواه وناظرت بعيونه : السلمي ..
ناظرها بدون مايتكلم .. ركزت نظرها عليه وقالت بصوت هادي وجاد : ماتبي تكبر وتشتغل
وتجيب لابوي فلوس ناكل منها ؟
سلمان هز راسه بإيه .. كملت موضي : زين ماراح اقرب .. ابي اشوفك وانت تدخل ابي اتطمن
عليك .. يالله لا يذبحك البرد ..
مشى معاها سلمان بكل رضى .. وقفت على بعد بيت من مدرسته وانتظرت لين شافته يدخل
المدرسة ورجعت للبيت ..
بطريقها شافت هيا بنت عمها طالعة من بيتهم : هيونة وين رايحة ؟
هيا : ابي اروح اطبخ الغدى لبيت مطلق عندهم ضيوف اليوم ..
موضي : تطبخين غدى من الحين ؟
هيا : لا هي قالت تعالي مبتسر اشوف المطبخ واقطع الخضرة وانظف معهم ..
موضي : ويعطونتس فلوس ؟
هيا : ايه ..
موضي : تكفين بروح معتس .. والله يا هيا صار لنا 3 ايام واحنا ماناكل الا التمر واللبن ..
هيا : خابرة وانا اختس .. بس الحمدلله ام مقرن وافقت اطبخ لهم عقب ماطلبتها امي ..
موضي : زين احتريني دقيقة بقول لأمي واجي معتس ..
هيا : روحي ولا تطولين ..
راحت موضي ركض لأمها : يمه يمه ..
ام راكان : وصمه .. خير وش عندتس ؟
موضي : يمه بروح اطبخ الغدى مع هيا ببيت ام مقرن بيجونهم ضيوف ..
ام راكان ما استوعبت شي : وشو ؟
موضي : بنطبخ لهم الغدى ويعطونا فلوس ..
ام راكان : اقعدي فهميني السالفة ..
موضي : يمه بتأخر على هيونة لا رجعت اعلمتس ..وطلعت ركض مثل مادخلت ..
ام راكان تصوت لها : موضي .. موضي ولعنة .. هين والله لاوريتس ..
نورة من وراها : خليها يمه تروح .. يمكن يجينا شي من غداهم ..
ام راكان تضرب كف على كف : الله كريم وانا امتس .. الله كريم ..
رجعت نورة تكمل خياطتها .. وشيخة ترتب مع امها البيت اللي مكون من غرفتين
صغااااار ملحق بوحدة منهم المطبخ وصالة ..وحمام ( تكرمون ) ..
ام راكان : حصة شوفي من عند الباب ..
لبست جلالها وركضت للباب : مين ؟
سارة : حصيصة افتحي الباب ذبحني البرد ..
حصة فتحت لها الباب وهي تطقها : مليون مرة قلت لتس لاتقولين حصيصة ..
سارة بعناد : حصيصة حصيصة " وتمد لسانها " ..
نورة مبتسمة : سويرة وش تبين فيها .. تعالي ساعديني ابرك لتس ..
سارة تناظرها بطرف عينها : هماتس تقولين فلوسها لتس بلحالتس ؟ وشوله
اعاونتس ؟
نورة سحبتها من يدها : تعالي انتي بس .. يعني ماتدرين انه لو يجينا ريال نقسمه
نصين ..
سارة : تهقين بتجيب لتس شي ؟
نورة : ان شاء الله ابلة لمياء تقول انهم يلبسونها بحفلات المدارس وللحين مطلوب
وعندها زباين بالرياض يشترونه وبسعر زين بعد ..
سارة : نوارة .. نفسي اروح للرياض .. ابي اعرف شلون عايشين ..
نورة : خلينا بديرتنا ابرك ..
سارة : اي ابرك ياحسرة .. شوفي شلون عيشتنا فقر وجوع وحالتنا حالة ..
نورة : احمدي ربتس ياسارة .. غيرتس ماعاش ..
ام راكان جات لهم بالغرفة : سويرة وين امتس ؟
سارة : راحت لم ام سالم شوي وبتجي ..
قعدو كلهم يسولفون وعقبها جتهم ام محمد : السلام عليكم
نطت حصة وشيخة ياخذون اللي بيدها
ام محمد : بسم الله الرحمن الرحيم .. بغيتن تقطعن ايديه ..
سارة : من وين لتس يمه هالخبز ؟
ام محمد : زاد من عند ام سالم وجبته لهالضعوف ياكلونه ..
سارة : واحنا شلون يعني .. نناظرهم وماناكل ..؟
شيخة خذت قطعة الخبز وقطعتها لـ 6 قطع صغيرة : كلنا بناكل اقعدو الحين ..
ضحكو عليها وتجمعو ياكلون هاللقمة اللي تسد جوعهم .. وتقويهم بأيامهم
الصعبة ...
زورق الندى
22-01-2013, 08:56 PM
في بيت ابو مقرن يقطعون البصل والخضار ,, ويغسلون القدور والمواعين اللي
بيطبخون فيها الغدى ..
هيا : موضي تشوفين اللي اشوفه؟
موضي : وشو ؟
هيا : لحم .. عندهم لحم واحنا مانشوفه الا بعيد الضحية ..
موضي : هذا ابو مقرن نص مزارع هالديرة وحلالها له ..
هيا : ياليتني بنته والله ..
موضي تحب يدها وجه وقفى : الحمدلله والشكر .. ترحمي على ابوتس ابرك لتس ...
هيا : اقول لا يكثر وتعالي رقي العجين زين ..
موضي : قلت لتس المرقوق ما اعرف له .. انا علي الرز والجريش ..
هيا : تصدقين موضي اني اعرف اطبخهم بس ماعمري كليتهم ..
موضي : تعلميني انتي ؟ واحنا ناكل كل شي سوا .. بس ان شاء الله بتطبخينه ببيتس
مير اصبري على راكان لين يتخرج ويتوظف ..
ابتسمت هيا بحرج : الله يرده بالسلامة ..
موضي : نطبخ الحين ولا شلون ؟
هيا : انتي سمعتي ام مقرن قالت جهزن كل شي ولا قلت اطبخن نطبخ .. تونا الساعة
ماجت 10
موضي : هههههههههههه مشتهية آكل طماط ..
هيا تناظرها مستغربة : وش اللي يضحك بالسالفة ؟
موضي : اشوفه ولا اقدر آكله ..
هيا : عادي كولي اللي تبين ...
موضي : شلون آكل من وراهم .. احس اني اسرقهم ..
هيا : لاجت ام مقرن علميها ..
ام مقرن من عند باب المطبخ : افطرن يابنات وعقبها اطبخن الغدى ..
هيا : مشكورة ياخالتي بس نبي نخلص ونروح لبيوتنا ..
موضي قبصت يد هيا .. وصرخت بألم ..
ابتسمت ام مقرن : موضي بالحافظة فيه حنيني .. كولو منه بس لاتأخرن ابي عقب
صلاة الظهر الغدى زاهب ..
وطلعت من عندهم .. ركضو ثنتينهم وفتحو الحافظة وبدو ياكلون بشراهة ...
موضي غصت بلقمتها ودمعت عينها : هيا شلون ناكل واهلنا يموتون جوع ؟
هيا تربت على كتفها بحنان : خلينا ناكل الحين .. ولا خذينا اجرتنا نشتري لهم اللي يبون ..
موضي وهي تمسح دموعها : صدز ؟
هيا : ايه صدز .. اخلصي يالله ..
افطرو البنات وبعدها قامو يطبخون الغدى .. كل الأصناف اللي يعرفونها طبخوها
لهم .. وبعد صلاة الظهر كان كل شي جاهز ..
ام مقرن : كثر الله خيركن ماقصرتن يابنات ..
موضي : خالتي نبي اجرتنا تأخرنا على اهلنا ..
ام مقرن ناظرتهم بحنية : بعد الغدى ان شاء الله .. استسلمو لرغبتها وقعدو ينتظرون ..
راحت ورجعت لهم بعد ساعة : عساها سالمة هاليدين .. يازين ماسويتن ..
ابتسمو ثنتينهم على هالإطراء ..
مدت لهم اجرتهم : هذي 100 ريال .. كل وحدة فيكن لها 50 ..
" رغم ان المبلغ زهيد .. الا انهم كانو بقمة سعادتهم لانهم بعمرهم ماملكوه .. "
كملت وهي تشوف الفرحة تشع بعيونهم : والغدى بقى منه واجد .. خوذو منه اللي
تبون ..
راحت موضي تحب يد ام مقرن بس سحبت يدها : استغفر الله يابنيتي .. هذا حقكن ..
موضي : الله يجزاتس الجنة يارب ..
ام مقرن : وياتس .. اجل تعالن شيلن التباسي حطوهن بصندوق الوانيت يوديهن عليان
الراعي لم اهلكن ..
لبسو عباياتهم وبراقعهم .. وشالو الصحون وحطوها بالوانيت ..
ام مقرن : لا قضيتن منهن ردوهن باتسر ..
هيا : ان شاء الله خالتي ..
رجعو يمشون لبيوتهم .. ورغم ان المشوار كان طويل الا انه سعادتهم نستهم تعب
هالمشوار ..
موضي : اوووف وش هالنحاسة انقطعن نعولي ( تكرمون ) ..
هيا : امشي حافية ولا وصلنا خيطيهن ..
شالتها موضي بيدها ومشت حافية .. بهالاثناء وصل عليان الراعي بصحون الأكل
ونزل طق على بيت ابو راكان الباب ..
ابو راكان : من جاينا هالحزة ؟
نورة : هذي اكيد موضي ..
سلمان اللي رجع هو ومنيرة مع شيخة ركض يفتح الباب : يبه عليان يبيك ..
ابو راكان : وانا اقدر امشي ولا اتحرك من مكاني ؟
ام راكان : خلك .. بقوم انا " لبست برقعها وطلعت له " خير ياعليان وش عندك ؟
عليان : هذا الغدى لكم من ام مقرن ..
فرحت من قلب انهم لقو شي يسد جوعهم وقربت من الوانيت شافت الصحون
واتسعت ابتسامتها : سلمان صوت لمحمد ومشعل يشيلون معنا ..
ركض سلمان لبيت عمه اللي مابينه وبين بيتهم الا جدار فاصل .. وطق عليهم الباب
ام محمد : من بالباب ؟
سلمان : خالتي ابي مشعل ومحمد يشيلون الغدى معنا ..
من سمعو طاري الغدى ركضو كلهم عند الباب ..
سارة : ماجن هيا وموضي ؟
ام راكان توها تستوعب ان بنتها ماجات : ايه صدز عليان بناتنا وينهن ؟
عليان : جايات وراي .. البيت بعيد ويبي لهن وقت على مايوصلن ..
بعد مانزلو كل الصحون .. وقفو يناظرون وهم حيل مستانسين ..
شيخة : وش هالخير كله ؟ هذا والله يكفينا اسبوع ..
التفتت لها امها وقالت بحزم : ومن قال لتس نبي ناكله بلحالنا .. جيرانا اللي مايقصرون
معنا بعد لهم حق ..
نورة : وين نحطهم يمه وبيتنا بالقوة ضافنا ؟
ام محمد : ماعليتس يابنيتي كل شي يتدبر ..
مشعل : يالله يمه نبي ناكل ..
ام محمد : هاا روح صوت لهم يجون يتغدون معنا ...
ركضو العيال يصوتون على اللي بقى من جيرانهم .. لأن اغلبهم من سمعو الاصوات
طلعو يشوفون وش السالفة ..
نورة : ادخلن يابنات .. عاجبكن حالكن والرياجيل متجمعين حولنا ..
انصاعو البنات لها ودخلو بالصالة الضيقة واللي بالكاد تكفيهم .. وبالخارج بدا توزيع
الأكل مابين جزء للرجال وآخر للحريم ..
موضي وهيا قربو من بيوتهم وشافو الناس متجمعين عندهم على طول ضحكت موضي
على اشكالهم : هههههههههههههه والله اني دارية انهم بيشمون ريحة اللحم وبيجونا ..
هيا سرعت خطواتها : يالله اخاف مانحصل لنا شي ..
موضي : هيا انتظري يالنذلة الشوك جرح رجليه ..
مشت هيا مسرعة وموضي تحاول تلحقها .. ووصلو عندهم ودخلو داخل ..
ام راكان عند الباب تصوت للبنات : يابنات دخلن ابوتسن داره .. الحريم بيتغدن عندنا ..
شالو ابوهم ودخلوه بغرفته .. وسكرو الباب المتكسر .. حطو الاكل بصالتهم وبالغرفة
الثانية وقسمو الجزء الثاني ببيت ام محمد .. ورغم الزحمة الا انهم تجمعو لاجل ياكلون
هالاكل اللي يسد جوعهم .. اما الرجال حطو غداهم تحت اشجار مزارع الديرة ..
وجيه طغى على ملامحها البؤس .. ارتسمت عليها ابتسامة رغم الألم .. صمت رهيب بين
الجموع .. ماهي الا دقايق حتى فضت الصحون والكل يشكر فيهم ..
نورة وهي تشيل الصحن من عند ابوها : هااا يبه عساك شبعت ؟
ابو راكان وهو يلحس يده : الحمدلله يابوتس هذا يسد جوعي شهر ..
نورة تحب راسه : ياجعله هني وعافية يالغالي .. وطلعت من عنده للبنات شافت الحريم
كلهم طلعو .. وقعدت مع البنات بالصالة ..
سارة : بطرن الحريم عقب هالنعمة يبون شاهي ..
نورة : وينهن ؟ ماراحن ..
هيا : الا راحن اللي يبون الشاهي امي وامتس ..
نورة : من وين لنا ..
موضي طلعت الـ 50 من صدرها ولوحت فيها قبالهم : وش تبون قولو الحين ؟
نورة عقدت حواجبها : صاحية انتي ؟ هذي خليها لا اعتزنا شي .. يبون شاهي يدبرن عمارهن ..
سارة : وهي الصادزة ..
موضي : بس مابي احد خاطره بشي وما اجيبه ..
نورة : بعد عمري انتي .. مردنا بنحتاجتس ..
سارة تغير الموضوع : ياحليلكن يابنات يازين طباخكن ..
هيا : والله لو رحت بلحالي ماقضى شي .. بس تعاونا انا وموضي ويسرها رب
العالمين ..
سارة : اجل تحرن الخطاب من باتسر ..
نورة وهي تغمز بعيونها لهيا : لا هيا محجوزة للغالي ..
سارة : اجل موضي جايتس نصيبتس ..
موضي تكش على وجهها : من وين يجي لي معرس وخواتي قبلي ما اعرسن ..؟
هذا هي نورة دخلت الـ 29 .. وشيخة بتصك الـ 26 وماعمر احد جاهن ..
هيا : ماتدرين عن النصيب .. انا انخطبت وانا اصغر منتس ..
سارة : لا تفرحين بعمرتس ترى مابعد خطبوتس ..
نورة : ايه بس مسمينها له .. مثلها مثل محمد وحصة ومشعل ومنيرة ..
سارة : انتي من صدزتس عاد محمد توه بثاني ثانوي وحصه عمرها 13 ..
موضي : هههههههههههه لا وهالنتفة منيرة 10 سنين ومخطوبة ..
سارة : توهم صغار لاكبرو اخواني وراحو للمدينة يكملون دراستهم يمكن يتغير
كل شي ..
هيا تناظرهم بحيرة : تهقون راكان شاف بنات الرياض وعافني ؟
نورة : لا ياقلبي ماهوب راكان ولد عبدالرحمن اللي يتغير .. لو راح وين مايروح
مرده لتس لا تخافين .. وبديرتنا كلن عارف البنت لولد عمها .. واخوي اصيل
ومايبيع بنت عمه ..
شيخة لمعت بعينها دمعة وهي تسمع كلامها اللي حسته مثل الخناجر تطعن بقلبها ..
رغم انها متأكدة انه محد متعمد يقول هالكلام يبي يجرحها .. بس كل كلمة انقالت
جرحتها في الصميم ..
ام راكان : قومن يابنات غسلن مواعين ام مقرن ..
سارة : وين نغسلهن فيه ياخالتي والما على خبرتس يالله يكفينا ..
ام راكان : روحن لم البير غسلوهن .. وانتبهن منيرة لاتروح معكن ..
انصاعو لها .. وقامو بكل حماس .. لبست كل وحدة فيهم جلالها وبرقعها وراحو للبير
القريب يغسلون مواعين ام مقرن ..
قاعدة في صالة قصرها الفخم بملل : توبا العشا جاهز ؟
توبا : يس مدام ..
قامت رايحة لمكتب زوجها الكبير : فيصل العشا جاهز ..
عيونه كانت معلقة على الاوراق والملفات اللي قدامه : ثواني بس ..
طلعت من عنده راجعة للمطبخ : خلاص حطي العشا ..
رجعت للصالة ومسكت التليفون ودقت رقم جناح اطفالها : حسنا نزلي روان ورنا ...
بالعادة يتعشون البنات بدري .. وتقعد هي وزوجها لحالهم لانهم يتأخرون باشغالهم
ومايرجعون البيت بدري .. ماعدا يوم الاربعاء والخميس يتعشون معاهم ..
حطت السماعة وباغتها ببوسة على خدها : ليش الحلو معصب ..
التفتت له مبتسمة : ابد مشغول بالي شوي ..
فيصل : وش مشغله ياقلبي ؟
وقفت جنبه وقالت بملل : عندي مشروع جديد .. بس موترني حيل ..
فيصل وهو لاف يده حول خصرها متوجهين لطاولة الطعام اللي بزاوية الصالة : وش
مشروعه ؟
قطع عليهم كلامهم نزلة البنات يركضون ..
فيصل بعصبية : وييييين ؟ مليون مرة قلت لكم امشو على مهلكم وش له هالطيرة ؟
ضحكو ثنتينهم ومشو بهدوء لطاولة الطعام .. وقعدو كل شخص بمكانه ..
فيصل يناظر زوجته : ماقلتي لي وش مشروعه ؟
ميساء : مادري ابي ادرسه بالاول من كل النواحي ... واذا استقريت على الصورة
النهائية بعلمك ..
طول العشا كان النقاش عن المال والاعمال واللي تحتل الجزء الاكبر من حياتهم ...
بعد العشى قعدو بالصالة .. فيصل وميساء وبناتهم ..
روان : مامي اليوم عطوني دروس في اللغة الفرنسية ..
ابتسمت لها بحب : زين ياقلبي .. ابيك تشدين حيلك وتنجحين بامتياز ...
روان بدلع وهي تمط الكلام : اذا رحت صف ثاني تحبيني ؟
ابتسمت ميساء رغم انها ادركت حجم تقصيرها مع بناتها من هالسؤال : انا احبك
ياقلبي .. وكل مانجحتي راح احبك اكثر ..
رنا : وانا ماما تحبيني ؟
قبصت خدها وباستها : اكيد احبك ..
رنا جلست بحضن امها وبدت تتدلع عليها : طيب متى اروح المدرسة ؟
ميساء : بعد سنتين ان شاء الله ..
لزقت فيها روان وصارو ثنتينهم يتدلعون عليها وكل شوي وحدة تسئلها وش كثر
تحبها ..
فيصل يناظرهم مبتسم وهو يقلب بصفحات الجريدة ..رفع عيونه وشاف ميساء
منشغلة مع البنات .. قطع عليهم ضحكهم بسؤاله : وانا متى تحبيني ؟
التفتت له وضحكت من قلب وقالت بدلع : من عرفتك وانا احبك ..
فيصل : لا لا هالكلام يبي له جلسة خاصة
ميساء : يعني ماينفع نقول اللي بداخلنا الا بموعد مسبق وجلسة خاصة ؟
فيصل ابتسم على كلامها وفهم انها تعاتبه : وين حسنا ؟
استغربت سؤاله .. : وش تبي فيها ؟
فيصل همس في اذنها : ابيها تاخذ البنات لجناحهم .. ابي اجلس معاك لحالنا ..
ميساء : وليش احنا مانروح جناحنا ؟
ضرب على راسه وهو يضحك على غبائه : ايه صح جبتيها ..
طلع هو قبلها .. وكلمت حسنا تاخذ البنات تغير لهم وتنومهم .. وراحت لجناحها
شافته متمدد على السرير وبيده اوراق .. : هذا اللي يبي يقعد معاي ..
حط الاوراق بالدرج : قلت اشغل نفسي على ماتجين ..
قربت منه وجلست على طرف السرير : مو احنا اتفقنا الشغل ماندخله غرفة النوم ؟
فيصل باسها على خدها : زين ياعمري حقك علي .. هالليلة كلها لك " ناظر ساعته
وشافها تشير لـ 11:13 م " وتونا بأول الليل ..
ابتسمت ابتسامة خفيفة .. ومسك شعرها يحركه بيده : لاعاد .. لاتقولين بتزعلين الحين ..
ميساء : لا مانيب زعلانة .. بس بقوم اتسبح ..
فيصل : اقعدي معاي شوي ..
ناظرته وابتسمت : من عيوني ..
ابتسم لها بحب وناظرها بتأمل : رجعي شعرك اسود .. كان احلى ..
ميساء تناظر بخصلات شعرها الاشقر : حرام عليك توني ماصبغته الا من 3 اسابيع
وانت بنفسك قايل لي حلو ..
ضحك عليها يوم زعلت : طيب لا تصيحين .. بعدين انا قلت لك حلو وماجاملتك ..
بس الاسود احلى .. يبرز جمال عيونك ..
تبسمت بخجل : عشانك راح اغيره .. وش تبي بعد ؟
فيصل قام يتذكر وابتسم وهو يقول لها : ابي تلبسين لي القميص الأحمر ..
ناظرته مستغربه : اي واحد ؟
فيصل : القصير ...
ابتسمت : نص اللي عندي قصار ..
فيصل : مادري شلون اوصفه .. بس اللي اذكره اني يوم شفته عليك .. ماخلا فيني
عقل ابد ...
توردت خدودها ... ومسكت يده : تعال معاي يمكن لاشفته بتذكره ..
قام معاها لغرفة ملابسها الكبيرة .. : وش هذا كله ؟ هذا لو بتوزعينه على اهل الرياض
كلن بيجيه حقه ..
ميساء : هههههههههههههه تعرفني احب اسافر واتقضى ..... وكل ماشفت شي عجبني
خذيته ..
ناظر بقمصان نومها الكثيرة : يعني بالله شلون بشوفه من بين هذي كلها ..
قعدو يفتشون وهي تضحك معاه .. وكل شوي يقول لها البسي هذا لا هذا طبعا نصهم
شاريتهم وتحطهم بغرفة الملابس وتنساهم .. ولان حياتهم روتينية فما تلبس له اصلا
الا في فترات متباعدة .. حاولت تتذكر شوي : زين متى لبسته ؟
فيصل : بيوم العيد ..
ميساء : اي عيد فيهم ؟ .. " فجأة تذكرته " اييييه عرفته عيد السنة اللي فاتت صح؟
فيصل : ايه ..
ميساء : حرام عليك تبيني البس شي عندي من سنة ؟
باس خدها : ايه عشان خاطري .. ماشفته عليك الا مرة وحدة ..
ابتسمت له : عشان خاطرك بس .. بس خلني اروح اتسبح بالاول ..
راح للغرفة وطلع اوراقه .. وهي راح تتسبح .. بعد ماتسبحت لبست قميصها والروب
وقعدت عند التسريحة تشوف شكلها .. وتجفف شعرها ..
رفع راسه ورجع الاوراق بالدرج وناداها تجي عنده ابتسم وهو يناظرها : كل ماتكبرين
تصيرين احلى ..
قربت منه وتمددت جنبه : عيونك الحلوة حبيبي ..
فيصل وهو يناظر عيونها : خذتنا الدنيا ياميساء .. لا قمت اشوفك ولا اشوف بناتي ..
ميساء : الزمن مايرحم .. واللي مايركض ورى رزقه بيضيع ..
فيصل : الله يقدرني واربي بناتي صح ..
ميساء : تصدق .. اوقات احس نفسي اقابلهم واشوف وش اللي يبونه مني .. ودي اقضي
معاهم يوم كامل انا ارعاهم بنفسي وانتبه لهم مثل اي ام بالدنيا .. بس من اروح الجمعيات
واشوف الفقر .. ارجع لشغلي وتجارتي .. ومابي بناتي يعيشون الا نفس الحياة اللي عشتها ..
ابي يحصلون كل اللي يتمنون ..
فيصل : العمر يخلص والشغل مايخلص .. لا تشيلين همه ابد ..
ميساء : بتعلمني وانت اللي دافن عمرك بالشغل والصفقات ؟
فيصل وهو ماسك يدها : خلينا ناخذ اجازة لانفسنا ولبناتنا ..
ميساء : عطني مهلة هالاربع اشهر .. وبعدها ناخذ لنا اجازة شهر كامل ..
فيصل : وعد ؟
ابتسمت له بحب : وعد ..
فيصل : اكيد .. !
ميساء : وانا عمري وعدتك بشي وماوفيت بوعدي ..
فيصل : لا والله الحق ينقال .. دايم على وعدك ..
ميساء : اجل خلاص اصبر علي .. ومالك الا اللي يرضيك ..
قرب منها والهبتها انفاسه .. وهمس لها بشوق : احبك ..
اتسعت ابتسامتها ورمشت بتوتر : وانا اموت فيك ..
لمها في حضنه وغرقها بحبه وحنانه اللي يحتاجونهم بمواجهة اوقات يغلب عليهم فيها
الجفاف العاطفي ..
قاعد بالشقة المتواضعة اللي تجمعه مع 5 من اصدقائه بأحد احياء الرياض ..
يتابع مباراة فريقه المفضل : مشاري قوم سو عشاك تبينا نبات اليوم ماتعشينا
مشاري : قلت لك مانيب قايم الا بين الشوطين .. وش مستعجل عليه انت ؟ تو الليل بأوله
راكان : ابي ارقد بدري وراي محاضرة الصبح ومثلك عارف الزحمة ووقفة الشارع لين القى لي
احد يوصلني..
عبدالله : خذ موتري وريح عمرك
راكان : وانت شلون تروح للجامعة ؟
عبدالله : محاضراتي بعد الظهر
راكان : لا ياشيخ انا بكرة محاضراتي للعصر ..
منصور : خلاص عبدالله يروح معاي وانت بعد بدل هالوقفة كل يوم خذ لك موتر على قدك ..
راكان : موتر ؟ وانا لاقي اللي اشتري فيهن كتب ومراجع ..
منصور : ماقلت خذه كاش .. كلنا ماخذينه تقسيط ..
راكان : ايه بس مكافائاتكم لكم ويجيكم فوقهن مصروف بعد انا هالـ 850 اللي اخذهن اصرفهن
على امي وابوي وخواتي
وعيال عمي وخالتي خلها على الله بس .. الله وحده العالم بحالهم ..
حتى الوظيفة اللي مشيت حالي فيها طردوني بعد ماكثر تأخيري ..
راشد : بكرة تتخرج وتتوظف ويجيك راتب وتتحسن الأحوال ..
راكان مايدري ليش ضاق خلقه من هالطاري .. قام وطلع مايدري وين يروح ..
مشى مايدري وين يروح وهو غارق بتفكيره ...
شلون تتحسن الأحوال وخواته واقف حظهم .. محد جاهم بيوم وطق بابهم ..
نورة عنست ومحد خطبها .. قرب عمرها يصك الـ 30 وماتزوجت .. رغم انها جميلة ..
وكل الديرة يتكلمون عن جمالها .. بس وين هالجمال اللي اندفن بالفقر ..
ولا شيخة اللي مسمينها لولد
خالها من صغرها وبالآخر نقلو لجدة ونساها .. وتزوج غيرها ..
ولا خالته اللي مالها بعد الله الا هو من توفى عمه ماذاقو طعم الفرح ابد .. وابوه اللي طرحه المرض من سنين وخلاه عاجز ..
وبنات عمه .. سارة و هيا ايه هيا اللي من فتح عيونه على هالدنيا وهو مايبي له زوجة غيرها ..
شلون يقدر يعيش ويعيشهم معاه .. حتى لو توظف راتبه شلون يكفي 13 شخص وهو معاهم ..
وهو صار له فترة حفت رجلينه يدور اي وظيفة يقدر يأمن مبلغ يغني اهله عن السؤال ..
آآآه ياقسوة هالزمن .. ناس ماتدري وين تودي فلوسها يصرفونها على اللي يحتاجونه واللي مايحتاجونه ..
وناس يبون اللقمة بس عزت عليهم يعيشون بجوع وفقر ..
حتى خوياه صار يحس نفسه عاله عليهم لأنه يعيش معاهم بدون مايدفع ريال واحد على المصاريف
بس لأن مشاري من ديرته متكفل بكل مصاريفه .. ومراعي ظروفه
ناظر المكان حوله بتعب .. مايدري شلون قطع هالمشوار كله بدون مايحس ..
دعا ربي يرزق خواته وسارة بنت عمه ويبعد عن كاهله هالهموم اللي اثقلته ..
وصل للشقة وهو مرهق دخل الغرفة بدون مايتكلم ..
لحقه مشاري على طول : قوم العشا ليش قاعد بلحالك .. ؟
راكان : مابي شي خلني ارقد ..
مشاري قرب منه : افا يا ابو دحيم يفداك موتري بس لا يضيق خلقك ..
ابتسم له راكان : ياليت الموتر اكبر همي .. تكفى مشاري خلني ابي انوم ..
مشاري : واذا قلت لك عشاني ؟
راكان : مشاري واللي يعافيك ..
مشاري : وربي ما اخليك .. محد خالي من الهم وانا اخوك .. قوم بس
قام راكان واستسلم لرغبة صديقه تعشى معاهم وهو مقرر اول ماتنزل المكافأة يشتري كل
الأشياء الضرورية ويروح للديرة ..
تمدد على فراشه وكل تفكيره راح للي ملكت قلبه .. شتسوي الحين ؟ اكيد نامت .. ولا سهرانة تفكر
فيه وتحاتيه وتنتظر يوم رجعته للديرة ..
ياترى كبرت تغير شكلها .. حس نفسه مجنون بهالأفكار هو آخر مرة راح الديرة من 3 اشهر ..
شلون بتتغير .. الظاهر من كثر مايهوجس فيها ماصار يركز او يدري وش يفكر فيه ..
نام وهو متأمل يحمل له الصباح بشرى تفرح قلبه ..
زورق الندى
22-01-2013, 08:56 PM
فتحت اللاب توب بملل تبي تضيع وقت بدل قعدة البيت اللي تضيق الخلق ..
على طول سجلت دخول اون لاين على المسن وبدت المحادثات تتالى عليها ..
تأففت بقرف : هذول وش يبون صدق ماينعطون وجه ..
صرفتهم كلهم وغيرت الحالة لأواي .. تصفحت منتداها وبدت تشوف جديد المواضيع وترد عليهم ..
هي مقتنعة انها بداخلها اساس سليم لكن الكبت اللي تعيشه واحساسها بالنقص خلاها تتعرف على شباب
كثير .. ماكانت تكلمهم بالجوال لأنها تخاف من ابوها بس ضايفتهم عندها بالمسن ..
اوقات يأنبها ضميرها ويصحى احساسها وتعطيهم كلهم بلوك ..
بس مجرد ماتحس بالاضطهاد والظلم ترجع لهم وبشغف اكثر من اول ..
دايم كانت تعتبر نفسها مثل سندريلا نفس التفاصيل والقصة .. بنت مملوحة بس انحرمت من
امها من بعد انفصالها عن ابوها وتعيش مع مرة ابوها اللي معيشتها باضطهاد ..
وكل آحلامها تنتظر الأمير اللي راح تنسى فردة [ حذائها ] " تكرمون " على عتبات قصره ويحبها ويتزوجها ..
والعمر يمشي وهي للحين مالقت هالأمير .. وكل ما احد تقدم لها رفضه ابوها بدون ماتعرف السبب ..
ابوها اللي من كثر شكه مانعها من الروحة والجية .. من البيت للمدرسة وبعدها للجامعة ..
والحين تخرجت وصارت حبيسة جناحها الفاخر .. في قصر الكل يتكلم عن فخامته ..
كان كل من يزورهم ينبهر من جماله وروعته .. وبداخلها الف علامة تعجب ..
شلون يشوفون جمال بهالمكان وهي تحسه خاوي مثل قلوب ساكنينه ..
هي تعيش بهالمكان اتعس ايام عمرها .. فاقدة الحب والحنان .. فاقدة مجرد الاحساس لوجود
مشاعر في قلوب هاللي تعيش معهم .. حتى خواتها يكرهونها
زرعت امهم بقلوبهم هالكره من
صغرهم .. واخوانها اللي يقذفونها بأوسخ الألفاظ بس لأنه امهم تكرهها ..
تحس نفسها تعيش وحيدة بهالعالم لا أهل و لا أقارب و لا حتى صديقات ابوها عازلها عن اقاربها
مايبيها تعرف شي عن امها .. وصديقاتها علاقتهم فيها عادية لأن ابوها مانعها تروح لهم ومرة ابوها ماتخليها تستقبل احد عندها ..
وهي اصلا بطبعها خجولة وانطوائية ماتدخل في الناس الا بصعوبة ..
والجوال .. والتليفون برقابة وبمسائلة بعد .. الشي الوحيد اللي تاخذ راحتها فيه النت ..
ومو دايم بعد ... لانها اوقات تقعد بالأسابيع منقطعة عن العالم لأنها تتلقى اقسى عقاب ..
اوقات كثير تحس ان اللي تسويه غلط بس من اللي يوجهها .. ؟
من اللي يحذرها من عقاب رب العالمين لو تمادت في اللي تسويه ..
من اللي يفهمها ان هالمحادثات ممكن تجر لمكالمات وبعدها مقابلات ويمكن تصوير وابتزاز ..
............. : مس ديما بابا يبي انتا
رفعت راسها وناظرتها بغضب : إيدا كم مرة قلت لك طقي الباب قبل لا تدخلين ..
إيدا تهز راسها : سوري مس .. بس بابا يقول انتا مافي شيل جوال
ناظرت جوالها جنبها وحصلت 6 مكالمات من ابوها .. هذي شلون نست جوالها على السايلنت
الله يستر اكيد الحين بيقوم الدنيا على راسها .. بكل خوف سجلت خروج من المسن ..
وحذفت الكوكيز وقفلت اللاب توب وطلعت تركض لمكتب ابوها : سم يبه ..
كان معصب ومبين غضبه من حركة رجله اللي حفظتها .. يهزها بشكل جنوني ..
ظل يناظرها بنظرات كلها غضب وهي تدعي ربها يهدي من غضبه .. وبدت رجفة يديها ..
بصراخ صحاها من تفكيرها : ساعة عشان تشرفين حضرتك ..
فزعت من صوته وارتجفت يدينها : ااا نـ ـ ـ ـ
قرب منها ومسك يدها بقوة : وشو ؟ وش اللي شاغلك
ناظرته بترجي تبيه يفك يدها : كنت قاعدة على النت وماحسيت بالوقت ..
صر على اسنانه وهزها بقوة : وليش اتصل وسافهتني ماتردين ؟
تكلمت وهي مغمضة عيونها من شدة الألم : والله نسيته على السايلنت ..
كف قوي على وجهها افقدها توازنها .. : تكلمين مين الحين ؟
نزلت دموعها غصب : يبه والله ما اكلم احد ..
شدها من شعرها ,, وتطاير الشرر من عيونه : تكلمي لا اذبحك اليوم ..
شهقت وطلعت كلماتها موجوعة : وربي ماكلمت احد ..
سحبها لغرفتها وشاف اللاب توب على سريرها رماه على الأرض الرخامية
وتكسر .. : هاتي جوالك
مدت له الجوال بيدين مرتجفة .. خذاه منها وطلع ..
طاحت على سريرها تبكي .. مو مصدقة اللي قاعد يصير معاها ..
ابوها اللي عمرها ماحست بحبه او حنانه .. حارمها من امها ومعذبها ..
تعيش قمة الظلم والتفريق في المعاملة بينها وبين خواتها من ابوها ..
و تتعرض كل يوم لكل اصناف العذاب والهوان ..
كرهت ابوها على اللي سواه لها وكرهت امها اكثر لأنها ما خذتها من هالمكان
اللي تموت فيه باليوم الفين مرة ..
تبللت وسادتها من دموعها اللي ذرفتها .. تأملت لـ 24 سنة هي عدد سنين عمرها اللي ماعرفت فيه يوم
حلو من فارقت امها .. حتى ملامح امها نستها كانت صغيرة ماتجاوزت الـ 9 سنوات تعيش عند امها ..
كانت تعيش هناك بسعادة ببيت خالها في الخبر .. بذاك البيت المتواضع مع بنات خالها وكل يوم تشوف متعب ..
متعب اللي كانت تعتبره اعز اصدقائها الوحيد اللي لو زعلت او تضايقت يزعل الدنيا لاجل يرضيها ..
وينه الحين يشوف شلون دنيتها لعبت فيها .. تبي تشوفه .. تبي تناظر بعيونه العسلية اللي كانت تتمنى تاخذ منه لونها ..
تذكرت اللحظة اللي خذاها ابوها وأوهم امها انه يبي يمشيها على البحر ..
وقبل تروح ودعت متعب وهي مستانسة انه عندها ابو .. وياخذها للبحر .. وطول الطريق
تسئل ببراءة : يبه وصلنا الدمام ؟
أحمد ( ابوها ) : لا تونا ما بعد وصلنا ..
وطال الطريق وخذت لها غفوة ماتدري كم مدتها .. فتحت عينها وشافت بيت كبير ..
نزل ابوها ونزلت وراه : يبه وين البحر .. ؟
أحمد : اليوم مايمدينا بكرة نروح ان شاء الله ..
ديما : طيب ابي اروح لماما
صرخ فيها : قلت لك بكرة ..
استسلمت له بخوف ومشت معاه لوين ماوداها ..
ماكانت تدري انه هالبيت بالرياض .. وانه المشوار كان حول الـ 4 ساعات وانه هاليوم راح يكون
آخر يوم تشوف فيه امها واهلها ومتعب .. ومن هالبيت انتقلو بعد شهر لبيت اكبر ..
وعقب ما توسعت تجارة ابوها انتقلو لهالقصر من 3 سنين ...
زورق الندى
22-01-2013, 08:57 PM
الجزء الأول
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ .... فقط تجاربنآ هي من تمنحنآ المسميآت ..
فكل من عآصر الآوجـآع ..
استحق دكتورآه في الحيآة و بجدآرة ..
في مكان بسيط يجمعهم .. وعلاقات بين ناس مايحملون الا الطيبة بقلوبهم
النقية .. اللي ماتعرف الحقد او الكره .. قلوب تعودت على العطاء
رغم انها تعاني من النقص في كل شي .. يفتقدون المال .. والأكل
والصحة .. ولكن نبض قلوبهم يعطي بلا حدود ..
بعد صلاة العصر كانو فارشات قبال البيت وقاعدين يسولفون ..
جاهم سلمان يركض من بعيد : يبه وش مقعدكم هنيا ؟
ابو راكان يناظره مستغرب : مثل هالخلق وانا ابوك
سلمان : ايه بس خواتي وبنات عمي
شيخة : اجل نحكر عمارنا بالبيت ؟ هذانا قاعدين ببراقعنا ماكفرنا
سارة : ماعليتس منه هالبزر اللي يشوفه يقول تونا اليوم نطلع من البيت ..
سلمان شوي ويصيح : يبه العيال لا مرو يشوفونهن
ابو راكان : ماعليه ياوليدي كلنا اهل وعيال ديرة وحدة وانا يابوك ماعندي الا هالمكان اشوف
الناس فيه ..
تكلمت نورة وهي تمد القهوة لأبوها : اقعد بس اسمع خالتي هيلة تقص لنا يوم
عليان الراعي طاح بالبير ..
استانس سلمان وتربع جنب امه : متى طاح ياخالتي ؟
ام محمد : يوم هو بزر كبرك أو اكبر شوي ..
سلمان : شلون طاح ومن شافه وشلون طلعوه ؟
حصة طقته على كتفه : اسكت انت واسمع السالفة كلها ..
قعدت ام محمد تسولف لهم وتحكي لهم تفاصيل القصة وهم منسجمين معاها ..
جاهم مشعل ركض : الحقو عم مساعد وصل وجاب اغراض الجمعية ..
قامو كلهم يشوفون العم مساعد اللي يجيب لهم كل فترة التبرعات العينية من احدى الجمعيات الخيرية ..
كانت " الدينا " محملة بالملابس والأدوات المنزلية .. والمواد الغذائية تجمعو الأهالي حوله وكلن يبي له نصيب ..
خذو المقسوم ورجعو مستانسين .. وابوهم اللي للحين قاعد مكانه شاف الفرحة بعيونهم وهم مقبلين عليه ..
دخلو البنات داخل وكل وحدة تلبس اللي خذته وتقوسه .. واللي يشوف
فرحتهم يخيل له انهم ملكو كنوز الدنيا مو بس لقو لهم لبس يسترهم حتى لو انه انلبس قبلهم اكثر
من مرة .. دخلت بعدهم امهم وسلمان .. وكل واحد فيهم بيده اللي قدرو ياخذونه ..
أذن المغرب والظلام بدا يحل .. شالو العيال عمهم ودخلوه البيت .. كانت اغلب البيوت تعتمد على مولد
للكهرباء .. وكلهم قاطين فيه بس من كثر الضغط عليه كانو اوقات يقضون ايام بدون انوار او كهرباء ..
تعشو رز بطماط بدون دجاج او لحم .. طبخته ام راكان وقسمته نصين وارسلت النص الثاني لبيت
اختها ام محمد مع شيخة .. تعشو وحمدو ربهم على النعمة حتى لو ان العشا كان قليل بس الأهم
يسد جوعهم ويكفيهم ذل السؤال ..
من الصباح بدري لبست عباتها وخذت البقشة بيدها وراحت لمدرسة اختها منيرة ..
وصلت وهي متوترة طقت الباب وفتحت لها الخالة .. سلمت عليها وطلبتها تنادي لها ابلة لمياء ..
دقايق شافتها جاية وهي تبتسم لها فصخت برقعها وبادلتها الابتسامة : السلام عليكم ..
ابلة لمياء وهي تمد يدها تصافحها : وعليكم السلام
ابتسمت بحرج : الثياب اللي قلتي بتبيعهن لي قضيت منهن ..
قعدت ابلة لمياء على كرسي بطرف ساحة المدرسة الصغيرة : حلو .. كم ثوب خيطتي .. ؟
نورة غمضت عيونها تعدهم : 18 واذا بعتيهن بيساعدوني خواتي وبنات عمي ونسوي لتس زود
عنهن ..
ابلة لمياء : وريني اشوف ..
طلعت الثياب وصارت تفردها قدامها تبيها تشوفها .. : ما خلصتهن الا عقب الفجر وجيت لتس على طول ..
ابلة لمياء : ماشاء الله عليك يانورة .. ليش ماتخيطين هالثياب لبنات ديرتك وتكسبين ..
نورة نزلت راسها بخجل : شلون اجيب القماش والخيوط لولا الله ثم انتي كان ماعرفت ازين شي ..
وبنات الديرة من وين لهن يشرن هالثياب .. ؟
ابلة لمياء : ولا يهمك انا اليوم رايحة الرياض وبغيب اسبوع بس ان شاء الله مايجي الأسبوع
الجاي الا وانا بايعة لك هالثياب كلها وجايبة حقها ..
رفعت يدينها للسما ولمعت دمعة بعينها وقالت بقلب صادق : يارب ارزقني من حيث لا احتسب ..
ربتت على كتفها بحنان : ان شاء الله ربي بيرزقك لانك تستاهلين كل خير ..
ابتسمت لها نورة بخجل .. وناظرتها ابلة لمياء بتأمل : تصدقين ..
رفعت نورة راسها : وشو ؟
ابلة لمياء بمرح : انتي حلوة يانورة ..
نزلت عيونها على طول وماعرفت وش تقول وقامت وهي مرتبكة : اترخص مابي اتأخر على امي ..
لبست برقعها وطلعت مستعجلة .. وظلت ابلة لمياء مكانها تفكر .. فعلا هالبنت حلوة عيونها فيهم سحر
عجيب .. واسعة ورموشها كثيفة
اللي يلمحها بأول نظرة يظن انها مكحلة عيونها .. بس بعد تركيز
يكتشف انها كحيلة من الله
خشمها دقيق وطويل شوي يعني " سلة سيف " مثل مايقولون .. وشفايفها مكتنزة ووردية ..
و شعرها الحريري الأسود اللي انبهرت من طوله ولمعته ونعومته اول ماشافتها ..
ورغم هالجمال كله راح عمرها وهي للحين ماتزوجت .. في ديرة ماتوصل البنت الـ 18 سنة الا
وهي ببيت رجلها .. دعت لها من اعماق قلبها ربي يعوضها سنين صبرها خير ..
لمت الثياب وخذتهم معاها .. حطتهم بكيس وانتظرت نهاية الدوام وخذتهم لشنطتها ورجعت للرياض
وهي مصرة تبيعهم لها ولا ترجع بثوب واحد حتى لو اضطرت انها هي تشتريهم يمكن تقدر تدخل
الفرحة في قلوب تستحقها ... وتمسح فيها شقى عمر لعيون اتعبها السهر ...
قاعدة مع خواتها الأصغر منها هبال وضحك وسعة صدر .. امهم عند اهلها بالقصيم ..
بعد خلافات متكررة مع ابوها ..
اخوهم الصغير نادر نايم بدري .. وابوهم كالعادة سهر وشرب والعياذ بالله ..
دانا : هههههههههه الله يقطع سوالفك بس خلاص ما اقدر بطني ..
نجود : هههههه انتي ماشفتي شلون يوم تكرفست قدام البنات كلهم ..
رغد فيها الصيحة : يابايخة ترى الشماتة مو زينة ان شاء الله يصير فيك نفسي وبالشارع بعد ..
دانا : الحين انتي عميا ماتشوفين ؟
رغد : هههههههه يابنت الناس انا شفت الدرجتين وحدة وربك واحد ماعاد شفت الا هالنذلة تضحك
عند راسي ..
نجود : والله اني كنت ابي اهج معاهم بس كسرت خاطري هالدوبا ..
دانا : ههههه عسى بس ماصار زلزال بالمدرسة ؟
نجود : الا جينا لقينا كل شي متحرك من مكانه حتى اللوحات تقلبت ..
شهقت رغد : يالنصابة .. اللي يشوفك الحين يقول انك رشيقة .. ترى عندنا وعندك خير ..
نجود : ايييه بس انا بديت ريجيم من زمان .. البلا اللي تاكل الأخضر واليابس ..
جاهم صوته من تحت يغني بتثاقل
سألـ ـ ـ ونـ ـ ـي النـ ـ ـاس
عنـ ـ ـ ـك ياااحبـ ـ ـيبي
قامو ركض لجناح اختهم الكبيرة دانا ..
رغد : ياربيييه وش جابه ذا الحين ؟
دانا : رغد عيب هذا مهما كان ابونا ..
نجود : الله والأبو عاد مصبحنا طق وممسينا طق ..
دانا : بس بعد ابونا لازم ندعي له بالهداية ..
رغد بخوف : شلون اطلع الحين يعني ؟
نجود : نكملها سهرة اليوم عندك ..
دانا : من جدك انتي ؟ الساعة 2 وربع ومدارسكم
رغد تغني : هي خاربة خاربة
نجود تكمل : خلينا نعميها .. هههههههه
دانا حطت يدها على فم نجود : اسكتو لا يجينا الحين مو ناقصين طق ..
تجمعو حول بعضهم .. ورعشة الخوف بقلوبهم سكتو كلهم وانتظرو لين اختفى صوته نهائي ..
دانا : شكله دخل خلاص .. يالله كل وحدة تروح جناحها ..
رغد : لا تكفين مافيني نوم خلينا نفلها ..
دانا : اقول انتي وياها خلاص ما تنعطون وجه ..
نجود تكش على وجهها : ياثقل طينتك لاصارت امي مو فيه تتأمرين علينا ..
دانا : اجل اخليكم على كيفكم ..
مشو ثنتينهم كل وحدة رايحة لجناحها .. رجعت رغد ركض : دنو تعالي معاي والله اخاف ..
دانا مسكتها من يدها : زين قصري صوتك ..
مشت معاهم وتطمنت على كل وحدة فيهم ورجعت بخطوات حذرة لجناحها ..
............... : من وين جاية يابنت الـ .... << يقال لي مشفرة ^ _ ^
ارتجفت خوف على طول وتصلبت رجولها .. حاولت تركض لجناحها بس حست انه بعييييد
رغم انه على بعد خطوات منها ..
تكلم بلسان ثقيل وكلمات تنفهم بصعوبة : وين كنتي للحين " وبصراخ " هذي تربية امك يا ......
التفتت له ودموعها بعيونها .. شافته جاي لها ببطء ومو قادر يوزن خطواته اصلا ..
ركضت لباب جناحها وقبل
تقفله طلعت كلماتها من صميم جرحها : امي اشرف من اللي تعرفهم وتعاشرهم ..
وقفلت باب الجناح بخوف .. ركضت لغرفتها وقفلت الباب بعد ..
سمعت صوت ضربات قوية على الباب .. ارتمت على سريرها وهي تلوم حظها
بكت بحرقة وهي تسمعه يقذفها بأعنف الألفاظ .. وكل اللي في بالها " يارب مايسمعون شي خواتي "
رن جوالها وابتسمت بفرح من بين دموعها : هلا حبيبي
من سمع صوتها عرف انه في شي : دنو حبيبتي احد مزعلك ..
ضحكت له لأنها ماتبيه يتضايق عشانها : لا .. غريبة وش مصحيك الحين ؟
ابتسم لها وقال يدلعها : ابد اشتقت لك ولسوالفك واتصلت اسئل عنك ..
دانا : عدول جد مشتاقة لك ابي اشوفك ..
عادل : يعني متى تبيني اجي وانا احجز على اول طيارة للرياض ..
دانا : ايه ايه العب علي بس ..
عادل : ههههههه الله يسامحك بس .. دنو بالله وش فيه صوتك ؟
دانا : انت بعيد وامي ماشفتها من 3 اسابيع اشتقت لكم بس ..
حس باللي فيها .. وعرف انها ماتبي تشتكي لأنها ماتبي تزيد همه : ابوي مسوي لك شي ؟ طاقك ؟
دانا : لا
عادل : دنو اسئلك بالله لا تخبين علي ريحيني اذا لي خاطر عندك ..
دانا وكأنها كانت تنتظر هالفرصة تكلمت ودموعها تسبق حروفها : وش اقول لك ياعادل .. اقول انه من راحت امي عن البيت زاد عذابنا
هي تزعل عليه وتهج واحنا نكون الضحيه .. قبل امس طقني طق والله ياعادل لو طقه كافر اسلم
يعاقبني بحوبة امي وعلى الطالعة والنازلة يرمي علي كلام مثل السم .. حتى شربه زاد وماقمنا نشوفه صاحي ..
وربي محتاجتك ياخوي ..
عادل عوره قلبه على خواته : ان شاء الله بسوي المستحيل عشان آخذ لي إجازة .. بس انتو
انتبهو لانفسكم .. ونادر بعد لا تخلونه مع ابوي لحاله .. اخاف يتأثر فيه ويقلده ..
والله اني ابي النقل اليوم قبل بكرة بس ادعي ربك عساه يسهل اموري ..
دانا : اوعدني انك تجي
عادل : قلت لك بحاول .. دنو ياقلبي انتي قوية لا تضعفين عشان خواتك واذا شفتوه سكران ادخلو غرفكم
لا قام من بكرة بيرجع لعقله وينسى كل شي ..
دانا : الله يكفينا شره
عادل : تدرين عاد انا بكلم امي واضغط عليها ترجع .. وانتو بعد خلوها تضحي عشانكم ..
دانا : عادل امي مو مقصرة كافي متحملة عذاب هالسنين عشان تسعدنا بس الله يسامح ابوي .. الله يسامحه
عادل : آمين ويرزقك باللي ياخذك من هالعذاب ويسعدك ويقدرك
دانا ضحكت بسخرية : تتوقع احد بيطق بابنا وهذا ابونا ؟
عادل : الناس يعرفون من هم بنات غانم هذول تربية فاطمة ..
دانا : عيبك انك طيب وتظن الناس مثلك .. بس للأسف الناس تنهش بأعراضنا بمجالسهم وجمعاتهم ..
عادل بغضب : اقص لسانه واذبحه اللي يجيب طاري وحدة من خواتي بسوء ..
دانا : وش تبيهم يقولون وهم يشوفون شلة ابوي الفاسدة يدخلون بأي وقت ..
عادل : اللي يبي يتكلم يقول اللي في خاطره .. بكرة الدنيا تدور وتدنس الناس اعراضهم ..
انا واثق في خواتي واللي يبي ياخذ منهم له الفخر ..
دانا بحب صادق : نفسي اعرف ليش انت الوحيد من بين هالعالم اللي ارتاح يوم اشكي لك ..
عادل : لاني الوحيد اللي احبك لذاتك .. واتمنى لو بيدي واشيل هموم قلبك واتحملها
دانا : روح الله يوفقك وين ماتروح ويطمن قلبك مثل ماطمنت قلبي ..
عادل : ايه حجيه وش بعد ؟
دانا : ههههههه الشره مو عليك علي انا اللي اخلصت النية لله ودعيت لك من قلب ..
عادل : ياليت هالعالم عندها مثل قلبك يادانا .. كان الدنيا بخير ..
دانا : لأني اختك تشوفني غير
عادل : لا والله انتي اللي فعلا غير .. دقيقة " وسمعته يكلم خويه " : روح ياشيخ يعني الواحد لاصار يكلم
آخر الليل ويقول كلام حلو يغازل ؟
دانا : هههههه الظاهر سببت لك مشاكل
عادل وهو يضحك : عالم مريضة .. تبين شي ياقلبي ؟
دانا : سلامتك وانتبه لنفسك وتدفى زين يقولون تنزل عندكم ثلوج ..
عادل : هههههههه ياحبي لك والله .. مع السلامة
دانا : باي ..
تنهدت براحة وهي تدعي لاخوها .. هالإنسان اللي من وعت على الدنيا وهي ترمي كل همومها عليه ..
توه راجع من الشركة ومصدع راسه قعد في الصالة والقى نفسه على الصوفا بتعب ..
غمض عيونه واخذ له نفس عميق رجع راسه لورى ورفع رجله على الطاولة الزجاجية اللي قدامه ..
نفسه يخطط لحياته صح .. يحس انه ضايع والعمر يروح منه .. رغم ان سير حياته كان ماشي صح ..
كانت احلامه دراسة وتفوق ، وظيفة مرموقة ، شركات وتجارة ، زواج واستقرار عائلي ..
وتحققت كل احلامه بس للأسف اختار الإنسانة الخطا اللي تكمل معاه حياته ..
تزوج بعمر الـ 26 وماكاد يوصل الـ 29 الا وهو مختار فراقها نهائيا .. كانت انسانة انانية وتفكيرها مادي ..
عمره ماحس بحبها وتأكد انها متزوجته لمركزه وفلوسه مو لذاته ..
برغم انه حبها بجنون .. حبها بكل عيوبها .. هو اللي لاقال كلمة تمشي على البيت ..
كان من كثر حبه لها هي تامر وهو يقول لبيه .. بس اكتشف ان اللي يحبها تمثال من جليد ..
مجرد شكل اجوف من الداخل .. ماتحمل اي ذرة مشاعر له .. وبعد ما استنزفته ماديا ومعنويا ..
اختار الانفصال اسلم حل بعد ماقضى معاها حول السنتين و 9 اشهر كانت اتعس ايام عمره ..
وعلى كثر ماتعب معاها .. اتعبه الحنين لها كان يشتاق لها بجنون رغم انه مالقى شي واحد
يشفع لها عشان يرجعها .. لأنها اعتبرته واجهة اجتماعية واكتفت بهالشي .. وانغمست في حياتها
من روحات وجيات بكل مكان .. مستغله حبه الكبير لها ..
قتله الفراغ بعدها .. رغم انه ماكان يشوفها اصلا .. اشغل نفسه بالشركة والمصنع ..
دفن عمره بالشغل لانه حس نفسه مستحيل يعطي حياته لوحده وترميه او تحطه آخر اهتماماتها ..
جاه صوت امه اللي صحاه من انغماسه في عالمه الخاص .. : طلال هلا والله متى جيت ؟
فتح عينه وقام حب راسها : من شوي بس
حست انه مهموم وبحياته شي : طلال وش فيك يمه ؟
طلال : ابد مافيني الا العافية ..
قعدت جنبه وقلبها يقول انه ولدها فيه شي : احس انك متضايق وهموم الدنيا على راسك ..
طلال : يمه صدقيني بس ضغط عمل .. " ناظر ساعته وشافها تشير لـ 12:09 " انتي توك جاية ؟
ام طلال : ايه كنا بحفلة مسويتها ام رياض ..
طلال : وخواتي وينهم ؟
ام طلال : سما نايمة عند صديقتها ورسيل اكيد بجناحها فوق ..
تنرفز من دلال امه وابوه لخواته : وانتي شلون ترضين انها تنام عند صديقتها ؟
ام طلال بدفاع : هاااو وراك عصبت الحين اللي يشوفك يقول هذي اول مرة يسوونها ..
بعدين بناتي انا واثقة فيهم
طلال بنرفزة : وصديقاتهم واثقة فيهم بعد ؟
ام طلال : انا اهم ماعلي بناتي وغيرهم بحريقة ..
طلال : اجل خليك نايمة في العسل وباكر يجونك بمصيبة .. " ناظر سامي اللي توه داخل "
ماشاء الله الأخ توه مشرف ..
سامي : صباح الخير
طلال وهو يناظره بقهر : وين كنت ؟
سامي : مع خوياي سهران .. يمه بكرة لاحد يصحيني مابي اروح المدرسة ..
طلال : لااااهـ ؟ هايت لأنصاص الليالي وجاي تتأمر على امك وكنها اصغر عيالك .. حتى ماجيت حبيت راسها
سامي : لازم الرسميات يعني
مسكه طلال من كتفه : لا كلمتك احترم نفسك وتكلم مثل الأوادم .. " ناظره من فوق
لتحت " بعدين وش هاللي انت لابسه ..
سامي ناظر نفسه : عادي نفس الشباب اللي بعمري ..
طلال : وانت الصادق نفس البنات .. لعنبو ابليسك ماتستحي على وجهك شلون تمشي مع الناس وهذا
شكلك ؟
سامي : وش فيه شكلي ؟
طلال : شكل بنت .. اللبس والشعر " ومسك شعره بيده " وهذا الحين ليش مطوله ..
سامي بعد اكتراث : طلال وين عايش انت ماتشوف الناس بالشارع ؟
تجاهل كلامه وقال بحزم : من بكرة تروح تقصه ..
سامي : مانيب قاصه
طلال : غصبن عليك مو برضاك ..
سامي تنرفز : اوووف انت قالبها عسكرية بالبيت
ضغط طلال على يده : لا كلمتك لاترفع صوتك علي ..
ام طلال اللي كانت طول الوقت ساكتة احترام لولدها ولأنها ماتبي تكسر كلمته : طلال الله
يهداك خف عليه شوي ..
طلال ماحب يزعل امه او يردها : ابشري يالغالية .. وانت اطلع دارك وغير هالمصخرة اللي لابسها
وخلك مثل الرجال والبس لبسهم ..
سامي يبي بس يفتك منه : اوكي .. ومشى طالع لجناحه ..
استئذن بعدها طلال وراح هو بعد .. شاف رسيل قاعدة بالصالة اللي فوق ومنسدحة تطالع لها فيلم ..
من شافته فزت .. شخصيته القوية مخوفة كل اللي بالبيت .. كانت لابسة بيجاما فوق الركبة .. والتوب علاقي ..
طلال صرخ بأعلى صوته : وش هاللي لابسته ؟
رسيل بدلع : عادي قاعدة بالبيت
طلال : والبيت هذا مافيه عيال .. قاعدة عند رجلك انتي ؟
" يعني لازم كل يوم نفس الموال " قالتها بخاطرها : انا متعودة واصلا كل البنات
قاطعها بحزم : ماعلي من البنات .. روحي جناحك والبسي اللي تبين بس ياويلك لو عتبتي بابه وانتي بهالخلاقين ..
عاد رسيل كله ولا احد يشكك بأناقتها تموت بمكانها شهقت : خلاقين ؟ هذي من اكبر الماركات العالمية .. وتقول خلاقين ؟
طلال يبي يستفزها : ايه خلاقين ويالله ضفي وجهك لا اجيك اكسر راسك ..
راحت من عنده وهي تتحلطم : اوف مستقعد لنا اليوم قرقوش..
سمعها وابتسم بينه وبين نفسه .. ولا اهله مايشوفون ابتسامته الا بالخمس سنين مرة ..
دخل جناحه وراح لغرفته .. غسل وبدل ملابسه وتمدد على سريره والأفكار تدور براسه ..
أهله ، خواته وسامي ، شركاتهم .. كل شي الا مشاعره وقلبه اللي مسكر عليه بالشمع الأحمر ..
واستسلم بعدها للنوم العميق ..
/
\
/
\
صباح جديد يحمل معاه الأمل والألم لقلوبهم .. قامت الساعة 8 تتنافض من البرد .. شافت امها وابوها
بالصالة سلمت عليهم وقعدت : يمه وين خواتي ؟
ردت عليها وهي تغطي زوجها : راحن يحطبن هن وبنات عمتس
شيخة : وش موديهن الصبح ؟ ليش ما انتظرن للظهر وراحن ؟
ام راكان : مساعد بيجي الظهر ياخذ الحطب يبيعه بالرياض ..
شيخة وهي مازالت تتنافض : عز الله ذبحهن البرد ..
ام راكان : بحول الله كلهن اسبوعين ويجيب لنا راكان كل اللي نبي ..
شيخة : بروح اكتب له يجيب لنا لحف معه ..
ام راكان : يمه لا تثقلين عليه .. وين الفلوس اللي يكفن ..
شيخة انخنق صوتها : والله ماعندنا الا بطانيتين وتقطعن .. وحصة كل الليل تتقلب واقوم
ما القى علي لحاف .. واحنا تونا بأول الشتا
ام راكان : خوذي الشال الصوف اللي عند خالتس
ابو راكان : خليها تطلب اللي تبي يا مريم .. راكان ماهوب مقصر
ام راكان : ومن قال اني مابيها تاخذ اللي تبي .. بس مابيه يتسلف وتزيد ديونه ..
ابو راكان : ولدي رجال وما ينخاف عليه .. ادعي له الله يسهل امره ..
قامت شيخة وخذت لها دفتر من دفاتر منيرة .. وكتبت بخط ركيك ..
( اخوي الغالي .. مثلك عارف احوالنا اللي ماتخفى عليك .. طلبتك ابي بطانية ثقيلة ذبحني البرد
وانا اختك .. حتى العم مساعد يوم جابهن خذوهن قبلنا
ملحوظة [ هيا تسلم عليك ] )
سكرت الورقة وحطتها بصدرها وهي تستغفر ربها وتضحك : ياويلي من هيا لو تدري عني ..
لبست عباتها وبرقعها وطلعت تحطب مع خواتها .. ومشت بين بيوت الديرة ..
سمعت صوت من وراها : شيخة ..
التفتت وشافت ام عبيد تصوت لها من الشباك : هلا خالتي ..
ام عبيد : شلونتس وشلون اهلتس ؟
شيخة : بخير عساتس سالمة ..
ام عبيد : رايحة تحطبين ؟
شيخة : ايه آمريني ياخالة ..
ام عبيد : اجل ادخلي بعطيتس قرص خميرة وحليب بالزنجبيل تاخذينهن للبنات ..
شيخة استانست من قلب : بناتس معهن ؟
ام عبيد : ايه .. تقاسمن القرص بينكن عساه يشبعكن ..
خذت منها الخبز والحليب : مشكورة ياخالتي الله يجزاتس خير ..
ومشت عنها وراحت تشوف البنات ..
حصة شافت شيخة من بعيد : تهقون من هاللي جاية .. ؟
التفتت هيا وراها : تسنها مشية شيخة
نورة : الا هي .. وش اللي بيدينها ؟
ركضو هيا وموضي يشوفون وش معها ..
سارة : ههههههه يشمون ريحة الأكل لينه بعد كيلو ..
نورة يوم شافتهم قربو : ماتستحن على وجيهكن .. رايحات تركضن ..
هيا بلا مبالاة : ماحولنا احد .. تعالو ناكل ..
شيخة : صيتة .. عليا تعالن افطرن .. خالتي ام عبيد جايبة لكن فطور معي ..
صيتة : يالله تطول بعمرها وتخليها لنا ..
الكل : آمين
قعدو البنات على الأرض ورفعو براقعهم وبدو يفطرون ويشربون حليب .. وخذتهم
السوالف بدون مايحسون بالوقت ..
نورة : يالله قومن نحطب الظهر ماعاد الا خير كود الله يرزقنا
عليا : والله تكسرن يديه
سارة : تحملي عشان اهلتس ..
قامو كلهم بحماس وهم يدعون ربهم يرزقهم على قد تعبهم ..
قالت سارة وهي تضحك : اي صدز يابنات ما دريتن بآخر خبر ..
البنات ذبحهم الفضول : وشو ؟
سارة : بيت المذن شرو لهم تلفزيون ..
موضي : من البطرة زايدة فلوسهم ..
شيخة : ايه والله هالتلفزيون اللي نسمع عنه وماعمرنا شفناه ..
نورة : وانتن وش عليكن منهم حلالهم يسوون به اللي يبون ..
حصة : اذا توظف راكان بقول له يجيب لنا مثلهم
شيخة : الله يعينك ياراكان كلن يبي منه شي " وتغمز لهيا " عز الله ما اعرس ..
ضحكو البنات وطقتها هيا على كتفها وقامت عنهم ..
سكتو بعدها وكملو احتطاب ..
بعد صلاة الظهر تجمعو عند بيت العم مساعد ..
اللي يوصيه بأغراض يجيبها من الرياض .. واللي يحمل معاه الحطب ..
نورة تكلم البنات : الديرة كلهم حطبو عسى مايضيع حلالنا بس ..
سارة : لا ماعليتس كل اللي حطبو سجلو اسمائهم ولا باعهن يوزع فلوسهن علينا ..
نورة : ناظري المهبولة شيخة تحاتسيه ..
حصة : غريبة وش عندها ..
شوي الا جاتهم شيخة تمشي ..
نورة معصبة : وش عندتس رايحة تحاتسين الرجال ؟
شيخة : عطيته ورقة ابيه يوصلها لراكان ..
هيا فز قلبها من سمعت طاري راكان .. اما نورة ماكان عاجبها الوضع : وشوله ؟
شيخة : ابي منه غرض وكتبت له ..
نورة : وراكان من وين له تطلبين منه .. امشن خلاص وش يقعدكن مع الرياجيل ..
مشو البنات راجعين لبيوتهم .. وشيخة حست بضيق بعد اللي سمعته .. كلهم يعاتبونها
لأنها طلبت شي بسيط ومن حقهم : اجل يذبحنا البرد واسكت .. البارح الليل كله ماعرفت للنوم ..
نورة : من حصة الله يهداها ..
شهقت حصة : وش انا مسوية ياحافظ ؟
شيخة : تتقلبين وتسحبين اللحاف عنا ..
حصة : انا لا رقدت مدري عن نفسي ..
نورة : زين اسكتن راسي يعورني ..
من اقبلو على البيت تكلمت سارة : تعالو اقعدو عندنا
نورة : لا بروح لأمي من الصبح طلعنا ماقعدنا معها ..
قابلتهم موضي وهي جايبة منيرة وسلمان من مدارسهم .. : توكن واصلات ؟
حصة : ايه طولنا عند بيت العم مساعد .. انتي اللي تأخرتي من اذن الظهر وانتي رايحة لهم ..
موضي : توها منيرة طلعت
دخلو البيت وقعدو مع امهم وابوهم الا موضي اللي راحت لغرفتهم ..
تمددت على فراشها وخذتها الأفكار للشخص اللي صار له اسبوعين شاغل تفكيرها ..
نظراته لها .. ووقفته عند باب المدرسة كل يوم ياترى هو ينتظرها ولا هي بس اللي تتوهم ..
ليش تحس قلبها يخفق اذا شافته .. ؟ وليش صايرة تفكر فيه ..
تخاف انها تتعلق فيه وتحبه .. في مجتمع ماراح يرحمها ابد ..
قطع عليها حبل افكارها صوت نورة : موضي بتنومين وانتي ماصليتي فرضتس ؟
فزت على طولها : استغفر الله .. اعوذ بالله منك يا ابليس نسيتني صلاتي ..
قامت توضت وصلت .. وراحت قعدت مع اهلها وهي تحاول بصعوبة تشيل صورته من بالها ..
زورق الندى
22-01-2013, 08:58 PM
صار لها حول الاسبوع حبيسة غرفتها .. ماتبي تطلع او تشوف احد .. اصلا وش تطلع له
كلن يرمي عليها كلام .. وابوها نص السنة مسافر تاركها مع زوجة اب ماترحم ..
واللي راحمها شغالتهم اللي كانت تخش لها الأكل بدون لاحد يشوفها ..وقتها تقضيه بين نوم او واقفة
على الشباك تبي تشوف ناس في حي راقي نادر ماتشوف ناس طالعين وداخلين فيه ..
كانت توها متسبحة مشطت شعرها القصير واللي بالكاد يلامس رقبتها ..
قررت تكشخ تحط ميك اب وتغير بشكلها .. مجرد تغيير روتين بس .. لأنها اصلا حلوة ملامحها ناعمة
وماتعودت تحط ميك اب .. ضحكت على نفسها شلون تكون اوقات مجنونة ..
فتحت دولابها وشافت ملابسها كانت كثيرة .. رغم انها ماتنزل السوق الا نادرا .. واذا كانت تبي شي
عمتها تتقضى لها وماتذكر انها راحت السوق الا مرات نادرة وبعد ترجي من عمتها ..
فتشت بين اغراضها وشافت فستان مالبسته الا مرة .. فيروزي كمه كت وقصير نص الساق..
كان سادة بس انيق .. حطته على سريرها وخذت السشوار صففت شعرها القصير ونزلت خصلات
على وجهها .. اول مرة تسشوره بالعادة تخليه على طبيعته .. قصته من شهر قصير من ورى واطول
شوي من قدام .. " الله يخليك لي ياعمتي انتي الوحيدة اللي جابرة بخاطري ..
ومو مخليتني محتاجة شي .. ولا لو الله حادني على ابوي كان عشت فقيرة بهالقصر .. "
عطت شعرها حجم .. رفعته شوي عن وجهها وبدت تحط ميك اب .. ماتعرف شلون بس بتحاول
تسوي نفس اللي تشوفهم بالتلفزيون .. حطت شادو خفيف على جفونها " اوووف ليش مو مرتب نفسهم .. "
لونت بوجهها ورغم انها تحس انه مو اوكي بس على الأقل تتعلم ..
لبست فستانها ونزلت خصل على وجهها .. وابتسمت برضى .. حست انه ناقص شي فتحت الدولاب
وشافت ايشارب صغير ملون .. ربطته على رقبتها .. لبست صندلها وبخت على نفسها من عطرها القوي ..
وصارت تمشي مثل عارضات الأزياء ..
بدت تضحك بشكل مجنون .. ماعندها شي تسلي نفسها فيه .. وحيدة وسط هالبيت ..
سمعت صوت طق على باب جناحها .. : ياربيه من هاللي جايني الحين ؟
هي حالفة ماتطلع من جناحها الا برجعة ابوها .. عجوز ابليس متوعدتها اشد الوعود ..
حست هاللي يطق مصر وراحت للباب : مين ؟
سمعت الصوت الوحيد اللي تحس براحة من تسمعه : دودي انا عمتو
ركضت للباب بكل لهفة : عمتو هيفا " وفتحت لها الباب " هلا والله .. وحشتيني ..
حضنتها بقوة : هلا بالقاطعة اسبوع كامل اكلمك الجوال مغلق والبيت يقولون ماتبين تكلمين احد ؟
بعدت عن حضن عمتها : يعني للحين ماعرفتي لهم ..
ابتسمت لها : وش هالحركات يابنت وش هالزين كله ؟
انحرجت من مديح عمتها : ههههههه من الضيقة والله ..
هيفا : وش مسوين لك ؟
ديما : حابسة نفسي هنا ماشفت احد ... بس ابوي
هيفا : وش سوى هالمرة
ديما : طقني و خذا جوالي وكسر اللاب توب وسافر بعدها ..
هيفا : ابشري باللي تعوضك ولا يهمك.. تعالي اضبط لك المكياج وننزل نحر النسرة فوزية وبناتها
ديما : من فيه غيرك ؟
هيفا : خواتي وميساء مرة فيصل ..
ديما ماكانت تحب عماتها الكبار لأنهم صديقات مرة ابوها .. والوحيدة اللي ترتاح لها مرة عمها ميساء
طيبة كثير .. ورغم انها من عائلة جدا غنية الا انها متواضعة والكل يحبها ..
وعمتها هيفا اللي من سن ميساء وعندها ولد وبنت ..
ضبطت لها الميك اب والقت عليها نظرة اخيرة : قمر والله قمر .. نزلنا ؟
ابتسمت لعمتها بخجل ونزلو .. سلمت على عماتها ومرة عمها وعدت من عند مرة ابوها
بدون ماتسلم .. قعدت بين ميساء وهيفا توزع ابتسامات مع انها ميتة خوف منهم ..
تكلمت ام طارق : ماشاء الله تو تطلعين الحين ؟ اسبوع حابسة نفسك الظاهر ماحنا بعاجبينك ..
طنشتها ديما ماتبي تحتك فيها وقعدت تسولف مع ميساء ..
ام طارق : احاكيك انا مانيب طوفة تسفهيني ..
ديما كملت مسلسل التطنيش مستقوية بعمتها هيفا ..
سعاد ( عمتها الكبيرة ) : ديموه لاتسفهين بخالتك هذي حسبة امك ..
ناظرتها بغضب وقالت بصوت عالي شوي : تخسي الا هي ماتجي ظفر امي ..
قامت منال ومسكتها مع شعرها : مايخسي الا انتي يالصايعة ..
ديما سكتت لأن منال اكبر منها بـ سنتين .. ولأنها اصلا ضعيفة شخصية
هيفا : منال فكي شعرها ..
منال : مانيب فاكته ..
ام طارق : خلها تربيها اسبوع كامل نطق الباب عليها وماترد ..
هيفا مسكت يد منال تبي تبعدها عن ديما : وانتو الله يهداكم دايم مشاكل ..
ديما كانت تحس انها مجروحة بس تكابر وماتبي تنزل دمعتها .. لأنها متعودة مرة ابوها لا طقتها
وبكت تزيد الطق اكثر .. وصارت تتحمل وتسكت لانها مهما تكلمت واشتكت بنظر ابوها كذابة ..
مروى : خل تنطم وما تجيب طاري امي على لسانها ..
ام طارق : ماعليكم فيها وش ترجون منها صايعة مثل امها ..
هيفا : فوزية ؟!!
انقهرت ديما على امها .. مسكت التحفة اللي على الطاولة بس يد منال كانت اسرع منها : عساها
الكسر ان شاء الله .. ولوت يدها ورى ظهرها ..
ديما حست بألم بيدها وقالت تكلم عماتها بقهر : ليش تطالعوني ؟ تبونهم يذبحوني ؟
سعاد وليلى مستانسين على الوضع وماحركو ساكن لأنهم مايحبونها ولا يحبون امها .. اما هيفا
سحبت منال وبعدتها عنها : خلاص فكيها
ميساء اللي بطبعها مسالمة تكلمت : ياجماعة اذكرو الله ترى ماصار شي يستاهل هذا كله ..
ديما مشت عنهم قبل تبكي : ادري محد يحبني .. كلكم تكرهوني حتى ابوي يكرهني ..
ورقت الدرج وهي منهارة .. صوتت لها هيفا بس طنشتها وراحت جناحها ..
التفتت عليهم بغضب : وانتي دايم طاقتها ولا بناتك يطقونها ؟ ماتخافين الله
يسلط على عيالك اللي مايرحمهم ؟ وش سوت هالمسكينة ؟
فوزية بعدم اكتراث : هي اللي تجيبها لنفسها ولا لو احترمت حالها محد قرب لها ..
هيفا : الا والله انتي الظالمة .. ورجلك مثلك بس الله فوقكم .. يمهل ولا يهمل ..
وطلعت ورا ديما ولحقتها ميساء ..
اما ديما من طلعت قفلت على نفسها وارتمت على سريرها وطنشت الطق المتكرر على الباب
.. مع انها متأكدة انهم هيفا وميساء ..
وبداخلها مليون سؤال يتردد .. " ليش يكرهون امها
هالكثر ؟ ليش دايم يقولون عنها صايعة وتربية شوارع ؟ وليش ابوها حارمها منها ؟ "
تعبت من كثر الاسئلة .. من كبرت وهي تعيش بهالعذاب ولليوم مالقت جواب لاسئلتها ..
كيف تلقى جواب وكلن يتهرب لا جا طاريها .. وتتلون وجيههم لاسئلت عنها ..
زفرت بآهة طويلة ومسحت دموعها " يارب مدري ليش انا محرومة من السعادة .. "
استغفرت ربها وهي تدعي انه يعوض صبرها خير ...
من التعب نامت بفستانها وبدون حتى ماتغسل وجهها ..
/
\
/
\
اتسعت ابتسامته وهو يشوف اسمها يزين الورقة .. مع انه قدر يقراها بصعوبة : ياشين خطتس ياشيخة
الوليد : تحاكي روحك ؟
راكان : ههههههه لا بس اقرا رسالة من اهلي ..
الوليد : شلونهم عساهم طيبين ؟
راكان : الحمدلله .. " وبعد تردد قال " الوليد
الوليد : سم
راكان باحراج من الوليد : والله مدري وش اقول لك .. بس انت عارف الحال و ...
ابتسم له الوليد : عن الرسميات اللي مالها داعي وقل كم تبي ؟
راكان استحى وهو كل شوي يطلبه بس لأنه الوحيد المتوظف بينهم وقاعد معاهم اقرب لشغله
لأن اهله بالخرج : الف اذا ماعليك كلافة ..
الوليد : يفداك راتبي كله ياشيخ ..
ابشر شوي بروح اسحب لك اللي تبي ..
حاول يطلع من جو الاحراج : تراي مسجلهن وبردهن كاملات لا توظفت ..
الوليد : وانا ماعطيتك الا لأني عارف ان حقي ما يضيع عندك ..
دخل عليهم منصور وابتسم راكان : مستانس اني بشوف اهلي ..
الوليد يغمز له بعينه : اهلك ولا حبيبة القلب ..
منصور كان توه صاحي من النوم قال وهو يناظر راكان : انا من شفته فاك خشته ويتبوسم وانا
داري ان هالرسالة منها
الوليد : ههههههه متى جاته ؟
منصور : الصباح
راكان يحاول يوضح لهم الموضوع : اولا ماهيب منها يالنصاب .. هذول اهلي كاتبين لي مقاضي
يبونها لهم يومين .. تو العم مساعد مرني الصبح وجابها ..
منصور : اجل جايتك اخبار عنها ..
راكان : ههههههه وانت وشوله حاشرن عمرك معنا ؟
منصور : كذا نفسي احس باحساس ان وحدة تحبني وتبيني ..
الوليد : طيب حب وش اللي يمنعك ؟
منصور : البلا اني حبيت بنات الرياض كلهم .. كل ماشفت وحدة حبيتها لو انها شينة بس اشوف
عباية سودا قدامي نبضي يوصل الف .. انا ابي وحدة تحبني وتشهق باسمي !
راكان : والله ان تبطي ..
منصور : انقلع بس .. وش فيك زود عني ؟
راكان وهو يضحك : ابد كلي ملح وقبلة .. يعني باختصار كلي زود عنك ..
الوليد : هههههههه قوية .. كفك ياشيخ ..
منصور : مشكلة الثقة .. واحد شين وبثر وثقيل طينة وفوق هذا كله شايف نفسه
راكان : شوف انا ممكن اتفق معاك في مسألة بثر وثقيل طينة .. بس شين عجزت استوعبها ..
منصور : لا يكثر بس .. فيه قهوة ابي افك ريقي ؟
الوليد : سو انت قهوة وبروح انا وراكان مشيوير صغير وجايين
( الوليد مايبي يحرج راكان قدام خوياه .. يبي يسحب له المبلغ ويعطيه برا البيت )
طالعهم مستغرب : وين ؟ المغرب ماعاد الا خير
الوليد : قريب محنا بمطولين
راكان قام : اجل مشينا ..
قامو اثنينهم طالعين وراح منصور يسوي قهوة ويصحي مشاري وراشد ..
رجعو بعدها وقعدو تقهوو وقضو يومهم مثل كل يوم بعدها تعشو .. وكلن نام ..
من بكرة طلع هو ومشاري راحو لمحل تخفيضات يعني كل الأغراض فيه بـ 10 و 15 و 20 ريال ..
" مو المفروض كل واحد يمد رجله على قد لحافه" ..
اختار لهم ملابس شتويه .. وشراريب وكم شال صوف ..
راكان : قضيت ولا توك ؟
مشاري : مدري يعجبهن ولا لا ..
راكان : وهن لقن غيره وقالن لا .. يابن الحلال بيرضون فيه .. تعال بروح اشتري لحف لأهلي ..
خذو كل الملابس وحاسبو عليها وبعدها راحو محل لحف وشرو منه ..
عدى هالأسبوع وصار باقي له 3 ايام ويرجع للديرة ..
كان قاعد بالصالة يحسب كل شي : مشاري الحين دكان العم مرزوق فيه كل شي ؟
مشاري طالعه بنص عين : جيت للرياض ونسيت .. أخبرك اول من ترجع من المدرسة لين يذن
المغرب وانت بدكانه ..
راكان : ايه ماقلت شي بس الحين مثل اول ولا شلون .. اخاف شي ناقصهم ..
مشاري : ياخي حط الفلوس بيدهم وهم يقضون لا احتاجو ..
راكان : على الله ياشيخ .. قوم نصلي العشا ..
راشد توه جاي من برا .. بعد ماسلم : الوليد وينه من الظهر ماشفته .. ؟
راكان : راح للخرج ..
راشد : اليوم وشو .. الأحد صح ؟
راكان : ايه بس وحدة من خواته متقدمين لها ناس وراح لأبوه ..
راشد بابتسامة : يالله متى نتخرج ونتوظف ونعرس ..
راكان : تونا بدري على العرس .. خلنا نتخرج بالأول بعدها يحلها ألف حلال ..
راشد : وانت الصادق وانا اخوك .. انا بروح اتوضا اسبقوني على المسجد ..
طلعو من الشقة وتكلم راكان وهم ينزلون مع الدرج : مدري ليش احس اني مانيب معرس .. !
مشاري : وش هالحتسي الله يهداك ؟
راكان : والله يامشاري حلوم وكوابيس اتعبتني ..
مشاري : تعوذ من ابليس وماهوب صاير لك شي ..
مشى راكان وهو يحارب احساسه اللي يؤرقه من فترة بعد ماتكرر عليه حلم اشغله ..
دخلو المسجد وشافو منصور سابقهم سلمو وصلو تحية المسجد ..
وبعد ماخلصت صلاة العشا رجعو لشقتهم ولروتين حياتهم اليومي ...
/
\
/
\
زهقانة ومتمللة تبي تطلع وتغير جو وراحت لأختها تطلبها : ريسو تعالي معاي بطلع ..
رسيل شالت عينها عن الكتاب : تطلعين وين ؟
سما : اي مكان تكفين وربي زهقانة وصاكتني الغلقة .. خلينا نطلع كوفي .. صديقاتي
رايحين .. خلينا نروح لهم
رسيل : زين اطلعي من اللي بيردك ؟
سما : قرقوش بالبيت وتعرفين اوامره ما اطلع مع السواق لحالي ..
رسيل : طلول هنا ؟
سما تقلد صوت رسيل الناعم : طلول هنا .. ايه فيه وجه النحس
رسيل : سموي ياقلبي ما اقدر تعرفين انا بالجامعة وعندي بكرة كويز مو مثلك لعب بزارين ..
شهقت سما : الحين اول ثانوي لعب بزارين ؟
رسيل : ايه .. " وتناظر الجوال وتبتسم " هلاااا دنو
سما : هذي اللي مو فاضية لي ..
رسيل : صبر دنو " وتلتفت لسما " مابي اروح دبري عمرك .. " وترجع لمكالمتها " ايه وش قلتي ؟
سما تنفخ بفمها : افففف محد فاهمني بهالبيت ..
طلعت بعدها وطقت باب جناح سامي بس مارد قعدت تنتظر يفك الباب وهي تتأفف: اكيد طالع قبل
مايشرف الدكتاتور ..
ماحست الا باللي ماسكها مع اذنها : من هو الدكتاتور ؟
من سمعت الصوت قلبها قام يضرب طبول : هاااه ؟ سامي ايه هو كل شوي يتأمر علي ..
طلال ابتسم بخاطره لأنه عارف انها تقصده : اهااا " وناظر لبسها كالعادة وبصراخ " وش هاللبس ؟
سما بقلة صبر : اوووه ماعندي غيره تبيني اقعد بعباتي بالبيت !
طلال : يكون احسن بعد .. ليش ماتلبسون جلابيات مثل الناس ..
............. : هههههههههه ياقدمك من اي عصر انت ؟
التفت وراه وشاف رسيل واقفة تناظرهم : من عصر ازين من عصركم ..
رسيل كانت لابسة تنورة نص ساقها وتوب بأكمام قصيرة : ايه بس انا لبسي مافيه شي ..
طالعها من فوق لتحت : والله مايعجبني الا لبس امي ..
رسيل : قلت لك قديم انت ..
طنشها وهذي عادته اذا سمع كلام ما اعجبه ..
نزل ونزلو بعده خواته بعد ماغيرت سما لبسها ولبست بنطلون ابيض طويل وتيشيرت وردي ..
بعد صلاة المغرب قعد يتقهوى هو وأمه وخواته .. ابوه كالعادة بهالوقت يستقبل الشركاء
ويعقد الصفقات .. وسامي طالع مع اخوياه : سما قومي صبي القهوة تبين امي تصبها ..
قامت سما على طول وصبت له : يعني لازم الرسميات كل واحد يصب لنفسه ..
رفع حاجب وناظرها " عاد هم لاشافو هالنظرة يموتون بمكانهم " : وشو .. ؟
سما ابتسمت : اقول غريبة جاي اليوم من بدري ..
طلال : اول شي تعلمي الاحترام .. بكرة لا اعرستي بتحطين القهوة عند رجلك ويصب لنفسه ؟
رسيل كتمت ضحكتها خافت يعصب : طلال انت في عصر غير اللي نعيشه .. الحين الحياة ايزي يعني
الزواج شراكة كل واحد يخدم نفسه بنفسه ..
ام طلال : ههههههه انت يبي لك وحدة من الديرة ولا هنا منت محصل اللي على مزاجك
" قالت هالكلام تبي تجس نبضه بس "
طلال : تطمني مانيب معرس .. خلاص انا جربت حظي مرة وكرهت العرس وطاريه ..
ام طلال ضاق صدرها : ليه ياولدي ماتبيني افرح فيك ؟
طلال يدق بالجوال منهي النقاش : وينك ؟
سامي : قاعد مع اخوياي
طلال بلهجة صارمة : يأذن العشا وانت ماجيت للبيت مايحصل لك خير ..
سامي ماقدر يعترض وعرف انه معصب : زين الحين جاي ..
سكر منه ومسك الريموت حط على " العربية " ولا كأنه امه من شوي تناقشه ..
سما تكلم امها : يعني شلووون انحبس عشان حضرته قاعد ؟
ام طلال : اخوك وتعرفينه ماعنده هالسوالف .. واصلا هو من كثر مايقعد بالبيت تحملي اليوم ..
سما: زين كلميه
رسيل : وانتي عندك امل .. صدقيني مستحييييل ..
طلال حس انهم يبون منه شي حط ميوت والتفت لهم : تبون شي ؟
سما ارتبكت : لا
رسيل : الا سما تبي تروح الكوفي مع صديقاتها ..
طلال بكل برود : لا
سما شوي وتصيح : ليش ؟ والله مو مطولة ..
رسيل جت بتقنعه بس تكلم هو : قلت لك لا ..
عرفت انه بالعناد مستحيل تقدر عليه وجاته بالمسايسة : طلال تكفى مو مطولة وربي .. وريسو بتروح معاي
رجع يطالع التلفزيون وشال الميوت وبكل برود : حتى لو راحت امي معاك .. لا يعني لا
قامت وهي تصيح .. رقت لجناحها وطلعت وراها رسيل تهديها ..
ام طلال : ليش يمه تكسر بخاطرها كان خليتها تروح شوي .. !
طلال : انا رجعت الولد للبيت تبين اخليها تطلع .. لا وتبي تروح مع السواق لحالها وهي بهالعمر ..
ام طلال : ايه بس رسيل بتروح معها ..
طلال : حتى ولو .. بنات ويطلعون كوفي لحالهم لا ..
سكتت ام طلال لأنها عارفة طلال وتفكيره مستحيل يقتنع بهالسوالف ..
بهالأثناء رسيل تهدي اختها : خلاص عاد سموي طلال ومايجي هالوقت الا بالسنة مرة يعني حبكت
اليوم تطلعين .. اطلعي بكرة
سما وهي تصيح : كله منك انتي ..
رسيل : مني انا ؟ وش اني مسوية ؟
سما : ليش تقولين له بروح كوفي .. انا كنت بقول المكتبة .. اي شي بس مو كوفي عاد ..
رسيل : وانا وش يدريني طلعت كذا ..
سما : اكرررهه والله ..
رسيل ضحكت : ولو انه يسبب جو توتر بالبيت بس احبه ..
سما زاد صياحها قهر ورسيل قعدت تهديها لين هدت شوي وراحت لجناحها تصلي العشا ..
بوقت العشى اجتمعو كلهم بس الكل زعلان .. " لا جا طلال بدري يكبت على انفاسهم هذا بالأوقات
النادرة اللي يرجع فيها للبيت بدري ولا بالعادة مايرجع الا بعد الـ 12 "
ابو طلال : مخلص شغلك اليوم بدري ؟
طلال : ايه والله وجيت البيت ارتاح ..
سما اللي للحين حاقدة عليه قالت بهمس تكلم سامي : الا جاي يقلل راحتنا ..
وكالعادة طلال سمع وطنش .. وكمل سوالف مع ابوه .. " طلال له شغل مستقل عن ابوه ولو انه
بدا شغله بدعم منه بس فضل يكون له شغله الخاص والحين عنده مصنع وشركة استيراد وتصدير "
طلعو بعد العشا كلن لجناحه يريح .. راحت سما لجناح اخوها سامي ودخلت عليه بدون ماتطق الباب ..
سامي يطالعها بكل برود : هلا سموي ..
سما تتدلع عليه : سام حبي طلبتك قول تم ..
سامي : طلعة مانيب طالع لو تحبين السما .. ناقص علي قرقوش يسمع صوت السيارة ..
سما : ياربي الساعة توها 10 بس نروح هايبر بنده تكفى ..
سامي : يعني لو جا يوم وماطلعتي تموتين ؟
سما : ايه تكفى واللي يسلمك ابي اشم هوا ..
سامي : انتي تعرفين انه ماينام الحين .. يعني بيكشفنا واذا انتي مستعدة تتشرشحين اعذريني ..
فكيني منه ابي اطقطق شوي على النت وانام لاحق على الوناسة بكرة ..
سما طلعت من عنده تتحلطم : اوووف والله محد فاهمني بهالبيت ..
طلال كان قاعد بجناحه وكل تفكيره باللي صار اليوم .. حز بخاطره انه زعل خواته ..
بس هو عنده الغلط يظل طول عمره غلط مهما تغيرت العصور والأجيال ..
ابتسم بداخله وهو يتذكر دلع سما .. يموت عليها ويحب يستفزها لأنها تضحكه من قلب ...
ومن رجعت له ذكرى حنين وهو يضيق صدره ..
6 سنين وعجز ينساها .. لأنه بحياته ماحب ولا صرح بمشاعره الا لها .. كان انسان جامد في نظر
الكل بس معاها كان طفل مجنون صرح بحبه واحتياجه .. واستغلت ضعفه وتكبرت عليه ..
وبعدها جمدت مشاعره .. وتبلدت كل احاسيسه وصار هالأنسان اللي الكل يشوفه صخر جلمود ..
مايحمل بقلبه اي ذرة مشاعر او احساس ..
( حنين بنت خالة امه تصير اخت فوزية " مرة ابو ديما " الصغرى )
نفض كل الأفكار من راسه وقام توضا وخذا مصحفه وقعد يقرأ سورة البقرة لحد ماختمها ..
استغفر ربه وذكره وتمدد على فراشه .. غمض عينه واسترخى بكل هدوء ونام ...
زورق الندى
22-01-2013, 09:00 PM
بمكان آخر وقبلها بوقت على الساعة 10 الصباح صحت على صوت طق عنيف على بابها ..
وفزت من سريرها مفزوعة ..
ركضت للباب وهي خايفة : مين ؟
جاها صوته المرعب : افتحي الباااب ولا كسرته على راسك ..
وقفت مكانها مرعوبة : وش تبي ؟
بكل غضب زاد طقه على الباب : ديموه عندك دقيقتين لو مافتحتي الباب بكسره واذبحك ..
نزلت دموعها على طول .. وفتحت الباب بيدين ترتجف خوف .. ومن اول ماشافها مسكها مع
شعرها ورماها على الأرض : وش مسوية لأمي ..
فتحت عيونها على اتساعها وناظرته مستغربة : ماسويت شي ..
" قعد يرفسها برجله على بطنها " وهو يصارخ : تمدين يدك عليها ؟
بصوت موجوع وبصعوبة يطلع : معاذ وربي مامديت يدي عليها ..
شهقت منال من وراه : يالنصابة لا تحلفين خافي ربك ..
ديما وهي تتأوه وهو يزيد بالطق اكثر : منال لا تكذبين عليه .. علميه وش اللي صار ..
منال : انا ماقلت له غير اللي صار .. وعماتي بعد شهدو معاي .. طاقة امي وجارحة يدها ..
زاد في ضربها وهي زاد صراخها .. تمسكت في الطاولة تبي تقوم .. بس مسك راسها وضرب فيه
على الطاولة الخشب .. ماعاد تحس بالطق من كثر ما تتألم حتى وجوههم كان حولها مثل الضباب ..
وماصارت تسمع الا اوسخ الألفاظ ..
قعدت تحلف بالله انها مظلومة وانه كل اللي ينقال له كذب .. بس مازال مستمر في عذابها ..
مر وقت طويل وهو يطقها .. ويتلذذ بسماع تأوهاتها ..
سمعت صراخ طارق عليه : معاذ ؟ انت صاحي الحين .. تبي تذبحها وتبلش فيها ..
بعده عنها .. وطلعو تاركينها مرمية بصالة جناحها الفاخر .. ماعرفت تقوم او تتحرك ..
وقعدت مكانها تصيح وهي تحس كل شي بجسمها يعورها .. كل من في هالبيت مستعبدها ..
حتى معاذ اللي اصغر منها بسنة عودوه يمد يده عليها .. ومروى اللي توها بالثانوي ماتحترمها
وتفرض عليها اوامرها .. ولو مانفذت .. كذبة بسيطة وتتلقى اشد العذاب من طارق ومعاذ ..
حتى النتفة زياد اللي توه بسادس ابتدائي يصبحها ويمسيها بأشنع الوصوف ..
استغربت ليش اليوم اللي تكلمو والسالفة صار لها 3 ايام بس اكيد لأن ام طارق جاتها اليوم الفجر
وديما طنشتها وماردت عليها فحبت تنتقم منها وألفت قصتها وحبكتها مع حزبها الظالم ..
شافت دم بالأرض ومسكت راسها وعرفت انه مجروح .. حاولت تقوم بس فقدت توازنها وطاحت ..
وماعاد حست بشي بعدها ..
بعد فترة فتحت عيونها وانتبهت انها على سريرها .. شوي وجاتها الشغالة تتطمن عليها ..
ابتسمت بتعب : ايدا انتي اللي شلتيني ؟
ايدا : ايوا انا كان في خوف .. ونادي دايداي وياني شيل انتا ..
ديما : خلاص روحي لا يشوفونك ويذبحونك انتي بعد ..
قبل تطلع استوقفتها : ايدا .. ابي جوالك دقيقة .. وانا بعطيك فلوس الشحن ..
ايدا : جوال في غورفة تحت .. وطلعت ركض تجيبه .. بعد شوي جاتها وهي شايلة كاس
فيه عصير ليمون وجابت لها حبة فولتارين
عشان يسكن الألم .. ومدت لها الجوال .. ابتسمت لها ديما وهي مو عارفة شلون تشكرها ..
ايدا : خلاس انا روح عسان لا يسوف جوال ..
طلعت بعدها الشغالة واتصلت ديما على عمتها تبيها تجي تشوف وش فيها ..
حطت الجوال على السايلنت وخبته تحت المخدة .. بعد حول النص ساعة جتها عمتها ركض
ومن شافتها شهقت : حسبي الله عليك يافوزية .. وش مسوية لك ؟
ديما على طول صاحت : طقوني وانا ماسويت شي .. والله ماسويت شي ..
قربت منها تلمها : لا تحلفين ياعمري .. اعرفك ما تطقين نملة .. الله لا يوفقك يافوزية ولا يبارك
فيك ..
ديما وهي تتأوه : عمتو راسي يعورني ..
بعدت عنها تبيها ترتاح : قومي معاي المستشفى يسوون لك اشعة .. اخاف صار فيك شي ..
ديما : لا واللي يسلمك بيذبحوني لو طلعت من البيت ..
هيفا : ومن قال برجعك البيت .. تقعدين عندي لين يرجع ابوك ..
مسكت يد عمتها تترجاها : انتي تعرفين مايرضى اقعد عندك ورجلك مو محرم لي ..
هيفا : زين تعالي معاي الحين وبعدها روحي لبيت فيصل .. وانا كل يوم اجي لك هناك ..
ديما : ياعمتي واللي يسلمك يعني ماتعرفين شلون يعاملني وحارمني ما اطلع من هالبيت ..
هيفا : انا اخلي فيصل يتفاهم معاه .. امشي الحين والله ما اخليك ..
ديما : اوكي .. " وسحبت الجوال من تحت المخدة " هذا حق ايدا ..
خذته منها وقامت : تقدرين تمشين ؟
قامت بصعوبة واسندتها عمتها : لا .. مو قادرة والله ..
كلمت على الشغالات يجون .. لبسوها عباتها ونزلوها مع الدرج الخلفي عشان محد يشوفها ..
لأنهم اكيد الحين يتغدون .. ركبوها السيارة وقبل يمشون : عمتو .. ابي اعطي ايدا فلوس
تشحن جوالها بدل اللي كلمت فيهم ..
فتحت هيفا شنطتها وطلعت من بوكها 150 ريال وعطت كل وحدة فيهم 50 ريال .. ومشو
رايحين للمستشفى ..
كانو يظنون انه هيفا عندها .. بس من تأخرت طلعت مروى تشوفها وتفاجأت ان الثنتين مختفين ..
نزلت ركض لهم : يمه عمتي هيفا خذت ديما معها ..
وانقلب البيت فوق تحت وكلن يهدد ويتوعد فيها .. واتصالات على جوال هيفا اللي مطنشتهم..
رجعت بعد الظهر من الجامعة مع رسيل .. وتفاجأت بوجود امها بالبيت وحولها خواتها واخوها ..
ركضت لها من فرحتها وطارت لحضنها اللي اشتاقت له .. : وربي تو مانور البيت يمه ..
ام عادل وهي لامة بنتها : يابعد عمري انتي ..
قعدت تلم امها حيل وتصيح : تكفين لا تروحين وتخلينا بلحالنا .. ما تتخيلين وش كثر هالبيت
موحش من دونك ..
ام عادل تطالعها وتضحك : اشوف مايطلع الحب الا لا غبت عنكم ..
دانا : انتي تعرفين غلاتك عندنا وش كثر .. وربي فرحانة مو مصدقة ..
ام عادل : لا صدقي ياعمري " ناظرت بوجهها " شلونتس يمه ..
قعدت جنب امها فرحانة : تمام واليوم احلى يوم برجعتك .. " وتلتفت حولها " من اللي جابك ؟
ام عادل وهي تضحك : ابوتس ..
دانا فتحت عيونها مستغربة : والله ؟ شلون ؟
ام عادل : كلمته ابيه يبعد عنتس .. وربي هداه وطيب لي خاطري ومن الفجر وهو ماشي للقصيم ..
نجود : لا وأخلاقه اليوم شي .. وربي ماتصدقين .. بس اصبري بتشوفين بنفسك ..
دانا : ابوي زين ومامخربه الا هالسم اللي يشربه .. ولا لو تركه مافي احن منه ..
نجود : عفوا دنو انتي عن مين تتكلمين ؟
ام عادل : نجود .. هذا ابوتس ولازم تحترمينه ..
نجود حبت راس امها : ابشري يالغالية ..
............... : ماشاء الله اليوم الحبايب مجتمعين .. !
من سمعو الصوت كلهم ارتاعو ولزقو بأمهم .. بالذات نادر المسكين اللي مسبب له ابوه عقدة خوف
بالرغم من انه مو دايم يكون سكران بس في الفترة الأخيرة من حول الـ 8 اشهر صار شربه اكثر
من بعد وفاة اخوه وعايلته بحادث على طريق الحجاز ..
ام عادل ابتسمت تلطف الجو : هلا بأبو عيالي .. يالله حيه
قعد قريب منهم وصار يسولف معاهم .. والوحيدة اللي كانت تاخذ وتعطي معاه غير امهم هي دانا
رغم انها اكثر وحدة معذبها ودايم يطقها .. بس قلبها طيب وماتقدر تشيل فيه على ابوها ..
نجود ورغد ونادر من كثر تعلقهم بأمهم ودانا .. يحملون بقلبهم غل على اللي دايم يعذبهم ..
تغدو مع بعض ولأول مرة من شهر .. بعد الغدى طلعت دانا لغرفتها تريح الى صلاة العصر وبعدها
بتنام لها شوي .. قعدت على الصوفا اللي جنب الشباك ومسكت البوم صورها .. قعدت تشوفهم
وتضحك على شكلها .. وهي صغيرة .. سمعت رنة جوالها وفرحت من قلب وهي تشوف اسم
المتصل : هلا والله بنور هالدنيا كلها
رد عليها بكل فرحة : هههههههه لا ماقدر على هالكلام الحلو .. حبيبة قلبي اليوم مستانسة ..
دانا : ايه امي رجعت اليوم .. مستااااانسة عدول وربي احس اني طايرة من فرحتي ..
عادل : ياجعلها دوم يارب ..
دانا : والله مو ناقص الا انت وتكمل فرحتي ..
عادل : لا انا ما اقدر ابد في هالفترة .. ضغط العمل ومافي مجال اخذ اجازة ..
وقفت وصارت تناظر من الشباك بالمدى اللي حولها : حرام عليك صار لنا حول الـ 4 اشهر
مو شايفينك ..
عادل وهو كاتم ضحكته : ناظري وراك وتشوفيني ..
التفتت على طول وراها بس ماشافته : يابايخ ياويلك من الله .. لانك تدري بغلاتك تحب تعذبني ..
بهمس قال لها : يعني حرام افرحك ؟
شهقت يوم شافته يدخل جناحها وطارت له على طول : لا لا مو مصدقة ..
عادل : هههههه شلون يعني اقبصك عشان تصدقين ؟
دانا وهو ضامته : مادري بس انت وامي والله كثير علي هالفرح ..
عادل ضمها له اكثر : لا تستكثرين على نفسك الفرح .. قلبك الطيب يستاهل يفرح ..
" ويناظر بخواته اللي واقفات حوله " الله بلاني بخوات صياحات ..
نادر : هههههههه لا خافو يصيحون ولا فرحو يصيحون ..
مسكه من خده وقبصه : وانت مستانس عليهم .. هز نادر راسه بإيه ..
دانا : متى وصلت ؟
عادل : توني والله .. لا وسيارة بعد .. مالقينا حجز واضطرينا نجي بالسيارة ..
رغد : اووف والله مشوار ..
عادل : اي والله مواصلين .. بس ابي اصلي العصر واحط راسي ..
دانا : ليش من اللي جاي معاك ..
عادل : اثنين من اخوياي .. يالله بروح اتجدد واروح للمسجد .. وانتو اشبعو نوم ابي
اسهر معكم اليوم ..
رغد تننط من الفرح : واااي وناسة ..
دانا : امي وعادل بيوم واحد .. يارب لا تغير علينا ..
وكل وحدة راحت لجناحها .. صلو العصر ونامو .. اما هو من وصل طلعو الشغالات
ينظفون له جناحه ..
قعد مع امه وابوه شوي وعقب استئذنهم طالع غرفته ينام .. دخل وشاف باب البلكونة مفتوح ..
راح يسكره عشان ينام .. بس وقف مكانه وهو يشوفها جالسة بغرفتها على الصوفا .. كانت بعيد
شوي بس قدر يميز شكلها .. بياضها اللي يميزها وشعرها البني الحريري ..
وغمازتها اللي بفكها .. رغم انه مو قادر يشوفها زين من مكانه بس لمحها .. اشتاق لها كثير ..
كل شي فيها اشتاق له .. لنعومتها وبرائتها .. وماكان متصور ولا بأحلى احلامه انه يشوفها اليوم
بس قدر يشوفها ويكحل عينه بشوفتها .. بالأخير استوعب ان اللي يسويه خطا .. ومو من حقه
يطالع في بنت الناس كذا .. تراجع للخلف وقبل يسكر الباب شافته وتخبت على طول .. وهي مو
دارية انه صار له دقايق يتأملها .. سكر الباب وسكر الستارة بعدها
وتمدد على سريره مبتسم .. اليوم حلو بحياته .. قدر يشوف الفرح بعيون خواته واخوه الصغير ..
وهالشي بالنسبة له اكبر همومه .. وبنفس الوقت شاف الانسانة اللي يحبها ومتعلق فيها ..
بس التعب اللي فيه خلاه ينام على طول من حط راسه على مخدته ...
زورق الندى
22-01-2013, 09:01 PM
الجزء الثاني
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... تمهل ياقدر .. فأحلامنا في مهب الريح ..
وروائح الفقد تزكم انوفنا .. وامنيات تسكن قلوبنا املا ..
هب لنا لمحة من سعادة .. وامنحنا وطنا للفرح ..
واروي ظمأ سنين الجفاف ..
/
\
/
\
شالت جوالها وهي معصبة حيل .. اتصلت عليها اكثر من مرة بس ماردت ..
تقلبت على سريرها وماعرفت تنام من التفكير .. " وش راح يقول عليها " تستعرض قدامه ؟..
قامت بعد ماعجزت تنام رغم انها تحس النوم بعيونها .. مترت الغرفة رايحة وجاية ..
كانت متضايقة وتتأفف .. بعدها نزلت تحت وهي مازالت معصبة : سووووجي ..
جات سوجي ركض من المطبخ : يس ..
ناظرتها بغضب : سوي لي كوفي سااادة بدون سكر .. وجيبيه لي في الحديقة ..
سوجي : اوكي مس ..
طلعت الحديقة ولفحها الهوا البارد بس كملت طريقها قعدت عند المسبح .. وطول الوقت تتأفف
وتعيد الاتصال .. بس الجواب واحد بكل مرة " لم يتم الرد " ..
غمضت عيونها وسرحت بفكرها عنده .. ليش هالكثر عصبت وليش خايفة من ردة فعله ..
ضربت برجلها على الأرض قهر .. طرت في بالها فكرة مجنونة .. انها تنط بالمسبح بملابسها ..
بس تراجعت وهي تحس بالبرد يزيد كل ما اقترب الوقت من المغرب .. صحاها من افكارها
صوت سوجي وهي جايبة الكوفي : هادا كوفي ..
مازالت مغمضة عيونها : اوكي حطيه وروحي ..
خذت الكوفي وقعدت تشربه .. وقبل اذان المغرب بشوي ماعاد تقدر تستحمل البرد ودخلت للبيت ..
هدوء كالعادة .. كلن لاهي بدنياه وهالقصر على كبره اغلب اليوم يكون شبه خالي ..
رن جوالها وردت وهي معصبة : الحين وش يضرك اذا قلتي لي ان اخوك جاي .. وينام بغرفته ..
توها صاحية وما استوعبت شي من اللي انقال : وشو؟
انقهرت من برودها : اوووف دنو لاتنرفزيني .. اخوك متى وصل ؟
دانا ببلاهة : العصر .. قبل صلاة العصر بشوي ليش ؟
رسيل حست ان عصبيتها على دانا مالها مبرر : لا ولا شي ..
دانا : وشو ريسو علميني .. !
رسيل : ماصار شي ابد ..
دانا : وهالاتصالات كلها ليه ؟ واخوي ورجعته وش لها دخل بالسالفة ..
رسيل قررت تقول لها كل شي صار وترتاح : وهذا اللي صار كله .. وانا خوفي كله يظن اني اقصدها ..
دانا : لا من هالناحية تطمني .. على العموم تبيني اسئله ؟
رسيل : وين تسئلينه صاحية انتي .. لا بس جسي نبضه استدرجيه في الكلام .. ابي
اعرف وش اللي جا في باله عني ..
دانا : ليش يهمك ؟
رسيل : دنو وجع .. انتا وين وانتي وين ..
دانا : هههههههه زين لا تعصبين .. ابشري راح اعرف منه كل شي ..
رسيل : اوكي ..
دانا : يالله تبين شي ؟
رسيل توها تتذكر : ايه صح .. قرت عينك ..
دانا : مرة ولا مرتين ؟
رسيل مافهمت عليها : شلون !
دانا : يعني على شوفة عادل .. ولا شوفة امي
رسيل متفاجأة : امك جات ؟
دانا : ايه .. وربي ياريسو ماتتخيلين وش كثر مستانسة ..
رسيل : يابعد عمري والله .. يالله اجل اخليك تجلسين مع اهلك ..
دانا : اوكي .. مع السلامة
سكرت منها وقعدت بالصالة مستانسة .. من كثر حبها لدانا فرحت لها من قلب ..
قطع عليها سرحانها صوت امها : رسيل وش عندك قاعدة لحالك ومبتسمة ..
رسيل : هههههه لا بس توني مكلمة دانا .. امها واخوها جايين وطايرة من الوناسة ..
ام طلال : الله يعينهم بس .. حياتهم مشتتة وماضاع بينهم الا البنات ..
رسيل : ايه والله .. بتطلعين ؟
ام طلال : ايه بصلي المغرب واروح ازور خالتي .. شرايك تروحين معاي ؟
رسيل : لا تكفين مو ناقصة اشوف حنينوه الخايسة ..
ام طلال : عاد انا اللي ابي شوفتها .. بعد اللي سوته لولدي .. بس خالتي ولازم اروح
لها ..
رسيل : خلاص روحي لها انتي .. وانا بروح لوفاء ..
ام طلال : زين ..
وقامو ثنتينهم بيصلون المغرب ويطلعون بعدها .. كل وحدة لمشوارها ..
نزلت بعد صلاة المغرب وشافت اهلها كلهم مجتمعين الا ابوها .. ابتسمت وهي تشوف
هالجمعة اللي اشتاقت لها .. خصوصا بالفترة الأخيرة صارو ماينزلون للدور الأرضي
الا لشي ضروري ..
بس اليوم غير بشوفة احبابها : مساء الخير ..
الكل : مساء النور ..
راحت لأمها حبت راسها وقعدت جنبها : شلونك يمه ؟
ام عادل : الحمدلله .. كل هذا نوم ..
دانا : ههههههه لا قمت من قبل الأذان بس كنت اكلم رسيل ..
عادل ابتسم من سمع اسم رسيل .. بس حاول يكون طبيعي ومايبان شي على ملامحه ...
كملت دانا : هذا وانتو مانمتو الا بعد العصر شبعتو نوم ؟
عادل : لو علي ماقمت .. بس قمت لصلاة المغرب ومن عقب صلاة العشا بحط راسي
وانام ..
قامت رغد وتخوصرت : غش والله غش .. الحين مو تقول بتسهر معانا ؟
عادل : صاحية انتي وربي اني اقاوم النوم عشان صلاتي ..
دانا : خليه براحته .. " شافت امها بتقوم " وين يمه ؟
ام عادل : بجيب القهوة لاخوتس ..
دانا : اقعدي يمه الله يهداك وين رحنا حنا .. رغد قومي جيبي القهوة ..
رغد : لا والله ؟ .. كل شي براس رغد ؟
عادل : رغودة قومي لا اجي اكفخك ..
قامت ركض : مالت عليكم مستقوين علي .. ان شاء الله لا اعرست رجلي ياخذ
لي بحقي منكم ..
شهقت ام عادل : انقلعي الله يخستس من بنت .. لعنبو ابليستس ماتسحتين على وجهتس
من متى البنات يجيبون طاري العرس ..
عادل : هههههههههههههههههه توها بزر يمه ..
التفتت له امه وقالت وهي مبتسمة : وانت ياوليدي متى بتفرحن فيك وتعرس ؟
عادل : بعدين يمه ..
ام عادل : وراه ياحافظ ؟ الخير واجد وحلال ابوك كله لك .. وش اللي قاصرك علمن ؟
عادل : مو قاصرني شي يمه .. بس ابي انقل بالاول للرياض وبعدها بعرس ان شاء
الله ..
دانا : عروسك علي انا ..
ابتسم لها برقة : لا جا وقتها طلبتكم تدورن لي العروس .. صبي قهوة بس ..
كانت الجلسة حميمية بالدرجة الاولى .. حب ولهفة وشوق .. افتقدوها بأيام جدباء عانو
من ويلات اب فاسق .. وام تاركة بناتها تحت رحمة هالأب .. وأخ اجبره عمله انه يكون
بمنطقة اخرى ..
على الساعة 2 ونص بالليل طلع من جناحه يبي يدور شي ياكله ... وشافها توها نازلة
مع الدرج مشى بخطوات حذرة وغطى عيونها ..
فزعت بالأول بس حست انه اخوها : عادل ؟
فك يده وطقها على كتفها خفيف : يعني مايمديني افاجئك ؟
ابتسمت له : اهديتني احلى مفاجأة اليوم ..
عادل : مانمتي ؟
دانا : لا ..
عادل : وش فيك ؟ في احد مضايقك ؟
دانا : ابوي توقعت اليوم بيكون صاحي عقب ماقعد معانا بعد الظهر ..
عادل بقهر : اليوم بعد ؟
دانا : ايه وتطاق مع امي .. ومادري وين راح طلع من البيت ..
قعدو اثنيهن على الطاولة اللي بالمطبخ .. وتكلم عادل : وش منزلك اجل ؟
دانا : ابي شي آكله ذبحني الجوع ..
عادل : ماتعشيتو ؟
دانا : لا طبعا .. جا من بدري ونكد علينا ..
عادل : يااارب انك تهديه وتصلحه .. اجل شوفي لنا شي ناكله ..
قمات وفتحت الثلاجة .. وقعدت تشوف كل شي فيها : مادري وش تبي انت ؟
عادل : اي شي يسد جوعي ..
دانا : في ورق عنب تبي ؟
عادل : لا لا لا تعرفيني ما احبه ..
دانا : هههههههههههههههه زين لا تعصب .. " وقعدت تناظر بصينية مغلفة بنايلون
وماعرفت وش هي بالضبط " امممم هنا في صينية بس مادري وش هي .. الظاهر
انهم مسوينها للعشا بس خرب علينا ابوي وماكليناها ..
عادل : هاتيها ياشيخه بس خلينا ناكل ..
دانا : اصبر والله مادري اذا ياكلونها بخبز ولا بدونه .. " شالت النايلون وحطت الصينية
بالميكرويف " شكلها خضار بس ..
قام عادل وطقها على راسها : اجل وش تفهمين انتي ؟ سخني الخبز بعد ..
دانا استغلت الموقف شوي وحبت تعرف منه اذا شاف رسيل او لا .. : اقول عدول ..
عادل وهو يطلع العصير من الثلاجة : سمي ؟
قلبت السالفة براسها وماعرفت تصرفها شلون ففضلت تقولها صريحة وترتاح : اليوم
شفت ريسو ؟
بدون مايحس طاح الكاس من يده وانكب العصير اللي توه صابه بالكاس .. ارتبك
والتفت على دانا مو عارف وش يقول : وشو ؟
دانا : بسم الله وش انا قايلة ؟ امس دقت علي زعلانة وتقول ليش ماعلمتيني ان اخوك
وصل وانا فاتحة شباكي وقاعدة براحتي بالغرفة .. وتقول الحين وش يقول عني بيظن
اني قاعدة استعرض قدامه < قالت السالفة كلها
ابتسم عادل من قلبه : هي قالت كذا ؟
دانا : ايه والله .. وانا قلت لها بسأله وبعرف وش اللي صار ..
نزل يشيل الزجاج المتناثر على ارضية المطبخ وهو يحاول يخفي ابتسامته عنها ..
مايدري ليش حس انها تحمل له في قلبها شي من اللي بقلبه .. يمكن يكون واهم ..
بس وش اللي يخليها تخاف على صورتها بعينه ..
دانا وهي تحط الصينية على الطاولة : ماقلت لي وش اللي صار ..
جلس على الكرسي وقال هو مازال مبتسم : ماصار شي من شفتها سكرت البلكونة
ونمت ..
دانا : يعني ما جا شي ببالك ؟
مسك خشمها وهو يضحك عليها : لا والله انا عندي خوات .. ومستحيل اشك ببنات
خلق الله .. وبعدين انا داري انها متربية تربية الكل يشهد لها عليها .. ادب واخلاق ..
دانا : ول ول وش هالكلام كله ؟ من متى تعرف هالسوالف ؟
عادل : هذا هم جيراننا من يوم كنا صغار .. وماعمري شفت منها زلة .. ويكفي انها
صديقة اختي الغالية ..
لاحظت عليه يوم تكلم عن رسيل .. كان غير ابتسامته تحمل خلفها الف معنى ومعنى ..
ونظرة عيونها اللي مركزها على الكاس فيها لمعة غريبة .. حست انه رسيل مو بنت
عادية عند اخوها .. بس للحين تجهل مشاعره .. وماتبي تحرجه بهالوقت .. بس الاكيد
انها ماراح تعديها كذا .. وراح يجي يوم وتعرف منه كل شي ..
صلى الفجر بالمسجد الطين القريب من بيتهم .. ورجع للبيت وهو يسبح ويذكر الله ..
وقف عند باب البيت اللي اغلب وقته مفتوح .. وناظر بالمدى حوله .. ورغم انه يحس
ببرد شديد الا انه وده يتمشى شوي بالديرة ... اللي اشتاق لهواها النظيف .. ومقابل
وجيه اهلها الطيبين .. الجو كان مغيم شوي .. ومبين انه هالأجواء راح تحمل لهم بشرى
الأمطار .. قعد يتمشى بين المزارع اللي الجو يكون فيها ابرد شوي .. وكل ماصادف
احد سلم عليه ..
بحكم انهم اهل ديرة وحدة وكلهم يعرفون بعض .. مايدري وشو بالضبط شعوره ..
كثر مايتمنى يعيش مستانس .. تهدي له الدنيا اوجاع اقسى من انه يتحملها .. كان صغير
يوم القي على كاهلة حمل عائلتين مرة وحدة .. من عرف حياته وهو يسمع كل اللي حوله
هموم .. امه وابوه اللي فقدو اخوه الكبير .. وهو بعمر السنتين .. يوم كانت امه حامل فيه
بوقتها .. وخالته اللي فقدت ثنتين من بناتها قبل تجيب هيا ... وعمه اللي توفي قبل
12 سنة تارك حمل عائلته على ابوه .. اللي ما امهله المرض الا 4 سنوات .. وطرحه
بعدها ع الفراش بعد ما تسببت الغرغرينا في بتر رجلين ابوه الين الفخذ .. وتحمل وهو
بعمر الـ 14 حمل ومسئولية هالبيتين .. عائلتين بـ 13 نفس كلهم تحت رعايته .. هو
اللي توه مكمل الـ 22 سنة هموم كبرته سنين اكبر من عمره .. واثقلت كاهله بحمل هو
مو قده .. بس متحمل لاجل اللي يحبهم .. رغم انه يحس باحلامه تتلاشى .. حلم انه يفتح
بيت ويتزوج الانسانة اللي حبها من صغره .. كل هالاحلام تتبخر كل مازادت السنين ..
وارتفعت الاسعار .. وزادت تكاليف المعيشة وهو مو قادر يسوي شي .. غير انه يدعي
ربه يسهل اموره .. صحى من سرحانه على صوت طق المطر على الاسقف الخشبية
للبيوت .. تلفت حوله وشاف شلون وجيههم ترسم بسمة بريئة على شفاههم .. رغم الالم
والتعب .. الا انهم يعيشون برضى راضين يعيشون يومهم .. بدون مايلتفتون للماضي
لانه الم .. ولا يتطلعون للمستقبل لانه وهم .. مشى راجع للبيت ومن بعيد شاف خواته
وبنات عمه مستانسات بهالمطر الخفيف .. ابتسم وهو يلمحها .. هادية ..
رقيقة بعكس سارة اللي فيها جنون يشبه جنون اخته موضي ..
كانو من وناستهم ماخذتهم السوالف
وهم ماشين باتجاه احدى المزارع يتمشون ... اقترب منهم وزادت ابتسامته وقال بصوت
رجولي : وين رايحين ؟
التفتو عليه كلهم .. وذابت هيا مكانها من الاحراج .. واللي زاد احراجها يوم التفتو عليها
كل البنات .. ضحكت موضي وهي تدري اخوها مو قايل لهم شي : بنروح نتمشى شوي
الديرة كلهم طلعو ..
راكان : زين روحن ولا تبطن على امي وخالتي .. " وبدون مايناظر هيا " شلونتس
هيا ؟
تخبت ورى سارة وشيخة من الفشيلة وهي تقبص بيد سارة اللي ميتة ضحك
عليها : بخير ماعليها روح انت بس لايصير فيها شي ولا تموت علينا ..
راكان ابتسم : بسم الله عليها جعل كل البني يفدونها ..
موضي باستهبال : تخسي الا هي ..
قرب منها راكان وركضت بعيد عنه وقالت وهي تضحك : توبة توبة والله ما اعودها ..
ضحك على خبال اخته اللي للحين ماعقلت .. حتى حصة البزر اعقل منها .. : هين والله
لاوريتس .. " التفت لنورة " نورة .. لاتبعدن ..
نورة : زين ماحنا مبعدات بنروح قريب وبنرجع ..
ومشو رايحات عنه .. وهو رجع للبيت .. وشاف امه وابوه فاتحين باب البيت وقاعدين
بالصالة يناظرون المطر .. وسلمان يلعب مع مشعل بالسيل الصغير اللي قريب منهم ..
وحمد ربه برضى على هالنعمة اللي يعيشون فيها .. دخل البيت وحب راس ابوه وامه ..
وقعد معاهم ..
ابو راكان : ذبحك البرد ياوليدي .. روح البس شي يدفيك ..
راكان يغطي ابوه عن البرد : لا حسيت البرد بغيره .. الحين قاعد قبال الضو .. وماهنا
الا الدفا ..
ام راكان تناظر بالسقف اللي يتسرب منه المطر بغزاره : عز الله غرقنا اليوم ..
راكان : ايه والله تو المطر زاد .. الله يستر لا يغرق البيت .. وقام يشوف الغرف اذا
جاها شي من المطر .. وشاف وحدة من الغرف مايسرب سقفها شي .. قرب من ابوه
يبي يشيله : يبه بوديك للغرفة .. هنيا لو قعدت بتغرق ..
ابو راكان : والضو وانا ابوك ؟
راكان : بجيبه عندك .. بس ادخل لا يذبحك البرد .. شال ابوه ودخله .. وبعدها دخلو
خواته يركضون للبيت .. وكلهم ثيابهم متبللة من المطر اللي حط فجأة بغزارة ..
وتجمعو كلهم بالغرفة بعد ماصارت صالتهم والغرفة الثانية كلها موية من اثر
الامطار الغزيرة .. تجمعو حول الضو وتغطو زين .. وكملو قعدتهم سوالف وضحك ..
يتخللها تسبيح وتهليل وتكبير ..
نقيضين هي احاسيها الحين ... احساس رائع بالأمان من جهة يقابله احساس قاتل
بالخوف من جهة اخرى ..الأمان اللي حصلته ببيت عمها بعيد عن زوجة ابوها
واخوانها .. واحساس بالخوف من اللي ينتظرها اذا رجعت لهم .. رجعت بالزمن 8
سنوات .. وتذكرت اقسى عقاب تلقته بحياتها .. مراهقة .. فتاة بعمر الزهور ..
وبمدرستها الثانوية .. آخر يوم في الاختبارات ..ولأول مرة في حياتها يطلبون منها
البنات تقعد معاهم ... حست بشعور فرح كبير انها مرغوبة من الناس وهي اللي طول
عمرها تحس انها منبوذة ..وافقت تقضي وقتها معاهم .. تأخرت نص ساعة بس على
السواق ووجدت نفسها تدفع ثمن هالسعادة المؤقتة دم .. سيل اتهامات واجهتها ... فيلم
محبوك من زوجة ابوها وكلمات منمقة كانت كفيلة بانزال اشد العقاب بجسدها الغض
تألمت لهالذكرى المؤلمة ورفعت التي شيرت .. ناظرت آثار الحروق على بطنها ...
واللي مشابه لها ويمكن اكثر على ظهرها وفخذها .. نزلت دمعتها وهي تشوف هالتشويه
الجسدي من اقرب الناس لها .. تألمت لحالها ولقدرها اللي رماها باحضان اب مايرحم
وزوجة اب قلبها حجر واخوان وخوات اقل مايقال عنهم طغاة وجبابرة ... وعت من
تفكيرها على صوت طق متواصل على الباب : مين ؟
جاها صوته الحنون وهو يتكلم بثبات : ديمو البسي ولمي اغراضك بوديك البيت الحين
ركضت للباب على طول وفتحته : عمي لا تكفى لاتوديني لهم ..
مسد على شعرها وناظرها بحنان : محد بيمد يده عليك .. انا ماخليت ابوك الين حلف لي
انه ماراح يلمسك ولا يخلي احد يقرب منك ..
صرخت بداخلها بألم " بيطقني والله بيطقني وانا مابعد طاب جسمي من طقهم " استسلمت
لمصيرها .. ونزلت دموعها على خدودها .. : اوكي الحين جايه ..
لبست عباتها وخذت شنطتها ومشت معاه وهي تحس انها تساق الى موتها .. كان الطريق
بالنسبة لها تعذيب بحد ذاته .. كل خطوة تقترب فيها تزود دقات قلبها .. واول مالمحت
قصرهم الكبير من بعيد تعالت صرخات موجوعة بداخلها " لاااااا .. انا بسجن يارب مابي
ارجع لسجني .. يارب انقذني من هالمكان " طول الطريق اكتفت بالصمت .. وبداخلها
صرخات وآلام .. تحملت وهي بهالعمر حمل اكبر منها .. وصلها للبيت ونزل معاها يبيها
تتطمن كان ماسك يدها ويمشي معاها ... اول ماوصلو الباب الداخلي ضغطت على يده
وكأنها تترجاه مايتركها .. سحبها له وضمها بقوة : ديمو خليك قوية .. قلت لك محد بيمد
يده عليك والله ..
بعدت عنه وفكت يده وابتسمت له بتعب ... " بيطقوني بكرة .. اليوم وعدوك بس بكرة
بيذبحوني " ماحبت تحمل عمها فوق طاقته واكتفت بالصمت متجاهلة صرخات الترجي
بقلبها ... ودعها ومشى ودخلت للبيت ...كانت الساعة تشير لـ 12 ونص من شافت
ابوها وزوجته بالصالة زادت نبضات قلبها وتغير لون وجهها .. سلمت بكل هدوء وهي
تنتظر العقاب .. راحت حبت راس ابوها وبعدها حبت راس زوجته .. وهي تشوف نظرات
الكره بعيونهم ..ومشت بخطوات بطيئة طالعة لجناحها .. استوقفها صوتها المزعج وهي
تناديها بصراخ حاد : وين رايحة ؟
تلعثمت وطلعت الحروف منها بصعوبة : بروح انام .. تعبانة ..
بكل غرور قاطعتها : روحي لغرفة الخدم ..
استسلمت لها ومشت بكل انصياع لهالغرفة .. " هالغرفة كانت للخدم قبل مايبنون لهم
ملحق متكامل مكون من غرفتين نوم وصالة وغرفة للغسيل والكوي وحمام ( تكرمون ) "
اول مادخلت الغرفة حست باظافره تنغرز بيدها .. حست هالقبضة ممكن تهشم عظامها ..
غمضت عيونها تنتظر انه يطقها ...
تكلم وهو يصر على اسنانه : مرة ثانية تطلعين من هالبيت بدون شوري والله لاذبحك ..
تجمعت الدموع بعيونها .. وقاومت انها ماتصيح .. ماتبي تبين له المها .. فزعت من
سمعت صراخه : فااااهمة ..
هزت راسها بإيه وهي تحبس دموعها بصعوبة .. رماها على الأرض وقفل الباب عليها
بالمفتاح .. ناظرت حولها بالغرفة الخالية من اي شي حتى مخدة ولحاف بهالبرد ..
حطت شنطتها تحت راسها وتمددت .. وتلحفت بعباتها .. ونزلت دموعها غزيرة على
خدودها ..حست كل اوجاعها ترجع لها بهالمكان اللي حمل لها اتعس الذكريات .. تذكرت
انها بهاللحظة محتاجة توقف بين يدين ربها وتدعي من قلب يفكها من هالسجن .. قامت
للحمام الملحق بالغرفة غسلت وتوضت وصلت ... ماتذكر الوقت اللي مر عليها بالضبط ..
كانت تقاوم الم فظيع بجسدها والم اقسى وامر بقلبها ..ظلت تدعي ربها .. وصوت انينها
يقطع القلب .. حست براحة تعتمر جسدها وقلبها بعد هالصلاة ... راحت غسلت وجهها
ورجعت تمددت مرة ثانية على الارض .. غمضت عيونها وهي تتمنى ربها يرسل لها
احد ينتشلها من هالعذاب المؤلم ..ومازال لاوجاعها وأمالها بقية ..
في مكتبه الواسع .. كان منغمس في العمل والملفات والمراجعات ... من بعد صلاة
الجمعة وهو منهمك بترتيب مواعيد السفريات والصفقات حسب اهميتها .. ناظر ساعته
ورجع بكرسيه الجلد بلون الكاكاو الغامق للخلف شوي .. فتح احد ادراج مكتبه
الخشبي من نفس اللون ..وطلع مصحفه وبدأ يقرأ سورة الكهف بصوته الرخيم بكل
خشوع ... اتم قراءة السورة .. ورجع المصحف مكانه ورفع يدينه للسماء بقلب صادق
يدعي الله ان يحفظ له والديه ويطيل عمرهما على طاعته .. وان يهديه .. دعا لنفسه
ولاهله ولاخوه وخواته وللمسلمين .. سمع صوت الاذان يصدح معلن وقت دخول صلاة
المغرب .. قام وجمع الملفات والاوراق ورتبها على المكتب .. تجدد للصلاة وطلع من
مكتبه متوجه لمكتب المدير العام للشركة .. واقرب اصدقائه شافه متوضي وبيطلع من
مكتبه ابتسم له بحب : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
التفت له وبادله الابتسامة وبعد مارد السلام : خلصت كل شي ؟
قرب منه ولف يدينه حول كتفه : تصدق انك كريم وانا ما انعطى وجه .. ولا احد يداوم
يوم الجمعة ؟
ضحك من قلبه : احمد ربك ان دوام الجمعة للأمور الضرورية والاستثنائية ... ولا كان
سحبت عليك من زمان لابوك ولابو شركتك ..
ضحك بصوت عالي : افاااا يابو ليان ماهقيت انك تخليني ..
ضحك معاه وهم نازلين رايحين للمسجد : تعال معاي بالسيارة ..
مشى بكل استسلام وركب معاه وهم يسولفون .. وصلو للمسجد القريب صلو المغرب
وتسننو وهم طالعين استوقفه : رياض
التفت عليه : سم
قرب منه ومشى جنبه : شرايك نروح كوفي ..؟
رياض : ماتحس اني معطيك وجه ؟
هز راسه وهو مبتسم له وكمل رياض : ياشيخ والله اني اقعد معاك اكثر من زوجتي وبنتي
ضحك من قلبه عليه : خلاص الكلمة وسحبناها لاتقعد تغثنا ..
ركبو السيارة ومشو راجعين للشركة .. التفت له وابتسم : الله يخليهم لك يارب ..
رياض : اللهم آمين يارب .. ويرزقك ببنت الحلال اللي تستاهلك..
تجاهل كلامه وسكت ... نزل وراح لسيارته وقبل يمشي صوت لرياض : وقف عند
البقالة اللي قدام ..
هز له راسه موافق وتحرك قبله .. وصل البقالة ونزلو .. توجه لقسم الحلويات والبساكيت
اختار كل شي جا في باله .. ورياض يناظره مبتسم .. يعرفه عنيد ومن زمان على كثر
ماحاول معاه مستحيل يغير من قناعاته .. او قراراته .. حاسب عليها وشال الاكياس وهم
طالعين مد بعضهم لرياض : هذي لأميرتك الصغيرة ...
خذهم رياض وهو مبتسم : ياشيخ الله يعين اللي بتاخذك .. عنيد واللي براسك تسويه ..
رفسه على رجله : انقلع بس ..
لحقه رياض وركب سيارته وهو يضحك بصوت عالي .. وسمع صوت رياض من بعيد
يضحك وهو يقول له : مشكوووووور ..
حرك السيارة وهو يرد له تحية بيده ... ومشى راجع للبيت وهو مو عارف شلون بيقضي
هالوقت الطويل بدون شغل .. وتذكر بعض الملفات اللي لازم يراجعها ...
اول ماوصل شاف سيارة السواق مشتغلة .. وعرف انه اكيد احد بيروح مشوار .. نزل
واول مادخل البيت قابلته سما تركض نازلة مع الدرج وهي تسكر عباتها .. اول ماشافته
تصنمت مكانها وماتحركت ...
بصوت هادي : وين طايرة ..
تلعثمت وضاعت الحروف : امممم .. انا ..
صرخ فيها : ايه انتي
سما : بروح السوق ..
رفع حاجبه وناظرها : لحالك ؟
تلتفت حولها تدور رسيل تنقذها : لا معاي رسيل ..
وقبل ترجع لفوق سمعته يتصل بجواله ويكلم : طف السيارة
ورجعها مكانها ..
شهقت والتفتت له : ليييييييييييييييييييييش ؟
مشى من جنبها من دون لايطالعها : لاترفعين صوتك لاقص لسانك ...
وراح لجناحه على طول وهو يسمعها تتحلطم وتصيح .. دخل غرفته .. وتمدد على سريره
بثوبه .. واستسلم لافكاره .. مامر وقت طويل قبل يتعوذ من الشيطان .. ويفز من مكانه
على طول راح لها جناحها وطق الباب ..
جاه صوتها من الداهل بصراخ : مااااااابي احد ..اتركوني لحالي ...
سمعت صوته القوي من خلف الباب : سما افتحي ابيك بسرعة ..
قامت من مكانها ومسحت دموعها وفتحت له على طول .. اول ماشاف آثار الصياح على
وجهها عوره قلبها عليها .. تقتله هالبنت .. يقتله برائتها ودلعها .. مسكها مع خشمها
المحمر من اثر الصياح : يالصياحة كل هذا عشان مارحتي السوق ؟
نزلت راسها بدون ماتتكلم واول ماشاف تقوس فمها علامة انها على مشارف الصيحة
تكلم على طول وهو يخفي ابتسامته : بروح اتسبح واجي القاك جاهزة انتي واختك ..
بوديكم ..
رفعت راسها وفتحت عيونها على اتساعها : وين بتودينا ؟
التفت راجع لجناحه وهو يقول لها : مكان ماتبون تروحون ..
ابتسم من قلب وهو يسمع صراخها ووناستها .. وهو يضحك عليها شلون انقلب مزاجها
في دقيقة دخل يتسبح وطارت سما لجناح اختها .. دخلت بدون ماتطق الباب : ريسو قومي
بنروح السوق ..
فزعت رسيل وناظرتها بخوف : بسم الله " وطقتها على راسها " خوفتيني لا بارك الله
في ابليسك ..
سما وهي تضحك : ريسو تكفين البسي عباتك بسرعة قبل يغير رايه طلال ..
ناظرت مرايتها وهي تتجاهل كلام اختها : مادام طلال فيه انسي مو ناقصة نتحايله
وبالاخير يرفض ..
هزت سما راسها : لا لا .. طلال هو اللي بيودينا ..
طاحت فرشة البلاشر من يدها والتفتت لها مستغربة : يودينا وين ؟
سما : وين فيه يعني .. يودينا السوق ..
رسيل وهي مازالت مو مستوعبة اللي انقال لها : يالله اجل خلينا نستعجل قبل يغير رايه
لبسو عباياتهم وخذو شناطهم ونزلو تحت ...
بعد ماتسبح لبس ثوبه وقف عند المراية يزين شماغه .. ناظر نفسه برضا تام " طلال
شاب وسيم جدا .. يحمل ملامح خليجية اصيلة .. عيونه واسعة وخشمه طويل ومستدق
لونه قمحي .. تزينه سكسوكة حالكة السواد مع شنب خفيف شوي .. طويل جسمه
رياضي "
نزل واول ماشافهم بالصالة اللي بالدور الارضي كتم ضحكته لا تطلع ... مشى بدون لا
يطالعهم : يالله مشينا ..
راحو ركض وراه .. وهو طول الوقت يقاوم لا تطلع منه ضحكة مكبوتة ..ركبت رسيل
جنبه وركبت سما بالسيت الخلفي .. التفت وراه وشاف الأكياس : سموي شيلي الأكياس
ووديهم داخل ..
ناظرت سما بالشوكولاتات والحلويات اللي بالاكياس وناظرته مستغربة : من له هذي ؟
لف وجهه لقدام وناظر بالمراية الأمامية وهو يشغل السيارة : جبتها لكم انتي و رسيل
اعرفك تحبين السنكرز ..
شالت الأكياس ونزلت وهي تحس بداخلها تأنيب ضمير فظيع .. على كثر ماتحقد عليه
وتكرهه .. جايب لهم اللي يحبونه .. وبعد جاي وتعبان وبيوديهم للمكان اللي يبون ..
صوتت على الشغالة واعطتها الأكياس ورجعت للسيارة .. كانت ساكتة وبداخلها
امتنان لاخوها الكبير .. صحاها من تفكيرها صوته الهادي : وين تبون تروحون ؟
على طول تكلمت : الفيصلية ..
واستمر الصمت باقي المشوار .. صدح صوت اذان العشا وهم بالطريق واول ماوصلو
لاحدى البوابات قبل ماينزلون التفت لرسيل : بروح اصلي العشا واخلص كم شغلة
وعقب بمركم ..
هزت راسها علامة الموافقة .. وكمل كلامه : انتبهو لانفسكم وتغطو زين .. واي احد
يضايقكم تجاهلوه ولا تتكلمون معاه ..
سما بهدوء غريب عليها : ان شاء الله .. ونزلو ثنتينهم .. ومشى رايح لاقرب مسجد
صلى العشا .. اخذ له مصحف وقرأ ماتيسر من القرآن وهو مو حاس بالوقت اللي
قضاه في القراءة .. ماكان عنده اي شغل بس ماحب يقول لخواته انه طالع عشانهم ...
ناظر ساعته وشافها تشير لـ 8:53 مساء .. سكر المصحف وقام
طالع من المسجد ..اتصل على رسيل ومن ردت قال بلهجة صارمة : 10 دقايق وانا
عندكم اطلعو مع نفس البوابة اللي وقفتكم عندها ..
رسيل وهي تحاول تركز في كلامه اللي يقوله .. من صوت الازعاج اللي حولها : ان
شاء الله .. " والتفتت لسما " سموي يالله طلال جاي ..
ولأول مرة سما ماتعترض على موعد الرجعة حاسبت على الساعة اللي اختارتها وودعت
صديقاتها ومشت هي ورسيل .. اول ماوصلو للبواية شافو سيارته وتوجهو لها .. ركبو
وسلمو عليه ... اول مامشى التفت على رسيل : وين تبون تروحون بعد ..
نطت سما ودخلت راسها بينهم : اليوم فاضي لنا طلول ؟
طقها على راسها : ارجعي ورا الله يفشلك .. " والتفت عفلى رسيل " هاه ريسو وين
تبين تروحين ؟
حست بخجل منه وقالت : اللي يريحك ..
حب يطرطع بسما شوي : اللي يريحني ارجع البيت الحين .. "واول ماسمع شهقة سما
ابتسم بخاطره " بس ابي اعشيكم على حسابي ..
رجعت نطت سما بينهم : بنروح تشيليز ..
طقها مرة ثانية على راسها ودفها يرجعها على ورا : محد حاكاك انتي .. انا سألت رسيل
هالحين دورها تختار ..
التفتت على سما وشافت بعيونها نظرة رجاء ابتسمت : اوكي نروح تشيليز ..
وداهم تشيليز .. كان العشا هادي تخلله خبال سما وتدلعها عليهم بالطلبات .. وتعليقات
طلال القوية .. وضحكات رسيل المكتومة ..خلصو عشا ومشو راجعين للبيت ..
ورجع الصمت رفيقهم بهالمشوار .. اول ماوصلو البيت شافو امهم وابوهم قاعدين
بالصالة ..سلمو عليهم وطلعو البنات فوق .. طلال قعد معاهم شوي وبعدها استأذنهم
طالع ينام .. شافهم واقفات ينتظرونه .. : نعم وش عندكم .. لا يكون تبوني انومكم بعد ؟
فقعت سما ضحك .. وتقدمت رسيل منه بخجل وحبت راسه وهمست بصوتها الناعم
الخجول : مشكور ..
جاته سما تركض وهي تحاول تحب راسه .. بس ماقدرت توصل لانه طويل .. ورغم
انه نزل نفسه شوي لرسيل الا انه سما مو ذاك الطول ومالحقت تحبه على راسه .. نزل
نفسه لها ومسكها مع كتوفها .. حبت جبينه : مشكور طلول ..
حبها على خدها : اهم شي استانستو ؟
هزت راسها بإيه .. ناظر فيهم وابتسم ابتسامة خفيفة وراح لجناحه .. وهو يحس برضى
كبير بداخله .. انه قدر يغير شوي من روتينه الممل ..ويدخل الفرحة بقلوب خواته ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:02 PM
صاحين من قبل صلاة الفجر ومجتمعين يبون يقضون آخر ساعات مع اخوهم
قبل يرجع للرياض ...وهو معاهم يحس انه يعيش بقمة سعادته .. احساس الحب
اللي يطوقهم اعظم احساس .. كان بداخله حزن كبير على ابوه وهو يشوفه مقعد
وعاجز عن الحركة .. وهالبساطة اللي تغلف حياتهم ..
مدت له نورة الحليب بابتسامة ترد الروح : تدفى ياراكان ..
خذا منها الحليب وهو يناظر بسلمان اللي مفتح عين ومغمض الثانية وهو قاعد
للحين ماشبع نوم : هالولد مشقي عمره .. من يقوم وهو ركض مايركد ..
ناظره ابوه وبعيونه اسى : خله وانا ابوك .. ياليت عندي رجلين والله ما اخلي
مكان الا اروح له ..
على طول دمعت عيون البنات ونزل راكان حب فخذ ابوه : بالجنة يبه .. لا تكدر
خاطرك محد مهتني بحياته ...
مسح على راسه وقال بحنان ابوي كبير : قوم وانا ابوك .. انت ان شاء الله بتسوي اللي
انا عجزت اسويه ...
ابتسم لابوه وناظر خواته اللي منزلين روسهم .. وشاف نورة تمسح عيونها بطرف
شيلتها .. مد يده وضغط على يدها .. رفعت راسها وابتسمت له وقامت للغرفة
على طول .. واجهشت بالبكاء بدون توقف ..
راح لها وقرب منها : النوري ؟ الله يهداتس وش اللي يصيحتس الحين ؟
مسحت دموعها وقالت من بين شهقاتها : مابيك تروح تونا ماشبعنا منك والله ياركان ..
حب راسها وضمها له : ان شاء الله لا تخرجت وتوظفت ما ابعد عنكم يوم ..
بعدت عنه وناظرته : وين بتتوظف في الديرة ؟ اكيد بيحطونك بأي مكان ثاني
وبتعيش طول عمرك بعيد عنا ..
راكان : وش بيدي وانا اسويه لكم .. ادعي ربي يوفقني وانا اخوتس ..
سمعت ابوها يتكلم من الصالة : نورة وانا ابوتس لا تكدرين خاطر اخوتس ..الله
بيرده لنا ..
ابتسمت لاخوها بين دموعها : ان شاء الله .. ربي بيوفقك وتتوظف وتتزوج ..
ويعوضك سنين تعبك خير ..
قام ومسك يدها يقومها : قومي نقعد معهم .. باخذ علومكم قبل امشي ..
قامت معاه ورجعو للصالة يكملون سوالفهم .. كانت تناظره وهو يضحك مع خواتها
وسلمان وهي تحس قلبها بيتقطع عليه .. تحبه بشكل جنوني .. كان اقرب شخص لها
حتى اكثر من شيخه .. اللي كانت منشغلة عنها بحبها القديم .. حنانه اللي كان يغدقهم
فيه وطيبة قلبه .. احساسه بالمسئولية من صغره .. كان موجود بوقت حاجتها له ..
ماكانت تحس بالألم رغم انه اصغر منها الا انه كان يتحمل عنها همومها .. كان دايم
يقول انا الرجال اللي اتعب واشقى عشان ترتاحون ... نزلت دموعها وهي تتأمله
شلون يبتسم في قمة اوجاعه ..
لمح الدمعة بعيونها وحس بألم فظيع يعتصر قلبه .. دعا ربي من قلب يرزقها بالرجل
الصالح اللي يعوضها هالحرمان والشقى .. انتبهت لنظراته وابتسمت له ..
سمعو صوت الاذان .. وقام هو وسلمان يتوضون بيلحقون صلاة الفجر .. وقامت نورة
تجيب لابوها موية يتوضا فيها .. راحو لصلاة الفجر وجا يودعهم .. لانه يبي يوصل
منيرة وسلمان مدارسهم وبعدها يمشي راجع للرياض .. اول شي مر على بيت خالته
ووقف برا يودعها ويوصيها على عيالها وهيا .. حس بقلبه انها تناظره مع الشباك بس
ماقدر يلتفت لها .. : بالله عليتس ياخالتي لا اعتزتو شي لا تطلبونه من احد .. انا كلي
لكم ..
ربتت على كتفه وقالت بحنان الأم : ماتقصر ياوليدي عسى الله يردك سالم ..
التفت على الشباك ولمحها .. وابتسم : وانتبهي لهيا .. تراها بذمتس الين ارجع ..
ام محمد : هيا بعيوني .. بتوصيني على بنتي ..
هيا اللي كانت تستمع لهم .. توسعت ابتسامتها من بين دموعها وهي تسمع وصاياه لامها
وهي تدعي بقلبها ربه يوصله بالسلامة ويطمن قلبها عليه ..
رجع لبيتهم سلم على ابوه وامه وخواته .. وقبل يطلع استوقفته امه : حصن نفسك
ياراكان ولا تنسى وردك .. وحافظ على صلاتك وانا امك ..
حب خشمها : ابشري يمه لا توصين حريص ..
مد يده لسلمان : السلمي يالله مشينا ..
جاه يركض ومسك يده ومشت معاهم منيرة رايحين لمدارسهم ....
/
\
/
\
جالس عند باب المدرسة ينتظرها مثل كل يوم .. مايدري ليش هاللهفة بقلبه لها ..
ومايدري ليش يعد الساعات عشان يشوفها .. اعجبه احتشامها وحياها .. واعجبه
كفاحها وقوتها .. قوية بخطواتها .. ثابته تمشي بدون خوف .. كان يحس بخجل
كبير في نظراتها ..كانت تجذبه بشكل جنوني .. ومايقدر يتحكم في ضربات قلبه
بوجودها .. مايدري للحين هل هو يحبها او مجرد اعجاب وتعلق .. بس في شي
بداخله يدورها وينتظرها ..رغم انه شاب وسيم ممكن اي بنت تتمناه الا انه ماكان
يعطيهم وجه .. ماكان يحب وقاحتهم .. اللي مناقضها خجل موضي .. احساس
بشوق جارف لها .. خصوصا انه ماشافها من يومين .. كان كل شوي يناظر ساعته
ينتظرها .. وبداخله شوق ولهفة لها .. لمح سلمان جاي من بعيد وشاف معاه واحد
غيرها .. احساس بخيبة الأمل اعتراه .. وهو يحس بشوقه يتداعي اكثر بقرب سلمان
شافه جاي يركض له فرحان : استاذ .. استاذ هذا اخوي ..
ابتسم لراكان وهو يشوف فرحة عجيبة بعيون سلمان مد يده له وصافحه : هلا والله ..
حط راكان يده على راس سلمان : هاه يا استاذ نايف شلون السلمي معك ؟ عساه ماهو
بمتعبك ؟
ابتسم له نايف وهو يناظر بسلمان اللي منزل عيونه خجل : لا بالعكس سلمان والنعم
فيه ليت كل الطلاب مثله باجتهاده ..
هز راكان راسه برضى ونزل نفسه لمستوى سلمان .. سلم عليه وودعه وهو يشجعه
يركز بدراسته عشان يكبر ويساعده بوظيفته ..
ناظرهم نايف باعجاب كيف انهم يوجدون من ابسط الأمور اكبر مقومات للسعادة ..
رجع للداخل بعد ماخاب امله .. وهو يتأمل يعدي الوقت بسرعة عشان يقدر يشوفها
ضحك على نفسه واستغرب مشاعره .. وبداخله الف صرخة تقول له " تحبها
هالشعور اللي بداخلك حب يانايف "
نفض هالافكار من راسه .. وناظر بالمدرسين وهو مبتسم .. شال اغراضه .. وتوجه
للخارج مكان وقوف طوابير الصباح .. وقف مقابل لطلابه ومانزل عينه عن سلمان
كان طول القوت يناظره .. ويشوف موضي بعيونه .. لمحه حزين ومبين عليه انه على
مشارف الصيحة .. استمع للنشيد الوطني .. وللإذاعة المدرسية وتقدم طلابه متوجه
لفصلهم .. : سلمان تعال ابيك ..
راح له سلمان وهو منزل راسه : سم يا استاذ ..
مسكه من يده وسحبه لخارج الفصل : وش فيك زعلان ..
رفع راسه وناظر استاذه وتكلم : اخوي مسافر الحين .. وانا مابيه يروح ابيه يقعد
معانا مثل اول .. ومايروح عنا ..
ابتسم له نايف : سلمان انت مو صغير عشان تصيح واخوك ماراح الا عشان يشتغل
ويساعدكم وتقدرون تعيشون زين ..
قاطعه سلمان والدموع بدت تنزل من عينه : بس احنا مانبي اكل نبيه هو يقعد معنا ..
حط يده على كتفه وربت عليها : انت انشغل بدراستك وساعد اهلك .. وبتمر الأيام
بسرعة وبيرجع لكم ..
هز راسه وهو مازال مو مقتنع بهالكلام .. كمل نايف بحنان : انت الحين رجال البيت
المفروض ماتصيح مثل البنات ..
حس سلمان بالفخر من هالكلمة وابتسم له : ايه صح انا رجال البيت ..
ضحك نايف عليه : يالله اجل ادخل الفصل ولا يشوفونك اصحابك وانت تصيح ..
مسح دموعه ودخل للفصل .. ودخل معاه نايف اللي بدا درسه وهو مو قادر يشيل
عيونه عنه ..
سكر التليفون وهو يزفر غضب ... صوت على سكرتيره بصراخ عالي ..
جاه السكرتير وهو يحس بخوف من نظراته ونبرة صوته المفزعة .. : سم
طال عمرك ..
رمى الملفات على وجهه وقال بصراخ اقوى من قبل : هالمناقصة ابيها هالأسبوع
ترسي علينا .. ومابي احد ياخذها منا فاهم؟
هز راسه يوافقه وهو مو داري وش تفكيره : ابشر ..
ابو طارق بغضب : وهذا عبدالله لو تدخل او حاول ياخذها لشركته بدمره ..
ناظر فيه ومايعرف وش يرد عليه واكتفى بالصمت حتى يفرغ كل غضبه عليه
وبعدها هو بنفسه بيقول له روح ..
تكلم وهو يناظر في الأوراق حوله .. احنا الأقوى والمفروض ترسي علينا .. من وين
طالع وجاي يتحداني .. انا هددته اذا ماتركها لي راح اخليه يخسرها غصب عنه ..
ومد يده لدفتر الشيكات .. كتب مبلغ كبير ومده للسكرتير : روح له شركته .. وعطه
هالشيك اذا وقع انه يتنازل عن المناقصة ..
هز السكرتير راسه .. وهو مقهور من مطاوعته له في طغيانه وتجبره على صغار
التجار ولجوءه للرشوة في كل منافسة يبيها ..
طلع من عنده وهو مستلسم لرغبة رئيسه .. وتوجه لشركة ابو احمد ..
قعد بمكتبه وهو يحس بغضب كبير يجتاحه .. وهو يهدد ويتوعد اذا ماتنازل منافسه
عن هالمناقصة راح يخسره بأي طريقة حتى لو اضطر ان يلفق له تهمة تبقيه في
السجن لسنوات عديدة ..
استقبل اتصال من زوجته اللي اشتكت له من ديما اللي مو راضية تفتح لهم الغرفة
ولا حتي ترد على مناداتهم لها .. سكر منها وهو يتوعد بداخله اشد الوعود ..
وعلى طول توجه للبيت وهو حالف يصب جام غضبه عليها .. لانه من يوم درى
انها ببيت عمها وهو متوعد انه بيضربها .. بس من حلفه فيصل مايلسمها امس ..
حلف وهو مصر مايعدي هالشي على خير ..
راح لها غرفة الخدم وطق الباب طرقات متتالية وقوية .. تسارعت نبضات قلبها
ونافست صوت طرقات الباب قوة ... سمعت صوته يناديها ويهددها اذا مافتحت
الباب .. صرخت بداخلها " يااااارب ارحمني .. الحين بدا عذابي " فتحت له بيدين
ترتجف واستسلمت لسيل الضربات واللكمات اللي سددها على وجهها وجسدها الصغير ..
كان تحس الغضب اللي فيه اكبر من مجرد خروجها من البيت .. استسلمت لضربه
وكتمت تأوهاتها .. حبست دموعها وهي تدعي ربها يصبرها على عذابها ..
بعد ما افرغ كل غضبه عليها .. كانت جسد ميت بدون حراك .. رماها على الارض
وطلع من عندها وهو يحس بغضب كبير عليها وعلى نفسه .. شلون هانت عليه بنته
راح لسيارته وركبها وصرخ بأعلى صوته : والله ما اسامحك ياسلمى على
اللي سويتيه فيني وفي بنتك .. والله لادفعك الثمن غالي ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:03 PM
الجزء الثالث
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
يافقر قلي وش تبي من ورانا
زودن على فقر الدراهم فقر دم
ما حاشت ايدينا غدابه عطانا
نبذل ولانحسب يدينا عطت كم
ولابه رصيد عندنا من يدانـا
الا الفعول الطيبة خشية الذم
لو انتسلف للغدا من عشانـا
نصبر ولو احوالنا كلها هـم
مع اصوات وضجيج بالخارج .. ورش مطر خفيف وصوت ارتطام الباب بفعل الهواء
الشديد .. كانت توها مخلصة صلاتها تسبح وتذكر ربها .. حست بقشعريرة برد
تسري بجسدها .. قامت على طول وشافت شيخة متمددة وحصة تسولف لها .. لبست
عباتها وراحت لمدرسة سلمان كالعادة .. قعدت تتلفت حولها وهي تمشي شافت اهل
الديرة اغلبهم طالعين .. تميزهم بساطتهم وابتسامتهم البريئة .. كل مامرت من عند بيت
وحدة فيهم سلمت وهي ماشية .. كانت البيوت طينية وابوابها خشب .. اغلب هالابواب
متهالكة ومتكسرة .. ويمكن حتى ماتتسكر .. خصوصا ان بيت الواحد مفتوح للكل حتى
لو عز عليهم يلقون اللي يضيفون فيه اللي يجونهم .. كانت تمشي وهي تحس نفسها بقمة
سعادتها راضية عن نفسها وعن اهلها .. شعور بداخلها يرسم البسمة رغم الألم رضى النفس
هو اللي مخليها سعيدة .. وشوقها له مخليها تمشي وبداخلها لهفة .. من يوم الاربعاء ماشافته
حتى اليوم الصباح راكان اللي وصلهم .. استغربت لهفتها .. ماتبي تتعلق وتحب .. هالشي عيب
وممنوع .. واكبر مصيبة ممكن تسويها البنت انها تحب .. مشت بخطوات فرحانة .. رغم
ان المدرسة بعيدة والمشوار مرهق .. الا انها تحب هالمشوار احساسها انها بتجربة مجنونة
ومغامرة غير محسوبة يبث بداخلها نوع من الحماس .. ضحكت وهي تشوف عليان الراعي
يطارد الغنم .. هالراعي دايم معصب وزعلان .. واخيرا بعد طول عناء وصلت المدرسة ..
كانت نبضات قلبها متسارعة .. جنون بداخلها يبي يشوفه .. تبي بس تلمحه وماتبي اكثر ..
بريئة حتى في احلامها .. انتظرت .. وانتظرت وطال انتظارها .. وكل طلاب الابتدائي
طلعو وهي للحين ماشافت سلمان ولا شافته .. مشت شوي : الدحمي ..
التفت لها وجاها ركض : سمي
شافت كل العيال يطالعونها بس تجاهلتهم : سلمان وينه ؟
ببراءة الاطفال اللي مايعرفون شلون يمهدون للأمور : اليوم طاح علينا ووداه استاذ نايف
للمستوصف ..
ما استوعبت اللي انقال الا انه سلمان طاح عليهم ضاع الحكي منها وماعرفت شلون تتكلم
او وش تقول ردتت بخوف كبير : سلمان وش صار عليه ؟
جا ولد اكبر منه شوي : ان شاء الله مافيه الا العافية .. بس ودوه يتطمنون عليه ..
قاطعته : قام ؟ ولا طايح يوم خذوه ..
تلقف عبدالرحمن مرة ثانية : لا مغمض عيونه وشالوه عنا ..
ارتجف كل جسمها ومشت بخطوات سريعة للمركز الصحي الوحيد بهالديرة .. طول الطريق
وهي تدعي ربي مايكون فيه شي كايد .. تحس نفسها بتموت خوف مكانها نست مع هالخوف
منيرة اللي اكيد الحين تنتظرها .. " يارب مايصير له شي .. يارب لاتحرمنا منه " تغيرت
مشاعرها في دقائق .. والفرح اللي كان مرسوم على ملامحها تحول لخوف وألم .. لو صار
فيه شي ولا احتاج نقل للمستشفى .. اقرب مستشفى لهم على بعد 200 كم .. زاد خوفها
بقلبها .. ومع كل دقة قلب تلهث بالدعاء للخالق يحفظه .. وصلت وهي تحس دمها نشف
بعروقها .. دخلت وشافته يمشي بخطوات غير موزونة .. بدون شعور نزلت دموعها ..
" اللهم لك الحمد يارب .. اخوي بخير " قربت منه ولمته لحضنها : سلمان وش فيك ؟
مسك يدها : موضي والله شفت الدنيا سودا ..
مسكته وجلسته على اقرب كرسي وجلست مقابلته : وش صار عليك ؟ ووش قالو لك ؟
هز كتوفه علامة انه مو داري .. واشر على نايف .. رفعت عينها وشافته واقف يطالعها
شعورها بهاللحظة كان متناسيه وهمها كله وتفكيرها باخوها .. وقفت ومسكت يده : تعال
معاي ..
وقف ومشى معاها بخطوات متثاقلة .. ماتدري وين تروح ولا وش تسوي .. تجهل بهالأمور
شافت اول ممرضة قدامها استفسرت منها وبالآخر جابت لها ملفه .. خذت الملف وراحت
للطبيبة العامة .. : يعني شلون ماله علاج ؟
دكتورة سهام : لا هوا خفيف اوي .. بس لازم ياخد ادويته اول بأول .. وياكل كويس ..
نزلت راسها ماعرفت شلون تتكلم او وش تقول .. هم الأكل بصعوبة يلقونه .. هزت راسها
وهي تحس بأسى على نفسها وعلى اخوها .. ضعيف كثير وضعف اكثر بالفترة الاخيرة
بعد ماساءت احوالهم .. شكرت الدكتورة وطلعت .. كانت حزينة رغم انه فقر دم خفيف
وممكن حتى الأغنياء يصيبهم .. بس لانها تحبه ماتبيه يتعب .. خذت ادويته ووقفت تناظره
نزلت نفسها لمستواه : تقدر تمشي ؟
هز راسه بإيه .. مسكته من يده ومشت معاه .. ماكانت منتبهة للعيون اللي من اول تتابعها ..
من اول ماشافها جاية بسرعة وداخلة المستوصف وهو مو قادر يشيل عيونه عنها .. يحمل
لها بداخله مشاعر مايقدر يخفيها .. وكل ماكبر هالحب كبر معاه احساسه بالخوف .. خوف
من المستقبل وش ممكن يحمل له من هموم اذا استمر في حبها ..
اما هي مشت معاه للبيت ونست منيرة اللي كانت تنتظرها كانت تسولف له وتضحكه بس
ماتبيه يحس بالتعب ... وبداخلها امتنان كبير لربها انه بخير ومافيه شي وهي اللي راحت
والوساوس تملا قلبها ... وصلت للبيت ومن شافته امه وجهه مصفر فزت على طولها
مرعوبة : يمه سلمان وش فيه ؟
تكلمت وهي تفصخ عباتها : مافيه الا العافية .. احد جاب منيرة ؟
جات نورة من الغرفة وراحت لسلمان على طول : السلمي ورا وجهك اصفر ؟
سلمان ببراءة : والله مدري انا كنت في الفصل .. شوي الا كل شي صار اسود وماعاد
حسيت الا وانا في المستوصف ..
ضربت على صدرها : ياربي امنتك وليدي ..
مسكتها موضي وجلستها : والله مافيه الا العافية يمه .. يقولون فقر دم ويبي له تغذية زينة
" مدت الكيس الصغير لامها " وهذي ادويته فيتامينات ومدري وش هي خرابيطهم ..
نورة : سلمان تونس شي ؟
سلمان : لا بس ابي انوم ..
التفتت موضي حولها وماشافت ابوها : ابوي وينه ؟
ام راكان وهي حاطة سلمان بحجرها وتمسح على راسه : بينوم له شوي .. البارح الليل
كله ماعرف طعم النوم ..
قامت ولبست عباتها مرة ثانية : بروح اجيب منيرة .. واشتري له كبدة .. تقول لي الدكتورة
لازم ياكل لحم وكبدة ..
مدت لها امها 10 ريال : جيبي لنا كلنا ..
خذتهم موضي ورجعت ناظرت امها : وخالتي وعيالها ؟
فتحت ام راكان الشيلة اللي رابطة الفلوس بطرفها : كم تبين ؟
غمضت عيونها تحسب ويوم ضيعت العد فتحتها : هاتي 5 ..
مدت لها 5 ريال ومشت رايحة تشتري لهم الكبدة اللي بيتغدون عليها .. وقبلها تمر تجيب
منيرة .. قعدت ام راكان لامة ولدها بحضنها ..: تونس شي ياسلمان ؟
سلمان وهو يقاوم النوم : لا يمه كان راسي يعورني بس الحين انا زين .. تجمعو حوله كلهم
وبدا شوي يقاوم النوم ويسولف معاهم .. وهالشي خلا الراحة تنزل على قلوبهم ويتطمنون
عليه ويتأكدون انه بخير وعافية ..
بوقت متأخر من الليل قامت من نومها .. ناظرت ساعتها وكانت حول الـ 2 وشوي ..
حست بقرصة الجوع .. وقامت بكسل غسلت ونزلت للمطبخ .. فتحت الثلاجة تبي تشوف
لها شي تاكله .. ناظرت بباب الغرفة الملاصقة للمطبخ ماتدري ليش حست انها تبي تتطمن
عليها .. هي تكرهها وماتحبها لكن حست بخوف عليها .. مشت بخطوات مترددة وفتحت عليها
الباب .. شافتها طايحة وآثار الضرب مبينة على جسدها .. تسارعت دقات قلبها قربت منها
ومدت يدها لتحت خشمها .. ارتاحت يوم حست بانفاسها الدافية .. ماعرفت شلون تصحيها
بدون ماتحسسها انها خايفة عليها هزت كتفها بتردد : ديموووووه ..
جاوبها الصمت وطال هالصمت .. علت صوتها اكثر وصارت تصحيها ولكن لا مجيب ..
بدت يدها ترتجف خوف ... : ديماااا .. ردي علي تسمعيني ؟؟
تناهى لمسامعها صوت انين خافت زرع بداخلها نوع من الطمأنينة على حال اختها .. راحت
للمطبخ وجابت كاس مويه .. ومسحت فيه على وجهها وهي تصحيها .. فتحت عيونها بتعب
وهي بالكاد تشوف اللي قدامها .. كانت تتصبب عرق رغم انها ترتجف من البرد .. بصوت
متعب وانهكه كثر الجور والظلم : عطـ ـ ـ شـ .. وضاعت باقي الحروف بداخلها ..
رفعت راسها .. ومدت لها الكاس تشربها .. وهي مستغربة هاللي قاعدة تسويه .. بس يمكن
لان بداخلها بذرة خير ولو كانت ضئيلة .. الا انها تكره موت انسان تعرفه .. مابين اغفائات
متكررة وكلمات مبتورة كانت تراقبها بصمت .. وكل شوي تلتفت وراها تخاف يجي احد
ويشوفها عندها .. سمعت صوت اذان الفجر وتفاجأت انها كل هالوقت عندها ماقلقت كثير
لانها تعرف اهلها مو ذاك الزود في الدين .. يعني متى ماقامو صلو مادام الاب مايروح
يصلي بالمسجد صلاة الفجر فأكيد بيكون اولاده مثله .. : ديمووووه تكلمي ترى تلفت اعصابي
مدت يدها ومسكت طرف بيجامتها تحاول تقوم .. فتحت عيونها وشافتها .. صعقت من هاللي
تشوفه .. توقعتها وحدة من الشغالات توها تستوعب ان اللي كانت حولها من اول اختها ..
كانت تحس احد يناديها .. يلمسها بس مو قادرة تركز بشي .. بصعوبة طلعت حروفها : مروى
ترددت كثير قبل تمد لها يدها وتسندها على اقرب جدار .. : تشوفيني ؟
هزت راسها بإيه وسحبت نفس عميق وزفرته بألم .. : بموت يامروى ..
كانت تقاوم صراعات بقلبها .. احساس مؤلم هاللي تشوفه قدامها .. ابوها قاسي حتى معاهم
وماتذكر بيوم انه حضنهم او قال لهم كلمة حلوة .. وامهم نفس الشي قلب جامد مايعرف الحنية
مغرقتهم بالفلوس والسفرات والروحات والجيات .. واكتفو بهالشي .. " فاقد الشيء لايعطيه
يامروى .. شلون احن عليها وانا ماعمري عرفت وش هو حنان الأم والأبو " : تبين شي ؟
بللت شفايفها بلسانها وناظرتها بارتباك : محد بيدري ؟
بدون تفكير منها : لا .. قولي وش تبين ..
قاومت آلامها وجلست بشكل مستقيم تحاول تستجمع قوتها .. : ابي اصلي .. وابي آكل ..
بهاللحظة بس تذكرت انها نزلت من حول الـ 3 ساعات تبي تاكل بس نست جوعها من شافتها
طايحة قدامها .. : اوكي قومي صلي وانا بسوي لك معاي ساندويتش .. كان شعور غبي فيها
ماتبيها تعرف انها مسوية هالشي عشانها .. قامت عنها وهي مكتفية باللي سوته .. ورغبتها
بداخلها تبي تلتفت لها .. تبي تعرف هي تقدر تقوم او لا ... لكنها مشت للمطبخ وهي تكبت
صرخات الرحمة بداخلها سحبت كيس التوست .. وبدت تدهنه بجبن " مروى انتي ماسويتي
شي غلط .. ليش كل هالخوف ؟ " خلصت اللي بيدها .. وصبت لها عصير وماشافتها بالغرفة
اكيد راحت تغسل وتتوضا .. حطت الصحن ورجعت لجناحها .. ماتبي تعيش بهالصراعات
الكثيرة اللي بداخلها .. " اووووف وش هاللي احسه .. خليني اصلي واتجهز لمدرستي احسن
لي من هالتفكير اللي صدع راسي "
حطت الساندويتش والعصير على الكومدينه وغطته .. راحت توضت وبدت تصلي الفجر ..
صلتها بربها متقلبة .. تتقرب منه بفترة الاختبارات اكثر شي حالها مثل حال الكثير من
الطلاب .. مازرعو اهلها بداخلها حب الصلاة والتعلق فيها .. عودوهم على حب الدنيا واللهث
ورا ملذاتها الزائفة .. ماصلت بذاك الخشوع لانها تعودت تصليها وهي مستعجلة .. خذت
فطورها وبدت تاكله .. بعد ماخلصت لبست مريولها وخذت شنطتها ونزلت تحت .. اكيد
الوقت بدري .. بس كان عندها فضول تشوف ديما وش سوت .. فتحت عليها الباب واول
ماشافتها ديما خبت الساندويتش ورا ظهرها .. : بسرعة خلصي قبل يجي احد ويشوفك ..
هزت لها راسها وطلعت على طول وسكرت الباب .. ارسلت لها الشغالة تاخذ من عندها
الصحن وانتظرت زياد عشان يروحون مدارسهم .. بعد ماوصلت مدرستها .. انشغلت مع
صديقاتها ونست مشاعرها اللي كرهتها هاليوم كله ......
في جامعة الملك سعود .. وفي كلية ادارة الأعمال قسم الإدارة المالية قاعد يدون ملخص
محاضرته .. التفت حوله وماشاف مشاري استغرب منه وهالانسان مايفارقه دقيقة وحدة
كمل كتابة لانه مستعجل ويبي يرجع للشقة وليد واعده بمفاجأة حلوة وهو متأمل خير فيها
خلص اللي بيده وجمع اغراضه وقام .. راح لمكانهم اللي دايم يجلسون فيه بس بعد مالقى
مشاري .. " لايكون طلع ومابيحضر محاضرته الأخيرة ..؟ " : فهد وين مشاري ؟
فهد : راح مشوار وبيرجع بعد شوي .. بتروح انت ؟
اشر له بيده رايح : ايه قاضي من اول .. فمان الله .. ومشى طالع من الكلية .. وكعادته كل
يوم يحاول يدبر اي واحد رايح لقريب سكنهم ويروح معاه ... شاف واحد معاهم بنفس القسم
وساكن حولهم .. صوت له وركب معاه .. وصل للشقة على اذان العصر .. واول مادخل
صادفهم قايمين يتوضون .. : السلام عليكم
الكل : وعليكم السلام ..
مشى للغرفة وحط اغراضه ورجع طلع لهم : تغديتو ؟
الوليد : ايه والله ضبط لنا منصور هاك الكبسة .. لاتفوتك بس ..
راكان : بعدين .. الحين بروح اصلي .. وعقب بتعلمني وش عندك ..
لف يدينه حول كتفه وابتسم له : ابشر على هالخشم ..
بادله الابتسامة وراح يتوضا ويلحق الصلاة في المسجد .. بعد الصلاة رجعو وراحو منصور
وعبدالله يريحون شوي .. وراشد جلس على النت .. وقعدو راكان والوليد بالصالة ..
اخفى لهفته وناظره ينتظره يبتدي كلامه .. فهم عليه الوليد وابتسم له : لقيت لك شغلة حلوة
فز من مكانه مستانس : بالله عليك جد ؟
فاجأه حماسه وبادره : ايه والله العظيم ..
قاطعه على طول : مناسب لدراستي ؟ يعني مايحسبون علي تأخير ؟
هز راسه يبيه يتطمن : انت خلني اتكلم وافهمك كل شي ..
ابتسم له وهو يحرك يدينه بارتباك واضح حتى على ملامحه .. وكمل الوليد على طول : شوف
يالغالي هي شغلة ماعليها كلام .. وراتبها زوين وما اظن عندك مانع ..
تكلم بتذمر : اوووف عن هالمقدمات كلها وقول وش عندك اخلص ..
للحظة طرى بباله يعانده لكنه كسر خاطره وتكلم : سيكورتي بواحد من المجمعات ..
وراتبه 1500 وشفت مسائي بعد .. واذا تأخرت بيغطون
عليك زملائك .. واصلا المحاضرات
كلها تنتهي على العصر يعني وقتك مناسب ..
جاهم صوت راشد من الغرفة : من جدك انت وش سيكورتي انت الثاني كرف وشقا وبالآخر 1500 ..
لا وبعد من يوم يجي من الجامعة على المجمع ..
متى يلقى وقت ينام ولا يذاكر ..
قبل مايتكلم الوليد رد عليه راكان : ومن قال لك اني ابي ارتاح .. انا راحتي لاشفت اهلي
مرتاحين .. وش ابي بنفسي اذا كنت قاعد ومستانس واهلي قاصرهم اشياء مو شي واحد ..
طلع له راشد ووقف على باب الغرفة : وهالالف وخمسمية وش تسوي ؟
تنرفز الوليد من اسلوب راشد المحبط : وانت وش عليك فيه .. هو يبيها ومقتنع لازم يعني
تجي تضيق صدره وتسودها بوجهه ...
جا لهم وجلس معاهم : ومن قال اني بسودها في وجهه بس خله يدور له وظيفة احسن ..
الوليد بقلة صبر : صاحي انت ؟ هذا هو صار له حول الـ 9 اشهر يدور وظيفة وماحصل
احد حتى يعطيه لو 100 ريال ..
راكان : يعني بتطاقون الحين ..؟ خلاص ياراشد انت غير وانا غير .. انت متعود ابوك
يصرف عليك .. وكل شهر يجيك مصروف .. وعندك سيارة واهلك مو محتاجينك بعد
لا تقيس نفسك علي .. كل واحد وله ظروفه ..
الوليد : وهو الصادق .. انا اللي عارف وش وضعه .. وربي لوما غلاته ما دورتها له
وكلمت الرجال عشانه .. وانا وربي ماكنت ابي اقولها عنده لاني مابيه يظن اني امن
عليه فيها .. بس انت اللي حديتني اتكلم ..
قام له راكان وحب خشمه : ياجعلي افداك يابو خالد .. وربي مدري شلون اجازيك على كل
شي سويته معاي .. عسى ربي يقدرني وارد لك لو شوي ..
طقه الوليد على كتفه : افاااا ياراكان .. من متى بينا هالكلام .. ؟
ابتسم له بامتنان وناظر راشد اللي سكت بعد ماعجز يغير من قناعاتهم .. كان راكان يحس
بسعادة ماتوصف رغم ان الوظيفة متواضعة وراتبها كذلك .. بس يفك ازمة ويقدر يلبي
متطلبات اهله خصوصا انهم بقرية ومتطلباتهم اقل بكثير من سكان المدن .. يعني مرتاحين
من فواتير الكهرباء والتليفونات وهالامور حتى الملابس مايشترون الجديد الا نادرا والاغلب
تجيهم تبرعات ( مو كل القرى البعض وممكن تكون القليل من القرى على هالوصف ) ..
كان مستانس من هالخبر الحلو .. وحاس بامتنان عظيم لهالانسان اللي يفهمه من غير مايشكي
رغم ان مشاري معاه ومن نفس الديرة .. ورغم انه عارف اوضاعه كلها .. الان الوليد غير
يحس فيه .. وفوق هذا يبي يسوي المستحيل عشان يساعده ويحسن ظروف معيشته ..
شاف الوليد يناظره .. ابتسم له وقام للمطبخ مايدري ليش يحس نفسه انفتحت للأكل وللحياة
كلها ...
قلبت اوراقها بملل مو قادرة تركز باختبارها اللي بيكون بعد يومين .. ماتدري ليش قدرها
يحمل لها الألم .. رغم ايمانها القوي بأن كل مؤمن مبتلى .. وبأن الله ما ابتلاها الا لأنه احبها ..
الا ان بداخلها حلم مثل كل بنت بهالدنيا .. ابوها اللي تحمل اسمه وتتمنى يكون سندها بهالدنيا
هو الوحيد اللي مستحيل تحس بالأمان بوجوده .. ومجرد خروجه من البيت يعني الأمان
والحرية .. حرمت من هالحلم البريء .. حرمت انها تنتظره بلهفة .. وتستشيره بابسط امورها
انحرمت من احساس انه يجي يوم ويتطمن عليها او يسأل عنها .. " انا ليش احبه وهو ماقدم
شي يشفع لي اني احبه .. لانه ابوي ؟ وين هالأبو اللي عمري ماحسيت بوجوده " كانت من
صغرها تحس بعذاب قاتل وهي تشوفه سكران .. ماكانت تستوعب بالأول .. يقولون لها تعبان
مريض اي شي .. بس عمرهم ماقالو انه باع دينه ثمن لمسكر .. شعور قاتل بالخوف على نفسها
وشعور اقسى بالخوف على خواتها اكثر حتى من نفسها .. هي ممكن تتحمل كل شي .. طقه
وجبروته وكلماته البذيئة .. بس خواتها لا ماتبيه يدنس برائتهم .. طاحت دمعة يتيمة على دفترها
حست معاها بغصة مؤلمة .. حتى بوجود امها واخوها مازال احساس الخوف يسكنها .. ماحست
بالأمان اللي كانت ترتجيه .. من جات امها من اسبوع وهم كل يوم طقاق وهواش .. والفاظ
يتقزز اي شخص من سماعها .. كانت تتعذب وهي تشوفه يطق امها .. تتمنى نفسها مكانها ولا
يجي لها شي .. وكل ماقربت منها تساعدها بعدتها عنه .. تسائلت هل ممكن يجي احد بيوم ويطق
بابهم يخطبها هي او وحدة من خواتها .. صحيح انها توها صغيرة .. ويبقى لها سنة على ماتتخرج
من الجامعة .. بس رسيل من عمرها وتقدم لها كذا شخص وهي رفضتهم .. وهي بحياتها محد
تقدم لها ..حست نفسها غبية وهي تعقد هالمقارنة الفاشلة .. ابو طلال رجل اعمال ناجح .. وفوق
هذا انسان محافظ والكل يشهد له بالدين والصلاح .. شلون تقارنه بعربيد سكير وقته كله خارج
البيت ولولا الله ثم اموال شركاتهم كان الحين هم على حافة الفقر ..تذكرت كلام عادل وطيبة قلبه
غريب كيف يتوقع احد بيتقدم لهم وهذا ابوهم .. حتى عيال عم ماعندهم .. وعيال خوالهم بعد
مشاكلهم مع ابوها مستحيل يتقدمون .. هذا من يبي قربه اصلا وامها تبي الفكة اليوم قبل بكرة ..
مسحت دمعتها بعينها ولمحته واقف يتأملها .. ابتسمت له : من متى وانت هنا ؟
ألم فظيع حسه يعتصر قلبه عليها وهو حاس كل اللي بقلبها : صار لي ساعة اتنحنح وانادي بس
منتي حولي .. اللي ماخذ عقلك ياحلوة ..
كشت على نفسها وهي واقفة : من وين ياحسرة ..
مسك مع اذنها بقوة : وتقولينها في وجهي ياقليلة الحيا .. اجل تبين احد ياخذه ؟
بعدت يده وركضت للسرير وهي تضحك : بالحلاااااال ياخذه بالحلال ..
ضحك عليها وهو يشوف حمرة الخجل بخدودها : اي اشوا على بالي بس ..
زمت شفايفها وناظرته : لا خليت هالحركات لك انت ...
تفاجأ من كلمتها وماحب يبين هالشي على ملامحه : وش حركاته ؟
قعدت تلعب باصابعها وهي تضحك : ههههههههههههههه مثلك عارف ..
قرب منها وركضت بعيد عنه : دنو تعالي علميني وش تقصدين ..
ركضت تبي تطلع من الجناح وهي ميتة ضحك عليه بس كان اسرع منها ومسكها : بسرعة
الحين قولي وش قصدك ...
حاولت توقف ضحك وماقدرت .. وكل ماجات تتكلم تطلق ضحكتها بصوت عالي .. بلا
شعور صار هو بعد يضحك معاها .. دمعت عيونها من كثر الضحك وهي تبي تقول له اللي
بخاطرها وعجزت : هههههههههههههههه عدول تكفى فكني وانا بعلمك ..
حس نفسه مجنون وهو يضحك معاها ولا يدري وش السالفة .. بس على الاقل يقدر يخفي
شوي من ارتباكه لمجرد مرور طاريها : يلا تكلمي ..
رتبت التي شيرت ومسحت دموعها : يقولون رب رمية من غير رام .. وانا قلتها كذا بس
قط كلام فاضي .. و هاللي سويته كله يثبت لي انه في شي فعلا ..
حس انه لو قعد معاها شوي بتفضحه وبتطلع كل اللي بقلبه مشى من عندها : على بالي
عندك سالفة طلعت الآخر تهيؤات ..
ويوم وصل لباب جناحها جاه صوتها وهي تضحك : اقص يدي لو ماكانت وحدة ماخذة
العقل ومتربعة فيه بعد ..
ما التفت عليها واكتفى بابتسامة اختلسها خفية بدون محد يلمحه مجرد ماطرت هي على باله
نزل مع الدرج .. ويوم وصل للصالة تذكر هو ليش كان رايح لها .. حس بغبائه وقعد يلوم
نفسه ويعاتبها : جووودي ..
رفعت راسها من المجلة اللي قاعدة تطالعها : هلا ..
عادل : روحي تجهزي انتي وخواتك بنطلع الحين ..
فزت على طول مستانسة : وين بنطلع ؟
سحب المجلة اللي بيدها وقعد على الصوفا : امي تبيها مفاجأة لكم .. يالله تجهزو بسرعة
لا تأخرونا ..
ماكمل آخر كلمة الا وهي طايرة من قدامة طالعة فوق تقول لخواتها ..ماتعودو يطلعون ابد
لا ابوهم يطلعهم .. ولا امهم ترضى تروح مع ليموزين .. وعادل عمله بتبوك ومايشوفونه
الا كل كم شهر اسبوع او اسبوعين .. سمع اصوات ركضهم على الدرج والتفت لهم وهم
متجهزين وخالصين .. : هههههههههههههههه كل هذا عشان تطلعون ؟
جلست رغد جنبه : ايه وربي مو مصدقة انا بنطلع مليت وربي من البيت للمدرسة ونرجع
للبيت ..
عادل : زين انتظرو امي ونادر يجون ...
نجود وهي تصوت لهم بأعلى صوتها : يممممممممممممممه بسرعة عجلي ..
طقتها دانا على راسها : وجع .. فجرتي اذوني ..
ضحكت من قلب على اختها .. وناظرهم عادل وهو يسمع هوشاتهم ويضحك .. دقائق كانت
حلوة تملاها ضحكاتهم البريئة .. اغتصبها وحش كاسر دائما مايداهم افراحهم ويحولها لحزن
و هم ..صمت مفاجيء ونظرات مملوءة بالرعب ارتكزت على اللي توه داخل وبيده زجاجة
خمر .. بشعره الاشعث .. وثوبه المتسخ بازراره المفتوحه .. وشماغه المرمي على كتفه
باهمال .. على طول التفت لخواته مايبيهم يشوفون هالمنظر رغم انهم حفظوه واعتادوه ...
كان يكره قتله لبرائتهم .. بالذات رغد اللي توها بالمتوسط .. ونجود اللي بثاني ثانوي ..
عجبا كيف ممكن انسان يبيع نفسه لملذاته ويتبع هواه .. ويصير عبد لشهواته ورغباته ..
وجوده بس قتل كل معاني الفرح .. وهدد ببدء عاصفة جديدة من المشاكل اللي ماراح تنتهي
صراخ كالعادة .. سباب وشتائم تعف الإذن عن سماعها .. زرع الخوف بقلوبهم .. رجعو
بكل خيبة امل لدورهم .. ومازال يوصل لمسامعهم صراخه على امهم .. وهواشهم المعتاد
وبداخلهم اسى على فرحتهم البسيطة اللي قتلها بمهدها ..
بعد مافرغت كل اللي بقلبها غسلت وجهها وراحت تشوف رغد .. ماتبي يصير فيها شي
مثل قبل ... لقت نجود عندها ومبين على ملامحهم البكا .. ابتسمت لهم تحاول تخفف وجعهم
ولو بكلمة بسيطة : مو مكتوب لنا نفرح اليوم ..
نجود وهي تضم رغد : طقها اليوم بعد ؟ .. والله اكرهه ياناس اكرهه
قاطعتها بشدة : نجود خافي ربك هذا ابوك ..
وقفت بعصبية : ليش يطق امي .. ليش مايتركنا بحالنا ويروح عنا .. مانبيه والله مانبيه هذا
اللي لا خيره ولا كفاية شره .. حتى يوم جينا نفرح اليوم خرب علينا فرحتنا ..
جاهم صوته متفائل رغم الالم : بعوضكم اذا ربي اراد من بكرة .. بس لاتزعلون انفسكم
وتزعلوني انا بعد ..
راحت على طول وهي تشوف اثر دم خفيف على شفته : طقك انت بعد ؟
بعد يدها اللي حاولت تمدها على شفته : لا بس وخرته عن امي وجات ضربته فيني ..
ناظرت عيونه وهي تشوف الأسى فيهم : وينها امي ؟
عادل : بغرفتها .. ومافيها شي تكفين لاتروحين تصيحين عندها وتضيقين صدرها ترى
اللي فيها كافيها ..
هزت راسها وراحت لها على طول .. دخلت عليها بدون ماتطق الباب ورمت نفسها بحضنها
قاومت رغبة ملحة انها تصيح بحضنها تموت بمكانها الف مرة وهي تحس امها تنطق وتتعذب
وهم مايملكون ادنى شي ممكن يغيرون فيه حياتهم .. تجمعو كلهم حولها ملامح يبان فيها الأسى
ولو اخفوه .. عادل بحنانه الكبير عجز يرسم ابتسامة وهو يشوف الحزن يكسى ملامحهم ...
ودانا اللي تمنت تكون مكان امها وتتحمل الطق بس مايجيها شي .. ونجود ورغد ورائد اللي
كل يوم عن الثاني يزيد كرههم له اكثر من قبل .. ليلة ماتختلف عن كل ليلة قضوها بهالمكان
اللي بالنسبة لهم اشبه بالسجن الفاخر ..
احساس السعادة بداخلها يكبر وهي تعد الساعات اللي بتقدم فيها على هالخطوة .. ماصدقت
شلون هالوقت عدى .. رغم بطئه الشديد لبست عباتها ومرت على فصل منيرة .. شافتها
شايلة عبايتها بيدها ومعلقة شنطتها على ظهرها .. ابتسمت لها وبادلتها منيرة الابتسامة ...
تأملتها وهي تلبس عباتها بمجهود خصوصا انها توها متغطية وماتعرف شلون تحط عباتها
على راسها .. كتمت ضحكتها بداخلها وهي تشوفها تصارع شنطتها وعباتها .. كانت تشوف
بعيونها احساس الفرح لانها بتروح معها لبيتهم .. وكل البنات يغبطونها على هالشرف اللي
مانالوه للحين .. : ابلة لمياء ..
ركزت نظرها عليها : هلا
مدت يدها : هاتي اشيل شنطتس عنتس ..
ابتسمت لها بامتنان : لا انا بشيلها .. يالله مشينا ..
هزت راسها وهي متغطية وضحكت عليها ومشت معاها .. استغربت موضي وهي تلمح
هاللي جاية تمشي مع منيرة .. راحت لها منيرة ركض ولمياء تضحك عليها شلون متغطية
وهي مازالت بعقل طفلة .. كادت تتعثر بعباتها وقدرت بصعوبة توقف نفسها : موضي
ابلة لمياء بتجي معنا للبيت تبي نورة ..
راحت لها موضي على طول : ياهلا والله .. يالله ان تحيها تنورين البيت يا ابلة ..
ابتسمت بخجل على فرحتهم فيها .. احساس رائع تفتقده ,, " يالله وش كثر اعشق احساس
المحبة الغامر اللي احسه معاهم .. يابياض قلوبهم ماتعرف الا تحب وتعطي " مشت معاهم
في طرقات الديرة .. دخولها ولأول مرة كشف لها حجم معاناتهم وحجم بساطتهم .. بيوت
صغيرة جدا .. ممكن حجم البيت الواحد مايساوي كبر جناحها .. وتتزاحم بداخل هالبيوت
الأنفس ولكن يعيشون بسعادة هي تفتقدها .. شكر لله بداخلها على ان منحها هالتجربة الفريدة
لتتعايش مع من هم اقل منها طبقة .. واكثر منها سعادة ..كانت تستمع لسوالفهم وتضحك
من قلب .. ولأول مرة من زمااااان تضحك من قلب .. على طول دخلت موضي قلبها ..
انسانة مرحة متفائلة .. تعيش اللحظة بجنون وفرح .. ومبين انها محبوبة لأن حريم الديرة
من تعدي من عند بيوتهم يلقون عليها كلمات محبة .. وصلت معاهم للبيت وتفاجأت من حجمه
وشكله .. قديم جدا ومتهالك بصورة فظيعة .. ابوابه مهترئة .. وشبابيكه متكسرة .. والغرف
اللي فيه بالكاد تكفي لشخص واحد ياخذ راحته فيه .. استقبلوها بترحاب كبير .. ابتسامتهم
الصافية تدخل القلب .. جميلات .. رغم الفقر كانت تحمل ملامحهم الجمال البدوي الأصيل
كانت نورة الأجمل .. بس موضي الأكثر فتنة .. يمكن جنونها يعطيها جاذبية خاصة ...
لمحت ابوهم المقعد بالصالة وامهم اللي قاعدة وحاطة راسه بحجرها .. اخرجها من تأملاتها
صوت نورة الخجول : ارحبي يالغالية .. تو ماتبارك البيت بجيتس ..
ابتسمت بخجل وماعرفت وش ترد عليها بالضبط .. حست فيها موضي وعلى طول مسكتها
من يدها : ارتاحي يا ابلة .. وسحبت مخدة وحطتها ورا ظهرها وقعدو على الأرض ..
بعد ماسلمو عليها كلهم راحو شيخة وحصة لأمهم يسوون اي شي يضيفون فيه لمياء ..
وجلسو موضي ونورة ومنيرة معاها ... صمت قصير تخلله ابتسامات متبادله .. قطعت
الصمت ودخلت في الموضوع على طول : اكيد عرفتي ليش جاية اليوم يانورة ؟
رفعت راسها وناظرتها بترقب : هذي الساعة المباركة اللي تشرفينا فيها والله ..
لمياء : الله يبارك في ايامك يارب .. مثل ماوعدتك بعت لك كل الثياب .. وجابت لك سعر
زين بعد .. وابيك الحين تقولين لي وش تحتاجين وانا بجيب لك انتي والبنات كل شي من
الرياض وابيكم تخيطون مثلهم ..
معالم الفرحة ارتسمت على وجيههم .. ناظرو بعض بفرح وكل وحدة فيهم ودها تسـأل كم
المبلغ بس يحسون باحراج منها مو قادرين يسألون .. حست باحراجهم وعلى طول تكلمت
تبي تنهي هالتساؤلات اللي بعيونهم : بعت لك الثوب الواحد بـ 100 ريال ..
طالعوها كلهم بصمت وفشلت عقولهم انها تحسب المبلغ كم بيكون .. التفتت على منيرة
اللي تدرسها رياضيات : منيرة ماتعرفين 100 ضرب 18 كم ؟
نزلت راسها بحيا وهي تحاول تحسبها وماعرفت .. ضحكت على طول : هالمرة بعديها
بس ياويلك لو سألتك بالفصل وماعرفتي .. " ورجعت ناظرت في نورة " 1800 ريال
ملامحهم تغيرت بسرعة من التفكير اللي الدهشة والفرحة بنفس الوقت .. كانت تدري
انها ممكن بهالمبلغ تمنحهم سعادة .. وتمنح نفسها الرضى .. هي من عائلة غنية ويمكن
حتى راتبها مايساوي نص مصروفها اللي يجيها من ابوها .. وتعتبر هالمبلغ ولا شي
بالنسبة لها .. بس بالنسبة لهم خلق معنى للفرح والسعادة اللي تستحقها قلوبهم .. اتفقت
بعدها مع نورة انها تخيط هالثياب هي وبنات عمها وتبيعها لهم في الرياض .. رغم انها
تاخذهم وتوزعهم على الجمعيات الخيرية .. وتدفع لهم هالمبلغ صدقة خالصة تبتغي فيها
وجه الله تعالي .. تجمعو بعدها كل البنات وبنات عمهم وخالتهم .. وتغدو رز بلبن ...
كانت جلستهم بسيطة الى انها تحمل اجمل واعذب معاني السعادة ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:04 PM
احساس السعادة بداخلها يكبر وهي تعد الساعات اللي بتقدم فيها على هالخطوة .. ماصدقت
شلون هالوقت عدى .. رغم بطئه الشديد لبست عباتها ومرت على فصل منيرة .. شافتها
شايلة عبايتها بيدها ومعلقة شنطتها على ظهرها .. ابتسمت لها وبادلتها منيرة الابتسامة ...
تأملتها وهي تلبس عباتها بمجهود خصوصا انها توها متغطية وماتعرف شلون تحط عباتها
على راسها .. كتمت ضحكتها بداخلها وهي تشوفها تصارع شنطتها وعباتها .. كانت تشوف
بعيونها احساس الفرح لانها بتروح معها لبيتهم .. وكل البنات يغبطونها على هالشرف اللي
مانالوه للحين .. : ابلة لمياء ..
ركزت نظرها عليها : هلا
مدت يدها : هاتي اشيل شنطتس عنتس ..
ابتسمت لها بامتنان : لا انا بشيلها .. يالله مشينا ..
هزت راسها وهي متغطية وضحكت عليها ومشت معاها .. استغربت موضي وهي تلمح
هاللي جاية تمشي مع منيرة .. راحت لها منيرة ركض ولمياء تضحك عليها شلون متغطية
وهي مازالت بعقل طفلة .. كادت تتعثر بعباتها وقدرت بصعوبة توقف نفسها : موضي
ابلة لمياء بتجي معنا للبيت تبي نورة ..
راحت لها موضي على طول : ياهلا والله .. يالله ان تحيها تنورين البيت يا ابلة ..
ابتسمت بخجل على فرحتهم فيها .. احساس رائع تفتقده ,, " يالله وش كثر اعشق احساس
المحبة الغامر اللي احسه معاهم .. يابياض قلوبهم ماتعرف الا تحب وتعطي " مشت معاهم
في طرقات الديرة .. دخولها ولأول مرة كشف لها حجم معاناتهم وحجم بساطتهم .. بيوت
صغيرة جدا .. ممكن حجم البيت الواحد مايساوي كبر جناحها .. وتتزاحم بداخل هالبيوت
الأنفس ولكن يعيشون بسعادة هي تفتقدها .. شكر لله بداخلها على ان منحها هالتجربة الفريدة
لتتعايش مع من هم اقل منها طبقة .. واكثر منها سعادة ..كانت تستمع لسوالفهم وتضحك
من قلب .. ولأول مرة من زمااااان تضحك من قلب .. على طول دخلت موضي قلبها ..
انسانة مرحة متفائلة .. تعيش اللحظة بجنون وفرح .. ومبين انها محبوبة لأن حريم الديرة
من تعدي من عند بيوتهم يلقون عليها كلمات محبة .. وصلت معاهم للبيت وتفاجأت من حجمه
وشكله .. قديم جدا ومتهالك بصورة فظيعة .. ابوابه مهترئة .. وشبابيكه متكسرة .. والغرف
اللي فيه بالكاد تكفي لشخص واحد ياخذ راحته فيه .. استقبلوها بترحاب كبير .. ابتسامتهم
الصافية تدخل القلب .. جميلات .. رغم الفقر كانت تحمل ملامحهم الجمال البدوي الأصيل
كانت نورة الأجمل .. بس موضي الأكثر فتنة .. يمكن جنونها يعطيها جاذبية خاصة ...
لمحت ابوهم المقعد بالصالة وامهم اللي قاعدة وحاطة راسه بحجرها .. اخرجها من تأملاتها
صوت نورة الخجول : ارحبي يالغالية .. تو ماتبارك البيت بجيتس ..
ابتسمت بخجل وماعرفت وش ترد عليها بالضبط .. حست فيها موضي وعلى طول مسكتها
من يدها : ارتاحي يا ابلة .. وسحبت مخدة وحطتها ورا ظهرها وقعدو على الأرض ..
بعد ماسلمو عليها كلهم راحو شيخة وحصة لأمهم يسوون اي شي يضيفون فيه لمياء ..
وجلسو موضي ونورة ومنيرة معاها ... صمت قصير تخلله ابتسامات متبادله .. قطعت
الصمت ودخلت في الموضوع على طول : اكيد عرفتي ليش جاية اليوم يانورة ؟
رفعت راسها وناظرتها بترقب : هذي الساعة المباركة اللي تشرفينا فيها والله ..
لمياء : الله يبارك في ايامك يارب .. مثل ماوعدتك بعت لك كل الثياب .. وجابت لك سعر
زين بعد .. وابيك الحين تقولين لي وش تحتاجين وانا بجيب لك انتي والبنات كل شي من
الرياض وابيكم تخيطون مثلهم ..
معالم الفرحة ارتسمت على وجيههم .. ناظرو بعض بفرح وكل وحدة فيهم ودها تسـأل كم
المبلغ بس يحسون باحراج منها مو قادرين يسألون .. حست باحراجهم وعلى طول تكلمت
تبي تنهي هالتساؤلات اللي بعيونهم : بعت لك الثوب الواحد بـ 100 ريال ..
طالعوها كلهم بصمت وفشلت عقولهم انها تحسب المبلغ كم بيكون .. التفتت على منيرة
اللي تدرسها رياضيات : منيرة ماتعرفين 100 ضرب 18 كم ؟
نزلت راسها بحيا وهي تحاول تحسبها وماعرفت .. ضحكت على طول : هالمرة بعديها
بس ياويلك لو سألتك بالفصل وماعرفتي .. " ورجعت ناظرت في نورة " 1800 ريال
ملامحهم تغيرت بسرعة من التفكير اللي الدهشة والفرحة بنفس الوقت .. كانت تدري
انها ممكن بهالمبلغ تمنحهم سعادة .. وتمنح نفسها الرضى .. هي من عائلة غنية ويمكن
حتى راتبها مايساوي نص مصروفها اللي يجيها من ابوها .. وتعتبر هالمبلغ ولا شي
بالنسبة لها .. بس بالنسبة لهم خلق معنى للفرح والسعادة اللي تستحقها قلوبهم .. اتفقت
بعدها مع نورة انها تخيط هالثياب هي وبنات عمها وتبيعها لهم في الرياض .. رغم انها
تاخذهم وتوزعهم على الجمعيات الخيرية .. وتدفع لهم هالمبلغ صدقة خالصة تبتغي فيها
وجه الله تعالي .. تجمعو بعدها كل البنات وبنات عمهم وخالتهم .. وتغدو رز بلبن ...
كانت جلستهم بسيطة الى انها تحمل اجمل واعذب معاني السعادة ..
بأحدى اكبر شركات العقارات كانو عاقدين اجتماع مغلق .. يتضمن اثنينهم مع كبار
الموظفين بالشركة .. تكلم بصيغة آمرة : هالموضوع لاحد يدري عنه نهائي انتو تعرفون
منافسينا في الشركات الثانية ممكن يتدخلون وتخرب هالصفقات ..
هزو الجميع روسهم باقتناع وتكلم ابو سلطان شريكه في العمل : انا من رأيي نبدا العمل
على الأوراق الخاصة بهذي المناقصة من الحين .. لانه وصلتني معلومات ان ابو طارق
يبيها وانت تعرف انه اكبر منافس لنا في السوق .. واكيد مايخفى عليك اساليبه الملتوية
لكسب مثل هالصفقات والمناقصات ..
ثبت نظارته على عينه وناظر بالأوراق المقدمة له : هذا بالذات لا يوصله خبر انا داخلين
في المنافسة .. انا ابي نكسبها بطرق شريفة وحسب القانون .. وماعندي استعداد ادخل
في متاهات كثيرة ..
بعد ماقضى اجتماعهم وراحو كل الموظفين يشوفون اشغالهم قعد هو وابو سلطان يتناقشون
في امور شركتهم .. : وانت شلون عرفت ان ابو طارق داخل هالمناقصة .. وانا اللي
اعرفه حريص بمثل هالأمور ..
ابتسم له ابو سلطان : قلت لك عرفت من مصادري الخاصة ..
قام راجع لمكتبه وهو يناظره بنص عين : من متى بيني وبينك اسرار ياخالد ..
تكلم ابو سلطان : والله مابينا اسرار .. جايتني علومه اللي انت تعرفها .. يوم عرف ان فيه
شركات دخلت تنافسه .. شرى منهم تنازلهم ..
قاطعه ابو طلال بغضب : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. وهذا للحين على الرشاوي ...
ماسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لعن الله الراشي والمرتشي ) الى متى وهو يتهاون
بهالأمور وهو الآن مطرود من رحمة الله ..
قعد ابو سلطان في المقعد المقابل له : الحين انت وشوله تزعل نفسك هو ذنبه عليه .. واحنا
ياما نصحناه بس مازال على ضلاله .. ( انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء )
ابو طلال : انا اخاف على عياله وبناته اللي يأكلهم اموال حرام وهو غافلين عن هالأمور
كلها ... " ومد له مجموعة اوراق " خذ هالأوراق محتاجة توقيعك ..
خذا منه الأوراق وتكلم وهو قايم : خل موضوع المناقصة علي انا راح اتكفل بكل الأوراق
انت جهز نفسك لسفرتك الجاية .. ورانا صفقات مهمة في الفترة الجاية ..
وقبل مايطلع استوقفه : اذا رست علينا هالمناقصة ابشر بعزيمة تستاهلك .. ترى من زمان
ما اجتمعنا ..
ابتسم له واشر على خشمه : على هالخشم بس خلها يوم الخميس عشان لمياء تكون موجودة
ومرتاحة تعرف مشوار الاربعاء تعب عليها ..
ابو طلال : والله بنتك هذي يبي لها من يعقلها وش اللي حادها على هالشقى ..
رجع وقف عند مكتبه : تعلمني فيها .. تعبت وانا اقنعها بس عنيدة ومستحيل تتنازل عن
قرارها .. قلت لها مليون مرة اجيبها لأقرب مدرسة لبيتنا بس ماتبي .. وبيني وبينك هي
مرتاحة هناك .. من بعد وفاة امها تغيرت كثير نفسيتها .. وخفت ان حزنها ينهيها .. لكن
شغلها هذا غير اوضاعها شوي .. يمكن لانها تعيش تجربة غريبة عليها .. " ابتسم له والتفت
رايح من عنده " الله يوفقها يارب ..
ردد هالدعوة بداخله وكمل مراجعته لأهم الاوراق اللي قدامه .. وهو يتمنى لو يلقى بنت تحمل
نفس مواصفات لمياء .. ماكان راح يتردد لو شوي انه يخطبها لولده ..حتى لو اضطر انه يقنعه
ياخذها بالقوة .. وعبس وجهه وهو يفكر بطلال هالانسان الغامض اللي يجهل وش اللي بقلبه
اغلب وقته ساكت .. مايتكلم او يقول اللي بخاطره .. ومحد يعرف وش احساسه .. مايشتكي لاحد
ولا عمره عبر عن حزنه او فرحه لاحد .. رغم انه يدري ان ولده تعرض لصدمات كثير لكن
يعيشها لحاله .. وحيد باحزانه وهمومه رافض ادنى مشاركة حتى من اقرب الناس له .. وحس
بضيق وهو يتذكر حنين واختها اللي سببو لهم مشاكل مالها اول ولا تالي .. وطلال كان ساكت
ومايتكلم .. تألم لهالذكرى اللي يكرهها من قلبه لانه شاف فيها ضياع ابنه .. ودعى ربي يعوضه
عن هالتجربة الفاشلة بانسانة تستحقه وتقدره ..
/
\
/
\
" ياااااربي هذي شلون افهمها مسألة معقدة " زفرت بتعب وهي تراجع المسائل اللي من اول تذاكرها
واستوقفتها هالمسألة اللي ماعرفت شلون تحلها .. مسكت جوالها واتصلت على رسيل على طول هي
الدافورة بين صديقاتها بعد السلام والسؤال عن الاحوال : يابنت الناس عجزت افهمها .. يعني مدري
شلون اطلع الناتج .. ومادري حتى شلون احسبها ..
جاها صوتها الناعم وهي تتأفف : دنو قلت لك مليون مرة ركزي مع الدكتورة بس انتي طاقة حنك مع
البنات وفالتها ..
قاطعتها : وانتي بتقعدين تسوين لي محاضرة الحين فهميني شلون احلها ..
قعدت تشرح لها حول الربع ساعة ومخ دانا مقفل ومو راضي يستوعب شي .. : دنو انتي مخك تنكة
على طول فقت ضحك : هههههههههههههههه وش تنكة يالقديمة انتي .. ريسو ورب البيت ماعرفت
وش تقولين من زين شرحك عاد ..
ضحكت على غباء صديقتها : زين تعالي عندي ..
شهقت على طول : من جدك انتي والله ليذبحني ابوي شلون اجي عندك والساعة 10
بدون تفكير تكلمت : عادي .. البيت جنب البيت واصلا ابوك ماراح يحس .... " وبترت الكلام يوم
استوعبت خطاها .. هي تدري انه بالليل مستحيل يكون صاحي بس بعد مستحيل تقول هالشي قدام
بنته .. خصوصا ان دانا حساسة من هالناحية وماتحب تتكلم عن وضع ابوها او تحسس احد بمعاناتها
ارتبكت .. وماعرفت وش تقول " دنو ..
حست بارتباكها وسوت نفسها مافهمت مغزى كلامها لانها تدري انها مو قاصدة تغلط على ابوها : زين
بكلم عادل واخليه يمشي معاي الين بيتكم .. بس انزلي انتي عند الباب لاتخليني ملطوعة برا ..
حست بارتياح انها ما استوعبت كلامها وقالت بفرح : والله .. دنو تكفيييييييين تعالي ..
دانا : خلاص قلت لك .. بس لازم استأذن من عادل اول ..
ماتدري ليه هالاسم يضاعف نبضات قلبها .. هي ماتنكر انه يجذبها يمكن لانه جذاب بشكل كبير مو
وسامة كبيرة بقدر ماهي جاذبية .. وفوق هذا كله فيه الصفات اللي تفتقدها باخوانها .. حنانه على خواته
سؤاله الدايم عنهم .. هي تشوف كثرة اتصالاته على دانا وهم بالجامعة .. ماتذكر واحد من اخوانها بيوم
سأل عنها او اتصل عليها يتطمن .. حتى لو كانت حياتهم مستقرة عكس دانا وخواتها لكنها تفتقد اخو
مثل عادل .. طلال بالنسبة لهم انسان جامد بمشاعره .. مايعرفون هل هو يحب او يكره .. حتى الفرح
والحزن مايعرفونها بملامحه .. وسامي اللي اصلا ماله وجود بحياتهم واغلب وقته برا البيت او بغرفته
اوقات تكره شعورها انها تعيش قصة حب من طرف واحد .. حبته لانه يحمل اجمل الصفات بنظرها
الحنان اللي تفتقده .. رغم ان ابوها حنون جدا .. بس خذته الدنيا عنهم بمشاغلها .. وامهم بعد طيبة
حيل وكل من يعرفها يحبها الا انها لها معارف كثير وعلاقات المجتمع الارستقراطي وحفلاتهم الباذخة
ابتسمت لمجرد مرور اسمه في بالها .. وركضت لمرايتها تشوف نفسها .. لمت شعرها على فوق
وتركت خصلات متناثرة على وجهها .. ونزلت تحت تنتظر دانا تجيها .. من زمان مادخلت هالبنت
بيتهم رغم انهم جيران .. بس ابوهم مايخلي احد يطلع من البيت ولو ما دراستهم كان محد طلع ابد
حتى امهم اللي تقدر بصعوبة تطلع وتروح لاهلها في القصيم بغفلة منه .. سمعت رنة جوالها ورفعته
لاذنها على طول : هااه وينك ؟
دانا وهي تناظر عادل : طفشني عادل كل شوي يقول انتظري دقيقة ومشغول عني ..
رسيل : يالله عاد .. تكفين تعالي وربي تحمست ..
سمعته وهو يكلم دانا بحنان .. : يادنو ياقلبي والله ثواني اخلص اللي بيدي واجي لك ..
ضحكت رسيل : اكيد جالس على النت ..
دانا : ايه .. شلون عرفتي ؟
كملت وهي تأشر للشغالة تجيها : اعرف نفسي اذا كنت منشغلة بموضوع انسى كل اللي حولي ...
عادي ياقلبي خذي راحتك بتقعدين عندي الليل كله .. " التفتت للشغالة " جهزي العشا صديقتي
بتتعشا عندي ..
جاها صراخها من الجهة الثانية : لا وش عشاه انتي الثانية توني ماكلة ..
رسيل وهي تنهي الأمر : انتي تعالي ولايكثر كلامك .. وسكرت منها .. ماتدري هل سعادتها
ان دانا بتجيها او لأنها سمعت صوته .. في داخلها شعور رائع عجزت هي تستوعبه .. الاكيد
انها تحس بفرحة غامرة بقلبها ..
اما عند دانا وعادل كانت واقفة بعباتها : عادل يالله عاد مابي رسيل تنتظرني عيب من اول
قايلة لها بجيها ..
التفت لها وابتسم وهو يقاوم شعور ملح بداخله يسأل عنها .. قام على طول : اوكي .. بس
من الحين اعلمك ماراح تطولين .. تفهمك اللي تبين وبعدها ترجعين للبيت خلاص ؟
نزلت معاه وهي تقول له انها مو مطولة .. مشو بخطوات خايفة وهم يتلفتون حولهم كله خوف
انه يشوفهم او يلمحهم وينكد عليهم كالعادة .. واول ماطلعت من الباب وهم على الرصيف ..
اتصلت على رسيل تفتح لها الباب عشان تدخل على طول .. وصلها للباب ودخلت لصديقتها
وتسكر الباب ووقف هو برا يسمع صراخهم وحماسهم .. كان مستانس لوناسة اغلى ثنتين
على قلبه بعد امه .. اتسعت ابتسامته وهو يسمع صوتها وهي ترحب وتهلي باخته .. " يارب
انت تدري اني مابيها لعب او تسلية .. ابيها زوجة لي فلا تحرمني منها يارب "
زورق الندى
22-01-2013, 09:05 PM
الجزء الثالث
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ .... في حضرة الحياة ..
نعزف لحن التحول ..على اوتار القدر ..
مابين ماضٍ سحيق مؤلم .. وغدٍ مجهول ..
يقودنا نحو سيمفونية الحب من لم يكونو في الحسبان ..
في صالتهم الواسعة اجتمعو قبل العشا .. قهوة وحلا وسوالف .. هدوء يسكن جنبات هالبيت
الا من صوت الاخبار في احدى القنوات الاخبارية .. مناوشات بين رسيل وسما على ابسط
الامور واتفهها .. كان لابس نظارته اللي يستخدمها وقت القراءة .. ويتصفح جريدته كالعادة
لمحهم يتطاقون بالايدي .. سحب نظارته شوي ونزلها على خشمه وناظرهم نظرة قوية ..
التفتو له ثنتينهم وابتسمو له .. قاوم ابتسامته وهو يدعي الجدية : وانتو متى تكبرون وتعقلون ؟
قامت سما من مكانها وجات عنده حبت راسه : كبرنا من زمان .. بس انت دايم تقول مهما
كبرتو وتزوجتو وحتى لو صار عندكم عيال بتظلون بعيوني صغار ..
ضحك على كلامها .. لانها حافظة كلامه اللي دايم يقوله ورددته عليه : ايه عيالي مهما كبرو
في عيني اشوفهم مثل اول يوم شفتهم فيه .. " شاف رسيل تناظره من مكانها واشر لها تجي
جنبه هي بعد " والله مايقدرني بهالبيت الا بناتي .. ولا عيالي ما اشوفهم ابد .. حتى صرت اشك
اني ماجبت الا هالبنتين ..
جاهم صوته الرجولي وهو يتنحنح .. دخل عليه وسلم .. بعدها راح حب راس ابوه وامه
وتجاهل كلام ابوه اللي انقال رغم انه يقلب فيه ومتجاهل نظراتهم اللي تسلطت عليه .. لانه
يبيهم يكملون نقاشهم وكأنه مو موجود .. ورجعو يسولفون عادي ولا كأنه دخوله قطع
سواليفهم .. واكتفى انه يشاركهم اذا حس انه في شي عنده يقوله ... : سامي للحين ماجا ؟
ناظرت سما في رسيل وتأففت وقطع الصمت صوت ابوهم : انا قايل له يجي العشا بس مدري
ليش للحين ماجا .. " والتفت لزوجته " ايه صح ان شاء الله هالخميس بسوي عشا واعزم
معارفنا والأهل ..
ما اعترضت على كلامه لانهم متعودين على استقبال مناسبات كبيرة عندهم في البيت حتى لو
ماكان في لها مبرر : الله يحييهم ان شاء الله ..
لف يدينه حول كتف رسيل : ابو سلطان قال يبيها الخميس على ماتجي لمياء يوم الاربعاء وتريح ..
ابتسم من سمع اسمها والتفت لابوه على طول : ياحبي لها هالبنت .. من زمان عنها ..
ناظرت فيه امه بحنان : وانت الله يهداك تنشاف .. مانشوفك الا وانت جاي من شغلك ولا وانت
قايم رايح لشغلك .. هذا هي كم مرة تجينا وتسأل عنك ..
فهم كلام امه وعتابها الخفيف له واكتفى بالصمت .. ومن تذكر ابو طلال على طول تكلم : ايه
وقبل ما انسى ترى بعد بعزم ابو طارق واهله ..
على طول نطت سما في السالفة : لا وووووووع يبه تكفى فكنا منهم مو ناقصة يجون عندنا
منالوه المغرورة ولا مرو المعقدة وديموه المريضة نفسيا ..
قبل يتكلم طلال مسكها ابوها مع اذنها : لعنبو ابليسك ماتستحين على وجهك .. ولا تحشمين
احد تحشين بخلق الله قدامي وش استفدتي الحين يوم اغتبتيهم ؟
حطت يدها على يد ابوها تبيه يبعدها عنها : آآآآآآي ... والله اني صادقة الجلسة معهم تقصر
العمر " وقامت بسرعة بعدت عنه عشان مايطقها " ولا امهم بعد ياثقل طينتها هي وحنينوه
الخايسة اللي شايفة نفسها ومحد بالدنـ ......... وانقطع كل الكلام اول مالمحت طلال .. نست
وجوده واول مانطقت هالاسم جات عينها بعينه .. توتر الجو وقبل محد يتكلم قام واخذ سويتش
السيارة وجواله وطلع .. كانت تدري هالحين الجو بينقلب كله عليها .. : سووووووري والله
مو قصدي مدري شلون طلع الكلام مني ...
وركضت رايحة لجناحها لانها عارفة الحين الكل بيلقي اللوم عليها
خصوصا انه طلال ومحد يحب يزعل هالانسان .. هي بعد لامت نفسها على لقافتها وتسرعها
بالكلام .. بس كانت مشاعرها اقوى منها .. ماتحبهم وبعد طلاق طلال كرهتهم اكثر يمكن هي
تحس انها ماتحبه لانه يتحكم فيهم .. بس بعد اخوها واللي يجرحه يجرحها .. ومادامه مو قادر
للحين ينسى جرحه .. هي مستحيل تسامحها على هالجرح ابد او تغفر لها اللي سوته في اخوها ..
اما هو فكان خروجه هروب من نظراتهم ومن اي تبريرات كان ممكن تنقال بعد كلام سما ..
كان يكره نظرة الاستعطاف بعيونهم .. هي بالنسبة له جرح وراح تبقى جرح .. وهالشي عمره
ماراح ينكره .. لانها مو مجرد انسانة وانتهت .. بالنسبة له كانت حب من الصغر كبر وكبر
هالحب معاه .. وتوج بزواج وماكان عنده اكبر من هالحلم وتحقق .. لكن الحلم كان اسود ..ابد
ماكان وردي مثل ما هو يشوفه .. اقنعة كثيرة سقطت بعد ايام قليلة من الزواج وظهر الوجه
الآخر اللي ماتخيل ولا في اتعس احلامه انه يشوفه .. كان محتاجه هو الوحيد اللي يحس فيه
بدون مايتكلم .. حتى لو مايشتكي له حتى لو ماقال له وش الي مزعله هو الانسان الوحيد اللي
يقدر يطلعه من حزنه ... بيدين ترتجف دق رقمه وانتظر يسمع رده اللي تأخر والناتج لم يتم
الرد .. رمى الجوال على السيت اللي جنبه .. وزفر بقهر من هاللي يصير معاه .. ثواني وجاه
اتصاله اللي ريحه كثير : هلا ابو ليان ..
من سمع صوته حس انه في شي : هلا بك زود .. شلونك ؟
تجاهل سؤاله وتكلم على طول : فاضي امرك ؟
كان عارف انه ماراح يتكلم .. بس يحتاجه معاه وماحب يرفض له رغبته : نص ساعة بس
وبعدها رجعني للبيت ..
حس بارتياح كبير من رده : ابشر .. ربع ساعة تقريبا وانا عندك .... ساعة اجتمعو فيها
وقضوها سوالف .. كان يدري انه متضايق بس ماحب يضغط عليه .. يعرفه اذا يبي يتكلم
بيقول كل اللي بخاطره .. بس هالحين واضح انه مايبي يتكلم .. يبي شي يشغله وينسيه ...
وماكان هالشي صعب عليه هالدور حيل يتقنه لانه يدري وش كثر طلال يرتاح معاه ويحبه
وصله لبيته ورجع للبيت وهو يدعي ربه مايصادف احد من اهله مو ناقص يشوف بعيونهم
النظرة اللي يكرهها ..حاول يطول المشوار كثر ما يقدر .. واللي رحمه انه رجع وماشاف
الا امه ماسكة التليفون وتكلم .. مشى ولا كأنه يشوفها ورقى لغرفته على طول .. " ليش انا
مو راضي اقتنع انه ماينسيني حبها الا حب جديد .. ؟ ! ليه ابي اكون عمري كله لها وهي
ماتستاهله .. "
دخل يتسبح وهو يجاهد عقله وتفكيره يغيبها هاليوم بس .. مايبي يشغل تفكيره فيها وهو
ماصدق انه مع السوالف انشغل عنها ونسى تفكيره اللي ياخذه لها ..
" الحمدلله في كل الأحوال " قالتها وهي تتأمل آثار الضرب في اماكن مختلفة من جسدها
اكتسبت رضى من هالتجربة الأخيرة فقط لقربها من خالقها .. ادركت انها في كل الحالات
خسرانة .. رضت ام أبت ذاته احساس الخذلان يراودها .. تعودت هالشي من صغرها بعد
ماودعت الراحة يوم ودعت امها .. هي راضية بمصيرها في جناحها او بهالغرفة .. كل
الاثنين بالنسبة لها سجن .. خلف ابوابه الموصدة وحوش كاسرة .. تنتظر اي زلة ولو كانت
غير مقصودة لينقضو عليها .. ويطبقو عليها اقسى العقوبات .. تذكرت مروى ومساعدتها
لها .. لاول مرة من 15 سنة احد يساعدها من اهلها .. من هالبيت القاسي لاول مرة تشوف
بعين واحد فيهم نظرة رحمة ..مازالت غير مستوعبة اللي صار كله .. واوقات تحس انها
مجرد تخيلات سببتها ارتفاع درجة حراراتها .. خلتها تتوهم اشياء مو حقيقية او ماصارت
بالفعل معاها .. للحين ماتذكر تفاصيل هذيك الليلة بوضوح .. مازالت بالنسبة لها لغز مبهم
عجزت تلقى له حل .. اكثر ماكان يتعبها تفكيرها بأنها لو كانت هي ليه مارجعت مرة ثانية
ليه ما اثبتت لها صدق تخيلاتها .. مررت يدها على شعرها بتعب .. برد تخلل جسدها واسرى
قشعريرة فيه .. كان الهدوء قاتل ماتسمع الا صوت حفيف الشجر بفعل الهوا بالخارج ..
قامت وهي تدعي ربها محد يشوفها .. فتحت الباب بهدوء ومشت للمطبخ .. كانت تبي اي
شي تاكله .. شي يقويها وهي تحس بجسدها منهك من الضرب وقلة الأكل .. برغم انه محد
حرمها الأكل .. حست بحركة في الخارج وزادت نبضات قلبها خوف خصوصا ان الصوت
تقريبا جهة مجالس الرجال الخارجية .. تقدمت ببطء شديد وهي خايفة من هالصوت اللي
تسمعه .. فتحت الباب بهدوء ومجرد مافتح منه شي بسيط .. لمحت اللي عمرها ماكانت
تتوقعه .. ركزت نظرها اكثر تبي تتأكد وصعقت انه فعلا كل شي قاعد يصير قدامها ومو
قاعدة تتخيل او تتوهم .. اختها واقفة مع رجل غريب بملابس اقل مايقال عنها انها خليعة
عرفت انهم اكيد كانو من اول بالمجلس .. والحين بيطلع وهي واقفة تودعه .. صدمتها
جرأتها او بالأصح وقاحتها .. ومن حركاتها واضح انها مو اول مرة تقابله او تشوفه ...
الحين هذي هي الملاك الطاهر في نظرهم .. هذي اللي كل ماعلقو عليها قالو لها خليك
مثل منال العاقلة والفاهمة .. هذي هي اللي اذا قالت الكلمة يصدقونها وكأنها كتاب منزل
لايقبل الجدال او النقاش .. تخونهم وفي عقر دارهم .. تبيع عرضها وشرفها في بيت
اهلها اللي أئتمنوها على اسمهم .. تمارس فجورها على بعد خطوات منهم .. وهم غافلين
واثقين انها بفراشها نايمة .. مايدرون انها تقضي الليل باحضان ذئب غريب .. غمضت
عينها ماتبي تدنس نظرها بمشاهد حتى بالأفلام تمقتها .. كان وداعهم حميم تقززت نفسها
منه وهي تشوفه يلتهم وجه اختها بقذارة .. في الثلث الاخير من الليل .. اللي ينزل فيه
الخالق للسماء الدنيا .. ليتقرب فيه العباد اليه .. تمارس هي فجورها بلا استحياء .. كانت
طعنة موجعة .. اقوى من حجم احتمالها .. سكرت الباب ودخلت للغرفة كانت تحس بغثيان
فظيع من هاللي شافته .. حطت يدها على فمها وركضت للحمام ( تكرمون ) وافرغت كل
اللي بداخلها .. حست بجرح بحلقها وقعدت تكح بصوت عالي .. غسلت وجهها وقاومت
دموعها اللي كانت تنزل من صدمتها ومع الكحة .. وينها مرة ابوها تشوف بنتها اللي نامت
وغفلت عنها وينها تشوف بنتها وش قاعدة تسوي من وراهم وببيتهم .. من صغرها كانت
تدنس مسامعها بكلماتها المسمومة " يالصايعة .. يابنت الحرام " رغم انها ماكانت تفهمها
بالأول .. كانت صغيرة وماتدري وش هو جرمها اللي قذفوها فيه .. ليتها تشوف بنتها
اليوم وش سوت في غفلة منهم " استغفر الله .. استغفر الله .. اللهم اني استغفرك يارب
هذي اختي وعرضي .. " استغفرت ربها كثير لانها ماكانت تبي تتشمت في مرة ابوها
مهما كان هذي اختها .. واي شي يمس اختها راح يمسها هي بعد " فوقي لنفسك ياديما
اتركي سذاجتك وغبائك .. هذول ناس مايستحقون المحبة .. " كانت تصارع احاسيس
مختلفة .. شعور بالتشفي احيانا من كل شخص ظلمها وقذفها في عرضها .. وشعور
بالحزن والأسى على غفلتهم وضياع اختها .. حست بصدااااع فظيع يفتك براسها ورجفة
قوية تسري بجسدها .. حست نفسها مثل الطير المذبوح تأن بصمت .. كان يراودها
اوقات شعور بالانتقام بس من بيصدقها .. من بيقتنع بكلام الفاجرة ديما .. مقابل كلام
الملاك منال .. حرب خاسرة من بدايتها .. الافضل لها انها ماتخوض غمارها .. تنهدت
بتعب والم .. وتوضت وصلت كانت تبي ترتاح من هالمشاعر المجنونة اللي تصارعها ..
واحساس العذاب اللي يلاحقها حتى لو ماكانت هي المعنية ..
بجلابية كحلي طويلة باكمامها الطويلة .. وشيلتها اللي لافتها على راسها .. كانت واقفة
تناظر من الشباك الخشبي المتكسر .. من خلف السياج الحديدي شافته واقف يناظرها
صغيرة بس تحمل له اعظم حب في قلبها .. حب بريء ماتعدى نظرات مسترقة بين
لحظة والثانية .. يأسرها برجولته رغم صغر سنه .. هو بعد يحبها بجنون والكل يدري
بحبهم .. كلن يقول لها عيب يابنت اعقلي .. بس هي بريئة تفكيرها بالنسبة له بريء
حب طاهر مايدنسه اي شي .. بدون شعور صوتت له وهو رايح لصلاة المغرب : سعد
التفت لها وغطت وجهها عنه ابتسم على حياها : سمي
حست بخجل كبير بداخلها.. وقالت بصوت خجول بالكاد يطلع : ادعي لي
اتسعت ابتسامته اكثر : ابشري .. من غير ماتوصين بدعي لتس ..
جنون بداخلها بمجرد اختفائه .. مراهقة تحمل قلب عاشق .. من الصغر سموها له ...
كبرت وهي ترسم بعيونها هالانسان زوجها .. حياتهم بسيطة ماكانت تحتمل الكثير من
الاحلام .. حلم وحيد يراود كل فتاة بالديرة وهو الزواج من ولد عمها او ولد خالها على
حسب اللي مسمينه لها .. وهي تعيش هالحلم مثلها مثل اي بنت بسنها درست الى سادس
ابتدائي واكتفت بهالمرحلة .. وبدا بعدها التفكير في المستقبل واللي مايحمل لها اكثر من
زوج فقط ... حست بلمستها على كتفها وفتحت عينها تشوفها .. لمحت اللمعة بعينها ..
وعرفت احساسها هالحين .. رجعت ناظرت من الشباك للبيت المهجور .. ومكانه الخالي
اللي كان دايم يقعد فيه .. شعور مؤلم اعتراها بوقتها .. ضغطت على كم الرسايل اللي
بيدها .. خاينة هي مثل صاحبها كلماتها كلها زيف وكذب .. وعدها بيرجع لها ويتزوجون
والحين راح من 10 سنين وتزوج غيرها .. وتركها لاحزانها وجروحها وحيدة بهالعالم ..
في ديرة فرص الزواج فيها نادرة .. والبنت من صغرها معروفة لمين .. مسحت دموعها
اللي تناثرت من شافت بيتهم الطيني المتهدم اللي يحمل لها اعذب واجمل واوجع الذكريات
ورجعت التفت لها وشافتها تمسح دمعتها بيدها وقبل تقول لها شي بادرتها هي
بالكلام : الى متى ياشيخة بتصيحين على واحد باعتس واختار غيرتس ؟
نزلت راسها مهددة بنزول سيل جديد من الدموع .. : نورة واللي يسلمتس خليني بلحالي ..
مسكت من كتفها وضمتها لصدرها وتركتها تفرغ كل الحزن اللي بقلبها .. كانت تحس
بوجعها وهي تضغط على يدها بقوة .. دخلت موضي وشافتهم وقبل تتكلم اشرت لها نورة
تطلع وطلعت وردت الباب اللي بالكاد يتسكر .. وقت طويل استمرت في مناحتها اللي بدت
فيها من قبل ما يأذن المغرب .. كانت كل ذكرياتها تروح له هذا موعدهم اليومي .. قبل
صلاة المغرب تدخل البيت وتوقف على الشباك تناظره ومن يختفي عن نظرها تبدا بتقليب
رسايله اللي يكتبها لها .. خطه حلو ومرتب .. عكس خطها الركيك واللي بصعوبة ينفهم ...
حست نورة بوجعها اللي كبتته في داخلها من فترة طويلة وتظاهرت لهم بالفرح رغم جرحها
النازف .. وكل يوم تعيشه في وكر العنوسة يذكرها بماضيها معاه .. مسكتها من يدها وقعدت
هي وياها .. حطت وجهها بين يدينها وتأملتها بعيون لامعة : اذكري ربتس ..
تمتمت بصوت غير مفهوم ورجعت تكرر عليها كلمتها : شيخة تعوذي من الشيطان واذكري
ربتس ...
طلعت كلماتها من بين شهقاتها المسموعة : لا إله الا الله ..
مسحت وجهها بيدها .. وحبتها بين عيونها : الله بيعوضتس عنه خير .. والله انه مايستاهلتس
قليل خاتمة .. قبل مايبيعتس باع اهله وناسه .. ياشيخة من عمرنا وش خذينا غير الشقى ...
الى متى وحنا نزرع وفا ونجني تعب .. هقوتس بيجيتس ويقول لتس السموحة كنت ابيتس
وغصبوني على غيرتس .. تراه ماتزوج الا ناسيتس وناسي طوايف اهلن جابوتس .. وربي
ماقلت لتس هالحتسي ابي اضيق صدرتس وازيد اللي فيتس .. بس لاني مابيتس تتحسفين
عليه وهو باعتس ..
بلعت غصتها وهزت راسها برضى من كلام اختها وهي تقاوم دموعها لاتنزل .. ابتسمت
لها نورة ورجعت ضمتها على صدرها اقوى .. : بياخذتس اللي يستاهلتس .. لا تضيعين
عمرتس كله حسوفة .. كلنا ذقنا من شقى هالدنيا الين تعبنا .. بس ماجزعنا والحمدلله على
حالنا .. رضينا بهمنا وفقرنا رضينا نبات ماذقنا الاكل ايام .. رضينا بهموم اكثر وتحملنا
مابتصعب علينا اصغر الهموم .. فكري ببوي اللي خسر ولده وبعدها اخوه وثمن رجليه ..
شوفيه صابر ومحتسب اجره عند الله اللي مايضيع حقه .. اذا مارضينا بالدنيا بنرضى
بالآخرة .. قولي يالله الجنة وانا اختس ..
كان كلامها مثل البلسم اللي يشفي الجراح .. هم كبير وانزاح بعد سيل الدموع اللي ذرفتها
حست بارتياح كبير يسري بجسدها بعد هالفضفضة ولو كانت من غير كلام ... بعدت عن
حضنها ورفعت راسها لها وابتسمت وهي تمسح بقايا دموعها : الله لا يحرمني منتس يارب
ردت لها الابتسامة ومسحت على شعرها الطويل : اللهم آمين .. قومي نصلي المغرب ...
لاتاخذنا السوالف وتفوتنا صلاتنا ... وقامت ومدت يدها لها تبيها تقوم معاها .. وبالفعل
قامو ثنتينهم .. ومن طلعو من الغرفة لمحت نورة نظرات موضي اللي مبين عليها كانت
سامعة كل شي .. وكانت آثار الصياح بادية على وجهها ولو اخفتها بابتسامتها العذبة ....
وطريقتها المجنونة في الكلام : اجل بينكن اسرار من ورانا ؟ ايا قليلات الخاتمة عسى
ماتحبن واحنا ماندري ..
ابتسمت لها نورة واشرت لها بعينها تشكرها .. وقالت تمازحها : ياويلتس من الله وش
اقول بس غير تجيك التهايم وانت نايم .. ضحكت شيخة .. وهالضحكة بعثت الارتياح
بقلوب خواتها اللي كانو يترقبون اي شي يثبت لهم انها تجاوزت حزنها لو شوي بس
جاتهم حصة تركض من برا البيت بجلالها وبرقعها : وخرو بسرعة ابي اتوضا وبدون
ماتسمح لاحد يناقشها دخلت الحمام ( تكرمون ) وهم يناظرون .. وسمعو صوت محمد
يتنحنح يبي يدخل ابوهم للبيت .. ضحكو من قلب يوم عرفو سبب هروب حصة ودخولها
بهالشكل للبيت .... بعد ماتغطو البنات ودخلو محمد ومشعل شايلين عمهم للداخل .. في
ظرف ثواني انقلبت الصالة كلها ضحك وتعليقات بين الخوات ..
يوم الخميس تجهزو بيت ابو طلال لاستقبال ضيوفهم .. كانت هالمناسبة اصلا تغيير
روتين .. ورغبة من ابو طلال في الاجتماع مع معارفه قبل مايسافر بنهاية الاسبوع
اللي بعده لولاية سياتل بامريكا لمدة شهر .. ينهي فيها اعماله اللي تخص شركته ....
وبنفس الوقت يبي يعتبرها كاحتفال لانه واثق من المناقصة اللي اكيد بعد كم يوم راح
ترسي عليهم .. خصوصا انهم الشركة الأقوى بين جميع منافسيهم ..
طلعت من غرفتها ركض لجناح سما : سموووووووي لحقي علي ..
شالت الجوال من اذنها وناظرتها مستفهمة ... : خير وش عندك ؟
ركضت للتسريحة وبدت تفك الادراج وتتعبث فيهم .. سكرت سما من الجوال وجاتها
على طول وسحبتها من كم البيجاما : هيييييييييييييه وش تبين باغراضي ؟
بعدت يدها بسرعة وهي تناثر اكسسواراتها : سموي ابي الحلق الاصفر اللي عندك ..
رجعت سحبتها وبعدتها عن التسريحة : زيييين وخري انتي وانا اجيبه لك ..
بعدت عنها وفتحت وحدة من العلب اللي تحط فيهم اكسسواراتها وطلعته لها : وانتي
للحين حايسة ماخلصتي ..
تأففت وناظرت فيها من فوق لتحت : اجل مثلك انتي تلبسين اي شي وتمشين حالك
ناظرت سما في لبسها الانيق وشعرها المرتب .. واكسسواراتها اللي مختارتها بعناية
والميك اب الخفيف اللي مناسب لعمرها : بالعكس انا انسانة احب اكون انيقة ببساطة
وانتي تحبين تتعبين عمرك بكشختك .. ماكلمت كلامها لانها ماشافت الا يدينها وهي
تلوح لها من بعيد وهي رايحة ... ماكانت تهتم بأمر هاللي جايين لان اغلبهم ماتحبهم
عمانها وبناتهم كبار وماتحب تحتك فيهم .. وزوجات عمانها مو ذاك الزود معهم ..
وخالها الوحيد ببريطانيا من سنين ومايشوفونه الا كل خمس سنوات مرة .. وبناته
بعد ماتحبهم لانهم اصلا بعيدين عنها .. واهل امها مافي الا بنات خالتها الوحيدة
اللي ماتحبهم .. فوزية اللي محد يرتاح لها ولا يحبها من لسانها السليط واسلوبها
المغرور في التعامل مع الناس .. وحنين اللي تحمل نفس صفات اختها السيئة وتزيد
عليها انها طليقة طلال وهالشي يزود حجم كراهيتها بقلبها .. وبنات فوزية وديما
كلهم بالنسبة لها غير مستساغين ابد وماقدرت تتقبلهم خصوصا انها انسانة صريحة
بمشاعرها وماتعرف تجامل فيها .. بعكس رسيل اللي تعلمت تكون واجهة مبتسمة
مثل امها ومثل اغلب نساء الطبقة الارستقراطية .. اشتياقها الوحيد كان للمياء واختها
ميساء تحب هالثنتين من قلب .. فيهم طيبة لو توزعت على العالم كان هالناس عاشو
بخير .. ورغم فارق السن بينها وبينهم الا انها تحب جلستها معاهم وتحب سوالفهم
لانها تحس بالراحة معاهم .. مايعرفون النفاق والكذب والحش بخلق الله .. يعيشون
في سلام مع الكل .. ومحد عمره اشتكى منهم او قال فيهم عيب واحد .. وقفت والقت
على نفسها نظرة اخيرة في المراية .. وطلعت من جناحها .. مرت على رسيل وشافتها
تضبط في شعرها ومادة بوزها شبرين وضحكت من قلب على شكلها .. وقبل تنزل
صادفت طلال وهو واقف مع سامي يزين له شماغه .. وابتسمت في خاطرها عليه
اكيد سامي كالعادة رفض يلبس ثوب .. وخلاه طلال يلبسه بالقوة .. اصلا مو لايق
عليه طالع كأنه اجنبي ولبسوه ثوب وشماغ .. يفرق كثير عن طلال اللي يلفت اي
احد بمجرد مروره .. له حضور وله هيبة تميزه عن كثير من هم بعمره .. رفع عينه
وشافها شاقة الابتسامة من الاذن للاذن وعرف انها تضحك عليه .. كان وده يضمها
ويبوسها .. يموت عليها بشكل جنوني .. اشر لها تجيه وانتبهت من سرحانها وراحت
له على طول .. : هلا ..
ناظرها من فوق لتحت .. وحست بخوف يبدد ابتسامتها اكيد بيقول شي على لبسها
رغم انها كانت لابسة تنورة ميدي الى حد الكاحل تقريبا .. مع توب كمه كت .. لكنه
فاجأها بقوله : وش هالحلاوة كلها ؟
اتسعت عيونها وناظرته متعجبه .. بعدها ابتسمت له وقالت بخجل : مشكور ..
دنق لها وباس خدها : قولي عيونك الحلوة .. الله يحلي ايامك .. اي شي ماتعرفين
تردين .. ناظرته مستغربة حاله اوقات مايعطي مجال لهم يتكلمون معاه ولا يناقشونه
وحتى سؤال عن الحال مايسألهم .. واوقات يرمي عليهم كم كلمة يستغربونها منه
خصوصا ان هالأوقات نادرة ..
حرك يده قدام عيونها : مضيعة شي بوجهي ؟
دوت ضحكة عالية بكل البيت منها .. ومات ضحك سامي اللي من اول يناظرهم
مستغرب هو بعد .. رسيل كانت توها طالعة وقاعدة تضبط ساعتها بيدها .. راحت لها
سما تركض : ريسووووو لا يفوتك طلول ينكت ..
رسيل اللي كانت متضايقة من ساعتها اللي ماعرفت شلون تسكرها حست هالشي
خارق للعادة ومايتفوت .. : والله وش قال ؟
ناظرهم وهو مبتسم بداخله ما استغرب من كلامهم هو يدري انه جاد معاهم وشخصيته
مايتخللها مزح ابد .. رغم انه من وقت لوقت يحاول يكسر هالحاجز اللي بينه
وبينهم رغم فارق العمر .. بس يمكن مو ذنبه .. امه جابته وقعدت بعدها 13 سنة الين
جابت رسيل وبعدها بـ 3 سنوات جابت سامي وبعده بسنتين جابت سما .. عاش طفولته
وحيد ..وعاش مراهقته مايرافقه احد .. وكل ذكريات الطفولة والمراهقة ماتحمل له
وجود اي شخص من هالبيت .. نزل تاركهم يضحكون على هاللحظة اللي اهداها لهم
وراح لابوه اللي ينتظره يوقف جنبه في استقبال ضيوفه اللي بيشرفونهم بهالوقت ..
وبداخله قرار انه يتناسى وجودها بنفس المكان .. ونفس الزمان ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:06 PM
في مثل هالوقت تضج المجمعات بروادها .. زحمة كبيرة من متسوقين ومن آخرين
جايين بس يقضون وقت فراغهم ويقعدون بأحد الكوفيهات .. او يتعشون باحد المطاعم
المنتشرة بهالمجمعات .. كان واقف يقاوم البرد ببدلته الرسمية والجهاز اللي بيده يناظر
جموع المتسوقين اللي يرتادونها .. اليوم هو اول يوم له في هالدوام المتعب والمضني
صعق من هالمناظر اللي يشوفها .. رغم انه صار له 3 سنين بالرياض الا انه عمره
ماغير روتين حياته .. من الشقة للجامعة منها للشقة .. واذا غير هالروتين راح للديرة
او طلع للبر مع خوياه .. شاف ثلاث بنات نازلين من سيارة السواق كانت اشكالهم ملفتة
لكل اللي عند المجمع .. حجاب سافر نص الوجه طالع .. ومكياج يخيل للي يناظرها
انها بتحضر عرس او مناسبة كبيرة .. وعبايات مخصرة ومفصلة للجسم ومطرزة
بألوان كثيرة وكأنها فستان مو عباية .. والحقيقة انها تحتاج فوقها عباية تسترها .. نزل
عينه على طول لأنه مايبي يدنس نظره بهالمناظر .. " الله يستر على خواتي وبنات
عمي وبنات المسلمين يارب " تهامسو امامه وتغامزو بالكلمات وهو متجاهل مرورهم
اللي عطر المكان كله بروائح عطورهم .. كان يستغفر ربه من هاللي يشوفه .. مايبي
يفتتن فيهم ويناظرهم .. " العين تزني ياراكان وزناها النظر " تأفف بداخله كثير هذا
وهو توه بأولها .. مرت عليه الكثير من المناظر كان اغلب رواد المجمعات والاسواق
حريم وبنات واطفال ..انتظر تمر ساعات هاليوم بسرعة لانه حس بملل فظيع واحساس
البرد يفتك عظامه .. خصوصا ليل الرياض اللي برده يخترق العظم .. شوي شاف من
بعيد بنتين جايين ووراهم شابين مبين انهم قاعدين يعاكسونهم .. دخلو البنات واستوقف
الشابين : وين يالأخو ؟
واحد من الشابين تكلم على طول : وين بعد بندخل السوق ..
قاطعه بحزم : ممنوع يالطيب ..
تكلم الثاني بغرور : وش الممنوع فيه اهلنا داخل وبنروح لهم ..
التفت للبنتين اللي واقفين داخل ويناظرونهم : اهلكم..؟ وليش مادخلتو معاهم ؟
رجع تكلم الشاب المغرور : شلون ندخل يعني وانت موقفنا .. " واشر على البنتين اللي
وقفو ينتظرونهم " هذول هم اهلنا ..
عرف انهم يكذبون لانه شاف البنات يوم نزلو من سيارة غير اللي نزلو منها الشباب ..
ورجع التفت على البنات : يقربون لكم ؟
ردت وحدة من البنات بكل وقاحة وبدون خجل : ايه اخواني ..
قبل مايدخلون الشباب استوقفهم ..لانه حس انه بيخون نفسه قبل مايخون الأمانة لو سمح
لهم يدخلون ويكون شريك لهم بذنبهم اللي بيقترفون بهالمجمع : لحظة شلون خواتك وهذي
سيارتهم وانتو نزلتو من اللكزس السودا ؟
ارتبكو البنات من سؤاله وتكلم الشاب الأول : وانت قاعد تراقبنا ؟ خلاص قلت لك اهلي
وخر بس ..
وقف بطريقه ومارضى يخليهم يدخلون : انا قلت لك ممنوع .. وماراح تدخل لا تحدني
ابلغ عليكم ويجون يسحبونكم ..
رجع الشاب المغرور قرب منه وناظره من فوق لتحت : الحين انت تبي تفرض قوانينك
علينا ؟ انا بدخل وقلتها لك .. واذا فيك خير امنعني .. " والتفت لصاحبه " مابقى الا
هالخمه يتحكمون فينا .. وابتعد عنهم شوي .. وشافه راكان وهو يتصل بجواله ومبين
عليه انه معصب .. دقايق وجاهم واحد من السيكورتي بالسوق وتكلم معاهم بعدها التفت
لراكان : خلهم يدخلون هالمرة وامسحها بوجهي .. هذول معارفي مو مطولين بس يبون
لهم اغراض وطالعين ..
رد عليه بكل حزم : يلاحقون بنات خلق الله وتقول يبون اغراض ؟
مسك دقنه بيده : تكفى ياولد لا تكبرها كل المجمعات مليانة شباب مصدق عاد انهم
بيمنعونهم لا يدخلون ..
كان مصر على موقفه .. رغم ان وظيفته بسيطة بس هو ممكن انه يمنع منكر وهالشي له
اجر فيه بمشيئة الله .. سمع كلمات استحقارهم له ولمكانه ولعمله اللي اجبرته الظروف
انه يكون بهالمكان .. ماكان مثلهم ولدو وفي فهمهم ملاعق من ذهب .. كانت هدية تخرجهم
من الثانوية سيارة آخر موديل .. او مصروف يدفع لهم بمبلغ وقدره .. هو انسان بسيط عاش
وتربى على الفقر .. وبداخله اصرار انه يوجد نفسه ومكانته في هالمجتمع بمجهوده .. مثله
هم من يحسبون في قائمة الذكور رجال .. اما غيرهم اللي جازو الـ 25 وهم يستلمون
مصروفهم من اهاليهم .. اشباه رجال لا يمكن بأي حال من الاحوال انهم يتصفون بالرجولة
الكاملة .. انتهى دوامه ورجع للشقة وهو يراجع يومه الأول وش كثر كان يحمل له مواقف
واحداث .. قدر انه يتجاوزها وهو مدرك ان الأيام القادمة بتحمل له اكثر .. ويمكن مواقف
اصعب .. رجع وشافهم جالسين يسولفون اللي يتفرج على التليفزيون واللي مقضي وقته
على النت .. حمد ربه على كل حال .... " كل مؤمن مبتلى ياراكان .. اللهم لك الحمد كما
ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمدلله .. الحمدلله .. الحمدلله " سلم عليهم واستأذنهم
يروح الغرفة ينام .. من قومته الصباح وهو يكابد في مشقات الحياة .. حتى يوم الخميس
اللي الناس يرتاحون فيه ماعرف طعم الراحة ابد ..
كانت جلستهم رسمية في اغلب الوقت .. يمكن لأن اغلب الموجوديم قلوبهم مو على
بعض واللي يجمعهم النفاق الاجتماعي فقط .. كانو جالسين بزاوية المجلس ..
سما تناظر منال ومروى وخالتهم حنين وهم يناظرون الناس ومو شايفينهم شي بالنسبة
لهم : وووووع يااااااربي هذول شلون تحملت الليل كله اناظرهم ..
التفتت لمياء للمكان اللي تناظر فيه سما .. : لا تناظرينهم ولا شي .. سولفي وتجاهلي
وجودهم ..
كشرت بوجهها : مغرورات مدري وش عليه .. كلنا عندنا خير اوووف ياثقل طينة
حنينوه ..
حطت يدها على فم سما : سموي كم مرة قلت لك انتبهي من الغيبة حرام مايجوز ..
شالت نظرها عنهم وناظرت رسيل وميساء اللي مبين عليهم يتناقشون في آخر خطوط
الموضة وجديد الماركات العالمية .. ومتى موعد السفرية الجاية .. : طالعي هذول بعد
حياتهم كلها فساتين وعطور وميك اب ..
ابتسمت لها لمياء لانها تذكرها فيها يوم كانت بعمرها : تشوفين انتي الملل بس الله
يعينهم على انفسهم ..
فرقعت باصابعها وكأنها لقت شي تمسكها عليه : انتي بعد تغتابينهم مو بس انا ..
ضحكت عليها من قلب : انا قلته في وجيههم وهم يسمعوني بعد .. واسأليهم ..
التفتت عليهم ميساء : ايه كل يوم اسمع نفس الكلام تعودت خلاص ..
رجعت تتأفف وتناظر بحنين اللي ناظرتها بكل غرور : وجع هالخايسة .. شين وقوي
عين ..جاية ورازة عمرها وكأنها ماسوت شي ..
طقتها لمياء على يدها : ماتتوبين انتي خليك كذا خذي من سيئاتها وابدليها حسنات ..
نثرت شعرها بشكل مجنون وهي تقول من بين اسنانها : اكرررررررهها ليش جاية
اليوم .. ليش نروح كذا مناسبة وتعتذر عنها .. وعندنا احنا مستحيل تغيب ..
كانت تضحك على شكلها وهي متنرفزة وتحس انها شوي وتنفجر خصوصا انها من
اول الليل وهي مو قادرة تتحملها : كلنا مانحبها .. شي طبيعي لأنا نحب طلال ..
عدلت جلستها وناظرتها من بعيد بتهديد : هي تظن انها بتتمسكن عنده عشان يرجعها
بس والله لو تحفر الأرض ماتاخذه ..
ضحكت بصوت عالي وحطت يدها على فمها بعد ما التفو عليها اللي بالمجلس : يعني
ماتعرفين طلال .. لو بيرجعها بيوقف بوجه الكل وياخذها .... انا مدري وش اللي
مخليني اقعد جنب وحدة خبلة مثلك .. جبتي لي المرض وانتي من قعدت تحشين بخلق
الله ..
مسكتها من يدها قبل تقوم : اغتبتيني .. شفتي قاعدة تحشيني ..
فكت يدها عنها وراحت من الجهة الثانية جنب رسيل وقالت لها من بعيد : هذي مو
غيبة . انتي شلون تفهمين ؟ مادرسوك يعني .. ولا تدخلين الفصل وطق حنك وسوالف
مع البنات وماتنتبهين لدروسك ...
كشت عليها من بعيد وهي تضحك : ياشينكم يالمدرسات لا تفلسفتو .. لا تعالي بس حطي
لي قوانين ونقصي من درجاتي ... ضحكت عليها وتجاهلت كلامها .. وكملو جلستهم
اللي ماطولت بعدها ومشو كلن رايح لبيته .. ومابقى الا لمياء اللي تنتظر ابوها وتروح
معاه ... بعدها بدقايق اتصل عليها ابوها تطلع له .. لبست عباتها وسلمت عليهم وطلعت
لمحته واقف مع ابوها وابتسمت من قلب وهي تشوفه .. يالله وش كثر تعشق هالانسان
له معزة خاصة بقلبها .. لمحها وهي جاية لهم من بعيد وابتسم لها .. : السلام عليكم
ردو عليها السلام وقربت من طلال تسلم عليه : اخيرا شفتك .. مابغيت وين الناس
وانت ياكافي ماتنشاف حتى لو جونا اهلك اسأل عنك محد يعرف انت وينك ..
مشى معاها وهي تمشي ورا ابوها : انشغلنا بهالدنيا .. ان شاء الله اجي لك يوم واقعد
معك واخذ علومك ..
مشت عنه تبي تلحق ابوها : ايه ايه اكذب علي مثل كل مرة هذا كلامك وللحين
ماصدقت وعودك .. ضحك بقلبه على كلامها هو مدرك انه مقصر معاهم ومايزورهم
ابد رغم انهم يجون كل شوي عندهم ويسألون عنه ..
اما هي من ركبت مع ابوها وهي تراودها فكرة ممكن تكون فيها مغامرة كبيرة لكن راح
تحاول قدر المستطاع تحققها .. طلال ونورة كل الاثنين بنظرها محرومين .. ومثل
شخصية طلال يحتاج امرأة حنونة تحتويه .. وهي لمحت هالحنان الكبير بشخصية نورة
ونورة تبي لها شخص يسندها ويكون لها عون بحياتها اللي عانت فيها وعاشتها بحرمان
واكيد طلال هو انسب انسان لهالمكان .. مناسبة له في العمر وتحمل مواصفات متأكدة
انها بتعجبه .. رغم انها مدركة انها ممكن تكون معركة خاسرة لان طلال انسان عنيد
ورفض من اول انه يتزوج ماراح تقدر في كلمة انها تغير هالقناعة اللي بداخله .. لكن
راح تحاول بشتى الطرق انها تقنعه .. وبيكون معاها ابوها وعمها ابو طلال .. واكيد
ام طلال .. تبي تعوض طلال بانسانة في نظرها ماراح يكون لها مثيل .. وبتعوضها
هي عن حياتها ومعاناتها بشخص قادر انه يهيء لها كل سبل الراحة .... واكيد راح
يحبها لانها انسانة تدخل القلب .. ولانه هو محتاج اللي تحبه وتكون معاه وله .. ابتسمت
على تفكيرها وين وداها .. لكن من شافتها وهي تتمناها له .. وان شاء الله تقدر تحقق
هالأمنية ..
كانو قاعدات مع حريم الديرة مجتمعين عند باب بيت ام عبيد وسوالف وقهوة ...
كانت جلستهم حميمية تلفها روح المحبة اللي تسكن قلوبهم .. احاديثهم كانت بسيطة ..
واحلامهم اللي يتشاركونها ابسط .. سوالف عن المزارع .. والغنم اللي يشوفونها من
بعيد وعليان جالس عندها .. والعم مرزوق ودكانه اللي عج بالاشياء القديمة والبسيطة
ملامح ارهقها الزمن ومتاعبه .. ارتسمت عليها احلى ابتسامة رغم الألم .. كانت حصة
وعليا بنت ام عبيد قاعدين بطرف الزولية ومعاهم 5 احجار صغيرة ويلعبون السقيطة
( الصقلة ) .. وموضي نحاسة فيهم كل شوي تخرب عليهم اللعب حصة تنرفزت منها
ومسكت يدها بقوة : مويضي انقلعي خلينا نلعب ..
وبالفعل انشغلت عنهم بالسوالف وكل ماشافتهم متحمسين خربت عليه هالمرة صرخت
حصة بأعلى صوتها : يمممممممه فكيني من هالنذلة مويضي ..
قبصتها امها في فخذها وصرخت موضي وضحكو عليها اللي مجتمعين : خلي عنتس
اللقافة لا تزهقين اختس ..
مسكت فخذها مكان القبصة وقعدت تمسح عليه : الله يسامحتس يمه يعور ..
ناظرتها حصه ومدت لها لسانها تقهرها .. وقبل تخرب عليهم مرة ثانية سحبتها نورة
من يدها : موضي اعوذ بالله منتس وش جايتس بعقلتس .. اركدي خلي الحريم يسولفن..
استسلمت لرغبتهم وهي تقاوم انها تخرب عليهم كل شوي .. قبل صلاة الظهر تفرقو
كلن لبيته .. ورجعو البنات ينتظرون صلاة الظهر بيصلون .. قعدت نورة عند ابوها
تسولف له لان امها وخواتها وقفو برا مع خالتهم وبناتها .. ومن سمعو صوت الأذان
دخلو للبيت يصلون .. وكعادتها كل يوم خلصت صلاتها ولبست عباتها وراحت لمدرسة
سلمان يسبقها شوقها له ولهفتها للقائه المرتقب .. مرت على دكان العم مرزوق واشترت
بسكوت ابو ولد لاخوها تبي تفرحه شوي ..ومشت بخطوات سريعة للمدرسة .. حمدت
ربها انها ماتأخرت عليه وقعدت على عتبة احد البيوت المقابلة للمدرسة تنتظره ... بعد
دقايق شافته كالعادة بمكانه اللي كل يوم يوقف فيه .. ماناظرته لانها ماتعودت تكون وقحة
وتقعد تناظره .. بس وجوده يكفيها .. شوي الا جاها سلمان يركض وباين عليه مستانس
مشى لها وهو مبسوط : اليوم جبت العلامة الكاملة عند الاستاذ وقال لي انت احسن طالب
في الفصل ..
ابتسمت وحطت يدها على راسه وقامت .. مدت له الكيس اللي بيدها: اجل خذ هذا هديتك
يوم شاف البسكوت اللي بيدها طار من الفرح ومسك يدها ماشين لمدرسة منيرة : موضي
والله اليوم وناسة كل العيال يصفقون لي ..
كان يمشي وينطط قدامها وناسة وهي تطالع فيه وتضحك .. فجأة تذكر شي : ايه صح
الاستاذ كتب لنا الواجب في الدفتر يقول خل اختك تشوفه ..
وصلو عند مدرسة منيرة وقعدو ينتظرونها وفتحت السجادة اللي فيها دفاتره وقعدت
تفتش بين الدفترين اي واحد فيهم اللي مكتوب فيه .. اول مافتحت الدفتر الأول قعدت
تدور بين الكلام وين الاستاذ كاتب لهم عن الواجبات ..
قعد يقلب في صفحات الدفتر يستعجلها : بآخر صفحة كاتبها .. شوفيها ..
فتحت على آخر صفحة .. ومن اول ماشافت بداية الكلام توقف قلبها عن النبض وحست
الدنيا تدور من تحتها من صدمتها .. ما استوعبت الكلام اللي تشوفه .. ولا قدرت حتى
انها تقراه وتفك حروفه سكرت الدفتر وحطته بيدها وهي مو عارفة وش تقول ..ناظرها
ببراءة : وش الواجب ؟
انتبهت له من بعد صدمتها : بالبيت بعلمك وشو ..
ماصدقت انه منيرة طلعت لهم .. مشو راجعين للبيت ونبضات قلبها تدق بشكل جنوني
اللي صار لها اقوى من تحملها .. وماتخيلت انه بيوم من الأيام ممكن يصير .. كانو
يسولفون لها وهي تهز راسها انها معهم .. وهي مو معهم ابد .. هي بعالم ثاني للحين
ما استوعبته .. تبي بس توصل البيت وتقرا اللي في الدفتر وتفهمه ..
/
\
/
\
زورق الندى
22-01-2013, 09:07 PM
الجزء الرابع
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
ودي بك .. وابيك واباك وابغاك .... جمعتها لرضاك واختار فيها
شف ويش منها يتبع احكاك ورضاك .... واللي لك اسقي مسمعك لا ضميها
غديت افر احكاي واساير احكاك .... وانا تشرف لكنتي واهتويها
مضمونها ودي بشوفتك واهواك .... ياللي دروب اهل الردى ما تجيها
صانك ولي امرك وحبك وداراك .... لاقدر ردع الحظوظ ومجيها
نفسك مهذبها وعز الله رباك .... مايدري ان جيش الهيام يغزيها
والله قسم يبلاك بي وانت يبلاك .... باللي سواتي في العرب يرتجيها
محبة ذربه من القلب تكساك .... محبة صدق الهوى يكتسيها
يامرك قلبك بالوفا لي وتنهاك .... ناس على لاماك تفرك يديها
رزين عقل ومن مزايا مزاياك .... نفسك تحب وعفتك تمتطيها
وتطيع عقل ما بعد زل واغواك .... مشاعرك تعصاه وانت تعصيها
ماشفت منك الا عيونك ويمناك .... محبة راع الردى ما يبيها
يقبض فوادي لا تخيلت فرقاك .... ياشف عين ما سواك يعنيها
وياعزوة اخوانك ومطلب هذولاك .... ناس محبة والدك تدعيها
ياجعلها تفدى على الارض ماطاك .... والله بمن هو مثلها يبتليها
لكن لعب في ياوليفي تغلاك .... ونفسي غلاك من الصدود يحديها
تبطي علي وانا هنا واتحراك .... وكبدي لواهيب الصبر تشتويها
اجمع علومك امن هناك وهناك .... والله لو انها تنشرى لا اشتريها
واياك واياني...واياني اياك .... من غيبة من دون عذر يحميها
ارتجفت يدها بلا توقف .. وضربات قلبها تسارعت بشكل جنوني .. حتى انفاسها يهيأ لها من
خوفها انها مسموعة .. تأملت كل حرف مكتوب .. قرأت الابيات اكثر من مرة تحاول تستوعب
فحواها .. هو يبيها بس ماقال شلون يبيها .. اكثر شي اثار الرعب في قلبها اسمها اللي يتصدر
الصفحة .. " ياربي هذا شلون عرف اسمي ؟ " تدري ان سلمان مستحيل يعلمه .. لو يذبحه
ماقال اسم امه او وحدة من خواته .. حست ببرد شديد يخترق عظامها وسحبت اللحاف اللي
مسفط على جنب .. فردته وتلحفت فيه وهي تحاول تسيطر على رجفة جسدها .. شقت الورقة
وسفطتها .. وحطت دفتره على جنب .. وعلى طول خبت الورقة بصدرها .. هي مدركة ان
بيت صغير بهالحجم ماراح يكون فيه خصوصية واكيد الكل الحين يبي يسألها وش فيها .. ما
تنكر انها مجنونة وانه عاجبها .. بس مستحيل تغلط نفس غلطة اختها شيخة .. رغم انه شيخة
كان سعد ولد خالها ..بس محد رحمها يوم راح وتركها .. غمضت عيونها وهي تحاول تسيطر
على انفعالاتها وجاها صوت امها الحنون الدافي : موضي .. عسى ماشر وش فيتس ؟
ماردت عليها لانها تحس بارتباك فظيع .. وماتدري وش الكلام المناسب واللي المفروض تقوله
وقبل ترتب كلام وتنسقه حست بلمستها الحانية على راسها : مصخنة وانا امتس ؟
فتحت عينها وابتسمت لها ابتسامة بسيطة : لا يمه مافيني الا العافية .. بس الظاهر دخلني برد
شوي وابي اتدفا ..
قربت منها وغطتها زين .. وصارت تمسح على ظهرها .. حست بغصة كبيرة بحلقها .. هي
ماخانت اهلها ولا تبي تخونهم .. كانت تحس بمغامرة حلوة تعيشها بجنون بس رسالته فيها شي
صحاها من هالجنون .. تربت على الاصول وتعرف طريق العيب وتدله .. بس مستحيل تمشيه
ولو في يوم قلبها تمرد تنهي هالحب بيدها ولا تنزل راس اهلها وسمعتهم بالارض .. خصوصا
انهم في ديرة وكلن يعرفهم وخطوتهم محسوبة .. : يمه ..
ناظرتها بحنان كبير : هاه يمه ؟
قعدت وسندت نفسها على الجدار اللي وراها : وين خواتي ؟
ماكملت كلمتها الا بجيتهم هم وبنات عمها .. شافتهم يشيلون اغراض بيدينهم وعرفت انه اكيد
العم مساعد جايب لهم من الجمعية مثل كل مرة .. جاتها شيخة تركض : موضي قومي شوفي
وش جبت لتس للعيد ..
سكرو الباب لان العيال جايبين مواد غذائية من اللي جايتهم من الجمعيات الخيرية وقعدت مع
البنات يورونها الملابس اللي خذوها ملابس مستعملة ممكن تكون لبست مرة او اكثر فرحانين
فيها لانهم بيلسبونها في العيد ورغم فرحتها باللي خذتهم مازالت تعيش في صراع مع مشاعرها
وتجهل وش ردة الفعل المناسبة في هاللحظة .. : انا ابي الاحمر ..
سحبته سارة على طول : والله ماتاخذينه انا اخترته بالاول ..
ضحكت نورة عليهم لانها تدري وش كثر هالثنتين دايم يتطاقون على الملابس : للحين ماكبرتو
انتو .. عاد محد يشره على موضي توها بزر .. بس البلا فيتس ياسويرة ..
طقتها موضي على يدها : مانيب بزر وجع .. ومابيه خلاص عفته ابي اللي جابته لي شيخة ..
قربته منها شيخة ومدته لها تبيها تاخذه : يلا قومي قوسيه ..
تلحفت زين وقعدت تطالعهم : بعدييييييين هالحين ذابحني البرد ..
هيا وهي تقعد جنبها وتحط يدها على جبينها : وش برده بهالظهر .. لايكون مصخنة ..
تكلمت امها اللي من اول تطالعها وحاسة فيها شي : لا مافيها الا العافية ان شاء الله .. قومي
يابنيتي قوسي اللي جابته اختس ..
ابتسمت لامها وفزت على طول خذته وقامت تلبسه .. دقايق ووقفت قدام المراية اللي مكسور
نصها وساندينها على الجدار لانه مالها مكان يعلقونها فيه : شرايتس يمه زين ؟
ناظروها كلهم وقعدو يمدحونه عليها .. كانت تضحك معاهم بس بداخلها شعور عجزت تفسره
ماتدري هل هي صدمة او فرح .. او يمكن خوف من المستقبل .. ما احتاجت وقت كثير في
التفكير حتى اتخذت قرارها انها مستحيل ترد عليه او توضح له شي ابد .. اذا هو يبيها مثل
ماكتب لها يجي يطق عليهم الباب .. اما غراميات وخرابيط ماعندها .. مستحيل تنصح شيخة
وتمشي نفس طريقة .. اذا ولد خالها وباعها .. اجل وشلون هذا اللي مايقرب لهم ولا هو من
ثوبهم ولايعرفونه بعد .. رغم انها صغيرة سن الا ان تفكيرها ناضج .. وعرفت انها ماتبي
تكون ضحسية لمشاعرها .. شالته مؤقتا من تفكيرها .. واستمتعت بهاللحظة البسيطة اللي
زرعت فرح كبير بداخلهم ..
سمعت صوته وهو ينادي باسمها .. ارتعدت كل اطرافها خوف توكلت على الله وراحت له
شافته جالس بكل هدوء بدون مايناظرها .. قربت منه وحبت راسه .. كرهت شعورها اللي
بقلبها .. ابوها وماتحس ناحيته اي مشاعر تذكر .. شخص مثله مثل اي شخص ممكن يمر
في حياتها .. مايعني لها اي شي ولحظات كثيرة تحس انها تكرهه .. فاجأها صوته الهادي
وهذا في المرات النادرة فقط : اجلسي ..
جلست بدون ماتناظره .. كانت تناظر كل شي حولها .. وماحبت تبين له ارتباكها .. هي
قررت تتخذ موقف .. يكون لها قرار .. عمرها راح كله خوف وتعب وظلم .. والحياة
ماعادت تستحمل اكثر .. اذا كانت في كل الاحوال خسرانة .. على الاقل يحسب لها شرف
التجربة والمغامرة .. وماراح تغير هالقرار ابد .. حست بسكون غريب والتفتت له .. كان
مركز نظره عليها : كل ماكبرتي صرتي تشبهينها اكثر ..
" لااااااااااا .. لا تتكلم عنها الحين .. لاتعذبني ترى ماعاد بقى فيني صبر " نزلت راسها
ماتبيه يشوف انفعالاتها .. يسمح لنفسه يتكلم عنها ويحرمها مجرد السؤال حتى لو كان
بسيط مايسمح لها تستفسر او تسأل .. رفعت نظرها وقالت برجاء : يبه تكفى ابي اعرف وينها
فيه ؟
قاطعها وكأنها ماسمع سؤالها : اللي ابي اعرفه شي واحد بس .. تعلمتي من درسك .. ؟
ناظرته بملامح خالية من اي انفعالات تذكر .. لا حزن او قهر او غيره .. وجه جامد
خالي من اي علامة من علامات الحياة .. كمل كلامه كتهديد لها : هالبيت ماتطلعين منه
الا بإذني .. حتى لو انك على فراش الموت .. لا بيت عمك ولا عمتك ولا حتى مستشفى
ولو كسرتي كلمتي عند اخواني مرة ثانية والله لاذبحك ..
ماحبت تعانده وتدخل في جدالات معاه .. اختصرت وقتها ومشاعرها وجاوبته باللي
يرضيه : ان شاء الله يبه ..
اللي رحمها هالنقاش كان بينها وبين ابوها يمكن لو كانت مرة ابوها موجودة كانت صارت
مشاحنات اكثر خصوصا انها ماتحب السلام اللي يعم بينهم .. رفعت راسها وناظرته : يبه
شافته للحين مركز نظره عليها .. وفهمت كل اللي بخاطره : نعم ؟
ارتبكت من نظراته ونزلت عيونها على طول : تبي شي ولا اروح ؟
قام هو قبل مايرد عليها طالع من البيت .. وقبل يطلع مع الباب التفت عليها : روحي لجناحك
فوق ..
ابتسامة سخرية اعتلت وجهها .. يعني الحين حن عليها .. بالنسبة لها هالبيت بكبره سجن هنا
او هناك واحد .. مشت للغرفة وخذت عباتها وشنطتها وطلعت رايحة لجناحها .. حلفت بالله
ماعاد تسكت عن حقها .. وراح تحاول توصل لامها بأي طريقة .. تبي اجابة بس تريحها
اتعبتها هالظنون وكثرتها وماعاد قلبها يحتمل اكثر .. فكرت بعمتها هيفا لكن بالاخير استبعدتها
لانها تدري وش السبب بس قالت لها كذا مرة انها حلفت بالله ماتقول هالكلام لها .. وابوها هو
اللي محلفها .. وميساء تخاف تسبب لها مشاكل مع عمها اذا عرف ابوها .. هي حاطة احتمالين
وماعندها غيرهم .. ميساء او اختها .. رغم ان علاقتها في لمياء جدا سطحية بس ممكن تحس
فيها وتحاول تساعدها .. انسدحت على سريرها واستسلمت لافكارها .. سؤال دايم يتردد في
بالها .. مادام ابوها يحب امها ليش يطلقها .. اوقات من كلامه تحس انه كان عاشقها مو بس
يحبها واكيد الحين ينتقم منها في صورة بنتها .. اللي كل ماكبرت صارت تشبهها ..
فزت على طول ووقفت قدام المراية تناظر نفسها .. " لييييييييييييش ما اذكر شكلها " تأملت
صورتها المنعكسة في المراية .. حاولت تذكر شكل امها ماقدرت .. كلهم يقولون انها نسخة
منها .. حتى نظرات ابوها لها فيها الم كبير .. بس هي ماتذكرها .. ماتذكر شكلها ..
حست بألم فظيع يعتصر قلبها .. صرخت بأعلى صوتها ورمت كل العطورات والكريمات اللي
على التسريحة على الارض .. طوفان المشاعر اللي بداخلها تجاوز حدود احتمالها .. الى متى
راح تتقبل ظلمهم واهاناتهم وضربهم ببرود .. صرخات تمرد بداخلها بدت تظهر بصوت عالي
حست بضيق كبير يجتاح صدرها .. شعور الاستسلام بداخلها تمرد بعد ماتركزت صورة منال
في احضان عاشقها الغريب في ذاكرتها .. تمردت على سلبيتها لانها كانت تجهل ماضي امها
بس الحين منال تمشي نفس الطريق اللي تصورت امها كانت تمشيه .. ماعاد صارت تستحق
العقاب وحدها .. او بالاصح تحتمل هالسجن وحدها .. منال لازم تشاركها .. اما هي .. تبيهم
يتركونها .. يطلقون سراحها .. تعيش حياتها اللي فقدتها من زمان .. احساس تحتاجه ومتمسكة
فيه .. وراح تناضل حتى تحصل على حريتها .. رغم كل القيود والعقبات وماراح تيأس..من
اليوم راح تبدأ صفحة جديدة .. بتنسى الماضي كله .. لانها ادركت خطاها .. عرفت ان اللي
كانت تعرفهم اكيد مايبونها لذاتها .. يبونها لاشباع رغباتهم .. ومستحيل تكون سلعة رخيصة
لهم ..انجرفت سنين لهم .. ولكلامهم المعسول .. لكن ماقدرو يوصلون لها .. يمكن لو كان
لسجنها حسنة وحيدة كانت انه منعها انها تتمادى في انحرافها .. ماتدري يمكن في مراهقتها
لو اتيح لها المجال .. ممكن كانت مشت في نفس طريق منال .. تعوذت من الشيطان وهي
تسمع صوت المؤذن يدعو لصلاة العشا .. رجعت تلم اشيائها المتناثرة .. وهي تدعي ربي
يقوي عزيمتها .. ومايحبطها بعد اول محاولة فاشلة ..
زهقت وهي كل شوي تناظر ساعتها بملل .. الوقت مو راضي يعدي وهي تكره الانتظار
بعد نص ساعة موعدهم .. اتفقت معاه يجي عندها في البيت .. وهي تعرف مواعيده جدا
دقيقة ومايحب يتأخر .. بس ماتقدر تخفي لهفتها بداخلها .. تدري انه داخلة حرب ضروس
واقرب التوقعات انها خاسرة .. لكن ماراح تستلم ابد .. مادام هدفها اسعاد قلبين بنظرها
يستحقون انهم يعيشون بسعادة ..
شافت ابوها وسلطان قاعدين يسولفون في مواضيع المال والاعمال انقهرت ليش هي
بهالتفكير لحالها .. رغم انها فاتحتهم بالموضوع قبل .. وكلهم أيدوها بهالاقتراح .. قامت
تشغل نفسها بأي شي واستوقفها صوت سلطان : تعالي وين رايحة ؟
التفتت ماتدري اصلا وين تروح : بروح غرفتي شوي ..
مسكها مع يدها وجلسها : اقول اقعدي مجمعتنا وفي الاخير بتروحين .. وتخرب السالفة كلها
قعدت وهي تتأفف : اولا انا مجمعتكم لاني ابي نجلس كلنا مع بعض من زمان ماشفتكم وسولفنا ..
ثاني شي موضوع طلال لاحد يتكلم فيه .. انا بفاتحه في البداية .. وتركت المجال لابوي وعمي
هم اللي يقنعونه ..
قبل مايرد عليها دخلت عليهم ميساء اللي توها جاية مع اخوها احمد .. سلمت عليهم وقعدت
معاهم .. ومع السوالف انشغلت لمياء وماعاد ناظرت ساعتها .. ماحست الا وهي تشوف طلال
وهو داخل عليهم .. سلم هو بعد وقعد جنب سلطان اللي بنفس عمره ورضع معاه من ام سلطان
في وقت كانت ام طلال تعبانة بعد ولادتها فيه .. كانت رغبتها الاولى انهم يجلسون معاه بحكم
انهم من زمان ما اجتمعو .. حتى اخوانها الكبار سلطان مشغول مع زوجته وعياله وميساء نفس
الشي .. واحمد توه متملك من فترة وللحين ماتزوج واستقر معاهم بهالقصر .. وهي ايام الاسبوع
بالديرة وماترجع الا يوم الاربعاء ..
اجتمعو سوالف وضحك .. الغريب انه طلال في هالبيت غير .. جزء من رسميته يتركها خلفه ...
مع سلطان يتحرر شوي من رسميته وجديته .. لانه انسان مرح ودايم ينكت ويضحك وهالشي
يخلي طلال وهو معاه مبسوط .. كانت تسولف معاه وهي تدعي ربها مايخيب ظنها .. لاول مرة
تتدخل فيه .. دايم كانت تخليه على راحته .. ماتحب تضغط عليه ابد بس هالمرة بتحاول معاه
تبي تقنعه بأي طريقة لانها تبي له السعادة .. بعد العشا استأذنهم سلطان رايح لبيته .. وراحت
معاه ميساء بعد يوصلها لبيتها .. وابوها راح يشوف اشغاله واحمد طلع من البيت .. ويوم قام
طلال يبي يطلع استوقفته .. التفت لها على طول : سمي ؟
حست بارتباك فظيع .. غصب عنها شخصيته تجبر اللي قدامه على الارتباك .. له حضور قوي
ونظراته مربكة بشكل كبير : اقعد شوي ابيك ..
جلس على طول يناظرها .. حست من نظراته وكأنه يقول لها اخلصي .. حاولت ترتب الكلام
قبل تقوله .. بالاخير استجمعت كل قوتها وتكلمت : اول شي مابيك تعصب ولا تتنرفز وتقوم
اسمعني للآخر وبعدها قول اللي عندك ..
من شافت زمة شفايفه عرفت انه مو متقبل الوضع بس ساكت لانه جاي عشانها .. وسكوته
خلاها تتكلم على طول : انا عارفة رأيك في الموضوع من زمان وماعمري تدخلت في
حياتك او جيت قلت لك ..
قاطعها وهو عارف وش اللي بتقوله : لمياء بدون مقدمات رجاء وادخلي في الموضوع على
طول ..
سحبت نفس عميق : في وحدة اعرفها بالقرية اللي ادرس فيها .. تقريبا عمرها 29 وللحين
ماتزوجت .. وجميلة وحسيت انها مناسبة لك ..
قام واقف وقال بنرفزة شوي : ومن قال لك تحسين ؟ واصلا انا قلتها مليون مرة مابي اتزوج
يعني ليش متعبة راسك وجاي تكلميني في الموضوع ..
قامت معاه ومسكت يده : طلال الله يهداك انا الحين قلت شي يعصب ؟ اقعد ناقشني ماجيت
فرضت عليك شي بالقوة .. منت خسران شي ياخي الكلام اخذ وعطا ..
قبض يده بقوة هالموضوع ينرفزه غصب عنه .. ما يأتمن النساء .. في نظره هالفئة مايستحقون
الحب او مجرد التفكير فيهم .. : عندك غير هالكلام ولا امشي ؟
تضايقت من تسرعه وحكمه على الموضوع قبل يسمع التفاصيل : وانا قلت شي اصلا .. خلني
اتكلم واقول كل اللي عندي ..
التفت لها وناظرها فترة مو قصيرة وبعدها تكلم : وانا مابي اسمع شي مادام هذا موضوعك ..
عندك غيره تكلمي .. واذا ماعندك بروح الحين ..
حست ودها تفجر فيه .. عقله متحجر ومايقبل النقاش .. : انت اقعد وانا افهمك كل شي ..
رفع يده واشر لها بتحية : سلام عليكم .. انا ماشي ..
وطلع من عندها بدون حتى مايلتفت .. انقهرررت من قلب من هالتصرف الغريب .. تهربه من
هالموضوع مريب .. فيه شي مو طبيعي .. هي توها ماقالت شي وهذا زعل وتنرفز وطلع حتى
بدون مايناقشها ..
حست بلمسته على كتفها : خليه علي .. انا بتفاهم معاه ..
التفتت له على طول وابتسمت : هو سمع مني اصلا .. على طول قام ..
ابتسم لها بحب : سمعت كل شي من الاول .. واكذب عليك لو قلت لك اني متوقع غير هالشي
ترى عمك شاب راسه منه .. كل ماكلمه في هالموضوع زعل وتضايق وطلع من البيت وعمك
مخليه على راحته .. بس هالمرة انا راح احاول اسعى في هالموضوع .. لاني متأكد انه الرجل
المناسب لها .. ولو بيدي زوجتهم كلهم ماراح اقصر بعد .. عسى الله يعوضهم عن حرمانهم
خير .. ويجزاك كل خير على تعبك معاهم ..
قعدت وهي تطارد كل الافكار اللي تجي براسها : اخاف اجمعهم ويظلمها معاه ...
جلس جنبها ولف يده على كتفها : لا يابنتي .. هو صحيح عنيد وراسه يابس .. بس عمره
ماكان ظالم ابد ..
قامت وحبت راس ابوها واستأذنته طالعة لجناحها ودعت ربها اذا كان في تفكيرها لهم خيرة
انه يجمعهم هالنصيب .. ويحنن قلب طلال ويترك العناد عنه شوي .. ويفكر بعقلانية عشان
يقدر يعيش حياته ..
صار له حول الـ 3 ايام مختفي ماشافوه .. ماكان يعني لهم الكثير اصلا لذلك ماحسو انهم
فقدوه او دورو عليه .. بالنسبة لهم وجوده او عدمه واحد .. بالعكس وجوده بالنسبة لهم رعب
وخوف .. وغيابه اكبر مصدر للأمان في البيت .. كان الهدوء مكتسح هالبيت الكل نايم الا
هي .. بايدها كوب الكوفي وبيدها الثانية كتابها ,, كانت تقاوم نومها وهي تذاكر .. جو الغرفة
جاب لها النوم .. نزلت للصالة وقعدت تذاكر فيها .. كانت منسجمة في مذاكرتها وكل ماخلص
الكوفي قامت تسوي لها كوب جديد ..تمددت على الصوفا الكبيرة في الصالة وصارت تعيد
الكلام اللي حفظته .. كانت كل شوي تغفي وتقوم بالاخير استسلمت للنوم بدون ماتحس ..
كانت غارقة في احلامها وماتحس بأي شي .. فجأة حست باصوات عندها .. وازعجت انفها
رائحة دخان قوية .. ركزت سمعها تبي تتأكد هل هي تحلم او لا .. وتجمد الدم بعروقها وهي
تسمع صوته اللي يثير الرعب بداخلها .. ما استوعبت شي من اللي صار ولا تدري هي وين
الاكيد انها تسمع اصوات كثيرة .. وريحة الدخان مزعجة لدرجة كبيرة .. فتحت عينها وشافته
جالس .. رجعت غمضتها بخوف وهي تدعي ربها " يااااارب طلبتك الخلاص " شعور مؤلم
اعتراها وهي تحس نفسها مذبوحة بهالمكان .. ماعرفت شلون تتصرف هل تقوم وتقاوم او
تتظاهر بالنوم .. فضلت انها تبقى على وضعها لانها ماتدري وش اللي صار لها اصلا ...
ما اطالت التفكير قبل ما تحس بيد تلامس جسدها .. كانت اليد تمتد لتلامس اماكن حساسة
بجسدها .. واول ماحست بهاليد تتمادى وتتحس جسدها كتمت شهقتها وقامت مفزوعة على
طول .. ارعبتها اشكالهم وكأنهم طالعين من مقبرة على هالاشكال المقززة .. : يبـــــــه ..
صرخت فيه تبيه يبعد هالانسان القذر عنها .. شافته مغيب كليا عن الواقع .. وضايع مابين
كاسه وزقارته .. قعدت تصارخ بشكل هستيري وتركض بالمجلس تبي توصل للباب ..
واول مامسكته وفتحته فوجئت انه مقفل والمفتاح ماتدري وينه .. جثت على الارض تبكي
خافت على نفسها وعلى عرضها .. كانو يطالعونها ويضحكون .. حطت يدها على اذانها
تسكرهم بقوة صوت قهقهاتهم مؤذي لحد الغثيان .. حاولت فيه يمكن يحس على دمه وينقذ
بنته من وحل الذئاب اللي رماها فيه قربت منه وهزته من كتفه : يبه تكفى .... " ارتجف
صوتها اكثر " يبه طلعني من هالمكان تكفى ...
هالهزة الخفيفة خلته يترنح ويسقط على الارض .. وصوت ضحكاته تتعالى .. شافتهم هم
بعد يضحكون معاه بهستيرية .. اشر لها وزقارته بيده : محـ ـد بيـسـ ـ ... وكمل ضحكه
قعدت عند رجوله تترجاه يطلعها من هالمكان .. كان مو داري فيها فتشت في مخابي ثوبه
عن المفتاح وماحصلته .. كانت ترتجف خوف وماعاد تقدر تشوف شي قدامها من دموعها
اللي ملت عيونها .. استسلمت بعدها لنوبة بكاء متواصلة وهي تسمع تسكيتهم لها .. " يارب
ارحمني ولا تاخذني بذنبهم يارب " ظلت ماسكة في ثوبه وكأنها تنشد الامان عند هالشخص
اللي رماها بهالمكان .. قعدت تطالعهم بخوف كبير وهي تشوفهم يصبون الخمر في الكاسات
ويلفون الحشيش قدامها .. وقت عصيب مر عليها وهي تشوف عيونهم تلتهمها بشراهة ....
للحظات حست انها ممكن تغيب عن الوعي من هالموقف المخيف .. وبداخلها تمنت هالشي
ارحم لها من مشاعرها الموجعة بهاللحظة .. ارتجف كل جسمها وهي تحس بلمسة واحد فيهم
لكتفها .. صرخت فيه على طول : ابعد عننننننننننني ..
كان اقلهم سكرا .. ونظراته لها بهيمية بحتة لزقت في ابوها اكثر وتمسكت في ثوبه وصارت
تشد عليه تبي تحس انه يحميها .. احساس بشع انك تبحث عن الامان في قلب من القى بك في
هالغابة الموحشة .. مد لها الزقارة ودفت يده بتقزز .. كان يضحك على شكلها .. كرهت فيه
تصرفاته وكأنه شاب مراهق رغم انه بعمر ابوها مسكها من يدها وسحبها لكنها ظلت متمسكة
في ابوها وكأنها طفلة صغيرة وماتبي تبعد عنه جلست تصارخ وسط قهقهاتهم اللي اوجعتها ..
ودها لو بيدها وتذبحهم واحد واحد حتى ابوها .. لمحت المفتاح بين المركى والجدار بس كان
بعيد عنها .. واذا بتوصل له لازم تمر من عندهم كلهم .. وهذا فيه مغامرة كبيرة عليها ..
قرب منها وحست بانفاسه ورائحتها المقززة ملاصقة لرقبتها : تعالي اجلسي معاي محد
بيسوي لك شي .. بس خلينا نفلها ونستانس ..
غمضت عيونها وسحبت نفس عميق وهي تشجع نفسها تكون اقوى منهم .. هي تملك العقل
اللي هم فاقدينه الحين في هاللحظة .. " دانا تحملي .. تحملي ماراح يصير شي .. الله معاي
الله معاي " : زين روح هناك وانا اجي لك .. قالتها بصوت مرتجف وبالكاد تطلع حروفه
وهي تأشر له على المكان اللي تشوف المفتاح فيه ..
اشر لها على اذنه : وشو ؟ عيدي ماسمعت ..
ضغطت على نفسها وقالت بصعوبة : روح اقعد هناك وانا بجي لك ..
ابتسم لها بدناءة وقرب منها يبوسها وبعدت عنه وهي تقاوم خوفها ورعبها منه .. راح لمكان
ماقالت له وقامت راحت له هي بعد .. كان بداخلها خوف من هالخطوة الجريئة .. بس هي
الطريقة الوحيدة لخلاصها .. كانت خطواتها مترددة ومرتبكة ونظراته لها زادتها خوف اكثر
جلست قريب منه وعينها على المفتاح اللي من قربت تأكدت انه هو مفتاح باب المجلس ...
قرب منها وبعدت عنه شوي وضحك لها بغرور .. صب لها كاس ومده لها .. وهي تناظر
فيه بكل خوف .. قربت شوي وسحبت المركى اللي وراه المفتاح .. ماكان مركز بشي كثر
ماكان يطالع في جسدها .. خذت المفتاح بكل هدوء حتى مايطلع صوته ويسمعه .. وقعدت
تناظر الباب من مكانها وهي تحاول تدبر خطتها للهروب .. سمعت صوت اذان الفجر يصدح
بالخارج .. وتأسفت بداخلها على حال ابوها وشلته الفاسدة وهم منغمسين في ملذاتهم ومتناسين
خالقهم .. استغلت انشغاله بلف الزقارة وقامت بكل هدوء للباب .. محد كان يظن ان المفتاح
معها ولاحد اهتم بوقفتها عند الباب .. واول ماشافها تدخل المفتاح في الباب قام لها ركض
يبي يلحقها .. بس هي كانت اسرع وفتحته ركضت لداخل البيت وهي مو قادرة تصدق نفسها
انها خرجت من بين هالوحوش منتصرة .. قفلت الباب الداخلي وركضت لغرفتها .. تدري انه
محد يقدر يدخل البيت الحين .. لكن احساس الخوف اللي اعتراها بوقتها ماخلاها تقدر تركز
في تفكيرها اكثر .. وصلت لغرفتها وقفلت على نفسها الباب وطاحت على الارض تصيح ..
اصعب موقف مر عليها في حياتها .. والى الحين ماتدري شلون ملكت هالشجاعة انها تنقذ
نفسها منهم .. وماتدري شلون جاتها القوة انها تفكر وتخطط وتنفذ .... وهي بين 5 وحوش
والسادس ابوها .. كانت تشم ريحتهم في ملابسها وجسدها .... راحت للحمام ( تكرمون )
وفتحت الدش ودخلت تحته بملابسها .. كانت تحس انها نجسة مدنسة .. لامستها ايدي قذرة
واحالت طهرها الى نجاسة ... كانت تبكي بحرقة تحاول تغسل ذنوب اوهمت نفسها انها
اقترفتها رغم برائتها من هذي الذنوب ...
من بدري وقف مكانه المعتاد اللي دايم يشوفها فيه .. طوال اليومين اللي فاتو وهو يعيش
حالة ندم شديد على خطوته الجريئة معاها .. كان قصده شريف لكن وصل حبه بطريقة
غبية ممكن حتى هي تفهمه خطا .. او ماتستوعب وش هي مشاعره في مجتمع محافظ
على عاداته وتقاليده .. وتصرف مثل تصرفه ممكن يكون مكرر في المدينة هنا يعتبر
طامة كبرى .. كان يبي بس يشوفها .. يبيها تعرف اللي بقلبه وانه انسان مايبيها تسلية او
لعب .. كل اللي بقلبه لها انه يبي يتأكد من مشاعره قبل يخطو خطوته الهامة لها .. كان
يخاف من احساس الفشل او الرفض .. كيف لو كان شعوره مجرد اعجاب .. هو ماشافها
ولاعمره كلمها .. ولايدري اصلا هل عمرها مناسب له او لا .. كل هالتفاصيل يجهلها
ممكن يصدم بواقع غير اللي هو يبيه .. اللي عرفه انها مو متزوجة وبالقوة قدر يستنبط
هالمعلومة من سلمان .. لكن مايدري اذا مخطوبة او مسمينها لاحد .. لام نفسه على غبائه
كان مندفع في ايصال مشاعره .. حس انه يبيها تبادله او على الاقل يبي قبول منها عشان
يعرف اذا يقدر يكمل او لا .. بس بعد هالنقطة تحسب ضده مو معاه .. متعبة هالتفاصيل
الصغيرة اللي ارهقته .. كان تصرفه متسرع وغير مسئول .. هالاحساس راوده بكثرة
في هاليومين المرهقة له فكريا .. ناظر ساعته وهو يحسب وقت قدومها بفارغ الصبر ..
دقائق قليلة مرت شاف سلمان جاي ومبين عليه بردان ويمشي وكأنه مغصوب للمدرسة
ووراه يمشون مشعل ومحمد عيال عمه .. خيبة امل كبيرة انه مايشوفها اليوم .. تأكد
ان فعلته الغبية هي سبب غيابها .. بعد مادخل الفصل انشغل بحصصه ودروسه وغيبها
من افكاره .. مايبي يوهم نفسه بمشاعر الى الآن مو متأكد منها .. يمكن تعلق فيها لانها
البنت الوحيدة اللي يشوفها بهالديرة .. بحكم انه يسكن هو ومجموعة مدرسين على بعد 45
كيلو تقريبا .. يمكن لانه اعجبه احتشامها وحياها وكفاحها .. ويمكن لان عيونها
سحرته بسوادها .. حتى هو مايعرف وش سر انجذابه لها .. انتظر الين انتهى دوامه
ووقف مكانه ينتظرها .. وبعد هالمرة ماجات .. جات بدالها وحدة ثانية .. يمكن تكون
اختها .. على طول رجع مع المدرسين للبيت اللي مستأجرينه ويجمعهم فترة عملهم
بهالمدرسة .. غدا وسوالف وبعدها كلن راح يرتاح .. سحب الدفتر اللي كان يجرب
فيه خطه يوم يكتب لها القصيدة وقعد يقراها .. قراها اكثر من مرة وهو يدعي ربي
ماتفهمه خطا .. تفاوتت مشاعره مابين ابتسامة بسيطة مجرد مايتذكر صوتها وهي
تصوت على سلمان .. ومابين تكشيرة وهو يتذكر غيابها اليوم .. وخوفه كله انها قالت
لاهلها شي ومنعوها تجي للمدرسة " اوووووف لو درو اهلها ... هذا اللي جيت ابكحلها
عميتها " ضحك على نفسه شلون يستنكر شعوره وهي ماخذة كل تفكيره .. بعد ما اخذه
الوقت بدون مايحس .. نوى انه يستخير ويسأل عنها واذا هي مناسبة له يكلم اهله ويتقدم
لها .. خطوة صعبة بس ماراح يندم من استخار الخالق .. وهالشي هو اللي راح يسويه
بس قبل هذا كله .. لازم يقدم على خطوة وحدة بس .. ممكن تكون جريئة بس لازم
يسويها عشان يتخذ القرار الصح .. ذكر ربه قبل مايغفى وقام يضيع وقت شوي على
مايأذن المغرب ....
زورق الندى
22-01-2013, 09:07 PM
في صالة جناحهم قعدو يشربون الشاهي .. كان يبي يفاتحها بالموضوع وياخذ رايها فيه
ماحب انه يرتب الكلام وقاله على طول بدون مقدمات : لمياء لقت عروس مناسبة لطلال
وان شاء الله بنروح نخطبها له .. بس ابيك تكلمينه وتحاولين تقنعينه ..
ناظرته وفتحت عيونها متفاجأة كان هالخبر بالنسبة لها شي عظيم وتتمناه .. رغم انهم كل مرة
يشوفون له وحدة ويكلمونه وهو يرفض اختياراتهم بس هالمرة حست الحزم في كلام زوجها
وعلى طول بادرته : من هي ..؟ ومن بنته ؟
ركز نظره عليها يبي يشوف ردة فعلها على كلامه : من القرية اللي تدرس فيها لمياء ..
قامت على طول : انت صاحي ؟ ازوج ولدي وحدة ماهي من ثوبنا ولا نعرفها ..
حاول يمسك اعصابه لانه مايبي يتحول النقاش لمشكلة .. هالمرة بس لان الموضوع يخص
طلال : انتي اللي تقولين هالكلام يالطيفة ؟ اجل وش خليتي لعيالك ..؟
تلعثمت بالكلام وقعدت بتوتر : مساعد الله يهداك وش تقول انت ؟ تبيني ازوجه وحدة تعيش
بقرية .. وماتعرف للحياة شي .. شلون تقابل الناس ومعارفنا .. وش تبي الناس يقولون عنا ..
رفع حاجبه يناظرها : وانتي يهمونك الناس ولا يهمك ولدك ؟
تنرفزت من بروده : الحين لمياء وش لقفها تروح وتدور له .. طول عمرها وهي تقول خلوه
براحته .. متى مابغى العرس بيجيكم .. الحين جاية وفازعة وجايبة لي وحدة ماندري وش
هو اصلها ولا من هي بنته ..
كان يبيها تقول كل اللي في خاطرها وبعدها هو يتكلم ويقول اللي عنده .. بعد ماسكتت وناظرته
عرف انه وقته للكلام : وش اصلها ومن هي بنته هالسوالف كلها عرفتها من ابو سلطان وترى
لعلمك انا عارف من اسبوع .. وطلبت من لمياء تسـأل عنها وتقول لي كل المعلومات اللي ابيها
بنت ناس مايعيبها شي الا انها تعيش بفقر .. وكبرت وهي للحين ماتزوجت .. لطيفة انا ماخبرتك
بهالتفكير .. اعرفك دايم تحبين الخير وتسعين له .. لاتفكرين بالناس وش يقولون .. محد يسمع
للناس ويرتاح .. فكري بولدك واللي يريحه ويسعده .. اذا ربي كاتب له الخيرة معها لا توقفين
نصيبة .. وتأكدي ان الخيرة في ما اختاره الله ..
سكتت تفكر بكلامه هي دايم تروح للجمعيات الخيرية وتحضر الحفلات اللي ينظمونها وحملات
التبرعات .. دايم تخالط الفقراء بهالجميعات .. بس ماعمرها جربت احساس انها ممكن تزوج
ولدها لوحدة فقيرة .. او من قرية : و طلال كلمته ؟
حس هالكلمة بادرة خير انه يضغط عليها بالكلام اكثر واكيد راح تقتنع : لا للحين ماكلمته بس
هالمرة ماراح افكه الين يقنعني انه رافض البنت مو الزواج .. اما رفض للزواج من اصله ماراح
اسمح له ..
نزلت راسها تحاول تجمع كل افكارها في هالموضوع اللي فاجئها .. مد يده ومسك يدها رفعت
نظرها له وطالعته .. و ابتسم لها : لاتفكرين يالطيفة ولا تتعبين راسك .. ادعي ربك اذا كان له
الخيرة في هذا الزواج يجعلها من نصيبه .. واذا كان في قربها شر له يصرفها عنه .. وتذكري
ان الدين مافرق بين الغني والفقير .. ولا بين ولد المدينة والقرية .. وانا اعرفك انسانة مؤمنة
وعاقلة .. خلي الامور تمشي مثل مايكتبها رب العالمين .. اذا كتب له نصيب معها .. بتجي
وتعيش معك وتعلمينها تعيش نفس حياتك .. والانسان ماطلع من بطن امه عالم .. كل واحد فينا
يتعلم من هالدنيا ..
بادلته الابتسامة وضغطت على يده بقوة .. كانت انانية في تسرعها .. رغم انها الى الآن مو
مقتنعة تماما بس متأكدة لو طلال وافق مستحيل توقف في طريقه .. " الخيرة في ما اختاره الله "
رددتها بداخلها .. وهي تقنع نفسها بأن تقدم سعادة ولدها وراحته على راحتها .. راح تترك له
مطلق الحرية في اختياره .. وماراح تتدخل ابد لو حست ان زوجها قاعد يناقشه .. راح تحاول
تقنعه حتى لو بداخلها رافضة هالشي .. ماتدري لعل الله يجعل بينهم نصيب .. وش خذو من
بنات المدينة الا وحدة تاركته طول يومها ورايحة لاهلها ولصديقاتها وما اهتمت فيه او سألت
عنه .. يمكن هالبنت اللي ماعرفت من حياة المدينة شي ولا لها احد بالرياض تعيش له وتكون
معاه بكل وقت يحتاجها ..
شافها غارقة في افكارها وتركها رايح للغرفة .. ماراح يترك طلال الين يقنعه انه يتزوج مو
مهم من هي اللي يختارها .. الاهم انه يتزوج .. حتى لو رفض نورة راح يفتح المجال لامه
تدور له على وحدة تناسبه .. ذكر ربه وتوضا وتمدد بعدها على سريره .. قرأ آية الكرسي
وردد بعدها اذكار ماقبل النوم ..
" اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك, وفوضت أمري إليك, وألجأت ظهري إليك,
رغبة ورهبة إليك, لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك, آمنت بكتابك الذي أنزلت, وبنبيك الذي
أرسلت .
بسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه, إن أمسكت روحي فارحمها, وإن أرسلتها فاحفظها
بما تحفظ به عبادك الصالحين . بإسمك اللهم أموت وأحيا . "
/
\
/
\
كعادته كل يوم مرهق من ضغط المحاضرات والدراسة .. وعمله المضني واللي يكابد فيه
تعبه الجسدي والنفسي في نفس الوقت توه راجع من المجمع بوقت متأخر وراه اختبار وهو
للحين مافتح الكتب او ذاكر منه شي .. وهذا الشي لاول مرة يصير معاه وهو اللي متعود
يخلص المادة قبل الاختبار بيوم او حتى يومين .. ويتفرغ اليوم اللي قبل الاختبار للمراجعة
والتركيز على الاشياء المهمة .. كان مرهق بما فيه الكفاية انه يرمي جسده بأي مكان وينام
لكنه قاوم هالتعب كله وراح يتسبح .. يبي يستمد شوي نشاط وبعدها يقوم يذاكر .. اللي
راحمه محاضراته للظهر وهالشي يخليه يرجع من الجامعة وينام له حول الـ 3 ساعات قبل
مايروح المجمع .. قد لا تكون هالساعات القليلة كافية ولكنها تغني عن الكثير .. تسبح وطلع
للصالة وبيده كتابه .. كانت الجزئية قصيرة وهالشي رحمه .. ولانها مادة كلها حسابات
ماكانت تحتاج للحفظ بقدر ماتحتاج للفهم .. ركز بمذاكرته ونسى كل شي مر في يومه اي
مواقف او مناظر آذته تجاهلها وهو يركز على مستقبله اللي بين يدينه ..
عدا عليه وقت طويل والليل صار بآخره .. حس بارهاق كبير وناظر الساعة المعلقة على
الجدار وشافها تشير لـ 3:45 صباحا ..مازال قدامه الكثير عشان يراجعه .. رغم انه يحس
انه منهك وماعاد يقدر يركز .. بدا التعب يطغى على كل جسده .. وحتى النوم يداهمه من وقت
للثاني ..
حس بحركة جنبه وشاف الوليد جاي ومعاه كوبين كوفي ابتسم له : وش مصحيك الحين ؟
مد له الكوب بيده اليمين وقعد قريب منه : نايم من بدري .. عقب ماصليت العشا على طول
ابتسم له وهو يناظر الاوراق اللي بيده : اجل شبعان نوم ماشاء الله .. ياخي احس انك امي
على هالحنان اللي فيك ..
اطلق ضحكة عالية وشرق بالكوفي وصار يكح بقوة .. قرب منه وطقه على ظهره : وربي
امزح .. لا تموت علي الحين ..
قعد يكح وهو يضحك .. وطلعت الكلمات مخنوقة : الله يقطع سوالفك وربي ضحكتني ..
ياخي انا الكبير فيكم واحس اني ابوكم .. لازم اهتم فيكم واسأل عنكم ..
بعده عنه بيده : اقول وخر بس .. شايفنا بزران عندك انت ووجهك .. وش ابوكم بعد ... ؟
ضحك له وهو يناظر بالاوراق اللي بيده : اجل للحين ماخلصت ؟
قلب القلم بين اصابعه : لا .. احس اني فاهم كل شي بس مابي اروح اختباري وانا مو متأكد
اني فاهم كل شي 100 %
سحب له منديل وقعد يمسح الدموع اللي نزلت وهو يكح : الله يوفقك يارب .. انت ذيب
وماينخاف عليك لا تقعد تضغط على عمرك .. بكرة ماعاد تقدر تتحمل ..
نزل راسه للاوراق وتمتم بتعب : ربك كريم ان شاء الله
هز راسه له وقعد يسولف معاه شوي لانه مايبي يشغله عن مذاكرته .. بس لانه عارف انه
اكيد مرهق وتعبان ويبي له على الاقل من يكون سند له بهالظروف .. هو بعد انسان بنى
نفسه بنفسه .. اهله مو اغنياء بالعكس عائلة متوسطة .. كانو يعيشون على راتب ابوهم
اللي من وظيفته الحكومية .. الين تخرج هو وصار يساعد اهله في مصاريف البيت ..
خصوصا بعد تقاعد ابوه .. ورغم انه قريب من كل العيال بالذات عبدالله ولد عمه اللي
بعمر راكان .. الا ان راكان بالنسبة له حالة خاصة .. لانه شاب مكافح رغم صغر سنه
كان يحس بمعاناته قبل يتكلم .. واوقات كثير كان يشد من أزره ويقوي عزيمته بكلامه
الين ارتاح له راكان وشكى له كل ظروفه .. وصار بالنسبة له سنده في هالدينا بعد الله
عز وجل .. ماكان رجل مثالي بس يحب الخير ويسعى له .. مثل مثل كل مسلم ربي
زرع الخير بقلبه .. مثل هالانسان ربي يسخرهم بس عشان يزرعون الفرح في قلوب
غيرهم ولو كان بابسط الطرق واسهلها .. تركه في مذاكرته ودروسه وقام عنه مايبي يشغله
وقعد راكان مكانه يحاول يركز باللي قدامه وهو يدعي ربي يوفقه بجامعته ويبعده عن
هالوظيفة اللي ما ارتاح لها ابد ..
متمددة على سريرها وبيدها رواية ( جريمة في القصر لاجاثا كريستي ) ومنسجمة حيل
مع احداث هالرواية .. دخلت عليها وهي كاشخة ولابسة تنورة لحد الركبة بيضا مع قميص
سماوي فاتح .. وتاركة ازراره العلوية مفتوحة .. استغربت من دخولها عليها هي ماعمرها
عبرتها او صار اي سوالف بينهم .. فاجأتها وهي تقرب منها : ديمو قومي اكشخك وانزلي
اجلسي معاي بيجون عندي صديقاتي ..
هزت راسها تبي تستوعب اللي سمعته بس ماصدقت .. منال تقول لها هالكلام .. لو مروى
كان ممكن تكون الصدمة اهون على الاقل مروى بس تتأمر عليها .. لكن هذي دايم تهاوشها
وتتطاق معاها .. واليوم جاية لها تتبوسم وتبيها تقابل صديقاتها بعد ..
جلست على طرف سريرها وهي مازالت على ابتسامتها : وش فيك تطالعيني ؟ قومي البسي
وانا بكشخك .. ابيك تكونين حلوة ..
رغم خوفها من هالخطوة الا انها حست انها ممكن تساعدها بقرارها اللي اتخذته .. اذا قدرت
انها تكسر شوكة منال اللي مقويتهم عليها .. قامت على طول وهي مبتسمة لها : وش البس
مادري والله ..
قامت معاها وهي تناظر بملابسها القليلة مقارنة بملابسهم اللي يغيرونها ويشترون كل فترة
آخر صيحات الموضة .. وآخر مانزل بالاسواق .. : هالفستان حلو ..
هزت راسها بلا : لا ماينفع يدي كلها واضح فيها طق ابوي ومابي احد يشوفه ..
سحبت لها برمودا جينز فاتح : هذا ؟
خذته منها وابتسمت : اوكي
دورت بين التي شيرتات شي يناسبه .. ولمحت تي شيرت وردي باكمام طويلة ضيق واكيد
بيكون مفصل لجسمها .. : هذا اكيد بيطلع معاه حلو ..
خذت التي شيرت وراحت تبي تغسل وتلبس ... بعد ماخلصت جاتها وهي لابسة .. شافتها
مجهزة لها صندل ( تكرمون ) : يالله بسرعة البنات جايين في الطريق ..
مازالت الى الآن مو مستوعبة انه منال تعاملها بهالطيبة .. ماتدري ليش تبي صديقاتها
يشوفونها .. استغربت هالشي منها .. هي عمرها ما اعتبرتها اختها ولا عاملتها كأخت
اصلا حتى يوم كانو بمدرسة وحدة .. ماكانت تختلط في صديقاتها ابد ولو ما تشابه الاسمين
محد عرف انها اختها ابد ..
جلستها على السرير وسحبت كرسي التسريحة وبدت تحط لها لمسات خفيفة من الميك اب
لان ملامحها ناعمة ماكانت تحتاج للكثير من المساحيق لانها ممكن تبشعها .. حطت لها
لمسات خفيفة جلوس وشوي ماسكارا وبلاشر ..
ديما كانت مستسلمة لها .. شي بداخلها يمنعها ماتروح معاها .. اصرار منال مريب بالنسبة
لها .. لكنها في الاخير خضعت لسذاجتها اللي اوهمتها انه اكيد منال تبي تحسن علاقتها فيها
وتبي تبدا صفحة جديدة معاها بعد ماساعدتها مروى بذاك اليوم .. يمكن هي بعد تبي تصير
مثل اختها ..
بعد ماخلصت منها ناثرت شعرها ونزلت خصلات على وجهها : تعالي شوفي شكلك ..
قامت ديما وناظرت شكلها في المراية برضى .. : ايه حلو ..
ناظرت ساعتها : يالله اجل بسرعة نختار الاكسسوارات .. وبهالاثناء دق جوالها وناظرت
الرقم وعلى طول استعجلتها : البسي هالحلق ويالله ننزل مايمدينا بنتأخر عليهم ..
خذت الحلق ومشت معاها ولبسته وهي تنزل الدرج وراها .. دخلت منال لمجلس الحريم
ودخلت بعدها بشوي ديما تحاول تلحقها .. كانت ثواني بس مابين دخولها للمجلس .. ومنظر
الجوال بيد منال وصوت تسكيرة الباب وراها ..
التفتت وراها وشافت نفس الشخص اللي كان واقف مع منال قبل كم ليلة .. يناظرها بابتسامة
خبيثة .. ومنال قاعدة تصورها بجوالها .. وهي على بعد خطوات بسيطة منه ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:08 PM
الجزء الرابع
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... ورضينا .. !
كيفما تمضي الحياة .. مضينا ..
سنمضي دون احلام .. وسنودع على ارصفة الحياة امانينا ..
فاقدارنا تأبى الا ان تزرع الأحزان فينا ..
الجمها الذهول وضاعت كل الكلمات منها .. تصاعدت انفاسها بشكل جنوني وناظرت اختها
منقهرة منها .. دوار اصابها وكادت تسقط على الارض .. اسندت نفسها على اقرب جدار ..
وقبل تستوعب شي من اللي يصير تناهى لمسامعها صوت ضحكة عالية .. مؤذية للسمع ..
تحمل كل معاني الخبث فيها : متوقعة يعني انك بتمسكين علي شي .. وتعلمينهم ؟ لا ياقلبي
هالصور عندي .. كلمة وحدة تقولينها عني .. راح توصل لابوي وطارق واتوقع انتي عارفة
منال لا قالت كلمة محد يكذبها ..
ركضت لها باندفاع تبي تسحب الجوال منها : انتي حقييييييييييييييرة ..
دفتها بكل برود : وخري زين .. ياحلوة العبي على غيري .. واذا تظنين بتمسكين علي شي
بعرف شلون اوقفك عند حدك .. خليك بحياتك مثل ماكنتي قبل لا تتدخلين بشي احسن لك ..
كان الكلام محبط لها .. قاسي .. كل ما اوجدت بهالدنيا قوتها .. انهكتها اوجاع اقسى من تحملها
احساس مرير بالظلم والاهانة .. رغم كل محاولاتها لمواجهة هالطغاة .. تشوفهم اخبث من كل
تصوراتها وتوقعاتها .. غضب كبير اعتراها بوقتها ..رفعت يدها وقبل توصل لوجه منال مسكتها
وضغطت عليها .. : اووووه وطالت يدك وصايرة بتطقين بعد .. لا ياحلوة .. لا تتمادين لانك انتي
الخسرانة تحركي من قدامي قبل يوصل كل شي الحين لابوي ..
مسكتها من ياقة قميصها وشدتها بقوة : ماراح اتحرك واللي براسك سويه .. تعطيني الجوال الحين
وتمسحين الصور .. وغير هالشي ماراح اتنازل ..
دفتها عنها بقوة وتماسكت ديما بصعوبة عشان تقدر تحفظ توازنها وتثبت نفسها .. وقبل تقرب منها
سمعت صوت ابوها من السبيكر بجوال منال .. فتحت عيونها على اتساعها وتسارعت نبضات
قلبها .. شافت موتها قدامها وهي تتصوره بغضب عمرها ماشافته فيه .. اشرت لها منال بيدها
تطلع من المجلس .. كانت تهددها بنظراتها .. واي مقاومة منها معناها بتفضحها .. بتخلي ابوها
يشوف صورها معاه .. ارتجفت يدينها ووقفت مكانها تناظرها بخوف .. قعدت تقضم اظافرها
وهي تقاوم احساس الرعب اللي بقلبها .. التفتت عليه وشافته مبتسم .. ابتسامة تحمل معنى الازدراء
عينه كانت مركزة على ديما اللي من انتبهت لنظراته وهي تتذكر انه في شخص ثالث معاهم .. اول
شي جا في بالها لو جا احد وشافها معاهم محد بيقول انها مظلومة .. بينحط كل اللوم عليها سحبت
نفسها وطلعت .. وراحت لجناحها ....
" ليش خليتها تسوي اللي براسها ومشيت ؟ ليش ما اعرف اتصرف صح " ماتدري شلون تفكر او
تتصرف في كل الحالات منهزمة .. اول ماتلقى طريق للهروب من سجنها ... ترجع لسجن اقسى
وقضبانه اصمد واعتى ... كان البيت خالي ومحد فيه الا ثلاثتهم .. تعمدت تختار الوقت المناسب
اللي تنفذ فيه مؤامرتها الدنيئة .. صوت ابوها للحين بإذنها .. صوت مخيف يوحي لها بمعاناة
جديدة وحدها هي تحملت كل الألم من صغرها .. اول شي طرى في بالها هاللحظة تطلع من البيت
تروح اي مكان بس ماتقعد بهالبيت .. اطالت التفكير في الهروب وترددت في آخر لحظة وهي
تتخيل شلون تعيش .. على الاقل هنا في نوع من الأمان اكثر من شوارع قد تضيع فيها .. طرت
في بالها فكرة عظيمة .. توكلت على ربها ومشت وهي تدعي ماتشوفها منال او تسمعها .. طلعت
للصالة اللي بالدور الثاني دورت التليفون وماحصلته .. اكيد ام طارق مقفلة عليه بجناحها " على
بالها انا اللي بكلم .. ليتها تجي تشوف بنتها وش مسوية من وراها .. جايبة حبيب القلب للبيت "
ابتسمت بسخرية وهي تنزل مع الدرج .. مشت على اطراف اصابعها وقربت من باب المجلس
الداخلي وسمعت اصواتهم وضحكهم .. كشرت بقرف من هاللي تسمعه وراحت للتليفون على
طول .. دقت الارقام بيدين ترتجف .. وانتظرت الين جاها صوتها : الو ؟
بصوت اقرب للهمس : اسمعيني لآخر كلمة وبعدها بقفل .. انتي عارفة وضعي مايحتاج اشرح
لك .. ابيك ضروري بس مو اليوم .. تعالي بعد يومين .. الموضوع مايتأجل اكثر .. يالله باي ..
سكرت الخط ببطء ورجعت بخطوات حذرة لجناحها .. " يارب انها سمعتني " .. بعد اللي صار
لها اليوم اصرت تلقى امها .. اي شي ممكن يوصلها لها .. مايهم وش هو ماضيها .. او حتى
وش سبب طلاقها .. بس تبي تروح لها وترتاح .. ماتذكر شلون كان تعاملها يوم كانت عندها
تفاصيل غيبت عنها قسريا ولو حاولت تسترجعها .. كانت تنام بحضنها .. بس ماتدري اذا
هالحضن كان حنون او لا .. مجرد انها تخلت عنها كل هالسنوات وما سألت معناها ماتحبها
مثلها مثل ابوها .. كل التفاصيل لها مؤلمة ماضي كانت او حاضر .. معطية لمستقبلها لون
داكن صعب تفسير وش ممكن يصير فيه .. رجائها الوحيد بالله ان يبدل احزانها وهمومها
سعادة هي تستحقها ..
نايمة بحضن امها وكل شوي تصحى مفزوعة وتصارخ مازال موقف ابوها وشلته يتردد
عليها كوابيس مفزعة ماتدري شلون راحت للمجلس اكيد ابوها شافها نايمة بالصالة وشالها
بس شلون ماحست يمكن لانها كانت مواصلة تعمقت في النوم وماحست بأي شي حولها
قعدت تمتم بكلمات غير مفهومة قربت امها اذنها تبي تسمعها ومافهمت وش تقول : دانا ؟
ماجاها اي رد منها كانت غارقة في نومها والاكيد انها قاعدة تشوف كوابيس مبين عليها
من تقطيبة حواجبها قربت منها نجود وهي تناظر اختها بخوف : يمه شلونها ؟
ناظرت رجفة شفايفها واصابعها الضاغطة بقوة على يدين امها واعتصر قلبها الم على
بنتها للحين ماتدري وش اللي صار الا انه دانا اصابتها حالة هستيرية وتتكلم كلام غير
مفهوم : ان شاء الله بخير " ناظرت حواليها وماشافت جوالها " جيبي جوالي اكيد يزيد
جا هالحين ...
ركضت رغد وجابت الجوال لأمها وقعدو حولها دقائق مرت قبل مايتصل يزيد و يقول
لهم انه وصل صحت دانا من نومها ولبسو عباياتهم ونزلو دخل بعدها يزيد وشال باقي
الأغراض اللي ماقدرو عليها ركبت ام عادل قدام والبنات ورائد ورا عيونهم كانت بين كل
لحظة والثانية تروح لها ورائد حاط يده بيدها ولازق فيها ماكانت معاهم ابد مجرد جسد من
غير روح هم اثقلت به في يومين وماتكلمت الى الآن تعيش حالة صدمة كبيرة تذكرت يده وهو
يمررها على جسدها وحست بقشعريرة .. هالحادث بالنسبة لهم نقطة تحول راح يتركون
الرياض وبيتهم وابوهم كان الرحيل موجع رغم انه الحل الوحيد بالنسبة لها قرار قاسي انها
تتخلى عن ماضي وذكريات كانت تحوي لحظات لاتنسى هو غير كان غير طفلة صغيرة
يوم كانت تتمتع بلحظاتها مثل اي طفلة تركض بجنون وترتمي باحضانه .. وكان يستقبلها
بحب ويطلق ضحكة عالية نابعة من اعماق السعادة تذكر يوم كانو البنات يخوفونها بسوالف
الاشباح تقوم بنص الليل وتحشر نفسها بينهم وتنام بين احب اثنين لها بهالدنيا ماكان سيء
بالعكس كان اب كل بنت تتمناه يستغل اي فرصة ويمطرها بكل الهدايا اللي ماتخطر على
بالها تذكر اول يوم شافته سكران يترنح بالصالة ركضت له وازكمت انفها ريحة الخمر
المقززة كان يمشي بلا هدى ناظرت بعيونها البريئة امها وهي تصيح كلمات ترجي خرجت
منها تبي تعرف وش صار فيه وليه هو يتصرف بهالشكل كلمة وحدة ترددت على مسامعها
تلك الليلة والليالي اللي تلتها " ابوتس مريض وبيقوم الصبح زين " ماكان يشرب كل يوم بس
منظره خلق نوع من الاحتقار في قلوبهم صورة تكررت وصارت ابشع وصلت للسب والشتم
ومن ثم الضرب وآخرتها هالموقف اللي صار من يومين غمضت عيونها منذرة بسقوط سيل
من الدموع اللي حبستها صورة بيتهم والشارع وشباكها وكل التفاصيل قاسي حد الألم هذا
الرحيل ودعت كل شي خلفها ومضت لحياة جديدة بعيد عنه هو اللي انتزع السعادة من قلوبهم
واهدا لهم الشقى كانت تسمع سوالف يزيد ولد خالها مع امها تسمعها تضحك عجيب كيف تقدر
توجد ضحكتها بوسط احزانها .. وهي عجزت تتجاوز صدمتها .. طول الطريق وهي تنزف
ذكرياتها وتصاعدت قمة الوجع فيها حتى اصدرت شهقة من اعماق ألمها التفتو كلهم عليها
حتى رائد اللي حاط راسه بحجرها فز على طول ناظرها تجاهلت نظراتهم المتسائلة وركزت
نظرها على المدى البعيد تعودت تكون بهمها لحالها ماتبيهم يتعبون هم اصغر من انهم يحتملون
احزان فوق طاقتهم .. كانت المناظر متحركة تتأمل كل الأماكن .. والشوارع تعودو يمشون
بهالطريق كثير يوم يروحون القصيم بس هالمرة هالطريق موجع وكأنهم يمشون على شريط
العمر ليتلفوه التفتت لهم وشافت رغد تعلق على يزيد وهو يضحك مازالت طفلة وماتغطت
عنه الا من سنتين او ثلاث بعكسها هي ماكانت تكلمه دراسته بالخارج و انقطاعهم عن اهل
امهم مخليته غريب عنهم رغم انه يشتغل ويسكن بالرياض تأملت ملامحه شكله مريح لآخر
درجة هل ممكن تكون الاشكال خداعة .. الزمن وحده كفيل بكشف كل الأقنعة .. كان
الطريق طويل ومؤلم .. كان يعني لها الرحيل بكل صوره .. رغم انها بترجع تكمل دراستها
لكن مغادرتها للبيت معناها انها تركت وراها 22 سنة من عمرها خلفها .. هالاحساس بحد
ذاته كان كفيل انه يألمها ويزيد اوجاعها .. كانت تبكي على ابوها اللي تركوه وراهم ..
مازالت للآن تحمل له صورة حسنة رغم عيوبه .... بعكس خواتها ونادر اللي نبذوه من
حياتهم من زمان وتناسو وجوده .. ماكان يعني لهم اكثر من خوف وألم .. وامها اللي تحس
بجرحها ووجعها .. كانت قوية في احيان كثيرة .. وتحملت حياتها معاه عشانهم .. الى ان
فقدت الامل في صلاحه وفضلت الرحيل ..
التوتر ظاهر على ملامحه ولو حاول يخفيه .. يبي يتهرب من هالموقف لانه يعرف وش
عنه .. اكيد لمياء قايلة لهم شي .. يحس وده يذبحها على تدخلها في هالموضوع .. انتظر
الين انهى مكالمته .. والتفت له بكل هدوء : انت عارف الموضوع بدون مقدمات .. ابي
اعرف الحين رايك ..
قاوم رغبته في الصراخ وقال بصوت هادي : اي موضوع ؟
عرف انه الحين قاعد يضيع السالفة .. بس ماراح تمشي عليه : موضوع البنت اللي
شافتها لك لمياء ..
وقف على طول وقال بعصبية : وهي وش دخلها ؟ .. انا قلت لها لا تتدخل في الموضوع
جاية تقول لك انت بعد ؟
اشر له بيده يبيه يجلس : اقعد انت وتعوذ من الشيطان خلنا نتكلم تونا ماقلنا شي ..
قبض يده بقوة وقال بصوت حاول يظهر هادي رغم عصبيته : ماعندي كلام يبه .. وراي
الحين اشغال ابي اخلصها .. وتحرك من قدامه مايبي يسمع وش يقول له .. بس صدمه
كلام ابوه اللي قاله بلهجة صارمة : لو طلعت من هالباب الحين .. لا عاد ترجع لهالبيت
ابد ..
وقف مكانه مذهول .. لاول مرة بحياته ابوه يفرض عليه شي .. دايم مخليه بكيفه وكلمته
مسموعة وماشية على الكل .. وماعمر احد اعترض على تصرفاته .. حتى يوم اختار حنين
ماشاور احد جا لهم وقال لهم الموضوع كقرار نهائي ورضخو له .. قبل يلتفت سمعه يقول
بصوت اهدا من اللي قبل : ماراح اخليك تطلع من هالبيت الين تعطيني كلمة عن هالموضوع
رجع وهو يحس بقهر كبير بصدره : مابيها ..
ارتاح انه رجع واشر له يجلس : عطني اسباب مقنعة ليش ماتبيها .. وانا اخلي امك الحين
تختار لك وحدة مافيها عيب من اللي تقوله ..
سكت لانه ماعرف وش يقول .. هو اصلا طنش لمياء اول ماتكلمت .. مايدري وش قالت
عنها يعرف انها من القرية اللي تدرس فيها .. بس ماعرف شي عن هالبنت .. ولا سمح
لها اصلا تتكلم او تقول شي .. ماعرف وش يبرر له سبب رفضه ..
من شاف نظرات الحيرة بعيونه عرف انه افحمه ومو عارف شلون يجيب له سبب مقنع
وهذا بالنسبة له بداية الانتصار .. : اجلس وانا بعلمك كل شي عنها .. واذا ما اقتنعت فيها
امك بتشوف لك من بنات معارفنا اللي تناسبك .. وانت تدري وش كثر معارفنا يعني ماراح
نتعب ابد ..
استسلم لرغبة ابوه وجلس يستمع له وهو يقول له عنها .. ابتسم في خاطره " حابكتها زين
لمياء .. ماخلت شي الا قالته " كان ابوه يتكلم عنها وكأنها فرصة نادرة وهالشي بالنسبة
له يقهره .. انتظره الين ماخلص كلامه ومن سكوته عرف انه يبي يعرف رايه : مو متعلمة
بكل برود : انت علمها .. شكلها مثل ماتبي ..
يدري ان ابوه انسان متمكن من النقاشات من صغره وهو يعرفه انسان اذا دخل نقاش مع
احد يكسبه بكل سهولة .. عنده ملكة الاقناع وعارف انه الحين بيستخدمها ضده : قروية
ناظره بتعجب .. ماتوقع طلال يكون هذا تفكيره لكن اصر انه يكمل اقناعه : كلنا بالاصل
لنا ديرة .. بس احنا جينا للمدن وهم قعدو في هالقرى .. يعني كلنا واحد مالنا فضل عنهم..
لام نفسه على كلمته هو يكره التفرقة بين الاشخاص .. بس يبي يرتاح من هالموضوع
يبي يرد بأي رد مقنع : يبه انا احس انها ماتناسبني ومابيها ..
شافه ماسك جواله والظاهر يدق على احد : اجل لحظة ..
ثواني وسمعه يطلب من امه تجيهم المكتب .. ابتسم في سخرية بداخله " اتفقو علي اليوم
لا بارك الله في ابليسك يالمياء .. هين علمك عندي بخليك تتركين هاللقافة عنك "
دخلت عليهم وهي مبتسمة .. باين عليها تخفي ورا هالابتسامة قلق وتوتر واستفهام
سلمت وجلست .. من انشغال عقله بهالموضوع لاول مرة بحياته ماقام حب راس امه
كان ناسي وعقله منشغل بأي سبب مقنع ..ردو السلام وبادرها ابو طلال بالكلام : عندك
من اليوم لبكرة تدورين لطلال عروس مناسبة .. وان شاء الله بنهاية هالاسبوع بنروح
نخطبها له ..
قام على طول قبل ماتعبر هي عن فرحتها : بس يبه انا ماقلت اني موافق ولا ابي اتزوج
الحين ..
هالمرة وقف وحاول يضغط عليه : وانا قلت لك اذا ماعندك سبب لرفض موضوع الزواج
كله راح تتزوج .. وماخبرتك تكسر كلمتي ياطلال .. اجلس مع امك واسمع وش تقول لك
وانت اختار اي وحدة تناسبك .. لا تكون اناني وتفكر بنفسك .. شوف عمري كم .. السنين
تمشي وانا ماشفت عيالكم .. اخاف اموت وانا مافرحت باحفادي .. لمتى بتعاند نفسك
وتعاندنا ؟
هزته كلمات ابوه من الاعماق .. قرب منه وحب راسه : عمرك طويل ان شاء الله انك
بتشوفهم وتزوجهم بعد ..
تنفس بعمق وهو يحس بتناقضات بداخله .. يبي يتخلص من هالكابوس المزعج .. لكن
كلام ابوه بالنسبة له مثل السكين اللي جرحت داخله .. هو اناني وانانيته منعته يفكر بغيره
ويعني يتزوج .. مو لازم يحب ويبذل مشاعر .. مو كل المتزوجين يجمعهم حب .. كثير
اللي تجمعهم عشرة وبيت واطفال .. والحب آخر اهتمامهم .. ناظر في امه وابوه ووزن
كلامه قبل يقوله .. مايبي يندم على خطوة يقدم عليها : زين عطوني مهلة افكر ..
لمس من نبرة صوته انه ممكن يقتنع وهالشي قوا عزيمته : كم تبي يوم ؟
مشى الين وصل للباب : انا لا خلصت تفكير بعلمك بقراري ..
حس باسلوبه فيه نوع من المماطلة وهذي مو عادة طلال اللي قرارته دقيقة ويتخذها
بروية ومايحتاج وقت طويل فيها : نهاية الاسبوع ؟ .. اتوقع انه وقت كافي تفكر وتخطط
واذا ماتبي هالبنت .. تعال لامك وأشر على البيت اللي تبي .. انت تعرف محد يردك ..
ابتسم لابوه وهز راسه واستأذن من عندهم طالع ..
كان النقاش مرهق له .. متعب جدا واستنفذ كل قواه احتاج للشخص اللي دايم يكون معاه
في اي ظرف مهما كان .. يحسه اوقات يشارك زوجته فيه .. لكن محد له بالدنيا غيره
شخص بالنسبة له مثالي عنده قدرة عجيبة على تسكين آلامه مهما كانت قوتها .. وكلامه
بلسم يشفي جراحه رغم نزفها ..مجرد وجوده مريح للاعصاب .. يستمع له ويفهم كل
احاسيسه .. اوقات مايقول الشي يلاقيه هو تكلم وقال له احساسه كله .. يحس بامتنان
عظيم لهالشخص اللي جمعتهم كل سنين الدراسة .. صداقة عمر كامل يعتبره اخوه اللي
ماجابته امه .. اتصل عليه لانه يحتاجه .. ممكن يقدر يقنعه ويريحه من معمعة هالتفكير
ارتاح من قلب يوم قال له يجيه البيت زوجته رايحة عند اهلها عندهم مناسبة وهالشي
ريحه كثير ..مايحب حتى خارج دوام الشركة ياخذه من زوجته وبنته .. توجه له على
طول واول ماوصل له بيته وفتح له الباب سلم عليه ودخل ..
انتبه له رياض وعرف انه مهموم او بخاطره شي .. واضح جدا على ملامحه .. ابتسم
له : عاد اعذرني اليوم عشاك من برا .. ماعرف اطبخ والاهل مو فيه ..
مسكه من يده : تعرف تنطم وتقعد .. احد قايل لك اني ميت جوع وجاي ادور اكل ..
ضحك عليه وعلى اسلوبه : اعوذ بالله منك قافلة الاخلاق .. وجايني هالحزة ..
كان توه فاصخ شماغه وراميه .. واول ماسمع كلامه خذاه وقام يمازحه : مادريت اني
مثقل عليك .. يالله فمان الله ..
مسكه ولف يدينه على رقبته : تعااااااال .. مسوي فيها حساس الأخ .. اقول انثبر بس
قعد وهو مبتسم له : اول شي هات القهوة راسي مصدع وابي اريح شوي .. لعب فيني
ابو طلال اليوم ..
راح يجيب القهوة اللي كانت جاهزة من اول وجا له على طول : اجل مادام فيها ابو
طلال السالفة كايدة ..
جلسو على الارض .. صب له فنجان قهوة ومده له : اسلم .. هات علومك ..
اخذ القهوة منه وحط الفنجان وقعد يطالع فيه : ركب راسه الا يبيني اتزوج .. بالطيب
بالغصب .. ما خلا لي مجال اقول له لا ..
ماكان يبي يضغط عليه .. خصوصا انه ابو طلال مكلمه وقايل له يقنعه بأي طريقة
راح يحاول يبين له وجهة نظر ابوه وبعدها هو يمارس عليه اسلوبه في الاقناع يعرف
طلال يقتنع بكلامه .. : وليش تقول لا ؟ وش قاصرك ياطلال .. ادري بتقول لي
مثل كل مرة كرهت الزواج .. بس اصابعك مو سوا ولا كان محد تزوج بهالدنيا انت
بس اخترت الانسانة الخطا .. استخير اكيد ربي بيعوضك .. وابدا حياتك من جديد
اعتبرها كبوة وقمت بعدها اقوى .. طول عمرك ماتلتفت للماضي .. لا بشغل ولا بحياة
ليش هالموضوع بالذات ماتخلصت منه .. رغم انه ابشع ماضي بالنسبة لك ..
يالله وش كثر هالانسان عجيب .. النقاش معاه مريح بعكس نقاشه مع ابوه مرهق جدا
للأعصاب .. بدون مايناقشه او يجادله كان يحس انه يبي يتخذ قرار بس يبيه هو يقويه
ويشد من عزيمته : شور علي يا ابو ليان .. احس مخي متوقف وماعرفت افكر ..
رغبة كبيرة في داخله للصراخ اعلان للفرح .. اخير طلال استسلم .. اقتنع بس يبي
له كم كلمة تشجعه .. : مايحتاج تفكر وتتعب مخك .. توجه لربك واستخير والحياة
ماتحتمل هالتردد كله .. شوفني انا من عمرك عندي هالبنوتة اللي الله يحفظها لي وان
شاء الله اختها ولا اخوها جاي بالطريق .. وكل اللي كبرنا متزوجين وعندهم عيال
الا انت ..
لاول مرة ينتبه لهالشي فعلا كل اخوياهم عندهم عيال ومستقرين بحياتهم الا هو ترك
هذا كله وانشغل بشركته واعماله .. : بس البنت ماتعلمت .. وطول عمرها بقريتهم
ماطلعت منها يعني اكيد جاهلة بهالدينا وماتعرف شي ..
رغم انه يعرف طلال انسان آخر همه وتفكيره الطبقات والفوارق الاجتماعية او حتى
العلمية واكيد قايل هالكلام يبرر تردده : ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) قالها الرسول
اللهم صلي وسلم عليه .. مادام اختك مدحت دينها واخلاقها لا تفكر بأي شي ثاني كلها
متاع دنيا .. تقدر تكمل تعليمها هنا .. وتقدر تغير من حياتها مع العشرة .. كل شي وله
حل لا تعقد الامور انت ..
مايدري ليه هالانسان يملك قدرة عجيبة انه يسبر في اعماقه وينتشله من حيرته وتفكيره
تناقشو وتكلمو .. مضى عليهم وقت طويل وهم يتكلمون .. كان الكلام شامل في كل
شي .. قدر انه يسد كل الثغرات عليه .. كلامه مقنع بدرجة كبيرة .. ارتياح كبير تغلغل
بداخله .. ماكان يحتاج لاسلوب تعسفي في الاقناع .. محتاج لشخص يفهم احتياجاته
ويدخل له من هالمكان .. ورياض كان الشخص المناسب في المكان المناسب .. يمكن
ما اقتنع بنسبة كاملة الا انه رغبته في الاستخارة معناها انه قطع نص المشوار .. وهذي
نقطة جيدة تحسب له .. كان ممتن له انه عيشه بسلام داخلي مع نفسه .. جاه وهو مثقل
بصراعات كثيرة .. وطلع من عنده وكل اللي في تفكيره انه يستخير وبعدها يقرر مصيره
اذا ما ارتاح لها بيدور اي وحدة غيرها .. الحياة ماتحتمل احزان ووقوف على الاطلال
اتخذ قراره بهاللحظة ومن خطا اول خطوة خارج بيت رياض انه يبدأ حياته من جديد
ويختار انسانة تناسبه وتلبي له احتياجاته .. مايبي يحب لانه مايبي يتعب .. لكن يبي
يرتاح من التفكير في هالموضوع اللي دايم يؤرقه ..
بعد كم يوم من التفكير المتعب والمضني بالنسبة له قرر يخطو خطوة جريئة ويتوكل
على الله .. استغل اجتماع شياب الديرة على دكتهم المعتادة بعد كل صلاة عصر ..
وجا يجلس معاهم .. رحبو فيه وبوجوده بينهم .. غمروه بكم الترحيب اللي تعودته
السنتهم .. هذي مو اول مرة يجلس معاهم .. كان اوقات مايروح الشقة مع العيال
ويجلس مع احد المدرسين اللي مستقر بهالقرية ببيت طيني قريب من المدرسة ..
بس جلسته اليوم لغرض في نفسه ولازم يسوي اللي في باله كان يستغل اي فرصة
ويسأل عن اهل الديرة .. من باب انه يسأل عن طلابه .. ووداه الكلام لاهل سلمان
وهذا هو اللي يبيه .. يبي يعرف عنهم اي شي .. هو لاحظ انه عنده خوات ثنتين
غير موضي .. وحدة تجي اوقات اذا ماجات موضي .. والصغيرة اللي تروح كل
يوم لمدرستها ..
تكلم احد الشياب عن ابو راكان وعيال اخوه : عبدالرحمن الله يعوضه خير والله
انه رجال صابر ومحتسب .. بس الله يعوضه براكان والله انه ونعم رجال ويرفع
الراس عساه بس يتوظف ويعاون اهله ..
مو عارف شلون يستفيد من هالنقاش بالذات في الديرة مايتكلمون عن البنات عند
اي شخص غريب .. بنظرهم هالشي عيب .. راح يحاول يطلع اي معلومة ممكن
تفيده ويستغلها .. حاول يعرف اي شي ولكنه عجز .. كل اللي عرفه من كلامهم انه
للحين مازوج احد .. معناها ماتزوجت .. بس العمر وكل هالاشياء مايقدر يسأل عنها
انتظر الين راحو كلن لبيته وقعد مع واحد من شياب الديرة .. كان ينادونه المطوع ..
وعرف انه هو اللي دايم يستشيرونه في امور دينهم وحياتهم .. : ياعم ابي اسألك
عن شي مهم وابيه بيني وبينك ..
اشر له على خشمه بابتسامة صافية ونيقة : ابشر على هالخشم .. قول وانا عمك ..
صاغ الكلام بأفضل طريقة ممكنة : ابي اخطب من بنات ابو راكان .. بس ابي اسأل
عنهم بالأول .. وماعندي الا انت اسألك قبل اروح لهم واخطب منهم ..
ناظره بتفحص وكأنه يدور ورا معالم هالوجه اي شي يثبت له انه هالانسان مناسب
في هالديرة كل القلوب على بعضها .. وفرح واحد منهم معناه فرح للجميع واي بنت
تنخطب من خارج الديرة لازم كلن يسأل ويشوف .. لانه مو اي بنت تطلع من الديرة
هم يشوفون ان شبابهم اولى من غيرهم .. بس اذا البنت كبرت ومحد جاها وقتها
ممكن تاخذ لها احد من خارج الديرة : كم عمرك انت ؟
حس باسلوبه فيه جلافة شوي .. لكن تحمل هو تعود هالشي منهم .. مايحبون ينمقون
الكلام او يزينونه .. كلمته تطلع صارمة وواضحة وماتحتاج اكثر من جواب : 26 سنة
ان شاء الله بشهر صفر ادخل الـ 27
بعد ماطول بالتفكير وكأنه يستجمع كل المعلومات الممكنة : عنده 3 بنات ما اعرسن
بس الظاهر ثنتين منهن اكبر منك ..
وده يتكلم ويسأل عن موضي .. بس خاف انه يفكر فيها غلط .. او يظن فيها شي وهو
ماحب احد يقول عليها شي مو زين ابد .. : زين شلون اعرف اللي اصغر مني واروح
اطلبها من اهلها ..
سمعو صوت اذان المغرب واشر له يقوم معاه : مشينا وانا عمك .. خلنا بالاول نصلي
وعقب لي قعدة معك ..
قام معاه على طول : يالله مشينا ..
راحو لمسجد القرية وصلو المغرب .. مسجد طيني صغير لكن يعج بكل سكان الديرة
من شيابهم لاطفالهم .. مايخلون احد يتأخر عن صلاته .. حتى الاطفال قبل الصلاة
شافهم يطاردونهم بعصى الخيزرانة عشان يلحقون معاهم الصلاة .. طلعو من المسجد
راجعين لبيت المطوع .. صوت عليهم يشوفون له طريق .. ودخلو كلهم في غرفة
وتركو الغرفة الثانية له هو وضيفه .. قعد يرحب فيه بحفاوة كبيرة .. اعجبه كرم
اهل الديرة ترحابهم للضيف رائع .. ورغم قلة امكانياتهم الا انه يضيفونهم محبة
وترحيب بعد ماشرب قهوته ناظره بتفحص : انت معزم ولا جاي تشاور ؟
كان مرتبك من نظراته مبين عليه ان شخصيته قوية وهالشي اتضح له من خلال جلساته
معاهم كلمته مسموعة واذا تكلم كل اللي معاه سكتو : لا والله ياعم اني معزم .. بس ابي
اعرف من هي اللي تناسبني واروح لهم من بكرة ان شاء الله ..
اعجب بقوته ورجولته .. واستأذنه شوي طالع من الغرفة .. كان رايح يسأل زوجته عن
بنات ابو راكان .. يبي يعرف اعمارهم .. ومن هي فيهم اللي ممكن تكون مناسبة لنايف
وعمره .. رجع بعد دقايق وهو مبتسم .. : تقهو وانا عمك .. لا يردك شي ..
ابتسم له وهو يشوفه يجلس ومد له فنجان القهوة : ماقصرت ياعمي عسى عمرك طويل
بعد اخذ وعطا معاه .. وسؤاله عن اصله وفصله وحياته وكل شي عنه .. يعني باختصار
نشف ريقه باسألته الكثيرة " اوووف هذا وهي بنت واحد من جماعتهم هلكني باسألته
شلون لو كانت وحدة من بناته " .. ابتسم بداخله وهو يحس نفسه في جلسة تحقيق .. اضطر
انه يجيب تاريخ عائلتهم كله عشان يعرف في الاخير من هي اللي تناسب لعمره ...
بعد ماخلص اسألة وتدقيق : وحدة منهم اكبر منك والثانية كبرك واللي اصغر منك اسمها
موضي ..
رقص قلبه فرح .. ماخاب ظنه هو دعا ربه يجمعهم ومايفرقهم .. يبيها هي والحمدلله
ماخاب ظنه .. كانت الدقائق اللي مضت بمثاية تعذيب نفسي له .. خاف انها تكون اكبر
منه وهالشي معناه مستحيل يتزوجها .. وهو كان انسان صادق .. يبيها هي للزواج ومايبي
هالحب تسلية .. قبل مايتكلم ويقول شي فاجأه كلام المطوع : بس بديرتنا محدن يزوج
الصغيرة قبل الكبيرة .. اذا انت مستعجل على العرس الظاهر ان مالك نصيب عندهم ..
يالله وش هالاقدار الموجعة .. واذا الكبيرة عنست ومحد جاها ماتتزوج اللي اصغر منها
عادة غبية ماتراعي ان الزواج نصيب وكل انسان له نصيبه .. معقول تظلم بنت يجيها
خطاب لان خواتها ماتزوجو .. كان هالشي صدمة بالنسبة له .. ماكتب له الفرح على
طول اثبطت معنوياته .. اكبر منه معناها ممكن تكون في الثلاثين او على مشارفها ..
ومادام محد جاها طول هالسنين اكيد ماعاد احد بيجيها شلون يعني مايتزوجها .. رفض
مبطن له .. شكره على كرم ضيافته وقبل يقوم حلف عليه يقعد يتعشى معاهم ماكان
يبي يثقل عليهم لكنه اصر انه يعزمه على عشاهم اللي حاطينه .. وبالأخير استسلم له
ولالحاحه المستميت .. رغم انه يبي يختلي بنفسه ويفكر بهالامور كلها .. " انا استخرت
وراح اتقدم لها .. اذا ربي مو كاتب لي الخيرة معاها .. ماراح اعترض " تعشى معاهم
ورجع بعدها لبيت خويه وافكاره متعبته .. هالمشكلة الجديدة اللي طلعت له راح تخليه
يعيد حساباته ويفكر من جديد ...
زورق الندى
22-01-2013, 09:09 PM
من الصباح بدري تجمعو بصالة بيت عمهم يخيطون .. كان يجمعهم حماس غريب
تغيرت حياتهم للأفضل في الفترة الأخيرة .. تحسنت احوالهم ورغم ان مصاريفهم
بسيطة الا انهم قدرو يعيشون بفضل الله .. ومن هالفلوس اللي جاتهم من بيع الثياب ..
كانت توجههم وهم يشوفون شلون تشتغل ويسوون مثلها .. موضي منشغل بالها كثير
اسبوع كامل مر من الموقف اللي صار وماعرفت وش موقفه .. ماراحت للمدرسة
وماتدري وش اللي يدور في باله . هل هو يحبها فعلا ويبيها زوجة له .. او انه كان
يتسلى فترة وجوده بهالديرة .. احتفظت بهالسر بداخلها وماتكلمت لاحد .. صحت من
افكارها على صوت نورة : مويضي وجع وش هاللي تخبصينه ماتعرفين له قومي عنا ..
رفعت راسها لها : وش اللي ما اعرف له مايبي لها شهادة هذاني اسوي مثل ماتسوون
انتو .. ولا انتي تبطرتي علينا يوم بعتيهن وشفتي نفستس علينا ..
ضحكت من قلب عليها : هاااو وش اني قايلة ياحافظ وراتس عصبتي .. انا ابيتس تفتحين
عيونتس زين وتشتغلين .. مو الابرة بيدتس وبالتس مدري وش مشغول فيه ..
ارتبكت من كلامها .. تحس ان عيونها مفضوحة وتبين كل مشاعرها : ماهوب مشغول
ولا شي .. ابي اشتغل بهداوة واخيط بمزاجي ..
قربت منها سارة وهي توريها اللي بيدها : شوفي خياطتي شلون زينة ومثل بعضهن انتي
هالوردات اللي مسويتهن كل وحدة فيهن شكل ..
ناظرت بالثوب اللي بيد سارة ورجعت ناظرت اللي هي تخيطه حست انها ودها تطلق
ضحكة عالية على خياطتها مضحكة الى حد كبير .. بس قاومت هالضحكة وتكلمت بثقة
مصطنعة : انا ابيهن تسذا .. مابيهن مثل اللي انتي مسويته ..
حطت اصبعها على لسانها ومررته على رجلها : استغفر الله منتس يالتسذوب .. ماتخافين
الله انتي ..
ضحكت وهي تستغفر ربها وضحكو كلهم .. كانت نورة تناظرهم وهي تضحك مستحيل
يجتمعون هالثنتين مايكون بينهم مناوشات وطقاق .. وكل وحدة فيهم لسانها اطول من
الثانية والله يعينهم هم على تحمل ازعاجهم وحركاتهم .. رغم ان سارة اكبر من موضي
بس نفس خبالها وحركاتها .. كانو يضحكون وعايشين يومهم بدون مايخططون لمستقبلهم
اللي يجهلونه ومايتعبون نفسهم بإضاعة الوقت بتفكير في شي قد يكون مؤلم بالنسبة لهم ..
نورة اللي ماتدري عن مخطط ابلة لمياء لجمعها مع اخوها من الرضاع .. كانت تبتسم
لهم وتفكيرها مايحمل اكثر من جلستهم واهلها وراكان .. وماتدري انها الآن تشغل تفكير
طلال واهله وصديقه .. وانه اكيد الحين بهاللحظة ممكن يتكلمون عنها او يتناقشون في
امور تخصها .. ماتدري انه يمكن بأشارة من طلال ممكن يجي يوم ويطق بابهم .. متى
هاليوم الله وحده اعلم ..
وموضي اللي تضحك معاهم شوي وتغيب عنهم اكثر .. ماتدري انه من كم يوم بس سأل
عنها وقال انه راح يتقدم لها .. ماتدري انه هالانسان اللي شغل بالها هالفترة الماضية
كلها .. كان يفكر هو بعد فيها ويخطط ويستخير .. ماتدري انه بين لحظة والثانية بيجي
ويتقدم لها وبتنخطب مثلها مثل اي بنت في هالدنيا
كانت جلستهم بسيطة تتخللها ضحكات مسموعة .. احلامهم معلقة حتى اشعار آخر ..
وشيخة اللي تعيش معهم مبتسمة وتخفي في داخلها آلام تقاوم حتى ماتطلع وتفضحها ..
بالضبط مثلهم .. تجهل كل شي يخص مستقبلها .. تجهل من هو الشخص اللي اشغلت
تفكيره من فترة وتتردد في باله كثير رغم انه يقاوم رغبته في السؤال عنها .. ماتعرف
شي الا انها تعيش حياتها تنتظر اي طارق لبابهم يطلبها للزواج .. رغم انها مدركة ان
هالشي مستحيل اذا ماتزوجت نورة ..
مسائل معقدة وعادات كثيرة تحيط فيهم .. عادات قد تكون خاطئة بس تمسكو فيها لانهم
توارثوها من اجدادهم واستمرت معاهم ماعاشو الحضارة اللي غيبت الكثير من العادات
القديمة السيئة منها والحسنة ..
بعد صلاة الظهر جاتهم ام محمد فرحانة وهي تحمل بيدها حافظة كبيرة للأكل نطو كلهم
مستانسين وطقت يدينهم تبعدهم عنها : اركدن يامال الماحي ..
قعدو البنات ينتظرون انها تفتح الحافظة وتشوف وش فيها .. واول ماشافو المرقوق
ناظرو بعضهم بفرحة .. قربت سارة من امها : يااااازين ريحته .. من وين لتس يمه ؟
دفتها موضي : خالتي تكفين حطيه بسرعة .. وربي اني ميتة من الجوع ..
رجعت غطا الحافظة وشالته عنهم: يامال الطيرة اصبرن لين يجون العيال من مدارسهم
قالت هيا بهدوئها المعتاد : من وين لتس هالمرقوق يمه ؟
ام محمد : من عند ام مقرن عسى الله يطول بعمرها ويخلي لها عييلها ..
قعدو كلهم حولها والحافظة بالنص ينتظرون متى مايجون العيال من مدارسهم يبون
ينقضون على هالوجبة المفاجئة اللي جات لهم بوقتها .. بعد مارجعو العيال .. وشيخة
راحت تجيب سلمان ومنيرة .. حطو غداهم وتغدو كلن ببيته ..
كانت جالسة معاهم بمجلس الحريم .. كعادتها في كل مرة تجلس بطرف المجلس وتقضم
اظافرها وهي تناظرهم .. عماتها ومرة ابوها وخواتها وميساء مرة عمها .. كانت تتجاهل
نظرات منال المسلطة عليها وابتسامتها الخبيثة اللي تخفي وراها سيل تهديدات لها ..ماتدري
شلون تستغل الفرصة وتكلمها .. ومثل كل مرة ماتخلو جلستهم من كلماتهم المسمومة ..
واحتجاج هيفا وميساء على كلامهم ومحاولاتهم تهدية الأوضاع قربت من ميساء ناظرتها
وابتسمت وقال من بين ابتسامتها : شلون نروح لحالنا .. ابي اقول لك كل شي بخاطري
تكفين ..
حست ان اللي في قلبها كبير .. او بالاصح شكلها مصيبة .. عمر ديما مالجأت لاحد دايم
تتحمل كل شي يجيها .. دايم تسكت عن الظلم والاهانات ليش هالمرة عندها كلام .. اكيد
فيه شي .. ولو قامت هي وياها بينتبهون لهم وماراح يريحونهم ابد بادلتها الابتسامة وكأنهم
يسولفون عادي : الموضوع خطير لهالدرجة ..
هزت راسها بإيه وهي مازالت تبتسم .. تجاهلت نغزاتهم المستمرة .. بالذات عمتها سعاد
اللي من اول تقط عليها كلام .. ناظرتها ميساء : تدرين عاد قومي انتي زعلانة مثل كل
مرة وانا بلحقك .. محد بيشك فينا يدرون اني ما اعرف شي واكيد ماراح اعلمك ..
بدون تفكير على طول قالت لها : لا لا .. بتعرف والله بتعرف وبتفضحني ..
ناظرتها مستغربة من هالكلام : من هي ؟
ماكانت تبي تحط عينها بعين منال .. ماتبيها تعرف انها تتكلم عنها .. ماتدري شلون
تطلع من هالمكان بدون ماتحس .. تخاف تروح هي وميساء وتقعد تقط كلام وتفضحها
بينهم .. : منال .. بعلمك كل شي وربي تعبت من التفكير ..
هزت راسها لها تطمنها .. وقعدو يناظرونهم وهم يتحينون اي فرصة ممكن تجمعهم مع
بعض تبي تفضفض كل اللي بقلبها وترتاح .. ماطول انتظارهم شافو منال تناظر جوالها
مبتسمة وهي طالعة من عندهم .. ارتاحت ديما لخروجها هالابتسامة معناها اللي متصل
حبيب القلب يعني بتطول وتاخذ راحتها مادام محد يسأل وراها ولا يشك فيها .. : يالله
نروح فوق ..
التفتت لها وشافتها قايمة : روحي انتي شوي وبلحقك ..
ابتسمت بتوتر : اوكي .. ومشت رايحة لجناحها دقايق وجاتها ميساء .. قفلو عليهم باب
الجناح ودخلو الغرفة .. على طول بادرتها ميساء : وشو .. وش الموضوع الضروري
اللي انتي خايفة منه ..
قعدت على طرف السرير وبدون مقدمات قالت لميساء كل شي صار معاها .. من ذيك
الليلة اللي شافتها في احضان حبيبها .. الى يوم تصويرها وتهديدها .. قالت لها كل شي
بالتفصيل .. كانت تتكلم وهي ترتجف ودموعها على خدودها .. ميساء تفاجأت من اللي
سمعته .. هي تربت في بيئة متدينة نوعا ما من صغرها عرفت حدودها اللي المفروض
ما تتعداها .. امها كانت انسانة ملتزمة وحافظة لكتاب الله وداعية للجاليات الاجنبية الغير
مسلمة .. ومثل هالامور معناها مصيبة .. كبيرة من الكبائر استغفرت ربها وهي تحاول
تستوعب صدمتها .. تحس انها دنيئة من زمان من تصرفاتها واسلوبها مع ديما بس
عمرها ماتوقعت انها توصل لهالمستوى من الدناءة .. : اتركي كل شي علي لا تشيلين
هم ولا تفكرين .. والله لاربيها واطلع هالصور من عيونها ..
هزت راسها معترضة : لا لا .. هالموضوع قلته لاني ابي احد يعرف اني مظلومة ..
ماراح تقدر تتكلم وتقول شي .. هي اللي بتنفضح بعدين .. ميسو انا ابي اروح لامي ..
فتحت عيونها متفاجأة من كلامها : وشو ؟
مسحت دموعها : والله مابي شي .. ابي اعرف وينها .. ابي اعرف اذا هي عايشة ولا
ماتت .. ابي اعرف شلون قدرت تعيش من دوني .. وليش تخلت عني .. تكفين مافي
احد غيرك يساعدني .. وربي مالي الا انتي بعد الله ..
بدت تنزل دموعها اكثر .. وتعالى صوت نحيبها : واذا انتي ماسألتي عنها وعرفتي
انا بطلع من هالبيت وادورها بنفسي ..
مسكتها من كتوفها وهزتها كأنها تصحيها : صاحية انتي ؟ وين تدورين عليها ..شايفة
ديرتنا صغيرة عشان تقولين بتطلعين ؟ .. انتي اصلا تدرين هي بأي مدينة ساكنة ؟
تدرين وش هو اسمها الكامل ؟
ركزت نظرها على وجه ميساء وناظرتها بدون ماترمش : لا .. ما اعرف شي محد
قال لي شي اصلا ..
ميساء : اجل شلون بتروحين وتسألين ؟ من بتروحين له ؟ وتظنين انك بتعيشين مستانسة
الذا طلعتي من هالبيت من اللي بيرضى فيك .. بنت وجاتهم من الشوارع .. يمكن حتى
ماتلقين امك .. ووقتها ابوك حتى مايرضى ترجعين لهالبيت ..
ماتنكر ان الكلام كان اقسى كلام تلقته في حياتها .. كل اوجاعها وآلامها اللي قبل اهون
من انها تصطدم بطريق مسدود كانت تقول انها اذا تزوجت بتدور على امها .. بس الحين
حست انها مو موجودة .. غطت وجهها بيدينها وبدت تبكي بشكل هستيري .. كل ماحاولت
تتحرر من هالسجن ترجع له مرغمة انها تقاسي اشد انواع العذاب النفسي والجسدي فيه ..
رحمتها ميساء .. كسرت خاطرها هي تدري انها كانت قاسية معاها بس لازم تنقذها من
نفسها .. ضمتها لصدرها تبي تهديها : اوعدك اني اسأل عنها .. وراح ادور عليها الى
آخر يوم في عمري .. هذا وعد بيني وبينك ويشهد علي ربي ..
بعدت عنها وناظرتها بفرحة : والله ..
نزلت دموعها وهي تتذكر امها اللي فقدوها من كم سنة وماقدرو ينسونها شلون هي اللي
عاشت حياتها بدون امها : ايه والله .. وهذا وعد مني بسوي المستحيل عشان تلقينها ..
بس لاتستعجلين علي ..
ابتسمت لها وضمتها بقوة وبداخلها امتنان كبير لها .. لاول مرة احد يعطيها امل ..حتى
ولو كان مبهم وغير معروف .. حتى ولو كان مصيره مجهول الا انه كان كفيل بزرع
الفرحة بقلبها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:11 PM
الجزء الخامس
[ الفصل الأول ]
السنين طوال والدنيا عريضه
والحظوظ ارياح والقسمه مهب
والزمن لو تستوي سوده وبيضه
ما تساوى من بقى مع من ذهب
ولو جميع الناس بالدنيا حظيظه
ما انحسد عبدٍ ولا ربٍ وهب
ومن يطيع الناس بالغالي غميضه
الذهب يرخص ولكنه يبقى ذهب
والنصيحه واجبه ماهي فريضه
والضمير الحي قلبه من لهب
ولو يفيد النصح بعقولٍ مريضه
كان ما تبت يدين أبو لهب
مستلقي على ظهره وغارق في تفكيره .. اخيرا قرر بعد تفكير طويل انه يروح يكلم
ابوها .. قبل حتى مايكلم اهله يبي يعرف اذا راح يتقبلون فكرة خطبته .. خصوصا
انه مو من الديرة .. واكيد راح تواجهه صعوبات كثيرة من عاداتهم اللي هو يجهل
اكثرها رغم انه صار له حول الـ 3 سنوات يدرس بهالقرية .." الحين اطلبهم اشوفها
شوفة شرعية ولا شلون ؟ " هز راسه وتأفف من وضعه .. ماسأل عن عاداتهم في
الزواج .. اكيد غير عن العادات اللي يعرفها واللي تعود عليها .. مسح بيده على وجهه
ولمح امه واقفة عند الباب تناظره .. قام على طول لها : هلا يمه ..
ابتسمت له وهو جاي يحب راسها : تو الناس .. صار لي ساعة اسولف مع نفسي وانت
الله يهداك من صليت الجمعة دخلت هالغرفة ولا احد شافك ..
مسك يدها وحبها : شوي مشاغل وقلت اخذ وقتي وافكر فيها ..
حطت يدها على راسه : نقلك بحول الله هالسنة لايشغل بالك شي وانا امك ..
ناظرها بابتسامة مبهمة وهو ماشي معاها للمجلس " ليتك تعرفين اللي بقلبي يمه " : ان
شاء الله تتسهل من رب العالمين .. اخواني جو ؟
هزت راسها وهي رايحة لمجلس الحريم .. ناظر ساعته وشافها 2 ونص .. " اووووف
وانا كل هالوقت افكر " وقبل مايدخل المجلس سمع صوت صراخها عليه وهي جاية
تركض له .. التفت لها وجلس على ركبته وفتح يدينه ونطت بحضنه : وينك انا من اول
ادول وين عمو نايف ..
مسكها من خدودها وقعد يبوسها : ياحبيبة عمك انتي .. شالها ودخل للمجلس .. شاف
ابوه واخوانه الثلاث وزوج اخته الوحيدة .. سلم عليهم وقعد معاهم .. حطو غداهم وتغدا
وبعدها شربو الشاهي واستأذنهم ماشي للقرية .. كعادته كل يوم جمعة يمشي بعد صلاة
العصر مباشرة .. طول الطريق كان تفكيره عليها .. هو شاب مقتدر حاليا خصوصا ان
زواجه من بنت من الديرة معناها مصاريف الزواج راح تكون اقل من لو كانت بنت من
الرياض بيكون لها مهر كبير وقاعة افراح وشبكة ومصاريف كثيرة ممكن يضطر انه يقدم
على طلب قرض لتيسير الزواج .. وكل هالامور في الديرة تكون اقل وابسط .. بالنسبة
له الحياة ما كانت سهلة حتى لاهله .. كانت ظروفهم تتحسن وتسوء حسب ماقدره لهم
رب العالمين .. ابوه كان موظف بسيط في البلدية براتب متواضع قبل ما يتقاعد .. تعود
اوقات على شظف العيش خصوصا في اواخر كل شهر بانتظار الراتب .. ورغم انه
آخر العنقود واللي المفروض يكون مدلل من كل افراد العائلة الا انه تحمل مسئولية نفسه
من تخرج من الثانوي .. وصارت مكافأته الجامعية هي مصروفه الشهري .. والحين
تحسنت الاوضاع كثير بعد ماتوظف وصار يساعد اهله في مصاريفهم .. مع مساعدات
اخوانه اللي مايقصرون .. عائلتهم كانت عائلة متوسطة مثل اغلب العوائل في السعودية ..
وصل للشقة اللي مسـاجرها هو ومجموعة المدرسين خارج القرية وتبعد عن المدرسة
حول الـثلث او الربع ساعة .. وهو مقرر من بكرة يتوجه لاهلها ويكلم ابوها ..
الحين صار لها حول الساعة تدق عليها جوالها مغلق .. والثابت محد يرد عليه .. من امس
وهي تتصل عليها ماترد .. وبالاخير تقفل جوالها وهالشي عمرها ماسوته معاها .. اصلا
عمره ماعدا عليهم يوم ماكلمو بعض فيه .. بس هي صار لها يومين ماكلمتها ولا حتى ردت
على اتصالاتها .. مشت رايحة لغرفة اختها تبي تضيع وقت اكيد هي لاشافات اتصالاتها
بترجع تدق عليها : سموي ..
رفعت راسها لها .. : هلا ..
جلست على سريرها وقعدت تناظر في سما اللي تحط مناكير على اظافر رجلينها : دانا صار
لها يومين مو مكلمتني .. والحين جوالها مغلق .. والثابت ادق محد يشيله اخاف صاير لهم
شي ..
كملت طلاء اظافرها وقالت باسلوب غير مهتم : كلمي نجود .. اي وحدة فيهم ولا حتي امهم
تأففت وصارت تزفر بنرفزة : اتصلت على نجود من شوي ماردت علي وهالشي زود الخوف
بقلبي ..
حطت المناكير على التسريحة وناظرتها متفاجأة وقالت باسلوب درامي : والله جد السالفة خطيرة ..
رمت عليها المخدة وقالت بصوتها الناعم : سموووووي .. وش قاعدة اقول انا من الصباح ..
على بالك استهبل يعني ؟
رتبت خصلات شعرها اللي تناثرت : وجع ماصدقت اسشوره والمه تجين تخربينه علي ..
" وبعد تفكير قالت " يكون ابوهم اسود الوجه مسوي شي هالمرة بعد ؟
هزت كتوفها بمعنى انها ماتدري : هذا اللي انا خايفة منه .. تدرين عاد احس اني بنجن لو
بقعد افكر تعالي نروح نقعد مع امي ..
قامو ثنتينهم ونزلو يقعدون مع امهم وهم بنص الدرج سمعو شي غريب عليهم .. مسكت سما
يد رسيل ووقفتها وحطت اصبعها على فمها : اووووش .. شكله موضوع خطير ...
ضغطت على يدها وقالت بصوت هامس : سموي مايجوز نسمع لها .. يمكن ماتبينا نعرف ..
ونزلت اول درجة وسمعت كلمة وقفتها مكانها ... : والله يا ام رياض مدري شلون اقتنع بس
انا هالمرة متأكدة انه بيوافق .. ابوه امهله لنهاية هالاسبوع وبعدها بيروح يخطبها ...
التفتت ورا وشافت سما ترقص مكانها بدون صوت .. اشرت لها تسكت وقعدو يسمعون كل
المكالمة ...
" ايه والله وانا اختك مدري شلون بيوافق بس هالمرة ابو طلال مايبي يخليه .. وان مارضى
فيها بدور له من هالبنات اللي تناسبه ..., ايه والله مانعرفها بس اذا وافق عليها
والله ما ارده ولا اوقف نصيبه وانا في هذيك الساعة اللي يقول اخطبو لي .. ,
ابشري والله لابشرك من وقتها وانتي تعرفيني مافي شي يصير الا وانتي اول من يدري عنه
... , ان شاء الله وانتي بعد سلمي على ابو رياض والبنات فمان الله .. "
سكرت وقعدت مكانها سرحانة وتفكر قربو منها الثنتين وجلسو .. سما ماقدرت تسكت اكثر
لازم تعرف وش التفاصيل : يمه ..
انتبهت من سرحانها والتفتت عليهم .. شافتهم يناظرونها وكل وحدة فيهم شاقة الابتسامة من
الاذن للاذن .. : اجل سامعين المكالمة وتبون الاخبار ؟
نطت سما على طول وقعدت جنبها : صح عليييييييييييييك يمه .. هاتي الاخبار ..
قالت لهم كل التفاصيل والثنتين يناظرونها متفاجئات فجأة نطت فيهم رسيل : وووووووووع
من جدكم انتو بتزوجونه قروية ؟ قلو بنات الرياض يمه ؟ تكفين انا ادور له بس لا تجيبون
لنا قروية ..
ناظرتها سما وهي تضحك : بالعكس احس حياتنا بيصير فيها اكشن ومغامرات .. يعني انا
بعيش اسعد ايام حياتي وانا اشوف قمة التناقض بينك وبينها .. واااااااو حماس يمه تكفون
زوجوه بسرعة ..
سحبتها تبعدها عن امها وناظرتها تبي تتأكد كلامها جد ولا تمزح معاهم : يمه ناظريني
الحين صدق هالكلام ؟
ناظرتها وهي تخفي ابتسامتها .. رسيل تشبهها نفس تفكيرها .. بس هي فضلت راحة ولدها
على نفسها .. : ايه صدق ولو وافق اخوك بنخطبها له ان شاء الله ..
هزت راسها وكأنها تبي تستوعب الكلام : بس شلوووون ؟ يمه كيف بتزوجينه وحدة ماتعرف
تلبس ولا تعرف شلون تتصرف مثلنا .. وصديقاتك ومعارفنا ؟ وحنينوه وفوزو اختها ؟ عز
الله ضحكتو العالم علينا ..
سما اللي راحت تشرب مويه جاتهم ركض : لاااا .. لاتسمعين كلامها يمه تكفين نفسي اشوف
ناس غير اللي تعودت اشوفهم .. ابي اكشن في هالبيت اقسم بالله ملل خلونا نغير روتين شوي ..
كتمت ام طلال ضحكتها بداخلها هالبنتين نقيضين بكل شي .. رسيل انسانة تهتم بالمظاهر في
المقام الاول .. ومقياسها للاشخاص من خلال لبسهم ومراكزهم الاجتماعية .. عكس سما اللي
تخالط كل فئات المجتمع وماتجامل في علاقاتها ابد رغم انها صغيرة بس ماتعرف تجامل في
مشاعرها .. عشان هالشي ماتروح كثير للحفلات والمناسبات اللي يحضرونها امها ورسيل ..
كانت ساكتة لانها تدري ان هالنقاش ماراح يغير شي .. بالاخير القرار بيد طلال اذا كان يبي
هالزواج محد راح يوقف بوجهه والحين هي وابوه ينتظرون رده عليهم .. ماتنكر انها اوقات
تتمنى يقول لها انه يبي وحدة من معارفهم .. بس بعد راح ترضى بأي اختيار مادام هالشي
راح يسعده ..
طلعت للغرفة اللي تجمعها مع خواتها .. ببيت خالها الكبير شافت دانا على وضعها اللي
هي عليه من وصلو .. ماجلست مع احد ولا تبي تقابل احد .. حتى الكلام ماتبي تتكلم
مع احد او تناقشه .. مسكت جوالها وشافت عدد كبير من الاتصالات .. اغلبها من عادل
ورسيل .. اول شي سوته اتصلت على اخوها .. اكيد من اول يتصل حتى على امه واول
ماجاها صوته الحنون .. ردت عليه : هلا عادل ..
تنفس براحة وبدا هجومة على طول : جودي الله يهداكم هذا كله عشا تردون ؟ ولا واحد
فيكم يرد علي .. وربي تلفت اعصابي ..
شافت دانا تتحرك شوي وطلعت برا الغرفة : شوي شوي كليتني بقشوري .. تعرف تونا
واصلين امس وزحمة مايحتاج اعلمك خوالي وخالاتي وعيالهم ..
سكت شوي وبعدها قال بهدوء : زين ابي دانا .. ضروري لاتقولين لي مثل كل شوي ما
تبي ترد على احد .. حطي الجوال عندها ابي اكلمها الحين ..
قاطعته على طول : الظاهر نايمة .. ماودي ازعجها ..
حس انه وده يطلع من الجوال يكفخها : جودي لا تنرفزيني ابيها الحين .. حتى لو نايمة
قوميها ..
استسلمت لرغبته ودخلت تشوف دانا .. : دنو .. قومي كلمي عادل يبيك ..
ماردت عليها او حتى تحركت .. هزتها شوي من كتفها وقربت منها تشوفها .. شافتها
مغمضة عيونها ودموعها على خدودها : دنو تكفين لا تكلميني انا بس ردي على عادل
كل دقيقة وهو متصل يبي يكلمك ..
وهالمرة بعد مالقت اي جواب او حركة منها .. رفعت الجوال لأذنها : مو راضية ترد علي
جاها صوته القلق : نايمة يعني ولا ماتبي ترد ؟
شافت جسم دانا يرتجف .. الاكيد انها قاعدة تصيح الحين .. قالت بصوت هامس : لا مو
نايمة بس قاعدة تصيح .. وماتبي حتى تكلمني ..
سكتت بعدها وهي تناظرها كان شكلها يقطع القلب .. جاها صوته الهامس : حطي الجوال
عند اذنها بقول لها كم كلمة .. اكيد بتسمعني ..
قربت منها : يالله هذاني بحطه تكلم ..
حطت الجوال عند اذنها وقعدت تطالعها .. شافتها تغمض عيونها بقوة وكأنها ماتبي تسمع
شي .. عادل اللي من قالت له يتكلم وهو يناديها بس هي ساكتة وماتبي ترد عليه : دنو اذا
لي غلا عندك بس كلميني .. ابي اعرف هو سوا لك شي ؟ طمنيني تكفين ..
كان ينتظر منها اي اجابة لكن ماسمع منها الا صوت انفاسها اللي كل ماتكلم صارت اقوى
من قبل .. : تكفيييييييين ردي علي .. انا جاي لكم بعد بكرة .. طلبت اجازة اضطرارية
اسبوع وجايكم .. بس طمنيني ابي اعرف وارتاح .. ابي اعرف انام ذبحني التفكير .. احد
لمسك ؟ احد قرب منك ..
اجابته صوت شهقة حاولت كتمانها .. انتظر منها تتكلم او تقول شي بس ظلت مصرة
على سكوتها .. رفعت نجود الجوال لأذنها : قلت لك ماتبي تكلم احد ..
قال بصوت متنرفز : والله لاطلع الكلام من عيونها عاجبها حالنا الحين ... لاعبة في
اعصابي وانا من اول ابيها تتكلم ..
طلعت ركض من الغرفة : اوووف وانا وش ذنبي الحين تصارخ علي .. خلاص خلوها
براحتها متى ماتبي تتكلم بتقول كل اللي بخاطرها لاحد يضغط عليها اكثر ..
سكت لانه مقهور منها .. هو مايبي اكثر من كلمة بس تطمنه هذي اخته وأي شي يمسها
راح يمسهم كلهم .. : اوكي فمان الله ..
سكر منها وهو يحس بنار تحرق بصدره .. من عرف انه ابوه مسوي لها شي وهو مو
مرتاح ابد .. يبي هاليومين تعدي على خير وبعدها يروح لهم ويحاول يحل كل مشاكلهم
خصوصا انه الحين هو اللي صار مسئول عنهم .. يدري انه هالحمل ثقيل عليه .. من
زمان كان يبيهم يطلعون من البيت لكن امه رفضت .. كان عندها امل انه يتعدل .. لكن
للأسف حالته صارت اردى من اول .. ساءت في الفترة الاخيرة بشكل كبير .. وماعاد
صار هالانسان هو اللي يعرفونه قبل .. للأسف صار شخص غير مسئول جعل هالبيت
بكل من فيه منبوذ حتى لو انهم مالهم ذنب في اللي اقترفه ابوهم .. الا انه اصبح كالوسم
عليهم .. بمجرد حملهم لاسمه ..
من صحت الصباح ونفسيتها مو ذاك الزود .. حاسة نفسها متضايقة وودها تطلع
تغير جو .. سحبت جوالها واتصلت على بنت اختها اللي ردت وصوتها مبين فيه
النوم : هلا ..
انقهرت يوم سمعت صوتها هي بروحها طفشانة : منوووو بسرعة قومي بمرك الحين ..
نطلع اي مكان . وربي زهقانة ..
سمعتها تتأفف وتتمتم بكلام مافهمته .. رجعت اصرت عليها : يالله عاااااد قومي
الحين بلبس وبجي لك .. تجهزي ..
وسكرت على طول بدون ماتنتظر منها جواب او رد لكلامها ..
قامت بعدها وفتحت الدولاب وطلعت لها بنطلون جينز .. وتي شيرت احمر قاني
وحطتهم على السرير .. بعدها راحت عند التسريحة تحط ميك اب .. شوي ماسكارا
وكحل اسود بداخل العين .. وروج احمر .. لبست بعدها وردت على جوالها وهي
تلبس عباتها .. : هلااااا .. صحيتي ؟
جاها صوتها اللي للحين فيه النوم : لا للحين نايمة واحلم اني اكلمك .. شرايك يعني ؟
فقعت عليها ضحك .. اذا صحت من النوم تصير نفسها براس خشمها : زين لا يكثر
اخلصي علي الحين جاية ..
سمعتها تسب في احد يمكن تكون الشغالة .. زييييين بقوم الحين ..
ضحكت على الفاظها اللي تعودوها منها : يالله باي
وسكرت على طول .. لفت الطرحة ولبست اللثمة وتعطرت .. خذت شنطتها وطلعت
شافت امها قاعدة بالصالة ومشت بدون حتى ماتسلم عليها او تقول لها انها طالعة ...
على طول كلمت السواق يشغل السيارة .. وركبت معاه .. : امشي لبيت اختي الكبيرة
هز راسه ومشى على طول .. سحبت جوالها واتصلت على احد الارقام عندها واول
ماسمعت الرد تكلمت بصوت كله دلع : هلا حبيبي ..
جاها صوته الذايب في دلعها ونعومتها : هلا والله بهالصوت .. وش هالصباح الزين
اللي خلاك تدقين علي ..
كشرت بقرف وقالت بلهجة تحاول تخفي احساسها : ابد حبيبي اشتقت لك وقلت اصبح
عليك .. اممم .. مشغول ياقلبي ؟
قاطعها بلهجة ملهوفة : اذا مشغول افضي عمري عشانك آمريني بس ..
ابتسمت بخبث وهي تناظر بالسيارة اللي واقفة جنبهم : خلاص اجل عازمتك الحين
على كوفي ..
حست الفرحة بصوته وهو يقول : الحين جاي لك .. بس العزيمة على حسابي ماراح
تدفعين ريال واحد ..
ابتسمت بخاطرها على غبائه .. هي اصلا ماتحبه ومن زمان تتحاشى اي اتصال معاه
بس جا ببالها اليوم تغير روتين وهو كان اول واحد يجي على بالها .. تواعدت معاه على
المكان ووصلت بيت اختها .. اتصلت على منال اللي على طول جتها وهي لا تقل عنها
سفور .. كل الثنتين كانت روائح عطورهم مالية السيارة وصوت ضحكاتهم يتعالى ...
التفتت عليها وهي تضحك : ترى قلت للغبي فارس يجي ..
صرخت فيها على طول : لااااااااا .. وع وربي ما اطيقه ..
ناظرت جوالها متجاهلتها : عاد انا اللي ميتة عليه .. بس ابيه يجي يدفع الفاتورة تعرفين
الولد كاش .. خليني اطلعها من عيونه ..
سحبت الجوال منها : انا ادفع لك الفاتورة بس فكيني منه .. وافرضي درى عني صلاح
والله ليذبحني ..
طقت على يدها : يالخبلة مليون مرة قلت لك لا تخلينه يمشيك على كيفه .. مالت عليه
وعلى كل الرياجيل بعد ..
وقفو عند الكوفي اللي قالت له عليه وقفو ينتظرونه الين يجي ويدخلون معاه .. تكلمت منال
وهي تقلب في جوالها : زعلان علي من امس .. وربي ماعرفت انام ولا ارتاح ..
كشت على وجهها ورجعت تتصل عليه : ايه خليك كذا احرقي قلبك على واحد مايستاهل
يابنت الاوادم هذول يتسلون فيك وبعدها يرمونك .. العبي عليهم انتي وخذي الدنيا وناسة
تعلمي من خالتك .. كل هالسنين ما اخذتي خبرة من تجاربي .. " التفتت وراها وسكرت
الجوال قبل يكمل الاتصال " هذا هو جا ..
نزلت منال وهي متضايقة منه وراحت تمشي معاهم .. جلسو على احدى الطاولات بقسم
العائلات فكو الثنيتن طرحهم ورموها على كتوفهم وقعدو يسولفون معاه .. طول هالوقت
منال تدق على صلاح اللي سافهها ومايبي يرد عليها .. اما حنين كانت جالسة بكل غرور
وهي تتدلع على فارس اللي ذايب فيها .. حنين اللي من تخرجت من الثانوي تزوجت طلال
وهي بعمر الـ 19 سنة واستمرت معاه الى ان صار عمرها حول الـ 22 وتطلقت منه ...
كان اكبر منها بـ 7 سنوات فارق هالعمر خلاها تنفر منه .. كانت توها تعيش حياتها تبي
تروح وتجي مع صديقاتها .. تبي تطلع وتعيش نفس تجاربهم اللي شافت من زواجها منه
قيد صعب عليها التخلص منه .. ماكانت تحبه ابد .. كانت تدري انه هو ميت عليها ويبيها
ومجرد ماتخرجت تزوجو .. كانت مسيرة في هذا الزواج وماخيرت ابد .. وهالشي ولد
بداخلها نوع من النفور تجاه هالشخص اللي تحس انه يبي يتملكها .. وبعد ماتخرجت من
الجامعة وكبرت .. ومن شافت صديقاتها تزوجو حست بالندم انها فرطت فيه .. مو لانها
تحبه .. بس لانه كان فرصة نادرة اي بنت تتمناها خصوصا بعد مامضى فيها العمر و
صارت بعمر الـ 28 الحين ..
من الصباح قال لسلمان انه بيجيهم بعد صلاة العصر .. كان يحس بخوف كبير بداخله
مثل هالخطوة تحتاج منه الشجاعة .. تمنى لو انه طلب من ابوه او احد من اخوانه يكون
معاه بهاليوم .. تجهز وكشخ ومشى لبيت المطوع اللي كلهم يجتمعون بدكته كل يوم ..
سلم عليهم وقعد .. بعد ماسولف معاهم شوي طلب المطوع بكلمة راس لحاله : شلونك
عساك بخير ؟
رد عليه وهو مبتسم .. لانه حس من ارتباكه وش اللي يبيه : انا بخير وانا عمك .. بشر
معزم تروح لهم اليوم ؟
ابتسم بتوتر : ايه والله ياعم .. وودي تروح معاي اذا ماعليك كلافة ..
مسكه من يده وهو يشوف شلون مبين عليه انه يخفي توتره : ابشر وانا عمك " والتفت
للشياب الجالسين " خوذو راحتكم بروح مشيوير قريب ..
ومشى معاه لبيت ابو راكان .. كانت خطواته خليط من لهفة وترقب وقلق كل المشاعر
تساوت بهاللحظة بقلبه .. يبيها تعرف انه انسان صادق بمشاعره واحساسه كان يحبها
ويبيها ماكان يلعب عليها ابد .. يتمنى انه يعرف وش هو احساسها اذا درت انه جاي
ومتقدم لها .. هل ياترى بيكبر بعينها .. بيصير له غلا في قلبها .. واذا فعلا كان له غلا
من قبل هل بيزيد اكثر .. وهل راح توافق عليه ؟ قطب جبينه وهو يكرر هالسؤال في
باله .. " معقولة يعني ماتوافق علي ؟ .. ليش ما جا هالشي في بالي الا الحين ؟ اعوذ
بالله من الشيطان الرجيم " كان يمشي وهو يحس بصراعات كبيرة بداخله .. مو منتبه
للعيون اللي طول الطريق تتابعه كان يشوف فيه حيرة وتوتر بس بنفس الوقت اعجب
كثير بشخصيته .. حس انه انسان مكافح ورجل يعتمد عليه .. وصلو لبيت ابو راكان
اللي من شافوهم البنات من بعيد وسمعو صراخ سلمان عليهم يبيهم يدخلون دخلو سلمو
عليه وقعدو .. تفاجأ نايف اول ماشاف ابو راكان لاول مرة يدري انه انسان مقعد ..
ماعمره عرف هالشي عنه سألو عن الاحوال والاخبار وقعد ابو راكان يسأل عن ولده
ودراسته ومن هالأمور ..
بعد فترة سكوت مو قصيرة تكلم المطوع على طول : اكيد ماتدري وشوله جايينك اليوم
يابو راكان ..
ابتسم له وهز راسه يبيه يكمل كلامه .. حط يده على ظهر نايف وشجعه انه يتكلم ..بعد
تردد طلعت كلماته بصعوبة : والله ياعم اني جايك اليوم ابي اناسبك .. وماجيت الا وانا
سائل عنكم وماخذ علومكم .. واذا حسيت انه ان شاء الله في تقبل للموضوع بجيب اهلي
من الرياض ويجونكم نطلب بنتكم رسمي ..
ابتسم له ابو راكان وهو مايدري كم عمره بالضبط بس توقع كأي اب في الدنيا ان البنت
الكبيرة هي المقصودة : ومن دلك علينا ياوليدي ؟
ماعرف وش يقول حس انه متوتر كثير واللي انقذ الموقف تدخل المطوع في هالوقت
الحاسم : من زمان وهو ينشد عن اهل الديرة .. وعقب ماقعد معي قلت له على موضي
وجاي اليوم يخطبها منك ..
تفاجأ ابو راكان بإسم موضي اللي انذكر رغم انه بالأول توقع انه يبي نورة : بس ياولدي
هذي ماهيب اكبر خواتها .. عندي فوقها ثنتين مابعد اعرسن ..
حس انه بيتنرفز وهو يبي يمسك اعصابه ويوزن كلامه قبل مايقول كلام ممكن مايكون
مكانه : ايه الله يسلمك هي اللي مناسبة لعمري .. الثانيات وحدة كبري والثانية اكبر مني
وان شاء الله بيجي لهم نصيبهم ..
قاطعه على طول : لا ياولدي ماقدر ازوج الصغيرة وخواتها للحين ماجاهن نصيبهن ..
حط المطوع يده على كتف ابو راكان .. ومسك بيده لحيته اللي كساها الشيب : اذكر الله
يا بو راكان .. الولد توه ماقال شي .. وبناتك بيجيهن نصيبهن ان شاء الله بس هالضعيفة
لا تقطع رزقها .. ادري انهم بالديرة بيحتسون وكلن بيجي يقول لك شي بس انت لاتسمع
حتسيهم .. اسأل عن الولد وعن اهله واذا مدحوه زوج بنتك ماتضمن وش بيصير عليك
انت عقب بيقعدن هالبنات برقبة اخوهن .. وهالمسكين من وين له يصرف عليهن وعلى
مرته وعياله ان الله رزقه ..
سكت ابو راكان .. وقعد يفكر بكلام المطوع المنطقي .. كان نايف يحس بامتنان كبير له
يمكن لو كان لحاله ماعرف يتصرف .. ويمكن بعد يستسلم من اول محاولة تكلمو بعدها
في كل الامور .. كان نايف جدا مرتبك في هاللحظات .. احساس غريب يحسه .. وده
يرتاح من هالحمل اللي على كاهله .. صدق احساسه كفيل بإنه يملا هالقلب خوف من
ردة فعل ماتسره .. كان مستمع لابو راكان وهو يحكي له تفاصيل حياته وكفاحه .. احب
فيه طيبة قلبه الغير معهودة .. وخوفه على بناته هالشي اللي مايقدر يلومه عليه في ظل
زمن مايرحم .. قاربت الشمس على الغروب .. واتفق الطرفان على حل يرضي الجميع ..
من جهة ثانية كانو قاعدين البنات في الغرفة اللي ابو راكان وضيوفه قاعدين تحت شباكها
بالخارج وكل شي قاعد ينقال يسمعونه محد فيهم يدري بوقتها وش الصراعات اللي بقلب
موضي كانت تحس بفرحة غامرة انه جاها وتقدم لها وهذا معناه انه فعلا يحبها .. وبنفس
الوقت صدمها كلام ابوها اللي هي عارفته من قبل بس الحين تحس كأنها اول مرة تسمعه ..
النظرات كلها مسلطة عليها .. خواتها وبنات عمها وامها وخالتها .. كانت تحس باحراج
كبير وكأنه قلبها الحين مفتوح لهم وقاعدين يقرونه .. حست مشاعرها مفضوحة والحب
ظاهر بعيونها ارتاحت كثير يوم سمعت ابوها يوعده انهم بيردون عليه بعد اجازة العيد
وهالشي زرع الراحة بقلبها وقلبه .. بعد ماراح بدت التعليقات عليها .. كلن يرمي عليها
كلام انها عروس ويبون يعرفون وش رأيها بالمعرس .. محد كان يدري انه له فترة وهو
شاغل لها بالها .. توردت خدودها من كم التعليقات اللي سمعتها .. بس تجاهلتهم وراحت
للغرفة الثانية في الوقت اللي طلعو كلهم عند ابوهم برا طلعت الورقة من صندوقها الحديدي
الاحمر الصغير .. قعدت تقرا ابياتها وهي تحس بفرحة عظيمة بداخلها .. شي كبير بقلبها
اكبر حتى من انها تفهمه .. كانت تحب تشوفه بس هاللي تعيشه الحين معناها انها تحمل له
مشاعر مثل ماهو يكن لها مشاعر بداخله .. قعدت في هالغرفة تخبي هالورقة وتخبي معاها
ثورة مشاعرها المجنونة ..
اما هو كان ماشي وهو حاس بارتياح كبير من كلام ابو راكان معاه رغم انه احبطه بالاول
بس في الاخير وعده يفكر ويشاور الاهل ويرد له وهذي تعتبر خطوة ايجابية .... مشى
راجع للبيت الطيني اللي يسكنه اوقات وكل تفكيره متوجه مكان ماتكون هي في هاللحظة ..
ارتشف قهوته السادة وهو غارق في افكاره .. كان يناظر من الشباك في المدى حوله
الشوارع والمباني اللي تعج بهالناس كلها .. شلون يختلفون بكل شي .. منهم السعيد و
التعيس .. منهم الناجح والفاشل .. وهكذا هي حياة البشر .. كل انسان وله اهتمامات
ومميزات عن غيره .. هذا ثالث يوم من استخار من بعد كلام اهله ورياض معاه ارهقه
كثير تفكيره .. بالنسبة له ماعاد تفرق معاه هي او غيرها .. مادام انه قال لابوه كلمة
ماراح يتراجع عنها .. كانت الساعة تشير لـ 11 ونص مساء .. صار له فترة مانام
زي الناس هالموضوع اشغل تفكيره .. قراره للزواج هالمرة مو مثل اول مرة في فرق
بين الحالتين وبين الظروف .. المرة الاولى كان هو اللي يبي وهو اللي مختار وهو اللي
مستعجل وهالمرة هم اللي يبيون وهم اللي اختارو وهم بعد اللي مستعجلين .. سكر الملف
اللي قدامه واخذ اغراضه وجواله وطلع .. ركب سيارته واول مامشى اتصل عليه على
طول .. جاه صوته المرح : هلا والله ...
ابتسم من سمع صوته اللي يريحه : السلام عليكم ..
رد السلام وهو مستغرب هدوئه هالمرة : لا تقول تبيني هالحزة .. لو تحب السما ماجيتك
على طول ضحك على كلامه اللي في كل مرة يقوله .. ومجرد مايقول له انه يبيه يجيه
على طول : لا مابيك تجيني .. بس كنت ابي اقول لك على آخر اخباري ..
ضحك معاه وقال وهو يمازحه : بشر وافقت على العروس ؟
ضحك بداخله لانه يدري انه مايقول هالكلام بجدية ولا يتوقعه : ايه خلاص ماباليد حيلة
بروح الحين للوالد واقول له ..
قاطعه وهو متفاجيء .. للحين مو مصدق كلامه اللي سمعه : طلال انت صادق .. ولا
تلعب علي ؟
ضحك باستهزاء وقال بلهجة تهكمية : والعرس ينمزح فيه الله يهداك .. لا والله اني جاد
في كلامي .. ابوي وماراح يفكني الين اقول له تم .. وانا بالنسبة لي مايفرق عندي هاللي
اختاروها او وحدة ثانية .. كلهم واحد .. بالاخير بتزوج عشانهم مو عشاني ..
كان مستانس انه اخيرا اقتنع هو من زمان يتمنى هاليوم رغم انه ما اعجبته لهجة الانهزام
اللي حسها من كلام طلال .. الا انه العشرة كفيلة انها تثبت له ان تجربة واحدة فاشلة مو
معناها بتكون كل التجارب نفسها ..
اما طلال من سكر منه وهو يحس بهم كبير انزاح عن كاهله .. يمكن لانه تعب من التفكير
في هالموضوع .. كان خايف من ردة فعل امه وابوه .. مايبي يرفض لهم طلب وهو اللي
ماتعود بحياته انه يزعلهم ..
للحظة جات في باله حنين .. اللي كل مافكر بهالموضوع شاف صورتها قدامه .. وكل
اللي في باله الحين شلون لا عرفت .. وش راح تكون ردة فعلها على هالخطبة .. وش
اللي راح يجي في تفكيرها .. مايدري ليش بهاللحظة فكر انه يأجل كلامه مع اهله لبكرة
رغم انه اتخذ قراره .. بس في شي بداخله يمنعه وصل للبيت واول مادخل راح للمطبخ
صب له كاس موية وطلع يقعد بالصالة .. فتح التلفزيون وقعد يقلب بالقنوات .. شاف
برنامج معاد محاضرة للشيخ عائض القرني رفع الصوت شوي وقعد يستمع للمحاضرة
غمض عيونه ورجع راسه لورا .. وارهف سمعه لهالكم الهائل من المواعظ حس بعدها
بارتياح كبير .. سكر التلفزيون ورقى لغرفته .. توضى وصلى الوتر وتمدد على فراشه
يحاول انه ينام .
قام لصلاة الفجر باحساس غريب .. رغم انه نام متأخر ويمكن حتى ماشبع نوم بس في
شي بداخله خلاه يقوم يصلي وبعدها يخطو خطوة مهمة بحياته ذكر ربه وقام من سريره
وراح يتوضى .. طلع بعدها ولبس ثوبه وشماغه وطلع من جناحه .. شاف ابوه بالصالة
واقف يسكر ازرار ثوبه .. سلم عليه وحب راسه ومشى معاه للمسجد وبعد الصلاة رجعو
مشي للبيت .. كل ما جا ينطق اللي في خاطره شي غصب عليه يوقفه .. : يبه ..
وقف مكانه وهو يشوفه يفتح له الباب : هلا ..
دخل ابوه ودخل هو بعده وسكر الباب : الموضوع اللي قلت لي عليه " وسكت وهو حاس
انه مو قادر يقوله " ابد الشور شورك .. وتوكل على الله ..
فرحة كبيرة ارتسمت على وجهة شعور غامر بالسعادة اعتمر قلبه .. ورغبة جامحة انه
يحتضن ابنه البكر اللي اخيرا فرحه بهالخبر اللي ينتظره من سنين .. : ماشاء الله تبارك
الله .. الله يفرحك ياطلال مثل مافرحتني اليوم ..
هالفرحة اللي شافها بعيونه .. وهالدعوة الصادقة زرعت نوع من الرضى بداخله رغم
رفضه القاطع لهالزواج .. ابد مو مقتنع بالزواج ولا حتي مقتنع بالعروس .. وكل اللي
سواه ارضاء لامه وابوه بس .. دخلو البيت وجلسو في الصالة هو من الاول ماكان يبي
يطلع غرفته .. الفترة الاخيرة حس نفسه مسجون فيها .. وابوه من الفرحة قعد يسولف
معاه ويخطط على كل الامور .. متى تبينا نروح .. ومتى تبي الزواج ومن هالسوالف ..
هو كان متضايق من اسألته .. بس اضطر انه يجاوبه مايبي يخرب عليه هالفرحة اللي
يعيشها الحين ..
بعدها بفترة نزلت ام طلال وهي ماسكة راسها من الصداع اللي تحسه .. كانت الاضاءة
خافتة .. وشافتهم جالسين بالصالة .. ولعت الانوار وجات عندهم وسلمت .. شافت ابو
طلال مبتسم ابتسامة صافية .. وحست بشعور غريب يراودها هاللحظة " يااااارب انه
اقتنع .. يارب فرح لي قلبي " : ماشاء الله جوكم صافي اليوم ..
ابتسم ابو طلال على طول وناظر بطلال .. اللي نزل راسه عارف وش اللي يبي يقوله
ابوه الحين .. رجع التفت لها وقال بفرحة : ابشرك بتفرحين بطلال قريب ..
هالكلمة بس كانت كفيلة ببث سعادة كبيرة بقلبها .... التفتت له وماشافت اي معالم تذكر
على وجهه .. : الله يبشرك بالخير .. ياجعله على البركة يارب هاه متى نويتو تروحون
لهم ..
ضحك بداخله عليهم لهالدرجة كان زواجه هاجس بالنسبة لهم يبونه يتزوج بأسرع وقت
للحين اصلا مو قادر يستوعب شلون امه راضية انه يتزوج وحدة من قرية .. بطبعها
انسانة لها قيمتها الاجتماعية .. ولها علاقات مع طبقات جدا غنية .. شي غريب انها
رضت بإنسانة تعليمها ابتدائي .. وحالتها المعيشية سيئة .. وبالنسبة لعمرها ممكن تعتبر
عانس .. للحين هو مستغرب ومو عارف وش اسبابها .. " سبحان الله نصيب " ..
كان يسولف مع امه وابوه وللحظة بس تسلل الفرح لقلبه وهو يشوف سعادتهم الواضحة
بملامحهم .. ضحك وهو يسمع صوت رسيل تصوت على الشغالات يحطون لها فطور
جات لهم وسلمت وقعدت .. ومبين على ملامحا الطفش .. : اوف هالاختبارات تضيق
الخلق .. يبه ماتعرف شي عن بيت ابو عادل ؟
ناظرها مستغرب هالسؤال الغريب واللي مو في وقته : لا يابنتي .. لا ابوهم ينشاف ولا
يجينا المسجد الله بس يتوب عليه ..
زفرت هوا من فمها تطير خصلات شعرها اللي نزلت على وجهها : غريبة اتصل عليهم
من يومين محد يرد علي .. حتى اختبار امس ماحضرته دانا .. والبنات بعد ماراحو مع
سما للمدرسة ..
تفاجأو كلهم من كلامها .. رغم انها مو اول مرة تصير .. كذا مرة يروحون لاهل امهم
فجأة واكيد هالشي من معاملة ابو عادل لهم .. تكلمت ام طلال بعدم اهتمام .. اللي هي فيه
اليوم اهم من اي شي ثاني بالنسبة لها : اكيد رايحين القصيم دايم ام عادل تروح اذا كثرت
مشاكلهم .. " التفتت على طلال وبعدها ناظرت رسيل " باركي لطلال اخيرا بيعرس ..
فتحت عيونها متفاجأة : والله .. اخيرااااا مابغيت ياخي ..
ناظرها مستغرب .. كلهم طايرين من الفرح لهالخبر .. حس انه وده يطلق ضحكة عالية
وهو يشوف مشاعرهم اللي ظهرت بهالمناسبة : يعني استانستي ؟
قربت من امها وهي مبتسمة : اكيد طبعا استانست " وللحظة تذكرت انهم بيخطبون وحدة
من القرية لطلال " لحظة الحين وافق يتزوج مين ؟
ضحكت امها على طول لانها تدري وش هي ردة فعلها .. واستغربت اصلا انها فرحت
يوم سمعت الخبر : اللي قلت لك عليها ..
غطت وجهها بيدينها : لاااا تكفووون .. قولو اني احلم .. يااااربي وش هالفشيلة .. طلال
الحين انت من صدقك تبي تاخذ قروية ؟
التفتو لها ابوها وطلال على طول .. وقبل مايقول شي تكلم ابوها وهي يخفي ابتسامته
عنها : ايه بياخذ قروية .. وش فيها يا اخت رسيل ؟
راحت وجلست جنب ابوها وتكلمت بكل هدوء وكأنها تبي تقنعه : يبه وش اللي وش فيها
هذي لا هي من ثوبنا .. ولا لنا علاقة فيها اصلا .. تجينا وحدة ماتعرف تلبس ولا تعرف
شلون تقابل الناس ..
رفع طلال حاجبه وناظرها بعصبية : وانتي هذا اللي يهمك ؟
حست بخوف كبير من نظرته وقالت بصوت هامس بالقوة سمعه : كل الناس مو بس انا
مد ابوها يده ومسك يدها وقال بلهجة ابوية حانية : يابنتي كلنا من آدم .. وآدم من تراب ..
وانتي بتعاشرينها وان شاء الله انها تكون بنت حلال .. " وابتسم لها " وبتعرف تلبس ان
شاء الله ..
سمعو صوت صرخة مدوية بكل الصالة : يسسسسسسس يسسسسسسسس طلال بيتزوج
القروية .. الحمدلله يارب والله اني من عرفت وانا ادعي ربي تكون من نصيبه كللللويش
ضحكو كلهم عليها .. وهو انسحب على طول .. منظر سما وهي فرحانة بهالخبر خلاه
يموت ضحك .. قمة التناقض بين ردة فعلها وردة فعل رسيل .. هالبنت كثير تشبه لمياء
في تصرفاتها وطريقة تعايشها مع كل الناس .. حس بارتياح كبير انه تعدى هالخطوة اللي
كان شايل همها .. وراح يبدأ بعدها الجد ..
قاعد عند التلفزيون وحاط المركى ورى ظهره ويلعب بلاي ستيشن مع صديقه وهم
يشربون الشاهي .. : وربي انها ضايقة فيني بس خلها على ربك ..
كان متحمس باللعب معاه .. من اول وهم يسولفون وحاس فيه قاعد يشكي له من اللي
يصير لعمته وعيالها ماكان يحب يعلق بأي تعليقات قوية لانه مهما كان يعتبر شخص
غريب بالنسبة لهم .. بس يبي يوزن الامور ويوضحها صح له : وانت ليش تتضايق
مو تقول ان عمتك تركت له البيت باللي فيه خلاص يعني ان شاء الله المشكلة انحلت ..
وقف اللعب شوي والتفت له ركز نظره على عيونه العسلية : تدري عاد اني متنرفز
وانت مستغل الفرصة وتسجل علي اهداف .. لا ياخوك ما انحلت هذي مو اول مرة
يتركون له البيت .. دايم وهذا حالهم ومجرد مايجي له ويعتذر ترضى وترجع معه
للرياض .. والله مادري شلون افهمك الوضع .. واذا قلت له ياعمتي ابي ابلغ عليه خل
ياخذ جزاه تحلفني بالله ما اتدخل بالموضوع ابد تقول ابو عياله وماتبيه يدخل سجون ..
حك راسه ورجع ركز نظره عليه : وهي الصادقة .. ماتبي الناس يقولون لعيالها انه
ابوهم خريج سجون ..
اشر له بيده بمعنى انت صاحي : خريج سجون ارحم من حالته الحين .. على الاقل
كثير من اللي طلعو من السجون تغير حالهم .. التزمو وعرفو طريق الحق .. وصارو
احسن من واجد اللي للحين وهم مجرمين ..
اشره له بعينه يرجع القيم : زين خلنا نكمل الحين .. وعمتك الله يهداها ماتدري يمكن
هالمرة تكون صاملة .. وماترجع له ابد .. ولا على الاقل الين يرجع لربه ..
بدا يلعب بحماس وهو يحس القهر يزداد بقلبه : انا مادري كيف ابوي يخليه ترجع معه
والله لو انا مكانه قعدته غصبن عليه .. مادام هالرجال لاخيره ولا كفاية شره ..
شرب الشاهي اللي بالبيالة كله ورجع يكمل له : يالله .. محد مرتاح بهالدنيا خلنا نوسع
صدورنا ابرك .. بكرة ورانا دوامات وضيقة صدر ..
ضحك من قلبه وهو يسجل الهدف الرابع : وانت حياتك كلها ضيقة صدر .. ياخي
نفسي يوم اشوفك مستانس من اوله لآخره حتى لو استانست شوي تجي بعدها ضايق
خلقك وطفشان ..
ضحك على كلمته : وش اسوي يامتعب من المستشفى ومقابل المرضى والله يضيق
الخلق .. بس الحمدلله على نعمة الصحة .. والله انه نعمة عظيمة .. عسى الله يشفيهم
ويشفي مرضى المسلمين ..
كملو نقاشاتهم اللي للحين ما انتهت من موضوع لآخر .. هالاثنين جمعتهم سنين الغربة
رغم اختلاف تخصصاتهم الى انه جمعهم نفس المسكن خلال سنوات دراستهم للماجستير
والدكتوراة في مدينة ليستر ببريطانيا .. بعدها استقرو في الرياض تجمعهم نفس الشقة
بحكم انه اهلهم خارج مدينة الرياض اهل يزيد وساكنين بالقصيم اما اهل متعب ساكنين
بالخبر .. تعودو اغلب اوقاتهم يكونون مع بعض .. مثل اغلب الاصدقاء .. قد يختلفون
احيانا .. لكن غالبا هم متفقون .. شخصية يزيد مزاجية نوعا ما .. يعني ممكن يتغير
مزاجه بأي لحظة الا انه تميزه طيبة قلبه الكبيرة .. عكسه تمام متعب اللي يعتبر انسان
مرح جدا .. ويمكن اللي يجلس معاه يقول هالانسان مايعرف الزعل ابد .. لكن تعود
بروحه الحلوة يقلب كل الامور لصالحه ..
خلص القيم بفوز متعب كالعادة .. لانه انسان بارد الاعصاب يوصل للي يبيه بسهولة
عكس يزيد اللي يعصب ويتنرفز ودايم يخسر بسبة صراخه واعتراضاته .. قامو بعدها
اثنينهم كل واحد رايح لغرفته ينام .. باختلاف مشاعرهم واحاسيسهم .. واختلاف وش
اللي يفكرون فيه بهاللحظة ..
يزيد اول ما استلقى على سريره غرق بتفكيره في حال عمته وبناتها من عرف حياته
وعمته متعذبة مع زوجها .. كان مقهور لانه يوم شافها شاف بعيونها انكسار عظيم ..
شعور مؤلم بالانهزام والهرب .. صحيح انها كذا مرة تركت البيت بس كانت تقول لهم
انها بتربيه .. وفعلا كان يجي لها ويترضاها وترجع له .. هالمرة لا قالت انها ماعاد
بترجع له .. تقول انه قرارها الاخير وماراح تتنازل عنه .. ومن كل قلبه يتمنى لو فعلا
يتخلصون من هالمرض الخبيث اللي لازمهم لسنوات طويلة .. يدري ان عمته قوية ...
تحملت كل الظروف وتقدر تتحمل اكثر .. تعلمت من الدنيا كيف تتسلح بايمانها وتقوي
عزيمتها .. بس بناتها شلون يقدرون يواجهون هالظروف الصعبة اللي عاشو وتربو
فيها .. ورائد الطفل البريء اللي للحين مابعد فهم هالدنيا ماشاف منها الا ايام حزينة
مؤلمة ... فعلا اطفال العوائل المستقرة نفسيا ينشئون اكثر سعادة من اطفال العوائل
المتفككة ويواجهون تشتت اسري نتيجة ظروف خارجية .. او حتى ظروف
معيشتهم اللي تحتم عليهم الابتعاد عن بعضهم .. مو الكل لكن الكثير هالشي هو اللي
تعلمه طوال سنين دراسته .. من بكرة بيروح يدور لهم شقة مناسبة بيقعدون فيها
الين تتخرج دانا من جامعتها وبعدها بينتقلون للقصيم بشكل نهائي انقلب على جنبه
الأيمن وتعوذ من الشيطان .. واستغرق في نوم عميق ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:11 PM
صار له ساعة من وصل جالس مع خواله وقلبه مشغول .. يبي يروح لها ويجلس معاها
يبي يتكلم ويرتاح .. ويريح قلبه وقلب امه اللي صار لهم حول الـ 5 ايام مشغولة قلوبهم
عليها وعن سبب وضعها اللي تعيشه الحين .. استأذنهم يبي احد يشوف له الطريق يبي
يطلع لها الغرفة اللي هي فيها .. بعد ماشافو له الطريق طلع هو ونجود لغرفتها .. شاف
امه قاعدة عند راسها وتقرا عليها .. اشر لها بعيونه يبي يعرف اذا هي نايمة او لا مدت
يدها له : تعال يمه ..
قرب منهم .. وشافها مغمضة عيونها وماتتحرك ابد .. جلس جنب امه وقلبه يعوره من
شكلها .. ماتبي تاكل ولا تبي تكلم احد .. وهالشي اول مرة يصير لها .. طلب من امه
تبعد عنها شوي ومسك يدها .. حسها مثل قالب ثلج من شدة برودتها .. مسح على شعرها
وناداها باسمها .. انتظر انها تتكلم بس ماتكلمت .. وهالشي اصلا هو متوقعه وعارف
من الاول انها ماراح ترد .. اشر لامه ونجود يطلعون من الغرفة ويخلونه لحالهم وفعلا
طلعو ثنتينهم .. قرب منها اكثر وناداها بصوته الحنون : دنو .. انا داري انك تسمعيني
بس ماتبين تردين .. كذا يعني تزعليني منك ؟ وانتي اللي طول عمرك ترمين همومك
علي .. قولي لي كل شي .. تكلمي وربي لاشيل الحزن منك بس لايضيق صدرك ...
بس تكفين اذا لي غلا وخاطر عندك بس ريحيني .. ترى ورب البيت ماعرفت انام من
يوم قالت لي امي عن اللي صار لك وانا تعبان فهميني بس شلون رحتي عنده .. انتي
كنتي عنده ؟ طقك ؟ فهميني الله يرضى عليك ..
مد يده لها وضغطت عليها بقوة .. قربت منه اكثر وارتمت بحضنه وصاحت .. يمكن
هذي اول مرة من صار لها اللي صار تبكي عند احد .. كانت كاتمة كل شي بقلبها ...
ماتكلمت او شكت اي شي .. ضمها بقوة وخلاها تصيح بحضنه وحس باظافرها تنغرز
بكتفه .. كان يبيها تفرغ كل اللي بقلبها بس تتكلم .. يبي يسمع تفاصيل اللي صار في
هذيك الليلة .. انتظرها تتحرك او تبعد عن حضنه .. بس هي لقت هالحضن اللي كانت
تتمناه من اول .. هالشخص اللي مهما رمت همها عليه يتحمل ومايشكي .. كان موجود
دايم معاها باوقات كان ابوها يغيب عنهم .. وحتى امهم تكون عند اهلها لحد ماغيبه
عمله عنهم من 4 سنوات بعد التحاقه بالجيش وعمله في تبوك ..
مسك كتفها يبي يبعدها عنه شوي لكنها تمسكت اكثر فيه .. تركها براحتها وهو يهمس
لها بحنية : دنو تكفين وربي ماجيت هالمشوار كله الا عشانك وماخذيت هالاجازة الا
بعد حب الخشوم وانتي تعرفين شلون شغلي وارتباطاته ابي بس توعديني انك تقولين
لي اللي صار لك .. وانا ادري بغلاتي عندك وادري انك عمرك مارديتني ..
انتظرها شوي يبي منها اي رد .. بعدت عنه شوي وناظرته .. حس انها مخنوقة ومو
قادرة تتكلم او توصف له مشاعرها اختصر كل شي بسؤال كافي انه يريحه ويريحها
هي بعد من هالضغط النفسي اللي تعيشه : احد لمسك ؟ احد قرب منك .. " ماعرف
شلون يوضح لها سؤاله كان خايف ومتوتر " يعني ..
هزت راسها بسرعة بلا .. ونزلت دموعها على خدودها : لا ما صار شي بس واحد
فيهم .. وبدت تتنهد وهي تحكي تفاصيل تلك الليلة المرعبة بالنسبة لها .. سمعها للآخر
ارتاح كثير انه محد افقدها شرفها .. لكن تضايق من حال اخته .. اخطر الاوقات اللي
ممكن تأثر على الانسان هي لحظة الاستيقاظ من النوم .. هاللحظة الانسان مايكون في
حالة ادراك كلي للي حوله .. واي شي يتعرض له ممكن يأثر عليه بشكل كبير .. وهذا
اللي صار لها .. صحت على عيون قذرة تلتهمها .. ويدين متطاولة تلامس جسدها ..
وهالشي كان كفيل بهالصدمة النفسية اللي هي تعيشها ..
كانت تحكي له كل شي وترتجف .. ومابين كلمة والثانية تتردد الحروف كثير .. كان
واضح تأثير الصدمة عليها .. رحمها كثير هاللي صار لها مو قليل .. ضمها لصدره
وبدا يهديها .. هو بعد يبي من يسكن اوجاعه ... يبي له من يداوي جراحه .. يتحمل
كل شي عنهم بس مايبيهم يتضايقون او تتكدر خواطرهم .. مستعد يشيل هالحمل عنهم
تعود هالشي من صغره .. دايم يكون موجود معاهم ولهم .. الاخ الكبير اللي كل بنت
بهالدنيا تمناه .. : انتي قدها .. تحملي عشان خواتك ونادر .. وعشان امي .. ادري ان
اللي صار لك مو سهل .. بس كنتي قوية وقدرتي تواجهينه .. تحملي عشاني انا ..
مسكت المخده ولمتها بحضنها وضغطت عليها بقوة .. ناظرته وهزت له راسها : ان
شاء الله .. بس ابي ارتاح ..
مسكها من يدها وقام : تعالي معاي بس خلي امي تشوف انك طيبة عشان ترتاح طلبتك
سحبت يدها بكل هدوء : بعدين .. مو الحين عشان خاطري .. انت قول لهم اني طيبة
بس ابي اقعد لحالي ..
ابتسم وهو يحس براحة انه غير من نفسيتها شوي .. اول مادخل لها ماكانت تتحرك او
حتى تنطق بحرف واحد .. كلامه معاها واسلوبه خلاها تفك عقدتها شوي شوي وتقول
له كل شي صار .. احترم رغبتها ودنق عليها حب راسها .. ومشى طالع من عندها ..
قبل مايطلع تذكر انه ببيت خاله .. طلع جواله من مخباة ثوبه واتصل على امه تشوف
له الطريق .. ثواني وجاته واول مافتحت الباب راحت لها عيونها على طول .. واول
ماشافتها قاعدة وتناظر الشباك ارتاح قلبها انها قامت مسكها من يدها وسحبها لخارج
الغرفة : مافيها الا العافية يمه .. بس خلوها ترتاح شوي وهي بتطلع من نفسها .. هي
وعدتني وانا اعرفها ماتخلف بوعدها ابد ..
حطت يدها على راسه : الله يخليك لي ياوليدي ويوفقك ..
ابتسم لها وحب راسها وراح للمجلس يقعد مع خواله ..
كل البنات طالعين من الصباح لبيت خالتهم الا هي كانت تحس انها تبي تختلي بنفسها
شوي .. تبي تعرف شلون تقرر حياتها .. ابوها للحين مافاتحها بالموضوع رغم انه
صار له متقدم لها من كم يوم .. رغم انها سمعته يتناقش مع امها كذا مرة بس للحين
محد جا كلمها وهالشي زاد قلقها وخوفها .. تناهى لمسامعها همسهم في الصالة وهم
يتناقشون في موضوعها .. سمعت صوت ابوها اللي اتعبته سنوات العمر ومشقات
الحياة وصعوباتها : اخوها بيجينا وبشاوره وعقب بحاتسيها وباخذ رايها والله يامريم
ماودي اكسر بخاطر خواتها .. يعني تهقين ماتجي بخواطرهن يوم اختهن اللي دونهن
تعرس قبلهن ؟
اشرت له بعينها تبيه يقصر صوته لا تسمعه موضي : خواتها مايبون يوقفون نصيب
اختهن هن لاجاهن النصيب راحن .. وربعنا بيعذرونك هم يدرون بحالنا كله هالبنات
ملي البيت .. من وين لنا نكسيهن ونطعمهن ؟ انشدو عن الرجال وتسانه رجالن سنع
وراعي دين لاترده ياولد عمي ..
سكت شوي وقعد يفكر بكلامها .. اوقات يقتنع .. واوقات ثانية لاشاف نورة وشيخة
يتردد مايبي يجي بخاطرهم شي لاشافو اختهم اللي اصغر منهم بسنوات تتزوج قبلهم
مايبي يبت في الموضوع الين يجي راكان للديرة بعد اسبوع ونص ويعرف رايه ...
يبي يشاوره هذا ولده الكبير وسنده بهالدنيا ..
من جهتها كانت تسمع كل الحوار .. كلام ابوها فتح جروح بداخلها هي بعد تتألم لهم
تبي تفرح فيهم قبلها .. تتمنى لو ربي يكتب لهم نصيب وتشوف كل وحدة فيهم في
بيت رجلها ومعاها عيالها ..
وبنفس الوقت تحس انها ودها تصرخ وتسمع العالم .. تبي تقول لهم ابيه .. هالانسان
انا احبه وابيه .. ومادام هو اشتراني انا بعد بشتريه ..كبر قدره بقلبها بعد ماتقدم لها
حست انه فعلا شاريها مالتفت ابد لأي فوارق بينهم رغم انه مدرس وهي ماكملت
تعليمها .. مثلها مثل اغلب بنات الديرة .. طوفان مشاعر يجتاح قلبها في هاللحظة
تخاف ينرفض تخاف يقولون له تعال بعد مايتزوجون خواتها ويروح ولا عاد يرجع
لهم ابد .. وهي تحبه وتبيه ومقتنعة فيه ..
تعبت من كثر التفكير وحست انها لو بتقعد في هالدوامة بتتعب اكثر قامت على طول
وراحت عند خواتها اول مادخلت عليهم تركت كل تفكيرها وهمومها وراها ورجعت
لهم بشخصيتها المجنونة : من تحشوووووووون فيه ؟
التفتو كلهم عليها مفزوعين .. ضحكت نورة على شكلها شعرها منتفش ومارتبته اول
ماقامت : كدي شوشتس بالاول وتعالي عقب نعلمتس ..
فطسو كلهم على شكلها وهي ترتب شعرها .. قعدت على طول وفكت جديلتها وبدت
تسويهم من اول .. شعرها متوسط الطول ومو ناعم يعني متوسط .. بس اذا صحت
من النوم ومع الحركة يعتفس كله ويصير شكلها حوسة ومضحك بنفس الوقت مدت
يدها وخذت الابرة والخيط ..
سحبته منها سارة على طول : شيلي يدتس عساها الكسر مانبيتس تخيطين معنا من
زين شغلتس يالرفلا ..
طقتها على يدها بقوة : ضفي وجهتس عني .. بخيط غصبن عليتس .. اعوذ بالله وش
ذا الحسد .. الحمدلله ان رزقي ماهو بيدتس تسان انا ميتة من زمان ..
حطت شيخة يدينها على اذونها وصرخت فيهم : بس اسكتو ادوختونا بهذرتكم لعنبو
ابليسكن وانت ماتجتمعن الا وتطاقن ..
ضحكو ثنتينهم وطنشو كلامها .. واستمرو بمناوشاتهم اللي تصير بينهم في كل مرة
يجتمعون فيها ,, وحاولت موضي بقدر الامكان تترك قلبها الحين .. وتغيب نايف
مؤقتا .. وتتركه خارج حساباتها حتى اشعار آخر .. وتتمتع بتفاصيل وقتها معاهم ..
ماتدري يمكن اذا ربي كتب نصيب بينهم تترك الديرة وتروح معاه للرياض وتبعد
عن خواتها وبنات عمها وبنات الديرة .. وماتشوفهم الا في فترات متباعدة .. مجرد
ماطرى هالشي بداخلها ولد احساس حزن عميق على لحظة راح تفقد فيها هالقلوب
الطيبة ..
/
\
/
\
قاعد بغرفته قبال المراية يناظر كشخته .. فرحته لاتقاوم اليوم وهو رايح يتقدم لها
كان يعد الدقايق والثواني يبي هالوقت يمر بسرعة ويطير لها .. فرحة لاتوصف
بعد ما اعطي له الضوء الاخضر انه يتقدم لها هاليوم .. اليوم هذا اللي انتظره من
زمان وتمناه والحين قدره له رب العالمين .. ناظر في نفسه بالمراية كان راضي
عن شكله يحس ان فرحته والحب اللي بعيونه يجمله اكثر .. ابتسامته تزين وجهه
وتزيده جاذبية على جاذبيته .. احساسه يقول له انها راح توافق عليه .. هالشي
هو متأكد منه بعد ماجس النبض .. ماراح يطول بالملكة وامور الخطبة .. فترة
بسيطة ويتزوج على طول .. شهرين او ثلاث بالكثير يكفيه هالسنين اللي قضاها
في انتظارها .. مايبي يضيع يوم واحد بعيد عنها .. تفكيره كله يروح لها مايقدر
يقاوم احساسه الجارف اللي يحبها بجنون .. سمع صوت ابوه يستعجله .. التفت
له على طول وابتسم على مضض .. هالصوت صحاه من ذكرياته المريرة وخلاه
يستوعب واقعه ... هالمرة غير كل التفاصيل تختلف .. ولا
شي مثل قبل .. لا احساس اندفاع وحب جارف يسبقه ولا لهفة وانتظار وترقب
لهاليوم .. ولا اي اشعور آخر .. مجرد شخص مسير على كيف مايرضي ابوه
وخلاص .. رايح معاه ارضاء له ورغبة منه يفرحه ويحسسه بالسعادة اللي هو
يتمناها .. فرق كبير بين خطبته الأولى والحين .. برود بداخله واحساس بتبلد
يلف مشاعره .. يمكن لانه رضى بالامر الواقع واستسلم لهم بالآخر .. هم يمشونه
على كيفهم وين مايبونه يروح هو معاهم .. بيروحون للمياء اللي قالت لهم انها
بتكلم نورة يوم السبت او الاحد وهم يجون يوم الاثنين يتقدمون بشكل رسمي
وبعدها ترجع معاهم للرياض الى بعد العيد .. ووقتها يتلقون جواب اهل نورة
على خطبتهم ..
نزل وشاف امه وخواته قاعدين هم بعد ساحبين على الدوام كعادة اغلب الطلاب
في المدارس والجامعات آخر يومين او ثلاثة قبل الاجازة يعطون انفسهم اجازة
مسبقة .. رسيل مبوزة ومو عاجبها الوضع ابد وتناظر فيه بنظرة رجاء انه يغير
رايه في آخر لحظة .. اما سما كان الحماس ظاهر عليها .. قرب من امه وحب
راسها ويدها : ادعي لي يمه تكفين ..
رفعت يدها للسماء ورفعت صوتها وهي تدعي له : الله يوفقك ياوليدي ويسهل لك
دربك ويسخر لك بنت الحلال وتوافق عليك ويتمم عرسك على خير يارب ..
ناظرها ابو طلال بنص عين : الدعاوي كلها راحت لحبيب القلب والمسكين اللي
رايح معاه بنفس الخط ماجاه شي .. حتى لو انها دعوة بالغلط ..
ابتسمت على كلامه : الله يوفقك ويوفقه بس هو معرس وابي افرح فيه لا تسوي
فيها الحين تغار من ولدك ..
كان واقف مكانه يناظرهم واضحة الفرحة عليهم ناظر سما وهو يشوفها مطلعة
عيونها فيه حس انه وده يبوسها .. فيها شقاوة حلوة تبين على نظراتها وحركاتها
شافته يناظرها واستغلت الفرصة شوي : طلال تكفى بروح معاكم .. كلهم حالفين
علي ما اروح .. واللي يسلمك طلبتك ..
ناظرها مستغرب .. هذي تتكلم جد ولا تمزح .. بس اللي اكد له كلامها رد رسيل
عليها بعصبية : اوووه ترى قلبتي روسنا بحنتك .. وين تروحين له .. على بالك
يعني تمشية ووناسة ..
التفت لها ابوها وقال بصوت حازم : وانتي للحين على هالموال .. قلت لك لا من
الاول لا تقعدين تغثين اخوك بعد .. ان شاء الله اذا ربي كتب نصيب بينهم تروحون
معنا ..
قامت رسيل بترقى لجناحها وقالت بلا مبالاة : وع .. وين نروح له اصلا .. عني
انا متنازلة والله لو تحبون السما مارحت لهم .. هذا اللي ناقص بعد ..
ماردو عليها لانهم من فتحو هالسالفة وهذا موالها بعكس حماس سما الغريب سلمو
عليهم واستأذنوهم طالعين .. ركب طلال سيارته وركب معاه ابوه .. ورددو دعاء
السفر
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا
إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ )
" اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا
سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني
أعوذ بك من وعْثاءِ السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل" .. وتوجهو
لقرية العتيق .. مكان مايسكنون بيت ابو راكان ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:13 PM
الجزء الخامس
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ .... يـآ الله اي جنون يعتريني لانسلخ مني ..
واي غباء يكاد يفقدني ذاتي ..
بل اي حنين بات يسلبني لحظات الفرح ..
واصبحت انزفك جرحاً .. حتى آخر قطرة ندم ..
هل بات حبك وصمة ألم .. اتعايش معها ماتبقى من العمر ؟
رحماك ربي فما عدت احتمل هذا العذاب ..
طريق جديد لأول مرة يسلكه .. غريب عليه هذا الطريق .. والأغرب ثورة مشاعر
متناقضة بداخله .. مابين احساس الاندفاع لتجربة جديدة قد تحمل الفرح او الحزن
ومابين التفكير بالماضي .. كان اغلب الطريق ساكت واذا تكلم قال جمل مقتضبة
ناظر لمفرق في الطريق وماعرف وين يروح بالضبط وهدا شوي : هالحين شلون
اكمل طريقي ولا اروح يمين ؟
التفت ابوه يناظر اللي حوله .. : امش قدام اسأل الراعي اللي قاعد تحت الشجرة ..
راح له وكلمه من شباك السيارة .. اخذ منه الوصف بالضبط وتحركو اول مادخلو
القرية ذهل من اللي يشوفه .. اطفال في عمر الزهور بثياب ممزقة الا القليل منهم
يلعبون بطرف القرية بأقدام حافية .. وبيوت طينية جدا صغيرة دخلو للداخل اكثر
وكل ماتعمق في القرية زاد تفاجأه .. التفت لابوه وشاف نفس علامات الدهشة على
وجهه تجمعو حوله اطفال الديرة اول مرة يشوفون سيارة بهالفخامة اغلب السيارات
عندهم وانيتات .. حتى المدرسين سياراتهم عادية او حتى سيارات قديمة لمثل هالطرق
نزل قزاز الشباك واشر لواحد من العيال يجي له .. كان مستانس حيل انه ناداه وراح
له ركض .. وجو معاه باقي العيال يبون يشوفون هالانسان اللي عمرهم ماصادفوه ..
ابتسم له ابتسامة بريئة وانتظره يتكلم .. : وين بيت ابو راكان ؟
قرب منه ولد كبير شوي ومبين انه في المتوسط .. : بيت عمي عبدالرحمن بعيد مو
هنيا .. " حك راسه وهو يناظر في البيوت وماعرف شلون يوصف له " امش وراي
وانا اعلمك ...
وقبل يتكلم طلال تكلم ابوه يخاطب الولد : اركب وانا عمك ..
استحى الولد وبانت علامات الخجل .. على وجهه قرب من السيارة وركب في السيت
الخلفي وعيونه على كل العيال اللي يناظرونه وبداخلهم يتمنون لو كانو مكانه .. كانت
لمعة الفرحة بادية في عيونه وهو يتأمل داخل السيارة .. التفت له ابو طلال وابتسم
له : يقرب لك ابو راكان ؟
نزل عيونه وتكلم بخجل : ايه عمي اخو ابوي الله يرحمه ..
هز له راسه : الله يرحمه يارب ...
كان يدلهم الطريق الين وصلو بيت طيني صغير بجانبه عدد من البيوت وامامه امتداد
لارض مافيها بناء .. شاف مجموعة رجال قاعدين .. اكيد انهم رجال القبيلة مجتمعين
عند ابو راكان .. على طول نزل مشعل يركض ووقفو الرجال الا رجال واحد فيهم
ظل قاعد مكانه .. نزل ابو طلال ونزل بعده طلال اللي للحين مو قادر يستوعب اللي
هو يشوفه .. ومابين احساس الشفقة بداخله على هالناس وطبيعة معيشتهم تولد بداخله
احساس آخر انه بزواجه بينتشل انسانة من صميم الفقر .. سلمو على الرجال وقعدو..
انصدم يوم شاف ابو راكان وهالشي خلا احساس الشفقة يكبر اكثر من قبل حس انه
بهالزواج راح ينقذ عائلة كاملة من الفقر والألم .. ورسم بداخله نوع من الرضى انه
يعمل هالخير لهم .. الموضوع كان ممهد مسبقا .. واليوم هم يتقدمون بشكل رسمي ..
تكلم ابو طلال كرجل محنك واستمعو له باصغاء تام اما هو فضل صمت يوم تكلمو
الشياب .. اعجب في رجال القبيلة .. اللي يجمعهم مع بيت ابو راكان اواصر معرفة
وتقارب حتى لو من بعيد لكنهم جو اليوم يشاركونه هالفرحة : وابد والله يا ابو راكان
ان شاء الله اذا ربي كتب نصيب نعرفكم اكثر .. واي شي تبي تعرفه انا حاضر
هذا هو ولدي رجال كلن يشهد له بالصلاح .. ومو لأنه ولدي قاعد امدحه .. هذي
شهادة كل من يعرفه ..
بانت معالم الفرحة على وجه ابو راكان .. كان مستانس اليوم بخطبة نورة اللي من
اول والكل يدعي لها ربي يرزقها بالزوج الصالح تكلم بعد ما اطال التفكير : والنعم
والله يا ابو طلال .. رجالن طيب ومن نسلن طيب .. واحنا ياخوك نشري الرجال
ومانبي لبناتنا الا الستر ..
استمر النقاش والحوار بينهم قرابة الساعتين .. حتى صدح صوت الحق معلن دخول
وقت صلاة المغرب .. قامو بعدها كلهم للمسجد القريب .. وقعد ابو راكان يصلي
مكانه ..
رجع من الصلاة ومشى معاهم يلتمس الطريق .. بدا الظلام يحل .. والانوار قليلة
في هالمكان والبيوت فيها مكتفين بانوار عند الباب الخارجي بعضها مكسر والبعض
الآخر معطل .. جلس وهو ينتظر ردهم على كلام ابوه .. ومايدري ليش حس انه
يبيها يمكن احساس الشفقة اللي كبر بداخله خلاه يتحمس انه يعوضها عن هالحرمان
اللي تعيشه ..او يمكن لانه حس انها ممكن تكون مختلفة تناقض تمرد وشراسة حنين
اللي اتعبته تكلم مع ابو راكان بكل راحة وهو يحس هالانسان يدخل القلب من اوسع
ابوابه .. راحو الكل لبيوتهم وبقو هم وابو راكان وعيال اخوه بدون اي تعقيد للأمور
ابتسم بوجهه السمح لابو طلال وتكلم بكل حب : على بركة الله يابو طلال ..
ناظرو بعضهم مستغربين .. وتكلم ابو طلال يستفسر : يعني شلون تم الموضوع ؟
ابتسم له على طول : تم وانا اخوك .. ومتى ماتبون العرس والله مانردكم ..
هز راسه يبي يستوعب اللي ينقال .. هو توه مقرر يخطب وهذول وافقو ويتكلمون
عن العرس بعد .. : بس ياعمي الله يهداك شاور الأهل بالأول .. وبعد ابي اعرف
راي البنت ..
اشر له بيده بمعنى لا : بنتي رايها من رايي ماعمرها عصتني.. وانا قلت كلمتي والله
ما اردها ولا ابدلها ..
قبل يتكلم اشر له ابوه بيده يسكته : اجل توكلنا على الله .. وخير البر عاجله بس خلنا
نروح نبلغ الاهل وبعد العيد ان شاء الله نجي لكم بالمهر ونحدد العرس ..
تبادول هالاثنين الابتسامات وجلس هو بينهم مذهول .. ابد ماكان يتوقع يصير هالشي
يعرف الابو يشاور اهله ويسأل البنت عن رأيها ويردون عقب اسبوع او اثنين او حتى
يمكن اكثر .. توه مابعد استوعب وضعه الجديد .. حددو الملكة بنفس يوم الزواج حسب
عادات اهل هالديرة .. كان يقاوم كل الصراعات اللي بداخله .. صراخ من الاعماق
" يااارب هذا كله حلم " فتح عيونه وشاف كل شي قدامه .. سمع كل الكلام اللي مايبيه
شاف ابوه يطالعه .. وابتسم لابو راكان مجاملة .. استأذنوه ومشو راجعين للرياض
بعد ماطلعت لهم لمياء من بيت ام محمد اللي كانو مجتمعين فيه الحريم ..
قبلها بوقت وقبل مايجي طلال وابوه كانو البنات مجتمعين .. نورة ركبت راسها
ماتبي هالعرس ابد .. رغم كل محاولات اقناعها الا انها رافضة كليا لهالموضوع
وماتبي حتى النقاش فيه : يمه واللي يسلمتس مابي اطلع من الديرة .. لاحد يغثني
تسانه يبي العرس ياخذ شيخه ..
شهقت شيخة على طول وقالت باعتراض : يقال لي الحين بايرة يومتس تنازلتي
عنه .. حلال عليتس مابيه ولا ابي العرس ..
قربت منها خالتها ومسكتها مع يدها : هذا كلامتس ؟ وانا اقول نورة العادزل اللي
كلن يشاورها وياخذ رايها وشوله تركبين راستس وماتبين العرس يابنيتي اذا ماهوب
عشانتس عشان خواتس اللي ينتظرن نصيبهن يجيهن لا اعرستي .. هماه ابوتس
مايبي يزوج موضي الا عقب ماتعرسن انتي وشيخه .. كبري عقلتس ولا تظلمين
خواتس وانا خالتس ..
مسحت دمعة وحيدة نزلت من عينها وناظرت خواتها اللي يناظرونها : خواتي على
عيني وراسي بس عرس مابي .. انا من عرفت الدنيا وانا ماشوف الا هالديرة شلون
تبوني اروح لمتسان ما اعرفه .. ولا اعرف اهله .. وهاللي جايني وش اللي يدريني
تسانه صاحي ولا علومه شينة ..
ناظرتها امها بنظرة حانية .. وربتت على كتفها : اخوتس بينشد عنه .. وعن اصله
وفصله .. لاتكسرين بخاطر ابوتس ماشفتي فرحته يوم درا باللي جايينتس ..
سمعو صوت الباب وعرفو انها لمياء جايتهم ركضت نورة للحمام ( تكرمون) تبي
تغسل وجهها .. سحبت نفس عميق ومسحت وجهها بطرف كمها .. رتبت شعرها
ورسمت ابتسامة مغصوبة على شفايفها وطلعت سلمت عليها تكلمت معاهم وسولفت
كانت تشوف الفرحة بعيونها بس ماقدرت تتقبل هالفكرة ابد من امس وهي تعارض
وترفض ومحد سمع لها .. يشوفون في رفضها رفس للنعمة اللي المفروض تحمد
ربها عليها رغم انهم مايعرفون وضعه المادي ولايدرون مستوى الثراء اللي يعيشه
الا انه رجل عازب من المدينة معناها فرصة ذهبية يحسدونها عليها كل بنات ديرتها
بعد نص ساعة من جلستها معاهم استأذنتهم انها تبي نورة على انفراد ودخلت معاها
بالغرفة وسكرو الباب .. كانت نورة مبتسمة في داخلها لانها تدري انه كل شي بينقال
راح يسمعونه .. لانه البيت صغير والغرف متلاصقة .. جلست هي وياها بينهم دلة
القهوة .. بطبعها خجولة ماتعرف شلون تتكلم مع اي ناس من غير ديرتها .. لاحظت
لمياء ارتباكها وحيرتها .. مبين من حركة عيونها مو عارفة تركز نظرها على شي
معين : اليوم جيتك ابي اعرف رايك .. ادري انه صعب تفكرين وتقررين بيوم بس
ابي اعرف وش اللي جا في بالك ؟
حست بحرارة بوجهها .. اللي صار احمر من هالموقف .. : والله مدري وش اقول
لتس يا ابلة ..
مسكت يدها وظغطت عليها تبي تهدي رجفتها : ناديني لمياء .. مالها داعي الرسمية
رفعت راسها وابتسمت لها وحاولت توصل لها رفضها بافضل طريقة : انا مابي
ابعد عن اهلي وعن الديرة .. ماتعودت اعيش الا مع جماعتي وبديرتنا .. واخوتس
بيلقى اللي تسعده ان شاء الله .. " وترددت الحروف بداخلها .. كانت تحاول تقاوم
رجفة يدها .. وحرارة وجهها اللي تصاعدت " تكفين لا تحرجيني ..
احترمت رغبتها في الرفض .. شي طبيعي لانسانة عاشت 29 سنة من عمرها في
قرية كل من حولها بالنسبة لها اهل .. خصوصا انها لاحظت ان هالبنت محبوبة عند
كل اللي حولها : نورة انا مابي اجبرك على شي .. انتي فكري واستخيري وان شاء
بتلقين الخيرة في اللي كتبه لك رب العالمين ..
حاولت تعترض بس اشرت لها تسكت : لاتقولين شي الحين ولا ابي اسمع اي كلام
لافكرتي واستخرتي ردي لي .. واي قرار تتخذينه راح يرضي الكل ويرضيني حتى
لو رفضتي ..
نزلت راسها تفكر بكلامها ..بالاخير استسلمت لها كنوع من رد الجميل للإنسانة اللي
وقفت معها في اصعب ظروفها : ان شاء الله ..
كان كل شي بداخلها رافض لهذا الزواج بكل صوره .. هي تشوف ان العريس مو
مناسب لها .. او بالأصح هي مو مناسبة له .. ومنظورهم لها منظور شفقة مو اكثر
وماتبي تبني حياتها على اساس شفقة قد يتصدع او حتى ينهدم هذا الاساس اذا حست
انها بلا كرامة في زواج غير متكافيء بنظرها .. رجعو يجلسون معاهم بالصالة ...
كانت كل النظرات مصوبة عليها .. شافت بعيون موضي ترقب وهالشي زود الإلم
بداخلها " اعذريني ياموضي .. هالمرة بخيب رجاتس " غمضت عيونها وهي تسمع
سوالفهم .. وبداخلها دعاء يتردد انه ربي يصرفه عنها ..
بعد مامشو رجعو لبيتهم كانو رايحين بقلوب كلها فرح وترقب الا هي .. تمشي
وكأنها تساق الى موتها .. تدري انه مستبشر خير من كلامه امس .. بس هي الحين
بتخذله .. اول شخص يتقدم لها بحياتها بكل سهولة ماتبيه .. رغم انها بنظر الكل
عانس وهذي فرصتها الوحيدة الا انها رافضة هالفرصة مهما كانت النتائج .. دخلت
تصلي العشا .. وتمددت بالغرفة تبي ترتاح ارهقت نفسيا وجسديا هاليومين .. وماتبي
تتعب نفسها اكثر ..
سمعت صوته يناديها من الصالة وفزت على طول رايحة له .. شافت امها وخواتها
وسلمان قاعدين حوله .. جلست وهي تتجاهل نظراتهم لها .. : سم يبه ؟
اشر لها تجي جنبه : تعالي عندي وانا ابوتس ..
قربت منه وهي تحس قلبها يضرب طبول ماتدري شلون تقول له انها ماتبي هالعرس
نزلت راسها وناظرها ابوها .. شوي وتكلم : مثل ماتعرفين يابنيتي اليوم جاتس ناس
يخطبونتس .. وانا عطيتهم ..
فتحت عيونها على اتساعها تبي تتأكد وش اللي سمعته : وش عطيتهم ؟ " للحظة بس
استوعبت معنى كلامه وتساقطت دموعها على طول " شلون يعني ؟ الحين انت خلاص
موافق وقاضي وحتسيي مايغير شي ؟
ناظر زوجته مستغرب ردة فعل نورة هو كان يتوقع انه همها تتزوج مثلها مثل اي
بنت بس الحين تفاجأ بهالرد : انا عطيت الرياجيل كلمة .. وهقوتي فيتس ماتكسرين
كلمة ابوتس ..
التفت على امها وخواتها .. تبي احد يتكلم يقنعه يفهمه انها ماتبي تروح عنهم او تبعد
ماتبي هالعرس مادامه بيعيشها بعيد عنهم قالت بصوت مكسور : بس انا مابي هالعرس
يبه ..
ضغط على نفسه وحاول لأول مرة يكون صارم معاها بكلامه : نورة .. انا قلت كلمتي
وما اعيدها .. انا ابوتس واعرف مصلحتس اكثر من نفستس ..
قامت واقفة وهي مو مصدقة انه هذا كلام ابوها او تفكيره : بعتني يبه ؟ يوم شفت المال
والجاه اللي بيجي لك من هالعرس بعتني رميتني لهم انا نورة الغالية ترميني لهم عشان
وصخ دنيا ؟
قاطعها بلهجة حازمة : انا مابعتس ولا رميتس .. انا شريت الرجال اللي جاين عشانتس
وماقلت كلمتي الا وانا عارف ان الله مايخيبني ..
شافت شيخة تقوم وتدخل الغرفة .. بدت دموعها تغرق خدودها وهي تحاول تستوعب
اللي يصير .. مجرد اجبارها على الزواج اهون مليون مرة من فكرة انهم باعوها بدون
حتى مايشاورونها .. : يبه انتو حتى مانشدتو عنه .. ماتدرون هو صاحي ولا مجنون
ارخصتني وانا اللي كنت اظن اني غالية عندك .. شلون تبيه يقدرني اذا اهلي ماقدروني
تسنكم ماصدقتو احد يطق الباب ورميتوني عليه ونزلت راسها وبدت تنشج نشيج يقطع
القلب .. غطت وجهها وراحت للغرفة بعد ما التزم الجميع الصمت كان كلامها موجع
مؤلم .. ابوها كان يبي يسعدها مادرى انه بيشوف دموعها بس هو ما ارخصها .. يبي
لها السعادة ورضى بالانسان اللي توسم فيه الخير جاتها امها وشافتها قاعدة بركن الغرفة
الصغيرة حاطة راسها على رجلينها وتصيح .. : بس يانورة .. بس وانا امتس لاتقطعين
قليبي والله انه مايهون علي صياحتس .. يابنيتي محد ارخصتس الشاهد الله كلنا نحبتس
ونغليتس .. وابوتس ما رضى باللي جاتس الا وهو عارف انه رجال ..
رفعت راسها لامها .. كان خشمها احمر من الصياح .. ناظرت دمعة بعين امها : ياليته
غصبني عقب مانشد عنه .. وربي ارحم علي من هاللي يصير الحين .. تهقين وش قال
الرجال علي ؟ طايحة بتسبودهم .. ماصدقو يجيهم اول معرس ورموها عليه ..
مسحت على شعرها الطويل وسكتت ماتدري وش تقول لها .. كلامها جدا في الصميم
رجعت نورة دفنت راسها بين يدينها وقعدت تصيح احساس مقيت اللي يراودها بهاللحظة
هي طول عمرها تتمنى تتزوج مثلها مثل كل اللي بعمرها واللي الحين عندهم عيال بعد
بس ماكانت تبي تتزوج بهالطريقة المهينة .. حست بأنها كانت عبء ثقيل على اهلها
هم ماصدقو حصلو اول فرصة وتخلصو منها .. تجاهلت كل اصوات التهدئة حولها
ماكانت تبي احد يخرجها من دوامة معاتبتهم حتى ولو كانت بداخلها .. كل تفكيرها راح
له هو .. ماتلومه ابد لو ظن انها انسانة رخيصة مالها اي قيمة تذكر .. تسائلت بداخلها
كيف ممكن هالشخص يقدرها ويحترمها وهو يشوفها بضاعة بيعت له بثمن بخس ..
وقت طويل مضى عليها وهي في مناحتها .. حست بصدرها يألمها من كثر النحيب ..
رفعت راسها ومسحت وجهها بظهر كفها .. شافت موضي قاعدة جنبها ويدها على
راسها .. حاولت تبتسم لها بصعوبة وماقدرت .. رمت نفسها بحضنها ورجعت لها
نوبة الصياح من جديد تكلمت بصوت متقطع من بين شهقاتها : يبون يبعدوني عنكم
ياموضي .. والله مابي اروح انا شلون اقوم الصبح وما اشوف امي وابوي بالصالة
من اللي يكد لمنيرة شعرها ؟ من اللي يحنيكن ويخيط لكن هدومكن ؟ علميني ياموضي
شلون لا جا المطر ما اطلع معكن نتمشى بالمزارع .. و .. و وضاع منها الكلام بوسط
شهقاتها ..
ضمتها بقوة وهي تمسح على ظهرها : كلنا بنعرس وبنروح يانورة ..
قاطعتها بسرعة : بس انا مابي اروح .. الله يخليتس قولي لهم ابي اقعد معكم .. تكفين
ياوخيتي .. ورجعت تبكي بصوت اعلى .. ماكانت تحس باللي حولها .. حزنها اكبر
واعظم من مقدار تحملها ..
نزلت دموع موضي عليها .. وحولها خواتها يناظرونها .. كلهم ساكتين ودموعهم
على خدودهم .. تلاشى صوت بكائها .. وهدت انفاسها عرفت انها اكيد الحين نامت
اشرت لشيخة تقرب منها .. مسكتها شيخة ومددتها على الارض ولحفتها ..
ليلة كان المفروض تحمل لهم الفرح .. باتت واحدة من اتعس الليالي اللي مرت عليهم
بحياتهم احساس حسرة كبير بداخل ابو راكان من سمع كلام بنته .. يمكن هو تسرع
بس كان هدفه انه يسعدها ويعوضها عن حرمانها ليلة كئيبة مرت ببطء شديد عليهم
رغم محاولتهم انها تمضي مثلها مثل كل ليلة ..
كانت ساكتة طول الطريق من ركبت معاهم .. رغم انها حست بداخلها كلام كثير
ودها تقوله .. ودها تعرف وش انطباعهم عن اهل القرية وحياتهم .. متأكدة انهم
انصدمو مثلها اول ماجات لهالمكان .. ماكانت تظن ابد انه في اماكن تعيش بفقر
وحاجة مثل اللي شافتهم .. تجربة غيرت بداخلها الكثير وجعلت منها انسانة تحب
العطاء بغير حدود .. كانت ترد على تساؤلات ابو طلال باختصار .. تعتبره مثل
ابوها .. شخصيته مشابهة لشخصية ابوها الشيء الكثير .. جبلو على حب الخير
والتفاني والعطاء الدائم .. وانزرع هالشي بداخلها من الصغر .. ونما هالاحساس
وكبر بعد ماكانت تروح مع امها للجمعيات الخيرية وتحضر الندوات فيها .. لكن
تعيينها في هالقرية خلاها تتعايش مع هالواقع وتفهم احتياجاتهم ومشاعرهم وكل
اللي يفكرون فيه .. احبت القناعة والرضى بالقضاء والقدر هالصفتين يملكونها
وكأنهم ملكو كنوز الارض ..لاحظت صمته من اول مامشو غارق في دوامة من
الافكار .. هالشي مبين على ملامحه تبي تجلس معاه وتوصل له رد نورة اللي
قالته لها .. تبيه يتقبل الرفض لو صار بأي وقت .. ماتنكر انها صدمت برفض
نورة القاطع .. خيل لها انها بهالعمر راح تتحين اي فرصة وترضى .. لكن كان
تفكيرها مغاير لتوقعاتها ...وصلو الرياض وتوجه للبيت ونزلت معاهم .. كانت
تبيه .. تبي تعرف وش اللي دار في باله .. اي شي ممكن يقوله لها عن هاليوم
من حياته دخلت وتوقعت تلقى احد من البنات او خالتها ام طلال بس مالقت احد
قعدت بالصالة اللي فوق تنتظره دخل غرفته على طول وابو طلال دخل جناحه
اكيد بينام بعد هالمشوار المرهق شخص عملي الى ابعد درجة .. طال انتظارها
وهو بعده ماطلع مشت رايحة لجناحه وطقت الباب بهدوء انتظرته يرد بس ماسمعت
شي .. طقت اقوى من اول وفتح الباب على طول : اووووه عسى بس ما ازعجتك؟
رفع حاجبه وناظرها : يمكن 3 ساعات الا ربع رايح .. وكثرهم راجع وماشي حول
الـ 700 كيلو ابي ارتاح جايتني الحين وش تبين ؟ قولي لي بعد تبين العرس باكر ؟
زمت شفايفها وحاولت تخفي ابتسامتها : بتنام يعني ؟
زفر بغضب وهو يحاول يضبط اعصابه ماينفجر فيها :لا ابي منك الإذن لو سمحتي
خير وش عندك ؟
لفت بتروح عنه مبين مزاجه مو متقبل شي .. هذا لو قالت له انها رافضته وش يقول
لها : سلامتك روح نام بس ..
مسكها من يدها قبل تبعد : لمياء عندك شي تكلمي ترى مزاجي مقفل وواصلة معاي
لاتخليني احط حرتي فيك ..
فكت يدها وقعدت تفرك مكان مسكته : مافي احد بالبيت مادري وينهم .. قلت اقعد
معاك نسولف ونتناقش بالموضوع .. ابي اعرف رايك ..
طلع يمشي قدامها رايح للصالة يقعد فيها .. وانتظرها تجية وراه : رايي ؟ يابنت الناس
حيل الله اقوى .. وش اقول بس كله من تحت راسك يالسوسة ..
قعدت قباله وقالت ببراءة : وش مسوية انا عاد يقولون يابخت من جمع راسين بالحلال
وانا البنت معجبتني من زمان وماعندي اغلى من اخوي اتمناها له ..
رجع راسه على ورى ومسك جواله يناظره : سويتي اللي براسك وخلصتي ؟ جاية
تغثيني اليوم بعد .. ليش ماتروحين بيتكم تشوفين ابوك واخوانك تقابلينهم وتقعدين معهم
اطلقت ضحكة عالية على اسلوبه .. وناظرها بتعجب : قايل شي يضحك ؟
تجاهلت نظرته وهي تضحك : انا مادري انتي ليش معقد حياتك ياخي عيش ببساطة
اضحك فرفش شوي .. كل شي ماخذه بجدية ..
ابتسم نصف ابتسامة وهو يناظرها : نفس كلام سما .. تشبه لك كثير هالبنت .. احس
انك انتي اللي اختها مو رسيل ..
ضحكت على كلامه : حتى خالتي تقوله .. وميساء بعد تقول انه رسيل اختها وسموي
اختي ..
حط الجوال على الطاولة ومسح وجهه بيده : لا رسيل مغرورة شوي .. يمكن بينهم
نفس الاهتمامات بس الشخصية فيها اختلاف ..
استغلت فرصة انه رايق وبدا ياخذ ويعطي معاها بالكلام وحاولت تجس نبضه شوي
بطريقتها : اليوم تكلمت مع نورة ..
ناظرها مستفهم : من نورة ؟
كشت على وجهه وهي مبتسمة : رايح هالمشوار كله وتخطب ماتدري وش اسم اللي
متقدم لها ..
ضحك بصوت عالي وهو يحس بغبائه : الا اعرف اسمها بس ماجت على بالي ابد ..
" وحاول يبين عدم اهتمامه " امممم .. وش فيها ؟
رتبت الكلام قبل تقوله وتكلمت : تبي الجد تفاجأت انها رفضت الكلام في هالموضوع
" لمحت نظرته المصدومة هو بعد .. بس كملت كلامها " لكن جلست معاها لحالنا و
حاولت اقنعها .. ومارضيت الا وانا ماخذة كلمة منها انها تفكر وتستخير ..
ركز في كلامها وهو يحاول يستوعب انه رايح يخطبها وهي ترفضه : ترفضني ؟
حاولت تفهمه الموضوع شوي شوي : مو ترفضك بس بعدها مو متقبلة فكرة انها تبعد
عن ديرتهم ومحتاجة وقت تفكر فيه وتستخير ربها ..
ركز نظره على عيونها يبي يتأكد اذا هي فعلا صادقة بكلامها ولا بس تقول هالكلام
تجس نبضه : وهي عندها غير هالخيار عشان ترفض ؟ .. ومن قال انه بكيفها اصلا
ابوها تكلم وتفاهم معانا وانتهى الموضوع .. وبعد العيد بنروح لهم نحدد موعد العرس
قاطعته قبل يكمل كلامه : طلال وانت كل شي بالدنيا بتاخذه عناد .. قلنا لك اخطب
قلت ماتبي .. والحين اقول لك البنت مو مقتنعة تقول مو بكيفها ..
وقف وهو متنرفز من اللي سمعه آخر شي توقع انها ممكن حتى تتردد مو عاد ترفضه
يحس انها بتلقاها فرصة وجتها من الله ولازم تستغلها ولا ضاعت عليها : مو عناد
يابنت الناس .. بس احنا اتفقنا وانتهى الموضوع ورفضها او موافقتها ماتغير شي ...
بعدين تحمد ربها اللي جاها واحد مثلي .. وهي بهذيك الديرة من اللي بيعرفها ولا
بيدري عن بنت اسمها نورة .. وقال ايش مو مقتنعة ..؟ استغفر الله بس
ومشى نازل مع الدرج ..
قامت وراه تبي تلحقه : طلاااال .. وين رايح انت ؟ الحين هي ترفض وتعصب علي
انا .. " شافته ماشي ولا يلتفت لها ابد صرخت بأعلى صوتها " يااامغرور ..
وقفت مكانها وهي مقهورة منه .. الحين خلاها بالبيت لحالها ومحد فيه .. لو طلع ابو
طلال ولا جا سامي وهي بصالتهم .. مسكت الجوال بتدق على احمد اخوها يجي
يمرها بس نزلت الجوال يوم شافت ام طلال وبناتها داخلين البيت .. على طول نزلت
لهم وراحت تستقبلهم : ياهلا والله ومسهلا ..
طنشتها رسيل وهي تفصخ صندلها العالي ( تكرمون ) وراحت لها سما ركض : لمو
يالله حيها .. قولي انك بتنامين عندنا اليوم ..
ابتسمت لها ام طلال وقربت منها تسلم عليها : اجل قاعدة لحالك بالبيت ؟
ضحكت لها : ايه ولدك قليل الخاتمة حطني وراح وخلاني ..
سحبتها سما من يدها وبدت سيل الاسألة اللي ماينتهي عن تفاصيل يومهم وردة فعل
طلال .. وشلون العروس وهالتفاصيل اللي تصير بكل خطبة .. وجاوبتها لكل شي
الا انها ماعلمتهم برفض نورة لطلال .. ولفكرة الزواج من خارج الديرة ..
لاحظت عدم اهتمام ام طلال بالموضوع وكأنها رضت انه يبي يتزوج بس مو مقتنعة
بالعروس .. اما رسيل تركت الجلسة كلها لان السوالف بالنسبة لها ضيقة صدر ..
الوحيدة اللي كانت مستمتعة بهالتفاصيل هي سما .. تحس انهم على مشارف تجربة
جديدة يعيشونها بهالبيت ..
طلال اللي من طلع وهو يحس بنار تغلي بصدره .. جرح لكبريائه ترفضه وحدة اقل
منه بكافة المستويات .. لا في تعليم او مادة او حتى مستوى اجتماعي وهذا بحد ذاته
اعتبره اكبر اهانة له تلقاها بحياته .. صحيح هو ماكان يبيها وماحس انها مناسبة له
بس في الاخير هالزواج كله مايفرق عنده لكن انها ترفضه هذا شي ثاني .. ماكان حاط
في باله ابد انها تتردد بالموضوع .. لكن بالنسبة له كون انها رفضت هذا شي كفيل انه
يشعل كل مشاعر الغضب والتمرد بداخله .. مايتوقع ابوها يغير رأيه بعد ما اعطاهم
كلمة .. البدو معروفين كلمتهم وحدة ومستحيل يغيرونها .. وكلام لمياء خلق بداخله
نوع من التحدي .. اللي ماراح يخسره ابد ..
لمت شعرها القصير ومسكته بشباصة وهي ترتب بادراح الدولاب .. سحبت دفترها
الوردي اللي كانت تكتب فيه كل مذكراتها قبل ماتكبر وتترك هالدفتر للذكريات ..
قلبت في اوراقه وهي تسترجع آلامها .. هذا الشي الوحيد اللي كانت تشكي له بلا
توقف ..
" يمه اليوم حرقو بنتك .. وينك تشوفين شلون شوهوها ؟ "
التاريخ ١٢ - ٥ - ١٤٢٠ هـ
قبل ١٠ سنوات وكم شهر كانت بعمر الـ ١٣ وقتها ولانها رفضت تدخل غرفتها قبل
يجون ضيوفهم .. اوسمت جسدها بملعقة سخنتها على النار لحد ماتغير لونها .. ابدا
ماشفع لها صراخها وترجيها .. كانت قاسية قلبها جامد لايعرف الرحمة .. تلذذت في
تعذيبها وسماع تأوهاتها كانت تستمتع وهي تشم رائحة جسدها المحترق .. غمضت
عيونها وهي تكتم آهة بصدرها .. قلبت الأوراق بسرعة وفتحت على صفحة فاضية ..
دورت بين اغراضها على اي قلم راحت لدرج الكومدينة واخذت القلم وتركت المجال
لقلبها ينزف حروف نثرتها على هالصفحة ..
" امي ..
يا اعذب كلمة حرمت منها منذ الصغر .. استفيقي من سبات الماضي ..
دعي الأقدار تهديني حضورك ذات ألم ..
وازرعي الأحلام فيني جدديها .. ايقظي فيها الحياة بعد
ان تمادو بتعذيبي وابادوها ..
امي ..
وخالق السماء قتلوني .. قتلو طفولتي وصباي في مهدها ..
اوجعوني حد احتراق الجسد والقلب معا ..
وبت انزف اوجاعي قطرة .. قطرة .. وانزف معها بقايا الأمل ..
فما عادت الأحلام تهبني وجهك ذات اغفاءه ..
وما عادت الذاكرة قادرة على استرجاع
ملامحك المنسية ..
امي ..
ورب المصحف الشريف .. وأدوا صغيرتك حين غرة
والقوا بها في غياهب بئر الحياة ..
بلا طوق نجاة .. او حتى بصيص أمل "
رفعت نظرها وشافته جاي لها .. خبت الدفتر تحت المخدة وكأنها تخبي آثار جريمة بشعة ..
وقف عند باب الغرفة وركز نظره عليها : تعالي وراي للصالة ..
هالطلب كان كفيل انه يزرع بداخلها خوف عظيم منه " يااااارب اكفيني شر منال " تسارعت
نبضات قلبها وهي تمشي وراه كانت تحس انها تساق لموتها .. جلس على الصوفا الطويلة
باللون العنابي الفخم وانتظرها هي تجلس بعد .. وقفت مكانها وهي تدعي ربي بداخلها يهديها
الأمان .. رفع راسه وناظرها : اجلسي ..
ارتبكت وقعدت على طول .. كانت مركزة نظرها عليه تبيه يقول لها كل شي ثواني الانتظار
كفيلة انها تقتلها شوي وشافته يطلع من جيبه جوال ومده لها .. برودة سرت بجسدها وعجزت
حتى انها تمد يدها تاخذه " صوري .. شاف صوري معاه يارب خذ عمري قبل لايعذبني "
صحاها من مخاوفها صوته الهادي : هذا جوالك .. خذيه ..
ما استوعبت كلامه بعده الخوف مزروع بقلبها .. رفع صوته اكثر : ديما خذي الجوال ..
مدت يدينها المرتجفة وهي تصارع خوفها منه كمل كلامه بلهجته الصارمة .. : لا تمسحين
السجل ابد .. كل يوم باخذه واراجع سجل مكالمات اليوم كله ..
ابتسامة سخرية ارتسمت على شفايفها " يا الله وش هالغباء اللي تعيشون فيه .. راقبو اللي
تستحق المراقبة "
هزت له راسها وقالت بصوت اقرب للهمس : ان شاء الله ..
ثواني صمت وتكلم بعدها : انتبهي لنفسك يابنتي .. ترى البنت اهم ماعليها سمعتها ..
" بنتك ؟ .. بنتك .. لاتمثل الدور مو لايق عليك دور الأبوة .. بنتك اللي انت تقصدها تلعب من
وراك .. " نزلت راسها وهي تسمع باقي كلامه .. وبعد دقائق مشى طالع من البيت .. هذا
هو ابوها من عرفته ظالم اغلب حياته .. مع لحظات تحس بداخله ندم وهاللحظات ماتكون
الا اذا صارت مرة ابوها مو فيه .. فتحت جوالها المغلق من فترة طويلة .. وقعدت تقلب
فيه .. اول شي جا على بالها انها تكلم عمتها .. على طول اتصلت عليها وسمعت صوتها
اللي تحبه .. بعد ماسكرت منها رجعت لغرفتها سحبت الدفتر من تحت المخدة واعادت
قراءة اللي كتبته تساقطت دموعها على خدودها بغزارة .. كان الحنين يقتلها يمكن لو تعرف
انها ميتة ارحم ..على الاقل تفقد الامل .. لكن هي تجهل كل شي ودوامة التساؤلات انهكتها
عاشت هالعمر كله صراعات .. كان التعذيب الجسدي بالنسبة لها ارحم من احساس الفقد
اللي تعيشه .. وملامح الضياع اللي تعتريها .. رجعت الدفتر مكانه بآخر درج بالدولاب تحت
كل اغراضها القديمة واللي مازالت تحتفظ فيها سحبت من بين هالاغراض .. قلادة صغيرة
دائرية من الخشب .. مربوطة بحبل جلد ومحفور عليها بخط ركيك اسمها ابتسمت وغمضت
عيونها وهي تسترجع ذاك اليوم بصعوبة .. لانها ضاعت منهم على البحر وقعدو تقريبا حول
الساعتين يدورونها .. اهدى لها هذي القلادة بعدها بكم يوم .. ضحكت على تفكيرهم بذاك
الوقت .. يتخيلون من ابسط واتفه الامور انهم يقدرون يحلون اصعب المشاكل .. وهو كان
بالنسبة لها حلال كل المشاكل .. رجعت للواقع بخليط مشاعر مختلفة .. حنين وامل وخوف
وترقب حست ان رضى ابوها عليها اليوم حافز لها انها تدلع نفسها مادام محد اصلا يذكرها
اتصلت على احد المطاعم وطلبت لها وجبة عشا .. حطت جوالها على السرير وقفلت عليها
الجناح ودخلت تتسبح ...
/
\
/
\
اول ايام شهر ذي الحجة .. توه واصل الديرة عند اهله اللي كانو صايمين التطوع ..
سلم عليهم واستقبلوه كعادتهم بفرح .. لاحظ هدوء نورة الغير معتاد يعني فرحتها
هالمرة اقل من العادة وهي اللي دايم تستقبله بفرح كبير .. جلس معاهم وانتظرو اذان
المغرب وافطرو على قهوة وتمر .. وبدت السوالف تاخذ مجراها الطبيعي قال له ابوه
على خطبة خواته الثنتين وبلا شعور منه راحت عينه لشيخة .. رغم احساس السعادة
الكبير بقلبه بس يبي يتطمن عليها وعلى مشاعرها .. شافها ماسكة طرف
شيلتها وتلفها على اصبعها : تبيني اقول بعد حتسي المطوع شي يبه .. وهو الصادز
لاترد نصيبها .. وهذا هي نورة جاها نصيبها .. وشيخة ان شاء الله بتلحقهن ..
ابتسم ابو راكان على كلامه .. رغم انه بعده صغير الا انه يحب يحسسه باهميته
بهالبيت وانه رأيه لازم يأخذه بعين الاعتبار التفت على بناته وركز نظره على موضي
اللي ذابت مكانها من الخجل .. : موضي ..
مارفعت عينها له لانها تدري وش بيقول لها .. وانتظرته هو يتكلم ويقول لها كل
اللي يبي : مثل ماتعرفين المدرس اللي جا خطبتس من اسبوع .. وهالحين ابي اعرف
رايتس ؟
صرخة تمرد بداخل نورة " وتثبتها قدامي يبه ؟ تسألها هي وانا محد شاورني " حست
بألم كبير بداخلها .. لان موضي صغيرة والعمر قدامها شاوروها اما هي ماصدقو احد
يتقدم لها ووافقو على طول .. بدون مايحسبون لمشاعرها وكلامها اي حساب ناظرت
وجه موضي المستحية وللحظة بس حسدتها على موقفها اللي هي فيه .. تمنت انها
مثلها تخير وتوافق بكل فرحة طلعت كلمة موضي اللي الكل متوقعها : الشور شورك
يبه ..
ماكانت محتاجة انها تنطق لهم موافقتها .. الفرح كان مبين على وجهها من يوم جا
وتقدم لها .. التفت ابو راكان على ولده : بس ياوليدي نبي ننشد عن الرجال واهله ..
رفعت نظرها وطالعت ابوها بتعجب " يبه خلاص .. الحين تأكدت انك مرخصني "
كانت تقاوم غصة مريرة بحلقها .. لامت نفسها ليش زعلانة عليه هو معاه حق كل
هالسنين وهي في مجتمعها وديرتها عانس .. يكفي لاقابلت حريم الديرة كلهم تشوف
بعيونهم نظرة الشفقة وكلمة وحدة دايم يرددونها لها " الله يرزقتس بالزوج الصالح "
هالكلمة يقولونها حتى قبل مايسألونها عن اخبارها او وش مسوية ..
قامو البنات وراحو للغرفة ووقفت موضي ترقص من الوناسة وقامت تتكلم بصوت
هامس : بعرس ياناس بعرس " ورفعت يدها للسماء " يالله لك الحمد والشكر .. يارب
لاتخيب رجاي ولا تنكد علي فرحتي ..
منيرة ضحكت بصوت عالي .. وحصة ترقص معاها .. نطت شيخة وسكرت فم
منيرة لايطلع صوتها ويعرفون ان موضي انهبلت عليهم ..
للحظة بس ابتسمت غصب عنها .. الفرحة بعيون موضي كانت كفيلة انها تنتشلها
شوي من احزانها وتشاركها فرحتها .. حطت يدها على فمها وهي تناظر موضي
اللي فلت شعرها وقامت تلفح به وهي تغني : مباركين عرس الاثنين .. ليلة ربيع
وقمرا ..
سكتو كلهم يوم شافو راكان واقف على الباب ميت ضحك على شكلها .. اما هي
كانت مستمرة في اعلان فرحتها .. انتبهت لهدوئهم ورفعت راسها وهي تبعد شعرها
اللي انتفش كالعادة .. ويوم شافت راكان حست بالفشيلة وقعدت مكانها ضحك على
شكلها بصوت عالي وحب يمازحها : والله لو يشوف شوشتس ليهون ..
حطت يدها على وجهها تغطيه من الفشلة وضحكو عليها خواتها .. طلعت منيرة من
من البيت رايحة لبيت خالتها تعلمهم بهالخبر الحلو ..
وبعد صلاة العشا على طول تعشو وقعدو بالصالة .. الا نورة اللي كانت تبي تقعد
لحالها بالغرفة .. اما هو كعادته كل مايجي للديرة لازم يسأل عنها وعن اخبارها
واكيد خواته مايقصرون يقولون له كل سوالفهم ..
من بكرة بعد صلاة الظهر راح لابو مساعد اللي يعتبر صلة الوصل بين اهل القرية
والرياض .. كان توه جاي ماخذ حمولة حطب يبي يروح يبيعها لاهل الديرة بالرياض
قرب منه وسلم عليه .. وبعد السؤال عن الاخبار والاحوال مد له ورقة : شوف ياعم
هذا رقم خويي ابيك تدق عليه وتقول له ينشد لنا عن هالرجال وعن اهله .. وانت لا
جيت ليلة العيد ابي اخذ منك العلم كله ..
ابتسم له مساعد واشر له على خشمه : ابشر على هالخشم .. ان شاء الله انه رجلن
صالح .. وعسى الله يكتبه من نصيب وخيتك ..
ابتسم له بامتنان : يالله يارب ..
رجع لبيتهم وهو يمني النفس انه يلمحها لو شوي .. بس للأسف كان الباب مسكر دخل
للبيت وفتش اغراضه وطلع من بينهم خاتم حلو شافه بالسوق واعجبه .. كان اكسسوار
لانه ابد مايقدر يشتري ذهب .. بس من شافه وهو يتمنى تزين به يدها .. لفه بقطعة
قماش مرمية من بقايا قصاصات القماش اللي يخيطونه خواته .. وصوت على سلمان
يجيه .. على طول جا له ركض وهو فرحان .. ابتسم على شكله وحاول يعيش معاه
دور الاخ الكبير وتكلم بجدية اصطنعها : ليش ماجيت الصلاة ؟
ارتبك وقعد مكانه : والله اني بلحقكم بس يوم توضيت ولا هو بآخر ركعة وصليت
بالبيت ..
سحبه من يده وقعده جنبه .. : لو اعلمك سر ماتقول لاحد ؟
هز راسه فرحان : لا والله ما اعلم احد ..
ناظره يبي يتأكد : اكيد ؟
لحس اصبعه ومرره على رقبته بحماس : ورب الكعبة ما اعلم احد .. وعساني اموت
مسك يده وهو يضحك : بس .. بس صدقتك ..
مد له اللي بيده وعطاه : روح بيت خالتي ولا تكلم احد ابد واذا شفت هيا عطها هاللي
بيدك .. ولا سألت من وين لك .. قول لها من راكان ..
فتح عيونه متفاجيء وقبل يستفسر كمل راكان : اصه .. لا تقول شي هالحين روح
وانت ساكت ولا قالت لك شي علمني .. ايه واذا لقيت عندها احد نادها بلحالها ..
هز راسه له .. ويوم حس انه مو فاهمه رجع يعيد له الكلام : فهمت علي زين ؟
مسك اللي بيده وقعد يردد الكلام يبي يتأكد انه فاهم : اروح لبيت خالتي واعطيه لهيا
واقول لها من راكان .. وما اعطيها الا لاصارات بلحالها .. وما اعلم احد عشان ربي
مايحطني بالنار ..
ضحك عليه وعلى تفكيره .. وهز له راسه : اجل يالله روح ..
وعلى طول قام من مكانه ركض على بيت خالته .. وهو يحس انه فرحان بهالثقة
اللي عطاها له راكان ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:14 PM
بيدها مصحفها وتقرأ ماتيسر من القرآن .. وهي تسمع صراخ سارة اختها على
محمد ومشعل اللي يلعبون كورة بالبيت .. بعدها سمعت صوت سلمان وهو يدور
عليها سكرت المصحف ورفعت راسها تناظره وهو واقف عندها : خير وش تبي
تلفت حوله وهو خايف احد يشوفه وجا قعد جنبها ومد لها الخاتم بكل هدوء ..
اخذته منه ورفعته تناظره : وش ذا ؟
نزل يدها يبيها تخبيه لا يجي احد ويشوفهم : لاحد يشوفه .. هذا " وبعد تفكير "
مدري وشو بس عطاني اياه راكان ..
من سمعت الاسم تسارعت نبضات قلبها وضغطت على اللي بين يدينها وهي تقاوم
رجفة يدينها .. رفعت نظرها له تبي تتأكد من اللي سمعته .. : وش قال لك ؟
قرب وجهه منها وقال بصوت هامس : والله قال لي وده لهيا ولا تعلم احد ولانشدتك
من وين لك قول لها من عند راكان ..
اتسعت ابتسامتها وزادت فرحتها باللي سمعته .. اشرت له يروح خلاص بس هو
وقف مكانه : هو يقول علمني وش تقول لك ؟
ضحكت من قلب وطنشته : اقول توكل بس ..
برطم على طول وطلع وهو زعلان عليها راجع لبيتهم .. اما هي قامت وسكرت
باب الغرفة وفتحت الخرقة اللي ملفوف فيها الخاتم .. اول ماشافته فرحت فيه ..
يمكن هي ماتعرف وش قيمته بالضبط او بالاصح مايهمها .. الاهم انه من حبيب
قلبها لبسته في يدها وضحكت على طول .. كان واسع شوي حتى بأصبعها الاوسط
هي معروفة انها شديدة النحافة .. واكيد هو يعرف هالشي بس بعد وش اللي يعرفه
وش هو مقاس اصبعها ..
سعادتها بهالخاتم لانه ذكرها .. ولانها بباله ومانساها .. مانسى هيا اللي من صغرهم
وهم يحبون بعض .. وهي تنتظر بس متى يتخرج ويتزوجون .. بطبعهم وعاداتهم
الملكة تصير بنفس يوم الزواج ماعندهم فترة ملكة او فترة يتعارفون فيها المخطوبين
او غيره .. هالعادات مابعد صارت عندهم ولا حتى يقتنعون فيها زواج تقليدي على
الطراز القديم نفس ابائهم واجدادهم ..
فتحت سارة الباب بقوة وهي متنرفزة وواصلة حدها على طول خبت يدها بحجرها
وهي تتجاهل نظراتها : وش يبي منتس سلمان ؟
مسكت المصحف ورجعت فتحته وهي تحاول ماتركز نظرها فيه : ابد جاي يسولف
لي عن راكان مثل دايم ..
جلست وهي ترتب خصلات شعرها الطايرة : قولي يا الله اني اعرس على واحدن من
الرياض مثل بنات عمي .. وياخذني من هالفقر ورداة الحظ واطلع واشوف الدنيا
والناس شلون عايشين ..
ناظرتها بتعجب وقالت باستفهام : وش فيها ديرتنا ؟ عسى ماهيب عاجبتس ؟
تجاهلت نبرتها المستهزأة وتكلمت بكل اندفاع : لا ماتعجبني وابي الفكة منها اليوم
قبل باتسر .. ياعساني اغمض عين وافتحها ولا انا بالرياض ومطلقة هالفقر ..والله
لو اعرست على واحد من الرياض يا هالديرة ماعاد اطبها ولا اجيها ..
تكلمت بنرفزة وهي تحاول تدافع عن ديرتها : انتي مغسول مختس .. مدري من اللي
لاعبن عليتس وقايلن لتس بتلقين السعادة لا رحتي هناك ..
قالت بحماس : ايه .. لاصارن الفلوس بيدي والعب بهن على كيفي بحس السعادة ..
قامت وحطت المصحف على التجوري اللي بطرف الغرفة .. وقعدت جنبها تبي
تقنعها بكلامها : سويرة ومن قال لتس ان السعادة بالفلوس ؟ هذانا مستانسين واحنا
اللي مانلقى شي ناكله بالايام ..
هزت راسها مو مقتنعة بكلامها :وش وناسته ياحسرة وانا اسمعتس كل ليلة تصيحين
واخواني وامي وعيال عمي .. لا تنصبين على نفستس ياهيا .. محدن يعيش بالفقر
مبسوط .. ماغير ضيقة وهم وكدر ..
ولمحت الخاتم اللي بيدها .. هيا اول مانتبهت لنظرتها خبت يدها ورى ظهرها وهي
مو عارفة وش تقول لها .. سحبت يدها وشافت الخاتم : هيا ؟ من وين لتس هالخاتم ؟
نزلت راسها مستحية وعرفت على طول سارة انه من راكان .. : ذهب ؟
هزت لها كتوفها : مدري ..
كشت على وجهها على طول وتكلمت بغرور : قلت لتس وجيه فقر .. حتى الذهب
مانعرف له .. " طلعته من اصبعها وقعدت تطالعه " والله ماهقيت راكان يجيب لتس
ذهب .. من وين له ياحسرة ..
سحبت الخاتم من يدها وقامت على طول : وانتي وش عليتس مني ومنه .. يجيب لي
اللي يبي انا راضية فيه ومعجبني ..
خذت الخرقة المرمية ولفت الخاتم فيها وخبتها مع باقي اغراضها وطلعت للصالة مع
امها .. وهي تشوف اخوانها يشوتون الكورة في صالتهم الصغيرة ..
/
\
/
\
مضت الايام واقبل عيد الاضحى يحمل معاه تباشير الفرح وصول العم مساعد بعد
المغرب يحمل لهم اخبار سعيدة انتظروها من اسبوع .. وصلهم كل كلام الوليد عن
نايف واهله .. كلن يمدحهم ويشكر فيهم .. تهلل وجه ابو راكان بعد ما ارتاح من
حمل ثقيل كان على صدره .. اي ابو في الدنيا همه يزوج بناته بالأخص لانه يبي
من يسترهم ويكون لهم سند بالدنيا .. قعدو برا وكل من مر من عندهم بارك لهم
بالعيد كانت موضي تعيش اسعد ايام حياتها بعد ماحمل لها هاليوم اجمل خبر كانت
تنتظر سماعه من ايام .. جاهم سلمان يركض من بعيد وبيده سلك مواعين مولع
باطرافه نار ويلعب فيه .. : يبه باتسر العيد .. ؟
ابتسم له ابوه : ايه ان شاء الله .. ياولدي لا تلعب هالنار لا تحرقك ..
قامت له امه واخذته منه : منت صاحي انت ورا ماتركد وتلزم ارضك مثل الاوادم
وانت من اذن العصر ماشفناك ..
قعد معاهم وهو يصيح : الحين ليش ماتبوني العب .. محدن قاعد ببيته كل العيال
طلعو .. هااا اسمعي حسهم ..
قبصته مع فخذه وسحبته جنبها : والله ماتسير .. هذا هم عيال عمك قاعدين ببيتهم
ماطلعو ..
غمض عيونه وهو يحس بالألم في فخذه : والله ان مشعل يلعب معهم انا شايفه وهو
اللي عطاني هالسلك وقال روح العب بعيد عنا ..
ضحك ابوه عليه وهو يصيح : قوم وانا ابوك روح مع ولد عمك .. ولا تبطي ولا
تقعد تصيح مثل الحريم ..
فز على طول فرحان وهو يمسح دموعه : انا ما اصيح بس قبصة امي عورتني ..
ضحكو كلهم عليه وعلى كلامه .. فرحة العيد كانت تبان عليهم .. بساطتهم تخليهم
يحسون بالسعادة لمجرد مرور طاري فرح .. هالعيد غير حمل معاه اجمل البشائر
لهم .. موضي ونورة اللي جاهم نصيبهم رغم ان نورة للحين تعيش بعذاب تفكيرها
بمصيرها المجهول اللي رموها فيه الا انه اهلها وجماعتها فرحانين لها .. بعد ماقرر
ابوها يخلي زواجها في غضون شهر .. ماتحتاج وقت اكثر عشان تجهز نفسها ..
ومتى ما جو لهم اهل طلال بلغوهم بالموعد ويتركون عليهم باقي التفاصيل .. دخلو
الحريم بعد صلاة العشا في بيت ام محمد ودخلو معهم البنات يتحنون .. كلهم تحنو
قبضة .. وزادو عليهم الحريم بحنا رجليهم .. نامت ام راكان ببيت اختها والبنات
رجعو لبيتهم ينامون وكل وحدة حاطة الحنا بيدها وقابضة عليه .. قبل صلاة الفجر
قامو على صوت امهم تقومهم لصلاة الفجر وصلاة العيد .. وتسابقو على الحمام
( تكرمون ) كل وحدة فيهم تبي تغسل يدينها وتشوف الحنا وشلون .. وكل ماطلعت
وحدة فيهم قامت توري امها وخواتها .. وقفت منيرة مقربة يدينها من وجهها وتشم
ريحة يدينها : ياااازين ريحة الحنا يمه ..
قعدت امها وهي تقرب ثوب لابو راكان : ايه والله يازين ريحته .. وين راكان ؟
طلع لهم وهو يحك راسه وبالقوة يفتح عيونه .. نطو عليه خواته كل وحدة تبيه
يشوف حناها لاحظ من بين حركاتهم وفرحتهم .. نورة اللي من وصل وهو يحس انها
مكسورة .. شي بداخلها انكسر وماقدر انه يصلحه .. رغم انه تكلم معاها وحاول
يقنعها ان الامر خيرة من رب العالمين ... الا انه كان عاجز انه ينتشلها من دوامة
احزانها .. طلعو بعد طلعة النور لصلاة العيد بالمصلى اللي باطراف الديرة كانو
كل اهل الديرة طالعين .. وكل جماعتهم واقاربهم .. البنات تملا قلوبهم الفرحة
بفساتينهم اللي لاول مرة يلبسونها .. رغم بساطتها ورغم انها حملت لهم من ضمن
قائمة التبرعات .. والعيال يركضون وهم لابسين الشمغ وكاشخين فيها .. سلمان
كل شوي يروح لراكان يضبط له التشخيصة .. صلو صلاة العيد وقعدو يستمعون
للخطبة .. موضي كانت تعيش ايام بالنسبة لها قمة السعادة وقمة تحقيق الحلم ..
تنتظر اليوم اللي يجي فيه نايف ويعرف خبر موافقة اهلها .. بهالايام القليلة زاد
حبه بقلبها .. حست انه هالحب اكبر من انها توصفه او تشرحه لاحد .. بطبعها ابد
ماكانت خجولة .. وكل اللي حولها عرفو بفرحتها .. هم يدرون انها مطيورة وتبي
العرس من زمان .. وهذا كفيل انه يفسر لهم سبب فرحتها .. اما هي كانت تعيش
احساس الحب والفرح بنفس الوقت ..
بعد ما انتهت الخطبة توجهو لبيت ابو مقرن اللي متعودين كل يوم عيد تنذبح الذبايح
وكلهم يفطرون ببيته .. بحكم انه راعي حلال ويذبح عدد من الذبايح ويوزع لحمها
على كل بيت في هالديرة اما الفطور بعد مايتم الذبح ويغلسون الذبايح يبدون يسوون
لهم المقلقل اللي يعتبر فطور تقليدي في العيد .. قبل صلاة الظهر بدو شباب القبيلة
يطبخون الغدا .. وبعد ماحطو لهم الغدا .. تغدو كلهم ورجعو كلن لبيته شايلين معاهم
الاكياس اللي فيها نصيبهم من اللحم الموزع .. طبعا بعض اهل الديرة المقتدرين
يذبحون ذبيحة وحدة .. ولو ان عددهم قليل جدا ومايقارن بالفقراء بينهم ..
مجتمعين ببيت خالهم الكبير يبون يتعشون اول ايام العيد ببيته ..دانا مازالت للحين
بعزلتها ورغم انها تكلم امها وخواتها الا انها تتحاشى تختلط مع بنات خوالها او
حتى خالاتها ربي سهل امورهم واستأجر لهم عادل شقة متواضعة تناسب امكانياتهم
المادية بايجار يقدر هو يدفعه ويصرف عليهم بنفس الوقت وراح يحاولون بالفلوس
اللي كانو يودعونها من فترة لفترة انهم يأثثون هالشقة ويستفيدون منها في مواجهة
ظروف حياتهم الصعبة ..
من فترة ارسلت لرسيل انها تعبانة شوي وماتبي تكلم احد بهالفترة بعد ماشافت كثرة
اتصالاتها عليها .. ماحبت انها تقلق او تفكر انه شي صار لها .. حبت بس تطمنها
وتترك الحديث بكل الامور الجديدة اللي طرت عليهم بعدين لاستقرت نفسيتها جلست
معاها رغد شوي .. قبل ماتنزل وتروح تقضي اول ليالي العيد مع بنات خوالها
وخالاتها ..
بمجلس الرجال تجمعو الكل باستثناء عادل اللي ماقدر يجيهم بهالعيد بعد ما استنفذ
كل اجازاته .. وهو توه راجع لتبوك من اسبوع وشوي .. بعد العشا قعدو الشياب
يتناقشون .. والشباب كانو بطرف المجلس .. لهم سوالفهم واهتماماتهم الخاصة ...
قضو هالليلة كلها سهر ووناسة .. ومن تأخر الوقت مشو كلن رايح لبيته .. وقبل
يطلع ابو ناصر لغرفته صوت على يزيد يجي له .. جا عند ابوه وقعد معاه وراحو
باقي اخوانه .. انتظره يبدا كلامه .. وبعد تفكير فاتحه بالموضوع : مثل ماتعرف
هالحين وضع عمتك وبناته ونبي نستر عليهن ونخطب لك دانا بنت عمتك الكبيرة
والعرس لا تخرجت ان شاء الله .. واذا عمتك وده تعرسون قبل ماعندي مانع ..
طالع في ابوه مو مصدق .. هذا مجتمع مع عمانه ومقررين وخالصين ماعليه الا
ينتظر المملك يجي ويكتبون العقد .. : بس يبه انا ابي اختار زوجتي بنفسي ..
ناظره بعصبية قبل يكمل كلامه : وبنت عمتك وش فيه ؟ وش قاصره عن غيره ؟
تنفس بعمق وهو يحاول يركز بكلامه : ماقاصره شي يالغالي .. بس هذا عرس مو
لعب بزران خذن وجيتك .. ابي انا اكون مقتنع واختار الانسانة اللي احسه تناسبن
ماحط في باله كلام ولده ولا اهتم فيه اصلا : انا مكلم عمانك وعمتك تدري من اول
اذا انت ماخذيت بنته من بياخذه ويستر عليه ؟
كان وده يصرخ فيه .. ماعجبه اسلوب ابوه معاه كان طريقته في فرض الامر عليه
تعسفيه ومافكر يسأله .. يمكن لو جا شاوره وترك له المجال انه يفكر .. ممكن كان
يستخير ويقتنع .. بس الحين جاي له بكل سهولة ويقول له قررت انا وعمانك وبعد
عمته تدري .. : بس مابيه .. البنت معقدة نفسيا وطول وقته حابسة نفسه بحجرته
ما اهتم لكلامه ابد هو قرر وكلم اخوانه .. وموافقة يزيد بالأخير شكلية طال النقاش
بينهم وهو يحاول يقتنع بوجهة نظر ابوه .. يمكن لو ترك له الخيار انه يختار ماكان
راح يختار غيرها .. لانها الانسب لعمره ولانه يبي يساعد عمته بظروفها .. لكن
طريقة ابوه في اجباره .. ووضعه امام الامر الواقع كان يقهر .. قام من عنده وطلع
للملحق ينام لان الدور الثاني بنات عمته فيه ومايبي يضايقهم بوجوده .. سكر الباب
بكل قوته وهو يردد كلام ابوه براسه ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:15 PM
الجزء السادس
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
وتتْعَثَّر سمَاوَاتِي ../ وَ أنَادِي خَطْوتِي : زِمّي
و ينْفِينِي السَّهَر لآخر مسَافَات العَنَا وأرْتاَب
عَلى شبَّاكِي المَهْجُور أدثَّرنِي بصُوت [ أمّي ]
أَرتّل آيَة أَوجَاعِي ويخْشَع من حدَاي البَاب
دَرَاوِيش الحزِنْ مَدَّوا يدِيْهُم قَصْدُهُم غَمِّي
وأنَا تغْرَق مَنَادِيْلي جفَا ../ و مْرَايتِي غِيَّاب
جمَعْت اللي تفَرَّق مِن حَكَايَاهُم عَلَى كُمِّي
يُوَاسِي دَمعتِينٍ فِي المَحَاجِر جَرحَهَا مَاطَاب
تسِيْل بطِيشَهَا وتزْرَع سَنَابِلهَا عَلَى فَمِّي
تَعرِّي بالحَكِي هَمِّي ../ ويلْبَسْهَا الحَنِيْن ثيَاب
مسحت دمعة نزلت على خدها وبدت توزع الباودر على وجهها كرهت احساسها
المتعلق بالماضي الى حد كبير .. لاهي قادرة تعيش حاضرها .. ولا قادرة تبني
احلام لمستقبلها من صغرها تعودت تكون هالشخصية الانهزامية رغم انها بأوقات
تحاول تصنع قوتها الا ان الزمن اقسى منها .. اليوم ثاني ايام العيد والجمعة ببيتهم
هذا معناه ان ضيوفهم كثار وهالشي يريحها الى حد كبير ترتاح من الحرب النفسية
اللي تواجهها كل يوم من مرة ابوها ومنال .. ناظرت بشكلها بالمراية ماكانت جميلة
جدا .. بنت مملوحة وتميزها نعومتها .. ويمكن نظرة الحزن بعيونها تكسبها جاذبية
التفتت للباب وشافت اللي واقفة تناظرها .. على طول راحت لها وحضنتها : ياهلا
والله عمتو ..وربي توني اقول وش فيها تأخرت ..
ضحكت لها وسلمت عليها : جاية من اول بس انتي الله يهداك للحين ماخلصتي ترى
كلهم جو الظاهر مابقى احد ..
وقفت مكانها مرتبكة .. وهذي عادتها لاصار فيه جمعة كبيرة .. شخصيتها تعودت
على عدم الاختلاط بالناس كثير .. وهالشي مسبب لها فوبيا من هالمناسبات الكبيرة
حست بضربات قلبها تتزايد : اوووف وانا ليش مانزلت من اول .. وربي ما اعرف
ادخل عليهم الحين ..
مسكتها من يدها تبيها تنزل معاها : وانا يعني الحين ليش جايتك تعالي وادخلي معاي
في حريم جايين من اول ماسلمت عليهم ..
سحبت جوالها وركضت ورا عمتها وهي تقفل الباب : عمتو اصبري تكفين ..
وبعد ماقفلت الباب مشت مع عمتها .. شافت بنات عماتها بالصالة وبنات اهل مرة
ابوها .. طنشتهم وراحت للمجلس مع عمتها .. اول مادخلت تسارع نبض قلبها وعلى
طول حست انها بدت تعرق تقدمت بسرعة ومسكت يدها وكأنها طفلتها الصغيرة
بدت تسلم على الحريم اللي تعرفهم واللي ماعمرها شافتهم " اوف من هاللي مجمعينهم
الظاهر اهل الرياض كلهم عازمتهم فوزو " بدا يخف خوفها شوي وهي تسمع كلامهم
وتشوف ابتساماتهم .. دنقت تحب راس عمة ابوها الكبيرة اللي جالسة بنص المجلس
ومن الكبر ماتقدر تقوم .. وتناهى لمسامعها صوت حرمتين يتهامسون ووقفت تبي
تسمعهم .. كانت ماسكة يد عمتها وتسولف معاها .. بس اذنها وعقلها مكان ثاني ..
" ايه والله انك صادقة سبحان الخالق كن الزمن رجع 15 سنة وهذي سلمى قدامي "
صرخت بداخلها رجاء " كملو .. تكفون ابي اسمع شي عنها حتى لو مو زين بس
تكلمو "
غمضت عيونها تبي تسمعهم تبي تركز بس ماعاد سمعت شي ابد .. فجأة سمعت
صوت عمتها اللي صحاها من دوامة الماضي اللي رجعت لها ابتسمت وفكت يد عمة
ابوها ومشت تسلم على باقي الحريم .. في شي بداخلها يشدها لهم ودها ترجع وتسأل
يمكن احد يجاوبها وترتاح .. طلعت للصالة لاول مرة تتمرد على نفسها دايم وهي
مع عمتها مثل الطفلة اللي ماتمشي الا ويدها بيد امها سلمت على البنات اللي نصهم
ماقامو لها مو جديد هالشي عليهم تعودت نص هالعايلة يعادونها .. مسكت روان من
يدها : تعالي انتي يادوبا واحشتني ..
باستها على خدودها وقعدت تسولف معاها .. كانت متجاهلة كل النظرات المسلطة
عليها تدري فيهم محد يحبها لا بنات عماتها ولا خواتها ولا بنات خوالهم وخالاتهم
بالطرف الآخر من الجلسة كانو جالسات حنين ومنال .. : حنينو تشوفين ديموووه
الجوال بيدها ..
التفتت على ديما وشافتها توري روان شي بجوالها : طيب واذا جوالها بيدها
وش اللي يصير ؟
مسكتها مع وجهها وركزت نظرها بعيونها : يعني راضي عليها ..
هزت راسها متنرفزة من كلامها : ياختي انتي مريضة نفسيا ولا شلون ؟ ترى عمرها
ماشافت يوم حلو بهالبيت حتى لو رضى عليها .. خفي على البنت شوي خافي ربك
احس انها عدوتك مو اختك ..
فتحت عيونها على آخرها متفاجأة : لااااا ياعمري لاتمثلين الطيبة ماتليق لك ابد ..
قاطعتها وقالت بنرفزة : الدعوة مو طيبة .. بس انتو ماترحمون .. خلي ابوها يرضى
عليها يمكن تستانس ولا تفرح وهي من عرفتها دايم بكى ودموع ..
مسكت كاس العصير : هيييه انتي تبين اكب هذا كله عليك .. وش هالحنية اللي اليوم
ممسكة معاك .. ولا مسوية فيها تبين تكونين اسم على مسمى ..
طنشتها وماردت عليها .. وهالشي خلا منال تكمل بقهر : تدرين عاد صلاح الدب من
شافها وهو كل شوي اختك حلوة .. واختك نعومة ..
اطلقت ضحكة عالية خلت كل اللي بالصالة يلتفتون لها : اجل الدعوة غيرة ؟ سبحان
الله هذا اللي بغيتيه انتي .. بس تستاهلين طبخن طبختيه يالرفلا كوليه .. اجل انتي
ذايبة فيه حب وغرام وهو طايح تغزل باختك .. بعدين بيني وبينك البنت مملوحة ..
طقتها على فخذها : الحين انتي خالتي ولا خالتها ؟ يعني انا اشكي لك وتدافعين لي
عنها ..
بعدت يدها عنها : وججججججع عساها الكسر ان شاء الله وش قايلة انا الحين من
عرفتك وانتي حاقدة عليها يعني مو جديد هالكلام .. وهذا كله عشان امها ؟ يابنت
الناس خليك شوي حقانية ترى نفس طريق امها انتي تمشينه الحين ..
قاطعتها بدفاع عن نفسها : لااا حبيبتي وين نفس الطريق .. وش جاب الثرى للثريا
على الاقل انا مو متزوجة ولا خنت رجلي وجبت حبيبي ببيته .. هذا هو صلاح
بيموت علي بس انا قلت له ماراح ياخذ شي مني الا لاتزوجني .. يعني لا تقارنيني
فيها ..
سحبت جوالها من شنطتها تبي تشوف من المتصل : طيب طيب لاتغثيني بس بعد
البنت ماسوت شي وهي محبوسة الليل والنهار .. يعني كرهك ماله مبرر .. ياربي
هذا ماجد الغثيث .. خذي ردي عليه قولي تزوجت .. ماتت اي شي بس فكيني منه
من عطاني هالـ 3000 وهو يمن علي الا يبي يشوفني ..
خذت منها الجوال ونعمت صوتها وردت عليه بكل دلع ... ناظرتها حنين بتعجب
" هذي اللي لسانها تو هالطول صار هذا صوتها .. والله انكم يالشباب ماخذين اكبر
مقلب فيها " كتمت ضحكتها والتفتت عليها منال ورمت الجوال عليها : وووع وش
تبين فيه هذا لا صوت ولا اسلوب ..
رجعت جوالها للشنطة وتكلمت وهي ماتناظرها : حدني الزمن عليه يوم زواج منى
كنت ابي فستان فخم وماعندي الا هو لهفت منه هالكم الف ودبرت عمري فيهم ..
ضحكة على خبث خالتها .. وقعدت تناظر ديما وهي شايلة سلة الحلاو ورايحة فيها
للمجلس .. : احس انها متمردة اليوم ؟ والله لاكسر خشمها ..
قامت على طول من عندها : تدرين عاد انك جبتي لي المرض بدخل اقعد مع الحريم
ابرك لي .. ولو اني ما اطيق اشوف ميساء بس بعد ارحم من سوالفك ..
وراحت وتركتها قاعدة مكانها .. كانت طول الليل تحس بقلبها محروق من ديما ..
واللي زاد القهر كلام صلاح عنها .. بعد ماراحو اغلب المعازيم شافت ديما طالعة
للدور الثاني وعلى طول لحقتها : تعااالي انتي وين رايحة ؟ ولا خلاص الحين فضى
لك الجو تكلمين الحبايب ؟
مالتفتت لها كانت تحس بخوف بس حاولت تتمرد على خوفها : كلا يرى الناس بعين
طبعه .. بعدين انا تعبانة وابي انام مو فاضية لصراخك ..
لحقتها بسرعة ووقفت قدامها : والله وصار لك لسان وتعرفين تردين " مدت الجوال
قدامها ولوحت به " نسيتي الصور ياروح امك ؟
دفتها عن طريقها ومشت رايحة لجناحها كانت تحس بكل جسدها يرتجف خوف لكنها
قاومت احساس الخوف فيها ولأول مرة بحياتها : لا مانسيتهم ويعني وش اللي راح
يصير يطقوني ؟ يحرقوني ؟ ترى تعودت حتى لو ذبحوني مافرقت معاي مافي شي
اتحسف عليه ..
دخلت جناحها وسكرت الباب بقوة .. قفلت الباب وجلست على الارض ترتجف وعلى
طول اجهشت بالبكاء ماعرفت وش الاحساس اللي بداخلها بالضبط هل هو تمرد او
حنين او حتى استسلام لسجنها الفاخر ..
ثالث ايام العيد بمزرعتهم الكبيرة على طريق الخرج .. كان واقف عند بعض النخيل
المزروع مع عمال المزارع .. كانت الساعة حول الـ 9 ونص صباحا والجو بارد
وتزيد برودته بالمزارع .. تفكيره مابين نقيضين حياته اللي قبل .. وحياته اللي راح
تتغير بعد كم يوم او اللي بدأت في التغير .. ماينكر انها احتلت جزء كبير من تفكيره
مو لشي الا لانه يبي يعرف شلون فكرت ترفضه .. يعني هو توقع انه اي بنت في
سنها لو تقدم لها اي شاب بمواصفاته راح توافق بدون اي تردد .. ومو بس هي اي
بنت راح توافق عليه .. انسان وسيم وناجح وغني وهذي مواصفات اي بنت تتمناها
بنظره .. لكن هي رغم ظروفها رفضته ولو ما اعطاهم ابوها كلمة كان انكتب في
حياته انه تقدم لبنت ورفضته وهذا بنظره شي كبير .. هالرفض خلق بداخله نوع من
التحدي انه يكسبها بأي طريقة ويثبت لها ان مجرد تفكيرها بالرفض اكبر خسارة ..
شاف سامي توه داخل للمزرعة وعلى طول اتصل عليه : تعال لي عند غرف العمال
واول ماسمع رده سكر منه على طول وقف مكانه ينتظره يجيه واول ماوصل عنده
تكلم من شباك السيارة بدون نفس : هلا .. بغيت شي ؟
اشر له بيده ينزل له .. وبدون مايجادله نزل يعرفه لو حاول يعترض بيخليه ينزل
بالقوة .. شافه وهو جاي يمشي له وبادره بالهجوم : ماشاء الله تارك ابوك وضيوفه
من امس ومشيناها تو تخلص سهرتك وجاي الصباح " وقبل مايتكلم سامي او يقول
شي كمل محاضرته " وهاللبس اللي مليون مرة قلت لك لاتلبسه عند الرجال ماتفهم
انت ؟ ولا تبيني اعلمك شلون تتسنع وتصير علومك علوم رجال ..
كان فيه نوم وعيونه صايرة حمرا من كثر السهر ومع البرد اللي مو قادر يتحمله
كل هالاشياء اجتمعت عليه وتنرفز من كلامه : وانا سهران مع اخوياي ماقعدت مع
المعقدين ..
قرب منه ومسكه مع طرف التي شيرت : لا تنافخ لا اكسر لك راسك .. ياخي انت
ماتعلمت الاحترام الكبير ولا الصغير كلهم نفس المعاملة .. والله مابي الومك .. اللوم
على امي اللي مدلعتك ومخليتك على كيفك ولا انا لو اني ذاكر وربي مايذبح ذبيحة
العيد الا انت ..
فتح عيونه مصدوم من كلامه : مستحييييييييييييييييل .. من جدك انت ؟
وصل حده من اسلوب اخوه الدلوع واللي ينافس فيه دلع خواته : روح من قدامي
قبل لا اذبحك .. والله ودي اطقك بس اخاف انك تصيح مثل خواتك ..
التفت له يبي يرد عليه وقبل يقول شي كمل كلامه : وياويلك لو عتبت باب المزرعة
الليلة .. ابيك جنبي ولو اقوم خطوة تقوم معاي .. وهالخلاقين اللي تلبسها لو شفتها
عليك مسطتك بالعقال على ظهرك قدام الله وخلقه ..
كان وده يصرخ عليه ماصار له اكثر من دقيقتين واقف معاه وقال له فوق الالف
تهديد .. هز راسه مايبي يعلق لانه عارف انه بيفتح لنفسه سيل جديد من التهديدات
تركه يروح ورجع يتمشى شوي قبل مايروح يفطر مع الشياب .. يحس انه رايق
شاف سلطان واقف عند بيت الشعر اللي باحدى زوايا المزرعة واشر له بيده يجيه
وبالفعل على طول جا له سلطان اللي كان توه صاحي من النوم سلم عليه ووقف
يسولف معاه : ياخي وش اللي حادك على البرد .. ياليتك بس تشوف خشمك شلون
صاير احمر..
مسك خشمه وحس انه صاير قالب جليد ومد يده ولفها حول كتف سلطان .. كان
طلال اطول منه رغم انهم بنفس العمر : والله ودي اغير جو واوسع صدري ..
ابتسم بدون مايلتفت له : اجل مشغول بالك بالعروس ..
ماينكر انه كان يفكر فيها كثير .. رغم ان حنين كانت مثل كل مرة تظهر له بوسط
تفكيره ويبدأ معاها سلسلة المقارنة عن مشاعره بذيك الفترة ومشاعره الحين .. بس
تفكيره خذاه لرفضها وليش انها رفضته وهو يشوف انه انسان ماينرفض : لا ابد
مابي اشغل نفسي بأي تفكير وهالموضوع بالذات انا من الاول مافكرت فيه يعني
مثل ماتعرف ابي ارضي امي وابوي ..
وقف مكانه والتفت له : ياخي انت نصاب .. يعني الحين تبي تقنعني انك مافكرت
فيها ابد ولا جات في بالك ؟
ضحك على كلامه دايم يكشفه : وانت وش دخلك ؟ سبحان الله ناس حاشرة نفسها
بكل شي ..
جلسو على درج الفيلا الخارجي يكملون سوالفهم وبادره سلطان بكلامه : تدري عاد
اني ماراح اقول لك تكلم ولا ابيك اصلا تقول لي شي لاني داري والله لو افحط ما
تكلمت ولا قلت .. بس نفسي اعرف شلون رياض يخليك تتكلم ..
ابتسم على طاري رياض : لاتسألني الله اللي عطاه غلا غير عن الناس كلها .. من
غير ما اقول شي يقول هو كل اللي بخاطري .. يعني باختصر مايحتاج اتكلم له هو
عارف اللي بالخاطر كله ..
سحب العصى الصغيرة اللي كانت طايحة جنبه وقعد يحركها على الارض : والله اني
اتمنى يكون عندي صديق نفس رياض .. يعني اوقات تحتاج تشكي اللي بقلبك بس
مو اي احد تشكي له ..
تكلم وهو يوخر بيده العصى عنه : لا من هالناحية بقول لك مستحيل رياض هذا مافي
مثله ابد .. " وسكت وهو يناظر سيارتين مع البوابة الكبيرة للمزرعة وحدة فيهم كانت
سيارة ابو طارق والثانية سيارة طارق " قوم عن الباب خلنا نروح لقسم الرجال ...
تسارعت نبضات قلبه وغمض عيونه يبي يروح بسرعة .. اكيد جاية معاهم هالشي
مايبي له كلام مادام خالة امه جاية اكيد بتجي معاها .. مايبي يشوفها ولا يبي حتى
يلمحها .. طلع الجوال وبدون تفكير اتصل على لمياء .. اللي طولت وبعدها ردت
وهي تلهث ومبين على صوتها انها كانت تركض : هلا طلول ..
سكت شوي وبعدها تكلم : سالفة خطبتي لاتقولونها لاحد فاهمة ؟ حذري على امي
وخواتي ..
فهمت من كلامه انه مايبي هالشي يوصل لحنين وهالشي خلاها تتضايق من تفكيره
اللي للحين يروح لها : عشانها يعني ؟ ترى مردها تعرف اذا مو اليوم بتعرف بعدين ..
سوا نفسه مو فاهم كلامها : من هي ؟ " وكمل كلامه لانه مايبيها تقول اسمها " انا
مابي ينتشر الكلام يمكن البنت ترفض وبيقعدون العالم يتكلمون وانتي عارفة ..
سمعت اصوات بيت ابو طارق وتأكدت شكوكها وعرفت انه الحين قاعد يخبي عليها
مشاعره " يارب ما اكون ظلمت نورة يوم اخترتها له " : انت عارف ان الموضوع
خالص من وقتها .. بس ياطلال اذا بتظلم بنت الناس معاك اتركها من الاول ارحم
لها ولك تراها عاشت طول عمرها محرومة ومن عذاب في عذاب مو ناقصة تجي
انت وتزود همومها ..
هالكلام هزه من داخله .. هالانسانة ماعرف وش المشاعر اللي يحسها اذا تذكرها
مابين احساس شفقة واحساس تحدي وعلى حسب مزاجيته كل شوي يطغى احساس
على الآخر .. سكر منها وكلامها مازال يعاد ويتكرر في باله ..
/
\
/
\
شايلة شنطتها اللي فيها اشيائها الخاصة واغراضها المهمة وهي تسلم على خالاتها
وبناتهم .. ومشت لخارج الفيلا المتوسطة متوجهة لسيارته .. كان واقف عند باب
السيارة يكلم صديقه بهالوقت اللي كان ينتظرهم فيه .. ومن شافها جاية عرفها هي
الوحيدة من خواتها اللي جسمها متوسط .. اما نجود ورغد دبدوبات شوي .. حس
فيها هالمرة حياة اكثر من يوم اخذهم من الرياض .. يمكن تكون فرحانة برجعتها
للرياض اللي ولدت وعاشت فيها اول ماشافته واقف استحت تركب وامها وخواتها
مابعد جو .. ووقفت عند باب السيارة من الجهة الثانية .. ماكانت تدري عن اتفاقية
خوالها ولا عن الكلام اللي صار مع امها .. ولا تدري وش اللي يدور في بال يزيد
الحين .. كل اللي تعرفه انه ولد خالها اللي ساكن بالرياض والحين راجع بعد العيد
وماخذهم لشقتهم الجديدة اللي استأجرها لهم عادل من فترة .. كانت تحس بارتباك
كبير وماكان هو يقل ارتباك عنها .. ثواني وشافت رغد جاية تركض وهي متغطية
تبي تسابق رائد وتضمن لها مكان معاهم لان السيارة صغيرة وهو متحلف انه بيقعد
مع خواته ورا ويخليها تجلس متقدمة عنهم شوي .. ضحك يزيد بصوت عالي وهو
يشوف شكلها وهي بعباتها وتركض ورائد يركض وراها .. فتحت الباب وركبت
على طول وهي تصارخ بفرحة : سبقتك ..
لاول مرة من فترة تطلع منها ضحكة من القلب .. ركبت على طول وهي تسمع
تذمر اخوها من جلسته الغير مريحة طول الطريق .. : ريود حبيبي تعال عندي ..
قرب منها ولمته في حضنها : هاه كذا مرتاح ؟
شق الضحكة على طول وهز راسه بفرح : ايه ..
ماخلص كلمته الا على جية نجود اللي تصارخ عليهم وهي قافلة اخلاقها : وخرو
عني الحين الباب شلون يتسكر ..؟ والتفتت عليهم : رائد تقدم شوي تراك مضايقنا
تكلم وهو شوي ويصيح : وين اروح يالدوبا كله منك انتي ورغد كل شوي تاكلون..
كان واقف برا وسامع كل نقاشاتهم وهو ميت ضحك عليهم .. نجود وعصبيتها
ورغد ورجتها ورائد وصراخه .. الا هي كانت ساكتة وماقالت الا جملتين ماعرف
شخصيتها ابد .. ولايعرف عنها شي رغم انها بنت عمته .. يمكن لانها كانت اقرب
وحدة لابوها وعمها اللي توفى ولعادل اخوها واحتكاكها بخوالها مو ذاك الزود ..
شوي وجات عمته تركب السيارة وركب هو بعد .. وحرك السيارة راجعين للرياض
هالمرة المشوار بالنسبة لها غير .. غير عن كل مرة يرجعون وغير عن يوم يجون
للقصيم .. هذيك المرة كانت مغيبة مؤقتا عن العالم الخارجي كانت مازالت تصارع
احاسيس غريبة بداخلها .. احساس التحرش الجسدي .. واحساس فقد الامان من
اللي المفروض يكون مصدر الامان لها .. واحساس الرحيل المؤلم عن الماضي بكل
مافيه من افراح وآلام وذكريات موجعة .. هالمرة بعد غير عن كل مرة يرجعون
كانت ترجع بفرحة لانه ابوهم جاي يصالح امهم .. راجعين لبيتهم لذكرياتهم لحياة
تعودوها من فتحو عيونهم على هالدينا .. بس الحين راجعين لمصير مجهول وحياة
جديدة وبيت جديد صحت من ذكرياتها وهي تشوف عين رائد اللي يطالعها مسكت
خشمه وقربت من اذنه : وش فيك تطالعني ؟
همس لها : مابيك تصيحين ..
لمته في حضنها اكثر : لا تخاف ماراح اصيح .. والله مستانسة انا راجعين الرياض
التفت على يزيد ورجع طالعها بعدها : طيب ليش ماتسولفين مع يزيد مثل رغود و
جودي؟
همست له : استحي منه ..
ضحك عليها وعلى كلمتها وهو فرحان انها قاعدة تسولف معاه : يعني هم مايستحون
هالكلمة خلتها تضحك من قلب عليه وخلت الكل يلتفت لها .. الا يزيد اللي عرف انها
ضحكتها حطت يدها على فمها وقربت من اذنه ماتبيهم يسمعون : لا بس هم متعودين
يسولفون معاه وانا ماتعودت ..
التفتت عليهم رغد : مدري وش الاسرار اللي عندك انت وياها .. عسى بس ماتحشون
فينا ..
لف عليها وقال لها وهو يضحك : والله اللي على راسه بطحا يحسس عليها ..
هالكلمة بس خلت كل اللي بالسيارة يضحكون عليه .. قالت له نجود على طول : ما
شاء الله ماتتعلم من الكلام الا طولة اللسان ولا دروسك ماتفلح فيها ولو نبيك تحفظ
شي ماحفظته ..حست نفسيتها تغيرت كثير من بعد هالسوالف هي دائما كانت اقوى
من كل الظروف تعرضت لاقسى ضرب وتحملت تعرضت للسباب والشتائم باقذر
الالفاظ وبعد تحملت .. كانت مبتسمة تتحمل كل شي بس مايجي لخواتها ورائد شي
بس هالمرة انهكت .. كان الموقف اقسى من تحملها وانكسرت .. هالهالة من القوة
اللي كانت تحيطها تهشمت وبانت من وراها بنت ضعيفة جدا محتاجة من يقويها و
يطبطب عليها .. وصلو للرياض وهالمكان بس كان كفيل انه يزرع بقلوبهم الفرحة
اللي يتمنونها .. مشى يزيد للشقة ووقف ينزل لهم الاغراض كانت شقة متواضعة
من 4 غرف وحمامين ( تكرمون ) ومطبخ وصالة مساحة هالشقة يمكن ماتساوي
مساحة جناحين من الدور الثاني بقصرهم .. لكن ايجارها مناسب لامكانيات عادل
اللي يدفع بعد ايجار شقته بتبوك .. غير مصاريفه على نفسه وعلى اهله ..
رغم خيبة الامل اللي اعترتهم اول مادخلوها .. الا انه كان بداخلهم تحدي لتغيير
مجرى حياتهم للأفضل مثل مايتمنون ..
اول يوم بعد عودة المدارس هذا معناه لمياء اليوم جاية وراح يتحدد مصيرها ماتبي
هاليوم يجي ابد تتمنى كل اللي فات كان حلم وانتهى قعدت مع خواتها وبنات عمها
تحت اشجار وحدة من مزارع الديرة وهالجلسة كالعادة تكون من احلى الجلسات
وناسة وسعة صدر .. موضي وسارة كعادتهم كل مرة يجلسون فيها مع بعض لابد
من الطقاق .. وحصة وشيخة وهيا والسوالف .. الا هي كانت سرحانة ومشغول بالها
طول الوقت تفكر مو مرتاحة ابد لمصيرها وحياتها .. ويوم صارت الساعة حول
الـ 10 مشو راجعين لبيوتهم .. ومابين هالطرقات الصغيرة كان احساس الوداع
بداخلها .. تمشي وهي تحس نفسها تودع كل شي بهالديرة اللي راح تتركها في فترة
قريبة .. شافو حريم من الديرة قاعدين مع خالتهم وراحو قعدو معاها .. كان ودها
تهرب من كلامهم " الحين الديرة ماعندهم الا انا يسولفون فيني " تعليقاتهم وتخطيطهم
ليوم عرسها كل هالكلام ماكان مفرح لها ابد .. قربت موضي منها : وراه محد يحتسي
عني وانا عروس مثلتس ؟
بعدت عنها وهي تضحك : لانتس مطيورة لاجابو طاري العرس قمتي ترقصين ..
طقتها على يدها وضحكو ثنتينهم ..
عدى عليهم الوقت قضوه بين بيتهم وبيت خالتهم .. الى قبل صلاة العصر قامو يرتبون
بيتهم ويجهزون القهوة ينتظرون لمياء تجيهم .. موعدها كان معاهم من الاول على هاليوم
وفي المدرسة أكدت هالكلام لمنيرة .. نورة صلت العصر ونادت شيخة اللي جاتها وهي
توها مخلصة صلاتها : شيخة انا بدخل بالغرفة الثانية .. اذا سألت عني الأبلة قولي لها
اني راقدة ..
ماعجبها تهرب نورة من الموضوع من بعد كلامها مع ابوها وهي ترفض احد يكلمها
في موضوع الخطبة : نوير الله يهداتس الحين هي جايتن عشانتس وتبي تكلمتس وشوله
تحشرين عمرتس بالغرفة وماتطلعين لها ؟
سكتت شوي قبل تتكلم : انتي تدرين ان هالخطبة كلها ماهيب عاجبتني بس عاد شسوي
حيل الله اقوى .. واذا نشدتكم عن رايي قولي لها اللي قاله ابوي .. وماعقب كلمة ابوي
شي .. ياشيخة تكفين والله اني مابي اشوفها ..
رفعت يدينها : انا ماعلي بروح اعلم امي وتفاهمي معها ..
وقبل تمسكها ركضت شيخة للصالة : هين يالنذلة والله لاوريتس بيحدتس الزمن علي
وقولي نوير ماقالت ..
دقايق وجاتها امها .. شافتها جالسة وغارقة بتفكيرها .. جلست جنبها ومن انتبهت لها
نورة ابتسمت لها .. مسكت يدها وتكلمت بكل حنان : يابنيتي لاتكسرين بخاطري ولا
تنزلين راس ابوتس .. انا ادري انتس ماتبين هالعرس مير عشاني ياميمتس اقعدي معنا
ولا تحتسين اذا ما ودتس انا بقول انتس مستحية .. فرحي قليبي عسى الله يفرحتس دنيا
وآخرة ..
نزلت راسها وحاولت كتمان حزنها .. تبي ترضي امها : ابشري يمه الله يهونها علي بس
عسى ربي يكتب لي السعادة لاسعيت لرضاكم .. يمه طلبتس بنتس لاتخلينها من دعاتس
كل ماجابني لتس طاري ارفعي يدينتس للسما .. وقولي يا الله انك توفدزها وتسخر لها
رجلها ...
وقبل ماتكمل كلامها نزلت دموعها .. مسحت على شعرها وهي تحاول تهديها : والله
يانورة انتس رضية والدين .. واذا الله كتب لتس سعادة من رضاتس فيني انا وابوتس ..
قومي يابنيتي واقعدي معنا وان شاء الله ربي بيسهل لتس امورتس ..
مسكت يد امها وحبتها .. وقربت منها حبت راسها : ابشري .. هذاني بلبس وبجيكن ..
وقامت ومدت يدها تقوم امها .. مسحت دمعتها اللي على خدها ورسمت ابتسامة رقيقة
تخفي حزنها على فراقهم .. وقامت تلبس قبل تجيهم لمياء ..
جلست بالغرفة تدعي ربها يهدي قلبها .. ومن سمعت صوتهم يرحبون فيها قامت تبي
تروح لهم .. قربت منها تسلم عليها : ياهلا والله .. يالله انك تحيها ..
ارتسمت ابتسامة على وجهها وهي تجلس معاهم .. هي كذا دايم مبتسمة رغم كل آلامها
وجروحها .. تكلمت امها بفرحة عجزت تخفيها .. موافقتهم واستعداداتهم وكل شي ..
كانت تناظرهم وهي تخفي كل احاسيسها لكن شعور واحد هالحين يراودها .. يالله وش
كثر تحمل لهم حب بقلبها .. هالفرحة اللي لها بقلوبهم تشوفها بلمعة عيونهم حتى شيخة
اللي تداريها وتخاف تقول طاري العرس عندها كانت متحمسة لها ..
حصة تصب لهم القهوة وكلهم قاعدين ومستانسين .. التفتت ام راكان للمياء : يابنيتي
يالمياء .. انتي تعرفين ماحولنا اسواق ولا عمرنا طبيناها .. والمهر جهزو لها انتو اللي
ودكم فيه ..
تكلمت نورة بسرعة : لا يمه انا ابي نص المهر لي .. والباقي يسوون فيه اللي يبون وبعد
هاللي بيجهزون لي منهم .. ابيهن يفصلن لخواتي وبنات عمي منهن لعرسي .. ولتس انتي
وخالتي ..
محد اعترض على كلامها .. ماصدقو انها اقتنعت اخيرا ورضت .. وهذا شي من ابسط
حقوقها .. وبدت الفرحة على وجيه البنات انها حتى بهالعرس مانستهم ..
كبرت نورة كثير بعين لمياء وماندمت انها بيوم اختارتها لاخوها .. تشوف انها تستحق
تهدى لها السعادة والراحة مثل ماتحاول هي تسعد قلوب كل اللي حولها .. : طلال بيجي
بعد بكرة ان شاء الله ويتفق مع العم ابو راكان على كل شي .. وانا جيت لكم اشوف وش
اللي تحتاجونه لا رجعت الرياض .. ومادام تبوني انا اللي اختار لكم .. ابد ابشرو باللي
يرضيكم ..
ارتسمت الفرحة على وجوههم .. وبدت تتوزع الابتسامات .. كانو يحتاجون هالفرح من
زمان والله ماخيب رجاهم .. جتهم التباشير ورا بعضها .. بعد ماطلعت لمياء من عندهم
وراحت معاها موضي توصلها .. قعدت نورة مكانها وهي تسمع تخطيطاتهم للعرس وش
يبون يسوون ومن هالسوالف .. احساس رضى سرى بداخلها على شوفة هالفرحة بقلوبهم
كانت كفيلة انها تنسيها شوي من همها اللي متعبها لابعدت عنهم ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:17 PM
على الواجهة البحرية في الدمام .. جلسو بعد صلاة العصر .. الجو هالأيام بالنهار يكون
حلو .. هي وزوجها وعيالها وبينهم قهوتهم والحلى اللي شارينه من محل الحلويات ...
صار لها من تزوجت الحين 9 سنوات .. تأملت عيالها اللي يلعبون حولها .. ولدين بعمر
الزهور خالد اللي عمره 7 سنوات .. وريان اللي عمره 3 سنوات .. وهالطفلة الصغيرة
اللي ماكملت شهرها الثالث " ديم " تشوف فيها نفس ملامح بنتها اللي فقدتها .... تحمل
نفس البراءة والرقة .. رجعت بالزمن 15 سنة وتذكرت ذاك اليوم المشئوم اللي حمل
لها خبر رجعة ابوها لهم بعد غيابه .. كانت نايمة ويوم صحت قالو لها انه ابوها اخذها
مشوار وبيرجعها ..
طال انتظارها وتعالى رجائها انهم يرجعون بنتها .. انتظرت اكثر وجاها بوجه عابس
ارتابت كثير اول ماشافته قرب منها وتكلم بصوت الى الآن تسمع رنته بإذنها : قولي
لا اله الا الله ..
هزت راسها باستنكار ومسكت يده تترجاه : تكفى لاتقول بنتي صار فيها شي طلبتك ..
قال لها كلام مازال صداه يتردد الى هاليوم في قلبها .. : صار عليهم حادث بالطريق
والبنت من وصلت المستشفى توفت .. وابوها في العناية المركزة ..
ابد مارحموها ولا رحمو ضعفها .. اثقلوها بهالهموم بلا ذنب يذكر .. حتى عزا بنتها
منعوها تحضره .. شلون تروح لناس هي بنظرهم بلا اخلاق او شرف .. ترجتهم بس
تشوفها وتودعها ولكن محد سمعها .. تحملت قسوة العيش ببيت اخوها ومرته اللي
كانت تعايرها على الطالعة والنازلة .. وترمي عليها كلام مؤلم عن شرفها اللي ضيعته
واخوها اللي كل ماشافها شكى لها من ضيق حاله وانه مو قادر يتحمل مصاريفها رغم
انها كانت تتنازل عن الكثير قدرت بصعوبة تشتغل في احدى المشاغل النسائية عشان
تلبي كل احتياجاتها ومصاريفها وتريح نفسها من زن اخوها عليها .. اللي كل شوي
جايب لها عريس على كيفه وكل واحد فيهم من اصحاب الملايين .. وبعد رفضها لاكثر
من شخص هددها يطردها ويتركها تعيش باللي يجيها من المشغل .. متحجج انه البيت
صغير وجودها يسبب لهم زحمة بهالبيت .. اضطرت مع هالتهديد انها تستسلم وتتزوج
هالرجل الغني رغم انه متزوج بأخرى .. امرها تترك هالشغل وتتفرغ لبيتها وزوجها
والحين هي تعيش حياة مستقرة يكفيها وجود اطفالها حولها وهالشي كفيل انه يزرع الفرح
بقلبها .. حتى لو كان هالفرح ناقص بعد مافقدت بكرها .. صحت من زحمة افكارها على
صوت صياح ديم .. لمتها لحضنها وبدت تسكتها سحبت شنطتها وطلعت منها الرضاعة
وبدت ترضعها .. كان يسولف لها عن المال والاعمال عن كل شي بس مو هذا اهتمامها
هي ام وجبلت على حب اطفالها .. وهالشي عندها بكنوز الدنيا كلها ..
أذن المغرب وقامو لأقرب مسجد يصلون وبعدها يروحون لبيتهم .. كانت دائما ماتردد
في قلبها دعاء بأن يجمعها الله مع بنتها في الجنة .. بعد ماحرمت منها في الدنيا .. صلو
المغرب ورجعو لبيتهم .. شالت بنتها وطلعت لغرفتها كانت تسمع صراخ ريان وراها
طلعت من شنطتها حلاو مصاص ومدته له تبيه يسكت عنها حطت ديم بسريرها الصغير
فتحت درجها وناظرت صورتها اللي حفظتها من ضمن الصور اللي ماقدرو ياخذونها
منها .. " يارب اجمعني بها في جنات النعيم " رجعت الصورة مكانها وتركت ديم تنام
وطلعت تقعد مع عيالها وزوجها ..
/
\
/
\
البيت كله انقلب فرح هاليومين احساسهم برضى نورة ارضاهم كثير .. ونايف واتفاقهم
معاه .. وطلال اللي اليوم راح يجيهم وتتحدد كل الامور بزواجه من نورة .. رغم ان
حصة من الليل وهي مريضة .. الا انها كانت تناظرهم وهي منسدحة وتشارك خواتها
فرحتهم ..
اما هو كانت جيته هالمرة غير .. كان متأكد ان كلمة ابوها مستحيل تتغير بس رفضها
اللي وصل له قهره .. هالمرة جاي يبي ينهي كل شي بسرعة .. مايبي يفكر لان التفكير
بالنسبة له تراجع .. وصل لهم وكانت هالمرة القرية غير .. يعرفها ويعرف بيتهم ..
وهالبيوت اللي من شافها رجع باحساس ثاني .. احساس امتنان عظيم للخالق اللي اسبل
عليه بواسع نعمته .. ومنظر ابو راكان كان كفيل انه يعظم احساس الشكر للخالق على
نعمة الصحة .. هالمرة ماكان موجود الا هو وعيال اخوه ورجال كبير في السن اكيد
انه يقرب لهم .. سلم عليهم وجلس .. ورغم انه متعود على مخالطة الرجال والاجتماع
معاهم مهما كانت مراكزهم الا انه هالمرة تمنى ابوه يكون معاه .. حس انه ضايع ومو
عارف شلون يبدأ ويتكلم .. حددو الزواج بعد شهر ونص .. وتكلمو في كل امورها
ومن بين كل الكلام كان يوصيه على بنته .. كان يتكلم معاه وعيونه تناظر سلمان ..
هالولد مملوح وعيونه فيها شقاوة .. قرب من ابوه وتكلم بصوت حتى هو
سمعه : يبه امي تبي العرس بالديرة ..
ابتسم بخاطره وهو يشوف ابوه يسكته وقبل يتكلم ابو راكان بادره : ان شاء الله العرس
بالديرة .. واحنا لارجعنا الرياض الاهل بيسوون حفلة كبيرة ويعزمون معارفنا ..
علامة استفهام كبيرة اعتلته بذاك الوقت لو قبل شهر احد قال له انت بتتزوج وتخطط
للزواج بيحس ان اللي يكلمه مجنون والحين هو قاعد يتفق على كل مراسم زواجه ..
معقولة يكون تخطى مرحلة حنين .. او ان احساس التحدي بداخله معطيه حماس انه
يشوف هالبنت ويعرفها .. كان متأكد انه مو بسهولة هالموضوع ينسيه حبه الأول و
ايامه معاها ولو انه اغلبها كانت بالنسبة له خيبة امل ..
البنات كانو طول الوقت واقفات بشباك بيت ام محمد يناظرونه .. كان الشباك خشبي
ومن بين الفتحات اللي فيه كانو يناظرونه .. وهم يتهاوشون كل وحدة تبي تشوفه الا
نورة اللي ماكان هالانسان اللي قاعد برا يعني لها اكثر من رجل فرض عليها التفتت
موضي عليها : ياويل حالي يالنوري تعالي شوفي الزين ..
طنشتهم ماتبي تقوم ولا تبي تشوف شي : قلت لتس مانيب جاية ولا ابي شوفته ..
موضي وهي تطق سارة اللي تسحبها وبتوقف مكانها : سويرة انقلعي عني بشوف
رجل اختي .. وش ذا الحسد اوووف ..
زمت شفايفها وهي تناظره : وش هالحظ اللي جاكن كل وحدة جايها واحدن مريش
ودراهمة ماليتن جيوبه ..
صرخت فيها امها على طول : سويرة وش هالحتسي ؟ تبين تحسدين بنات عمتس
ادعي لهن ربي يسعدهن ويسخر لهن رياجيلهن ماهوب تحسدين حظهن ..
زفرت بضيق من كلام امها : وش اني قايلة الحين ؟ .. مابي الا الله يعطيني مثل
حظهن واعرس على واحد من الرياض ويعيشني بالعز اللي بيعيشونه ..
مسكت موضي طرف دراعتها من عند الصدر : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ
مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّـاثَـاتِ فِى الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ
إِذَا حَسَدَ ) ونفثت على صدرها .. عويذ الله منتس يالحسودة .. عز الله بتوقفين
رزقنا وما اعرسنا ..
طقتها بقوة خلتها تطيح على الارض : من زين رجلتس تراني شايفته ماهوب مثل
هالمزيون ولا عنده مثل دراهمه ..
مدت لها لسانها تبي تقهرها وقبل تتكلم او تقول شي مسكتها امها : اركدي يامال
الصلاح ماعليتس فيها خبيلة .. هدت الاجواء شوي الا من تفكير سارة اللي تتمنى
مثل حظ بنات عمها .. ومشاعر نورة اللي تحس بأنها تعيش آخر ايامها بهالديرة
ومع اهلها ..
اما هو مشى بعد صلاة المغرب راجع للرياض .. ثقل على قلبه كالجبال العرس
تحدد معناها كل شي راح ينتشر وكل معارفهم بيعرفون هالخبر .. وهذا معناه
انه راح يوصل لحنين وتعرف هو متأكد انها ماتستاهل حبه بس يحس انه خذلها
وهالاحساس بالنسبة له قاتل .. وصل للبيت وتجاهل الكلام مؤقتا مع اي احد ومن
بكرة راح يعلم اهله بكل القرارات والاتفاقيات اللي صارت .. ما اطال التفكير
بهالموضوع كل شي بالنسبة له كان مرهق بما فيه الكفاية وهو محتاج ينام
ويرتاح عشان يبدأ يوم جديد ..
هاليوم بالنسبة له اسعد ايام حياته .. طريقه للرياض يحمل له اكبر فرحة كان يتمناها
من سمع موافقتهم ورضى البنت وهو يتمنى يرجع بنفس اليوم بس اضطر يكمل الى
يوم الثلاثاء ويرجع يكلم اهله ويتقدمون لها رسمي عشان يحددون كل شي حسب
عادات اهل البنت وجماعتها .. وقع الصباح بالمدرسة ومشى راجع للرياض .. كان
يسابق الوقت حتى يكتب له يلتقي بمحبوبته .. اللي اختارها من بنات هالكون كله ..
وصل قبل الظهر ودخل بيتهم وهو يمني النفس بشوفتها في اقرب فرصة خصوصا
انه ماشافها من زمان وشوقه اللي فيه اكبر من احتماله .. شاف امه وابوه قاعدين
بالصالة على الارض ويناظرون التلفزيون .. دخل عليهم وسلم وقعد معاهم .. كان
ينتظر الفرصة تجي له ويفتح معاهم الموضوع .. حاول يخفي فرحته وبدا يتكلم مع
ابوه : يبه .. انا نويت اكمل نص ديني واتزوج ..
تهلل وجهه فرح .. وناظرته امه بسعادة ماتوصف : هذي الساعة المباركة يانايف ..
والله اني من زمان انتظر الله يهديك وتجيني تبي العرس ..
كمل ابوه على كلامها : اجل نعقد العزم نروح لبيت عمك نخطب لك من بناته ..
قاطعه قبل يكمل كلامه : لا يبه الله يهداك وش بنات عمي .. انا مختار وقاضي
من زمان .. بس ابيكم تروحون معاي ونكلم اهلها ..
مع انه كان يتمنى ولده ياخذ وحدة من بنات عمه لكن بالأخير احترم رغبته وماحب
انه يكدر خاطره : ابشر وانا ابوك .. اعين ياولدي واعاون من هي اللي تبيها وان
شاء الله نصلي العصر ونروح لابوها نخطبها لك ..
تردد شوي قبل يتكلم وهو يقاوم صورتها اللي بخياله : يبه بس البنت مو بالرياض ..
عدل جلسته وناظره باهتمام : اجل وينها فيه ؟
تنقلت نظراته بين امه وابوه يبي يشوف ردة فعلهم : من الديرة اللي انا ادرس فيها ..
قاطعته امه على عجل : بدو ؟
هز راسه بإيه .. وتكلم ابوه على طول : لا ياولدي ما اتفقنا على كذا انت تعرف
عاداتنا ماناخذ من البدو ولا نعطيهم ..
بطبعه عصبي ويتنرفز على طول ضبط اعصابه لانه مايبي يتنرفز على امه
وابوه : يبه وش عاداته هذي اللي انتهت من زمان .. والبدو وش فيهم ماهم
باوادم يوم ماتعطونهم ولا تاخذون منهم ..
هز راسه بالنفي ينهي النقاش : بنات عمانك وجماعتك عندك اختار فيهم اللي
تبي ومن نسلم من صلاة العصر رحت معك نخطبها .. اما البدو لاهم منا ولا
احنا منهم .. البنت يجيها نصيبها من ديرتها ولا بكيفها ..
مسك راسه يبي يستوعب كلام ابوه اللي يسمعه : يبه انا مكلمهم ومتفق معهم ..
وسألو عني وعنكم وعطوني الموافقة وخلصنا .. بس نروح لهم ونحدد كل شي ..
قاطعه بعصبية : ومن اللي قال لك تفتي من راسك .. ماتعرف عاداتنا من خلقنا
وهي معنا ؟ وش اللي يخليك تروح للناس وتكلمهم وانت ماشاورت اهلك ؟ ولا
رحت هناك وسرحت بهالديرة على كيفك وشفت بناتها وتبي تاخذ منهم ..
قام واقف وهو يحاول يضبط اعصابه لآخر لحظة : انا مارباني الا انت وتعرف
شلون ربيتني وبنات هالديرة ماشفت منهم الا الستر والسنع اللي ماشفته ببنات
عمي وهالبنت انا خاطبها وموافقين اهلها مقدر الحين اجيهم واقول لهم انتو بدو
ومانبيكم ..
كان يناظر امه يبيها تتكلم او تقول شي بس توقف بصفه لكنها اكتفت بالصمت
وهي تتابع نقاشهم الحاد .. قام ابوه وقبل يمشي تكلم بكل صرامة : يانايف انا
قلت كلمتي وحدة وما اثنيها ,, بنات الجماعة خذ منهم اللي تبي اما بدو انسى
اني ارضى ولدي ياخذ منهم ..
وطلع من البيت تارك نايف يصارع حيرته من كلام ابوه من عادات ظالمة توقع
انها انتهت من زمان .. التفت على امه بنظرة رجا : يمه يرضيك اللي سمعتيه؟
اخطب بنت الناس واكلم اهلها وش اسوي الحين ووش اقول لهم ؟ ابوي ركب
راسه ومايبيني اخذ منكم ؟
صفقت يدينها وهي تردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. والله ياولدي مابيدي حيلة
تعرف ابوك لا قال الكلمة مايغيرها .. وانت الله يهداك وش اللي خلاك تروح لهم
وتخطب بنتهم وتعشمهم وانت تعرف ابوك ..
جلس جنبها ومسك يدها : يمه تكفين كلميه ترضينها لولدك ؟ يمه طلبتك لا ترديني
ناظرت فيه بحنان وهي تهز راسها : ان شاء الله بكلمه .. بس ما اوعدك ولا ابي
امنيك بشي ما اعرف تاليه ..
كل شي بالنسبة له تحول الفرح لحزن .. والامل تهشم وتحول لألم ولا هو قادر
يصدق اللي يصير معاه .. هالموضوع نساه او بالاصح ما جا على باله ماتوقع
ان ابوه يحمل هالتفكير المتخلف .. ماكان يدري وين يروح بعد هالصدمة اللي
تلقاها .. هالبيت بالنسبة له هدم حلمه وهو توه يبنيه .. يبي يبعد شوي وينفرد
بنفسه .. يبي يعيد حساباته يمكن يلقى حل لهالمشكلة اللي طاح فيها .. طلع من
غير مايسلم على امه وهو مايدري وين يروح بالضبط ..
/
\
/
\
واقفة تغسل المواعين وهي تتأفف ومو عارفة شلون تنظفها : يمممممممه خلي
رغيد تجي تساعدني والله تعبت ..
ماتت ضحك على اختها وهي واقفة حايسة بهالمواعين : الحين هالكم صحن
والكاسات تبين من يساعدك فيهم ؟ اجل وش اقول انا اليوم اللي تكسرت يديني
من مواعين الغدا ..
وقفت رغد من وراها وقالت بصوت عالي : وهي الصادقة واصلا اليوم الدور
عليك .. امي تقول كل يوم على وحدة والله مو شغلي انا قاعدة ارتب بالصالة
قبل ما انام .. مو ناقصة يقوموني عشان ارتبها ..
مسكت الصحن بيدها كأنها بترميه عليها : وش ترتبين اصلا ؟ صالة مافيها
الا زولية وتلفزيون والكنب توه مابعد طلع ..
حطت دانا يدينها على اذونها تسكرهم .. : بروح انام احسن لي من هالازعاج
خلاص لاتكبرونها كل يوم وانتو تتهاوشون .. كلنا مانعرف نشتغل ولا عمرنا
سوينا شي .. بس الحين حدنا الزمن ولازم نساعد امي اجل احنا نقعد ونرتاح
وهي تكرف .. يكفي ان الغسيل والكوي والطبخ عليها ..
سكتو ثنتينهم راضيات بهالكلام .. وطلعت رغد تكمل ترتيب الصالة من كل
الاشياء اللي مناثرينها .. وراحت دانا للغرفة اللي تجمعها مع خواتها تبي تنام
بالغرفة الثانية اللي تنام فيها ام عادل مع ولدها رائد كانت قاعدة تكلم عادل
وتفاتحه في موضوع دانا : وانا والله ياوليدي مادري اعلمه الحين ولا اخليك
انت تعلمه وتقول له الموضوع بطريقتك ..
تكلم على طول : لا يمه اصبري مو وقته الحين .. انا ماصدقت البنت صارت
تسولف وتجلس معكم تبون تجيبون لها طاري الزواج .. خليها ترتاح شوي
مع الوقت انا بمهد لها الموضوع وبعرف نفسيتها تكفين يمه خوالي لا يتدخلون
ومحد راح يجبر اختي ابد .. اذا ماوافقت يدور نصيبه مع وحدة غيرها ..
كانت تسمعه وهي تحس بارتياح لكلامه .. هي خسرت زوجها وماتبي تخسر
احد من عيالها وبهالزمن محتاجة اللي يكون سند لها .. بعد ماسكرت من عادل
بعدت رائد شوي من حجرها وغطته وجلست تفكر بسير حياتها .. مايهمها
شي كثر ماتتمنى لعيالها وبناتها تتسهل حياتهم ويتوفقون .. ويكون حظ بناتها
احسن من حظها بهالدنيا اللي رماها على هالزوج اللي مايخاف ربه .. هي من
قلبها تتمنى يزيد لدانا .. شاب مقتدر وولد خالها وهالشي يخليها متطمنة للي
تبي تزوجه بنتها وتدري وش كثر يزيد يحبها ويمكن اذا تزوج بنتها بيداريها
عشانها هي .. وهالشي يخليها ترتاح كثير ..تبي تتطمن عليهم وتلقى لهم اللي
يسترهم ويكون سندهم بدنيتهم ..
رفعت راسها وشافت دانا واقفة على الباب تناظرها .. ابتسمت لها واشرت
لها بيدها تجيها .. : تعالي يمه ..
قربت من امها وحبت راسها وجلست جنبها : كنت ابي انام بس حسيت انك
اليوم كله كنتي مشغولة وماقعدت معاك .. قلت اجي اجلس شوي قبل انام ..
ابتسمت لها بحنية : اجل قايمة الحروب بالمطبخ ؟
ضحكت على كلامها اكيد سامعة كل شي : ايه ماتعرفينهم هالثنتين على كل
شي يتهاوشون ..
رفعت يدينها تدعي لهم : الله يهديهم يارب .. وش فيتس يادانا ضايقن خلقتس ؟
ابتسمت وهزت راسها تبي تطمنها : لا والله .. بس مابعد تعودت على وضعنا
هالحين .. والبيت ما اكتمل تأثيثه مادري بس ما حسيت بالاستقرار ..
وقبل ماتتكلم شافت نجود واقفة على الباب ومتخوصرة : ياسلااااااام قاعدين
سوالف وفلة حجاج وانا اكرف بالمطبخ ..
اشرت لها تسكت ماتبيها تصحي رائد : اقصري حستس لايقوم هالحين علي
قامت دانا على طول : زين يمه انا بروح انوم الحين تصبحين على خير ..
تكلمت بصوت هامس : تلاقين خير وانا امتس ..
وطلعت دانا وراحت تمشي هي ونجود لغرفتهم شافو رغد نايمة ونص اللحاف
مو عليها : ماشاء الله هذا وهي توها نايمة عفست الدنيا ..
قعدت تحك راسها وهي تفرش فرشها اللي تنام عليه : وربي مادري شلون
هالحريم يسوون كل شي .. انا من بعد ماتعشينا وانا اغسل بهالمواعين ومابغت
تخلص .. شلون ينظفون ويطبخون ويغسلون ولا وتقعد مع رجلها بعد .. على
رفالتي هذي عز الله ما اعرست ..
انسدحت على جنبها وهي تضحك على كلام اختها : توك صغيرة على الزواج
لا خلصتي جامعة وتخرجتي ذاك الوقت تزوجي .. ومن الحين لوقتها قدامك
حول الـ 6 سنين يعني بتصيرين خبرة ان شاء الله .. وخلاص مابي اسمع
شي ابي انوم خلاص ..
سكتت نجود وحاولت هي تلغي كل شي كان مؤرق حياتها على الاقل هاللحظة
تبي تنام وهي مرتاحة وراضية عن نفسها ..
انواع النقاشات الحادة قاعدة تصير اليوم .. لمياء وحماسها لتجهيز كل شي
لنورة ورسيل واعتراضها على حضور الزواج في الديرة .. وسما واندفاعها
لهالزواج .. وام طلال ومحاولة تنسيق الرد المناسب في حال احد سألهم عن
سبب اختيارهم نورة .. قعدون يقلبون بكتالوجات الأزياء اللي قدامهم وكل
وحدة فيهم تختار لهم فستان .. : تدرين عاد انا بوديه لهم واخليهم يختارون
اللي يبونه والله احترت ماعرف وش اللي يعجبهم ..
ناظرتهم وهي مستغربة اهتمامهم بهالزواج اللي معارضته شكلا ومضمونا
من البداية : قراوى وش اللي يعرفهم اصلا وش اللبس اختاري لهم اي شي
اكيد يعجبهم ..
التفتت لها امها معصبة : رسيل وش هالكلام ؟ للحين ماخلصنا من كلامك
اللي مايسوى .. خلاص الله كتبها من نصيب اخوك اذا ما احترمتيها هي
احترمي اخوك .. وخليني اسمع منك هالكلمة مرة ثانية ..
سكتت وهي مقهورة منهم كل ماتكلمت سكتوها .. ام طلال قعدت تصارع
كل التناقضات اللي بداخلها هي خايفة من هالتجربة ورغم انها كانت دايم
تقابل المحتاجين بالجمعيات الخيرية اللي تروح لها .. بس هالمرة بتروح
لهم بديرتهم بتشوف شلون هم يعيشون .. شلون حياتهم اللي سمعتهم يتكلمون
عنها وماعمرها شافتها .. اتصلت على خالتها تبي تبلغها بخبر خطبة ولدها
كانت تبي الخبر يوصل لحنين بأسرع طريقة ..
استأذنتهم لمياء راجعة لبيتهم بعد ما اتفقت يروحون من بكرة للسوق يشترون
لنورة كل شي تحتاجه .. وقعدت رسيل مكانها طول الوقت تتأفف من حماس
سما اللي مطفشها ..
سما كانت تشرب عصير وهي تناظر امها : ريسو .. تتوقعين شلون عايشين
ببيوت طين ؟ يعني نفس اللي بالجنادرية ؟
التفتت عليها وناظرتها مستغربة : وهذا شي يخليك متحمسة انك تروحين لهم
روحي الجنادرية ولا الدرعية وريحي نفسك ولا تغثينا ..
قاطعتها بنفس الحماس : لااااا شلون ما احضر عرس اخوي .. صاحية انتي
بعدين غير الزواجات اللي دايم نحضرهم يعني بشوف اجواء غير ..
دخل عليهم ابوهم بوقت نقاشهم .. وسمع رسيل وهي تكلم سما : عني انا ما
راح اروح ابد .. لا جو الرياض وسوينا لهم حفلة ذاك الوقت اشوفها ..
شهقت سما على طول : من جدك ؟ ماتبين تحضرين عرس طلول؟
التفتو ثنتينهم على ابوهم وهو يقول بصرامة : كلكم بتروحون محد قاعد ..
قامت على طول تبي تعترض : لا والله ما اروح هذا اللي ناقص بعد ..
شافت امها تهددها بحركة يدها قعد ابو طلال واخذ الجريدة اللي على الطاولة
اللي جنبه : والله ماتحلفين علي .. زواج اخوك وكلكم بتروحون محد قاعد
ماقدرت تعترض على كلامه وطلعت لجناحها زعلانة ..
اما سما قربت جنب ابوها وقعدت تسولف معاه وتعيد عليه اسألتها اللي من
راحو وهي كل شوي تسأله عن الديرة وبيوتها واهلها وكل هالتفاصيل ..
/
\
/
\
بمكان ثاني وببيت ام سعود قامت الدنيا ولا قعدت بعد ماعرفت بخطبة طلال
للحين ماتدري من هي اللي خطبها كل اللي تعرفه انه زواجه بعد شهر واقل
من اسبوعين .. ومن سمعت هالكلام جن جنونها .. ركضت لغرفتها وخذت
الجوال وعلى طول اتصلت على منال .. ومن سمعت صوتها انفجرت فيها
تصيح : منوووو الحقي علي .. طلال بيتزوج
ما استوعبت اللي قالته لها : وشوووو ؟
مسحت دموعها بيدينها اللي ترتجف وعادت كلامها : طلال خاطب وبيتزوج
منو تكفين تعالي ابيك الحين .. وربي ماني قادرة اصدق اللي سمعته .. وربي
ضاقت فيني الدنيا ..
ناظرت ساعتها شافت الوقت بعده مبكر تروح لها : اوكي الحين جايتك ..
سكرت منها ورمت نفسها على سريرها تصيح .. بالفترة الاخيرة كانت متأملة
انه يرجعها .. سمعت كلام من امها كثير انه للحين يحبها ومانساها .. كانت
تبيه يجي لها يقول انه يبيها وترجع له .. بدون حتى اي شروط لانها تبي تستقر
وتعيش حياتها مثل كل اللي حولها .. والحين يوم عرفت انه بيتزوج تحطمت
كل آمالها هذا معناه انه نساها .. انه تجاوز مرحلة حبها وراح يدور غيرها ..
قعدت تصيح بصوت عالي وهي تتذكر كل شي صار معاه كلامه ,نظراته, حبه
اللي غرقها فيه .. وكانت تتجاهل وتطارد ورا ملذات حياتها والحفلات وجلسات
البنات .. وروحات المجمعات والزواجات اللي ماعمره حرمها منه ..
بحياتها ماحست انها متحسفة عليه كثر هاللحظة كانت متأكدة انه بيرجع الحب
اللي لها بقلبه كانت واثقة منه وعارفة انه مستحيل يعطي هالحب لغيرها ..
تذكرت قبل زواجها بـ 3 اسابيع يوم تعبت وتنومت في المستشفى يومين مستحيل
تنسى نظرة الخوف بعيونه .. واحساس الحب اللي غمرها .. هداياه اللي هاليوم
مازالت عندها .. صور ملكتهم وزواجهم كل هالتفاصيل اللي تحتفظ فيها للحين
مو قادرة تصدق انه هالانسان بيروح لغيرها ..
فتحت الدرج وطلعت البوم صور زواجها .. ماكانت تقدر تشوفهم زين من الدموع اللي
ملت عيونها .. " لاااا .. لاحد يقول طلال راح لغيري .. لااا مستحيل " كانت
تقاوم صرخاتها لا تطلع وتملى هالبيت .. تأملت الصور وش كثر كان فرحان
فيها .. لحظات مانستها ولا عمرها راح تنساها .. رغم انه من طلقها ماعاد سأل
عنها ولا عاد جاب طاريها .. حتى امه وخواته ماعاد صارو يحتكون فيها ..
اخذها الوقت ونست نفسها مابين هالصور ورجعت لها كل الذكريات الحلوة اللي
بيدها هدمتها .. النعمة اللي كانت بيدينها ورفستها .. جاتها منال وشافتها على
حالها قربت منها وضمتها : حنينو هونيها وتهون لا تكدرين خاطرك ولا تزعلين
مثل ماراح هو لنصيبه بيجيك انتي نصيبك ..
غمضت عيونها وهي رافضة تسمع هالكلام : بس انا مابي غيره .. والله مابي
غيره .. ليش مارجع لي ليش يروح لوحدة ثانية غيري .. ليش وهو اللي كان
يحلف لي عمره ماحب ولا راح يحب غيري ..
ربتت على ظهرها وهي تحاول تهديها : هذاك اول ياحنين خلاص 6 سنين
انهت هالحب من زمان ..
بعدت عنها وقالت بصراخ : بس هو مانساني كلهم يقولون للحين يحبني مايبي
العرس لانه للحين يحبني وماقدر ينساني ..
ناظرتها وهي منهارة وتكرر كلامها كل شوي : حنين اصحي لو يحبك كان
جا لك ماراح لغيرك .. هذاك اول يوم كان يحبك ويبيع الدنيا كلها عشانك بس
انتي تكبرتي عليه وقلتي له انك ماتبينه .. ليش تلومينه يوم راح لغيرك ..
سكرت اذونها وقعدت تصارخ بصوت عالي : بسسسسسس .. اسكتي مابي
اسمع منك شي .. انا ابيك تواسيني وجايتني تزيدين النار اللي بقلبي ..
قربت منها ومسكت يدها تهديها : انا ابيك تشيلينه من راسك .. طول عمرك
ماتبين احد يكلمك عنه .. ليش الحين اللي تبينه ..
رمت نفسها على مخدتها وبدت نحيبها : لاني احبه .. ومستحيل اخليه يروح
لوحدة غيري .. والله احبه افهميني يامنال ..
قربت منها وبدت تهديها من وصلت لها وهذا حالها تبكي وتردد نفس الكلام
وكل شوي تقول انها تحبه وان طلال لها .. وانتظرتها لحد مانامت .. ونامت
هالليلة عندها ..
جلست معاهم توريهم هالموديلات اللي اختارتهم ..وكل وحدة فيهم متحمسة
لفستانها اللي تبي تفصله .. ناظرت نورة بالموديل اللي اختارته لها لمياء
وهزت راسها بلا : لا يا ابلة مابيه تسذا .. شلون البسه عند جماعتنا والله
ما البس عاري ابد ..
ضحكت على كلامها : اولا مليون مرة اقول لك ناديني لمياء .. لعنبو ابلسيك
اخت زوجك وتناديني ابلة .. ثاني شي هالفستان مو عاري بس الكم من قماش
التل ..
حركت يدينها قدام وجهها معترضة : لا لا .. مابيه اذا هو تسذا هاتي لي غيره
بعد تفكير حاولت تقنعها : الفستان عاجبك ؟
هزت لها راسها بإيه وكملت كلامها .. : خلاص انا اخلي الخياطة تعدله لك
ويصير ساتر نفس اللي تبينه .. كذا زين ؟
ابتسمت لها على طول : ايه ..
ناظرت موضي وسارة اللي يتهاوشون على نفس الموديل .. وضحكت من
قلب : خلاص لاتطاقون ولا شي افصل لكم ثنتينكم نفس الموديل وتطقمون
بالعرس ..
كانت تضحك معاهم ومستانسة على بساطتهم .. اختياراتهم كل شي كان يتسم
بالبساطة .. كانت تبي تختار لهم فساتين مناسبة لمحيطهم وبنفس الوقت تكون
راقية وعلى الموضة .. بعد ما اتفقت معاهم على كل شي واخذت قياساتهم
خصوصا انهم كلهم تقريبا اجسامهم واطوالهم مشابهة لبعض .. كانو اضعف
منها .. لكن الطول مقارب لها .. سلمت عليهم واستأذنتهم بترجع الرياض من
بكرة ..
بهالموعد كان يصادف رجعة راكان اللي يبي يساعد اهله باحتياجات العرس
وطلباته في ديرتهم .. مدت له نورة مبلغ من اللي عندها بدون حتى ماتعده ..
وهي مبتسمة له : هذي خلها معك اشتر لك ولابوي ولسلمان وعيال عمي كل
اللي تبونه بالعرس .. واهم شي لا تنسى البشوت ابي اشوف ابوي وهو لابس
البشت ..
يا الله وش كثر هالبنت تحمل تضحية بقلبها .. هذا كان احساس الكل وهو
يناظرها .. مد يده واخذ المبلغ منها وابتسم لها التفتت عليهم وشافت نظراتهم
لها .. لمعت دمعة بعينها وحاولت ماتصيح : وربي مدري شلون اقدر اعيش
وانا ما اشوفكم .. ولا ادري وشلون احس اني مستانسة وانا بعيدة عنكم في
ديرة ما اعرف فيها احد .. ولا ادري هالعالم شلون عايشين ..
وقامت على طول لانها ماتبي تصيح قدامهم .. بالايام الاخيرة كانت تقاوم
كل مشاعرها .. تبي تظهر لهم انها هي نفسها القوية اللي تعودو يشوفونها
حتى في اصعب الظروف تتحمل وماتنزل دمعتها .. هالمرة عشانهم راح
تتحمل كل شي بس ماتطفي هالفرحة اللي بعيونهم ..
كانو خواتها حاسين باحساسها .. الفرحة اللي بقلوبهم لها .. لكن احساس
الحزن لفقدها اكبر مايقدرون ينكرون هالشي .. بس مايبون يزيدونها على
همها هم .. كانو يضحكون لها وهم يكتمون احساس الحزن بداخلهم ..قعدو
شيخة وموضي يرتبون في الاغراض اللي جابها لهم راكان من الرياض
سمعو صوت امهم وهي تكلم راكان : لا تنسى بيت خالك وانا امك .. تراه
ناذرن لا اعرست نورة انه يحضر عرسها ..
التفتت لها شيخة معصبة : لا يعزمه ولا يجينا يمه .. هذا هو صار له 10
سنين ما نشد عنا وش نبي فيه الحين ..
ناظرتها بحزم وسكتتها : هذا خالتس ولازم يحضر عرس اختس .. ومن
اللي قال لتس انه مانشد عنا .. الحمدلله دايم تجينا علومه وتاصله علومنا ..
نفضت الغبار اللي بيدينها وضحكت : وينه ماجاتس ولا نشد عنتس وماقال
عندي خوات ولازم اشوفهن .. وينه مايجي لخالتي هيله اللي مالها بعد الله
غيره ..
هالمرة سكتها ابوها منهي النقاش : شيخة اقصري حستس خالتس ونبي
نعزمه تسانه بيجي حياه الله ..
دخلت للغرفة عند نورة وبدت في نوبة صياح .. وش اللي يجيبه الحين ..
هذا معناه سعد بيجي وبتشوفه وبتتجدد كل احزانها اللي حاولت تنهيها ..
قربت منها نورة : شيخة اذكري ربتس .. تراه خالتس لا تاخذينه بحوبة
ولده .. وسعد هذا شيليه من راستس بيجيتس نصيبتس اللي احسن منه
بعد ..
رفعت راسها وناظرتها .. بلعت ريقها وتكلمت : انا ماعلي فيه هو ..بس
ليش نقدرهم ونذكرهم وهم من راحو ماعاد ذكرونا ..
سحبت المخدة وحطتها ورا ظهرها ومددت رجلينها : ماعليتس فيه ؟ و
رسايله اللي تقلبينها ودموعتس اللي حفرن خدودتس .. ووقفتس كل يوم
على الدريشة وش تسمينهن ؟ ياشيخة تراه راح ولا عاد هو براجع لتس
ارميه ورا ظهرتس وعيشي حياتس .. خليني اروح للرياض وانا متطمنة
عليتس ومرتاحة ..
هزت راسها باقتناع .. وكملت بابتسامتها النقية : اجل شقيهن الحين ..
تكفين طلبتس ياشيخة عشاني هالمرة ..
قربت منها وحبت خدها : وربي انتس اغلى من عيوني .. ولو تطلبينهن
مني مايغلن عليتس .. الا هالرسايل تكفين يانورة وربي حتى لو احرقتهن
اللي بقلبي هو نفسه ماتغير ..
سكتت وماجادلتها ماراح يغير حبه الا حب جديد يدخل قلبها .. " عسى
الله يرزقتس بابن الحلال اللي ينسيتس سعد وينسيتس امن جابته "
/
\
/
\
في هالليلة شخصين كانت بيوم من الأيام تجمعهم حياة وحدة واحلام وحدة
الليلة كل واحد فيهم يفكر بالثاني كنهاية .. شي مضى وانتهى .. هو كان
يفكر بزواجه اللي بقى له 3 ايام بس .. بعد ما اجرو كشف ماقبل الزواج
وطلعت نتائجهم ايجابية اما هي مازالت في دوامة حزنها اللي ابتدت من
سمعت خبر خطبته ..
كان بغرفته اللي تغير كل شي فيها .. كل شي بجناحهم تبدل باشياء جديدة
وغرفة الملابس اللي قفلتها لمياء ماتبيه يشوف اغراض نورة .. كان قاعد
يبدل ملابسه يبي ينام .. يناظر بهاللي حوله كله .. غير عن قبل كل شي
اختيار امه الراقي في الاثاث .. تمدد على سريره وسحب الجوال من علي
الكومدينه ناظر الساعة كانت 1:36 ص .. كتب مسج قصير وارسله ورجع
الجوال مكانه .. دقايق وسمع صوت رنته .. : هلا والله ..
جاه صوته الهادي : هلا بك طلال .. فيك شي ؟
رفع نفسه شوي وسند ظهره على المخدة : لا مافيني الا العافية بس بغيت
اسولف معاك شوي .. لاتقول المدام جنبك الحين ..
ضحك على سؤاله : ايه جنبي بس نايمة اليوم بدري .. والله مدري عنها
يمكن تمثل علي والحين تسمعني .. اصبر خلني اطلع من الغرفة ..
اتسعت ابتسامته : وربي احسها بتطلع من الجوال تذبحني ..
سكر باب الغرفة وطلع بالصالة : حلال فيك الذبح .. بس مردودة بإذن
الله كل لحظة ازعاج وقلق عيشتني فيها راح اعيشك نفس اللي حسيته
قبل .. لعنبو ابليسك احد يدق الساعة 2 الا ثلث ..
قاطعه على طول : انا مادقيت ارسلت لك كانك فاضي كلمني واذا بتقعد تمن
علي سكرت هالسماعة في وجهك ..
مثل عليه العصبية وقال بتهديد : اذا انت رجال سوها .. " واختفى صوته
بعدها " ناظر الجوال وشافه فعلا سكر .. مات ضحك على حركته ورجع
اتصل عليه : ياخسيس تسكر السماعة بوجهي ؟
اطلق ضحكة عالية : انت متحديني وتعرفني ابد العناد يجري بدمي .. لو
هو ابوي عاندته ومشيت اللي براسي ..
صرخ بأعلى صوته : يااامسكينة هاللي بتاخذك والله ان امها داعية عليها
ورب البيت بتذبحها بعنادك وشخصيتك اللي تمرض ..
كتم ضحكته على اسلوبه اللي تعوده منه : بس تحبني ولا تقدر تستغني عني
ابد ...
استمرت مكالمتهم وقت طويل يدري انه يحب يسهر وارسل له المسج مايبي
يزعجه اذا كان مع زوجته كان محتاج يتكلم معاه كل ما اقترب موعد زواجه
زادت الهموم بقلبه .. كان اوقات يحس انه وده ينسحب .. يترك كل شي وراه
ويرجع يعيد حساباته .. يخاف من الفشل يخاف انه يحبها ويتعلق فيها وتعامله
بنفس برود حنين اللي اتعبه .. مايبي يتأمل بهالزواج شي لانه مايبي ينصدم
يبي يترك كل شي للأيام تعرفه من هي وكيف شكلها وش هي صفاتها .. هو
متأكد من كلام لمياء عنها انها انسانة اخلاقها عالية وهذا اكثر شي هو يطمح
له .. حاول يريح نفسه من تفكيره اللي اتعبه هو وعد نفسه انه يبعد حنين من
تفكيره وحياته مادام هو بدا حياة جديدة مايبي يكون مع زوجته بمشاعر منهكة
ومستهلكة .. ذكر ربه وتغطى وهو يطمح بنوم هادي بعيد عن اي منغصات او
أرق ..
وصلو مطار الرياض من ساعة والحين راجعين للديرة هو وامه وزوجته
وخواته الثنتين وعياله .. احساسه جدا غريب مشاعر مربكة تجتاحه من
فترة .. الندم اللي بدا يحسه على قراره اللي اتخذه في لحظة طيش وتسرع
والحنين اللي ياخذه لها ولذكرياته معاها .. كانت بريئة تحبه بجنون وهو
يحبها اكثر .. ويوم سافرو لجدة وعدها يخلص دراسته ويجيها يتزوجها
مثل ماكانو يحلمون .. راح هناك وتعرف بعد فترة على سحر .. جذبته
جرأتها كلام الحب اللي كانت تغرقه فيه .. واندفع بكل جنون لها تحدى
اهله عشانها .. وبعد صراعات ومشاكل رضو يخطبونها له .. تزوجها
ومن اول ايامهم بدت المشاكل.. عجز انه يعيش بدون مايشك فيها .. كل
لحظة تمسك فيها التليفون كان يحس انها ممكن تخونه وتكلم غيره مثل
ماكانت بيوم تخون اهلها وتكلمه ..
وكل لحظة يطلع فيها من البيت تزرع شكوك بقلبه وش اللي ممكن تسويه
من وراه ..كبرت بينهم المشاكل وطلقها .. لكن اضطر انه يرجعها بعد
ماعرف انها حامل بطفله الاول .. هو يدري انها مستحيل تسامحه ابد
مافي شي يغفر له اللي سواه .. هو خانها وخان براءتها واحلامها .. وبكل
برود اهدى لها الوداع .. اشتاق للديرة ولاهلها ولعماته .. يدري ان كل من
في هالديرة يكرهه بس هو ندمان ووده يصرخ بأعلى صوته ويعلن ندمه
يتمنى بس يعرف اذا هي تحبه او مازالت تحمل له مشاعر بقلبها .. تجاهل
نظرات سحر اللي في السيت الخلفي ومسلطتها عليه .. من اول ماعرفت
بروحتهم للديرة بدت سيل الاعتراضات والاحتجاجات .. تدري انه لا راح
للديرة بيذكرها .. كان دايم لا تهاوشو تكلم عن شيخة لها .. يبي يقهرها
ويستفزها .. وهالشي زرع بداخلها غيرة من هالانسانة اللي تجهل من تكون
تبي تشوفها .. تبي تعرف وش اللي فيها زود عنها عشان يعايرها فيها ..
اصرت تجي معاهم رغم انها مستحقرة هالديرة باللي فيها بس مستحيل
تخليه يجي من دونها .. مستحيل تتركهم يسوون اللي يبون في غيابها ..
كانت تتصور الكل مثلها متفتح ومنفلت .. ماكانت تدري ان شيخة رغم
صغر سنها في ذاك الوقت الا انها كانت تستحي منه كثير وبصعوبة
تكلمه .. وصلو للديرة عند بيت ام محمد راح يقضون هاليومين في الديرة
في بيت اهل ام سعد .. كان الاستقبال حافل لقاء بعد قطيعة دامت 10
سنوات .. منظر بيتهم المتهدم نصه وبيوت هالديرة رجع مشاعر قديمة
كانت تسكن قلوبهم .. هالبساطة اللي افتقدوها وقلوب هالناس اللي رغم
كبر ذنبهم سامحوهم .. اللقاء كان مؤثر بين ابو سعد وخواته اختلطت
الدموع بالضحكات .. وهو كان واقف يناظرهم شاف بعيون ابو راكان
عتب كبير له .. كان يدري انه مايستحق تسامحهم هو اخطأ ولازم يتحمل
نتائج غلطته كانت هالليلة مختلفة عن غيرها مشاعر حزن عميق اختلطت
مع مشاعر الفرح وبعد بكرة راح يكون زواج نورة اللي كلن كان ينتظره
ويتمناه ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:17 PM
من الصباح بدري جاتهم لمياء اللي قدرت تجيب لهم نقاشة من الرياض
كانت تدرك صعوبة هالشي خصوصا ان هالديرة بعيدة عن الرياض بس
زيادة المبلغ المالي كانت كفيلة انهم يجون قامو البنات من بدري واستعدو
لهاليوم .. تحنو وجابت لهم لمياء فساتينهم والاكسسوارات اللي يحتاجونها
بدا هالبيت خلية نحل كانت طول اليوم تصيح ودموعها مو راضية توقف
وهي تحسب انها ماراح تقعد بهالبيت اكثر من يوم ونص .. وبكرة في
الليل راح ياخذها زوجها للرياض .. حاولو يهدونها يقولون لها اي كلام
يشغلها عن التفكير بأهلها .. بس ماكانت تقدر تتجاوز هالتفكير ابد .. مر
هاليوم بسلام وجا يوم الزواج الموعود .. من الصباح بدا الازعاج في
البيت .. التجهيزات في الخارج واغلب اهل الديرة صاحين من بدري
وكل واحد فيهم يحس انها بنته ولازم يستقبلون ضيوف ابو راكان ..حطو
خيمة كبيرة للرجال بمدخل الديرة .. وخيمة اخرى للحريم قريب من بيت
ابو راكان في المساحة الفاضية اللي بين بيتهم والمزارع .. وجزء من
هالخيمة مغطى عشان تقعد فيه نورة وقت دخول طلال عليها .. ووقت
مايجون يسلمون عليها .. لانه في ديرتهم ماتنزف العروس .. جو كلهم
من بدري بيت ابو طلال وابو سلطان .. ورياض صديق طلال .. سما
من اول مامشو وهي تحس بحماس مو طبيعي حتى غلبها النعاس ونامت
بنص الطريق .. اما رسيل كانت مقهورة انهم اجبروها تجي هالمشوار
سيارة سلطان كان فيها ابوه وميساء وبناتها .. وسيارة احمد فيها لمياء
والكوافيرات اللي جابتهم معاها .. اما في سيارة طلال كان معاه رياض
وام طلال وبناتها وسامي مع ابوهم .. وصلو قبل صلاة العصر .. فتحت
رسيل عيونها على اتساعها وهي تناظر ديرتهم وعلى طول نزلت دمعتها
الناس وجمعتهم وفرحتهم بشوفة اهل طلال جايين مناظر بيوتهم الصغيرة
اذهلتها .. ماكانت متصورة ابد اللي كان ينقال لها كانت تتوقع الكلام فيه
نوع من المبالغة ولايمت للواقع بصلة .. لكن انها تكون بهالمكان صدمها
طقت سما على كتفها تصحيها : سموووي قومي شوفي قريتهم .. شي
يحزن وربي ..
فزت على طول من نومها وقامت تتلفت وهي متفاجأة مناظر ماتخيلت
وهي بنت العز والدلال انها بيوم تدخلها كل من في السيارة كانت وجيههم
تحمل ذات الملامح الدهشة والحزن والترقب .. اكثر واحد كان متضايق
هو سامي اما رسيل تحولت مشاعرها بهاللحظة لشفقة .. نزلو وهم مو
عارفين شلون هالناس اللي راح يستقبلونهم .. الترحاب الكبير وابتساماتهم
النقية اللي تجمل وجيههم ومشاعرهم اللي ماتعرف الكره ابد .. وبساطتهم
اللي تحبب الناس فيهم .. دخلو كلهم في القسم المخصص لنورة عشان
يجهزون وتجي نورة تقعد بعد مايخلصون كلهم عشان يبدأون فيها .. سما
كانت فرحانة عرفت خوات نورة وصارت لازقة فيهم وتسولف معاهم ..
واللي جات على جوها موضي .. اعجبها خبالها اللي يشابهها .. فيها نفس
الشقاوة والفضول .. رغم اختلاف طبقاتهم رسيل كانت مبتعدة عنهم بس
تتأملهم ومشاعرها مابين غرور وشفقة .. ام طلال تركت كل شي خلفها
وتعيش هاللحظة بكل تفاصيلها هالليلة اللي تمنتها من زمان اخيرا صارت
وماراح تتعب نفسها بتفاصيل ثانية .. ميساء كانت تطالعهم وبداخلها الف
فكرة وفكرة تتمنى تنفيذها .. بدو الاستعداد لهالليلة كل شي جابوه معاهم
اشياء حتى يمكن اهل القرية ماعمرهم شافوها او سمعو فيها ..
على صلاة المغرب جهزو كلهم .. وطلعو لهالخيمة الكبيرة اللي نصبوها
للعرس .. وجت نورة من بيتهم لهالقسم المخصص لها وبدأ مشروع تجميل
عروس هالليلة ... كانت ترتجف خوف وغصب عنها دموعها كانت تنزل
بغزارة بدو يهدونها شوي يبون يعرفون يحطون لها الميك اب بدت تهدى
وتسبح وتذكر ربها في هالوقت اللي يزينونها فيه .. انتهو منها وطلعو من
عندها .. لبست فستانها وساعدتها شيخة اللي كانت عندها..
شوي ودخلت عليها لمياء اللي تفاجأت من شكلها : ماشاء الله تبارك الله ..
لا اله الا الله عز الله بينهبل طلال اليوم ..
نزلت راسها بحيا وهي تمسك يد شيخة .. سمعو صوت راكان يناديهم من
برا وراحت شيخة تكلمه شوي وقالت لها انهم جايبين لها الدفتر اللي لازم
توقع فيه .. انسحبت لمياء وهي مبتسمة : خلي اخوك يدخل ..
دخل بعدها وجا عندها مد لها الدفتر يبيها توقع .. ارتجفت يدينها وطالعت
في شيخة برجاء : تكفين وقعي عني .. ماعرف شلون اوقع ..
على طول صرخ راكان : لااااااا تكفين الا شيخة هي وخطها اللي مدري
وش يبي ..
ضحكت على طول وخذت القلم : زين علمني شلون اوقع ؟
قعد يفكر شوي وبعدها قال لها : اكتبي اسمتس وحطي خط عليه يصير
توقيع ..
ناظرته باستفهام : راكان ؟
ضحك على طول عليها : والله مدري وشلون اللي يجي معتس ..
وقعت بالطريقة اللي حست انها اسهل شي ومدت له الدفتر .. حب راسها
وبارك لها : الف مبرووووك يالنوري عسى الله يكتب لتس السعادة يارب
ضحكت له ولشيخة اللي جات تسلم عليها وتبارك لها وقعدت كل شوي
تستقبل احد يجي يسلم عليها .. واصوات الطق والاهازيج من الفرقة اللي
حجزوها .. والحماس اللي تحسه من اصوات البنات .. دخلو عندها اهل
طلال ونزلت راسها اول ماشافتهم .. الكل انبهر من شكلها ابدا ماتوقعوها
بهالجمال وهالنعومة .. كانت بليلة عرسها حورية تبهر كل من شافها
سلمو عليها وباركو لها ووقفو يسولفون معاها .. كانت مستحية ومو قادرة
ترد عليهم ابد .. الوحيدة اللي تاخذ وتعطي معاها كانت لمياء .. رسيل و
سما كانو يتهامسون : وااااااااي ريسووو تجنن .. احلى من حنينوه ..
ناظرت فيها رسيل متعجبة : تبين الجد ؟ والله اني احسب لمو تبالغ بجد
ماتوقعتها بهالجمال .. رسيل اللي كانت متضايقة يوم شافت اهل الديرة
ارتاحت شوي بشوفة نورة .. على الاقل شكلها حلو وبيقولون خذو قروية
لانها حلوة .. دقايق وجاهم راكان يقول ان طلال بيدخل عندها هنا بس
وقف قلبها .. نادت امها ومسكت يدها بقوة : لا تروحين عني تكفين ..
ربتت على كتفها : بتغطى وانا امتس واجيتس ..
لبسو كلهم عباياتهم ودخلو عليهم راكان وطلال .. مشى معاه راكان لنورة
اللي جا ووقف جنبها سلم عليها .. وبعد ماوقف يناظر اهله التفت عليها
يبي يشوفها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:19 PM
الجزء السادس
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... يافاتنة .. !
ما بال احلامكِ تهوي بك ِ نحو سرادق الأحزان .. ؟
وما بال عيناك ِ تحكي تفاصيل الحرمان ,,
ورجفة يداك ِ تصور آخر لحظات الوداع .. ؟
قولي لهم ..
سينتهي العصر القديم بأوجعه ..
ستحلق طيور الحلم نحو بلاد الأفراح ..
سأمضي معه وبه وله .. وسأكون ملكته المتوجة
بكل فخر على عرش قلبه ..
قولي لهم ..
سنلتقي يوماً على مرافيء السعادة ..
ستجمعنا الأقدار مرة تلو الأخرى ..
وسأبقى انا ..
كما انا تلك البريئة الطاهرة العفيفة ..
وحتى ذلك الحين .. احتفظوا لي بين
اضلعكم دعوات صادقة .. وذكرى جميلة .. !
من بين كل اللي حوله وكل اللي ينقال واصوات التبريكات .. كان جاي هاللحظة
يبي يشوفها اول مارفع نظره لها خفق قلبه بشده .. وتسارعت نبضات قلبه بشكل
جنوني ماقدر يشيل عيونه عنها .. ابهرته ملامحها ونعومتها .. ركز نظره عليها
ونسى كل اللي يدور حوله .. كان يسمع تبريكاتهم بس عيونه كانت عليها رغم انها
ماكانت تناظره ولا رفعت عينها له .. كانت فاتنة الى حد صارخ .. ملامحها عربية
اصيلة يكسوها الحزن مهما حاولت تخفيه بابتسامتها الخفيفة .. التفت على طول
يدور لمياء شافها واقف تأشر له بيدها فهم انها تبيه يمسك يد نورة .. كان يحس
بارتباك فظيع لاول مرة يحسه .. مد يده وشبكها في ايدينها .. كانت باردة كالثلج
وحس برجفتها اول مامسكها .. : مبروك يانورة ..
لفت وجهها بحيا تدور امها وخواتها .. وجات عينها بعين راكان .. كان مبتسم لها
لمح في عيونها نظرة استنجاد .. يعرفها اخته خجولة جدا تستحي حتى من الحريم
اللي ماتعرفهم .. شلون وهي الحين تمسك يد رجال ماعمرها شافته ولا تعرفه ..
ظل يسترق لها نظراته بين فترة وفترة .. قرب منها سلمان اللي جا يركض وهو
فرحان ان اخته عروس .. ومو داري انها الليلة بتودعه .. جلسو على الكراسي
اللي حطو لهم بهالمكان .. كانت تطالع بكل شي الا هو .. واشغلت نفسها بسلمان
اللي يناظر فستانها وخيوط التطريز اللي فيه بانبهار .. اشر راكان لخواته يطلعون
وطلع هو بعد واخذ سلمان معاه .. وبهالوقت خذو ام طلال وخواته راحتهم معاه
كانو يباركون له بهالمناسبة .. ويرد عليهم برسمية .. ارهفت سمعها له ولكلامه
حست انه انسان ثقيل وراكز .. من بين الكل كانت لمياء مستانسة .. تحس انها
اعجبته .. ماقدر يخفي نظرته لها ولو انه حاول يكون جامد قدامهم .. بس كانت
تشوف شلون يستغل اي غفلة منهم او كلام عشان يناظرها ,, باركو لها وطلعو
سلمت امها عليها وقبل تطلع مسكت يدها .. كان ودها تصيح تبيها تقعد معاها ..
همست لها في اذنها تهديها : نورة الله يهداتس تراه رجلتس وبعد شوي بتروحين
معه بروح اشوف ضيوفي لاتفضحيني معهم .. استسلمت لها وفكت يدها اول
ما التفت لها شاف حركة صدرها اللي قاعد يطلع وينزل بسرعة .. رحم وضعها
وحاول انه يسولف معاها شوي يضيع ارتباكه وارتباكها وخجلها .. : شلونك ؟
قدر بصعوبة انه يسمع تمتماتها .. : بخير ..
صوتها وشكلها ابدا ماتخيلها بهالشكل .. قالت له لمياء انها كبيرة .. وهالشي هو
كان يظنه بس شكلها مو علي عمرها .. اللي يشوفها يعطيها عمر ببدايات العشرين
كانت نحيفة شوي .. وطولها متوسط امام طول طلال .. مكياجها كان ناعم والكحل
اعطى لعيونها سحر خاص اشغلت كل تفكيره وتجرد من اي تفكير في الماضي
هو يدري انه مانسى ماضيه ابد .. بس هو قرر ولازم يكون قد قراره ومستحيل
يظلم نفسه او يظلمها معاه .. اما الحب مازال مشروع مؤجل بالنسبة له ..
بمكان آخر وبين المعازيم جلست رسيل تناظرهم باستغراب كان اغلب هالحريم
لابسين براقعهم رغم ان كل اللي حولهم حريم ماكانت منسجمة ابد مع هالاجواء
حتى لبسها هي وسما اللي كان مصدر انتقاد اهل الديرة .. لانهم يشوفون انه مو
لبسنا ابد .. وحتى صوت الطق والاغاني الشعبية ماراقت لها .. كانت مستغربة
وناسة امها اللي نست كل شي بوقتها وكانت تعيش احساس ام العريس .. وسما
اللي كل ماقعدت معاها شوي قامت مع موضي وسارة يضيفون الحريم ..
جات وقعدت جنبها وهي تضحك : ريسو وش مزهقتس ؟ ههههههههههههههه
ياحلو لهجتهم ياناس ..
التفتت عليها وكشت على وجهها : بزر محد يشره عليك اصلا ..
طقتها على يدها وهي تضحك : اقسم بالله انهم فلة موضي هذي مجنونة ماخذه
الدنيا سعة صدر .. انا يوم شفت بيتهم قلت هذول ماتوقف دموعهم ..
حركت اصبعها بمعنى اخلصي علي : ايه ايه وش بعد ؟ ممكن توفرين سوالفك
لا رجعنا ترى راسي مصدع من هالطق ومن صجة بزرانهم ..
قربت من اذنها : ريسوو تتوقعين وش يسولفون الحين ؟
ابتسمت غصب عنها : ماتعرفين اخوك يعني ماعنده سالفة .. اذا ماكان يهددها
ويعطيها اوامر بداية حياتهم الزوجية ولا ما اكون رسيل على بالك يعني يعرف
للرومانسية وسوالف الحب والغزل ؟
كتمت ضحكتها وهي تناظر موضي من بعيد : لا ادري فيه بس كنت ابي اعرف
هالانسان اللي مابحياته قال سالفة شلون الحين يسولف معاها ..
ضحكو ثنتينهم وكل وحدة فيهم تقول شي متوقعته .. واستمرو بحشهم في اخوهم ..
وهم متوقعين انه نورة الحين قاعدة تندب حظها اللي رماها على هالانسان الجامد ..
بنفس المكان كانت تحس بضيقة كبيرة بصدرها من شافتها .. من بدا العرس وهي
قاعدة مع نورة .. ماتبي تشوف بيت خالها ولا زوجته .. ويوم اضطرت تطلع
عشان تقعد نورة مع طلال حست نفسها مخنوقة تبتسم وهي بداخلها غصة كبيرة
وجودها .. نظراتها اللي مسلطتها عليها .. ابتسامتها اللي حست فيها سخرية كل
شي كان قاتل بالنسبة لها قاومت كل احساس للحنين انها تشوفه .. مجرد شوفتها
لزوجته عمقت جراحها اكثر .. وجسدت صورة خيانته بوضوح .. تمنت بهاللحظة
تكون نورة معاها هي اللي تفهمها .. هي اللي لاشافتها بعدت عنهم وراحت لحالها
جاتها تواسيها موضي رغم طيبتها الا انها ماخذه الدنيا وناسة وماتهتم لهالتفاصيل
وتشوف من تعلقها بماضيها ضياع عقل .. وحصة ومنيرة بعدهم صغار .. كانت
تخفي مواجعها خلف ابتسامتها المزيفة .. وداع نورة وجروح سعد وشوفة زوجته
تجمعت عليها وانهكتها .. جلست جنبها موضي بكل دفاشة : الحقي علي ياشيخة
هالصندل كسر رجليه .. وربي احس اني شوي واتكرفس قدام الله وخلقه .. مدري
شلون يلبسونه ياوجه الله لو البس مثل اللي لابسته اخته المغرورة والله اني لاغرز
متساني .. " التفتت عليها شافتها غارقة في تفكيرها " هيه انتي تراه عرس النوري
لاتقلبينه نكد عشان هالرخمة اللي رجع عساه يروح ولا عاد نشوفه ..
التفتت عليها معصبة : وانتي وش عليتس انا اللي بتنكد ولا انتي .. ولا تدعين عليه
تراه ولد خالتس ..
هزت كتوفها وهي تزم شفايفها : تخلخلت حنوتسه .. مالت عليه هو وولده غايب
هالسنين كلها وجاي الحين مسوي ان عنده خوات ياشيخ طير انت تعرف الاخوة
خوى راسك يابعيد ..
ضحكت على شكلها وهي معصبة : والله انتس عجيز بدو .. قومي ارقصي بس
استانست انها شافت شيخة تضحك : ايه اضحكي ولا عليتس فيه ولا عليتس في
مرته الحضرية وربي انها حومة تسبد هي وخلاقينها اللي مشققة من كل متسان
ليت من يسترها ..
قبصتها في فخذها : اسكتي الله يقلعتس كليتي لحوم خلق الله .. لعنبو ابليستس من
بقى ماحشيتيه ..
شافو امهم تأشر لهم يجونها وقامو ثنتينهم لها .. قالت لهم يروحون معاها يودعون
نورة اللي بتمشي الحين مع زوجها واهله .. ومن قالت هالكلمة بدت الدموع تسيل
كان الوداع محزن الى حد كبير .. ودعوها اهلها وخواتها وبنات عمها وخالتها ..
كل اللي يقربون لها من قريب او بعيد بكو على فراقها .. حبت راس امها ويدها
وضمتها بقوة : يمه تكفين ادعي لي ..
مسحت دموعها بطرف شيلتها : الله يوفدزتس ويسخر لتس رجلتس وييسر لتس
كل امورتس يابنيتي .. انتبهي لنفستس ولبيتس .. ولا تسمعين لاحد اي شي عن
رجلتس .. وبابتس لاقفلتيه خلي سرتس دونه ولا تطلعينه لاحد ترى يدور الزمن
ويفضحون سرتس ومحد نافعتس وصوني رجلتس وراعيه ولاتقصرين بحقوقه
واسعي لرضاه عسى الله يرضى عليتس دنيا وآخرة ..
هزت راسها لامها وهي تصيح .. ماكانت قادرة تتكلم او حتى تقول شي وهي
تشوف هالوجيه اللي تعودت عليها يودعونها هالوداع الأليم .. قربت منها شيخة
وضمتها .. كانت تحس باظافرها تنغرز بظهرها وهي تلمها بقوة .. : النوري
لاتخليني تكفين وربي ضايقة فيني .. شلون انوم الليلة ومنتي بجنبي .. ولحافنا
واحد ..
قربت فمها من اذنها وتكلمت من بين دموعها : تراه مايستاهلتس .. تكفين مابي
اروح وانا دارية انه حارق قليبتس .. طمنيني طلبتس ..
بعدتها امها عنها يوم حست صوت صياح نورة زاد .. بس نورة رجعت سحبتها لها
وكملت كلامها : بيجيتس نصيبتس ان شاء الله .. واحسن منه بعد خليه مادامه راح
لنصيبه ..
مسكت موضي يد شيخة وقربت من نورة تضمها : ياويل قلبي يالنوري مدري
شلون نعيش وانتي منتي بحولنا .. اثاريتس صدز بتروحين ..
ضحكت من بين دموعها : ايه توتس تدرين وتراتس انتي بعد لاحقتني .. موضي
تكفين خلتس مع شيخة لا يضيق خلقها على هالردي اللي رجع وزود همومها ..
استمر وداعهم وقت طويل .. كانو اهل طلال يناظرونهم بتعجب .. كل هالدموع
وكم المحبة لنورة معناها انها انسانة عظيمة بينهم كان وداع مؤثر نزلت دموعهم
غصب وهم يشوفونهم .. صوت عليهم راكان يبي نورة تطلع .. راحت لها شيخة
لبستها عباتها وغطتها .. رجعت مرة ثانية سلمت على امها وخالتها ومشت .. من
طلعت شافت راكان مسكت يده وضغطت عليها : ابي اسلم على ابوي ..
قرب منها اكثر : ابوي عند الرياجيل شلون تروحين له ؟
هزت راسها باعتراض : والله ما اطلع من الديرة وانا ما استسمحت منه .. ترى
عمري ماراددته الا على هالعرس .. مابي اروح الا وهو راضي علي ..
تكلم بعد تفكير : اجل اركبي مع رجلتس وانا بروح اجيب ابوي بموتر مشاري
سحبت يده قبل يروح : والله ما اركب معه بلحالي ..
ضحك عليها بصوت عالي : هماتس بتروحين معه للرياض ؟
نزلت راسها بخجل وخوف .. وماعرفت وش ترد .. وناظر في طلال اللي واقف
ينتظرهم ولا هو داري وش قاعدين يقولون : اصبري بعلمه واجي لتس .. ثواني
وجاها قربها من سيارة طلال كان واقف ينتظرها عند الباب ارتجف كل جسدها
من هالموقف .. راح تروح هي وياه مشوار طويل حول الـ 3 ساعات لحالهم هي
بالدقايق اللي قعدتهم معاه تمنت الارض تنشق وتبلعها من الموقف اللي انحطت
فيه .. كان فاتح لها الباب .. مدت يدها تبي تسند نفسها على راكان .. شافته هو
واقف جنبها .. نزلت يدها بسرعة بس هو ساعدها عشان تركب .. التفتت حولها
وشافت راكان راكب سيارة مشاري وسابقهم .. حست بخوف فظيع اول ماركبت
وتسارع تنفسها .. سكر الباب وراح من الجهة الثانية وركب مكانه.. التفتت على
الجهة الثانية على طول .. وصارت تناظر بعقد اللمبات اللي موصل بين الخيمة
وبيتهم .. مر وقت طويل قبل ماتشوف راكان جاي يفتح باب السيارة من جهتها
مسكت يده ونزلت معاه .. ودنقت تحب راس ابوها اللي قاعد بسيارة مشاري ..
كان واقف يناظرها وهي تحب راس ابوها ويدينه وتطلبه يرضى عليها .. هو
يوصيها على نفسها وعلى زوجها وهي توصيه على نفسه وامها وخواتها وبنات
عمها .. سمع صوتها كله حزن .. ورق قلبه لها حس انها تمتلك قلب حنون يمكن
مع الايام يكتشفه .. جاته تمشي مع راكان ورجعت ركبت معاه وعينها على ابوها
وراكان سكر عليها الباب وعلى طول تحرك راجع للرياض سمع صوت شهقاتها
اللي كانت تحاول تكتمها .. ماحب انه يكلمها او يقول لها شي تركها تودع ديرتها
بكل راحة .. سحب علبة المناديل ومدها لها .. : نورة ..
التفتت له والتقت عيونهم لثواني .. كانت عيونها مليانة دموع لكنها ساحرة نزلت
عيونها على طول وخذت لها منديل .. ورجعت تناظر بالجهة الثانية ..
رياض هالمرة رجع مع احمد وابو سلطان بسيارة احمد .. اما سلطان رجعو معاه
خواته والكوافيرات اللي جابوهم بسيارة ابوه اليوكن .. وبيت ابو طلال بسيارتهم ..
كان الطريق موحش بالنسبة لها ..نسجت كل قصص الرحيل باتقان ومارست ذرف
الدموع بغزارة على وداع الاطلال .. صارعت احاسيس مختلفة وهي تودع هالمكان
احساس الفراق القاتل لقلوب احبتها بجنون وبادلوها المحبة .. واحساس الفقد لمكان
حفظت كل طرقاته وازقته ومزارعه .. واحساس الخوف من تجربة ما ارادت ان
تخوضها من البداية .. تسائلت بداخلها اي قلب يحمل هالانسان وهو يشوفها تصيح
على فراق اهلها ومافكر حتى يقول كلمة يواسيها .. طريق لاول مرة تسلكه ولاول
مرة تكون خارج اسوار ديرتها الصغيرة .. تمنت تغمض عينها وتفتحها وتلقى كل
شي كان حلم غبي والحقيقة انها مازالت بينهم .. اول مادخلت الرياض حست بدهشة
كبيرة .. شي ماكانت ابد تشوفه ادهشتها مبانيها وانوارها وشوارعها .. وسياراتها
رغم ان الوقت كان متأخر الا انها شافت عالم آخر غير اللي تعودت تشوفه .. نزلت
عينها ماتبيه يضحك عليها وهي تتلفت تبي تشوف كل شي .. " مردتس تشوفين كل
شي بوقته " رددتها بداخلها وهي تفرك يدينها بارتباك .. لاحظ حركتها وعرف انها
تحاول تقاوم خوفها .. مالامها ابد على موقفها هو يحس بارتباك من انفراده فيها
شلون هي اللي ماتعودت على الاختلاط بناس كثير .. ومجتمعها اللي نشئت فيه كان
صغير ومحدود .. وصلو الفندق ماكانت تدري وش اللي وقفو عنده ولا هي فاهمة
شي اصلا بس فضلت الصمت تبي تعرف كل شي من نفسها ولا انها تترك فرصة
لاحد انه يضحك عليها .. اول ماركبو اللفت وتحركو حست بدوار وتمسكت فيه بكل
قوتها لف يده على كتفها وقربها له .. وصلو جناحهم ورفعت راسها تناظر كل شي
حولها .. ناظرت الجناح وفخامته شي ابد ماكان يخطر على بالها ولا حتي في اكثر
احلامها تمرد .. كان ماسك شنطة ادوات مكياجها وعطورها اللي حطتهم لمياء معاه
بالسيارة ..
شافها واقفة سحبها من يدها وسكر الباب .. ودخل للغرفة على طول شاف الشنطة
اللي قال للسواق يوصلها لجناحهم موجودة اغراض له ولها لهاليومين اللي بيقضونها
بهالفندق .. اخذ اغراضه ودخل بعدها يتسبح ..
وقفت مكانها عند الباب محتارة " ياربي هذا وين راح ؟ اروح وراه ولا اقعد بذا
الغرفة .. ؟ " وبعد تفكير قررت تجلس لحد ما يجيها نزلت طرحتها على كتوفها ..
وقعدت بعباتها .. مررت يدينها على خدها ولمست بقايا دموعها .. تلفتت حولها
وشافت مراية عند المدخل راحت لها وناظرت شكلها .. تفاجأت من منظر الكحل
السائل على خدودها .. دورت الشنطة وشافتها عند الباب راحت لها تبي اي شي
تخفي فيه اثار الدموع اللي شوهت وجهها .. وبدت تمسحها شوي .. ماكانت تبي
تصيح اكثر .. تعبت وهي من قبل العرس وطول الطريق تصيح .. " يارب فرج
عني هالضيق اللي احسه " خذها تفكيرها لهم وقاومت دموعها لاتنزل .. غمضت
عيونها بقوة وسحبت نفس عميق من الداخل وزفرته ببطء .. فتحت عيونها وشافت
انعكاس صورته وراها .. كان يناظرها .. نزلت عينها على طول : ادخلي الغرفة
خذي الاغراض اللي تبينهم .. والحمام ( تكرمون ) بداخل الغرفة انا ابي انام الى
وقت صلاة الفجر .. وقعد في الصالة ينتظرها تدخل الغرفة حست وقتها انها ودها
تذبحه هي ماقدرت ترفع عينها وتناظره .. ولا قدرت حتى ترد عليه اذا كلمها الا
بصعوبة .. يبيها تمشي هالخطوات كلها وهو قاعد يناظرها ..اشغلت تفكيرها بكل
شي الا هو ومشت .. واول مادخلت الغرفة زفرت كل انفاسها اللي كتمتها بلحظتها
فتحت الشنطة وشافت الاغراض .. من قلب شكرت لمياء انها ما احرجتها باللي
اختارتهم لها .. كانو كل القميصين طوال .. لكن اختارت استرهم وقعدت مكانها
على الارض تشوف كل شي قدامها .. تمنت كل البنات معاها ويكتشفون كل شي
مع بعض .. ويعلقون تمنت موضي تكون موجودة عشان تضحك وهي تعلق على
كل صغيرة وكبيرة قدامها غطت فمها تخفي ضحكتها وهي تتخيل نظرات عيونهم
المتفاجأة لو يشوفون اللي تشوفه .. تخيلت موضي يوم بتصير بمكانها هل راح
تخفي انفعالاتها ولا بتكون كالعادة مفضوحة بكل تعابير وجهها وكلامها اللي تقوله
ببراءة بدون ماتحسب له اوقات حساب وراكان تمنت ربي ييسر له اموره ويتخرج
ويتزوج هيا .. ويعيشها الحياة اللي تتمناها ..
دخل وشافها ماسكة قميصها الاوف وايت وغرقانة في افكارها .. كان مقهور منها
طول الوقت ساكتة وسرحانة .. ماحس لوجوده اي اهمية .. حتى يوم يكلمها ماترد
عليه .. تمدد على السرير وتغطى .. فزت من سرحانها يوم انتبهت له .. وحست
باحراج شديد .. كان مرهق ومو قادر يقاوم النوم اكثر : هذا هو الحمام ورجاء
بدون ازعاج تعبااان وابي ارتاح شوي .. رجع بعدها قلب على جنبه الثاني وتغطى ..
قامت على طول بدون تفكير ودخلت تتسبح بدلت ولبست القميص والروب جففت
شعرها الاسود الطويل شوي وفتحت الباب بكل هدوء مشت على اطراف اصابعها
وطلعت لصالة الجناح ..
ماكان قادر ينام .. ذبحه التفكير بحياته رغم انه مرهق كثير من هاليوم الحافل ومن
مشوار الطريق بروحته ورجعته .. شافها وهي طالعة مبين عليها خايفة .. ضحك
بداخله على برائتها وحياها .. كان يدري انها مستحيل تجيه ومن سمع صوت الباب
تسكر تأكدت شكوكه ..
قعدت على نفس الصوفا اللي كانت قاعدة عليها بالاول .. سحبت المخدة وحطتها
تحت راسها وتغطت بعباتها وغمضت عيونها .. ما استغرقت وقت طويل حتى
تنام .. هي عمرها ماتعودت تقعد الى هالوقت ابد .. الساعة 11 بالنسبة لها سهر
كيف الحين والساعة جاوزت الـ 3 ونص ..
صحى من نومه الساعة 8 وهو مايدري شلون فاتته صلاة الفجر .. قام على طول
توضا وصلى وطلع للصالة شافها مستغرقة في النوم قرب منها يصحيها واستوقفته
ملامحها نعومتها وشعرها الطويل المتناثر على وجهها غمض عيونه وسحب نفس
عميق وهو يقاوم كل احاسيسه بهاللحظة ومسك كتفها يصحيها : نورة ..
همهمت وقطبت على طول .. ضحك بداخله عليها " وربي لو تدري انه انا لتقوم
متروعة " .. رجع يهزها بخفة وهو ينادي باسمها .. فتحت عيونها بتعب وشافته
قاعد على ركبته ويده على كتفها .. رجعت غمضت عينها على طول ..
قام واقف مايبي يحرجها اكثر : قومي صلي الساعة 8 راح عليك وقت الفجر ..
وطلع من الجناح والفندق كله .. تاركها لوحدها ماتدري وين راح او متى بيرجع..
بايدها ساندويتش جبن وهي تناظر التلفزيون .. التفتت على امها .. : يمه كتبي
وملازمي كلهم ببيتنا .. شلون الحين بدرس واختباراتي اللي راحو علي شلون
اعيدهم " وبعد تفكير " ولا اعتذر عن هالترم كله وارتاح ..
التفتت عليها بعصبية : وش قلتي ؟ كل شي تبينه نروح وناخذه لتس ودراستس
بتكملينه .. واذا على غيابتس يزيد يسوي لتس عذر من المستشفى ..
قاطعتها على طول : ومن يوديني ؟ ولا تقولين يزيد لانه مو سواق عندنا وبعد لا
تقولين لي مع رسيل .. لانك تدرين وشلون بيتهم بعيد عنا ومستحيل اخليها تطق
هالمشوار كله عشاني ..
قامت رايحة للمطبخ وهي تقول لها : كل شي ندبره .. اخوتس بيزين كل اموركم
اصبري انتي الصبر زين ..
سحبت الريموت من جنبها وقعدت تقلب بهالقنوات من الزهق .. سمعت رنة جوالها
رفعت جوالها وشافت المتصل .. : هلا والله بالقاطعة ..
سمعتها تصارخ عليها : لا والله احلفي بعد .. من القاطع الحين ؟ انا ولا انتي اللي
ادورك من زمان .. واذا رديتي كلمتين وقلتي مشغولة ..
ضحكت على كلامها : ايه ما استحي شفتي شلون ؟ كيف كان عرس اخوك ؟
سكتت شوي وبعدها تكلمت : يضيق الخلق .. مدري شلون اعلمك بس حالتهم تكسر
الخاطر .. والزواج كله احس مو مقتنعة انه هذا زواج اخوي تعرفين بخيام وين يوم
زواجه على حنينوه بأفخم قاعة وكل شي راقي هذول قراوى .. احس انه مو مستواي
قاطعتها بعصبية : واذا قراوى مالهم رب يعني ؟ وش اللي مو من مستواك شوفيني
الحين انا بشقة تمشي الحال .. ماعاد صرت من مستواك انا بعد ؟
تفاجأت من عصبيتها : دنو وش قلت انا ؟ و انتي تعرفين اني احبك انتي .. مافكرت
لا بشكلك ولا وش عندكم .. بس شي ماعمري تخيلت اني اشوفه .. يعني مجتمع
بحياتي ماخالطته فجأة الاقي نفسي معاهم ماقدرت اتأقلم مع الوضع على طول ..
تنهدت شوي : زين مايهم اهم شي شلون زوجة اخوك ؟
تكلمت بحماس : قممممممممممممر .. نفسي حنينوه تشوفها وتنقهر .. بس لو شفتي
شلون ودعوها وربي غصب علي صيحوني .. الديرة كلها جو يسلمون عليها ..
والله مادري وش اقول ما استانس الا امي وسما من رجعنا وهي صدعت راسي
تتكلم نفس لهجتهم ..
ضحكت من قلب عليها : هالبنت وربي تجنن ربي يسعدها .. " سمعت صوت امها
تنادي عليها " ريسو بروح اشوف امي تبيني بالمطبخ ..
على طول وافقتها : اوكي .. يالله اكلمك بعدين .. ودعتها وراحت بعدها للمطبخ ..
تبي تساعد امها بتجهيز عشاهم .. وعلى طول من شافت امها .. ابتسمت لها
مازالو يخطون اولى خطواتهم في حياتهم الجديدة .. دانا تعدت مرحلة كبيرة من
صدمتها .. بعدها عن ابوها وعن كل اللي كان يصير خفف من جروحها ولو انه
يبقى لها اثر ....تكلمو كثير وقررو قرارات مهمة بحياتهم .. نجود ورغد نقلوهم
لمجمع قريب منهم .. وبيروحون لمدارسهم مع نقل الطالبات .. وهي راح يدبرون
لها سواق مع مجموعة طالبات تروح للجامعة .. اما رائد يروح ويجي مع يزيد
اللي تكفل بمشاويره ..
بعد ماجهز العشا فرشو سفرتهم وتعشو .. كانت جلستهم ضحك من قلب هالجلسة
اللي فقدوها من زمان بالنسبة لهم حياة جديدة .. ام عادل تنتظر اليوم اللي راح
يكلم عادل فيه اخته على موضوع خطبتها صار له فترة مأجل الموضوع وهي
تبي تعرف رأيها وانطباعها .. تعرفه انسان عاقل وتحترمه دانا كثير .. واكيد
راح يقدر يقنعها باسلوبه او حتي لو رفضت بيعرف وش هي مبرراتها الحقيقية ..
بعد العشا اتصلت عليه وطلبت منه يفاتحها بالموضوع تبي تعرف رايها وترتاح
وتبي تريح اخوها اللي كل شوي يتصل ويسأل ..
قعدو كلهم بالصالة بعد مارجعت امهم من غرفتها .. دقايق واتصل عادل على
دانا .. ردت عليه وكانت تسولف كالعادة .. ومن طلبها تقوم لغرفتها يبي يكلمها
بموضوع شافتها رايحة لغرفتهم .. دعت من قلبها ربي يطمنها على بنتها وعلي
استقرارها وهي اللي ماعرفت الراحة بحياتها ماعرف كيف يبدا معاها الموضوع
بالضبط بس كان يبي يجيبه بابسط طريقة : دنو شرايك بيزيد ولد خالي ؟
استغربت سؤاله : من اي ناحية ؟
بعد تردد : يعني من كل النواحي بصورة عامة .. اخلاقه شكله اي شي " حس
نفسه غبي وماعرف يصيغ السؤال صح " والله مادري بس تكلمي ..
ابتسمت على ارتباكه : تكلم انت من الآخر ..
حس انها فهمت سؤاله وماعصبت .. وهالشي ريحه الى حد ما : بصراحة خالي
مكلم امي يبيك ليزيد .. وكنت ابي اعرف رايك بالموضوع لاني طلبتهم من الاول
يأجلونه .. ويوم حسيت انك رجعتي دنو اللي اعرفها كلمتك ..
قاطعته قبل يكلم كلامه : ومن اللي بيتزوج خالي ولا يزيد ؟ يعني الكلام من راس
خالي .. طيب افرض الرجال مايبيني ؟
سمعته يقول بحماس : لا هو موافق ..
ضحكت بسخرية : موافق ؟ ليه هو العروس .. عادل بختصر عليك كل الكلام لاني
مابي اوجع راسي واهذر على الفاضي .. انا عرس الحين مابي ولا افكر فيه ابد ..
ابي حياتنا تستقر واتعود على وضعنا الجديد وارتاح له .. مستحيل اتخلى عن امي
وخواتي واحنا نبدا هالحياة الجديدة والشي الثاني انا كل حياتي تعذبت ومابي اعيش
مع انسان انفرض علي .. اذا هو اللي يبيني وباقتناع منه صدقني ماراح ارده لاني
اعرف وش هي اخلاقه .. بس الاكيد مو الحين ولا في هالفترة ابد .. تكفى ياعادل
مابي احد يضغط علي ..
ارتاااح كثير لكلامها .. كان خايف من ردة فعلها .. انها ممكن تتعقد وترفض اي
شخص يتقدم لها بس كلامها كان عين العقل .. ورغم انها طولت وهي تحت تأثير
صدمتها بس هالشي ما أثر عليها .. او بالاصح هي ماتبي تبين انه اثر عليها ابد
والدليل انها ماجابت طاري للموضوع مع انه يدري ان سبب من اسباب التأجيل ..
هذي ثاني ليلة لهم مع بعض .. في علاقة يلفها الجمود من الطرفين .. هو جامد
بقراره وبإرادته .. وهي متمنعة عنه خوف وحيا .. تحس انها بتموت جوع من
الصباح وهي ماكلت الا الكيت كات اللي بالثلاجة .. من طلع الصباح مارجع الا
بعد الظهر كمل نومه وماطلب لها غدى .. والحين بعد صلاة العشا وهذا مو مبين
عليه انه مهتم فيها .. كانت ماسكة مصحفها وتقرا منه .. على الاقل احسن لها
من هالطفش اللي تعيشه .. طلع لها من الغرفة وشافها جالسة وبيدها مصحفها
وقف مكانه يتأملها .. حست باحد واقف ورفعت عينها تشوفه .. اول مالمحته
واقف يناظرها نزلت عينها على طول .. ارتبكت وهو ماكان اقل منها ارتباك ..
تنحنح شوي : لمي اغراضك بنروح نسلم على اهلي وبنمشي للشرقية ..
غمضت عيونها بقوة .. كان ودها تصرخ فيه هالوقت بالديرة يعتبر متأخر وهذا
توه بيروح الشرقية .. اللي ماتدري كم بيكون المشوار .. وماتعرف عنها الا بكتاب
الجغرافيا ..
كان وده يروح لها ويجبرها على الكلام .. قهرته بصمتها كل ماقال لها شي سكتت
بدون ماترد عليه .. : وبنتعشى في اقرب مطعم قبل نمشي ..
حست براحة كبيرة انها بتتعشى .. من امس وهي تقاوم جوعها صحيح انها تعودت
على قلة الأكل بس هي على فطور الامس .. قامت على طول .. رجعت خصلات
شعرها بارتباك وراى اذنها ومشت وهي منزلة راسها .. عدت من جنبه ودخلت
الغرفة هالمرة جد كان وده يذبحها " هذي مستخسرة الكلمة علي ولا وش سالفتها "
طلع قعد في الصالة .. الحين هذي شلون يطلع منها الكلام وهي ماتقول شي ماصار
هذا كله حيا .. ولا يمكن لانها ماتبيه حاسة انها مو متقبلته .. هو بعد ماكان يبيها
" اوووف بقلعتها عمرها ماتكلمت ليش احرق اعصابي " شافها واقفة بعباتها عند
باب الغرفة وبيدها شنطتها .. قعد مكانه مسوي انه مو منتبه لها يبيها تتكلم وتناديه
بس حس انه ممكن يطول انتظاره وهي ماتكلمت قام شال الشنطتين وحطهم عند
الباب .. : مشينا ..
طلعو من جناحهم ومسك يدها وهم باللفت كان يدري انها بتخاف اكيد وماكان يبي
يحرجها .. ركبو سيارتهم ومشو حاول يكسر حاجز الصمت ويسولف معاها شوي
يمكن تنفك عقدتها وتتكلم : شفتي امي وخواتي ؟
حس نفسه غبي على هالسؤال اكيد شايفتهم .. ضحك على نفسه وعلى غبائه بس
ارتاح يوم سمع صوتها الهامس : ايه ..
" لا ؟ عسى ماتكلفتي بس " : اليوم ماراح نطول عندهم بس بنسلم عليهم وبنمشي
بس بعدين بتعرفينهم زين .. ابيك تحترمينهم من احترامك لي .. واذا وحدة منهم
غلطت عليك بكلمة كبري عقلك وطنشيهم .. انتي اكبر منهم ومع الايام بيتعلمون
شلون يحترمونك .. " كان يقصد رسيل لانه يدري وش كثر هي رافضة هالزواج
بكل صوره ..ومعترضة عليه شكلا ومضمونا .. " واذا صادفتي صديقات امي او
قرايبنا ومعارفنا وسمعتي كلام مايسرك .. لا تصدقينه ولا تتصرفين بشي قبل ما
تسأليني ..
هزت راسها باقتناع : ان شاء الله ..
حس انها انسانة عاقلة من كلام لمياء ويدري ان وجودها بحياتهم راح يصاحبه
الكثير من التعليقات .. يبي يهيأها لهاللي ممكن يصير معاها .. عشان تعرف تواجه
مجتمعهم القاسي عليها .. وصلو بيت اهله ونزلت معاه .. تفاجأت من حجم البيت
طول الطريق وهو يفهمها انهم بيسكنون بجناح كامل ببيت ابوه .. دخلو وشافو سما
واقفة عند الباب الخشب الداخلي .. كان ودها تروح تركض لها بس خافت طلال
يصارخ عليها ولا يهزأها قدام عروسته وهي ماودها تتفشل ..
ضحك بداخله على شكلها وهي واقفة عند الباب وشاقة الضحكة تناظرهم .. قرب
منها ودنق عليها سلمت عليه وعلى طول راحت لنورة .. : هلا والله بالعروس ..
ابتسمت لها : هلا بتس زود
كان ودها تصارخ وتتكلم مثلها من امس وهي ماسكة على اللهجة لزقت فيها ودخلت
معاها .. سلمت على ام طلال ورسيل .. حست برود بسلام رسيل وجاها شعور ان
هالبنت فيها شوي غرور .. ماتدري ليه اعطتها نفس الانطباع اللي اخذته عن طلال
ام طلال كان مبين عليها الفرحة لكن محد كان مثل فرحة سما فيهم ..
رحبت فيهم ام طلال وراحت سما تجيب لهم العصير وهالمرة شافوها على طبيعتها
ماكانت تعرف تحط ميك اب مجرد كحل وروج اللي حطتهم كانت اجمل واللي محليها
حمرة الخجل اللي بخدودها رغم انه مبين عليها ان الديرة مغيرة لونها وشكلها
افتح بكثير منها الحين ..
مدت لهم العصير وهي تناظرها فرحانة وقعدت جنب رسيل كانت ام طلال تسولف
معاها وهي ترد باختصار .. ابتسم بخاطره " لا والله طلع العيب فيها .. كلمتين على
بعض ماتعرف تقولهم "
رسيل قربت من اذن سما : طالعي عريس الغفلة احد يعطي عروسته ظهره ويناظر
التلفزيون .. اقسم بالله مريض هالانسان ..
ابتسمت لنورة وهي تقول من بين اسنانها : بعدين نتكلم .. الحين لو يشوفنا نتساسر
هاوشنا وغسل شراعنا قدامها .. فشيلة ..
شوي وجابت لهم الشغالة شنطة نزلتها من فوق فيها اغراض لهم .. قام على طول
اخذها : يالله مشينا .. يمه سلمي على ابوي كنت احسبه موجود بس ان شاء الله لا
رجعنا ..
وقفت سما على طول يوم شافت نورة تقوم : وييييييين ؟ مابعد قعدنا مع العروس ..
تكفى طلول اقعدو شوي ..
طنشها ومشى ومشت هي وراه .. من طلعو من الصالة صرخت بأعلى صوتها وهي
مقهورة منه : اكررررررررررررررهه هالبارد ..
طلعت من هالبيت وهي ما ارتاحت الا لسما مبين انها حبوبة .. اما امه ماتدري ليه
حست انها تجاملها .. ورسيل اصلا ماكلفت نفسها حتى شرف المجاملة ..
بشقته اللي مأثثها اثاث فاخر كان يستقبل عشيقاته كل يوم بهالمكان .. انسان اقل
مايقال عنه انسان فاجر .. تعود على هالحياة وعلى مجونه اللي ماله حدود يغيب
ايام عن البيت ومايجيهم الا بلحظات قليلة .. ماتعودو اصلا وجوده لان كل واحد
بالبيت لاهي بدنيته وملذاته .. كان قاعد بالصالة ومعاه صديقته المغربية مقيمة
وتشتغل باحد المشاغل النسائية بالرياض .. وتجي تقضي سهرات هي ومجموعة
بنات معاه ومع عدد من اخوياه .. دقائق ودخل عليهم صديقه ومعاه ثنتين من
صديقاتهم .. بدو سهرتهم الماجنة مابين اغاني ورقص وفجور .. تأفف من كم
الاتصالات اللي ازعجته فيها وقام للغرفة يرد عليها .. تكلم بكل عصبية : نعم
خير وش عندك ؟ تراك ازعجتيني ..
كانت منهارة وتصيح .. صوتها مبحوح من كثر الصياح ..: طارق الله يخليك
استر علي والله لو عرفو اهلي يذبحوني .. مابي منك شي ولا تقعد معاي حتى
اكثر من شهر بس تزوجني استر علي وبعدها طلقني .. " علا صوت صياحها
وهي تترجاه وهو يسمع لها بكل جمود قلب " حتى المهر برده كله وعرس مابي
عرس ولا شي .. طارق ابوس رجلك لا تخليني بهالضيقة لحالي ..
تأفف من اتصالاتها وتشكيها من شهرين وهي مزعجته : توك الحين تندمتي ؟
وين عقلك اول ياحلوة ؟ ترى محد ضربك على يدك انتي اللي جيتيني وانتي اللي
سلمتيني نفسك .. والحين تحملي نتيجة غبائك دامك مو قد هاللعبة ليش دخلتيها
من الاول ..
سكت وهو يسمعها تصيح وتشاهق من كثر الصياح .. كان يبيها تخلص مسلسلها
اللي كل يوم تكرره عليه .. حتى لو سمعت نفس الجواب .. : ماخلصتي للحين ؟
" وبقلة صبر " لاخلصتي دقي علي بروح اتونس واوسع صدري .. ياشين الوحدة
لا ارخصت نفسها وبعدها جاية تسوي شريفة .. وسكر السماعة في وجهها ..
قعد مكانه يفكر بكلامها كرهته بعمره بكثرة اتصالاته .. يوميا تتصل ويطنشها ..
وكل مارد عليها يسمعها كلام اقسى من اللي قبله لكن مازالت محاولاتها مستميتة
رغم انه قفل كل الابواب دونها .. سكر اذونه بقوة وهو يسمع صوت صياحها
بتكرر .. ازعجه هالصوت جدا وضيق خلقه .. مستحيل بيوم يتنازل ويتزوجها
اصلا مايتشرف انه يرتبط بانسانة ضيعت شرفها في لحظة غباء .. ورغم انه
هم اللي شاركها فصول جريمتها البشعة الا انه يشوف نفسه رجل وغلطته تغتفر
بعكسها هي اللي لو عرفو عنها هالشي كافي بتدمير حياتها وممكن تروح ضحية
قضية شرف ..
كان متأكد انها بترجع تتصل عليه .. ما انتظر كثير قبل مايسمع رنة جوالها رد
عليها وهو يصارخ : للمرة المليون اقول لك لو تحبين السما ماجيت لك ولا فكرت
حتى اني اتزوج وحدة مثلك ..
صرخت بأعلى صوتها من حرقتها اللي بقلبها : ياحقير ياواطي .. ان شاء الله
تشوف اللي سويته فيني بخواتك .. عشان تعرف ان الله حق .. روح الله لا يبيحك
ولا يحللك وعساهـ ..
قاطعها بعصبية : تخسين ماتجيبين طاري خواتي الحين قاعدين بالبيت وصاينين
انفسهم مو مثلك اللي كل يوم طالعة مع واحد وجاية تسوين لي فيها المظلومة ..
سكر منها على طول ورمى الجوال على السرير وطلع للصالة .. كان يبي يتونس
ويضيع ضيقة الصدر اللي تصيبه من يسمع صوتها مو اول وحدة تترجاه وتقول
له هالكلام هذي ثالث وحدة افقدها شرفها .. كان ماخذ الدنيا وناسة هدفه الاول
والاخير ارضاء شهواته ورغباته ..
جلس معاهم .. واستانس على رقص البنات اللي كانو معاهم .. ونسى في جملة
هالملذات ان " العرض دين " .. وانه قد يبتلى في عرضه ونفسه مثل ماتطاول
على اعراض الناس وانتهكها ..
/
\
/
\
لهم حول الربع ساعة من جلسو بالمطعم .. ماسألها وش تحب او وش تبي يدري
انها ماراح تجاوب .. اولا لانها مابحياتها دخلت مطعم .. ولانها اصلا ماراح
تتكلم معاه .. اختار على ذوقه وقعد يحاول يسولف معاها .. يحس بكآبة فظيعة
والوقت مو راضي يعدي ابد .. مسك جواله واتصل على رياض وقعد يسولف
معاه اول شي لفت انتباهها بهاللحظة تغير شخصيته 180 درجة شافت قدامها
انسان غير اللي شافته من امس .. " عنده هالسوالف كلها وحادني على الزهق
ياليتك يابوي تشوف اللي رميتني عليه " هزت راسها تبي تغير تفكيرها " وانا
ليش اظلم الرجال وانا توني ماعرفته .. هذاني ماحتسيت معه من شفته " قفل
وهو يسمع صوت الويتر يستأذنه يدخل .. كانت قاطعة عهد على نفسها تشوف
كل شي وتكتشف هالحياة الجديدة عليها بدون ماتسأل وتعرض نفسها للاحراج ..
حط الاكل قدامهم واول ماشافته كان ودها تصيح كل الجوع اللي تحسه وبالاخير
شافت اكلات ماتعرفهم .. اصلا من الاحراج ماتدري شلون بتاكل .. قرب منها
وهو حاس انها بتقعد تفكر وش تاكل ماكان يبي يناظر فيها لانه مايبي يحرجها
ويبيها تاخذ راحتها بالاكل : مادري وش اللي تبينه بس طلبت لك على ذوقي ..
نزلت راسها بخجل وهي مبتسمة رفع حاجب يناظرها وهو مستغرب ابتسامتها
اخيرا اكتشف ان هالانسانة عندها ردة فعل غير الصمت .. سمى بالله وبدا ياكل
اما هي مسكت الملعقة وهي تحركها بالصحن .. كانت مستحية منه كثير وهي
تحس انه قاعد يطالعها .. شاف وجهها صاير احمر من الاحراج : تبيني اقوم
عشان تاكلين ؟
التفتت له وقالت بتوتر : لا .. " ونزلت راسها على طول " .. الحين باكل ..
ضحك بخاطره " لا الحمدلله في تقدم .. طلعت كلمتين " قرب لها الصحن يبيها
تاكل .. بدت تاكل شوي شوي .. ماكلت كثير اللي يشبعها لكن على الاقل ارحم
من جوعها القاتل ..
خلصو عشاهم وقام معاها .. راح هو يغسل ووصلها قبل لدورة مياه النساء
عشان تغسل ورجع ينتظرها اول مادخلت وهي تحس بارتياح فظيع انها قدرت
تطلع من الضغط شوي .. وقفت مكانها وهي تشوف وحدة تقرب منها وهي
مبتسمة : عروس صح ؟
ابتسمت وهزت راسها لها : ايه .. البارح كان عرسي ..
كانت حرمة يمكن بنص الثلاثينات ومعاها بنت صغيرة : توقعت من النقش اللي
بيدينك .. تراها احلى ايام العمر بتستحين واجد .. بس حاولي تعيشينها صح وربي
بعدين تتمنينها وماترجع لك .. وتدلعي عليه اطلبي كل اللي تبين هالايام بس اللي
ماتسمعين كلمة لا ..
ضحكت لها : ان شاء الله ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:20 PM
حست انها سدت نفسها عن الحياة وحاولت تفهمها مقصدها من الكلام : صدقيني
اذا كان زوجك رجل صالح بتعيشين عمرك كله مبسوطة حتى لو صارت بينكم
مشاكل تراها ملح الحياة ووقتها بتعرفون قيمة الحب اللي في قلوبكم .. بس قلت
كلامي ابيك تعيشين هالايام وتستانسين فيها .. والله يوفقك ويسخر لك زوجك ..
روحي له تحصلينه الحين مشتاق لك وانا اخذتك بالسوالف ..
تغطت وهي تقول لها : اللهم آمين يارب .. مشكورة وماقصرتي عسى عمرتس
طويل ..
طلعت وشافته واقف ينتظرها .. ومن شافها مشى قدامها ومشت معاه .. كانت
الشوارع اليوم غير البارح اليوم زحمة اكثر .. والسيارات والناس اعداد بالنسبة
لها كانت جدا كبيرة .. كان كلامها مريح لها الى ابعد الحدود .. حتى لو كانت
مو متقبلته لكن ماراح تقصر معاه ابد .. هذا اللي تربت عليه وشافت امها طول
عمرها شلون تعامل ابوها وتداريه .. ماتذكر انها بيوم زعلته او ضايقته او حتى
ردت له طلب ..
وصلو للشرقية وللشاليه اللي حجزه قبل فترة .. اول مانزلت حست بنسمة هواء
بارد تلفحها .. انكمشت على نفسها ومشت وراه .. شال الشنطة ودخل معاها ..
وراها الغرفة .. : اذا تبين تنامين نامي .. انا بطلع اقعد برا شوي مافيني نوم ..
وقفت مكانها قدامه وقالت بدون تفكير : وين تروح والدنيا برد ؟
رفت عيونها بتوتر وهي تشتت نظرها بأي شي بعد ماحست باحراجها الفظيع
منه كانت حمرة خدودها تزيدها جاذبية .. قاوم كل احساس بداخله وهو يتحرك
من قدامها : اذا حسيت البرد دخلت .. انتي نامي ولا تشيلين هم ..
طلع على طول لخارج الشاليه وقعد قدام البحر كان الجو بالليل بارد حس بارتعاشة
تسري بجسده وقاوم احساس البرد .. مدد رجلينه وحط يدينه ورى ظهره يتسند
عليها وقعد يتأمل امواج البحر حوله ..
اما هي وقفت عند الشباك الزجاجي الكبير اللي يطل على البحر .. كانت تناظره
او بالاصح تتأمله وهذي اول فرصة لها تشوفه بدون مايدري عنها .. فيه شي
مريح رغم انه غامض وماعرفت وش هي شخصيته .. ماتدري ليش اخذت عنه
انطباع انه مغرور .. بس ماقدرت تعرف اي شي ثاني عنه .. حست انه هادي
وكلامه قليل مو بس معاها حتى مع اهله .. بس الشخص اللي كلمه كان يسولف
معاه .. رغم انه سوالفهم كانت عن الشغل بس حست انه قريب منه .. ماتدري
كم الوقت اللي وقفت فيه تتأمله .. راحت توضت وقامت تصلي لربها .. بعد
ماخلصت صلاتها .. تمددت على الصوفا الطويلة اللي بنفس الغرفة .. ماقدرت
تنام على السرير .. حست انها بتكون قليلة حيا لو سوتها خصوصا انها ماشافت
منه اي تقرب منها .. كانت تضحك على نفسها وهي تشوف اشياء كثيرة حولها
ماتدري وش هي .. ذابحها الفضول انها تعرف مسمياتها .. اللي عرفته شي واحد
كل الاماكن اللي راحت لها كانت الغرفة الوحدة فيهم ممكن تساوي نص بيتهم او
حتى اغلب حجمه نزلت دمعتها وهي تقاوم احساس الحنين الفظيع اللي بصدرها
ماتبي تصيح عنده .. هالشي اللي امها وصتها عليه لازم تكون قوية وماتضعف
ابد ..
ببيت ابو زوجة خالهم كانو معزومين على الغدا بعد صلاة الجمعة .. ماكانت
تبي تروح بس امها حلفتها تروح .. بدون ماتقول لها الاسباب .. كانت تبي
الكل يعرف انه ولدهم ماعاد يعنيها وانها تعيش حياتها مستانسة قربت منها
موضي : تكفين ياشيخة اضحكي على كل شي .. حتى لو مافي شي يضحك ..
بس ابيتس تستانسين ..
طنشت كلامها وقامت : شايفتني مهبولة مثلتس اضحك على كل شي .. مانيب
ضاحكة على قل سنع .. موضي والله اني اخاف انها تمدحه عندي وربي لتشب
الغيرة بقلبي ..
مسكتها من شعرها وشدته بقوة : الا والله مهبولة ومافيتس عقل .. من قال
سعد فيه شي ينمدح اصلا .. وماعليتس فيها هي تبي تحرتس وتكيدتس مير
عليتس فيها وكيديها ..
تجهزو وقعدو يستنون خالتهم وبنات عمهم يخلصون .. امهم وحصة ومنيرة
سبقوهم وقعدت هي مع شيخة تكشخها .. تبيها تكون حلوة وتقهر سحر زوجة
سعد : شيخة ماتحسين ان اهل نايف ابطو علينا ؟ من قال بيجيب اهله ماعاد
شفناه ولا جانا علوم عنه ..
وقفت عند الباب تبي تشوف احد من بيت خالتها اذا طلع او لا : اصبري عليهم
بيجون ان شاء الله
مسكتها من طرف عباتها : والله انه قليبي قارصني .. حاسة انه ماهوب جاي
لا هو ولا اهله .. هذا هي نورة تمت امورها واعرست وراحت مع رجلها وهم
للحين ماجو ..
التفتت عليها ورفعت برقعها : موضي وراتس انتي دايم تتفاولين بالشينة .. ان
شاء الله بيجون وبتزين علومتس مير اركدي ياملا الصلاح لا تصيرين مطيورة
وقبل ترد عليها جاتهم سارة تمشي بسرعة : يالله بسرعة خلونا نلحق الغدى والله
ان مصراني تقطعن من الجوع ..
لحقتها موضي ومسكتها : اللي يشوفتس يقول كل حزة وانتي تاكلين .. تراتس
يالله تلقين اللقمة .. احمدي ربتس على النعمة ..
لحقتهم شيخة وهي تسرع خطواتها وهي تشوف خالتها وهيا ماشين وراهم اول
ماقربو من البيت شافته من بعيد .. ماكانت متأكدة اذا كان هو او واحد غيره بس
خالها ماعنده ولد غيره .. ومستحيل عيال خواله يشبهون له لهالدرجة الكبيرة ..
سرعت خطواتها ومسكت يد موضي : هذا هو .. والله انه هو ..
هدت شوي وشافت المكان الي تناظر فيه شيخة وشافته .. حست الدم يفور بقلبها
هذا اللي حرق قلب اختها ونزل دموعها .. هذا اللي باعها عشان وحدة ماتسواها
تمنت لو كان لحاله ماكانت راح تحرم نفسها من فرصة انها تقول اللي بخاطرها
له .. تبيه يعرف انه خسر اثمن شي بحياته يوم فكر يروح لغيرها وان هالانسانة
اللي فرط فيها ماتقدر بثمن .. : امشي ولا تناظرينه لا تخلينه ينتبه لتس ..
اول ماقربو منه تصاعدت نبضات قلبها تغير كثير مع السنين كان عمره 18 يوم
سافر والحين صار بعمر الـ 28 كانت صغيرة وقتها وتعلقت فيه بعد ماراح اكثر
لانها كانت تنتظر رجعته وزواجها .. وترسم احلامها باتقان .. لكن الخبر اللي
وقع عليهم مثل الصاعقة بعد 4 سنوات من سفرهم بنفس السنة اللي توقعت انه
خلاص جاي لها وبيتزوجون .. انه تزوج بسحر .. دخلت على طول بدون ماتلتفت
له لانها ماتبي تشوف احلامها اللي هدمها بصورته .. سمعت صوته وهو يكلم
خالتها .. حتى صوته تغير .. اكسبته هالسنوات رجولة اكثر .. كانت مكسورة
من الداخل اجزائها مهشمة الى حد كبير .. وجروحها تنزف حنين والم .. وقفو
يفصخون عباياتهم وقربت من اذنها موضي : هالمرة مو عشاني .. عشان نورة
اللي طلبتس قبل ماتروح .. واللي من مشت الى هاليوم ماوقفت دمعتس عليها ..
استانسي ولا تبينين لهم شي وانا بسولف وبضحكتس بس اضحكي يابعد عمري
انتي .. ومسكت دقنها تترجاها ..
حبست دموعها لا تنزل وسحبت نفس عميق وزفرته : ابشري .. بس اذا شفتيني
ضعفت قويني .. محتاجتس ..
جاتهم سارة من وراهم : وش عندكم ؟
قالت لها موضي كل شي وقعدت تتوعد زوجته انها تكرهها بحياتها لو تكلمت او
قالت شي يضايق شيخة او تعمدت تزعلها او تضايقها بكلامها .. ضحكت شيخة
عليهم وهم يتوعدون فيها .. هالثنتين مجانين واي شي ممكن يصدر منهم ..
هي من شافت شيخة حست بنار في قلبها .. كانت تبي تحرق قلبها بأي طريقة
مثل ماهو يقهرها بسوالفه عنها .. : والله مادري كيف تتحملو العيشة هنا بدون
جوالات .. المسكين سعد مايجي الليل الا وهو مرة مشتاق لي طول اليوم مايقدر
يكلمني .. والله انو البارح يقول ابغى ارجع لجدة اليوم قبل بكرة ..
موضي ضغطت على يد سارة وهي تهمس بين اسنانها : يازين من قص لسانتس
هاللي لاويته على غير سنع .. تكفين فكيني عليها والله لا ذبحها ..
ابتسمت سارة لها بخبث : بلاتس ماخذتن واحد رخمة ماهوب ضاري على علوم
الرياجيل ماغير يتبع مرته وين ماتوجهه راح وراها ..
صرخت عليها امها تسكتها وضحكو كل البنات حتى شيخة اللي ماقدرت تسكت
وهي تسمع هجوم سارة عليها ..
ردت بكل عصبية : هو انتو كذا يالبدو اذا الواحد يحب مرته قلتو مو رجال وانتو
رجالكم رامينكم ومشغولين عنكم ..
ضحكت باعلى صوتها : ترفقي على عمرتس لا تقطعين انتي وهالخلاقين اللي
متمزعة عليتس وبدت اصوات الحريم تعلى قبل تكبر المشكلة \موضي كانت ميتة
ضحك ومو قادرة تمسك نفسها .. كانت ناويتها بس سارة ماقصرت فيها قالت
اللي بخاطرها واكثر .. وقلبو هالثنتين الغدى هواش ومشاكل ما انتهت الا يوم حطو
غداهم وقتها قامت سارة تبي تاكل وآخر همها تفكر بسحر .. شيخة رغم انها جات
لهالمكان وهي مكرهة الا ان سارة اشفت غليلها .. وحست نفسها حيل مستانسة ..
/
\
/
\
بعد تفكير عميق نزلت لامها فكرتها المجنونة راح تنفذها بس بالاخير ماتبي
تحس انها بهالمعركة خسرانة .. تبي تثبت له انه هو اللي خسرها مو هي ..
جلست جنبها وقالت بضيق : يمه ..
كانت كبيرة في السن وهي آخر العنقود عندها .. تكلمت بدون ماتلتفت لها او
تناظرها : هلا ..
شبكت يدينها في بعض وقالت بتردد : خلاص انا موافقة على عزام ..
التفتت عليها وناظرتها نظرة غريبة : وشو ؟
تكلمت بدلع : انا موافقة على عزام ولد عمي .. كلميهم وقولي لهم اني خلاص
رضيت اتزوجه ..
شالت عينها عنها وهي تحرك راسها : لا حول ولا قوة الا بالله الظاهر انتس
من دريتي ان طلال اعرس انهبلتي ..
قاطعتها بعصبية : وش فيه زود عني عشان يتزوج وانا لا .. وعزام من زمان
خطبني وانا الحين ابيه .. عشان يعرف من اللي خسر فينا .. والله لاخليه يندم
على اليوم اللي اخذ فيه القروية ..
ماكانت تبي تجاريها في اللي تقوله .. تحس انها مجنونة بهاللحظة وتبي تسوي
اي شي عشان تثبت لهم انها خذت نصيبها هي بعد : الناس متكلمين من زمان
وانتي رديتيهم .. والله ما اكلمهم الحين واقول تعالو بنتي تبي ولدكم ..
قربت منها اكثر وهي تترجاها : يممممه تكفين .. يرضيك تتشمت فيني لطيفة
وبناتها ؟ بيقعدون يقهروني كل ماشافوني .. بعدين هم ماخطبو له بعدي واكيد
اذا سمعو بموافقتي بيعجلون بالزواج ..
طنشتها وماردت عليها وهي قاعدة تتقهوى ومو معطية لكلامها اي اهمية تذكر
انقهرت من برودها ومسكت يدها : يايمه طلبتك ؟
بعدت يدها عنها : لطيفة ماعندها علومتس الشينة انتي اللي تدورين للشر وتبينه
ولا الرجال كان صاينتس ومدلعتس وانتي تبطرتي على النعمة .. وجايتني الحين
تبين تقلبينها حروب .. تبين روحي انتي وكلميهم مانيب مكلمة احد ولاني قايلة
شي .. وش اللي يحدني على النقادة مع الناس ..
جلست تترجاها وقت طويل وهي ترفض .. كانت تشوف انها اذا تزوجت ولد
عمها معناها هي اللي بتربح هالمعركة .. يكفي انه انسان من نفس قبيلتهم ونفس
مستواهم المادي والاجتماعي .. وشهادته جامعية .. صحيح انه مطلق لكن هي
راح تشوف انها متفوقة عليه وهو اللي تزوج وحدة قروية وتعليمها ابتدائي ومن
عائلة فقيرة .. وزواجها هالفترة تقدر تحرق قلبه فيها .. لانها بتكون متأكدة انه
بعده ماحب زوجته الجديدة وهذا هو اللي تبيه الحين ..
اخيرا وافقت بعد ماترجتها هالوقت كله .. انها تسولف معاهم وتجس النبض اول
اذا للحين يبيها ولا بيشوفون له وحدة ثانية .. واذا حست انهم للحين يبون بنتها
بتقول لهم انها موافقة ..
ابتسمت بخبث على مخططها .. وهي تهدف لزواج بالنسبة لها مايعني لها اكثر
من مجرد قناع لمعركة تبي تخوضها ضده .. وضد زوجته الجديدة ..
اما امها كانت مقهورة من تفكير بنتها السقيم .. ولا مرة بحياتها قاست الامور
صح .. تبي العالم تطاردها وتركض وراها .. وهي تتغلى عليهم كانت متأكدة
لو تزوجت ولد عمها راح تعامله مثل ماكانت تعامل طلال نفس الغرور ونفس
التكبر واللا مبالاة .. هي اللي عودتها من صغرها على الدلع والانفلات .. وكل
شي تبيه يجيها حتى لو ماكانت تحتاجه .. وحتى لو ماقدرو عليه .. والحين هي
تحصد ثمار تربيتها الفاشلة بنت مدللة وفاشلة بحياتها واحساسها يقول انه حتى
بتجربتها هذي ماراح تنجح اذا تمت على نفس تفكيرها ونمط حياتها ...
زورق الندى
22-01-2013, 09:20 PM
الجزء السابع
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
دقيقه بس من وقتك!؟
قبل لا تغيب أبي منك
ترجّع عمري وسنيني ،،
تهّد اللي إنبنى فيني
أبي تفهم بأني مت ..
وأنا بفهم بأني هنت ..!
حقيقه ودي تسمعها ..
وقبل هجرك تراجعها !
( كانت دنيتي قلبك
وكانت دنيتك غيري )
هانت دنيتي وقلبي ..
وزانت لك دنيا من غيري !
تحسْب إني أنا براحة ؟
في بعدك وين هالراحة !؟
يا ليت الوقت يسعفني ،،
أوصل لك بقايا نزف ..
بقايا إحساسي المكسور ..
بقايا دمع أبد ما جف !
دقيقه بس من وقتك!؟
قبل لا تطعنه ظهري ،،
أبي طعناتك بوجهي ..!
عشان أقوي أنا قهري ..
عشان عيوني تشوفك
لأنها تكذب همومي ،،
وترفض هجرك وصدّك !
ولا تقدر معي تعوفك
دقيقه بس من وقتك!؟
أنا أدري بأنه كان ،،
وجودي والعدم " واحد "
يا سيدي طيب إعدمني ،،
وقول إن الخطا وارد ..!
دقيقه بس من وقتك !
دقيقه..
بس..
كانت طول الليلة سهرانة تكمل خياطة الملابس اللي ابتدو خياطتها مع نورة .. تبي
تشغل نفسها عن اي تفكير ممكن يعيدها للماضي .. او تفكير في نورة اللي فقدتها
كثير .. ورغم انها نامت بعد صلاة الفجر بس قومتها الصباح مبكر .. ماكانت مدة
كافية انها تشبع نوم ورجعت نامت بعد صلاة الظهر .. فتحت عيونها وهي تسمع
اصوات بالخارج .. ماكانت تدري كم الوقت بالضبط .. مدت يدها وسحبت الساعة
الحديدية اللي على التجوري شافتها تجاوزت الـ 4 ونص .. قامت رتبت شعرها
وتوضت وصلت العصر اللي فاتها بوقته .. قعدت مكانها تردد اذكار بعد الصلاة ..
وسمعت اسمها يتردد بالجلسة اللي بالخارج .. قامت من مكانها وقربت من الباب
المردود شوي وسمعت صوت ابوها وخالها .. ركزت سمعها اكثر ووصلها صوت
امها وهي تتكلم بهدوء : والله ياسعد ماظنتي ترضى انها تاخذك بعد مارحت وخذيت
الحضرية
كان الكلام كالصاعقة اللي نزلت على راسها .. بدا نبض قلبها في التسارع وركزت
اكثر بالكلام .. سمعت صوته يطلب الطلب اللي زمان كانت تتمناه : وهي لها غيري
ياعمتي الله يصلحتس ؟ ومرتي ماعليتس فيها رضت ولا تروح لا هلها ماصبرني
عليها الا هالولدين اللي الله رزقني بهم ..
ضحكت بسخرية بداخلها .. الحين بس جاي يدورها لانه مو مبسوط بحياته معاها ..
جاي يصلح غلطته اللي ادمى قلبها فيها .. لو سمعت اول انه يبي يتزوجها كان راح
تعتبر هالطلب نابع من حب .. لكن هالمرة اعتبرته استحقار لها وتقليل من قيمتها ..
مهما حبته ومهما عانت في بعده مستحيل ترضى تكون مصححة لاخطاء غيرها ..
قد تكون حسرتها عليه لانه كان الفرصة الوحيدة لها .. لكن هي الحين تعودت على
هالشي .. تعودت انها تمشي خطواتها في طريق العنوسة .. او يجيها نصيبها اللي
يعوضها عن غلطته في حقها .. اللي قهرها كانت صيغة الثقة اللي يتكلم فيها وكأن
هالانسانة ماراح يكون لها زوج الا هو واذا مارضت فيه معناها ماراح تتزوج ابد
بداخلها تدري ان هالكلام ممكن يكون صحيح .. لكن مستحيل تقبل انها ترجع له
بهالطريقة .. نزلت دموعها على خدودها وهي تسمع كلام ابوها اللي ماكان مقتنع
ابد باللي يسمعه : يا سعد انت رحت من الاول لنصيبك .. وماعاد لك نصيب في
بناتي .. وهي بيجيها نصيبها ان الله احيانا ..
قاطعه برجاء : ياعمي الله يهداك لا تسدها بوجهي .. والله اني جايك ندمان واللي
تبيه والله لاسويه .. انت انشدها عن رايها واكيد انها مابتردني ..
كانت تتمنى اي وحدة من خواتها معاها بهذيك اللحظة بس للاسف مافي في البيت
احد .. ولا حتى نورة اللي بهالوقت تقوي قلبها حتى لو لان .. استجمعت شجاعتها
وتنحنحت شوي قبل ماتتكلم من ورا الباب : يبه ..
حست انها بتطيح من طولها من الموقف اللي هي فيه .. عمرها ماكانت قوية ولا
عمرها قدرت تتحكم بمشاعرها .. اول ماسمعت رده اللي ريحها : سمي يابنيتي ..
غمضت عيونها بقوة وهي تضغط على قلبها ومشاعرها .. : يبه قول له تراه ولد
خالي وعلى عيني وراسي .. اما العرس لا يطريه ابد .. ماهوب انا اللي يرخصني
واغليه .. واذا هو باعني مرة باتسر يدور الزمن ويبيعني ..
سكتت يوم حست انها ماعاد تقدر تقول اكثر .. كانت تبي تبين قوتها حتى لو انها
بقمة ضعفها .. ماعاد سمعت اصوات ثانية الا صوت قلبها اللي يئن بهاللحظة ..
اما هو ماكان يخطر على باله ولو واحد في المية انها ترفضه .. كان واثق انها ما
راح تصدق انه رجع لها وبترضى فيه على طول .. لكنها خالفت جميع توقعاته ..
استأذنهم وقام بسرعة .. هالمرة راح يعتبر رفضها رد اعتبار لكن ماراح يوقفه
هالرفض .. راح يرجع يكلم عمته تقنعها يمكن تقتنع مع الايام ..
اما هي دخلت للغرفة وقعدت على الارض كانت تحس ببرد وجسمها كله يرتجف
لمت نفسها وهي تقاوم رجفتها .. وعيونها مركزة على الشباك المفتوح .. ماتدري
كم قعدت على هالوضع .. ماحست الا باصوات خواتها داخلين .. وحصة تكلمها
وهي مو مننتبهة لشكلها : شيخة وراتس ماجيتي العصرية اليوم عند صيتة ؟
موضي اللي من فصخت عباتها انسدحت على طول .. : ياشين التعب من اصبح
الصبح وانا ادوج .. ماخليت احد الا سيرت عليه تسني اودعهم .. " في هاللحظة
انتبهت لشيخة اللي ترتجف من البرد قامت لها على طول " بسم الله عليتس وش
فيتس ؟
نزلت دمعتها اللي عاندتها من اول على خدودها وبدت ترتجف بشكل اكبر لفت
على حصة : حصة جيبي البطانية اللي عندتس شيخة وش فيتس " وحطت يدها
على جبينها حست حرارتها شوي مرتفعة " مصخنة الظاهر ..
خذت البطانية تغطيها وهي تسمع شيخة تتمتم عليهم بكلمات مافهمتها .. قربت
اذنها منها : وشو ..
شدت البطانية حولها اكثر وتكلمت بكل وضوح : كان يبيني ورديته .. قلت له
مابيك .. عقب هالسنين كلها رديته ..
موضي على طول فهمت ان قصدها سعد .. من فرحتها صارت تغطرف : يا
بعد عمري يالشيخة والله انتس بنت ابوتس كسرتي راسه انا دارية انه ماهوب
مستانس مع هالشيفة اللي خذاها .. " وتكلمت بحماس " علميني متى ؟ وشلون
ابتسمت بصعوبة على حماس موضي .. وحطت راسها بحجرها وتغطت زين
وغمضت عيونها : بعدين اقول لتس ..
حطت يدها على راسها .. وخلتها ترتاح شوي .. اكيد ماكان قرار سهل عليها
ولا هو بالسهولة ترده وهي ماكان لها غيره وبدت تقرا عليها شوي تبي تحس
انها ارتاحت ..
اليوم كان وضعهم افضل من اليومين اللي راحو دار بينهم حوار ولو كان بسيط
الا انه افضل من الصمت اللي صاحبهم بالاول .. مع انه انسان مايسولف ولا
يتكلم كثير الا مع الناس اللي يرتاح لهم .. بس هي زوجته واكيد لازم يعرفها و
تعرفه .. خصوصا وهو يحسها انسانة فيها الكثير من الغموض وهالشي مكسب
حياته معاها اثارة غريبة .. كان توه مخلص صلاة العشا وقاعد على البحر ..
الجو كان بارد والهوا عند البحر يزيده برودة بس هو يحب البرد ويعشق البحر
وجلسته .. التفت وراه وشافها واقفة تناظره او تناظر البحر من خلف الزجاج
اشر لها بيده تجيه .. كان يدري انها جدا خجولة وهالخجل مخلي بينهم حاجز
كبير .. لف وجهه عنها لانه لو قعد يطالعها ماجات ابد .. وبداخله كان يتمنى
انها تجي تجلس معاه .. انتظر شوي واستانس انه سمع صوت خطواتها الهادية
تقترب منه جلست بعيد عنه وهي تطالع البحر وبصوت اقرب للهمس : صليت؟
رفع حاجبه وناظرها كان يبين الخجل عليها مهما حاولت تخفيه حمرة خدودها
ورفة رموشها .. وحركة يدينها المتوترة .. : ايه ..
حست بنظراته لها وماقدرت ترفع عيونها تشوفه .. نظراته تحرجها كثير وهو
ابد مايراعيها .. ومع هذا كلامه قليل جدا .. رغم انه يحاول يسولف معاها لكن
ماحست انه الانسان اللي ممكن يقول كل شي لها .. حست انه كتوم ومحد يدري
اللي بقلبه وهذا شي واضح عليه وبنفس الوقت غامض وهالغموض مخليها تحس
انه غريب عليها .. ماقدرت تحس للحين انه نصفها الثاني .. واللي راح يشاركها
العمر كله .. قعد يسولف لها عن اهله وشغله وعن خواته .. وعن لمياء اللي هي
تعرفها واللي جمعتهم مع بعض ..
ماينكر انه بلحظة عرف برفضها حس بقهر كبير منها ومن هالرفض اللي ماتوقعه
بس فيها شي مايخليه يقسى عليها .. ملامح تصور حزن فظيع مهما اخفته خلف
خجلها وابتسامتها .. مايدري هل حزنها على فقد اهلها او انه في حياتها اشياء
مسببة لها الحزن اكثر .. هو يتذكر كلمة لمياء يوم تقول له انها عانت بحياتها و
ماتبيه هو يزيد الهموم عليها .. بس مايبي يفتح عليها الجروح ولا يبيها تتكلم عن
اي شي محزن بهالفترة .. صحيح انه ماحبها ومستحيل يحبها في 3 ايام بس ..
لكن يحن عليها بشكل كبير وحاس بوحدتها وغربتها حتى ولو كانت في بلدها ..
شافها تلعب في الرمل بيدها بتوتر : نورة
رفعت عينها بسرعة والتفتت له : سم ؟
ماقدر يقول شي وهو يشوف عيونها اللي جات بعيونه .. كانت نادرا ماتكلمه وهي
تطالعه .. شعرها الطويل المتناثر واللي يطير الهوا بعض خصلاته اكسبتها انوثة
اكثر .. مايدري وش كان يبي يقول لها او بالاصح ضاع كل الحكي منه : قربي
ابتسمت بخجل : وين ؟
شاف حمرة وجهها اللي زادت وابتسم بخاطره عليها : قربي مني ليش جالسة بعيد
قربت شوي منه وهي تقاوم خجلها .. بس اشر لها بيده : قربي بعد اكثر .. تعالي
هنا جنبي .. " واشر لها على مكان جنبه بالضبط "
تسارع نبضها وهي تقترب منه .. قعدت قريب وحس انه ميت ضحك عليها بداخله
لو قال لها تقرب اكثر يمكن تذبحه كثر ماهو محرجها بهاللحظة : بس هذا اللي الله
قدرك عليه ؟
كانت بتصيح مكانها من الاحراج رفعت عينها وناظرته : هذاني جيت ..
قام من مكانه وجلس جنبه .. لف يده على خصرها ولمها له .. ونزل عينه يناظرها
يبي يكسر هالخجل اللي فيها : وين تبين تتعشين .. هنا ولا نروح لنا مطعم ؟
بلعت ريقها من هالموقف اللي هي فيه وطلع صوتها هامس : اللي تبيه ..
مسك يدها اللي تلعب فيها بالرمل وبدا ينفض الرمل عنها : وانا ابيك انتي تختارين
اي شي تبينه قوليه .. وماراح اسوي شي الا اذا تكلمتي ..
حس انه يدينها ترتجف كان ميت ضحك عليها وعلى حركاتها .. بدت ترف عيونها
اكثر وعرف انها بقمة توترها : خلاص نتعشى هنا ..
قرب وجهه منها وهمس في اذنها : بردانة ؟
هزت راسها بايه .. وهي تحس هالموقف زاد باحساس البرد اللي تحسه لمها اقوى
ومسك دقنها رفع راسها يناظرها .. حست بحرارة انفاسه على وجهها .. وبثواني
لثم فمها .. زاد احساس الخجل بداخلها اكثر .. مسك خشمها باصبعه وهو يضحك
على شكلها بهاللحظة : وش رايك نخلي العشى بعدين ؟
كان يدري انها مستحيل تجاوب عليه وهي بقمة احراجها ..وماكان يهمه اصلا اي
رد بوقتها .. ورغم انه مايحس بمشاعر حب جارفة تجاهها الا انه مايبي يقصر
ابد بحقوقها .. مايبيها ابد تحتاج لاحد بوجوده .. ورغم هذا كله مايبي يضعف لها
مع الايام ..
/
\
/
\
فتحت عيونها ببطء وهي تسمع صوت تلاطم امواج البحر في الخارج .. ناظرت
حولها وعلى طول غطت نفسها .. ماشافته جنبها وهالشي خلاها تحس بارتياح
كبير .. قامت بكل هدوء وهي تتلفت حولها .. دخلت تتسبح كانت الساعة بحدود
الـ 7 الصباح .. هذي ثاني مرة تفوتها صلاة الفجر بوقتها استغفرت ربها وصلت
وطلعت تشوفه بس ماكان موجود .. " والله مدري هالآدمي وين يروح " قعدت
بالصالة وقربت من التلفزيون .. قعدت تحوس فيه لحد ما اشتغل .. فزعت من
الصوت العالي ورجعت على ورى شوي .. اول شي جا في بالها تدوره لا يكون
شافها .. على طول رجعت تحوس بالازرار تبي تقصر الصوت .. طلعت لها
قائمة الشاشة والالوان .. ويوم حست انها بتجيب العيد سكرته وقعدت مكانها ..
ماعرفت وش تسوي هالوقت كله مو قادرة ترجع تنام ولا عندها شي تتسلى فيه
وماحولها احد .. تنهدت وهي تفكر بخواتها وبنات عمها وش يسوون الحين اكيد
جالسين مع بعض وهي قاعدة هنا لحالها .. ماحست بنفسها الا وهي تغط في نوم
عميق مكانها ..
اما هو من صحى وصلى الفجر كان حاس بملل فظيع .. ماكان يبي يصحيها ولا
يبي يزعجها .. طلع للبحر وبدا يمارس هوايته اللي انقطع عنها من زمان .. ورغم
ان البحر كان بارد الا انه استمر في السباحة .. ماكان عارف انها صحت او حتى
قعدت تدوره رجع للشاليه وهو يرتجف من البرد شافها نايمة في الصالة وابتسم
اكيد قامت وماشافته رجعت كملت نومها .. تسبح وبدل وطلع يجيب فطور بعد
حول الربع ساعة رجع وشافها على نفس وضعها شكلها مستغرقة كثير في النوم
ومو حاسة ابد باللي حولها ... حط الكيس على الطاولة وقرب منها .. يدري انها
خجولة جدا والحين لو صحاها اكيد بتموت مكانها من الخجل .. بصوت اقرب
للهمس : نورة ..
ماتحركت ابد او ابدت اي استجابة لندائه .. قرب منها اكثر وناداها .. فزت على
طول من سمعت صوته .. وبدون شعور تكلمت : وين رحت ؟
قام واقف على طول : صباح الخير بالاول .. تعالي افطري
جلس ينتظرها تجيه .. قامت رتبت شعرها .. ويوم تذكرت انها مكحلة عيونها
شهقت .. خافت ان الكحل سال من عينها وشاف شكلها وقفت على طول وراحت
للغرفة .. يوم شافها تروح فتح عيونه على آخرها استغرب انها طنشته " لايكون
بتكمل نومها بعد ؟ " ما اطال التفكير الا وهي جاية تمشي وهي مبتسمة .. قعدت
في الكرسي اللي مقابله وهي تناظر بيدينه اللي ماسكة الكيس ويوم شافته ماتحرك
رفعت عينها وشافته مبتسم : كل هذا نوم ؟ كل ماجيتك حصلتك نايمة ..
توردت خدودها خجل : وش اسوي يعني اقعد بلحالي بالطفش .. انت مدري وين
تروح وانا ماعندي شي يسليني .. وماعندي من يسولف معي ..
شبك يدينه تحت دقنه وركز نظره فيها : هالشي اعرفيه عني من الحين عشان لا
تنصدمين بعدين .. انا انسان ما اسولف كثير .. واذا رجعنا ان شاء الله وجلستي
مع خواتي بتعرفين هالشي منهم ..
ناظرته مستغربة : اجل وش اسوي انا اذا انت ماتبي تسولف معاي ..
هز كتوفه وهو يحط الفطور قدامها : مشكلتك هذي مو مشكلتي ..
كشرت على طول وبخاطرها رددت " مغرووور وربي مغرور " .. اول ما انتبه
لها لاحظ عليها التوتر .. هو ماكان يقصد اللي قاله بمعناه .. كان يبيها تفهم ان
هالشي فيه ومايقدر يغيره ولازم تتأقلم مع هالوضع .. لكنه قالها باسلوب ابد ما
كان مناسب .. ابتسم وهو يشوفها تهز رجلينها بتوتر : اليوم بعد المغرب بوديك
السوق .. منها نغير جو .. وبعد تشترين اللي خاطرك فيه ..
هزت راسها له بدون ماترد بشي .. تحس انها مشتاقة لاهلها كثير ودها بس لو
تلقى فرصة وتشوفهم لو شوي .. تحس ان هالثلاث ايام بالنسبة لها عمر .. على
الاقل لو تشوف راكان اهم شي تشوف احد من اهلها .. رفعت راسها وهي تشوفه
يقوم .. كانت خايفة انه يطلع او يروح مكان ويخليها لحالها .. حتى لو كان ساكت
او ما يتكلم بس على الاقل تحس بوجود احد معاها بنفس المكان .. : وين بتروح؟
لف من ورا الطاولة وقرب منها : بروح انام شوي قايم من صلاة الفجر .. وانتي
مابتجين تنامين ؟
حست بلهجته فيها نوع من الاستهزاء : انا وهذا نومي ماعجبك .. تبيني انوم اكثر
وتمسكها علي ..
اطلق ضحكة عالية على كلامها .. هو حاس من اول انه وترها باسها على خدها
وراح للغرفة بدون مايلتفت لها .. تاركها وراه غارقة في خجلها من حركته اللي
فاجأتها .. تمدد على السرير وكل تفكيره ياخذه لها فرق كبير بين برائتها وجنون
حنين .. انسانة طبيعية ماتعرف التصنع حس بشخصيتها القوة من اهتمامها انها
تعرف كل شي بنفسها كل هاللي تعيشه الحين جديد عليها بس ماعمرها سألته عن
شي .. ومن هالشي ادرك قوتها .. اعجبه خجلها وحياها اللي اوقات يطفشه ويتمنى
يكسر هالحاجز وتاخذ عليه اكثر الا انه يمنحها انوثة تجذبه .. توقع انه راح ينفر
منها .. ماراح يتقبل وجودها وراح يحس انها فرضت عليه .. لكن مايدري ليش
اذا صار معاها يحس انها خلقت له .. يكفيه احساسه بانه راح يكون لها كل شي
بدنيتها وماراح تلجأ لاحد وهو موجود ..
دخل المجلس وشافه قاعد ينتظره .. دايم هالانسان يجي له على كثر المشاكل
اللي سببها لاخته .. ماكان يحبه لكن للأسف كان قدرها تكون له .. : السلام
عليكم ..
طنش يده اللي مادها وقعد بمكانه المعتاد بصدر المجلس .. : من الآخر قول
وش تبي ؟
تنامى احساس الغضب بداخله وهو يشوف نظرات الاستحقار اللي بعيونه ..
رتب كلامه وتكلم : ابي ارجع زوجتي وعيالي
قاطعه على طول : توك تجي تسأل عنهم .. ؟ بعد شهر ونص جاين ترجعهم ؟
اغديك ترجع مع دربك اللي جيتنا منوه .. ومن هاليوم وطالع ما نعرفك ولا نبي
نشوفك بعد اليوم ..
قام واقف وهو يصارخ عليه : باخذهم غصب مو بكيفك .. والحين بيرجعون
معي وقدام عيونك بعد ..
ناظره وهو واقف : اختي بتقعد عندي في البيت معززة مكرمة ولا تبي الرجعة
معك ..
هالمرة حس انه واثق من قرار زوجته وهالشي خلاه يقعد للتفاهم معاه : وينها ؟
خلها تجي وانا اتفاهم معاها ..
حس بداخله احتقار عظيم له وهو متأكد من رضاها عليه مثل كل مرة : وش تبي
به ؟ تبي تغسل مخه مثل كل مرة وتحلف له انك تركت خرابيطك .. ؟ وهالمرة
التوبة ..
شافه ساكت وكأنه قاعد يفكر انتظره يتكلم لكنه اطال الصمت كمل كلامه : وش
فيك ساكت علمن ؟ .. وش اللي جاين تبيه اليوم ؟ مرتك ماهيب راجعة معك ابد
وبتقعد عندي هي وعياله وحتى لو كلمته واستسمحت منه ماهيب راضيتن عليك
لو تحب السما ..
لمح الثقة بكلامه.. و فك ازرار ثوبه العلوية : اذا ماتبي ترجع بكيفها بس
بناتي وولدي باخذهم غصب .. والحين يمشون معاي للرياض ..
ابتسم على كلامه وتكلم بصرامة : محدن يبيك ولا يبي الرجعة معك هذي اختي
وبناته بناتي ولهن مثل ما لبناتي عندي الخير واجد والله ماهوب مخلينا انا بربيهن
وبدرسهن وبزوجهن بعد .. وانت الله لا يشكر فضلك مانبي منك لاخير ولا شر ..
ضحك بصوت عالي وبانت اسنانه الصفراء القذرة : بناتي وتحت حكمي ومحد
يقدر يزوجهم الا انا .. واذا تبي تخليهم عندك انا باخذهم بالقوة والمحاكم بيننا ..
قام واقف وهو يأشر له على الباب : اطلع برا ولا اشوفك فهالبيت .. بناتك مالك
دخل فيهن .. دانا بزوجه ليزيد قريب وبتشوف انت بنفسك ..
ارتفع ضغطه من كلامه وفرضه قراراته على عياله وزوجته : بنتي ماتتزوج
الا اللي انا ارضى عليه .. وولدك مابيه ولابي نسبكم اللي ماشفت منه الخير ..
تعالت اصوات صراخهم للخارج .. كان يهدد ويتوعد انه ينتقم منهم اشر انتقام
وانه راح يحبط كل محاولاتهم اللي راح ينفذونها من وراه .. رفع صوته وهو
يهدد في زوجته وهو متوقع انها في البيت وتسمعه .. مايدري انها معاه وبنفس
المدينة بعد ..
بنفس الوقت على وقت صلاة العصر جات لها امها تصحيها : دانا يمه قومي
صلي بنروح لم بيتنا تاخذين كتبتس واللي تبين منوه .. ابوتس رايحن للقصيم عند
خالتس ..
فتحت عينها وهي تغطي بيدينها على عيونها .. من النور القوي اللي يدخل مع
الشباك : همممم
جلست جنبها ومسكت يدها تقومها : يالله وانا امتس لا تبطين اخاف يرجع قبل
لا نروح البيت ..
قامت وهي تمسح على وجهها : اي بيت اللي نروح له ؟
حست انها ماسمعت شي من اللي قالت لها : ابوتس رايحن لخالتس بالقصيم توه
يزيد معلمن .. قومي صلي هالحين نبي نروح نجيب كتبتس من البيت ..
اول ما استوعبت الموضوع فزت على طول .. قلبها عورها كثير .. تحس انها
ماتقدر تروح للبيت وتشوف كل الماضي الأليم هناك .. : يمه تكفين مابي اروح
روحي انتي وخوذي نجود او رغد .. اي وحدة فيهم بس انا لا تكفين ..
لاحظت توترها من الموضوع ورحمتها وحبت تتركها براحتها : ابشري هالحين
اروح لنجود اكلمه .. وقامت من عندها رايحة للصالة ..
ارتاحت كثير لتجاوب امها وتفهمها لوضعها .. ماكانت مستعدة ابد تروح للمكان
اللي ازهق برائتها وتركها انسانة تصارع الى الآن لاستعادة ذاتها اللي فقدتها في
لحظات طيش ابوها ورغم انها تتصنع القوة الا ان داخلها مازال يئن وواقع تحت
وطأة الماضي بكل صوره .. تحتاج لاحد يقويها احد يفهمها ان اللي صار انتهى
ولا يمكن يصير ابد .. وان حياتها الحين افضل من قبل مازالت الى هاليوم تعاني
من اللي صار لها من طفولتها وكل الصور اللي تكررت قدامها .. قامت تتوضا
وتصلي وهي تشوف نجود جاية تاخذ عباتها وشنطتها : جودي ..
التفتت عليها وهي تلبس العباية : هلا ..
قعدت تفرك يدينها بتوتر : جيبي لي كل الكتب والملازم والدفاتر اللي كاتبة فيهم
محاضراتي .. " نزلت راسها شوي وقالت بصوت موجوع " وجيبي لي ميكي
ماوس بعد ..
ماكان ودها تصارخ عليها او تقول شي .. اسلوبها كان كافي انه يوضح مقدار
المها : لين متى يادنو ؟ وربي مايستاهل حبك ابد .. كل هاللي يصير لنا والعذاب
اللي نعيشه بسبته .. ليش للحين تبكين عليه ..
حطت يدها على فمها ماتبي تصيح .. وسمعت صوت امها تصوت على نجود
تستعجلها .. قربت منها نجود وباستها على جبينها : عشان خاطر امي انسيه ..
شوفي وش كثر تحملت عشان تسعدنا ..
مسكت يدها قبل تطلع : جودي تكفين ابيه تعرفيني ما انام الا لا صار بحضني
فلتت يدها وطلعت من الغرفة رايحة مع امها .. وراحت هي تتوضا وتصلي ..
ماتدري ليش رغم ان الماضي مؤلم لها الا انها تحن له .. تحن للحظات كانت
فيه مثلها مثل اي بنت تعيش حياة مستقرة .. وهالهدية اللي جاتها من ابوها في
طفولتها مازالت تحتفظ فيها كأغلى هدية ملكتها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:22 PM
شافها وهي تصلي المغرب في الغرفة وقعد على السرير ينتظرها اول ماسلمت
انتبهت لرجلينه قريب منها .. حست بحرارة بوجهها من قربه وبعد تردد التفتت
له مبتسمة .. شافته لابس ثوبه وشماغه جنبه مد يده لها ومسكتها باحراج قربها
منه وقعد يناظرها ويوم شافها منزلة راسها مستحية تكلم : لو سألتك وش اكثر
شي تتمنينه الحين .. وش بيكون ؟
رفعت راسها تناظره وحست انه قريب منها حيل حست بتوتر من الموقف بس
ابتسامته شجعتها تتكلم : اشوف اهلي واسولف معهم ..
ميل شفته وهو يحس بلهفتها بكلامها : تشوفينهم ان شاء الله بعدين .. بس اذا
ودك تسولفين بخليك تكلمين واحد منهم الحين ..
على طول قاطعته فرحانة : راكان ؟
هز راسه بإيه ووقفت بكل حماس تبي تكلمه : تكفى ابي اكلمه الحين ..
ماكان وده يعاندها ويخرب عليها فرحتها .. مسك جواله ودق على رقم الثابت
في الشقة اللي يسكن فيها راكان .. سمعته يسلم ويطلب راكان باسمه .. : هلا
والله .. اي هذا هي جنبي .. اوكي خذها ..
مد لها الجوال وعلى طول اخذته منه .. : راكان ..
رد عليها بلهفة : يا هلا والله يالنوري هلا بعروسنا .. حي هالحس اللي فقدته ..
حست ان دمعتها على وشك النزول لكن قاومتها وجاوبته بلهفة اكبر من لهفته
وفرحة اعظم : هلا بك ياخوي .. وربي انا اللي فقدتكم وفقدت لمة اهلي ..
اخذ شماغه وطلع من الغرفة يبيها تاخذ راحتها بالمكالمة .. سولفت معاه وخذت
علومه وهي مستانسة حيل انها سمعت صوته .. : راكان اذا جيت تبي تروح
الديرة لا تنسى تمر علي .. ارسل معك غريضات لاهلي ..
ابتسم على طول من كلامها .. هالانسانة ماتنسى اهلها حتى لو بعدت : ابشري
اللي تبينه انا حاضر فيه .. الحين قفلي وروحي لرجلتس عيب تخلينه بلحاله ..
ضحكت بقلبها وهي تتذكر كلامه معاها : زين بروح .. " وتلفتت حولها وهي
تضحك " راكان شلون اقفله ؟
سمعت صوت ضحكته العالية وابتسمت : وراك تضحك علي والله اني سبيكة
بهالسوالف وما اعرف لها .. اخلص علي لا تفشلني عند رجلي ..
تكلم وهو مازال يضحك : والله اني ما اضحك عليتس انا مثلتس اول ما اعرف
لشي .. اجل اسمعي شوفي الزر الاحمر .. شفتيه ؟
بعدت الجوال وشافته ورجعت الجوال عند اذنها : ايه اضغطه هو ؟
رد على طول : ايه .. وماخلص كلمته الا الخط منقطع بينه وبينها مات ضحك
على حركتها وهو يدعي لها ربي يسعدها ..
اما هي حطت الجوال جنبها .. وقعدت على السرير مبتسمة .. حمدت ربها انها
سمعت صوت احد من اهلها هالشي خلاها تحس براحة كبيرة رن الجوال جنبها
وفزعت منه طلعت من الغرفة وشافته جالس بالصالة وهو كاشخ اشرت له بالجوال
وقام على طول اخذه منها .. ورد على المتصل : هلا والله وغلا ..
وقفت مكانها تناظره حست بفرحته من رده .. ماتدري من هاللي يكلمه .. التفت
عليها وأشر لها على ساعته .. فهمت انه يستعجلها يطلعون رجعت لفت طرحتها
اللي توها تصلي فيها .. وخذت شنطتها وراحت وراه .. وقفت عند الباب وهي
تشوفه يقفله .. واول مامشى مشت معاه .. " الحين من هاللي مايطلع الحتسي الا
معه .. ويقول ما اسولف " قالتها بقهر في داخلها .. ومشت معاه للسيارة ركب
السيارة وشغلها وركبت معاه .. شافها تهز رجلينها وابتسم في خاطره هذي ثاني
مرة ينتبه لهالحركة فيها واكيد انها الحين متوترة او متنرفزة منه .. : يالله اجل
سو كل اللي قلت لك مابي ارجع الا وكل شي خالص .. واي شي ناقصك دق
علي على طول تراني معتمد عليك بعد الله ..
جاه صوته المستهزيء : اقول ضف وجهك وقابل مرتك ابرك لك .. حتى وانت
توك متزوج ماتركتني بحالي .. قلت لك مليون مرة شغلي واعرفه وكل الاوراق
المطلوبة وقعتها يعني وجودك الحين مثل عدمه .. بس سكر وانقلع واللي يرحم
والديك ..
ضحك بصوت عالي على اسلوبه وهو يصارخ عليه : يالله فمان الله ..
وعلى طول مشى رايحين لمجمع الظهران .. هو مو بالعادة ينزل اسواق ابد بس
الاجواء هالايام برد وماعندهم مكان يروحون له الا المجمعات والمطاعم وهالمرة
كالعادة بهالطريق جمعتهم سوالف بسيطة .. بعد مابركن السيارة دخلو للمجمع ..
ناظر ساعته : وين تبين تروحين ؟
قعدت تناظر بالمحلات حولها ماتدري وين تبي تروح بالضبط : مدري ..
مسك يدها ودخلو اول محل صادفهم .. كان يبيها تاخذ اي شي لها بس عيونها
ماكانت على اللي بالمحل كانت مقهورة من اشكال البنات اللي تشوفهم .. طلعو
بعدها وراحو لمحل عطور .. راح لقسم العطور الرجالية يبي يختار له عطر ..
شافت قريب منه 3 بنات كانو يناظرونه راحت له ومسكت يده : طلال
على طول التفت لها هذي اول مرة تناديه باسمه : هلا ..
رفعت نفسها شوي تبي تقرب من اذنه : خلنا نرجع ..
التفت لها : ليش ؟
ماحبت تبين له اللي هي مقهورة منه : زهقت ..
حس بيدها تضغط على يده بقوة : طيب تعالي نروح لمحل ثاني ..
قاطعته على طول : لا .. لا ابي ارجع هالحين ..
توقع انها متضايقة من المحل او ماعجبها وقبل مايطلع من المحل انتبه للثلاث
بنات واقفين يناظرونه .. شعور غريب بداخله حس فيه وقتها على طول شال
عينه عنهم وطلع .. لفو بالمجمع شوي بس حس انها متضايقة وصوت اذان
العشا خلاه يستسلم اخيرا لرغبتها اول ماركب السيارة زفرت براحة .. كان
حاس انها متوترة .. ماكان عارف ليش بالضبط هل لانها اول مرة تدخله او
لانها تضايقت من البنات اللي في السوق رجح التوقع الثاني وهالشي ارضى
غروره بداخله .. ومشو راجعين للشالية يقضون ثالث يوم لهم من زواجهم ..
/
\
/
\
صار لها كم يوم تفكر باشياء كثيرة وماعرفت وش اللي تقرره او اي قرار
تتخذه .. فضلت تستشير اهم اثنين بحياتها تحتاج لنصيحتهم في اي مشروع
قبل تبدا فيه .. راحت له المكتب وطقت الباب ووقفت عند الباب تناظره ..
كان منغمس باشغاله مابين جهاز اللاب واوراقه اللي يناظرها .. رفع راسه
وشافها واقفة تناظره : هلا حبيبتي ..
دخلت وقعدت على الكرسي اللي مقابل له : مشغول ؟
حط الاوراق على جنب وابتسم لها .. : حتى لو مشغول افضي نفسي عشانك
انتي آمريني بس ..
قعدت تشوف كومة الاوراق المتناثرة على مكتبه : لا اذا مشغول اتكلم معاك
بوقت ثاني .. خلص بالاول وبعدها اجلس معاك واقول لك كل شي ..
قام من مكانه وراح جلس قبالها .. : لازم الرسميات بكل مرة نتناقش فيها ؟
انا عارف انه عندك شي تبين تستشيريني فيه تكلمي ياقلبي وش اللي بخاطرك
حست بامتنان كبير لتفهمه هي كانت مندفعة بهاللحظة وتبي تقول له كل شي
بخاطرها : شفت القرية اللي رحنا لها يوم زواج طلال ؟
تكلم على طول : ايه وش فيها ؟
حست باندفاع انها تقول له كل شي فكرت فيه وبدت تتكلم بكل شي : من يوم
جيت وانا في بالي افكار كثيرة ولا ادري وش انفذ فيها .. تمنيت اقدر اسوي
مشاريع هناك بس للأسف عرفت ان الأراضي لهم ومايبيعونها لاحد وادري
انه مثل مافي هالقرية اكيد فيه غيرها .. ابي اشوف اذا يرضون اني ابني لهم
مبنى صغير يعتبرونه دار لتحفيظ القرآن .. يكون وقف لأمي الله يرحمها ..
اشرقت ابتسامته وهو يشوفها تسولف عن المشروع وحماسها له : ما اتوقع
ابد يرفضون .. وانتي مو مسوية شي لك هذا لهم هم وانتي تبين الأجر لامك
منه ..
ارتاحت كثير لكلامه تدري وش كثر هالانسان كان اكبر سند لها بحياتها بعد
ابوها : وفي شي ثاني بعد .. ودي اكمل اللي بدته لمياء معاهم بس ابي الكل
يشتغل .. يعني انا اوفر لهم الخامات والمكاين وهم عليهم الخياطة ونحاول
نبيعها لهم .. تعرف هذا اللبس الشعبي يستخدمونه باحتفالات المدارس واليوم
الوطني وهالامور ..
هز راسه لها باقتناع : عاد هالامور انتي ادرى فيها .. بس اذا انتي دارسة
نجاحه ليش لا .. خلي الامر بالاول كمية بسيطة واذا حسيتي انه في طلب عليها
زيدي الكمية ..
ابتسمت له وكملت : وهذا اللي انا مفكرة فيه .. وفي شي ثاني بس مادري الى
هالحين اذا احد بيقتنع فيه او لا .. بشوف لي اي وحدة فيهم ترضى تجي تشتغل
عندنا بفرع الشركة .. يعني تكون مراسلة مسئوليتها تنقل الملفات والاوراق بين
المكاتب وتجهيز القهوة ومن هالامور ..
قاطعها على طول : مستحيل .. صدقيني مستحيل احد يرضى يعني شلون وحدة
بتترك اهلها وتجي تعيش هنا .. و وين تعيش اصلا ؟
سكتت شوي تفكر بعدها تكلمت بهدوء : ليش مستحيل الحاجة بتخليهم يرضون
يجون .. وانا ماقلت ابيها شغالة تنظف هي لها شغلة تكسب منها اللي يفيدها ويفيد
اهلها .. وبالنسبة للسكن بالملحق فوق .. انت شايف مافيه احد ..
قاطعها : ميساء انتي من جدك ؟ من هاللي يرضون بنتهم تعيش عند ناس مالهم
اي صلة قرابة فيهم ولا يعرفونهم ..
كملت بابتسامة : ومن قال لك اني مافكرت بهالشي .. عشان كذا حطيت ببالي
احتمالين .. اخت زوجة طلال او بنت عمها وبكذا احنا نكون اهلهم وما اتوقع
يرفضون ابد .. وكل الثنتين تقول لي لمياء انهم فوق الـ 25 ومو متزوجات ولا
حتى انخطبو هذا معناه انه ماعندهم اي ارتباط ممكن يمنعهم من هالاقتراح ..
حك راسه يفكر بكلامها .. مبين انها دارسة كل اقتراحاتها وسادة كل الثغرات
فيها : توكلي على الله مادام عندك هالحماس كله .. الله يجزاك الف خير على
هاللي تسوينه لهم .. واي شي تحتاجينه تعرفين اني ماراح اقصر معاك ابد
انتي بس اطلبي وابشري بعيوني لو تبينهم ..
قربت منه ومسكت يدينه وناظرت بعيونه : الله لا يحرمني منك يارب ..
ابتسم لها وباسها بين عيونها : آمين ويخليك لي يا ام بناتي ..
قام على طول وقامت هي معاه : يالله اجل اخليك تكمل اشغالك وانا بروح انام
الحين " باسته على خده وكملت " تصبح على خير حبيبي ..
مسك يدها قبل تطلع : اخذيني معاك قبل تروحين ..
طفت الانوار وطلعو من غرفة المكتب متوجهين لجناحهم كانت تحس بالرضى
بعد مالمست هالتشجيع من زوجها .. وكل اللي تبيه الحين انها تكلم لمياء على
كل هالقرارات عشان تمهد لها كل الطرق ..
كانت متطمنة ان ابوها مسافر وامها نايمة بغرفتها وطارق نايم اكيد بشقته ومعاذ
من اول الليل وهو نايم .. ومثل هالفرصة تستغلها عشان تكسب وقت تشوف فيه
حبيبها صلاح .. صار له ساعتين قاعد معاها وبكل مرة يحاول انه يتقرب منها
تتمنع عنه .. وماتسمح له بأكثر من تقبيلها .. : حبيبي قلت لك اكثر من مرة اذا
تبيني اخطبني ولا تزوجنا اصير انا كلي ملكك .. تسوي فيني اللي تبي ..
كانت تتكلم معاه بكل دلع وهو يشوف لبسها وحركاتها اللي تتعمد فيهم انها تفتنه
ومع هذا كله ترفض انه يتمادى معاها .. : وش اقول لاهلي ؟ و وش تقولين انتي
لاهلك ..
حست بفرحة كبيرة بداخلها لانه لاول مرة يتجاوب معاها في موضوع الزواج
وهذا معناه انه جد يحبها : عادي قول صديقة اختي .. وانت تفاهم مع اختك اكيد
بتساعدنا ..
مسك يدها وباسها : يسلم لي هالعقل الخطير ياعمري .. بس انتي اصبري علي
كم يوم ادبر كل اموري واضبط لك الموضوع واخطبك ..
قربت منه فرحانة : والله حبيبي ؟
ابتسم لها : ايه والله .. " ناظر ساعته " يالله حبيبتي بروح الحين قبل يأذن الفجر
ويقومون جيرانكم ..
مسكت يده وهو يقوم : حبيبي الوقت عدى بسرعة مابعد استانست ..
لبس جاكيته وسكره وهو يناظرها : الايام جاية ياقلبي ان شاء الله بعوضك ..
قرب منها وودعها مثل كل مرة وداع حميم الى ابعد درجة .. ابتعد عنها وطلع
مع الباب رايح لسيارته اللي موقفها ورا البيت ..
طارق اللي كان توه راجع للبيت لمح من بعيد شخص طالع من بيتهم بس ماشاف
وجهه قرب من البيت و نزل من السيارة وصوت له : معاذ ؟
واول ماشافه يركض رايح لورا البيت ركض وراه يبي يلحقه .. بس كان اسرع
منه ومالحقه .. رجع للبيت مثل المجنون يبي يعرف من هاللي طلع من بيتهم ..
منال يوم سمعت صوت طارق وهو يصوت على معاذ وصوت الركض بالخارج
رقت لجناحها قفلت عليها ودخلت الحمام ( تكرمون ) تبي تتسبح ..
اما هو راح لجناح معاذ فتحه وشافه نايم بغرفته ومستغرق بنومه .. طلع وهو
يحس الدم يغلي بداخله .. وشاف جناح ديما مولع .. فتح الباب بس ما انفتح معاه
طق عليها بجنون : ديموووووووووه افتحي بسرعة ..
ارتاعت من صوت صراخه وتزايدت نبضات قلبها وهي تسمعه يطق الباب اقوى
من قبل وهو ينادي عليها .. راحت تركض للباب : هلا
زاد طقه على الباب وهو يصارخ عليها : ديموووه افتحي الباب لا اذبحك اليوم ..
" يارب استر " رددتها بداخلها وهي تقرب من الباب وتفتحه بخوف .. ماحست
الا باعصار داخل عليها مسكها من شعرها وهو يتنفس بسرعة : من هاللي كان
عندك الحين ؟ " وبصراخ " تكلمي
حست انه يقتلع شعرها من قوة شدته : محد كان عندي والله انا جالسة لحالي من
اول ..
شدها بقوة من شعرها وطق راسها بالجدار اكثر من مرة وهي تصارخ .. قامت
امه ومروى على صوت صراخهم .. وقربت منه : طارق وش اللي صاير ؟
كان مايشوف اللي قدامه من الغضب : الواطية الحقيرة جايبة لي واحد مدري
من هو للبيت .. والله لاربيها .. انا اللي بعلمها السنع .. كان يتكلم وهو يضربها
بكل مكان بجسدها وهي تصارخ وتحلف انها ماسوت شي .. لحد مابدت تدوخ
من ضربه لراسها اكثر من مرة وماعاد صارت تستوعب الاصوات اللي حولها
كثير ..
ضحكت بأعلى صوتها وهي تقول بخبث : ماهي غريبة عليها سوتها امها قبلها
جاتهم منال وهي لافة الفوطة على شعرها : وش هالصراخ كله ؟ وش مسوية
بعد ؟ " قالت هالكلمة تبي تثبت التهمة عليها وكأنها ماسكة عليها اشياء "
قربت مروى منه تمسكه : طارق خلااااص طقيتها .. البنت وجهها وراسها كله
دم ..
دفها بعيد عنه وكمل ضرب وسب فيها الى ان اختفى صوت صياحها .. وقف
معاذ معاهم وهو يشوف جريمة اخوه البشعة .. وامه ومنال اللي يزيدون النار
حطب بكلامهم المسموم رماها على الارض وطلع من البيت وهو يحس بنار
تحرق قلبه .. مر عليه شريط حياته بهاللحظة كل شي سواه مع البنات شاف
واحد يسوي باخته نفس اللي يسويه .. رجع لشقته مقهور من اللي شافه وهو
مقرر يرجع لها من بكرة ويكمل اللي بداه اليوم .. حس انه لو قعد شوي كان
ممكن انه يذبحها مكانها ..
اما عند ديما اللي كان وجهها وراسها كلها دم ناظرتها مروى مفزوعة والتفتت
عليهم : ليش تناظرونها احد يشوف البنت ماتت ولا بعدها حية ؟
قعدو يناظرونها بخوف شكلها مايوحي ابد انها ممكن تعيش بعد اللي سواه فيها
طارق .. قرب منها معاذ ومسك يدها بيدين ترتجف : منال تعالي شوفيها ..
ضحكت امهم بسخرية وهي تناظرها : وش بيكون فيها بعد مثل كل مرة تنطق
وترجع لنفس طريقها ..
قربت منها منال ومسكت يدها حست فيها نبض خفيف : لا ما ماتت .. معاذ
ودها للمستشفى اخاف تموت البنت ولا يصير فيها شي ؟
رفع يدينه محتج : لا والله مالي شغل يروحون يلبسوني التهمة ويحطونها علي
وابوي مسافر من اللي يطلعني لا سجنوني ..
دفته عنها وهي تحركها : ديماااا .. قعدت تضربها على خدودها تبيها تصحى
بس كانت في هاللحظة جثة هامدة ماتتحرك .. التفتت على معاذ وهي تصارخ
عليه : معاذووه ودها المستشفى حرام عليك البنت بتموت ..
كل واحد فيهم كان خايف من خبر موتها بأي لحظة ومعاذ كان يناظرها بخوف
اكبر : كلمي عمي فيصل ..
شافتهم واقفين عندها وراحت لجناحها بدون لا تنطق بأي كلمة وركضت مروى
للتليفون تدق على عمها .. مارد اول مرة .. واعادت الاتصال مرة ثانية وردت
عليها ميساء من سمعت صوتها تكلمت وهي تصيح : خلي عمي يجي ياخذ ديما
للمستشفى ..
كانات توها صاحية على صوت رنة الجوال ومن شافت رقم بيت اخوه استغربت
الاتصال في هالوقت وردت : وش فيها ديما ؟
كانت يدها كلها دم وترتجف : مادري تكفين بسرعة .. اخاف تموت ..
سكرت منها على طول وصحت فيصل .. اللي قام بسرعة وراح لهم مجرد
ماشاف شكلها طايحة على الارض ووجهها كله دم حس بدوخة من هالمنظر اللي
يشوفه .. على طول شالها و نزل بسرعة ووداها على اقرب مستشفى ..
/
\
/
\
اول ماوصل للمستشفى فتحو باب الطواريء ودخلوها على طول .. ماكان يدري
شلون شالها وجابها للمستشفى الوقت بين طلعته من بيته الى وصوله للمستشفى
كان جدا سريع وهو للحين ما استوعب شي .. ولا يدري حتى وش سبب اللي هي
فيه الحين .. مر الوقت بطيء وهو ينتظر انه يسمع اي شي يطمنه عليها .. بس
للحين محد طلع وقال له اي شي .. كان يشوف المصابين اللي يجيبونهم للمستشفى
شاف من بعيد اثنين يصيحون ومبين عليهم ان اللي جايبينه للمستشفى توفى عوره
قلبه وهو يتخيل نفسه بهالمكان .. تعوذ من الشيطان وتجاهل كل التوقعات اللي
بداخله .. وهو يدعي ربي يطمنه عليها ماكان يسليه بهالوقت الا اتصالات ميساء
كل شوي تتطمن عليها .. شاف الدكتور جاي له حس في ملامحه شي مافهمه وهو
يردد بداخله " يارب احفظها "
اقترب منه وناظره بكل غضب : من اللي معتدي بالضرب على البنت ؟
قاطعه على طول : انت علمني الحين شلونها ؟
كمل بنفس عصبيته : الى الآن مغمى عليها وننتظر تفوق في اي لحظة ونقرر وش
هي حالتها بالضبط الحمدلله ماتعرضت لارتجاج في المخ لكن في رضوض بالراس
وهذا دليل انها تعرضت لضرب مباشر على الراس .. و احمد ربك انك جبتها في
هالوقت الحرج يمكن لو تعرضت لضرب اكثر يسبب لها نزيف داخلي في المخ ..
وغيبوبة قد تؤدي للوفاة ..
كان يسمع كل شي وبداخله غضب على اللي سوى فيها هالسواة .. : يعني شلون
الحين حالتها مستقرة ؟
ناظر الاوراق اللي في يده : الى الحين ما تطمنا عليها لازم نعاود الفحوصات بكرة
ونشوف وش اللي يطلع معانا .. بس الحين انا مضطر ابلغ الشرطة عن حالتها وهم
يتصرفون بمثل هالحالة ..
هالمرة ما اعترض ابد .. قد يكون بهالقرار ينقذها من هالوحوش اللي تعيش معاهم
رد على اتصال ميساء وقال لها كل شي قاله الدكتور بعدها رد على اتصال مروى
اللي كانت للحين تصيح : عمي تكفى وش صار عليها ؟
صر على اسنانه وتكلم بغضب : من الحقير اللي طقها ؟
سكتت شوي وتكلمت بعدها بخوف : طارق بس مدري ليش .. عمي تكفى شلونها
طنش سؤالها وقال بقهر : لا تسوين ان امرها يهمك وكل هاللي يصير فيها من ورا
راس امك .. وسكر منها بدون حتى مايقول لها وش اللي صار معاها ..
ماجا الصباح الا المكان كله انقلب لساحة تحقيق وسؤال وجواب .. هالمرة ماراح
يطاوعها مثل كل مرة ويسكت عن حقها .. تكلم وقال لهم عن طارق واستأذنو منه
يرجعون اذا رجع لها الوعي ..
راح للدكتور يتطمن عليها سأل عن مكتبه ودلوه عليه طق الباب واستأذن بالدخول
وسلم عليه : شلونها الحين يادكتور ؟
اشر له يجلس وبدا في الكلام : ما اقدر احكم على حالتها الا اذا فاقت واستجابت لنا
بس ان شاء الله يكون كل شي فيها سليم .. اللي عرفته من الممرضات انه جسمها
فيه آثار حروق هذا معناه انه مو اول مرة تتعرض للضرب صح ؟
نزل راسه بأسف وهو يسمع كلام الدكتور اللي كمل : يعني عارف من زمان عن
هالشي وساكت .. ؟ للأسف انت مشترك مع عائلة كاملة في هذي الجريمة البشعة
و اللي خلاك اليوم تتحرك وتتكلم يوم شفتها على مشارف الموت ؟ انا مضطر
اطلع الحين بتنتهي مناوبتي وراح يشرف على حالتها زميلي في العمل وانت بعد
روح لبيتك وجودك الحين ماراح يغير شي .. حط رقمك هنا وهم راح يتصلون
عليك اذا جد شي بحالتها ..
قام يبي يستأذنه لانه شافه مستعجل يبي يطلع : ان شاء الله يادكتور مشكور وما
قصرت .. انا بمشي الحين وان شاء الله راح ارجع قبل الظهر ..
استوقفه قبل يطلع مع الباب : هالمرة ان شاء الله تعدي على خير .. انتبه لايصير
لها مرة ثانية مثل اللي صار اليوم .. صدقني تجينا حالات كثيرة تعرضت للضرب
والاعتداء الجسدي تسببت لهم بعاهات مستديمة والبعض يتوفون اثر هالتعذيب ..
حس بتأنيب ضمير فظيع من كلامه .. آخر مرة هي استنجدت فيه لكنه خذلها و
رجعها لهم يسوون فيها اللي يبون .. مايدري اذا هذي اول مرة يطقونها فيها ولا
هالمرة لانها كانت الأقوى اضطرو يستعينون فيه .. اكثر شي اتعبه يوم عرف عن
آثار الحروق اللي بجسدها .. ماكان يدري انه تعذيبهم وصل لحد الحرق وهالشي
جدا صدمه واثر عليه .. مشى راجع للبيت وهو يعيش بصراعات مختلفة خوف
وتوعد واصرار انه يتخذ موقف هالمرة .. اول ماوصل شافته كان منهار وهالشي
واضح على ملامحه المتعبة .. : تعباااان .. وابي انام لي ساعة او ساعتين وبروح
لها المستشفى ..
ماحبت انها تزعجه باسألتها .. اكيد لو عنده شي غير اللي قاله لها بالاول بيتكلم
الحين .. طلعت معاه لغرفتهم واول ماحست انه بخير طفت الانوار وقبل تطلع من
الغرفة ناداها : تعالي جنبي ابيك ..
قربت منه ولمته في حضنها .. وقال لها على كل شي صار فيها .. كانت تسمعه
وهي تتذكر وعدها لها اللي انشغلت بالدنيا ونسته .. بس بعد اللي سمعته اليوم راح
تحاول بكل جهدها تعرف اي شي عنها .. يمكن لو عرفت كل شي عن امها ترتاح
حتى لو كانت هالأم مو موجودة بالدنيا ..
من رجعت من مدرستها مانامت فرحانة لانه اليوم طلال ونورة راجعين للرياض
وهذا معناه انها خلاص بتستقر معاهم في البيت .. شافت الشغالات ينظفون لهم
الجناح .. وراحت للمطبخ شافت الحلى اللي مجهزينه والقهوة .. ورجعت تقعد
بالصالة تنتظرهم .. كانت لابسة فستان احمر قصير باكمام كت تزينه شريطة
ساتان من تحت الصدر .. والميك اب مجرد لمسات خفيفة لانها صغيرة وماتحب
تكبر عمرها .. شافت امها طالعة من المجلس وبيدها المبخرة : احلى يا ام طلول
وش هالكشخة كلها ..
ضحكت عليها وهي تقرب منها : انا دايم كاشخة شوفي نفسك اليوم تقول رايحة
لمناسبة ..
دارت على نفسها وهي مبتسمة : بالعكس ستايل ناعم جدا .. اصبري على ريسو
لا نزلت الحين وربي تسوي بنفسها حفلة .. ماتنسى شي ابد لا اكسسوارات حتى
تسريحة شعرها لازم تغيرها بكل طلة .. الله يعين اللي بياخذها 24 ساعة مقابلة
مرايتها ..
مدت لها المبخرة : خليها تسوي اللي نفسها فيه ومحد يتكلم عليها .. اجل تكشخ له
ومايعجبه بعد .. روحي لجناح اخوك فوق بخريه وبشويش عن الطفاقة لا يطيح
الجمر يحرق لهم الجناح ..
خذت المبخرة وطلعت للجناح بهدوء .. كلمت الشغالة تنزل خلاص بعد ماتأكدت
انهم منظفين كل شي وسكرت الجناح ونزلت تقعد مع امها .. بعد نص ساعة دخلو
عليهم نورة وطلال سلمو عليهم وقعدو .. شوي وجابت لهم الشغالة القهوة والحلى
وهي تناظر بنورة متشققة من الوناسة .. حتى الشغالة كاشخة معاهم اليوم ..
شاف امه بتقوم تصب القهوة : ارتاحي يمه خلي سما تصبها ..
لاول مرة تقوم وما تعارض كلامه .. صبت لهم القهوة وقعدت جنب نورة : ايه
ماقلتي لي كيف الشرقية ؟ عساك استانستي
ابتسمت على طول لها .. هي من الاول مرتاحة لها كثير : الحمدلله " واستغربت
انها ماشافت رسيل معاهم " وين اختس ؟
رفعت لها صحن الحلى تقربه لها : الحين بتنزل ليش ماتاكلين ؟ والله حلو انا اللي
مسويته " قالتها وهي تضحك "
التفت عليها طلال وهو مبتسم : ايه هين .. انتي لو اقول لك شلون شكل السكر
ما عرفتي له .. " بعدها طالع في نورة وهو يكلم امه " من عرفتها وهي كل اكلها
لقمتين وقامت .. توصي فيها خليها تاكل ..
ناظرتها وابتسمت لها : ان شاء الله بتاكل .. هي بالاول تكون مستحية حتى الاكل
ماتتهنا فيه .. بس احنا اهلها وان شاء الله بتاخذ علينا .. كلي يانورة لا تستحين ..
هالمرة حست انه ابتسامتها من القلب دعت ربها انها تكون بالفعل معاها بهالطيبة
وما تصطنعها قدام طلال .. بدت تفك شوي من حياها وتسولف معاهم .. جاتهم
بعدها رسيل وهي لابسة تنورة فوشيه لنص الساق مع توب ابيض بسيور وعلى
الجانب مرسوم قلب صغير بكريستالات فوشي .. مع الحلق الفوشي والصندل
الابيض .. وشعرها اللي مخليته كيرلي ورافعته على فوق وتاركة خصلات منه
نازلة على وجهها و كتوفها .. : السلام عليكم ..
انبهرت من شكلها كثير رغم ان رسيل مو خارقة الجمال الا ان اناقتها تكسبها
شكل ملفت وجذاب ردو عليها السلام وجات تسلم على طلال وزوجته .. وقعدت
جنب امها .. نورة للحين ماحفظت اسمها كل مرة تسمعه وتنساه مو مثل اسم سما
اللي حسته سهل وبسرعة ينحفظ ..
كشرت وهي تشوفها لابسة تنورة جينز كحلي طويلة مع توب وردي باكمام طويلة
بدون اي اكسسوارات .. حتى شعرها مخليته على طبيعته ومو قاصته او مسوية
فيه شي ..
ناظر فيها طلال واشر لها تنزل عيونها عنها .. وقال بصوت هامس مايبي نورة
تسمعه : خفي على البنت لا تاكلينها بعيونك ..
كان جالس معاهم وعينه كل شوي تروح لها بدت تاخذ راحتها وتسولف ولو انها
حتى مع اهله خجولة .. لكنه شكر من قلب سما اللي مخليتها تضحك وهي تسولف
عليها .. قام يتوضا بيروح لصلاة العشا .. وهو طالع مع الباب صادف سامي اللي
توه بيدخل وقفه مكانه : ماتحس انه صار لك اسبوع مو شايفني ؟
ابتسم باحراج وسلم عليه : هلا والله توني انتبه لك ..
حط يده على كتفه : يالله امش معاي للصلاة ..
وقبل مايكمل تكلم هو : بروح اتوضا والحقك .. اسبقني انت ..
سحبه من يده يوقفه : وين مدرعم انت ..؟ يعني ماعرفت للحين اني صرت متزوج
وزوجتي داخل ومو على كيفك تجي وتروح بدون ماتشوف الطريق اذا احد قدامك
او لا ..
" ول عليه هذا وهو اول يوم سمعني هالموشح " : ان شاء الله .. وتنحنح عند الباب
وهو ينادي امه ..
مات ضحك على شكله الى هالحين وهالانسان مازال فيه طفولة رغم انه مو آخر
العنقود .. لكنه مدلل بشكل كبير وهالدلال مأثر عليه حتى شكله مافيه اي رجولة ..
قامت نورة تصلي وراحت معاها سما توريها جناحها : معليش الجناح صغير بس
على مايجيكم عيال ويكبرون نكون انا وريسو تزوجنا ويصير لكم هالدور كله وسام
يدبر عمره ولا ينام بجناح الضيوف تحت ..
ضحكت على كلامها وهي تشوف جناحهم المكون من غرفتين ( غرفة نوم وغرفة
مكتب لطلال ) وصالة ومطبخ تحضيري " كاونتر " وحمام واسع ( تكرمون )
كان هالجناح كله اكبر من بيتهم اللي يعيشون فيه هي واهلها كلهم .. حمدت ربها
على نعمه والتفتت على سما : وين القبلة ؟
تلفتت حولها وهي تحاول تتذكر وين القبلة فيه بهالغرفة وابتسمت ببراءة : تصدقين
مادري .. بس تعالي صلي بغرفتي الين يجي طلال وهو يعلمك بعدين ..
راحت مع سما لغرفتها توضت وصلت العشا وقعدو يسولفون .. رغم ان سما اصغر
منها بكثير ويمكن تعتبر بنص عمرها الا انها ارتاحت لوجود احد ياخذ ويعطي معاها
خصوصا انها تحب تسولف وتتكلم كثير .. عكس اخوها اللي ماتطلع منه السالفة الا
بصعوبة ..
بعد مارجع من الصلاة كان قاعد بالصالة مع امه ورسيل .. وكل شوي عينه تروح
للدرج متوقع انها بتنزل هي وسما .. دخل عليهم ابوه قام على طول سلم عليه وحب
راسه .. وبعد ماسولف مع ابوه التفت على رسيل : رسيل روحي نادي نورة تجي
تسلم على ابوي ..
قامت تروح تناديها ومن وصلت للدور الثاني وهي تسمع صوت ضحكها مع سما ..
تحمدت ربها وراحت لهم : نورة ابوي تحت تعال سلمي عليه ..
وطلعت بدون ماتتكلم غير اللي قالته .. اما نورة حست بارتباك فظيع هذي اول مرة
من تزوجت تشوفه : سما عطيني شيلة من عندتس ..
ناظرتها مستغربة : نعم ؟ تراه ابو زوجك ..
هزت راسها بالنفي : شلون اسلم عليه تسذا وانا ماعمري شفته ..
ابتسمت لها بخبث : هذاك تجلسين مع طلال وتلبسين له و انتي اول مرة تشوفينه ..
طقتها على يدها : ومن قال لتس ما استحي منه .. ماتشوفيني ما اعرف احتسي لا
قعدت معه ..
سحبتها من يدها نازلين : امشي بس بكرة تتعودين على وضعنا ترى ابوي حبوب
وينحب على طول ..
اول ماشافها ماشية ورا سما اللي ساحبتها من يدها عرف انها مستحية .. ابتسم
على اشكالهم .. وهو يشوف حمرة وجهها اللي تميزها لا استحت .. قربت تسلم
عليه .. وقام لها ابو طلال وهو يهلي ويرحب فيها .. مسك يدها وجلسها جنبه ..
وقعد يسولف معاها ويسألها عن اخبارها كانت تحس باحراج فظيع من هالموقف
وعينها راحت له تبيه ينقذها من هالموقف اللي انحطت فيه : يبه خف على البنت
شوي وتقطع عمرها من الحيا ..
التفتت له بقهر حست انها متعمد يزيد احراجها .. ناظرها بابتسامة خفيفة حست
وقتها ودها تروح له وتذبحه .. اما ابو طلال حط يده على كتفها وهو يكلمها : من
اليوم ورايح انتي بنتي الثالثة .. لك كل الحب والدلال اللي لهم .. واي احد يزعلك
علميني وانا اتفاهم معاه ..
ضحكت برقة يوم فهمت قصده .. : ان شاء الله ..
من اول ماجلست معاه حست بارتياح كبير له .. شخص مريح الى ابعد الحدود
حست انه يحمل بقلبه حنان كبير واضح في نظراته لبناته .. وكل اللي فكرت فيه
وقتها طلال اللي ما اخذ هالصفة من ابوه .. بالعكس تحس انه انسان جامد رغم
انه اوقات يسولف معاها اوقات لكن ماحست منه اي مشاعر او بالاصح غموضه
مو مخليها تعرف وش المشاعر اللي لها او لغيرها في قلبه ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:22 PM
قاعدة بالصالة تناظر منال اللي جالسة بآخر الصالة وجوالها بإذنها تسولف
وهي كل شوي تناظر ساعتها تنتظر العشى اللي طالبينه من ساعة وللحين
ماوصل .. : منووووو وجع سكري وتعالي اقعدي معاي .. اذا رجعتي البيت
كلمي براحتك ..
بدلع قالت له : حبيبي بروح اقعد مع خالتي وبعد العشى برجع البيت واكلمك
.. خلاص حبيبي لا تزعل .. يالله باي ..
وجاتها تصارخ : وانتي ماتخليني آخذ راحتي كل ماشفتيني اكلمه ازعجتيني
سكري سكري ..
قعدتها جنبها : اقول اقعدي بس لاحقة تكلمنيه الين تشبعين .. تعالي علميني
ماقالت لكم ميساء شي عنها ؟
ناظرتها مستغربة : من هي ؟
زمت شفايفها بقهر من غبائها : من هي يعني .. زوجة سعيد الحظ طلال ..
كشت على وجهها : مالت بس وانتي للحين تفكرين فيه .. مو قلتي خلاص
بتاخذين ولد عمك وتفكيني من هالسيرة اللي امرضتيني فيها من زمان ..
زفرت بقهر من كلامها : اووووف منو وبعدين معاك .. تكلمي لا تلعبين
باعصابي ..
قاطعتها بعصبية : لا ما قالت شي ولا سألتها اصلا .. يعني وحدة قروية
تبينها تجي متعجبة .. اكيد مو قد المقام بس عاد هذا نصيبه ..
ابتسمت بفرح على كلام منال : يعني صام وافطر على بصلة .. احسسسن
والله ليندم على اليوم اللي راح لغيري فيه ..
ناظرت ساعتها بملل : ياختي وين عشاكم ؟ بعدين هذا طلال خلاص شيليه
من راسك .. انسيه الرجال راح لنصيبه وانتي ان شاء الله تتزوجين عزام
وافتك من سالفتك اللي تغث ..
كشرت من تذكرت عزام على طول : ووع ياكرهي له هالعزام الله يصبرني
على ما بلاني ..
ضحكت بأعلى صوتها : وش اللي بلاك انتي الثانية .. تراك انتي لزقتي فيه
وتبين تتزوجينه بالطيب بالغصب ..
انسدحت على الصوفا وغمضت عيونها : ابي اقهر طلالوه .. ابيه يندم علي
ولا هالخايس اكرهه وما اطيق حتى شوفته .. وووع مغرور وشايف نفسه
قامت وهي تشوف الشغالة تجيب لهم العشى اللي طلبوه : وليش زعلانة ياقلبي
كلكم نفس النمونة .. يعني وافق شن طبقة ..
رمت عليها الكوشية وهي تضحك : بس عاد انتي اللي الطيبة والتواضع
مقطعينك .. الا تعالي وش صار على اختك ؟
تكلمت بلا مبالاة : مافيها الا العافية بس منومينها الظاهر انها صارت مجنونة
يعني ماتدري عن شي .. والله مدري وش سالفتها راحت لها مروى امس تقول
ماتتكلم مع احد ولا هي دارية عن احد حتى عمي فيصل ماتتكلم معاه وطارق
ماعاد شفناه من يوم جونا من مركز الشرطة يبون ياخذونه وابوي بيجي بكرة
عاد نشوف وش اللي راح يصير معاها .. يابنت الناس هالبنت تغثني وسيرتها
تجيب لي الغلقة وضيقة الصدر خلينا نتعشى تراني ميتة جوع ..
بدو يتعشون ثنتينهم وهم يسولفون وكل وحدة فيهم همها اسعاد نفسها وبس ..
بدون ماتفكر باللي حولها وش اللي يصير عليهم .. منال اللي اتفقت مع صلاح
يجي يتقدم لها بعد شهر بعد ما تأكدت ان طارق ماشاف وجهه وتعيش هالايام
اسعد ايام حياتها اللي بتجمعها مع الانسان اللي تحبه من 3 سنوات .. اما حنين
كل همها تعرف كيف زوجة طلال وكل تفكيرها عن مشاعره واذا حب زوجته
ولا للحين يحبها هي .. وهل هي احلى منها .. وكل هالامور اللي تثير غيرتها ..
وبولد عمها اللي عرفت انهم ماخطبو له للحين ولو انهم مرشحين له كذا وحدة
بس ماتقدمو رسمي .. واذا جوهم من بكرة راح تقول لهم امها على موافقتها ..
وانها استخارت وفكرت وحست نفسها مرتاحة له .. كانو يشتركون في نفس
الاحلام التافهة .. ويفكرون يبنون حياتهم على اساس من هوا .. فارغ ماراح
يكون له اي قيمة ..
/
\
/
\
كانت نايمة في فراشها تصيح .. صار لها كم يوم من عرفت من سلمان
انه ماعاد يجي للمدرسة وهالشي أكد لها مخاوفها من انه ماراح يرجع لها
وهي اللي من حست انه طول ماجا لهم عورها قلبها كثير وتوقعت ان
زواجها منه ماراح يتم ابد .. شكت انه اهله رفضو رغم انها ماتدري وش
هي اسباب رفضهم لكن هروبه واختفائه معناها انهم رفضو والدليل انه
ما رجع لهم مع اهله مثل ماوعدهم انه بآخر الاسبوع راح يجيبهم والحين
صار لهم حول الشهرين ومابعد جو .. على طول تطري في بالها شيخة
اللي راح عنها سعد وتزوج غيرها .. والحين هي تواجه نفس مصير اختها
اللي الى هاليوم ماجفت دمعتها .. رغم رجعته لها وطلبه الزواج منها الا ان
هالطلب كان كفيل بأنه يفتح كل جروح الماضي ويستنفر كل مشاعرها اللي
كبتتها من زمان ..
حست بيد تمسح على شعرها ورفعت عينها شافت سارة تناظرها : وشوله
هالصياح كله .. اللي بيروح بكيفه عسى الله لا يرده .. واذا هو شاريتس
ويبيتس صدقيني بيرجع لتس .. بس لايضيق صدرتس وتنكدين على عمرتس
هذا هي شيخة زعلت عمرها كله ويوم جاها ردته .. تكفين ياموضي والله
ما استانس الا لا شفتس مستانسة ..
غمضت عيونها وهي تسمع كلام سارة .. حست انها تواسيها وكأنه فعلا
راح وماعاد راح يرجع لها .. ماكان احد يدري وش اللي بقلبها له .. يمكن
كانت متعلقة فيه بالأول .. لكن بعد ماتقدم لها وصار الكل يردد اسمه عندها
حبته وتعلقت فيه اكثر من قبل .. : خليني بلحالي ياسارة .. شوي واجيكم
سحبتها تقومها : لا مانيب مخليتس .. وبتقومين معي الحين رجلتس على
رجلي .. ترى الصياح مايرد احد لو صحتي من اليوم الين باتسر لو بيرجع
احد تسان رجع ابوي اللي الى هالحين واحنا نصيح عليه موضي عن الهبال
واقعدي معنا واذا الله كاتبه من نصيبتس بيرجع لتس ولو عقب سنين ..
مسحت دموعها وهي تناظر سارة : بس هو اختفى وماندري وينه .. وش
اللي يدريني الحين اذا هو يبيني ولا هون ؟
قعدت ترتب لها شعرها : انتظري عليه شوي .. لو انها شهرين واذا ماجا
عنه خبر بقلعته الله اللي جابه بيجيب غيره وبيجيتس نصيبتس انتي توتس
صغيرة وشباب الديرة واجد اللي بياخذون من عمرتس مو مثلي انا وشيخة
اللي كل اللي كبرنا واكبر منا اعرسو من زمان ..
كلامها كان فعلا صحيح كل شي تقوله عين العقل وهذا الواقع ماتنكره ابد
بس اللي ماتعرفه سارة انها تحبه وتموت عليه .. وان هالحب هو اللي مزود
عذابها الحين ومخليها ترهق نفسها بهالتفكير .. وكل اللي يدور في بالها ليش
راح بدون سبب على الاقل لو جا وتكلم وقال ان اهله رافضين كانت بتنصدم
لكن بيظل حبه في قلبها .. مهما انجرحت الا انه راح يبقى له صورة حلوة
بداخلها ..
لكن هروبه من الواقع واختفائه معناها انه ماقدر يواجههم بشي ولا برر لهم
سبب تأخره .. قامت مع سارة وهي تخفي مشاعرها بقلبها ابتسمت ابتسامة
بسيطة : عسى الله يرزقتس بالرجل الصالح اللي يسعدتس خلينا نطلع نقعد
معهم .. ولا لو قعدت بلحالي انهبلت ..
طلعت وقعدت مع اهلها بمكانهم المعتاد كل يوم .. ومن شافت امها عيونها
من ورا البرقع .. عرفت على طول انها كانت تصيح .. حست بجرح كبير
بداخلها حياتها كلها هموم وماعرفت للسعادة طعم .. كل ما اهدت لها الدنيا
افراح جاتها هموم اكبر واثقل .. بناتها اللي كل ماتمنت تفرح فيهم كانت
الظروف اقسى منهم .. حتى فرحتهم بنورة ما اكتملت وهم ينتظرون نايف
اللي خطب موضي قبل يجيهم طلال يخطب نورة .. والى هالحين ماعاد
جاهم منه خبر .. وهالشي كان موجع لهم الى حد كبير .. توجهت بقلبها
لله تدعيه يوفق بناتها وعيالها وييسر امورهم " يا الله انك تفرحني فيهم قبل
لا تاخذ عمري يارب العالمين "
جلس في مكتبه يقلب ملفها الطبي بغضب .. : يعني هي متعرضة للتعذيب
الجسدي من زمان .. وانت تقول آثار الحروق من فترة طويلة يعني ممكن
تكون من كذا سنة صح ؟
تكلم الدكتور وهو يشوف نتائج الفحوصات اللي اجروها عليها : هذا اللي
انا اتوقعه .. بس للأسف مالقينا منها اي تجاوب ابد .. وما هي راضية
تتكلم معانا او تجاوب على اي اسألة حتى عمها اللي جلس معاها لحاله
وحاول ياخذ منها اي كلمة عشان التحقيق .. بس للاسف للحين ماتكلمت ..
ناظر ساعته وهو يشيل ملفها ويقوم : اكيد انها تتعرض لمشاكل عائلية في
البيت .. ممكن يكون الضرب لهالدرجة اسبابه اخلاقيه .. بس بما ان آثار
التعذيب بجدسها من زمان معناها انها تعاني من تعذيب جسدي من فترة
طويلة وهذي مشكلة لازم تنحل قبل لا ترجع للبيت . طيب ما سألت عمها
وش اسباب الضرب .. او كيف هي تعيش حياتها ؟
هز راسه بالنفي : لا .. وانا انصحك تجلس مع عمها وتعرف عنها كل شي
قبل تروح لها .. لا نها مو متقبلة احد اصلا ..
حس انه كلام الدكتور منطقي : وينه عمها موجود ؟
قام وهو شايل الاشعة والتقارير بيده : ايه توني شفته من شوي .. انا بروح
وبرسله لك وانت شوف شغلك ..
دقائق وجا عنده فيصل اول ماطق الباب رحب فيه : هلا والله اخوي تفضل
مد له يده وصافحه .. جلس على الكرسي المقابل لمكتبه : آمرني ..
تكلم بكل شي يخصها سأله عن حياتها ومعيشتها .. كل تفاصيل حياتها اللي
عاشتها عند ابوها من يوم جات من عند امها كان متأكد ان هالانسانة واقعة
تحت رحمة مجموعة وحوش .. واكد له هالكلام فيصل اللي اثبت له انه هذي
مو اول مرة تدخل المستشفى بسبب ضربهم لها . بس كل مرة كانت تروح
مستشفيات خاصة وترفض انهم يبلغون عن اخوانها وابوها اللي طقوها ..
كان يسجل كل شي في الاوراق اللي قدامه .. يبي يدرس حالتها الاجتماعية
من كل النواحي .. : اوكي اخوي ....؟
بادره على طول : فيصل ..
ابتسم له : حياك الله اخوي فيصل .. واتمنى هالمرة انك ماتتخلى عن بنت
اخوك وانت السند الوحيد لها بما اني عرفت ان ابوها واخوانها كلهم مشتركين
في الاعتداء الجسدي عليها هذي مسئوليتك انك تمنعهم يوصلون لها .. هالمرة
كانت حالتها جدا خطيرة والحمدلله عدت على خير . بس انت تعرف مو كل
مرة تسلم الجرة ..
ناظر باسمه البارز على سطح مكتبه .. الدكتور متعب الـ ..... ,, اخصائي
اجتماعي .. : ان شاء الله .. مشكور اخوي متعب ماقصرت ..
قام وهو رايح لغرفة ديما مع عمها .. كان يفكر بهالانسانة اللي صار لها كم
يوم بالمستشفى ومازارها الا عمها وثنتين بس .. ماشاف ابوها او اخوانها
او اي احد من اقاربها تسائل بداخله اي قلوب يمتلكون هالبشر .. كيف بكل
سهولة يتلذذون في تعذيب انسانة بريئة بدون ادنى محاسبة للنفس او الضمير
لانه لو حاسبو انفسهم كان ممكن يراودهم شعور الندم بعد اول مرة .. لكن
تكراراهم لهالطريقة الهمجية في التعامل معناها انهم بلا قلوب .. والمجتمع
للأسف فيه كثير من القلوب اللي تجرد اصحابها من كل معاني الانسانية و
تفننو في تعذيب الابرياء .. انتظر عمها اللي دخل قبله عندها .. بعدها سمح
له يدخل معاه لغرفة ديما
زورق الندى
22-01-2013, 09:23 PM
الجزء السابع
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... يوماً ما ..
كنا على اعتاب الطفولة ..
نراقص الأحلام حيناً ..
ونشدو بأعذب الأمنيات حيناً آخر ..
يوماً ما ..
التقينا انا وانت .. على رصيف الذكريات ..
تبادلنا اطراف البراءة .. واسكنتك في داخلي ..
" هنا " ناحية الصدر شمالاً ..
واليوم ..
جمعتنا الأقدار سوية ..
فغيبت الآلام ملامحك قسرياً ..
وماعدت حتى اعرف من انت ..!
رغم كل محاولاته المضنية انها تتكلم او تقول له شي من اللي صار الا ان
الصمت كان الجواب الوحيد في كل الحالات استسلم بالأخير لرغبتها وطلع
من الغرفة مع عمها : تبي نصيحتي ؟ خل حالتها تتحسن بالأول واعرضوها
على طبيب نفسي .. بما انك تقول انها تعرضت للتعذيب هذا معناه ان حالتها
جدا صعبة واكيد ماتعتبر نفسها مثل الناس .. واذا تبيني اساعدك انا مستعد
اكلم صديقي يشرف على حالتها ..
مد له يده يصافحه : مشكور اخوي ماتقصر والله انا من فترة مفكر بهالشي
لكن ماقدرت اسوي شي مع وضع اهلها وابوها ..
ابتسم وهو يناظره .. : والله لو منت اخوه كان بردت قلبي .. وقلت كل اللي
بخاطري .. للأسف حالة بنت اخوك مو اول حالة تصادفنا الحالات كثيرة
واغلب المتضررين اطفال .. رغم ان اغلب حالات الاعتداء الجسدي تكون
من اشخاص يعانون من امراض نفسية .. او مدمنين " وبعد تفكير " تعال
معاي للمكتب نتفاهم على كل شي .. توجهو اثنينهم لمكتبه .. واول مادخلو
جلس على مكتبه وجلس فيصل في الكرسي المقابل له : ابي اسألك مجموعة
اسألة واتمنى انك تجاوبني بكل صراحة ..
اشر له بيده يتكلم : تفضل ..
فتح احد الادراج وطلع له مجموعة اوراق وبدا يسأله : اخوها اللي يطقها هل
يعاني من امراض نفسية ؟
فيصل : لا .. حسب معرفتي فيه ابد ..
ركز نظره بالاوراق اللي معاه وكمل اسألته : اوكي يعاني من اكتئاب وتقلب
مزاجه ؟ شهيته للأكل ضعيفة ؟ احمرار بعيونه
ابتسم على كلامه : والله انا ما اشوفه كثير اصلا عشان احكم على تصرفاته
بالنسبة للمزاجية تقريبا هو شخص مزاجي ودايم متضايق وطفشان ..
قاطعه : ونومه ؟ طبيعي
بعد تفكير طويل : اغلب الاوقات ما ينام بالبيت .. لكن من النوع اللي ممكن
يواصل لساعات طويلة ..
كان يستمع له وهو يدون كل اللي يقوله : ما اقدر احكم عليه الا من اشخاص
معايشينه تماما .. لان الضرب بهذي الوحشية مايكون الا من اشخاص مغيبين
الذهن اما مؤقتا بالحبوب والمخدرات .. او بشكل دائم بسبب امراض عقلية او
نفسية .. عموما هذا رقم صديقي طبيب في مستشفى الصحة النفسية .. ابي
منك وعد تاخذها له بمجرد خروجها من المستشفى حتى لو رفضت انها تروح
وانا راح اكلمه واشرح له اوضاعها كلها ..
ابتسم له وقام يشكره .. طلع من عنده وهو يضحك بداخله على اسألته اذا كان
الضرب في نظرهم لهالاسباب معناها كل العائلة مريضة نفسيا او عقليا لان
الكل يضربها بدون استثناء ..
رجع لها غرفتها وشاف ابوها عندها وهي نايمة سلم عليه وقعد جنبها : متى
وصلت ؟
كان يناظر وجهها المبقع بألوان مختلفة وراسها الملفوف بشاش مغطي اغلبه
وابرة المغذي المغروزة بيدها : توني من شوي .. وش مسوية هالمرة ؟
ناظره باستهزاء : وبتحطها على راسها المسكينة مثل كل مرة ؟ اسألك بالله
انت عمرك شفتها تسوي شي اصلا عشان تغلط ... راضية بحالها وساكتة
ولا عمرها اشتكت واذا صار الغلط وانطقت بعد حطيتو اللوم عليها .. ياخي
خاف ربك فيها تراها بنتك من لحمك ودمك ماجبتها من الشارع ..
انقهر من اسلوبه معاه وهو يجادله صر على اسنانه وقال له بغيض : ومن
انت عشان تعلمني شلون اتصرف معها .. وانا وش يدريني اصلا انها بنتي
يمكن تكون بنته هو ..
وقف يقاطعه : ومادامك ماتأكدت اذا هي بنتك او لا .. ليش ماخليتها تروح
عند امها اللي ولدتها على الاقل هي متأكدة انها بنتها .. ورحمتها منك ومن
مرتك وعيالك اللي ماريحوها ..
قرب منه ومسكه من رقبته : مالك شغل بحياتي .. اسوي اللي ابي وهالبنت
بربيها على كيفي واذا تظن انها بتتمرد علي وتمشي طريق امها بذبحها قبل
تفضحني بين الناس ..
كتمت انفاسها وهي تسمع نقاشهم الهامس " يمكن تكون بنته هو ! " ترددت
هالكلمة بداخلها .. طعنة جديدة اوجعتها .. انتظرت عمرها كله تبي تعرف
شي عن امها .. ويوم عرفت اليوم شي عنها لقت نفسها في دوامة جديدة ..
من هو ابوها .. وهاللي عاشت عمرها معاه ورباها من يكون بالنسبة لها ..
هنا جاوز الألم حدود احتمالها .. كان ودها تصرخ فيهم تبي تبعدهم عنها
تبي ترتاح من هالحياة اللي تعيشها حتى عمها اللي تحبه يمكن يكون شخص
غريب بالنسبة لها .. ومجرد ما اختفت اصواتهم وعرفت انهم طلعو من
الغرفة .. بدت تسترجع كل الكلام اللي سمعته .. ابوها ماكان الرجل الوحيد
بحياة امها .. او بالاصح هالرجل الغريب اللي ماتدري وش صلة القرابة
بينهم ..
دخلت عليها الممرضة مبتسمة وبيدها الابرة المسكنة شافتها تحرك يدينها
وكأنها بتقوم .. : ايه ..؟ عاوزة اية ؟
مسحت دموعها بيدها : ابي اموت .. تكفون خلوني اموت .. مابي اعيش
مسكت يدها ووقفت جنبها تتأملها كل من يشوفها يعرف في ملامحها حالة
الضياع اللي تعيشها .. واستها بكلمات كانت في نظرها مالها اي قيمة تذكر
الا انها تحصيل حاصل شي يقال ويتكرر وبالاخير راح ترجع لنفس العذاب
اللي تعيشه .. نفس الألم يتكرر باختلاف نوع العذاب بكل مرة .. ام مجهولة
وقذف في العرض والشرف .. تعذيب جسدي ونفسي واخيرا اب مجهول
الهوية هو الآخر .. غمضت عيونها وهي تحس بوخز الابرة الخفيف وفي
داخلها صراعات مؤلمة جدا ..
بعد غيابه اللي امتد لفترة مو قصيرة رجع هاليوم .. كان مرهق نفسيا ومحتاج
للراحة .. تغيب اسبوع واجبرته عملية الزايدة ان يتغيب اسبوع آخر .. ماكان
ابد يفضل الهروب .. لكن في حالته الهروب ارحم له بكثير من الصراحة القاتلة
صعب جدا انك تخذل شخص كيف اذا خذلت عائلة بأكملها هنا بالنسبة له تكمن
قمة الصعوبة .. يحس انه خذلها هي واهلها وابوها المقعد .. ماكان يملك خيار
ثاني ابد .. كان صادق في مشاعره ولكنه اخطأ بتسرعه .. وحبه الوليد دفن في
مهده بسبب عادات بالية اكل عليها الزمان وشرب ومادام خطى كل الخطوات
بنفسه بكل شجاعة .. هالخطوة لازم يستجمع كل شجاعته وينهيها .. كان شعور
مخجل بالنسبة له لكن افضل بكثير من الهروب .. : السلام عليكم ..
ابتسامة فرح اعتلت وجهه وهو يشوفه جاي بعد طول انتظار : وعليكم السلام
مد له يد يصافحه .. لكنه دنق عليه يحب راسه : شلونك ياعم عساك بخير ؟
مازالت ابتسامته النقية تزين وجهه البادية عليه علامات الكبر ومتاعب الدنيا
وهمومها : بخير وانا عمك .. يالله لك الحمد ..
كان يحس انه مجرم بهاللحظة ملامح الفرحة اللي بادية على وجهه متأكد انها
راح تختفي بعد دقائق بس .. ماكان يبي هالحلم ينتهي بهالمكان لكن لازم يكون
صارم بقراره ومع الأيام قد تغتفر غلطته : والله مادري وش اقول لك ياعم
بس ان شاء الله انك تقدر وضعي وتفهمني ..
شاف تغير ملامح وجهه وحس بتأنيب ضمير كبير .. تردد كثير قبل مايكمل
كلامه : انا كلمت الأهل على موضوع الخطبة .. لكن الوالد رافض اخذ من
برا العايلة .. ويبيني اخذ من بنات عمي وانا ما اقدر اكسر كلمته .. " ماكان
يبي يقول له سبب ابوه للرفض .. ماكان يبي يكبر المشاكل يكفي ان الرفض
بحد ذاته موجع " ادري انه مالي حق اجي اقول هالكلام الحين ويشهد علي
ربي اني ماجيت لكم ولا خطبت وتكلمت الا وانا شاري بنتكم بس الله ماكتب ..
وماجيت اليوم الا ابيك تعرف بكل اللي صار وابيك تعذرني .. ادري انه مالي
عذر ولا فيه شي يشفع لي ..
اشر له يسكت كان الكلام كافي انه يوضح له كل الموضوع شافه مرتبك ومو
عارف يرتب كلامه .. كان واضح عليه الاحراج مو عارف يجمع كلامه زين
او حتى ينسقه : الحمدلله على كل حال .. مسموح ياولدي روح الله يسهل لك
دربك .. وبنتي بيجيها نصيبها الله اللي خلقها قسم لها رزقها ومحد موقفه ابد..
نبرة الخذلان اللي لمسها بصوته كانت مؤلمة بالنسبة له كره نفسه كره كل شي
وقف بينه وبينها .. كان فعلا يبيها بس اللي يصير غصب عنه ومهما صار ما
يقدر يغضب ابوه لأي سبب من الاسباب .. ممكن مع الأيام ينساها ويروح كلن
لنصيبه .. فرك يدينه بتوتر ماكان يدري اذا يحق له بهالطلب او لا .. : والله
اني جاي اقول لك اليوم عشان لا تقول ماهو قد كلمته .. وماتتصور وش كثر
هالموقف صعب علي .. بس ابيك تعرف اني بحاول اقنع ابوي برغبتي واذا
الله كاتب لي نصيب معاها باخذها .. بس مابي اوقف في طريقها متى ماجاها
نصيبها الله يوفقها ..
كان هالكلام يطعن بقلبه قبل يتكلم فيه .. كان اصعب شعور له هو انه خذلها
مايدري الحين لو عرفت باللي صار وش يكون موقفها .. غمض عيونه مايبي
يفكر اكثر .. الجلسة اليوم مختلفة كثير عن اللي قبل .. فرق شاسع مابين بداية
حلم .. وبين قتله على الطريقة التقليدية .. اعجب بشجاعة الشخص اللي جالس
قدامه كيف انه تقبل الموضوع ومارفع صوته او كبر المشكلة .. ماكان يدري
انه تعرض في حياته لمتاعب اكبر علمته الصبر حتى في اصعب الظروف ..
تسائل بداخله اي قلب مثقل بالجراح يحمل هالانسان ومع ذلك يبتسم في وجه
اقسى الظروف حس انه اليوم مجرم قتل الفرحة في قلب يستحقها وبجدارة
مايدري وش الكلام اللي دار بعدها كان شعور القهر بداخله مسيطر عليه ومو
مخليه يركز باللي حوله ابد استأذنه راجع بخطوات مكسورة .. مايبي يلتفت
وراه ويشوف وش اللي خلفه قراره المتسرع ركب سيارته راجع لشقته اللي
تجمعه مع مجموعة المدرسين .. ورغم احساس الألم الكبير اللي بداخله الا انه
ارتاح من التفكير في هالموضوع اللي اتعبه من فترة .. ممكن تكون صراحته
موجعة .. لكنها اهون من الانتظار اللي ماينعرف وش تاليه ..
رغم انها طلعت مع خواتها وبنات عمها من بعد صلاة العصر لوحدة من بنات
الديرة يقضون وقت العصر عندها ويتقهوون الا انه فكرها كان مشغول باللي
جاي لابوها .. تعليقات البنات عليها كانت تزيد الفرحة بقلبها .. بداخلها كبر
شعور الفرح انه رجع لها وماخذل انتظارها ابد .. انتبهت من سرحانها على
صوت سارة اللي تقول بأسى : راحت نورة والحين انتي وانا متى يجيني حظي
واعرس واروح للرياض ..
كانت حاطة يدها على خدها وتناظرها : وراتس ماطريتي العرس الا عقب ما
جانا نصيبنا انا ونورة ... ولا قبل راضية بحالتس وماتكلمتي ..
تكملت بحماس : قبل ماكنت اظن احد بيخطبنا الا من الديرة .. بس دامه جاتس
نصيبتس وجا لنورة بعد وش اللي قاصرني مايجيني واحد من الرياض يخطبني ..
كانت اوقات تكره فيها مقارناتها الكثيرة واللي تحسسها انها تحسدهم على نصيبهم
اللي جاهم : النصيب الله اللي كاتبه .. لو سعيتي بيديتس ورجلينتس غير اللي الله
كاتبه مابيجيتس مير اركدي وعن الطفاقة والحسد ..
شهقت وضربت على صدرها : افااا يابنت عمي الحين انا احسدكن ؟ والله اني
مابي الا مثل حظن ..
قاطعتها وهي تضحك : هذاتس قلتيها الحين حاسدتنا على حظنا وكل ماقمتي و
قعدتي قلتي ليش يجيكن وانا مايجيني ..
قربت منها شيخة ومسكتها مع يدها .. وتكلمت بهمس : فضحتونا اسكتن يامال
الصلاح .. هرجكن الفاضي قولوه لا رجعنا هالحين كلن بيحتسي عنكن ..
بعدت يدها عنها وقالت بجدية : وشوله اسكت انا .. سكتيها هي اللي من جلسنا
وهي حظتس وحظتس .. وش حظه ياحسرة هاللي تحتسي عنه ..
عم الصمت المكان والكل انتبهو لهالنقاش الحاد .. كانت الجلسة فيها مجموعة
من بنات الديرة القريبات منهم واللي حتى علاقتهم فيهم مو ذاك الزود .. لكن
هالنقاش خلا الكل ينتبه لهم ويركز على كلامهم .. قامت موضي على طول
طالعة لانها تعرف سارة لسانها طويل ومستحيل تطلع من هالحرب خسرانة
بتقعد تراددها بالكلام وبتكبر السالفة .. لبست عباتها وتغطت وطلعت .. مشت
وراها هيا ومسكتها مع يدها .. صرخت فيها : هيونة وخري عني مالي خلق
احد لا تخليني احط حرتي فيتس ..
شدتها بقوة ووقفتها : ويهون عليتس تغلطين علي وانا مالي ذنب .. بعدين وين
تروحين له والرجال قاعد مع عمي عند بيتكم .. ياموضي سارة وتعرفينها من
زمان ماهوب اول مرة وهذا حتسيها .. تعوذي من ابليس وارجعي معي نقعد
معهن ونسولف الين يذن المغرب ..
ابتسمت بخاطرها على كلامها : برجع عشانتس انتي .. ولا اختس ذي يبي لها
من يقص لسانها ..
رجعو ثنتينهم وقعدو مع البنات .. كانت جالسة بين شيخة وهيا وماتناظر سارة
ابد .. ماكانت تبي تحتك فيها لانها ماتبي تزعل منها وتكبر بينهم المشاكل مع
الوقت بيروح كل اللي بخاطرها وبتسولف معاها وتضحك مثل كل مرة بعد
مشاحناتهم .. بعد ماغربت الشمس رجعو كل البنات لبيوتهم كانت تحس بلهفة
كبيرة تبي تعرف وش صار عليه اتفاق ابوها معاه .. وكل ماقربت من البيت
تزيد نبضات قلبها تسارع وقوة ماشافت ابوها بالخارج وسارعت خطواتها
تبي تسمع الاخبار منه .. دخلو البيت ودخلت تتوضا وهي تسمع اذان المغرب
كانت تشوف نظرات ابوها لها وهي تدري انه ماراح يتكلم الا بعد مايصلي ..
ورغم هذا كانت لهفتها اكبر من احتمالها كانت تتمنى لو بيدها تروح وتسأله
عن كل التفاصيل .. ومتى موعد العرس ومتى اهله بيجون .. لكن كبتت كل
هاللهفة تنتظره يكلمها بنفسه .. صلت المغرب بغرفتهم وقعدت تسبح مكانها
سمعت صوته بالصالة يناديها .. حست قلبها طاير فرح كان ودها انها تسابق
الوقت وتروح له بس هدت نفسها وطلعت له : سم يبه ..
اشر لها على مكان جنبه : تعالي وانا ابوتس ..
تذكرت نورة وموقفها يوم قال لها على خطبتها .. وتمنت وقتها تعرف اذا
هي مبسوطة او تعيش بحزن قعدت جنبه وهي منزلة راسها منتظرته يتكلم
ويقول لها كل التفاصيل .. ماطال انتظارها قبل ماتبدأ تسمع الطلقات اللي
قتلت حبها البريء : يابنيتي الظاهر مالتس نصيب مع الرجال .. ابوه يبيه
ياخذ وحدتن من بنات عمه .. والولد مايبي يكسر كلمه ابوه ..
رفعت راسها مصدومة تبي تستوعب اللي سمعته .. ماكانت تبي تصدق اللي
انقال يمكن لو ما جا من الاساس كان ارحم من انه يجي وتبني كل احلامها
عليه وبالآخر تضيع هالاحلام كلها .. ورغم كلام المواساة اللي تسمعه الا
انها تحس بجرح اكبر بداخلها من كل كلام ممكن ينقال الحين .. ابتسمت
وهي تخفي اوجاعها قامت وحبت راسه وقالت بكل هدوء : الحمدلله على
كل حال .. لا يضيق صدرك يبه ولا يتكدر خاطرك ولا انا ماعلي اصلا
انا مابي اروح عنكم بعدين شلون اعرس وشيخة مابعد اعرست وهي اكبر
مني ..
قاومت دمعتها لا تنزل وابتسمت لكل العيون اللي تناظرها وراحت للغرفة
على طول .. قعدت تلم الغسيل اللي تبي تغسله شافت شيخة تدخل الغرفة
وابتسمت لها .. : وين هدومتس اغسلهن معي ؟
مسكتها من يدها وجلستها : موضي لا تكتمين ضيقتس بقلبتس .. صيحي
وربي بترتاحين ..
بعدتها عنها وهي تقوم : ومن قال لتس اني بصيح وانا اعرفه ولا اعرف
من هو ولده عشان اصيح عليه ..
لاحظت رجفة صوتها .. كانت تدري باحساس الخذلان اللي تعيشه سبقتها
بهالتجربة قبل وتعرف بالضبط وش هو احساسها : تراه يبيتس قال لابوي
انه مايبي غيرتس ..
التفتت عليها بعصبية وقربت منها ماتبي احد يسمعها : لا تلعبين علي يا
شيخة .. باتسر يعرس على بنت عمه وينساني .. ومن اللي قال لتس انه
يبيني ابوي ماقال شي انا سمعت كل شي بأذوني يقول انه يبي بنت عمه
مسكتها من كتوفها وجلستها بالقوة شافتها ترتجف من عصبيتها : موضي
اسمعيني ولا تقهرين نفستس .. تراه راح وهو يبيتس ولو قدر يقنع ابوه
بيرجع لتس .. والله ان امي تقوله ..
هزت راسها بالنفي وهي تبلع ريقها : مابيه .. والله ماعاد ابيه ..
كانت عيونها مليانة دموع .. وهي مركزة نظرها على شيخة .. واول
ماغمضتها تساقطت بغزارة على خدودها .. كانت تبكي حبها اللي انتهى
بهاللحظة .. هي كانت حاسة انه غيابه لسبب كانت متأكدة ان اهله رفضو
دايم احساسها صادق وعمره ماكذب عليها .. وهالمرة رغم انها كرهت
هالاحساس الا انه كان صادق .. انتبهت لسارة اللي جالسة جنبها وهي
لابسة جلالها ودموعها بعيونها : موضي ورب البيت مانيب احسدتس
على حظتس والله اني ابي لتس السعادة .. وحتسيي اللي قلته بس تمنيت
حظي يزين انا بعد .. تكفين لا يجي بخاطرتس شي علي وربي من قالت
لي امي دموعي ماوقفن ..
مسحت دموعها وهي مبتسمة : علامكن يابنات الا تبون تصيحوني ..
" قامت وسحبت سارة من يدها " .. تعالي نغسل غسيلنا الليل توه بأوله ..
راحت معاها سارة تبي تضيع معاها الوقت .. تبي تشغلها بأي شي ولا
انها تفكر بحياتها واللي صار لها اما شيخة كانت تناظرها بألم ولو انها
حسدتها على قوتها .. رغم الموقف اللي انحطت فيه الا ان ابتسامتها ما
فارقتها وقدرت تطلع من الموضوع بدون ادنى نقاش .. تدري انها راح
تتألم فترة مو بسيطة .. لكن اللي واضح عليها انها تبي هالمشاعر بينها
وبين نفسها ..
اما موضي اللي كانت قاعدة عند طشت الغسيل وتغسل ملابسهم وطول
الوقت تسولف مع سارة وكأنه مافي شي صار ابد رغم انه داخلها كان
يصرخ ويتعذب الا انها قاومت كل احاسيسها .. ماتبي تزيد فوق هموم
امها وابوها هموم اكبر من احتمالهم .. بعد مانام الكل راحت لفراشها ..
انسدحت جنب منيرة اللي تنام جنبها بكل ليلة وعطتها ظهرها وبدت اولى
فصول بكائها المرير على حبها اللي انتهى .. حطت يدها على فمها تكتم
صوت شهقاتها .. واحساس الضيق بداخلها يكبر مع هالهدوء القاتل كانت
متأكدة ان اي صوت ممكن تصدره بيسمعه كل من في الغرفة ماقدرت
ابد تنام .. قامت بكل هدوء وتوضت كانت تحس الضيق اللي بصدرها
اكبر من حدود احتمالها .. فرشت سجادتها وبدت تصلي الليل ترتجي
رحمة ربها وغفرانه .. رفعت يدينها للسما ودعت ربي يخفف عليها اللي
تحسه بهاللحظة .. " اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها " ..
/
\
/
\
جالسة بجناحها طفشانة ماتبي تطلع وتضايقهم بطلعتها .. الحين صار لها
اسبوعين من تزوجت .. والحفلة راح تكون بعد نهاية الاختبارات .. مافي
جديد تغير بحياتها الا انها تعودت عليه اكثر وصارت تسولف معاه اكثر
من اول .. ولو انه مازال على صمته اغلب الاوقات .. سمعت صوت طق
خفيف على الباب .. حست بفرحة كبيرة وقامت تفتحه على طول ابتسمت
اول ماشافت لمياء واقفة تناظرها .. : السلام عليكم ..
سلمت عليها وهي فرحانة فيها : يالله ان تحيها والله اني زهقت بلحالي و
جابتس الله لي ..
ميلت راسها وهي تشوف فرحتها : ادخل ولا بتخليني واقفة عند الباب ؟
ابتسمت بخجل وهي تدخلها لداخل الجناح : اعذريني والله من الربكة مدري
وش اقول .. حياتس البيت بيتس ..
جلسو ثنتينهم بصالة الجناح وبادرتها لمياء بالكلام : جايبة لك سلام كثير
من اهلك وامك وخواتك ..
لمعت الفرحة بعيونها وهي تقول بلهفة : شلونهن وشلون الديرة ؟ وابوي
وش مسوي؟ واهل الديرة كلهم تكفين وش هي اخبارهم ؟
ماحبت تقول لها على سالفة موضي اللي عرفتها يوم جاتهم البيت ماتبي
تكدر خاطرها وهي توها عروس .. : بخير وعافية .. ويسلمون عليك
" فتحت شنطتها وطلعت مجموعة اوراق " وهذي رسايلهم ..
مدت يدها بكل لهفة وخدتهم .. بدت تفتح الاوراق وتقراهم تقوس فمها
وهي تقرا حروفهم وبدت الدموع تتجمع بعيونها .. كانت تبتسم وتقطب
حسب الكلام اللي تقراه .. لاول مرة تلاحظ هالشي عليها وجهها مراية
صافية تعكس اللي بداخلها بكل وضوح .. حطتهم جنبها ورفعت راسها
تناظرها : عسى الله مايحرمني منهم .. " ابتسمت لها وهي تقاوم رجفة
شفايفها " شلونتس انتي ؟ عساتس طيبة ؟
مدت يدها ومسكت يد نورة : انا بخير .. " وبعد تردد " نورة ..
نورة : سمي ..
تأملتها لثواني وقالت بعدها : الحين انتي تقابلين طلال كذا ؟
ناظرت نفسها وهي لابسة تنورة بيج مع توب باكمام طويلة لونه بني ..
وشعرها لامته كله على ورى .. : ايه
ضحكت ضحكة خفيفة : نورة تراه رجلك مو واحد غريب الله يهداك
انتي لازم تلبسين له .. يعني لبس دلع شوي ترى اذا مالقى هالشي عندك
بيدوره عند غيرك .. لاتخلينه يناظر احد وانتي موجودة ..
حست بكلامها يحرك كل احاسيسها اللي بداخلها وقالت بخجل : شلون
البس له يعني ؟ لمياء والله اني استحي منه ..
قامت ومسكت يدها تقومها : مع اني للحين ماجربت وضعك بس بعد
لازم تخلينه يموت عليك ومايناظر غيرك .. انتي قمر بس لازم يشوف
انك تتجملين له ..
وصلو لغرفة الملابس فتشت بين الملابس اللي شرتها لها هي والبنات
يوم يجهزون لها سحبت فستان تركواز مموج قصير وطلعته لها تبيها
تشوفه : شرايك ؟
فتحت عيونها متفاجأة : وشو ؟ " واول ما انتبهت لابتسامتها ركضت
طالعة من غرفة الملابس " لا والله ما البسه صاحية انتي والله لاموت
مكاني ولا لبسته ..
طلعت وراها وهي ميتة ضحك عليها : نورة تكفين تعالي .. يابنت الناس
خلينا نتفاهم بالأول وبعدها احلفي على كيفك ..
قعدت بكل قوتها : الظاهر انتس انهبلتي شلون امشي واتحرك وهذا علي
لا .. يالمياء دوري لي غيره ..
جاتهم سما تركض وهي تسمع اصواتهم : هلا والله لمو عندنا .. اعترفو
وش عندكم ..
وقبل تقعد مسكتها لمياء تقومها : قومي سلمي بالأول وبعدها ضفي وجهك
هذي السوالف للكبار .. يالله توكلي ..
مسكت نورة بيد سما : لا خليها تقعد وتفكني من شرتس والله انتس بتطلعين
الشيب براسي .. ياناس فكوني منها هذي تبيني افصخ الحيا ..
كانت لمياء ميتة ضحك على خجلها وحركاتها العفوية : يابنت الناس وش
تفصخين الحيا هذا رجلك لو مالبستي له انتي من يلبس له .. بعدين هذا مو
عاري مرة .. خليت العاري بعدين خلينا بالاول نفك العقدة شوي شوي ..
ضحكت سما بصوت عالي : اجل هذا سبب صراخكم .. عادي ياشيخة انا
البس اقصر من هذا عنده ..
طقتها لمياء على راسها : لانك فاصخة الحيا .. يالله عاد يانورة لاتصيرين
عنيدة ترى ماتعيشين معاه .. عاد هو والعناد توأم ..
هزت راسها بالنفي .. وراحت سما تفتح التلفزيون .. ناظرتها لمياء مقهورة
منها على برودها : سموي تعالي ساعديني اقنعها .. وربي هالبنت عنيدة ..
قعدت تقلب بالقنوات وطلع لها مسلسل خلت عليه ونادت على نورة تجي
تجلس جنبها .. وجاتهم لمياء متنرفزة من حركاتهم : نورة ؟ الحين هذي
بعمرك يوم تسمعين لها وتطنشيني ؟
ضحكت سما وهي تناظر نورة .. : تخيلي كل يوم طلول يناظر بهالممثلات
وكشختهم ..
فتحت عيونها تناظر التلفزيون والتفتت بعدها على سما : عن النصب عاد
ما اشوفه الا يحط على الاخبار ..
مسكتها لمياء من يدها تقومها : ايه بلاك ماتدرين وش يشوف من وراك ..
تعوذي من ابليس وتعالي اكشخك .. والله لاخليه اليوم ينهبل عليك ..
كانت كاتمة ضحكتها طول الوقت ووجهها صاير احمر من الاحراج مشت
وراها ودخلو غرفتها .. راحت لمياء للتسريحة وجلستها على الكرسي ..
وبدت تحط لها شوي ميك اب .. : نورة حبيبتي كل يوم بدل هالجلسة لحالك
شوفي سما ولا رسيل تعلمك تحطين مكياج " وعشان ماتحرجها : انا
للحين ما اعرف اسويه تمام .. بس رسيل ماشاء الله عليها محترفة وتضبطه
تمام .. هي اللي علمتني وانتي شوي شوي بتصيرين تعرفين تحطين لمسات
خفيفة تزينك ..
سما وهي تمسك شعر نورة الطويل : وشعرك لازم تقصينه بعد ..
التفتت على سما بسرعة : لا مانيب قاصته ..
مسكتها لمياء مع دقنها ولفتها عليها : مو تقصينه بس يعني تدرجينه ..يصير
فيه طبقات .. بيكون احلى وتغيرين لوك ..
كانت تسمع لهم وبعض الكلمات الانجليزية ماتفهمها بس فضلت تسكت ولا
تسأل وش معاني هالكلمات .. واستسلمت لرغبتهم انهم يغيرون من شكلها
شوي كانت عنيدة اوقات لكن اذ وصل الامر عند طلال تتنازل عن هالعناد
وترضخ لهم .. طلعو من عندها وقعدت بجناحها تناظر التلفزيون ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:25 PM
وصل بعد صلاة العشا للبيت .. شاف امه وخواته ولمياء قاعدين بالصالة
مايدري ليش انقهر انه ماشاف نورة معاهم .. يمكن لانه يبيها تختلط باهله
وتعيش حياتها طبيعية مثل ماكانت مع اهلها .. : السلام عليكم ..
ردو عليه السلام وقرب من امه حب راسها وسلم بعدها على لمياء وجلس
جنب امه : شلونك يمه ؟
ابتسمت له وهي تعيش هالايام اسعد ايام حياتها .. شوفته مستقر وزوجته
معاهم بنفس البيت .. كانت احلى امنية ترددت في بالها السنوات الاخيرة ..
وتعبت الى ان حقق لها هالامنية : انا بخير انت شلونك ؟
سحب الريموت من يد سما وحط على قناة " العربية " قناته المفضلة على
طول التفتو سما ولمياء لبعضهم وابتسمو ... : الحمدلله بخير ..
كان وده يسأل عنها بس مايدري ليه مايبي يبين لاحد اهتمامه فيها .. تكلمت
امه : طلال الله يهداك وانت توك معرس ماتركت اشغالك ؟ المسكينة مخليها
لا تاخذها ولا توديها هذا وانتو بثاني اسبوع تراها ماعاشت قبل ولا شافت
دنيا .. وتوها ماتعودت علينا ولا على الناس لا تصير حتى انت بعيد عنها..
هز راسه بدون مايلتفت لها : ان شاء الله ..
تكلمت لمياء مقهورة من بروده : طيب روح اقعد معاها ونسها ليش مخليها
لحالها ؟
التفت لها ورفع حاجبه يناظرها : ليش مانزلت تقعد معاكم ..
ردت عليه سما : كنا عندها فوق تونا من شوي نزلنا .. الظاهر انها تنتظرك
رجع يطالع الاخبار وهو متجاهل تهامسهم وراه .. ماكان يبي يقوم لها على
طول بعد كلامهم .. وبنفس الوقت يبي يطلع قبل يجي ابوه ويضطر انه يقعد
معاه .. دقايق واستأذنهم طالع لجناحهم .. اول مادخل شافها جالسة تتابع لها
برنامج .. على طول من شافته حست باحراج فظيع .. كانت دايم تقوم له اذا
جا .. بس اليوم ماقدرت تقوم ... اول ماشافها ابتسم " اجل لاعبتها صح لمو
ياحبي لها هالبنت " قرب منها وباس خدها : مساء الورد ..
وقف يناظرها .. ينتظر منها اي رد عليه بس حس انها منحرجة من هاللبس
دخل الغرفة ومسكت خدودها تتحسس حرارتها من قربه منها وقف عند باب
الغرفة : نورة .. " رفعت نظرها له وابتسم لها " تعالي شوي ..
قامت وراحت له شافته فاصخ شماغه وواقف يفك ازرار ثوبه : هلا
مسكها من يدها وقربها منه .. نزلت راسها على طول رفع خصلات شعرها
اللي نزلت على وجهها : الى هالحين تستحين مني ؟
ماردت عليه رغم انها صارت تسولف معاه بالفترة الاخيرة بس لبسها اليوم
مخليها مستحية من وقفتها معاه .. ركز نظره فيها : طيب ناظريني شوي
بس .. ليش تنحرجين مني ؟
ناظرته بابتسامة : لانك تحب تحرجني ..
هز راسه بإيه : تصيرين احلى .. " ناظرها من فوق لتحت " وين مخبية عني
هالزين كله ؟
دفته عنها شوي : طلاااااال ..
ضحك وهو يشوفها : تعالي والله بقول لك شي قبل ..
" انتظرها تجي تقرب منه بس شافها للحين بمكانها " خلاص ماعاد امدحك ابد
انا اول مرة بحياتي اسمع انه فيه بنت ماتحب المدح .. ولا تقولين بعدين ليش
ماتسولف معاي وماتعطيني وجه .. انتي اللي ماتبيني اسولف معك ..
" مد يده لها وكمل كلامه " يالله ماعلينا تعالي اجلسي جنبي ..
جلست جنبه على السرير وهي تهمس : انت تبيها من الله ..
لاول مرة من تزوجو يشوف حنين مكانها .. ماكان اللي بقلبه شوق لها كثر
مايحس انه مجرد ذكراها تهدده انه مايتمادى مع نورة اكثر عشان لا تقابله
بنفس المعاملة .. مايبي يضعف قدامها وتستهين فيه وتتخلى عنه .. رغم انه
للحين مابعد عرف اطباعها واسلوبها بالحياة ولا حتى مبادئها واولياتها بس
مايبي يفشل بهالتجربة بنفس طريقة فشله في تجربته السابقة .. حست بيده
تضغط على يدها بقوة سحبتها من يده وانتبه من سرحانه على هالحركة : ان
شاء الله الاسبوع الجاي بيسوون حفلة كبيرة عندنا هنا بالبيت .. عازمين كل
معارفنا واقاربنا .. وهالحفلة لك انتي مابي اقول لك ابيك تكونين احلى وحدة
لان هالأمور انتي ابخص فيها وتعرفين شلون العالم يشوفونك ..
ابتسمت له بعذوبة رغم توترها تجاهل ابتسامتها وكمل كلامه : المعازيم راح
يكونون كثير يعني ضعف اللي كانو بالزواج ويمكن بعد اكثر ادري انه بيكون
صعب عليك بس امي وخواتي موجودات وانا داري انهم مو مخلينك .. اللي
ابيه منك تكونين قوية وتفرضين وجودك .. وتجاهلي اي همز ولمز ممكن
يدور حولك ..
ماتدري ليه كلامه خوفها من هالمجتمع اللي بتشوفه معقولة هالبيت هم صورة
حسنة عن اللي بالخارج ومساوئهم .. هل هم من نفس نمونة رسيل او اكثر
شراسة تمنت بهذيك اللحظة اهلها يكونون معاها بس ماتكون وحيدة في مواجهة
عالم جديد تجهله .. حس بالصراع اللي فيها وتكلم يطمنها : لا تخافين انا بس
ابي اهيئك قبل ماتتفاجأين فيهم .. ولا تراهم ناس مثل كل الناس ..
طالعت بعيونه اللي تناظرها : مدري ليش احس انه ورا هالحتسي شي .. بس
ان شاء الله ربي ييسر امري ..
سمعو صوت طرقات مستعجلة على الباب قومها وهي يقوم معاها : روحي
افتحي الباب وانا ببدل واجيك ..
قعدت مكانها على طول : لا مابي اروح .. روح انت شلون اطلع وهذا شكلي
طلع بدون مايرد عليها .. اول مافتح الباب طلعت بوجهه سما وهي شايلة صحن
العشا ومعاها الشغالة اللي شايلة باقي الاغراض بابتسامة واسعة : هذا عشاكم
شد شعرها بيده : وانتي عمرك جيتي لي ولا طقيتي بابي .. ولا كل هذا لقافة
تجري بدمك ..
بعدت عنه وهي تدافع عن نفسها : لا والله امي قالت لي ودي لهم العشى فوق ..
فتح لهم الباب يبيهم يدخلونه .. كانت عيونها تتلفت تدورها مع انها اول ماشافت
وجهه العابس حقدت عليه .. حطو العشى على الطاولة ورتبت الشغالة الصحون
والملاعق وطلعو .. صوت لها من الصالة : خلاص راحو .. تعالي تعشي ..
شافها وهي تمشي منحرجة وقعد يطالعها كان يدري انها بتنحرج منه اكثر بس
يبيها تتعود عليه اكثر جلست معاه وبدت هي تسولف : جاية تشوفني ؟ " كملت
وهي تشوف ابتسامته " كانت عندي هي وابلة لمياء قبل لا تجي ..
كان عارف هالشي من شاف تغير شكلها : اجل ليش مستحية تفتحين الباب ؟
وبعدين اسمها لمياء .. ليش الرسمية بزيادة ..
ماكانت تحب تاكل اذا صار يناظرها .. ومجرد ماتشوفه منشغل بالاكل تبدا
تاكل براحتها : خفت انها خالتي اللي جاية " وفجأة تذكرت وتكلمت بحماس "
جابت لي رسايل من خواتي وبنات عمي .. كلهن كاتبات لي وش يصير معهن
كل يوم ..
شاف بعيونها فرحة كبيرة وهي تسولف عنهم .. كانت تقول له كل وحدة وش
كتبت لها وتضحك ومن بين تعليقاتها كانت تسولف عن كل وحدة فيهم وش
تعني لها .. كان يسمع الكلام بس كان غارق في بحر عيونها .. بداخلها لمعة
براءة تجذبه بشكل كبير حتى لو تجاهلها ..
/
\
/
\
كانت معصبة ومتنرفزة من الكلام اللي تسمعه .. مو من طبعها انها تعصب
او تتكلم بصوت عالي دايم وهي الانسانة الهادية اللي تتحمل كل شي وتسكت
بس هالمرة ماراح تتحمل الظلم وترضى فيه .. : الحين انت من جدك تقول
لي هالكلام ؟ يعني شلون بيمنعني اتزوج اللي ابي .. على الاقل آخذ ولد خالي
ولا اتزوج واحد من ربعه واتعذب عمري كله ..
حاول انه يهديها ويفهمها كل شي بهدوء : يادانا افهميني هو ماقال شي ..بس
يوم تهاوش هو وخالي قال له انه مايبيك تاخذين يزيد .. وبناته ماراح يزوجهم
الا اللي يرضاهم يعني ماراح يجبرك على احد صدقيني ..
قاطعته بنرفزه : كلها نفس المعنى يعني يبي يزوجني من اللي يعرفهم ويزيد
مستحيل اتزوجه ..
يوم انتبه لسكوتها تكلم : انتي تبين يزيد ؟
ترددت بالاول بعدها قالت بهدوء : مو مهم من يكون يزيد او غيره .. بس
تكفى مابي اي احد يجيني من طرفه .. مابي اي احد هو يعرفه ..
قاطعها بسرعة : يعني موافقة على يزيد ؟
تكلمت قبل تتراجع بآخر لحظة : ايه
عادل : اجل نملك على يزيد بكرة .. واي وقت تبين الزواج حتى لو بعد سنة
براحتك بس اهم شي تكونين متملكة ومايقدر يجبرك على شي ..
ترددت كثير قبل ترد عليه انتظرها لدقيقة وبعدها تكلم : والله ماراح تلقين احسن
منه وانا اعرفه .. راح يفهمك وينسيك حياتك اللي قبل عشتيها ..
غمضت عيونها بقوة وهي تستجمع قوتها : زين .. بس العرس مابيه الين اكون
مقتنعة اني ارتحت لوضعنا بالاول ومابي احد يضغط علي ابد .. ومابي اشوفه
الحين .. ولا حتى ابي اكلمه .. بس ملكة .. " وتذكرت بآخر لحظة " ايه تعال
شلون نملك بدون فحص .. مايصير ..
ضحك على غبائه : اوف مادري شلون راحت من بالي .. اجل تروحون بكرة
تسوون التحاليل .. وان شاء الله كلها يومين وتطلع .. دنو تكفين ابي الموضوع
يخلص وارتاح وربي اني شايل هم يطلع لنا ابوي بالسالفة لا عرف ..
تنفست بعمق .. وزفرت كل الهموم اللي بداخلها : اوكي على خير ان شاء الله
عسى الله بس يسهل امورنا كلها ..
كان هالقرار بالنسبة لها صعب لكن تجاوزته بكل سهولة مجرد مانطقه لسانها
رغم انها تسمع صوت نبضات قلبها اللي تحس انه بيطلع من مكانه .. الا انها
بدت تخف تدريجيا بعد ما اعلنت موافقتها .. ماقالت شي لامها تمددت بفراشها
وتركت هالمهمة لعادل يوصل لها كل اللي صار ..
ماعرفت تنام مثل الاوادم وهي كل ساعة صاحية تتقلب .. كان النوم مرهق
لها اكثر من انه يكون راحة .. وكل مافتحت عينها رجعت لها ذكريات ابوها
وبيتهم واصدقائه .. وهالشي يخليها تتمسك في يزيد اكثر .. يمكن ارتباط اسمها
باسمه يمنحها الامان اللي تفتقده قامت الصباح على صوت امها تستعجلها تقوم
عشان يروحون للفحص .. غسلت وبدلت ولبست عباتها وطلعت .. مسكت في
عباية امها تبي تستمد منها القوة .. كانت خايفة كثير من هالموقف وزاد رهبته
انها رايحة معاه .. وبتركب معاه بنفس السيارة .. كتمت انفاسها غصب عنها
ماتدري ليه حست انه حتى انفاسها ممكن يسمعها كانت طول الوقت ضاغطة
على شنطتها بقوة .. ومفاصلها صارت بيضاء من قوة الضغط ..
اما هو ماكان اقل منها توتر كان يحس بتوترها اللي نقلته له .. كل ما التفت
لخالته شاف حركة يدها واهتزاز رجولها وعرف مقدار هالتوتر اللي تعيشه
بهاللحظة .. خصوصا انه طبيب نفسي .. وكل هالانفعالات يعرف تفسيرها ..
كان عارف انه توترها مو بس خجل منه جزء منه كان خوف ولو انه يجهل
اسباب هالخوف .. ورغم انه يقابل الكثير من المرضى الا انه يكون هادي
الاعصاب ويتجاوب مع كل انفعالاتهم بكل تمرس .. الا هي كانت انفعالاتها
مربكة له .. يمكن لانه هو سبب هالارتباك انتقل له هالشعور..
وصلو للمركز ونزلت مع امها رايحة لقسم النساء دقايق جلستها قبل ما
ينادون على اسمها ابتسمت للممرضة وهي تمد يدها بخوف ..
مسكت يدها وابتسمت لها : ريلاااكس .. خليك هادية وماراح تحسين فيها ..
غمضت عيونها وهم يسحبون عينة الدم منها .. بعد ما انتهت نادتها تمليهم
بياناتها .. اشرت لها على مكان التوقيع .. وبعدها مدت لها الحبر عشان
تبصم على الورقة .. : مبروك.. ان شاء الله ربي يجمع بينكم على خير ..
ابتسمت بتوتر : الله يبارك فيك .. خلاص نروح ؟
تكلمت الممرضة : ايه تقدرون تروحون .. والتحاليل يستلمها العريس ..
تغطت وحطت عباتها على راسها .. شالت شنطتها وطلعت مع امها ليزيد
اللي كان ينتظرهم في السيارة ..
بعد 3 ايام قامت بعد صلاة الظهر بعد ماعجزت تنام بشكل متواصل اشغلت
نفسها بأي شي الا التفكير باللي يصير اليوم .. التحاليل وطلعت نتيجتها متطابقة
واليوم تحدد موعد الملكة .. وهذا الشي كان مرهق جدا لتفكيرها .. قررت تروح
تطبخ الغدى مع امها .. واول ماشافتها دخلت اشرت لها تطلع : مابيتس تسوين
شي روحي وراتس اختبار خلصي مذاكرتس همن تعالي ..
تكلمت برجاء : خليني شوي بساعدك وبعدها بروح اذاكر ..
حركت يدينها معترضة : دراستس اهم .. روحي الله يرضى عليتس ..
قربت من امها ومسكت يدها حبتها : تكفين مو قادرة اذاكر الحين .. ولا في شي
يشغلني .. خليني اساعدك ونسولف نضيع وقت ..
استسلمت لها بعد ما حست رغبتها الشديدة للهروب من الواقع اللي راح يصير
اليوم ..
حاولت انها تسولف مع امها على كل شي بحياتها القادمة وملكتها اللي بتصير
اليوم رغم انها ماتحس بفرحة ابد وكأنها مو معنية بهالشي .. كان كل تفكيرها
محصور بملكتها وابوها تبي تملك وترتاح من تفكيرها اللي أرقها من وصل
لها تهديده لخالها .. وبالفعل قدرت انها تشتت تفكيرها بالبيت والغدى وامها
عن التفكير اللي اتعبها ..
تغدو وراحت تريح شوي لوقت صلاة العصر ومن سمعت الأذان قامت توضت
وصلت .. وانسدحت مكانها على السجادة .. ماحست الا وهي تسمع صوت امها
ترحب بخوالها " دانا الحين مافي اي مجال للتراجع كل شي بيصير وبكون ليزيد
من اليوم " ابتسمت لنفسها ترضيها بهالقرار .. بعد حول الربع ساعة جاتها امها
تبيها تطلع تسلم على خوالها .. قامت معاها وراحت للصالة شافت خالها ابو يزيد
وخالها اللي اصغر منه واقفين مبتسمين لها سلمت عليهم ووقفت جنب امها تكلم
خالها ابو يزيد : شلونتس دانا ؟
ناظرته وشافته مبتسم لها .. بادلته الابتسامة : الحمدلله ..
قرب منها وحط يدينه حول كتفها : يابنتي مابيتس تشيلين هم وانا موجود ..
قلته لامتس قبل هذا هي عندتس اسأليه .. كل شي تبونه لا يردكم الا لسانكم
وولدي بيكون لتس الرجل الصالح اللي يخاف عليتس ويرعاتس ..
تسارعت نبضات قلبها وتأكدت في هاللحظة ان كل شي قاعد يصير فعلا
هزت راسها له وسمعت كلامه وكلام امها وخالها الثاني .. تمنت بهاللحظة لو
انها تعيش مثل اي بنت وابوها اللي يجيها يكلمها عن الشخص المتقدم لها ..
بلعت غصتها وهي تحمد ربها على كل حال .. شافتهم رجعو للمجلس اول
ماوصل يزيد ومعاه الشيخ اللي راح يملك لهم .. وجلست هي وامها وخواتها
بالصالة ..
بدا السلام والقهوة والضيافة وكلن فرحان بهالمناسبة .. تكلم الشيخ لهم بالاول
عن الزواج والامور المتعلقة فيه .. وقبل يبدأ بكتابة العقد سأل خالها : وين
والد العروس ؟
ابتسم له ابو يزيد : انا خال العروس ..
هز راسه مستفهم : يعني الوالد متوفي ؟
ابو يزيد : لا والله مو متوفي .. بس اختي منفلصة عنه من مده بدون طلاق ..
رجع القلم بجيبه : ما اقدر اكتب العقد الا بوجود ولي امرها .. ابوها واذا كان
متوفي احد الجدين .. لكن بهالحالة لازم وجود الأب ..
حاول انه يفهمه الموضوع بهدوء : بس ابوه راعي خراب .. ومانشوفه الا
سكران يا الله الصلاح ..
بعد تفكير طويل تكلم : اذا هالأمور فعلا هو يتعاطاها ماعليكم الا تروحون
المحكمة وتقدمون لهم الأدلة لاسقاط الولاية .. وبعدها يكون عمها او خالها هو
ولي امرها .. غير هالشي المحكمة ماراح تقبل عقد الزواج ابد ..
كان الكلام محبط لهم كلهم .. السؤال كيف يثبتون هالامور عليه وهو مايشرب
الا بالليل وفي البيت .. وبالنهار يروح لشغله ويمارس حياته الطبيعية الا اذا
غاب عنهم بالأيام وقتها مايدرون وش اللي يسويه من وراهم ..
كمل كلامه يبي يفهمهم الموضوع كله : لازم يكون عندكم اثباتات قوية لان
اسقاط الولاية مو امر سهل ابد .. وممكن ياخذ منكم وقت طويل قبل ان يتم
تحويل ولاية البنت لاحد محارمها ..
كان الشعور بالداخل محبط .. وشعورها هي وامها اكثر احباط هالشي الوحيد
اللي مافكرو فيه ابد ولا حتى توقعو انه ممكن يصير فتحت عيونها مصدومة
وناظرت امها برجاء : يعني شلون ماراح اتزوج الا اللي يرضى عليه ويبيه ؟
قربت منها تهديها : الله بيسهل امورنا وخالتس مهوب مقصر معنا ..
راحت للغرفة تصيح كانت مصدومة ماكان يهمها اذا راح تتزوج يزيد او اي
شخص ثاني .. بس ابوها واللي يعرفهم لا .. ماتبي اي احد من طرفه لو تقعد
طول عمرها عانس بس مايجي هاليوم اللي تصارع فيه نفس مصير امها ..
تمددت بفراشها وتغطت وهي تنتحب بشدة .. جو خواتها حولها وكل وحدة
فيهم تبكي مصيرها المشابه لمصير اختها حتى امهم اللي كانت تحس بفرحة
الكون كلها بقلبها انقلب فرحها لحزن وهم ..
نزلت مع رسيل وسما للسوق يبون يتقضون اغراض للحفلة .. دخلو اكثر
من محل فساتين مميزة لنورة وكل ماشافت فستان وعجبهم اعترضت على
انه عاري ومستحيل تلبسه .. شافت رسيل فستان عجبها كثير لونه بنفسجي
باكمام من الدانتيل .. فخامته ولونه تناسبها كعروس .. واللون راح يطلع
حلو على لون بشرتها خصوصا بعد ماغيرت جلسة البيت ونوعية الأكل لون
بشرتها وصارت افتح من قبل .. راحت لها ومسكت يدها : تعالي شوفي
هالفستان ولا تقولين فيه شي .. وربي جنان وياخذ العقل وبعد باكمام يعني
ساتر ..
ناظرته بتمعن .. : بس شوفي فتحة الصدر شلون نازلة ..
طنشت احتجاجاتها : الحين جاوبيني عاجبك ؟ حلو لونه ؟
قعدت تفكر وهي تناظره .. تأففت رسيل منها ومن صعوبة اختيارها هي
تبي لها فستان مميز وعلى الموضة .. كل صديقاتها جايين وتبي تكون زوجة
اخوها كاشخة على الآخر وماتبي احد يتكلم عليها .. : يالله عاد وربي ماراح
تحصلين احلى وافخم منه .. يجنننننن ..
اقتنعت اخيرا بكلامها : زين .. بس ياويلتس لو طلع عاري والله ما البسه ..
سحبتها من يدها وهي تتمتم بينها وبين نفسها " والله لو دفعت طلال هالقيمة
كلها ليخليك تلبسينه غصب .. "
تفاهمو مع البايع على المقاس والسعر .. وبعد ماخذو الفستان طلعو يكملون
اكسسواراتها اللي راح تختارها مع الفستان ..
رسيل جاتهم مستعجلة وهي شايلة الاكياس اللي فيها اغراضها اللي اشترتهم
لها : يالله خلصتو ؟ نبي نروح المشغل الحين اخاف لا تأخر الوقت امي
ترجعنا ..
طلعت سما صندل ( تكرمون ) من الكيس : شرايك ؟
مشت وطنشتها : انتي فاضية يالله بدق على السواق والله ماعندنا وقت ..
ركبو السيارة وتوجهو للمشغل اللي راح يسوون لنورة فيه تنظيفات شاملة وقص
شعر .. وكل هالامور اللي تحتاجها .. كانت معترضة على قص شعرها
وطفشت الكوافيرة اللي كل ماجات تقص لها خصلة شوي وتصيح عليها
وتحذرها انها ماتقصرها واجد .. ورسيل من وراها تكلمهم يطنشون توسلاتها
ويقصون لها شعرها بدت تجفف لها شعرها وتسشوره .. وبعد ماخلصت لها
كل شي خللت اصابعها فيه وبدت تحركه تبي تعطي له شوي كثافة .. ابتسمت
لها وقالت لها تقوم تشوف شعرها اول ماشافت نفسها راودها شعورين .. الاول
انها تفاجأت بشكلها اللي حست انه تغير كثير مع قصة الشعر بتدرجاته المتقاربة
واللي اعطت له كثافة وحجم اكثر من قبل .. وزادت على ملامح وجهها انوثة
واحساس آخر بالحسرة على الشعر المتناثر على الارض ..
جاتها سما تركض من بعيد : واااااااو .. وش هاللوك الخطير .. نورة شكلك
روعة والتفتت على رسيل اللي قاعدة يسوون لها مونيكير : ريسووو لايفوتك
اول مارفعت عينها وشافتها ابتسمت لشكلها اللي تغير مع هالقصة .. واكيد
بكرة مع الميك اب والفستان بيكون شكلها حلو ومميز وهذا اهم شي هي تبيه
قدام معارفهم وصديقاتها .. : سموي تعالي ردي على الجوال ..
راحت لها ركض وردت من دون ماتشوف الرقم : الوووووو
فاجأها صوته المتملل : خلصتو ولا للحين ؟
بعدت الجوال وشافت الاسم وحركت شفايفها لرسيل " طلال ": ايه انت وينك؟
طلال : انا برا .. بسرعة لا تتأخرون مابي انلطع بالشارع لحالي ..
كشرت على طول " اوووف وانت دايم معصب " : زين زين الحين طالعين ..
" والتفتت على طول لرسيل " يالله بسرعة طلال برا ..
عصبت عليها رسيل : شايفتني خلصت عشان تقولين له تعال ؟ يعني شلون
اروح الحين ؟
خذت عباتها وشنطتها وهي تأشر لنورة تلبس عباتها : مو شغلي هو قال لي
انا برا تبين تاكلين التهزيء لحالك بكيفك انا بروح مع حرمه المصون يمكن
يستحي منها وارتاح من صراخه ..
قامت على طول وهي تبتسم للعاملة اللي بالمشغل : سوري قرقوش برا لو
تأخرت دقيقة تلقين اسمي بصفحة الوفيات بكرة .. باي ..
ضحكت عليهم وهي تشوف استعجالهم في خروجهم من المشغل .. طلعو
ثلاثتهم وكل وحدة فيهم بداخلها مشاعر خوف منه .. نورة خوف انها ماقالت
له انها بتقص شعرها .. وماقدرت تتوقع وش هي ردة فعله .. ورسيل وسما
كل خوفها انه يهاوشهم قدام نورة .. ركبت هي بالاول وسلمت بعدها ركبو
هم ورا التفت لنورة بيكلمها بس هالمرة نطت فيه سما اول : طلول اغراضنا
اللي بسيارة السواق احد نزلهم ..
طقها على راسها : مليون مرة اقول لك منتي ببزر تنطين لي كل شوي بعدين
وش يدريني انا جاي لكم من الشركة .. " ناظر نورة بعدها تكلم " هاه خلصتي
كل اغراضك ؟
نورة : ايه ..
ناظر بالمراية وهو يشوف نظرات خواته لنورة : اخذتي كل اللي خاطرك فيه؟
تكلمت بهمس : ايه الحمدلله ..
التفت سما لرسيل وهمست لها بإذنها : صاير حنون الأخ ..
ضحكت وهي تجاوبها بنفس الهمس : هذي مرته .. وعروس مو مثلنا من ولدنا
واحنا مقابلينه طول الوقت ..
قعدو ثنتينهم يعلقون بهمس بين بعضهم وهم يشوفونهم يسولفون مع بعض: ريسو
هذا طلال اللي مايسولف الا في الويك اند؟
اطلقت ضحكت عالية وهي تطقها : احسه بيذبحنا لا وصلنا البيت مسكين كتمنا
على نفسه وسكت .. تكفين خلينا نشغل انفسنا بأي شي ونترك له يعيش هاللحظة
التاريخية ..
كان متجاهل همسهم وهو يحس ان هالهمس كله عليه وصلو للبيت ونزلو البنات
للبيت ركض .. وانتظرت هي طلال ودخلت معاه للصالة سلمت على ابو طلال
وام طلال وقعدت معاهم شوي .. واول ماقام رايح لجناحهم قامت معاه .. ومن
شافتهم ام طلال راحت وراهم .. وقبل لا تلحق طلال نادتها : نورة ..
التفتت وراها وشافتها واقفة بكل هيبتها واناقتها مبتسمة لها : سمي ..
قربت منها ومسكتها من يدها : تعالي معاي ابيك شوي ..
حست بارتباك فظيع من هالموقف ومشت معاها ماتدري وش تبي بالضبط منها
قعدت على الصوفا الاثيرية بصالة جناحها ثواني وجاتها ام طلال وبيدها علبه
من المخمل .. جلست جنبها وفتحت العلبة اول ماشافت نورة اللي بداخلها فتحت
عيونها متفاجأة وقبل تنطق وتقول اي كلمة تكملت ام طلال : هذا الطقم هدية
زواجكم .. اعتبريه بدل الشبكة اللي ماجبناها لك .. ابي اشوفه عليك بكرة ان
شاء الله ..
ابتسمت برقة وهي تقاوم دموعها بهاللحظة .. ماكانت تدري طقم الالماس اللي
بين يدينها وش قيمته .. او كم المبلغ اللي دفع فيه لكن بالنسبة لها كان له قيمة
كبيرة عندها .. يكفي انها جاتها هدية من ام زوجها اللي تعتبرها مثل امها حتى
لو اختلفت الطبقات .. خذت العلبة وقامت حبت راسها : مشكورة ياخالتي ..
كانت يدينها اللي ماسكة العلبة ترتجف .. لاحظت رجفة يدينها وابتسمت لها ..
تهديها : الف مبروك عليك هالهدية ..
تمتمت بكلمات غير مفهومة وهي تستأذنها تطلع قعدت مكانها تعقد المقارنات ..
مابينها وبين زوجة ولدها الاولى .. اول شي لاحظته هو الفرق الشاسع
في التعامل بين نورة وحنين .. نورة رغم كبر سنها الا انها اكثر خجل من حنين
اللي كانت اكثر تمرد وصخب ..
رجعت لجناحهم وهي تحمل بيدها علبة الهدية .. دخلت عليه وشافته متمدد على
السرير ابتسمت له وهي تأشر بالعلبة اللي بيدها : هدية خالتي ..
فز جالس واشر لها تجيب له العلبة يشوفها .. فتحها وهو مستانس انه يشوف هدية
امه لها .. اما هي تذكرت بهاللحظة شعرها على طول شالت الطرحة وجلست جنبه
بكل هدوء : حلوة الهدية ..
رفع راسه يبي يجاوبها وانتبه لشعرها وابتسم : نعيما ..
راحة كبيرة سرت بجسدها بعد ماشافت ردة فعله .. ماتبي تسوي شي بدون رضاه
خصوصا انه اكثر من مرة بين له اعجابه بشعرها : حلو ؟
طبع قبلة بين عيونها وهو مبتسم : كلك على بعضك حلوة ..
توردت خدودها من كلامه وضمها وهو يضحك : قلت لك ماراح امدحك ابد ..
كل ماقلت شي نزلتي راسك وسكتي .. على الاقل جامليني .. قولي عيونك الحلوة ..
استغربت تعامله معاها اوقات يكون بقمة رومانسيته ويضحك ويسولف معاها ..
واوقات ثانية يعاملها بكل جفاف وبرود .. بالأخير هي راضية بحياتها للحين وما
تحس انه اي شي ينغص عليها هالحياة ..
من اسبوع وخلال فترة اقامتها بالمستشفى وهو يراجع في حالتها وظروف
معيشتها وطريقة هالحياة اللي تعيشها تردد عليها اكثر من مرة لكنها رفضت
تتكلم مع اي احد حتى اللي جو يحققون معاها ومحد عارف للحين هل صمتها
بسبب صدمتها النفسية او الضرب المباشر على الراس .. رغم انها ماتكلمت
الا مع وحدة من الممرضات .. بس طلبتها يكون هالشي سر بينها وبين الممرضة
والى هاليوم محد عرف هالشي عنها .. قعد في مكتبه وهو يقلب في اوراقها
الرسمية لأول مرة وشهادة ميلادها .. اسم الأب واسم الأم .. من اول يقراها وما
تغير شي ابد الا انه ينقل كل بياناتها ويدونها في الملف .. بلحظة صرخة بداخله
نبهته الى هالاسم " مستحييييييييييييييل .. تكون هي .. "
قعد يدقق في الاسماء يبي يتأكد من اللي يقراه وهو يهز راسه بعدم استيعاب
من اللي يشوفه قدامه " نفس اسم الام .. واسمها واسم ابوها .. بس شلووووون
البنت ماتت من زمان "
اخذ جواله واتصل على امه على طول .. اول ما جا له صوتها الرخيم ترد
السلام .. باغتها بالسؤال : يمه جيرانا قبل ننقل لهالبيت .. خالتي سلمى وش
اسمها الكامل ؟
استغربت سؤاله واستفسرت منه : ليش تسأل ؟
كان متوتر وهو يقلب بالاوراق اللي قدامه : بعدين اقول لك يمه تكفين علميني
الحين .. ابي اعرف وش اسمها .. واسم زوجها اللي قبل هذا ..
ماعاد صار يسمع شي اول ماقالت اسم الام بالكامل اما اسم الزوج ماذكرت
الا اسمه الاول .. ومن بين آلاف الاصوات اللي براسه تكلم : وبنتها متى توفت ؟
بعد تفكير قالت : والله ياولدي ما اذكر .. اذا تبيني اسأل ام خالد الحين ادق عليها
واسألها ..
قاطعها : لا لا لا خلاص يمه انا بعرف كل شي من نفسي .. يالله فمان الله
قبل يسكر سمعها تناديه .. : متعب ليش متصل تسأل الحين ؟
ماكان يبي يقول لها اللي اكتشفه بهاللحظة يخاف تطلع كلها مجرد تشابه اسماء
او تخيلات : لا بس كنت ابي اتذكر اسمها ويوم ماعرفته اتصلت اسأل .. يالله
يمه انا اكلمك بعدين .. مع السلامة ..
ما كان مصدق ابد اللي يشوفه قدامه .. هالبنت اللي كانت تعتبره اخوها الكبير
بكل شي تعتمد عليه وكان يدافع عنها بكل مكان .. اصغر منه بـ 4 سنوات لكن
كانت له مثل افنان وجوري خواته .. بكل خطوة تروح معاهم .. اي مكان يروحون
له كانت ترافقهم .. كانت معاهم حتى بجلستهم وماتبعد عنهم الا بوقت نومها
وبآخر يوم راحت كان بوقتها كبير بثاني متوسط .. بكت وهي تودعه وتقول
له انه هذا ابوها اللي قالت لها امها عنه .. كانت بعمر الـ 8 سنوات ونصف او
اكثر بشوي .. منظرها هذاك اليوم .. كان آخر مرة يشوفها فيها قبل مايجيهم خبر
وفاتها بالليل بحادث سيارة ..
نفض كل الافكار اللي براسه وهو للحين مو قادر يستوعب ان اللي معاه من
اكثر من اسبوع ونص هي نفسها اللي ودعتهم على عتبات ذاك الباب قبل
ترحل هالرحيل الأبدي ..
شال كل اوراقها وحطها بالملف وطلع بسرعة رايح لغرفتها كان نبضه يتسارع
بشكل جنوني .. شعور صعب انك تشوف انسان بعد رحلة موت ظنيت انه كان
فيها .. واول ماوصل غرفتها شاف زحمة الأطباء والممرضات اللي يركضون
للمرات .. كل هالاصوات اللي يسمعها الحين .. مع الاصوات اللي بداخله خلته
يعيش حالة توقف للإستيعاب لدقائق .. وماقدر يركز بأي كلمة من اللي تنقال
حوله ..
رجع من دوامة الافكار المتضاربة بداخله واستوقف وحدة من الممرضات : وش
فيه .. وش اللي صاير ؟
وقفت الممرضة السعودية : المريضة اللي كانت هنا مختفية من ساعة .. واحتمال
كبير انها هربت من المستشفى ..
ركز في كلامها وهو يهدي نفسه : اي مريضة ؟
ناظرت في الغرفة تبي تتذكر اسمها : ديما ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:26 PM
الجزء الثامن
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
موعدك أبطى وانا اللي متعب ٍ شهب الأماني
حزني الطاغي كسرني كسرة النظره اليتيمة
كلّما طيّرت سرب ٍ للبُعد ....../ غَيره لفاني
وأرجع آطيّره وصل ٍ .../ للهموم المستديمة
للأرَق فيني بحار ٍ ....../ خانها بُعد المواني
والأمل غيمه تنادي ... صوتها المخنوق ديمة
في هجير الشوق,, صحرا عاندت حلم المباني
ترجَمَت إحساس قلب ٍ عذّبه .../ كثر الهزيمة
كان واقف مكانه مو مدرك للي صار له اليوم كله.. صعب جدا انك تغيب انسان
لسنوات وتعتبره في عداد الموتى .. وتجد ان هالانسان كان قريب منك بدون ما
تعرفه .. تساؤلات غريبة دارت في راسه .. من المسئول عن كل اللي صار ..
وليه قتلوها وهي مازالت على قيد الحياة .. الى هاللحظة يجهل كل هالامور ولا
هو قادر يستوعب اللي صار .. تركهم في معمهتهم ورجع يدور رقم فيصل من
بين الارقام .. بهاللحظة يبي يحط النقاط على الحروف ويفهم تفاصيل حكايتها
حط ملفها على المكتب وبدا يفتح الادراج يدور رقمه اللي يذكر انه كتبه بس مع
هالموقف ماقدر انه يحصله وبعد جهد قدر انه يلقاه مع مجموعة ارقام مسجلهم
كان يحس بتشتت افكاره نسى في غمرة هالمشاعر ان البنت اختفت وهالشي
كفيل انه يدخل الفزع بقلب عمها .. اتصل عليه وانتظر جوابه : السلام عليكم
ماعرف الرقم ولا حتى عرف الصوت بالاول : وعليكم السلام هلا ..
كان يدري انه مايقدر يفهم كل التفاصيل او يفهمه كل شي بالتليفون : انا متعب
الاخصائي الاجتماعي ..
قاطعه بارتباك : هلا والله اخوي .. بشر عساها تكلمت ؟
جلس على كرسيه وهو يحاول مايباغته باللي صار : ان شاء الله خير .. ابيك
تمرني الحين ضروري .. فيه عدة امور ابي اناقشها معاك ..
كان اذان الظهر يصدح بهالوقت قام فيصل من مكانه وهو يكلمه : ان شاء الله
اصلي الظهر واجي لك المستشفى على طول ..
بعد ماسكر منه قام هو بعد يصلي الظهر وحاول مايشغل باله بأي افكار يجهلها
لحد مايسمع كل شي من عمها .. وهالمرة يبيه يقول كل شي بحياتها بصراحة
لان هالامور تهمه يوصل حقيقة وجودها لامها ..
بعد ماخلص صلاته قام يراجع ملفات عدد من المرضى واحتياجاتهم المرضية
واثناء انهماكه في هالملفات سمع صوت طرقات خفيفة على الباب : تفضل
دخل عليه فيصل وبعيونه علامات الترقب : السلام عليكم ..
قام ومد له يده يصافحه : وعليكم السلام .. " اشر له على الكرسي المقابل له "
استريح ..
بالبداية كان النقاش جدا هادي عن احوالها ومعيشتها .. ووضعها اللي تعيشه
في بيت ابوها .. تفاصيل كان يعرفها متعب عن ديما المريضة قبل مايعرف
هويتها : انت قلت لي ان علاقتها منقطعة في امها .. ممكن اعرف الأسباب ؟
يعني هي وش تعرف عن امها بالضبط ؟
كان فيصل متردد يجاوبه على هالموضوع بالذات .. كان يحبها ويقدرها وما
صدق ابد التهمة اللي قذفوها بها .. : لا هي ماتعرف عن امها شي من يوم
رجعت للرياض مع ابوها ..
حس انه يتهرب من الاجابة ومايبي يقول كل شي بالتفصيل .. : الاسباب ؟؟
يعني ماقلت لي ليش ابوها حرمها منها ..
بعد تفكير تكلم : ماكان يبي امها تربيها وهو ما يثق باخلاقها .. " كان برأيه
هالجواب كافي من انه يقول اي تفاصيل اخرى .."
ماينكر بأنه انصدم من اللي سمعه .. رغم محاولات فيصل اخفاء الامر الا
انه فهم انها متهمة في شرفها .. وهذا الشي اللي ماخطر ابد على باله .. كانت
ومازالت قريبة من امه .. ومن اقرب الصديقات لها مستحيل تكون امه على
معرفة بانسانة فاسدة اخلاقيا .. ماقدر يشكك ولو القليل في اخلاقياتها : امها
في الخبر ؟
تفاجأ من سؤاله : ايه .. شلون عرفت ؟
قام من مكانه .. وقرب منه وجلس على الكرسي المقابل له : للأسف عرفت
كل شي بس في الوقت الضايع .. البنت اكيد تتعرض لضغوطات كبيرة خلتها
تفكر انها تهج وتترك المستشفى وتبعد عن اهلها اللي عاشت معاهم بقسوة
وظلم ..
كان يسمع الكلام وهو مركز معاه .. واول مانتبه لآخر الجملة وقف بعصبية
وتوتر : شلون يعني ديما وينها ؟
ما امهله اي وقت انه يذكر له تفاصيل هروبها من المستشفى وجهل الكل عن
المكان اللي راحت له .. واسباب هالهروب تعالت اصوات احتجاجاته في كل
مكان .. وصار يهدد ويتوعد برفع قضية على المستشفى بسبب اهماله قرب
منه متعب وقال له بصراخ .. : ويوم انت مهتم فيها ليش ماشفت احد مرافق
معاها ؟ جاي الحين تلوم المستشفى وانتو كلكم تخليتو عنها ..
لف له بعصبية : انت عارف وضعها كله وشلون .. يعني محد بيجي يرافق
معاها من الاساس وهم اللي تسببو لها باللي صار ..
ضحك بسخرية على كلامه : اجل لا تسوي فيها انك خايف عليها .. هذا اللي
قدرتو عليه .. اخذتوها من امها بالقوة وبالأخير قلتو لها بنتك ماتت .. عجيب
والله .. انا مادري وش هالقلوب اللي تعيشون فيها ..
لف راجع لمكتبه مايبي يسمع احتجاجات اكثر في هروب بنظره يشوف انه كان
شي متوقع من بنت عاشت كل عمرها تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي ..
تارك فيصل غارق في دوامة التفكير عن كلامه اللي قاله واللي الى هالحين ما
استوعبه .. والتفت على احد المسئولين اللي جاي يتفاهم معاه على هالقضية
الخطيرة ..
اليوم عندها غير قلبت البيت فوق تحت من شدة حماسها .. تبي تتميز بهاليوم
تبي تلفت الانظار لها والكل ينبهر باناقتها وشكلها .. مجهزة كل شي من بدري
الفستان والاكسسوارات اللي تحتاجها والحين بتروح للمشغل تتجهز لهالمناسبة
الكبيرة .. لبست عباتها ونزلت تركض مع الدرج وجوالها بيدها وشنطتها باليد
الثانية .. وبعد عدة رنات تكلمت بحماس : تجهزي بجي امرك الحين ..
جاها صوتها المحبط : لا لا تمريني ما اظن اقدر اروح اليوم ..
قاطعتها بصراخ : لييييييييييييش؟
بعدت الجوال عن اذنها لثواني ورجعت تصارخ عليها : وجع .. جعله القطع
هاللسان .. بغت تروح علي طبلة الاذن ..
رجعت تسألها : زين علميني ليش ؟
ردت بقهر : ابد هالغبية مادري وين انقلعت وابوي قالب البيت علينا من الظهر ..
وقفت في الصالة والجوال في اذنها وهي تسكر شنطتها : من هي ؟
قالت بتأفف : ديموه ومن غيرها انحاشت من المستشفى يعني مستحيل ابوي
يخلينا نروح الليلة اكيد بيقلبها نكد ..
كشرت من سمعت السالفة : ياشيخة من عرفتكم وانتو حياتكم كلها نكد يعني
مو جديد عليكم .. بعدين طنشي مردها بترجع للبيت تعالي معاي تكفين ابي
اكشخ واكون مميزة .. ابيها لا شافتني تموت من الغيرة مكانها ..
منال بعد تفكير : طيب تعالي بس مابي اطول .. ابي ارجع بدري واشوف
اذا امي بتروح الحلفة انا بعد بروح وش يقعدني بالطفش ..
لفت لثمتها وهي طالعة : يالله اجل جايتك الحين ..
ماقدرت تشيل من بالها تفكيرها فيها وتخيلها لشكلها ولبسها وحياتها مع طلال
امور كثيرة كانت شاغلة بالها من فترة وتبي هالفرصة تجي وتشوفها .. كانت
تبي تكون احلى منها بهالليلة .. كانت واثقة انه متكلم لها عنها واكيد هي بعد
تبي تشوفها .. مرت منال وراحو بعدها للمشغل اول ماوصلو تفاهمت معاهم
على كل الامور ودخلت على طول يسشورون لها شعرها .. بعد ماخلصت
راحت تقعد مع منال اللي تنتظرها : اوووف اخاف اطول عندهم زحمة اليوم
" والتفتت عليها " منووو .. ماقلتي لي وش سالفة اختك وشلون انحاشت ؟
زمت شفايفها بقرف : وانا ادري عنها اصلا .. ياشيخة فكة منها ومن نكدها
وصوتها اللي ينرفز كل شوي وهي تصيح .. اعوذ بالله كئيبة بشكل ..
ضحكت بأعلى صوتها : اطلعو منها انتو من اللي منكد عليها حياتها غيركم
انتو .. ولا لو معاملينها مثل الأوادم كان استانست وعاشت مثلكم ..
سحبت جوالها وهي مكشرة : ياشينك لا قمتي تتفلسفين " وبابتسامة " شوفي
هالمسج من صلاح ..
طالعت في الكلام المكتوب وبعدته عنها .. : ووووووع وانتي للحين تصدقين
هالخرابيط .. قال احبك قال .. والله مايعرفون الا الكذب بس خلي عنك الحين
ماقلت لك على عزاموه المخيس ..
بضحكة : وش فيه بعد ؟
كملت بقرف : يقال له يبي يرد اعتباره .. امي صار لها اسبوعين قايلة لهم اني
موافقة وهذا للحين ماجا ولا كلمونا بعدها ..
حطت يدها على فمها تخفي ضحكتها .. : اجل تبينه يجيك على وجهه فرحان
بموافقتك .. يمكن حتى لو رضى بيخليك معلقة شوي وش وراك انتي فكري
بالحفلة اليوم وبزوجة طلال الهم ..
سكتت شوي وبعدها قالت بحزن : وربي ماتتخيلين وش كثر قاهرني .. منو
من تزوج وانا نفسيتي تعبانة واسلي نفسي بأي شي مابي افكر فيه كل ما جا
في بالي انه يعطي غيري اللي اعطاني وربي اموت مكاني ولا اقدر اوقف
دموعي .. صدقيني ماراح تحسين فيني الحين بس لا تزوج صلاح وقتها ..
طقتها على فخذها بقوة قبل تكمل كلامها : فال الله ولا فالك اعوذ بالله منك
يالحسودة يعني عشان حياتك مأساوية تبين لي الحزن .. صلاح حبيبي راح
يخطبني قريب .. بس طلعت لي سالفة ديموه خربت كل تخطيطنا ..
وقبل تفتح فمها وتتكلم جات لها العاملة تقول لها انه دورها قامت وهي شاقة
الابتسامة ودخلت على الكوافيرة ومن جلست معاها بدت تتشرط عليها : اول
شي ابي ميك اب ناعم .. يعني اللي يشوفني يحسبني انا اللي مسويته بس ابيه
يكون متقن واهم شي يحليني .. يعني ابي تبدعين فيني وتعطيني لوك حلو ..
ابي اكون مميزة الليلة ..
هزت راسها لها مبتسمة وبدت تحط لمساتها عليها ..كانت كل هالوقت تفكر
في شكلها شلون بيصير الليلة عجزت تتخيل لها شكل معين .. بعد ما انتهت
منها قامت تشوف شكلها .. ارتسمت علامة الرضى على وجهها .. وبدت
توجه كلمات المديح للي زينتها .. على طول رجعت عند منال وخذت عباتها
وشنطتها : يالله بسرعة خلينا نروح بلحق البس واتجهز .. وانتي بعد تعالي
تكفين ما يحلى لي الحش الا اذا صرتي معاي ..
منال وهي تمشي وراها : ايه بجي امي تقول ابوي طالع من اول واكيد مقوم
الدنيا الحين عشانها .. كان في طارق اللي مدري وين راح والحين هذي بعد
الله يستر لا يجيني الدور واختفي انا بعد ..
سحبتها من عباتها : امشي بس كملي سوالفك بالسيارة .. طلعو ثنتينهم لسيارة
السواق بالخارج .. وصلت منال بيتهم بالبداية ورجعت هي بعدها للبيت تبي
تتجهز للحفلة ..
الدور الارضي كان كله متغير بتجهيزات هالحفلة تنسيق الديكورات والورود
والاضاءات وتوزيعات الحلويات وصحون الحلى اللي على الطاولات .. كل
شي كان منسق ومرتب باشراف ام طلال ورسيل اللي مجهزين لأدق واهم
التفاصيل من بدري .. والبنات مجتمعين بجناح رسيل حتى ميساء اللي لازم
تحضر هالحفلة اللي مسوينها لعروس اخوها حتى لو الظروف كانت صعبة
اما نورة كانت بجناحها عندها الكوافيرات اللي بيهتمون باطلالتها هالليلة ..
ومثل ليلة زواجها كانت مستسلمة لهم على الآخر وماتشرطت في اي شي ..
تاركة لهم هالمهمة انهم يقومون فيها على اكمل وجه وكل شوي تجيها وحدة
من البنات وتشوف وش اللي صاير معاها اما طلال وابو طلال تاركين لهم
البيت باكمله من الصباح ومخلينهم ياخذون راحتهم ..
بغرفة رسيل كانت الكوافيرة تسشور شعر سما .. وليماء لابسة وخالصة بس
تلبس اكسسواراتها وميساء كانت جاهزة من اول وكل شوي تتصل على فيصل
تسأله عن الاخبار .. دق جوال سما ورفعته تشوف من المتصل ومن شافت
الرقم كشرت : لمووووو تعالي ردي ..
سحبته منها وهي تهاوشها : قصري صوتك وجع .. " واول ماشافت الاسم
ماتت ضحك " هلا والله بقرقوش ..
ابتسم على طول : حتى انتي معلمينك بعد ..
تجاهلت نظرات الرجاء من سما : والله هذا الاسم اللي مخزن بجوال سموي
عاد تفاهم معاها انت .. " وركضت قبل ماتلحقها " والله انها مجنونة .. ايه
طلال آمر ..
بنبرة تهكم : بدري .. عطيني نورة ابي اكلمها ..
وهي رايحة لجناحهم : وش تبي فيها .. الحين مشغولة ومو فاضية لك اصلا
طنشها سؤالها وكمل : اقول بسرعة هاتيها ولا يكثر ..
دخلت على نورة وشافتهم يضبطون لها شعرها .. بعد ماخلصت الميك اب
ابتسمت ومدت لها الجوال : كلمي طلال ..
اشرت لها بيدها انها ماتبي تكلمه .. بس لمياء قربت الجوال منها .. : يابنت
الناس كلميه من جدك انتي الحين مستحية منه ..
طقتها على يدها من القهر وخذت الجوال : هلا ..
ابتسم اول ماسمع صوتها : شلونك ؟
كانت مستحية من نظرات لمياء لها حتى لو تجاهلتها وهمست له : بخير انت
شلونك ؟
ماعرف وش يبي يقول لها اصلا : الحمدلله .. خلصتي ولا توك ؟
قامت وناظرت في شكلها بالمراية : شوي .. بقى لي شغلات بسيطة .. آمرني ..
اعجبه اسلوبها معاه .. بكل كلامها كانت جدا تحترمه .. وتبين احترامها حتى
بألفاظها اللي تنتقيها بدقة : يعني شلون احسب لك 10 دقايق ؟
استغربت كلامه : شلون؟
تكلم بكل هدوء : متى بتخلصين ويطلعون كل اللي عندك ؟
ناظرت بالكوافيرات اللي يلمون اغراضهم طالعين : هالحين بيطلعون .. وانا
توني بلبس واتجهز ..
كمل بنفس الهدوء : اجل مثل ماقلت 10 دقايق وبجي لك .. " وبعد تفكير "
عندي لك مفاجأة حلوة ..
حست بفرحة كبيرة من كلامه .. ماتدري ليش من كلامه توقعت انه اكيد شي
راح يحمل لها الفرح .. شافتهم يطلعون من الجناح وتطلع وراهم لمياء : ان
شاء الله الحين بخلص ..
كان حاس بحماسها وكأنها عارفة نوع المفاجأة اللي محضرها لها سكر منها
وهو يعد الوقت يبي يروح لها .. اما هي كانت تحس بتوتر مجرد معرفتها انه
الحين بيجيها تعرف نظراته تحرجها وهو يتعمد هالشي .. لبست الفستان اللي
اختاروه .. وبخت على نفسها من عطرها .. فتحت علبة الطقم وحاولت تلبسه
بس ماعرفت شلون تسكره .. رجعته في العلبة وراحت تجهز له ثوبه وشماغه
كانو عازمين اقاربهم القريبين جدا من الرجال بعكس الحريم اللي عزمو كل
اللي يعرفونهم .. بدت بعدها ترتب الغرفة من كل الاغراض المتناثرة سمعت
صوت الباب انفتح والتفتت وراها شافته واقف مبتسم يناظرها بادلته الابتسامة
وقربت منه .. حست انها مشتاقة له وهي من الليل ماشافته .. راح الصباح
وهي نايمة وتوها الحين على المغرب تشوفه .. : هلا والله ..
وقف يناظرها وهو مبتسم هالمرة كان شكلها غير كانت اجمل من قبل بكثيررغم
ان مسحة الحزن مازالت تلمع بعيونها ويشوفه بوضوح الا ان الشادو السموكي
البنفسجي اعطى لعيونها سحر من نوع خاص .. والروج اللحمي اكسب شفايفها
جاذبية اخاذة .. كانت ملامحها آسرة جذبته بدون مايحس واكتفى بأنه يتأملها
بدون ماتنطق شفاهه بأي كلمة كانت تحس بارتباك من نظراته والحرارة بدت
تتصاعد لوجهها قربت منه ورفعت نفسها على اطراف اصابعها شوي وطبعت
قبلة رقيقة على خده .. تفاجأ من حركتها لانه ماتوقعها منها .. : على هالحلى
كله بقفل عليك الباب وما اخلي احد يشوفك ..
ابتسمت له وهي تبعد عنه شوي : وش تبي الناس يقولون ؟
قبل ماتبعد عنه اكثر سحبها له وقربها منه : يقولون اللي يقولون زوجتي وانا
حر فيها ..
توردت خدودها من كلامه واشرت له على علبة الطقم : مابعد لبسته
فتح العلبة وهو يناظرها : يعني تبيني البسك الشبكة .. قربي بس ..
لفت وجهها للمراية وهو يلبسها الطقم .. ولبست هي الخاتم والحلق باسها على
خدها ومسك يدها : تعالي معاي بوريك شي ..
اشرت له على اغراضه اللي على السرير : ثوبك وشماغك حطيتهم لك ..
كان ساكت وهو مبتسم يطلعها من الغرفة وهي مازالت ملتفتة على غرفتهم اول
ماوقفها ناظرت فيه .. بعدها انتبهت لاحد جالس بالصالة واول ماشافت اللي
جالس ماعاد تذكر شي الا وهي بحضنه كانت تقاوم دموعها لا تنزل بهاللحظة
ماتبي جهد اليوم كله يروح عليها .. وبنفس الوقت كانت تحس بشوق فظيع له
هي متعودة بعده .. ومن درس الجامعة وهو بعيد عنهم .. بس هالمرة فيه ريحة
اهلها وهالشي هو اللي بتموت من شوقها له .. ولو اخفت هالمشاعر بقلبها وما
صرحت باللي يدور بخاطرها .. خلاهم براحتهم ودخل هو يتسبح ويبدل ملابسه
وقعدت مع راكان حس فيها تنتفض بين احضانه حضنها بقوة : بس لاتصيحين
هالحين يخرب شكلتس وتروعين الرجال ..
ضحكت وهي تبعد عن حضنه قعدت تحرك يدينها قدام عيونها ماتبي تغمضهم
وتنزل دموعها : ياسعد هاليوم اللي جيتني فيه .. والله اني ولهت عليك وعلى
اهلي .. وشلون متحمل هالسنين كلها يا راكان ؟
اشر لها تقوم تجلس جنبه قامت وقعدت جنبه وهو يشوف دموعها تملا عيونها
ابتسم على جمال شكلها : نصيبني اللي جابني للرياض مثل نصيبتس .. وش
هالزين كله يالنوري والله اني ماعرفتس ..
طقته على كتفه وهي تضحك : بالله ياخوي شلون شكلي ؟
كان منبهر من شكلها تغيرت بأيام من البنت البسيطة بملابسها المعادة عشرات
المرات وبوجهها الخالي من اي زينة وشعرها الملموم بجديلة طويلة توصل الى
آخر ظهرها .. الى هالبنت اللي تضج بالانوثة والجمال .. : والله لو انتس شينة
بشوفتس الزين كله .. شلون وانتي بهالشكل ماشاء الله عليتس يالنوري حصني
نفستس تكفين لا يجيتس شي ترى العين حق ..
ابتسمت وهي تنزل راسها بخجل وكمل كلامه : باتسر بروح الديرة اذا الله احيانا
بقعد هناك اسبوع الاجازة .. تبين شي من الديرة ؟
تكلمت بلهفة : تروح وترجع بالسلامة يارب .. اصبر الحين بجيك ..
دخلت غرفة ملابسها وبعد شوي جات له وقعدت .. مسكت يده وحطت فيهم
الفلوس : خذهن لاهلي .. تسان ودي اروح واشري لهم بس انت ماعلمتني قبل
تفاجأ من المبلغ اللي بيده وناظرها مستفسر : من وين لتس هالفلوس .. لا يانورة
لا تصرفين على اهلي من فلوس رجلتس .. ترى ماهوب مسئول عنهم ..
ضغطت على يده تسكته : هذا نص مهري اللي طلبته لي .. موزيته عندي ولا
اعتزتو شي بعطيكم .. مابي اقصر على اهلي بشي ..
قرب منها وحب راسها : اصيلة طول عمرتس يالغالية .. شلونتس ؟ وشلون
طلال معتس ؟
كان اسمه كفيل بزرع الخجل بداخلها نزلت راسها وفركت يدينها بتوتر : زين
الحمدلله .. راكان ابي علوم اهلي كلها .. موضي وش صار على خطبتها وشيخة
وشلون حياتها وهالنحس بالديرة .. ابي كل شي عنهم يجيني لا جيت طلبتك ..
ابتسم لها : ابشري ماطلبتي وانا اخوتس .. والله اني متلهف على علوم الديرة
واهلي اكثر منتس .. " واتسعت ابتسامته وهو يشوف طلال واقف يناظرهم "
التفتت وراها وشافته جاي لهم .. : يالله ياراكان خلنا نروح نلحق صلاة العشا
عاد الحين لازم نتسلل في الخروج مثل مادخلنا ..
قام راكان وقامت هي معاه .. لكن اشر لها تجلس : لا انتي اجلسي امي محذرة
علي ما تطلعين ولا احد يشوفك ماتبي تطلعك للناس الا بزفة ..
قامت بهدوء : زين اصبر بسلم على اخوي قبل يطلع ..
قرب منها سلم عليها وهمس في اذنها : ادعي لي يالنوري تقضي هالسنة ونص
على خير واتزوج هيونه .. واشوفها عروس مثلتس ..
ضحكت من قلب على كلامه .. وهمست له : ياليتني اشوفها والله على حياها
بتموت مكانها ماطلعت منها الكلمة ..
كان واقف مكانه يناظرها ضحكتها وهالسعادة اللي يشوفها بعيونها بهاللحظة
اعطتها شكل اجمل واصغر .. ابتسم وهو يناظر حركاتها معاها كلها براءة
ونقاء ودعها راكان وطلعو من عندها رايحين يصلون العشا وبعدها بيرجعون
للعشى ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:27 PM
تجمعو كل البنات بالصالة الا هي اللي ينتظرون يكتملون معازيمهم ويزفونها
لهم .. رسيل كالعادة كانت الاكثر اناقة .. بفستانها الفضي الضيق القصير ..
ومكياجها الفوشي الصارخ وتسريحة شعرها الويفي المزين باكسسورات شعر
بنفس لون الفستان .. وسما كانت الاكثر بساطة بفستانها الشيفون النيلي الواسع
ومكياجها الروز الناعم .. وتسريحة شعرها الستريت .. وام طلال باناقتها اللي
تتسم بالفخامة بدراعتها باللون البحري المشكوكة بخيوط ذهبية رقيقة وشعرها
المرفوع بعناية مناسبة لسنها .. وقفت بنص الصالة مرحبة بضيوفها من اكبر
واغنى العائلات بالمنطقة .. واستغلو البنات الوقت باستقبال صديقاتهم .. حتى
صديقات دراسة لمياء ماخلى منهم المكان ..
وجوه متعددة وقلوب مختلفة امتلأت فيها جنبات هالبيت كانت تسمع صوت
الطق بالاسفل وقلبها اشد ضربات منها .. كانت تحس بشوق كبير لاهلها بس
ماتبي تصيح اليوم .. تمنت لو انهم جو وكانو معاها بهاللحظة بدل ماتحس انها
وحيدة حتى اهل هالبيت اللي اعتبرتهم اهلها اليوم بالنسبة لها اغراب لان اللي
بقلبها الحين محد يفهمه شعور الرهبة والخوف من الدخول على مجتمع تجهله
كلها احاسيس تمنت من يشاركها فيها .. كانت ترتجف برد بوحدتها رغم انهم
ماقصرو معاها كل شوي كانت تجيها وحدة وتقعد معاها ..
اول مادخلت حنين التفتت سما لرسيل واشرت لها من بعيد وحركت شفايفها
" وووع " كشرت رسيل اول ماشافتها وجات جلست جنب سما : سمووووي
شايفة هالخبلة وش مسوية بعمرها ؟
ضحكت سما بصوت عالي : اوف والله رايحة مشغل ومكلفة على عمرها ..
يالله تشفيها ولا تبتلينا .. يعني الكل بيعرف انها مقهورة وجاية تستعرض
قدام زوجة طلال ..
لمياء اللي شافتهم يتهامسون من بعيد قربت منهم وهي مبتسمة وتقول من بين
اسنانها : دعو الخلق للخالق ياحلوات قومو اشغلو انفسكم بأي شي ولا تحشون
فيها .. ماراح تكسبون الا السيئات ..
قامت معاها رسيل : لمو انتي اللي مختارة الاغاني ؟
التفتت عليها : ايه .. ليش وش فيها ؟
هزت كتوفها : مادري احسها باردة .. ماتحمس والله ..
راحت للمسئولة عن الدي جي والاضاءة وقالت لها ترفع الصوت اكثر ورجعت
تجلس جنب رسيل : الحين زين ؟ .. انا قايلة لها مابي اغاني وموسيقى ابي كل
اللي تحطهم بالدفوف بس .. اصبري شوي الين يكتملون المعازيم ويبدا الحماس
ناظرت ساعتها تنتظر صديقاتها : شفتي حنينوه وش مهبلة بعمرها ؟
قبصتها في يدها : وش قايلة لكم من شوي اتركو الناس يسوون اللي يبون هي
تبي تقهر طلال ونورة .. بس ماراح تكسب شي .. طلال واعرفه نفسه عزيزة
والله لو روحه فيها ما رجع لها مادام قالت انها ماتبيه ولا تحبه .. " واشرت لها
على وحدة واقفة تتلفت عند المدخل " هذي وفاء صديقتك ..
على طول نطت رسيل تسلم عليها .. اكتملو المعازيم وبدت الضيافة والكل قام
يرقص .. طلعو البنات لجناح نورة يبونها تنزل ميساء طول الوقت كان بالها
مشغول بديما وماحست بطعم الفرح ابد تبي تزف نورة معاهم وتستأذنهم راجعة
لبيتها ماتبي تخلي فيصل بهالظروف لحاله .. وسما ورسيل كل تفكيرهم شلون
بتكون ردة فعل حنين لا شافت نورة ..
كانت لابسة فستان من الساتان البنفسجي باكمام وقصات من الدانتيل بنفس اللون
شعرها كانو مسوينه لها ويفي بف .. ابتسمت لهم وهي خايفة من هالموقف اللي
انحطت فيه .. مشت معاهم بخطوات هادية عكس نبضات قلبها المتسارعة بشكل
جنوني .. وقدرت تنجح انها ترسم ابتسامتها وهي نازالة لهم .. كانت تمشي جنبها
ميساء وباقي البنات وراها الكل كان يصفق مع اغنية الزفة ويطالعها ومن نزلت
بدت كل التعليقات عليها .. جلست بالمكان المخصص لها وجلسو معاها البنات ..
اول ماشافت ام طلال ابتسمت لها وكأنها تبيها تزيح هالحمل عنها شافت وجوه
غريبة عليها .. ناس تبان عليهم النعمة فعلا .. حتى لبسهم تفاوت بين المحتشم
جدا والعاري جدا .. كانت تناظرهم وابتسامتها مازالت مرسومة على وجهها ..
لاحظت اشكال مريحة جدا من اول نظرة واشكال ثانية تنفر اي شخص منها ..
حنين اول ماشافتها نزلت مسكت يد منال بقوة : منووو هذي القروية يالنصابة ؟
" وبقهر " من احلى انا ولا هي ؟
طنشتها منال وماردت عليها .. اكتفت انها تناظرها مع كل اللي مسلطين عيونهم
عليها بهاللحظة .. قبصت يدها بقوة وهي تصر على اسنانها : وتقولون كبيرة بعد
منو تكفين علميني .. شكلي الليلة احلى منها صح ؟
مدت لها يدها تسكتها : ايه بالحيل وخري بس خليني اشوفها ..
قربت فوزية من اذنها : والله ما صام هالسنين كلها الا وجاب هالمزيونة عليها
عيون ماشفت مثلها ..
التفتت عليها بقهر : وتمدحينها قدامي بعد يعني شلون تبين تقهريني ؟
بكل برود ردت عليها : والله انتي اللي جايبة القهر لنفسك الرجال راح لنصيبه
وانتي بتاخذين عزام وتنتهي هالحروب كلها ..
كانت تحس بحرقة بقلبها من اللي تشوفه .. " والله ما اخليها تتهنى فيه ولا ما
اكون حنين "
نورة بدت شوي تفك من توترها بعد ماقربو منها صديقات البنات يسلمون عليها
وبدت تاخذ وتعطي معاهم بالسوالف كانت ماتبي تحرج نفسها بوسط هالمجتمع
وكل ماقربو لها شي تعذرت انه مالها نفس تاكل الحين .. كانت تشوف اشياء
بحياتها ماشافتها ومن الغباء انها تستكشفها في لحظة كل العيون مسلطة عليها ..
هي تدرك ان الوقت كفيل بتعليمها كل شي تجهله .. وماراح تستعجل هالشي
الحين ..
لاحظت نظرات حنين عليها .. حست فيها حقد كبير ماقدرت انها تخفيه التفتت
لسما : من هاللي لابسة الاحمر ؟
سما شافت مكان ماتناظر نورة : حنين بنت خالة امي ليش ؟
همست لها : احسها حاقدة علي .. شوفيها انتي شلون تناظرني ..
سما ببراءة : اكيد بتحقد عليك اجل ماخذه طلال منها وتبينها تحبك ..
فتحت عيونها متفاجأة وسألتها على طول : وشو؟
سما حست انها جابت العيد بهاللحظة وماعرفت وشلون تصرفها : طنشي احسن
لك سوالف مالها داعي .. دقيقة بقوم اشوف لمو تبيني ..
ركضت سما ومسكت يد لمياء : الحقي علي .. الظاهر اني جبت العيد .. طلال
مو قايل لنورة انه متزوج قبل ؟
فتحت فمها متفاجأة : لا تقولين ؟ مو صاحي هذا شلون ما يقول لها .. لا وحنين
ماراح تقصر لازم تجي وتقط كلام ولا ما تصير حنين .. استغفر الله يارب انتي
اللي خليتيني اتكلم عليها يارب لا تؤاخذني يارب الحين شلون اعلمها ولا تعرف
بعدين .. بس اخاف احد يجي يرمي كلمة وتسمعها ...
ضحكت سما وهي تصفق لصديقاتها اللي يرقصون : انهبلتي انتي تكلمين نفسك
يعني وش تتوقعين منه .. طول وقته ساكت بيروح يجيب لها الماضي كله والله
ما اظن .. اصبري بروح اسأل ماما ..
وراحت لامها اللي تفاجأت مثل ماتفاجأو الكل : الله يهديك ياطلال وانت بزر ما
تعرف تتصرف بروح ادخل المعازيم للعشى واخذها على جنب اعلمها ما اضمن
هالحيتين مايتكلمون ..
وقبل مايكملون نقاشهم كانت خالتها ومعاها بناتها يسلمون على نورة .. : بروح
الحق على خالتي لا تجيب الأولي والتالي ..
كانت نورة واقفة تسلم عليهم وهي مبتسمة .. متجاهلة نظرات حنين اللي تحسها
تخترق جسدها كانت تستمع لنصائح امهم لها الا آخر الكلمات اللي ما استوعبتها
" يوم كان ماخذ حنين؟ .. طلال كان معرس قبلي ؟ " حست الارض بوقتها دارت
فيها تمسكت بيد ام طلال اللي جاتها بهاللحظة .. تبي تصلح مايمكن اصلاحه
تحولت ابتسامتها لنظرات باهتة تناظرهم باستغراب تبي تصير اقوى من هاللي
تسمعه وماقدرت .. وبعد ماراحو الكل للعشى قامت تبي تروح لجناحها شوي
تبي تشيل هالقناع اللي تلبسه وتستوعب اللي سمعته .. لكن يد ام طلال مسكتها
قبل تروح : اقعدي ابيك شوي ..
استسلمت لها وجلست وهي تناظرها : اول شي مابيك تضيقين صدرك بهالليلة
والله اني مادريت ان طلال ما قال لك للحين بس لا تفكرين بهالموضوع و لا
يجي بتفكيرك ابد هو مطلقها من حول الـ 6 سنين وكارهها الحين ابيك تقومين
تتعشين وتستانسين وتتركين هالامور بعدين تفاهمي انتي وياه بكيفكم ..
ابتسمت لها وهي تحس بامتنان لاحتوائها لها بهاللحظة : لا مابي عشى والله
بقعد مع سما هذا هي جاية ..
كانت السهرة لها في بدايتها توتر وخوف .. واول مابدت تتأقلم على الوضع
كانت هالصفعة المؤلمة لها .. هي ما انصدمت من ماضيه ابد بس انصدمت
منه ليش ما قال لها مع انه اهم موضوع بحياتهم .. الحين عرفت ليش كان
يهيأها لهالحفلة من قبل واكثر من مرة قال لها لا تسمعين اي كلام وتخلينه
بأثر عليك التفتت على سما مبتسمة .. وهي تتجاهل هالتساؤلات اللي تتردد
بداخلها : وراتس ماتعشيتي ..
ارتاحت يوم شافت ابتسامتها توقعت انه امها وصلت المعلومة بأبسط طريقة
ممكنة : والله طول الليل وانا طايحة بهالحلويات واحس اني شبعت انتي اللي
ماكليتي شي من اليوم ليش مادخلتي ؟
نزلت راسها مبتسمة وهي تقاوم صرخات الجوع اللي بداخلها : مالي نفس
الحين بعدين لا جعت آكل ..
وقفت على طول يوم لاحظت انها مستحية تقوم للعشى .. : بروح اجيب لك
حلى وعصير ..
وركضت قبل ماتعترض على كلامها .. جلست تاكل من الكنافة اللي جابتها
لها سما .. وبدت تتناسى اللي سمعته من شوي .. استمرت باقي السهرة على
خير مايرام .. رغم انها لاحظت حركات حنين الاستفزازية واللي فهمت منها
انها تبي تقهرها وهالشي خلاها طول الليل تبتسم مع البنات وتضحك تبي بس
تبين لها انه وجودها ما اثر عليها ابد ..
بعد ماراحو الكل طلعت لجناحها وشافته جالس ينتظرها .. استغربت شلون
دخل والدور الارضي كله حريم .. تجاهلت وجوده ولا حتى كلمته طلعت
من الغرفة وراحت لغرفة ملابسها .. سحبت لها بيجاما ساتان باكمام طويلة
باللون الوردي الناعم وراحت للحمام الثاني ( تكرمون ) تتسبح ..
استغرب اختفائها ويوم طلع يدورها .. شاف طقمها الالماس على الطاولة
وبعد مادورها عرف انها راحت تتسبح .. جلس بالصالة ينتظرها تطلع رغم
انه انقهر منها ليش تتسبح وهو بعده ما ملا عينه بشوفتها .. فتح التلفزيون
وقعد يناظره .. لحد ماطلعت وهي تجفف شعرها التفت لها وابتسم لكنها
تجاهلت هالابتسامة وراحت للغرفة .. قعدت على كرسي التسريحة تمشط
شعرها وتفككه بعد ماتشابك بعد البف اللي مسوينه لها ..
بعد ماخلصت راحت للسرير تمددت وتغطت على طول اما هو فكان قاعد
في الصالة ومستغرب تصرفاتها .. انتظرها تطلع ويوم شافها طولت قرر
اخيرا انه يروح يدخل عندها .. اول ما شافها منسدحة على السرير تفاجأ
من حركتها .. مادقق في الوضع وتركها على راحتها .. بدل ملابسه وتمدد
جنبها .. كان ينتظرها تتكلم او تقول شي بس طال صمتها .. " الحين هم
يزعلونها وتجي تحط حرتها فيني .. بقلعتها جعلها ماترضى " حاول ينام
بهالوقت وماقدر وحس من صوت انفاسها انها للحين مانامت .. ويوم جا
في باله طاري حنين وتذكر زعلها الدايم عليه .. انتبه لهالاسم اكيد صار
شي ونورة عرفت عن حنين .. التفت لها وهي معطيته ظهرها : نورة ؟
كان ودها تطنشه على اللي سواه فيها بس ماقدرت تطنشه وماترد عليه
وردت بدون ماتلتفت له : هلا ..
كان يبي يعرف منها كل شي بدون ما يقول السالفة كلها : وش فيك وش
اللي مزعلك ؟
بكل صراحة وبدون لف ولا دوران تكلمت : انت ..
قرب منها ولف وجهها عليه : انا ؟ وش انا قايل لك عشان تزعلين علي ؟
صدت عنه وتكلمت .. : تذكر وش اللي ماقلته لي .. وتعرف وش هو اللي
مزعلني ..
فهم كل السالفة وعرف انه سالفة زواجه كلها عرفتها : وانتي زعلتي بدون
ماتسمعين اعذاري وتعذريني ؟
قعدت على طول وهي معصبة : وش اعذرك عليه ؟ وش اللي يضرك لو
انك قايل لي انك كنت متزوج قبل .. وش هو العذر اللي بتقوله لي الحين
قعد جنبها وهو متجاهل عصبيتها بهاللحظة : ماكنت ابي اضيق خاطرك
بسوالف ماتسوى واحنا تونا نعرف بعض ..
فركت يدنها بتوتر وهي تبعد عنه : اجل تخليني اسمعها من الناس ؟ يعني
رضيتها علي .. كل يوم تقول لي لا تسمعين كل اللي ينقال حولتس وش
كنت بتخسر لو انك قايل لي السالفة وريحتني من حتسي الناس ونظراتهم
" وقبل يتكمل كملت بنفس العصبية " لا تقول ماتبي تضيق خاطري وش
اعرف عنك اصلا من اعرسنا لليوم ماقلت لي شي عن نفسك ولا اعرف
اي شي ابد " وبضحكة سخرية .. " حتى امك وابوك ما اعرف وش هي
اساميهم تصدق .. ما اعرف الا انها خالتي وهو خالي .. وعمرك مادري
الحين انت وش كبرك .. وش تبي بعد اقول لك ..
مسك يدينها يهدي رجفتها اللي بدت حتى في صوتها : نورة لا تحكمين
علي وانتي مافهمتيني .. انا قلت لك بالأول انا مو من النوع اللي اسولف
كثير ..
قاطعته بنفس العصبية بس بدون ماترفع صوتها .. : مابيك تسولف بس
علمني من انت .. تراك رجلي تسانك ماتدري ..
ضمت يدينها تسكن رجفتها .. حتى شفايفها بدت ترتجف بوقتها قربها
منه وحضنها .. : والله العظيم راح اقول لك على كل شي .. بس مدري
شلون راحت من بالي هالاشياء كلها .. " نزل يده ورفع خصلات شعرها
اللي على وجهها " قدامنا العمر كله وبتعرفين عني كل شي .. بس لايضيق
خلقك .. مابيك تزعلين وهذي ليلتك ..
سكتت وهي تناظر بعيونه بدون ماترد على كلامه .. انتظرها ترد او تقول
اي شي بس ظلت ساكتة .. : وش اللي يرضيك علميني ؟
بعدت عنه شوي وتكلمت بدون ماتناظره .. : ماتخليني احس باللي حسيته
اليوم ..
ابتسم لها : توبة .. " ومد يده يبيها تجي جنبه " تعالي انتي الحين ..
اول ماقربت منه مدت يدها ومسكها وجلست جنبه مسكها مع اذنها : وانتي
تعانديني يعني .. عارفة اني ابي اشوفك وانتي كاشخة وتبدلين على طول ..
ابتسمت بخجل : كنت شايلة بقلبي عليك ..
ناظر بعيونها وهمس لها : والحين ؟
ابتسمت بدون ماترد عليه .. باسها على خدها : ماتعودينها مرة ثانية ..
هزت راسها له وهي تضحك : ان شاء الله ..
اذهله طيبة قلبها توقع بهالليلة بيصير طوفان مشاكل وصراخ وزعل ماله
اول ولا تالي .. بس زعلها رغم عصبيتها كان هادي .. حتى صوتها ما
رفعته وهالشي خلاها تكبر بعينه اكثر .. كان يدري انه غلطان ولا فيه
شي يبرر له بس طيبة قلبها غفرت له بأقل الاعذار وهالشي خلاه يحس
بسعادة كبيرة وهو معاها ..
/
\
/
\
عند باب الجامع الكبير قعدت بجسدها المتهالك بعد صلاة الجمعة تنتظر
اي ريال يجيها من اهل الخير اللي يدفعون لها .. اليوم صار لها 5 ايام
من تركت المستشفى وهي على هالحال .. بالنهار تدور رزقها وبالليل تروح
للشقة ..
رجعت تتذكر تفاصيل هروبها .. الممرضة المصرية اللي من يوم حست
بمعاناتها حكت لزميلتها السعودية .. اللي جات واستفسرت من ديما عن كل
شي وساعدتها على الهروب رغم اعتراضها في البداية .. لكن بعد تهديد
ديما بالانتحار سهلت لها طريقة الهروب .. رغم خطورته .. اي كشف
لهالحقائق كفيل بفصل هالممرضتين .. وترحيل الممرضة المصرية لبلدها
كانت تدرك خطورة الوضع على الممرضة السعودية اللي تقيم عندها هالفترة
تعتمد على دخلها من هالوظيفة في توفير سبل العيش لامها الطاعنة في السن
وولدها اللي بعمر الـ 5 سنوات بعد تجربة زواج فاشلة ..
هي قالت لها ماتبي شي منها الا مسكن يأويها وغير هالشي هي ماتبي لا
مأكل ولا مشرب .. كلهم راح تتكفل فيهم بنفسها حتى لو اضطرت للشحاذة
وهالشي اللي بالأخير اضطرت له فعلا ..
اوقات كانت تحس انها القت نفسها في مصيبة اكبر من اللي كانت فيها قبل
وزادت همومها اكبر من حدود احتمالها .. تجاهلت الاعين اللي كانت تلتهمها
بنظراتها .. وترديد الكثير لها " الله يرزقنا ويرزقك "
راحت لأقرب محل بعد انتهاء الصلاة .. ماكانت عارفة شلون تبدا او تتكلم
وهي ماعمرها خاضت غمار هالحياة لحالها : ممكن التليفون دقيقة بس ؟
مد لها التليفون : تفضلي .. بس مافيه صفر اذا تبين تدقين على رقم جوال
هزت راسها بالنفي وبدت تضغط على ارقام بيت عمها جاها صوت ميساء
المرحب .. بلعت غصتها وتكملت : ميسو انا ديما ..
تفاجأت من سمعت صوتها : ديما وينك يابنت خوفتينا حرام عليك والله ..
طنشت كلامها وتكلمت : ماعندي وقت اسمع لك وابرر لك .. قولي لعمي
على كل شي صار من منال .. ابيه يعرف اني مظلومة وما اعرف احد ولا
عمري جبت احد للبيت ولا بحياتي قابلت رجال ما اعرفه اصلا ..
قاطعتها ميساء : هو عارف هالشي بس انتي اللي وين رحتي ..
للمرة الثانية تجاهلت كلامها وكملت : وقولي له يدور على امي ويعرف كل
شي عنها .. ماراح ارجع الا اذا عرفت وين امي ورحت لها .. ابي اعرف
انا من بنته وارتاح .. مابي اعيش مع ناس مادري اذا هم اهلي او لا ..
هالكلام كان لها مثل الصاعقة .. : ديمو انتي وش تقولين ..؟
ارتجفت يدينها وهي تحاول تقول بصوت هامس : وربي سمعتهم بأذني محد
قال لي .. ابوي قالها بنفسه مايدري انا من بنته .. ميسو ما اقدر اطول انا
اكلمك من محل .. لا تخذليني هالمرة مثل ماخذلتيني قبل .. تكفين ابي اعرف
وين امي واروح لها ..
" خذلتيني " هالكلمة ترددت بداخلها واتعبتها كثير ابد ماكانت تبي تخذلها
لكنها اجلت هالموضوع لبعدين وماكانت تدري وش توابع هالتأجيل .. سكرت
ديما الخط ومدت التليفون لصاحب المحل .. ومدت معاه 10 ريال وطلعت
كانت تدري ان المكالمة يمكن حتى ماكلفت ريال .. بس تحس انه اهدى لها
راحة من سمعت صوت تحبه ..
طلعت وهي تخبي بيدها اللي قدرت تكسبه هاليوم من اهل الخير ورجعت
تمشي للشقة المتواضعة في احد احياء الرياض .. مرت على البوفيهات وخذت
لها ساندويتش مع بيبسي للعشى .. ماكانت تبي تكلف على احد بمعيشتها حتى
الاكل .. يكفي انها حست انها كانت عمرها كله عالة على ناس ماتدري وش
صلتها فيهم .. وصلت للشقة طقت الباب .. وانتظرت الشغالة اللي ترعى ام
الممرضة وولدها تفتح لها ودخلت .. قعدت في الغرفة الصغيرة اللي تنام فيها
بالعادة .. وبدت موالها الحزين اللي يتكرر كل ليلة .. نحيبها المتواصل وبكائها
اللي قطع القلب وذكرياتها المريرة اللي عجزت تتناساها ..
صلت العشا وكلت الساندويتش وراحت تغسل .. شافت ام نجوى " الممرضة "
قاعدة تطالع التلفزيون بعيون كلها نوم .. سلمت عليها وعلى محمد ولد نجوى ..
واستأذنتها راجعة للغرفة .. اليوم مناوبتها ليلية وماراح ترجع الا الصباح مثل
ذاك اليوم اللي خططت فيه لهروبها .. قالت لها تروح قسم المراجعات ومن
هناك تطلع مثلها مثل اي مراجعة ومحد راح يدري عنها .. تاخذ لها اي سيارة
اجرة وتتوجه للجامع الكبير بحيهم .. وهي تمرها وتاخذها للشقة ..
تغطت وغمضت عيونها وهي تسترجع كل ذكريات ماضيها الأليم الى ان
استغرقت في نومها ..
اثنينهم كانو يشتكون من اوضاعهم بالفترة الاخيرة .. يزيد مقهور من
الوضع اللي صار له .. ليش يوم ماقرر انه ياخذها جات له .. ويوم
صار يبيها وراضي فيها اجبرته الظروف انه يبعد عنها : اسألك بالله
شلون يعني بثبت عدم اهليته وهو نفوذه مالي البلد ويقدر بكل سهولة يطعن
في الحكم ويكسب هالدعوى لصالحه .. واذا جينا بالطيب وقلنا بناخذه هو
حالفن لابوي انه مايزوجه لي ..
ابتسم عليه بسخرية : والله اللي يشوفك الحين مايقول انه انت نفس الشخص
اللي جايني زعلان وقالب الدنيا فوق تحت لان ابوك اختارها لك وانت ما
تبيها ..
قاطعه مستنكر : ومن قال لك اني ما ابيه .. انا قلت لك لو فكرت باخذه هي
بس برغبتي انا .. مانيب بزر عندهم يزوجوني وقت مايبون .. اللي قاهرن
انه لاعب بحياتهم وبعد يبي الحين يتحكم فيهن ..
فرك جبينه وهو يشرب كوب الكوفي : والله يا يزيد مشكلتك مشكلة ومالها
حل ابد وانا من جيتني بوقتها قلت لك خيرة .. يعني لا تعقد الامور لو الله
كاتبها من نصيبك محد ماخذها غيرك ماتدري يمكن الله يهدي ابوها ويترك
هالبلاوي ويتم زواجكم على خير ..
كان يناظر بالناس حوله وهو يستمع لكلام متعب : خله على ربك مادري
وش اسوي .. البنت مسكينة تعذبت بحياته وماعرفت طعم الراحة وهالابو
لاحقه بكل حياته .. عسى الله يسهل اموري ويزوجن اللي ابي وارتاح ..
ضحك من قلب على كلامه : والله انك غريب يعني ماتحس بقيمة الشي الا
لا فقدته .. توك الحين تتمناها ..؟
طالع فيه بعصبية : قلنا ثور قال احلبوه ( تكرمون ) انت ماتفهم قلت انا
ماكنت رافضه انا رافض طريقة فرض الامر علي والبنت بنت عمتي ومن
الاول لو كنت ابي اختار باختاره هي .. بس عصب بي الشايب عسى الله
يطول لنا بعميره .. " ويوم تذكر " وانت وش قررت على هالبنت اللي عرفته
بعد تفكير : والله مادري وش اقول لك الحين تأكدت انها هي بس البنت
اختفت والعالم تدور عليها ومحد عارف وينها .. حتى اهلها .. مادري اعلم
امها ان بنتها بعدها عايشة ولا شلون .. هالمرة انت شور علي ..
تكلم بحكم دراسته ومن واقع تجارب معايشها : لا طبعا وش تقول له بنتك
اللي كنتي تحسبين انه ماتت للحين عايشة بس ضاعت وماندري وينه فيه ؟
" وقبل مايتكلم متعب كمل كلامه " اذا عرفت اخبار عنه ولا عرفت وينه
فيه هاك الوقت تكلم وقول له عن بنته .
غمض عيونه وهو مقتنع بكلامه .. ابد ماكان ولا في اكثر احلامه تمرد
ولا جنون اي شك انها للحين ما ماتت اول ماسمع خبر وفاتها ومن حزنه
عليها كان يدعي كل يوم قبل لا ينام انه يجي احد ويقول انه هالكلام كله
كذب وانها رجعت مع مرور الأيام بدا اليأس يدب فيه ايقن انها فعلا توفت
مثل ما قالو عنها .. وقدر يتعايش مع هالواقع سنوات طويلة ..
لكن ظهورها مرة ثنية كان اكبر صدمة له من خبر وفاتها .. صدم من
اشياء كثيرة تخصها .. واقع حياتها المرير اللي تعيشه واللي عرف انها
تعرضت فيه لاقسى انواع التعذيب الجسدي ..
حالتها النفسية اللي وصفها عمها وسجنها في البيت اللي جعل منها انسانة
منعزلة مالها اي هوية تواجه العالم فيها .. علاقتها في امها اللي انقطعت
من لحظة خداع ابوها لها .. وفوق هذا كله هروبها ومواجهة حياة بكبرها
ماواجهتها بيوم من الايام ..
تأسف لحالها كثير وحمد الله بداخله على نعمة الاستقرار النفسي والعائلي
اللي يعيشه واللي ميزه عن كثير يعيشون تحت وطأة ضغوط نفسية وعائلية
كمل سوالف مع يزيد ورجعو بعدها لشقتهم يقضون يومهم مثل كل يوم ..
وهو يحاول يشيل هالبنت من افكاره مؤقتا .. الين يلقاها ويوصلها لامها
بأي طريقة ..
/
\
/
\
حياتهم من فترة رغم متاعبها الا انها متاعب مثل اغلب العمر بالنسبة
لهم تعودو على حمل الحمول ومشقات الحياة باكملها .. موضي مازالت
تعيش حالة خذلان كبيرة لكن تستجمع قوتها بقدر المستطاع وتتجاهل اي
احاسيس ممكن تظهر للكل وتفضحها .. ماكان احد يدري عن اللي بقلبها
من جروح ومن حب كبير حملته لهالانسان .. واضطرت تتنازل عن كل
طموحاتها واحلامها البريئة لان اهله رفضو .. بداخلها كانت انسانة محطمة
جدا تعيش ايام عصيبة وهي تنزف جروحها لوحدها .. تصارع كل الآلام
بدون محد يدري عن طوفان المشاعر اللي يجتاحها .. هي وحدة تعلقت
بالأول وحبته .. هي اللي كانت تشتاق لشوفته وتروح كل يوم عشان تهدي
لها الأيام صورته وهو واقف ينتظرها .. هي اللي قرت بيوم حروف اهداها
بلحظة حب لها .. وزادت حجم هالحب اكبر بقلبها .. وهي اللي رسمت احلى
واجمل الاحلام يوم جا خطبها .. والحين هي اللي تعيش قصة خذلانها بكل
تفاصيلها الموجعة ..في نظرهم مازالت هي نفسها البنت المرحة اللي تزرع
البسمة بقلوب الكل ماكان احد حاس فيها الا شيخة اللي عاشت قصة خذلان
قبلها ..
دخلت للبيت وهي تضحك وبيدها دلة القهوة وصحن الحنيني .. جات لراكان
تقومه : ابو الدحمي قوم جايتك قهوة من عند الحبايب ..
كان مستغرق في نومه ولا هو حاس باللي حوله .. هزته من كتفه تبيه يقوم
ويتقهوى : راكان قوم شوف هيونة وش جايبة لك ..
شافت ابتسامته بعد مارددت اسمها اكثر من مرة وهو يسمعها ضحكت من
قلب عليه : ايه استانس من قدك اليوم تعال شوف .. ماهان عليها تشرب
القهوة وانت ماتتقهوى .. قوم اخلص علي بروح الحق على قعدة البنات ..
فتح عيونه وناظرها : احلفي انها هي اللي مرسلتهن ماهوب انتي اللي جيتي
تفزعين لي براستس وحطيتيها فيها ..
حطتهم قدامه ووقفت : ورب الكعبة انها هي اللي مرسلتهن لك ومن شافتنا
حاطات القهوة وهي تحط لك على جنب وتقول لي وديه لم راكان ..
فز من مكانه مبسوط باللي سمعه : تكفين ياموضي صدز ؟
كشت عليه وهي طالعة : احلف لك من اول تبي تصدق ولا بصرك ..
ركض وراها ومسكها : خلاص مصدقتس .. روحي لها وحبي راسها وقولي
لها يقول لتس راكان عسى يدينتس ماتمسها النار وعساني ما خلا منتس ..
والله يجمعني بتس قريب ان شاء الله ..
نزلت برقعها وهي تطلع من الباب : بقول لها كل اللي قلته اما اني احب راسها
والله لتبطي ماحبيته .. ماعاد الا هي احب راس هالبزر ..
وركضت لبيت عمها قبل مايطلع ويلحقها .. كان مستانس باهتمامها ولو كان
شي بسيط وبنظر الكثير يمكن ماله اي قيمة .. لكن بالنسبة له وجودها بحياته
اكبر قيمة بالنسبة له .. وانها تفكر فيه وتهتم فيه هذا عنده بكنوز الدنيا ..
بمكان ثاني شيخة كانت توها جاية من عند صيتة بنت ام عبيد وراجعة لبيت
عمها .. سمعت صوته يناديها وطنشته .. كان قلبها ينبض بشكل جنوني
مرت سنوات طويلة قبل ماتسمع هالصوت يرجع ويناديها .. حست بصوته
يقترب منها وسرعت خطواتها وهي تحس بخوف من هالموقف اللي هي فيه
لكن حست من اصراره انه يبي يتكلم وهي لازم بعد توقفه عند حده .. التفتت
له بعصبية : خير ؟
وقف مكانه متفاجيء من ردة فعلها وقال بعد تردد : الخير بوجهتس ..
انتظرته يتكلم يقول وش اللي عنده وتكلمت بعد ماطال انتظارها : اخلص
علي ياسعد وقول وش عندك ..
بعد تردد تكلم : شيخة انا ابيتس والله .. ادري اني تركتس بالاول بس والله
انه تسان غصب علي ..
مشت بدون ماتناظره : ياسعد ياولد خالي ماعلموك ان مطاردك للبنات عيب
ولا انت رحت وضيعت اصلك هناك وخذ العلم اللي ماعندي غيره والله ما اخذك
لو انك آخر رجال بالديرة .. وانت روح قابل مرتك وعيالك اصرف لك من
مطارد بنات خلق الله .. استح على وجهك ماعاد انت بزر مثل اول ..
هالمرة كان رفضها غير عن المرة الأولى .. بالمرة الاولى كانت تحس انها
ضعيفة وتظاهرت القوة .. بس هاللحظة فعلا كانت قوية حتى من الداخل ..
هي ماتبيه حتى لو انها تحبه ومتعلقه فيه بالنسبة لها هو ماضي وماعاد راح
تلتفت له ابد .. نصيبها بيجيها ولازم تدعي ربها ييسر لها امورها .. رجعت
قعدت مع البنات وبداخلها فرح كبير ماتدري وش مصدره بالضبط .. هل هو
كلامها اللي حسسها انها تجاوزت هالمرحلة .. ولا هي لحظة قوة مؤقتة ممكن
ترجع بعدها لحنينها تجاهلت هالتناقضات اللي بداخلها وقعدت معاهم مستانسة
بدت تاكل من الحنيني اللي جنبها .. والتفتت على سارة .. : سويرة جيبي لي
صحن خليني احط لراكان شوي ..
التفتو كلهم لهيا اللي نزلت راسها بخجل وضحكت حصة وهي تقول لها : لا
هالمرة هيونة ماقصرت .. اخيرا فرحت قليبه وذكرته بشي ..
طالعتها متفاجأة : صدز هيونة ..
بادرتها موضي : ايه والله وانا اللي موديته بعد .. والله لو تشوفين فرحته يوم
درا عنها فز من نومته واقف ..
قربت منها شيخة ومسكتها مع اذنها : ايا قليلة الحيا ماهوب هذا اللي تعودنا
عليه اجل باديتن بحركات الدلع من هالحين .. توتس على العرس مابعد قربت
حزته ..
دفتها سارة عن هيا : وخري بس .. خليها تستانس هالعمر كم مرة نعيشه ..
قامت شيخة من طيحتها : عساهن الكسر ايه والله .. ترفقي يامال العافية ..
انتي وهاليدين تقل مرزبة .. " والتفتت على هيا تكمل كلامها "
ياويلتس ياهيا لو تدري عنتس خالتي والله لتكسر العصى على ظهرتس مير
احفظي لسانتس ترى ماعندها يمه ارحميني ..
بدت هوشاتهم ومزاحهم مثل كل يوم .. تعليقاتهم على هيا وطقاق موضي
وسارة وهالمرة معاهم شيخة خلاهم يطلقون ضحكات عالية من القلب ..
/
زورق الندى
22-01-2013, 09:28 PM
اخيرا ردو عليهم بيت عمهم وحددو الملكة بعد اسبوعين .. والزواج بعد
3 اشهر .. انقهرت من طول المدة .. كانت تبي الزواج اقرب بعد ماشافت
زوجة طلال بالحفلة .. من يومها وهي طول الوقت تدعي عليهم اثنينهم ربي
ياخذ اعمارهم وتفتك منهم .. بهالوقت كانت بالسوق راح تتقضى لملكتها اللي
حددوها .. تبي تبهر الكل بشكلها .. الى هالحين وهي تعيش حلم ان طلال راح
يتحسف عليها .. التفتت تكلم منال : اصبري بروح ادخل عبادي .. خليه يجي
يسليني شوي .. ومنها ادفعه كم قرش في اغراضي ..
قعدت مكانها : روحي انتي والله ماتحركت من مكاني .. ترى طفشتيني كل
مانزلنا السوق جبتي لي واحد .. ياختي انا ادفع لك بس خليني استانس بدون
هاللي تجيبينهم .. افرضي الحين صلاح بالصدفة شافني .. والله ليهون عن
هالخطبة اللي ماصدقت يصير كلام فيها ..
قعدت جنبها تترجاها تنزل معاها : وانتي من جدك الحين ابوك بيزوجك واختك
مدري وين مختفية ..
قالت بعصبية : جعلها تموت ان شاء الله وارتاح .. محد مأجل موضوع خطبتي
الا هي .. مادري وين طست ومن معه .. تلاقينها الحين مستانسة وفالتها من
حضن واحد للثاني .. ومنال المسكينة تنتظر حضرتها لين تمل وترجع لنا عسى
الله لا يردها ان شاء الله ..
مسكتها من يدها تقومها : ماعلينا فيها الحين قومي معاي اخاف جايب معاه احد
عاد تخيلي شكلي وانا داخلة المجمع ومعاي اثنين ..
استسلمت لها وقامت وهي تتأفف .. : يارب متى تتزوجين وتفكيني من هاللي
تعرفينهم ..
ناظرتها بغرور : ومن قال لك اني بتركهم .. عاد من حبي لهالعزام عسى الله
ياخذه هو وطلال ونورة بيوم واحد .. والله محد مسليني غيرهم يكفيني لاطلبت
الشي يجيني لعندي .. ولا لو على الرجال ينبح صوتك وحاجتك ماجاتك ..
نزلو له ودخلوه وبدت مثل كل مرة تتمشى معاه وتتدلع عليه وتاخذ كل اللي
تبيه .. ومنال ماشية وراهم وسماعتها بإذنها وطول الوقت تكلم صلاح ورايحة
بعالمهم ..
هالثنتين تجمعهم نفس الصفات قسوة القلب والحسد .. وفوق هذا فساد اخلاقي
وتبرج وسفور .. متجاهلين نظرات كل من يمر من جنبهم .. ومستمتعين بكل
كلمات الغزل اللي تتردد على مسامعهم بين كل لحظة والثانية ..
رجعت البيت وبيدها كل الاغراض اللي شرتها .. فردتها على سريرها وهي
تضحك بصوت عالي .. كانت مستانسة من اللي تسويه تروح السوق وتتشرى
كل اللي نفسها فيه بدون ماتدفع ريال واحد كل المطلوب منها مقابلات ومكالمات
تليفونية ..
شي تعودت عليه من لحظة تمردها على حياتها السابقة كشرت وهي تتذكر عزام
اللي راح يجمعهم قدر واحد بعد كم يوم بدت ترتب اشيائها في الكبت وهي تغني
مستانسة .. وبداخلها طرت فكرة خلتها تضحك من قلب مستانسة على مخططها
اللي جا في بالها " والله لاطين عيشتك ياطلال ولا ما اكون حنين "
حكمت على زواجها من عزام بالبداية بالفشل لانها ماتبيه وتكرهه من يوم كانت
صغيرة .. بس رغبتها في منافسة طلال خلاها تقرر هالقرار اللي قدرت بالاخير
انها ترضي غرورها وتمشيهم كلهم على هواها ..
تفكيرها سطحي غيرتها من اللي حولها مو مخليتها تعيش براحة ابد .. طول وقتها
وعينها على اللي حواليها وكل ماشافت احد عنده شي سوت المستحيل عشان تكسبه
ومازال هذا ديدن حياتها .. وبالآخر داخلها فراغ وحياتها تضج بالفراغ ..
/
\
/
\
من وقت ماقالت لهم لمياء على الموضوع اللي قالت لها عنه ميساء
وتقوم الحروب بين البنات الثلاث .. سارة وموضي وشيخة .. كل وحدة
فيهم تبي يكون عليها الاختيار وهي اللي تروح تشتغل بالرياض .. كان
نقاشهم حاد وكل وحدة فيهم تبرر لنفسها انها هي الأحق من غيرها ..
وبدت اصواتهم تتعالى : انا اكبركن وانا اللي بروح ان الله احيانا .. عاد
نورة راحت عنكن .. انا ابي اروح وادور الرزق لاهلي ..
قاطعتها شيخة : هي من الأول قالت شيخة .. ويوم تليقفتي راحت قالت
سارة .. ومثل ماتبين تصرفين على اهلتس انا بعد ابي اروح واصرف على
اهلي ..
سمعو صوت محمد من الداخل وهو يصارخ عليهم .. : ومن اللي قال لكن
بتروحن بلحالكن للرياض .. حتى عمي عبدالرحمن ماهوب موافق .. اجل
تروحن وتقعدن ببيوت غريبة عليكن ..
قاطعته سارة : وانت وش عليك .. ومن قال انها بيوت غريبة هذول اهل
رجل نورة يعني اهلنا ومنا وفينا ..
استمر على نفس صراخة : قلت لتس منت برايحة لو تحبين السما .. اجل
يازينا نقعد بديرتنا وبنتنا تسرح وتمرح ولا ندري وين هي فيه ..
قامت وهي معصبة وراحت لبيت عمها .. وعلى طول قامو معاها البنات
ومن اول مادخلت وقبل لا تسلم على عمها : ياعمي يرضيك اللي يقوله
محمد .. انا ابي اروح اشوف رزقنا وهذا يحسب اني بروح اهيت هناك ..
اشر لها تجلس بكل هدوء وتكلم بصبر : يابنتي وين تروحين وتخلين اهلتس
وهالشغل وش تبين فيه .. راكان ماهوب مقصر ابد وانتي بيجيتس نصيبتس
وبياخذتس اللي يصرف عليتس ..
بدت دموعها تنزل على طول : طلبتك ياعمي خلني اروح واشتغل .. راكان
تحمل هالعمر كله يصرف علينا خلنا نشيل الحمل عنه شوي ..
كان محمد واقف برا ويسمع كل حوارهم .. وعلى كثر ماكان عمها يحاول
يقنعها تغير تفكيرها الا انها كانت مصرة على هالحلم اللي صار لها اسبوع
تفكر فيه ..
اما شيخة وموضي استسلمو لرغبة ابوهم ورفضه القاطع لهالشغل الا هي
استمرت على مطالباتها .. : ياعمي خلني اروح .. واذا ما جاز لي الوضع
هناك والله لارجع لكم ..
سمعت صوت محمد من برا : والله ماتروحين لو تموتين .. ولو قال لتس
عمي تروحين .. رجلي على رجلتس ماتطلعين من الديرة الا وانا معتس ..
التفتت على عمها فرحانة : خلاص اجل اروح انا ومحمد للرياض ..
قاطعتها شيخة : بس هي قالت وحدة من البنات ماقالت جيبي اخوتس معتس
ناظرت عمها برجاء : يعني الحين لا وافقت هي على روحة محمد معاي
بترضى انت ..
هز راسه : والله يابنيتي مابيكم تروحون وتبعدون وانتم ماتدرون وش الدينا
ووش اللي بيجيكم هناك بس اذا امتس راضيتن عليتس واخوتس بيروح معتس
وش اقول غير حيل الله اقوى ..
حست نفسها بتطير من الفرح على هالقرار .. اخيرا بتشوف الرياض اللي
حلمت انها تروح لها .. واكيد اذا راحت هناك بتلقى نصيبها اللي بينتشلها
من حياة الفقر اللي تعيشها .. كان هذا تفكيرها اللي يراودها من فترة طويلة
والى هالحين وهي تعيش على هالحلم ..
رجعت لبيتهم وهي تفكر شلون تقضي هالأيام بالتخطيط لحياتها المستقبلية
واللي بيصير فيها .. وهالقرار بالنسبة لها كان يعتبر قمة السعادة ..
من جلس معاه وشكى له كل الاوضاع اللي تصير لهم ومنها خطبة اختها
اللي بعد ماتمت شاء رب العباد انها تلغى .. يحس بقلبه رحمة كبيرة على
هالشخص اللي كل ماراح للديرة ورجع وهو محمل بهموم اكبر من قبل
وكل مافرح وجا يبشره بخبر ماتمهله الأيام الا القليل حتى تهدي له اوجاع
اكبر من اللي قبلها ..
اليوم جالس مع امه وابوه يبي يناقشهم في الموضوع اللي شغل باله من فترة
ويبي ياخذ قرارهم قبل مايكلمه او يقول له شي .. : يبه تذكر خويي راكان
اللي دايم اقول لك عليه ..
رد عليه ابوه : ايه .. اللي جانا برمضان اللي راح ..
ابتسم يوم تذكر انه جا لهم قبل للبيت : ايه هذا هو .. والله اني ناسي انك
مصادفه .. " وبعد تفكير تكلم " والله يبه انه كاسرن خاطري حالهم .. والولد
مسكين متحمل الشقى كله وهو توه صغير ..
ابتسم ابوه وكأنه فهم اللي بخاطره .. : كمل وانا ابوك ..
تكلم بدون مايرتب كلامه : ودي اخطب وحدة من خواته .. الظاهر من كلامه
انهم ثنتين ولاني متأكد ..
هز ابوه راسه باقتناع : والله يابوك اذا اصلهم طيب وهم ناس طيبين نروح لهم
والله يكتبها من نصيبك ... وانت عارف خويك من زمان وما اظن انك تجهله
ابتسم وهو يشوف الفرح بعيون امه : ايه والله والنعم فيه .. رجال تحطه على
يمناك .. وماجيت اليوم الا ابي اخذ رايك انت وامي ..
تكلمت امه بفرح : الله يوفقك ويكتب لك اللي فيه الخير .. وانا امك مابي لك
الا السعادة والتوفيق .. واذا فيها خيرة لك عسى الله يكتبها من نصيبك ويفرح
قلبك ..
ماكان عنده شك ابد برفض اهله كان يدري انهم يعيشون حياة بسيطة ومثل
مايبون لبناتهم الستر .. يتمنون الستر لبنات الناس .. هالقرار ماكان بلحظة
هو من فترة كان يبي يكون نفسه ويتقدم لوحدة من خوات راكان .. حبه له
واعجابه باخلاقه وكفاحه .. ومعايشته لهمومه خلاه يتحمس لهالفكرة وهو
يدري انهم ماراح يردونه .. نقاشه ماطال كثير مع اهله .. كان يدري انهم
راح يرضون على هالزواج لانهم يثقون باختياره .. ويعرفون عمره واخلاقه
اللي تأهله لأي اختيار صائب ..
مشى راجع للرياض وبداخله حماس كبير انه يروح له ويكلمه .. ويوم وصل
كان الوقت بعد صلاة العشا .. دخل وشاف كل اخوياه قاعدين الا هو .. اكيد
انه للحين بالمجمع ..
سلم عليهم وقعد يسولف معاهم وكل تفكيره يروح له .. يبيه يجي ويقول له
هالخبر اللي هو متأكد انه بيفرحه ..
ومن اول ماشافه جاي استبشر فرح بجيته .. حط له العشى وقعد يسولف معاه
كان راكان يناظره مستغرب : ماشاء الله وش اللي يخليك تجيب لي العشى
وتقعد معاي هالوقت كله ..
ابتسم على كلامه وعلى طول تكلم : ابد ابي رضاك بس ...
حس انه فيه شي بيقوله له : الوليد قول من الآخر وش تبي .. ولا روح عني
وخلني اتعشى على راحتي وانت قاعدن على راسي ..
بعد تفكير تكلم : دامك تبي السالفة كلها بقول لك الموضوع على طول .. ابد
وانا اخوك ناوي اكمل نص ديني .. وماعندي اغلى منك اتشرف اخذ وحدة من
خواته ..
حس بفرحة كبيرة ولو حاول انه يخفي هالفرحة اللي بقلبه .. الانسان اللي وقف
معاه وقفات بحياته مانساها جاي اليوم يطلب يد اخته .. وهالشي كان يتمناه من
زمان من كثر ماكان يحس انه له خير عليه واجد ويتمنى لو يكون بيده ويرد له
لو شوي من اللي سواه عشانه : والنعم والله يا ابو خالد .. وانا من عندي اغلى
منك ازوجه اختي ..
لف يده على كتفه بفرح : ماعليك زود ياراكان .. يعني انت موافق ..
على طول تكلم : اكيد .. وعارف ان اهلي مابيردونك .. الله يجعلها من نصيبك يارب
بهاللحظة كانو الاثنين يعيشون هالفرحة خصوصا ان راكان يدري ان سن شيخة
قريب من عمره وهذا معناه انه فتح باب النصيب لها وموضي ان شاء الله يجيها
نصيبها مع الأيام ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:29 PM
الجزء الثامن
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ ... قف هنـآ ..
قف يـآزمن .. وامنح الأيام لونـاً من شروق ..
امسح الأحزان من مقلتيّ ..
شتت الأوجاع واحتويني ..
قف هنـآ ..
قف يا وهم .. واكسب الأحلام طيفاً من فرح ..
اوقد الأيام شمعاً سرمدي ..
شيع الآلام تترا الى مثواها الأخير .. !
ارهقتها نظرات المارة لها .. تحس هالعيون تلتهمها بشراهة .. ماتدري وش
تفسر نظراتهم لها .. هل هي شفقة او اتهام .. اصوات الناس والسيارات ..
صراخ الأطفال حولها .. مشاهد ما اعتادت انها تشوفها في سجنها الأثيري
الظاهر جلستها باستمرار في هالمكان خلتهم يتعودون على وجودها وماعاد
صارت تجيها الفلوس مثل قبل .. التفتت للبنت الصغيرة اللي جايتها تركض
ابتسمت من قلب على شكلها مدت لها ريال ووقفت جنبها تناظرها .. غصة
مريرة وقفت بحلقها هاللحظة .. شي اقسى من احتمالها هاللي تعيشه الحين
منظر الأم وهي تسحب طفلتها من عندها اوحى لها بأنها شي قذر .. يا الله وش
كثر هالبشر متكبرين .. غيرت ملذات الدنيا في نفوسهم وصارو يستحقرون
الضعيف .. لمحت ظل جنبها رفعت راسها وشافت حرمة كبيرة في السن
قد تكون في آواخر الخمسين .. شكلت سنوات العمر خطوط حول عيونها
الظاهرة من خلف البرقع خافت اول ماجلست جنبها والتزمت الصمت لحد
ماسمعتها تتكلم : وش مقعدتس فيذا يابنيتي ؟ .. قومي معي
بدون تفكير تكلمت : وين ؟
مدت يدها المغطاة بالتجاعيد : تعالي معي لبسطتي اعلمتس الشغل وتشتغلين
بدل هالقعدة اللي ماتنفعتس .. قومي وانا خالتس ..
بكل سذاجة قامت معاها تتبعها .. بدون ماتفكر ان الأشكال عمرها ما كانت
مرآة لأصحابها قد تعكس لنا صور جميلة .. وبداخلها ذئاب جائعة تنهش
لحومنا بشراهة ..وصلو لبسطتها وقعدت جنبها .. ناظرت في محتوياتها
البسيطة .. اشياء هي تجهلها ولا تعرف وش مكوناتها .. بهارات ,, زيوت
وبخور كانت تتابع كل شي بصمت الين سمعت صوت اذان العصر تكلمت
بعد تردد : يا خالة انا بروح الحين اشوف رزقي بيجي الليل وانا ماكسبت
شي من يومي ..
اشرت لها بعينها تقعد وهي تكلم حرمتين يشترون من عندها البهارات جلست
بهدوء وهي تنتظر تعرف وش آخرتها .. بعد ماراحو الحرمتين التفتت لها
على طول : وين تروحين له بهالشوارع .. انا وانا حرمة كبيرة اخاف على
نفسي من اللي مايخافون ربهم .. شلون انتي تروحين وتجين ومامعتس اللي
ينتبه لتس .. علميني وش اللي حدتس تشحذين من الناس ؟
قبل ماتنطق بأي حرف نزلت دموعها تجاوبها .. تجربة مريرة اللي عاشتها
وتفاصيلها مؤلمة نزفت سنين عمرها وآلامها تطبخها على نار هادية :قصتي
طويلة .. والصلاة بتفوتنا ..
هزت راسها بتفهم : هاه قومي نصلي وعقب علميني بسالفتس كلها ..
مشت معاها تتبعها في كل خطواتها .. طفلة بلهاء تمضي في هالطريق بدون
ماتراجع الخطوة الف مرة .. صلو ورجعت قعدت معاها .. بكل براءة قالت
لها تفاصيل عمر كامل .. اللي تذكره واللي غيبته الأيام من ذاكرتها .. كانت
كل شوي تقطع سالفتها اذا جا احد يشتري منها شافت نظرات الأسى بعيونها
وريحتها الى حد ما كلمات المواساة ..
بعد ماغربت الشمس قامت تشيل اغراضها وشالت معاها : وين البيت اللي
تنامين فيه ؟
ناظرت حولها بالشوارع والمباني .. ادركت بهاللحظة حجم غبائها ماتدري
شلون بعدت عن المكان وهي بالقوة قدرت تحفظ طرق روحتها ورجعتها ..
حست بخوف كبير بداخلها والتفتت لها بسرعة .. : عند المسجد الكبير اللي
شفتيني عنده ..
رددت العجوز باعتراض : لا حول ولا قوة الا بالله ..
بدت تحس بخوف من نظراتها الصارمة .. ويدها اللي تضغط عليها بقوة
تمشيها .. تعالت نبضات قلبها وهي تحس نفسها تساق الى مصير مجهول
صرخات رجاء بداخلها ترددت ان الله يحميها واول ماوصلو الجامع الكبير
بدت هي توصف لها طريق العمارة اللي فيها شقة الممرضة .. مشت معاها
الى باب الشقة وقبل تودعها وقفت تنصحها : انتبهي لنفستس ولا تامنين احد
ابد ..
هزت راسها بدفاع عن نفسها : لا انا ما اكلم احد اصلا ..
ارتفع صوتها شوي وهي تكمل بعصبية : وانا وش الي يخليتس تجين معي
وش حال لو اني بسوي لتس مصيبة ولا ببيعتس للحرام ؟ وانتي تمشين معي
ماتدرين وين دربي اللي بروح له ؟ احمدي ربتس اللي ارسلني لتس .. لاعاد
تطلعين الا لا جيتس .. كل يوم الصبح امرتس وانا اللي اردتس للشقة .. واذا
ودتس ترتاحين تعالي عندي .. الين الله يفرجها لتس وتلقين امتس .. ماعندي
بالبيت الا شايبن مايدري عن نفسه ..
وقفت مكانها تفكر وهي تراجع اوضاعها مازالت تتخبط في معمعة هالهروب
تنتقل من ضياع لضياع .. ماتدري هل تأتمنها على نفسها وتروح معاها ولا
تقعد بهالمكان الين الله يفرجها عليها ..
لاحظت عليها التردد ورحمت وضعها : اجل خلتس وانا بمرتس من باتسر ..
مسكت يدها قبل تروح : لا ياخالة بروح معك اخاف تعلمهم مكاني ويرجعوني
عند ابوي ..
تكلمت بأسى : الله يحفظتس ويستر عليتس والله انتس ضايعة لو انتس قعدتي
عند ابوتس ارحم لتس من هالشوارع .. روحي جيبي قشتس وتعالي معي ..
قاطعتها على طول : مامعي شي اصلا ..
رجعو ثنتينهم رايحة لبيت العجوز . طول الطريق ماوقفت دموعها وهي تتذكر
كل الكلام اللي سمعته .. انها بأمان للحين اكبر نعمة المفروض تشكر الله عليها
كانت تبي تترك جحيم ابوها وراها .. وواجهت جحيم اشد قسوة واعظم تعذيب
والى هاليوم ماتدري وش هو مصيرها ..
لأول مرة بحياتها تشوفه بهالعصبية .. كلامه وحركة يدينه وصراخه صور
مامرت عليها قبل .. بدا صوته يعلى وانفاسه تتسارع وكلماته تطلع من صميم
القهر : وانتي من متى عارفة عن هالمصايب كلها وما تكلمتي ؟
شافت نفسها بهاللحظة طفلة صغيرة تعاقب على غلطة ماحسبت وش توابعها
الا بعد وقوعها : فيصل الله يهداك اقعد الحين واسمعني ؟ هي حلفتني ما اتكلم
ولا اقول شي ابد ..
تكلمت هيفاء تقاطعها : وانتي غبية توافقينها ؟ ساكتة على منال ومصايبها
وبلعناها .. تصورها وتهددها وقلنا يالله نصير اخبث منها وناخذها منها بس تقول
لك بطلع من البيت ادور امي ولا تحركتي وعلمتينا ..
صرخ عليها يسكتها : هيفا انتي مالك شغل بهالكلام هذا شي بيني وبين زوجتي
واطلعي منها انتي .
وقفت بغضب : لااااا ؟ ومن ضيعها الا انت وزوجتك ؟ هالكم يوم اللي سافرت
فيهم ارتاح .. رجعت ولقيت المصايب من كل مكان .. والحين وش بنسوي ؟
شلون بنلقاها ..
مسك راسه يقاوم هالصداع اللي فتك فيه : وانا ادري وين طست ساكته وماتكلمت
وكل من جا يكلمها ماترد وآخرتها طلعت ومحد شافها ..
ضحكت هيفاء بسخرية : من جدك انت ؟ ديما تطلع ؟ هالبنت ماتعرف تمشي
خطوتها بدون ماتتبع احد .. انا متأكدة انه في احد مساعدها يا انه اهل المريضة
اللي كانت بنفس الغرفة .. او وحدة من هالممرضات اللي كانو يتابعون حالتها ..
كانت تسمع كلامهم وهي تلوم نفسها على اللي صار فعلا هي السبب في كل شي
وتوها الحين انتبهت .. كلام هيفاء القاسي معاها وصراخ فيصل عليها لأول مرة
خلاها تدرك حجم خطاها .. انتبهت على صوته وهو يهز كتفها بعصبية : وش
بعد .. وش الي تعرفينه وماتكلمتي ؟
بعدت يدينه وقامت متنرفزة : الحين جايين تحاسبوني .. ترى الغلط راكبكم انتو
بعد ولا ترمون الحمل علي وتنسون انفسكم من زمان وانتو تدرون انها تتعذب
ومحد وقف معاها واذا تكلمت قلتو لها اصبري .. وشلون تصبر وهي ماتعرف
وش تالية هالعذاب .. " التفتت لفيصل بنفس العصبية " انا غلطت وما انكر بس
ماكنت اتوقع انها بتنفذ تهديدها جد وبتنحاش لاني اعرف انها بحياتها ماطلعت
ولا شافت دنيا غير اللي تشوفها ببيت ابوها .. انت ليش ماتعترف انك غلطان
وهي كل مرة تترجاك ماترجعها عند ابوها .. يمكن لو حست انك بتكون ظهر
لها جات عندك وما بعدت .. حتى امها انتو بعد حرمتوها منها واذا غلطت ربنا
يقبل التوبة ويسامح ليش انتو ماتسامحون ..
تكلمت هيفاء بدفاع عن نفسها : ابوها مايبيها تعرف شي عن امها مو احنا
اللي حرمناها ..
قبل تتكلم شافت فيصل طالع من البيت .. ما استوقفته في هاللحظة ولا تبي
تقول له شي .. هذي مشاكلهم وهم أولى بحلها .. خطا سنوات طويلة جايين
الحين يرمون كل حمل هالخطا عليها .. : ماعمرك جربتي احد يحرمك من
عيالك صح ؟ كلنا ماجربنا .. بس انتي واخوانك اذنبتو في وحدة ماعندها الا
هالبنت وقطعتو لها كل طريق ممكن يوصلهم لبعض .. لا تلوميني اذا ماقدرت
اني اصلح خطاكم .. وللأسف بكل غباء مني خليت الخطا يكبر بس صدقيني
بترجع .. راح اوصل لامها وبترجع لها ووقتها لا انتي ولا فيصل ولا حتى
ابوها مالكم حق فيها لانكم ماتستحقون انها تعيش بينكم ..
غمضت عيونها بتعب وهي تسترجع كل الصدمات اللي تلقتها اليوم ماعمرها
ادركت حجم الضغط اللي تعيش فيه بنت اخوها حتى الحرق اللي يقولونه ما
كانت تدري عنه ابد .. كم مرة بس اللي راحت فيهم للمستشفى عرفت انهم
طاقينها .. غير هالشي كانت ديما تتحمل العذاب لحالها : واذا عرفتي مكان
امها شلون بترجعينها ؟
ميساء بكل هدوء : انا اللي بوصلها بنفسي لأمها .. وعدتها وحلفت لها على
هالوعد .. وراح اوفي بوعدي يمكن اقدر اكفر شوي من خطاياكم بحقها ..
طعنات موجعة في الصميم .. دمروها بأنانيتهم مشت مع اخوها بكذبة كبيرة
اسموها سمعة العائلة .. وحرمت قلبين من بعض واهدت لهم العذاب لاجل
مظاهر كذابة .. همها الأول ينمحى اسم الانسانة اللي الكل صار يتكلم على
فسادها واخلاقياتها السيئة .. ومافكرت ببنت اخوها اللي فقدت الأم والحنان
من الصغر ..
/
\
/
\
شد شعرها بكل وحشية وهو يصارخ عليها .. مابعد استوعبت وش اللي
يصير فيها .. صحت من النوم على هالوحش الثائر بدون ماتدري وش
اسباب هاللي يسويه الحين .. : ياقليلة الأدب ياللي ماتربيتي هذي آخرتها
تطلعين وتروحين بدون حسيب ولا رقيب .. من هاللي تعرفينهم وتجيبينهم
للبيت ؟ " وبصراخ اعلى " تكلمي
مسكت بطرف السرير تحاول تثبت نفسها : عمي ولله مدري وش تقول ..
" وبخبثها اللي ماتفوته حتى في اصعب الأمور واسوأها " اكيد قلبتها علي
كل سوالفها اللي كشفتها عليها جاية الحين تحطهم علي ..
ضحك بسخرية وهو يسندها عشان توقف زين : لا والله ؟ .. اكذبي علي
بكم كلمة وتظنين اني بصدقك .. ديما اللي تكلم وتقابل ولا انتي ؟ من اللي
بيدها كل شي ومحد منعها ..
صرخت بأعلى صوتها تستنجد باهلها : يمممممممه لحقي علي .. فكوني من
هالمجنون اللي بيذبحنـ ...
ماكملت كلامها الا على صوت كف قوي على خدها ثبتت نفسها على الجدار
اللي وراها وهي تمسك خدها : مالك شغل فيني ولا انت مسئول عني لا مات
ابوي ذيك الساعة تعال تكلم ..
زادت حدة الصراخ بينهم واستمر طقه لها من حرقته .. كان يبيها تعترف
بس كانت اذكى من انها تقول كلمة ممكن تدينها .. قلبت كل السوالف على
ديما بكل ذكاء .. وانقذها دخول امها اللي دافعت عنها بدهاء : مليون مرة
قلت لك عيالي لو يفسدون بالأرض مالك سلطة عليهم اشغل نفسك بمرتك
وبناتك وبنتي انا اللي مربيتها واعرف طريقها .. روح شوف اللي تدافع
عنها وينها فيه الحين .. ولا ما توصلك الاخبار انت .. ماقالو لك ان البنت
ماتطلع من بيت ابوها الا مع واحد اكيد انها الحين بوحدة من هالاستراحات
" وبضحكة خبيثة " استغفر الله بس .. يالله تستر على بناتي ..
سحبها من ورا امها بكل قوته : هاتي جوالك ووريني الصور الحين .. اذا
انتي صادقة بكلامك هاتي الصور اشوفها ..
رتبت الكلام قبل تقوله وتكلمت : مسحتهم يوم جات وحلفت لي انها ماعاد تشوفه
كسرت خاطري وهي تصيح عندي ..
ناظرتها امها مستغربة سالفة الصور اللي يتكلمون عنها اما هي كان مستحيل
توريهم صور ديما مع صلاح .. هذا معناه انه بيطير منها بعد ماصار قريب
منها وكلمو اهلها على خطبتها ..
ضغط على يدها اقوى من قبل : اقول لك هاتي الجوال اشوف .. " ويوم قربت
امها تسحبها من يده دفها بقوة .. "
جاه صوته القوي اللي هزه من الداخل : فيصل ... ؟
التفت وراه وشاف اخوه الكبير واقف بكل هيبته يناظره بعصبية : وش هالكلام
اللي سمعته ؟ جاي لبيتي وتمد يدك على مرتي وبنتي ؟
فك منال من يده واشر له بإصبعه تهديد : بتجيك بمصيبة وبتقول فيصل قالها
" ناظر منال وتكلم " وانتي والله لاوريك شغلك قريب ..
قاطعه بصراخ : انقلع لبيتك ولا اشوفك تعتب هالباب ابد .. لا عيالي ولا بناتي
لك شغل فيهم .. اربيهم كيف ما ابي فااااهم ؟
قبل مايطلع من الغرفة تكلم بكل برود يصطنعه : بطلع من البيت وانا وش لي
فيك وفي فضايحكم .. اهم ما علي بيتي وبناتي اربيهم مثل ما ربي وصاني ..
وانت خل الدرعى ترعى وتحمل اللي يجيك ..
طلع من عندهم تاركهم وسط تساؤلات عن كل الكلام اللي انقال .. وتوجهت
الأنظار لمنال .. اللي انكرت انها تدري عن شي من اللي قاله .. : يبه والله
مدري وش يقول .. يعني ماتعرف بنتك ؟
كان واصل حده من الكلام اللي سمعه يكفي عليه الكلام اللي انقال قبل سنين
عن زوجته .. واللي الحين بيزيد بعد هروب ديما .. وبعدها هالكلام اللي سمع
جزء منه عن منال .. مسك راسه بقوة وهو يلهث .. حس نفسه بدوامة والدنيا
تلف فيه .. وفجأة صار كل شي اسود حوله وماعاد شاف شي ولا حتى حس
بشي ..
جا الاسعاف وشاله .. ولحقو ابوهم للمستشفى مع السواق .. اتصلت منال
على معاذ يجيهم بعد .. كان الانتظار لهم مفزع وكل باب ينفتح يوحي لهم
انهم راح يسمعون خبر سيء الحين .. وقفت هي وامها ومروى وزياد ..
ينتظرون احد يطلع لهم يطمنهم ومعاذ اللي الحين بالطريق جاي من الثمامة
اكثر وحدة كانت متأثرة فيهم مروى اللي جالسة بحضن امها تصيح ماصدقو
خبر وهم يشوفون الدكتور يتكلم معاهم بصرامة : هذي ثالث مرة اقول لكم
ابوكم عنده الضغط واي مشاكل او ضغوطات ممكن تكون خطيرة عليه او
حتى تسبب له جلطة ..
قامت ام طارق واقفة تكلمه : الحين شلونه ؟ وش اللي صار عليه ؟
ابتسم يطمنهم عليه : ماصار له شي بس ارتفع الضغط عنده والحمدلله هالمرة
جات سليمة .. وين طارق ؟
ناظرو كلهم بأمهم بهاللحظة اللي اتقنت كذبتها مثل كل مرة تخفي شي عن
احد : مسافر ..
هز راسه وهو يقول لهم يجون معاه يشوفونه مشت مروى جنب منال وهي
مازالت تصيح للحين : ديما وخليتيها تطلع من البيت وابوي كنتي بتذبحينه ..
الدور الجاي على مين ؟
لفت عليها بعصبية : لا تكفين ما اقدر انا على هالحنان العجيب .. تحركي من
قدامي لا اعلمك السنع قدام الله وخلقه ..
مشت بعيد عنها وهي كارهة تصرفاتها اللي تمادت فيها بدون محد يردعها
دخلو على ابوهم في العناية المركزة بالتناوب .. بعدها رجعو للبيت بعد ما
طمنهم الدكتور على صحته وانه محتاج يرتاح وينقلونه لغرفة خاصة لحد
ماتستقر حالته يوم يومين بالكثير ويطلع ...
رغم اجاباته على اسئلتها الكثيرة الا انه بقى في داخلها الكثير من الاسئلة
اللي تهرب منها بذكاء .. كانت تبي تستغل اي فرصة لمعرفة كل شي كان
بحياته وتكسبه في صفها .. لاحظت عليهم كثرة خروجهم من البيت البنات
وامهم .. وطلال اللي شغله ماخذ اغلب وقته .. وسامي اللي ماشافته الا مرة
وحدة بس .. افتقدت التواصل اللي كانت تعيشه بكل صوره مع اهلها وبين
احبابها هنا كل شخص لاهي بدنياه كل انسان فيهم منشغل بحياته وزياراته
عن الثاني .. افتقدت الحميمية اللي كانت تغلف علاقتهم قبل .. لمتهم بكل
وقت .. حتى روحاتهم وجياتهم مع خواتها وامها وخالتها وبنات عمها ..ابد
ماكانو يفترقون الا بوقت النوم .. وهنا ماتشوفهم الا وقت النوم .. كان وقت
العصر ممل وطويل .. ومافي اي شي ممكن انه يسليها .. فزعت يوم سمعت
صوت رنة التليفون .. حطت يدها على قلبها .. " بسم الله الرحمن الرحيم "
تجاهلت الحاح المتصل وفضلت انها ماتتدخل وترد الى الآن بعدها ماحست
ان هالبيت بيتها .. نزلت دموعها غصب عنها وهي تسترجع ذكرياتها معاهم
مهما اخفت هالحنين اللي يقتلها الا انه يظهر بوضوح بمجرد مرور طاري
لهم .. قامت من مكانها بالصالة اللي بالدور الثاني ونزلت للدور الأرضي
تبي تدور اي شي يسليها وتشغل نفسها فيه كان الهدوء ممل مرهق الى ابعد
الحدود .. سمعت اصوات صادرة من المطبخ وعلى طول راحت له شافت
الشغالات وحدة قاعدة ومادة رجلينها والثانية جالسة قبالها تسولف لها اول
ماشافتها الشغالة قامت مرتبكة : اهلين مدام ..
ابتسمت لاشكالهم وهم خايفين منها .. : اقعدي اقعدي مابي شي ..
وبدت عملية الاستكشاف .. تفتح الادراج وتفتش بين الاغراض عن اشياء
ابد ماعرفتها ولا مرت عليها .. وفي قمة انهماكها سمعت صوت صراخ سما
على الشغالات من الخارج .. : سوجي روحي جيبي الاغراض اللي بالسيارة
قامت على طول وطلعت للصالة فرحانة شافت سما قاعدة بالصالة ورامية
عباتها وشنطتها على الارض .. : اوووف تعبت .. " واول مالمحت نورة
واقفة على باب المطبخ ابتسمت " وش تسوين عندك ؟
جات لها وقعدت جنبها : زهقت والله .. ومن يوم قمت ادوركم مالقيت احد ..
استغربت كلامها : الا رسيل فيه .. بس الظاهر انها نايمة ماجات الا متأخرة
من الجامعة .. مع انهم توهم ما بدو محاضراتهم .. وماما اكيد رايحة لخالتي
تبارك لها بخطبة العلة حنينوه ..
مافاتها الإسم ابد .. بذكائها صادته من اول مرة والحين تسمع هالخبر المطمن
لها : بتعرس ؟
سما تذكرت انها تكملت عن حنين وبما ان نورة تعرف ليش تخبي عليها : ايه
بتاخذ ولد عمها .. عساه ان شاء الله يسود عيشتها وماتشوف معاه يوم حلو ..
طقتها على يدها تسكتها : استغفري ربتس .. ليش تدعين عليها ..
كشرت بقرف من تذكرت طاريها : اكرهها ما اطيقها ياناس فيها كل الصفات
الشينة اللي محد يحبها ..
حست ان سما على نياتها وممكن تسحب منها كل الكلام اللي تبيه بسهولة
مثل ماتبي : مافي احد بالدنيا كله شين ولا كله زين يمكن لانتس ماتحبينها
ماتشوفين فيها شي زين .. " وبعد تفكير " سما ..
حطت يدها على خدها تناظرها : هلا ..
مسكت يدها وقالت برجاء : تكفين علميني كل شي عنها .. طلال مايبي يقول
شي وكل مانشدته قال لي هذا شي وراح هذاتس انتي عرفتي بزواجي قبل بس
لا تسألين عن شي عقبها ..
تكلمت بصدق : نورة والله ما اذكر اصلا انا كنت صغيرة وقتها ولا افهم شي
بس كرهتها لاني كنت اشوفه يتعب ويتضايق اذا جات عندنا بالبيت ولا احد
تكلم عنها عنده ..
حست بألم كبير بقلبها من هاللي سمعته .. وناظرتها تخفي احاسيسها : كان
يحبها ؟
سما لمحت تغير ملامحها من هالكلام اللي قالته بس هالشي لازم نورة تعرفه
اكيد هي احترمت رغبة طلال انه مايذكر تفاصيل هالزواج لانه شي من حقه
واللي راح انتهى من زمان .. بس بعد هي لازم تهيئها لهالواقع : انتي قلتيها
كان .. يعني شي وانتهى وانتي الحين اللي بحياته بس ..
" لااا مانيب بلحالي بحياته يا سما .. انشغاله عني حتى وهو معاي يقول ان
بقلبه شي ما اعرفه " ابتسمت لها تداري دموعها اللي تخاف تنزل وتفضحها
بهاللحظة : قال لي انه تزوجها وهي صغيرة .. وماكملت معاه الثلاث سنين
الا وهو مطلقها .. يقول ما اتفقو .. بالله ياسما هذا سبب ؟ انا مابيه يقول لي
كل شي صار بينهم بس ليش يخليها بقلبه ومايعلمني " وبعد تردد " تهقين انه
بيقول بعيدن ؟
ماكانت تبي تحبطها بهالوقت وهي ماتدري وش هو تفكيره : هو ما قال لاحد
شي .. بس هي تقول انها قالت له انها ماتبيه وهو طلقها يابنت الناس خلاص
راحت لنصيبها وانتي تزوجتي طلال يعني السالفة كلها ماتسوى .. ماقلتي لي
وش عندك بالمطبخ ؟
طردت كل الوساوس اللي تتردد في بالها الحين وابتسمت لها : مشتاقة لاهلي
ورب البيت ولهت عليهم .. ودي اشوفهم واقعد معهم .. بس ابي اسمع صوت
ابوي وهو يناديني .. ابي اقرب منه واحب راسه .. وامي ابي بس لاتعبت
وضاقت فيني الدنيا تجيني تطبطب علي وتقول يابنيتي هونيها باتسر يجيتس
الفرج ..
نزلت دموعها اللي من اول حبستها .. مدت يدها ومسكت يد سما .. حطتها
على صدرها وهي تهمس لها بتعب : هذا اللي احسه اتعبني اذا اشغلت نفسي
ونسيت شلون هالقلب ينسى ..
تجمعت الدموع بعيونها وهي تناظرها لاول مرة تشوفها تقابلها بغير الابتسامة
حست نفسها غبية وتناظرها ببلاهة ماعرفت تتصرف او حتى كيف تواسيها
للأسف ماتتقن هالعمل .. : نورة ..
حطت يدها على فمها ماتبي تصيح اكثر .. واشرت لها تسكت وقامت رايحة
لجناحها .. مسحت دموعها وتجاهلت نظرات رسيل اللي صادفتها وهي نازلة
ومن وصلت لغرفتها اطلقت العنان لنفسها انها تبكي وتطلع كل اللي بخاطرها
شوقها لاهلها اللي تجاوز حده .. ومشاعر الغيرة الجديدة اللي بدت تحسها
والوحدة اللي تعيشها اغلب ساعاتها بهالبيت .. كلها تجمعت عليها وارهقتها
تعوذت من الشيطان .. وقامت تتوضى وتصلي المغرب يمكن تروح ضيقتها
بعد ماصلت المغرب نزلت تقعد معاهم وكأنه ما صار شي ابد وقضت معاهم
روتين حياتها اليومي مجرد مستمعة لسوالف تحس انها من عالم ثاني ولا تمت
لها بصلة .. مجرد آلة لتسجيل المعلومات وتخزينها عشان تستفيد منها بوقت
الحاجة ..
اول ما شافته داخل عليهم ابتسمت له وهي تتجاهل نظرات سما اللي تطالعها
بهاللحظة .. ماشالت عينها عنه وهو يسلم على ابوه ويجلس جنبه .. غصب
عنها بدت تجتاحها مشاعر الحب بدون استئذان .. قلبها غض واول ماحس
بالحنان حبه بدون تردد رغم انه يهديه الجفاف ايام الا ان حنانه يطغى اوقات
وحبته .. يمكن لانه يستاهل الحب او لأنها هي ما تعرف الا انها تحب ..
التقت عيونهم اكثر من مرة وابتسم لها ..
دقايق وجاتهم ام طلال اللي من سلمت وجلست فرطت لهم كل السالفة عن
موعد الملكة والزواج .. كانت تتكلم بكل اريحية ماتدري عن طوفان المشاعر
اللي يجتاح قلبين بهاللحظة هو اللي بانت على ملامحه المفاجأة والاقتضاب
وفي لحظات كثيرة عدم الارتياح .. وهي اللي بدت تحس هالانسانة دخلت
حياتها وصارت تفكر فيها باستمرار شافته يقوم طالع لجناحهم وهو يستأذنهم
قامت وراه كالعادة حاولت تضبط اعصابها وتتجاهل كل اللي يدور بخاطرها
هاللحظة .. وتسوي نفسها مو فاهمة ابد ..
شافته جالس على طرف السرير وماسك راسه بيدينه الثنتين .. بكل هدوء
جلست جنبه وحطت يدها على يده وجاهدت نفسها على رسم ابتسامة عذبة
وهي تناظره : تعبان ..
رفع راسه وناظرها .. كان يحس انه يخونها بمشاعره .. اللي كان يبقى له
من الماضي الفشل .. كل شي ارتبط بحنين معناه الفشل .. وخطبتها اليوم
تأكد له انه بيوم خاض تجربة وطلع منها خاسر .. هز راسه وابتسم : ايه
اليوم كان عندي ضغط كبير في الشركة .. وابي ارتاح ..
مدت يدها ومسحت على شعره ومازالت ابتسامتها مرسومة على وجهها
البريء : وانت الله يهداك من تروح الصباح توك تجي كل وقتك بالشغل
حتى انا ما اشوفك ولا اقعد معك ..
مسك يدها وطبع قبلة رقيقة عليها .. رفع عيونه وناظرها : خليك انتي
جنبي وانا ارتاح ..
اتسعت ابتسامتها وهي تداوي جراحه بجراحها : ابشر هذاني قاعدة جنبك
وش تبي بعد ..
همس لها في اذنها : ضميني ..!
ارتجف جسدها من كلمته .. قربته منها وضمته بقوة .. ونزلت دموعها
على خدودها ماكان يدري انه بكل حركة وبكل كلمة يجرحها وهي ساكتة
خبت ضعفها بداخلها تستمد قوتها من هالواقع اللي كانت تجهله .. تجاهلت
مشاعر الاحتجاج بداخلها .. هي تحبه او بالأصح هو لها وراح تخوض
غمار المعركة وتكسب قلبه بالأخير .. وبيدها هي تنسيه كل الماضي بدون
ماتنبشه .. كانت محتاجة هي من يريحها ويشيل الحمل عنها .. لكن فضلت
تعيش دورها اللي اتقنته لسنوات تدفن جروحها بداخلها وتهدي الفرح لغيرها
وقدرت بصعوبة انها تحافظ على صمودها الى آخر لحظة ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:30 PM
جالسة مع خالتها والشغالات في المطبخ يجهزون الغدى .. كانت تشاركهم
بكل شي وتتعلم كل الخطوات اول بأول .. مشاعر ارتياح بين الثنتين كانت
ام طلال تبي تهيأها تدريجيا لمواجهة المجتمع والاختلاط فيه .. الى الآن
ماعودتها انها تروح معاها لجمعات وحفلات المجتمع الراقي .. تبيها تتعلم
فنون الاتيكيت والتعامل بالأول وبعدها تظهرها لهالعالم .. بس ماتنكر انها
حبتها ودخلت قلبها .. انسانه شفافة وواضحة .. بريئة وصادقة بكل مشاعرها
مازالت جوهرة خام ماصقلتها ايدي البشر ولا دنستها .. : عاد الله ما رزقني
الا بهالخالة .. وابوي الله يرحمه اخوانه كلهم اكبر منه ومتوفين وشغلتنا الدينا
ولا اشوف بنات عماني الا بالسنين ..
وقفت جنب الشغالة عند الفرن وهي تشوفها تطبخ .. وبنفس الوقت كانت تسمع
سوالف خالتها عليها .. : زين وش اللي خلاتس تقعدين 13 سنة عقب طلال
ماحملتي ..
ماتعودت تدخل المطبخ الا نادرا بالعادة يجيها الأكل الى عندها بس اليوم حبت
تشرف بنفسها على هالغدى بما ان جايهم ضيف : من الله بس ماخليت مكان
الا رحت له .. سافرت وتعالجت والحمدلله ربي رزقني برسيل .. اما سامي
وسما حملت طبيعي بدون علاجات ولا مراجعات ..
ولدت رغبة بداخلها تعيش هالشعور تبي تصير ام ويكون عندها عيال تبي
تحس باحساس الأمومة اللي تمنته من زمان : خالتي هالرجال اللي جاي اليوم
من هو ضيفه ؟
ام طلال وهي تقوم : والله مدري من هو .. طلال متصل يقول انه جاي على
الغدى ومعاه واحد ..
حست بفرحة انه بيجي للغدى .. هذا معناه ان شوقها له ماراح يطول صارت
تفقده مجرد مايروح من عندها وتنتظر الوقت اللي يرجع لها فيه .. طلعت مع
خالتها وشافتها طالعة للدور الثاني .. لحقتها هي بعد وسمعت صوت سما اللي
توها واصلة من المدرسة .. ناظرتها من اعلى الدرج وهي تصوت لها : سما
بسرعة تعالي ابيتس ..
رمت شنطتها بالصالة وجاتها ركض : وشو .. وش فيه ..؟
مسكتها من يدها وسحبتها تدخل معاها لغرفة الملابس : وش البس ؟
ناظرتها مستغربة: ليش وين بتروحين ؟
تكلمت بخجل : لا مانيب رايحة .. بس طلال بيجي على الغدى وابي اروح
اتسبح ..
حست بحماس انها تساعدها منها تضيع وقت شوي الين تجي رسيل ويحطون
الغدى وبدت تدور بين ملابسها لبس يكون حلو طلعت لها بنطلون جينز كحلي
غامق .. وتوب باللون الاخضر باكمام قصيرة .. : شرايك ؟
حست بتردد كبير انها تلبسه قدامهم .. وعلى طول تكملت سما : ابوي مايجي
للغدى وسامي اصلا من يجي من المدرسة ينام وهالوجبة لاغيها من قاموسه
وامي متعودة علي انا ورسيل .. عاد طلال زوجك وانتي تبين تلبسين له ..
ابتسمت على طول وباستها على خدها : مشكورة .. ان شاء الله اخدمتس لا
اعرستي ..
تسبحت ولبست وتعطرت وطلعت لغرفة سما تبيها تشوفها كانت تمشي وهي تحس
بخجل كبير بلبس ما اعتادت عليه ابد .. : سما والله استحي اروح قدام خالتي
تسذا ..
ضحكت من قلب عليها : طيب لا تنزلين الحين .. بعد مايشوفك طلال بدلي
ملابسك وتعالي تغدي معانا .. امممم " وبخبث " يعني الحين ماعاد تستحين
من طلال ؟
توردت خدودها على طول : مو شغلتس .. هذا شي بيني وبينه .. " ومن
سمعت صوته يناديها " يمه قلبي .. لحقي علي ..
فطست ضحك على شكلها وقامت حطت يدها على قلبها : والله قلبك مسوي
حفلة .. روحي له بس خليه يشوفك ويستانس ..
ضحكت وهي رايحة لجناحها .. رغم احاسيسها المتناقضة له الا انها مصرة
تكسب قلبه بكل الطرق مايهم الماضي بالنسبة لها مادام هي الحاضر والمستقبل
راح تثبت نفسها وتشق طريقها حتى لو كان صعب .. رسمت له ابتسامة تعود
يشوفها على محياها شافته يناظر ساعته يبي يطلع من الغرفة واول مالمحها
بادلها الابتسامة .. سلم عليها ومسك يدها وهو يتأملها كان اللون مخليها اجمل
من قبل .. : تعالي سلمي على اخوك وتغدي معانا ..
فتحت عيونها متفاجأة : راكان جا ؟
تكلم وهو يستعجلها تمشي معاه : ايه يالله من اول يبي يجلس معك قبل مايروح
الديرة .. يقول جايب لك اخبار عن اهلك ..
مشت بسرعة بتنزل معاه وهي فرحانة وبلحظة وقفت مكانها : لا اصبر روح
انت وانا بجي عقبك ..
التفت لها مستغرب : ليش ..؟
نزلت راسها بخجل : بلبس شي ثاني .. مابي راكان يشوفني بهاللبس .. اصلا
مايجوز ..
هالشي كان كفيل انه يزيد اعجابه فيها .. هذي اهم نقطة كان يختلف فيها مع
خواته واكثر شي كانت عليه مشاحناتهم .. وهي من غير مايقول لها قالتها
بنفسها : اوكي .. بس لا تتأخرين تراه مو مطول بيتغدى ويمشي ..
راحت لجناحها ولبست جلابية انيقة ونزلت لهم .. لقائها معاه هالمرة مثل كل
مرة تشوفها فيه لكن هالمرة اعطت لنفسها مجال انها تصيح اكثر ..
قعد يضحك وهو لامها بحضنه : خلاص يانورة وانتي كل ماتشوفيني بتقعدين
تصيحين ..
بعدت نفسها عن حضنه وهي تمسح دموعها .. كان يشوفها بكل مرة تقابله
استغرب هالعلاقة القوية اللي تجمعهم .. ولا مرة كان بهالقرب من خواته ..
علاقته فيهم جافة الى ابعد الحدود .. بس هي علاقتها مع اخوها غير .. الحب
اللي بينهم ظاهر بقوة ومايخفونه .. شاف فرحتها بسوالفها وكلامها معاه حتى
عفويتها اللي ظهرت اكثر .. تغدى معاهم واستأذنهم يبي يتركهم يتكلمون على
راحتهم ..
ناظرها وابتسم : عندي لتس خبرين الأول زين والثاني شين وش تبين تسمعين
فيهم بالأول ؟
تنفست بعمق : هات الشين بالأول ..
استغرب من طلبها وناظرها مستفسر : اعرف الناس تدور الأخبار الزينة قبل
الشينة ..
هزت راسها بالنفي .. : دايم الفرح ينسينا الحزن وانا ابي الزين ينسيني هالشين
كله ..
اقتنع بوجهة نظرها وبعد تردد تكلم : موضي " وقبل تقاطعه كمل كلامه " اللي
خطبها جا لابوي واعتذر ان اهله يبونه لبنت عمه ..
حطت يدها على صدرها : ياقلبي عليتس ياموضي .. وش اللي صار بحالها
حلفتك بالله ياخوي تعلمني ..
راكان : ان شاء الله انها صابرة .. وانا يوم اروح لهم شفتها مثل ما اعرفها
والله بيعوضها باللي اخير منه " وبابتسامة " بس شيخة هي اللي جاها النصيب
هالمرة ..
دموعها اللي كانت بتنزل من صدمتها على موضي نزلت هالمرة فرحة لشيخة
وهالخبر الحلو : جاها معرس ؟ من اللي جاها ؟ وش قالت هي ؟
ضحك على تسرعها : والله انتس صادزة فرحتس بشيخة خلتس تنسين زعلتس
على موضي ..
قاطعته تستعجله : والله اني مانسيتها وقلبي عليها .. ادري فيها تخبي بقلبها ولا
تشتكي لاحد .. عسى الله يجمعني فيهم قريب وارتاح .. علمني واللي يسلمك
وش قالت شيخة ؟
قال لها كل التفاصيل .. وكلام الوليد له .. وانه اليوم رايح للديرة يفاتح اهله
بهالموضوع .. كانت تتمنى بهاللحظة تكون معاهم وتعرف كل شي يصير لهم
وهي بعيد عنهم .. وقبل مايطلع راكان من عندها استوقفته : خلك وراها الين
ترضى .. خلها تكبر عقلها وتنسى اللي راح كله والله بيعوضها بأخير من سعد
وأيامه ..
هز راسه برضى وطيب خاطرها بكلامه .. سلم عليها وودعها رايح للديرة
ودعته وهي تحمل له بقلبها دعوات صادقة ان الله يحفظه ويسعده ..
ومن رجعت جناحهم دورت عليه بس ماشافته .. انقهرت بقلبها منه .. اوقات
بكون قريب منها بشكل كبير .. واوقات يبعدها عنه وتجهل تصرفاته ..
قاعدة بالغرفة وتسمع كل شي ينقال بينهم .. نبضات قلبها تسارعت بشكل
جنوني وبدت تقلب نظرها بين اخواتها بتوتر .. كان تسمع النقاش اللي بين
امها وابوها .. والمقارنة بين الاثنين .. كرهت ارتباطها باسمه من البداية
والحين كل شي لازم يرجع له .. قربت من موضي وتكلمت بحزم : والله
لاحرق قلبه مثل ما حرق قلبي ..
استانست من قلب على كلامها : يالله لك الحمد اخيرا بتطردين النحس وسيرته
اللي تغث .. تكفين طلبتس قومي قولي لابوي انتس موافقة .. ابيتس تعرسين
قريب وتجينا النوري .. والله اني ولهت عليها ..
زمت شفايفها وناظرتها بنرفزة : يعني ماتبين تفرحين لي .. ؟
ردت بدفاع عن نفسها : وشلون ما افرح لتس وانتي بتعيشين حياتس صح عقب
هالسنين اللي ضيعتيها تحترين هالمقرود ..
تناهى لمسامعهم صوت امهم وهي تقول بترجي : يا ابو راكان الرجال مكلمك
يبيها .. شلون نعطيهم ؟
قامت على طول وراحت لهم كانت تحس بخجل من موقفها بس كرهت انه
حتى بهاللحظة بيدخلونه بحياتها : يمه .. الله يهداتس ترى اذا هو ولد اخوتس انا
بنتتس .. وش تبين فيه هالحين عقب مارماني هالسنين ؟ .. " والتفتت لابوها
وهي تحاول تضبط انفاسها " يبه اللي تبيه انا راضية فيه .. تسانك رضيت
على خوي راكان فالشور شورك .. وماعندي حتسي اقوله عقبك ..
تهلل وجهه فرح وناظر راكان : اجل على بركة الله وانا ابوتس .. الله يسهل
امورتس كلها وان شاء الله ربي يكتبه من نصيبتس ...
قربت منه وحبت راسه وهي تحس بانتصار عظيم لنفسها .. ماكانت تتمنى
شي بهاللحظة اكثر من انها تزف له بنفسها خبر خطبتها رغم انها تدري ان
الخبر في الديرة مايستغرق اكثر من ساعة عشان الكل يعرفه رجعت للغرفة
وفتحت شنطتها الحديدية المقفلة بأرقام سرية .. طلعت منها كل الرسايل اللي
كان يكتبها لها .. كانو خواتها يناظرونها مستغربين اللي قاعدة تسويه راحت
لها موضي وجلست جنبها : وش بتسوين ؟
قامت ولبست عباتها وقالت لها تلحقها خذت علبة الكبريت وطلعت من البيت
كانو يناظرونها مستغربين بس توقعو انها رايحة لبيت عمها خصوصا انهم
مايطلعون بعد المغرب الا لبيت عمهم القريب .. ركضت وراها موضي وهي
ماتدري وين بتروح .. : شيخة اصبري .. وين بتروحين ؟
جلست عند جدار بيت خالها المنقض نصه .. : بحرقهن مثل ماطلبت مني نورة
قبل تعرس وتروح .. خلاص ماعاد ابيه حتى لو انه يبيني .. وانا دارية وربي
انه ماجاني حب وطرب .. سودت عيشته الحية الرقطا وجا يبي العوض عندي
حفرت في الأرض حفرة بسيطة وحطت الرسايل كلها فيها وعلى طول احرقتها
بدون تردد او تراجع .. : والله لاحرق قلبه مثل ما حرقتهن والله لاخليه يتحسف
علي ..
بدت ترتجف شفايفها وهي تردد كلامها .. كانت تحس انها مو بوعيها بهاللحظة
كانت تصارع مشاعرها تبي تستجمع بقاياها وتعيش فيها .. قربت منها ولمتها
في حضنها وهي تحاول انها تسكن اوجاعها .. كانت تحس بشهقاتها تطلع من
صدرها وتنهيه ..
ونزلت دمعتها معاها .. ماتدري هل هي بتواسيها او تواسي نفسها .. تمنت هي
بعد تنهيه .. تحرق صورته اللي بقلبها مع حروفه اللي سكنتها .. كانت تبكي لها
ومعاها .. احساس واحد تقاسمها فيه نفس المعاناة قدرت شيخة تتجاوزه بصعوبة
بس هي مازالت تحت وطأة هالحب اللي اتعبها اكثر من ما ريحها ..
لمحت عيونها العيون اللي تناظرهم من اول .. شافت بعيون حصة ومنيرة من
ورا الشباك دموع تواسيهم .. هل ياترى يحسون اللي بقلبها هي بعد .. : شيخة
خلينا ندخل البيت لا يجي احد ويشوفنا بهالمتسان .. قومي ولا تفكرين فيه ولا
يجي ببالتس .. الحمدلله ربي عوضتس باللي احسن منه ان شاء الله .. ومادامه
جاتس من طرف راكان ارقدي وآمني ان شاء الله ماعليتس خلاف ..
رفعت برقعها وبدت تسمح وجهها بطرف كمها .. وهي تناظر موضي : يالله
يارب انه يعوضتس مثل ما عوضني .. ويرزقتس باللي يستاهلتس ..
ابتسمت لها من قلب .. حتى بعز جرحها حست فيها بدون ماتتكلم .. يمكن لانها
عاشت تجربة الخذلان قبلها وفهمتها .. والحين تبيها ترضى بنصيبها اللي ربي
كتبه لها ..
راحو لبيت عمهم لان شيخة ماكانت تبي اهلها يعرفون باللي صار لها .. الفرحة
اللي شافتها بعيون ابوها وراكان ماكانت تبي تخربها عليهم الحين .. ومع فرحة
خالتها وبنات عمها رمت احزانها ورى ظهرها وفتحت يدينها بأمل للسعادة اللي
تنتظرها بمشيئة الله ..
/
\
/
\
صار لها حول الساعة تودعهم .. رغم الحماس والفرحة اللي تعيشها
بهاللحظة الا انها كانت تحس بغصة كبيرة بقلبها على فراقهم .. تجمعو
كل البنات وودعوها .. ضمت موضي وهي تمسح دموعها : لاتصيحين
كل اجازة وانا عندكم .. خليني شوي ارتاح من غثاتس واشوف الدنيا اللي
ابي اشوفها من زمان ..
كانت تشوف امها اللي قاعدة بزاوية الغرفة بكل حزن بادي على وجهها حتى
لو انكرت وقالت لها انها راضية بروحتها .. راحت لها وحبت راسها ويدها
ومسكت شيلتها تشمها : ادعي لي يمه ..
صدت بعينها عنها ماتبي تصيح قدامها : الله يستر عليتس ويوفدزتس ويسهل
لتس دربتس ..
قاطعتها بضحكة : قولي الله انه يرزقتس بواحد مزيون وفلوسه ماليتن مخابيه
قبصتها في يدها وهي تعض على شفتها : انتبهي لاخوتس لا يضيع دراسته
تراتس انتي الكبيرة .. لو صار له شي والله ما اسامحتس عليه ..
سحبت يدها ورجعت حبتها : محمد بعيوني .. ولدتس وانتي اللي مربيته وان
شاء الله انه مو مخيب رجاتس ..
سمعت صوت محمد من خارج البيت يناديها : سويرة اخلصي علي الرجال
ماهوب محتريتس الين تقضي سوالفتس ..
قامت من عند امها وسلمت على هيا وبنات عمها .. وهي عند الباب التفتت
على امها : لا تنسيني من دعاتس يمه بكل فرض تصلينه ..
رفعت يدينها للسما ودعت بقلب صادق : الله يحفظتس ويكفيتس شر هالروحة
اللي ما ابيها ..
ركبت في الجمس القديم اللي يسوقه العم مساعد متوجهين للرياض .. كان
معاهم حرمتين مع عيالهم عندهم مراجعات بمستشفيات الرياض بدت هالمشوار
رغم صعوبته عليها بكل حماس .. وكل شوي تلتفت وراها وتأشر لاهلها بيدها
تودعهم .. كانت تمسح دموعها وهي حاطة يدها على قلبها ..
بدت تحس بالخوف اول ماحمل لهم الطريق صور ما اعتادتها كان تناظر بكل
شي بتعجب ..
بالمقعد الامامي كان العم مساعد ومعاه رجالين قدام .. وبالسيت اللي وراه
هالحرمتين مع عيالهم الصغار .. وبالسيت الخلفي هي ومحمد .. كانت تناظر كل
شي بذهول وكل شوي تأشر لمحمد على شي .. هو ماكان اقل منها مفاجأة وهم
يدخلون الرياض ويشوفون مبانيها : ياويل قلبتس يالسوري من هاللي تشوفينه
الدراهم راحت لهم وحنا صفينا بلا دراهم ..
وقفو عند اشارة وبققت عيونها تناظر اللي بداخل هالسيارة .. : حتى عيالهم
ماهم مثل اللي نشوفهم ..
طقها على يدها : ياقليلة الحيا وش تبين بالرجال تناظرينهم .. ناظري قدامتس
لا افقع لتس عويناتس ..
كانت تتلفت بكل الاتجاهات وتناظر كل سيارة تمر من جنبهم .. واي سيارة
غريبة وفيها اشخاص يلفتون نظرها ماتنزل عينها عنها .. حتى لو تعدوها
تلتفت وراها وتناظرهم .. : اثاريتس يالنوري ماخذتي الزين بلحالتس يارب
يكون لي نصيب بهالمزايين ..
تكلم بعصبية وهو يسكتها : والله ان ماسكتي الحين لا امسطتس بالعقال على
ظهرتس .. ترى انا الحين المسئول عنتس وكلمتي هي اللي تمشي ..
هزت راسها له تجاريه : ايه ايه ابشر .. خلني اشوف بيوتهم .. ياربي وش
هاللي انا محرومة منه .. حسافة هالعمر اللي ضيعته بهذيتس الديرة القشرا
ناظرها باستغراب : امداتس تذمينها وانتي توتس تطلعين منها ؟
قبل ماترد عليه سمعت صوت العم مساعد وهو يأشر لهم ينزلون .. نزلت
مع محمد بالمكان اللي اتفقو يجيهم فيه سواق ميساء وياخذهم شالت اغراضها
وهي مازالت تتلفت حواليها .. اشر لهم السواق من بعيد يجونه وراحو على
طول ركبو معاه ..
حزنها اللي من ساعات على فراق اهلها نسته بهاللحظات اللي تعيشها بدت
تتأمل داخل السيارة والمحلات واللوحات والمباني .. ومن وصلو لقصرهم
الكبير نزلت بحماس .. اشر لهم يروحون لجهة الشغالة اللي واقفة تنتظرهم
كانت تمشي بحماس وهو كان وراها مايدري وين يروح له او وش آخرة
هالحياة اللي جو لها ..
دخلتهم للملحق الخارجي اللي خصصوه لهم بدل الملحق العلوي بعد ماعرفت
ميساء ان اخوها بيجي معاها .. هالملحق خاص لهم بغرفتين وصالة ومدخل
مستقل فيه ..
شافت الغرفة اللي خصصوها لها وطارت من الفرح كانت تصارخ كل شوي
بحماس .. ولولا نظرات محمد اللي كل شوي تسكتها كان الحين هي مفشلتهم
كان الوقت توه الظهر وميساء مابعد جات من الشركة ولا حتى فيصل ..
محمد من التعب نام .. اما هي من حماسها كانت تمشي بالملحق وتستكشف
كل شي وماخلت مكان الا وبدت تحلل تفاصيله ..
رغم المصاعب اللي واجهتها في الفترة الأخيرة واللي حتى اثرت على
معدلها بالترم الأول .. الا انها مقررة تعوض كل شي فاتها وتعيش حياتها
مثل ماقدرها لها رب العالمين .. ولو الله كاتب لها نصيب مع يزيد راح
يجمعها فيه ولو بعد كم سنة ..
شالت شنطتها وهي رايحة للكافتيريا .. عند صديقاتها شافت رسيل ووفاء
قاعدين ينتظرونها : مساء الورد ..
سحبت الكرسي وجلست معاهم : متى طالعين ؟ " وبعد ماناظرت ساعتها
كملت " الله يعينني بنتظر العم رمضان نص ساعة ويجيني ..
رسيل وهي تشرب عصيرها : والله قلت لك تعالي وروحي معاي مثل اول
مارضيتي .. هذا واحنا محاضراتنا نفسها ..
تكلمت بلا مبالاة : ايه بس الطريق ماعاد هو نفسه .. وانتي وين الحين وانا
وين .. الله يسهلها بس بتطلعين انتي الحين ؟
قامت وفاء بهاللحظة تودعهم : انا اللي رايحة الحين .. بعدين دنو معاك حق
اكيد الطريق هالمرة غير واهلك ماقصرو معاك ابد ..
ابتسمت لهم واشرت بيدها تودعهم .. ناظرت دانا في رسيل : وانتو ماقصرتو
معانا من زمان .. خلينا الحين نتعود على حياتنا مثل ماتبي امي ..
ردت على جوالها وبعدها التفتت لها : السواق برا .. خليه ينتظر شوي بقعد
معك .. مابيك تقعدين هالوقت كله لحالك ..
دانا وهي تحس بارتياح : ايه والله اني ودي من يسليني هالوقت .. الله يعين
بس ..
قضو هالنص ساعة بالسوالف عن الجامعة ومحاضراتهم وامورهم الخاصة
اللي اضطرو في ظل ظروف دانا الأخيرة انهم يبتعدون شوي عن بعض
والحمدلله الحين بدت ترجع الأمور الى ماكانت عليه قبل .. وبدت رسيل
تحس بالراحة بعيون دانا بعد مافقدتها .. ورغم صدمتها الأخيرة الا انها
حست ان دانا صارت اقوى من قبل .. ومن كثر المصاعب اللي واجهتها
بحياتها صارت سد منيع ضد اي صدمات اليمة ..
دانا اللي رضخت للأمر الواقع ورضت باللي صار لها لانها مقتنعة انه خيرة
من رب العالمين .. بس كل اللي يؤرقها انها تضطر تتزوج واحد من معارف
ابوها او اصدقائه ..
قامت وهي ترد على اتصال العم رمضان السواق المصري اللي ينقلها مع
مجموعة طالبات كل وحدة على حسب محاضراتها .. واليوم لانها راجعة
العصر راح تكون لحالها .. لبست عباتها وسبقتها رسيل اللي طلعت لسواقهم
اللي ينتظرها من اول ..
خذت ملازمها وشنطتها وتغطت وطلعت لسيارة النقل الصغيرة اللي يوصلهم
فيها .. ركبت ورا مكانها المعتاد ومشو طريقهم راجعين للبيت .. كانت تضيع
الوقت بقراءة المحاضرات اللي خذتهم اليوم .. رفعت عينها يوم وقف وناظرت
حولها مستغربة شافت نفسها بوسط حارة خالية من اي سيارات .. وقبل تقول
شي حست باليد اللي فتحت الباب ومسكتها تسحبها .. كان كل شي يدور حولها
غريب عليها وللحين ما استوعبت وش اللي قاعد يصير .. ركبها سيارة ثانية
وسكر الباب عليها .. وركب هو ومشى على طول .. بدت تصارخ وتحاول
تفتح الباب اللي كان مقفل من الخارج بدا يعلى صراخها وهي تضرب بالمراتب
والابواب : وين بتوديني ... ؟ " بدت تخبط على الشباك " الحقووووووني ..
وبلحظة بس الجمتها الصدمة وهي تسمع صرخته اللي اخرستها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:32 PM
صوت صراخة كان عالي وهو يهدد ويتوعد انه بياخذ بحق بنته من اللي خطفها
مثل عليهم تفاجأه من الأمر وحمل كل المسئولية على امها اللي طلعت من البيت
تاركة بناتها عرضة لمخاطر الحياة ابتسم بخاطرة وهو يشوف فرقة البحت تطلع
من القصر خالية الوفاض .. : مالقينا احد بالبيت ..
التفت الضابط لأبو عادل وهو يمد يده يسلم عليه : آسفين على الازعاج جينا اليوم
تلبية للبلاغ اللي جانا ..
ناظره بغرور وتكلم : هالمرة بس سمحت لكم تدخلون بيتي لاني ابي اثبت لكم ان
امها هي السبب في ضياعها باهمالها .. وعشان تثبتون للمحكمة انها مو كفؤ تربي
بناتي وولدي الصغير عندها .. " وكمل بخبث " انا الحين اللي برفع دعوى ترجع
لي عيالي للبيت مادام الأم ماقدرت تحميهم ..
الكل كان ملتزم الصمت .. يزيد كان متأكد انه هو اللي خطفها بس وين وداها كان
واضح عليه التمثيل والكذب حتى عادل اللي عمره ماحس باهتمام ابوه لا بسمعتهم
ولا حتى فيهم ما اقنعه هالغضب المفاجيء اللي يكسي ملامحه ..
وقبل مايتحرك راجع للبيت استوقفه ابوه وهو يهدده : روح قول لامك والله لادفعها
الثمن غالي .. مليون مرة قلت لها لا تترك البيت وتروح بس هي ماتسمع الكلام ..
خواتك ونادر راح يجون عندي بأمر المحكمة انا اللي بحميهم من انهم يضيعون
بهالشوارع ..
ضحك يزيد بأعلى صوته وهو يصفق له : ماشاء الله تبارك الله ممثل بارع تصدق
انا كنت خايف عليه بس الحين تأكدت انه عندك .. ولعبت لعبتك صح .. اجل مسوي
خايف عليه ؟ وقلبك متقطع ؟
قرب منه وسحبه من ثوبه : مو علي هالحركات يا شاطر مسوين هالمشاكل كلها
تبون تلبسوني التهمة وتتزوجها .. بس تخسي ما تاخذها ..
دفه يبعده عنها وهو ينفض ثيابه بتقزز : مايخسي الا انت ودانا باخذه غصبن عليك
انا ابيه وهي تبيني ..
سحبه عادل ودخله في السيارة قبل تكبر المشكلة .. وتجاهل كلام ابوه اللي يسمعه
مهما كان اللي بقلبه مايقدر يقول لابوه شي .. راح ينتظر الأيام تبين لهم الخافي
كله ..
رجعو اثنينهم لبيت ام عادل بخفي حنين ونظرات الأمل اللي بعيونهم اختفت بمجرد
ماشافو لمحة خيبة الأمل اللي ظاهرة عليهم .. كان عادل يحس بقهر كبير كيف
انه هو اختار يتحمل مسئوليتهم وفشل من اول تجربة .. رغم انه كان متأكد من
كل شي انقال انه ابوه اللي اخذها واكيد مخبيها بمكان بعيد عشان يبعد الشبهة عنه
اللي ماعرفوه ان ابو عادل من اول ما جا له اتصال انهم مقدمين شكوى عليه على
طول ارسلها مع صديقه الى شقته وقدر بكل سهولة انه يمثل عليهم تمثيليته العظيمة
عشان يوصل لاهدافه اللي هو يطمح لها بالأخير ..
ام عادل اللي من راحت بنتها ودمعتها ماوقفت .. بحياتها لحظات السعادة معدودة
عاشت مع هالظالم سنوات طويلة اجبرتها تتحمل كل ويلاته عشان عيالها ويوم
قررت تتحرر من سجنه وقيوده وتعيش حياتها مستقلة عنه .. حاصرتها مصاعب
اكبر من قبل . وطلعت لها مشاكل اعظم من اللي كانت تواجهها الحين هي مهددة
انها تفقدهم كلهم لو كسب ابوهم الدعوى اللي بيرفعها .. هذا معناه مالها اي حق
انها تطالب فيهم او تعيش معاهم الا اذا رضت ترجع تعيش معاه رغم كل العيوب
اللي فيه واللي ادمت قلبها ..
قامت تصلي لربها القيام اللي اعتادت من فترة تصليه .. رغبة منها في التقرب
لخالقها تبي تحس بالطمأنينة والراحة اللي فقدتها في دنيتها ..
كانو ثنتينهم طايرين من الفرح بهاليوم اللي جمعهم .. كل اللي بالبيت لاحظو
شخصيتها النقيض جدا لشخصية نورة كان واضح انها مندفعة ومنطلقة للحياة
جريئة وتفرض وجودها بالقوة ..
نورة ماكان يهمها شي كثر انها تشوف بنت عمها وتحس احد من مجتمعها اللي
عاشت بوسطه سنوات طويلة معاها الحين كانت فرحتها فيها تتجاوز اي فرحة
واحساس السعادة اللي يغمرها منسيها اي تفكير ثاني ..
رسيل اللي تعبت نفسيتها من يوم اختفاء دانا ماكانت ناقصة احد من هالديرة اللي
ماتحبها يجي ويضيق خلقها اكثر ..
وام طلال بعد ماسلمت عليها وضيفتها .. قامت هي وميساء وسما يبونها تاخذ
راحتها مع بنت عمها ..
سارة من اول ماشافتهم طلعو نطت وقعدت جنب نورة : وش هالزين كله يالنوري
لعنبو ابليستس متغيرة بغيرتس ..
ضحكت وحطت يدها على فمها : وش اللي متغير فيني يالنصابة ما غير شعري
اللي قصيته ولا انا اللي على خبرتس ما تغير شي ..
مسكت شعر نورة وبدت تناثر خصلاته بتعجب : مو بس شعرتس حتى وجهتس
ووزنتس زايد .. " وناظرتها بتمعن " الا والله سمنتي .. بانت فيتس النعمة وربي ..
التفتت وراها وقامت بسرعة تسكر الباب : اسكتي لا تفضحينا .. هالحين بيقولون
ماشافو خير ..
ضحكت وهي تاكل الحلى بشراهة : ايه والله ماشفنا خير .. " وغصت بلقمتها
وصارت تكح "
قربت لها نورة كاس الموية وهي تضحك : الحمدلله اللي ربي جابتس للرياض
قبل تعرسين ولا لو ماخذتن واحدن منهم بتفضحينا اجل هذي سواة يابنت عمي
شوي شوي على عمرتس ماهوب طاير الأكل ..
سحبت صحن نورة تبي تاكله .. : يازينه يانورة والله بحياتي ماذقت مثله .. كل
يوم تاكلونه ؟
سحبت منها الصحن وهي تبعدها بيدها : مرجوجة انتي ؟ اركدي خليني اقعد معتس
زين واخذ علومتس .. عيب تخلصين هالصحون كلها هم ماياكلون الا شوي
قعدت تضرب على خدها وهي تزم شفايفها : متعودين يشوفونه كل يوم الين تبطرو
على النعمة مو مثلنا حنا الضعوف اللي ندور اللقمة مانلقاها ..
انقهرت من كلامها وقالت بزعل : سويرة من اول ماقعدتي وهذي سوالفتس وانا
اللي ولهت عليتس وفرحانة ببنت عمي اللي بتونسني وتوسع خاطري ومن اصبحت
وانا غاثتهم بضيفتي اللي بتجيني ..
مسحت فمها بيدها وبلعت لقمتها : خلاص لا تزعلين والله اني مشتاقة لتس وابي
اسولف لتس واعرف اخبارتس بس هالرجة لا بد منها بالأول .. يالله قولي وش
عندتس ؟ ...
وقبل تتكلم نورة تذكرت سارة : اييييه صح رجلتس كم عنده اخو ؟
ضحكت نورة وحطت يدينها على وجهها : يااااارب صبرني .. تطمني ماعنده
الا واحد وكبر محمد او اكبر بسنة يعني لا تفكيرن بالعرس من هالبيت ..
غمزت بعينها تمازحها : اجل مالي الا رجلتس ..
قطبت على طول وتكلمت بعصبية : بعيد عنتس رجلي .. عويذ الله منتس ياسويرة
والله لا ذبحتس لو قربتي لرجلي ..
ضحكت بأعلى صوتها ورجعت على ورى وهي تمسك بطنها من كثر الضحك
على شكل نورة : يمه بطني .. هذي اللي ماتبي العرس اول .. اجل طحتي ومحد
سمى عليتس والله ..
توردت خدودها من كلام سارة .. وحاولت تخفي خجلها خلف عصبيتها المصطنعة
وهي تقول : وش دخلتس وش اللي بيني وبين رجلي .. هذا شي فيني من الله اللي
لي مابي احد يقرب منه ..
كملت جلستها معاها اللي ماخلت من استفزازات سارة اللي تمتصها نورة بكل هدوء
وعقلانية ممكنة .. بعد ماتعشت معاها ودعتها وطلعت نورة لجناحها كانت مستانسة
بشوفتها لكن بقلبها خوف كبير عليها من حماسها لهالحياة .. استغربت من هالفرحة
اللي تشوفها بعيون سارة .. الى هالحين تحس كل سعادة في الدنيا ماتساوي لحظاتها
اللي عاشتها وسط اهلها .. ومن جا طاريهم نزلت دمعتها على طول .. كثر ماتحاول
تشغل تفكيرها اوقات حنينها يتجاوز حدود احتمالها .. وهالشي مو بيدها محد بالدنيا
بيعوضها عن اهلها ..
ريحة عطره ولمسة يده على كتفها خلتها ترفع راسها وتشوفه لمحت ابتسامته اللي
اختفت اول ماشاف دمعتها رفع يده ومسح دمعتها وهو يناظرها : من اللي مزعلك؟
ابتسمت له وهي تستجمع قوتها محاولة انها تخفي حنينها اللي يفتك فيها : اشتقت
لأهلي .. ودي اشوفهم ..
كان مركز نظره بعيونها شاف الدموع رجعت تتجمع فيها من طرت اهلها .. : وش
بعد ؟
نزلت راسها تحبس دموعها لا تنزل : ودي اكون معهم يوم يجون اهل المعرس اللي
جاي لشيخة ..
رفع راسها وهو مازال يتأملها : متى بيروحون لهم ؟
تقوست شفايفها ونزلت دمعتها على خدها وهي تشوف نظراته لها .. : يوم الاربعاء
بعد باتسر يعني ..
ابتسم لها ومسك يدينها : خلاص اجل بتستقلبينهم مع اهلك ..
هالمرة نزلت دموعها بلا توقف سحبت يدها وحطتها على فمها وهي مو مصدقة
للحين اللي قاله لها : احلف بالله انك بتوديني لهم ..
شي بقلبه حسه بوقتها وهو يشوف انفعالاتها كل شي يظهر على وجهها بكل وضوح
حزنها ولهفتها اللي من شوي وفرحتها اللي طغت على ملامحها الحين : ان شاء الله
باخذك لهم من الصباح بعد بكرة .. بس من الحين اعلمك بترجعين معاي .. مو اذا
صرنا هناك قلتي روح انت وانا بقعد عندهم ..
فرحتها بهالوقت ماخلتها تعترض على كلامه هي تبي شوفتهم حتى لو كانت هالشوفة
لساعات معدودة يكفيها بس انها تكون معاهم رمت نفسها بحضنه وهي تحس بامتنان
كبير له انه زرع هالفرحة بقلبها .. لف يدينه حولها وحضنها بقوة وهو يحس برضى
كبير عن نفسه انه قدر ينتشلها من حزنها للفرح بثواني ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:34 PM
الجزء التاسع
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
{ .. على ممرآت الرحيل ..
وقفت يوماً ما بعيداً عن عالمي ..
انزويت في اركان الزمان لاستجمع بقاياي ..
لملمت شتاتي المتناثر ذات جرحٍ مضى ..
وانتزعتك من قلبي بلا رحمة ..
او هكذا ظننت ..!
تسائلت مراراً وتكراراً الِهذا الاشتياق حد ..؟
أويمسي القلب الحزين موعوداً بانسكابات فرح ..
ام سيبقى كحروفٍ من حلم خططناها ذات أمل
على شواطيء الأمنيات فباغتتها امواج الأحزان
موجاً تلو الآخر فمحت من ذاكرة الزمـآن اسمينا ..!
ربّـآهـ اتراي انا التي امسيت غريبةً في داري..
فما عدت أجدني .. هنـآ أو هنـآك ..
اكاد أجزم بأننّي احتضر .. حيث الحنين يتوسّدني ..
ومابين اضلعي يخفق بشدة ذاك المضرّج بالألم ..
وملامحي أُثخنت بالدمع حد انسكاب الوجع ..
رحمـآك يـآ الله ..!
مابين خطوات الشموخ وخطوات الانكسار كانت لحظة .. تحطمت كل قواها
اللي استجمعتها من لحظة اعلان الخبر المؤلم .. تمنت لو انها تمتلك الجرأة
وتروح تسأله .. تبي بس تفسير واحد لكل المشاعر الموجعة اللي تجتاحها ..
انسانة رقيقة ما اعتادت ابد انها تقسى على احد ويوم اتيح لها المجال لقسوتها
كانت هي الضحية .. قست على نفسها بحب ماتعرف وش آخره .. وباشتياق
فاق حدود احتمالها .. صحت من قوقعة حزنها على صوت الشباك اللي انفتح
قامت تنفض التراب اللي علق في اطراف عباتها .. وتنفض معاه طوفان الحنين
اللي اجتاحها .. سمعت صوت يناديها من خلف الشباك .. تظاهرت بانشغالها
بعباتها وردت بدون ماتلتفت : هلا خالتي ..
جاها صوتها الحنون متسائل : وش فيتس طايحة بالأرض يابنيتي ؟
استجمعت كل قوة ممكنة واطلقت ضحكة تخفي اوجاعها ..: جاية مسرعة ابي
الحق الفطور مع امي وخواتي .. تكرفست وطحت ..
كانت على بعد خطوات منها .. التفتت لها وهي تناظر بالشمس وتغطي عيونها ..
تكلمت العجوز اللي جاوزت الستين عام : عسى ماتعورتي وانا خالتتس ؟
ضحكت وهي تأشر بيدها مودعة : مافيني الا العافية .. يالله ياخالتي بروح لم بيتنا ..
وقبل تمشي استوقفتها بتساؤلها : وراه حستس متغير ؟ عسى بس محدن مزعلتس ؟
لفت عليها وردت باسلوبها المرح : لا والله بس هالزكام لعب فيني ..
ماكانت تبي تطيل النقاش معاها تحس نفسها متعبة وهاللقاء استنزف كل مشاعرها ..
مشت ودعاء العجوز يتردد على مسامعها .. ومثل كل مرة كانت تمشي بين البيوت
وتسلم على كل وحدة تصادفها .. ماتدري ليه وقتها حست كل مشاعرها مفضوحة
وكأن كل العيون اللي تناظرها تشوف الحزن اللي بقلبها .. وصلت للبيت وهي تسمع
صوت ضحكات البنات ببيت خالتها دخلت بيتهم ومرت من عند ابوها بدون لا تناظره
بالغرفة وقفت عند المراية وضحكت على شكلها شلون صاير عيونها متفخة وخشمها
صاير احمر .. رمت عباتها وراحت تغسل .. كانت تغسل وجهها وهي تغسل همومها
توضت و صلت ركعتين الضحى .. مسكت بعدها مصحفها تبي تقرأ قرآن .. رغم
تعليمهم المحدود الا ان القرآن ومصطلحاته رافقتهم سنين عمرهم بعد ما تعهدو قراءته
كل يوم .. وقبل ماتبدأ بالقراءة رفعت يدينها للسماء وهي تردد " اللهم إني عبدك ابن
عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو
لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في
علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ,, وجلاء حزني وذهاب
همي "
بدت بعدها تقرأ ماتيسر من القرآن .. كل حرف تقرأه يدخل بصدرها قدر كبير من
الانشراح وأول ماوصلت آية " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا
شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "
بدت تقراها وترددها بصوت عالي .. زفرت آهة متعبة بداخلها " خيرة ياموضي ..
عسى الله ينزع حبه من قلبي وارتاح "
قامت وهي تحس برضى كبير عن نفسها الحزن مو جديد عليهم رافقهم سنين عمرهم
وكأنه انولد معاهم .. ورغم كل أحزان سكنتهم كان الإيمان بالله اقوى سلاح تسلحو
فيه من الصغر ..
طلعت من الغرفة وشافت ابوها يغط في نوم عميق .. ابتسمت وهي تشوف جسده الملقى
على الأرض .. فقد رجله وبعدها بزمن فقد رجله الثانية وقبلها فقد اهله .. وأهدت له
الدنيا أوجاع اكبر من ان يحتملها بشر .. ومع هذا كله ابتسامته ما تفارقه ابد .. وكلمة
" الحمدلله رب العالمين " يرددها لسانه في كل وقت .. ايمان تمكن بقلبه حتى اكسبه
الرضى بالقضاء والقدر ..
غمضت عيونها وهي تردد الآية .. وطلعت من البيت رايحة لبيت خالتها تاركة خلفها
كل الم سكن قلبها ..
كان يشوفها من بعيد ملامح مبهمة مو قادر يركز فيها .. كل اللي يعرفه انها هي بكل
تفاصيلها اللي يعشقها .. مشى لها بخطوات متعثرة برجلين حافية .. كل ما اقترب
منها بدت له اجمل من قبل .. كل ماكبرت صار احلى .. طفلة حتى في شبابها ..
مايدري ليش كل ماقرب منها خطوة ابتعدت خطوات .. سرع خطاه يبي يوصل لها
بأي طريقة .. بس بعدت هي اكثر حتى ماصار يشوف الا بنت واقفة بعيد عنه تحمل
الدم اللي يسيل من رجلينه وركض لها وفجأة قبل بس يوصل لها بخطوات صادفته
حفرة طويلة غيبته عنها .. طاح وهو يسمع نداءاتها الباكية " راكان .. راكان "
فز من نومه وهو يتعوذ من الشيطان نفث عن يساره .. وقام مايبي يرجع ينام وتكتمل
فصول هالحلم المزعج ..
شاف مشاري يتفرج على مباراة معادة وابتسم .. هوسه بالكورة عجيب .. غسل وجهه
ورجع جلس معاه يبي يطرد أي تفكير في الحلم ..
قصر على صوت التلفزيون وناظره : وش اللي مقومك الحين وانت مالك الا ساعتين
من نمت ؟
تمدد واسند ظهره على المركى وابتسم له : شبعت نوم وقمت اسولف مع اي احد .. الا
وش مسهرك انت ؟
حس فيه شي مبين على نظراته ولو حاول يخفي هالشي : رجع لك نفس الحلم ؟
انتبه من سرحانه على وقع هالسؤال .. حط يدينه ورا راسه وهو يناظره بتعب : والله
انه من فترة ماجاني وقلت الحمدلله زانت اموري .. الله يستر بس محد يعلم الغيب الا
هو .. ماتتخيل وش كثر هالحلم يخوفني .. ياليتني ادري وش اللي بيصير لي وارتاح ..
كمل شكواه له وهو يحس بألم فظيع بصدره .. كان مبين هالضياع على ملامحه ..
قعد يستمع لكلمات مشاري بدون تركيز ابد .. فعلا اسهل شي بالدنيا الكلام ولا
اللي بقلبه محد يعرفه الا خالقه .. متعب الى ابعد حد هالشعور اللي يحسه هو
صار متأكد ان تكرار هالحلم اكثر من مرة ينبئه عن شي راح يصير بس وش
هو مايدري .. كل التفاصيل مهما كانت موجعة راح يواجهها بكل قوة ..
عمره ماكان بالهم لوحده .. كل انسان له نصيبه من الألم لكن العبرة في اللي
يقدر يتجاوز هالألم ويبدا من جديد مهما تعثرت فيه الخطوات ..
الضيق اللي بصدره متجاوز كل حد لكنه يتجاهله وهو يعيش حياته بكل لحظة
فيها .. ابتسم وهو يطالع مشاري : طلع البلاي ستيشن خلنا نلعب بدل هالمباراة
اللي من سنة جدي مدري وشوله تشوفها ..
وقف رايح للمطبخ وهو يأشر على الكيس اللي بجنب التلفزيون : هذا هو عندك
شغله وانا بروح اضبط لنا الشاهي واجيك ..
اشر له بيده على فمه يسكته : قصر حسك العيال بسابع نومة خلاص روح انت
انا بشغله ..
سحب الكيس وبدا يطلع البلاي ستيشن وكل ملحقاته .. وهو يضبط التوصيلات
واول ماجا مشاري اختار كل واحد فيهم فريقه واختار لعيبته وبدو التحدي بينهم
وكل واحد فيهم جنبه بيالة شاهي .. وكل ماعلت اصواتهم سمعو صراخ منصور
عليهم من الداخل يسكتهم لان نومه خفيف ويصحى من ادنى صوت ..
كان باله مشغول ولو حاول يخفي كل المشاعر اللي سكنت قلبه من شاف هالحلم
لكن مابيده شي الا انه يدعي ربه يسهل له اموره ..
سجل مشاري هدف وقعد يضحك على راكان بصوت عالي فز على طول وسكر
باب الغرفة ورجع عنده وهو يضحك : مجنون انت ماتعرف منصور لا قام معصب
والله ليكسر هذا على روسنا ..
كملو لعب وسط صرخات وتعليقات مكبوتة قدر المستطاع .. احساسه اللي بقلبه
مؤرق الى حد مؤلم لكن يحاول يخفيه .. يحاول يتعايش مع الواقع بكل آلامه هو
كذا تعود من الصغر .. الألم مو جديد عليه تحمل من الآلام اقسى من حدود تحمل
اي انسان بعمره وما اشتكى .. مازال يتبع طموحه حتى آخر لحظة .. مهما تعثرت
دروبه مازال الامل موجود والايمان بالله اكبر دافع لتحقيق هالطموح ..
على صوت آذان الفجر انهو آخر قيم وقامو يصحون الشباب يروحون الصلاة في
المسجد القريب .. رجع بعد الصلاة وهو مو قادر يفتح عيونه من النوم محاضرته
اليوم قبل الظهر وعنده وقت كافي انه يشبع نوم .. تمدد في فراشه وهو يردد اذكار
الصباح .. نفث على يدينه ومسح على جسده حط راسه على مخدته وغمض عيونه
وهو ينتزع كل صورة مؤرقة تمر قدامه .. وبعد صراع طويل مع الافكار المتعبة
قدر ينام ..
صحت وهي تحس بصداع فظيع يتعبها .. غسلت وجهها وراحت للمطبخ تجهز
الفطور لهم .. شالت الصحن اللي حطت فيه الفطور طقت الباب وحطته لهم عند
الباب وراحت تكمل شغلها .. ماتدري هاللي تعيشه الحين وش ممكن تسميه سجن
من نوع آخر يختلف عن سجنها الأثيري السابق ..
هنا تعيش بعيد عن عالم كانت تعيشه قبل .. كل مشاعر الخوف اللي كانت تحسها
بمجرد سماع اصواتهم انتهى وتبلد عندها الشعور .. هالمرة الهروب شبه مستحيل
مع قيود هالسيدة العجوز .. كرهت في داخلها كل تصرفاتها الغبية الى هاليوم وهي
انسانة بلا هوية .. الى الآن مازالت ماتمتلك حق اختيار مصيرها ولو ارادت .. بكل
تصرفاتها تابعة لكل من حولها ماعندها شخصية مستقلة تعرف وين الصح وتروح له
اعتادت على هذا المصير من الضياع .. جاها صوتها المزعج بكثر تطلباتها واوامرها
اللي ماتنتهي : لاقضيتي من المطبخ اغسلي ثياب الشايب واكويهن ..
هزت راسها برضى وهي تحس نفسها خادمة لهم .. بحقيقة الامر ما تعودت ابد انها
تشتغل بالبيت وماتعرف ابسط ابجدياته .. ويمكن الحسنة الوحيدة اللي كسبتها بهالبيت
انها تعلمت وشلون تنظف وتطبخ حتى لو انها اشياء بسيطة بس بدت تتعلم وهذا الاهم
كانت العجوز قاسية لكن قسوتها هالمرة غير عن القسوة اللي تعودتها .. الحين تحس
ان هالقسوة اللي فيها نابعة من حرص تتبعها بكل تحركاتها وتمنعها من اشياء كثيرة
خلتها تستسلم لها بكل انصياع .. حتى محاولاتها التملص منها والاتصال بعمتها او
ميساء كانت مستحيلة .. على الساعة 10 تقريبا شافتها لابسة عباتها وتبي تطلع مشت
وراها : خالتي بروح معك تكفين انتي قلتي بتعلميني شلون ابيع مثلك وللحين ماعلمتيني
والله اني زهقت وانا من دخلت هالبيت ماطلعت منه ..
لبست برقعها وتكلمت بصرامة : خلتس بالبيت احسن .. وش لتس بقعدة الشوارع عيون
الناس بتاكلتس .. اقعدي فيذا استر لتس ..
قربت منها ومسكت في عباتها : لا تكفين والله اني زهقت من قعدة البيت .. ابي اكلم
اهلي واعرف اخبارهم ..
فكت يدها وطنشتها وطلعت .. سمعت صوت قفلة الباب وقعدت على الارض تصيح ..
رغم كل اللي صار لها قبل اتعبها الشوق لاهلها ابوها رغم ظلمه وقسوته بس اشتاقت
له .. ماتبي شي الا انها تشوفه .. ماتبي ترجع عنده لان الرجوع معناه موعد جديد مع
الآلام اللي ماتنتهي .. كانت تجهل هالاحاسيس المتناقضة ليش تحن للألم ليش تشتاق
لكل عذاب عاشته يمكن لانها ماعرفت غيره لقت نفسها فجأة بعيدة عن كل شي عرفته
اول .. كان صوت نحيبها مسموع وهي اللي ماجفت دموعها ابد ..
سمعت صوت الباب ينفتح وقامت فرحانة .. اكيد حنت عليها ورجعت تاخذها مسحت
دموعها وابتسمت لها اول مافتحت الباب .. في ثواني بس تلاشت هالابتسامة وهي
تشوف شخص آخر مكانها .. لثواني او اكثر وقفو اثنينهم يناظرون بعض .. لا هو
توقع وجودها ولا هي توقعت غيرها بيجي البيت .. بلحظة حست بصعوبة موقفها
ركضت للغرفة الصغيرة اللي تنام فيها وقفلتها على نفسها .. حطت يدها على قلبها
وكأنها تسكن هالنبضات اللي تسارعت بشكل جنوني " هي قالت لي مافي احد بالبيت
غيرهم .. من هذا ؟ من يكون ؟ "
حست بالصداع رجع لها اقوى من قبل وهي تسمع صوت خطواته تقترب .. خوف
كبير حست فيه بهاللحظة .. تخاف يكون عنده مفتاح لهالغرفة بعد .. مسكت يد الباب
بقوة وهي تضغط على المفتاح بقوة .. حطت اذنها على الباب ماعاد صارت تسمع
شي ابد .. كانت ترتجف خوف هي ورجالين غريبين عليها ببيت واحد .. يا الله اي
مصير ينتظرها ..
بعدها بوقت سمعت صوته .. ركزت سمعها اكثر كان واضح انه يكلم الشايب بصوت
عالي لان سمعه ضعيف جدا .. ولازم الواحد يصارخ شوي لا كلمه .. فركت يدينها
في بعض من الخوف .. كانت تدعي الله طول الوقت يرجع العجوز يمكن تنقذها من
خوفها اللي يزداد كل ماسمعت صوته .. مر وقت طويل قبل ماتسمع صراخ العجوز
عليه .. : وش اللي جايبك البيت وانا قايلة لاحد يجيني الا معلمني قبل ورا ماقعدت
ببيتك وقابلت مرتك وولدك ..
كان صوته هادي وهو يرد عليها بلا مبالاة :خليها تنطق عند اهلها كم يوم الين تعرف
السنع .. والله اني ماعرفت الراحة من خذيتها ..
فهمت من النقاش اللي بينهم انه ولدها ومتزوج .. واكيد يعاني من مشاكل مع زوجته
اخذتها الافكار كثير وهي تحلل كل شي يصير بهالبيت .. شوي وسمعت صوت طق
على باب الغرفة .. ارتجف جسدها خوف وتكلمت بصوت بالكاد طلع : مين ..؟
جاها صوتها الشديد من خلف الباب وهي تتكلم بصرامة : افتحي الباب بسرعة ..
تكره هالامر بشدة دايما هالجملة وراها عقاب قاسي هالشي تعودت عليه من الطفولة
فتحت الباب ووقفت مكانها تناظرها .. دخلت وقفلت الباب وراها ومسكتها من يدها
تجلسها : اسمعي وانا خالتتس .. ولدي جاي بيقعد عندنا اسبوع وبعدها بيروح مع
مرته للشمال .. هالغرفة ماتعتبينها ابد اذا بغيتي شي انا اجيبه لتس صحيح انه ولدي
واعرفه بس الشيطان حريص وانا اخاف عليتس لا قعدتي بالبيت معه ..
هزت راسها لها وهي تسمع كل كلمة تقولها .. راح يصغر هالسجن ويصير غرفة
بس .. عادي مو جديد هالألم عليها مادام انها خايفة عليها هذا معناه انه فيها الخير
وهالشي يخليها تأتمن نفسها عندها ..
قامت من عندها وخذت المفتاح وطلعت قفلت عليها الباب من الخارج .. كان ودها
تصيح من اللي صار الحين .. هي تخاف على نفسها ومستحيل تطلع وهو موجود
بالبيت .. ليش قفلت عليها الباب الحين .. هالشي بجد يحسسها بأنها في سجن مع
وقف التنفيذ بتهمة الى هاليوم هي تجهلها ..
/
\
/
\
من اول وهي تترجاه وبكل مرة كانت تسمع نفس الجواب " الرفض " كرهت فيه
هالعناد اللي ركب راسه بهالوقت وهو ماكان ابد عنيد .. كان دايم يطاوعها ويلبي
لها رغباتها مهما كانت صعوبتها .. جلست على الارض ومسكت يده : حبيبي ..
تكفى لا تردني وانت تعرف انا ليش ابي اروح لها ..
حس اصرارها غريب هالمرة .. وهي اللي ماعمرها فتحت معاه هالموضوع قبل
مشكلة هروب ديما : يابنت الناس وين تروحين لها .. وش تبين تقولين لها اصلا
حتى البنت اختفت وماندري وين ارضها من سماها ..
قامت وجلست جنبه وناظرته برجاء : انا حلفت لها اني القى لها امها واعرف كل
شي عنها .. فيصل واللي يسلمك خلني اريحها وهي اللي ماعرفت الراحة بحياتها
ادري بتكرر علي كلامك وبتقول اخوك .. البنت تدري بكل شي وسمعت كل الكلام
اللي انقال وكل هذا ما يهمها هذي امها .. حتى لو تحملت ذنوب هالعالم تبقى امها
حرام عليك لا تصير انت قاسي بعد ..
سكت وهو يفكر بكلامها .. وبعد صمت تكلم : بس وش تستفيدين لا فتحتي عليها
جروحها وبالآخر قلتي لها مدري وين اختفت ..
قاطعته بلهفة وهي تحس انه بدا يقتنع بفكرتها : ابي اعرف ليش تركتها هالمدة كلها
وما سألت عنها ابي افهم منها وش هي اسبابها .. يمكن اقدر الاقي اعذار اقنع فيها
ديما ..
مسح على وجهه بيده وناظرها مستفسر : وبعدين ؟
تكلمت بحماس : بقول لديما عن مكان امها .. بعلمها كل شي وهي تقرر تعيش اي
حياة تختارها بعدها .. اذا تبي ترجع تعيش عند ابوها او تروح تكمل حياتها عند
امها ..
ناظرها مستغرب كلامها اللي تقوله : شلون تعلمينها والبنت ماندري وينها فيه ..؟
بثقة غريبة تكلمت : بتتصل فيني .. صحيح مادري متى بس هي قالت لي انها بتتصل
وانا راح انتظر هالاتصال ..
قرب منها وحبها بين عيونها : نفسي اعرف وش مخلوق منه هالقلب اللي ماينسى
احد .. ماتعبتي وانتي تشيلين هموم الناس وتنسين بزحمة هالهموم نفسك ..
لمعت عينها وناظرته شوي قبل تتكلم : من يوم كنت صغيرة وانا اروح مع امي
الله يرحمها لكل مكان تروح له .. وانت تعرفها ماتعرف احد محتاج وماتساعده
ولا مهموم وما تخفف عنه .. " ونزلت دموعها على هالذكرى .. مسحتها بيدها
وابتسمت له " هاه وش قلت ؟
هز راسه برضى : اوكي لك اللي تبين يمكن اذا وصلتها لأمها اقدر اسامح نفسي
على اهمالي لها من الاول .. بس ابي منك وعد بالأول هالشي بيني وبينك محد
يعرف عنه ابد ..
قربت منه وباسته على خده : والله محد يعرف عنه وعد بيني وبينك " وقامت
تبي تطلع من مكتبه " لا تطول بهالشغل وتنسى نفسك البنات مشتاقين لك ويبون
يجلسون مع ابوهم ..
ناظر بساعته وتكلم : احسبي لي نص ساعة ولو ماجيت تعالي اسحبيني بالقوة
ضحكت وهي طالعة .. وقبل تسكر الباب : ماقلت لي متي بتوديني لها ؟
فيصل وهو يقعد على مكتبه : خليني اسأل عنها وعن عنوانها وكل شي وان
شاء الله بوديك لها ..
ابتسمت له وهي تسكر الباب وطلعت .. شافت الصالة كلها العاب متناثرة كل
العاب البنات حاطينها بالصالة ويلعبون .. ضحكت وهي تشوف شكل رنا وهي
لابسة صندلها الكعب العالي ( تكرمون ) وتمشي فيه بصعوبة وبالطرف الآخر
كانت روان لافة الطرحة عليها وتسولف مع نفسها .. قربت منها وهي تضحك
ومدت لها يدها تسلم عليها .. : اجل مسوية حرمة ؟
ضحكت وهي تفصخ الطرحة مستحية : كل شوي اقول لرنا تلعب معاي ماتبي
وانا اطفش ما احب العب لحالي ..
لمتها على صدرها بقوة : انا العب معاك اللي تبين .. بس دوري شي غير لعبة
الحريم .. من وانا صغيرة العبها ..
ضحكت بصوت عالي وبانت غمازتها الوحيدة بخدها الايمن : ماما كنتي تلعبينها
زمان ؟
ضحكت معاها وهي تشوف رنا جايتهم تمشي بصعوبة بعد ماشافت امها : ايه
كنت العبها مع خالتك لمياء .. " سكتت وكأنها تتذكر كل ماضيها " بعدين كبرت
قبل عمري وانا اروح مع امي لكل مكان .. " فزت على طول وهي تشوف رنا
تتعثر بخطواتها وتطيح " بسم الله عليك ياقلبي ..قلت لك كذا مرة لا تلبسينه وهو
اكبر منك بتطيحين وماتعرفين له ..
جلست مع بناتها تلعبهم .. بهالوقت اللي تنتظر فيه فيصل يطلع يجلس معاهم ..
وماعدت اكثر من ثلث ساعة الا وهو جاي لهم مبتسم ومن شافت بناتها يصارخون
وقامو يركضون عرفت ان فيصل طلع من مكتبه التفتت وراها وشافتهم بحضنه
ضحكت على شكله وهو طايح على الارض و خام بنات يبوسهم ..
حست بارتياح كبير من موافقته على هالخطوة رغم خوفها بالبداية انه يرفض
بعد اوامر اخوه اللي نفذوها سنين طويلة وجا الوقت اللي تشوف انه مناسب انها
تجمع كل التفاصيل الممكنة .. شكرت الله اللي وهبها هالزوج المتفهم وهالاطفال
اللي تعتبرهم اغلى ماتملك ..
خلص كل شغله اللي بيده وقام على طول رايح لمكتب صديقه اللي قريب من
مكتبه .. شافه منهمك في شغله مابين الاوراق اللي قدامه والملفات اللي متناثرة
بكل مكان على المكتب .. سلم عليه ودخل يجلس معاه شوي .. رد عليه السلام
بدون مايرفع راسه عن الاوراق ..
كان مبين عليه انه غرقان بالحسابات والفواتير قام على طول يبي يطلع : اجل
شكلك مشغول ومنت فاضي لي .. اروح البيت احسن ..
رفع راسه على طول يناظر ساعته .. وبعدها ناظره : تروح البيت الحين ؟
ابتسم على شكله وهز راسه بإيه : ليش فيها شي .. ؟
بعد الاوراق اللي قدامه وسحب شماغه : لا والله بتروح البيت وانا اللي بقعد
ملطوع هنا واكرف لحالي .. بعدين من متى الحبيب يطلع قبل صلاة المغرب ؟
انا اذكر انك حتى غدى ماتروح للبيت ..
شافه يضحك وهو مسوي نفسه معصب .. وكتم ضحكته : ياخي خلصت شغلي
اليوم بدري .. وابي اروح اريح شوي ..
قام ومسك يده وجلسه على مكتبه : اجل خلص عني اشغالي وانا اللي بروح للبيت
بطلع اتمشى انا واهلي شوي ونغير جو .. لي 3 ايام اداوم من بعد صلاة العصر
الى بعد صلاة العشى .. خلني اونسهم اليوم ونغير جو ..
ضحك بأعلى صوته على كلامه .. وكل ما جا يقوم جلسه رياض بالقوة : طيب
اصبر ابي افهمك ..
قعد على المكتب الكبير وهو مازال ماسك يد طلال : فهمني ياحلو طحت بغرامها
وماعاد تقدر تبعد عنها ؟ اعترف قول اللي بالقلب ..
ابتسم وما رد عليه كان عارف انه بيعلق عليه بهالموضوع وهو مايبي يتكلم فيه
ابد كمل رياض كلامه : لا تسكت ماتعودتها منك .. اذا ماتبي تتكلم مابي اجبرك
على شي .. اعرفك لا نويت تتكلم بتقول لي اللي بالقلب كله ..
قام وهو يضحك على يد رياض اللي للحين ماسكة فيه : تعالي نقعد هناك وبقول
لك كل شي .. وبعدها مسموح انك تروح .. عشان تعرف اني احسن مدير ممكن
تصادفه بحياتك ..
مشى معاه لطرف المكتب الكبير وقعدو على الكراسي الجلدية الكبيرة : والله لو انك
اسوء مدير بالعالم كله احبك .. هذا شي من الله مو بيدي ..
اشر له قدام وجهه بيده : هيييه انت تراني طلال مانيب ام ليان تغازلني بهالكلام ..
كانت هذي دايم تعليقاته عليه وتعود انه يضحك عليها بدون مايرد .. انتظره يتكلم
لانه يدري انه مايحتاج مقدمات ولا حتي استفسارات اذا كان يبي يتكلم .. بعد صمت
طال شوي تكلم طلال : وشو ؟ وش فيك تناظرني ..
ابتسم له : انتظرك تتكلم ..
ماكان عارف اصلا وش يبي يقول له او وش اللي ممكن يتكلم فيه .. : تصدق اني
مادري وش اللي احس فيه .. ارتاح اذا رحت البيت لاني احس نفسي مستقر وفي
وحدة دايم تنتظرني في البيت .. بس مادري ليه احس شعوري تبلد يعني ماقدرت
احبها للحين .. " انتبه لنظرات التعجب وكمل بابتسامة " رغم انه كل شي فيها ينحب
بس العيب فيني انا ..
رياض باستفهام : للحين تحب زوجتك الاولى ؟
قاطعه على طول : لا .. والله العظيم ماعاد احبها ويمكن من زمان انتهت مشاعري
لها .. وكل حزني على نفسي لاني فشلت وماحسبتها صح ولأني لاول مرة بحياتي
احس باحساس الرفض .. بس هالرفض اللي حصل لي بالأول مو مخليني اجازف
الحين ..
رياض : وهي ؟ تحبك ؟
ابتسم وهو يتذكر نظرات عيونها يوم قال لها هالشي .. : للحين ماقالت شي .. بس
احس انها تحبني ..
ناظره مستغرب : ياخي انت تناقض نفسك بنفسك .. خايف انك تنجرف ورا مشاعرك
وتنرفض وبنفس الوقت عارف انها تحبك .. يعني شلون ترفضك وهي تحبك لا تكون
انسان انهزامي لهالدرجة تعودت انك مغامر ودايم تمشي خطواتك بكل ثقة وتكسبها بعدين
شلون تبيها تتكلم وتعبر عن مشاعرها وهي ماشافت منك شي .. الحرمة عمرها ماكانت
المبادرة .. لازم تلقى منك الفعل عشان تبادلك .. وانت منت جاهل او صغير عشان انا
اعلمك شلون تتعامل مع الناس ..
طق على الطاولة الخشبية بايده وهو يسمع كلام رياض اللي وتره : تصدق دايم احسك
تقول اللي بقلبي وانا عجزت اقوله هذا هو اللي بخاطري كله بس ماقدرت افسره ولأول
مرة بحياتي ما اعرف اتصرف ولا ادري وش هي الخطوة الجاية انا متأكد اني ارتحت
لها .. واحب اشوفها طول الوقت .. بس حب بمعنى الحب مابعد حبيتها ..
قام وهو يضحك على كلامه : ياشيخ اقص يدي لو ماكنت تحبها خل عنك الكلام الفاضي
بس .. خلها تبعد عنك وتروح لديرتها والله لتجيني تصيح من الشوق ..
اطلق ضحكة بصوت عالي وهو يسمع كلامه هالانسان عليه اسلوب عجيب في الاقناع
طريقته وكلماته اللي ينتقيها يخليه يتقبل كل شي يقوله له .. قام معاه وهو يشوفه يلبس
شماغه : وين رايح ؟ للحين ماخلصت كلامي ..
رياض وهو واقف قدام المراية يعدل شماغه : قول اللي تبي .. مع اني متأكد انك قايل
كل شي بخاطرك بس خذها نصيحة مني عيش حياتك واستانس ولا تتعب نفسك وتتعبها
بالهموم .. العمر نعيشه مرة حرام انه يضيع كله بمتاعب احنا اللي اخترناها ..
ما كان يدري اي طريقة يستحقها عشان يكافئه فيها .. يكفيه انه يبسط له الامورة مهما
كانت معقدة .. يريحه مهما اثقلته الهموم واتعبته .. عنده قدرة عجيبة في قلب الموازين
لصالحه .. فعلا ما عاد عنده شي يقوله .. رياض طلع كل اللي بخاطره واختصره وهو
صار منصت لحروف قلبه ..
سلمو على بعض وهم طالعين كل واحد فيهم رايح لبيته .. كل احاسيسه اللي يجهلها قدر
انه يلقى لها تفسير اليوم .. يمكن يكون فعلا ما حبها بس مايقدر يستغني عن وجودها
في حياته .. كل شي فيها له طعم بحياته سوالفها البريئة حياتها وبساطتها خجلها وحبها
له اللي يشوفه بعيونها كل هالتفاصيل اللي يدور عليها فيها وترضيه الى ابعد الحدود ..
/
\
/
\
جلست في الصالة تتابع لها برنامج ديني وهي بقمة انسجامها .. جات لها سما وهي
لابسة برمودا قصيرة الى حد الركبة مع توب بدون سيور .. وجلست جنبها ناظرتها
شوي قبل تختار افضل طريقة مناسبة تكلمها فيها .. : سما لو قلت لتس شي بقلبي
بتزعلين علي ؟
ناظرتها باستغراب .. وهزت راسها بلا : قولي .. والله ما ازعل ..
قامت وجلست جنبها وناظرت بعيونها .. هي تدري انها انسانة حساسة وهالشي يبين
بتصرفاتها .. واكيد راح تتأثر بكلامها المهم انها تنتقي الكلمات المناسبة حتى تقدر
تخليها تتقبل كل كلامها : ياقلبي انتي هاللبس اللي تلبسينه مايجوز يشوفونتس اخوانتس
فيه .. حتى لو كان محرم لتس بالآخر هو رجال .. والرجال مايحب يشوف الا مرته
تلبس له هاللبس .. " لا حظت انها ساكتة وقاعدة تسمع لها بانصات وهالشي خلاها
تكمل نصيحتها " وترى الحياء شعبة من الايمان ..
نزلت راسها بخجل وهي تفرك يدينها ببعض .. وتكلمت بتردد : نورة انتي شلون
تعرفين هالاشياء كلها وانتي ...
شافت وجهها شلون قلب احمر وعرفت انها استحت تقول الكلمة تخاف انها تزعلها
او تاخذ بخاطرها منها : ماكملت دراستي ؟
هزت راسها بإيه وكملت نورة : الدنيا تعلم اكثر من المدارس .. وانا اهلي علموني
كل شي عن ديني والحمدلله اعرف الحلال من الحرام الله يبعدنا عنه يارب .. قومي
هالحين وغيري اللي عليتس والبسي لتس شي ساتر والله انتس بتكبرين بعيونهم وهذا
اللبس البسيه بغرفتس ومحد يشوفتس احسن لتس من الذنوب ..
لأول مرة احد بحياتها ينصحها بهالطريقة رغم بساطتها الا انها اقنعتها بكل سهولة
وماتركت لها مجال انها تعترض او ترفض ابد .. تعودت طلال يهاوشها بدون حتى
مايقول لها الاسباب وامها وابوها مخلينها على راحتها ولا عمرهم وجهوها .. قامت
على طول رايحة لجناحها وكلام نورة يدور ببالها ...
اما هي كانت مستانسة انها تقبلت كلامها كانت متوقعة انها بتعاند او بتماطلها شوي
ويمكن تتغير مع الأيام بس الحلو فيها انها نقية وصافية تقبلت كل شي بصدر رحب
وطبقته بدون اي اعتراض ..
مشت بعدها وهي تحس بخوف بقلبها من هالخطوة اللي بتسويها رغم ان سما نصحتها
ورغم انها عارفة ومتأكدة اصلا انها ماتحبها بس حرام تقعد هالوقت كله محد يكلمها
ويعرف اللي بخاطرها .. تعودت اذا تضايق احد عندهم في البيت الكل التف حوله
يطيب له خاطره .. هي وشيخة او حتى امهم اي وحدة تضيق فيها الدنيا لا صاحت
في يوم وبكت شافت كل اللي حولها يبكون معاها .. بس هنا غير مشاعرهم اقل تآلف
يمكن شافت الخوف عليها بعيون امها .. وشافت محاولات سما انها تكلمها لكن كانت
تستسلم بعد كل مرة تبعدها عنها .. انتظرت لحد ما جاتها سما ومسكت يدها .. كانت
تبيها تقويها بهالخطوة المهمة : تعالي نروح لرسيل ..
فتحت عيونها متفاجأة تناظرها : وانتي للحين مصرة ؟ قلت لك يمكن ماتتقبل كلامك
واكيد بتتضايقين ..
مشتها معاها وهي مرتبكة لكن اصرارها انها تسوي اللي بخاطرها اهم : لا والله ما
ازعل ولا يتكدر خاطري من حتسيها .. هذي مثل خواتي والخوات احيان يقطون
حتسي مايحاسبون عليه . ادري ان قلبها طيب .. بس انتي تعالي معاي ..
طقو الباب ودخلو على رسيل .. اللي صار لها كم يوم من اختفت دانا على هالحال
متضايقة وماتبي تشوف احد الين تتطمن عليها وترتاح .. اول ماشافت نورة تفاجأت
انها جاية لها .. يمكن هي ما تتقبلها بس ماعندها الجرأة ابد انها تصرح بهالشي لها
في وجهها ماتحب تجرح احد بكلامها ابد سكتت ونزلت راسها وهي ماسكة دبدوبها
الوردي .. وجلسو جنبها ثنتينهم .. كانت نورة عن يمينها وجلست سما على يسارها
حست بارتياح كبير انها ماشافت اي ردة فعل عكسية من رسيل .. توقعت انها تبي
تطردها مثل ماتطرد سما اذا زهقت منها .. بس هالصمت معناه على الاقل انها راح
تحترم وجودها .. مسألة اختطاف صديقتها .. وهروب ديما اللي سمعت عنه منهم
قبل كم يوم صعقها .. هالاشياء ماعمرها سمعت عنها بالديرة ابد .. البنت ماتخطي
الخطوة الا وكل اهلها يعرفون وين رايحة .. حتى روحاتهم وجياتهم لبعض ماكان
فيها اي خوف ابد انه احد ممكن يتعرض لها .. كل واحد في الديرة كان يخاف على
كل البنات وكأنهم خواته .. رتبت كلامها وتكلمت بهدوء : اذكري ربتس يارسيل ..
والله ماينفعتس كثر الصياح ..
كانت دموعها تنزل بغزارة وهي مثبتة نظرها للأرض .. قربت منها سما ولفت
يدينها حول خصرها ولمتها لها .. ابتسمت لها نورة وهي تشوف بعيونها خوفها
على اختها .. كملت بنفس الهدوء .. : صدقيني كل مؤمن مبتلى .. و ما احب الله
عبد الا ابتلاه .. هالحتسي ابوي دايم يقوله لنا .. بس انتي احتسبي واصبري وادعي
لها ربي يردها سالمة لامها ويطمن قليبها عليها .. والله ان صياحتس اليوم مايغير
شي بيضيق صدرتس وتكرهين دنيتس طيب وش عقبه .. هالصياح مايرد احد وربي
حطت يدها على فمها وهي تبكي : انا والله ادعي لها كل شوي .. بس خايفة انها
ماتت .. ولا اللي خطفها قتلها هم دايم كذا .. دايم نقرا في الاخبار هذا اللي يصير
تكلمت سما وهي تضمها : لا تقولين هالكلام انتي المفروض اللي توقفين مع اهلها
الحين .. خلينا نروح لهم يمكن نقدر نخفف عنهم شوي ..
لفت على سما وناظرتها وهي تمسح دموعها : مادري والله خايفة اروح لهم انا
مرة بس كلمتهم قالبين البيت عزا من كثر الصياح .. شلون تبيني اروح لهم والله
اخاف ..
مدت يدها بتردد ومسكت يدها .. ضغطت عليها بقوة : اذا ماتبين تروحين ماهوب
لازم تجبرين نفستس بس حاتسيهم اتصلي عليهم بهالوقت يحتاجون اللي يصبرهم
وانتي لا تحبسين نفستس بهالغرفة اطلعي واقعدي مع اهلتس وداومي على صلاتس
والله يروح الضيق كله ..
استمر وقت طويل وهم يتكلمون معاها .. حست نورة بارتياح انها قدرت اليوم
تحقق شيئين في بالها بدون اي خسارة تذكر .. حتى سما وكلامها مع رسيل خلا
اعجابها بهالبنت يزيد اكثر رغم صغر سنها بس حست فيها خير كثير .. والشي
الاكيد حست انها ممكن تتأثر بشخصيتها لانها من طريقتها في نصح رسيل مبين
عليها تبي تكون مثلها ..
كان ودها تضم رسيل على صدرها لكن اعتبرت امساكها ليدها فاتحة خير يمكن
حتى ماتوقعتها .. رغم انها للحين ماحملت لها بقلبها اي مشاعر لكن بطبعها ما
تحب تشوف احد حزين او مكسور خاطره ..
تركتهم مع بعض وانسحبت بكل هدوء رايحة تصلي المغرب اول مادخلت عرفت
انه جا من اول ماشافت انوار الغرفة مشت بخطوات سريعة للغرفة وهي مستانسة
برجعته بدري للبيت .. شافته متوضي وطالع للمسجد .. ماشافت اي تعابير تذكر
على وجهه : السلام عليكم ...
رد عليها السلام وهو مستعجل يلحق الصلاة .. قبل مايوصل الباب لف عليها
وتكلم : بعد الصلاة لا تنزلين تحت ابيك شوي ..
هزت راسها بأيه وهي تبتسم له : ابشر ..
صلت وتسننت وقعدت مكانها تردد اذكار بعد الصلاة كانت حافظتهم من صغرها
اشياء ماتعلمتها بمدارس لكن علموها اهلها كل شي ينفعها في دينها .. ورغم انها
تجهل في امور الدنيا والتطور الكثير الا انهم علموهم كل شي يخص دينهم شافته
جاي وبيده كيس متوسط عرفت انه جايب لها شي بس ماعرفت وش هو بالضبط
فصخت جلالها وجات جلست جنبه .. : تبي اجيب لك القهوة الحين ؟
تكلم وهو يطلع كرتون صغير من الكيس : لا شوي بننزل نتقهوى مع اهلي ..
فتح الكرتون وطلع الجوال .. ومده لها : هذا لك .. مطلع لك الشريحة من يومين
وتوني اليوم فضيت ورحت اشتري لك جوال ..
سكتت وماعرفت وش تقول اصلا هي ماتدري وش اهميته بالضبط بالنسبة لها
اخذته منه وهي تناظره بتعجب .. وكإرضاء لها كمل كلامه : اذا مو عاجبك
نروح الحين وتختارين الجهاز اللي يعجبك ..
قاطعته وهي مبتسمة : لا عاجبني .. " وبحيا " كل شي منك زين ..
قرب منها وهي ماسكته بيدها تناظره .. وتكلم وهو يناظرها : شريته لك من قبل
الظهر .. وشاحنه ومركب الشريحة بعد .. " سحبه منها وفتح على قائمة الاسماء
يبيها تشوفها " سجلت لك ارقام امي وخواتي .. وهذا رقمي اذا اشتقتي لصوتي
كلميني ..
ضحكت على كلامه وهي تشوف رقمه الوحيد اللي بدون اسم : زين ليش ماكتبت
اسمك مثلهم ؟
قام ومد يده لها تقوم معاه : ابيك انتي تسميني على كيفك .. يالله نزلنا ..
وقفت وهي للحين تناظر الجوال اللي بيدها وطلعو من جناحهم صادفو سما وهي
طالعة من غرفة رسيل اللي ابتسمت لنورة بدون ماتقترب منها .. للحين تخاف
طلال يهاوشها او يقول لها شي قدام نورة .. ومن شافت الجوال اللي في يدها ما
قدرت تقاوم الفضول اللي فيها وجاتها تركض .. : مبرووووك صار عندك جوال
هاتي اخزن رقمك عندي ..
مسكها من يدها وسحبها معاه : تعالي بالصالة تحت وتفاهمو على كيفكم ..
ناظرته سما مستغربة شلون حتى هالمشوار البسيط ومايبيها تبعد عنه .. كانت تحس
انه جامد معاها والكل ملاحظ هالشي بس طول مايكون في البيت مايحبها تبتعد عنه
وهالشي يبين على تصرفاته من اول مايشوفها تقوم عيونه تتبعها الين ترجع وتجلس
معاهم بنفس المكان .. نزلت معاهم وهي تسولف مع نورة وجلسو بالصالة يتقهوون
وهي ماسكة جوال نورة وتعلمها على كل شي تجهله .. ورغم انه كان يطالع برنامج
على احدى القنوات الا انه عينه كل شوي تروح لها يناظرها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:35 PM
انفتح باب الغرفة المقفلة عليها وشافته جاي لها وهو مبتسم من اول ماقرب منها وهي
تشم ريحته القذرة .. كتمت نفسها ماتبي تستنشق هالروائح الكريهة .. كان مايزال في
وعيه رغم انه يترنح خطوات الا انه قادر يركز في كل شي حوله مسح على شعرها
وهي ترتجف من حركته .. ضحك وهو يشوف خوفها اللي بعيونها : لا بنتي حبيبتي
ما تخاف من ابوها .. قومي اقعدي معانا شوي واستانسي .. ولا تبكين ترى مو حلو
عليك ابد ..
غمضت عيونها وهي تسمع صوت ضحكته العالية .. هالشقة اللي سجنها فيها قبل كم
يوم مقيتة الى ابعد الحدود .. كانت تضحك بقرارة نفسها على تصرفات ابوها يخاف
عليها من اصحابه وبنفس الوقت يخليها تجلس معاهم وهو يفقد وعيه ولا يدري وش
اللي يصير من وراه .. رغم انه مهدد الكل محد يلمسها ..
قضمت اظافرها بخوف وهي تشوف صديقه يقرب منهم التفت له واشر له يطلع من
عنده .. رجع ناظرها وابتسم لها .. : يالله ياحلوة قومي لا تزعليني منك .. ترى للحين
بقلبي نار على امك ..
نزلت دموعها وهي تسمع كلامه كل يوم يجبرها تقعد معاه هو وصديقه .. وكل يوم
يسمعها الكلام اللي زرع الخوف بقلبها .. " هذا بيصير زوجك لا تستحين منه "
كان ودها تصارخ اعتراض على هذا القرار المجحف بحقها .. اكيد راح يجبر امها
ترجع البيت وبعدها راح يزوجها لهالشايب العربيد .. شي جدا اقسى من انها تتحمله
كل الظروف اللي حولها صعبة مهما حاولت تهون على نفسها بس هاللي تعيشه قمة
العذاب حست باظافره تنغرز بيدها وعرفت ان هالقبضة بداية العقاب قامت مرغمة
معاه .. ومشت تجر خطواتها كسيرة ..
كان صوت شهقاتها غير مسموع طغى عليه صوت الاغاني اللي يصم الاذان بكل
دناءة مارسو كل انواع قذاراتهم امامها وهي تدنس نظرها بهالمشاهد المؤذية ..
" يارب خلصني من هالجحيم .. "
كانت تدري انه مايفقد مثل ابوها اللي كان يفقد بشكل كامل كان يشرب قليل ويبقى
في وعيه وهالشي اللي يخوفها منه .. علو صوت الاغاني اكثر .. وقام مد يده لها
يبيها تقوم ترقص .. دفت يده عنها وهي تصارخ .. : ابعد عني ..
وقفها بالقوة وهو ماسك يدينها .. حاولت تسحب يدينها منه بالقوة لكن كان ضاغط
بقوة عليها ناظرت ابوها وصرخت عليه برجاء : يبه .. خله يوخر عني تكفى ...
ضحك وهو يأشر له بيده : لا تستعجل على رزقك .. كلها كم اسبوع وتتزوجها ..
كان يتكلم بلسان ثقيل والكلمات تطلع منه بصعوبه .. قدرت انها تتخلص من قبضته
ودفته عنها بقوة وركضت تجلس جنب ابوها : يبه قول له لا يلمسني .. " هزته
اقوى تبيه يستوعب كلامها " يبه .. يبه لا تخليه يقرب مني .. " حست بيده على
كتفها وصرخت بأعلي صوتها " لاااااااا ياحقير .. لا تلمسني ..
قرب فمه من اذنها وتكلم بدناءة : لا تزعلين ياحلوة .. مابي منك شي الحين مردك
بتجين لي بنفسك ..
لزقت في ابوها اكثر بدون ماتلتفت له : زيييييين بس انت وخر عني الحين ..
سمعت ابوها يسبه بالفاظه القذرة يبعده عنها وتبادلو الاثنين سيل الشتائم اللي اصمو
اذنها بسماعها كل يوم ..
حست براحة كبيرة وهي تشوفهم نايمين قامت تتسبح بعد قذارتهم وروائحهم اللي
الى الآن تشمها ..
بمكان ثاني وبقصرهم من بدري دخل عادل ويزيد يفتشون عن اي شي يثبت لهم
انه اخذها .. لكن للأسف ماكان فيه اي دليل يقدرون يوصلون فيه للي يبون .. كل
يوم عادل يراقبه بس ماشاف اي شي ممكن يثير شكه .. نفسه ابوه اللي يعرفه من
زمان او بالاصح صار احرص من اول على صورته .. يجي للبيت وهو صاحي
ويطلع منه بعد صاحي .. اكيد انه يلتقي اصدقائه بمكان ثاني .. لانه متأكد ان ابوه
مو بسهولة يترك هالاشياء اللي ادمنها من شبابه ..
طلعو من القصر وكل واحد فيهم مقهور ,, التفت عادل على يزيد : والله انه هو
اللي ماخذها ابوي واعرفه حتى يوم اجي له واتكلم معاه يتكلم بحنية مابحياتي شفتها
فيه .. بس عمري ما توقعته بهالذكاء كله ..
قاطعه يزيد وهو يضحك : ذكاء ؟ لا والله هذا خبث ودهاء اللي براسه .. يبي يحسن
صورته ويكسب الدعوى .. وانا متأكد انه بيكسبها وبياخذهم للبيت غصب ..
مشو راجعين للبيت وتكلم عادل : تعبت والله ومادري وش اقول لأمي وربي ماقدر
اشوفها تتعذب وانا مابيدي شي اسويه ..
كان يشتكي ليزيد اللي ماعمره قاله لاحد شي بالقلب ويبي ينفس عنه يمكن يرتاح
هذا فعلا اللي كان يحسه بوقتها .. كل الظروف والمشاكل بحياتهم واللي سببها ابوه
تجاوزت حدود احتمالهم .. مايذكر انهم عاشو بسعادة ابد دايم مشاكل تربو عليها
من صغرهم .. اشياء اتعبتهم واثرت على شخصياتهم .. كلهم كان يبان عليهم الحزن
مهما اصطنعو الفرح رجع للبيت بخيبة كبيرة وهو يدخل على امه وخواته اللي ينتظرون
اي شي يطمنهم عليها .. رغم هذا كان عنده ايمان كبير انه راح يشوفها ويتطمن عليها
حتى لو يجهل متى بيكون هاليوم ...
في بيتهم الكبير تجمعو اقاربهم في يوم ملكتها .. كانت معصبة ومتضايقة طول
اليوم وماخلت احد ماصارخت عليه .. حتى مكياجها وشعرها راحت لمشغل تبي
تسويهم فيه ماتبي تقعد في البيت بهاليوم اللي بنظرها كئيب .. من عرفت انه مو
حاضر لا هو ولا زوجته ولا خواته ملكتها وهي مقهورة .. حست انه مايبي اي
شي يرتبط فيها .. انهاها من حياته وخلاص ماعاد لها وجود ابد ..
محد سلم هاليوم من طولة لسانها .. ضايقتهم بتشرطاتها وأوامرها طول الوقت
وهي تصارخ على كل اللي حولها حتى امها الكبيرة ما احترمتها وحفظت لسانها
عنها ..
جاتها فوزية في الغرفة معصبة : خير وش فيك بعد ؟ كلها 10 دقايق ويزفونك
بتقعدين عاقدة الكشرة ومادة هالبوز شبرين ؟
ناظرتها بطرف عينها وتكلمت بغرور : وانتي وش دخلك .. اسوي اللي ابي من
حبي لهم عاد .. وع ما اكره منه الا خواته شايفات انفسهم ..
ضحكت وهي تهز راسها بتعجب : كلكم فيكم الخير والبركة .. وانتي بعد منتي
بناقصة عنهم .. اهم شي ابتسمي ابي لطيفة تشوف انك فرحانة ابيها تتحسف
على القروية اللي خذوها وتتمنى لو انه رجعك ولا خذاها ..
قامت وهي تناظر بنفسها في المراية ابتسمت بغرور وهي تشوف شكلها برضى
ووقفت جنبها منال تضبط لها الفستان .. ومروى قاعدة معاهم على السرير ..
رجعت لفت على ام طارق وتكلمت برجاء : انتي لو الله يهداك وتسوين اللي
قلت لك عليه بتريحيني ..
اشرت لها بعيونها تسكت .. ماتبي بناتها ينتبهون لكلام حنين .. : يالله انا بنزل
تحت انتظركم لا تتأخرون ..
وقفت جنبها منال تناظرها : حنو وش اللي تبين امي تسويه لك ؟
تحركت من قدام المراية وهي تأشر لمروى تقوم : قومي يالله زفوني ابي انهي
هالليلة وانام ..
وقفو ثلاثتهم عند الباب والفتت منال لمروى : انزلي انتي اسبقينا ..
كشت على وجيههم ونزلت .. ضحكت منال وكملت بفرحة : الحمدلله يارب
قدرت امي تجيب راس ابوي ويتحقق حلمي .. ان شاء الله يارب ملكتي قبل
زواجك .. انا بقول لامي تحددها معاهم بعد اسبوع او اسبوعين .. والله ما اقدر
اصبر اكثر ياحبي له .. حارمته من شوفتي الين يوم الملكة .. بينجن علي والله
حطت يدها على اذونها تسكرها : بس .. بس .. ياكرهي لهالصلاح وطاريه
تراك امرضتيني .. جعلك تحترقين انتي وياه لا تصدعين راسي بسوالفكم يحبك
وميت عليك وش اسوي لكم انا ..
تأففت بقهر من كلامها .. وقبل تقول شي اتصلت عليها امها يبدون الزفة نزلت
وهي شاقة الابتسامة وتلتفت كل شوي لمنال وتضحك .. اللي مشت معاها وهي
مستغربة هالتغير المفاجيء في تصرفاتها .. جلست على الكرسي المخصص لها
بكل غرور بعد وقت طويل شوي قالو لها تدخل المجلس لان عزام مايبي يدخل
عند الحريم ..
دخلو معاها امها واختها وخواته وامه .. كانو فرحانين فيهم وبهالمناسبة اللي
اليوم .. ابتسم اول ماشافها .. قربت منه ومد يده يسلم عليها .. مدت يدها بدون
ماتناظره .. وهمس لها : الف مبروك علينا ..
طنشته او بالاصح مثلت الحيا عليه لانها تحس نفسها مو طايقته .. بعد مالبسها
الدبلة والشبكة .. طلعو كلهم وقعدت هي معاه .. كان يظن بالبداية انها مستحية
كل ماقال لها كلمة .. ردت عليها باجابات جدا مختصرة ..
بس مجرد ماجلس معاها وقت اطول استشف من كل تصرفاتها غرورها الكبير
كان مبين عليها انها متضايقة وهالشي هو اللي خلاه يستغرب موافقتها مادام
هذا شعورها الحين ..
كانت تبتسم له اوقات .. لكن اغلب الوقت كان يطغى غرورها على مشاعرها
قرب منها وباسها على خدها : ان شاء الله تمر هالأيام بسرعة ويجمعنا بيت
واحد ..
نزلت راسها تمثل الخجل عليه ماصدقت نفسها وهي تسمع اخته تقول له انه
لازم يطلع الحين .. تنفست بعمق وهي تشوفه يطلع من عندها .. جاتها منال
تركض هي وصديقتها وجلسو جنبها تكلمت منال : يالله علميني كل شي صار
وش قال .. و وش قلتي له .. كل شي قولي لي الحين عليه ..
زمت شفايفها بقرف : وش اقول ماصار شي اصلا .. عادي .. انا بروح انام
مالي خلق احد رجاء لاحد يزعجني .. واذا احد سأل عني قولي مواصلة من
امس وراحت تنام ..
طلعت غرفتها وقفلت على نفسها الباب ورمت نفسها على سريرها تصيح من
قلب .. فرق كبيييييييير عن يوم ملكتها على طلال واليوم .. كانت فرحانة في
طلال رغم انها ماكانت تحبه بس كانت فرحانة بحبه لها .. لهفته وكلامه معاها
كل شي كان غير كل شي كان مختلف .. كانت تظن انها راح تكمل معاه عمرها
كله .. بس تكبرت على حياتها واختارت انها تبعد عنه .. والحين بتموت قهر
عليه .. ماتدري ليش صارت تفتقده بكثرة رغم محاولاتها للنسيان .. حياته مع
زوجته تزيد من مقدار عذابها اكثر .. عاش من بعدها مستانس .. بس هي الحين
تعيش بحسرتها عليه .. حست نفسها مابكت بيوم كثر هاليوم .. بكت لحد ماحست
ان ضلوع صدرها ضاقت فيها .. وكان هذا آخر شي تتذكره قبل ما تغط في نوم
عميق على نفس هيئتها اللي دخلت فيها للغرفة
من كم يوم وهم كل شوي ينزلون للسوق يتقضون جهاز شيخة .. كانت مستانسة
انها تروح وتختار لاختها كل اللي تمنت بيوم يكون لها .. تدري انها ماتفهم بأمور
الموضة شي وفضلت انها تاخذ معاها البنات يختارون معاها .. ورغم انه باقي
على زواجها حول الشهر ونص الا انها تبي تتقضى لها كل شي من بدري بعدها
تتفرغ لنفسها ولخواتها وبنات عمها ..
كانت تتضايق من حركات سارة اللي تفشلها اوقات كثيرة .. رغم انها ماتتكلم
وتقول اللي بخاطرها الا انه يبان بعيونها وهي تناظر الناس .. وقفو ياخذون لهم
عصير من احد المحلات .. والتفتت لسارة شافتها مركزة نظرها بمكان .. واول
مالفت شافت واحد واقف يناظرها .. قربت منها ومسكت يدها : سارة ماتخافين
ربتس .. وش تبين بالرجال تناظرينه ؟
تكلمت بفرحة : هو اللي يناظرني .. الظاهر اني عاجبته .. ياويل قلبي يازينه والله
انه مزيون ..
سحبتها وبعدو عن المحل وتركت العصير اللي طالبته ومابعد جابوه لها للحين ..
واول مابعدو تكلمت معاها بصرامة : وش هالكلام اللي تقولينه ؟ ماتدرين ان العين
تزني وزناها النظر ولا ماعلموتس اهلتس هالشي .. ياسارة خوفي ربتس ولاتغرتس
الدينا ترى محد بينفعتس لا قابلتي رب العالمين ..
فكت يدها منها وتكلمت بعصبية : وش اني مسوية يوم تقومين الدنيا علي .. قولي
بعد اني خارجة عن الملة .. ترى ماجيت معتس ولانتي وصيتن علي كيفي اسوي
اللي ابي تراتس ضيقتي خلقي وانتي تامرين وتنهين تسني اصغر عيالتس ..
اشرت لها تقصر صوتها : اووووص .. قصري حستس لا تفضحينا .. وانا وش
قلت لتس .. الحين صرتي ماتقبلين النصيحة هذا كله لاني احبتس واخاف عليتس
ما ابي لتس الا الخير .. ومابي البنات يشوفونتس ويقولن هالبنات ماتربو ولا
لقو لهم من يعلمهم الصح من الخطا ..
مشت داخلة لمحل وهي تتكلم بصوت اهدا من قبل : زين مانيب مسوية شي ابد
ولا بزعلتس بس عاد انتي لا تسوين علي تسنتس امي وكل شوي تتأمرين علي ..
سكتت وهي عارفة سارة وعنادها .. تدري فيها بالاخير اللي براسها بتسويه حتى
لو قالت لها انها راح ترضيها .. كانت تسترق النظرات لها وهي تشوف حركاتها
كانت متغيرة كثير عليها .. تدري انها مازالت تحمل بقلبها طيبة الا ان المظاهر
غرتها .. رغم انها مازالت محتفظة باطباعها بس هي تخاف عليها تخاف تنجرف
مع طوفان هالتطور وتنسى اهلها ونفسها وراها ..
طلعت جوالها من الشنطة تبي ترد ونطت فيها سارة ولزقت فيها : النوري ابي مثله
هالجوال .. ان شاء الله من بكرة اخلي محمد يروح يجيب لي نفسه ..
ردت على سما وقعدت تنتظرهم يجونهم : من وين لتس هذا غالي .. انتظري الين
يجيتس راتبتس واشتري لتس شي على قدك .. اهلتس احق بهاللي تضيعينهن على
هالخرابيط ..
شهقت والتفتت لها بعصبية : وش خرابيطه ؟ وانتي ليش ماتعلمين نفستس ؟ ولا
حلال عليتس هالعز وحرام علي ..
تكلمت بهدوء وهي تتجاهل نظرات اللي حولهم من صوت سارة العالي : كل شي
جابه لي رجلي الله يخليه لي .. واهلي ماقصرت عليهم بشي .. كل ماراح راكان
للديرة ارسلت معه اللي يسدهم .. " مدت يدها وضغطت عليها " اسكتي هذا هم
البنات جو لا تحتسين شي عندهم ..
اول ماجو عندهم سما و رسيل محملين بالاكياس اللي متعودين يطلعون فيها مع
كل نزلة للسوق .. طلعو من المجمع راجعين لبيوتهم وصلو سارة بالاول وبعدها
رجعو للبيت .. اول ماطلعو البنات فوق صرخت رسيل بأعلى صوتها : وووووع
اكرهها قروووووية وتجيب المرض والله ماعاد انزل السوق اذا بتروح معانا وش
ذا .. ماشافت خير ابد .. على الاقل نورة راكزة وماعمري لا حظت عليها شي
بس هذي لا .. ياربي وش هالقرف ..
قربت منها سما تبيها تقصر صوتها : طيب بس قصري صوتك لا تسمعك نورة
مهما كان هذي بنت عمها .. انا بعد ماحبيتها احسها غبية ..
ناظرت ساعتها واشرت لها تطلع : خلاص روحي انتي انا بكلم نجود شوي يمكن
اروح لهم بكرة .. " وتذكرت " الا صدق تروحين معاي ؟
شالت اكياسها اللي حطتها على الارض وهزت كتوفها : مادري اذا صرت رايقة
رحت .. من زمان ماشفت خالتي ام عادل ..
عورها قلبها من سمعت اسمه .. تدري وش كثر هو متعلق في دانا اكثر وحدة
بخواتها كان بينهم صداقة عجيبة .. لاحظت كثرة اتصالاته عليها وكل شوي تقول
لها دانا انه متصل يتطمن عليها .. هالشي اللي هي عمرها ماعاشته ..
ماتدري وش اللي يحس فيه .. اكيد انه يتعذب ومحد يدري اللي بقلبه .. كتوم مثل
ماقالت لها عنه دانا .. يتحمل كل اوجاعهم بس مايشتكون هم ..
خذت جوالها وطلعت رقم نجود من القائمة بعد ماقررت انها تروح لهم من بكرة
يمكن تقدر تشوفه وتتطمن عليه .. على الاقل تعرف اخباره واحساسه بهالايام ..
دقت الرقم وقامت تسكر الباب تبي تاخذ راحتها وهي تكلمها ..
/
\
/
\
من عرف انها انخطبت وان زواجها تحدد وهو يحس انه انهزم وان هالجوهرة
اللي فرط فيها بتروح لغيره .. كان يدري انه يتحمل كل الخطا وهي كانت ضحية
وعرفت كيف تنتقم لنفسها صح .. هالهزيمة خلته يرجع لجدة مع اهله بأسرع وقت
رغم انهم كانو مقررين يطولون بالديرة اللي جو لها من حول الشهرين .. واليوم
طلع من الديرة يجر اذيال الهزيمة بعد ماكان جاي وبداخله رغبة كبيرة انه يرجع
لها ويرجعها له ولأيامه ..
راح لعماته يسلم عليهم ويودعهم .. كانت تحس بداخلها انتصار كبير الحين بس
حست بالسعادة رغم انها تجهل شلون راح تكون حياتها المستقبلية الا انها تحس
بسعادة الانتصار .. انتصار على الماضي وعلى قلبها وجراحه اللي اتعبتها وعلى
كل احساس خذلان وخيبة راودها بيوم من الأيام بسبب حبها البريء له ..
وقفت عند شباك خالتها تناظره تودعه وتودع معاه كل جروح كانت بقلبها تودع
معاه الماضي بكل قسوته .. كل صورة اتعبتها وارهقتها راح تكسرها اليوم على
مشارف هالطريق .. راح تمحي بيدها كل الذكريات المؤلمة معاه من هاللحظة ..
نزلت دمعتها غصب عليها وهي تشوفه .. ماتدري وش هو الشعور الحقيقي اللي
يراودها الا انها ترسم فصول النهاية بكل حرفنة .. قد تكون هالفصول متعبة لها
لكن كل تعب اهون مليون مرة من التعب اللي عاشته قبل .. هي قررت واتخذت
قرارها بلحظة قوة واليوم تحصد نتائج هالقوة اللي نبعت من داخلها .. ماقدرت
توقف سيل الدموع اللي شق طريقه بكل راحة على خدودها .. كانو حولها خواتها
وهيا وهم يشوفون فصول هالمسرحية المؤلمة .. قالت لهم اكثر من مرة محتاجة
بس تودعه وتتأكد انها انهته من قلبها للأبد ..
قربت منها موضي وبعدتها عنها مبتسمة : بيجي يوم وانساه ياموضي لا تخافين
الحين ابي اقوي قلبي .. صدقيني بنساه وبنسى كل شي صار ..
شافته وهو يروح .. ركب السيارة ومشى راح وماترك لها بقلبه اي شي عشان
تذكره فيه .. هالمرة ودعته على الشباك مثل قبل بس هالمرة هي اللي ماتبيه وهو
اللي ميت عليها .. تفاصيل مختلفة نهائيا عن الرحيل الأول .. والوداع القاتل ..
مسحت دموعها بعد ماغاب زوله نهائيا عنهم والتفتت عليهم مبتسمة : الحمدلله
رب العالمين .. الحمدلله ..
ناظروها مستغربين من ابتسامتها الغريبة واللي تنم عن ارتياحها بهالوداع جلست
وهي تضحك رغم الدموع اللي مازالت تنزل من وقت للثاني .. : كان ابوي دايم
يقول لنا حديث بحياتي ماعرفت وش هو معناه ..(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله
خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته
ضراء صبر فكان خيرا له) .. اللهم اجعله خير لي يارب ..
كانت موضي تسمع كلامها وتقوي قلبها بهالكلام اللي تسمعه .. شي تغلغل للصميم
وكأنها تسمعه للمرة الأولى رغم انه فعلا كان دايم يكرره لهم ..
فزو بسرعة على صوت صراخ امهم بالبيت .. طلعو كلهم ركض ووقفت قلوبهم
وهم يشوفون امهم تحرك ابوهم .. اللي طايح على الارض بدون ادنى حركة ...
ركضو البنات وتجمعو حول ابوهم وهم يصيحون ام راكان ترش الموية على وجهه
وهو مازال على نفس وضعه ماتحرك .. صرخت موضي على مشعل يروح ينادي
لهم احد يجي ياخذه بسيارته يوديه للمركز الصحي ..
وماهي الا دقايق حتى تجمعو رجال الديرة وشالوه .. رايحين فيه للمركز الصحي
الوحيد بهالديرة ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:37 PM
اللقاء اليوم كان اهدا من لقاء الامس .. كانت ميساء مبسوطة وملامح الفرح
اللي بقلبها اكبر من اي شي ثاني امس طلعت من عندها وهي تحس بعذاب كبير
انها ضيعت ديما .. واليوم تجي وهي تحمل خبر مفرح انه بنتها مو بس على
قيد الحياة لكنها موجودة وراح يجتمعون بأقرب فرصة .. اول ماجلست معاها
وقبل ماتعرف منها اي شي عن الماضي تكلمت .. : بصراحة انا كنت اظن
انك تركتي ديما لاسباب احنا نجهلها ووعدتها اعرف الاسباب واوصلها لك ..
بس بما اني عرفت انك كنتي تظنين انها متوفية هذا معناه انه مالي حق اليوم
انبش الماضي كل اللي علي اوصلها لك وانتي تفهمينها بكل شي صار .. واكيد
راح احترم خصوصيتك بس ابي اقول لك خبر يفرحك مثل مافرحني انا وفيصل
" ركزت نظرها عليها تبي تشوف ردة فعلها " من ساعة كلمتني ديما ..
حست بقلبها راح يخترق ضلوعها بهاللحظة .. اسم بنتها بحد ذاته يفتح عليها
جروح كثيرة مالها آخر .. اي خبر عنها يزرع امل ابدا ماكان له اي وجود
وجهها صار احمر ورجعت لها نفس الرجفة اللي امس .. تكلمت وهي تحاول
تطلع صوتها بصعوبة : لقيتوها ؟
واول ماسمعت رد ميساء سجدت لربها سجود الشكر .. وبعد مارفعت من
السجود لمحت ميساء دموعها اللي مغرقة خدودها رفعت يدينها للسماء وبدت
تدعي بصوت مسموع " اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك "
مسحت وجهها بيدينها وجلست جنبها تسألها عن كل شي عن ديما .. ماكانت تبي
تخرب عليها فرحتها وتحكي لها معاناتها اللي عاشتها ببيت ابوها تكلمت باختصار
وتركت باقي الامور تقولها لها ديما بنفسها ..
سمعت صوت صلاة العشا وناظرت ساعتها .. ابتسمت وهي تناظرها : مدري
شلون الوقت يمشي عندكم .. يالله بكلم زوجي الحين يمرني ..
مسكتها من يدها تقعدها .. : اجلسي بقول لك كل شي صار معاي .. انتي جيتيني
من الرياض تبين تعرفين كل شي .. وانا محتاجة احد افضفض له عن اللي بقلبي
استسلمت لها وقعدت تسمع كل شي عن ماضيها .. حول الـ 25 سنة من عمرها
اللي ضاع كله ظلم وقهر : كنت صغيرة بعمر الـ 17 يوم شافني عند اخوي وتقدم
لي بعدها .. رفضت انا ورفضت امي لانه كان متزوج .. وبعد محاولات منه اكثر
من مرة تزوجته .. كان يحبني بشكل كبير .. لدرجة اني اوقات استكثر هالحب
على نفسي .. لكن ماريحوني خواته وزوجته الاولى .. كان وقتها عندها ولدها ..
الكبير طارق .. وبنتها اللي ولدتها قبل زواجي بكم شهر الظاهر اسمها منال بكل
مكان يشوفوني يرمون علي كلام وانا اتجاهله .. حتى خالتي كانت توقف معاي
بصفي لانها تدري انهم ظالميني .. تحملت كل شي عشانه لاني كنت احبه .. وهو
بعد نسى كل شي وتركها .. صار وقته كله لي ومايتركني ابد وقتها كنت صغيرة
وهمي كله انه زوجي يكون معاي ومابيه يروح لها وهذا هو اللي كان يبيه بعد ..
نسيت كل شي وانا معاه .. وحملت بديما بعد 8 اشهر من زواجي والحمدلله ولدتها
بالسلامة .. بالنسبة لي كانت تتويج لقصة حب كبيرة كانو الكل يتكلمون عنها ..
وكثرت احقادهم علي .. صرت بالاخير اقول له روح لها بس لا يصير شي بيننا
من كلامهم .. ورغم انه كان اوقات يروح لها .. بس كان يجيني كله شوق لي ..
عشت معاه احلى 4 سنوات من عمري فجأة تغير علي ماعاد صار هو الانسان
اللي عشقته وعشقني .. تغير حاله وصار انسان ثاني كله وحشية .. يطقني بدون
رحمة وتحملت كل شي لاني احبه .. ولانه اوقات كان يجيني ندمان ويعتذر عن
اللي صار لي منه .. واسامحه رغم كل اللي احسه بس كنت اسامحه .. كان عمر
ديما سنتين ونص اول ما بدا يتغير علي .. تحملت فوق الـ 6 اشهر هالعذاب ولا
قلت شي ابد .. رغم انه اوقات كان يتهمني بشرفي ويشك فيني بشكل جنوني ..
فجأة صحيت من نومي على انسان يحاول يعتدي علي والى هاليوم ما اذكر وش
هي ملامحه او حتى شلون دخل للبيت .. والله العظيم مادري شلون دخل غرفتي
كل اللي اذكره انه دخل علي وهالشخص معاي .. ومن يومها ابتدا عذابي الفعلي
كان كل ضرب لي قبل ارحم مليون مرة من تعذيبه لي وما وعيت الا وانا في
المستشفى واخواني حولي .. وبعد اسبوع رجعت مطلقة لبيت اخوي في الشرقية
وانتهى كل شي كان يربطني فيه الا الذكرى اللي ذبحتني وانا اتذكر ايامي معاه
كنت اوقات وانا في قمة سعادتي معاه .. اقول اني راح انحرم من هالسعادة ..
حاولت انسى كل شي واعيش تحملت اهانات اخوي ومرته كل شي كانو يقولونه
لي كنت اتجاهله .. اهم شي اربي بنتي باللي انا تربيت عليه .. وفوضت امري
لرب العالمين انه ياخذ لي حقي من كل من ظلمني ولو بعد سنين .. ونسيت كل شي
صار مادام بنتي معاي ماعاد يهمني شي .. 6 سنين وانا اتحمل كل شي ينقال
في حقي وساكتة .. كنت كل ما اشوف ضحكتها انسى كل همومي .. الين جا اليوم
اللي صحيت فيه من نومي ادورها ومالقيتها دورتها بكل مكان ومالقيتها وبعد
ما سألت قالو لي انها توفت بحادث على الطريق .. " بدت تنتحب بعد ما تجاوز
المها كل احتمال .. حتى ميساء اللي من سمعت لها وهي مو قادرة تتحكم في
دموعها .. قربت منها اكثر ولمتها .. رجعت تكمل وهي تمسح دموعها " والى
يوم امس وانا اظن انها فعلا توفت .. حتى الحين مادري من هو اللي كذب علي
ابوها ولا اخوي .. اللي حلفته امس وانكر انه كان يدري عن شي .. بس والله
الذي لا اله الا هو ماراح اسكت عن حقي هالمرة .. راح اخذ حقي من كل اللي
خدعوني هالسنين " ورفعت يدينها تدعي ربها " اللهم من ابتلاني في عرضي
فابتليه في عرضه .. ومن حرمني من بنتي فاحرمه من اغلى مايملك يارب
العالمين ..
مسحت دموعها وهي تستجمع انفاسها بعد ماحست بصدرها ضاق وماعاد تقدر
تتنفس اكثر .. غطت وجهها بيدينها ورجعت تصيح ربتت ميساء على ظهرها
تحاول تهديها .. : اصبري يا ام خالد .. انتي صبرتي هالسنين كلها وتحملتي
كل عذاب .. والحمدلله ربي بيرد لك بنتك ويقر عينك بشوفتها .. اصبري ولا
تجزعين من الابتلاء .. وتذكري قوله سبحانه وتعالى " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ " وانتي الحمدلله صبرتي ونلتي ..
ناظرتها وهي تمسح دموعها ورددت من بين صوت تنهيداتها : الحمدلله رب
العالمين .. الحمدلله ..
لقائهم اليوم استنزف كل مشاعرها ديما عاشت بعذاب لكن عذاب امها كان اكبر
واقسى .. ظلم وتعذيب وقذف في العرض وحرمان من بنتها سنوات طويلة ومع
هذا كانت انسانة صابرة رغم كل جروحها و آلامها ودعتها وهي تتمنى يمر
الوقت بسرعة وتقدر تجمعهم مع بعض باقرب فرصة .. و لاول مرة بحياتها
تكون راضية عن نفسها كل هالرضى اللي سوته امس واليوم انجاز اعظم من
كل انجازاتها بكل حياتها حمدت الله وشكرته كثير .. واحتسبت اجر اللي سوته
عند خالقها .. طلعت من عندها بوعود الفرح القادمة لها بعد ساعات فقط من
الحين .. ورجعو للرياض يتقاسمون الحديث عن هالماضي المجحف بحق ام
ديما ..
اول ماوصلو للرياض رجع اتصل على نواف اللي رد عليه على طول وهو
اللي كان طول الليل ينتظر هالاتصال : هلا والله .. وصلت ؟
كان يناظر اللوحات حوله ويكلمه : ايه قريب منكم .. بس علمني وين بيتكم
فيه بالضبط ..
قعد يوصف له بيتهم .. وبعد ماعجز انه يوصله .. قال له يوقف عن محطة
البنزين اللي بأول الشارع وهو يجي له .. ورغم ان الوقت كان متأخر الا انه
ماكان فيه مجال للتأخير اكثر .. راح لها عند الباب وهمس بصوت حاول انه
يكون مسموع .. : بروح اجيب عمك الحين ..
فزت من مكانها فرحانة .. ماكانت مصدقة ابد اللي تسمعه .. انتظر شوي انها
تتكلم .. ويوم طولت طلع من البيت رايح يقابله .. اول ماشاف سيارته اشر له
يمشي وراه .. وصلو للبيت ودخله للمجلس .. : هلا والله .. يالله تحيه ..
ضحك فيصل وهو يجلس : غريب هالضيف اللي يجي هالحزة بس انت تعرف
انها بنت اخوي وما اقدر اخليها تقعد ببيت غريب ..
ابتسم له وهو يحاول ينسيه الاحراج اللي لاحظه عليه : من حقك وانا اخوك بس
اصبر شوي الين تقوم الوالدة تتهجد واخليك تكلمها ..
استسلم لرغبته وهو يناظر ساعته كل شوي .. سمعو صوتها تكح وهي تسبح
ربها بصوت عالي .. وراح لها نواف على طول .. تناهى لمسامعه صوت
احتجاجاتها وهالشي خلاه يتطمن انها كانت حريصة عليها .. دقايق وجاته
وهي لابسة عباتها وبرقعها .. وتكلمت بكل صرامة : من انت ؟
كتم ضحكته وهو يسمع صوتها الخشن شوي من النوم : انا فيصل عم ديما
وجاي اليوم ابي اخذها ..
قاطعته بنفس الصرامة : لا والله ما تطلع من هالبيت الا على بيت امها وانا
حلفت لها بالله ماترجع لكم .. ماتخافون الله انتم في هالضعيفة ..
مسكها نواف يبيها تهدا وتكلم فيصل يفهمها كل شي .. قال لها على كل شي
هي تجهله بس حست قلبها مو متطمن .. راحت لديما وكلمتها واول ماحست
انه صادق قالت لها تتغطى ومسكت يدها وراحت فيها للمجلس مرة ثانية ..
اول ماشافت ديما عمها كانت بتركض له .. وهو وقف لها ينتظرها تجيه ..
لكن العجوز مسكت يدها وضغطت عليها : اصبري يابنتي " والتفتت بعدها
لفيصل " هذا هي بنت اخوك قدامك قبل ما تطلع من بيتي احلفك بالله انك
تاخذها لامها وتبعدها عن ابوها الظالم ..
قاطعها وهو يشوف نواف طالع من المجلس يبيهم ياخذون راحتهم : انا اللي
حالف لربي اني بوديها لامها .. وان شاء الله قبل الظهر وانا ماشي ..
لفت على ديما وناظرتها بعيون حاولت تحبس فيها دموعها : اذا وصلتي عند
امتس طمنيني عليتس .. ولا تقاطعيني ابد .. وسامحيني وانا خالتتس تساني
قسيت عليتس ولا ظلمتس والله انه كله من خوفي عليتس .. مابيتس تطلعين
للشوارع وينهشون بلحمتس .. هزت لها راسها برضى : ان شاء الله ..
فصخت نقابها وهي تمسح دموعها وراحت لعمها حضنته .. حطت راسها على
صدره وهي تشم ريحته وكأنها تستنشق ريحة اهلها .. مسح على راسها يبي
يهديها ..
شكرهم على موقفهم معاها .. ووعدهم بزيارات قادمة .. وبعدها استأذنوهم
طالعين راحت لها ديما وحبت راسها وهي تشوف عمها يودع نواف وقبل
تطلع لفت عليه وهمست له : شكرا ..
وقف عند الباب وهو يتكلم بصوت حاول انها تسمعه : شكرا لله اللي ارسلك
لطريقي .. والشكر بعده لك لانك علمتيني معنى الصبر .. وانه مهما كبرت
مشاكلنا احنا افضل من غيرنا ..
كان يدري انها ممكن ماتكون سمعته بس في الاخير حاول يقول اللي بخاطره
لها يمكن تقدر وقتها تحس بالفرح .. ورجعت هي مع عمها لقصره تقضي
آخر ساعات قبل مايحمل لها هذا اليوم ملامح امها اللي غيبت عنها لسنوات
طويلة ..
/
\
/
\
لاول مرة بحياتها ماكانت تعرف وش هي بالضبط مشاعرها لانها ماعرفت
غير الحزن اللي رافقها بسنين عمرها .. خلف هالباب تقف اغلى انسانة على
قلبها .. ثواني حستها دهور طويلة وهي تنتظرها تفتح الباب وتشوفها كانت
واقفة مع ميساء وكل نبض بداخلها يصرخ شوق اليوم بتشوف امها واخوانها
اللي سولفت لها ميساء عنهم .. ومن انفتح الباب وشافتها رجعت لها صورتها
اللي فقدتها من الماضي .. كانو الاثنين اغراب رغم قربهم ترددت وهي تمشي
خطواتها لها وماعاد تذكر اي شي بعدها الا الحضن الدافي اللي انحرمت منه
صارت الحين تنعم فيه .. رمت نفسها بحضنها وصارت تصيح بصوت مسموع
كان كل من في الصالة يبكي ميساء والشغالة واخوانها الصغار هاللقاء رغم
صعوبته الا انه كان جدا مؤثر ..
ضاع منهم الكلام واختفت كل الحروف بوقتها وارتجفت اجسادهم بهاللحظات
تركتهم ميساء يفرغون كل اللي بقلوبهم بهاللحظة .. بعدتها امها عن حضنها
لثواني ورفعت خصلات شعرها اللي تناثرت على وجهها وقعدت تتأملها وهي
تبكي .. : والله مو حلم اللي اشوفه .. هذي هي بنتي اللي اعرفها والله هي ..
ورجعت ضمتها لحضنها اكثر .. شافت شلون عيالها قربو منهم وهم مايدرون
غير ان هذي اختهم الكبيرة .. وكل شي غيره يجهلونه ..
هزت راسها وهي تضحك من وسط دموعها : يمه والله توني اذكر شكلك يوم
اشوفك ..
التفتت ديما على ميساء وهي مازالت مبتسمة : ميسو هذي امي قلت لك مستحيل
تنساني .. ونزلت دموعها على خدودها قبل حتى تكمل كلامها ..
ابتسمت لها ميساء وهي متأثرة حيل من الموقف اللي قدامها : وفيت بوعدي لك؟
هزت راسها بإيه وهي تناظر بامها .. كانت طول الوقتت جالسة جنبها وكأنها
خايفة انها تفارقها لو بعدت عنها او تركت يدها حتى امها اللي نست من فرحتها
عيالها وبنتها الصغيرة اللي كانت طول الوقت مع الشغالة ..
ودعتهم ميساء وقبل تروح استوقفتها ديما و تكلمت بصوت هامس ماتبي امها
تسمعها : صدق ابوي طايح عليهم ؟
قربت من اذنها وهمست : مرضه اللي كل سنة يرجع له لا تخافين بيرجع يقوم
ويبطش مثل عادته ..
ودعتها بهاللحظة وكأنها تودع الماضي كله معاها وتعيش مستقبل جديد مملوء
بالفرح مثل اللي تتمناه .. رجعت تجلس مع امها تسولف لها .. من حسن حظهم
كان زوج امها عند زوجته الاولى وقدرو يعيشون هالليلة بكل تفاصيلها كانت
فرحانة كثير باخوانها .. واختها الصغيرة اللي تاخذ شبه حتى لو بسيط منها ..
عرفت كل الماضي الأليم كل التفاصيل الموجعة سمعتها حرف حرف .. كرهت
ابوها وكرهت زوجته وعماتها اكثر .. حملتهم كل عذاب تحملته هي وتحملته
امها .. احساسها اليوم غير عن اي احساس آخر كانت تمشي في البيت وتسولف
وتضحك وكأنها تعيش حلم وردي راح تقوم من بكرة وتلقاه راح .. من كثر
التعاسة اللي عاشتها ماكانت متوقعة ابد انها بتعيش لحظات فرح ..
قعدت تطالع البوم صورها كل صور طفولتها من لحظة ولادتها
الين صار عمرها 8 سنوات .. عيال خالها وبناته .. بنات
الجيران صورها مع امها اللي كل ماشافت
صورها تذكرتها اكثر .. وضحكت كثير وهي تشوف صورة لها وهي بعمر الـ 5
سنوات مع متعب وخواته .. لفت على امها تسألها : وينهم الحين ؟
اشرت على صورة افنان وتكملت : افنان متزوجة وعندها ولد الحين .. وجوري
مخطوبة من شهر وللحين ما تملكت ومتعب كمل دراسته في الخارج والحين هو
في الرياض ..
ابتسمت وهي تشوفه كان دايم يحب يضحكها في الصور .. رجعت طالعت امها
تسألها : ماتزوج ؟
هزت راسها بالنفي .. وهي تتأمل ملامح بنتها .. وكملت ديما : ابي اشوفهم يمه
نفسي اشوف بيت خالي القديم .. والحديقة اللي كنا نروح لها كل يوم العصر ..
" وبفرحة " الحين صرت اتذكر كل شي وانتي تسولفين لي .. مادري ليش اول
كنت احاول اذكرهم بس مو كل شي اذكره ..
حطت يدها على قلبها تسكن رجفة ضلوعها كانت تجاوبها وهي تحسها للحين
طفلة .. كلامها واسلوبها حست ان هالسنوات ماغيرت الا من شكلها وصارت
احلى .. لكن تفكيرها وكلامها ظل مثل ما هو نفس البراءة ونفس الطفولة ..
كانت تمشي معاها وتلاحقها بكل مكان تروح له مثل الطفل اللي يتبع امه بكل
خطواتها وكأنها تخاف هي تضيع عنها هالمرة .. حتى بنومها نامت معاها بنفس
السرير بعد ماقعدو لساعتين يسولفون عن كل شي .. كانت تحس الوضع غريب
عليها .. لكن مع الوقت راح تتعود على نمط حياتها الجديدة .. ورغم انها تكلمت
عن كل شي صار لها الا انها ماطرت الممرضتين اللي ساعدو في هروبها ابد
لانها تشوف انهم منحوها اكبر لحظة سعادة بحياتها .. وحمدت ربها اللي ارسل
لها اهل الخير اللي ساعدوها في اصعب الظروف ..
قامت الصباح وهي تحس بشوق كبير في قلبها له ناظرت مكانه وانقهرت من
قلب انه مو موجود الحين .. حتى يوم الخميس لازم يروح للشركة .. قامت
من سريرها وغسلت .. بدلت ملابسها وطلعت من جناحها .. ومشت على طول
رايحة لجناح سما .. من حست ببرودة المكيف وظلام الغرفة عرفت انها نايمة
وقبل ترجع مرة ثانية لجناحها لفت رايحة لغرفة سما طقت الباب ودخلت عليها
بدت تصحيها شوي .. وبعد ماعجزت بصوتها الهادي انها تصحيها صارت
تهزها تبيها تصحى ..
فتحت سما عيونها تبي تشوف من اللي يصحيها الحين .. مدت يدها وفتحت
الاباجورة اللي جنبها وناظرت نورة بعيون شبه مفتوحة : وشو؟
ابتسم ونزلت راسها .. : قومي اقعدي معاي زهقت ..
تنحنحت تبي صوتها المبحوح يطلع شوي : كم الساعة الحين ؟
حكت راسها وهي تناظرها بنفس الابتسامة : 9 ونص ..
سحبت اللحاف وتغطت فيه : صاحية انتي وش يقومني 9 ونص يوم الخميس
تعالي الظهر قوميني ..
سحبت اللحاف عنها وهي تهزها : قومي عاد .. هالحين هالسوالف كلها ومابعد
قمتي .. تكفين ابي اعلمتس شي بخاطري ..
تكلمت وهي مازالت معطيتها ظهرها : وشو تكلمي اسمعك ..
جلست على السرير جنبها وهي تصحيها : زين قومي بالاول ثمن اعلمتس ..
بقول لتس اشياء واجد بس مابي احد يعرفهم غيرتس ..
فزت سما من مكانها مستانسة : يعني بتقولين لي سر ؟
هزت راسها وهي تضحك : اييييييه .. سر ومحدن يعرفه غيرتس .. تكفين والله
انها ضايقة فيني ..
كانت تستغرب اوقات من نفسها شلون تسولف مع سما وتجلس معاها اكثر منهم
كلهم رغم فارق العمر اللي بينهم رغم انها حتى اصغر من موضي اختها ويمكن
مازالت في بدايات مراهقتها الا انها ترتاح تسولف لها وتتكلم معاها يمكن لانها
تحس بقلبها صافي مثل قلوب خواتها .. جلست معاها بالاول .. وهي مو عارفة
شلون تبدا تتكلم .. مدت بعدها الجوال لسما وهي مترددة .. : بكتب رسالة وابي
ارسلها لاخوتس .. بس ما اعرف شلون اكتبها وابيتس تعلميني " واول ماشافت
ابتسامة سما توردت خدودها قبل لا تكمل " هالحين ابي ارسلها ..
خذت الجوال بكل فرحة وفتحت على الرسائل : ماعندك شي اصلا ..
ناظرتها مستغربة : شلون ؟
ابتسمت لها تبي تفهمها : يعني ماعندك شي بالوارد عشان ارسله له .. يعني
محد ارسل لك ..
هزت راسها بالنفي : لا انا بعلمتس وش تكتبين له .. وياويلتس لو قلتي لاحد عن
اللي بقوله لتس ..
قعدت ترقص على السرير وهي تضحك : ايه ايه توه طلع الحب .. يالله ياختي
عبري وقولي اللي بالقلب كله ..
طقتها على راسها وهي تضحك على كلامها : لعنبو ابليستس ماتستحين انتي ..
وانتي هذا عمرتس وش عرفتس بهالعلوم كلها ..
بدت تكتب في الرسالة وتضحك : ما عاد احد يجهل شي هالايام .. يالله علميني
وش اكتب ؟ صباح الخير حبيبي
صرخت عليها بأعلى صوتها : لا لا .. مجنونة انتي اصبري ماهوب هذا اللي
بقوله له ..
كانت تضحك وهي حاطة يدها على فمها : وشو بسرعة علميني ..
قعدت تفكر وهي كل ما حاولت تقول كلمة تغيرها .. والتفتت على سما تستنجدها
تقول لها اي شي : والله مدري وش اقول لتس احس ان الحتسي بقلبي بس مايبي
يطلع ..
حطت يدها على خدها وزفرت هوا خفيف من فمها : اوكي علميني وش المضمون
يعني تصبحين عليه مثلا .. " هزت راسها لها بإيه " وش بعد بتعلمينه انك اشتقتي
له ؟
قاطعتها بالاول : لا ... " وبعد تفكير " ايه .. بس مو تقولين له تسذا ولهت عليك
لا قولي اي كلمة وهو يفهمها ..
هزت راسها بتفهم وبدت تكتب الرسالة .. ونورة كل شوي تناظر بالجوال بس سما
كانت تخبيه عنها .. وقفت بعدها على السرير وهي تضحك .. وقعدت تقرا لها
الرسالة بصوت عالي : " يسعد صباحك ياقلبي .. جيت على بالي وحبيت اقول لك
اني اشتقت لك موت "
صرخت بأعلى صوتها وهي تسحبها من طرف البيجاما : لا اصبري مو تسذا
بالاول .. خليها على يسعد صباحك ..وابي اتطمن عليك ..
ضحكت وهي تحاول انها تتملص منها : ارسلتها من زمااااان ..
حطت يدها على وجهها وهي تحس بحرارته تتصاعد وطلعت ركض ورا سما اللي
راحت للصالة : هين والله لاوريتس يالنذلة .. تكفين قولي انتس تنصبين علي ..
وقفت سما من ورا الصوفا اللي بالصالة وهي تستجمع انفاسها : والله اني ارسلتها
من اول ماكتبتها ..
غمضت عيونها وهي تضحك : يافشيلتي هالحين شلون اقابله واقعد معه .. " وكل
ماشافت ضحكها اللي تزيد ترجع تترجاها انها تعلمها باللي صار " بالله عليتس
للحين ما ارسلتيها ..
طلعت رسيل اللي كانت صاحية من بدري على صوت صراخهم شافتهم يضحكون
ومافهمت شي منهم .. وبدون شعور منها قعدت تضحك على شكل سما اللي صارت
تمسح دموعها من كثر الضحك .. وهي تقول لها : يابنت الحلال ليش اكذب عليك
والله اني ارسلتها وتلقين الحبيب الحين ذايب مكانه ..
راحت ركض تلاحقها وسما تبعد عنها .. ورسيل واقفة مكانها مو فاهمة السالفة
ابد .. تخبت سما ورا اختها : ريسو تكفين والله ماعاد اقدر اتحمل .. بموت ضحك
نورة اللي من شافت رسيل وقفت مكانها وهي مبتسمة .. : هين .. علمتس عندي
والله لاردها لتس ان شاء الله ..
وقبل تتكلم سما او ترد عليها سمعت صوت رنة جوال نورة .. واول ماشافت الرقم
صرخت بأعلى صوتها : قرقووووش يدق .. ورمت الجوال بيد رسيل ..
حست نورة باحراج كبير منه ومن رسيل اللي بيدها جوالها .. قربت منها ومدت
لها رسيل الجوال .. خذته منها وراحت لجناحها ترد عليه .. بصوت مقطوع من
الركض والضحك : هلا ..
جاها صوته الهادي اللي زاد نبضات قلبها : هذي اللي مشتاقة لي ردت قبل يتسكر
الخط بشوي ..
مشت شوي وجلست على اول صوفا بالصالة .. وتكلمت بتلعثم : ماكنت بالغرفة
كنت جالسة مع البنات ..
قاطعها بنفس هدوئه .. : وش كثر ؟
حست بنبضها يتسارع من نبرة صوته اللي ذوبتها .. وماعرفت وش تقول حست
من صمته انه ينتظر جوابها .. وتكلمت وهي مغمضة عيونها : كثر هالدنيا ..
عضت شفتها وهي تقاوم خجلها بهاللحظة .. وسمعت صوت انفاسه اللي تنافس
سرعة انفاسها .. : من متى وانتي مشتاقة لي ..؟
كانت تسمع اسألته وهي ودها تذبحه .. ليش يحرجها ويسألها عن كل مشاعرها
وهو مايتكلم ابد .. ولا يقول وش اللي بخاطره .. ماكانت تبي تخفي اي شي تحسه
مادام تكلمت راح تقول له كل احساس يراودها بهاللحظة .. : كل يوم لا قمت وما
لقيتك .. احس اني ابيك تكون جنبي ..
كان متفاجيء من كلامها .. لاول مرة تظهر له مكنونات قلبها رغم بساطتها الا
انها كفيلة بإسعاده كان يحس بانانيته انه يرضي قلبه بسماع هالكلمات وهو ماقال
لها عن اي احساس بداخله .. : طيب غمضي عيونك .. واحسبي لي عشر دقايق
وتشوفيني جنبك ..
شهقت وهي تتكلم بخوف : لا تكفى لا تسرع .. وش عشر دقايق هاللي تقولها
ضحك على كلامها .. وحس بسعادة كبيرة وهو يلمس خوفها عليه : اليوم خميس
والصباح محد يكون صاحي يعني الشوارع فاضية .. ولا اذا تبيني ما اسرع خليك
معاي على الخط .. وعلميني وش كثر تشتاقين لي ..
رغم انها ماتكلم لها الا ان فرحته كانت واضحة بصوته .. حتى جيته لها بهالوقت
معناها انه يبادلها نفس الاحساس حتى لو اخفاه وما تكلم فيه .. سولفت معاه شوي
وهو مستمتع باحراجها .. وتجاهلت هي كل محاولاته وتكلمت باللي قدرت عليه
من كلام قلبها اللي فاض فيها ..
سكرت منه وراحت تكشخ له .. غيرت ملابسها ولبست لها فستان احمر قصير ..
حطت جلوس احمر و خلت شعرها على طبيعته .. تعطرت وهي تسمع صوت
خطواته بالخارج .. طلعت له واول ماشافها واقفة عند باب الغرفة ابتسم .. كان
شكلها حلو وخجلها زايد على ملامحها حلى .. باسها على خدها ومسك يدها يبيها
تجلس جنبه .. وناظر عيونها وهو ذايب فيها : علميني الحين وش كثر ..
نزلت راسها بخجل ولفت يدينها حلو رقبته وهمست له : اكثر من هالدنيا بعد ..
قربها منه اكثر ولمها بحضنه .. وهو يحس بسعادة غريبة بقلبه .. حس ان الحب
اللي بقلبه لها اكبر من اللي كان حتى هو يتخيله .. شكلها وهي بين يدينه تقول
له اللي بقلبها حتى لو كانت مفرداتها بسيطة الا انها بريئة تعكس برائتها .. اما
هي كانت غارقة في حبه الى حد الثمالة .. عاشقته الى حد ماكانت ابد تتخيله ..
وجودها بحضنه كان بالنسبة لها اجمل واعذب احلامها .. وهالشي بس يكفيها ..
مثل عادتهم كل يوم سهر وفجوراعتادت عيونها انها تشوفه .. كل الصور تتكرر
قدامها كل ليلة وهي تجهل كل شي قاعد يصير برا هالشقة الموبوءة بنظرها ..
شافتهم ينامون مثل عادتهم بساعات الصباح الاولى .. وقعدت هي مكانها تدعي
ربها يخلصها منهم .. مر وقت طويل وهي تصيح من هالوضع اللي اتعب نفسيتها
الى اقصى حد ..صحاها من هالهموم صوت رنة مسج .. ماصدقت بالاول هاللي
سمعته .. كل يوم تاخذ جوالاتهم وتحصلها مغلقة واليوم واحد فيهم ناسي جواله ..
قربت تبي تتأكد ولمحت جوال مفتوح اخذته بكل فرحة وهي مو مصدقة عيونها
اخيرا قدرت انها تلقى وسيلة اتصال بالعالم الخارجي بعد ما انعزلت عنه تماما ..
سحبت الجوال ومشت للغرفة وهي تدعي ربها مايكون مقفل برمز قفل .. سكرت
باب الغرفة عليها .. وبعد تفكير راحت للحمام ( تكرمون ) وقفلته عليها .. واول
شي سوته اتصلت على جوال امها .. استغربت انها ماردت عليها واستمرت انها
تتصل عليها اكثر من مرة تعرف امها دايم تقوم لصلاة الليل .. وهذي عادتها من
يوم كانو صغار .. توقعت انها اكيد تصلي وحاطة جوالها على السايلنت واتصلت
على جوالات خواتها .. لكن للأسف محد يرد .. ماكانت مصدقة هاللي يصير معاها
بالوقت اللي قدرت اخيرا انها تتصل فيهم محد يرد .. رجعت تتصل على امها وفي
آخر محاولة اتصلت على الانسان اللي بكل لحظة كان موجود لها .. جاها صوت
غريب واول ماسمعته سكرت .. " اوف من هذا بعد .. " حولت الجوال سايلنت و
رجعت تتأكد من رقم اخوها .. ودقته .. رد عليها نفس الصوت الغريب اللي من
شوي .. اخيرا تكلمت : عادل ؟
استغرب من سماع هالصوت ماكان يجي في باله ابد ان عادل من النوع اللي يتعرف
على بنات او يكلمهم .. : عفوا من تبين اختي ؟
ناظرت بالرقم للمرة العاشرة بالجوال وتكلمت : ابي عادل ..
ناظر بعادل اللي نايم بالصالة عنده وماحب انه يصحيه على موضوع مايستاهل ..
تكلم بحدة : وش تبين فيه ؟
انقهرت من تدخله لكن من كلامه تأكدت ان هذا جوال اخوها ومو غلطانة فيه ..
ترددت قبل تطلع حروفها مرتبكة : انا اخته .. ابيه ضروري ..
استغرب صوتها مو مبين عليه ابد صوت وحدة من خواته : مين نجود ولا رغد؟
" هذا شلون يعرف خواتي .. معقول عادل يسولف عنا عند اخوياه ؟ " : لا و لا
وحدة فيهم .. تكفى اخوي ابيه ضروري ..
ولوهلة بس ميز نبرة صوتها اللي كان يجهلها من البداية .. هالصوت اللي فتح لهم
شبابيك الامل من جديد .. : دانا ؟؟
سكتت متفاجأة من هاللي يعرفهم كلهم وعرف صوتها الحين .. ماردت عليه و
انتظرت منه يقول اي شي تبي تسمع صوت اخوها وترتاح كمل بلهفة : ردي
علي انتي دانا ؟ ... " وبعد طول انتظار " تكلمي انا يزيد ..
حطت يدها على فمها تسكت شهقتها اللي كادت تطلع منها وللحظات نست ان
هالانسان هو اللي خطبها وكان بيكون بيوم من الايام زوجها .. : ايه انا دانا ..
تكفى يزيد تعالو اخذوني من هالمكان .. يبوني اشرب نفس اللي يشربونه و ابوي
يبي يزوجني لصاحبه السكران ..
حاول انه يستوعب كل كلامها اللي قالته عن ابوها .. الحين عرف انها عند ابوها
و على طول فاجأها بسؤاله : احد قرب منتس ؟
قاطعته على طول : لا .. لا .. يزيد .. تكفى عطني عادل ابيه طلعوني من هالمكان
قبل يصحون بيذبحوني ..
حاول انه يهديها قبل يعلى صوتها ويسمعونها .. : زين وينتس فيه الحين ؟
هزت راسها بالنفي وهي تحس بخوف .. وبعد ما استوعبت انه مايشوفها تكلمت
بصوت هامس : مادري ويني فيه .. ابوي ارسلني مع خويه والى هالحين وانا
في هالشقة ..
بعد تفكير تكلم: زين روحي لاقرب دريشة وعلميني وش تشوفين اي شي يخلينا
نعرف مكانتس وينه فيه ..
فتحت باب الحمام ( تكرمون) بحرص وطلعت تمشي على اطراف اصابعها
قعدت تناظر مع الشباك عن اي شي ممكن توصف له شي واضح لكن كان كل
اللي حولها بيوت وعماير على طول نزلت دموعها وتكلمت وهي تصيح : ما
اشوف شي كلها عماير ..
عوره قلبه وهو يسمع صوتها .. كان حاس بمعاناتها بهاللحظة .. وماكان بيده
اي شي انه يريحها تمنى بس انه يقدر يروح لها ويطمنها .. هالفترة اللي اختفت
فيها ومع كل لحظة خوف حسها كان يحس بشعور آخر يلازمه ..غصب عنه
سكنت قلبه واحتلت كل مشاعره .. هز كتف عادل يبي يصحيه بعد ماحس نفسه
اضعف من انه يقويها .. : سكري الحين واتصلي على الشرطة .. وان شاء الله
يقدرون انهم يساعدونتس .. وانا بصحي عادل وارجع ادق عليتس ..
كان يسمع صوت صياحها .. ومبين عليها ماتبي تسكر الين تسمع صوت اخوها
صحى عادل على صوت يزيد اللي يقول له ان دانا اتصلت ومن عز نومه فز
على طول : هاااه ..؟
تكلم يزيد وهو ماد له الجوال : خذ كلم دانا .. " وهزه مع كتوفه " اخلص علي
لا يقوم الحين احد ويشوفه ..
سحب عادل الجوال وهو للحين مو فاهم اللي يسمعه .. : الو ..
جاها صوتها وهي تصيح وتستنجد فيه .. بدا يستوعب كل شي وهو يسمع صوت
شهقاتها اللي تكتمها .. وبدون شعور منه وقف على طول وهو يكلمها صار يدور
في الصالة وهو يحاول يهديها .. وبعد تفكير تكلم : دانا دقي الحين على الشرطة
وقولي لهم ان ابوي اللي خطفك .. مادام ما نقدر نوصل لك هم يقدرون يخلون
ابوي يطلعك غصب مادام صار عندنا الاثبات ..
بعد ما قال لها كل شي سكرت منه وهي ما زالت ترتجف خوف .. رغم انها
كانت تتردد قبل انها تبلغ عن ابوها الا ان هاللحظة ما تحتمل التفكير وهالشي هو
اللي لازم تسويه .. وبدت تدق الرقم بخوف " 999 " ثواني وسمعت صوت يرد
عليها السلام .. قالت لهم كل شي تكلمت عن يوم اختطافها وعن جدولها اليومي
وعطتهم رقم عادل يتصلون عليه وسكرت بعد ما اكدت لهم انها الحين ما عليها
خطر لانهم ينامون الى الظهر ومن يصحون يطلعون ومايجون الا آخر الليل ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:41 PM
الجزء الحادي عشر
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
الى حضرة سمو الحزن : أبسأل بس وشـ باقي؟
وش اللي طالبه منّي لـ أجل تهديني | عنوانك؟
ابسأل حضرتك يا حزن عن اللي كان بأعماقي
قبل لا يمرّني طيفك ... وتدندن جرحي الحانك
علامك جيت لي كلّك ؟ ولا فكّيت لي وثاقي ..
وأنا ما يوم ناديتك ... ولا دقيت بيبانك ..!
حضنت أيّامي بقسوة وأحسّك همت بـ عناقي
وصوّرت العمر بيدك وعلّقته بـ جدرانك ..
ياليتك تبعد وتنسى ياليتك تعلن فراقي ،
أنا ماعاد فيني شي يصبّرني : على شانك
كتبتك يا حزن عمري وفَرَح غيري من أوراقي
أنا لو تحسب جروحي : خطا في عدّها لسانك ..
دخيلك لا تشبّ النار وش إللي يفيد بـ إحراقي
تمهّل يا حزن وإصبر ، قبل تنهيني نيرانك
ترفّق يا حزن .. مابي تشمّت فيني رفاقي !
علامك تحسب طعوني زياده بدفتر إحسانك،
سقاني هـ الزمن مرّه وصنت المر والساقي ..
تقهويت التَعَب منّك .. ولا هزّيت فنجانك،
أمانة عوفها دنياي و رجّع كل أشواقي ..
أنا عندي كثير أحزان ولاني بحاجة أحزانك !
لاحت ساعات الصباح الأولى تحمل معاها قلوب اتعبها هالمصاب العظيم .. الكل
يدري انه مات بوقتها لكن تمسكو بآخر خيط امل انه ممكن يكون على قيد الحياة ..
ومع اعلان وفاته رسميا بدت المأساة وبدت معاها التحقيقات .. بالغرفة الصغيرة
تجمع عدد من المحققين مع الشباب الثلاثة .. كان صوت مشاري هو اللي واضح
وقتها .. لا راكان قادر يتجاوز الحادثة و يتكلم .. ولا حتى عبدالله اللي يلوم نفسه
و يعتبر انه هو السبب في اللي صار كانت اشكالهم تعبر عن المأساة بكل صورها
تكلم الضابط اللي يحقق معاهم : خذوهم التوقيف الحين وضعهم مايسمح نحقق معاهم
ومن بكرة ان شاء الله راح نعرف تفاصيل الحادثة كلها ..
خذو الشباب الثلاثة للتوقيف ومن دخلو تجمعو بزاوية الغرفة شباب صغار والحادثة
اكبر من تحملهم مهما واجهو في الحياة ماعندهم المقدرة التامة انهم يواسون بعضهم
كانت عيونه محمرة ومازالث آثار الدم على ثيابه .. ناظرهم وتكلم بصوت كسير : انا
ذبحت منصور .. انا اللي ذبحته وهو توه ماتخرج .. " التفت لمشاري بعيون مليانة
دموع " كان يبي العرس يامشاري ودايم يطريه .. ذبحته وهو بعده ماشاف دنيا .. بدا
ينتحب بشكل يقطع القلب و بجنبه عبدالله اللي دافن وجهه بين رجلينه ومبين عليه انه
يصيح من اهتزاز كتوفه ..
مشاري اللي حاول يتكلم وماقدر كل الحروف ضاعت منه بوقتها .. كان يبكي بصمت
مايدري اي مصيبة اهون عليه .. وفاة منصور ولا التهم اللي راح تلصق باخوياه ..
حط راكان يده على راسه وهو يناظر مشاري : ياليتني استسمحت منه قبل لا يموت ..
والله اني مانيب قاصد ولا اعرف له .. ياااارب سامحني انت اللي عالم بنيتي ..
رفع عبدالله راسه والتفت له : لا تلوم نفسك انت مالك ذنب والله ماذبحه الا انا ..
" وبصوت مرتجف " يارب لا تعاقبني ..
اقترب منهم شخص في الأربعينات من عمره .. كان الوحيد الصاحي هالوقت معاهم
وبنفس " غرفة التوقيف " شخصين من جنسيات اجنبية .. : السموحة يالأخوان انا
سامعكم من اول ما دخلتو ولا ادري وش السالفة بالضبط .. بس لا تلومون انفسكم كل
شي يصير لنا قضاء و قدر والواحد فينا يطلع من بيته ويقول كم ساعة وراجع يمكن
ماعاد يرجع ابد .. انا راجع لبيتي من الاستراحة ولا شفت اللي طلع بوجهي وموقفيني
الحين بقضية دهس .. والله يستر من اهل المتوفي كان طلبو دية ما اقدر عليها ..
لف عليه راكان وهو كاره وجوده .. حس انهم بوضع مايسمح لهم يتكلمون وهذا جاي
يسولف : ياخوي واللي يرحم والديك اللي فينا كافينا .. محد رايق لك ..
سكت الرجال احتراما لنفسيتهم .. هو الثاني كان مهموم و محتاج يفضفض .. يمكن
بمواساتهم لبعض يخف الألم شوي ..
من التعب نامو كلهم الا راكان اللي ماغمض له جفن طول الوقت يفكر بكل اللي صار
انتبه للنور اللي ظهر له اول ما انفتح الباب وقام أول ماسمع اسمه .. كان جالس
يجاوب على كل تساؤلاتهم وهو يستجمع قوته .. اللي صار له اكبر من احتماله : والله
العظيم وأقولها لك للمرة المليون ماكنت ادري انه فيه رصاص .. ولا عمري شلته
بحياتي ولا اعرف له ..
تكلم الضابط بهالوقت : اوكي .. خلك شوي برا ..
طلع راكان والتفت الضابط لمساعده : كل الثلاثة اقوالهم متطابقة .. مادري اذا هم
متفقين على نفس القصة أو هذا فعلا اللي صار ..
تكلم مساعده : اذا هم يكذبون راح نضغط عليهم واكيد بنحصل ثغرة توصلنا للحقيقة ..
أشر الضابط للشرطي اللي واقف عند الباب يدخل الشباب الـ 3 وأول ماوقفو قدامه
تكلم بصرامة : راكان انت راح تنتقل للسجن بتهمة قتل منصور محمد الـ ...... وبتستمر
معاك التحقيقات .. اما انت يا اخ عبدالله راح تسجن بتهمة حيازة السلاح واستخدامه
بدون تصريح من الجهات المختصة .. " و لف على مشاري يناظره " وانت تقدر تروح
الحين ..
طلعو كلهم و وقف راكان مع مشاري : انتبه لا يدري الوليد باللي صار ابد " هز له
مشاري راسه برضا " واتصل على طلال رجل اختي خله يجيني رقمه بالنوتة اللي جنب
التليفون ..
لاحظ عليه رجفة شفايفه وهو يتكلم ونظرات عيونه اللي تحكي كل معاني الصدمة : ابشر
بكل اللي تبي .. الحين بروح معاهم نبلغ اهل منصور والله يجعل كل امورنا خير يارب ..
ودعهم اثنينهم وطلع من القسم رايح للشقة ومن بعدها يتجه لديرة اهل منصور .. كانت
قريتهم تبعد حول الـ 260 كيلو عن الرياض .. بعيونه تلاشت صعوبة هالطريق مع
صعوبة موقفه ..
جلس مستمع وتارك لرجال الشرطة كامل الحرية انهم يشرحون لابو منصور كل تفاصيل
الحادثة ..
ردد ابو منصور بصوت عالي : لا حول ولا قوة الا بالله .. انا لله وانا اليه لراجعون ..
اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها " مسح بيدينه على وجهه وكمل " والله
ما اسكت عن حق ولدي واخذه الين آخر يوم بعمري ..
و رغم كل محاولات مشاري المستميتة لتوضيح الصورة الا ان تهديدات ابو منصور
استمرت .. واللي زاد الأمر صعوبة عليه اكثر صوت صياح الحريم في البيت .. رجع
بعدها للرياض محمل بهموم اكثر من قبل كانت الساعة تجاوزت الـ 11 بالليل .. تسبح
و بدل و جلس بالصالة يستجمع كل اللي صار بهاليوم كله .. بمثل هاليوم قبل اسبوع
كانت هالشقة كلها ازعاج وحركة .. واليوم صمت فظيع منصور و توفى و بكرة راح
يصلى عليه بعد الظهر .. الوليد و تزوج و راكان و عبدالله بالسجن و التهم متفاوتة ..
ذكر ربه وهو يحاول انه يتصبر .. ومن بكرة راح يتصل على طلال مثل ماطلب منه
راكان ..
كان جالس بمكتبه ومغمض عيونه وغارق بوسط تفكيره .. طلعه من هالدوامة صوت
رنة جواله .. سحب الجوال وناظر بالرقم لثواني و بعد ماتذكره تركه الين يقفل ويرجع
هو يتصل عليه .. أول ما قفل سجل الرقم باسم راكان قبل ينسى واتصل عليه .. ما
انتظر كثير قبل يجيه صوت مشاري المرتبك .. الجمته الصدمة عن الكلام وهو يسمع
كل تفاصيل الحادث .. كل شي انقال مزعج الى ابعد الحدود .. شباب بهالعمر وانحطو
بهالموقف اللي محد يقدر يتحمله .. ومن وقت اللي سكر من مشاري اتصل على محاميه
و قام رايح له .. اول شي جا في باله انه يطلع راكان من هالمشكلة كلها لانه يشوف ان
عمره ما يتحمل صدمات بهالكبر .. و " هي " شلون لا درت باللي صار لأخوها وهو
يدري وش كثر هي متعلقة في اهلها .. وصل لقسم الشرطة وطلب انه يقابله .. دقايق
ودخل عليه راكان .. شكله هالمرة نقيض اللي يعرفه كان يبان بعيونه رغم الحزن لمعة
الأمل .. واللي قدامه انسان اشبه للميت فاقد للحياة بكل ألوانها .. ومن سلم عليه شاف
التأثر الواضح عليه : راكان اذكر ربك .. هذا شي مقدره رب العالمين وانت مالك يد
فيه .. و بحول اللي ماتنام عينه بتطلع منها ..
رفع راسه وناظره مستفهم : وشلون اسامح نفسي وشلون اعيش باقي عمري وانا ذابح
خويي ..؟
بكل هدوء تكلم : قدر الله وماشاء فعل ..
قطع عليهم نقاشهم الحزين دخول المحامي اللي من شافه طلال قام يسلم عليه .. تركهم
لدقايق اطلع فيها على القضية وبعدها تكلم : راكان ..
التفت له بدون مايرد وكمل المحامي كلامه : ان شاء الله تكون قضيتك سهلة وما تحتاج
للكثير من الاجراءات .. اذا ثبت وقوع الخطا فكل اللي عليك دفع الدية والكفارة اللي هي
صيام شهرين متتالين مثل مايقول الله عز وجل " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ
ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة وديةٌ مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان
من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق
فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من
الله وكان الله عليماً حكيماً" .. والحق العام يحدده القاضي وممكن يكون مدة السجن قصيرة
واذا تم العفو واسقطت الدية مايكون عليك الا الكفارة و الحق العام ..
طلال مستفسر : طيب شلون تثبت انه قتل خطا ؟
تكلم وهو مركز نظره على راكان اللي غارق بعالم ثاني بهالوقت : مع التحقيقات والتحريات
.. على العموم تطمن ان شاء الله انها قضية سهلة ..
جمع كل المعلومات اللي يحتاجها واستأذن رايح لشغله وعند الباب استوقفه طلال وبصوت
هامس : واذا ماقدرنا نثبت انه بالخطا ..
رد عليه وهو يسحبه لخارج الغرفة ويسكر الباب : اذا ما عفو عنه اهل القتيل .. بهالحالة
يكون الحكم " القصاص " ..
غمض عيونه وهو يردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يعين ان شاء الله ..
رجع لراكان بعد ما ودع المحامي اللي وعده بكل خير .. ومن شافه يجلس تكلم : مشكور
و ماقصرت على اللي سويته كله .. انا مناديك اليوم ابي منك خدمة ..
طلال وهو منصت له تماما : آمر ..
بلع غصته وهو يتكلم : ابيك تروح لم اهلي و تعلمهم باللي صار كله .. ابيك تقول لابوي
هالمرة ابتليت في ولدك .. و تكفى يا طلال مهد له الموضوع شوي .. شوي اخاف يصير
فيه شي والسبة انا ..
بدت تلمع دمعته بعينه الى هالحين وهو مو قادر يصدق اللي صار معاه ومهما سمع من
كلمات تهدية او مواساة بالنسبة له كل هذا كلام واسهل شي بالدنيا الكلام .. قرب منه
طلال وحاول انه يهديه وهو يشوف رجفة جسده : الله يسهلها وانا اخوك ..
وقبل ما يكمل كلامه انفتح الباب و تكلم الشرطي : العذر اخوي .. انت اخذت اكثر من
وقتك وانا مضطر اخذه الحين للسجن ..
قام راكان بدون ادنى مقاومة ومشى معاه كانت خطواته كسيرة و موجوعة .. هو اللي
ماعمره غلط على احد بيوم وليله اصبح قاتل .. وما قتل الا انسان شاركه يومه طيلة 3
سنوات و نص اللي جمعتهم فيها شقة وحدة تقاسمو كل شي بينهم حتى الهموم ..
ومشى هو طالع وراجع للبيت .. بيروح اليوم للديرة بما ان الظهر توه يأذن .. و بداخله
هم كبير من هالحمل اللي اثقل فيه .. " يارب يسر لي امري " ...
بصالة انتظار النساء الصغيرة واللي تبعد عن غرفة الدكتورة خطوات قليلة فقط ..
قعدت هي وموضي بانتظار دورها وهم يسولفون .. : هذي متى تخلص زهقنا وهم
ماقضو من هالتحاليل ..
لفت عليها نورة اللي مزاجها اصلا ما كان رايق : وش اللي حادتس تجين معي الا اللقافة
رفعت موضي برقعها وهي مبتسمة : والله من اعرستي و ثاقلن دمتس دام هذي علومتس
لا ابعدتي عنه .. فكينا منتس ولا تجينا خلتس مع رجلتس ابرتس ..
ضحكت على كلامها وهي تحسب في يدها : بقى له ٣ ايام و يجي ياخذني .. ياموضي
والله مدري وش فيني لا صرت عنده يذبحني الشوق لكم .. واذا جيت الديرة احس اني
مابي افارقه .. الله يخليه لي " سكتت يوم شافت الممرضة جايتها مبتسمة و بيدها ورقة "
يارب اجعله خير ..
مدت لها الممرضة الفلبينية الورقة واتسعت ابتسامتها : مبروك مدام هامل " حامل "
لفو على بعضهم ثنتينهم وكل وحدة فيهم مستانسة بهالخبر .. ضمتها موضي وهي
تبارك لها : مبروك يالنوري الله يتمم لتس يارب .. ويرزقتس بالذرية الصالحة ..
مسحت دموعها اللي نزلت من فرحتها وهي تنزل برقعها على وجهها : الله يبارك
بعمرتس .. عقبال ما اشوف عيالتس وعيال عيالتس ..
رفعت يدينها للسماء وهي تضحك : آمين .. الحمدلله ماهنا احد من الديرة ولا خبرتس
وصل لهم قبل لا نوصل بيتنا ..
مشو ثنتينهم ورا الممرضة اللي صرفت لها ادويتها وطلعو راجعين للبيت .. كانت
نورة تحس باحاسيس غريبة .. تختبر مشاعر لاول مرة بحياتها تجربها .. حلمها اللي
راودها من الصغر تحقق اخيرا وبتصير ام مثل ما كانت تتمنى .. اول شي طرى في
بالها كان زوجها تبيه يجي وتزف له هالخبر اللي اكيد راح يسعده .. ودها بس تشوف
علامات الفرحة على وجهه وهي تقول له هالخبر الحلو احساس عظيم يغمرها الحين
ربي جمعهم على خير و حب .. وتعلقت فيه لدرجة صارت تحس انه يقاسمها روحها
ويمكن اكثر بعد .. وهو بعد اللي كانت تحس بحبه قبل مايقول لها اللي بقلبه .. خالتها
اللي كانت دايم تقول لها انها تبي تشوف عيال طلال وتفاصيل كثيرة جميلة بانتظارها
تحس بحماس كبير لهاليوم اللي بينتشر فيه خبر حملها والكل يعرف فيه راح تفكيرها
لسما ورسيل وابو طلال بعد .. ودها تستعجل الايام وتزف لهم هالخبر الحلو وتعيش
اجمل ايام عمرها بانتظار اول مولود لها .. هالمولود اللي تعتبره ثمرة حبها له .. كل
شوي كانت تشوف موضي اللي بتسبقها لاهلها وتزف لهم الخبر وصلو للبيت وركضت
موضي قبل نورة ودخلت تبشرهم ومن اول مادخلت نورة استقبلوها بالتهاني توردت
خدودها خجل من هالاحساس اللي تعيشه الحين سلمت على امها وابوها ودخلت للغرفة
سحبت مخدة وانسدحت لها شوي تبي تريح .. ومع التفكير بهالحلم الجميل اللي تحقق
لها .. خذت لها غفوة ماتدري كم مدتها .. ماقامت الا على اصوات خواتها اللي جايين
لها للغرفة .. ومنيرة اللي واقفة عند راسها : النوري قومي رجلتس جا ..
فزت على طول من سمعت طاريه .. : تقولين الصدز يامنيرة ؟
قعدت قبالها وهي تحلف لها : والله انه جاي تو ابوي يوم يقعد في فرشتنا الا ويشوف
موتره وقال لي ادخلي البيت هذا رجل اختس جاي ..
رتبت خصلات شعرها المتناثرة .. وفكت ضفيرها اللي تعودت دايم بالديرة تسويها
وقفت عند المراية تناظر نفسها وابتسمت .. حطت يدها على قلبها : موضي علميني
الصدز طلال جا ؟ " وقبل ماترد موضي سمعت صوته وهو يسلم على ابوها .. " اي
والله هذا هو جا .. اروح له ولا انتظر لين يصوت لي ؟
سحبتها موضي من يدها تبي تجلسها : اقعدي انتي الحين شوي .. وعقب روحي اقعدي
معهم ..
جلسو هم بالداخل بالوقت اللي كان طلال جالس فيه مع ابو راكان وزوجته بعد السلام
والسؤال عن الاحوال .. تردد الف مرة قبل يقول لهم الموضوع كان يحس بتوتر كبير
لكن هو حمل امانة ولازم يبلغهم هالأمانة : والله مدري من وين ابدا كلامي .. لكن انا
جايك اليوم بخبر مو زين وان شاء الله ..
وقبل يكمل كلمته شهقت ام راكان وحطت يدها على قلبها : راكان ولدي صاير له شي
تكفى ياطلال علمني ؟
اشر لها بيده يهديها : لا يا خالتي مافيه الا العافية .. " رجع ناظر في ابو راكان اللي
بان الخوف على ملامح وجهه .. " يا خالي هو ارسلني اقول لك انك ابتليت في نفسك
وجسدك واهلك ومالك وصبرت .. واليوم ربي ابتلاك في ولدك ومايبي منك الا الصبر
حط يده على عيونه وكأنه مايبي يشوف او يسمع خبر شين عن ولده : وش اللي صاير
وقفت قلبي ..
رحم حالتهم المترقبة وتكلم على طول .. : صوب خويه بالغلط والولد توفى من وقته
والحين موقفينه ..
تعالت صوت شهقة ام راكان وصياحها مع صوت ابو راكان وهو يردد : لا حول ولا
قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله .. يارب لطفك وسترك " بدا يمسح على لحيته
اللي كساها الشيب وهو يشوف زوجته اللي قلبتها مناحة " قولي الحمدلله على كل حال
هذا قدر رب العالمين .. الحمدلله اللي سلمه لنا .. والله اللي خلقه ماهوب مضيعه يالله
يارب تلطف بولدي ..
بالداخل البنات يسمعون الاصوات ولا هم دارين وش الموضوع سحبت نورة جلالها
و قبل تطلع دخلت لهم امهم وهي تصيح .. مسكتها من يدها وهي مرتاعة : يمه وش
اللي صاير ؟ تكفين لا تقولين راكان صار له شي ؟
رفعت برقعها وقعدت على الارض وهي تصيح وتمسح دموعها بشيلتها .. : ياحسرتي
عليك ياولدي .. راكان بالحبس يانورة مصوبن خويه ..
وقفو الكل مذهولين من كلامها اللي قعدت تعيده عليهم و تصيح .. تسلل الخوف لقلوبهم
طلعت لابوها وطلال برا ودموعها بعيونها ومن انتبهت لشكل ابوها عرفت ان السالفة
جد .. قعدت ومسكت يد طلال : طلال احلفك بالله راكان وش اللي صاير عليه ؟
كانت تتكلم وهي ترتجف وعيونها غرقانة دموع ماكان ابد يحب يشوف الحزن بعيونها
لكن غصب عنه هو اللي جا يقول لهم هالخبر الشين : اذكري الله يانورة راكان مافيه
الا العافية وان شاء الله قضيته سهلة .. بس انتو ادعو له وان شاء الله محد بيخليه ..
ناظرت ابوها وهي تصيح : يبه علمني راكان وش بيصير عليه ؟
كان منزل راسه ومبين عليه التأثر حتى انه مو قادر يقول اي كلمة ولا هو قادر يرفع
راسه ويناظرهم .. رجعت التفتت على طلال تترجاه : طلال ؟
كانت عيونه معلقة بعيونها .. وده انه يضمها لصدره ويسكن رجفتها .. الموقف كله
موتره واللي زاد توتره اكثر صوت صياح خالته بالداخل وبناتها معاها .. : قولي ان
شاء الله خير .. انا كلمت المحامي يشوف قضيته .. وامرها بإذن الله سهل بياخذون
شهادة اخوياه وادلة الطب الجنائي واذا ثبت القتل الخطا .. نروح نتفاهم مع اهل الولد
وان شاء الله الدية امرها سهل ..
التفت لها ابوها وهو يشوف واحد من بعيد جاي لهم .. : قومي وانا ابوتس ادخلي مع
امتس وخواتتس .. وقصرن حسكن لا يطلع الرياجيل هالحين اكيد بيجوني ..
قامت على طول ودخلت للبيت وقعدت مع امها وخواتها .. ماكانت تدري وش تقول
لهم بالضبط لكن كانت تبي تهديهم كعادتها دايم بهالازمات .. : يمه طلال يقول ان شاء
الله امره سهل .. تكفين يمه ادعي له ربي يفرج كربته ويسهل له امره ولدك وتعرفينه
مايخطي على احد ابد وهذي حكمة رب العالمين .. الله اللي كاتب له هاليوم من يوم
خلقه .. ادعي له يمه دعا الوالدين مستجاب ان شاء الله انها توافق ساعة اجابة وربي
يكتب له الفرج ..
رفعت يدينها للسما وهي تردد : يالله يارب ولدي لا تخليه .. يارب انك تفرج كربته
وتفكه من السجن يارب العالمين ..
كان وضعهم جدا حزين الا انهم اشغلو وقتهم بالدعاء له .. حتى في بيت خالتهم اللي
من سمعت الاصوات بالخارج وهي حاسة انه بيت اختها فيه شي وقفت على الشباك
ماتبي تسمع وش اللي صاير .. وبنفس الوقت ودها تعرف وترتاح .. : والله انه فيهم
شي .. هالرياجيل اللي متجمعين عند عمتس وراهم علم ..
قربت هيا تناظر مع امها بخوف : يمه هذا ماهوب رجل نورة ؟
ركزت نظرها فيه وشهقت اول ما تأكدت منه : يارب تستر على بنتي لا يكون فيها
شي ؟ ولا محمد ؟ لا لا ان شاء الله مافيهم الا العافية ..
حطت يدها على فمها وهي تبي تعرف اللي فيهم وترتاح : يمه تكفين روحي شوفي
وش اللي صاير ..
قعدت مكانها محتارة ماتدري وش تسوي .. : وانا وشلون اروح لهن وهالرياجيل
برا .. جماعتي ماعلي فيهم .. بس رجل نورة شلون اطلع وهو يشوفني .. " وبعد
تفكير " هاا اسمعي وانا امتس .. البسي عباتتس واطلعي من البيت روحي يسار ..
الباب مانقدر ندخل منه والرياجيل قاعدين بس روحي لم دريشة البنات وانشديهن
وش اللي صاير .. روحي وانا امتس والله ان رجليني ما يشيلني ..
كان احساسها يقول ان الامر متعلق براكان لكن كانت تكذب احساسها .. طلعت من
البيت وهي مستعجلة ماتبي احد ينتبه لها .. وجات لبيت عمها من الخلف .. وقفت
عند الشباك وطقته عليهم .. : موضي ..
موضي اللي كانت قاعدة بالصالة فزت لها على طول .. ماعرفت تخبي دموعها
وشكلها اصلا مبين عليها آثار الصياح .. وقبل تتكلم بادرتها هيا : ياويل قلبي وش
اللي صاير ياموضي ؟
جات خالتها من وراها وهي متغطية ببرقعها ماتبي هيا تنتبه لصوتها .. : ماهوب
صاير الا كل خير .. مير مانبي نورة تروح عنا ..
هزت راسها بالنفي من لمحت نظرات موضي لامها : لا .. خالتي واللي يسلمتس
علميني وش فيه .. من اللي ميت ؟
قاطعتها موضي : اعوذ بالله من هالطاري .. محد ميت بس " والتفتت على امها "
راكان صارت له مشكلة وان شاء الله بيحلونها ..
وقفو كلهم بالغرفة يناظرون هيا اللي تسمعهم وكل وحدة فيهم تهون عليها وعلى
نفسها وهم مايدرون للحين وش هي خطورة الموضوع بجد طلال من اول يهونه
لهم بس جيته هي اللي مخوفتهم .. رجعت للبيت ودموعها على خدودها .. تنفست
بصعوبة تحاول تاخذ اكبر قدر من الهوا قبل تتكلم .. واول ماوصلت شافت امها
تصيح ومشعل عندها .. عرفت انه واصلها كل شي من مشعل ودخلت هي الغرفة
تبي تقعد لحالها وماتفكر بشي غيره .. كانت صدمتها كبيرة من اللي سمعته شي
واحد كانت تتمناه بهاللحظة ودها بس تشوفه وتقول له انها راح تنتظره العمر كله
بس يرجع لها .. ماتبي الا هو ولا عمرها حلمت الا فيه .. وراح تتحمل كل ظرف
ممكن يمر عليهم .. وتكمل معاه باقي حياتها .. لاول مرة بحياتها تظهر مشاعرها
المدفونة له قدام اهلها دايم مخبية كل شعور حب بداخلها لانها تستحي تقول اللي
بقلبها بس اليوم غصب عنها فاض فيها الحزن .. اول ماشافت امها جاية جنبها ..
حطت راسها على حجرها ودفنت نفسها بحضنها واستسلمت لدموعها : يمه راكان
بيرجع لي .. ماهوب مخليني ولاني بمخليته ..
مسحت على شعرها وهي تهديها وكل اللي تتمناه انه ربي يسهل كل اموره وتعدي
هالمشكلة على خير ..
طلال قبل مايروح كلم سلمان يقول لاهله يدخلون يبي يكلم نورة ..وبعد شوي جا
له سلمان يقول له يدخل دخل وشافها واقفة في الصالة كان خشمها احمر وعيونها
متورمة من كثر الصياح .. : انا ماشي الحين .. تبين تروحين معاي ولا بتقعدين
عند اهلك ..
هزت راسها بالنفي : لا ابي اقعد معهم .. " مسكت يده تترجاه .. " تكفى يا طلال
اخوي لا تخليه طلبتك ..
ضغط على يدها يواسيها : ابشري .. ان شاء الله مانيب مخليه .. بخليك اسبوع
بعد وبجي آخذك يوم الاربعاء الجاي ان شاء الله انتبهي لنفسك ولابوك بعد تراه
يكتم بنفسه وما يتكلم .. ولا تشيلون هم راكان الله بييسر اموره ..
بعدت يدها عنه وهي تسمع صوت امها تدعي له .. ومن شافها جاية حب راسها
قبل لا يطلع : والله لو ما ارسلني لكم راكان ماجيتكم بهالاخبار الشينة .. بس ان
شاء الله ما اجيكم الاسبوع الجاي الا بالاخبار اللي تسركم .. "التفت لنورة وكأنه
يسرق صورتها للمرة الأخيرة قبل يروح .. " يالله فمان الله ..
ودعته بدموع خليط من حزن على اخوها واهلها وعلى فراق زوجها : الله يحفظك
ومشى راجع للرياض ..
في اطهر بقعة على وجه الارض وفي بيت الله الحرام وقفت لاول مرة بهالمكان
الطاهر اللي تزوره لاول مرة بحياتها .. كانت تناظر بكل شي حولها بانبهار من
المآذن الطويلة الى ساحات الحرم الواسعة .. واول مادخلو لساحة الطواف وشافت
الكعبة من بعيد دمعت عيونها .. وماقدرت تسيطر على مشاعرها قرب منها ومسك
يدها اول مادخلو في الزحمة .. وابتدو بسم الله الشوط الاول من طوافهم .. رفع يده
يأشر على جهة الحجر السود وهو يردد : بسم الله .. الله اكبر ..
رهبة حستها بقلبها وهي تشوف الناس اللي حولها والاهم من هذا انها في بيت الله
الحرام .. المكان اللي تمنت لو تشوفه مرة بس قبل موتها .. ماتذكر انه بقى احد
من اهلها واللي تعرفهم مادعت لهم كل من جا في بالها توجهت لله بخالص الدعاء
ودعت من قلب لهم .. واهم دعاء كررته برجاء انه ربي يبعد عنها شبح الماضي
بكل آلامه واحزانه ويسخر لها قلب زوجها ويسخرها له ..
اول ماوصلو للركن اليماني دنق وقرب من اذنها يبيها تسمعه : رددي هالدعاء بين
الركن اليماني والحجر الاسود .. { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ} ..
رددت الدعاء في كل شوط بين هذين الركنين .. واستشعرت بقوة روحانية المكان
ابتسمت وهي تشوفه يضغط على يدها يبعدون شوي عن الزحمة بما انهم في الشوط
الاخير يبون يكونون على الاطراف عشان يسهل لهم الخروج من الزحمة ..
قرب من اذنها : صلي ركعتين الطواف مع هالحريم ولا تتحركين من مكانك ابد انا
بصلي واجي اوقف لك هنا زين ؟
شيخة بتجاوب : ان شاء الله ..
وراحت في اول مكان فاضي حصلته .. كبرت وصلت ركعتين الطواف .. وقعدت
تسبح مكانها لحد ما لاح لها زول الوليد وهو يدورها بين الحريم .. قامت على طول
وراحت له .. واول ماشافها ابتسم : يالله هاتي يدك نروح نسعى ..
مسكت يده وهي مو قادرة تقاوم هالفرحة اللي فيها : بسم الله ..
واول ما بدو السعي من الصفا قرأ بصوت مسموع لها (إن الصفا والمروة من شعائر
الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله
شاكر عليم ) .. واستقبلو القبلة قبل ما يبدأون اول اشواط السعي " لا إله إلا الله والله
اكبر .. لا إله إلا الله وحده لا شريك لهُ ، لهُ الملك ولهُ الحمد وهو على كل شيءٍ قدير
لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده "
اتمو جميع اشواط السعي .. وقصرو شعورهم وحلو احرامهم .. قرب منها وهو يأشر
لها على مكان تصلي فيه : صلي مع هالحريم .. ومثل ماوصيتك قبل لا تتحركين الا
اذا شفتيني ..
كان ودها تصفقه على هالاوامر اللي كل شوي يقولها لها .. هي مو صغيرة او جاهلة
ماتفهم ومن قالها لها اول مرة استوعبتها .. واكيد هي بقناعتها ماراح تتحرك ابد وهي
ماتعرف وين تروح اصلا .. قعدت مع الحريم وهي تنتظر صلاة المغرب .. صوت
الآذان اللي صدح اسرى قشعريرة بجسدها تمنت كل اهلها يعيشون معاها نفس هالشعور
اللي هي تعيشه الحين .. كل احساس عظيم تختبره تمنت لهم نصيب فيه ..
بعد صلاة العشا شافته جاي يدورها وقامت له على طول .. واول مامشو طالعين من
الحرم للفندق اللي مستأجرين غرفتهم فيه .. قعدت تناظر بكل المحلات حولها بفرحة
وهي كل شوي تأشر له على شي : ابي اخذ منهن لخواتي وخواتك ولأمي وخالتي بعد
راحو لمحل اكسسورات .. وفي زاوية المحل الصغير كان جالس شايب يكتب اسماء
على بعض هالاكسسوارات .. اختارت على عددهم وقربت منه تبيه يكتب لها : ابيه
يكتب اسم نورة وموضي وحصة ومنيرة وهيا وسارة .. وخواتك امل " وبخجل "
من هي الثانية ؟
ابتسم وهو ياخذها ويحطها عند الشايب : فرح ..
ابتسمت بخاطرها وشلون نست هالاسم وهو يعني الفرح رجعت تختار اشياء تناسب
امها وخالتها .. وخالتها ام الوليد بعد .. وخذت لها مجموعة مسابيح لابوها وراكان
وسلمان وابو الوليد بعد ..
قرب منها يسألها : تعالي شوفي من ناقص ..
ناظرت بالاسماء تعدهم .. وتكلمت بصوت بالكاد ينسمع : موضي وهيا مابعد كتبهم
ناظرها الشايب مستفسر : ارفعي صوتك يابنتي ماني سامعك ايش قلتي ؟
رجعت تكرر له نفس الاسماء : موضي وهيا ..
كتب لها اسمائهم ومدها لها .. : كدا تمام ؟
اشرت له براسها مستانسة وهي تناظر بالوليد فرحانة .. : خلاص ناخذهن ؟
جمع الولد الصغير اللي مع الشايب هداياهم المتواضعة وحطها لهم بكيسين وحاسبهم
الوليد ومشو راجعين للفندق .. دخلت على طول تتسبح وقعد هو ينتظرها بالغرفة ..
لبست وجففت شعرها وطلعت له .. باسها على خدها دخل هو الثاني يتسبح بعدها ..
جلست على السرير تتذكر كل اللي صار لها اليوم .. وهي تحس بفرحة بعمرها ما
جربتها بحياتها وشكرت ربها اللي عوضها خير بهالانسان اللي دعت من قلب ربي
يسخره لها .. وهذا اهم شي هي تفكر فيه الحين ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:42 PM
صار له يومين يترجاها يجيها البيت وهي رافضة كثرة هالمقابلات اللي تحس
انها بتخليه مايستعجل على زواجهم لكن مع اصراره والحاحه هالمرة رضت
انه يجي عندها ..
وكعادتها كل مرة كشخت له وتعطرت وانتظرته يجي من حظها اليوم اربعاء
والعائلة هاليوم محد يقعد في البيت وابوها من طاح عليهم مريض للحين وهو
كل يوم نايم بعد صلاة العشا .. استقبلته في الصالة استقبال حميمي كعادتهم
من سنوات مضت .. ولبسها هالمرة مايقل خلاعة عن كل مرة تشوفه فيها ..
ومن جلس معاها وهو طول الوقت مقربها منه ويبوس فيها وهي تتدلع عليه ..
مدت له الحلى وهي تبي توكله بيدينها : حبيبي ذوق هاللقمة من يدي ..
كان يناظرها مبتسم ابتسامة كلها رغبة اكل اللقمة من يدها وهو يتأملها : يا
عمري انتي .. الله لا يحرمني من هاليدين الحلوة .. ولا من صاحبتها الاحلى
ضحكت وبعدت عنه وهي تشوف نظراته لها ..
مسك يدها يقربها منه : حبيبتي ..
ناظرها بهيام وجاوبته بدلع : عيونها ..
عض شفته وتكلم وهو مازال مبتسم : الحين محد في البيت صح ؟ " هزت
رساها بالنفي وكمل كلامه " زين تعالي وريني غرفتك .. " وقبل ماتعترض
على كلامه قام " ولا كلمة انتي من زمان واعدتني .. لا تقولين شي الحين ..
يالله عاد حبيبتي ابي اشوف ذوقك عشان اختار لك شي يعجبك ابي اثاث بيتنا
نفس اللي انتي تعيشين فيه ..
قامت معاه وهي حاطة يدها على خصرها : ايه ايه .. اضحك علي بهالكلام
الحلو .. تعال بس تشوفها وتطلع وبعدها نروح نقعد بالمجلس زي دايم ..
لف يده حول خصرها ومشى معاها : ابشري من عيوني .. انتي تامرين امر
ياقلبي ..
حست بفرحة كبيرة وهي تحس بحجم الحب الكبير اللي مغرقها فيه .. ورقت
معاه لغرفتها .. وقف عند الباب يتأمل اثاثها الفاخر جدا وهو مدرك بداخله
انه مايقدر .. لو حاول يجيب ولو نص قيمته .. شوي دخل يشوف ادراجها
واغراضها اللي على التسريحة .. حتى ملابسها .. : والله انك بنت نعمة من
جد ..
طقته على كتفه بدلع : حبيييييبي .. وش هالكلام ..
التفت لها وضمها له : ياعيون حبيبك انتي .. " حاولت تبعد عنه لكنه تمسك
فيها اكثر وهو يلثم وجهها " حبيبتي لا تزودينها وتصيرين معقدة انتي الحين
زوجتي والكل يعرف ..
حطت يدها على صدره تحاول انها تبعده وهو متمسك فيها اكثر من قبل ..
وماحست بنفسها الا وهو راميها على السرير مر وقت طويل قبل تستوعب
اللي صار لها هالوقت كله .. ناظرته بخوف : صلااااح .. وش سويت انت ؟
اشر لها تهدا وتسترخي : ماسويت شي ياقلبي انتي .. منال .. اليوم ولا بعد
5 اشهر انتي زوجتي .. ليش خايفة ؟ " قرب منها وباس خدها
.." يسعد لي ربي زوجتي الغالية تصدقين من اليوم راح احبك اكثر ..
بعدته عنها وهي مصدومة من وضعها معاه : ليش سويت اللي سويته ؟ انا
من الاول قلت لك بعد الزواج راح اكون لك .. " وبدت تصيح " ليش حرام
عليك ..
قعد وهو يناظرها : منال ؟ وش فيك انتي .. تراك حلالي واسوي اللي ابي
بعدين الحين ولا بعد 5 اشهر وش يفرق .. انا انسان احبك وابي اعيش معاك
عمري كله .. امسحي دموعك الحين ولا تقفلين بجوي رجاءً ..
عصبت عليه وهي تشوف بروده معاها : انا اقفل بجوك .. صلاح انا ماعندي
استعداد اعيش هالايام بقلق وتوتر نفسي .. من بكرة تجي تقول لابوي الزواج
بعد شهر ..
قام وهو يلبس ملابسه ويناظرها بقهر : الظاهر انك مريضة انتي .. وشو شهر
ومن وين لي مصاريف زواج وشقة ومقدم عقد وتأثيث انتي تحسبيني مثلك ..
العب في الفلوس ومادري وين اوديها ؟ خلاص انا وعدتك بعد 5 اشهر على
ما يجيني قرض تيسير الزواج .. ووقتها تنحل كل مشاكلنا ..
وطلع من عندها تاركها وراه وهي تصيح منهارة .. هي كانت طول عمرها
معاه تتمنع وماعمرها مكنته من نفسه .. ماتدري ليش هالمرة ضعفت له ..
ليش هالمرة استسلمت له ولمعسول كلامه ووعوده اللي ما تنتهي .. حاولت
تهدي نفسها بالاخير وتقنعها .. هي واثقة من حبه وواثقة انه اختارها هي انها
تكون زوجته .. واكيد راح ينتظر الفترة هذي تمر بسرعة ويعيشون مع بعض
مثل اي اثنين متزوجين قامت تتسبح وهي تعيد نفس الكلام على نفسها تحاول
انها تخفف من احساس الخوف اللي تملكها ..
نزلو من السيارة رايحين لبيت خالهم .. ناظرت حولها واستغربت كل شي تشوفه
البيت تغير وصار مكانه فيلا متوسطة لكن اكبر من بيته المتواضع اللي قبل وبيت
جيرانهم مازال هو نفسه نفس الفيلا القديمة اللي كانت تشوفها حلوة بوقتها وفخمة
الحين تشوفها اقل من عادية .. اما الحديقة اللي كانت تجمعهم ايام طفولتهم تغيرت
كثير وصارت احلى من قبل .. ماعادت هي الحديقة اللي حملت على ارضها احلى
الذكريات .. انتبهت لامها تناديها ومشت معاها ماكانت ابد حاسة بالوقت اللي راح
وهي منشغلة باستعادة ذكرياتها .. دخلت بيت خالها واستقبلتهم زوجة خالها اللي
كانت تكره تحكمها فيهم وفرض اوامرها عليها وعلى امها .. تذكرت هالوجه الحين
رغم انه بنظرها صار ابشع واقبح من قبل .. واصوات عيال خالها اللي مسببين
ازعاج كبير .. تذكرت انها بوقتها كان عندها 5 عيال .. 3 بنات وولدين .. والحين
اكيد العدد صار اكبر بما انها تسمع صوت اطفال ..
استنكرتها في البداية وماعرفتها .. وام خالد طول الوقت كانت تبتسم ابتسامة غريبة
وكأنها بهاللحظة جاية تنتقم من كل اللي سببو عذابها هالسنين كلها .. دخلت ودخلت
معاها ديما .. وجلسو بالصالة شافت بنات خالها الكبيرة ومتزوجة وعندها عيال يوم
كانت هي في بيت خالها كانت هالبنت بالثانوي .. والثانية بعد كانت بالمتوسط يعني
اكيد هالاطفال عيالهم .. كانت ساكتة وهي تتأمل كل شي وكل خطوة تمشيها كأنها
خالد او ريان ماتدري وين تروح او وش تقول بالضبط ..
جلست ام خالد وهي مازالت محافظة على نفس ابتسامتها .. تدري ان زوجة اخوها
ماتحبها هي اللي كرهتها بحياتها واجبرتها تتزوج وتطلع من البيت بعد ماكثر تشكيها
اكثر من مرة .. اما البنات فكانو يحبون عمتهم ويكنون لها كل تقدير لانهم ماعمرهم
شافو الزلة منها ..
تكلمت ام عبدالعزيز وهي ترحب فيهم : يا هلا والله بأم خالد وينك ماعاد تجينا ولا
نشوفك " والتفتت لديما وهي مبتسمة " ماقلتي لنا انك بتجيبين ضيوف معك ولا كان
ضيفناها اللي تستاهله ..
ناظرت ام خالد في بنتها ورجعت تناظر ام عبدالعزيز بابتسامة : من قال انها ضيفة
هذا بيت خالها وهي جاية تسلم على بنات خالها ..
ذهول الجم الكل عن الكلام ولا وحدة فيهم قدرت تعبر او تقول شي قعدو يناظرونها
مستغربين كلامها .. كملت وهي تمسك يد ديما : هذي بنتي ديما .. ماتذكرونها ؟
صدمة خلت الكل يناظرها مستغرب .. لا زوجة اخوها قادرة تتكلم ولا حتى البنات
مصدقين اللي يشوفونه قدامهم هي فعلا تشبه لام خالد والحين بس اللي انتبهو لهالشي
تكلمت رغد بنت خالها الكبيرة : ديما ؟؟؟ عمتي .. ديما اللي توفت ؟
ابتسمت وهي تداري جروحها اللي سببوها لها : ايه هذي هي تشوفين يا رغد ؟ هذا
بنتي ما ماتت ليش ما قال لكم ابوك وانا معلمته اني دريت انها للحين عايشة ؟ اكيد
انه هو لاعبها معاهم .. ولا كان فرح لي اقول له بنتي للحين عايشة يضيع السالفة
ويسكر الخط ..
وقفت ام عبدالعزيز معصبة : حدك عاد الا رجلي ما اسمح لك تغلطين عليه وش
اللي لاعبها من وراك ؟ وش يستفيد اصلا من هاللعبة اللي تقولينها ..
ناظرت بالصالة الواسعة حولها وتكملت ببرود .. : يستفيد هالفيلا الحلوة بدل بيته
الخرابة اللي كان ساكنه قبل .. يستفيد سيارته اللي شراها وهو اللي ماكان عنده الا
كابريس ومكسر بعد " حطت يدها على جبينها وكأنها تتذكر " وش بعد انتي قولي
لي هالمرة وش بعد استفاد من بيعة بنتي ؟
كانت تسمع كلامها مذهولة .. وماعرفت وش ترد عليها .. حتى بنات اخوها اللي
يناظرون عمتهم باستغراب .. ابد ماتوقعو بيوم انهم راح يسمعون هالكلام اللي ما
يخطر على بال احد ..
انتفض كل جسدها وهي تصارخ عليها : جاية في بيتي وتغلط على زوجي وتقولين
على اخوك انه حرامي ..
وقفت بكل برود تكلمها : لا حاشاه اخوي منو قال انه حرامي ؟ قولي خاين .. قولي
نذل .. قولي انسان ماعنده ضمير .. اي شي يخطر في بالك الا حرامي ..
سمعت صوته بالخارج وهو جاي لهم يصارخ .. دخل عليهم معصب .. : قصرو
اصواتكم الله لا يبارك فيكم .. وش هالصراخ كله .. " واول ما انتبه لديما تراجع
للخلف " من اللي عندكم ؟
صوتت له ام خالد وهي واقفة : تعالي ياخوي " قالت هالكلمة وهي تشدد على كل
حرف فيها " مافي احد غريب .. هذي بنت اختك ديما .. اللي قلت لي انها ماتت ..
اللي الله ردها لي وكشف لي كذبكم ..
دخل يناظر ديما باستغراب .. وهو للحين مو مصدق شلون رجعت لامها .. ومن
شافت نظراته مسكت في يد امها بيدينها الثنتين .. وعيونها على امها ماتبي تناظر
بأي شي ثاني بالذات خالها اللي حست بنظراته الحين شي يذكرها بنظرات ابوها
اذا عصب عليها ..
رجع التفت على اخته وهو يصارخ : ومن اللي قال لك اني لاعب عليك ولا ادري
وينها فيه .. هم مكلميني وقايلين لي انها ماتت بحادث .. يوم راحت مع ابوها في
طريق الدمام ..
ضحكت بأعلى صوتها وهي تسمع تردده في الكلام : بتكذب علي بعد ؟ والله وانا
حلفت بالله اني لادفعكم ثمن هالعذاب اللي عشته انا وبنتي .. واسأل الله اللي ردها
لي سالمة بعد هالسنين كلها انه يكشف لي كل الاعيبكم وينصرني عليكم ..
مسكها مع يدها بقوة .. وهو يسحبها .. : تتبلين علي الحين .. بعد ماضفيتك طول
هالسنين وعزيتك وكرمتك جاية تقولين هالكلام ..؟
حاولت تبعد عنه وهي ترد عليه : عزيتني وكرمتني ؟ انت تكذب على منو .. وين
العز اللي شفته عندك وانا من جيت هالبيت وانت ذالني ومسود عيشتي وعلى كل
طالعة ونازلة قلت لي مصاريفك ومصاريف بنتك ..
وقف مكانه وهو مازال يسحبها .. : برااااا .. برا بيتي ولا عاد اشوفك تعتبينه بعد
اليوم ابد .. خذي عيالك وانقلعي لا اشوفك جايتني ..
شالت ديم ومدتها لديما اللي كانت يدينها ترتجف .. ودنقت تشيل ريان اللي كان
يصيح من الخوف .. ومشت طالعة هي وعيالها .. : ماكنت ابي اجي لك ولا ابي
قربك .. جيت بس ابي اعلمك اني بارفع دعاوى على كل اللي حرموني من بنتي
وان شاء الله اشوف يوم فيكم وابرد حرتي اللي للحين مابردت ..
طلعت بعدها على طول رايحة لبيت ام متعب اللي عازمتهم اليوم للعشا .. التفتت
على ديما اللي من وصلت عند الباب قعدت على طول على الدرج .. : يمه ماقدر
اتحرك .. خذي ديم لا تطيح مني ..
نزلت ريان وقعدت جنب ديما تاخذ بنتها الصغيرة منها .. : لا يضيق خلقك .. ولا
تفكرين بشي صار ابد .. يا ما بنشوف ايام سودا بس مابي اسكت عن حقي اكثر
من اللي سكتته .. وان شاء الله ربي يظهر الحق ويريح قلوبنا ..
خذت نفس عميق تحاول ترتاح وزفرته بهدوء .. وبعد ماحست انها ارتاحت قامت
تمشي مع امها رايحين لبيت ام متعب اللي مجاور لبيت خالها ..
اول ماوصلو لهم استقبلوهم بفرحة كبيرة .. لاحظت الاضاءات والورود .. اللي
موزعينها بكل مكان .. حست بفرحة كبيرة وهي تشوف احتفالهم البسيط فيها ..
ارتاحت كثير ان امها اجلت روحتهم لبيت خالهم لليوم على الاقل بعد صدمتها
اللي عاشتها هناك .. تجرب هنا شعور مختلف .. افنان ماتغيرت كثير مازالت
للآن بنفس الشكل الا مع علامات النضج اللي فرقت .. جوري بالنسبة لها مو
هي اللي تعرفها بس توقعت من شكلها انها جوري لان مدى ابد ماعمرها شافتها
واصلا هي الصغيرة بينهم .. سلمت عليهم وهي تشوف استقبالهم الحافل لها ..
ماعرفت وش هي بالضبط مشاعرهم دموعهم اللي استقبلوها فيها .. حبهم اللي
غمروها فيه .. كلمات الحب والترحيب اللي رددوها على مسامعها شي ابد ما
قدرت انها تتحمله .. ونزلت دموعها غصب عنها حتى مدى اللي ماعرفتها ابد
و وافي اخوهم الصغير اللي توه بصف خامس ابتدائي ناظرهم بحزن وطلع على
طول طالع من مجلس الحريم .. كان لقائهم موجع ومحمل بعبق الماضي كله ..
جلست معاهم .. كانت تسمع سوالفهم وهي تحس بشعور غريب مو هم نفسهم
اللي كانت تقعد معاهم ساعات اطول من اللي تقعدها في بيت خالها او بالاصح
هي مو نفسها اللي ودعتهم على امل انها ترجع لهم بعد ساعات .. هي وحدة
ثانية غير اللي كانت رغم صغر سنها قائدتهم واللي الكل يسمع كلامها تغيرت
كثير وحياتها خلت منها انسانة ثانية الى الآن ماعرفت طعم السعادة الحقيقي ..
مازالت تعيش بخوف وتردد كبير ..
فاجأتها افنان وهي شايلة كيكة كبيرة مستطيلة وحطتها على الطاولة اللي قدامها
وهي تمد لها السكين : يالله قطعي كيكتك ديوم .. والحمدلله على السلامة ..
مازالت يدينها ترتجف للحين .. مدتها وخذت السكين وهي تبادلها الابتسامة ..
ناظرت امها ورجعت ناظرت الكيكة : الله يسلمك ..
" الحمدلله على سلامة رجوعك يا احلى ديوم .. " اول ماقرت هالعبارة دمعت
عيونها وهي تنقل بصرها بينهم وقطعت الكيكة بيدها اليمين وهي تمسح دموعها
بيدها الثانية .. لمتها امها في حضنها وصاحت غصب عنها ووقفو كلهم متأثرين
ضحكت جوري تبي تلطف لهم الجو شوي .. : خلاص عاد ماصارت من تقابلنا
واحنا ضيافتنا هالدموع .." ابتسمت وهي تمسحها " خلونا نستانس اليوم ديوم
معانا ..
وزعت مدى عليهم العصير وبدت ديما شوي تسولف معاهم .. كانو حاسين فيها
وفي انعزالها شوي ومع هذا ماخلوها بدون مايحاولون يجرأونها اكثر .. كانت
كل شوي تلتفت لامها اللي من تنتبه لنظراتها تبتسم لها ومع الوقت والعشا بدت
تفك شوي وتتجرأ عليهم ..
قومتها جوري ومسكتها من يدها : تعالي بوريك خبالنا يوم كنا صغار ..
مشت معاها وهي مستغربة وين بتوديها : وشو ؟ وين بنروح ؟
قامت وراهم افنان ومدى .. لغرفة جوري بالدور الثاني .. كانت تشوف بيتهم ما
تغير كثير عن قبل .. الا من الاثاث اللي تجدد .. وضعهم المادي جيد واحوالهم
مثل الاغلبية معتمدين على راتب ابوهم في تدبير معيشتهم وراتبه حلو ومعيشهم
عيشة مناسبة .. دخلت غرفة جوري اللي سحبت من تحت السرير شنطة كبيرة ..
فتحتها وديما تناظر فيها مستغربة .. ضحكت وهي تفتحها : هذي فيها كل شي
كنت اسويه قبل .. رسايلي انا وانتي يوم نتزاعل .. ورسايلي انا وصديقاتي بعد
ورسوماتنا وكل شي .. كنت ابي اوريه لعيالي .. بس جيتي انتي اليوم ابي اذكرك
شوي بخبالنا قبل ..
بدت تطلع الاشياء اللي بالشنطة وتشوف اللي له علاقة بديما وجلسو كلهم حولها
مدت لها رسمة كانت ديما راسمتها للحديقة ومهديتها لجوري .. ابتسمت اول ما
شافتها : ما اذكرها والله ..
وضحكت جوري وهي تمد لها رسالة بورقة صغيرة .. : اقريها هذي انتي اللي
ارسلتيها لي يوم زعلت عليك .. يوم تروحين انتي ومتعب للبقالة .. وماتاخذوني
معاكم ..
ضحكت من قلب وهي تشوف الرسالة ومن كثر ماكانت تضحك نزلت دموعها
قربت منها افنان تضحك : تكفيييييين هاتي بقراها ..
بعدتها عنها وهي للحين تضحك : لا مابي .. تفشل وربي انا اكتب هالكلام ؟ ..
مسكت يدها تترجاها : تكفين ديوم كلنا كنا صغار بس خليني اقراها ..
مدتها لها وهي تمسك خدودها من الاحراج .. وافنان تقراها وتضحك ناظرتهم
مدى مستفسرة : وشو ؟ ابي اعرف وش كاتبة ..
انسدحت افنان على ظهرها من كثر الضحك .. : يمه بموت ضحك على التعبير
اجل انتي احسن صديقة في العالم ؟
ضحكت ديما وهي تمسح دموعها : لا ومادري ليش كاتبة اني احبكي ولا استطيع
الابتعاد عنكي .. وربي هذا تأثير المغامرات علينا ..
كانو يضحكون وهم يشوفون رسايل ديما الكثيرة لها ... على كثر زعلاتها منها
ورسوماتهم اللي اكثرها شخابيط غير مفهومة .. لحظات رجعت فيها لكل سنواتها
اللي عاشتها قبل .. رجعت طفة معاهم رجعت لليوم اللي تغيرت منه حياتها ..
وماحست الا بصوت ام متعب تقول لهم ان امها تبي تروح الحين زوجها جايها
بالطريق .. جمعو كل الاغراض ورجعوها في الشنطة .. ونزلت عند امها وام
متعب .. لبست عباتها وجلست جنب جوري اللي قربت من اذنها وهمست لها
ماتبي احد يسمع : ديوم تعالي شوفي متعب بعد ما كبر ..
التفتت لها مستغربة كلامها وابتسمت : مو في الرياض ؟
هزت راسها لها : الا بس جاي هالاسبوع .. تعالي والله مايشوفك بنروح نطل
عليه من دريشة الملحق ..
فكرت بكلامها شوي وبعدها تراجعت : لا من جدك انتي وش اروح اشوفه ..؟
مسكتها من يدها تقومها : مو هذا اللي كنتي طول الوقت معاه وماتفارقينه عاد
لا تنصبين علي وتقولين ماعندك فضول تشوفين كيف صار شكله ..
وقفت مكانها وهي تشوف نظراتهم لهم وهم مايدرون وين رايحين : لا جوري
وش يوديني فكينا اخاف احد يشوفنا ..
التفتت عليهم مبتسمة : ابيها بسالفة وبنطلع نتمشى شوي في الحوش الين يجي
ابو غانم " زوج ام خالد " ..
ومشت معاها ديما تتبعها كانت مترددة بس ماتنكر انها بداخلها جاية تبي تشوف
الكل كيف صارت اشكالهم بعد غياب هالسنين كلها ..
شافت جوري الشباك مفتوح شوي ... ووقفت بعيد تناظره مدت يدها وسحبت
ديما لها : تعاااالي شوفيه ..
وقفت جنبها ديما وهي منحرجة من موقفها وقعدت تناظر باللي جالس بالملحق
ويناظر التلفزيون .. واول ماشافت الشكل التفتت لجوري متفاجأة ..
وقفت مكانها مو مصدقة اللي تشوفه .. ومن لاحظت جوري تفاجأها سألتها
على طول .. : وش فيك ؟ تراه اخوي مو وحش ..
سحبتها بعيد عن الملحق .. وهي للحين مو مصدقة : شفته والله العظيم شفته
ناظرتها مستغربة وش قاعدة تقول : ديوم سلامات ؟ ادري انك شايفته بس
ليش ارتعتي ؟
شافت امها طالعة وابتسمت تودعها : بعدين اعلمك بروح البيت الحين .. زين ؟
مسكتها قبل تروح : لا والله ماتروحين الا اذا علمتيني .. حاسة انه وراك سالفة
وين شايفة اخوي فيه ..
التفتت لامها اللي تناديها ورجعت تكلمها : والله العظيم سالفة طويلة الحين ماقدر
اقول لك كل شي .. بس هو يشتغل بمستشفى صح ؟
جوري : ايه .. ليش ؟
ديما وهي رايحة ركض لامها : خلاص شفته بالمستشفى ..
ومن شافتها رايحة تركض نادتها اكثر من مرة بس طنشتها وماردت عليها ..
تغطت وطلعت من بيتهم راجعين لبيت امها .. وطول الوقت وهي تفكر فيه ما
تدري ليش حست انه هو بعد خانها .. لانه عرف بمكانها وعرف من هي وما
انقذها ولا حتي فكر يقول لها وين امها فيه .. " اكيد عارف اسمي .. مستحيل
مايعرفه بس لييييييش ؟ " كرهته لانه هو الوحيد اللي مازالت تذكر كل تفاصيله
نستهم كلهم حتى خالها وبناته .. حتى خواته نستهم وماذكرت الا هو اذا رجعت
للماضي ما كانت تحن الا لامها وله .. وهو اللي للحين محتفظة بتذكار منه ومع
هذا كله تجاهلها وتجاهل وجودها وما اثرت فيه رجعتها .. انقهرت منه كثير ..
واللي قهرها اكثر سنين عمرها اللي كانت تنتظر اي وقت ترجع لامها وتشوفه
هو .. هو بعد كانت تتمنى تشوفه .. كانت حاطة ريان بحجرها وماسكة يده
تلعبه .. وفكرها كله يروح له .. كانت بس تتمنى تلاقي فرصة وتسأله اذا هو
عرف انها ماماتت ليش مافكر يوصلها لامها وهو كل يوم يجي يحقق معاها عن
اسباب التعذيب .. وطول الطريق من الخبر للدمام هذا كان تفكيرها اول ماوصلو
البيت طلعت للغرفة اللي تنام فيها .. قبل ماتنتقل لغرفتها الجديدة .. اللي للحين ما
جهزت ..
غسلت وبدلت ولبست بيجامتها وقبل ما تنام انتبهت لامها اللي جاية تجلس معاها
شوي .. ابتسمت لها وهي تمسك يدها تبوسها .. : مابتنامين الحين ؟
ابتسمت لها بحنان : لا ياقلبي ابي اسولف معاك عن اللي صار اليوم اول ابيك
تقولين لي كل شي حسيتيه .. شلون يوم شفتي البنات ؟ مو بنات خالك لانك ما
لحقتي تتهنين بالقعدة معاهم بس ان شاء الله نروح لكل وحدة في بيتها ولا اعزمهم
يجوني .. الله يسعدهم هم اللي دايم يواصلوني .. عسى الله يسعدهم مدري شلون
طلعو من هالام والابو الله يهديهم ويصلحهم .. المهم اني ابيك تسولفين عن بنات
خالتك ام متعب والحفلة .. وكل شي ..
ضحكت على كلام امها .. مثلها بالضبط مهما زعلت من احد ماتحب تدعي عليه
او تقول شي غلط عليه في ظهره : استانست واجد والله .. ماتوقعت اني بستانس
هالكثر قلت يمكن بستحي منهم بس هم الله يسعدهم ماخلوني احس بالاحراج ابد
بالذات جوري .. يمه هالبنت نفسها ماتغيرت .. نفس سوالفها اللي كانت تمسكها
علي اول ..
جلست على الارض وجلست ديما جنبها .. : اجل كانت بينكم سالفة كايدة وانتو
بالحوش صح ؟
بعد تردد فكرت انها تصارح امها باللي في خاطرها وترتاح .. : يمه بعلمك اللي
صار وانتي قولي لي وش اللي فعلا صاير " واول ماشافت انصاتها معاها على
طول تكلمت " طلعت مع جوري بشوف " وبخجل " متعب والله مو انا اللي كنت
ابي اشوفه بس هي قالت تعالي شوفي شلون صار شكله بعد هالسنين ومن شفته
انصدمت وربي .. يمه متعب كان كل يوم يجيني في المسشتفى ..
فتحت عيونها متفاجأة : شلون يعني يجيك ؟
فركت يدينها في بعض بتوتر وهذا طبعها اذا صارت تسولف : يوم طارق اخوي
طقني واغمى علي .. يوم ادخل المستشفى بالاول كنت تعبانة ومابي اتكلم مع احد
وبعدها كنت زعلانة على عمي وزوجته .. لاني كل مرة اطلبهم يساعدوني وهم
يرجعوني لابوي .. وجاني متعب مادري وش شغلته بس هو اللي كان يجي يسأل
عن وضعي في البيت ومن يطقني وكل هالسوالف .. يعني يمه عرفني وما قال
لي شي عنك .. " وبحزن " يعني نفسهم ..
حطت يدها على كتفها : اولا ياقلبي مستحيل يكون عرفك وما قال لامه .. وانتي
تعرفينهم زين وشفتي شلون استقبلوك ثاني شي ديوم متعب ماعاد هو اللي كنتي
دايم معاه اول .. الحين صار رجال وانتي مو محرم له .. شلون تروحين عشان
تشوفينه ..
ضحكت وهي تحس بخجل من كلام امها : والله مو قصدي اشوفه ولا حتى اكلمه
وربي استحي .. بس هي قالت لي تعالي شوفيه بدون محد يدري ..
ابتسمت لها وهي تستغرب اوقات تصرفاتها تتصرف وكأن مالها شخصية مستقلة
واي شخص يطلب منها تسوي شي تسويه بدون ماتفكر في النتائج كملو جلستهم
وسوالفهم .. وبعد ما استئذنتها امها رايحة تنام رجعت تفكر بكل شي صار معاها
اليوم .. وبكل مشاعر تحركت بقلبها ..
خلف القضبان الحديدية .. وفي غرفة شبه مظلمة كان يقضي ليله الكئيب يحس
بمشاعر متعبة الى ابعد الحدود .. كل الهموم تجمعت عليه من كل مكان ولا يدري
اي هم فيهم يبديه على الثاني .. الى هالوقت مايدري وش هو مصيره ولا يدري
وش راح يصير عليه .. يتمنى بس يسمحون له يروح لاهل منصور ويشرح لهم
الوضع كله .. يبي بس يقول لهم احساسه بفقده اعظم من اي احساس ثاني والندم
اللي يراوده بكل لحظة يتذكر استعجاله في مسك المسدس وهو يجهله ولا بحياته
شافه او استخدمه .. كان يفكر بأهله وابوه وخواته .. ويفكر بهيا وش اللي ممكن
يكون في بالها الحين .. مايدري وش اللي راح تفكر فيه عنه .. وهل لو قدر يطلع
من السجن بيكون في عيونها مثل اول رغم ان الواقع يقول انه لو طلع راح تتغير
حياته وراح تواجهه مصاعب اكثر ..
واهله اللي ماكان لهم مصدر رزق بعد الله الا هو الحين لا جامعة ولا حتي الدوام
المتعب اللي كان يشتغله رغم الارهاق عشانهم .. كان يدري انه هذا مصيره اللي
قدره له رب العالمين .. انه يولد في اسرة فقيرة وينشأ طول حياته بشقى .. من
صغره وهو متحمل مسئولية واللي بعمره مايعرفون الا الالعاب والكورة .. ولا
حتى عمره اعترض على قضاء الله وقدره .. لكن هيا هي الوحيدة الي مايبي شي
في الدنيا يوقف بينه وبينها .. هم توهم صغار ومابعد عاشو الحب مثل مايتمنون
مابعد عاشو حياتهم مثل كل اثنين مخطوبين .. من كبر وقرر انه يكمل دراسته
عشان يتوظف ويتزوجها على طول .. وكل يوم يروح لجامعته او حتى دوامه
كان يشوفها قدام عيونه .. حلم وردي رسم عليه كل خطط المستقبل يتمنى السنين
تمضي فيه ويحقق هالحلم .. ويوم صار كل اللي باقي على تخرجه سنة وكم شهر
بس يصير هذا كله .. ويدخل السجن بقضية مايدري وش آخرتها ..
يخاف انه يتسلح بالأمل ويكون مستقبله مظلم .. وبنفس الوقت مايبي ييأس وهو
مدرك ان رحمة رب العالمين كبيرة ..
قعد يستمع لشكوى اللي جنبه .. مشاكله وهمومه قاتل ومحكوم عليه بالقصاص
بعد ايام ..مايدري بوقتها هل يواسيه او يواسي نفسه ..ولا يدري حتى وش هو
الكلام المناسب اللي يقوله .. هو محتاج من يطبطب عليه ويعلمه شلون يواجه
مصاعب هالحياة وظروفها ..
" يارب الصبر .. يارب الصبر .. " كان يبي يصبر على كل اللي يصير معاه
اوقات يحس انه وده يموت ولا يعيش بهالعذاب .. يتمنى انه يترك الدنيا بكل هم
وتعب فيها .. وكل ماتسلل اليأس لقلبه دعى ربي يرزقه صبر اكثر .. ويمكن
اوقات كان يهون على نفسه اذا سمع قصص غيره ..
التفت على رجال ممكن يكون في الثلاثينات ملتحي وباين عليه الوقار .. اقترب
منه وسلم عليه .. رد السلام راكان وانتظره يتكلم .. مايدري ليش الحين يتمنى
اي احد يتكلم معاه عشان ينسى الوساوس اللي تراوده كل شوي ..
ربت على كتفه وهو يتكلم بايمان : لا تيأس ولا يضيق خلقك .. محد في هالدنيا
خالي هموم .. كلن له نصيبه .. والله عز وجل قال " لقد خلقنا الانسان في كبد "
وهذي حياتنا من مشقة الى مشقة ومالنا الا الصبر واحتساب الأجر ..
التفت له راكان متسائل : ومن وين اجيب قوة ايمانك ..
قرب منه وهمس له وهو مبتسم .. : انا والله دخلت السجن ما اعرف من الاسلام
الا اسمه .. شراب , مخدرات وبنات .. وكل معصية بهالدنيا سويتها .. وقدر الله لي
اني انمسك من 3 سنوات والى هاليوم وانا اقضي عقوبة القتل .. لاني قتلت واحد
في مضاربة .. وصدر بحقي حكم القصاص .. والحمدلله على كل حال .. الحين
لو اموت .. اموت وانا راضي عن نفسي .. هالسجن رجعني لصوابي وعقلي ..
ورجعني لربي ..
ناظره راكان بتعجب من حاله .. وكيف ان ايامه في الدنيا معدودة ومع هذا يتكلم
وكأنه اكثر الناس سعادة .. كمل كلامه له بنفس الاسلوب المحبب : اذا ضاقت
فيك الدنيا .. وحسيت انك وحيد بهالعالم قول " لا اله الا انت سبحانك اني كنت
من الظالمين " وبإذن الله تفرج كربتك .. قال هذي الدعوة يونس عليه السلام في
بطن الحوت .. وكتب الله له النجاة .. وان شاء الله يكتب لك النجاة من هذا السجن
انت قضيتك قتل خطا .. والله راح يظهر حقك ولو طال الزمان ..
راحة كبيرة سرت بجسده من بعد كلامه معاه .. كان يحس نفسه بمكان مظلم وكل
المنافذ مسكرة عليه .. وبعد كلامه فتحت له نوافذ الأمل اللي بدونها مستحيل نعيش
ابتسم له برضى وشكره على كلامه اللي ريحه .. وقام معاه يصلون الفجر جماعة
وكل اللي بداخله أمل ان الغد يحمل له تباشير فرح حتى لو طال انتظارها ..
من يوم صحى ومزاجه مقفل كل يوم يتكلم معاها وهي تتهرب منه .. وهذا حالها
اللي اتعبه .. ماحس انه انسان بشهر العسل ولا عرف طعم العرس من مزاجيتها
اللي اتعبته وكل ماقرب منها قالت له انها تعبانة .. والحين صاير لهم 3 ايام في
اسطنبول بتركيا نفس الشي جلس يناظر ساعته السواق صار له حول الـ 10 دقايق
برا وهي للحين ماطلعت .. اخذ جواله وقام يطق عليها باب الغرفة انتظر ترد عليه
بس ماسمع اي صوت .. رجع طقه اقوى : حنين يالله عاد السواق برا متأخرين
عليه ..
وهالمرة بعد تطنيش وماترد .. حس انه واصل حده منها .. المشكلة انه للحين مو
عارف وش اللي فيها ولا هو لاقي اي تفسير لتصرفاتها .. تكلم وهو يصر على
اسنانه : حنين لا تنرفزيني ادري انك صاحية من اول .. بسرعة تحركي ..
فتحت الباب ووقفت تناظره : مابي اروح .. مالي خلق اطلع اصلا ..
مشى رايح ومعطيها ظهره .. سكر باب الجناح بقوة وطلع .. ركب مع السواق
مايدري وين يروح اصلا حالته واللي يصير معاه مو قادر يفسره ولا هو فاهم
وش اللي يصير بحياته .. يحس انه راح يكرهها من تصرفاتها هو بطبعه عصبي
ومن اتفه الامور يتنرفز والى هالحين وهو ماسك اعصابه .. وقفه باحد الساحات
الكبيرة بوسط اسطنبول وطلع يتمشى .. كان يبي يخطط لحياته صح وده لو بس
يقدر يفهم هي ليش تعامله كذا .. وكل ماسألها قالت له انها ماتدري وش فيها وان
هالشي غصب عنها .. كان يتمشى في الاسواق القديمة وينقل بصره بين المحلات
والناس .. وبالوقت اللي حس نفسه زهق رجع للفندق وشافها جالسة وماسكة بيدها
كيس تشيبس كبير وتناظر التلفزيون .. جلس جنبها وتكلم كآخر محاولة : قلبي ..؟
بدون ماتلتفت له : هلا ..
" الله من شين النفس " رددها بداخله قبل مايتكلم : خلي التلفزيون الحين وتكلمي
معاي .. ابي افهم وش اللي صاير ..؟ من جينا صار لنا 3 ايام ماطلعتي معاي
فيهم ..حابسة نفسك بهالفندق ولا ادري ليش مزاجك معكر ..
تأففت وهي تسكر التلفزيون .. : اوووووووووف وانت مازهقت ..؟ كل يوم تعيد
علي نفس الكلام .. مافيني شي هذا شي من الله ..
ناظرها بقل صبر للمرة الأخيرة : ايه ولمتي هالكلام يعني متى بتتكرمين حضرتك
وتطلعين معاي .. او بالاصح متى تتنازلين وتسمحين لي انام معاك بنفس الغرفة ؟
وقفت متنرفزة من اسلوبه المستهزيء فيها .. : وانت ليش ماتقدر وضعي ؟ يعني
غصب اطلع واكون رايقة ..
قام ومسكها مع يدها بقوة : لا يا حلوة ترى هالحركات ماتمشي علي .. ومن الحين
اعلمك ماتبين تطلعين بحريقة انطقي هنا اوفر .. لا وازيدك بعد بكرة راجع السعودية
ان شاء الله ... وش اللي حادني على الخساير على وحدة ما تستاهل ..
شهقت وناظرته بتعجب : انا ما استاهل ؟؟
بعدها عنه وهي يناظرها بقهر : ايه ماتستاهلين اللي يبي رضاك ووناستك .. حنين
حطيها براسك وربي مانيب مثل ما تظنين .. ترى انا لا عصبت امي وهي امي ما
اعرفها .. وربي لاحرق كل اللي قدامي .. فلا تختبرين صبري وتعاملي معاي مثل
الأوادم ولا والله لاربيك من الاول ..
خافت من شكله وهو معصب وماتكلمت او حتى ردت عليه .. سحب مفتاح غرفة
النوم : انا اللي ابي انام الليلة في الغرفة بتجين اهلا وسهلا ماتبين انطقي بالصالة
وقفت مكانها تناظره وهو طالع من الجناح : عزاااام .. تعال وين رايح ؟
ابتسم وسكر الباب طالع .. " وش هالتناقض العجيب اللي تعيشه " كان يفكر شلون
يوم كان يداريها ويبي رضاها هي مطنشته .. واليوم لانه اتخذ موقف حازم معاها
من طلع سألت عنه .. ماحب يتعب نفسه في التفكير اكثر مو ناقص هموم وضيقة
خلق يبي يروح يتمشى شوي ويتعشى وبعدها بيرجع ينام ومن بكرة الصباح راح
يرجعون للسعودية .. ووقتها راح يعرف شلون يتعامل معاها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:43 PM
داخل البيت وهو يغني بصوت عالي ومبين عليه فرحان من قلب .. ناظر بالصالة
وماشاف احد فيها طلع بعدها لغرفته .. ومن وصل للصالة اللي بالدور الثاني شاف
اخته جالسة بالصالة متضايقه جلس معاها وهو ماسك زقارته بيده : صباح الورد
يا وردة .. وش عندها الحلوة اليوم قاعدة لحالها ؟
ناظرته مستغربه مزاجه العالي اليوم : ابد امي ومروى وزياد ببيت جدتي .. وانا
مال خلق اطلع .. الا وش فيه جوك اليوم وناسة ..
مد رجله على الطاولة وهو مبتسم : ابد راااااااايق الا تعالي ابوي اليوم طالع صح ؟
منال : لا مسافر من الظهر .. مادري حتى وين راح .. مع ان امي ماكانت تبيه
يروح بس قال يبي يغير جو البيت شوي ..
كانت تكلمه وهي كل شوي تناظر جوالها .. من اول تنتظر صلاح يتصل عليها
وهو مطنشها .. والغيرة قاعدة تاكل بقلبها لانها حاسة انه رجع لسهراته مع البنات
جلس لدقايق سارح بافكاره .. بعدها ناظرها مبتسم : منال ..
رفعت راسها تناظره .. : وشو ؟
كان مازال يناظرها بنفس الابتسامة الخبيثة .. : الحين من هي البنت اللي كل يوم
تروح وتجي في بيت عمي فيصل ؟
ناظرت فيه مستغربة من يقصد : تروح وتجي ؟ يمكن لمياء اخت ميساء ..
قاطعها : لا مو هذي .. وحدة كل يوم تطلع الصباح وترجع بعد الظهر .. شكلها
كذا حلوة من عيونها ..
بعد تفكير شوي تذكرت اخيرا من يقصد : اهااا .. قصدك القروية ؟
فرقع باصابعه لها وهو يغمز : عليك نور هذي هي .. من تصير ؟ وليش كل يوم
تروح لبيت عمي ؟
تكلمت بقرف.. : ايه هذي ميساء جايبتها تشتغل بوحدة من شركات ابوها بالفرع
النسائي اللي هي مديرته وساكنة بالملحق هي واخوها الصغير اذا ما خاب ظني ..
حك جبينه يفكر بعدها رجع يسألها : يعني هي مو من الرياض ؟ " هزت راسها
له بالنفي وكمل " حلو يعني البنت هي مسئولة عن نفسها هنا ..
حست انها فاهمة عليه وعلى تفكيره : وشو .. وش اللي في بالك ترى هالبنات
ماعندهم هالحركات .. اصلا ماعمرها عرفت تليفون ولا جوال يعني لا تفكر
انها بتعطيك وجه .. تراها مو مثل اللي تعرفهم ..
ضحك بأعلى صوته على كلامها : ومن قال لك كل اللي اعرفهم يبون يكلمون
بعضهم بحياتهم ماكلمو ولا كانو يبون .. بس يقولون كثر الطق يفك اللحام ,,
والواحد يبي يستانس ..
حست قلبها عورها من كلامه .. " مستحييييييييل يكون هذا تفكير صلاح عني
لا لا هو يحبني .. اكيد يحبني " : يعني شلون تخليها تكلمك غصب ..
طارق بدنائة : مو غصب يابنت الحلال بس انا ما تعجبني البنت السهلة واللي
تحبني على طول .. ابي اتعب عليها بالاول واعلقها فيني .. " واطلق ضحكة
بصوت عالي " تصدقين احلى شي بالدنيا ثلاث .. الدراهم والنوم والبنات مادام
انا عندي هالاشياء الثلاث فأنا اسعد انسان بالدنيا .. الا شلونه خطيبك ؟ يكلمك
بعدت يدها عن الجوال بارتباك : زين .. الحمدلله زين ..
قام وجلس جنبها : منول حبيبتي ابي منك طلب صغير وابيك ماترديني ..
التفتت له وهي ماتدري وش اللي يبيه : خير ؟ وشو فلوس هالحين ماعندي كل
اللي كانو بحسابي خسرتهم على زواج حنو .. يعني الرصيد صفر ..
اشر لها تسكت : اسكتي بس .. مابي منك فلوس عندي خير كثير .. ابي رقمها
جيبيه لي بأي طريقة ..
ما استوعبت كلامه بالاول ولا عرفت من يقصد : رقم مين ؟
طقها على راسها وكأنه يصحيها : اللي في بيت عمي .. القروية على قولتك ..
ابيك تجيبين لي رقمها ولك اللي تبينه .. اي شي يخطر في بالك اسويه لك ..
قامت معترضه .. : لا فكني من هالسوالف .. انا مليون مرة قلت لك فكني منك
ومن سوالفك والاعيبك .. انت تعلقهم فيك وتتركهم وانا الدعاوي تجي علي ..
مسك يدها وجلسها .. : اجلسي بس واسمعيني .. انتي مالك شغل بشي .. انا
ابي رقمها بس جيبيه لي ولك اللي تبين .. يالله عاد لا تصيرين ثقيلة دم ..
ناظرته بقرف : وش تبي فيها قروووووووية .. يعني ماتعرف تسولف ولا
هي فاهمة شي بالدنيا ..
طارق بابتسامة : هذا اللي انا ابيه .. ابي انا اعلمها على الدنيا شوي شوي ..
يالله تكفين ..
جلست لثواني تفكر بكلامه .. وبعدها تكلمت : اي شي اطلبه ؟ " هز راسه
بإيه وكملت " زين .. بحاول بس اذا ماقدرت لا تضغط علي انا ما احب اتعامل
مع هالاشكال ابد ..
صفق يدينه بوناسة وباسها على خدها : مشكووووووورة يا احلى اخت بالدنيا
انا واثق انك ماراح تردين اخوك وبتجيبينه لي بس لا تطولين ويطفي حماسي ..
" واشر لها بيده وهو نازل " سلااام ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:44 PM
الجزء الحادي عشر
[ الفصل الثاني ]
i 1 i
/
\
/
\
{ .. وحدي افتش في مدآئـن الأفرآح عن نفسي ..
ازآحـم موجة المـآضي العتيّ وذكريـآته الموجعة ..
اجتـآز كل يوم لا تشرق فيه شمس الحرية ..
كـي لآ أعـآود نزف الحنين فأفقدني ذآت حلم ..
ومـآزلت ابحث في حنـآيـآ الزمـآن عن وطنٍ ..
اسكنه حد الإرتواء .. وتجتاحني فيه لحظـآت أمـآن ..
فأجدني وحيدة إلآ من خيبة أمل ..
وحفنة ظلآم تكسوني في وضح النهـآر ..
وملآمح النور في غيبوبة حتى حين .. !
إلـهـي ..
اترآهـآ ستشرق يومـاً مـآ .. ؟
بعزلتها اللي اختارتها من ايام .. تعاني من وحدة قاتلة وصورة وحدة تمر قدامها بكل وقت
مشوهة جدا هالصورة .. مشاعرها مستنزفة جدا وماعادت تحس بأي فرح يذكر .. والكآبة
مسيطرة عليها ولو حاولت تسترق لحظات فرح .. كرهت هالكوابيس اللي تقلق نومها كل
ليلة .. وماخلتها تعرف الراحة ابد .. فركت يدينها بتوتر بمجرد مرور صور الماضي اللي
اتعبتها .. رفعت عينها وشافتها واقفة عند باب الغرفة تناظرها .. اغتصبت ابتسامة تخفي
وراها آلامها وتكلمت : هلا جودي ..
ماقدرت تبادلها الابتسامة وهي تشوف كم الحزن اللي بعيونها .. قربت منها وحاولت تكون
مشاعرها طبيعية .. تاركة كل مشاعر الشفقة خارج اسوار هالغرفة : ليش قاعدة لحالك ؟
تعالي اقعدي معانا شوي بالصالة ..
ناظرت بالشباك وكأنها تهرب من واقعها المؤلم وتكلمت بدون تركيز : ماودي اتعبكم معاي
هالضيقة اللي فيني عجزت القى لها حل وربي .. " التفتت لها وهي مركزة نظرها بعيونها
تحاول تستشف منها اي جواب يريحها " جودي احس اني بموت ..
قاطعتها بغضب : بسم الله عليك وش هالكلام يا دانا ؟ انا مادري ليش تتعبين نفسك وتتعبينا
معاك .. خلي هالوسوسة عنك وعيشي حياتك وانتي اللي ماتبين تكملين دراستك .. ولا تبين
تقعدين ولا تطلعين معانا والحل ؟ بتدفنين عمرك وانتي توك صغيرة ؟
ربتت على ظهرها ورجعت تناظر بكل مكان .. : لا تفكرين فيني يانجود .. هذي حياتي
وانا رضيت فيها .. الجامعة كرهتها خلاص ولا ابي اروح لها ابد .. قومي روحي اقعدي
مع امي لا تخلينها لحالها .. وخليني انام عشان خاطري ..
ناظرت ساعتها ورجعت تناظر دانا مستغربة : الساعة توها 9 الا ربع ..
تمددت على فراشها وتغطت بدون ما تتكلم .. انتظرتها لثواني تبيها تطلع واول ما انطفى
النور وتسكّر الباب .. اطلقت العنان لدموعها تنسكب مثل كل ليلة .. ابد ماغيرت فيها اي
محاولات من امها او خواتها ولا حتي عادل انها تطلع من هالعزلة وجو الكآبة اللي يحيط
فيها .. كانت تستمع لسوالفهم وضحكاتهم وكرهت للحظات انانيتهم في استحواذ الفرح لهم
وتركها هي تصارع الاحزان لوحدها .. تجاهلت الاتصالات المتكررة على جوالها وحطته
على السايلنت .. غمضت عيونها بقوة .. وهي تشوفه يأشر والنور يخترق الظلام .. قلبت
الجوال وتركته ورا ظهرها ماتبي تكلم احد ولا تبي تنام تخاف من الكوابيس اللي تزعجها
واستسلمت لافكارها .. حست بضيق فظيع يكتم على انفاسها .. وقعدت على طول تحاول
انها تسحب هوا لداخلها خذت جوالها وردت بدون ماتناظر بالرقم او حتى عدد المكالمات
اللي طنشتها بالأول .. : هلا ..
كان صوته هادي يخفي خلفه طوفان من غضب : اخيرا .. مابغيتي تردين ..
تجاهلت كلامه وتكلمت بكل برود : شلونك ؟
انتبه لصوت انفاسها المتسارعة ..كان وده يسألها بس متأكد انها ماراح تجاوبه ابد : انا
بخير .. بس زعلان عليك واجد .. الحين انا تطنشيني ؟ اللي اول من اتصل على طول
تردين علي ..
دانا بنفس البرود : اللي اول تغير ومستحيل يرجع .. " وبقل صبر " متى تفهمون بس ؟
ما حاول انه يعاتبها او يزود اللي فيها واكتفى انه يبث لها الخبر اللي اكيد راح يفرحها
ويدخل السعادة لقلبها : ابشرك جاني نقل للخرج .. يعني الحمدلله بستقر معاكم واداوم
من الرياض .. واصلا مو كل يوم اداوم .. ايام استلم والايام الثانية اسلم ..
بلا مبالاة : والله ؟ مبروك ..
خيبة امل كبيرة من ردة فعلها .. هو يدري بكآبتها اللي لازمتها من لحظة رجوعها لكن
توقع هالخبر بيكون له اثر حلو بقلبها .. مايدري بلحظتها هل ينقهر من هالبرود ..؟ ولا
يحزن على وضع اخته السيء .. : دنو لا تنسين صلاتك .. واذكري ربك ان شاء الله
بتتحسن اوضاعك .. انا بسكر الحين وان شاء الله اذا جيتكم راح يتغير كل شي .. هذا
وعد مني ..
هالمرة بنظرها وعوده مثل كل الوعود بحياتها .. متبوعة بصدمات عنيفة تبقى آثارها
موجعة مهما تناستها .. ماصدقت هالوعد او بالاصح ماتبي تصدقه لانها ماتبي تنصدم
في واقع يحطم كل شي حلو ممكن تتمناه ما حاولت انها تعطي نفسها مجال اكبر للتفكير
بكلامه .. راح تترك الأيام تبين لها كل خافي .. غمضت عيونها تبي تبعد كل هاجس
ياخذها للماضي اللي اتعبها .. ودعت من قلب " ياااارب امطرني فرح " ..
فتح عيونه على صوت ندائاتهم المتكررة هالصوت اللي ازعجه بالأيام الأخيرة لا جديد
يذكر بحياته .. مازال يصارع آلامه اللي اتعبته من يوم الحادث اللي صار .. كل صور
الحادث يشوفها وكأنه صار اليوم .. قام على طول وهو يتجاهل نظرات الكل عليه ..
ومشى ورا الشرطي بخطوات متعبة ..
دخلو لغرفة التحقيق اللي حفظ كل زاوية فيها من كثر مادخلها .. وماتغير اي شي في
التحقيق .. كل يوم نفس الاسئلة تتكرر ونفس اجاباته يرددها رجع بعدها لسجنه وشاف
عبدالله جالس .. راح له على طول : عبود وش اللي جايبك معنا ؟
قام يسلم على راكان وجلس معاه : والله ياخوك مادري وش السالفة مرة يقولون حيازة
سلاح بدون تصريح .. ومرة يقولون مشترك معاه بجريمة القتل و يالله الفرج .. توهم
جايبيني هنا .. ان شاء الله تتسهل امورنا والله اني صاير احسهم يعقدونها ..
قاطعه باستغراب : ومشاري ؟
عبدالله باستهزاء : والله مدري عنهم مو بعيدة يجيبونه هو بعد ويقولون انه متفق معانا
الله يعين وانا اخوك وربي هاللي صاير لنا كابوس مدري متى نقوم منه ..
غمض عيونه واسند راسه على الجدار .. : عبود تذكر يوم اقول لك فيه حلم يتكرر
معاي .. انا حاس انه هذا تفسيره .. والله محد سامع لي يسئلون وياخذون اللي يبون
يعني مدري هم مقتنعين باجاباتي ولا يمشونها لي .. مع انهم قايلين لي انهم مصدقين
انه بالغلط .. بس مدري ليش احس انهم بيقصوني في الآخر " واول ماحس انه يبي
يتكلم اشر له بيده يسكت وهو مازال مغمض عيونه " ودي بس اروح اسلم على اهلي
كلهم .. مدري بس يجيني احساس اني ودي اودعهم ..
استسلم بعدها لصمت طويل وكأنه يسترجع صورهم للمرة الأخيرة .. رجع تكلم بعد
ماحس براحة انه يفضفض اللي بخاطره : دايم افكر باللي كبري .. هم همهم يشترون
جوال جديد .. او حتى موتر جديد .. واكبر همهم وين يسافرون بالصيف .. وانا من
عرفت عمري من هم في هم .. حتى الفرح ما اذكره ..
حط يده على فخذه وتكلم : تبي الجد .. والله بهالعمر ماندري شلون نتصرف لكن انا
متأمل خير و واثق ان الله مو مخلينا مادام احنا على الحق اكيد بيجي يوم وربي يظهر
حقنا ..
فتح عيونه وابتسم له : لا تظن اني يأست لا وربي .. بس محد لاقي دليل ضدنا ولا
حتى معنا .. مدري شلون بيثبتون براءتنا ..
عبدالله يحاول يقنعه : اذا ماعندهم دليل ضدك يعني براءة .. ولا تشيل هم انا حاس
ان الفرج قريب والله يسهل امورنا ..
التفت له وتكلم : ضيييييييقة اللي فيني وربي .. ودي اعرف ابوي شلونه .. خايف
اروح انا واخاف يروح هو وبعدها من بيبقى لامي وخواتي بعد الله ؟ هاللي متعبني
وربي ومكدر خاطري .. وماعاد اعرف طعم النوم .. كل الهواجيس تاخذني لهم ..
مدري وشلون عايشين هالحين ودي اصيح وارتاح بس الى هاليوم مانزلت دمعتي
كملو نقاشهم عن مصيرهم المجهول للآن .. رغم يقينهم بوقوع الخطأ لكن مين اللي
راح يصدقهم .. كل هالتفاصيل مهما تكلمو فيها راح تظل مجهولة لانهم كانو بمكان
مافيه الا ثلاثتهم .. وكل شي صار بذاك المكان بقى فيه ولو حاولو ينبشونه .. يمكن
اللي يشفع لهم انهم سلمو انفسهم وذكرو كل تفاصيل الحادثة ..
قبل اذان الظهر بنص ساعة تمدد شوي بياخذ له غفوة .. وراح تفكيره لأهله .. اكثر
شي اتعبه تفكيره فيهم وحنينه اللي بحياته ماحسه هالكثر لهم .. يخاف يكتب عليهم
الفراق الأبدي وهو كان يمني النفس برجعة طويلة المدى للديرة .. فكر بكل احلامه
اللي بناها طول هالسنين صغيرة هالأحلام ومحدودة بصغر قدراتهم ..
كان وده يروح ويجلس معاهم يمكن يسمع من كل شخص فيهم كلمة اخيرة تحسسه
بالرضى عن نفسه و " هي " وده يشوفها من تغطت عنه وهو يجهل شلون صارت
ملامحها .. يبي يعرف راح تبقى على عهده ولا بتغيرها الظروف عليه .. " لا مو
هيا اللي تتغير .. ياااارب ما تتغير " نزلت دمعته غصب عنه وهو يشوف صورة
ابوه كسير رغم ابتسامته اللي دايم يرسمها على شفاهه .. مهموم رغم ملامح الفرح
اللي يحاول يظهرها للكل .. وامه اللي اتعبته دموعها طوال سنوات نشأته من يفتح
عينه الصباح وهو يشوف دموعها .. اللي ماتوقف الا لا اظلم الليل ونامت ..
حاول ينسى كل تفكير بالماضي بكل جراحه و آلامه .. مادام الحاضر موجع اكثر
بالنسبة لهم .. وكل مافتحت لهم ابواب الفرح تزاحمت مواكب الحزن وغطت على
سير حياتهم ..
مسح دمعته وقام يصلي الظهر جماعة وبداخله تتردد دعوات من القلب للخالق يبدل
احزانه افراح بالأيام الجاية ..
حزن يخيم عليهم من يوم سمعو الخبر اللي افزعهم كل من هالبيت تغيرت احوالهم
من سيء الى اسوء .. حتى ابوهم اللي تعودو منه الصبر هالمرة الحزن فاض فيه
ولولا اصرار الكل عليه انه ياكل عشان السكر .. ولا كان امتنع عن الأكل نهائيا
فتحت عيونها تتأمل اللي حولها وماشافت احد بالغرفة بعد تمدد شوي قامت تبي
تشوف وينهم خصوصا انها مو سامعة اصواتهم ابد حست بدوخة كادت انها تفقدها
توازنها .. اسندت نفسها على الجدار وقعدت " بسم الله الرحمن الرحيم " حطت يدها
على راسها تقاوم الدوخة اللي تحسها ورجعت وقفت بهدوء طلعت واستغربت انها
ماشافت ابوها في الصالة غسلت ولبست جلالها رايحة لبيت خالتها .. ومن وصلت
استغربت بعد انه محد فيه .. وقبل ترجع مع نفس طريقها .. سمعت صوت نحيب
من قبل لا تروح للغرفة عرفت مصدر الصوت .. اكيد مافي غيرها راحت لها وكل
اللي شافته جسد ملقى على الارض ويرتجف .. آلمها المنظر اكثر من المها النفسي
بكل هدوء نزلت وقعدت جنبها : هيونة اذكري ربتس مايصير اللي تسوينه بعمرتس
كلنا نصيح بس بعد ماهوب مثلتس من دريتي للحين ماوقفتي صياح " انتظرت لثواني
تسمع منها اي جواب او حتى اي حركة تصدر منها وربتت على ظهرها وهي تكمل
كلامها " ما اوجعتس راستس من كثر الصياح .. الحين ورا ماتقومين تدعين له ؟
يمكن دعاتس يوافق ساعة إجابة ويكتب له ربي الفرج من اوسع ابوابه .. " حست
بجسدها يرتجف اكثر وحاولت ترفعها لها وتضمها " تكفين واللي يرحم والدينتس
خلاص ترى اللي فيني كافيني وربي اني صحت الين ماعاد بقى فيني دموع .. بس
وش نقول هذي حكمة رب العالمين ..
ماقدرت ترفع راسها او تناظرها وكل اللي قدرت عليه بهاللحظة انها ترتمي بحضنها
وتكمل صياح ومابين محاولات التهدئة سمعت تمتماتها اللي بصعوبة قدرت تفهمها ..
ضمتها اكثر لصدرها وكملت .. : هيونة وبعدين معتس وربي مايجوز هاللي تسوينه
بعمرتس .. ترى راكان للحين حي و بحول الله بيرد لنا وبيعرس عليتس بعد ..
بعدت عنها وناظرتها : غصب عني ماهوب كيفي يالنوري .. احس قلبي بينشلع من
مكانه وربي ..
حاولت تقاوم دموعها وهي تستجمع قوتها : زين تعوذي من الشيطان وقومي معاي
نبي نوصل المستوصف ابي اشوف وش آخرة هالدوخة اللي تجيني .. ومن اصبحت
والمغص زايدن علي اخاف انه شي ماهوب زين وانا ساكتة عن عمري " و للحظة
تذكرت " ابوي ؟ لا يكون صاير فيه شي و مودينه للمستوصف ..
ناظرتها بتعب و تكلمت .. : لا عمي مافيه الا العافية .. بس ضاق صدره وقال لهم
يصوتون لاحد ياخذه لبيت المطوع ..
حمدت ربها انها ما أطالت في وساوسها .. مسكت يد هيا تترجاها : تكفين طلبتس
قومي البسي عباتتس وخلينا نروح .. ولا اقول لتس صلي بالأول ركعتين الضحى
وادعي ربتس يسهل امورنا وانا بعد بروح اصلي وعقب بمرتس " رفعت خصلات
شعرها اللي متناثرة على وجهها " زين ؟
تقوست شفايفها منذرة بموجة جديدة من الدموع واكتفت انها هزت راسها برضى ..
رجعت نورة لبيت اهلها ويدها على بطنها تحاول تسكن هالمغص اللي يباغتها من
فترة للثانية ..
توضت و صلت وقعدت على سجادتها تبتهل لله بخالص دعائها ..
قامت بعدها لبست عباتها ومرت على هيا تنتظرها عند الباب .. ثواني وطلعت لها
هيا اللي حتى عيونها مو مبينة .. احترمت نورة رغبتها في البكاء واكتفت بالصمت
كلهم يذوقون من نفس كاس الألم و لو اختلف نصيب كل واحد فيهم .. و هيا اللي
توها ماتجاوزت سنواتها الـ ١٨ قاعدة تبكي مصير الشخص اللي انربط اسمها مع
اسمه من وعت على الدنيا .. كانت تمشي وهي تحس المغص يزيد فيها و تتحمل ..
وبلحظة ضغطت على يد هيا بقوة خلتها تلتفت لها على طول : بسم الله عليتس وش
فيتس ؟
حاولت تقاوم المها وماقدرت قعدت على عتبة اقرب بيت لها .. : بطني .. ماعاد
اقدر اتحرك ..
قعدت قبالها تناظرها بخوف : وش تونسين ؟
غمضت عيونها لثواني وهي تحبس انفاسها : الحين احسن .. بس لا مشيت يزيد
علي المغص ..
و قبل تكمل كلامها انفتح الباب من وراها وطلعت لهم عجوز من هالبيت ناظرتهم
لثواني قبل تتكلم : علامكن يابنات .. وراتسن قاعدات بهالشموس ..
تكلمت نورة وهي تقوم تحب راسها .. : مابنا الا العافية شلونتس ياخالتي وشلون
عيالتس ؟
ركزت نظرها فيها وتكلمت : نورة ؟ شلونتس يابنيتي وشلون امتس وابوتس عقب
هاللي صار لاخوتس " وقبل تجاوبها نورة كملت " والله اني بجي لمكم مير رجليني
ماهيب على خبرتس يا الله حسن الخاتمة ..
كانت واقفة وهي تحاول تسند نفسها على اي شي .. وتستمع لكل كلام هالعجوز ..
ثواني وحست كل شي حولها اسود وما وعت الا على صوت العجوز وبنات ولدها
اللي يحاولون يصحونها ..
غمضت عيونها وكأنها تبي ترتاح اكثر ورجعت فتحتها .. : وين هيا ؟
تكلمت اكبر البنات وهي تمد لها كاس الموية تشربها : راحت هي وأمي يجيبون
لتس احد يكشف عليتس ..
رجعت غمضت عيونها تنتظرهم لدقايق لين سمعت صوت الطبيبة المصرية وهي
داخلة البيت .. بدت بالكشف عليها و سؤالها عن كل الأعراض اللي تظهر عليها ..
رجعت بعدها نورة بمساعدة هيا و وحدة من البنات .. وأول ماوصلت للبيت دخلتها
هيا للغرفة .. قامت ام راكان وبناتها يشوفون وش فيها نورة .. تمددت على فراشها
وهي تقاوم تعبها .. ومع تردد تساؤلاتهم اشرت بيدها تهديهم : الله يهداكن مافيني
الا العافية ..
قاطعتها هيا وتكلمت بحدة : لا والله فيتس .. فقر دم و هم بعدهم ماسوو لتس تحليل
دم .. " التفتت على خالتها وكملت " يبي لها تغذية زينة ولا يموت جنينها ..
شهقت ام راكان وحطت يدها على صدرها : بسم الله عليتس يمه .. من جانا هالخبر
اللي ضيق خلقنا ماعاد التفتنا لعمارنا " جلست جنب نورة ومسكت يدها " وش قالو
لتس وانا امتس ؟
ماكانت تبي تخبي عليهم اللي انقال لها لأنها تدري انه من مصلحتها : منعتني من
الحركة .. و كتبت لي مثبتات لا جا العصر تروح تجيبهن لي موضي ..
قربت موضي منها وهي تناظرها : ابشري ما طلبتي فديتس .. تكفين يالنوري لا
يروح مع من راحو ..
ابتسمت وهي تناظر بأمها : الله اللي بيحفظه .. يمه " وبتعب " ادعي لي ..
دخل عليهم بعد صلاة المغرب و ماشاف الا امه وسما سلم عليهم وجلس معاهم ..
افتقدها وافتقد وجودها بانتظاره افتقد ابتسامتها اللي تقابله فيها كل مادخل هالبيت ..
احساس الحنين اللي بقلبه اكبر بكثير من مقدار تحمله وحاجز الصمت اللي تجاوزه
بوجودها .. رجع هالأيام خلفه بمراحل التفت على امه وهو يحارب كل احساس
شوق يجتاح صدره : وين رسيل ؟
ناظرت ساعتها وتكلمت : رايحة لصديقتها اكيد الحين جاية في الطريق ..
مسك جواله يدور على رقمها : وانا كم مرة قايل لهم ولا وحدة تركب مع السواق
لحالها ؟ " ومن اول ماردت عليه تكلم وهو معصب " وينك فيه ؟
حست بخوف من نبرة صوته وردت بكل هدوء : كنت عند دانا و توني طالعة ..
نص ساعة واكون في البيت ..
همست سما لأمها : من يوم راحت والأخلاق قافلة .. يارب يروح يجيبها و ينشغل
عنا ..
ابتسمت ام طلال وهي تناظره بأسى : الله يفرج كربهم ويرجع لهم اخوهم ويقر
عينهم بشوفته ..
رجعت تهمس لها وكلها خوف انه يسمعها : خاطري اشوف نورة .. متى بيجيبها من
الديرة ..؟
اشرت له انها ماتدري وناظرت فيه .. كان معصب ومتوتر هالحالة اللي تكره تشوفه
فيها .. من جلس معاهم وهو بس يلقي اوامره واكيد لا جات رسيل بيسمعها كم كلمة
والقسم الاكبر بيروح لسامي اللي الحين بيتعرض لاكبر هجوم كلامي ..
كانت تسولف له وهي تشوف انشغاله التام عنها رغم انه يرد عليها لكن اجاباته جدا
مختصرة ومكتفي بإيه او لا ..
اول ماوصلت رسيل طالعتهم بخوف وهي تشوف نظراته لها سلمت وحاولت تطلع
بسرعة لجناحها لكنه استوقفها : مابي اعيد وازيد بكلامي .. مرة ثانية تروحين مع
السواق لحالك بحش رجولك حش .. هذاني اعلمك وخلي وحدة فيكم تكسر بكلمتي
والله لأسفره وتروحون وتجون بباصات ..
التفتت سما على امها : لاااااا وش باصات الله يهداك .. زحمة وقرف والمشوار ياخذ
ساعتين ..
تكلم بدون مايناظرها : انا قلت اللي عندي وقد اعذر من انذر " لف على امه يعاتبها
على تساهلها معاهم " .. وانتي يمه الله يهداك ساكتة لهم ومخليتهم يسوون اللي يبون
ماتدرين يعني انها خلوة ..؟ وبعد هم بهالسن مو بكل وقت يروحون وانا كل ماجيت
وسئلت عنهم قلتي لي عند صديقاتهم ليش يروحون لهم وهالايام دراسة لو بالاجازات
معقولة .. ومو اي وحدة بعد مايروحون الا للي واثقين فيها وفي اهلها ..
كانت رسيل واقفة مكانها تنتظر انتهاء هالمحاضرة .. واللي رحمها بهالوقت دخول
سامي اللي اكيد راح يوجه له كل الكلام الحين .. استغلت هالفرصة وانسحبت على
طول وهي تسمع صوت صراخه على سامي : ماشاء الله تبارك الله ماعمري جيت
ولقيتك بالبيت .. ياخي انا صرت اشك ان هالبيت فندق ماتجي الا وقت النوم ..
حطت سما يدها على فمها وهي تتمتم : علم نفسك بالاول وانت حتى بعد ماتزوجت
ماحسيت على دمك وجيت عشان المسكينة اللي تنتظرك .. ماحست الا بنغزة امها
اللي خلتها تصرخ .. وهي تحط يدها على خصرها .. ومن شافت نظرته لها لحقت
رسيل تاركة الصالة ساحة معركة بينهم ..
هالمرة اضطر انه يسكت ويسمعه للآخر لانه داري لو جادله بتطول المسألة وبيزيد
الكلام وهو مايبي يوجع راسه بكلام طلال اللي ما ينتهي ..
كمل طلال كلامه وهو يحس انه ينفس عن كل مشاعره بهالتسلط في الاحكام : من
بكرة مافي طلعة من البيت الا اربعاء وخميس .. الاختبارات ماعاد بقى لها الا 3
اسابيع وانت توجيهي .. لو جيت يوم ومالقيتك بالبيت بسحب منك مفتاح السيارة ..
فاهم ..؟
سامي بقل صبر : زييييييين مابي اطلع اصلا محد يطلع هالأيام ..
تركه يطلع وقعد بالصالة هو وامه اللي تكلمت بعتب : وش هاللي تسويه وانا امك ؟
والله اني ماتكلمت مابي اكسر كلمتك .. وانت الكبير عند اخوانك .. بس ترى بالكلمة
الطيبة تقدر تخليهم يسوون اللي انت تبي .. مو خذيتهم بمجداف ومشراع وما خليت
احد فيهم يقول كلمة ..
ابتسم لها وقام حب راسها : ابشري يالغالية والسموحة منك بس هم اوقات يطلعوني
من طوري ..
بعد صلاة العشا وبعد مارجع ابوه جلس معاه يتناقشون بالموضوع اللي صار لهم كم
يوم يتكلمون فيه : ان شاء الله بروح بكرة واجيب مرتي وبعدها الله يسهل كل امورنا
وانت تدري هالأمور يبي لها مشايخ لا لزم الأمر وان شاء الله يصير التنازل ..
تكلم وهو ماسك الجريدة يتصفحها ..: لا تستعجل الأمور الحين.. النطق بالحكم بعد
اسبوع ووقتها ان شاء الله نقرر وش اللي الله يكتبه له .. ومثل ماقلت انت المحامي
يقول ماعندهم اي دليل ضده .. والدية امرها سهل اذا ماتنازل ابو الولد عنها ..
طلال وهو قايم ..: يالله اجل بروح انوم الحين بكرة بقوم اخلص اشغالي من بدري
وامشي للديرة ..
ترك ابوه بالصالة لحاله وطلع لجناحه .. ومن دخل الغرفة رجع له حنينه اللي اخفاه
بداخله ريحتها بهالغرفة ريحة عطرها اللي تميزها .. وكأنه يسمع صوت ضحكتها
هالضحكة اللي تصدرها بلحظة خجلها .. غسل وبدل ملابسه وتمدد على سريره يفكر
بشغله وسفره اللي مقرر بعد شهر من اليوم واللي حاول يأجله اكثر من مرة عشانها
بس هالمرة لازم يروح ويخلص اشغاله .. ترك كل تفكير خلفه وناظر ساعته اللي
تشير للـ 9 و عشر دقايق .. انقلب على جنبه الايمن وردد اذكار النوم .. واستسلم
بعدها للنوم ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:46 PM
الجزء الحادي عشر
[ الفصل الثاني ]
i 2 i
/
\
/
\
{ .. ومـآزالت الخيبـآت تترى ..
ومـآزلت انا اترقب حد انبلاج الأمل ..!
نزلت على عتبات الدرج وهي تسمع صوت امها .. اقتربت منها اكثر وشافتها
مشغولة بمكالمتها جلست مستمعة لكل تلك الحروف والكلمات حروف اكسبتها
القليل من الأمل والكثير من الخوف .. هي كانت ومازالت البنت الصغيرة اللي
تردد كلمة أمي بأغلب جملها وكأنها ما تمتلك اي حق في صنع مفردات خاصة
فيها .. تنفست بعمق وغمضت عيونها تاركة كل الكلمات تتسلل لاذنها بهدوء ..
رغم الماضي الأليم بالنسبة لها الا ان بداخلها كم كبير من الاشتياق لصور منه
حتى لو كانت نادرة او محدودة .. كرهت هالشعور فيها اللي يلتفت للماضي بكل
وقت .. طوال سنواتها الـ 15 وهي سجينة هالماضي .. بحياتها قبل عند ابوها
تعلقت بكل ماضي يرتبط بأمها وطفولتها وسعادتها .. واليوم وهي عند امها تفكر
بكل سنوات عمرها اللي عانت فيها اشد عذاب في بيت ابوها .. لدرجة ان هذا
التفكير افقدها لذة احساس السعادة الكامل وكل فرح عندها مرتبط بحذر و نظرة
تشاؤمية انه بيكون بعد هالفرح حزن .. و هالحزن اكبر من كل فرح سابق ..
فتحت عيونها مبتسمة وهي تحس بلمسة يد امها على شعرها .. : قضيتي من
اتصالك ؟
ناظرتها بابتسامة حانية : ايه .. " و بعد تفكير " ياقلبي انتي .. ادري انك خايفة
بس هذا اللي لازم يصير وبعدها اقدر اعيش مرتاحة صدقيني راح ياخذك بالقوة
وانا ابي تكون معاي كل الأدلة اني اثبت للكل انه يعتبر غير كفؤ بنظر القانون ..
كانت تسمعها و مو مقتنعة ابد باللي تقوله .. عندها احساس ان مستقبلها ماراح
يكون اقل قسوة من ماضيها .. : و خوالي ؟ مدري خالي انتي متأكدة انه كذب
عليك ؟
هزت راسها بايه وهي تقوم : وانتي سمعتيه انكر اصلا .. ماعلي من هذا كله
ابي اجيب تقارير طبية تثبت التعذيب ادري انك كبرتي وراح تتزوجين وتعيشين
ببيت زوجك بس مابيه يحرمني منك .. ومابيه يجبرك على احد انتي ماتبينه ..
راحت ورا امها وهي تشوفها تدخل المطبخ : يمه كيف زوجك ؟
لفت عليها تطالعها مستغربة : زوجي ؟
ديما بتأكيد ..: ايه زوجك .. مادري يعني احسه طيب بس مايسولف معاي كثير
يمكن مو متقبلني ..
ابتسمت وهي تكمل طبخها بعد ماخلت الشغالة تجهز لها كل شي : لا هو هذا
طبعه مايتكلم واجد .. بس والله قلبه طيب يكفي انه ابو اخوانك ..
بعد تردد تكلمت : ومرة ابوي كانت ام اخواني بس ماتحبني ..
ردت بعصبية : هذيك تحس اصلا ولا بقلبها رحمة ؟ يا ديما مرة ابوك شيطان
بصورة انسان اسئليني انا عنها ولا في انسان يسوي في طفلة اللي سوته فيك
ما اقول غير حسبي الله ونعم الوكيل .. روحي شوفي اختك اكيد ريان صحاها
راحت ركض للصالة .. وشافت ديم تصيح وريان واقف عندها يبي يشيلها ..
صرخت عليه قبل توصل له : هيييي مجنون انت ..
بعدت يده عنها وشالتها وهي تطق يد ريان : آخر مرة تطقها فاهم ..
وسحبت يده تعضها وهي تضحك عليه .. ثواني وسمعته يطلق صرخة بأعلى
صوته : ماماااا ..
خذت رضاعتها وحطت ديم بحجرها ترضعها وقعدت تغني لها .. وكل شوي
ناط لها خالد يبيها تعلمه شلون يحل الواجب .. بهاللحظة كانت مستانسة بأنهم
خلاص تعودو على وجودها بالذات ريان اللي يحب ينام بحضنها كل ليلة ..
قعدت تتأمل ملامحه البريئة بعد مارجع يجلس معاها .. كانت ماتزال دمعته
متعلقة برموشه .. سحبته لها وباسته على خده : زعلان علي حبيبي ؟
هز راسه بلا وهو مبتسم قامت تحط ديم على مفرشها ورجعت تطالع التلفزيون
انتبهت بعدها على نداءات امها للعشى وقامت تساعدها ومن جلسو على السفرة
ضحكت وهي تحط لها ولأمها من المكرونة بالبيشاميل ..: تذكرت خالتي ام
نواف يوم كنت عندها .. كل يوم كبسة مايغيرون غداهم ابد .. لازم كبسة و لبن
ضحكت امها وأول ماتذكرت تكلمت : ايه صح بكرة بنروح العزيزية من يوم
جيتي ما رحنا لها .. متعودين دايم نروح لها كل يوم خميس .. احنا و خالتك
الجوهرة و بناتها واحيانا يجون معانا بنات خالك بس عاد الله يستر هالمرة لا
يزعلون عشان ابوهم ..
ناظرتها مستفهمة : العزيزية ؟
ام خالد : شنو بعد نسيتيها ؟
ديما بعد تفكير .. : لا من زمان ماجيت الشرقية يعني ماعاد اعرف وش اللي
تغير فيها .. بس عادي اي مكان اروح له معاك اكيد حلو ..
ابتسمت وهي تسمعها شلون تتكلم .. مازالت تحتاج الى وقت طويل حتى تستعيد
ثقتها بنفسها .. الى اليوم كلماتها مترددة ومشاعرها مهزوزة .. تكلمت بحب : كل
يوم خميس نروح لها من بعد صلاة العصر بس هالأيام حر بنروح قبل المغرب
ونجلس فيها شوي عشانك انتي بس .. وبعدها نروح اي مكان نتعشى فيه ..
ظلت تسولف مع امها وبعد العشا كملو جلستهم بالصالة ورغم ان ازعاج اخوانها
مو مخليهم ياخذون راحتهم بالسوالف الا انها تعيش اسعد ايام حياتها .. غمضت
عيونها وهي تشوف امها طالعة للدور الثاني .. ورددت دعاء صادق من القلب
" ياااارب اذا باقي بحياتي حزن وحرمان .. احرمني كل شي الا امي .. يارحمن
يارحيم "
نزلت من السيارة وشالت ريان تنزله معاها كان الجو فيه رطوبة شوي بس اقل
حر من اليومين اللي راحت مشت بخجل ورا امها اللي انتظرت الرجال يروحون
بالفرشة الثانية .. قربو منهم وسلمو عليهم وجلسو .. مازالت الى هالحين تعاني
من خجلها الشديد بالذات في اول الجلسة بعدها تنفك العقدة شوي رغم انها اليوم
مو شايلة هم كثير لانها تعرف وش كثر هم حبوبات .. وراح تدخل معاهم بالجو
على طول .. كانت جالسة جنب امها اللي تسولف معاهم .. قربت منها الجوري
اللي من عمرها وجلست جنبها : اووووف من جدكم انتو تبون قهوة هالجو مايبي
له الا عصير و آيس كريم " لفت على ديما تسولف معاها " شلونك ؟ ليش ياختي
قاطعة ولا تسئلين انا قلت خلاص بنشوف بعض كل شوي مثل اول الحقي علي
قبل اعرس وانشغل عنك ..
تكلمت افنان : الله والشغل عاد .. هذاني متزوجة وكل شوي جاية لكم لاحقة على
حبسة البيت لا دخلو عيالي المدارس وقتها ما اقدر اطلع الا بالويك اند ..
ام خالد وهي تصب لام متعب قهوة : وهي الصادقة ترى الوحدة لا فتحت لها بيت
مو مثل يوم هي في بيت اهلها بعدين انت زوجك وش حليله طيب وابن حلال بس
هي ماتدري شلون بيكون تعامله معاها .. يمكن مايكون من النوع اللي يخليها كل
شوي تروح لاهلها او تطلع معاهم .. يعني مرة او مرتين بالاسبوع واغلب الناس
كذا ..
لفت ديما على امها وهمست لها : يمه عادي اكشف .. احتريت والله ..
اشرت لها على مكان فاضي : روحي جنب مدى محد بيشوفك واكشفي على كيفك
بس خلي نقابك بيدك يمكن تمر سيارة ولا يجي احد من قدامنا ..
قامت واقفة وجلست جنب مدى وصارت الجوري على يسارها .. ورجعو يكملون
سوالفهم ..
الجوري بحماس وبصوت بالكاد ينسمع : تبين نركب لنا دبابات ؟
هزت كتوفها : مادري .. شلون ؟
لفت وراها وبعدها كملت : اخلي متعب يجيب لنا ..
تكلمت بارتباك : ما اعرف له .. ماعمري ركبته اصلا ..
مسكت يدها وهي تقنعها : تركبين معاي بالاول والله انه سعة صدر وبتستانسين
ناظرت امها ورجعت لفت على الجوري : زين بسئل امي اول اخاف ماترضى ..
ضحكت افنان وهي تستمع لمخططاتهم .. : والله ماتخليكم الجوهرة تركبونها بس
اقعدو بكرامتكم قبل تجيكم تهزيئة محترمة ..
ناظرت ام متعب بالجوري مستفسرة : وشو ؟
طالعت الجوري بافنان بتهديد على لقافتها : بنروح نركب دبابات انا وديما ..
قاطعتها على طول : والله ماتركبينه .. ماتشوفين الناس حولنا ؟ ماتستحين على
وجهك انتي ؟
حاولت تقنعها بأسلوب هادي : يممممه اصبري افهمك بنروح ورا السور وهناك
مافي احد اصلا ومو مطولين بس نص ساعة .. تكفين ..
هزت راسها بالنفي : لا .. انا حلفت وقضينا من هالموضوع لو انا كاشتين بالبر
وماحولنا ناس ماقلت لك شي بس تبين تركبينه قدام الناس .. واصلا لا ابوك ولا
اخوك بيخلونك تركبيه بس ارتاحي ..
تمتمت بزعل : اعوذ بالله تعقيد .. " وقامت وهي متنرفزة " بروح اتمشى شوي
قولو بعد ممنوع وعيب ؟
ضحكت ام خالد على شكلها وهي معصبة .. وهذا هي دايم مع امها اذا طلعو برا
بين الرجاء والرفض : لا محد قايل لكم ممنوع روحو تمشو بس عاد لا تبعدون
محنا مطولين ..
اشرت للبنات يقومون معاها والتفتت ديما على امها وقبل تستأذنها او تقول شي
تكلمت هي : روحي استانسي ياقلبي ..
حطت افنان ولدها عند شغالة اهلها وقامت هي ومدى معاهم .. دقايق وسمعو
صوت رنة جوال سحبت الجوري جوالها : ياربي من هالعائلة المعقدة والله لو
قال لي ارجعي ما رجعت ..
خذت افنان منها الجوال وردت عليه : هلا والله ..
متعب مستفسر : وين رايحين ؟
ردت عليه بكل هدوء : بنروح نمشي شوي وراجعين .. ديما زهقت من القعدة
وقلنا نقوم نسليها ..
كانت تتكلم وديما تقبص بيدين جوري من الفشيلة لفت عليها وطقتها بقوة وهي
تبعد يدينها : خييييييير .. ترا هي اللي فشلتك مو انا بعدين ياختي مافي الا انتي
عشان يسكتون .. اخاف يقول حولنا ناس ولا تروحون ..
مدت لها افنان الجوال : والله انه مايقول شي بس انتي اوقات تبين تاخذين كل
شي بالعناد والرجال ما يحب اللي تعانده ..
طنشتها وسحبت يد ديما يمشون جلست ديما تناظر مدى اللي وقفت بينهم تعدل
نقابها والتفتت على جوري وهمست : نفس عيون متعب ..
ناظرتها جوري مستغربة : شنو ؟
حست بخجل فظيع من كلامها .. ورجعت تعيد كلامها بتردد كبير : مدى نفس
لون عيون متعب ..
ابتسمت وهي تناظر مدى : ايه بس الحين يوم كبر احسها صارت اغمق من قبل
يمكن بالشمس يصير واضح انها افتح من لون عيوننا .. بس اذا الاضاءة عادية
تبان على بني شوي ..
سكتت وهي تشوف افنان راجعة ورجعت معاها مدى .. ويوم جات تبي تلحقهم
استوقفتها جوري : وين مابعد استانسنا خلينا نروح هناك ..
مشت معاها بكل استسلام وبعد تفكير تكلمت : بقول لك شي بس ابي وعد منك
هالكلام يكون بيني وبينك ..
لفت عليها بحماس : شي محد يعرفه ؟
ديما بنفي : لا امي تعرف بعد .. بس ماتدري اني بقول لك انا اصلا ابي اقول
لك لاني ابي اعرف ليش ..
ناظرتها تبيها تكمل كلامها وتكلمت ديما عن كل اللي بقلبها هي الى اليوم تبي
تعرف اي شي عن الانسان اللي كانت تحس انه مصدر الأمان والحماية لها ..
ليش بأهم لحظة بحياتها خذلها .. كانت تبي منه جواب يمكن اذا عرفت اسبابه
تعذره : اهم شي قولي له اللي انا قلته بس مابيه يعرف اني دارية انك بتقولين
له .. " وبتردد " يعني انتي كأنك مستغربة منه وبتعرفين الجواب لنفسك واذا
عرفتي علميني ..
ماكانت الجوري محتاجة لذكاء كبير .. حتى تكتشف ان ديما رجعت لهم نفس
الطفلة اللي ترتكتهم من سنوات .. نفس التفكير تتكلم عن متعب وكأنه مازال
صديق طفولتها الى هاليوم وبداخلها رحمتها لان شخصيتها تحتاج وقت طويل
لاستعادة ثقتها بنفسها .. وعدتها ترد لها على كل الموضوع باتصال .. بنفس
الليلة .. ورجعو بعد ماحسو ان الظلام بدا يحل واكيد الحين او شوي ماشين ..
وقفت مكانها وهي تشوفهم يلمون اغراضهم وبين لحظة والثانية كانت تسترق
نظرات له .. مازال فيه ذاك الشي اللي يحسسها بحلاوة عمر مضى ..
قام من بكرة وهو يمسك رقبته اللي اوجعته من نومه الغير مريح .. تلفت حوله
وشاف نفسه بالصالة وبوقتها تذكر كل شي صار غمض عيونه بتعب وتمنى انه
ماقام على هالواقع ابد " استغفر الله العظيم " مسح على وجهه وقام يصلي الفجر
اللي فاته انه يصليه بوقته بدل بسرعة وقبل يطلع شافها توها طالعة من الحمام
( تكرمون )
قرب منها وتكلم بتوتر : عندي موضوع مهم ولازم اروح احله الحين يمكن اطول
وما اجي الا العصر .. وان شاء الله كل مالقيت فرصة راح اتصل عليك ..
ماقدرت تعترض خصوصا انها للحين تستحي منه .. رغم خوفها الشديد انها تقعد
بالشقة وقت طويل لحالها .. ودعها وطلع رايح للخرج كان يبي يشوف ابوه وعمه
يبي يعرف وش اللي صار على عبدالله ولد عمه بالاول وبعدها يرجع للرياض قبل
الظهر ..
ومن وصل لبيت اهله استقبله ابوه بفرح .. وبلحظات عرف انه درى بالخبر من
ملامح وجهه المتغيرة جدا .. سلم على ابوه وعلى امه وقعد يسولف معاهم .. تكلم
ابوه معاه عن كل شي صار عليهم بالفترة اللي تلت زواجه وكيف كانت هالحادثة
صدمة كبيرة بالنسبة لهم خصوصا مع احساس عمه بالذنب لانه هو اللي اعطى
ولده السلاح ورغم روحاتهم ومراجعاتهم المتكررة للرياض لاثبات الأمر الا ان
الموضوع الى الآن لازال في علم الغيب ولاحد يدري وش مخبية لهم الأيام .. اللي
عرفه انه تهمة عبداللة ممكن ماتتعدى الـ 6 اشهر ويمكن حتى اقل في السجن بينما
تهمة راكان قد تصل للقصاص اذا ماثبت ان القتل كان خطا ..
بعد ماتطمن على وضع ولد عمه وصى ابوه يسلم له على عمه ورجع هو للرياض
ومن وصل راح للسجن على طول من حسن حظه كان عنده اليوم تحقيق بوجود
المحامي وهالشي خلاه يقدر يشوفه .. قعد باحدى الغرف ينتظره يجيه وبعد انتهاء
التحقيق دخلوه عليه .. على طول قام واقف ومن شافه حضنه .. راكان اللي رضى
باللي ربي كاتبه له كان متأكد ان الصياح او التذمر ماراح يغير شي بالقدر وماله
الا الدعاء يمكن الله يكتب له فرج هو مايتوقعه .. رغم احساس الحزن اللي يكسيه
لكنه اهون من اول مرة دخل فيها لهالمكان .. ويمكن حزنه الأكبر على صديقه
اللي فقده بلحظة .. ابتعد عن حضنه وتكلم بعتاب .. : الله يهديه مشاري والله اني
قايل له لا يعلمك ..
جلس الوليد وهو يناظر براكان اللي ضعف كثير بهالاسبوعين .. رغم انه بالاساس
ضعيف من قبل بس زاد نحافة بهالفترة .. : لو ما دريت من مشاري .. اكيد اهلي
بيعلموني .. " وبأسى " راكان والله اني مدري وش اقول لك اول مرة بحياتي احس
انه ماعندي كلام اقوله لك .. وربي اني دايم احاول اكون معاك بهمك بس هالمرة
وش اقول .. الحكي كله ضاع مني .. انت شلونك ؟ وشلون عبدالله ؟
نزل راسه وغمض عيونه : انا عايش الحمدلله .. لا تقول شي رايتك بيضا وعمرك
ماقصرت .. وربي احس دمي نشف ولو تجرح يدي الحين ما نزف شي انتظر يوم
الاثنين متى يجي .. ابي اعرف مصيري واللي الله كاتبه لي .. مدري ماودي افكر
خلاص مابقى شي مافكرت فيه وضيقتي اللي بصدري الله العالم فيها بس علمني
بالاول .. شيخة درت .. " هز الوليد راسه بالنفي " اجل ابي اطلبك طلبة وابيك ما
تردني ..
الوليد برضى : ابشر ..
رفع راسه وناظره .. كانت عيونه محمرة ومبين انه على وشك ذرف الدموع لكن
يحاول بكل استطاعته يكون اقوى بمثل هالظروف : شيخة لا تقول لها شي مابي
يضيق صدرها ويتكدر خاطرها .. اصبر لين يصدر الحكم ووقتها قول لها باللي
ربي كتبه علي .. بس الحين تكفى لا تدري عن شي ..
قام وهو يشوف الباب اللي انفتح ولف عليه : ابشر ماطلبت .. سلم على عبدالله ..
ما سمحو لي اشوفه بعد .. الحمدلله اللي عندك تحقيق الحين .. ولا كان ماقدرت
اشوفك ..
سلم عليه وطلع راجع لبيته .. يمكن بعد ماسمع هالاخبار كلها ارتاح بعد مازال
وقع الصدمة عليه .. وصار الحين بحالة ترقب مثل الكثير ليوم الاثنين اللي راح
يكون يوم فاصل في حياتهم ..
مر على احد المطاعم وطلب لهم غدى وتوجه لبيته .. حاول انه يرمي كل شي
وراه ويوفي بوعده لراكان هالمرة بس وينسى معاها كل شي يصير بالخارج ..
وبقلبه دعوات لربه يعجل بفرجهم ويهون الأمر عليهم ومن وصل للشقة ابتسم
وهو يمد لها اكياس الغدى .. سلم عليها وباس خدها وهي يشوفها العروس اللي
تعيش بقمة فرحتها ماتدري وش الدنيا مخبية لهم جلس يسولف معاها وهو يقاوم
كلمة القصاص اللي صارت تتردد في باله كل ماشاف ضحكتها ..
جالس بحالة ترقب كبيرة لنتائج الفحوصات اللي اجريت على ابوه من اسبوع
واللي كانو ينتظرون كل التحاليل اللي توضح لهم وش هو مرضه لاحظ علامات
الارتباك بوجه الدكتور .. وتمنى من قلب انه مايسمع الخبر اللي ممكن يصدمه
ثواني وجا لهم دكتور ثاني معاه مجموعة من الأشعة والتحاليل وجلس معاهم
كان الأكبر من بينهم ناظره بتركيز وهو يتكلم : كل نتائج التحاليل طلعت ايجابية
مثل ما توقعنا من الكشف المبدئي ومن الأعراض الظاهرة عليه ..
غمض عيونه يستوعب الصدمة ونبضات قلبه تسارعت بجنون لدرجة انه صار
يسمعها بإذنه وحس نفسه مو قادر يسمع شي ثاني واول مافتح عيونه حس بدوار
وان كل اللي حوله صار يتحرك .. حط يده على المكتب وتكلم : يعني يا دكتور
مافي امل ؟
قاطعه يبي يفهمه : من قال مافي امل ؟ انا اقول لك انه ثبت اصابته بالمرض
لكن ممكن يتجاوب مع العلاج ويتشافى بإذن الله ..
كان يحس انه يكذب عليه وان هالكلام يقوله لكل عائلة بس عشان يهون عليهم
المصاب .. : بس كلهم يموتون بعد كم شهر ..
تكلم الدكتور الثاني .. : لا يا نايف مو كلهم يموتون .. في ناس يعيشون لسنوات
طويلة .. بس المرضى يختلفون من شخص للثاني .. في ناس يستجيب جسدهم
للعلاج الكيمائي وناس يمكن مايحتاجونه ويتشافون بالرقية الشرعية خصوصا
اذا كان سبب هالمرض عين .. والحمدلله ابوك الورم عنده بس بالكبد وما انتشر
بمناطق ثانية ومع العلاج بإذن الله يتشافى بس انت خل ايمانك بالله قوي اكيد
اهلك يبون من يقويهم اذا سمعو بهالخبر ..
غطى وجهه بيدينه .. والتزمو الصمت احتراما لمشاعره .. كان يفكر بكل شي
انقال سكت وقت مو قصير .. ورجع ناظر الدكتور يسئله : متى يبدا العلاج ؟
كتب له على ورقة ومدها له : ان شاء الله من يوم السبت نايف خلك قوي وحاول
تشجعه لان نفسية المريض لها دور كبير في نسبة شفائه بعد ارادة رب العالمين
وكل ما كان محبط او مستسلم لفكرة الموت كل ما صعب علينا علاجه و ممكن
تتدهور حالته الصحية .. هذا شي بيدكم انتو شجعوه وحاولو تقوونه ..
اخذ الورقة وحطها بجيبه .. وهو يهز راسه برضى له .. طلع من عندهم وراح
لقسم التنويم تفاهم معاهم على كل شي وطلع ومن ركب سيارته سحب سي دي
جزء تبارك بصوت القاريء ماهر المعيقلي كان يستمع لآيات الله بكل خشوع
تارك المجال لدموعه انها تنزل بهالوقت يمكن ماعاد يقدر يبكي قدام احد سحب
نفس عميق وزفره ببطء ومشى لأي مكان الا البيت اللي مايبي يروح له الحين
مر وقت طويل قبل يستوعب انه كان ماسك خط القصيم وابتعد عن الرياض
حول الـ 95 كيلو ..
نسى كل شي بزحمة همومه مايدري ليش اسم هالمرض مرتبط عندنا بالموت ..
رغم ان الواقع يقول انه مو كل المصابين يموتون .. لكن مجرد مرور هالإسم
كفيل بزرع الذعر بقلوب البشر خذ الريتيرن راجع للرياض ومن وصل لبيتهم
المتواضع .. اللي بكل اسبوع بمثل هاليوم يكون مكتظ باخوانه واخته وعيالهم
سلم على ابوه واخوانه وراح يقعد معاهم بالمجلس .. ماكان يبي احد يدري انه
راح للمستشفى .. يبي يترك كل هالامور لبكرة .. مادام انهم اليوم مجتمعين
ومستانسين مايبي يكدر خواطرهم ..
من فترة مو بسيطة ما جو لهم زيارة للرياض وهذي اول مرة من سكنو هالشقة
يجون يقعدون عندهم 3 ايام وبيرجعون بعدها للقصيم .. كانت ام عادل تبي اي
احد يجيهم يمكن تقدر دانا تاخذ على جو الناس وترجع لها روحها شوي .. ومع
الاختلاط بصديقاتها واهلها واقاربها تطلع نفسها من جو العزلة اللي حبست نفسها
فيه .. عادل اللي وصل لهم من يومين .. وراح يباشر عمله بالخرج بعد اسبوع
قرر انه ينام مع يزيد بشقته عشان بنات خاله وزوجته ياخذون راحتهم بالبيت ..
ورغم ان دانا كانت تجلس معاهم بالصالة اوقات الا انها كانت تتحين اي فرصة
للهروب والانعزال ..
ومجرد ماترجع تجلس معاهم تصارع التوتر اللي يجتاحها بشكل كبير لدرجة انه
حركتها تكثر وتفرك يدينها كثير .. ومن وقت للثاني تقضم اظافرها اذا لاحظت
انشغالهم عنها بأي سالفة .. بعد ماتعشو وشربو الشاهي مشت مع امها تجلس مع
خالها شوي .. كانت جالسة معاه في المقلط وعادل ويزيد بالمجلس .. لاحظت
نظراته اللي مركزها عليها ونزلت عيونها بتوتر .. كانت تحس بضيق بالتنفس
مجرد ما تعيش هالوضع المربك .. قعدت تجاوبه عن اسئلته عنها وعن نفسيتها
وهي تهز رجولها لدرجة انه امها مسكت رجلها و كأنها تثبتها بعد ما حست ان
حركتها الزايدة سببت لها هي بعد توتر كبير ..
تكلم خالها وهو يناظر بأخته : يابنتي يا دانا ما يصير هاللي انتي مسويته بنفستس
اطلعي وانا خالتس و قابلي خلق الله محد بياكلتس ..
" ناظرته بعصبية من كلامه كان ودها تصرخ عليه وتقول له اللي بداخلها .. هم
يتكلمون لانه محد فيهم تعرض للصدمة اللي هي تعرضت لها ولا احد فيهم تعايش
مع الموقف اللي عاشته بكل تفاصيله المؤلمة .. لكنها اكتفت بالصمت احتراما
لكبر سنه وتركته يكمل كلامه .. " امتس بتاخذتس للمستشفى وبيعرفون حالتتس
ويعالجونتس ..
ناظرته باستفهام : وش يعالجوني منه ؟ انا مافيني شي بس كذا اصلا مابي اقعد مع
احد .. مالي خلق احد ..
مسكتها امها مع كتوفها ولمتها لها : يمه لازم تروحين للدكتور ويشوفتس ويعرف
اللي فيتس " قبل تتكلم وتسألها اجابت على كل تساؤلاتها " خوفتس وصراختس
بالليل والكوابيس اللي تجيتس .. وقعدتس بدارتس . حتى يوم تقعدين معنا اشوفتس
تحاتسين روحتس ..
هزت راسها بعدم تصديق : يمه انا مانيب مجنونة .. قلت لك مابي اقعد مع احد
" مسكتها تهديها وهي تسمي عليها بعدت يدين امها عنها وهي تصارخ " قلت لكم
مانيب مجنونة .. ماتفهمون انتو ..؟
قام عادل على طول وسكر باب المجلس وراح لها .. شاف امه تناظرها مستغربة
انفعالها المفاجيء رغم نوبة الهدوء اللي لازمتها طوال الفترة الماضية .. : يمه
الله يهداكم انا قايل لكم انا بمهد لها الموضوع وانتو على طول كبيتو السالفة كلها
لفت على عادل تناظره بنظرات اتهام : وانت بعد معاهم .. ؟ عادل والله العظيم
مافيني شي .. انا بس مالي خلق احد .. والله هذاني حلفت لك ..
قرب منها بدون مايمسكها لانه حس فيها تبي بهاللحظة تثبت قوتها .. واللي فهمه
من يزيد انها بتكون رافضة لأي نظرات شفقة او حتى لمسات حانية : زين احد
قال فيك شي ؟ ادري انه مافيك الا العافية وانك انتي دانا اللي نعرفها .. بس بعد
لازم تروحين لدكتور او دكتورة يحاولون ينسونك كل اللحظات اللي تعذبتي فيها
لانها ممكن تأثر عليك بعدين
هزت راسها بالنفي وهي تترجاه : لا تكفى يا عادل مابي اروح .. انا مافيني شي
وبتشوفني الحين اروح اقعد مع البنات واسولف معاهم .. والله اني من جو وانا
قاعدة معاهم .. " مسكت يده وهي تناظره برجاء " تكفى والله مابي اروح ..
ابتسم لها وهو يحاول يهديها .. كان يحس بخيبة امل من انفعالها المفاجيء توقع
انها راح ترفض بس مو بردة الفعل القوية اللي شافها منها : زين روحي اقعدي
مع البنات واستانسي ولا تقعدين بالغرفة ابد ..
تركت يده وراحت على طول وكأنها ماصدقت احد يرضى برغبتها .. ورجعو
هم للمجلس يتناقشون باللي صار لها اليوم .. وعلى طول تكلم يزيد .. : انا كنت
متوقع رفضه هذا شي طبيعي .. ممكن مع الوقت تتحسن حالته و توافق تروح
للاستشارة النفسية .. اهم شي لا تضغطون عليه خلوه براحته ..
كان يناقشهم بحالتها وهو يكذب على نفسه هالمرة قبل يكذب عليهم هي تعاني
من حالة صدمة نفسية قوية وتحتاج لعلاج نفسي يطلعها من صدمة الماضي
اللي تعرضت لها خصوصا انها بنت عاشت لأيام مع مجموعة رجال سكارى
واكيد انها تعرضت لحالات تحرش جسدي .. وهالشي ممكن يأثر على حياتها
مستقبلا .. يمكن مع الرقية الشرعية تخف حالة الكآبة اللي لازمتها .. و حالة
التوتر اللي تصيبها في وجود الناس حولها .. لكن تحتاج على الأقل لاستشارة
نفسية ..
ورغم انه مدرك انه انسب حل لها هو زواجه منها واللي المفروض ما يتأجل
اكثر مما تم تأجيله ممكن تغييرها لحياتها واشرافه بشكل مباشر على حالتها
يساعدها على تخطي مرحلة الصدمة بفترة قصيرة .. وتستعيد حياتها السابقة
اللي تسلحت فيها بقوتها رغم اصعب الظروف اللي واجهتها .. وراح يحاول
يتمم هالموضوع مادام اهله متواجدين هالـ 3 ايام بما ان تحاليلهم موجودة من
قبل ومايحتاج الحين الا رضاها التام عنه ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:48 PM
قدر انه يجمع اكبر قدر من الأدلة اللي يحتاجونها بهالقضية كل التقارير اللي
تثبت تعرضها للضرب الى درجة الاغماء وتقرير الاطباء عن آثار الحروق
بجسدها واللي بعضها غائرة في مناطق مختلفة من جسدها .. طبع له اكثر من
نسخة وقام متوجه للبيت ومنها بيروح لمكتب المحامي بعد ساعة .. من اول
ما وصل للشقة شاف يزيد توه راجع من المستشفى ومسترخي بالصالة سلم
عليه وحط الاوراق على التلفزيون .. ودخل ياخذ له شاور سريع ويبدل ملابسه
بعد ربع ساعة طلع وهو يسكر ازرار ثوبه : تخاويني ..؟
ناظره باستفسار : وين ؟
متعب وهو يلبس شماغه : بروح اودي هالتقارير للمحامي وخلنا نطلع لنا اي
مكان بعدها .. نروح كوفي اي شي زهقان و ودي اغير جو ..
قام معاه واخذ شماغه : يالله بسم الله مشينا ..
نزلو اثنينهم من الشقة وتوجه متعب لمكتب المحامي على شارع العليا العام
وطول الطريق وهم يتناقشون بهالقضية .. ماحب متعب يذكر تفاصيل دقيقة
ليزيد بحكم انها اسرار مهنته بالأول ولأنه يعرف البنت وما يحب يتكلم عن
تفاصيل حياتها الدقيقة لأي شخص حتى لو كان اعز اصدقائه ناظر ساعته
وهو يشوف مكتب المحامي من بعيد .. وقف عند باب المكتب والتفت ليزيد
يكلمه : شوي وجاي ماراح اتأخر ..
شافه وهو رايح له ونزل من السيارة وراح مكان السائق وطلع يتمشى شوي
على ما يخلص متعب اشغاله اكيد وقتها راح يتصل فيه ..
من دخل على مكتبه استقبله السكرتير اللي قال له ينتظر 10 دقايق .. جلس
عند مكتب السكرتير ينتظر الإذن بالدخول على المحامي .. وبعد حول الـ 10
دقايق سمح له انه يدخل عليه .. طق الباب ودخل وهو يسلم : السلام عليكم
رفع المحامي راسه ووقف وهو ماد يده يصافحه : هلا والله وعليكم السلام ..
حياك الله اخوي متعب .. تفضل ..
جلس في المقعد المقابل له : هلا فيك اخوي ..
مد له الاوراق اللي طابعهم وحطها قدام المحامي .. : هذي كل التقارير اللي
تثبت تعرض ديما للتعذيب .. وفي معاها تقارير الطبيبة المختصة عن بعض
آثار الحروق اللي صار لها سنوات طويلة ..
ابتسم وهو يتأمل الاوراق وقال بكل ثقة : لا تشيل هم انا قلت لك من البداية
القضية بجيبي وانا ماعمري خسرت قضية ابد وهالتقارير لحالها كافية اننا
نكسب القضية لصالحنا .. وراح اتكلم مع اختي ام خالد وافهمها كل التفاصيل
وان شاء الله راح اكون بانتظار اي تحديد لموعد الجلسات من المحكمة ..
هز راسه بتفهم وقام على طول : انا عندي ثقة كبيرة فيك بعد الله انك ماراح
تخذلنا ومثل ماتعرف هالتقارير سرية ومايحق لاحد غير الموظفين المختصين
الاطلاع عليها .. اتمنى ما يتم الكشف عنها الا بيوم الجلسة ..
هز راسه بتفهم : اكيد هذا من واجبنا .. وكل هالتفاصيل انا عارفها ومعتمد
عليها في مجال عملي ..
ودعه مع اتفاق انهم يتقابلون بأول جلسة راح يبلغه المحامي بموعدها وطلع
رايح لسيارته وقف مكانه يناظر حوله وتأفف من يزيد وحركاته على طول
اتصل عليه وهو يمثل العصبية : وينك .. بسرعة تعال انا لي ساعة ملطوع
برا ..
وقف ينتظره وعيونه كل شوي على ساعته وبعد حول الـ 5 دقايق جا له ..
ركب معاه وهو معصب هالمرة جد : ماشاء الله رايح تتمشى وانا قاعد من
اليوم انتظرك ..
ابتسم وهي يتجاهل عصبيته : اجل اقعد انا انتظرك وانت عنده هالوقت كله
" وباستفسار " تبي تسوق ؟
التفت له وتوه تذكر ان يزيد جالس بمكانه : لا عادي امش بس روح لاقرب
كوفي خليني اروق ..
وقفو عند اقرب كوفي على امتداد الشارع ونزلو اثنينهم .. جلسو بالجلسات
الخارجية وطلبو طلباتهم المعتادة .. وقعدو يسولفون بأمور حياتهم اليومية
ضحك يزيد بأعلى صوته على كلام متعب : الله يالدنيا اول ماتروح للخبر
الا بالشهر مرة والحين كل اسبوع وانت تسابق الساعة كل هذا عشانه ..؟
قطب جبينه وناظره مستفسر : عشان منو ؟
ابتسم ابتسامة عريضة وهو يغمز له بعينه : علينا هالسوالف .. ؟
ابتسم على تفكيره وقاطع كل تفكيره : انا ابي اخدمهم لاني ابيها تستقر عند
امها اما تفكير ثاني لا يجي في بالك لان فكرة الزواج منها مستحيلة .. وما
جات في بالي ابد .. يعني ريح نفسك وفكنا من هالتعليقات اللي مالها داعي ..
هز راسه بعدم تصديق : يعني بتقنعن انك ابد ابد ما فكرت تاخذه .. ؟
تكلم هالمرة بجدية : تبيني احلف لك عشان تصدق .. والله العظيم مافكرت
فيها من هالناحية ابد .. لان ابوها مستحيل يزوجها واحد من طرف امها ..
يعني مستحيل احط شي في بالي واتعب نفسي باشياء ما راح تصير ابد ..
انا اذا بتزوج اهلي بيختارون لي اللي تناسبني .. وهي اكيد بيجيها نصيبها
اللي اتمنى من ربي يكون يستاهلها وما يزيد فوق عذابها اللي ذاقته هالسنين
عذاب اكثر ..
كان يتكلم معاه وهو يقنع نفسه ويقنع يزيد بعد .. و هالكلام قاله اكثر من
مرة لجوري اللي قالت له عن اهتمام ديما فيه وانها دايم تسئل عنه وتسولف
عنه .. وحتى ذكرياتها يمكن ماتتذكر اشياء من ماضيها كثر ما تتذكر كل
شي مرتبط فيه ومعاه يخاف عليها انها تتعلق فيه وتتعرض لصدمة تضاف
لصدمات عمرها الكثيرة .. وهو يبيها تقطع الأمل من الأول وماتفكر فيه
ابد ولا تفكر انها تحبه .. بعد ما تناقشو في هالموضوع وقدر على حد ظنه
انه يقنع يزيد .. قامو راجعين للشقة .. وقبل يوصلون نزلو يصلون في احد
المساجد صلاة العشا بعدها مرو على مطعم وخذو لهم عشى ومشو راجعين
لشقتهم كل شخص فيهم له حياته واهتماماته ومشاغله الخاصة ولكن تجمعهم
عشرة دامت لسنوات طويلة ..
توها متسبحة وطالعة تبدل ملابسها تبي تطلع من غرفتها وتغير جو شوي
ناظرت نفسها بالمراية ومررت يدها على وجهها .. كانت عيونها متفخة
وباين عليها آثار الصياح .. وخشمها اصير لونه احمر .. حطت يدها على
فمها تكتم شهقتها .. وهي تتذكر كلامه اللي يردده على مسامعها كل ليلة ..
تنهدت بضيق وهي تسحب لها من الدولاب بنطلون ساتان اسود .. وتوب
اسود .. حست ان هالألوان تعكس حالتها النفسية .. اللي صارت عليها من
فترة طويلة .. بعد مالبست وقفت تتأمل شكلها بقهر .. وزنها اللي نقص
بشكل كبير لانها ما صارت تاكل مثل اول .. وملامحها المرهقة والمتعبة
الهالات السودا اللي تحيط بعيونها .. غطت وجهها بيدينها وهي تصيح ..
" نذذذذذل الله ينتقم منه على اللي يسويه فيني " شهقت وهي تسمع صوت
رنته ورفعت جوالها ترد عليه بصوت كسير : هلا ..
بصوت يناقض صوتها .. كله حيوية وفرح ..: هلا حبي .. هلا عمري ..
تصدقين انك وحشتيني ..
ابتسمت بخاطرها على كلامه .. اكيد وراه طلب من طلباته اللي ما تنتهي
واللي سم بدنها فيها : من الآخر قول وش تبي .. ؟
اطلق ضحكة بصوت عالي .. وتكلم بهيام : ياعمري ياناس على اللي تفهم
حبيبها .. والله مشتاق لك .. مشتاق اشوفك واجلس معك ..
ماتنكر انها اول كانت تفرح اذا سمعت هالكلام منه .. بس هالمرة كلامه
عارفة ومتأكدة انه يحمل وراه اغراض ثانية .. : صلاح .. تكلم من الآخر
علمني وش تبي مني .. تراها ضايقة فيني و مالي خلق احد ..
بنفس اسلوبه اللي قبل تكلم معاها : ابيك الحين تجين عندي البيت .. اهلي
مسافرين ومابقى الا انا لحالي .. واكيد زوجتي حبيبتي .. ما يهون عليها
اقعد بالبيت لحالي ..
ناظرت ساعتها اللي على الكومدينة .. : صاحي انت الساعة 9 وربع وين
اجيك الحين ..
قاطعها بخبث ..: لااا ياحلوة .. لا تسوين فيها انك خايفة من اهلك ومدري
وشو وانا اكثر واحد داري انك لو تغيبين بالأيام محد درى عنك .. بسرعة
اكشخي وتعالي .. ترى مشتاق لك موت ..
طنشت نبرة السخرية بكلامه وتكلمت بجدية : كنت اقول لهم اني رايحة عند
خالتي وجدتي تنام من بدري محد يدري عني انا ويني فيه وهي تغطي علي
بس الحين حنين ببيت زوجها شلون يعني .. وين اقول لهم بروح ..
تكلم بقل صبر : ماعلي فيك دبري نفسك مثل ما كنتي تجيني اول بأي وقت
مابي انتظرك اكثر من نص ساعة .. عشان خاطري لا تزعليني منك ..
تنرفزت من بروده وصرخت بأعلى صوتها : بس .. بسسسسس لا تكلمني
بهالأسلوب .. محسسني اني وحدة رخيصة عندك .. ترى انا زوجتك .. مو
وحدة تدفع لها كم ألف وتجي هي تنام معاك ..
تكلم بنفس البرود : افاااا .. من اللي يقول عليك رخيصة ياقلبي .. بالعكس
انتي غالية .. وغالية حييييييل .. وش اقول بس ما اقدر اوصف غلاك لو
قلت انتي كلك اغلى عندي من الذهب ..
سكرت في وجهه وهي معصبة .. كلامه واسلوبه وكل شي منه ينرفزها
وقعدت تفكر شلون تطلع من البيت بدون محد يسئل عنها وين بتروح ماتبي
تخليه يعصب تعرفه لا عصب يتلفظ عليها بألفاظ تقهرها .. لبست عباتها
على نفس اللبس اللي كان عليها .. خذت جوالها وشنطتها ونزلت وهي تكلم
صديقتها .. استانست انها مالقت احد بالصالة وطلعت مستعجلة من البيت
ركبت مع السواق .. وقالت له يروح لبيت صلاح .. ورجعت اتصلت على
صديقتها تتفق معاها على كل شي تقوله لاهلها لو اتصلو مع انها متأكدة انهم
بحياتهم ما سئلو من وراها واي مكان تقول لهم بتروح له يصدقونها : انتي
قولي نايمة عندي وما عليك .. هذا اذا احد اتصل .. ودقي علي من جوالك
الثاني وافتحي السبيكر .. وانا بتكلم وبيظنوني عندك .. زيييييين ؟
ردت عليها ببرود : زين لا تصارخين علي .. روحي استانسي انتي وانا
اللي بقعد في القلق ..
سكرت منها وهي تحس بضيق من هالمشوار .. بدت تحس انها تكرهه كل
شي فيه تغير عن قبل وصورة صلاح العاشق اللي كانت تشوفها تحولت
لصورة ذئب يتمتع فيها بكل وقت فراغه وهي تتبعه بكل خطواته بدون ما
يكون لها اي حق في الاعتراض وفوق هذا يبتزها ماديا .. وكل ما حاولت
تعترض هددها بالطلاق ..
وصلت للبيت .. وهي تحس بهم كبير كاتم على قلبها .. شي اكبر من حدود
احتمالها .. نزلت دموعها اول مادخلت مع الباب الرئيسي .. كان بيتهم جدا
متواضع من دور واحد ما كان صغير مرة لكن حجمه متوسط .. اتصلت
عليه تبلغه انها عند الباب .. ثواني فقط وفتح لها الباب بابتسامته .. استقبلها
بالاحضان وكلام الحب .. ولأول مرة كرهت كل كلمة يقولها وكل شي كان
يتكلم فيه تحس انه يزيد عذابها ..
دخلها لغرفته وفصخ عباتها ناظرها بتذمر : وش هاللي لابسته انتي ؟ الحين
اقول زوجتي حلوة .. وجسمها حلو بالآخر تلبسين لي هالألوان الكئيبة اللي
تضيق الصدر ..
تأففت من كلامه : وانت وش عليك من لبسي .. انت عليك من اللي تبيه ..
انا مالي خلق لشي اخلص علي ابي ارجع البيت ..
باسها على خدها وهو يضحك : نو .. نو اليوم حبيبتي بتنام عندي في البيت
" وهمس لها " ثواني واجيك ..
سكر الباب وراه و جلست هي على السرير تبلع غصتها وكل شي فيها كاره
لهالانسان .. غمضت عيونها وقعدت تنتظره واول ما سمعت
صوت الباب ينفتح رفعت عينها تناظره جمدت
مكانها وتوقف نبضها من اللي تشوفه انسان غير زوجها اللي اوهمت نفسها
بحبه قاعد يقترب منها بنظرات مقززة .. صرخت بأعلى صوتها قبل يقرب
منها : صلاااااح الحق علي .. صلااااااح ..
وغابت صرخاتها بعد ما انقض عليها بشراهة .. وهو يشوفها فريسة سهلة
هيئت له كل السبل انه يقضي معاها ليلة ممتعة مدفوعة الثمن ..
فركت يدينها بتوتر وهي تستمع لكلامه كل شي يقوله لها يوترها .. رغم انها
تحاول تكون طبيعية قدامهم لكن في اشياء غصب عنه تطلعها من هدوئها و
تخليها بقمة توترها .. تجاهلت نظرات امها لها ومسكت يدينه برجاء : عادل
تكفى ابي اقعد معاكم .. مابي اتزوج .. ولا ابي اروح اي مكان .. والله والله
اني ابي يزيد من زمان بس احس اني ما اقدر اتزوجه .. عادل وربي كرهت
كل الرجال من ابوي .. هو كرهني فيهم وكرهني بنفسي ..
ناظرها بتفهم : ماراح اجبرك عليه ابد .. بس انتي تعبانة ولازم تتعالجين وانا
قلت لك بالأول ماراح اضغط عليك .. والله يا دانا مابي اشوفك تروحين منا
واحنا مانقدر نسوي شي " لاحظ توترها وحركة يدينها اللي تضغط فيها على
يده بقوة " لا تعصبين علي ولا تتنرفزين .. محد قايل انك مجنونة كل انسان
يتعب ويروح للمستشفى .. وكل مرض بالدينا وله علاج حتى اللي تحسين فيه
انا بوديك لطبيب ممتاز .. ويزيد بنفسه اللي رشحه لي و تتعالجين عنده بسرية
ابد محد يدري انك تروحين له ولا احد يدري عن اي تفاصيل تخصك ..
جلست لثواني تفكر .. ناظرت امها برجاء وتكلمت : يممممه .. وانتو كل يوم
على هالموال ..
ناظرتها وتكلمت بحزم : ايه وما يريحن الا لا شفتتس بنتي اللي اعرفه وكبرته
يا يمه لا تضيقين خلقي ولا تزعلينن عليتس .. هالمرة اسمعي كلام اخوتس وان
شاء الله ما يضرتس شي ..
كمل عادل على كلام امه : والله اتكلم معاك جد .. هالمرة ما راح افكك الا اذا
قلتي لي انك بتروحين معاي باقتناع تام .. لاني مابي اشوفك تتعذبين كل يوم
وما اقدر اساعدك ..
هزت راسها باعتراض : بس انا مانيب مجنونة .. " وببكاء هستيري " والله
العظيم مافيني شي .. عادل ليش ما تفهمني حرام عليك ..
حس قلبه يعوره عليها .. مايتحمل ابد يشوف دموعها مهما صار .. حاول انه
يتناسى حبه لها وخوفه على خواته وقدم مصلحتها قبل اي شي ثاني : الحين
ماقدر اسوي لك شي .. انا مكلم الدكتور وماخذ لك معاه موعد بكرة .. وجاي
اقول لك ابيك تستعدين عشان تروحين معاي ..
وكآخر محاولة لاثبات الذات جلست بكل هدوء .. استجمعت قوتها وتنفست
بعمق تحاول انها تخفي توترها كله .. سكتت وقت طويل وهي تناظرهم وبكل
هالوقت كانت تحاول تسكن رجفة جسدها اللي سرت فيه من سمعت كلامهم اللي
اتعبها .. تكلمت بعد تفكير : انا موافقة اتزوج يزيد ولو تبون من باكر بس ما
اروح للدكتور ..
عادل باعتراض : دانااا وش هالكلام .. انتي قلتي ماتبينه ..
اشرت له امه يسكت وراحت قعدت جنبها : يمه هذا زواج ولازم تفكرين زين
باقتناع .. واذا ماتبين محد جابرتس عليه ..
هزت راسها بالنفي : لا ابيه .. انا قلت لكم من زمان اني ابيه ..
مسح بيده على وجهه وناظرها : قبل تقولين كرهتي كل الرجال والحين تبينه
تراه زواج مو لعب بزران .. و العلاج اللي انتي خايفة منه مافيه شي يخوف
كله فضفضة عن اللي بقلبك ..
قاطعته وهي مركزة نظرها عليه .. : عادل انا مافيني شي .. قلت لك موافقة
وابيه .. واذا ماتبي تقول له انا مستعدة ادق عليه الحين واعلمه بموافقتي ..
ابتعد عنها وهو يفكر بكلامها الى الحين وقرارتها متذبذبة ماعرفو ياخذون لها
راي كل ماقالو لها شي اعترضت عليه .. والحين توافق على الزواج للهروب
من تبعات صدمتها العصبية اللي تعرضت لها .. : اوكي هالمرة بس .. ما راح
اتدخل ابد ولا تجين تشتكين لي بعدين من اي شي يصير لك لاني ابي مصلحتك
وانتي تبين تاخذين كل شي بالعناد .. وتحملي اللي يجيك
ناظرته امه تبيه يسكت وضمتها لصدرها : خلاص يمه انتي كبيرة و تعرفين
وش اللي يضرتس .. وان شاء الله محد بيكون لتس احسن من ولد خالتس ..
تجاهلت نظرات عادل المسلطة عليها .. وحتى نظرات خواتها اللي مو عاجبهم
وضعها ابد .. ابتسمت لامها تخفي كل توتر وارتباك تعيشه : زين يمه بروح
انوم الحين ..
ومشت على طول رايحة للغرفة بدون ما تناظر وراها او حتى تسمح لاحد انه
يعلق او يتكلم ويقول شي غير اللي هي تبيه ..
دخلت بفراشها وتغطت وكل خلية بجسدها ترتجف .. حست بانفاسها متسارعة
والضيق اللي بصدرها اكبر من قبل مجرد احساسها ان يزيد راح يكون قريب
منها اثار الرعب بقلبها حطت يدها على صدرها تقاوم ضيقتها واول ماحست
ان نفسها توقف .. قعدت وهي تتنفس من فمها و كأنها تلهث من التعب " اعوذ
بالله من الشيطان الرجيم " وقفت وراحت عند الشباك وفتحته وصارت تسحب
لها نفس عميق تبي تدخل هوا لرئتها اللي تحسها تسكرت من قل الاكسجين ..
واول مارجع تنفسها طبيعي جلست على الارض وضمت نفسها وهي ترتجف
الم .. ودموعها تنزل بغزارة على خدودها ..
خلف القضبان وبقاعة كبيرة تضم عدد كبير من اهل القتيل .. و اهل عبدالله
بالاضافة الى طلال والوليد ومشاري جلسو اثنينهم يناظرون بكل اللي حولهم
منتظرين لحظة النطق بالحكم واللي راح تكون تحديد مصير لراكان بهاللحظة
يا اما انه يستمر بحياته او يحكم عليه بالقصاص بتهمة هو بريء منها براءة
الذئب من دم يوسف عليه السلام ..
تلفت حوله وشاف نظرات الكل لهم ابو منصور اللي عرفه من صوره اللي
كان دايم يشوفها مع منصور .. تمنى لو كان بيده ويقدر يقول له انه ما كان
يقصد ابد .. لاحظ الحزن بعيونه وعيون الاثنين اللي جنبه .. ولام نفسه كثير
على تسرعه .. عبدالله اللي كان حاس فيه من نظراته وحاس بالصراعات اللي
بداخله حتى لو ما حاول يظهرها .. قرب منه وتكلم : قدر الله وما شاء فعل لا
تقعد تلوم نفسك ..
التفت له وهو يستمع لكلماته اللي يقولها له .. وكأنه بهاللحظة محتاج من يثبت
له ان كل شي صار ما كان ابد متعمده .. حاول يقاوم دموعه اللي بعيونه وهو
يتكلم معاه : حتى لو عفو عني انا مقدر اسامح نفسي ..
مسكه مع كتفه وهزه : راكان اذكر ربك .. تبي تعترض على حكم ربك ترى
كلنا رايحين نستانس .. ولاحد بقلبه حقد على الثاني وانت تعرف انا عشنا كل
هالسنين مثل الاخوان واكثر ..
التفتو اثنينهم للخلف وهم يسمعون اوامر الشرطي لهم بالتزام الصمت .. ثواني
وتكلم بعدها يطمنهم : ان شاء الله براءة .. ما دام كل التحقيقات مافيها اي دليل
ضدكم .. ماراح يلقى محاميهم اي شي ضدكم صدقوني ..
سكتو اثنينهم وقلوبهم تلهج بالدعاء للخالق يعدي فترة المحاكمة على خير كانت
الدقائق متعبة الى ابعد الحدود كل لحظات الانتظار تعالت معاها سرعة نبضات
قلوبهم ونظرات الترقب والخوف بانت على ملامح الجميع .. كان يحس باريتاح
من يسمع دفاع المحامي عنه وتفنيده لكل الحقائق لكن يزداد خوفه بمجرد سماع
محامي المدعي وهو يحلل تفاصيل الحادثة تفاصيل شاهدوها كثير في الافلام
والمسلسلات ولأول مرة يكونون هم اساس هالقضية .. ناظر الوليد اللي اشر له
على فوق .. وفهم منه اللي كان بيقوله له .. " لا اله الا الله .. عليه توكلت وهو
رب العرش العظيم .. "
تنقل بصره بينهم كلهم اوقات على طلال اللي رغم ثباته لكن كان يسترق له
النظرات من وقت للثاني .. والوليد اللي ماشال عينه عنهم هو وعبدالله .. ومشاري
اللي كان جالس بمكانه ويحرك رجلينه بتوتر .. والمحامي اللي بين كل شهادة
والثانية كان يلتفت لهم مبتسم ..
بعد 15 دقيقة سيتم النطق بالحكم .. يالله وش كثر هالدقايق طويلة عليهم كل
تفكيره كان انه يحسبها ثانية بثانية .. وكل ثانية يتسارع نبضه اكثر من قبل ومن
شدة خوفه حس ان قلبه بيخترق ضلوعه ويغادر صدره .. حط يده على قلبه
وهو يحس انه راح يغمى عليه من صعوبة موقفه .. كل الصور بحياته مرت
قدامه بهاللحظة .. طفولته وفاة عمه ومرض ابوه .. دراسته .. اهله وخواته
وبيت عمه .. وهيا خطيبته كلهم مرو قدام عيونه وكأنه يودعهم ويلقي عليهم
السلام الأخير قبل اسدال الستار على آخر فصول حياته .. حس بوقتها وده
يصارخ ويطالبهم بالحكم النهائي ويرتاح .. هم تعودو على هالاجراءات لكن
قبله اصغر من انه يتحمل هالحمل كله ..
وقف قلبه وهو يشوفهم يمدون الورقة للي راح ينطق بالحكم .. غمض عيونه
ولسانه يلهث بالدعاء .. وتجاهل كل صوت كان يسمعه حوله وركز على اللي
يقرأ الخطاب حرف حرف .. حس بيد عبدالله تمسكه وضغط عليها بقوة وهو
يحاول يضبط انفاسه ..
سمع اسمه يتردد وغمض عيونه اقوى وكأنه يهرب من سماع اي شي ممكن
يصير ضده ..
راكان عبدالرحمن الـ ......
تمت ادانته بالقتل الخطأ و يكلف بدية قيمتها 100 الف ريال حسب ما حدده
الشرع مالم يتنازل اهل القتيل مع السجن لـ 6 اشهر قابلة للتقليص عند اثبات
حسن السلوك ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:53 PM
الجزء الثاني عشر
[ الفصل الأول ]
i 2 i
/
\
/
\
قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً )
(الآية 92 من سورة النساء)
تعالت الأصوات حوله وماعرف وش هو بالضبط احساسه .. فتح عينه والتفت لعبدالله
اللي حضنه بقوة .. : وشو .. وش قال مافهمت عليه .. ؟
عبدالله بشفايف ترتجف وصوت ضحكته طغى على حروفه : براءة .. براءة يا راكان
سكتو في لحظة النطق بالحكم على عبدالله .. واللي كان معروف الحكم عليه مسبقا ..
دمعت عيونه وهو يناظر بكل شي حوله وبدت له كل الوجوه بلا ملامح و ماعاد صار
يقدر يشوف احد من دموعه اللي صارت تنزل بلا توقف .. احساس سعادة كبير يحسه
بهاللحظة .. وتردد في كل اركان المحكمة " عبدالله تركي الـ ..... , غرامة مالية قدرها 6 آلاف
ريال لحيازة سلاح بدون ترخيص "
التفت لعبدالله وهو للحين مو مستوعب شي .. انتبه لنظراته اللي موجهها للوليد اللي
كان يبادله نظرات كلها فرح بهالبراءة اللي كلهم كانو متأكدين منها .. : عبدالله تكفى
فهمني .. الحين وش اللي يتنازلون عنه ..
وقبل يتكلم عبدالله اقترب منه المحامي يبارك له سمع كلامه وادرك اخيرا بأن الحكم
مفرح رغم جهله للتفاصيل .. ارهف سمعه لكلمات طال انتظارها وحروفه تغسل كل
هم سكن قلبه بالفترة الأخيرة : مبروووك البراءة يا راكان انا كنت واثق ان الله ماراح
يخيب رجانا لانك بريء وتستاهلها .. ان شاء الله امر الدية سهل ولا تفكر بشي محد
بيرضى تقعد يوم في السجن ..
تجمعو حول ذاك السياج الحديدي الوليد وطلال ومشاري وابو عبدالله ابتسم لكل كلمة
فرح وجهت له .. لكنه كان متعب ومرهق جدا ومحتاج هدوء اكثر يبي يفهم كل شي
راح يصير عليه بعد هالحكم .. كل كلمات التهنئة اللي ترددت كانت مثل اجمل حلم
يتمناه .. وبدا اخيرا يستوعب احساس الفرح العظيم .. رغم غصة الألم بفقد صديقه
الا ان هاللحظة بالذات ما تقبل اكثر من شعور الفرح توجهو للداخل ولحقهم المحامي
اول ما شافه راكان مسك يده : تعالي فهمني كل شي وعلمني بالضبط وش علي لأني
ما افهم بهالامور كلها .. ولا عمري تخيلت اني بنحط بهالمكان ..
راح عبدالله يوقع اوراق خروجه وجلس هو والمحامي اللي تكلم بكل هدوء : الحمد
لله تم اثبات ان القتل خطا لان كل الأدلة تشير الا ان الرصاصة كانت عالقة بداخل
المسدس ومع تحريكه انطلقت .. وبما انه قتل خطا يصير عليك الحق الخاص فقط
اللي هو الدية تسلمها لأهل القتيل الا اذا تنازلو عنها وقتها ما عليك الا الكفارة بإذن
الله ..
قاطعه باستفسار : والسجن .. ؟
المحامي بابتسامة : اذا تم دفع الدية او التنازل عنها ماعليك سجن وتطلع على طول
وهالمدة حددت لدفع الدية ..
راكان بلهفة : يعني لو تسددت الدية هالحين اطلع .. ؟
هز راسه بإيه : طبعا .. لان القتل الخطا مافيه حق عام .. بس حق خاص وهذي
كلها امور مسلم فيها و لا تقبل النقاش ..
وقف من الفرحة وهو يناظره مو مصدق اللي سمعه وردد بصوت عالي : الحمد
لله ياااارب .. الحمدلله يااااارب .. " رجع يناظر المحامي " ادري انه ما عندي ولا
ريال ادفع الدية فيها .. بس متأكد ان اهل الخير مابيخلوني .. وبإذن واحد احد لادفعها
كلها من تتيسر اموري ..
كان يتحرك بكل مكان يحس نفسه وده يطير وده يروح لاهله واحبابه ويقول لهم
كل شي صار معاه وانه امله بربي ما خاب غطى وجهه بيدينه وهو يقاوم دموعه
اللي على وشك النزول وكل تفكيره يروح لامه وابوه وده بس يزف لهم هالبشرى
ويشوف علامات الفرح على وجيههم اللي كساها الحزن بسببه ..
بالخارج توجه الوليد ومشاري خلف ابو منصور .. ورغم محاولاتهم الكلام معاه
الا انه أجّل النقاش لبعدين وقفو اثنينهم يناظرونه وهو طالع من المحكمة والتفت
مشاري على الوليد : تتوقع انه حاقد علينا ..؟
الوليد وهو يتأمل وجيههم الحزينة : لا اكيد .. اعرفه رجال طيب وما يعرف الكره
والحقد ابد .. بس يا مشاري هذا ولده ومن يلومه انا متأكد اذا رحنا وتكلمنا معاه
وفهمناه كل شي بيسمعنا الكلمة الطيبة " لف عليه وكمل كلامه " هذا كله مايهم
الحين .. الأهم ربي اظهر الحق والحمدلله على كل حال .. احنا بنتدبر امر الدية
بروح له من بكرة وبتفاهم على كل شي معاهم وان شاء الله كل امورنا تتيسر ..
ناظرو اثنينهم في طلال اللي مر من جنبهم وهو ماسك جواله .. ولف مشاري
على الوليد يكلمه : شكله طيب .. ومن الأول وقف مع راكان وما خلاه ..
ابتسم الوليد وهو يناظر ساعته : اكيد عايلتهم معروفة بفعل الخير .. يقولون من
شابه اباه فما ظلم .. واسم ابوه دايم مرتبط بفعل الخير خلني اروح اشوف عمي
وعبدالله وش مسوين .. اكيد الحين بيدفعون الغرامة يمكن يكونون محتاجين لي
وعقبها بروح البيت ..
مشى الوليد للقسم لمتابعة اجراءات خروج عبدالله .. بعدها راح يروح لزوجته
ويخبرها بكل شي صار مثل ما وعد راكان قبل ..
بنفس الوقت و بمكان ثاني .. ما بين زوايا جناحها الفاخر كانت تعيش اقصى
حالات التوتر .. في انتظار اي خبر ممكن يعيد الفرح لقلوبهم .. سمعت صوت
طق خفيف على الباب و على طول توجهت له و من فتحت لها و شافت تعابير
وجهها القلقة زاد خوفها اكثر من قبل حاولت تبتسم الا ان كل محاولاتها باءت
بالفشل .. ارتمت بحضنها بالوقت اللي كانت تحس فيه بالخوف و محتاجة من
يسكن رجفة ضلوعها .. جاها صوتها الهادي بكلمات بسيطة : ان شاء الله خير
يا نورة لا تصيحين و لا يضيق خلقك .. تعالي اجلسي معاي بالصالة لا تقعدين
لحالك بتذبحك الوساوس وربي ..
مشت معاها باستسلام تام وبدون ما تتكلم او حتى ترد على كلام خالتها ..
جلست ام طلال و جلست نورة جنبها .. لفت عليها و تكلمت : ابطى علي طلال
يا خالتي .. من اول احتري اتصاله و ما عاد فيني صبر ..
كانت تتكلم و هي تشتت نظرها ماتبي تركز بشي عشان لا تنزل دموعها ربتت
ام طلال على كتفها : ان شاء الله ما يتأخرون .. اذكري ربك انتي ..
همست و هي تغمض عيونها : لا اله الا الله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ..
اكتفت بعدها بالصمت لدقايق .. سحبت الريموت من على الطاولة و بدت تقلب في
القنوات بلا تركيز .. كان واضح عليها التوتر ارتفاع صدرها و هبوطه دليل على
تسارع انفاسها .. ورموشها اللي ترف بشكل سريع و حركة يدينها المتوترة ..
ساعة الا ربع كان وقت انتظارها سمعت بعدها صوت نغمته المميزة .. انتبهت من
سرحانها على صوت رنة جوالها و مسكت يد خالتها بيدينها الثنتين .. : تكفين ردي
عليه والله مانيب قادرة ارد ..
تفهمت شعورها و هزت راسها برضى .. ما كانت اقل منها توتر .. الا انها غلفت
هالمشاعر بهدوء ظاهري و ردت عليه : هلا طلال ..
استغرب في البداية الصوت .. بعدها استوعب انه صوت امه .. : يمه وين نورة .. ؟
حست بارتياح مبدئي من نبرة صوته .. فيها اندفاع ما يكون الا بلحظة فرح .. : هذا
هي جنبي ..
تكلم بحماس : افتحي السبيكر يمه ابيها تسمعني ..
ناظرت بنورة اللي كانت تفرك يدينها بتوتر و بنظرة عيونها ترقب للي راح ينقال ..
حطت على السبيكر و تكلمت : تكلم هذا هي تسمعك ..
حاولت تركز سمعها على كلامه لأن صوت الناس حوله جدا عالي .. و سمعته يكلمها
بفرح :
راكان طلع براءة يا نورة ..
" صوت شهقتها اسكته لثواني قبل يكمل " و بحول الله اليوم أو بكرة تشوفينه ..
نزلت دموعها فرح و خذت الجوال من يد خالتها : ابد ما عليه شي .. و الدية ؟ و هو
شلونه ؟ و ينه الحين ؟
ضحك على اسئلتها المتتالية حس بارتباكها من هالاسئلة اللي رددتها بلا وعي ..
و هو يسمع صوت انفاسها .. : كل شي تمام و كل الأخبار
تسرك بإذن الله .. اصبري علي ربع ساعة بروح لهم و اخليك تكلمينه ..
قاطعته بلهفة : ايه تكفى ابي اكلمه و اسمع صوته ..
ومن وعدها يخليها تكلمه سكر .. انتبهت لام طلال اللي اتسعت ابتسامتها : الف مبروك
يانورة ..
قامت و حبت راسها و تكلمت بسعادة : الله يبارك بعمرتس .. ياربي لك الحمد اخوي
رجع لنا .. يااااليتني بالديرة الحين ودي اشوف الفرحة بعيون ابوي و أمي " تقوست
شفايفها و هي تمسح دموعها " خالتي بروح معه لا راح الديرة ..
كانت حاسة فيها من فرحتها مو عارفة تعبر او بالأصح ماتدري وش تقول .. كلامها
ملخبط لكن شعور السعادة كان واضح على ملامحها .. استئذنتها راجعة لجناحها ومن
وصلت للغرفة سكرت الباب .. و اتصلت على سارة .. اللي ما كانت اقل منها توتر
و بانتظار اي اخبار ممكن تفرحها .. اتصلت مرتين و كان الخط مشغول و المرة الثالثة
ظهر لها اشارة " انتظار " ثواني و سمعت صوت سارة ترد بلهفة : بشرررري تكفين
فرحي قلبي ..
بفرحة كبيرة تكلمت : الحمدلله ربي فرج كربته .. " صوت صرخة عالية صم اذانها
خلاها تبعد الجوال عنها واول ما حست انها تتكلم .. قربت الجوال من اذنها و تكلمت "
وجع .. وجع وش ذا بغيتي تفجرين اذوني ..
بنفس مستوى الصراخ تكلمت : فرحانة يالنوري و ربي " و بهمس " تجمعن علي البنات
ذابحتهن اللقافة .. مير عنادن فيهن مانيب معلمتهن ..
ضحكت بأعلى صوتها و كأن كل شي حولها مهما كانت تفاهته مكمل لسعادتها .. : الا
صدز وراه جوالتس كل ما ادق عليتس يجيني مشغول ..
سارة بضيقة خلق : واحدن مبتلشني و مكرهني بعيشتي من اصبح لين امسي و هو يدق
علي .. اشغلني الله يشغله في نفسه .. تكفين لا تضيقين خلقي بطاريه .. خليني مستانسة
براكان الله يقر عين اهلنا بشوفته ..
نورة بعد تفكير : آمين يارب .. السوري انتبهي لا يلعب عليتس .. ترى الزم ما عليتس
نفستس و اهلتس و ماجيتي للرياض الا للشغل .. ولو تغيرين رقمتس بعد ابرتس ..
قاطعتها باستفهام : وشوله اغيره ..
جلست على سريرها و تكلمت : هماه يدق كل شوي و مزعجتس .. غيريه و لا يعرفه ..
سارة بضيق : يقول اللي خلاني اجيب رقمتس اول مرة يخليني اجيبه لا غيرتيه ..
ناظرت جوالها و قاطعتها على طول : السوري بعدين اكلمتس طلال يدق علي " و ردت
عليه بلهفة " هلا والله ..
بكل هدوء تكلم : هلا بقلبي ..
سكتت لثواني و تسائلت : وين راكان ؟ ابي اكلمه ..
اختفت كل الأصوات من عنده و مابقى الا صوته .. : يبون يخلصون اوراقه الحين ..
و رجعت للسيارة انتظرهم يخلصون .. و منها اكلمك و اسمع صوتك ..
حطت يدها على قلبها و همست : الله لا يحرمني منك يارب ..
طلال بهمس : تحبيني ؟
غمضت عيونها و تكلمت : ايه و ربي ..
انتظر يسمعها منها لثواني .. و بعد ما طال انتظاره تصنع الغباء عليها : ايه وشو ؟
عضت شفتها و قالت بخجل : احبك ..
ابتسم بخبث : ما سمعتك ..
ضغطت على الجوال بيدها و هي تتكلم : والله احبك ..
غمض عيونه و هو يسمع كلامها و ساد الصمت لثواني .. و اختفى كل شي الا صوت
انفاسهم ..
فتح عينه .. على صوت طق على شباك السيارة و انتبه للمحامي يأشر له على الداخل
.. : نورة دقيقة و اكلمك ..
و سكر منها اول ما سمع كلمة " زين .. انتظرك " دخل بعدها عند راكان اللي شاف
اخوياه حوله راح له و سلم عليه و بارك له براءته : لا تشيل هم الدية يا راكان امرها
محلول .. عندك من الألف للـ 100 الف ..
قاطعة بخجل : بس ياخوك ..
اشر له طلال يسكت و تكلم : من فرج على مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عليه
كربة من كرب الآخرة .. و مادام الله ميسرها علي ما عندي اغلى
من اخو زوجتي ..
صافحه و تكلم بامتنان : بردهن لك كاملات ..
غمز له و ابتسم : اذا الله احيانا .. " مد له بعدها الجوال " كلم اختك ..
اخذ الجوال و طلال يكلمه : اول مكالمة صادرة ..
هز راسه بإيه و هو يطلع عند الباب ضغط زر الاتصال و طلع له أول اسم بالقائمة
" بلسم جروحي " ابتسم في خاطره و تمتم " ايه والله انها بلسم جروح فديت قلبها "
اتسعت ابتسامته و هو يحس بلهفتها : هلا طلال ..
تنهد و تكلم بحب : السلام عليكم ..
شهقت و حطت يدها على فمها : راكان .. يا حي الله هالحس عسى الله لا يخليني منك
يارب " و بدا يعلى صوت صياحها " راكان ياخوي ..
قاوم دمعته و هو يرد عليها : يااالبيه ..
مسحت دموعها و ابتسمت اخيرا .. : اقسم بالله مانيب مصدقة اني احاتسيك و اسمع
صوتك .. شلونك ياخوي .. ؟
راكان بفرحة : انا بخير وماعلي .. مبسوط الحمدلله اللي ربي يسر لي كل اموري ..
دقايق طويلة مرت على مكالمتهم كانت تضحك اوقات .. و تبكي بأوقات ثانية و ما
سكرت منه الا بعد ما حست بارتياح كبير من هالمكالمة اللي اعادت الفرحة لقلوبهم ..
عند العيال اتفقو يروحون كلهم لأهل منصور بما انه يبقى ساعة على اذان الظهر
الا طلال اللي كان عنده اجتماع على الساعة 1 ومايقدر يروح معاهم تفرقو بعدها
كل واحد في مهمة للتنسيق لهالمشوار المهم .. اشر الوليد للمحامي يجيه : بينوم اليوم
في بيت ولده الكبير .. و الحمدلله قدرت اقنعه نجي له بعد صلاة الظهر ..
طلال قبل ما يروح لسيارته توجه للوليد يكلمه : خذ منهم رقم حساب الوالد ولا اخوه
الكبير و ان شاء احول له المبلغ ..
ابتسم له : ابشر .. " صوت لمشاري و عبدالله " يالله يا عيال مشينا ..
ركبو كلهم في سيارة الوليد و مشو رايحين لبيت ناصر اخو منصور الكبير .. و من
وصلو على وصفهم لعمارة بأحد احياء الرياض .. لشقتهم بالدور الثالث .. و أول ما دخلو
استقبلهم ناصر بالترحيب و دخلو للمجلس متوسط الحجم .. كانت الشقة جدا متواضعة
و اثاثها مبين عليه قديم شوي جلسو بعد ما سلمو عليهم و تكلم الوليد على طول : ياعم
لا تحسبنا جايينك نبيك تتنازل عن الدية .. لا والله جيناك نبي نعزيك و لو انها متأخرة
بس و ربي ما ردني عن الصلاة عليه و عزاه الا سفري .. " أشر على عبدالله وكمل
" و عبدالله كان موقوف وان شاء الله ان مشاري ما قصر قام بالواجب عنا .. عسى الله يرحمه
ويغفر له ..
نزل راسه و تكلم بأسى : و الله اني ما كنت ابيه يروح .. قلت اقعد عندي هاليوم و روح
من باتسر بس هو ركب راسه الا يبي يلحق اخوياه .. سبحان الله ما كنه الا يسابق لمنيته ..
مسح دمعته بطرف شماغه والتزم الصمت سكتو الكل بعدها لدقايق و أشر الوليد لعبدالله
يبيه يتكلم .. و بالفعل تكلم بعد تردد .. ما كان يبي يسرد تفاصيل الحادثة لأنها موجعة الى
اقصى الحدود لكن برر له اللي صار .. تفاصيل بسيطة قد تزيل اي احقاد ممكن انها تنشأ
بقلوبهم .. و السبب في الأول و الأخير قضاء و قدر ..
استمع له و قلبه يعتصر ألم على ابنه اللي وافته المنية و هو مازال في زهرة شبابه .. عمره
بعمر هالشخص قاعد يتكلم قدامه ..
عبدالله في محاولة لاظهار الحقائق وغسيل القلوب من اي غل ممكن يستعمرها تكلم : والله
ان منصور الله يرحمه اخو دنيا و لا عمره غلط على احد .. ولاحد يزعل منه .. و راكان
ماهوب بعيد عنه كلن يحبه و يرضي الناس على حساب نفسه ..
ناصر بتأييد لكلامه : كلكم والله و النعم فيكم .. و لا عمر منصور الله يغفر له شكى من احد
منكم .. ما نقول الا قدر الله و ماشاء فعل ..
ابو ناصر بعد تفكير طويل تكلم : و الله لو تدفعون لي ملايين الدنيا ما تساوي عندي دخلة
ولدي علي .. روحو لخويكم و علموه تراني مسامحه لوجه الله .. و الدية تراه مسموح فيها
اللي راح ما عاد هو براجع و لو جمعتو كنوز الدنيا ماهيب جايبته لي ..
قام له الوليد و حب راسه : عسى الله يرحمه و يغفر له و يجمعنا فيه بجنات النعيم يارب ..
مشاري اللي من الأول كان ينتظر دوره في الكلام بلع غصته و سكت و هو يقاوم دموعه
اللي تجمعت بعيونه ..
ممكن كان خبر التنازل عن الدية يسعدهم الا ان حزنهم كان اكبر و هاليوم عاد فيهم لنفس
اليوم اللي ازهقت فيه روح و السبب كان الاهمال ..
قام الوليد يستأذنه و قامو معاه الشباب .. ودعوهم و الألسن تلهث بدعاء من صميم القلب
ان الله يتغمد فقيدهم بواسع رحمته .. و رغم انهم يبون التنازل يصير اليوم و مايحتملون
اي تأخير يذكر .. الا انهم تركو له الخيار مفتوح بأي وقت يروح يوقع على التنازل عن
الدية .. رجعو العيال لشقتهم و راح الوليد لبيته يبي يقول لشيخة سبب ضيقته و شروده
اللي تسائلت اكثر من مرة عن اسبابها وجاوبها بصمته في كل مرة ..
من اول ما دخل عليها تجاهلت وجوده وسوت نفسها كأنها مشغولة بمتابعة برنامج
تلفزيوني .. انقهرت من تعامله معاها وبروده من وصلو للرياض .. وهو اللي كان
معاها غير بأول اسبوعين من زواجهم .. سحب الريموت من يدها وسكر التلفزيون
وناظرها مبتسم : قلنا السلام عليكم ما تبين تردين السلام ..
تجاهلت ابتسامته وردت بصوت اقرب للهمس : وعليكم السلام ..
جلس جنبها ومسك يدها .. يدري انه مهمته قبل كانت صعبة .. ويمكن الحين بعد
اصعب لكن راح يتكلم ويقول كل شي بما ان الامور كلها انحلت : وش فيك علي
اشوفك زعلانة وما ودك تكلميني ..
خذت لها نفس عميق وتكلمت ببرود : توك تحس فيني .. ؟
ابتسم اكثر وهو يلف وجهها عليه يبيها تناظره : والله اني حاس فيك من اول يوم
بس اللي كان فيني اكبر من اني اقوله لك بوقتها .. وانا اعطيت كلمتي وماقدرت
اني اغيرها ابد .. شيخة ابيك تسمعيني للآخر ولا تزعلين ولا يضيق خلقك ابد
" سكت شوي مو عارف شلون يبدا معاها الموضوع .. رغم انه من الاول كان
يخطط لكل كلمة يبي يقولها وينسق لكل حرف .. الا انه الحين بوجودها ماعرف
يجمع كلمتين على بعضهم " اخوك راكان ..
ركزت نظرها فيه وقالت بخوف : وش فيه اخوي ... ؟
ابتسم يحاول يهديها .. وهو يشوف بعيونها نظرة الخوف .. : مافيه الا العافية
قاطعته على طول : وشو ؟ تكلم واللي يخليك ..
بلع ريقه يبي يرتب كلامه .. حس من خوفها انها لو عرفت السالفة الحين راح
تزعل عليه وهو ابد ما اختار هالقرار .. راكان اللي اجبره عليه : كان مسجون
بقضية .. " صوت شهقتها خلاه يسكت لثواني بعدها كمل " شيخة خليني اكمل
للآخر وبعدها قولي كل اللي تبين .. الحمدلله الحين ربي فرجها عليه وبإذن الله
الليلة او بكرة بيطلع ..
هزت راسها بعدم استيعاب ووقفت مكانها تناظره : علمني بكل اللي صار الحين
ولا تخبي علي شي تكفى ..
مسكها من يدينها وجلسها جنبه : اول شي انتي استهدي بالله ولا توتريني .. يا
قلبي انتي ..
نزلت راسها باستسلام وتركت له المجال يوضح لها تفاصيل الحادثة كلها : بعد
زواجنا بـ 3 ايام طلعو العيال للبر .. و بالليل قبل ينامون مسكو المسدس يبون
يملونه رصاص .. كانت فيه رصاصة بداخلة لها فترة ومن مسكه راكان راحت
لصدر خوينا و توفى بوقتها ..
حطت يدها على فمها و تكلمت : راكان ذابحه .. ؟
هز راسه بإيه وتكلم على طول قبل تعلق اول تقول شي : ورب البيت من عرفت
ما كنت ابي اخبي عليك بس هو طلبني ماتعرفين الا بيوم الحكم .. والحمدلله اليوم
طلع براءة .. والدية تنازل عنها ابو منصور الله يرحمه .. بإذن الله ما يجي الليل الا
وهو بشقته مع العيال ..
غطت وجهها بيدينها وقعدت تصيح .. ضاع كل الكلام منها بلحظة اجتاحتها كل
المشاعر من خوف و قلق وعتب وتفكير فيه هو .. وتفكير باهلها .. كل شي صار
يمر قدام عيونها .. رفعت راسها وناظرته : ليش ؟ علمني بس ليش كلن يعرف الا
انا .. مخليني اضحك واستانس واهلي يذوقون الضيم .. شلون هان عليك تشوفني
اضحك واخوي مقطوط بالسجن محد علمني ..
لأول مرة يشوف دموعها من تزوجو .. عوره قلبه عليها ومسكها من اكتافها يبي
يلمها لكنها دفته شوي وهي تتكلم : شلونه الحين ؟ و اهلي ابي اشوفهم ..
ناظر بعيونها وحاول انه يرسم ابتسامة قدر الامكان : بخير .. ومبسوط الحمدلله
واهلك ان شاء الله انهم بخير .. ياقلبي انتي لا تعتبين علي ولا يضيق خلقك مني ..
وربي اللي خلقني انه هو اللي طلبني ما اقول لك ابد .. ما كان يبي يكدر خاطرك
اخوك وتعرفينه ..
قامت على طول ودخلت الغرفة .. كانت تحس بداخلها انفعالات كثيرة .. ماقدرت
انها تظهرها قدامه .. استلقت على سريرها وتركت المجال لنفسها انها تغسل كل
هم سكنها بهالدموع اللي تذرفها وهي تعاتب نفسها وتلومها على كل لحظة سعادة
عاشتها يقابلها لحظة شقاء لاهلها .. كان ودها تصارخ على الوليد لكن صدمتها
من الموضوع كله اكبر من مجرد عتب ممكن تأجله ليوم ثاني الحين بس عرفت
ليش يوم كانت تطلبه رقم نورة يصرف الموضوع كل يوم و يقول راكان مايعرفه
وليش يوم تطلبه تشوف راكان او تكلمه يتحجج باعذار واهية ابد ما اقنعتها بالعكس
زرعت بداخلها مشاعر رفض لهالانسان اللي مايبي يوصلها لأي احد من اهلها ..
مر وقت طويل عليها وهي بدوامة حزنها .. حست بعدها بيده تلامس كتفها رفعت
راسها و ناظرته .. كان وجهها متغير وصاير كله احمر من كثر الصياح .. رمت
نفسها بحضنه وهي تستجمع انفاسها .. ضمها بقوة له وهو يسمع صوت شهقاتها
و صار يمسح على شعرها : يا شيخة اذكري الله .. المفروض تفرحين الحين مو
تقلبينها مناحة هو اللي كان يبي لك السعادة وما يبي يتكدر خاطرك بسببه و يقعد
يلوم نفسه عمره كله .. " و كمحاولة لارضائها " تبين تكلمين اختك .. ؟
بعدت عنه وناظرته وهي تمسح دموعها : ايه .. ابي اكلمها الحين ..
ابتسم لها وهو يمد لها منديل : دقيقة واجيب لك رقمها بروح اجيب جوالي واكلم
رجلها ..
جلست تفرك يدينها بتوتر .. واحاسيسها المتناقضة تعتريها .. مابين فرح وحزن
و ترقب وانتظار .. غمضت عيونها ورددت ادعية ممكن انها تهديها .. سمعته
بعدها وهو يقول لها : سجلي الرقم عندك ..
تلفتت حولها و شافت جوالها .. اخذته ومدته له : سجله انت شوف يديني شلون
اخذ الجوال منها وهو يشوف رجفة يدينها .. سجل لها الرقم وضغط زر الاتصال
و مده لها وهو مبتسم : يالله كلميها وانا بنتظرك في الصالة ..
طلع وسكر باب الغرفة تاركها تكلم اختها .. اما هي من سمعت
صوت نورة نزلت دموعها اكثر من قبل و انخنق صوتها وماعرفت شلون تتكلم
او حتى تقول شي ..
نورة اللي من شافت الرقم الغريب انتظرت تسمع اي رد لكن ماسمعت الا صوت
شهقات متكررة .. : هلا ..
من بين دموعها تكلمت : نورة ..
ركزت في الصوت اكثر وما عرفت من هو صوته .. لانها تكلمها بالجوال لأول
مرة وفوق هذا صوتها متغير من الصياح سكتت شوي تبي تعرف من اللي تتكلم
وقبل مايطول تفكيرها اكثر .. سمعتها تتكلم : نورة شلونه راكان وشلون اهلي ..
نورة من عرفت الصوت شهقت : شيخة .. يالله حي هالصوت والله ..
ضحكت بوسط دموعها : اشتقت لتس وربي .. ابي اشوفتس الحين النوري تكفين
علميني شلونه راكان .. وش اللي صار عليه .. ؟
عرفت انهم توهم يعلمونها الحين .. لانه باين من كلامها انها تجهل التفاصيل اللي
اتعبتهم طوال اسبوعين وشوي مضت .. : ما صار له الا كل خير .. الحمدلله ربي
يسر اموره وفرج كربته .. لا يضيق خلقتس وانا اختتس كل حزن راح وما هنا الا
الوناسة من اليوم اذا الله احيانا .. شلونتس انتي وشلون رجلتس ..
قاطعتها بزعل : تكفين لا تطرينه ترى للحين زعلانة عليه .. اجل اخوي بالسجن
وهو يمشيني بكل مكان و يبيني استانس ..
ضحكت بأعلى صوتها على كلام اختها : الله يهداتس يا شيخة احمدي ربتس على
اللي انتي فيه .. رجلتس رجالن طيب لا تزعلين منه .. هذا ذنبه اللي مايبي يكدر
خاطرتس ويضيق خلقتس ..
سكتت شيخة تستمع لكلام اختها الكبيرة .. وكل كلمة قالتها ازالت هموم سكنتها من
قال لها زوجها على الخبر اللي فتح بقلبها جروح ظنت انها ما تنتهي .. بعد دقايق
قليلة انتهى شحن شيخة .. واتصلت نورة عليها يكملون سوالفهم .. و نسو ثنتينهم
انفسهم بزحمة هالمشاعر .. و تناسو اي شي خارجي بهالوقت .. و كأنهم بجلستهم
المعتادة بغرفتهم الصغيرة .. و حولهم خواتهم اللي اصغر منهم .. تجمعهم هموم
مشتركة .. قلوب كانت دوم تشتكي وقلب واحد يسمع ويطيب جروحهم ..
سكرت منها بعد ما حست بارتياح كبير من كلام نورة لها هذي هي مثل ما تعودو
دايم تكون المسكن لجراحهم برقة كلامها اللي يدخل القلب .. ثواني بس و سمعت
صوت رنة جوالها .. ناظرت رقم نورة باستغراب و ردت : سمي ..
نورة بابتسامة : نسيت اعلمتس بشي مهم ..
شيخة باستفهام : وشو .. ؟
غمضت نورة عيونها تعد الأيام : بحول الله بعد 7 اشهر و شوي بتصيرين خالة ..
سكتت شوي تعد هالأيام واستوعبت ان نورة حامل : حاااامل ياااجعله الف مبروك
عليتس يالنوري .. " وبمزح " وحتى بهذي انا آخر من يعلم .. يالله ما يهم اهم شي اني بصير
خالة .. يا كبر حظي يالنوري اللي سمعت هالاخبار اللي توسع الخاطر ..
ابتسمت وهي تكلمها .. : اجل لا تلومين رجلتس يوم ما قال لتس على العلوم اللي
تكدر الخاطر ..
ابتسمت بخجل : يا جعلني افداه .. عسى عمره طويل ..
ضحكت على كلامها وعلى طول علقت عليها : والله وقمنا نتفدى فيه الله يهنيكم
وانا اختتس .. روحي اقعدي مع رجلتس مانيب معطلتتس ..
شيخة وهي تحط يدينها على خدودها : زين حاتسيني كل يوم ابي اعرف علومتس
كلها .. وابي بعد اشوفتس ..
نورة تجاريها بكلامها : زين .. زين يالله فمان الله ..
سكرت بعد ما تواعدو على مكالمات يومية بينهم .. تكمل تواصلهم اللي اعتادوه ..
وحطت هي جوالها بالغرفة .. طلعت بعدها بابتسامة كبيرة للصالة .. ومن شاف
ابتسامتها عرف انها ارتاحت مع اختها بالسوالف وهذا الأهم جلست جنبه و تكلمت
بخجل : السموحة منك حطيت كل حرتي فيك .. بس بعد انا من يلومني .. ؟
لف يده حول خصرها ولمها له : مسموحة ياقلبي .. اهم شي انتي مستانسة الحين
و تطمنتي على اهلك .. ؟
هزت راسها بإيه .. : الحمدلله ..
رفع دقنها و همس لها : يعني الحين ابد مو زعلانة علي ..
نزلت راسها بخجل و تكلمت : لا خلاص ..
اقترب منها اكثر وباسها على خدها و قرب من اذنها وهمس : وعد مني ما تشوفين
شي يكدر خاطرك او يزعلك مني .. ضمها اكثر له وباسها بين عيونها غمضت
عيونها تقاوم خجلها .. وهي تدعي ربي ما يغيره بيوم عليها .. بعد ما توقعت انه
تغير الأيام اللي فاتت .. برغم انه كان يحاول يسعدها بأي طريقة وياخذها لكل
مكان ممكن يحس انها بتستانس فيه الا انها كانت تعاني من شروده اغلب الوقت ..
واليوم عرفت اسبابه و عذرته .. او بالأصح شكرته على هالتضحية اللي قدمها
لها ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:54 PM
بعد ما سلمت من صلاة المغرب راحت لجوالها اللي توه من شوي كان يدق ..
شافت المكالمة اللي عارفة قبل من هي له .. بعد ما خصصت سما نغمة لطلال
بجوالها .. رجعت اتصلت عليه وهي للحين بجلالها : السلام عليكم ..
سكر الباب اللي عنده و تكلم : وعليكم السلام .. كنتي تصلين ..؟
جلست على الصوفا اللي بطرف الغرفة وهي تكلمه : ايه توني اخلص صلاتي
ما عرفت متى بيطلعونه ؟
كان اوقات يحس بغيرة .. لانها اول ما ترد او تتصل عليه .. كل اسئلتها متعلقة
براكان وهو ابد ما تسأل عنه .. رغم انه ما يلومها ابد بهالظروف لكن احساس
التملك بداخله يخليه ينتظر اي اهتمام منها خصوصا انه تعود انه يكون هو محور
اهتمامها بكل وقت .. تكلم وهو يطرد هالافكار من راسه .. : الحين ان شاء الله
بيخلصون اجراءات خروجه وبكرة يوقعون اهل القتيل التنازل عن الدية ..
رجعت تسأله تبي تتأكد من كلامه : الحين راكان بيطلع .. ؟
طلال بابتسامة : ايه الحين .. تجهزي بوديك لبيت اختك تسلمين عليه هناك وبعد
صلاة العشا ان شاء الله بنروح نتعشى انا وياك ..
حست بحماس كبير انها اليوم بتشوفهم الاثنين .. شيخة وراكان حطت يدها على
قلبها اللي صار يدق بسرعة وهي تحمد ربها على الافراح اللي توالت عليهم اليوم
من الصباح وهي تحس بسعادة مو طبيعية من بعد اعلان خبر براءة اخوها : زين
الحين ثواني واكون جاهزة ..
قاطعها بهدوء : شوي .. شوي لا تنسين اللي في بطنك ..
حاولت تخفي لهفتها ما تبيه يطول بمكالمته وتكثر نصايحه لها : ابشر ..
ومن سكرت على طول مشت بخطوات سريعة لغرفة ملابسها تختار منها اللي
بتلبسه الحين ما كان يهم تكون بقمة اناقتها او لا .. الاهم عندها انها تلبس الوان
تعكس الفرح اللي بداخلها ..
خذت لها تنورة طويلة من الشامواه بلون رمادي فاتح .. و قميص بنفس اللون ..
ومن الداخل .. اختارت لها توب بنفسجي .. راحت غسلت ورجعت وقفت عند
التسريحة .. اضافت لمسات خفيفة من الميك اب و فلت شعرها وتركته ينتثر
على اكتافها .. ولمت خصلات منه ومسكته باكسسوار شعر ..
ناظرت حولها ماتدري بالضبط وش تسوي من فرحتها تناظر بكل شي حولها
بارتباك .. ردت بعدها على اتصال طلال اللي يقول لها تنزل له لبست صندلها
( تكرمون ) ولبست عباتها وخذت شنطتها و نزلت من شافتها سما جاتها ركض
على طول تسألها : نورة وين رايحة .. ؟
وقبل تجاوبها نورة سمعت صوت خالتها تهاوشها : سما وانتي وش دخلك وين
بتروح ..
ابتسمت نورة لهم وتكلمت وهي تنزل الدرج : بروح لبيت اختي راكان بيجي
عندها وابي اسلم عليهم ..
مشت معاها سما .. وهي ماسكة شنطتها .. في الوقت اللي كانت فيه نورة تلف
طرحتها تغطت بعدها و مدت يدها خذت منها الشنطة : يالله اشوفتس على خير
و لا تنامين بدري اذا جيت بعلمتس شي يفرحتس ..
مسكت فيها من يدينها تترجاها : لا تكفييييين علميني الحين .. ابي اعرف ..
ضحكت وهي تطلع مع الباب الخشبي الكبير : امزح معتس بس روحي اقعدي
مع اهلتس وكانتس تبين تطلعين انتي ورسيل اطلعو ترى محنا جايين الا بعد
العشا ..
نطت فرح على طول من كلامها .. وضحكت نورة وهي تسمع صوت سما
وهي تصوت على رسيل .. وطلعت لطلال اللي كان ينتظرها في السيارة ..
من ركبت وسلمت .. بدت تسولف معاه وكل تفكيرها عندهم ابد ما كانت معاه
الا بجسدها .. لاحظ شرودها اكثر من مرة و قرر الصمت بالآخر .. مايبي
يفكر الحين بشي .. بعد ما تشوفهم وتتطمن عليهم بيقعد هو معاها .. اشتاق
لها كثير ومن رجعت للبيت ماقدر يحس انها هي اللي عشقها التفتت له وهي
تسمعه يكلم الوليد .. دقايق و وقف عند العمارة اللي ساكنة فيها شيخة .. هذي
ثاني مرة تجي لهالشقة بعد ما جات المرة الأولى تحط لها اغراضها بالبيت ..
نزلت على طول و سحبت شنطتها رايحة لبيت اختها .. ضحك بخاطره عليها
رغم انها ماعبرته بس فرحتها بأهلها تشفع لها ..
وصلت لشقة اختها و استقبلتها ريحة البخور من عند الباب .. حست بحماس
كبير وطقت عليها الباب .. ثواني وسمعت صوتها من الداخل : مين .. ؟
طقت على الباب وهي تضم شنطتها : افتحي ياعروس ..
من سمعت صوت نورة طارت من وناستها فتحت الباب .. و انتظرتها تدخل
ومن دخلت ضمتها لصدرها بقوة ونزلت دموعها : النوري ياااقلبي انتي ..
سكتو ثنتينهم وهم ضامين بعض و كأنهم يعوضون ايام الاشتياق
بهالحضن الدافي ..
مدت يدها تمسح دموعها وابتسمت لها : يا حبي لتس ياشيخة .. شلونتس ..؟
مسكتها من يدها تدخلها للصالة و رجعت تضمها مستانسة فيها : والله مانيب
مصدقة عيوني اني اشوفتس .. و ربي احس اني بصيح ..
جلسو ثنتينهم يناظرون بعض .. وكل وحدة فيهم تحس انها ودها تضم اختها
مسحت نورة دموعها بيدينها : سال كحلي ؟
هزت راسها بالنفي وهي تضحك : لا ..
نورة : انتي ليش ما تكحلتي .. يابنت انتي عروس تزيني لرجلتس لا يدور
غيرتس ..
طقتها على يدها : فالتس ماقبلته .. توني اقوم اصلا قبل المغرب وهو راح
يجيب راكان ..
مسكتها من يدها .. : هااا قومي لا تقعدين تسذا ..
قامت معاها وراحو لغرفتها .. بدت نورة تزينها وهم يسولفون .. كانت تتفنن
عليها بالسوالف اللي تعلمتها .. سمعت صوت جرس الباب .. وفزت شيخة
من مكانها : جو .. اكيد هذول هم ..
استوقفتها نورة قبل تروح : تعالي .. وين اروح انا .. هذا رجلتس جاي ..
لفت عليها شيخة .. : لا بيروح بس اكيد يبيني افتح الباب .. انتظري شوي
وبجي لتس ..
مشت بخطوات سريعة وفتحت الباب لهم .. ومن شافت وجه اخوها راكان
وهو داخل عليهم .. نست كل شي حولها الا هو ضمته لصدرها وهي ترحب
فيه : يا هلا والله بالغالي .. يا هلا فيك يا راكان الحمدلله اللي الله ردك لنا ..
ناظرهم الوليد وأشر لها انه طالع .. ماردت عليه لانها كانت مشغولة بشوفة
اخوها .. وطلع هو وسكر الباب وراه ..
راكان بعد عنها وسلم عليها : خلاص لا تقعدون تصيحون وربي ضاق خلقي
من الصياح .. خلوني افرح شوي تكفين ..
مسحت دموعها وهي تناظر فيه فرحانة : والله اني فرحانة فيك بس هالدموع
من يوقفها ..
نورة اللي كانت في الغرفة قعدت تروح وتجي بتوتر تبي بس تشوفه و تتطمن
عليه .. من سمعت صوت شيخة اللي تصوت لها راحت لهم .. وصلت للصالة
وقام لها .. فرد يدينه لها وضمته على طول .. هالمرة اللقاء طول لان العلاقة
بين هالاثنين اعمق .. كانت بالنسبة له نورة مثل امه الثانية .. اللي يشوفها بأي
وقت يحتاج لها .. واللي شالت عنه كثير من هموم عاناها قبل ..
ماعلقت شيخة او تكلمت و تركتهم على راحتهم .. تعرف وش كثر هم يحبون
بعض واكيد عانت نورة الأيام اللي راحت من عذاب الافكار عن مصيره اخوها
المجهول ..
بعدت عنه نورة وقعدت تناظر بوجهه ولمحت شيخة تجمع الدموع بعيونه ولو
حاول انه يخفيها بابتسامته : يا الله لك الحمد والشكر اللي قريت عيني بشوفة
اخوي سالم غانم .. راكان شلونك ؟
ابتسم لهم وهو يرمش بعيونه .. مايبي دموعه تنزل بهاللحظة : الحمدلله بخير
هم و انزاح .. ومابي افكر فيه ابد .. كل اللي ابيه الحين اشوفكن مستانسات
واروح افرح اهلي وجماعتي .. غير هالشي وربي مابي والله اني ودي اطير
لهم الحين .. بس ان شاء الله باتسر من نصبح بروح لهم ..
سحبت شيخة يد اختها وسألته : مع من بتروح ؟
ابتسم لها وهو يشوف شكلها شلون صارت احلى وهي عروس : معتس انتي
و رجلتس ...
نورة باعتراض : لااااا .. شلون تروحون وانا اقعد بلحالي .. ابي اروح معكم
" وبرجاء " طلبتك يا راكان ابي اشوف اهلي ..
رفع يدينه وابتسم : والله مو شغلي تفاهمي مع رجلتس انا بقعد هناك الى يوم
الجمعة وبرجع الجامعة بدت اختباراتها و لازم اشوف مستقبلي مع ان المعدل
هالترم اكيد نازل .. بس نعوضها بالجايات اذا الله احيانا ..
سكتت وهي تناظره .. كانت مركزة نظرها على شكله وحركاته والى هالحين
مو قادرة تصدق انه فعلا رجع لهم .. وكل شي انتهى .. وتمنت بداخلها يكون
هالحزن العابر آخر فصول احزانهم اللي توالت عليهم سنوات طويلة .. كانت
تتمنى يبقى قدام عيونها طول العمر وما يفترقون ابد ابتسمت وهي تناظرهم
يكلمونها السعادة واضحة على ملامحهم .. مر الوقت اسرع مما توقعت ومن
سمعت صوت آذان العشا عرفت انها بعد الصلاة بتودعهم شافت راكان وهو
قايم يتوضا واستوقفته : بعد الصلاة تعال بسرعة اخاف اروح وانا ما سلمت
عليك ..
اشر على عيونه بابتسامة : من عيوني الثنتين ..
طلع رايح للمسجد والتفتت لشيخة تكلمها : كان ودي اعلمه اني حامل بس
استحيت ..
شيخة وهي تشيل القهوة للمطبخ : وش دراتس يمكن رجلتس معلمه ..
لحقتها للمطبخ و وقفت عند الباب تسولف معاها : لا من صدزتس انتي لو
انه معلمه كان قال لي شي راكان مو معقولة يعرف وما يبارك لي " تذكرت
كلام طلال لها بأنه بيمرها بعد صلاة العشا وراحت تبي تصلي قبل " بصلي
قبل يجي طلال ..
صلت وجلست مكانها وهي حاطة يدها على قلبها وبدون شعور منها نزلت
دموعها على خدودها .. حست بعدها بيدين شيخة تربت على كتفها : زين
اطلبيه .. يمكن ما يردتس ..
رفعت راسها تطالعها وابتسمت لها : وش دراتس ان هذا اللي في بالي ..؟
جلست جنبها و بادلتها الابتسامة .. : اختي واعرف اللي بقلبتس ومن اللي
يلومتس .. و احنا عرفنا الفرح واجد عشان نفوت علينا هاللحظة .. ربتس
كريم وانا اختتس ..
سمعو ثنتينهم صوت طق على الباب وقامت شيخة على طول : راكان جا
قامت نورة بعدها تبي تتأكد انه راكان ومن سمعت صوت ضحكات شيخة ..
وصوته اللي تحبه طلعت لهم .. مسكت يده و جلست جنبه و بدا يسولف
معاهم .. ما طولت جلسة معاهم الا وهي تسمع صوت رنة جوالها حطته
على السايلنت و كملت سوالف شوي ..
بعد دقايق رجع يتصل عليها .. ناظرتهم بقهر : هذا طلال ..
راكان باستنكار : وراتس تقولينه تسذا من دون نفس ..
نورة وهي واقفة وتلبس عباتها : ودي اقعد معكم .. والله العظيم ما ودي
اروح ..
وقفت شيخة معاها شايلة لها شنطتها : هذانا عندتس بكل وقت وان شاء
الله متى ما الله قدر لنا نشوف بعضنا ..
وقفت مكانها تناظر براكان .. ما كانت تبي تروح وتتركهم ابد .. تحس ان
الدقايق اللي جلستها معاهم ابد ما كانت كافية انها تشبع الشوق اللي فيها
لهم : الله كريم بس ..
ابتسمت شيخة وهي تلف على راكان و تأشر على نورة : النوري حامل ..
فتح عيونه على اتساعها وابتسم ابتسامة فرح ..: ما شاء الله تبارك الله
الف مبروك يالنوري ..
نزلت راسها بخجل .. وهي تحط جوالها على السايلنت بعد اتصاله عليها
للمرة الثالثة : الله يبارك بعمرك عقبال ما اشوف عيالك ونفرح فيك يارب
ردد هو وشيخة بصوت عالي : يااااارب .. التفتو لبعض وضحكو .. مشى
معاها رايح للباب .. وقبل ماتطلع مسك يدها : اذا تغليني ادعي لي كل ما
طريت على بالتس ..
حست انه فيه شي بخاطره وما تكلم فيه او قاله : وش فيك ؟ عسى ما شر
همس لها بتعب .. : تراني اضحك معكم لكن ضيقتي بقلبي .. ادري اني
ماراح انسى اللي صار ابد بس ابي ارتاح من عذاب الضمير اللي متعبني
تفاجأت من كلامه اللي يقوله .. ابد ما كان يبين عليه الضيق بهاليوم ولا
حتى شافت بعيونه شعور غير الفرح : راكان هذا شي الله كاتبه .. لا انت
اللي غدرت فيه ولا هذا اللي بغيته .. قسمة الله وما منها مفر ..
سكت شوي وبعدها تكلم ..: ادري .. بس كل ماغمضت عيني شفته وهو
يضحك .. آخر ضحكة له قبل يموت للحين عجزت انساها ولا راحت من
بالي .. " نزل راسه لثواني وبعدها تكلم " نورة ..
ناظرته تبيه يكمل كلامه .. وكمل بصدق : وربي اني مستانس ان الله
اظهر الحق .. وبشوف الفرحة بعين امي و ابوي .. بس هالشي الوحيد
اللي منغص علي فرحتي .. " باسها على خدها وابتسم لها " لا يضيق
خلقتس فديتتس .. وربي ما ارتاح الا لا شكيت لتس اللي بقلبي ..
لمته في حضنها و همست له .. : ادعي له بالرحمة و تصدق عنه باللي
تقدر عليه .. عسى الله يجمعك معه بجناته يارب ..
ابتعد عنها شوي .. وابتسم وهو يناظرها .. ودعته ونزلت رايحة لطلال
اللي من اول ينتظرها ..
من اول ما ركبت السيارة و سلمت لا حظت تجاهله لها .. حست انه معصب
و اكتفت بالصمت مشى بدون ما يتكلم و تركته براحته متى ماحب انه يتكلم
راح يقول كل اللي بخاطره .. قعدت تناظر بالطريق وهي تحس بتوتر .. ودها تتكلم
بس تخاف يعصب عليها .. وهي نفسيتها مو ذاك الزود وما تتحمل بهالفترة
ضيقة خلق اكثر مما استحملت .. بنفس هالوقت .. هو كان يبيها تعتذر عن
تأخيرها اللي زاد عن حده .. او على الأقل تتكلم وتبرر له هالتأخير .. سكت
وهو يزفر بقهر .. يبيها تحس و تتكلم .. التفتت له تبي تكسر حاجز الصمت
اللي بينهم بهاللحظة و تكلمت : استانست واجد يوم شفت راكان و شيخة ..
ما رد على كلامها و اكتفى بالصمت هو يدري بنفسه لو ما قال اللي بخاطره
ماراح يرتاح ابد .. حاول انه يتكلم بأقل قدر من العصبية لانه مايبي يخرب
عليها فرحتها : عاجبك يعني لاطعتني ثلث ساعة تحت ..
تفاجأت من هالوقت كله شلون ما حست بنفسها معاهم .. لامت نفسها على
هالتأخير و تكلمت : والله ما حسيـ ..
قاطعها بهدوء : خليني اخلص كلامي ..
استسلمت لرغبته وسكتت تاركة له المجال يطلع كل اللي بقلبه : و جايتني
بعد .. ما فكرتي حتى تعتذرين على هالتأخير .. ولا ليش تعتذرين ليتك بس
حسيتي بعمرك وقلتي لي ليش هالتأخير كله ..
نزلت راسها تستمع لمعاتبه .. لأول مرة من تزوجو يزعل عليها .. لحظات
قليلة .. اللي عبر فيها عن مشاعره .. وهالمرة هي الأولى اللي تشوفه وهو
زعلان .. تركته يقول كل اللي بخاطره .. و اكتفت هي بالانصات
كان يتكلم اوقات بعصبية وشوي يهدا لأول مرة يتكلم هالكثر ويعبر عن احساسه حتى لو كان غضب
.. سكت
بعدها و مشى طريقه بدون ما يصير بينهم اي حوار يذكر .. رتبت كلامها
والتفتت له : طلال ..
ما رد عليها .. ناظرته برجاء : لا تزعل علي .. والله ما حسيت بالوقت ابد
اشر لها تسكت و تكلم بدون ما يناظرها : لا تقولين شي .. خلاص مانيب
زعلان .. انا برضى شوي من نفسي ..
ما حبت انها تتكلم معاه .. بما انه فضل الصمت افضل طريقة له للرضى
وصلو لاحد المطاعم نزل من السيارة وقال لها تنزل .. مشى معاها داخلين
لاحدى الطاولات .. من زمان ما طلعو لحالهم هالطلعات بالنسبة لها نادرة
لان اغلب وقته بشغله .. ويمكن لانه اصلا ما كان يهتم لها كثير .. ويوم
حست بحبه وقربه لها طلعت لهم مشكلة راكان اللي نستها كل الدنيا حتى
هو .. و كان تفكيرها كله في راكان وانتظار هاليوم .. ومن جلسو وهم
ساكتين .. ابتسمت في خاطرها وهي تذكر اول ايام زواجهم و كيف كان
الحوار بينهم معدوم .. وبدون شعور منها ضحكت .. التفت لها مستغرب
ضحكتها .. حط يده على خده و رفع حاجبه يناظرها : وش اللي يضحكك
ردت بعفوية .. : تذكرت اول ايام عرسنا .. ما نحتسي ابد و طول الوقت
نتكلم بالاشارة ..
ابتسم غصب عنه على كلامها : مادري شلون يمر علينا اليوم بدون سوالف
ارتاحت كثير اول ما شافت ابتسامته .. وعرفت عنه شي لأول مرة تعرفه
اذا زعل او عصب .. مجرد ما يقول اللي بخاطره يروح الزعل كله وهذا
الشي زود غلاه بقلبها .. لاحظت عليه انه يسولف معاها شوي .. ماوده
يبين لها انه نسى الزعل كله .. تغطت وهي تشوف الويتر ياخذ الطلبات ..
ومن راح من عندهم مدت يدها ومسكت يده .. كان ودها ترضيه وتبين له
وش كثر هي تغليه و تحبه .. وان هالظروف ابد ما بعدتها عنه بالعكس
زادت بغلاه في قلبها .. بعد ما شافت وش اللي سواه عشان اخوها : توبه
ماعودها مرة ثانية ..
بكل هدوء تكلم : وانا قلت ماعاد انا زعلان منك خلاص ..
نورة بدلع : مابيك تعصب وتاخذ على خاطرك مني ..
مسك وجهها بيدينه .. وركز نظره في عيونها .. : انتي بس كوني جنبي
وخليني احس انه محد بالدنيا اغلى مني بقلبك وقتها بس بكون اسعد انسان
بالدنيا ..
اتسعت ابتسامتها وهي تسمع كلامه .. : والله انك اغلى من عيوني بعد
و محد يهمني بالدنيا كثرك ..
" قربت منه اكثر وباسته على خده " والله .. حلفت لك ..
كانت مستانسة انها اخيرا حست بالسعادة بدون ماينغص حياتها شي .. ماتبي
اكثر من زوج يحبها .. واهل مرتاحين وطفل في الطريق من احب الناس
لقلبها .. بدو يتعشون و سولفت له عن راكان و كلامه اللي فضفضه لها
بالآخر وهو منصت لها كالعادة .. استغلت وناسته معاها و قررت تطلبه
يمكن ما يردها هالمرة .. : طلال ..
ناظرها بدون ما يتكلم عضت شفتها و ترددت قبل تقول له طلبها .. اشر
لها بيده يبيها تتكلم : وشو ؟
نورة بخجل : ابي اروح معاهم باتسر للديرة ..
سكت شوي .. وقبل يتكلم بدت تترجاه ..: ابي اشوف اهلي و افرح معهم
براكان .. تكفى والله اني انتظر هاليوم ..
ما يدري ليش اوقات يحس انه وده يفرحها ويلبي لها كل رغباتها ولو ان
هالرغبات احيان تكون غير اللي هو يبيه من رجعت اصلا وهو ما حس
بقربها ابد .. كانت جسد معاه من غير روح .. وابد ما لامها بالعكس كان
مقدر وضعها .. وده يقول وش كثر شوقه لها .. هالشوق اللي تجاوز كل
حدوده والى هاليوم وهو ساكت ما تكلم .. وطلبها اليوم معناه بعدها عنه من
جديد رسم ابتسامة ما كانت ابد من قلبه : بكيفك اذا تبين تروحين ماراح
امنعك ..
حست بكلامه شوي زعل و كأنه مو راضي عن روحتها : مابي اروح
وانت مو راضي علي .. اذا ما تبيني اروح قول لي لا تروحين وانا بقعد
والله ..
فتح قلبه اخيرا وتكلم معاها بصدق : تبين الجد مابيك تغيبين عني لحظة
نورة انا فقدتك والى هالحين وربي .. قلت اليوم ابي اجلس معاك لحالنا
لاني ابيك .. ابي احس اني اقضي معاك وقت يكون لنا .. مدري شلون
افهمك بس ابيك قريبة مني .. " وبهمس " والله العظيم مشتاااااق لك ..
قعدت تشرب عصيرها وهي تحس بكلامه يلامس قلبها .. هي بعد تبيه
و اشتاقت له يمكن بعد اكثر منه .. حتى حملها اللي المفروض يفرحون
فيه بشكل اكبر تحس انها ما اهدت له الفرحة اللي يستاهلها بهالمناسبة
خصوصا انه اول مولود لهم .. ناظرته وهو يكمل كلامه .. : و بنفس
الوقت مابي احرمك من هالفرحة وانا ادري وش كثر تعني لك ..
هزت راسها بالنفي : لا والله ما اروح وانت منتب راضي علي ..
ابتسم لها بحب : انا مابيك تبعدين عني .. بس مستحيل اقول لك لا ابد
يعني راضي انك تروحين صدقيني ..
حست بفرحة كبيرة وبامتنان اكبر له : والله ؟
مسك يده يحرصها : ايه والله بس انتبهي لنفسك .. ادري الحمدلله انك
الحين طيبة وكل امورك تمام .. بس بعد مابي يصير لك شي و ولدي
بعد ابي اشوفه و مابي يصير له شي لا سمح الله ..
ضحكت بدلع : وش دراك انه ولد يمكن يرزقنا الله ببنت ..
طلال وهو يناظر ساعته : اللي يجي من الله حياه الله .. اهم شي انتي
امه ..
اتسعت ابتسامتها وهي مستغربة هالكلام منه .. بالعادة اذا عبر لها او
تكلم .. شوي ويسكت بس اليوم حست انه بجد مشتاق لها او بالأصح
فرحان فيها .. كملو سوالفهم وهي مستمتعة بهاللحظات الحلوة .. اللي
اهداها لها .. وكل شوي تسأله اذا هو راضي عن روحتها للديرة ما
ودها تروح وبقلبه شي عليها .. طلعو من المطعم اثنينهم مستانسين
صار لها فترة ما كلت هالكثر .. من سالفة راكان والحمل اللي مخلي
نفسها مسدودة بس اليوم كل شي فتح نفسها للأكل و للدنيا كلها تمشو
شوي بالسيارة ورجعو بعدها للبيت واول ما وصلو عند الباب الداخلي
استوقفته : ايه صح اذا قعدنا معهم .. قول لهم اني حامل ما صارت عاد
من جيت لين الحين 5 ايام وانا معهم بنفس البيت ما فرحتهم ..
هز راسه برضى ودخل قبلها .. ودخلت وراه .. استانست انها شافتهم
مجتمعين و هذا الشي اللي كانت تبيه .. ابتسمت يوم شافت سامي جالس
جنب سما ويسولف معاها .. هالانسان من تزوجت ما شافته الا مرات
نادرة .. ويكون طالع من البيت او داخل .. سلمت على ابو طلال وام
طلال وجلست جنبها .. حاولت انها تكون بعيد شوي عن سامي بحكم
انها مو متعودة عليه حتى لو كان توه صغير ..
ناظرها ابو طلال باعجاب وهي بقمة احتشامها جالسة معاهم حتى مبين
عليها الحيا من جلستها .. انتبه طلال لنظرات ابوه لزوجته وابتسم وهو
يتكلم : يبه ..
لف عليه ابوه : سم ..
طلال بنفس ابتسامته : وش اكثر شي تمنيته لي .. ؟
ابو طلال بعد تفكير شوي .. : والله يا ولدي مابي الا اشوفك مستانس
و بأعلى المراكز .. واشوف عيالك يملون علي هالبيت ..
طلال وهو يسترق النظر لنورة .. : اجل ركز على الامنية الأخيرة ان
شاء الله كلها كم شهر و يجيك اول حفيد ..
شال النظارة وطالع بطلال فرحان : ما شاء الله تبارك الله .. الحمدلله
الاخبار الحلوة جت كلها في يوم واحد .. يالله لك الحمد يارب ..
ام طلال توها تستوعب كلامهم لفت على نورة تناظرها و كأنها تبي
تتأكد منها : حامل .. ؟
نورة كانت حاسة باحراج كبير .. وهمست لخالتها : ايه الحمدلله ..
ظهرت علامات الفرح عليهم والكل صار يبارك لهم .. نورة كانت
مستانسة انها تشوف فرحتهم على هالخبر اللي اخفته عنهم لأيام يمكن
لانها تبي تحس بفرحتهم وتفرح هي بعد معاهم .. حتى طلال حست
انها اليوم تشوف فرحته .. و كأنه توه اليوم اللي عرف بهالخبر الحلو
و رسيل اللي اليوم كان ثاني يوم لها تحس فيه انه بينهم تواصل بعد
ما تأكدت ان كل الحواجز اللي كانت بينهم قبل الغيت الى حد كبير ..
واستشعرت بهاللحظات احساس رضى غامر عن حياتها اللي تعيشها
وكلها لهفة وترقب لبكرة اللي بتروح فيه لاهلها .. بكل هالوقت كانت تستمع لنصايح ام طلال
اللي من عرفت انها حامل بدت بدور الأم وعلمتها بكل ممنوع بهالفترة .. اما ابو طلال
مانساها من وصاياه لها بالاهتمام بنفسها و تغذيتها وهو كل شوي يذكرها
بأنه اول حفيد في العائلة ..
بعد صلاة الفجر رجع هو ينام .. وطلعت هي تجهز لروحتها للديرة
يمكن ساعة بالكثير ويطلعون .. خذت لها ملابس تكفيها هالـ 4 ايام
و فتحت بعدها احد الادراج المقفلة .. خذت لها مبلغ بدون ما تعده ..
وطلعت في الصالة .. كانت تحس بحماس كبير وهي تنتظرهم وعينها
كل شوي على الجوال تنتظر اتصال من شيخة .. تعدت نص ساعة
قبل تدق عليها شيخة و تقول لها انهم جايين لها بعد حول الـ 5 دقايق
لبست عباتها وشالت شنطة يدها .. ومن قامت تبي تصوت لسوجي
اللي قالت لها تجيها .. بعد الصلاة تاخذ شنطتها .. الا وهي واقفة لها
عند الباب : سوجي خذيهن وحطيهن عند الباب .. اللي تحت عشان
اخوي بينزل يشيلهن ..
هزت راسها بإيه .. وهي شايلة الشنطة المتوسطة اللي جمعت فيها
بعض اغراضها .. وراحت نورة لغرفة نومها تبي تسلم على طلال
رغم انه من الليل قال لها انه مايبي يشوفها وهي رايحة .. ولا حتى
يبي يودعها .. ومن دخلت الغرفة شافته نايم .. قربت منه بشويش
ودنقت عليه .. باسته على خده وهمست له " احبك " .. مشت على
اطراف اصابعها وطلعت من الغرفة .. سكرت الباب و نزلت بعدها
تبي تنتظرهم تحت .. شافت ابو طلال قاعد يقرأ قرآن سلمت عليه
و قعدت قريب منه سكر المصحف وابتسم لها : قرت عينك بشوفة
اخوك .. اقولها لك مرة ثانية احسن من الجوال ..
ابتسمت بفرحة : تقر عينك بشوفة نبيك ..
حط يده على راسها و تكلم : توصلون بالسلامة ان شاء الله .. انتبهي
لنفسك يا نورة .. ولا تلتهين هناك وتنسين نفسك .. و سلمي على ابوك
واستسمحي لي منه .. ان شاء الله متى ما زانت ظروفي باوصله ..
ابتسمت وهي تقوم على صوت رنة جوالها : يبلغ ان شاء الله .. هذا هم
جو .. فمان الله ..
قام معاها وهو يحط المصحف على الطاولة ..: خليني اسلم على راكان
مشى ومشت وراه وهي ترد على شيخة .. قالت لها تقول لراكان ينزل
ومن وصلو للباب .. شافته نازل يسلم على ابو طلال .. وقفت مكانها
تناظرهم بفرحة .. رجعت التفتت للسيارة وشافت شيخة تأشر لها تجي
راحت لهم وركبت السيارة .. : السلام عليكم ..
ردو عليها السلام وعلى طول قربت منها شيخة .. دقايق وجاهم راكان
و مشو رايحين للديرة .. طول الطريق ما سكتو كانو يسولفون بكل شي
و كأنهم ما شافو بعض من زمان .. شعور فرح يراودهم ومن ينشغل
راكان مع الوليد .. تقعد تسولف مع شيخة عن حياتها و تعطيها من كل
خبراتها اللي تعلمتها بهالأشهر ..
وصلو وكانو اهلهم نايمين الا سلمان ومنيرة اللي بمدارسهم
كانت الساعة 8 و عشر .. نزلو من السيارة البنات وراكان وقعد الوليد بالسيارة ينتظر
اي وقت يقولون له ينزل .. طق الباب راكان وبعد شوي سمع صوت امه
كل شوي يقترب من الباب .. واول ما فتحته و شافت راكان قدامها ما
استوعبت شي من اللي يصير .. الجمتها الصدمة عن الكلام شوفتها له
الحين شي اجمل من خيالها كانو يمنون النفس بخبر برائته لكن ماتوقعت
انه راح يجي لهم بنفس اليوم اللي ينتظرون فيه الخبر .. حس انها تبي
تطيح من طولها .. مسكها وضمها لصدره وهو يسمعها تردد : ولدي ..
ياناس ولدي .. والله انه هو ..
حب راسها ويدها : ايه يمه انا راكان .. لا تصيحين تكفين يمه شوفيني
قدامتس مافيني الا العافية ..
حس و كأنها بتفقد وعيها لانها كانت تتكلم بكلام مو مفهوم وكل اللي
تردده هذا ولدي .. و هذا راكان .. قامو حصة و موضي وابو راكان
الكل يبي يتأكد من هاللي يسمعونه ومن شافته موضي صرخت بأعلى
صوتها : رااااااكان .. " ضمت حصة وهي تصيح .. وحاطة يدها على
فمها بعدها مو مصدقة عيونها " ياحصة راكان طلع ..
قام راكان ومسك يد شيخة يبيها تمسك امه و قام لابوه اللي من شافه
وهو قاعد يصوت له .. راح له وجلس جنبه مسك يدينه الثنتين يحبهم
وهو يناظر بعيونه اللي شاف لأول مرة بحياته دموعه فيها .. : اللهم
لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك .. ياولدي تكفى قول
لي هذا صدز انت اللي اشوفه ماهوب حلم ..
التفت وراه لخواته وامه اللي من فرحتها كانت تبكي بشكل هستيري ..
و نورة تشربها موية تهديها رجع ناظر ابوه و دموعه تنزل على خدوده
بغزارة : والله ماهوب حلم يبه .. " حب خشمه وراسه وهو يشوف دموع
ابوه اللي بللت لحيته اللي كساها الشيب مد يده ومسح له دموعه " لا يبه
تكفى ترى ما جيت الا ابي اشوف فرحتك انت وامي ..
ابتسم وهو يناظر في راكان بفرح : والله اللي رفع سبع سماوات اني ما فرحت
بحياتي كثر فرحتي بدخلتك علي هالحين " رفع يدينه للسما " يارب احفظهم
لي ولا تحرمني جمعتهم ..
التفت راكان لامه اللي قربت منه بعد ما هدت وجات تسلم عليه .. : يا بعد
عمري يا ولدي .. تعال ابي اضمك على صدري ..
تعال ابي اصدق اللي اشوفه ..
ضمته بقوة وهو يحس نفسه طفل بهاللحظة من حضن ابوه لحضن امه ..
قربو بعدها موضي وحصة يسلمون عليه وجلسو كلهم بالصالة .. بآخر
لحظة تذكر راكان الوليد اللي صار له فترة قاعد برا وقال للبنات يدخلون
الغرفة وراح هو يناديه يدخل البيت ..
قبلها بوقت قامت من نومها على اصوات في بيت عمها .. استغربت وش
اللي بيكون عندهم هالحين .. ارهفت سمعها و ركزت اكثر .. حست بعدها
بتسارع نبضها .. فزت على طول واقفة وراحت لامها تصحيها : يمه ..
يمه .. " هزتها من اكتافها " يمه راكان جا .. وربي سمعت صوته ..
رجعت تمشي في الغرفة ما تدري وين رايحة .. و ناظرت امها اللي صحت
وهي ماتدري هيا وش تقول لها .. : مدري يمه اظن اني احلم .. لا اسمعي
بيت عمي عندهم شي وانا سامعة صوت راكان .. والله صوته
قامت على طول وهو تشوف هيا اللي شوي وتنهبل من فرحتها .. واول
ما جات تطلع مع الباب شافت اللي واقف برا بسيارته .. ورجعت لداخل
البيت .. : مدري من هاللي عندهم .. هيا صدز راكان جا ..؟
قربت من امها وهي تترجاها تروح لبيت عمها : يمه تكفييييييين روحي
لهم بس شوفيه جا ولا لا ..؟ ما عليتس فيه اكيد هذا رجل نورة ولا شيخة
يمه طلبتتس ماعاد فيني صبر ..
تأكدت ام محمد وهي واقفة عند الباب يوم سمعت صوت راكان وهو يصوت
على الوليد يبيه يدخل ناظرت لبيت اختها وشافته واقف اشرت له بيدها يجيها
جا لخالته وهي ترحب وتهلي فيه فرحانة : الف مبروك وانا خالتك .. الف
مبروك اللي ربي فرجها عليك ..
حب راسها وهو مبتسم : الله يبارك بعمرك .. شلونكم عساكم طيبين ؟ " ومن
شاف دموعها ضحك .. " الله يهداكم اليوم ما قابلت احد الا قعد يصيح هذاني
قدامتس مافيني الا العافية ..
مسحت دموعها بطرف جلالها : من فرحتي فيك وربي ..
كانت واقفة عند الشباك تناظره .. تأملت كل حركاته و كلامه وضحكته اللي
ظنت بيوم انها فقدتها للأبد .. كانت متأكدة انه يدري انه هذا مكانها بكل مرة
يجي يسلم على امها .. لاحظت عيونه اللي كل شوي تتجه للشباك وكأنه يبي
يسترق لو نظرة بسيطة لها .. وقعدت هي تتأمله من بين الفتحات الصغيرة
بشباكهم الخشبي .. حست انها ودها تطير له وتعبر له عن اللي بقلبها كله ..
ودها تقول وش كثر اشتاقت له و تعبت كثير بلحظات انتظار الحكم سمعت
اسمها وابتسمت .. تحب اسمها على لسانه وهو يسأل عنها .. واتسعت اكثر
هالابتسامة وهي تسمع امها : والله انها روعتني مقومتني من عز نومي تقول
لي يمه قومي انا سامعة صوت راكان ..
حست بخجل فظيع من كلام امها اللي و لأول مرة ما تعاتبها على مشاعرها
وما تسكتها بكلمة عيب و اصبري لين يصير زوجك .. شافت ضحكته من
سمع هالطاري غضمت عيونها و كأنها تحفظ هالصورة في بالها تبيها تصبرها
على هالبعد المتعب ..
/
\
/
\
* فتوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز يرحمه الله :
الدية في الخطأ، وفي العمد، وشبه العمد كلها مائة من الإبل، في حق المسلم،
مائة من الإبل تختلف أنواعها، والقضاة يعرفون أنواعها، والذي يبتلى بشيء
من ذلك يرجع المحكمة، وتعطيه الطريق المتبع، لكنها مقدرة الآن بمائة ألف
ريال، في حق الرجل، وفي حق المرأة خمسين ألف ريال، المسلمة والمسلم،
خطأ، أو عمداً، لكن العمد فيه القصاص، وإن اصطلحوا على شيء ولو أكثر
من مائة من الإبل ولو على مليون لا حرج في العمد، أما الخطأ وشبه العمد
ففيه مائة من الإبل فقط، أو قيمتها إذا تراضوا على قيمتها، وقيمتها الآن مقدرة
عند المحاكم الشرعية بمائة ألف ريال هذا الوقت للرجل، والمرأة لها خمسون
ألف ريال، وقد يتغير الحال في المستقبل عند تغير أحوال الإبل،
* قانون الحق العام :
ينص الأمر السامي رقم 2624 في تاريخ 9-4-1372هـ على أن قاتل العمد
الذي تحكم عليه بالدية من دون قصاص يسجن خمسة أعوام , وقاتل شبه العمد
يسجن عامين ونصف العام وقاتل الخطأ المحض لا يشمله شيء من ذلك ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:55 PM
الجزء الثاني عشر
[ الفصل الثاني ]
i 1 i
/
\
/
\
{ .. علمني حبك ان استفيق كل صباحٍ بروح طفلة ..
اجرد كل الزوايا من الـ أنا .. و اجتهد في البحث عنك ..
علمني ان اخطف لك صورة لم تغب يوماً عن الذاكرة ..
و اتوق لماضٍ عتيق تقاسمنا فيه شعور الفرح و الألم ..
علمني ان استحضر اطيافك ..
فاستنشق اوجاعك .. و امرغ ذاتي في معمعة احزانك ..
لأنتمي لك و أكُن جزءٌ من كيانك .. و اسكنك كما اريد ..
في بيتهم الطيني المتواضع تجمعو اليوم بعد ان فرقتهم الأيام .. و رغم حرارة الجو
اللي لا تحتمل الا ان فرحتهم مخليتهم يستلذون بكل لحظة تجمعهم .. و في هالوقت
صدح صوت الحق معلن وقت دخول صلاة الظهر .. قامو راكان و الوليد للمسجد
القريب منهم و توجهو البنات لبيت خالتهم من اول مادخلو استقبلتهم هيا اللي كانت
تعيش بقمة سعادتها .. و بانت على ملامح وجهها تفاصيل الفرح ..
تكلمت موضي تمازحها : هناتس العقلان ..
طقتها هيا على كتفها و طنشتها سلمت على نورة و شيخة و من سلمت على خالتها
بهمس خجول : قرت عينتس يا خالتي ..
ابتسمت لها و هي تقعد و ترفع برقعها : تقر عينتس بشوفة نبيتس ..
ام محمد بعد ماسلمت على البنات .. حبت راس ام راكان : هناتس العقلان ..
ام راكان بابتسامة فرح : هناتس الخير و انا اختتس ..
جلست موضي جنب هيا و مسكتها من يدها : هااا علمني الصدز شفتيه ؟
نزلت هيا راسها بحيا من خالتها .. : لا ماشفته .. يعني و ين اشوفه فيه ..
ضحكت موضي وهي تأشر على يدها : اقص يدي كانتس ماشفتيه ..
تكلمت نورة اللي منسدحة و حاطة راسها بحجر شيخة.. : عويذ الله من سوالفتس
ياموضي .. وراتس على البنت ؟ .. اركدي ياملا الصلاح ..
موضي وهي تناظر في هيا : توسطت لتس النوري و ماقدر اردها ولا لو علي
والله ما فكتس لين تقولين احبه ..
شهقت ام راكان و حطت يدها على صدرها ..: ايا دزليلة الحيا " قربت منها و
قبصت فخذها " عوبا .. هذا طول لسانتس ..
تقوست شفايفها و مثلت الزعل عليهم : وش اني قايلة انا ؟ هذا كله لاني فرحت
بشوفة اخوي و خواتي ..
ضحكو شيخة و نورة على شكل موضي وهي تمسح على فخذها مكان القبصة ..
التفتت لهم و حبست ضحكتها : ايه اضحكن علي الحين اعرستن و الطق براسي
انا ..
تكلمت شيخة بابتسامة : يا النصابة امي عمرها ما طقتني ..
قامت نورة و سندت ظهرها على الجدار و هي تضحك : انتي ماكنتي تسوين شي
يا حليلتس .. انا والله اللي كليت الطق على اصوله ..
ضحكت ام راكان و غطت فمها بطرف شيلتها .. ناظرتها نورة و ابتسمت رجعت
تكمل كلامها : وربي يوم انا صغيرة ما يحلالي اللعب الا مع العيال واذا انطقيت
من امي قلت لشيخة تروح معي .. بس و لا مرة راحت .. " و بضحكة " الظاهر
انه محد بالديرة مايذكر نورة ..
ام راكان بابتسامة : سبحان من عقلتس .. ماجاني اشقى منتس الا هذي " و تأشر
على موضي " لا تسمع العلم و لا يفيد فيها الطق .. ما غير انا وراها بعصاتي ..
نورة وهي تناظر هيا : والله ماشفت مثل السوري .. ما خلت احد الا طقته .. و
البنات تتأمر عليهن و يسون اللي تبي ..
قاطعتها شيخة تضحك : تذكرين يوم صيتة عيت تروح معها للدكان .. و ما خلت
احد بالديرة يومها ما علمته بعيارتها ..
موضي باستفهام : بالله وش عيارة صيتة .. ؟
شيخة و هي ميتة ضحك : ام المشق ..
طقت نورة و هي تمسح دموعها من الضحك ..: مالقيتي الا موضي تعلمينها ..
هالحين تمسكها عليها ..
موضي طايحة على الأرض تضحك .. و ماسكة يد هيا اللي تبي تقومها : عز الله
ما كذبت .. يمه بطني ..
قامت ام راكان و هي كاتمة ضحكتها ..: هااا قومن صلن و خلن عنكن هالبربرة
الزايدة ..
قعدت موضي و سألت نورة : كانت تزعل على السوري يوم تقولها ..
تكلمت شيخة قبل : تزعل على من و تخلي من كل بنات و عيال الديرة ما يقولون
لها الا ام المشق ..
نورة وهي قايمة تصلي : استغفر الله قومن لا تفوتكن الصلاة " و بهمس .. " الله
يعينتس يا صيتة ..
بعد الصلاة راحت نورة لغرفة هيا تبي تنام الى صلاة العصر .. شافت هيا واقفة
عند الشباك و تناظر للخارج .. قربت منها و همست : قرت عينتس ..
التفتت لها مبتسمة : مستاااانسة يالنوري .. احس قلبي بيطير من مكانه ..
بادلتها الابتسامة و كملت بنفس الهمس : بخليتس تشوفينه من قريب بس اصبري ..
سكتت هيا .. و وقفو ثنتينهم يناظرون من الشباك .. شوي و شافو راكان جاي
من بعيد انتظرت نورة الين حسته قريب منهم و فتحت جزء بسيط منه و صوتت
له : راكان .. راكان ..
تلفت حوله يدور مصدر الصوت و من شاف يد نورة تأشر له قرب منها : سمي ..
اشرت لهيا بيدها تشوفه مع الفتحة الصغيرة اللي بطرف الشباك .. و قعدت هي
تسولف معاه .. : روح جيب سلمان من مدرسته و بعدها تعال ابيك ..
اشر على خشمه و هو مبتسم : ابشري على هالخشم " و بهمس " احد عندتس ؟
نورة تخفي ابتسامتها بعد مافهمت مغزى كلامه : لا قاعدة بلحالي .. و هن قاعدات
بالصالة ..
تكلم بلهفة : شلونها ؟
تظاهرت بالغباء و هي تشوف وجه هيا اللي تورد خجل : من هي ؟
راكان بحب واضح على نبرة صوته : من غيرها يعني اللي ملكت قلبي .. ؟ هيا
يالنوري شلونها ..
ابتسمت نورة وهي تمسك يد هيا ماتبيها تروح : مستانسة و تحس قلبها بيطير من
مكانه .. "شهقت هيا .. و ضحكت نورة بأعلى صوتها " يا حبي لها حياوية ..
ابتسم راكان غصب عنه : مالتس داعي يا نورة احرجتيها و احرجتيني ..
فتحت نورة الشباك اكثر بعد ماراحت هيا .. اللي كانت متأكدة انها واققة عند الباب
تسمعهم : لا والله ؟ تسذب علي و قول منتب مستانس ..
ضحك و هو يلوح بيده رايح : بروح اجيب سلمان ثمن اجيتس اتفاهم معتس ..
نورة بضحكة : زين علمني تحبها ؟
قرب شوي و تكلم بشوق : اموت عليها و ربي ..
ابتسمت من قلب بعد ما خنقتها العبرة : الله يخليكم لبعضكم ..
التفتت وراها و هي تشوف هيا داخلة و هي تمسح دموعها .. ضمت لصدرها بقوة
و تركتها تفرغ كل اللي بصدرها شي طبيعي احساسها بهاللحظة بعد ما حست انها
كانت ممكن تفقده والفرق بين وجوده أو عدمه كلمة وحدة بس .. اما هي ما عرفت
و ش هو بالضبط شعورها .. شوفته بهالقرب و صوته .. اهتمامه و سؤاله عنها ..
و اعترافه الصريح بحبها .. كلها بالنسبة لها اهم مقومات السعادة ..
مسحت دموعها و ناظرتها بفرحة : ياعسى عمرتس طويل وعسى الله يبارك لتس بعيالتس
ويفرح قليبتس مثل مافرحتيني ..
رفعت نورة يدينها للسماء ورددت : آمين ..
مشى بطرقات قريتهم الضيقة متأمل كل شي حوله بلحظات .. و لحظات اخرى
يغض الطرف لو صادف وحدة من بنات القرية و رغم حرارة الجو اللي لا تطاق
الا ان احساس الحرية كان طاغي عليه و لقاء اهله و احبابه له طعم خاص هالمرة ..
وصل لمدرسة سلمان و شافه جالس مع مجموعة عيال تحت وحدة من الأشجار ..
ابتسم قبل ما يقترب منه و يناديه لاحظ انشغالهم بشي و استغل هالفرصة انه يفاجأه
قبل محد ينتبه .. وأول ما اقترب منهم لحد كبير تكلم بكل هدوء : السلمي ..
سلمان اللي كان منهمك في جمع اغراضه المتناثرة رد بقل صبر : هاااه ..
سكت ينتظر من سلمان انه يلتفت عليه .. و ابتسم أول ما شاف نظراته المتفاجئة ..
سلمان اللي من شاف راكان نسى كل شي حوله وراح له ركض نزل راكان لمستواه
و ضمه بقوة و هو يناظر بالعيال اللي تجمعو حوله .. حس بجسده الصغير يرتجف
بحضنه .. قرب منه و همس في اذنه : اششش لا تصيح .. بيضحكون عليك العيال ..
ابتعد عن حضنه و هو يمسح دموعه .. و تكلم ببراءة : متى جيت ؟ انا كنت احسب
انك ماعاد بتجي خلاص ..
ضحك و هو يجمع له اغراضه متجاهل نظرات الكل له .. : حتى انا كنت اظن اني
ما عاد بشوفكم ابد ..
شاله على كتوفه و سلمان مستانس بهالشرف اللي ناله من اخوه الكبير .. و قعد يسولف
له و هو فرحان : الاستاذ يقول تعالو يوم السبت بس و عقب تبتدي العطلة صح ؟
راكان بابتسامة : ايه صح ..
بدا يمشي في ظل بيوت الديرة لين وصل لبيتهم و نزل سلمان اللي دخل لابوه يركض
و هو فرحان ..
راح بعدها يطق باب بيت خالته يبي يشوف نورة وش تبي منه .. تنحنح و هو يصوت
لها : نورة ..
بالداخل من سمعو صوته توجهت كل العيون لهيا اللي صار وجهها ألوان من الاحراج ..
قامت له نورة على طول .. و وقفت عند الباب تكلمه : هلا راكان ..
راكان وهو يغطي على عيونه بيدينه : آمري ..
سندت نفسها على الجدار وبدت تكلمه : شوف ياخوي انا ماعندي غيرك .. ولا كان
ما خليتك تشيل شي اليوم .. " ابتسمت وكملت له .. " نبي نذبح ذبيحتين ونعزم اهل
الديرة كلهم .. وبعد ابي الخيمة الكبيرة اللي يحطونها بالعروس دايم .. يحطونها قبال
البيت .. و الرياجيل افرشو لهم بالبراحة اللي قبال المسجد ..
ناظرها مبتسم : من وين بنجيب حقهن ؟ وانتي عارفة اخوتس طفران وما بجيبه ولا
ريال ..
مدت يدها ومسكت يده : ماعليك خليهم علي .. لك كل اللي كنت موزيتهم عندي لوقت
عازتهم و ماعندنا احسن من هاليوم نفرح فيه .. ابي افرح اهلي و ديرتي .. مبطين
عن الفرح وانا اختك ..
قرب منها وحب راسها : الله يحفظتس ويخليتس لعين ترجيتس .. و يفرحتس مثل
مافرحتي قلبي ..
كلمته بهمس : زين روح لبيتنا وشوف شنطتي السودا .. بتلقى فيها الفلوس خذ اللي
تكفيك .. و خلني انا بنوم شوي .. والله اني مارقدت للحين الا حول الـ 3 ساعات ..
راكان وهو ماشي : نومة العافية يارب ابشري كل شي تبينه بيصير " و بابتسامة "
و سلمي عليها ..
ضحكت وهي تدخل للبيت .. راحت بعدها للغرفة .. و انسدحت بفراش هيا .. وما
استغرقت وقت طويل حتى غطت في نوم عميق .. رغم الحر الشديد بمثل هالوقت ..
الا ان تعبها و ارهاقها مو مخليها تحس بشي بعدها بشوي جات شيخة وكملت هي
بعد نومها ..
قامت بعد صلاة العصر بصعوبة على صوت منيرة اللي تصحيها .. : منور خليني
شوي ..
منيرة وهي طالعة من الغرفة : زين بس امي قالت لي اقومتس قبل لا يذن المغرب
وانتي مابعد قمتي ..
ماسمعت كلام منيرة لانها كملت نومها على طول .. رغم كل الاصوات بالخارج
واستعداداتهم للعشا واصوات البنات بالبيت .. جاتها موضي قبل اذان المغرب بنص
ساعة تقريبا .. وجلست جنبها تصحيها : نورة " مسكتها من كتفها وهزتها " نورة
الله يهداتس قومي صلي العصر .. المغرب ماعاد الا خير والحريم كل شوي جايات
ينشدن عنتس ..
فتحت عيونها بصعوبة .. و ناظرتها : وشو ؟
موضي وهي تحاول تقعدها : قومي الحقي صلي فرضتس .. المغرب شوي ويذن
فزت قاعدة تناظرها وهي تناظر بالشباك : استغفر الله ياربي .. غربت الشمس ..؟
هزت موضي راسها بإيه و قامت نورة تتوضى وتصلي ناظرت حولها و ماشافت
احد وقفت عند الباب تناظر بالشارع شافت اهل الديرة ناصبين الخيمة و يحطون
الفرش .. تغطت وراحت لبيتهم و ماشافت الا حصة بعباتها مستعجلة تبي تطلع من
البيت .. مسكتها من يدها : تعاااالي .. وين رايحة واهلي وينهم ؟
وقفت حصة مكانها تلهث .. : الحريم قهوتهن عند ام عبيد .. ومنور معهن و هيا و
موضي راحن للدكان يقضن للعشا الليلة .. و ابوي مع الرياجيل بدكة المطوع ومعه
راكان ورجل شيخة .. " وقبل تتكلم نورة " وانا بروح لم امي بس جيت اخذ شنطة
شيخة ..
طلعت حصة من البيت و وقفت هي مكانها تناظر بكل شي حولها .. فرحتها اليوم
اكبر و اهم عندها من اي شعور ثاني .. و هالبيت اللي جمعها بأهلها طوال سنواتها
الـ 29 صار اليوم اجمل بنظرها .. و تتمنى لو كان بيدها .. و ما غادرت هالمكان
ابد رمت كل تفكير وراها ودخلت تتسبح .. طلعت بعدها تصلي المغرب على دخلة
امها و خواتها ومن بعد الصلاة بدو يجهزون قهوتهم و تعالت الاصوات بكل مكان
كلها تجهيزات لهالمناسبة .. بعد مالبسو تغطو وطلعو للخيمة الكبيرة المنصوبة امام
بيتهم وبدو يرتبون اغراضهم .. وما كان يحتاجون لتعب كبير خصوصا ان اغلب
اهل الديرة مقربين منهم كثير .. و جو معاهم من قبل صلاة العشا كل مافي هالليلة
يحكي تفاصيل الفرح .. ورغم ازعاج الاطفال بكل مكان حولهم الا ان سعادتهم ..
طاغية عليهم بهالوقت على اي مشاعر ثانية ممكن تنغص هالفرحة عليهم .. نورة
اللي كل ماقامت تشيل شي قعدتها امها ما تبيها تتعب نفسها وهي اللي ممنوعة من
انها تجهد نفسها وهيا اللي تصب قهوة وهي تحس بنظرات الكل لها و كأن قلبها
بهاللحظة كتاب مفتوح والكل يقراه .. وموضي اللي ماقصرت ابد عليها بتعليقاتها
اللي تحرجها اكثر .. بعد العشا قعدو البنات بأول الخيمة .. جنب امهم و خالتهم
التفتت نورة لشيخة مستفهمة : شيخة رجلتس بيروح ؟
ام راكان مقاطعتها : لا وين يسري بهالليول بينوم عندنا و الجمعة تتيسرون كلكم
عسى الله لا يحرمني جمعتكم ..
نطت موضي في السالفة : شلون ينوم عندنا .. و حنا وين نروح ؟
غمزت لها امها بنظرة تسكتها و تكلمت : مشعل يجي عند راكان وسلمان وانتن
تنومن ببيت خالتكن .. وشيخة تنوم مع رجلها ..
شهقت شيخة وتكلمت بحيا : لا والله يمه .. ابي انوم مع خواتي ..
موضي بتأفف : يااارب متى يصير عندنا بيت كبير .. ولو كلن يجينا ما نطلع
منه .. و يصير لي غرفة بلحالي و ارتاح من مشاخر منيرة و ترفيس سلمان كل
يوم ..
ام راكان بابتسامة : لا اعرستي ان شاء الله يصير لتس غرفة بلحالتس ..
صرفت الموضوع وصارت تسولف مع خواتها بأي شي الا هالطاري لانها ما
تبي تفكر فيه ابد انتهى عشاهم على خير وتوجهو العيال لبيت ابو راكان ينامون
فيه .. والبنات مع امهم وخالتهم في بيت ام محمد قضو ليلتهم سهر في استعادة
اجمل الذكريات اللي ابد ما غابت عن الذاكرة .. التفاصيل اللي جمعتهم سنوات
طويلة تقاسمو فيها دموعهم قبل ضحكاتهم .. و امنياتهم و احلامهم اللي حاكوها
بكل ليلة مظلمة تتالت فيها خيبات الأمل حولهم ..
طقت شيخة الجدار الفاصل بين البيتين ثواني معدودة وسمعت صوت طق على
نفس الجدار من الجهة الثانية .. ابتسمت و ناظرت في هيا .. : قلت له هيا تسلم
عليك .. و هذا هو يرد لتس السلام ..
ضحكت هيا .. و تعالت بعدها اصوات ضحكاتهم اللي تحولت لقهقهات مجنونة
في لحظات استرداد ذكريات جمعتهم فيما مضى ..
تجاهلت كل النظرات الموجهة لها وهي تقاوم احساسها اللي بداخلها شعور شابه
بالانفجار المترقب بأي لحظة يراودها .. كرهت نظراتهم وضحكاتهم وكلماتهم
اللي تسمعها .. تحس انهم متبلدين الاحساس ومحد فيهم يفهم صراعات قلبها اللي
اتعبتها لفترة طويلة .. قعدت مكانها وهي تحس ببرودة تسري بجسدها ضغطت
على يد امها بقوة وغمضت عيونها .. كانت تغمضها من فترة لفترة تبي تطرد
كل صورهم من عينها .. بنات خوالها و خالاتها وبناتهم و زوجات خوالها الكل
بالنسبة لها صور مزعجة تماما .. فتحت عينها وهي تسمع صوت زوجة خالها
اللي قربت منها : هالحين يزيد بيجي ..
فتحت عينها ورفت بتوتر ناظرتها امها و كأنها تستنجد فيها تنقذها من هالموقف
للمرة الأخيرة .. ماحست الا بيدها تقومها تبيها توقف وقفت بكل استسلام وهي
تشوف خواتها والبنات يلبسون عباياتهم ويتغطون .. اشرت لرسيل الوحيدة اللي
حاضرة من خارج العائلة تجيها .. قربت منها رسيل وهي تسكر عباتها : هلا
دانا بهمس : قولي لهم مابيه .. تكفين عشان خاطري ..
بعدت عنها شوي و ناظرتها بتعجب .. رجعت قربت من اذنها .. وكلمتها بنفس
الهمس : احد جابرك عليه ؟ " هزت دانا راسها بالنفي وكملت رسيل " خلاص
لا تطيحين وجه امك قدام خوالك كملي اللي بديتيه وبعدين اذا ماتبينه قولي لهم
ما ارتحت له ..
بعدت عنها وهي تشوف خوات يزيد جايين وهو ماشي معاهم و جلست مكانها
تناظرهم .. للحين ماعرفت وش مشاعرها كانت تتكلم عنه قبل اختطافها بلهفة
و حب حسته بكل حرف كان تطريه فيه قالت لها انها تحبه و انها تعلقت فيه
و تبيه و محد يدري الا هي و الحين ماتبيه و لاتدري وش سبب هالشعور اللي
تحس فيه صديقتها ..
اما هو كان حاس بتوترها واحتفظ بمقدار بعد كافي انه يبعث بقلبها الراحة اللي
ترتجيها ..
تنفست بعمق و هي تشوفهم يقربون له طقم الشبكة يلبسها .. و من لف وجهه
عليها حس بارتباكها الكبير كان يتأمل ملامحها اوقات لأنه مايذكر شكلها كثير ..
و أوقات ثانية يركز على انفعالاتها منه بمجرد احساسها بقربه .. لبسها الطقم
و همس لها : مبروك ..
ماقدرت تخفي انفعالاتها من قربه و تعلقت نظراتها المستنجدة بنظرات امها
المشجعة .. اطلقت زفرة راحة بمجرد ابتعاده عنها .. كانت شقتهم متوسطة
الحجم الا انها مكفيتهم بمناسبتهم العائلية .. قام هو و مدت لها امها يدها تبي
تقومها و قفت وهي تغتصب هالابتسامة اللي رسمتها على وجهها بهاللحظة ..
استجمعت قوتها و مشت معاه لغرفتهم الصغيرة اللي مجهزينها و مخصصين
لهم مكان لجلستهم ..
و من قعدت مكانها جلس هو جنبها يناظرها .. كان واضح عليها انها تصطنع
الهدوء رغم طوفان المشاعر بداخلها .. كسر حاجز الصمت و تكلم : شلونتس
دانا .. و مبروك ..
التفتت عليه و من لاحظت قربه منها توترت و بدون شعور منها بدت تفرك
يدينها .. و حتى صوت انفاسها صار مسموع .. كسر خاطره شكلها .. وهو
يشوفها تبتعد عنه .. : دانا والله حتى يدتس مابي المسه .. بس ابي اسولف معتس
شوي ..
وقفت على طول : خلاص سولفت معاي .. ابي اجلس مع صديقتي قبل لاتروح ..
ابتسم لها رغم خيبته من اسلوبها اللي كان متوقعه لكنه كان يتمنى لو تكون انفكت
العقدة .. : زين بخليتس تروحين له .. بس انتي اقعدي معاي 10 دقايق ..
قعدت بدون ماتناظره تبي الوقت يمر بسرعة و تخلص نفسها من هالمصير اللي
اقحمت نفسها فيه سكت هو و تكلم بعدها بهدوء : ادري انتس متضايقة من وجودي
لكن اوعدتس بأن كل شي يتغير ..
نزلت راسها تستمع له .. وكمل كلامه لها عن المستقبل و حياتها اللي بتعيشها معاه ..
لاحظ عليها زيادة توترها من كلامه .. و حب انه يتركها على راحتها قام و استئذنها
رايح .. اكتفت بالصمت و هي تشوفه رايح و من طلع من عندها ركضت للحمام اللي
جنب الغرفة ( تكرمون ) .. قفلت على نفسها الباب و هي تقاوم رغبتها في البكاء ..
جلستها معاه لحالهم .. و صوته .. و ريحة عطره ذكرتها بتفاصيل تكرهها بشدة ..
" هو وش ذنبه ؟ " لامت نفسها على مشاعرها اللي ماقدرت تفهمها شلون هي تبيه و
ماتبيه بنفس الوقت شعورين متناقضين .. و التعب جاوز حدود احتمالها .. حطت يدها
على صدرها و هي تحس بضيق يجتاح قلبها لدرجة انها حست انه يكتم على انفاسها
طلعت على طول و شافت نجود و رسيل بانتظارها .. بدون شعور منها صارت تدور
في الغرفة : مكتووومة .. احس اني بموت ..
قربو منها ثنتينهم و مسكو يدينها يبونها تجلس جلست معاهم و هي تلهث : وربي تعبت
من هاللي فيني ..
رسيل تحاول تهديها : ياقلبي انتي اذا ماتبينه قولي .. محد راح يجبرك عليه ..
هزت راسها بالنفي : انا كنت ابيه اول .. الحين ابي اقعد مع امي .. هي اذا تزوجو كلهم
بتقعد لحالها ..
قاطعتها نجود : و من قال لك انهم بيخلونها لحالها .. احنا تونا صغار و عادل مو
مخليها .. انتي عيشي حياتك و انسي ابوي ..
دانا بهدوء : نسيته .. بس تعبانة شوي ..
لفت رسيل يدها حول كتفها و تكلمت معاها : دانا ياقلبي انتي قلت لك كذا مرة كلنا
تجينا هالضيقة اوقات .. بس انتي اللي تستسلمين لها .. اذكري ربك .. و تعوذي من
الشيطان و قومي معانا .. خلي امك تكمل فرحتها فيك ..
ناظرت نجود و شافت بعيونها نظرة رجاء .. غمضت عيونها و هي تستجمع انفاسها
و تردد ادعية الهم و الحزن .. قامت بعدها معاهم تبي تفرح امها فيها مثل ماقالت لها
رسيل .. و رمت كل تفكير تعيشه ورا ظهرها حاليا ..
اما هو حس انه مهمته اسهل مما توقع .. هي صحيح رافضة اي وجود له حولها الا انها
كانت تسمع كلامه .. و اهم شي بالنسبة له الحين انها مو عنيدة و هذا يسهل عليه وعليها
استعادة نفسها اللي فقدتها في ظل ظروف سابقة ..
عند البنات كانت قاعدة معاهم و تسمع تعليقاتهم و تضحك معاهم نست كل مشاعر كانت
تراودها من فترة بسيطة .. و رغم اكتفائها بالصمت اغلب الأحيان الا ان ضحكتها مؤشر
جيد بالنسبة لهم .. راحت تودع رسيل عند الباب ومن شافتها بعبايتها ضمتها لها : عندي
كلااااام كثيييير ودي اقوله لك ..
رسيل وهي تسلم عليها : ان شاء نتقابل هاليومين و تقولين لي كل اللي بقلبك .. بس نامي
انتي اليوم و انسي كل شي ..
ابتسمت لها و ودعتها .. ورجعت بعدها لغرفتهم وقفت عند المراية تناظر نفسها .. سحبت
نفس عميق و هي تتذكر قربه منها و ريحة عطره للحين تشمها تسبحت و لبست بيجامتها
و راحت لغرفة امها شافتها تصلي .. تمددت بفراش امها و قعدت تتأملها .. الين غرقت
في نوم عميق بعد ماحست بارتياح من بعد يوم مرهق بالنسبة لها ..
/
\
/
\
مشت بحذر شديد و بخطوات مترقبة على اطراف اصابعها .. لمحت محمد نايم
بالصالة سكرت الباب بهدوء و رجعت تجلس على سريرها .. ردت على اتصاله
بدون ماتتكلم .. سمعت صوته الهادي يتكلم بكل خبث : اخيرا حنيتي علي يا سارة
حرام عليك كذا تسوين فيني ؟
تسارعت انفاسها و تزايدت نبضات قلبها و هي تسمع هالكلام منه .. استمرت
على صمتها و استمر هو بمحاولة استعطافها بكلماته المسمومة .. : سارة انا احبك ..
و مستعد اسوي اي شي يثبت لك اني احبك .. انتي اطلبي و لك اللي تبين ..
قاومت ضعفها و رغبتها الملحة في اختبار مشاعره .. و تكلمت بقوة استمدتها من
تفكيرها بأهلها و بمحمد اللي تحمل كل شي عشانها : حبك برص قول آمين .. يابن
الأوادم لا عاد تدق علي .. فكني من شرك ..
قاطعها على طول : ليش ماتبين تصدقيني .. ؟ وش تبين اسوي لك عشان تقتنعين
بحبي لك ..
كلامه رغم انكارها الشديد له الا انها تحس بنشوة كبيرة بمجرد سماعه .. و تعيش
بصراعات داخلية .. مابين انصياع له .. و اندفاع ورا هالحب اللي اوهمها فيه ..
و رفض لهالنوع من العلاقات اللي تدري و متأكدة بداخلها انها اكبر خطا .. و مابين
هذي الصراعات رجحت كفة عقلها و تكلمت بثبات : مابي منك الا قلعتك .. فكني
من شرك و دور غيري تحبها .. و قبل ما تسمح له يتمادى معاها بكلامه اكثر سكرت
الخط بوجهه " اووووف الله لا يبارك فيه هذا وش يبي فيني " تعوذت من الشيطان
و حطت الجوال جنبها .. ماتدري ليش تنجرف ورا مشاعرها اوقات و تفكر فيه كزوج
لها .. هذا هو اللي كانت تتمناه و تبيه اصلا ..
هزت راسها تبي تنفض هالأفكار منه .. و ناظرت جوالها اللي يأشر و ابد ما توقفت
الاتصالات رفعت جوالها و شافت 5 مكالمات لم يرد عليها و مسج .. فتحت المسج
و من قرت الكلام اللي فيه .. انشل لسانها من الصدمة .. رجعت تقراها اكثر من
مرة " ناظري مع الشباك و تشوفيني " وقفت بخوف و راحت للشباك بعدت الستارة
شوي و ناظرت للشارع اللي يفصل بين هالبيت و البيت المقابل .. لمحت سيارة سودا
كبيرة .. ومن خلال معيشتها بالرياض عرفت ان هالسيارة فخمة و شافته هو بداخلها
شاب وسيم الى حد ما و يدخن بشراهة .. تأملت شكله لفترة مو قصيرة .. كان جذاب
على الأقل بالنسبة لها .. باين عليه ولد نعمة .. وهذا كان اكبر طموحاتها واللي تمنته
بيوم من الأيام .. عينه على الجوال او بالشارع قدامه .. واول ما التفت جهة الشباك
سكرت الستارة وتراجعت للخلف شوي .. رجعت سندت ظهرها على الجدار و حطت
يدها على قلبها .. كانت تحس بخوف كبير من قربه منها لهالدرجة ارتجف جسدها
خوف و هي تتخيل هالانسان شلون قدر يوصل لها تجاهلت اتصالاته و قفلت الجوال
و على طول قامت تشغل المكيف .. و دفنت نفسها تحت لحافها وهي تدعي ربي
يبعده عنها ..
تحملت كل ارتجافات جسدها و مشاعرها اللي تهتز بمجرد مرور كلماته على قلبها ..
شي اكبر من انها تتحمله هاللي تعيشه وتسمعه .. تخاف انها تضعف له و تضيع ..
و تخاف تتركه وتضيع من يدها فرصة تمنتها من زمان و ظلت طول هالليل سجينة
دوامة افكارها اللي ما انتهت و هالاحساس اللي انهكها صار مؤرق لها بشكل كبير
و يستحوذ على قدر كبير من تفكيرها ..
قدرت تنام بصعوبة بعد ما عاشت صراعات بين العقل و القلب ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:57 PM
من الصباح بدري طلعو للمزارع وقت برودة الجو .. ولأن لهم فترة طويلة ما اجتمعو
مثل هالجمعة الحلوة .. معاهم قهوتهم و فرشتهم و قاعدين بظل شجرة كبيرة بالمزرعة ..
موضي و هي تناظر حولها .. : اشتقت لسويرة .. و ربي ما تحلى الجلسة الا لا قامت
تحارشني و اتطاق معها ياحبي لها ..
هيا بأسى : لو الله يهديها بس و ترجع للديرة و تريحنا و تريح محمد اللي متعنّي معها ..
نورة توها تتذكر شكواها من الازعاجات على جوالها : اي والله ياليتها ترجع للديرة
ينخاف عليها من هاللي ما يخافون الله .. الله يستر عليها يارب ..
موضي و هي تمد فنجان قهوة لنورة : ياليتها جاية معكم .. على الأقل احسن من شيخة
اللي طول وقتها مع رجلها ..
طقتها نورة على فخذها : توها عروس خليها تقعد مع رجلها .. وش عليتس انتي فيها
موضي وهي تمسك فخذها : ياااااربي من هالموضي اللي كلن يطقها .. وانا قلت شي
قلت ابي سارة .. ابي اسولف معها اشتقت لها و اشتقت اقوم من نومي و اشوفها قبالي
ماتفهمون انتو ..
ناظرتها هيا بحزن : لا تعورين قلبي تكفين .. محد مشتاق لها كثري .. وانا اللي كل
يوم اسولف معها قبل ما نرقد ..
موضي تغمز لها : علينا ؟ بتقنعيني الحين انتس زعلانة ولا بخاطرتس حزن .. والله ما
دام راكان بالديرة تنسين سارة و طوايف سارة كلهم ..
حصة ببراءة : تراه حولنا انا يوم جيت شفته يتمشى يعني توقعو شوي الا وهو طاب
عليكم ..
نزلت هيا برقعها على طول : نصابة ؟
حصة تستهبل : اي انصب عليتس .. وش يجيبه للمزرعة ..
و كتمت ضحكتها بداخلها لانها قايلة له ان هيا معاهم وتدري انه بيمر عليهم .. بس
خافت هيا تعرف و ترجع للبيت و ما يتهنى اخوها بشوفتها .. نورة لاحظت ابتسامة
حصة و توقعت وش اللي ممكن يصير .. خذتهم السوالف و نسو موضوع راكان ..
و بدو البنات يلعبون و نورة ساندة ظهرها على جذع الشجرة ومادة رجلينها .. ومع
السوالف ما حسو الا بصوته يتنحنح قريب منهم .. شهقت هيا متروعة : يمه .. يمه
هذا راكان ؟
ضغطت على يد نورة بقوة وهي تغطي على عيونها .. : النوري ماقدر اشوفه تكفين
قلبي ما يتحمل شوفته ..
ما حست الا وهي تسمع صوته يردد بفرح : السلام عليكم " وباستهبال " اوهـ .. احد
معكم .. اجل يالله مع السلامة ..
موضي بضحكة عالية : تعااااال ما هنا الا الحبايب .. قرب بس خلها تشوفك و تمقل
فيك زين .. " قهقهت بصوت عالي وهي تحس بطق هيا " انا قايلة ما ياكل الطق الا
انا من الصغير و الكبير .. ما بقى الا هالبزر تمد يدها علي ..
كان واقف بدون ما يناظرهم رغم لهفته الكبيرة انه يشوفها الا انه ما تعود انه يناظر
احد غير خواته .. : البزر انتي اركدي بس .. " و بعد تردد " شلونتس هيا ؟
حست بحرارة بوجهها من الاحراج .. و نورة اللي تحس مفاصلها تهشمت من قوة
ضغط هيا عليها .. ماقدرت تكتم ضحكتها .. : بالله ياخوي كم لك سنة وانت تنشدها
شلونتس و ولا عمرها ردت عليك .. تراها بخير و عافية ..
استرق نظرة لها رغم انه مو قادر يشوف منها شي الا ان وجودها يكفيه .. : عساه دوم اجل انا
بروح اكمل مشواري .. وانتو لا تأخرن على امي و خالتي ..
مشى رايح و تاركهم خلفه .. طاحت حصة على الارض ميتة ضحك : الحين مسوي
انه شايفنا بطريقه ويبي يكمل مشوراه ويرجع مع نفس دربه .. ابوووك يالتسذب ..
قامت موضي وحطت يدها على صدر هيا : طربق طربق .. طق خبيتي ماهوب قلب
هيونة والله ان الحب لاعبن فيتس لعب ..
رفعت برقعها وصارت تحرك يدينها قدام وجهها اللي صاير احمر من قوة الاحراج
و الخجل : يمه .. لا بارك الله في ابليستس يا حصيصة اجل دارية و ماتعلميني ..
حصة وهي ترقص حواجبها : حررررة .. هو قايل لي لاحد يدري .. عاد انا غبية
و طبيت بالسالفة بس الحمدلله انتس خبلة و مافهمتي علي ..
نورة وهي تضحك : حصيصة احشمي اللي اكبر منتس ..
سرحت هيا في افكارها بعد ماقدرت انها تشوفه اقرب من كل مرة تشوفه فيها وكل
مرة يزيد قلبه بحبها .. خصوصا بعد الاختبار الاخير واللي اثبت لها انها تحبه اكثر
من اي شي ثاني بدنيتها .. و انها مستعدة تتخلى عن اي شي .. بس تبقى معاه طول
عمرها .. ما كانت صريحة في مشاعرها ولا عندها الجرأة انها تتكلم عنه او تسأل
حتى بنات عمها اللي هم اقرب الناس لها .. هالحب غلفته بغلاف الخجل من زمان
و ماتقدر تعبر عن اللي بقلبها لهم .. رغم انها بأيام سجنه تفجرت كل مشاعرها ..
و ظهرت للكل حتى عمها بس الحين و بوجوده خجلها يطغى عليها وغصب عنها
تصير هالمشاعر سجينة قلبها .. تنتظر لحظة اطلاق سراحها ..
بدا الجو يحتر وقامو البنات شايلين قهوتهم و فرشتهم راجعين لبيوتهم .. و كل ما
مرو من عند بيت بابه مفتوح سلمو على اهله و مشو .. وصلو لبيتهم ودخلت نورة
لبيت خالتها تبي تنام لها شوي .. خصوصا بعد ما حست ان المشي في الشمس زود
عليها الغثيان ..
طول ما كانت جالسة معاهم في البيت وهي تدوره بعيونها .. غصب عنها تحب
كل شي مرتبط فيه كانت مشاعرها بالاول له احساس بالامان .. و احساس الاخو
الكبير و من فترة رجوعها الى هاليوم وهو بالنسبة لها فارس احلامها اللي تتمناه
و تتمنى قضاء باقي عمرها معاه .. خصوصا بعد ما تفهمت موقفه وزاد تعلقها
فيه بعد ما عرفت اجتهاده في قضيتها .. ابتسمت وهي تشوف نظرات ام متعب
لها .. و ناظرت امها بخجل .. ماتدري ليش اوقات تحس ان مشاعرها مفضوحة
وان كل اللي حولها يدرون عن حبها له .. رغم انها ما خبت هالحب عن الكل ..
وبكل براءة قالت لجوري عن مكنونات قلبها كلها .. لان هالقلب عاش الحرمان
لفترة طويلة .. و من رجعت لكل صور الماضي تعلقت فيها بشكل اكبر من اول ..
تعودو يلتقون فيهم كل يوم خميس مرة في بيت ام متعب و مرة في بيت ام خالد
و في كل اسبوع يهدي لها الوقت شوفته اللي تتمناها ..
صحت من دوامة افكارها على جية الجوري لها : قومي بسرعة بنروح باسكن
روبنز نشتري ايس كريم ..
ديما وهي قايمة معاها سحبت يدها وقالت بهدوء : مع مين بنروح ؟
الجوري بضحكة : مع مين يعني .. " وبهمس " اللي من اول تدورين عليه ..
حست بخجل كبير من كلامها وطنشتها : لا مابي اروح .. روحو انتو و جيبو
لي معاكم .. " وبعد تفكير " ولا اقول لك خلاص مابي خذو لكم انتو ..
سحبتها بعيد عنهم وتكلمت : يعني بتقنعيني الحين انك ماتبين تشوفينه ؟
طقتها ديما على كتفها : وانتي محد يعلمك سره .. بعدين مو شغلك ابي اشوفه
و لا مابي هذا شي ما يخصك ..
جوري وهي تمثل الخوف منها ..: يممممممه .. رجعت شخصية ديما الشريرة
اللي كانت على الرايحة و الجاية طايحة فيني طق لو ماسمعت كلامها ..
اطلقت ضحكة بصوت عالي وهي تحط يدها على فمها : مالت عليك .. بس بعد
مابي اروح .. وربي احراج من جدك انتي .. وش بيقول علي ؟
الجوري بلا مبلاة : عادي وش راح يقول ؟
ديما باقتناع : لا صعبة .. حتى لا هو ولد عمي ..ولا يقرب لي .. يعني بس امه
صديقة امي ..
الجوري وهي تترجاها : تكفين ديوووم .. والله ما وافق الين قلت له انتي اللي
تبين ..
شهقت متفاجأة : وانتو كل شي تحطونه براسي .. بنطلع نتمشى ولا نبي نتسمم
كله ديما اللي تبي قالو لكم ماعندي اهل يجيبون لي شي فشلتوني معاه ..
غمزت لها الجوري : خايفة على صورتك عند حبيب القلب ..
ديما بقل صبر : اووووهـ رايقة انتي ..
ومشت راجعة تجلس معاهم وطنشت الجوري اللي قعدت تترجاها تروح معاها
وهي معندة ابد ماتبي تروح وبعد محاولات و اتصالات قدرت اخيرا انها تقنع
متعب يوديها هي تروح تجيب لهم اللي يبون ..
ومن ركبت معاه جوري سألها ليش مارضت ديما تجي معاها .. و قالت له عن
اسبابها .. اعجبه جدا تفكيرها وحياها وهذا شي منطقي لانه بالنسبة لها شخص
غريب واكيد المفروض ماتروح معاه .. ضحك على تفكيره و ليش كل مايجي
للشرقية غصب عنه يروح لها حتى كلام يزيد له يوم يقول له انه يروح عشانها
وهو اللي كان يروح مرة كل اسبوعين .. و الحين كل اسبوع وهو رايح لاهله
تسائل بداخله هل هو فعلا عشانها .. رغم انها حكم عقله من الاول و شالها من
تفكيره من عرف انها مستحيلة بالنسبة له رغم انه مافي شي مستحيل على رب
العالمين .. الا ان حقد ابوها على امها هالشي يخليه مستحيل انه يوافق على اي
شخص من طرف امها وهو ماراح يتعب نفسه بأي تفكير من هالناحية .. يبي
يجمع فلوسه ويستقر ماديا واذا وصل سن الثلاثين يخطب ويتزوج .. هذا اللي
يخطط عليه من زمان وماراح يغيره ابد بمشيئة الله .. و اللي راح يتزوجها يبي
يترك المجال لامه وخواته انهم يختارون اي انسانة تناسبه ونفس المواصفات
اللي هو يبيها .. اهم شي عنده تكون اخلاقها عالية و تخاف ربها و مملوحة ..
ومايبي اكثر من هالشي .. شرو اللي يبون ورجعو للبيت .. ومن دخلت عليهم
جوري بالاكياس .. نطو كلهم ياخذون منها اللي طلبوه .. ومثل كل يوم خميس
سهرو واستانسو .. رغم انهم بالعادة يطلعون .. الا انهم اليوم فضلو قعدة البيت
واللمة ..
كانو البنات قاعدات على الأرض ويلعبون اونو .. و ام متعب و ام خالد لاهين
في سوالفهم .. وريان كل شوي لازق لديما وتقعده بحجرها .. واذا قعد يصيح
عليها تعطيه الورق هو اللي يحطهم وبكل مرة تسمع صراخ البنات عليها انها
تستعجل باللعب .. دقايق و قالت لها امها تقوم تلبس عباتها .. لانهم ماشين بعد
شوي .. لبست عباتها وقعدت جوري تحارشها عند الباب الداخلي مرة تسحب
لها طرحتها ومرة تاخذ شنطتها .. ومن مشت امها راحت هي وراها .. خذت
منها ديم تشيلها .. و خلتها هي تشيل ريان اللي نام عليهم و خالد يمشي وراهم
شبه نايم .. مشت وعيونها على الملحق تبي تشوفه مستحيل .. ماتبي تروح هاليوم
وهي مالمحته .. ماعندها قدرة انها تتحمل اسبوع كامل ابد .. حاولت انها تمشي
بخطوات بطيئة .. وفقدت الامل اول ما وصلت الباب وهو ماطلع او حتى ترك
الباب مفتوح عشان تقدر تشوفه ..
حست انها متضايقة كثير من مصيرها اليوم وقبل ما تعاتب نفسها على رفضها
تروح معاه شافته واقف عند سيارته عند الباب الخلفي .. حست بارتباك ورفعت
ديم تشيلها زين وهي تضبط عباتها شافته يوم يكلم امها من بعيد و تمنت لو انها
كانت جنبها و تلمح عيونه .. سرعت خطواتها وركبت السيارة وتغطت وشافته
و هو ينزل له اكياس من السيارة .. قعدت تتأمله الين غاب زوله نهائيا .. بعد ما
تحركو راجعين للدمام .. و طول الطريق ما احتفظت بأي شي .. من هاليوم كله
الا صورته اللي رافقتها آخر كم دقيقة .. وهالصورة تكفيها انها تعيش بسعادة ..
وصلت للبيت محتفظة ببقايا فرح و احلام و امنيات لحياة تتمنى تكون افضل من
حياتها قبل بكل فصولها ..
فقدت شهيتها بشكل كبير بالفترة الاخيرة و نقص وزنها بشكل ملفت .. واللي
قاهرها انها مالقت اي اهتمام غير بعض الاسئلة .. اللي تنتهي بمجرد ما ترد
عليهم باجابات مختصرة وكلها كذب ..
حتى وجهها زادت الهالات السودا من سهرها طول الليل وبكائها على حالها اللي
وصلت له .. كرهت نفسها وكرهت اهلها اللي وصلوها لهالمكانة اللي وصلت
لها .. صورها اللي معاه ذكرتها بصور ديما اللي احتفظت فيها تبي تهددها اذا
بيوم قالت شي عن علاقتها فيه .. واللي خافت منها راحت و التهت بدنياها وهو
اللي صار ماسك صور اكثر عليها .. اكثر جرأة واكبر فضيحة ..
اعتزلت كل اللي حولها و صارت حبيسة غرفتها حتى مروى اللي تجيها اوقات
تبي تعرف وش اللي فيها و تخفف عنها تجاهلت وجودها و طردتها اكثر من مرة
رغم انها اوقات ودها تعلمها باللي يصير معاها .. لانها ماتبيها تمشي بنفس الطريق
اللي هي مشت فيه .. ولا تبيها تتعرض للخداع اللي هي تعرضت له باسم الحب ..
اللي ما كانت تصدق بيوم من الايام انه موجود بهالصورة .. وان الانسان اللي كلمته
لساعات طويلة من ورا اهلها بآخر الليل .. واللي استغلت اوقات غفلتهم لتقضي
معاه وقتها الحميم .. هو من خدعها واستخدمها سلعة رخيصة ينقلها بين اصدقائه
بثمن مدفوع له هو .. و اي اعتراض منها يسكتها بمقطع الفيديو اللي صوره بأول
ليلة تعرضت فيها للخديعة بسببه .. و رماها في احضان شخص آخر ما يقل عنه
دناءة ..
حتى اتصالات حنين عليها تجاهلتها .. وما عاد صارت تكلمها .. لانها تدري فيها
راح تتشمت عليها .. وهي اللي من الاول كانت تقول لها لا تأتمنين الرجال .. ولا
تسلمين قلبك لاحد فيهم .. لانه محد يحبك لنفسك .. وكل واحد فيهم يحبك لارضاء
شي في نفسه ومستحيل يرضى فيك زوجة له بعد ما خانت اهلها .. ماراح يرضى
فيها لانها ممكن تخونه وتروح لغيره ..
مسحت دموعها وهي تقرا رسالته .. و قامت مكرهة لمصيرها اللي اجبرها عليه
دخلت تسبحت ولبست .. زينت وجهها بالكثير من المساحيق تخفي خلفها ضياعها
و تضفي على ملامحها لمسة فجور تليق بمقامها الآن .. لبست عباتها وتعطرت
و طلعت من غرفتها .. مشت ببيتهم طالعة .. ومحد كلف نفسه يسألها وين طالعة
نزلت دمعتها غصب عنها الحين بس تمنت لو انهم سألو عن طلعاتها و دخلاتها ..
تمنت لو كانت امها تخاف ربها فيها اكثر ومنعتها من طلعاتها لحالها مع السواق
لأماكن ماتدري هي وينها و لا عمرها كلفت نفسها تهتم فيها او تعرف بنتها وين
تروح له .. حتى ابوها اللي صب جام غضبه على ديما ماعمره طقها .. او حتى
حبسها مثل ماكان حابس ديما .. يمكن السجن بهالبيت ارحم لها من هالضياع اللي
تعيشه على الاقل ما كانت راح تحس انها رخيصة .. و سلعة يتلاعب بها صلاح
و اصدقائه على كيفهم .. راحت لاستراحتهم اللي يجتمعون فيها كل يوم .. كبتت
كل دموعها بداخلها وهي تشوف نظراتهم لها .. و هالبنات اللي معاهم ماتدري هل
مصيرهم مثل مصيرها او هم اللي اختارو هالطريق .. فصخت عباتها وهي تسمع
كلامهم لها وعبارات الغزل اللي كانت تستمتع فيها اول .. وتعتبرها اثبات لانوثتها
اليوم تحس توثيق لدنائتها ورخصها ..
كانت جالسة معاهم بدون نفس .. هالشي اللي ابد ماتقدر تجامل فيه .. طوعت لهم
جسدها رغم عنها لكن نفسها تحس بالاهانة و الاستحقار مد لها حبة تعودت تاخذها
كل يوم .. او بالاصح اجبروها تاخذها كل يوم .. بلعت الحبة وبلعت معها غصتها
كل الاوجاع تقدر تحتملها الا هالوجع .. كل شي كانت تحسه قبل على سخفه اهون
من هالاحساس .. حتى شعور الفقد المؤلم لا طرى صلاح الفراق قبل .. الحين تمنت
انها عاشت ذاك الألم ولا انها تعيش بذل و هوان حياتها الحين ..
ما تدري ليش تمنت انها تشوف ديما بس تبي تعتذر منها على اللي هي سوته رغم
انها كانت في هالامر مسيرة و ماخيرت ابد .. كانت تابعة له بكل شي يقوله .. ومن
شاف ديما بهذيك الليلة خطط هالمخطط البشع لانه كان يبي صورها عنده .. بس
منال ذبحتها الغيرة و مسحت الصور لانها ماتبيه يشوفها .. و يمكن هالغيرة هي
اللي انقذت ديما من هالذئب وصارت هي ضحيته ..
ارتاعت اول ماحست بلمسة يد على فخذها .. ناظرت جنبها و شافت واحد منهم
يقترب منها .. غمضت عيونها وهي تتجاهل نظراته .. اللي تلتهم جسدها بشراهة
" كل يوم واحد جديد .. يااااارب وش هالذل اللي انا صرت فيه "
غصب عنها ومثل كل ليلة مشت معاه تهدي له ليلة ينتشي هو فيها و تقضي هي ليلة
محملة بصور قاسية من صور الضياع .. القاها على السرير جسد فاتن يتلذذ فيه
الى ابعد الحدود و غابت هي عن الوعي بارادتها لان اي احساس بهالوقت موجع
الى ابعد الحدود .. وش اقسى من حدود احتمالها تاركة كل احساس للندم بلحظات
انعزالها وسجنها اللي غيبت نفسها فيها من فترة ..
/
\
/
\
بجلسة ما خلت من الغيبة و النميمة من الاول الى هاللحظة .. كانت هي و اختها
يقضون هالليل في اكل لحوم البشر وغيبة كل من يعرفونهم .. و النصيب الأكبر
كان لنورة اللي اثار خبر حملها الغيرة و الحسد في قلب حنين و ماخلت كلمة الا
وقالتها عنها .. ورغم ان سبب غيرتها منها معروف الا ان الحين الاسباب اكثر
من قبل ..و وضعها هي الحين يخليها تحسدها على اللي هي تعيشه مع طلال ..
تعاستها بحياتها .. و معاملة عزام القاسية معاها .. و تحكمه فيها و منعه لها من
الخروج من البيت الا لبيت اهلها .. وفوق هذا خبر حمل نور كلها زادت حجم
الغيرة بقلبها .. وصارت تعقد مقارنات عن حياتهم الثنتين .. وكيف نورة تعيش
بسعادة هي اللي المفروض كانت تعيشها ..
عدلت جلستها بعد ماراحت امها للنوم وتكلمت بقهر : فوزو لا تقهريني ترى اللي
فيني كافيني .. وهالعلة منالوووه سافهتني وماعاد صارت حتى تكلمني .. يعني
انا من اشكي له ؟ من اتكلم له وانا اعيش بتعاسة مع هالمتخلف ..
فوزية بلا مبلالة : والحين مطلعتني من بيتي بعد صلاة العشا عشان تقولين لي
هالكلمتين ؟ و خير يا طير واذا هي عاشت مبسوطة وانتي ما استانستي .. محد
جاب لك الشقى هذا اللي انتي بغيتيه .. وهذا خبزك يالرفلا كوليه ..
قربت منها حنين وهي تترجاها : انتي عارفة ليش انا مناديتك و وش اللي ابيه
منك ..
فوزية فهمت عليها و قالت باعتراض : لا فكيني من هالسوالف ترى من زمان
مارحت لها و لا لي خلق هالسوالف .. بعدين عندك زوجك عيشي معاها وراح
تستانسين و طلال ماعاد هو لك .. يعني كل واحد فيكم راح لنصيبه ..
حنين بقل صبر .. : اوووووف تكفين لا تقهريني .. انا حالفة ما اخليهم يتهنون
و هالعلة يصبحني ويمشيني بمنافخ و تهزيء ..
ناظرتها باستفهام : وش تبين بالضبط ؟
بعد تفكير تكلمت حنين : ابي مثل اللي سويتيه لزوجك .. ابيه يكرهها و يطقها
و بعد ابيه يصدق اي شي فيها يعني اذا احد اشتغل فتنة وتلفيق يصدق ويصير
يشك فيها ..
ناظرتها بعدم اقتناع : و بعدين يعني . وش تستفيدين من هذا كله ؟
حنين بحماس : تكثر بينهم المشاكل ويطلقها .. وانا اتطلق من هالغبي ويرجع
يتزوجني لانه من الاول يحبني ..
حطت يدها على جبهتها : تحسين بشي انتي ؟ مريضة ؟ فيك شي ..
تأففت حنين وقالت بقهر : فووووزو الحين اتكلم جد وانتي قاعدة تحبطيني ..؟
انتي يوم بغيتيه يرجع لك سويتيها و دخلتي العمل لبيتها وخليتيه يطلقها ويرجع
لك ..
فوزية وهي تشرب من بيالة الشاهي : هذا زوجي وهي اخذته مني .. و ماعاد
صار يجيني بسببها .. وانا ابيه يرجع لي .. بس انتي علاقتكم منتهية من زمان
وهو راح لحياته وانتي اللي اخترتي هالشي .. ليش الحين تبين تفرقين بينهم ..
حنين بدلع : لاني احبه .. وابيه يرجع لي هو اللي كان يحبني و مدلعني .. واي
شي ابيه يجيني الى عندي .. و ماعمري طلبته شي و قال لي لا .. اما هالعزام
ماشفت منه الا ضيقة الخلق وكل ما قلت له شي ما اسمع الا كلمة لا ..
استغرقت وقت طويل للتفكير وبعدها التفتت لها : زين شلون تحطينه له ؟ يعني
من بيدخل غرفتهم و يحط لهم العمل هناك ..؟ انا ولا انتي اصلا ما ندخل بيت
لطيفة الا في المناسبات .. و حدنا مجلس الحريم والصالة ما نتعداها ..
استانست انها اخيرا اقتنعت بطلبها وقالت بحماس .. : انتي ماعليك ضبطي لي
كل شي و انا ادبرها .. ارشي وحدة من الشغالات و اخليها تحطها لهم وبعدها
تقول انها تبي تسافر .. عشان مايجي يوم و تغير كلامها و تفضحنا ..
ضحكت بأعلى صوتها وهي تناظرها باعجاب : سبحان الله . مثل اختك بكل
شي ..
حنين مستغربة : انتي بعد سفرتي الشغالة ؟
فوزية بفخر : طبعا خليتها تحطه لهم بغرفتهم .. وبعدها باسبوع وهي بديرتها
وراح السر معاها ولاحد يدري عنه الى هاليوم ومستحيل احد يعرف ابد ..
حست بارتياح من هالكلام اذا فعلا هذا اللي بيصير معناها مايحتاج تخاف من
علاقتها المستقبلية مع طلال .. انه يعرف بمخططاتها وهذا يضمن لها بنظرها
انها تعيش عمرها كله معاه ..
حست بفرحة كبيرة بعد ما اتفقت هي و وفوزية على كل شي اللي وعدتها انها
راح تختار الوقت المناسب .. و منتظرة منها بعد توفير المبلغ الكبير اللي اكيد
يتطلبه مثل هالعمل ..
رجعت بعدها لبيتها تقضي يوم آخر من تمردها معاه .. ويوم آخر من معاناتها
معاه او بالأصح معاناته هو معاها .. رغم انه تعود انه يتجاهل كل تصرفاتها
و يعودها على معيشة قاسية ليعيد تربيتها من جديد .. ومن دخلت جناحهم كانت
ساكتة و ماتكلمت .. شخصيته القوية ترعبها .. غير عن شخصية طلال اللي
يكسوها الطيبة و الحنان اوقات كثيرة .. لكن عزام قسوته من نوع آخر حتى لو
شاف دموعها ما رحمها وهذا الشي اللي مخوفها منه و مخليها تستسلم له وتسمع
كلامه لانه ممكن يتغير بثواني الى وحش كاسر ممكن يدمرها و يدمر كل شي
حوله ..
رمى شماغه على الصوفا و جلس مكانه .. : حنين
كشرت من سمعت صوته وتكلمت من الغرفة : نعممممم ؟
عزام بلهجة صارمة : قصري حسك .. مليون مرة قلت لك لا تصارخين علي ..
تعالي ابيك ..
قامت واقفة وضربت برجلها على الارض من القهر ومن وصلت عنده ناظرته
باستفسار تنتظره يتكلم .. رفع عينه وشافها واقفة تناظره : شيلي الشماغ وديه
الغرفة وسوي لي شي آكله جوعان وما تعشيت ..
شالت الشماغ بدون ماتناظره .. وتمتمت بينها وبين نفسها " عساه سم هاري ان
شاء الله " علقت الشماغ و نزلت للمطبخ تشوف له شي ياكله .. فتحت الثلاجة
وطلعت لها صينية فيها شوي سخنتها له في الميكرويف و حطتها بصحن صبت
له معاها كاس موية وطلعت توديه له .. ومن وصلت نص الدرج تذكرت انها
تنوكل بخبز .. رجعت نزلت للمطبخ .. و طلعت خبز سخنته و خذتهم له ..
حطتهم عنده بدون ما تتكلم ويوم جات تروح مسك يدها : اقعدي كولي معاي ..
جلست جنبه وتكلمت بدون ما تناظره : تعشيت مع امي و فوزية ..
مد لها لقمة يبي يوكلها وهو يتكلم : شوي بس ما احب آكل لحالي ابيك تفتحين
لي نفسي ..
تسارع نبضها من كلامه وحاولت تتجاهل اسلوبه معاها تكرهه اذا صار يتكلم
معاها برومانسية .. تخاف تحبه وهي ماتبيه الحين .. و لا تبي تستمر بحياتها
معاه .. استجابت لكلامه وصارت تسولف معها لكن اسلوبها كان جاف معاه
وهالشي هو ابد مايجهله .. رغم انه للحين مايدري وش اسبابه .. الاهم انه قدر
يروضها مثل مايبي ..
كانت تتجاهل نظراته لها ماتبي تضعف له ابد .. قرب منها وبعدت عنه على
طول .. ناظرها متنرفز : وشو ؟ تراني زوجك كل ماقربت منك بعدتي عني
يعني الدعوة عندك مزاجات متى مابغيتي جيتيني ؟
تكلمت بدفاع عن نفسها : لا بس تعبانة اليوم وابي انام من اول ..
بعد عنها و ناظرها بقهر : روحي نامي محد ماسكك .. " و بصراخ " انقلعي
كشت منه و قامت واقفة .. وقبل مايقول اي شي ثاني راحت للغرفة تبي تنام
لانها مو ناقصة يعصب عليها ويخرب عليها فرحتها بمخططاتها اليوم ..
زورق الندى
22-01-2013, 09:58 PM
الجزء الثاني عشر
[ الفصل الثاني ]
i 2 i
/
\
/
\
{ .. مابين قمة السعادة .. وقمة التعاسة .. قدر .. !
و مابين عبدٌ تقيّ .. و عبدٌ شقي .. حساب .. !
و مابين الناجاح الباهر .. والفشل الذريع .. ارادة .. !
و ما بين الحب .. و اللا حب .. حفنة من اهتمام .. !
وصلت على وقت صلاة المغرب وهي تحس بآلام في بطنها قاومتها من منتصف
الطريق لانها ماتقدر تتكلم عند زوج اختها ولا قدرت تقول له انها تبي تنزل تمشي
شوي بيكون اريح لها من هالتعب .. ما استغربت انها ماشافت احد اليوم جمعة ومو
بالعادة يكونون في البيت وقت المغرب .. طلعت لجناحها غسلت وبدلت .. وصلت
المغرب .. تمددت بعدها على سريرها وهي حاطة يدها على بطنها .. وعلى طول
سحبت جوالها و اتصلت عليه ..
هو اللي كان من اول جالس بمكتبه رغم ان اليوم جمعة الا ان الفراغ و الملل خلاه
يروح يخلص اشغاله و يهتم فيها .. و طول وقته كان يفكر فيها .. يخاف يكون هذا هو
واقعهم انه بيكون شخص ثانوي بحياتهم والاهتمام الاول لاهلها .. بهالظروف ابد
ما كان يلومها بس روحتها الأخيرة حزت في خاطره .. لانها حتى ماطلبته يوديها
وقالت له بتروح معاهم .. و هالشي ابد مايقدر يتحمله يبي هو يكون محور اهتمامها
و الاول و الاخير بحياتها .. يبي تكون له بكل تفاصيلها حتى يعطيها مثل ماتعطيه
و يمكن بعد اكثر اتعبه التفكير من يوم راحت بينه وبين نفسه كان مستحيل يرفض
لها طلب ابد .. وهالشي اقل مايكون اثبات لحبها في قلبه .. لكن بيترك لها الخيار
بهالامور و بيعرف وش مكانته هو بقلبها .. ترك هالتفكير شوي ورجع لشغله اللي
ركنه على جنب .. بدا يراجع الحسابات و يدقق فيها وبوقت انهماكه في شغله رن
جواله .. تأفف من هالاتصال ولو انه كان يتمنى يكلم رياض بس مايبي يشغله عن
اهله خصوصا انه مايقصر معاه ابد .. و زوجته وعياله بحاجة انه يكون معاهم
بعد ..
ناظر بلا مبالاة في الرقم المتصل عليه .. ومن شاف اسمها اللي مسجلة بجواله فز
قلبه .. ضحك على نفسه وعلى مشاعره اللي تعشقها بجنون .. من شوي بس اللي
كان يقول انه بيزعل عليها .. بس ماقدر الا انه يبتسم من شاف اتصالها .. انتظر
الين سكرت .. ثواني ورجع اتصل هو عليها .. ومن سمع صوتها حس ان روحه
اللي فقدها بهالـ 4 ايام رجعت له .. : هلا ..
نورة بعتب بسيط : زين قول لي الحمدلله على السلامة ..
حس ان صوتها متغير : الحمدلله على السلامة ..
ردت بتعب : الله يسلمك .. شلونك ؟
طلال باهتمام : بخير .. وش فيك انتي ؟ وش فيه صوتك متغير ؟
نورة وهي تغمض عيونها : ابد مزكمة شوي .. بالديرة هناك بالليل برد و بالنهار حر
وعلى طول اثر علي .. من امس والله بس اليوم اقوى من امس .. وشوي المغص
ذابحني من نص الطريق .. بس هالحين اخف يوم ارتحت ..
طلال بنرفزة : ايه هم يقولون لك خففي من الحركة ولا تجهدين نفسك وانتي ماسكة
لي خطوط رايحة وجاية .. الحين بجيك اوديك للمستشفى تجهزي مابي اقعد ملطوع
برا ..
نورة تقاطعه : لا مايحتاج شوي و يخف بس من مشوار السيارة .. والله اني الحين
احسن .. وبعد برتاح وبيروح ان شاء الله ..
حرك القلم بين اصابعه بتوتر .. : اكيد ؟
نورة بهمس : اكيد .. بس ابي اشوفك الحين ..
تجاهل كلامها رغم انه يحس من شوقه وده يطير لها ويعبر لها عن اللي بقلبه كله
لكنه كبت مشاعره بداخله و تكلم ببرود : الحين ماقدر عندي اشغال كثيرة .. يمكن
اجيكم على العشى .. ولا اجي متأخر ..
نورة بخيبة امل : حتى اليوم الشغل بياخذك مني .. ماتقدر تأجله عشاني ؟
حاول انه مايلتفت لقلبه اللي حن لها .. يبي شوي يحسسها انه زعلان .. يمكن تفكر فيه
قبل تطلع من البيت .. و تحطه هو اول اهتماماتها : احاول اخلص بدري اهم
الاشغال اللي عندي .. وبإذن الله اصلي العشا واجيك ..
ابتسم في خاطره على كلامه اللي يقوله لها يحس انه يعذب نفسه قبل يعذبها لكن
لازم يتحمل كل شي عشان يتأكد من مشاعرها انها ماتغيرت وان هالتغيرات صارت
لظرف طاريء وراح ترجع معاه مثل اول .. سكر منها وهو حاس بحنين كبير في
قلبه لها .. مايدري شلون بيعدي هالوقت كله او حتى شلون يضيعه وهو اللي مايقدر
يفكر و يركز بشي الحين بعد ماسمع صوتها اللي اشتاق له ..
ورجع ينهمك في شغله من جديد ما صدق يسمع صوت اذاان العشا الا و قام يجمع
كل اغراضه .. شال معاه جواله وطلع من الشركة .. ركب سيارته راجع للبيت كان
الطريق زحمة وهالشي خلاه يتضايق من هالزحمة اللي تضيق الخلق .. وهو واقف
عند احدى الاشارات .. التفت يساره وشاف محل ورد .. على طول فكر يروح ياخذ
لها باقة ورد ومن اول مافتحت الاشارة لف على المحل .. طلب له تشكيلة من ورد
جوري احمر .. غلف له العامل البوكية ومده له حاسب عليه ومشى راجع للبيت
ومن وصل تذكر خواته .. بالذات سما الحين لو شافته معاه من يفكه من تعليقاتها
و نظراتها كل شوي له .. قعد يدور بالسيت الخلفي على اي كيس يحطه فيه عشان
محد ينتبه له بس ماحصل اي شي .. نزل وخلاه بالسيارة واذا تأكد انه محد في
الصالة رجع اخذه .. وبالفعل من دخل مع الباب شاف صالتهم فاضية.. رجع للسيارة
وهو يضحك اخذها وطلع لها واول ماسكر باب جناحهم سمع صوت صراخ سما
بالخارج .. " اكيد توها جاية " .. دخل لغرفتهم وشافها نايمة على السرير قرب
منها اكثر وشافها عاقدة حواجبها .. ماحب انه يصحيها رغم شوقه الكبير لها حط
البوكيه جنبها وطلع للصالة ..
اما هي كانت تحس ان نومها متعب مع الزكمة وكل شوي وهي صاحية .. قلبت
على جنبها الايسر وسمعت صوت خرفشة شي جنبها .. فتحت عيونها و تفاجأت
من شكل الورد الحلو .. قربته من خشمها وشمته .. وعلى طول قامت بكل شوق
له .. وقفت عند المراية تناظر بشكلها كان خشمها احمر وفمها مو قادرة تسكره
من الزكمة .. حتى عيونها طالع شكلها ذبلانة .. ما اهتمت لهذا كله و طلعت له
ماقدر الا انه يبتسم وهو يشوفها جايته وبايدها الورد .. وهي تقول له بفرح: هلا
والله
فتح يدينه وضمها له .. باسها على خدودها .. ومن اول ماناظرها لاحظ التغيرات
اللي على وجهها .. حط يده على راسها : اووف حرارتك مرتفعة ..
هزت راسها بالنفي : لا بس لاني نايمة بدون مكيف احتريت شوي .. " واول ما
تذكرت بعدته عنها " وخر عني مابي اعديك ..
ابتسم وهو يشوف حركاتها اللي يحبها عفوية الى ابعد الحدود وما تعرف التصنع
ابد .. جلس مكانه وجلست بعيد عنه شوي .. ناظرها بالاول وبعدها تكلم : بشري
عساك استانستي ..
تكلمت بحماس : تبي الجد ..؟ " هز راسه بإيه وكملت .. " اول يوم ايه .. من كثر
وناستي احس اني ماذقتها قبل ابد .. بس بالايام الثانية اشتقت لك .. " وبحب .. "
والله العظيم صدز كنت ابي اشوفك واجلس معك من صار اللي صار وانا احس اني
بدنيا غير .. بس من حسيت بالوناسة كنت ابيك معي عشان تكمل وناستي ..
كان وده يقوم يضمها لصدره .. على هالكلام اللي تقوله كل الهواجس اللي راودته
بددتها ببعض كلمات بس .. كان لها اكبر الاثر على قلبه .. كان وده يقول لها كثر
شوقه لها .. واحساسه اللي فاض فيه .. : عساها دوم هالوناسة يارب ..
ضمت الورد بحضنها وهي تشمه وتكلمت بضحكة.. : هو ماله ريحة ولا عشاني
مزكمة ما اشم ؟
ضحك بأعلى صوته وهو يناظرها .. : لا والله من الدلخ .. اللي داري انك مزكمة
وجايب لك ورد ..
همست له بخجل : شكرا ..
اشر لها تجي عنده : تعالي يابنت الناس لو بتعديني حلالك بس تعالي عندي الحين
قامت وجلست جنبه .. لف يدينه حول خصرها ولمها عليه دفنت وجهها بصدره
و صارت تسولف له عن كل شي صار بهالايام اللي قضتهم بالديرة ..
كان يستمع لها ويضحك عليها لانه كل ما جا بيناظرها تنزل وجهها ماتبي تنقل
له العدوى .. و استانس هو انها قدرت ببرائتها تبرر له كل شي وتطفي هالشعلة
البسيطة اللي كان ممكن تكبر و تتحول لخلاف كبير لو استمر هو على عناده وما
تكلمت هي ..
بعد ايام طويلة من تلقي العلاج كان واقف قباله يناظره .. شكله كان مختلف عن
اللي عرفوه طول عمرهم وشافوه .. وزنه نقص الى النصف تقريبا .. شهر وجهه
وراسه كلها طاح .. وجسده الحين ملقى على السرير و هالجسد منهك ومتعب من
اللي اصابه .. ومن هالعلاج اللي يزيد التعب اكثر .. قرب له كاس الموية وصار
يشربه ويبلل شفايفه المتشققه من اثر هالعلاجات المتكررة : ما قدامك الا العافية
يبه ..
بصوت منهك : الله يعافيك يابوك .. وين اخوانك ما جو ..
ناظر ساعته ورجع يكلمه : مابعد بدت الزيارة .. بعد حول الثلث ساعة ان شاء
الله .. انت ارتاح يبه الحين وهم بيجونك ..
جلس جنبه على اقرب كرسي واسند راسه للخلف .. وقعد ينتظر الوقت يمر يبي
احد يجي ويشيل هالحمل عنه .. يبيهم يتكلمون يمكن احد يحسسه انه راح يعيش
لهم عمر اطول .. يمكن يقدر يخفف من عناده و يعوضه عن كل لحظة اغضبه
فيها او زعله او حتى تمادى في مراهقته و صراخه بدون ما يحاسب انه ابوه اللي
نهي عن قول الأُف له و لأمه اللي بعد ماقصر معاها .. كان عصبي طول عمره
و هالشي يعيبه .. وهم تحملو الكثير من عصبيته و ما اشتكو .. و من تعب ابوه
و طاح عليهم استرجع كل ذكرياته معاهم .. كل لحظات تمرد .. وعصيان بحياته
فتح عيونها يناظره وهو يسبح بالعد على اصابعه رفع نظره للسماء ولسانه يلهج
بالدعاء " اللهم رب الناس .. اذهب الباس واشفِ انت الشافي لا شفاء الا شفاؤك
شفاء لا يغادر سقما ..اللهم رب الناس .. اذهب الباس واشفِ انت الشافي لا شفاء
الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما .. اللهم رب الناس اذهب الباس واشفِ انت الشافي
لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما "
سمع بعدها اصوات في المستشفى وعرف ان وقت الزيارة بدا واكيد اخوانه الحين
جايين .. وبالفعل دقايق شاف اخوانه وامه و اخته جلس يستمع لسوالفهم و كلامهم
و اتعبه منظر امه واخته اللي ما وقفت دموعهم وكل يوم وهم على هالحال .. حتى هو
يحس ان دموعه انتهت من كثر ما كان يبكي عليه .. غصب عنه تنزل هالدموع
اذا كان المبتلى ابوه .. انسحب شوي لانه ماعاد هو قادر على هالوضع كله اتعبه
منظر ابوه .. ومنظرهم هم .. و اتعبه اكثر كلام الدكاترة اللي الى هالحين ماسمع
منهم جواب يريحه ..
طلع من المبنى بكبره .. ومشى بالمساحات الخارجية .. ما كان يدري وين يروح
بالضبط كل اللي يبيه الحين انه يتنفس صح ويشم ريحة غير ريحة المعقمات اللي
ارتبطت عنده بالألم .. يبي يتحرك ويمشي ويروح يمكن تروح هالضيقة اللي فيه ..
مشى وقت طويل بدون مايحس .. واول ماحس ان رجلينه اتعبته من كثر المشي
مشى راجع للمستشفى ..
كان يمشي في الممرات اللي تقاسمت معاه الوجع كل يوم .. ويتنفس نفس الريحة
اللي ازكمت انفه الى حد كبير .. ومن وصل للغرفة ابتسم لهم و جلس بدون ما
يتكلم او يقول شي كل اللي سواه انه قرب من ابوه ومسك يده هالتواصل اليومي
بينهم .. يمكن هاللحظات تغفر له لحظات العصيان الكثيرة ..
انتظر انتهاء الزيارة ومن طلعو اشرت له امه يطلع معاها .. مشى طالع معاها
و وقفو بمكان جانبي شوي .. : يمه لا توصيني على ابوي والله انه بعيوني ولا
راح ابعد عنه دقيقة ابد ..
اشرت له بيدها بمعنى لا وتكلمت : اذا تبي ترضيه و تبيه يموت مرتاح تزوج
وحدة من بنات عمك .. هذا هو اللي يبيه من زمان و انت عاندته فيه .. ادري
ان قلبك متعلق بالبدوية .. بس رضى ابوك من رضى ربك هالمرة بس لا تكسر
بكلمته وفرح قلبه ..
حب راسها وهو يهمس : ان شاء الله خير يمه .. ان شاء الله خير ..
مسكت يده تحرصه : نايف لا تردني ولا يروح ابوك وهو زعلان عليك ..
ابتسم رغم الوجع اللي بداخله و تكلم .. : الله يطول بعمره ان شاء الله .. واللي
تبونه بسويه لا تفكرين انتي الحين .. بس خليه يرتاح اليوم تعبان ماخذ الجرعة
و مافيه حيل لشي ابد .. ان شاء الله من بكرة اذا شفته طيب قلت له ..
ضغطت على يده وهي ماشية : الله يوفقك وانا امك و ييسر لك امرك ..
ردد بداخله " آمين .. آمين يارب " رجع بعدها لابوه يفكر بكلام امه اللي قالته
له ما كان محتاج وقت للتفكير هالشي جا في باله من بداية مرض ابوه واليوم
كلام امه معاه خلاه يتخذ قراره النهائي .. الحب يروح و يجي .. لكن رضى
الوالدين مستحيل يتعوض ولو حتى بكنوز الدنيا ..
جلس جنبه ومن شاف ابتسامته اللي ترد الروح .. باسه بين عيونه ومسك يده
و تكلم : يبه ..
بلل شفايفه بلسانه وتكلم : هلا ..
نايف وهو يكبت احساس الوجع اللي يستصرخ بداخله .. : ان شاء الله اذا قمت بالسلامة
بنروح لبيت عمي راشد و نخطب وحدة من بناته .. والزواج بعده على طول ..
ابيك تفرح فيني يبه .. وابيك ترضى علي ..
ابتسم وطلعت كلماته بصعوبة : راضي عليك ياولدي .. و الله يوفقك ان شاء
الله ..
هز راسه بابتسامة اغتصبها تخفي كل آلامه .. : ان شاء الله خير يارب ..
رجع جلس على كرسيه بنفس وضعه كل يوم يده بيد ابوه غمض عيونه ورجع
لدوامته اليومية من التفكير و الدعاء لابوه بطولة العمر والشفاء العاجل من
هالمرض اللي اتعبه ..
تجمعو البنات عندها وهي تقضي آخر ليلة لها في هالبيت .. زواجها من بكرة
من الشخص اللي ارتضت فيه وتمت ملكتها منه قبل شهر و نص والى هالحين
ماعرفت عنه شي لانه ما كلمها وقت الملكة .. بس شافته بيوم ملكتهم وهالشوفة
خلتها ترتاح له الى حد كبير .. شافت سما رايحة لغرفة ملابسها و طلعت وراها
تركض : والله ماتشوفينه .. انا حالفة محد يشوفه علي الا بيوم عرسي ..
سما وهي تضحك : والله اني مادري وينه رحت اجيب فستان ميساء هي قالت
لي اجيبه ..
غطت يدها على فمها وهي تضحك : زين ارجعي انتي انا بجيبه لها .. اصلا
توني اتذكر اني مقفلتها يعني محد يقدر يدخل ويشوفه .. بس من الجنان اللي
فيني ولأني مابي احد يكسر بحلفي ..
حطت يدينها على اذونها : ازعااااااج .. خلاص روحي لا تغثيني ..
شدتها من شعرها وهي تطقها بيدها الثانية على جبهتها : وشو ؟ ماتستحين على
وجهك .. كبرك انا يوم تنافخين علي ؟
سما وهي تتأوه : أي أي حرام عليك لمو فكيني .. اتوب والله ما اعودها .. بس
فكي شعري ..
فكت شعرها وابتسمت لها : ايه خليك شاطرة ولا تحسبيني من عمرك تراني
كنت على وشك العنوسة و تزوجت قبل ما يختم علي بختمها الرسمي .. وانتي
توك بأول سنوات المراهقة اللي نسيتها من كثر السنوات اللي جات بعدهم ..
فتحت عيونها متفاجأة : تراك اكبر مني بـ 10 سنين .. بعدين من قال 25
عنوسة .. بالعكس هذا السن حلو للزواج ..
لمياء وهي رايحة لغرفة ملابسها .. : لا دخلت الـ 26 .. بعدين انا آخر وحدة
تعترف بتحديد سن للزواج بس كنت استهبل عليك ابيك تحسين بعظم ذنبك في
حقي .. خلاص روحي بجيب فستان ميسو واجيكم ..
نورة وهي منسدحة على السرير وماسكة بيدها نص ليمونة تلحسها : الحين انا
بأول الرابع صح ؟
ميساء تناظرها مستغربة : مادري انتي ماحسبتي لنفسك ؟
حاولت تتذكر اي شي بس المواقف اللي صارت لهم خلتها تحس انها عاشت
بعد فرحة حملها اشهر طويلة : لا والله بس يوم اروح المستشفى قالو لي اني
بأول الرابع ..
ميساء مستفهمة : متى ؟
نورة : قبل اسبوع ..
ضحكت رسيل وهي تناظر نورة : يعني بنص الرابع هالاسبوع ماحسبتيه ..
خبطت جبهتها بيدها : اييييه صح .. والله اني خبلة .. وانتي تضحكين علي
ماشاء الله عليتس .. ترى هالولد خلاني غبية وربي صرت انسى واجد ..
سما وهي جاية تركض : النوري بكرة زواج مين ؟
نورة بتعجب : لمياء .. ليش ؟
سما باستهبال : لا بس اسوي لك اختبار بشوف انتي تذكرين ولا ولد اخوي
نساك ..
سحبت المخدة اللي جنبها ورمتها على سما : بالله فكوني عليها هالماصلة ..
الله من شين السوالف جايتني مستانسة ..
ضحكو كلهم على شكل نورة وهي معصبة عليها .. وجاتهم لمياء شايلة لهم
فستان ميساء .. طبعا اول وحدة نطت من شافته رسيل اللي صارت تتكلم
بحماس : وااااااااو .. ميسو وش هالفستان الخيال اقسم بالله شي مو طبيعي
ابتسمت ميساء بفخر لانها تكلفت فيه كثير .. و كانت واثقة انه راح يعجبهم
وبيكون اختيار مميز لها .. : احلى من فستان زواج احمد صح ؟
رسيل باعجاب : بكثيييييييييير .. سموي شرايك ..
سما وهي تناظره متعجبة : روعة اصلا ما يحتاج اقول شي انا دايم اقولها
بكل مكان دايم التوب ون في المناسبات ميسو محد يلبس مثلها عليها ذوق
فانتاستيك ..
ابتسمت برضى عن نفسها : شكرا شكرا كيف لو تشوفون فستان لمو والله
انه خيال .. وانا طبعا شاركت في الاختيار ..
لمياء بابتسامة : وانا استغني عن استشارتك انتي الذوق كله .. " وبتوتر "
بنات والله اني خايفة .. مدري شلون بنسولف واحنا مانعرف بعضنا احس
الأيام الاولى بتكون صعبة ..
قعدت نورة وسندت ظهرها : على الاقل انتي شفتيه يوم الملكة وقعدتي معه
انا واختي لا شفناه ولا عرفناه الا بيوم العرس .. بس لا تشيلين هم السوالف
تجي مع الأيام .. انا كنت اسكت بالاول لانه هو مايسولف .. الحين من كثر
بربرتي احس انه يدعي بقلبه ترجع لو شوي من هذيك الأيام ..
جلست لمياء على طرف السرير : الحين كلكم بتنامون هنا صح ؟
وقبل ما يجاوب اي احد تكلمت نورة : لا انا بروح للبيت طلال بيمرني على
الساعة 12 ..
لمياء بقهر : طالعو هالنذل هذا وانا مكلمته .. ومترجيته و بالآخر يخطط من
وراي .. هالمرة بعذرك بس لانك حامل ..
ميساء بضحكة : لا تتفاولين على عمرك ان شاء الله مافي غير هالمرة ..
حست بغبائها وضحكو كل البنات على انتباه ميساء لهالغلطة .. و جلست هي
تسولف معاهم .. على الساعة 12 وشوي جا طلال و راحت معاه نورة ..
وقعدو باقي البنات عندها يقضون معاها آخر ليلة لها في بيت ابوها قبل ما
تنتقل من بكرة لعش الزوجية .. و بعد ما نامو البنات طلعو هي و ميساء في
الصالة تستمع لنصائحها اللي اكيد راح تستفيد منها في بداية حياتها الزوجية
و بعد ما تكلمت معاها راحت طقت الباب على ابوها كالعادة بكل ليلة تكون
فيها في هالبيت .. دخلت عنده وسلمت عليه و حبت راسه : ادعي لي ربي
يوفقني يبه ..
مسكها من يدها و جلسها جنبه : الله يوفقك ويسخر لك زوجك .. و يجعله
لك قرة عين يارب .. مثل ما وصيتك يابنتي احفظي زوجك في غيابه يحفظك
و لا تخلينه يسمع منك الا اطيب الكلام .. و كوني مثل امك .. اللي من يوم
تزوجنا الى يوم وفاتها وهي ما عصت لي كلمة ولا كدرت خاطري في يوم
نزلت دموعها على خدودها وهزت راسها برضى ..
كمل لها كلامه وهو يمسح دموعها : ولا تتضايقين اذا صارت بينكم مشاكل
بالاول مع العشرة بتختفي هالمشاكل .. ولا تصيحين ابي بكرة اشوف آخر
العنقود وهي عروس مثل القمر ..
حطت يدها على فمها وهي تسمع كلامه قربها منه وضمها على صدره وهو
يردد دعوات صادقة من قلبه لها ربي يوفقها .. كان يدري وش كثر هالبنت
طيبة والكل يحبها بس تكلم لها وقال هالنصايح لانه يعرفها مستحيل تعصي
كلمته .. بعد دقائق طويلة .. بعدت عنه ومسحت دموعها وهي مبتسمة : ان
شاء الله بتسمع عني كل شي يسرك يبه " رجعت حبت راسه ويده " تصبح
على خير يالغالي ..
بابتسامة ابوية حانية : وانتي من اهل الخير ..
طلعت من جناحه راجعة لجناحها .. شافت سريرها نايمات فيه رسيل وسما
و ميساء فارشة على الارض ونايمة .. قربت منها ونامت جنبها وهي تحس
بسعادة كبيرة ترفرف بقلبها ..
زورق الندى
22-01-2013, 10:10 PM
بليلة من احلى ليالي العمر .. باحدى قاعات القصيم .. كانت احلى عروس
ماتدري ليش انشغالات هاليوم كلها نستها كآبتها وضيقتها اللي عاشتها الفترة
الاخيرة وكل اللي تفكر فيه الحين انها تكون عروس حلوة وتبقى لها هالليلة
ذكري بكل تفاصيلها .. كانت تتمنى زواجها يكون بالرياض تبي صديقاتها
يكونون معاها .. و معارفهم هناك .. لكن ما اعترضت ابد بحكم انه خوالها
كلهم في القصيم .. ابتسمت برضى على شكلها وهي تشوف خواتها و امها
حولها كانت تشوف الكل يناظرها و الكل يرقص حولها بفرح .. رغم انها
تنتقص هالفرح على نفسها ..
انتهبت لأمها تأشر لها تقوم .. وقامت بكل خوف مشت جنبها مرتبكة وهي
تعد خطواتها وتحس نفسها كأنها تساق الى ليلة اخرى .. بصحبة رجال ما
تعرفهم ..
الحين بس حست ان كل شي صاير صار واقعي و ان كل اللي حولها فعلا
حقيقة .. وان هاللي عاشته لساعات ما كان الا ليلة عرسها على يزيد اللي
على كثر ما تمنته بلحظات مضت .. على كثر ما تمنت بعده طوال فترة
ملكتهم رغم انه ماقصر بشي معاها ابد وكان يحاول يسعدها بكل الطرق ..
و من وصلت الغرفة شافته واقف ينتظرها " يمّه بياخذني معاه " غمضت
عيونها وضحكت على نفسها عمرها ما كانت بهالسذاجة ابد .. هذا هو
مصيرها وهذا شي طبيعي بالنسبة لها هي كانت تجلس معاه حول الساعتين
و رضت بمصيرها .. ليش رجع لها هالرفض الحين .. كانت تسمع كلامه
لها وتبتسم له .. بس هالمرة فيها شي غير يوم ملكتها اليوم استعادت جزء
كبير من قوتها ولو انها مازالت سجينة ضيقتها و صدمتها النفسية .. اليوم
تدري انه هو غير اللي كانت معاهم و مع ابوها هذا ولد خالها اللي يخاف
عليها واللي رغم كل ظروفها اختارها ..
رفعت عينها و ناظرته مبتسمة .. حست برضى كبير عليه .. و تمنت بس
انها تقدر تقول له شي واحد بخاطرها مشو رايحين للفندق و طول الطريق
وهي تقاوم توترها .. تحاول تقنع نفسها انها مشاعر اي عروس غيرها مو
بس هي اللي تعيشه " انا مانيب مجنونة والله كلهم يخافون مثلي " زفرت
بتعب والتفت لها .. حس انها من الاول ما كانت معاه .. ولا درت هو وش
كان يقول لها ..
تجاهل كل شي لانه يدري باحساسها و نزلو للفندق .. حست بحرارة في
جسدها كله وجسمها يعرق من هالموقف اللي هي فيه بدت نبضات قلبها
تتسارع .. وتحس نفسها راح يغمى عليه مسكت يده وثبتت نفسها لا تطيح
مشى معاها و دخلها الجناح جلست وغمضت عيونها و كأنها تبي ترجع
تستجمع قوتها اللي تناثرت طول الطريق بعد ما اجتهدت طول فترة الملكة
بتجميعها ..
وهو كان يحس بكل شي هي تحسه حتى صراعاتها الحين فاهمها شعور
طبيعي اللي بداخلها لانسانة تعرضت لنفس ظروفها .. تكلم من مكانه يبي
يبث الطمأنينة بقلبها : دانا وربي انا ابيتس ترتاحين .. ولا تشيلين هم شي
روحي بدلي و اذا تبين تنومين ميخالف ..
رفعت عينها و ناظرته .. كانت تحس بامتنان كبير له لانه اختصر عليها
كل اللي كانت بتقوله بس بعد بقى شي بخاطرها بس ماتدري شلون تتكلم
فيه ولا تدري شلون تعبر : يزيد انا محتاجة وقت طويل عشان " نزلت
راسها بخجل ماتدري وش الكلام المناسب الحين " اممم
قرب منها و تكلم : فاهم كل اللي بخاطرتس .. قلت لتس لا تشيلين هم ابد
وصدقيني انا بعد ابيتس ترجعين مثل اول .. " ابتسم لها بحب " زين ؟
هزت راسها برضى و قامت .. راحت للغرفة وسكرت عليها الباب وعلى
طول فتحت الشباك تستنشق اكبر قدر من الهوا .. تعودت بمثل هالمواقف
المربكة تحس بكتمة و انعدام التنفس وبدت تتنفس بسرعة رجعت تسحب
لها نفس عميق .. و زفرته بهدوء ..
رغم انها للحين ما تخلصت من ترسبات ماضيها .. الا انها تشوف فترة
الشهرين بالنسبة لها شوط كبير في استعادة ذاتها و الفضل بعد الله .. له هو
اللي تفهّم كل شي صار لها .. و حاول يقنعها ان علاجها يبدأ من نفسها
دخلت تتسبح وطلعت انسانة ثانية .. مملوءة بأمل ظنت انها فقدته للأبد
لبست لها بيجاما ساتان .. ولبست عباتها وقامت تصلي .. كذا عودتها
امها .. انها كل ما تقربت الى الله بصالح الاعمال و قيام الليل و الدعاء
كانت الاقرب بإذن الله للسعادة والطمأنينة والراحة .. وهذا كل اللي كانت
تحتاجة في لحظات استعادة الذات ..
زورق الندى
22-01-2013, 10:14 PM
الجزء الثاني عشر
[ الفصل الثاني ]
i 3 i
/
\
/
\
كل الاحداث بهالجزئية صارت بنفس اليوم وراح
تغير مجرى حياة بعض من شخصيات القصة ..
حمل اوراقه مستعجل وطلع من المكتب اليوم لأول مرة بحياته يتخذ قرار غير
قراراته اللي تعود عليها .. و اللي اكتسب منها سمعته اللي صارت بكل مكان
خلت منه انسان مشهور و مطلب لكل من عندهم قضايا مهمة وينتظرون الحسم
فيها .. ابتسم وهو يشوف اتصال من ام خالد .. تجاهل اتصالها
وتوجه لقاعة
المحكمة .. اللي فكر فيه و يخطط له اكبر من قضية حق .. باحتضان ام لبنتها ..
اتصل على سكرتيره يستعجله يجيه للمحكمة في باله تفاصيل معينة راح يطبقها
بهاليوم .. ومن اول ما رد عليه تكلم : لا تقول توك صاحي ؟
بصوت مرتبك : والله راحت علي نومة .. الحين جاي ..
بعصبية مفرطة ما تظهر عليه الا في حالات نادرة و مهمة بحياته : و هذا وقت
نوم .. انا قايم من الصباح اراجع ملف القضية وانت ساحبها نومة ..
جاه صوته متوتر .. و نص الحروف مايسمعها اكيد انه يتحرك الحين وهو يكلمه
يبي يستغل الوقت : ان شاء الله كلها 10 دقايق وانا عندك .. والاوراق اللي عندي
مخلصهم من امس و كل شي فيها تمام ..
بعصبية اقل من قبل : زين اخلص علي الحين انا في الطريق ومابي اقعد انتظرك
بعد ماسكر منه لام نفسه هو بعد توه يتصل عليه .. رغم ان قراره اليوم لا يحتمل
التأخير ابد .. اجمل مافي هالتوقيت ان الشوارع زحمتها اخف من الصباح بدري
او الظهر وقت انتهاء الدوامات .. وهالشي سهل له وصوله للمحكمة .. قبل موعد
الجلسة وهذا هو دايم بعادته يجي قبل موعد الجلسة بوقت كافي حتى يمنح لنفسه
فرصة ان يستجمع كل افكاره حتى يضمن نجاحه .. وكسب القضية لصالح موكله
مسك جواله و اتصل على ابو طارق بهالوقت ومن اول مارد عليه بادره بالسلام
جاه صوته يرد السلام وبلهفة : هاااه بشر عسى امورك على خبرنا ..؟
ضحك ضحكة هادية و تكلم بثقة : الامور مثل ماتبي و تسرك بعد اهم شي على
اتفاقنا لو تسرب اي خبر راح اكمل القضية و اكيد راح اكسبها مثل كل القضايا
اللي مسكتها في حياتي ..
ابو طارق بحماس : لاااا ابد محد داري ولا يعرف عن هالموضوع الا انا ومعاي
السكرتير و هذا مستحيل يتكلم لاني موقعه على معاملات كلها رشوة و اختلاس
المحامي سليمان برضى : زين .. يعني شغلنا في السليم .. وان شاء الله كل شي
خططنا له يصير مثل مانبي ..
قاطعه مستفسر : انا جاي في الطريق الحين .. بس ابي اعرف متى انسحابك ؟
اليوم يعني ..
رد عليه بثقة : ايه قبل ما تبدا الجلسة بالضبط راح اتكلم عن انسحابي لاسباب
بعض الخروقات في القضية و الاوراق جايبها سكرتيري الحين بالطريق ومثل
ما ا تفقنا الشيك الثاني استلمه اليوم .. قبل ما اعلن الانسحاب ..
ابو طارق بضحكة عالية : دقايق وهو في يدك ..
رد عليه بفرح : هذا اهم شي انت كريم وانا استاهل .. ايه صح .. و المحامي
اللي انت موكله لو حسيت انه عارف شي .. او حتى فاهم تلميح منك راح اقلب
الخطة على طول ..
قاطعه بنفي : قلت لك مايعرف الا انا وسكرتيري و هالمحامي اعينه في حالات
مستعجلة يعني مو محامي الشركة الخاص .. لاني ضمنت القضية بجيبي ومابي
اخسر اكثر عليها ..
تكلم وهو يأشر لسكرتيره اللي جاي يركض فرحان انه ما تأخر : اوكي الجلسة
راح تبدا بعد 7 دقايق لا تتأخر ..
سكر منه واخذ منه كل الاوراق اللي بيده و تكلم وهو مبتسم : ربي ستر عليك
كم كنت ماشي ؟
السكرتير بضحكة .. : خلها مستورة بس اخاف تمسك علي قضية .. اهم شي
نخلص من هالقضية ونرتاح والله انها موترتني ولاعبة في اعصابي ..
جلس يقلب بالاوراق بحرص وتكلم معاه بدون مايطالعه : اجل وش اقول انا
بتتيسر امورنا بما اننا راح ننهي القضية من اول و نحسم الجلسة وهذا الاهم ..
استمرو بنقاشاتهم قبل مايروح سكرتير المحامي ويتلقى ثاني شيك لضمان سير
القضية لصالح ابو طارق بعد ماتم تفنيد كل تقارير المستشفيات كتقارير غير
صحيحة .. وهالشي عشان يضمن ابو طارق الفوز بالقضية بدون الخوف من
الاستئناف ..
بعد دقائق اكتمل العدد في القاعة واحصر كل محامي اوراقه .. وبدت تفاصيل
القضية قبل مايسمح لمحامي الادعاء والدفاع بالكلام ..
كان يسمع تفاصيل القضية وللحظة بس تذكر اتصالات ام خالد عليه من بدري
واللي نسيها في زحمة اتصالات كان يشوف انها أهم بالنسبة له .. سمع اسمه
يتردد وحس بارتباك فظيع يحسه لأول مرة بحياته ناظر في ابو طارق وحاول
تكون ملامحه جامدة حتى مايشك احد بأي صلة تربط بين هالاثنين .. تقدم بكل
ثقة وتكلم : السلام عليكم .." وبعد ماسمع رد الكلام تكلم .. " قبل ما ادخل في
حيثيثات القضية اليوم معاي اوراق تثبت تعدي ..و خروقات مهمة و هالاوراق
تنهي هالقضية من اولها .. بدون الدخول ..في معمعة الاسئلة والأجوبة .. اللي
ماتنتهي واللي ممكن تمتد لساعات طويلة ..
هز القاضي راسه برضى وتكلم : لو تتكرم وتعطيني الاوراق والثبوتات ..
قام من مكانه .. يحمل الملف اللي يحمل جميع الثبوتات اللي تهيء له انسحابه
من بداية القضية بعد ما يقدمها للقاضي .. تكلم بابتسامة : تفضل .. هذي كل
الأوراق المطلوبة باثباتاتها نسخ اصلية غير منسوخة او مزورة ..
فتش القاضي كل الاوراق وبدا يتصفحها يمكن بهاللحظة يلقى تبرير لانسحاب
محامي يعتبر الافضل و الاقوى اشر للي جنبه يقرأ الأوراق امام الجميع حتى
يتم بعدها اصدار الحكم المناسب ..
قامت من نومها بهالغرفة المقيتة واللي تحمل لها صورة من ابشع الصور اللي
تتكرر عليها كل يوم .. ماعاد صار يهمها شي خلاص .. لا امها تسأل عنها
ولا حتى تدري هي وينها فيه .. وطول هالوقت اكيد تظن انها نايمة بغرفتها
وابوها انشغل بقضية ديما و ماعاد صار يهمه شي الا انه يكسبها بكل الطرق
الممكنة ..
استغلت انه محد موجود عندها وقامت بسرعة قفلت الباب عليها اليوم قررت
قرار مصيري بحياتها .. و ماراح تتنازل عنه ابد .. و هالقرار راح يغير لها
حياتها للأبد .. لكن قبل ماتنفذه .. كان تحمل بداخلها رغبة ملحة الى ابعد حد
مسكت جوالها وبيدين مرتجفة اتصلت على ميساء .. تدري ان علاقتها فيها
سيئة جدا وكل وحدة فيهم تكره الثانية لكن الحين هي تبيها ضروري وماراح
تقدر تلاقي جواب لتساؤلها الا عند ميساء جاها ردها المقتضب على اتصالها
مافكرت بشي ابد تدري انها هي وامها وخالتها زرعو من زمان وهي الحين
وحدها اللي تجني محصول هالحقد الدفين اللي استمر لسنوات طويلة .. : هلا ..
" وبعد تردد " ميساء انسي كل شي بيننا و كل كلام صار و انقال بس ابي
اطلب منك طلب الحين ومابيك ترديني ..
استغربت لهجتها ونبرة صوتها الكسيرة اللي ما اعتادتها ابد من بنت مغرورة
مثل منال .. : وشو ؟
منال وهي تبلع غصتها : ابي رقم ديما عندي شي ضروري بقوله لها اليوم
يمكن ماعاد اقدر اكلمها بعدها ابد " وبرجاء " تكفييييين ..
اذهلها الكلام اللي سمعته و الجمتها الصدمة .. منال تطلب رقم ديما هذا اول
شي مستحيل .. وانها تترجى احد .. وهي اللي تعودت تجيب الدنيا كلها بين
يدينها متى مابغت هذا شي مستحيل بعد .. بس كلمتها انها يمكن ماعاد تقدر
تكلمها ابد اثارت فضولها : وش صاير ؟
قاطعتها برجاء : ميساء تكفين ماعندي وقت ابيه ضروري .. وانتي راح
تعرفين كل شي بعدين ..
استسلمت لرغبتها .. خصوصا بعد ماحست .. انها شوي وتصيح
من نبرة
صوتها : زين قفلي وانا برسله لك الحين ..
قفلت على طول و انتظرت الرسالة بلهفه شوي ورن جوالها بنغمة رسالة
فتحت وعلى طول دقت الرقم و اتصلت " اليوم الجلسة يعني اكيد صاحية
يارب تكون صاحية " سمعت صوت غريب مو صوت ديما ابد : ديما ..؟
ردت بكل هدوء : لا أمها .. مين معاي ؟
ما كانت تبي تقول لها منال .. هالاسم بحد ذاته .. يحمل سجل اجرام كبير
بحياة ديما متأكدة هي انه وصل لها بكل التفاصيل : انا صديقتها بالجامعة
ابيها ضروري تكفين ..
ارتاحت وهي تسمع ام خالد تنادي على ديما .. تجي ترد على جوالها ومن
سمعت صوت ديما خنقتها عبرتها صحى ضميرها لكن للأسف كان متأخر
جدا بعد ما دُنّس شرفها و حملت لقب مطلقة قبل ماتدخل الى عش الزوجية
ومعرضة للادمان بفعل هالشلة الفاسدة اللي تلتقيهم غصب عنها : ديما ..
انا منال ..
استغربت الاسم .. ماتذكر انه كان عندها صديقة اسمها منال ابد .. : منال
مين ؟
تكلمت بتردد : منال اختك ..
صعقت ديما مكانها .. اي شي بالدنيا تخيلته الا هالاتصال .. توقعت انهم
كلهم ممكن يكلمونها بيوم الا منال الوحيدة من خواتها اللي ماكان عندها شك
حتى لو 1% انها تتصل عليها .. ماعرفت وش تقول او حتى وش تتكلم
و لا عرفت وش ترد عليها لأنها ماتدري وش سبب هالاتصال .. الاكيد
بنظرها انه يحمل لها تهديد جديد .. لفضيحة من نوع آخر ..
انتظرتها منال ترد او تتكلم واول ما حست انها تأخرت بالرد تكلمت هي
على طول : ديما انا ابي اتكلم وانتي اسمعيني للآخر .. مابي تردين علي
الحين لا خلصت كل كلامي قولي لي اللي بخاطرك " انتظرت بعد انها
ترد او تتكلم لكن ماسمعت منها اي جواب " ديما انتي معاي ؟
ديما بهمس : هلا
تكلمت منال و فتحت قلبها لها : ديما انا ما جيت ابرر لك كل شي صار
بحياتي لأني اتحمل الخطا كله بس لا تلوميني لان امي ارضعتنا كرهك
و كره امك و ماعرفت احبك ابد " الصدمة الجمت ديما عن اللي تسمعه
وماقدرت ابد تصدق ان هاللي تكلمها هي نفسها منال اللي ذوقتها الويل
اكثر حتى من امها " والله العظيم مابي منك الا انك تسامحيني لاني كنت
ظالمة بحياتي .. وانتي اللي تحملتي ظلمي كله .. بس ابيك تعرفين شي
واحد .. صورك اللي صورتها لك ماكنت ابي اهددك فيهم لأني كنت ابي
" وبحرقة " صلاح يخطبني و مستحيل اخلي اهلي يشوفونه معاك بس
هو اللي قال لي صوريها و هدديها ويوم طلبها مني حذفتهم لاني غرت
منك بوقتها .. واليوم عرفت ليش كان يبيها ديما صلاح خلا مني بنت
ليل و طلقني .. والحين كل صوري عنده كل يوم يجبرني انه يصورني
و انا مابيدي حيلة عشان ارده .. وكل ماجلست اتصور تذكرتك وتمنيت
من قلب انك تسامحيني .. لانك ما عاد راح تسمعين صوتي بعد هاليوم
ابد ..
نزلت دموعها وهي تسمع اللي انقال لها .. ما كان قلبها اسود حتى انها
تتشمت فيها في اضعف صورة وصلت لها .. نست كل شي ومافكرت
الا بالفضيحة اللي بتصير لاختها .. كانت تبي تتكلم تبي تقول شي بس
ضاع منها الحكي .. وكل الحروف اللي استنجدت فيها بهاللحظة تمردت
عليها ..
تكلمت منال بصوت مخنوق و كسير ..: ديما مابي منك الا كلمة وحدة
تكفين .. بس قولي انك مسامحتني ..
ديما بصوت مرتجف ومثقل بالوجع : مسامحتك وربي .. سمعت بعدها
صوت شهقاتها اللي اوجعتها ابد ما كانت متخيلة انها راح تسمع منال
بيوم بهذا الضعف .. و ماعاد سمعت شي بعد ماسكرت منال الخط ..
اما هي قامت وتسبحت ولبست .. فتحت الدرج .. و تناولت حبتين من
الحبوب اللي كل يوم تاخذهم .. وطلعت للصالة شافتهم جالسين وبعضهم
مازالو مواصلين راحت للمطبخ .. و صبت لها كاس عصير ورجعت
وقفت مكانها تناظرهم و الكل يرحب فيها بطريقته اللي تثير اشمئزازها
بشكل كبير ابتسمت لهم .. و غمضت عيونها لثواني .. وفي لمح البصر
و امام الكل صار اللي ابد محد توقعه و وقف الكل مذهول بهاللحظة ..
ثواني .. و تعالت اصوات الصرخات بكل مكان وتحولت هالاستراحة
اللي يقضون فيها كل يوم من ايام فجورهم و استمتاعهم على المعاصي
الى شي ابد ما كانو يتصورونه ..
كانت بغرفتها تقضي يومها كعادتها كل صباح بمكالماتها اللي ما تنتهي
وبلحظات البحث عن المفقود عند من لا يملكون الا الكلام المعسول ..
كانت تسولف وصوت ضحكاتها تنسمع بكل الجناح .. لكن هذا كله ابد
ما همها .. لأن هالوقت محد بهالجناح غيرها ..زوجها و بدوامه وهي
تستغل كل فرصة يكون بعيد عنها وتفتح جوالها الثاني و تستقبل كل
المكالمات اللي تقضي فيها اوقات وناستها ..
و اللي زادها اليوم سعادة خبر اكتمال مخططها و ماعليها الحين الا انها
تنفذه بس .. السحر وصار جاهز بس تروح تدفع المبلغ المطلوب وتقدر
بعدها تاخذه وتدمر حياة الاثنين اللي تشوف انهم سبب تعاستها بهالدينا
رمت جوالها على السرير .. ورفعت صوت الاغاني وصارت ترقص
بجنون و فرحة بحياتها ما حست فيها .. راح تتلذذ من اليوم ورايح بكل
الاخبار اللي تسعدها بعد ما كانت تنقهر كل ما تكلمت امها عن طلال
وزوجته ..
قصرت الصوت شوي .. وهي تسمع صوت ذبذبات الجوال .. في جهاز
الاستيريو ونطت لسريرها ماسكة الجوال شافت المتصل وكشرت بقرف
نعمت صوتها شوي وتكلمت بدلع : هلا قلبي .. هلا حبي .. هلا عيوني
ذاب على دلعها وعلى كلامها وتكلم : هلا فيك انتي ياقلبي .. وين الناس
يا حنين ..
بميوعة اكثر : كنت زعلااانة عليك ..
قاطعها على طول : ماعاش اللي يزعلك ياقلبي .. اللي تامرين فيه انا
حاضر ..
ابتسمت بخبث لازم تدبر لها طلعة بأي طريقة عشان يشوفها ويدفع لها
المبلغ اللي هي تبيه .. و رغم انها ما تسمح لاحد انه يلمسها وماتقابلهم
الا في اماكن عامة و توعدهم ان المرة الثانية يكون لقائهم خاص لكنها
تسحب عليهم بعدها و تتركهم وبكل هالمرات اللي يقابلونها فيها تكسب
منهم مبالغ تقضي فيها احتياجاتها التافهة .. : ابي اللي قلت لك عليه اول
بتساؤل : وشو ؟
كملت بنفس الاسلوب : المبلغ اللي قلت لك اني محتاجته .. انت وعدتني
قبل انك تدبره لي ..
اطلق ضحكة عالية وتكلم بخبث : ابشري لك اللي تبين .. بس اهم شي
اشوفك ..
تفاهمت معاه على كل الامور تشوفه في احد الكوفيهات تكسب منها كم
الف مع موعد مكذوب لقاء حميمي خاص بعد ايام والطلعة تدبرها بكل
سهولة بعد ماتروح لبيت امها .. و هناك تقدر تروح و تجي على كيفها
استاسنت كثير على تفكيرها ما تتعب ابد في تحقيق مطالبها الا مع عزام
الانسان الوحيد اللي كان دايم ضد رغباتها و هو الوحيد اللي يمشيها على
كيفه .. و بعد ما اتفقت معاه على كل شي رجعت لممارسة هوايتها بكل
قذارة و صارت تكلمه بألفاظ جدا مبتذلة .. وصوت قهقهاتها يتعالى اكثر
و اكثر .. سكرت منه و قامت تكمل رقصها كانت تحس بوناسة غريبة
و من اليوم تتصل على منال و كالعادة ماترد عليها ..
انقهرت من تطنيشها لها وغيابها هالفترة عنها رغم انجازاتها اللي تحس
انها تحسب لذكائها المعهود .. تراقصت وتمايلت مع الاغاني .. واول ما
حست انها ملت رجعت لمكالماتها و مثل كل مرة تبداها بعتاب بسيط مع
تدلع و تغنج .. يجي بعده طلبها الصريح .. مبررة هالطلب باحتياجها ..
والاتفاق على الموعد ومكانه ووقته وكل هالامور اللي تهمها وماتنسى
انها تتكلم ببذائه لتلبي كل رغباتهم و احتياجاتهم ..
قدرت بصعوبة انها تقنع عزام تروح الحين لبيت امها .. ومن فرحتها
طلعت ركض بعباتها اللي على الراس واللي يجبرها عزام انها تلبسها
متوجهة لبيت امها .. ومن وصلت رقت لغرفتها تتزين و تتكشخ للقاء
كان اسرع مما توقعت .. ومبلغ معقول راح ينضاف لرصيدها لبست
عباتها الضيقة .. تعطرت ونزلت بسرعة .. رمت الطرحة الشبه شفافة
على وجهها بدون اهتمام و توجهت لاحد الكوفيهات مع السواق كشفت
بالطريق .. وطول الوقت سماعتها بإذنها و تكلم الشخص اللي بتقابله
و من وصلت الكوفي تلثمت واتصلت عليه ينزل و يدخل معاها جلسو
باحدى الزوايا البعيدة وطلبو اللي يبونه ولفت ظهرها لكل اللي بالكوفي
و فكت لثمتها بغرور .. دقائق جمعتهم و صوت ضحكاتها يعلى رغم
تنبيهه لها انها تقصر صوتها .. الا انها كانت مستمتعة بلحظة حرية
كانت تنتظرها من فترة بعد ما بقت سجينة جناحها ..
ومابين ضحكاتها ودهشتها ثواني بس خلتها تعيش بحالة ذهول وصدمة
وهي تناظر بكل اللي حولها بعد ماضاقت فيها كل السبل ..
تمردت بلحظات سابقة معدودة على نفسها .. واستجابت له بلحظات
ضعف وهي تستمع لكلامه اللي تحس انه يعيشها بدنيا غير اللي هي
تعيشها .. ورغم انها كانت تلوم نفسها اوقات كثيرة على انجرافها
معاه و تنسحب من هالطريق الا ان هالصحوة ماتستمر لاكثر من
ايام ترجع بعدها تضعف لكل كلام الحب اللي يغرقها فيه .. ومه هذا
كله كانت ترفض منه اي كلام عن اي حب او علاقة بينهم ماكانت
ترتضي الا اذا سمعت وعود الزواج اللي يقولها لها بكل مرة وهي
بكل سذاجة تصدقه ..
ردت عليه بكل خوف .. اليوم صار لها حول الاسبوع ماردت عليه
بعد ما حست انه يماطلها في كلامه و وعوده وان الزواج اللي يمنيها
فيه ممكن تطول مدته : هلا ..
جاها صوته فرحان و منتشي : هلااااااا فيك ياقلبي ياربي والله اني
مو مصدق اني قاعد اسمع صوتك الحين سارة حبيبتي ليش تعامليني
بهالقسوة وانا اللي قلت لك وربي احبك ..
تكلمت بلهجة صارمة : اسمعني من الآخر قلت لك حب و خرابيط
و هالسوالف كلها مابيها اذا تحبني اكيد تتزوجني .. اما اذا ما تبي
زواج فاقطع السالفة من اولها وفكني من هالسوالف تراها ما جازت
لي ابد ..
طارق بخبث : زين واللي يقول لك انه عزم على الموضوع خلاص
و مكلم اهلي بعد .. وكلهم موافقين عليك .. وانا الحمدلله انسان ربي
مقدرني و عندي اللي يخليني اتزوجك لو حتي الحين بعد .. " تكلم
بضحكة " والمهر اللي تامرين فيه لعيونك ..
حست بفرحة كبيرة من كلامه هذا هو الحلم اللي كانت تتمناه من فترة
طويلة .. و النصيب اللي تمنت يصير لها مثل بنات عمها جاها اللي
افضل منهم بعد .. انسان اغنى منهم ويلعب بالفلوس لعب وهذا اكبر
طموحاتها واهم شي كانت تتمناه من زمان .. استمعت لوعوده مثل
كل مرة .. لكن هالمرة صدقتها لانه حدد لها موعد الخطبة وموعد
الزواج وكل هالتفاصيل و ماعليها هي الا انها توافق على هالطلب
بدون اي تردد تكلمت بخجل : اذا انت تبيني ماعندي مانع ابد واهلي
بعد ماهم بمعيّين ..
قاطعها بهمس : انا ابيك ؟ .. ياقلبي انا احبك وميت فيك وربي مستعد
ابيع عمري كله و اشتريك .. بس انتي ترضين علي و اشوفك معاي
ببيت واحد .. و تصيرين زوجتي " وباسلوب جدا ناجح في التمثيل "
يااااه وانا وش ابي اكثر من هذا حبيبة قلبي و عمري بتصير زوجتي
ذابت مكانها من هاللي تسمعه كلامه .. كل حروفه هيضت كل مشاعرها
واستنفرت كل احساس بداخلها .. حست انها ودها تصرخ من قلبها
و تقول له انها هي بعد تحبه ..
حس بخجلها وانه لامس وترها الحساس وكمل بنفس الهمس : وبعد
بيتك جاهز بس منتظر تشريفك .. " وبخبث " عيوني ؟
سكتت و ماردت عليه .. تحس بخجل فظيع من كلماته و ماتعرف ابد
ترد على مصطلحاته اللي تذوبها بدا يتكلم وهو يحاول يقنعها بأبسط
طريقة ممكنة : شرايك تجين تشوفين بيتك ..
قاطعته باستنكار : لا وين اشوفه فيه صاحي انت ..
بعد تفكير تكلم : انا بعطيك العنوان وانتي روحي شوفيه والحين اجيب
المفتاح واعطيه السواق .. شوفيه وقولي لي وش اللي مايعجبك فيه
و انا اغيره قبل زواجنا .. بس هاااا ترى ابيه بعد شهر .. مافيني صبر
اتحمل اكثر على بعدك ..
بتردد : لا تكفى فكني وش يوديني الحين .. و مديرتي لو درت عني
بتقوم الدنيا وتقعدها وانا مانيب ناقصة ..
غمض عيونه وعض شفته قهر منها : صدقيني مو بعيدة عنكم يعني
حول الـ 10 دقايق مشواركم .. تكفين ياقلبي انتي لا ترديني بحط لك
المفتاح الحين و برجع لدوامي عندي اشغال مهمة لازم اخلصها الحين
حست بنبضات قلبها تتسارع وبعد تفكير تكلمت : لا والله خايفة مانيب
ناقصة مشاكل و حتسي يعور الراس ..
كان وده يطلع من الجوال ويذبحها لكنه طوّل باله وهو يحاول يقنعها
بكل الطرق .. تكلم معاها ومثل ونثر الكثير والكثير من الاكاذيب اللي
ابد مايتعب في تصريفها و اخيرا وبعد جهد اقتنعت انها تروح تشوف
البيت في 10 دقايق و ترجع .. او مثل ما هو أوهمها ..
لبست عباتها و طلعت بخطوات مرعوبة من الشركة وارتاحت كثير
انها ماشافت احد قدامها ركبت مع السواق .. ومرو على احد المحلات
اللي كان طارق ينتظرهم عندها قرب ومد له المفتاح وناظرها بابتسامة
كانت طول الطريق من شافته وشافت الزقارة اللي بيده وهي تقطع على
نفسها وعود انها تخليه يترك التدخين بمجرد ما يتزوجون .. ومن وصلو
للعمارة نزلت على طول .. كانت خايفة و مترددة بس كانت تقنع نفسها
انها تبي تشوفها بسرعة وترجع .. مسكت الباب بيدين ترتجف وحاولت
انها تفتح الباب بصعوبة و قدرت بعد اكثر من محاولة انها تفتحه اخيرا
دخلت لداخل الشقة و ابهرها مدخلها قعدت تناظر بذهول حولها ونست
نفسها وسط هالشقة اللي اجمل بكثير مما تمنت .. سمعت صوت المفتاح
يطيح والتفتت وراها بتشيله لكنها جمدت مكانها وشلت عن الحركة تماما
وهي تناظر فيه بصدمة ..
زورق الندى
22-01-2013, 10:15 PM
الجزء الثالث عشر
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
بعنا فينا واشترينا .. ولا درينا بالثمن
الغدر منا وفينا .. لا تقول من الزمن
ما تصير الناس ناس .. لا رحل عنها الضمير
ما تصير الناس ناس .. لا طغى فيها الكبير
الوهم يكبر ونكبر .. داخل الاوهام هم
الألم يكبر ونكبر .. داخل الآلام غم ..
ليه ..؟
ليه كل كف جبرتنا .. لملمتنا وكسرت
ليه كل كف حضنتنا .. شتتنا ورحلت ..؟؟
يعني هي هذي الحياة ..؟
ولا يعني هذا حنا ..
لا رحل عنا الضمير
نهدي الايام .. آهـ
من هدم نفسه بنفسه .. مابنى عمره صحيح
والضعيف من النفوس .. يهدي عمره لأي ريح
لا تلفت .. لا تنادي
لا بشر حولك ..
ولا حولك مبادي
لك مصير من المصير .. ولك جروح من الجروح
ولك حياة .. من الحياة .. ومن نصيب الآهـ .. آهـ
ما تصير الناس ناس .. لا رحل عنها الضمير
ما تصير الناس ناس .. لا طغى فيها الكبير
في مكان اجتمعت فيه الأنفس على اختلاف رغباتها .. عم الهدوء على الجميع في لحظات
قراءة الأدلة .. ابتسامته اللي اعتلت وجهه طول اليوم تحولت لعبوس مفاجيء و نظرات
استغراب .. ركز نظره عليه وهو يشوف كل من في هالقاعة يتلفت عليه .. بلع ريقه
خوف من مصير ماظن ابد انه ممكن يلاحقه .. بالمقابل ابتسم هو ابتسامة انتصار كان
طوال 11 سنة ينتظر اي شي حتى لو كان بسيط يثبت التهم عليه .. و بقدرة رب العالمين
فضح هو نفسه عنده .. تكلم بثقة و بابتسامة رافقته اثناء قراءة الأوراق : و مثل ماتشوف
انت رشاوي بمبالغ كبيرة و تزوير في اوراق رسمية وهذي كلها تدخله السجن لسنوات
وتسقط الدعوة اللي رافعها لحضانة البنت .. رغم ثقتي السابقة بأن تقارير التعذيب كافية
بسلب هالحق منه ..
وقف بغضب و تكلم يدافع عن نفسه : كذاااااب ..
اشر له القاضي يسكت .. ورجع التفت على المحامي : يبدو لي ان الشيكات صحيحة بس
اكيد لابد من التدقيق ..
لوح بيده برضى وجلس مكانه مبتسم بداخله سعادة كبيرة بأنه وبعد هالسنين كلها قدر انه
يلاقي شي على ابو طارق وما كان متوقع ولا بأحلى احلامه ان ابو طارق بنفسه راح يجيب
له ادلة ادانته الين عنده .. اغلقت الجلسة للتحقق من الأدلة .. مع التحفظ على ابو طارق
وسكرتيره لحين اسقاط التهم .. طلع من القاعة بفرحة كبيرة .. والتفت وراه للصوت اللي
يناديه : هلا ..
السكرتير بفرحة : نقول مبروك ؟
رفع يده وهو يشير بأصابعه الاثنين : عصفورين بحجر .. وبإذن الله ما يطلع منها ..
للحظة تذكر ام خالد و اتصالاتها قبل موعد الجلسة .. دخل يده بمخباته وطلع جواله وفتحه
ومن قبل مايفتح كل المسجات اللي ظهرت له اتصل عليها رنتين وردت بعدها بكل هدوء
تخفي خلفه لهفتها : هلا ..
بهدوء مقابل رد : السلام عليكم ..
ردت عليه السلام و كل اللي يدور في بالها .. اي خبر ممكن تستشفه من هدوءه : بشر ؟
ركب سيارته و أشر بيده لسكرتيره يلحقه : مثل مانتمنى والحمدلله .. قدمت عليه ادلة
بتريحني من جلسات ممكن تطول لأكثر من سنة .. وان شاء الله كلها أيام ويكون عندك
صك المحكمة .. رغم احساس الفرحة الغامر اللي بقلبها الا انها اكتفت بكلمات شكر قليلة
و سكرت .. وركضت لديما في الصالة تفرحها .. شافتها جالسة عند التليفون جامدة بدون
اي انفعالات تذكر .. قربت منها و تكلمت بفرح : بنكسب القضية ..
رمشت ديما ونزلت دموعها اللي كانت بعيونها : قلت لها اني مسامحتها .. رغم كل اللي
سوته فيني سامحتها .. ليش ؟
ناظرتها مستغربة كلامها ومسكتها تجلسها و تجلس هي بعد : حبيبتي ؟
لفت تناظر امها سحبت نفس عميق وبعدها تكلمت : منال اختي كلمتني وهي تصيح
وتستسمح مني وسامحتها ..
سحبت التليفون وناظرت بمدة آخر مكالمة .. : تعذيب هالسنين كلها سامحتيها عليه في اقل
من 5 دقايق ؟
ديما بحزن : قالت ماعاد بشوفها ولا بسمع صوتها .. بتنتحر " هزت كتوفها " مادري وش
اللي بيصير ..
ام خالد بصرامة : هذي ما تستاهل انك تسامحينها .. ديما ترى هذي موب طيبة اللي بقلبك
وهالزمن اللي مثل قلبك مايعيش ..
قاطعتها بهدوء : بس هي اختي ..
تكلمت بعصبية : بحريقة .. الله وهالأخت اللي ماشفتي منها الا كل شين .. انا اخوي وهو
ولد امي وابوي والله ما أسامحه على اللي سواه فيني ولو جا حب رجليني .. ومادام ما أقدر
اخذ حقي منه بالدنيا .. وكلت حقي عند اللي ماتضيع عنده الحقوق .. " ناظرتها بنظرة
جامدة " بروح انام شوي البارح كله ماعرفت انام .. اذا اذن الظهر قوميني " وبهمس "
الله يهداك ماخليتيني افرح ..
ناظرت امها وهي رايحة .. عز عليها كثير انها تزعلها لأول مرة وعلى طول ركضت
وراها .. مسكت يدها بنص الدرج وتكلمت برجاء : يمه لا تزعلين علي تكفين بس حسيت
انها بتموت و مابي اقعد عمري كله الوم نفسي اني ماسامحتها ..
ام خالد برضى : للحين الحرة اللي بقلبي مابردت منهم .. لا تلوميني بكرة بيجيك عيال
و بتعرفين شلون تحاربين العالم كله عشان ماتفقدينهم .. ماقدر اسامح اللي حرموني منك
هالعمر كله وربي ماقدر ولا برتاح بيوم الا لاشفتهم يتعذبون مثل ماعذبوني ..
قربت منها وحبت راسها : خلاص انا اليوم عندك " للحظة بس استوعبت الخبر اللي بثته
له امها " يعني خلاص بعيش عندك العمر كله ؟
ابتسمت لها وقالت بحب : بتتزوجين وتروحين بيت زوجك ان شاء الله ..
توردت خدودها وابتسمت بخجل .. : يمه وين ديم ؟
ضحكت بصوت عالي وضمتها : نايمة .. وانا بعد بروح انام وصحيني اذا اذن الظهر ..
هزت راسها برضى وهي تشوفها ترقى الدرج رايحة لغرفتها .. رجعت للصالة وخذت
جوالها .. شافت رقم منال وغمضت عيونها رجعت تناظر بالجوال ومسحت الرقم بدون
تفكير واتصلت على ميساء تكلمها ..
بلحظة اختفت فيها كل المشاعر ومابقى الا شعور الغضب العارم .. بوسط هالصالة الكبيرة
اقتربت منه .. حطت كاس العصير على اقرب طاولة وارتمت بحضنه .. من اول مادخلت
عليهم وهي تخبي يدها اليمنى بجيب بنطلونها الجينز وأول ماحست انه صار ملاصق لجسدها
طلعت سكين حادة وغرزتها بصدره .. ما احتاجت اكثر من ثواني حتى تفرغ كل حقد سكن
قلبها فيه بطعنات متتالية سددتها وسط ذهول كل من كان موجود صم اذانها صوت صراخهم
ورفعت السكين تهدد اي شخص يقترب منها وبكل برود تكلمت : دقايق بس وهالمكان بيصير
كله شرطة .. روحو قبل لاحد يوصل وخلوني اقطعه على راحتي ..
كانو 3 بنات و شابين .. ومابين صراخهم واغماء وحدة تلذذت وهي تشوفه غرقان في دمه ..
ورغم كل محاولاته انه يقوم بدا الدم يطلع من فمه .. اقترب منها واحد فيهم ومسكها من ورا .. فلتت
يدها وانجرح فخذه .. لفت عليه وهي تشوفه يحط يده على فخذه ويتألم وتكلمت بصراخ : قلت
لكم اطلعو ولا بتهمكم معاي وربي مجنونة واسويها .. " اشرت عليه بقهر " وهذا الحقييير بموته ..
انهالت بعدها عليه بطعنات اكثر واقتربو منها يمسكون يديها .. طاحت على الأرض وهي تصيح ..
ماكانت بحالتها الطبيعية والحبوب اللي خذتهم خلتها تتصرف بهستيرية سكرت اذونها وهي تسمع
صرخاتهم وتأوهاته .. رجعت ناظرتهم وهي مبتسمة : محد بيجي اصلا .. بس كنت ابي اذبحه
براحتي ..
تجاهلو كلامها وتجمعو حوله ضحكت وهي تسمع تشاورهم وكل واحد فيهم خايف عليه .. " وانتو
تعرفون الحب ياخونة " رددتها بداخلها وهي تبلع غصتها .. ونزلت دمعتها غصب عنها رفعت
يدينها تغطي وجهها واشمئزت من ريحة الدم بكفوفها ماتدري كم مر من الوقت عليهم وما انتبهت
من سرحانها الا على مداهمتم للاستراحة .. وقفت وهي تناظر فيه للمرة الأخيرة جسد مضرج
بدمائه بدون ادنى حركة .. وكل من كان حوله من دقائق اختفو رددت بصوت عالي وهي تشوفهم
يمدون لها العباية : موووت .. جعلك تحترق بنار جهنم مثل ماحرقت قلبي ..
مشت معاهم وهي تنتحب ريحة الدم ازكمتها .. والعذاب اللي تعيشه اقسى من انها تتحمله .. هي
بكل الحالات كانت ضايعة لكنها اختارت الانتقام لنفسها وعرضها كل الشوارع أظلمت بعيونها
والرياض اللي كانت تتغنى به فرح .. اليوم يشيعها لمصيرها المحتوم .. وبوقت التحقيق استعادت
كل لحظة بجنون وبدا جسدها يرتجف خوف .. رغم استبدادها بسنوات عمرها الا ان لقب قاتلة
كان مستحيل حتى لو مزح .. اعترفت بكل شي وسردت تفاصيل الحادثة ودموعها على خدودها
نقلت بعدها لمجمع الأمل الطبي لتخليص جسمها من كل السموم اللي اشبع فيها طوال الأشهر القليلة
الماضية ..
غسلت يدينها و وجهها وهي تناظر في اللي حولها .. بدلت بعدها ملابسها كانت تطبق كل
اوامرهم بصمت وبعد ما استلقت على السرير .. غطت وجهها بيدينها وبكت من قلب بهاللحظة
بكت وكأنها مابكت بحياتها ابد .. بكت مستقبلها وشرفها ودينها .. بكت الأهل اللي كانو حولها
بالاسم ولا الواقع يقول ان كل واحد فيهم يردد نفسي نفسي ..ماتذكر كم الوقت اللي مر عليها ..
قبل ماتعطي الأبرة مفعولها .. وتغط في سبات عميق .. بوسط غرفة يشاركها فيها ثنتين
يتقاسمون معها نفس الضياع .. والمتهم في كل الحالات واحد " غياب الضمير " ..
في وقت ما أعلن الطب الشرعي .. وفاة صلاح متأثر بـ 36 طعنة سددت على أماكن متفرقة
في الصدر والبطن .. ادت لنزيف حاد و تهتك لعدد من انسجة الجسد الداخلية .. بالاضافة الى
القبض على كل من كانو بالاستراحة .. وبعد التفتيش حصلو 4 انواع من المخدرات وملابس
نسائية فاضحة .. و عدد من سيديهات الأفلام الاباحية والتحقيق مؤجل الى ان تتحسن حالتهم
العصبية ..
كان صوتها الأعلى من بين الكل و كأنها تبي تلفت الانتباه لها .. وهذا هو اللي تعودت عليه تبي
تكون دايم محور جذب واهتمام اذهلها صوت الصراخ حولهم تلفتت تبي تشوف وش اللي صاير
وجمدت مكانها من الخوف وهي تسمع اوامرهم لعمال الكوفي .. " سكرو الأبواب .. لاحد يطلع
" حاولت تركض وتروح اي مكان .. لكن ماقدرت تتحرك وهي تشوفهم جايين لها .. غمضت
عيونها وهي تسمع صوت احدهم لها " استتري " .. تغطت بسرعة وهي تحس بخوف فظيع
وعيونها تناظر كل اللي حولها توجه لها واحد فيهم وسألها بصرامة : وش يقرب لك هالرجال ؟
تلعثمت وضاعت كل الحروف منها .. ناظرته تبيه ينقذها ويقول اي شي لكن صدمتها ابتسامته
الواسعة .. صرخ عليها يبيها تجاوب عليه : قلت لك وش يقرب لك ..
بلعت ريقها وهي تجاوب بخوف : مايقرب لي ..
اشر لها واحد فيهم تمشي معاهم هي وبنت ثانية كانت طالعة مع شاب .. ابتسم المسئول فيهم ومد
يده للشاب اللي كان معاها .. : الله يعطيك ألف عافية ماقصرت .. ياليت تجي معانا نبي نخلص
الاجراءات الرسمية .. مشى معاهم رايحين لمركز الهيئة القريب .. جلست في المقعد الخلفي
وهي تستمع لتوبيخهم لهم على هالتصرفات .. كانت تصيح خوف من ردة فعل عزام هو عصبي
وتخاف منه ومن عصبيته حتى لو كان السبب تافه .. شلون هالمرة وهي طالعة مع واحد .. اكيد
راح يذبحها .. فركت يدينها بتوتر وكل اللي يمر عليها مثل كابوس مزعج ماقدرت ابد انها تتخيل
وش اللي راح يصير بعده .. نزلو كلهم للمركز .. ومشت معاهم بخطوات مرعوبة .. وهي تحس
لسانها انشل حتى انها عجزت عن الابتهال بهاللحظة .. وكل مايمر طاريه في بالها ترتجف خوف
دخلو وحدة من الغرف وبدو يفتشون شنطتها .. كانت مزدحمة بأدوات الزينة وعطر وجوالين ..
مد لها المسئول فيهم الجوال : افتحي لوحة المفاتيح ..
خذت الجوال وفتحته بعد ماغلطت بالرقم مرتين من الخوف وبدا يفتش جوالها والشيخ يتكلم معاهم
عن الخلوة وتحريمها كانت تسمع ترديد الآخر لعبارات " لاحول ولا قوة الا بالله .. استغفر الله
العظيم " وتذكرت للحظة كل المسجات اللي بجوالها ..
ناظرها بعصبية وتكلم : سحر ؟ تتعاملين بالسحر ؟
هزت راسها بالنفي : لا مو انا ..
قاطعها بنفس العصبية : هاتي رقم ولي امرك بسرعة ..
وقفت وهي تترجاه : لا تكفى والله ليذبحني .. تكفى هالمرة سامحني ..
رد عليها بصرامة : وش اسامحك عليه ؟ معاكسات وطلعات مع الشباب وفوق هذا سحر .. هاتي
رقم ولي امرك لازم يكون موجود ويسمع كل شي ..
نزلت دموعها بغزارة وهي تترجاهم .. لكن كانت تقابل في كل مرة بالرفض القاطع .. قالت له
الرقم بلحظة تمنت الأرض تنشق من تحتها وتبلعها ولا يشوفها عزام بهالمكان ..
دق الأرقام والتفت يسألها : رقم ابوك ولا أخوك ؟
بتردد : لا زوجي ..
ناظر بالجوال وهو يستغفر ثواني و رد عليه عزام .. كلمه يجيهم المركز و سكر .. وبلحظات
الانتظار بدا محاضرة بسيطة عن حكم السحر والشعوذة ..
عزام اللي من تلقى الاتصال وهو يحس بالنار بصدره لأول مرة بحياته يدخل مركز هيئة وعشان
مين ؟
عشان زوجته .. " والله لاذبحها .. " وصل للمركز ومن دخل راح يستفسر عن مكانهم .. دخل
للغرفة اللي هم فيها وقبل مايقول شي توجه لها وهو يسدد ضربات قوية على وجهها .. قرب منه
واحد فيهم ومسك يدينه من الخلف وسحبه عنها : قول لا اله الا الله .. اقعد ياخوي خلنا نفهم
ونفهمك كل شي .. جلس وهو يحس بتنفسه في اقصى سرعة له .. وحرارة هالموقف اللي هو
فيه تزداد مجرد مايسلط نظراته عليها .. سمع سؤاله للشاب اللي قاعد قريب منه وناظره وهو
يرد بثقة : ايه مثل ماقلت لك قبل اثنين من اخوياي لعبت عليهم ولهفت منهم كم ألف وعقب
سحبت عليهم .. وكنا متأكدين انه هذا اسلوبها مع الكثير ..
كان يسمع وهو مصدوم .. ابد ماتوقعها بهالدناءة .. جمع قبضته بحقد وبداخله يهدد ويتوعد
انه يدفعها ثمن خداعها له طوال الفترة الماضية .. تركوها تطلع معاه بعد ماواعدت الساحرة
تقابلها بعد المغرب لدفع المبلغ المطلوب .. كان ماسكها من ذراعها وغارز اظافره بلحمها ..
تأوهت وتكلم بعصبية : ونعم التربية يابنت عمي " وبتهديد " والله .. والله اللي رفع سبع
سماوات لاخليك تبكين دم على اللي سويتيه ..
ركبها السيارة وركب هو بعدها .. كانت تصيح وهي تتخيل مصيرها المجهول .. كل شي
خططت له في لمحة بصر انتهى .. سمعت صوت صراخه عليه وظلت ساكتة .. لأنها
باختصار ماعندها اي شي تقوله ولا تملك أي اعذار ممكن تبرر غلطها ..
عزام بعصبية وهو يضرب بيده على سكان السيارة : تطلعين مع شباب ؟ ياواطية هذي
آخرتها ؟ وجوال ثاني من وراي ؟ .. " و بنبرة مصدومة " و سحر .. ماتخافين ربك ؟
تبيعين دينك عشان دنيا ..
بصوت كله خوف : انا والله ..
قاطعها بصراخ .. : ولا كلمة .. وانتي اصلا تعرفين الله .. والله ياحنين لاربيك ولا ما
أكون عزام ..
استمر بصراخه وتهديده الين ماوصلو بيت اهلها .. ومن أول ماوقف سحبها ينزلها من
السيارة وهي تترجاه .. دخلها مع الباب ورماها على الأرض وعلى طول نزل عقاله
وبدا يطق فيها وهي تصارخ من شدة الألم .. من القهر اللي فيه .. كان يطقها بالعقال
ويرفسها برجلينه .. : سودتي وجهي .. الله يسود وجهك ياحقييييرة ..
امها اللي سمعت صوت الصراخ بالخارج قامت بصعوبة وهي تقاوم ألم رجلها و فتحت
الباب .. ومن شافتهم صدمها المنظر .. بنتها المرمية على الأرض وزوجها اللي ينهال
عليها بالضرب بلا رحمة ..
وبخوف صرخت : يمه حنين ..
ماحسو في وجودها اثنينهم هو وعصبيته اللي معميته عن اي شي ثاني .. وهي وألمها
من طقه لها .. دنق عليها وسحبها من شعرها يقومها : قلت لك تكلمي كم واحد لمسك ؟
حطت يدها على يده تبي تبعدها عن شعرها اللي حست انه يقطعه : والله محد لمسني ..
سحبها لداخل البيت وانتبه لزوجة عمه اللي تصيح بخوف .. دخلها للصالة و وقف مكانه
وتكلم : طلعة من هالبيت مافي الا لقبرك .. بتقعدين هنا ولا ابي اشوفك ابد .. وطلاق
مانيب مطلقك وبخليك معلقة عمرك كله " وبصراخ " والله لو عتبتي باب البيت لاذبحك
وادفنك قدامه وخلي يجيني خبر انك تحركتي شبر " قرب منها وهو يطقها على وجهها "
فااااهمة ؟
هزت راسها بإيه .. وهو يناظر في مرة عمه اللي ماسكة يده .. تترجاه يفسر لها اللي
صاير ..: خليها هي تعلمك على سواد وجهها " التفت لها بقهر وبصق على وجهها "
انقلعي من قدامي ..
استجمع انفاسه وهو يتوجه للباب .. التفت عليها للمرة الأخيرة : بستر عليك عشان اسم
عمي الله يرحمه وعشان أمك اللي للأسف ماعرفت تربيك .. " و بثقة " اليوم بكلم اهلي
يدورون لي وحدة تستاهلني .. و لا انتي مايشرفني تكونين زوجتي وكلن له فيك نصيب ..
فضلة كلن يرميها على الثاني ..
طلع بعدها على طول وهو يستنشق اكبر قدر من الهواء .. ركب سيارته و مشى مايدري
لوين ولا يدري اي طريق يسلكه .. صدمته اليوم جاوزت حدود تصوره وضاع منه الحكي
كان يحس بطعنة في الصميم شي ابد ماكان متخيله .. رغم تصرفاتها معاه الا انه بحياته
ماتصور زوجته و بنت عمه تكون رخيصة و تمشي بطريق الحرام .. رجع لبيتهم وهو
يبلع غصته ألم و قهر على هالانسانة اللي حولت حياته الى
دوامة صدمات ما تنتهي ..
/
زورق الندى
22-01-2013, 10:17 PM
ناظرت حولها بتعجب وكل شي تشوفه اجمل من احلامها .. صوت المفاتيح خلاها ترتاع وتناظر
وراها .. كل شي فيه ارعبها .. نظراته ،، ابتسامته وحتى طوله الفارع .. بلعت ريقها وقبل تقول
اي شي تكلم بخبث : هلا والله ..
تسارعت نبضاتها وهي تحس رجلينها ماعاد تقدر تشيلها من اللي هي فيه الحين .. بحياتها كلها
ماتواجهت مع رجل غريب عنها حتى بقريتهم برغم قربهم من بعضهم الا انها بحياتها ماحاكت
احد فيهم او حتى رفعت عينها بعيونهم .. تكلمت برجاء : خالد خلني اروح تكفى ( هو قايل لها
ان اسمه خالد ) ..
باستغراب : خالد ؟ " ومن تذكر على طول ابتسم " اهاااا .. لا تخافين ياحلوة انتي شكلك توك خام
يعني بشكلك على كيفي ..
دفته عنها واكتشفت انها اصطدمت بحاجز ماتحرك ابد .. مسكها مع يدينها .. ودفها على الجدار ..
اقترب منها .. حتى صار جسده ملاصق لجسدها .. وحست بحرارة انفاسه على وجهها .. نزلت
دموعها وهي تترجاه : تكفى مااااابي شي وربي بس خلني اروح لأمي .. " كان مركز نظره عليها
لدرجة ارعبتها .. غمضت عيونها بقوة وهي تصارخ " واللي يسلمك .. لا تسوي فيني شي ..
تجاهل كلامها ورجائها وصار يقبل وجهها بشراهة .. تعالت صرخاتها وهي تشوفه يجلسها على
اقرب صوفا .. ويكمل محاولاته لإشباع رغباته بدون ادنى تفكير بالعواقب ..
بهالأثناء كان جالس بالسيارة ينتظرها تنزل له .. انتبه لنغمة جوالها والتفت وراها .. شاف جوال
سارة ومد يده يشوفه بعد ماتكرر الاتصال للمرة الثالثة .. شاف اسم المتصل وظهر له " ميساء "
رد عليها بخوف : ايوه يامدام ..
بغضب : عم عبده وين خذيت سارة ؟
تكلم بكل صراحة : والله مش عارف .. انا طلعت من الشركة وقابلت واحد عند اول محطة وهو
اللي اداني العنوان .. والست سارة نزلت تشوف الشقة ..
شهقت بخوف : وشو ؟ صاحي انت ..؟ بسرعة روح لها خلها تكلمني " و بصوت عالي شوي "
الحين روح لها ركض ..
على طول نزل من السيارة وهو يتكلم : حاضر ..
دخل للعمارة ومازال جوال سارة عند اذنه .. ماكان يدري وين يروح .. وقبل يرقى الدرج سمع
صوت صراخ .. قرب اذنه من ابواب الشقق بس كان الصوت من الدور الثاني .. تكلم بخوف
.. : ياساتر يارب ..
ميساء باستفهام : وشوو ؟
عبده وهو يركض : سامع صوتها بس مش عارف هيّّا فين ..
كان صوت صراخها اوضح .. اقترب من الباب وحاول يفتحه .. ومن حسن حظه انفتح معاه
على طول .. دخل على الشقة وشافه يتهجم على سارة .. رمى الجوال من يده وانقض عليه
يبي يبعده عنها انتبه طارق لهالدخيل اللي جا بوقت ماتوقع احد يجيه فيها .. سدد لكمة قوية
على وجهه رغم انه كان يرتجف خوف .. خصوصا انه بأواخر الأربعينات وجسده مايكون
بقوة شاب في أواخر العشرينات قدر اخيرا انه يشغله عن سارة ورغم تلقيه لعدد من الضربات
الا انه هذا كله مو هامه .. كثر انه ينقذ سارة البريئة من بين براثن هالوحش الكاسر .. اما هي
استجمعت انفاسها وحاولت تنقذ نفسها من هالوضع اللي هي فيه .. وقفت بصعوبة وهي تشوف
السواق يضربه بجهاز التليفون على راسه .. كانت تحس الثواني دهور من صعوبتها .. طلعت
تركض وتتعثر بدون ماتلتفت وراها وطلع هو بعد يركض وراها طلعت من العمارة ونزلت
للشارع لفت تشوف من اللي وراها .. وسمعت صرخة وحدة مدوية " لاااااا " قبل ماتغيب عن
الدنيا .. اما هو وقف مكانه مذهول وهو يسمع صوت الفرامل بعدها شاف جسد سارة يطير بالهوا
قبل ماتقع على الأرض غارقة في دمائها ماقدر يتحرك او يسوي شي حتى بلحظة هروب صاحب
السيارة .. العم عبده اللي سمع الصوت وقال له قلبه انها سارة .. اول ماشاف جسدها الملقى راح
لها بسرعة " ياساتر .. لاحول ولا قوة الا بالله " .. اقترب منها يبي يشوف نبضها لكن منظرها
والدم مغطيها خلاه يكش شوي حس بيد تبعده وتشيلها واذهله انه هو نفس الشخص اللي تسبب
بأذيتها .. حاول يلحقه لكن طارق كان اسرع منه .. مددها بالسيت الخلفي وانطلق رايح لأقرب
مستشفى .. كان يمشي بسرعة جنونية ويقطع كل اشارة تقابله .. وعند اشارة مزدحمة صار
يضرب هرنات بشكل متواصل .. نزل قزاز السيارة يصارخ على صاحب السيارة اللي قدامه
.. : تحرررك لا تموت البنت علي ..
تحركت السيارتين اللي قدامه و وصل لأول مستشفى يواجهه وعلى طول صوت لهم يجون
يشيلونها ماكان يدري اذا ماتت أو لا جسدها ماكانت تصدر منه ادنى حركة وتنفسها ماكان يقدر
ابد يحس فيه .. صارخ عليهم يبيهم يستعجلون : بسرررعة لا تموت ..
ماعاد شاف احد بعدها .. اختفت هي بالداخل واختفى معاها أي خبر يقين حاليا .. وجلس مكانه
يناظر بدمها على اطراف كمه .. وهو يحس بتأنيب ضمير فظيع من اللي سببه لها .. ولو ماتت
بسببه ماراح يسامح نفسه ابد على اللي سواه لها ..
/
\
/
\
شبرت مكتبها رايحة وجاية وهي كل شوي تتصل عليه وعليها .. والى هالحين ماجاها اي
رد ابد من بعد آخر مرة كانت على الخط .. وسمعت صوت صرخاتها اللي زرعت خوف
كبير بقلبها .. كررت اتصالاتها اكثر من مرة وهي تردد ابتهالات بداخلها ان الله يستر عليها
اتعبها كثر التفكير وماقدرت تتحمل وساوسها اللي ازعجتها .. جلست على اقرب كرسي
ودفنت وجهها بين يدينها .. " يارب استر عليها .. " دقايق بس وجاها اتصال انقذها من
هواجسها اللي صارت توديها وتجيبها .. ردت بسرعة وصوت انفاسها يسابقها : الو ..
كان يحس بخوف كبير عليها .. وعلى موقفه هو .. تكلم بأهم شي .. حتى يأجل كل موضوع
لوقت آخر .. : سارة خبطتها عربية وهيا دلوئتي في المستشفى ..
شهقت وهي تحط يدها على صدرها : وش فييييه ؟ وش اللي صار عليها ؟
حكى لها كل شي صار من أول ماطلع لها الشقة .. الين المستشفى اللي قدر بصعوبة يوصله
بعد ماكان يطارد طارق ..
نزلت دموعها غصب عنها و وقفت وهي تكلمه : بسرعة تعال الشركة الحين ابي اروح لها ..
العم عبده بانصياع : حاضر ..
خذت عباتها وشنطتها .. لبست عباتها وهي طالعة من مكتبها بدون ماتلتفت لاحد .. ومن
وصلت عند البوابة الكبيرة وقفت تنتظره .. دقت على زوجها تبلغه لكن مارد عليها كتبت له
رسالة وقرتها قبل ماترسلها .. " فيصل انا رايحة للمستشفى .. سارة صاير عليها حادث ..
اذا فضيت كلمني ضروري .." وعلى طول ارسلتها له .. و وقفت مكانها بتوتر وكل شوي
تناظر ساعتها .. دقايق وشافته جاي من أول الشارع .. مشت بخطوات سريعة تبي تطير لها
على طول وقبل ماتوقف السيارة فتحت الباب وركبت معاه .. كانت طول الطريق تلوم نفسها
على قرارها اللي ممكن يكون مميت لإنسانة بسيطة .. ودفعتها الحاجة انها تترك ديرتها وأهلها
وتجي تصارع الحياة لوحدها بدون رقيب الا اخوها اللي اصغر منها بـ 10 سنوات .. وصلت
للمستشفى ودخلت لقسم الطواريء ومشت بخطوات سريعة تسأل عنها بالاستعلامات .. والنتيجة
كانت وحدة .. الى الآن مافي اي خبر عنها .. وقفت قبال باب الغرفة اللي قالو لها ان سارة
فيها .. جاها بهالوقت اتصال .. ناظرت برقم زوجها وردت عليه .. ومن سمع صوتها حس
بنبرة الخوف فيها .. : شفتيها ؟ وش قالو لك عنها ؟
ميساء وهي تستجمع انفاسها : مادري .. وربي مادري عن شي .. للحين محد طلع .. اصلا
توني واصلة من شوي ..
فيصل يحاول يطمنها : ان شاء الله مافيها الا العافية " وباستفسار " شلون صاير عليها حادث
وهي بالدوام ؟
ميساء بصوت باكي : الى هالحين مادري ليش طلعت من الشركة .. بتجي ؟
ناظر ساعته وتكلم : 10 دقايق واطلع من الشركة .. وان شاء الله ما أصادف زحمة .. اذا جد
اي شي علميني ..
سكرت منه وناظرت بامتداد الممر الطويل .. شافت شخص جالس على الأرض ومغطي وجهه
بيدينه تجاهلته و وقفت مكانها تنتظر وهي تهز رجلها بتوتر .. وخلال هالوقت صادفتها مشاعر
مختلفة حزن وخوف وشفقة واحساس بالذنب .. ماكانت تبي تفكر في اسباب خروجها لأنها تبي
تحسن النية فيها .. شافت العم عبده جاي وهو يأشر لها على الشخص الجالس : أهو دا اللي كان
هيعتدي عليها ..حست بغضب كبير يجتاح قلبها .. أي وقاحة اللي يمتلكها تخليه رغم اللي سواه
فيها يقترب منها .. بلا شعور منها راحت له وتكلمت بصوت حاولت مايكون عالي : وش تبي
فيها انت .. مو كافي اللي سويته فيها ؟ ولا صح " وانخرس لسانها فجأة وهي تشوفه يبعد يدينه
عن وجهه ويناظرها .. تكلمت بصدمة " طارق ؟!
رجعت تناظر العم عبده تبيه ينكر .. يقول اي شي بس مايثبت الوساوس اللي اشغلتها .. اقترب
منهم وصار يأشر عليه ويعلمها بكل التفاصيل قام طارق ومسكه مع ياقة قميصه ودفه على
الجدار بعصبية : انطممم ولا كلمة ترى اللي فيني كافيني ..
كانت تدعي ربي تظل صورة سارة بريئة بعينها.. مثل ماجات من ديرتها .. نزلت راسها وهي
تهدده بقهر : والله لو صار لها شي ياطارق لادفعك الثمن غالي .. " وباستهزاء " وجاي ليش
وراها .. خايف عليها ؟ لا وربي انت مافي قلبك رحمة ولا تملك ذرة احساس .. مالقيت الا
سارة ..! سارة يا طارق ؟ قلو بنات الدنيا مالقيت الا هي ؟
لف عليها وتكلم بعصبية : البنت طايحة جوه بين الحياة والموت وانتي جاية تعاتبيني ؟
كان يصارخ وكل شوي يسكت صوت نغمة جواله اللي ازعجته من أول والاتصالات ماوقفت
ابد ..
انتبه للدكتور طالع وراح له ركض ومشت هي بعد وراه ..
تكلم طارق بخوف : بشر ؟
ناظره ورجع ناظر ميساء : انتو أهلها ؟
تكلمت ميساء قبل مايقول طارق شي : اهلها في قرية بعيدة وهي ساكنة عندي بالبيت ..
توجه لها الدكتور بكلامه وتجاهل وجود طارق : هي حاليا في غيبوبة نتيجة تعرضها لنزيف
داخلي .. ومحتاجين بعد متبرعين بالدم .. نبي نشوف اللي فصيلة دمه مطابقة .. احنا حطينا
لها دم لكن محتاجين بعد ..
قاطعه طارق : انا الحين اسوي التحليل ..
لفت عليه ميساء متفاجأة .. شلون يحاول يعتدي عليها والحين يبي يتبرع لها بدمه راحو
ثلاثتهم يجرون التحاليل .. واخيرا طلعت فصيلة دم ميساء هي اللي مطابقة .. سحبو منها
الدم ودخلوها تريح بوحدة من الغرف ..
اما هو مشى ورا الدكتور و صوت له : يا دكتور ..
رد عليه بدون مايلتفت له : هلا ..
طارق بتردد : شلون حالتها الحين ؟
الدكتور وهو يمد اوراق التحاليل لمساعده : حالتها جدا خطيرة .. واحتمال كبير انها ماتقدر
تعيش اكثر من هالساعات القليلة .. تعرضت لكسور بكل جسمها ونزيف داخلي .. ومع
هالغيبوبة مانقدر نحكم على تطور حالتها ..
تراجع للخلف وهو يحبس انفاسه وكلمات الدكتور مازالت للحين تتردد في باله " واحتمال
كبير انها ماتقدر تعيش اكثر من هالساعات القليلة .. واحتمال كبير انها ماتقدر تعيش اكثر
من هالساعات القليلة ..واحتمال كبير انها ماتقدر تعيش اكثر من هالساعات القليلة ..
" هز راسه وكأنه ينفض الأفكار اللي ازعجته .. لو ماتت .. مستحيل يسامح نفسه وهو اللي
اغتال براءتها .. ودنس طهرها بلحظة ضلال واتباع لهواه ..
استغرب نفسه كيف يكون هذا شعوره وهو اللي عاش عمره كله بلا قلب .. ومشاعر مجمدة
من زمن طويل .. تذكر نفسه قبل 9 سنوات كان ببداية العشرين من عمره .. شاب في مقتبل
العمر حب وحدة تعرف عليها بالصدفة .. تعلق فيها لحد الجنون .. وبلحظة بس وبدون
تخطيط مسبق انكشفت له خياناتها لعبت عليه مثل مالعبت على غيره .. وأوهمته بحب ابد
ماكان من قلبها .. وبعد هذا كله تركته وتركت فيه جرح غائر كبر اكثر وزرع حقد كبير
بداخله .. كره البنات واعتبر الخيانة مرادف لهم .. وكره الحب وأي شعور حلو بداخله ..
وانتقم منها هي بكل بنت عرفها .. لكن سارة وحادثها كانت صدمة بالنسبة له وكأنها اعادت
اكتشاف مشاعره الانسانية وظل مكانه يصارع هالمشاعر الجديدة .. ويترقب اي خبر عنها
بلحظات الانتظار وعتاب النفس اللي ابد ما انتهى .. رد اخيرا على الاتصال اللي
صار له ساعة : نعم ؟
جاه صوته الخايف من نقل خبر بهالصعوبة : طارق انا سكرتير الوالد .. الحين هو
ممسوك في قضية رشوة .. ويبيك الحين ضروري ..
صعق من هالخبر وقطب جبينه : رشوة ؟
السكرتير بتأكيد : ايه رشوة .. انت تعال وانا بفهمك كل شي ..
قام رايح لابوه وهو متنرفز : زين الحين جاي .. اي قسم ؟
السكرتير : قسم شرطة الـ ......
سكر منه طالع من المستشفى بكبره .. رايح للقسم يشوف وش صاير على ابوه .. طول
الطريق وهو يفكر باللي صار اليوم .. حس انه كان بقمة غبائه وممكن ينسجن بسبب
هالغباء .. لو هرب بوقتها ماكان احد راح يدري من هالشخص اللي حاول يعتدي عليها
حتى السواق مايعرف هالشخص مين .. لكن وجوده بالمستشفى كشف كل شي قدام ميساء
اللي هو متأكد انها مستحيل تسكت عنه .. وأكيد راح تكشف كل شي لعمه فيصل وللتحقيق
والحين بعد جاته قضية ابوه اللي فاجأته .. هو مقتنع ان ابوه مستحيل يكون انسان مرتشي
ويشوف انه افضل قدوة له من صور نجاحاته وانجازاته .. ترك التفكير بهالأمور كلها
يبي يروح لابوه يشوف وش اللي صاير .. يمكن يقدر يفك هالغموض اللي يلف حول
هالموضوع بركن سيارته من وصل ونزل يمشي بخطوات سريعة .. دخل يتلفت حوله
مايدري وين يروح بالضبط .. ومن شاف السكرتير واقف يأشر له .. راح له على طول
ومن اول ما اقترب منه سأله .. : وين ابوي ؟
تكلم بارتباك : تعال معاي ..
مشو اثنينهم لغرفة كانو مجلسينه فيها .. ومن شاف ابوه وهو فاتح ازرار ثوبه وباين عليه
التعب ركض له : يبه شفيك ؟
ابو طارق وهو يتنفس بصعوبة : مصيبة وطاحت على راسي .. هالمحامي السافل ماخلا
مكان الا نبش فيه عني .. وجايب ادلة ما اقدر انفيها ..
طارق باستغراب : شلون يعني ؟ هالتهمة صدق ؟
نزل راسه بأسى .. لأول مرة تنهز صورة نجاحه قدام احد من عياله .. قرب منه طارق
ومسك يده يبي يجلسه بعد ما لاحظ تغير لون وجهه .. وتكلم بصراخ وهو يكلم السكرتير
.. : انقلع ناد لي احد بنقل ابوي للمستشفى ..
ثواني بس كانت بين كلامه وطيحة ابوه .. ولأنه كان ماسك يده حاول انه يمسك فيه قبل
مايطيح ابوه ..
لكن ثقل جسده خلاه يميل معاه .. رفع راسه وناظر السكرتير وهو يصارخ : وش عندك
واقف ؟ تحرك ..
تجمعو حوله اكثر من شخص وتعاونو على نقله لأقرب مستشفى .. حس نفسه مخنوق ومو
قادر يتحمل هالوضع كله .. الانتظار والصدمة وخيبة الأمل ارهقته .. وريحة المستشفى
مزعجة جدا بالنسبة له ..
توه اللي طلع من المستشفى والحين رجع له .. " جلطة خفيفة في القلب " سبب طيحة ابوه ..
حس انه مخنوق ومصيبة ابوه نسته كل شي صار قبل حتى لو كان هو المتسبب .. مشى
لمكتب الدكتور يبي يستفسر عن حالته قبل مايروح لمحامي ابوه ويفهم منه كل تفاصيل
القضية .. طق الباب على الدكتور وسمح له انه يدخل وأول مادخل عليه شافه واقف وهو لابس
نظارته وبيده مجموعة أوراق سلم و وقف مكانه يكلمه : لاهنت يادكتور ابي اعرف شلون حالة
ابوي الحين ؟
ناظر ساعته ومشى طالع من مكتبه : ان شاء الله ما قدامه الا العافية .. الجلطة الحمدلله خفيفة
ولازم نتركه في العناية المركزة الين تستقر حالته " ابتسم وهو يلوح له بيده " اعذرني عندي
الحين عملية ولازم اروح ..
ناظره وهو يروح من قدامه وطلع من المستشفى رايح البيت من رجع للبيت دخل يتسبح ويغير
ملابسه رمى ثوبه اللي كان دم سارة بأطراف كمه بأقرب زبالة ( تكرمون ) وتمدد على سريره
يبي ينام له شوي واذا قام بيتطمن على حالة ابوه ..
بعد حول الـ ٣ ساعات قام على صوت نغمة جواله .. فتح عيونه بصعوبة واخذ جواله يناظر
الساعة شافها تشير لـ ٤ وربع .. بعد ماسكر المتصل .. شاف عدد المكالمات اللي لم يرد
عليها " ١٢ " ..
ماعرف الرقم المتصل عليه كان رقم ثابت .. قطب جبينه وهو يحاول يعرف مين المتصل
انتظر لثواني قبل يجيه الرد .. و رد بصوت متعب : هلا .. مين معاي ؟
جاه صوت هادي من الطرف الآخر : الحين متصل وتقول مين معاي .. من انت بالأول ..
تأفف بقرف وتكلم بقل صبر : انا طارق .. وانت من اليوم تدق علي ..
اول ماعرف من هو المتصل تكلم على طول : معاك المقدم فهد الـ من قسم الـ ......
تسارعت نبضات قلبه .. هذا غير القسم اللي كان ابوه فيه .. معناها اكيد ميساء اشتكت عليه
فز واقف على طول وهو يقول بتلعثم : هااااه .. هلا وش بغيت ؟
صاغ الكلام بأهون طريقة ممكنة وتكلم : اختك منال ..
غمض عيونه وسحب نفس عميق " لا مو هذي بعد " تسائل بخوف : وش فيها ..؟
الضابط بهدوء : متهمة بالقتل وتعاطي المخدرات .. وهي الحين في مجمع الأمل الطبي لعلاجها
من الادمان ونبيك تجي لأنا نبي نستكمل الاجراءات اللازمة .. ومن أول نتصل على الوالد
جواله مغلق .. الو .. انت معاي ..
ماكان يسمع شي ابد بعد كلمة " متهمة بالقتل " طاح الجوال من يده وحط يدينه على راسه
انشل لسانه عن اي كلام وضاعت كل التفاصيل بزحمة هالمصايب .. حس باختناق من
هاللي يصير لهم هو ماقدر يتحمل كل اللي سمعه شلون امه .. ابوه واخته بالسجن .. وهو
يمكن يواجهه نفس القدر .. غصب عنه صار يبكي مثل الأطفال .. حس ان كل هاللي يصير
ابتلاء من رب العالمين لهم " استغفر الله العظيم واتوب اليه .. استغفر الله العظيم واتوب اليه "
قام وهو يحس انه مختنق طلع بكت الدخان من درج الكومدينه واخذ له زقارة .. ولعها وبدا
يسحب نفس منها .. مسح دموعه اللي نزلت وقام يلبس ثوبه ..
اخذ جواله ودخانه وسويتش السيارة ونزل طنش وجود امه اللي تصوت له وطلع رايح للقسم
طول الطريق وهو يدخن بشراهة ومن تنتهي زقارة يطلع له وحدة غيرها .. وهو يفكر باخته
هذي ثاني صورة حلوة تتهشم قدام عيونه بيوم واحد .. ابوه الحرامي والمرتشي واخته القاتلة
والمدمنة .. وما خفي كان أعظم ..
/
\
زورق الندى
22-01-2013, 10:18 PM
الجزء الثالث عشر
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
من منطلق عيش الحياة السعيده
عيش وعلى الله لو تجيك السعاده
ماهو اعتراض لحكم رب وعقيده
ولاهو امتعاض انسان طامع زياده
لله ملكه والبشر هم عبيده
يحيى هشيم الارض فــ اقصى بلاده
له نلتجي من كل شراً حصيده
يقضى على ملك الفرح والسياده
تكبل يديني هموم (ن) شديده
والحزن يعرض في خفوقي مزاده
مدري وش اللي من سنين استفيده
ولا حس فيني من طموحي اراده
يالله عبدك لو تضايق تفيده
ارخص حياته واللهو ما افاده
لي تسعة وعشرين روحي وحيده
تصارع امواج الزمن واضطهاده
تعبت من طيش (ن) يسخر مـ ( اريده)
وابليس دايم ماتقصر جياده
اخاف تصبح هالعلاقه وطيده
ويظل حزني تحت لين الوساده
ياليت حلمي في حياةً جديده
يواكب الواقع في قالب اعاده
يارب غفرانك ونفسى عنيده
والليل لا اقبل ينتثر بي سواده
يارب ثبتني على ما اريده
وارزق خفوقي طاعتك بالعباده
هاليوم كله غريب بكل تفاصيله .. كل افراح وضحك السنين اللي مضت .. تبدلت
في يوم واحد الى أوجاع مايقدر اي شخص انه يتحملها .. منال واللي سمعه عنها
خلاه يفكر بكل شي هو اقترفه بحياته .. ليه الواحد اذا لعب على البنات وتمادى
بعلاقاته .. مايفكر ان عنده خوات .. ليه ماحسب حساب لهاليوم اللي تكشفت فيه
كل الحقائق .. الى هالحين وهو مصدوم .. اخته قتلت .. شي ابد ماكان يتصوره
حتى ولو كان مزح .. شلون الحين وكل شي صار جد .. مايدري شلون يتصرف
ولايدري شلون يبدا هالموضوع مع امه .. دخل البيت وبداخله هموم كبيرة .. شافها
جالسة ومهمومة وتصارخ على زياد اللي قالب لها الصالة ملعب .. جلس قريب منها
وهو يناظرها .. لفت عليه معصبة : خير وش عندك جاي اليوم بدري .. تكلم ترى
اللي فيني كافيني ..
تجاهل كلامها معاه مو أول مرة تعامله بهالأسلوب وماكان يفرق معاه قسوتها : والله
الخير يمين واللي بقوله لك يسار " وبصراخ لف على زياد " انقلع برا لا تغثني ..
ولأنها تدق على ابو طارق من الصباح ومايرد توقعت انه صاير فيه شي : ابوك وش
فيه ؟
حاول يسهل الأمور عليها لأن كل اللي بيقوله لها مصايب : انا علي تهمة واحتمال
انسجن فترة مدري
وش كثر بالضبط .. بس انا جاي اعلمك بكل شي صاير واروح بعدها .. يمه ابوي في
المستشفى ان شاء
الله انه طيب بس طاح علينا .. ومسكوه في قضية رشوة ..
شهقت وضربت على خدودها : رشوة ..!
ضحك بسخرية في خاطره على شكلها وهي قاعدة تولول والى الآن مابعد قال لها اكبر
المصايب وأشدها .. بالأخير قرر يترك خبر منال تعرفه هي بنفسها مايقدر يتحمل انها
هي بعد تطيح عليه ويوديها المستشفى ..
طلع من عندها رايح للمستشفى يبي بس يتطمن عليها قبل يغيّب في السجن لمدة مايعلم
فيها الا الله .. تاركها وراه مصدومة من اللي سمعته .. وتدعي عليه وكأنه هو السبب ..
ومن وصل للمستشفى حاول انه يتهرب من كل الوجيه لا تلمحه .. من بعيد شاف اخوها
جالس عند باب العناية المركزة ويصيح .. حس بطعنة في صدره وهو يشوفه يتألم ومحد
كان سبب هالألم الا هو .. كان وده يقترب منه ويسأله لكن تراجع وهو يشوف عمه جاي
له وماد له يده يقومه .. تراجع للخلف وتخبى الين اختفت اصواتهم ناظر قدامه وماشاف
احد ..
مشى الى باب العناية المركزة و وقف عنده .. تلفت حوله .. وشاف ممرضة تطلع منها
استوقفها : لو سمحتي ..
وقفت على طول وناظرته : هلا ؟
بتلعثم : ابي اسأل عن وحدة اسمها سارة .. صاير عليها حادث .. صادمتها سيارة ..
كان يدري انه مايقدر يسأل عنها عند اي دكتور الحين الا تتبعها اسئلة واجوبة ماتنتهي ..
واكتفى انه يعرف اخبارها بأي طريقة ..
ما احتاجت انها تفكر وقت طويل على طول عرفت من يقصد : الى الآن في غيبوبة ..
" وقبل مايقول شي كملت كلامها " ادعو لها وان شاء الله ربي يقومها بالسلامة ..
ماتكلم بعد كلامها ولا علق ابد ..تأنيب الضمير اتعبه وكأنه كان محتاج مثل هالحادث
يصحيه من غفلته .. طلع من المستشفى وراح يسلم نفسه لأن هالمرة ابد مايقدر يختفي
ويرجع وكأن شي ماكان .. وصل لقسم الشرطة وخذوه للسجن بعد ما اعترف لهم
بتفاصيل محاولته الاعتداء عليها .. يمكن يقدر يرتاح من الهموم اللي اثقلته من الصباح ..
جلس طول الليل يفكر بحياته .. بهمومه اللي عاشها العمر كله .. وظل طول هالعمر
سجين ملذاته ورغباته .. كان مظلم هالليل .. احتاج لهالسجن عشان مايرجع لطغيانه ..
احتاج انه يستعيد ذاته وكيانه اللي كانت طوع لهواه .. ناظر بكل هالوجيه حوله وقام
يصلي توضى وصلى واليوم لأول مرة من سنوات طويلة يسجد لربه .. تمدد بعدها يبي
ينام وبلحظة مرت كل الصور قدام عينه منال ليش قتلت صلاح هذا اللي عجز يستوعبه
أو يلقى له جواب .. ابد ماكان يشك انه في شي مو طبيعي يصير .. هي بطبعها مزاجية
واغلب وقتها معصبة وحالتها في الفترة الأخيرة مافرقت واجد عن قبل تعب من هالتفكير
كله .. هو ، سارة ، ابوه وآخرتها منال ..
هم ورا هم وأي قلب راح يقدر يتحمل هاللي يصير كله .. ومازال مصير امه مجهول لكنه
اختار الهروب اسلم حل .. حط يده على راسه يقاوم هالأحاسيس المتعبة كلها ماكان يتصور
ابد انه بيجيه يوم يفكر بحياته وحياة غيره وهو اللي انغمس بحياته الخاصة تارك الأمور
على هوى اصحابها .. واكثر ماكان يؤرقه ويتعبه .. بعد هالذنوب كلها والخطايا والآثام
اللي ارتكبها بحياته .. هل ممكن يتوب .. ويبدا صفحة جديدة طاهرة بدون اي معاصي ..
تساؤلات ارهقته واتعبت تفكيره يبي بس تعدي هالأيام ويعرف وش اللي ممكن يصير له ..
/
\
/
\
الصباح اليوم غير .. هالصباح محمل بالأحزان والهموم .. وهو من عرف باللي
صار لأخته ودموعه ماوقفت .. هالأشهر اللي قعدوها اثنينهم بالرياض قربت بينهم
اكثر .. كانت له مثل امه باهتمامها فيه وحرصها عليه .. كانو متفقين يقضون آخر
شهر ونص من اجازة الصيف في الديرة .. قالت له بعد 3 ايام بس بتبدا اجازتها
وراح يقضون 6 اسابيع بوسط ديرتهم ومع اهلهم تمنى بس لو كان له سلطة عليها
ومنعها انها تترك ديرتها من الاساس .. انتبه لصوت طق الباب وطلع من غرفتها
غسل وجهه وراح يفتح الباب .. ومن شافه واقف قدامه ماقدر يقاوم حزنه .. وبدون
شعور تكلم : سارة بتموت ياراكان ..
ضمه بقوة وهو يبلع غصته .. يوم قال ان الدنيا اخيرا ضحكت لهم .. رجعو للهم من
جديد .. حاول انه يكون بكامل قوته وتكلم : ماقدامها الا العافية .. اذكر ربك يامحمد ..
تعال بنروح المستشفى وعقب تروح معي لشقتي انا والعيال " بعده عنه وناظر وجهه "
لا تصيح واللي يسلمك هذاني تارك خواتي في الموتر يصيحن ..
مسح دموعه بظهر كفه ومشى معاه .. كان راكان جاي بسيارة عبدالله اللي قعدو هم
الاثنين بالرياض لأنهم ماخذين ترم صيفي .. ومن ركب السيارة التزم الصمت .. لكن
اتعبه صوت صياح بنات عمه .. وزادو فوق همه هم التفت على راكان بسرعة : احلفك
بالله سارة صاير عليها شي تعالت بوقتها صرخات متتالية بقلبه " لاااا .. لاتقول ماتت "
راكان وهو يناظر الطريق قدامه : والله ماصار لها غير اللي انت تعرفه ..
نزل راسه وتكلم بحزن : يوم قامت الصبح شافتني سهران وقعدت تهاوشني وانا اراددها
وطلعت زعلانة وهي تحلف انها لا رجعت بعد الظهر ماراح تحاتسيني ابد ..
تكلمت نورة بعد صمت طويل : وراك تحتسي عنها تسنها ميتة .. انت ادعي لها وسارة
قلبها طيب بترجع وتحاتسيك وتنسى كل شي ..
سكت واستسلم للي قالته له .. بالأخير كل شي بعلم الغيب ومايعلم فيه الا الله .. وصلو
للمستشفى وكل واحد فيهم بقلبه أمل كبير ان اليوم افضل من امس .. لفت نورة على
شيخة تكلمها : ياشين هالصباح اللي تصبحت فيه بهالخبر .. اللي يضيق الصدر والله اني
خايفة اسمع شي مايسرني ..
شيخة بصوت كله صياح : يارب تشفيها .. يارب تقومها بالسلامة ..
وقفو ثنتينهم بانتظار راكان ومحمد اللي راحو يسألون عنها واشتغلت السنهم تلهج بالدعاء
الخالص لها من القلب .. دقائق معدودة ورجعو اثنينهم معاهم دكتور ..
دخل للغرفة شوي وطلع لهم : ان شاء الله انها قوية .. الى الآن مافي اي تحسن يذكر
على حالتها .. لكن خلو املكم بالله كبير .. وبإذن الله بتقوم بالسلامة ..
محمد بحزن : ابي اشوفها يادكتور .. بس ابي اتطمن عليها ..
هز راسه بالنفي وهو يقلب في تفاصيل حالتها : الحين مستحيل .. حالتها ماتسمح ابد
لأي زيارات .. انتظرو عليها يومين بإذن الله تتحسن حالتها ..
استئذنهم الدكتور ماشي ومشى وراه راكان .. : دكتور ..
لف وراه وناظره مستفسر .. : هلا ..
راكان وهو يقترب منه : تكفى علمني الصدز .. احس انك ماقلت كل شي عنها ..
وقف مكانه وتكلم معاه : لا بالعكس قلت كل شي .. بس ودنا نسوي لها اشعة ونعرف
الكسور اللي تعرضت لها .. الحين مانقدر نفصلها عن الأجهزة مادام حياتها بخطر ..
ممكن اي تدخل في غير محله يتسبب لها بضرر كبير .. انتو ادعو لها تفوق من الغيبوبة
ان شاء الله بعدها ربي يسهل كل امورها ..
صافحه يشكره على كلامه معاه .. ورجع لخواته ومحمد : يالله مشينا ..
قربت نورة منه وسألته : وش قال لك ؟
لف عليها يناظرها وهو ماشي : نفس الكلام اللي قاله قدامكم .. الله يشفيها يارب ..
رجعو بعدها كل واحد لبيته الا محمد اللي راح ياخذ بعض اغراضه ويجلس عند راكان
هالفترة ..
حرك يدينه وهو ينادي باسمه .. حس بخوف كبير بقلبه من هالصمت المفاجيء توه
اللي من ربع ساعة تركه وراح يصلي .. والحين رجع ولقاه جسد ثابت بدون اي
حركة .. ركض لخارج الغرفة يستنجد بالممرضات .. اي احد يجي يشوفه .. وتجمعو
الكل حوله .. كان واقف يناظرهم من بعيد .. خايف ومترقب .. خايف انه يسمع الخبر
اللي ابد مايتمناه ثواني وشاف الدكتور يدخل للغرفة .. كان يحس كل شي حوله مثل
الخيال وأصواتهم مزعجة له .. حس بتعابير وجه الدكتور ان الوضع ابد مو تمام اقترب
منه وهو يردد بداخله دعوات من قلب خايف ..
ناظر الدكتور لعيونه وتكلم : قول لا اله الا الله ..
هز راسه بعدم تصديق : لا تقول مات يادكتور .. لا لا تكفى ..
اقترب منه يهزه وهو يناديه : يبه .. يبه رد علي .. يبه امي واخواني الحين جايين ..
" هزه بشكل اقوى وهو يصارخ " يبه ..
مسكه الدكتور من اكتافه يحاول يهديه : اذكر الله يا نايف كلنا لها .. الموت حق علينا
وهذا اللي الله كاتبه ..
غمض عيونه وهو يغطي وجهه بشماغه : انا لله وانا اليه راجعون .. لاحول ولاقوة
الا بالله ..
جلس على الكرسي اللي تعود كل يوم يجلس عليه ويسولف .. وهو يبكي بكاء يقطع
القلب .. تعلق في ابوه بالفترة الأخيرة بشكل كبير .. جلسته معاه طول الوقت قربت
بينهم كثير .. مسك جواله واتصل على اخوه الكبير .. : مشيت من البيت ولا توك ؟
حس بصوته متغير لكن ماحب يسأل .. لانه خايف يسمع شي مايسره : لا توني انتظر
امي مسوية شوربة لابوي وجايين ليه ؟
بلع غصته وتكلم : الوالد يطلبك الحل ..
جاه صوته المتألم وهو يردد : لاحول ولاقوة الا بالله .. لاحول ولا قوة الا بالله ..
سكر منه وقام يبي يطلع من المستشفى شوي .. يحس انه مختنق و وده يستنشق هوا
غير هوا المستشفى اللي ازكم انفه .. كان يحس بألم كبير بصدره .. هالفقد اوجعه وكل
التفاصيل اللي تبعته امتلت سواد .. كان شكل ابوه في الأسابيع الأخيرة مفزع ..
ضعف بشكل كبير ولونه مصفر .. ويتكلم بصعوبة .. مايقدر ينسى كلمته له قبل مايروح
الصلاة .. " لاجيت من الصلاة تعال بعلمك شي يفرحك " رجع بلهفة يبي يسمع الاخبار
المفرحة .. وطول الطريق من المصلى لغرفته وهو يفكر وش ممكن يكون هالشي .. لكن
اصطدم بخبر وفاته اللي اوجعه .. وتحول الفرح والحلم والأمل لحزن بثواني .. " اللهم لا
اعتراض على حكمك يارب العالمين " مر عليه وقت طويل وهو على هالحالة .. دموعه
ماوقفت من مشى بهالطريق رفع جواله اللي كان حاطه على السايلنت .. وشاف اتصالات
اخوانه .. سحب نفس عميق وزفره .. واتصل على اكبر اخوانه .. بعد السلام و رده عليه
تكلم : شلون امي ؟
رد عليه وهو يطلع من البيت : حالتها حالة وربي .. الحين خالاتي بيجون عندها .. انت
وينك من أول ادق عليك ؟
نايف وهو راجع لطريق المستشفى : بروح المستشفى بكمل الاجراءات وأوقع الأوراق اللي
محتاجينها واجيكم البيت ..
رد عليه وهو يركب السيارة : يالله انا الحين جايك ..
وصلو اثنينهم للمستشفى وانهو كل اجراءاته .. وتقررت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر ..
ومن بعدها الدفن .. لانهم منتظرين عمهم اللي بالشرقية يجي ..
من بكرة وبعد صلاة الظهر اقامو عليه صلاة الميت ودفنوه في احدى مقابر مدينة الرياض
وابتدا من هاليوم أول ايام العزا الحزينة .. وجلسو في مجلسهم المتوسط يستقبلون المعزين
وبعد ما انقضى اول يوم تظاهر فيه بالقوة والصبر ومن دخل غرفته حتى بدا يظهر حزنه
وتتساقط دموعه .. على من كان قبل يوم بس معاه ويسولف له .. واليوم بقبره تحت التراب
قام وتوضى وصلى لربه ركعتين اكثر فيهم من الدعاء لوالده وطلب الرحمة والمغفرة ..
/
\
/
\
مرت الأيام عليهم بطيئة .. وبداخلها يتعاقب شعورين .. اوقات كثيرة تحتاجه ..
واوقات تخاف من قربه .. الاكيد مابين هالتناقضات اللي بداخلها الا انها تحس
بامتنان عظيم له .. رفضت من البداية انها تسافر وهذا اللي اتفقت معاه عليه ..
كانت حياتها ماشية مثل ماتتمنى .. الا ان اكثر مايتعبها الكوابيس اللي تكررت
عليها كثير وانهكتها .. غير هالشي هي تعيش بسعادة نسبية ترضيها الى حد ما ..
الحبوب اللي تاخذها من أول زواجهم خففت من حدة الكآبة اللي كانت تصيبها قبل
وكلماته التشجيعية عززت من ثقتها في نفسها .. وفضفضتها له عن كل شي صار
بحياتها قبل واتعبها .. شال جزء كبير من الحمل اللي كان ملقى على عاتقها فتحت
باب الغرفة بهدوء وشافته جالس في الصالة ابتسمت وهي تشوفه متحمس مع مباراة
في التلفزيون .. سكرت الباب بنفس الهدوء .. خذت جوالها واتصلت على اخوها ..
ومن رد عليها جلست على طرف سريرها تسولف معاه : تصدق اني اشتقت لك ..
ضحك بصوت عالي وهو يكلمها : ماشاء الله اليوم المزاج تمام ..
ابتسمت على كلامه : الحمدلله مرتاحة كثير " وبهمس " عادل ..
عادل : هلا ..
دانا وهي مغمضة عيونها : مادري ليش اذا صرت مستانسة ودي انكم كلكم حولي ..
" وبضحكة .. " اوقات احس اني خبلة .. لا تضحك علي والله جد .. بس من يلومني
اللي شفته مو قليل .. يالله الحمدلله على كل حال ..
عادل يمازحها : يقولون الحب يصنع المعجزات ..
حست بخجل كبير من كلامه : تصدق انه ماكان يبيني ..
عادل : ايه عارف من أول .. بس الله اللي كاتب انكم تجتمعون ببيت واحد من انخلقتو
قاطعته دانا : وانت .. متى بتفرحنا ؟
غمض عيونه وتكلم : متى ماتبون ..
دانا بابتسامة : رسيل صح ؟
تنهد قبل مايرد عليها : تتوقعين بتوافق على واحد ابوه سكير وبالسجن ..
؟ واذا هي وافقت ابوها بيرضى ؟ عني انا بصراحة ما أتوقع .. وما ألومهم مو يقولون
دايم غلطة الآباء يدفع ثمنها الأبناء وانا ماودي انصدم اقول اخذ من بنات خوالي اضمن
اكيد ماراح يردوني ..
كان ودها تزرع بداخله امل .. أو تطمنه مثل ماكان دايم يطمنها .. لكن رسيل صديقتها
وتعرفها .. قومت الدنيا وقعدتها يوم تزوج اخوها قروية .. شلون راح ترضى بعادل
وابوه مقطوط بالسجن تكلمت بنبرة حاولت تكون متفائلة : ومن هاللي ماتتمنى عادل ..
رسيل خلها علي انا بكلمها ..
قاطعها بسرعة : لا دانا تكفين .. ماودي اتعلق بأمل وبالأخير يطلع وهم ..
دانا بإصرار : ولو ما حاولت بتقعد تلوم نفسك اذا راحت لغيرك .. انت ولا يهمك قلت
لك خلها علي انا بقعد معها وامهد لها الموضوع .. بس شوي مو الحين .. هالأيام يقال
لي عروس ..
ضحك على كلامها : ليش مو مصدقة يعني ؟ .. احلى عروس بعد ..
ابتسمت بخجل : مو ملاحظ اني عطيتك وجه .. والفواتير على يزيد المسكين ..
عض شفته بقهر : ايه يقولونها تصرف .. ولا تحاسب عند ابوها .. واذا راحت لبيت
زوجها تبدا في الاقتصاد تراه دكتور ومريش الفلوس مثل الهم على قلبه ..
حطت يدها على فمها تكتم صوت ضحكتها : اللهم لا حسد .. الدعوة مو اقتصاد بس
عاد في اشياء مالها داعي ..
عادل يصطنع الزعل : افاااا ماهقيتها منك يا دنو اجل السوالف معاي مالها داعي
" كمل وهو يسمع صوت ضحكاتها " الشره مو عليك .. علي انا اللي مضيع وقتي
وقاعد اسمع لك ..
دانا وهي مازالت تضحك : سلم على امي وخواتي .. ان شاء الله بجيكم بكرة ..
ودعته وسكرت منه وشعور الفرح بداخلها كبر .. تسائلت كثير هل انتهى الحزن من
حياتها للأبد هل الفرح صار ديدن حياتها مو مجرد لحظات عابرة تهدي لها مضادات
الاكتئاب .. اللي تعرفه ان اليوم من صحت الظهر وهي تحسه غير .. وكأنها انولدت
من جديد عشان تعيش الفرح وبس شكرت ربها من قلب على نعمه وعطائه .. تعلمت
من قيام الليل الصبر .. ومن الدعاء في جوف الليل الأمل .. ومن قراءة القرآن الراحة
والطمأنينة .. ومن الرضى بما قسم الله لها احساس السعادة .. يكفيها نصيبها اللي
جمعها بانسان متفهم لحالتها واحتياجها .. انتبهت لصوته يناديها ولفت عليه تطالعه ..
تكلم وهو مبتسم : ضحكيني معتس ..
ابتسمت بخجل : صوتي كان عالي ؟
هز راسه بإيه : عساه دوم يارب .. البسي عباتتس بنطلع نتعشى ..
ناظرت ساعتها وشافتها تشير لـ 10:25 م : الحين ؟
تكلم وهو يلبس شماغه : ايه .. انتظرتس بالسيارة ..
قامت على طول بدلت ملابسها ولبست عباتها ونزلت له .. ومن ركبت السيارة مد يده
وشبكها في يدها .. ابتسمت بخاطرها وزفرت كل الهوا اللي بداخلها وهي تحس بيده
تضغط على يدها .. جلس يسولف لها يحس انه اذا تكلم معاها بكل شي بحياته بتفهمه
اكثر وتحبه اكثر .. يكفي وجوده معاها اعطاها احساس الأمان اللي افتقدته فترة طويلة
بعز الصيف ودرجة الحرارة تجاوزت منتصف الأربعينات .. وتحت شمس الرياض
الحارقة في هالفترة من السنة .. وقفت تنتظره كانت متضايقة وواصلة حدها منه ..
هو قايلها انه برا ويوم طلعت وكلمته رجع يقول لها انه شوي ويوصل رجعت تدخل
شوي الين مايوصل .. ومن شافت سيارته من خلف الأبواب الزجاجية .. راحت له
وهي معصبة .. ركبت وهي تتأفف .. وعلى طول قبت فيه وهي زعلانة : يوم انك
بتتأخر ليش لاطعني برا .. وفي هالشموس اللي تذبح الواحد ..
بكل برود تكلم .. : لا تعالي طقيني احسن .. بعدين فيه شي اسمه سلام بالاول ..
تكلمت بنفس العصبية : مانيب مسلمة زين ؟
قاوم ابتسامته عليها وهي معصبة .. : لا مو زين .. ياشين الحريم لاحملن .. ماودك
تقربهم ..
لفت عليه تناظره ينرفزها اذا صارت معصبة وهو ياخذ الامور باستهبال .. ولفت
انتباهها احد قاعد بالسيت الخلفي ركزت نظرها وشافت بنوتة صغيرة قاعدة وهي
مبتسمة .. رجعت تطالع في طلال مستغربة : من هذي ؟
تكلم بدون ما يناظرها : من هي .. ؟
قهرها بروده معاها تحس وده تصارخ عليه و تذوب قالب الجليد اللي جنبها : البنت
اللي معاك من هي ؟ " ولفت تأشر عليها " هذي هي ..
بنفس البرود تكلم : بنتي ..
شهقت وهي تطالعها وتطالعه : وشووووو ؟
لف عليها متنرفز : شوي .. شوي فجرتي اذوني .. بنتي .. وش الغريب فيها ؟ محد
بالدنيا عنده بنات ؟
عجزت تستوعب كلامه اللي يقوله لها شلون بنته وهي توها تعرف .. حاولت انها
ماتعصب ولا تتنرفز : طلال واللي يسلمك فكني من هالمزح الماصل .. وتكلم من
هذي .. ؟
لف عليها ورفع نظارته يناظرها .. : يعني تبيني اكذب ..؟ هذي جزاتي اللي جاي
اصارحك واعلمك الصدق .. بس عاد تدرين بكيفك مو لازم تصدقين ..
لف على البنوتة وهو واقف عند الاشارة وهو يضحك لها .. : لولي قلبي .. تعالي
بوسيني
قامت بدلع وقربت منه .. وباسته على خده .. كل هذا ونورة تناظره مصدومة ..
استجمعت كل حروفها و تكلمت : بس انت قايل لي انك طلقتها قبل يجيكم عيال ..
شلون الحين جايب لي هالبنت ..
تأفف من تحقيقها : اووووف وانتي بتقعدين طول الطريق تحققين معاي .. ترى
الدنيا عز الظهر .. الواحد بالقوة يقدر يتحمل نفسه .. وانتي تبين تغثيني بأسئلتك
اللي ماتنتهي ..
فتحت عيونها على اتساعها وهي مستغربة تناقضه ..: هااااو .. وراك قلبتها علي
الحين .. هماك تقول انك جاي تعلمني اجل شلون اعرف وانت ساكت ماتكلمت ..
ولا انت هذا طبعك .. لاشفتني زعلانة ماتحب تعتذر .. وتقلبها علي لين اجيك انا
وارضيك .. " وغصب عنها نزلت دموعها .. من هالموقف اللي حطها فيه وهمست
بحزن " الله يسامحك بس ..
طلال بابتسامة : افااا بس زعلت الحنونة .. يعني الحين مصدقة ان عندي بنت وتوك
تعرفين .. هذي ليان بنت خويي رياض اللي سولفت لك عنها .. ول ماينمزح معك
انتي .. على طول تقلبينها جد ..
حست بلحظتها ودها تذبحه .. صرت على اسنانها وهي تكلمه : وهذا مزح ؟ ماتخاف
ربك انت ؟ لو صار فيني شي الحين بسبتك وش كنت بتستفيد ..
طلال وهو يوقف عند البيت : ياحبك لتكبير السوالف .. لا تسوين لي فيها انك زعلانة
عاد ..
نزلت وهي معصبة وسكرت الباب بكل قوتها بدون ماتقول له شي ودخلت البيت تحس
نفسها ودها تنفجر من الغضب .. يقهرها بروده .. اوقات تحس انه انسان بلا مشاعر
و تصرفاته غير مسئولة شافت خالتها والبنات قاعدين في الصالة سلمت عليهم وحبت
راس خالتها قعدت معاهم وهي متضايقة ..
ام طلال تناظرها مستغربة : وش فيك ياحافظ ؟ احد قايل لك شي ..
نورة بقهر : ولدك مايرتاح لين يجلطني ولا يموتني .. شايف حالتي هالأيام شلون ..
بنت عمي بين الحياة والموت بالمستشفى وهذا جاي يلعب باعصابي ..
دخل عليهم وهو شايل ليان .. سلم عليهم وعلى امه وقعد جنب نورة اللي من ضيقتها
بعدت عنه شوي .. سما من شافت ليان قامت تاخذها منه : ياحبي لها لولي .. ياعمري ياناس والله كبرت
قعدت تبوس في خدودها وتلعبها وطلال يعلمهم بالسالفة والبنات يضحكون .. ناظرته
ام طلال معصبة : ياصغر عقلك .. الناس تكبر وتعقل وانت ماشاء الله زاد هبالك ..
اجل جاي تقول لها هذي بنتي وتبيها تضحك لك .. سبحان الله مثل ابوك مايروق الا
بالسنة مرة ولا راق طلع لي الشيب في راسي .. الله يهديكم بس ..
تكلمت نورة بدون ماتناظره : ولادتي ان شاء الله بعيد الأضحى .. " وقفت تستئذنهم "
يالله انا بروح انوم لي شوي من اصبحت وانا بهالمستشفى ..
طلعت لجناحها ودخلت تسبحت ومن طلعت شافته جالس قدامها طنشت وجوده وهي
تروح لغرفة ملابسها .. لبست لها بيجاما وخذت جوالها واتصلت على راكان تسأله
عن سارة اليوم .. ومثل كل يوم سمعت نفس الجواب .. غيبوبة والى هالحين حالتها
غير مستقرة .. سكرت منه وهي تدعي ربها .. يسبل عليها ثياب الصحة والعافية ..
ويقومها بالسلامة .. رجعت لغرفتها وتمددت على سريرها بدون ماتقول له شي ..
تغطت وغمضت عيونها وهي للحين مقهورة منه ..
كان من الاول يحوس بجواله .. ومن شافها تجاهلته ونامت .. حاول انه يحتك فيها
ويكلمها .. : نورة .. " انتظرها لثواني ترد عليه ورجع تكلم بعدها " ترى قلت امزح ..
لا تزعلين عاد ..
رفعت اللحاف عنها وناظرته ..: ممكن تخليني انوم .. وبنت الناس اللي راميها تحت
رجعها لاهلها ..
قام وجلس على طرف السرير جنبها .. : الحين بروح .. بس لا تكلميني وانتي قافلة
اخلاقك .. فكيها عاد ..
قعدت على طول وتكلمت بعصبية بدون ماترفع صوتها : طلال انت تستهبل ولا تحاول
صعب يعني تقول غلطت ؟ تراها كلمة وحدة بس تطيب خاطري .. لكن انت تحب دايم
تضيق خلقي .. خلاص روح وخلني انام شوي بقوم اقعد مع اهلك قبل يسافرون ..
مسك يدها : خلاص حقك علي .. وربي اني كنت طفشان .. ومانويت امزح هالمزحة
بس شفتك معصبة علي قلت اغير الجو شوي ..
نورة وهي تناظر بعيونه : تغير الجو تعصب بي اكثر ؟
باس خدها وهو قايم : هالمرة سماح خلاص .. ادري قلبك طيب ومايهون عليك تزعلين
على نور عيونك ..
اخفت ابتسامتها وهي تعاتبه : وانت كل مرة تلعب بعقلي بهالكلمتين .. روح انت خلاص
ولا جيت بيروح اللي بخاطري كله للحين بقلبي عليك شوي ..
طلع من عندها واخذ ليان من عند خواته ومشى راجع للشركة ومن وصل للشركة مسك
جواله وارسل لها مسج اعتذار .. وبداخله متأكد بقلبها الطيب راح تنسى اللي صار كله
اذا عرفت ان اللي بقصده كله مزح حتى لو كان بدون معنى ...
من لحظة انكشفت كل الحقائق وهي تعيش بعذاب نفسي ما انتهى .. استحقاره لها
وكلامه اللي زود همومها وعذابها .. وفوق هذا حرمانها من ابسط وسائل الاتصال
خلتها تحس انها تعيش الحرمان بكل تفاصيله المتعبة .. جياته المتكررة وكلامه اللي
تحسه موجع اكثر من الضرب .. وشماتة امه وخواته فيها خلاها تعيش بحزن كبير
وزاد عليها هالهموم كل المشاكل اللي صارت في بيت اختها واتعبتهم .. نزلت عند
امها اللي من صار اللي صار ما تكلمها .. بالنسبة لها ممكن تتحمل كل شي الا كلام
امها لها اللي للحين مو قادرة تنساه .. وكل يوم يتردد في بالها .. وكأنه درس عليها
حفظه وتسميعه .. " والله ما اسامحك على اللي سويتيه ابد " جلست جنبها ودموعها
بعيونها : يمه تكفين وربي خلاص توبة .. بس ابيك ترضين علي .. والله اني اموت
في اليوم مليون مرة وانا انتظر منك كلمة ..
مسكت يدها تبي تحبها .. وسحبتها منها بدون ما تناظرها .. مسحت دموعها وتكلمت
بصوت مبحوح من الصياح : وربي توبة .. خلاص يمه انا عفت كل شي عقب اللي
صار .. ولد عمي كل ماجاني يعايرني " وبرجاء " اقسم بالله ماعاد امشي هالطريق
ابد ..
لفت عليها وناظرتها معصبة : وانتي تعرفين الله .. ؟ تالي عمري بناتي يفرقون بين
المرة ورجلها بالسحر .. ؟ ياويلكم من ربكم .. على هاللي سويتوه .. " رفعت يدينها
للسماء وتكلمت بحزن كبير " يااااارب اشهدك اني بريئة من فعلهم يارب لاتواخذني
بسواتهم ..
تكلمت بدفاع عن نفسها : بس يمه انا ماسويت لهم شي .. وربي تبت عن هالسحر
خلاص .. وش اللي استفادته فوزية منه .. والله ما اتدخل بحياتهم ابد ولا ابي منهم
شي .. حتى لو طلقها مابياخذني .. يمه انا مكتوب علي الشقى .. وهذا نصيبي مع
طلال ولا عزام ..
ضحكت بسخرية بدون ما تناظرها .. : العيب منك انتي .. ولا كلهم رجال وكلن
يمدحهم .. قومي عني مابي احاكيك ابد .. انا حالفة بالله ما اسامحك على فعايلك
انتي واختي .. وتراني ماولدت احد ولا ربيت .. من اليوم ماعندي بنات ولا ابيكم
عسى الله يغنيني من فضله ..
حنين وهي تحس بضيقة بصدرها .. : عاجبك حالي يعني .. وهم كل يوم والثاني
يدقون عليك ويتشمتون فيني ؟
بكل برود تكلمت .. : كفوك .. محد جاب لك الحكي الا انتي .. تحملي اللي سويتيه
عمرك كله .. رجلك راميك عندي .. وحالف علي ما اخليك تطلعين .. ولا تمسكين
التليفون .. ولا مو هو اللي حالف وربي ماتعتبين هالباب الا على قبرك ..
قامت من عندها يكسوها الحزن .. لمست قسوة بكلامها بحياتها امها ما كانت قاسية
ابد .. كانت بالنسبة لها الحنان اللي بحياتها ماعرفت مثله .. كانت ماترضى زعلها
واللي تبيه هي يجيها لو بأصعب الطرق ..
ماتلوم امها او تلوم عزام على اللي هي فيه الحين كل هذا نتاج حياتها قبل .. لعبها
واهمالها ولا مبالاتها .. خلقت منها انسانة تعيش حياتها بتفاصيل قمة في التعاسة
تعيش بسجن ممل وكئيب .. وكل زواياه تحكي فضيحتها .. او بالاصح فضايحها
ومابين عزام و طلال وقفت بالنص خسرانة " لا نالت عنب اليمن ولا بلح الشام "
واثنينهم استمرو بحياتهم من دونها .. ووقفت هي حياتها بانتظار هالاثنين ..
عورها قلبها على مصيرها وظلت لساعات تبكي بحرقة .. ماتحسفت على اي شي
كثر كلام امها ومعاملتها اللي تغيرت .. ودها لو الزمن يرجع فيها لورى .. وتختار
طريقها صح من البداية .. يمكن كانت للحين تعيش مع طلال بقمة سعادتها ..
تكورت على نفسها .. وهي تبكي بحرقة مصيرها المجهول .. قال لها انه بيتركها
معلقة .. وتدري انه يبي هالشي عشان يعذبها وهو بيعيش حياته مع انسانة غيرها
وبتظل هي هالمرة بعد .. تصارع غيرتها وحسدها .. وهي تشوف العالم يعيشون
بسعادة .. وهي ماحصدت بحياتها الا التعاسة ..
اما هو مو قادر ابد ينسى صدمته فيها شي ابد ماكان يتصوره .. مو لأنها زوجته
بس لأنها بنت عمه اللي ماتخيل ابد انها تكون رخيصة .. صحيح انه هددها انه
راح يتزوج على طول .. لكن هالصدمة افقدته الثقة في جنس حواء .. ومحتاج وقت
ممكن يكون طويل ويتناسى هالهاجس الموجع ..
ماوده يفكر فيها .. ولا يضيع دقيقة من عمره يتحسف عليها .. بنظره هي انسانة
ماتستحق منه ادنى تفكير او اهتمام .. وحياته راح تستمر فيها او بدونها .. وكل
انسان مهما كان نصيبه بيوم قاسي وقادتهم الدنيا لفراق قدره الله عليهم .. بيلاقون
العوض مع شخص آخر ونصيب مختلف .. وهذا اللي هو مؤمن فيه ولو بعد حين
زورق الندى
22-01-2013, 10:19 PM
الجزء الرابع عشر
[ الفصل الأول ]
/
\
/
\
راحْ عُمْري وقِلتْ : يالله ما عليه
كِنتْ أبيِّنْ راحِتي وجَرْحِي نِزَفْ
قلبي المُتْعَبْ .. أنا وشْ في إيديه؟؟
ما يجيه الحَظْ .. حتَّى بالصِدَفْ
يا حبيبي .. ما تِفيدْ الحينْ / ليه؟
والله العَالِمْ // بِمَا فِيني وعَرَفْ
[ إنتْ ].. أكْثَرْ شَيْ بالدِّنيا أبيه
وما حَصَلْ لِي فِيكْ قِسْمَه للأسَفْ
- بعد 4 اشهر -
بعد انتهاء مدة عدتها اللي استمرت 4 اشهر و 10 ايام .. قررو اليوم يروحون لبيت اخو
زوجها .. تبي تخطب لولدها بنت عمه .. تجهزت ولبست عباتها وقعدت بالصالة تنتظره
بيتهم كان من دور واحد من 6 غرف متوسطة .. وغرفته هو كانت وحدة منها .. صوتت
له وهي كل شوي تناظر ساعتها .. شوي الا وهو طالع لها .. ابتسم لأمه وقرب منها يحب
راسها .. ماكان يبي هالخطبة تصير بهالوقت .. ابد مو مستعد لها نفسيا .. محتاج وقت
طويل حتى يتخطى حزنه على ابوه اللي خطط معاه على هاللحظات بالتفصيل .. مشى معاها
لسيارته رايحين لبيت عمه .. قال لها من البداية .. مايبي ملكة كبيرة .. مختصرة جدا وتقتصر
على العائلة بس .. والعرس بعدها بفترة هو بعدين يحدده .. بس ماراح يكون قبل 3 اشهر ..
هم عارفين و متأكدين ان الموافقة راح تتم وروحتهم اليوم شكلية .. مجرد اجراء روتيني لازم
يصير بكل خطبة ..
كان يستمع لسوالف امه عليه .. يدري انها هي بعد كانت تتمناه يكون معاهم بهاليوم .. لكن قدر
الله وماشاء فعل .. رد على اتصال اخوه الكبير يستعجله .. وبعد ماسكر لف على امه يكلمها
.. : يمه ..
كانت تسبح بيدها .. كملت تسبيحها لثواني ورجعت بعدها تناظر فيه : هلا يمه ..
نايف بلهجة جدية : لاحد يقول فيه شوفه ومدري وشو .. بشوفها يوم الملكة .. البنت بنت عمي
وماله داعي هالسوالف كلها ..
تكلمت برجاء : اجل عجل على العرس وانا امك .. وخل هالعناد عنك .. فلوسك والحمدلله
عندك .. وعمك عارف احوالك كلها وماهوب محملك فوق طاقتك .. وهذاك مستقر بالرياض
والبيت بيت ابوك موجود .. مايبي لك الا شوي تجديد فيه .. وربك بييسر كل امورك ..
تنفس بعمق وتكلم وهو يناظر الطريق قدامه : ان شاء الله خير يمه ..
هزت راسها برضى وهي تردد : ان شاء الله .. ان شاء الله ..
ورجعت بعدها تكمل تسبيحها .. وسرح هو بأفكاره لهاليوم اللي راح يغير من حياته ..
"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون "
.. واليوم هو رضى بما قسمه الله له لعل في الأمر
خيرة .. وصلو لبيت عمه ونزل هو وراح لأمه يسندها .. ضغطت على يده بقوة وهي تطلع
الدرج .. كلم اخته تجيه عند الباب .. وبعد مامسكت امها راح هو لمجلس الرجال .. دخل
وسلم عليهم وجلس بعدها عند اخوه .. مراسم الخطبة مرت ثقيلة وكئيبة .. لحظات تمناها
تعدي بسرعة ويرتاح .. كان يدري بالجواب مسبقا .. البنت موافقة عليه وتبيه .. ابتسم لعمه
وتكلم : ابي الملكة بعد اسبوعين .. والعرس متى ماتبون انا راضي ..
تكلم اخوه الكبير على طول : بعد الملكة بشهرين .. وش قلت ياعمي ؟
عمه بسعادة بالغة : توكلنا على الله ..
طول الوقت كان مبتسم وكأنه مبرمج نفسه على هالتعبير الوحيد لحين انتهاء الخطبة ..
استئذنوهم طالعين وطول طريق الرجعة وامه تسولف له بلا توقف .. وفضل هو الصمت
حتى اشعار آخر .. بعد مانزلها طلع يتمشى بسيارته شوي .. كان محتاج لوقت يكون فيه
لحاله بعيد عن المجاملات والرسميات المرهقة الى ابعد الحدود .. كان يلوم نفسه على
لحظات اعتبرها طيش حتى لو كان قصده الخير .. من القرية وبيوت الطين واهلها الطيبين
ماتبقى له الا ذكرى حلوة .. ولحظات عذبة من العمر مستحيل تمحيها السنين .. ومن ملامح
سلمان البريئة .. ونظرات عيونها الخجولة .. تبقى بقلبه جرح .. كيف لحظة وحدة بس فرقت
مابين شعورين متناقضين .. فرح وحزن والسبب عادات قديمة ضرت اكثر من مانفعت ..
تمنى بس لو انه يملك فرصة وحدة بس ويبرر لها اللي صار .. ويسرد لها تفاصيل حكاية
خذلانه .. للحظات يهونها على نفسه .. متوقع انها بعد اللي صار ممكن تكون كرهته ..
وهالشي يسهل لها نسيانه .. تعوذ بالله من الشيطان .. وهو يدعي ربه ان الماضي يظل
ماضي بأوجاعه وجراحه وآلامه .. وتشرق له شمس الأفراح بحاضره ومستقبله ..
مرت الدقائق سريعة .. الوقت كان مربك قامو يتجهزون لهالاستقبال اللي الى
هالحين مايدرون شلون بيكون .. كانت تدري ان محاولاتها ممكن تبوء بالفشل
لكن عندها امل تنقشع غيوم الماضي وتتضح كل الصور .. يمكن تلاقي السعادة
الكاملة اللي افتقدتها .. دخلت عليها ديما في المجلس وهي ماسكة يد روان ومن
شافتها جالسة قلقانة ابتسمت : يمه ؟ حسستيني ان وراك اختبار ..
لمست خصلات شعرها وبعدتها عن وجهها : لهالدرجة واضح علي اني خايفة
من هاليوم ؟
قربت منها وجلست جنبها : يمه ليش خايفة ؟
تكلمت ام خالد بعمق : مو خوف بس تخيلي انك تفتحين كل ابواب الماضي وتنبشين
فيه .. اكيد بتظهر لي اشياء ماتسر .. وعماتك مو مقصرات كل وحدة فيهم لسانها
هالطول ..
ديما وكأنها تتذكر الماضي : ايه هم يكرهوني .. بس ماكانو يأذوني .. يعني يقطون
نغزات بأوقات .. والكلام مايقصرون معاي .. بس بعد مو دايم ..
همست لها ام خالد وهي تشوف ميساء تدخل عليهم : بعض الكلام يوجع اكثر من
الطق .. يااااارب يسر لي امري ..
حملت لهم الدقايق اللي بعدها حضور اكره الوجيه لقلبها .. اشخاص تسببو في اذيتها
ولو كانت مساعدة فقط واكتفو انهم يتفرجون عليها وهي تنهار .. وتطرد من بيتها
بالمقابل علت وجوههم الصدمة من اللي شافوه ديما واللي معاها وتشبه لها .. اكيد
وبدون اي تفكير امها سعاد من دخلت مع باب المجلس فتحت عيونها بصدمة وهي
مو قادرة تستوعب اللي قدامها : سلمى ؟
يمكن ملامحها ماتغيرت كثير الا ان سنوات العمر وهمومها اظهرت بعض التعب
على هالملامح .. راحت ديما تسلم عليهم .. وتخفف من حدة التوتر من هاللقاء اللي
مبين انه حامي من البداية .. كانت تتمنى تشوف عمتها هيفاء قبل بس ربي قدر انهم
يجون بالأول .. التزمت ام خالد الصمت طول الوقت رغم اللي بقلبها .. حتى يوم
شافت هيفاء اللي كانت صغيرة بأيام زواجها .. وشافت فرحة ديما بشوفتها ولقائهم
الحميمي الى ابعد الحدود .. كانت تقاوم طوفان المشاعر اللي بداخلها .. ودها تعبر
و تتكلم .. وبعد الغدا راحت تغسل ونادت ميساء تجيها .. ابتسمت وهي تمسك يدها
وتكلمت بخجل : بخاطري كلام من الأول ودي اتفاهم معاهم .. بس ماحبيت اقول
شي ماترضينه في بيتك ..
ميساء بابتسامة شفافة : عارفة انك ماجيتي هالمشوار كله .. الا تبين تريحين قلبك
خذي راحتك وقولي كل اللي بخاطرك .. عسى الله يطمن قلبك يارب ..
تنفست بعمق واستعدت للمواجهة اللي انتظرتها من سنوات طويلة ومو مهم النتائج
بالأخير .. ربي اخذ لها بحقها من اللي ظلموها .. دخلت المجلس .. وهي تدعي ان
الله يسهل كل امورها .. وابتدت معاهم النقاش بصعوبة .. رغم انها شافتهم وهم
يتهامسون من البداية : سعاد ..
لفت عليها تطالعها بدون ماترد .. وكملت سلمى كلامها بنفس القوة : انا جيت اليوم
لاني ابي اعرف وش اللي صار وشلون دخل رجال بيتي .. وبغرفتي بعد .. ومنو
هذا الرجال .. لا تقولين ماتعرفين .. لأني ماراح اصدقك .. ولا تبرأين نفسك لأنك
ابعد انسانة عن البراءة ..
قاطعتها بعصبية وهي تأشر باصبعها عليها : انتي جاية تتهميني اني اعرف الرجال
اللي جبتيه لبيتك ..
تكلمت سلمى بكل هدوء حاولت تستنجد فيه بهاللحظة : وليش عصبتي ؟ لو مو غلطانة
ما أثر فيك كلامي .. انا ما اتهمتك بس لأني اعرفك مخزن اسرار فوزية وكل شي
هي تسويه تدرين عنه قبل البشر كلهم ..
حاولت تصطنع البرود رغم انها كانت تحترق من داخلها : وهالشي بينك وبين فوزية
روحي تفاهمي معاها هي .. ليش جاية تحاسبيني انا ..
سلمى بضحكة استهزاء .. : تستهبلين علي ولا شلون ؟ انتي عارفة انها ماتقدر تتكلم
والحروف يالله تطلعهم .. لاتقعدين تطالعيني كذا ولا تستغربين كلامي .. كل اخباركم
تجيني .. واللي رموني في عرضي ربي ابتلاهم بعرضهم ..
تكلمت ليلى بقهر : ماشاء الله جاية تتشمتين في بنت اخوي ؟ الله يقويك ياشيخة بس
ترى عندك بنات وربي بيبتليك فيهم ..
سلمى باحتجاج .. : استغفر الله العظيم .. انا ماجيت اتشمت في احد ولا كان رحت
لفوزية وتشمت في كل شي صار لهم .. ادري الدنيا تدور ومحد بيدوم على حاله..
وياليتكم انتو بعد تتعلمون ان الله فوقكم وعالم بالخفايا واللي في القلوب .. ياسعاد
وربي اللي خلق السماوات والارض ماراح اسكت عن حقي .. وبدعي على كل من
تبلى علي وقذفني في كل صلاة وكل سجود قولي الحق ولا تسكتين عنه ولاتصيرين
شيطان اخرس ..
هيفاء بذهول : سعااااد ؟ تدرين كل هالسنين انها مظلومة وما تكلمتي ؟ ليش وش
ماسكة عليك فوزية ؟
سعاد بغضب : تخسي الا هي ما تمسك علي شي .. واللي كان في البيت عند سلمى
والله مادري من هو .. صحيح ادري عن العمل اللي فرقت فيه بينهم بس هالرجال
هي قالت لي مثل ما الكل يدري .. انه اخوي راح وشاف عندها واحد بغرفتها ..
كلمة وحدة الجمت الكل من الصدمة تبادلو النظرات .. قد تكون زلة لسان او لحظة
اعتراف بالفعل .. سلمى بعدم تصديق : عمل ؟ يعني سحر ؟
سكتت سعاد وماتكلمت ولا قالت شي .. تركت هي تفسر الكلام على كيفها وتركت
كل التساؤلات تدار والاجابات تتكرر .. كانت سلمى مصدومة من اللي سمعته مهما
كان الحقد اللي بقلب فوزية عليها الا ان السحر كان ابشع من كل تصوراتها .. لفت
عليهم تناظرهم وماقلت تعابير وجيههم عن تعابير وجهها صدمة .. استغفرت ربها
كثير قبل تكمل كلامها : وانتي تصدقين وحدة تتعامل بالسحر وماتخاف الله ؟ طيب
واذا كلكم حقدتو علي بذنب الزنى اللي ما اقترفته .. ليش ماحقدتو عليها بذنب السحر
" انتظرت لفترة طويلة جوابها لكنها التزمت الصمت .. " ماتقدرين تجاوبين صح ؟
لأن كل الاجابات ضدك ؟ لأنكم كلكم ظلمتوني .. لكن انا فوضت امري لله .. كل
شي قلتوه عني واتهمتوني فيه نشهد الله عليه يوم القيامة .. وان شاء الله ربي يظهر
الحق .. وبتخسرون صدقيني بتخسرون ..
هزها كلام سلمى من الأعماق .. هي ظلمتها مع كل من ظلموها .. لكنها ماعرفت
بأمر السحر الا بعد سنوات .. كان الحقد والكره وقتها تغلغل بداخلها وهي تشوف
عذاب اخوها من العار اللي لحق فيه .. تكلمت سلمى وناقشتها وكان جوابها في كل
مرة نفسه .. والى هاليوم مايعرف بسالفة الرجال الا فوزية هي الوحيدة اللي اكيد
دبرت هالمكيدة ونفذتها بحرفنة .. وراح يجي يوم وتظهر كل الحقائق ..
/
\
/
\
طول الوقت مافارقتها ابتسامتها .. سعادتها اللي تعيشها انستها كل حزن ماضي
واي تعاسة وجروح اتعبتها طوت في صحيفة النسيان .. وكل اللي تبقى لها قلوب
تحبها وهي تبادلها هالمحبة .. كل احساس اندفن بداخلها قبل ظهر وصار اجمل
وكل خوف كانت تحسه تلاشى .. ولاقت في احضانه الأمان اللي كانت ترتجيه
والـ 5 اشهر اللي عاشتها معاه علمتها قيمة انها تلاقي انسان يحبها لذاتها بدون
اي رتوش او تجميل للنفس .. بصفائها وصدقها .. واهدت له هو الحب اللي يستحقه
رغم اختلافهم في اوقات .. وزعلهم بأوقات اخرى .. الا ان الحياة تستمر ولولا
مشاكلنا ماتعلمنا كيف نحس بالفرح .. تغيرت كثير بهالفترة استمدت قوة من قربها
من خالقها اولا .. ومن ثم وجوده حولها .. وعلاجها المجاني .. اللي منحها احساس
بالرضى والطمأنينة افتقدته لزمن مضى .. كل شي بحياتها مرضي الى ابعد الحدود
والاستقرار النفسي .. والعاطفي اهم مقومات السعادة .. انتبهت لنجود اللي من اول
تكلمها واتسعت ابتسامتها : وشو ؟ ليش تناظريني ؟
نجود وهي تزم شفايفها : يعني من اول اسولف على نفسي .. خلاص والله ما اعيد
سالفتي لو تموتين ..
دانا بضحكة : والله ما انتبهت كان في بالي شي مهم وقاعدة افكر فيه وابي استشير
امي بالأول ..
نجود معترضة : لااااا مو بكيفك والله لتعلميني ..
كشت دانا على وجهها : مالت بس .. ياحبك للقافة .. سوالف كبار ماتنفع لك يعني
اطلعي منها احسن ..
وقامت تركض وهي مادة لسانها .. وطلعت لجناح امها بقصرهم اللي رجعو له من
شهر .. من طقت عليها الباب ودخلت .. رجعت قفلت الباب وراها .. جات وجلست
جنبها على السرير وتكلمت : يمه ..
ردت عليها وهي تقلب في صور طفولتهم : سمي ..
دانا بخجل : ابي استشيرك بموضوع وابي اعرف رايك فيه ..
رفعت عينها وناظرتها .. : قولي يمه ..
ترددت شوي وهي تحس بالحرارة بوجهها من الخجل : ابي احمل " ونزلت راسها
بعد ماشافت ابتسامة امها " بس انتي تعرفين الحبوب اللي آخذهم .. بتضر الجنين
لو حملت .. واخاف اتركهم وترجع لي كل الاعراض اللي قبل والكآبة والوسوسة
اللي كانت تتعبني ..
مسحت على شعرها وهي تطمنها : توكلي على الله وانا امتس .. ومن توكل على
الله فهو حسبه .. وهالحبوب مردتس بتوقفينه ..
مسكت يد امها وحبتها : انا خففت منها من فترة .. بس والله خايفة .. ماودي ارجع
لهذيك الأيام .. الضيق اللي كنت احس فيه والله اني ما اتمناه لعدوي .. بس الحمدلله
على كل حال .. ربي عوضني خير ..
ام عادل بحب : لا تفكرين ولا تشيلين هم .. ولا تتعبين عمرتس وتتعبينن معتس ..
هزت راسها برضى وهي مبتسمة : بتوكل على الله .. واللي الله كاتبه لي بيصير ..
" قامت وحبت راس امها وكملت " بروح عند رسيل الين يأذن العشا واجي ان شاء
الله ..
رفعت يدينها للسماء وهي تشوفها طالعة : الله يوفقتس وانا امتس ..
رددت بداخلها من قلب " آآآمين يارب " ونزلت تحت لبست عباتها وخذت شنطتها
واتصلت على رسيل تستقبلها عند الباب .. ومن وصلت لها .. استقبلتها بالاحضان
كعادتهم رغم انهم يتقابلون كل يوم بالجامعة .. دانا وهي تدخل معاها للبيت راحو
لمجلس الحريم وقعدت هي وياها وبدت سوالفهم اللي ماتنتهي عن الجامعة والتخرج
والحياة بعد التخرج ..
رسيل بقرف : اووووف وربي مليت هالترم وش طوله مايبي يخلص .. ابي الترم
الجاي يجي بسرعة واتخرج .. خلاص وصلت حدي من الدراسة ..
طقتها دانا على كتفها : احمدي ربك انا اللي بعد يبقى لي ترم عاد شوفي شلون راح
اداوم في الجامعة من غيرك .. وانتي تعرفيني مو من النوع اللي اختلط في ناس كثير
الله يعين اتوقع بروح على وقت محاضراتي واطلع .. وش اللي حادني على الطفش
وكل دفعتي متخرجين .. يالله وش اقول بس .. قدر الله وماشاء فعل ..
رسيل باستهبال : تصدقين انك كسرتي خاطري .. وافكر اني أأجل كم مادة واخذها
معك ..
دانا وهي تضحك : لااااا تكفين ارحميني .. لا انتي تخرجي خلاص وتزوجي " ومن
لمحت ملامح وجه رسيل الخجولة .. تكلمت " ترى الى هالحين مارديتي علي صار
لي حول الشهر مكلمتك .. رسيل لا تستحين مني .. وربي لو رفضتيه مايتغير شي
بعلاقتنا ابد وبتظلين انتي صديقتي وتوأم روحي واغلى وحدة على قلبي .. هذا زواج
مو لعب ومشاعري وربي اعتبريها خارج الحسبة ..
قاطعتها رسيل على طول : وربي يادنو مو هذا اللي في بالي .. وانا اعرفك واعرف
شلون تفكيرك .. بس اخاف ابوي مايوافق .. مع انه انسان مايعرف الظلم ابد .. ولا
يحكم على الناس من الظاهر .. ودايم وربي يمدح في اخوك ..
دانا بأسى : بس سمعة ابوي ممكن تخليه يرفض ..
مسكت رسيل يدها وتكلمت بصراحة : اوقات اخاف من هالشي .. اعذريني ياقلبي
مابي افتح عليك جروح انا ادري انك حاولتي هالوقت كلها تنسينها ..
ضمتها دانا وهي تقاوم دموعها : ان شاء الله بنسى .. ربك كريم .. " وبضحكة من
قلب موجوع " يعني انتي موافقة على عادل ..
بعدت رسيل وتكلمت بخجل : وانا بلاقي احسن من اخو دنو وين ؟
قبصتها في خدها وهي تضحك لها : علينا هالكلام .. ياشيخة اخوي ينحب ياليت
الناس كلها مثل قلبه .. يارب يكتبك من نصيبه يارب .. والله يا ريسو لو تحققت
هالأمنية راح اعيش بقمة سعادتي ومايبقى لي من امنياتي الا امنية وحدة وعسى
ربي مايخيب رجاي فيها ..
رسيل وهي فاهمة اللي بخاطرها : يارب .. تستاهلين كل خير وربي ..
مسحت دموعها اللي نزلت وكملت بضحكة : ياشينك لاصرتي رسمية وين البنات
ونورة .. خليني اجلس معاهم شوي قبل ارجع للبيت ..
زورق الندى
22-01-2013, 10:23 PM
اطالت في سجودها وكأنها تودع كل دقيقة في الحياة بابتهالات للخالق عز وجل
وبحر عينها اللي ما جف ولا نضب رغم ذرفها لدموع بكل وقت وكأنها تغسل
كل ذنب اقترفته بهالحياة .. انهت صلاتها واكملت بعدها التسبيح والخشوع ومن
ثم قراءة القرآن .. ناظرت بكل شي حولها .. الناس والاجناس والالوان اختلفو
بكل شي الا المصير اللي ينتظرهم الى حفرة لا يتجاوز طولها المترين وعرضها
المتر الواحد .. ومايتبقى للعبد الا العمل الصالح .. وكل متاع الدنيا زائل لا محالة
غمضت عيونها وقرأت بعض السور اللي حفظتها .. كان صوت نشيجها يقطع
القلب .. وبلحظات تختنق الحروف والكلمات بداخلها ومايتبقى الا صوت بكائها
حطت المصحف على صدرها .. واطلقت العنان لدموعها تغسل همومها وكل
حزن سكنها .. فتحت عيونها وهي تسمع اسمها .. ابتسمت وقامت معاهم ناظرت
بكل شي حولها .. من هاللحظة ابتدت تفاصيل الوداع المريرة .. كل شي حولها
تشوفه للمرة الأخيرة .. طلعت وشافتهم بانتظارها .. ابتسمت لهم واقتربت تسلم
عليهم ..ضمت مروى بقوة وطال العناق اللي بينهم والدموع كانت وسيلة الاتصال
الوحيدة بينهم في هاللحظة .. لمحت دموع ديما اللي ماكانت تبي تشوف هالمنظر
قدامها وتصد بعينها عنهم لأي شي الا انها تشوفهم اشرت لديما تقرب لها وضمتها
من قلب .. كانت تضمها وكأنها تستشق ريحتها لآخر مرة .. كل اللي كانت تبيه
لحظة تنسى فيها كل اللي راح .. وتودعها اليوم الوداع اللي هي تبيه .. بداخلها
مشاعر فاضت فيها واتعبتها .. وكل ماحست فيها راح تبتعد عنها ضمتها اقوى
دقايق وابتعدت ديما عنها .. ومسكت يدها ماتبيها تبعد .. وبيدها الثانية مسكت يد
مروى اللي مقطعة نفسها من الصياح .. همست وهي تقاوم دموعها : ان شاء الله
نلتقي في جنة عرضها السماوات والأرض .. الحمدلله على كل حال .. والحمدلله
على قضائه وقدره .. وربي ان حالي اليوم افضل من قبل وانا ضايعة بلا اخلاق
او حتى دين .. بس كل اللي ابيه منكم تذكروني بالخير " لفت على ديما تناظرها "
ادري ان اللي بينا مافيه خير ابد .. بس قلبك الطيب .. بينسى كل شي صار مني
دوري لي اي شي حتى لو كان هاللحظات الأخيرة واذكريني فيها .. وكل ماطريت
على بالك ادعي لي .. ادعو لي تكفوني وربي اني في امس الحاجة لدعائكم ..
حطت ديما يدها على فمها تكتم شهقاتها وضغطت بيدها الثاينة على يد منال : لا
تتوقعين اني اكرهك .. ولا مبسوطة في اللي وصلتي له .. انا جيت عشانك لأني
ابي اعلمك اني سامحتك وربي ..
كان الوداع مؤلم بكل صوره .. الا انها رضت بهذا المصير اللي انكتب عليها ..
اوقات الانسان تتحكم فيه مشاعره وعواطفه .. بدون اي تفكير عقلاني .. ومشاعر
الغضب ولدت بداخلها رغبة كبيرة في الانتقام " والجروح قصاص " بعد ساعتين
بس راح تقاد الى ساحة القصاص .. جلست معاهم تحتضن اوجاعهم وكأنها تبي
تترك لهم الفرح من بعدها .. ومابين كلماتها كانت تتوقف للتسبيح والاستغفار ..
ناظرتها ديما وهي تبلع غصتها .. وبداخلها تحسدها على قوتها في مثل هالموقف
كيف تضحك وبعد قليل من الوقت راح تكون في عداد الموتى .. تركت وراها كل
آلام الماضي .. الدنيا فانية والعمر محسوب .. ليش نضيع ايامنا بأحقاد تزيدنا قسوة
وتباعد .. ليش مانخلي قلوبنا صفحة بيضاء مشرقة ماتعرف الحقد والغل وأي
مشاعر بغض وكراهية .. تمنت لو كانت هالجلسة في بيتهم .. وجمعتهم مشاعر
الأخوات وحبهم لبعض .. بدل ماضيعوه في احقاد دفينة وانتقامات بلا مبرر ..
منال اللي كانت معاهم جسد فقط .. وروح مغيبة اغلب الوقت .. كانت صورة
قوية وصامدة من الخارج وبداخلها تتهشم ألف مرة .. عذاب وعذاب ما انتهى
بيوم .. وكآخر مجال لها ودعتهم كلهم .. حتى امها اللي على كرسي متحرك ..
همهمت بكلمات مافهمتها منال .. ضمت يدين امها وحبتها : مأجورة يمه .. داومي
انتي على علاجك .. والعلاج الطبيعي وان شاء الله ترجعين مثل قبل .. " ضمتها بقوة
وهي تردد " ان شاء الله نجتمع في الجنة يمه " وبرجاء " كفاية احقاد وكره تكفيييين ..
ابتسمت وهي تناظر اخوانها سلمت عليهم وهي تطلبهم الدعاء لها .. وداع استنزف
كل مشاعرهم وبات الفقد مؤلم الى حد فاق الوصف .. وارتجفت اجسادهم ألم من
مصير قاتل بعد وقت قصير .. ودعتهم للمرة الأخيرة ولوحت لهم من بعيد وكأنها تحفظ
صورهم بعينها .. واختفت وسط صوت صياحهم اللي يدمي القلب ..
بعد ساعتين تم تنفيذ حكم القصاص فيها .. وفارقت روحها الجسد .. بعد ماتابت الى
الله من كل ذنوب ومعاصي لازمتها بأيام حياتها السابقة .. واتمت حفظ 5 اجزاء من
القرآن .. ورحلت من هالدنيا بكل مافيها من هموم وافراح واحزان ..
/
\
/
\
بنفس اليوم اللي غيبت فيه روح عن الحياة .. وبعدها بساعات قليلة فقط .. تناهى
لمسامعهم صرخة طفلة هاليوم هو أول أيام عمرها تناست كل ألم اصابها وابتسمت
برضى .. وحلت ملامح الفرح محل العبوس اللي اكتساها .. قربوها منها وشالتها
بحذر وهي تناظرها .. طفلة اكتست اللون الأحمر وهي تصيح .. والملامح ابد مو
واضحة .. القمتها صدرها ومنحتها أول غذاء بهالحياة .. رغم التعب اللي فيها الا
ان هالقرب والتواصل انساها تعب هاليوم .. وشعور الأمومة لأول مرة له طعم خاص
تأملت ملامحها بتعب كل شي فيها صغير وجميل بنظرها .. مدتها للمرضة تاخذها
منها وغمضت عيونها ونامت .. بعد نوم عميق .. فتحت عيونها وهي تسمع صوت
الممرضة اللي ازعجها .. شوي وشافته يدخل لها وبيده اغراض لها .. وباليد الثانية
شايل لها بوكيه ورد .. ابتسمت له وهي تمد يدها ليده تمسكها .. بادلها الابتسامة
وقرب منها : الحمدلله على سلامتك ياقلبي .. والف مبروك .. الله يحفظها لنا يارب ..
تكلمت وهي تناظر بعيونه : آمين يارب " وبلهفة " شفتها ياطلال ..؟
طلال بفرحة : ايه ياعيون طلال .. قمر طالعة على امها ..
ضحكت وهي تحط يدها على بطنها ..: اصلا هو باين منها شي .. اسمها عليك مثل
ماوعدتك ..
بابتسامة عذبة : وانا سميتها حور ..
غمضت عيونها وهي تتكلم معاه .. : عاشت الأسامي يابو حور ..
طلال وهو يناظر ساعته : عاشت ايامك .. اكيد اهلي وصلو من أول مكلمين وقايلين
انهم بالطريق ..
ما انتظرو كثير حتى تجمعو حولها كل الأحباب .. حتى شيخة وراكان اللي من وصلهم
خبر ولادتها الا وهم جايين .. بعد يومين بالضبط رجعت للبيت .. وبعدها بكم يوم
وبغرفتها اللي مجهزة لها بالدور الأرضي .. متمددة على سريرها والبنات حولها ..
كل اللي تحبهم وحبوها .. قريب منها جلست لمياء اللي حامل بأول شهر .. : يارب
يرزقني مثل هالبنوتة .. ميسووو شوفي عيونها ياحبي لها ..
ميساء وهي تبوسها على خدها : الله يحفظها ويخليها لكم .. وانا ان شاء الله ربي يكتب
لي حمل قريب .. فيصل مجنني يبي ولد ..
لمياء تطالع في رسيل اللي جاية لهم بالعصير : ماشاء الله جاتنا العروس .. متى الملكة
ياريسو ودنا نفرح ..
طقتها ميساء على يدها : البنت توها ميتة وانتي تبين فرح ..
حطت يدها على فمها : أوه نسيت والله .. عسى الله يغفر لها .. ويرحمها ويجعل الجنة
مثواها ..
ردد الجميع : آمين ..
فلتت ضحكة من سما وتكلمت : ماشاء الله من تزوجتي هالمطوع صرتي مثله ..
لمياء وهي تناظر بنص عين : عسى الله يهديني على يده .. هو فيه احد يكره الهداية ..
" رجعت لفت على رسيل اللي جلست قبالها " ماقلتي لي متى الملكة ؟
رسيل بخجل : بعد شهر تقريبا ..
سما وهي جاية تبي تاخذ حور من لمياء : هاتيها بالله قبل لايجي قرقوش .. ومايخليني
اشيلها " وثقلت صوتها تقلده " بنتي لا تشيلينها .. تبين حبيها وهي بمكانها ..
ضحكو كلهم على طريقتها في تقليده .. خذتها بحجرها وصارت تبوسها بخدودها ..
ونورة كل شوي تقول لها تجيبها لها .. وتجمدت مكانها وهي تسمعه يسلم .. وتمتمت
بخوف : ميسو خذيها وربي بيذبحني ..
مدت يدها ميساء تشيلها وهي ميتة ضحك : تراه مايخوف ..
سما وهي منزلة راسها ماتبي تناظره : اجل الحين شوفي الوجه اللي ماعمرك شفتيه ..
قرب من سما ومسكها مع اذنها وهو كاتم ضحكته : انا كم مرة قايل لك انتي يالبزر لا
تشيلين بنتي ..
حطت يدها على يده تبي تبعدها : أي .. حرام عليك والله اعرف اشيلها ..
كانت تتكلم وهي تناظر ميساء وكأنها تعلمها باللي تجهله .. فكها وهو يصطنع الجدية
وجلس بين لمياء وسرير نورة .. ومد يده يشيل حور وهو يبوسها .. لف يطالع ميساء
ولمياء وهو يضحك : ماينافسني في حبها الا امي وابوي لا صاحت يجون من الصالة
كأن عندنا حالة طواريء .. وامي ماتخليها بسريرها طول الوقت وهي شايلتها ..
ابتسمت ام طلال وهي تناظرها بحب : شلون ما احبها وانا من كبرت انتظر هاليوم اللي
اشوف فيه عيالك ..
كان مبتسم وهو يتأملها .. وهو يسمع سوالفهم ويغرق عشق في ملامحها .. بعد ماراحو
كلهم تركوهم اثنينهم مع بنتهم ..
نورة بعتب مازح : اشوف الغلا كله راح لحور ..
رفع حاجب وناظرها مستغرب : ومن اللي يقدر يملك هالقلب الا ام حور " وبابتسامة "
انتي غلاك غير وهي غير .. انتي زوجتي وحبيبتي وعمري ودنيتي كلها ..
توردت خدودها خجل : الله يخلي لي حور اللي خلتني اسمع هالكلام الحلو كله .. ويخليك
لي ياعين ابوي انت ..
لمت بنتها في حضنها ترضعها وهي تعيش اسعد أيام عمرها .. مع الشخص اللي ابد ما
اختارته وكان نصيبها .. وهالنصيب صار بالنسبة لها أجمل من كل الأحلام وكل الأمنيات
الجزء الرابع عشر
[ الفصل الثاني ]
/
\
/
\
آه ..كـم فيـني لـمــا قــبــل تـكـويني حنيــن
صرت أنا اللي عاش ماقبل تكــوينه حيـــــاه
عشقي أكبـــر من حــدود التأمل في اليقيـن
عشق سمعي ( للغطاريف ) من ذيـــك الشفــاه
يوم كـانت هيبــة الساحة من لــــوز ٍ وتيــــن
يــوم كــانت ترســم النـــار أصابعنــــا دفـــاه
الأمل : بيتٍ من أحجار.. وأخشابٍ .. وطين
والفــرح : في حضرة الجار بأحضــانه عشـــاه
يوم تــاخذ ( خبـزة البيت ) شكـل الجالسيــن
بيـنـنـا الجيـران حتى " الشقيق " أبـدى غـلاه
نــــــادراً مــايعطي الـــجوع فرصــة لاعبـيــن
وان لـعبنــا نلعب ( الطِّيش ) بـــاقــدام ٍ حفـــاه
في ضجيج البيت ( مهراس ) نسمع لـه رنيــن
واستمدّت ( ركــوة ) الطفــل هــزّه مــن بكــاه
المحبة : جلجلة عقــد صـــدر امي ( لجيــــن )
واحتدم في نظرة الشيبـــة تلويحـــة عصــــاه
كان يحمل جـانب البيــت ( قــدر وطاستين )
كان يمسك ركن ذا البيت ( مسحـاة ) انتـبـاه
( الخصف ) يسهــر يشخبط خــدود النايمـيــن
( والســـراج ) المشتعــل يـنـتـظر لوحـــة مســـاه
( الحَجَلْ ) يطرب صبــاحات نــاس ٍ سارحيــن
كـــل صبــح ٍ في وجــوه البشــر تلقى رضـــاه
قــريـتي مــاحــلّ وقــت ( الصــرام ) إلا يـبــيـن
كل شخصٍ ( والركايب ) غــدت تسمـع غنــــاه
يوم حنّت أوديــتــنــا لــ( قربــــة ) من يــديـــن
اختلـط هـــرج الصبــايـــا بتــرحيـب الميــــاه
صـــادقـــة تشبــــه أذان الفجـــر ( الله يعيــن )
كانت أغزر من هطول المطر ذيك الجبــاه
يــوم كـان العيـــد يشبــه كفـــوف الراحليـــن
يوم كان العيـــد يشبـــه لـ محمد في صبـــاه
رغم آلام جسدها اللي مافارقتها من اول يوم فاقت فيه من الغيبوبة الى هاليوم
الا انها تعيش احساس مختلف .. فرح غير عن اي فرح عاشته قبل .. وشوق
للبيوت اللي حضنتها من الصغر .. وضمة امها وغفوتها على صدرها والمطر
وريحة المطر بأرضهم .. وصوت طقطقته على السقف الخشب .. والسيل اللي
يجري بين بيوت الطين .. وخبز خالتها ودعوات عمها .. كل شي في هالديرة
اشتاقت له وفقدته .. وبلحظات طيش ظنت ان هالمكان سجن لطموحاتها لقت
ان ديرتها وقلوب اهلها ماتساوى بكنوز هالدنيا .. وان القصر اللي كانت فيه
رغم كل المتاع اللي كان بين يدينها .. ماكان الا سجن .. استنزف كل طهرها
وبرائتها ..
لفت تناظر محمد اللي قاعد قدام ومبتسم جنب العم مساعد اللي يتحمل اكثر
من يوم في الاسبوع رايح وجاي على هالطريق ..
نزلت الشباك شوي واستنشقت ريحة ديرتها اللي قربت منها .. المزارع اللي
فيها والنخل اللي بدت تلمحه .. لمعت عيونها بدمعة وهي تعاتب نفسها على
كل يوم اختارت انها تعيش فيه بعيد عنها .. اختارت الحياة والمال وخسرت
نفسها وصحتها .. ومازالت الاسياخ في فخذها الى حين التئام هالكسور ..
نزلت دموعها غصب وهي تشوف بيوت الطين تظهر لها جات اكثر من مرة
لديرتها بعد ماسافرت بس هالمرة غير .. هالمرة رجعت بشكل نهائي وتركت
كل متاع كانت تطمح له ورا ظهرها .. تركت جرحها .. اللي نزف باسبابه
وصدمتها في هالزمن اللي كان اقسى من طيبتها وسذاجتها .. وأول ماوصلو
بيتهم نزل محمد يفك لها الباب .. شافت امها واقفة بعباتها وبرقعها كان ودها
تطير بحضنها .. تبي بس تقول لها انها مستحيل تفارقها ابد .. وان هالفراق
اللي اختارته بلحظة طيش .. تندمت عليه اشد الندم فتح لها محمد الباب و مد
لها العكازين واسندها يوقفها .. وقفت ومشت بصعوبة الين وصلت عند امها
اللي من شافتها على هالحالة وهي تصيح ..
ضمتها بقوة لصدره .. واطلقت سارة .. العنان لدموعها تذرف بلا توقف ..
ماتدري شلون ابدلت هالحضن اللي تموت فيه بملذات دنيا زائلة .. سمعتها
وهي تصيح وتلوم نفسها وزاد صياحها .. : والله ماعاد اخليتس تروحين عني
انا الغلطانة اللي من الأول ما منعتتس .. ولا انتي تعرفين شي بهذيتس الديرة
يابعد عمري يابنيتي ..
حبت يد امها وتكلمت : يمه انا الغلطانة .. انا اللي حنيت على راستس وراس
عمي الين وافقتو .. والحين اقول لتس توبة .. ماعاد ابي اروح مكان .. ابي
اقعد بديرتي .. ابي يمه لا تضايقت .. افضفض لتس اللي بخاطري و احتسي
لتس ..
كانت هيا واقفة ورا امها وهي تسمعهم .. الكلام اللي بين هالاثنين اوجعها بس
فرحتها برجعة اختها تنسيها هالوجع كله رغم ان منظرها وهي تعرج والعكاز
بيدها كان مؤلم ..
دخلت بعدها للبيت وتعاقبو للسلام عليها هيا ومشعل .. وكان اللقاء مؤثر الى
ابعد الحدود .. لفت على امها تناظرها وهي مبتسمة ومازال مبين على وجهها
آثار الصياح : يمه ودي اركض بكل مكان .. ودي اروح المزرعة .. واسير
على كل بيوت الديرة ودي لا جا المطر نطلع انا وبنات الديرة للسيل ونركض
فيه .. ولا شفنا احد من عيال الديرة توزينا ورا هالبيوت .. " نزلت دموعها
وهي تشوف امها حاطة يدها على خدها وتناظرها وبعيونها دموعها " ودي
نروح لأم عبيد وتعطينا من قرص الخميرة اللي كل يوم تسويه ودي اتحارش
انا وموضي على الثياب اللي ناخذهن .. وكل وحدة فينا تسابق الثانية من اللي
تقوسهن بالأول ..
قربت منها هي وضمتها وهي تهمس لها : كل شي تبينه بيصير لا تحتسين
تسذا .. لا تخليني احس انتس بتودعين ..
وقبل ماتقول شي ماحست الا باللي تطق الباب من برا بكل حماس : هيوونة
افتحي الباب مشتاقة للسوري .. وخلي محمد ومشعل يروحون الغرفة .. ولا
يطلعون برا .. اي مكان المهم يدبرون عمارهم ..
هيا وهي تفتح الباب : ول عليتس بالعة رادو انتي ..
موضي وهي تدفها : وخري زين .. " وهي تصارخ على مشعل " نزل عينك
ولا تناظرني .. وجلست جنب سارة تضمها " السوري حبيبة قلبي .. ياعلني
ماخلا من هالخشة اللي تفتح باب الرزق .. وياعلني ماخلا من هالزول اللي
احبه ..
هيا وهي تضحك : حشى رجلتس ماهيب بنت عمتس ..
رفعت برقعها بعد ماطلعو العيال وهي تبوس سارة وفرحانة فيها : مابي ارد
عليتس لانتس خربتي وعلومتس ماعاد هي مثل أول خليني الحين مع السوري
ياحبي لها ..
سارة وهي تضحك على كلامها .. هالانسانة هي الوحيدة من بين هالعالم اللي
تهدي لها ضحكة من بين الدموع .. : يابعد عمري ياموضي .. وربي توني
في طاريتس وانشديهن .. ياحبي لتس والله ان الطيب عند ذكره ..
ضحكت موضي بفرح .. وسولفو احلى سوالف بهاليوم .. ضحك .. ووناسة
وماخلت هالجلسة من الدموع اللي رافقتهم من البداية ..
زورق الندى
22-01-2013, 10:25 PM
- بعد سنتين -
الديرة اليوم غير .. الفرح له طعم ثاني .. والسعادة ترفرف على كل القلوب ..
والمشاعر اللي بقلوب هالناس الطيبين .. اليوم تجتمع فرح لعيونهم .. عريسين
بعز شبابهم .. هالفرح اليوم لهم .. بداية حياة جديدة .. وشباك الآمال مشرع لهم
وعروستين .. قلوبهم غضة ونقية .. هو حبها من الصغر وهي كافئت هالحب
بحب اكبر .. يغلفه خجلها ..
وهي بعد عاشت قصة خذلان من نوع آخر لكن عاشت ورددت على مسامعهم
" طارت الطيور بأرزاقها .. واللي خلقني ماهوب مخليني .. بيجيني نصيبي اذا
الله احيانا .. ولا اعرست برقص بعرسي والفح بشعري " وهو من عيال هالديرة
درس وكافح وكون نفسه بصمت .. وبدون اي مقدمات اختارها له .. وارتضت
فيه هي لأنه شخص بكل بساطة ماينرفض ..
كانت عكس هيا بهدوئها .. حركاتها ازعجت الكوافيرة .. وكل شوي تطلب منها تهدا
تبي تضبط لها التسريحة .. تكلمت بصوت عالي : لاااا ترفعينه لي .. خليه نازل
شوي .. انا حالفة اني بألفح بشعري .. " لفت على هيا تترجاها " هيونه تكفييين
شوفي شلون تزينه لي ..
طنشتها الكوافيرة وسوت لها تسريحة بسيطة وتركت بعض من خصلات شعرها
نازلة لانها شافتها كل شوي مادة يدها لورى .. بتتأكد اذا بترفع لها شعرها كله
خلصت وقعدت تنتظر هيا تنتهي من تسريحتها وهي مكانها تهز رقبتها مع الطق
اللي تسمعه وهي في بيتهم : ياويل قلبتس ياموضي راح عليتس الطق وسعة الصدر
هالحين هم يرقصن وانا قاعدة ادربي دميجتي واناظر بخشتس ..
ابتسمت هيا على كلامها وتجاهلت تعابيرها البريئة .. هي كذا دايم وماعمرها
تغيرت تعبر عن الفرح مثل الأطفال تقول كل شي بخاطرها بدون تردد .. بعد
مانتهو منهم قامو ثنتينهم يلبسون فساتينهم .. كانت بسيطة جدا الا انها مناسبة
لهم .. هم اعتادو بكل حياتهم هالبساطة .. وراحت هي أول للقسم المخصص
للعروس بزاوية الخيمة .. وأول ماشافت خواتها وسارة .. قعدت ترقص مع
الطق قربت من نورة وهي تاخذ يدها : يمممممه .. وربي بصيح من الخوف
ماغير ارقص .. يارب سترك بس ..
نورة وهي ماسكتها من كتوفها بتشوف شكلها .. : موضي وجع .. اركدي عن
المصاخة وقلة الحيا تراتس عروس ولا من شافوتس عجز الديرة بينقدن عليتس
جلست وهي تحاول تكون هادية وناظرتهم مبتسمة : اقسم بالله احس نفسي خبلة
على هالابتسامة .. النوري تهقين لا شاف رجتي بيهون .. ؟
ضحكت سارة وهي ترتب في شعرها .. : ايه بيهون مير اركدي ياملا الصلاح
كشت موضي عليها : جايتني عجيز البدو .. وخري لا تخربين كشختي ..
سارة وهي مبتسمة .. : حسرة علي عرسي مثل يجيب الغم .. طقطقتهم تضيق
الخلق .. والعريس فاك خشته ..
شيخة تقرب من سارة وتلف يدينها حول كتوفها : تذكرين يوم تقولين لصيتة
ام المشق .. وتعايرتس بعليان .. دار الزمن وماخذتي الا هو ..
بعدتها سارة عنها وهي رايحة عند الحريم : وخري عني انتي وكرشتس هذي
وطلعت تركض وهي تعرج .. بعد ماسبب تهشم الركبة عندها عرج خفيف برجلها
اليمين ..
جلست موضي مكانها فرحانة .. وبنفس الوقت خايفة ومترقبة لهالشخص اللي
بتكون هي وياه لحالهم .. ومن دخل عليها مشاري نزلت راسها خجل ونست كل
خبال ورجة فيها وماقدرت حتى ترد عليه من الخجل .. حست بقلبها يرقص فرح
واليوم فرحها اكبر من ماضي اليم عاشته لفترة من عمرها .. والعمر يمشي وما
يتوقف على احد .. وهي مضى عمرها وكتب لها ربي الحياة مع شخص ثاني
الكل يمدحه ..
طلع بعدها ودخلو سلمو عليها حريم الديرة سلمت على اهلها وخواتها وودعتهم
وراحت معاه للرياض اللي يداوم فيها مشاري .. وراح تستقر فيها ..
العروس الثانية كانت مثل الملاك .. طفلة وكبرت بنفس ملامح طفولتها .. اخيرا
بعد صبر هالسنين شافها .. وجهها اللي مايذكره الا من طفولتها الحين يقدر يشوفه
بكل وقت .. هي له وقدر الله تكون له .. اقترب منها وهو يهمس بحب : مبروك ..
رفعت عينها والتقت عيونهم لثواني .. هي بعد كانت تبي تشوفه .. تبي تحس انه
اقرب لها من روحها .. وبالفعل كان .. ضغط على يدها .. وهو يقرب من اذنها
ويهمس لها : ماني بمصدق وربي .. هيونة تكفين انا بحلم ولا بعلم ..
ضحكت ونزلت راسها بخجل .. لف يناظر امه وخواته وخالته .. وسارة اللي
توها بشهرها الثالث .. وشيخة اللي بشهرها السادس .. كلهم مجتمعين حولهم ..
وكل ماتحركت من جنبه سحب يدها ومسكها بقوة وكأنه خايف انه يفقدها ومن
اختفى الكل من عندهم ولبست عباتها بتروح معاه .. تنهد وقال لها من اعماق
قلبه : هيوووونه وربي احبتس ..
- مابعد النهاية -
* نورة وطلال حياة مستقرة يصاحبها برود احيانا من قبله .. ولهفة وعشق من جهتها ..
واللي يذيب هالبرود وجود حور من بينهم .. اللي الحين تنطق حروفها الأولى
وكل الأماني بأطفال ينضمون لهالعائلة الصغيرة ..
* دانا ويزيد حياة رائعة مبنية على الآمان والاحتواء حب من الطرفين
والحياة بوجود ابوها تجددت معاه الافراح .. فرحو مرة بـمهند
ومنتظرين الفرحة الجاية بعد 7 اشهر
* شيخة والوليد استقرار آخر وحياة هادية احيان ومتوترة احيان
اخرى الا ان السعادة هي شعارهم .. شيخة حامل بالشهر السادس ..
* موضي ومشاري وبداية قصة حب من اول نظرة واول لقاء ومازالو في ايام شهر العسل
* ديما ومتعب سعادة من نوع آخر وحب بريء ومندفع منها يقابله عشق
حد الثماله من جهته .. والثمرة محمد بعمر الشهرين ونص
* سارة وعليان حياة مجنونة احيان كثيرة والعشرة الحلوة تغلب في باقي الأوقات وبانتظار مولودها
الأول بعد 6 اشهر ..
* هيا وراكان .. حب وعشق وهيام من الصغر كبر وتجاوز كبر هالدنيا ومازالو في ايام
شهر العسل ..
* رسيل وعادل ماكملو السنة من تزوجو حياتهم مستقرة وقلب مثل قلب عادل
كفيل انه يزرع الابتسامة بكل مكان ..
* ميساء مازالت تتمنى تحمل وتجيب اخو لبناتها .. ولمياء الحين عندها بنت واسمها لين ..
* كل هالعلاقات مبنية على اساس سليم .. هم مايعيشون الرومانسية المفرطة
ولا الأحلام الوردية .. يعيشون الواقع بكل صورة .. يوم فرح ويوم حزن ويوم
ضيقة والأيام تترا ..
* طارق الى هالحين ما تزوج .. وام طارق شفيت بنسبة 70% واصبحت انسانة منعزلة
على نفسها وتعيش حياتها بكآبة .. حنين يقابلها نفس المصير ضيق وحزن ماينتهي
واصبحت تحمل لقب مطلقة للمرة الثانية ..
* عزام تزوج ويعيش باستقرار عائلي بعيد عن حنين وكل ما ارتبط فيها
* نايف يعيش حياة مستقرة مع زوجته .. والحب يجمعهم .. وذكريات القرية بالنسبة له
للحين من اجمل الذكريات و أوجعها ..
- سجينات خلف قضبان القصور -
* نورة .. سجينة ماضيه .. وغروره وعناده .. وبروده .. تحررت
من 3 ومازالت تصارع سجنها الرابع ..
* دانا سجينة اب عاصي .. وذكريات مريرة وتحرش وتعذيب جسدي
وتحررت من كل القيود الحين وتعيش بكامل حريتها
* ديما سجينة الاستبداد والظلم .. سجينة الحقد وزوجة الأب الظالمة
سجينة السحر والعذاب المتواصل .. والآن هي حرة طليقة خارج اسوار
تلك السجون المقيتة ..
* منال سجينة انحلال اخلاقي وغياب رقابة اسرية وذئب بشري تمثل لها
في صورة العاشق الولهان
وانتقلت من هالسجن الى سجن اكبر واكثر اذلالا حتى آخر لحظات عمرها ..
* حنين سجينة حقدها وحسدها وغيرتها .. سجينة انحرافها وفسادها
سجينة تربية مدللة ومازالت تقبع خلف قضبان هالسجن حتى يكتب لها الله قدر غيره ..
* سارة سجينة اندفاعها وسذاجتها سجينه رغبات فاقت حدودها وبيئتها
ومجتمعها .. سجينة جهل داخلي ما انتهى .. تحررت من هالسجن بأقل
الاضرار .. ومازال في القلب غصة ..
سجيناتي كانو خلف القضبان .. ومازالت الكثيرات يقبعن خلف قضبان
الألم والجور والظلم والتعذيب .. حتى يكتب الله فرجا من عنده
- حكايا قلب -
4 اشهر جمعتني فيكم كانت من اجمل ايام العمر بالنسبة لي اكتب كلماتي
الحين ودموعي مو راضية توقف .. قد تكون آخر رواية لي .. وقد يكون
هذا الوداع الحقيقي .. من اعماق قلبي شكرا شكرا شكرا لا تكفي لكل من
شجعوني ودعموني .. لكل من تفاعلو معاي .. ولكل من تابعوني من خلف
الكواليس احرف ربما اوجعتني بأوقات .. وبلحظات كنت اضحك وتمنيت من
كل قلبي .. كل احساس يوصلكم .. شكرا لكل من ساندوني برسائل خاصة
ولكل من شجعوني .. شكرا على كل الألقاب اللي منحت لي افضل كاتبة
في منتديين .. وتثبيت قصتي في 3 منتديات قصة مميزة
وافضل عضوة .. ولقب قاص ..
شكرا لكل من قيموني ولكل من شرفو بروفايلي شكرا وربي لا توفيكم حقكم ..
واعذروني على كل تقصير وعلى كل تأخير وعلى كل لحظة خذلتكم فيها
بدون قصد مني يشهد علي رب العالمين .. وربي راح اشتاق لكم وشوقي فاق كل وصف ..
احبكم في الله .. واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..
القاكم بإذن الله في جنة عرضها السماوات و الأرض
" اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطاك "
انتهتتت
دانة الكون
23-01-2013, 03:09 AM
شكلها روايه حلوووه
برجع اقراها :biggrin:
الله يعطيك العافيه
زورق الندى
23-01-2013, 07:21 PM
اي حلوه كثير ,,
واشياء في النهاية ماتتوقعينها ,,
اقريها ماراح تندمين .. انا توني خلصتها تقريبا يوم السبت ..
ومن جد تعجبت في النهاية لاني كنت حاط توقعات واخر شئ نفتها ,,
زورق الندى
02-02-2013, 04:28 PM
....................للرفع....................
زورق الندى
01-08-2013, 06:23 AM
^^^^ للرفع^^^^
المسافر الهلالي
11-08-2013, 07:50 AM
يعطيك العافية على الموضوع الرائع
زورق الندى
22-08-2013, 11:46 PM
يعافيك
مشكوووور ع المرور
vBulletin® v3.8.12 by vBS, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.