المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدالة السماء" بقلمي"


دلال كامل
08-04-2013, 05:09 AM
هذه القصة حقيقية تعود أحداثها إلى زمن بعيد نسبياً ، قصة عائلة أبو أحمد
عائلة صغيرة مؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال أكبرهم في الرابعة من عمره وأصغرهم لم يكمل عامه الأول .

عائلة فقيرة تقطن في قرية نائية بعيدة كل البعد عن الحضارة والمدنية ، لا يوجد بها مدرسة ولا مشفى بل مستوصف صغير يؤمه أهل القرية وأهل القرى المجاورة لوجود طبيب به متمرس وإنساني لأبعد درجة .

كان الزوج فلاحاً بسيطاً يعمل بجد ونشاط , يستيقظ كل يوم مع بزوغ الفجر يحمل منجله ويتأبط كيس زاده ويتوجه إلى عمله وهو يشدو بمواويل تراثية تدخل البهجة إلى قلبه كي يبدأ نهاره بتفاؤل وسعادة ، وعند حلول الظلام يعود إلى منزله يسبقه شوق جارف لعائلته التي هي مصدر سعادته.

ذات يوم عاد من عمله فوجد زوجته تفترش أرضية المطبخ وهي تئن من شدة الألم ، وعلى مقربة منها سلم خشبي مهشم ، وشقيقته وأطفاله يجلسون بالقرب منها ، تفطر قلبه حزناً عليها ، دنا منها سألها ما الذي حصل ؟ ما الذي يؤلمك ؟ كانت الحروف ترتجف على شفاهها من شدة الألم .

قالت شقيقته : كنت في منزلي أصنع الحلوى لأطفالي وما إن انهيت كل شيء .. حتى شعرت بشيء ما في داخلي يحثني على زيارتكم فحملت إليكم بعض الحلوى ، وجدت الباب مفتوحاً وعند دخولي سمعت صوت أطفالك يبكون ، كان صوتهم آتياً من هنا عندما رأيتهم بحالتهم هذه لم أتمالك نفسي من البكاء ، حمدت الله بأنني جئت في الوقت المناسب ، حاولت أن أسعفها ولكنني تراجعت خوفاً من أن تتأزم إصابتها ، دنا من زوجته وضع كفه على رأسها بحنان وهو يتمتم " الحمدلله بأنكِ ما زلتِ على قيد الحياة ، لقد تلطف الله بكِ وبنا إطمئني سأحضر الطبيب في الحال .

خرج مسرعاً وعاد مع الطبيب بسيارته الخاصة فربما تكون إصابتها خطرة مما تستدعي نقلها إلى أقرب مشفى .

دخل الطبيب وتفحص المكان ثم عاينها فقال: بأنها تعاني من كسور في قدميها ورضوض في أنحاء مختلفة من جسدها نتيجة قوة الإرتطام بالأرض.

كان بحوزته عيدان النخيل وضمادات لمعالجة الكسور وعندما انتهى من عملية التجبير ناولها كل ما تحتاجه من أدوية بالإضافة إلى الإرشادات التي يجب فعلها أو تداركها.

شكره زوجها كثيراً ثم بادره قائلاً : كم تريد يا دكتور؟

قال : أيها الطيب ، إن الله يحبكم لو تأخرتَ قليلاً لما وجدتني كنت على وشك المغادرة إلى المدينة ..لا أريد من عملي هذا سوى وجه الله .. سأعاود الزيارة يومياً لمتابعتها حتى تتماثل بعون الله إلى الشفاء التام .

علمت القرية بمرض زوجته فأصبح منزله مقصداً للأهل والجيران الكل يريد الإطمئنان عليها ، وتقديم المساعدة كل حسب استطاعته ، وبقي هم واحد يشغل بال الجميع "من سيقوم برعايتهم ليلاً نهاراً " راقت الفكرة لابنة أخيه الكبرى فاديا ليس حباً بهم بل لغاية في نفسها ، فهي ستبقى قريبة من منزل حبيبها ياسر شقيق صديقتها وفاء وسيكون لها مطلق الحرية بأن تزورها كل يوم و تلتقي به بعيداً عن الأعين . دنت من عمها وقالت : أنا ابنتك يا عمي وامرأة عمي هي بمثابة والدتي وأبناء عمي هم إخوتي ، ثق بي سوف أرعاكم جميعاً .

مرت الأيام وأم أحمد تتماثل للشفاء رويداً رويداً ، كان أملها بالله كبيراً فارتدت ثياب الصبر وكان لسانها لا يفتر عن ذكر الله.

كان الأب يعامل ابنة أخيه كأطفاله تماماً ، يخصها بأشياء وبأموال حسب استطاعته ، كانت تشعره بأنها سعيدة بكل ما تقدمه لهم .

يوماً بعد يوم أحست بأن رعايتهم تأخذ كل وقتها وبأن ما خططت له يذهب أدراج الرياح فبدأت الأفكار الشيطانية تكبر بداخلها إلى أن بدأت بتنفيذها فالكل يثق بها ولن يلاحظوا أي شيء.

بدأت تتذمر من امرأة عمها ، كلما طلبت منها أمراً ما أو سألتها عن أطفالها ، أو إلى أين تذهب كل يوم ؟ " كان جوابها دائماً أشبه بسكين جارح تغرزه في فؤادها ، فهي تعلم بأن أطفالها نقطة ضعفها لذلك تمادت وتمادت وما كان من امرأة عمها سوى الصمت وبث شكواها إلى الله .

بعد فترة قصيرة من الزمن بدأت الأم تلاحظ شحوباً وهزالاً على أطفالها مما أثار ريبتها وأدخل الشك في نفسها، فنادت طفلها الكبير وأخذته في حضنها وسألته : هل تحب فاديا ؟ رد الطفل : لا

قالت : ولكنها تحبكم ، فهي تهتم بكم وتطبخ لكم الطعام اللذيذ .

قال : إن طعامها ليس بلذيذ ، طعامكِ يا "ماما " ألذ ، إنها دائماً تضربنا وتمنعنا من البكاء وتجعلنا ننام بقوة أغلب الوقت .

داهمت الأم الحيرة وبدأت تسأل نفسها ما الذي تطبخه فاديا لأطفالها !! وإلى أين تذهب كل يوم !! هي تعلم بصداقتها لوفاء وبأنها كانت تزورها كلما جاءت لزيارتهم ولكن لما كل هذا الحب لوفاء !! ثم تمتمت : لا بد في الأمر شيء ما !! عليها أن تغادر منزلنا فوراً قبل أن تتفاقم الأمور، وتحينت عودة زوجها لتخبره بما سمعته من طفلها وبشكوكها حول خروجها اليومي الدقيق بالوقت كعقارب الساعة.

لم يصدق زوجها ما سمعه منها بل قال : عليَّ أن أتحرى كل شيء بنفسي كي لا أظلمها ، دخل المطبخ وعندما خرج منه كان شخصاً مختلفاً ، هرع إليها وهو يصرخ " يا عديمة الرحمة كيف تفعلين هكذا بأطفالي؟!! أيوجد في الكون كله أطفال يشربون الحليب المملح أو يأكلون الحلوى المملحة والخبز الجاف !! تنعتين زوجتي بأقبح العبارات !! لأجل من كنتِ هنا ؟ سأقتلكِ يا سافلة وحمل معوله وهمّ بالهجوم عليها فكانت أسرع منه ولاذت بالفرار.

علم أهلها بسوء أفعالها مع أخيه وعائلته فحزنوا جداً واعتذروا منه وعاقبوها بعدم الخروج من المنزل وبقي سر خروجها اليومي طي الكتمان .

تعاون الأهل والجيران في رعايتهم حتى منّ الله على زوجته بالشفاء وعاد منزله يعبق بالحب والحنان .

بعد مرور سنة استفاقت الجميع على جريمة قتل تردد صداها في أنحاء القرية , شاب غرر بفتاة قاصر فما كان من أخيها إلا أن تحين الوقت المناسب فأراده قتيلاً ، وعندما علمت فاديا بأن القتيل حبيبها ياسر كان وقع الخبر عليها كالصاعقة ، فبدأ الدم يخرج بغزارة من فمها ثم انهارت وغدت طريحة الفراش جراء شلل نصفي أصابها ، وبموته انكشف للجميع السرالذي أضاعت نفسها لأجله وكادت تودي بحياة عائلة بريئة لا ذنب لها سوى أنها وقعت فريسة قلب لا يعرف الرحمة فحلت به عدالة السماء.

دانة الكون
09-04-2013, 12:03 AM
لا حول ولا قوه الا بالله
قصه راااائعه

الله يعطيك العافيه
بانتظار جديدك المميز :101:

دلال كامل
11-04-2013, 05:51 PM
الله يعافيكِ غاليتي دانة

توقعي المزيد بإذن الله

ودي ووردي

الدووووخي
20-04-2013, 10:54 AM
الله يعطيكـ العافيــــه ..

دلال كامل
20-04-2013, 10:15 PM
الله يعافيك

شكرا على المرور الرائع

بقلمي أسطر
08-05-2013, 11:15 PM
يعطيك العافية وما قصرت

الف شكر لك

:101::101::101:

ضحكة خجولة
09-05-2013, 01:19 PM
بورك طرحك
تميز قلمك
سلمت اناملك