أ.محمد العبدلي
13-04-2013, 11:52 PM
الغاوية أو رواية الغاوية لعبده خال ..
كنت أتحدث مع المعجبين لروايات عبده خال .. وقال : لى من لم يقرأ روايات
عبده خال ..
فقد حرم متعة الأدب القصصي ولاسيما روايته لوعة الغاوية .. وقال : هل تحب الاطلاع عليها أعيرك ثم تردها فقلت له لابأس وأبديت شكري وتقديري له .
وكنت أظن الغاوية أنه يتحدث عن غاوية ظلّت الطريق ولم يدر في خلدي أنه يقصد قرية الغاوية ..
ليتخذ منها بطلا لروايته ومكانا لمجرى الحكاية .وعندما أمعنت النظر فيها وجدتها تتكون من (443 صفحة ) صدرت عن دار الساقي للطباعة وكانت في طبعتها الثالثة .
أيقنت حينها أنّ الرواية قد حققت ماصرف على طبعها .وأنّ قراءها راضون عنها
وتلقفوها بالقبول .
فلماذا لا أكون كأحد هؤلاء القراء وأتعرف على أسلوب وإبداع عبده خال وأبدي
لصديقى ما أستحسنه ومالا أستحسنه حسب وجهة نظري وفهمي المتواضع
للأدب الروائي .
وقد لفت انتباهي صورة تلك الفتاة السبئية التى توحي على غلاف الرواية أنها هي المعنية بالحكاية .
المسماة بالغاوية وأخذت أمعن النظر، والجلوس في مكان قصي عن الضوضاء لأستمتع بهذه الرواية ، وأول ماصادفنى من شخوصها هو مبخوت بدأ في الرواية
كطفل صغير في قرية الغاوية
وماواجهه من مرض وختان ولمّا شبّ عن الطوق .
رحل عنها إلى مدينة جازان
وتناقلت حوله القصص والأخبارفي بطولة غير مشرّفة .
لرجل قروي بسيط في آماله وتطلعاته حول خبز رغيف وغرفة تواريه عن أعين الآخرين .
وتعليمه متوسط ويحمل شهادة معهد دينى إذن فهو يعرف ما معنى الحلال والحرام
ومن قرية الغاوية يحط ّ رحاله في مدينة جازان ..
ومن مساوئ الصدف يلتقي بامرأة صفيقة تصطاد في الماء العكر تسمى جبرانة .
وتتبسط معه أطراف الحديث وتحاول مساعدته على الحصول على سكن ولم تعلم أنه متزوج بفتاة تدعى مؤنسة .
هذه هي البداية في حديثنا عن هذا البطل أماجبرانة فقد عرفت أنّ مبخوت قد عزف عنها وعن غيرها ، ولاهمّ له إلا العيش مع زوجته مؤنسة بسلام ، وعرف عن مبخوت
أنّه محبّ للأطفال يمسح على رؤسهن ويقدم لهن الهدايا والحلوى بناء على وصيّة أخته التوأم حفصة تخليدا لوفاتها
كماذكر عبده خال في آخر الرواية إلا أنّ هذا الحب للأطفال قد جلب له الخزي والعار ، ووصف مبخوت عن طريق جبرانة أنّه يعتدي على الصغار ويتحرش بهم عند خروج زوجته .
مما ألّب عليه سكان الحي ، وأخرجوه من جازان ، على غير هدى ، وتحت حماية الخيّرين من جيرانه .وأظنّه خليل المسلكى .
فاستوطن جدة بعد أن حمل وزر فتاتين وافتض بكارتهما كما تقول جبرانه وهما طاهرة عماري ، وعبير مساوى (صفحة 20)
وكانت ملاحقة عبده خال في الكشف عن شخصية مبخوت غير دقيقة وغير واضحة المعالم لافي الزمان ولافي المكان .
في صفحة سبعة..
غريبا يبحث عن مأوى ثمّ فجأة نشعر كأن الشخوص الذين أخرجوه من جازان هم نفس الشخوص الذين جاوروه في جدة عند نزوله بها هربا من فضيحة تلاحقه بجازان .
ودون أي مقدمات يوجه عبده خال شخصياته حسب خارطة الخيال القصصي ، كيف تعيش وكيف تموت ، ومايحدث حولها من حوادث جانبية وشخوص يملاء بهم فراغ التوقف القصصي .
بل وجدنا الكاتب يتحدّث بحديث نفسي ، وبعيدا عن الهدف المنشود كأنه يتحدث عن عمق قصصي يخصّه هو لاغيره .
والهدف هو كلام سردي من أجل التطويل وقد أضاع متعة المتابعة للشخصية الأصلية ، التى أحببناها ونتطلع إلى نهايتها (مبخوت)
وهذه النظرية لم تتناسب مع الحدث الرئيسى لمبخوت ، والهرم القصصي لنمو الحدث
وكثيرا مايخرجنا من الحدث الرئيسى ليزج بنافي أحداث جانبية ، لتلك الشخصيات التى تواجهنا من أنماط المجتمع ..
سواء ذكورا أو إناثا ويصوّر لنا ثقافة تلك الشخوص المعرفية والمهنية كوالد فتون كبائع موز خاسر وزوجها مربي الأغنام وسائق تكسي .يتبسط مع الركاب لقطع الطريق .
وما قيل ويقال من صدق وكذب على لسان تلك الشخصيات ، مما أنستنا مبخوت تماما في الكثير من صفحات الرواية .
وعندما نودع جبرانة بجازان ننتقل إلى مكان آخر إلى جدة
وكأنّ القاص يربط جدة ..
بزمن غابر في عهد ها التى لم تكن هي عليه من تطوّر ورقي في الزمن الحاضـر
مما يدلّ على اكتناز عقلية عبده خال بخيال تصويرى رائع عن تلك الحقبة
ومتجدد يستحق التقدير ومشبوب بالعاطفة التى تربطنا بمجتمع صغير تربطه الألفة والمحبة مع كره وبغض
لم يلبث أن يزول بين السّكان لمختلفي الثقافة والنّطق كبائعة الفول الحاجة زهراء الإفريقية وأم فتون الغجريّة .
و ماحدث من أخطاء مبخوت في جازان يحدث بجدة ، وهذه المرة في ليلة مطر ..
وعلى بطلة محوريّة جديدة تمضي أحداثها المأساوية جنبا إلى جنب مع مأساة مبخوت الذي يصوّره الكاتب بسوء الطالع والحظ .
وهذه البطلة الجديدة هي فتون والتى هي الأخرى لاتبعد عن جبرانة ومؤنسة وأنس في تعلقهن بمبخوت
الذي خذلهن جميعا ، ولم يكن عند حسن الظّن
إلا أنه شغفهن حبا لاهوادة فيه ولاصبر .
تنهمر السماء بالمطر وتدخل فتون منزل مبخوت في غياب زوجته مؤنسة وقد استمال قلبها بهداياه وأغانيه لمحمد عبده وطلال وليلى مراد ومجموعة من المغنين اليمنيين وبحسن معاملته
وكانت في سن المراهقة فسلمته نفسها
فعبث بها دون مراعاة للجوار ولا للطفولة
وحملت له بعد ذلك ..
فنونا لضروب العشق لم يحتمله قلب ولا يحتويه كيان ، ولم تمسحه الأيام والليالى كما ذكر عبده خال لكشف شخصية فتون وولهها.
وفي تلك الليلة الماطرة يسند لمبخوت بطولة أسطوريّة في إنقاذه للكثير من الأرواح من الغرق.
ومن ضمنهم جابر البطل المحوري الثالث الذي هو في عداء مستحكم مع مبخوت ورغم هذه البطولة الفريدة
لم تشفع له عند أهل الحارة وصوّروه بالأعزب ثم فجأة ثبت لنا أنّه متزوج بمؤنسة وقد عرفنا أنه حملها معه من جازان وكانت فتون تكن لها
العداء والكره وتنافسها على حبّ مبخوت ، و برغم أنها كانت مؤنسة زوجة مبخوت
تتعرض لنوبات مرض فكانت فتون وجدتها يذهبان لمساعدتها ومعالجتها .
ومن هناك وقعت نظرة مبخوت على فتون جارته وحدث بينهما ماحدث فربما هذه الحادثة
هي القشّة التى قصمت ظهر البعير فأخرج بسببها مبخوت من الحارة مع زوجته مؤنسة
وبنفس الحدث الذي أخرج به من حارته بجازان .
كما أنّ الكاتب يبرر لأخطاء مبخوت وهوسه الجنسي لأنه تزوج بمؤنسة غصبا عن طريق والده
وهو لايريدها مع العلم أنه كان يحترمها ويجلها لأنه من رقعة ثوبه
وربما تربطه بها قرابة تعفيه من الإساءة لها برغم سوء خلقها وجفاء معاملتها لزوجها كما أوحى بذلك الكاتب.
ويتعاطف الكاتب مع مبخوت فمرة يصرّح ببراءته من الاعتداء على لأطفال ومرة يدينه .
بفعل ظاهر ومشين مع فتون .
وبرغم مكانة مبخوت الاجتماعية التى حصل عليها كوظيفة ساع للبريد وقصة توزيع المجلات المصادرة على شباب الحارة ومن ضمنهم جابر الأعمى الذي حلل نفسيته الكاتب تحليلا جميلا .
ثم نجد في خضم هذه الأحداث نقلة في الزمن وتغيّرا في حياة تلك الحارة فقد وصلها التجوال ..
وهو خلاف ما كنّا نريده من القاص أن يبق ثقافتنا حول عدم تغير الزمن المفاجئ .
وولادة فتون في زمن جهيمان قرنت بالخطيئة أصبحت عندها زكاة أسرة
تشبيه ووصف غير لائق من كاتب كبير
له قراءه النبلاء الكرام في صفحة (99 )
كما أثمن له وصفه الجميل في سلوى رسائل مبخوت على لسان فتون ص (113 )
وعند خروجه من جدة
في تلك الليلة الماطرة بذلك المشهد الدرامى وقبل أن يكتشف الجميع فعلته بفتون وفتون تعدو صارخة خلفه وخلف زوجته مؤنسه .
منظر مأساوي آخريشبه الإخراج السينمائى
في ساعات الرحيل بعد صداقة وحب في مكان لايمكن المكوث فيه ولا العيش ولكن نحمل منه صور وجوه من نقابلهم في لحظة وداع حزين .
والعيب الذي يوجه لعبده خال هو مخالفته للواقع القصصي فكيف بطفلة صغيرة لم تفهم بعد معنى الحب والغرام والخطأ والصواب أن تتعلق برجل متزوج كمبخوت
وكلمة المرأة تنسى ولا تنسى أسلوب كان المفروض الاستغناء عنه
وحدفه فهو حشو ولايجوز أن يأتي على لسان أي شخصية لا بجد ولا بهزل .
وتصطدم فتون البطلة المحورية الثانية بقرار أمّها وأبيها بتزويجها من رجل أعمى كمبخوت جارهم ولو داروا وستروا وصبروا لكان أفضل .
والطرافة أنّها طفلة رمت عليه حجرا كما يرميه الأطفال الآخرون وتلاحظ أخته عائشة ذلك
فتخطبها له وتحمل عليه مجبرة ولكنها تهرب ليلة زفافها من جريرة غلط ارتكبه مبخوت إلى خطأ ارتكبه جابر الكبير بالسن والأعمى والمشوه باقترانه بطفلة لاتحبّه ولا تطيقه إلا أنها رمته بحجر.
وتدخل بيت جابر وتفرّ إلى بيت مبخوت ويشي بها ثوب زفافها اللامع في ليلة مظلمة.
فيجدها والدها وأهل الحارة في بيت مبخوت المهجور ، وهي وحيدة في ذلك المنزل
تنتابها الهواجس والخوف والذكريات فينبه الجوع طوارق العشق فتبحث في ذلك المنزل على ما بقي من طعام فلم تجد سوى القمامة المجاورة فتشارك الهوام والقطط ما تبقى من هياكل السمك .
وصف جميل يستدر العواطف ويشعرنا بمأساة فتون وقسوة المجتمع والظروف والديها لخطأ ارتكبته وهي لا تعرف أنّه خطأ بل الخطأ هو خطأ مبخوت ومافي ذلك من شك .
ولكنه لم يبق لإصلاح الخطأ وغادر منزله تحت إجماع الحارة .
وتعود فتون لجابر كما يعود شوال أرز محمولة في كيس خيش ويحذره والدها لوهربت فلن تعود إليه.
فربطها مبخوت في سلسلة ربطت بوتد بجوانب السرير فأي زواج هذا والذي يمثله الاغتصاب .
فجابر لايعرف معنى الأبوة ولا الزوجية والطفلة لاتعرف معنى واجب الزوج وطاعته فلهذا حملت الكره لجابر وقلّلت من احترامه .
وصاغ الكاتب هذه العواطف بحديث ممل وطويل كما في صفحة (134 /149)
مع تخلل بعض الكلمات في صفحة (142) كما أنّه وصف العشق والهيام لفتون بأسلوب جميل كما في صفحة ( 149/ 150 )( وفي منزل مبخوت المهجور صفحة (158 / 159 )
وعدم الاستعفاف عن بعض الكلمات في صفحة (161/ 163) وللقارئ الحكم مع احترامي لعبده خال .
وفي صفحة (306 ) سرد قصصي مكرر ولايمت إلى وحي الضمير بصلة وكأنّه خلاصة لما سبق دراسته من أحداث وما يريد الكاتب أن يوحي به لنا في المستقبل فتحس أن هناك انقطاعا تاما بين الماضي والحاضر، في مجرى الحكاية وهذا المقطع أشبه بالمقالة منه إلى الأسلوب القصصي حسب وجهة نظري .
ونعود لقصة الزّموح مرة أخرى ونحس بطفولة الكاتب وتجربته بهذه الزّماميح وقرية الغاوية تحضر في الذهن مرّة أخرى
كمكان لوقوع الحدث والأحداث ولاسيّما بعد عودة مبخوت وتطليق مؤنسة .
كما في صفحة (207)
ونجد في قصة زواج خالد محلوي قصة عشق أخرى راقت لمبخوت ولكنها انتهت بالسعادة مع عبارة خجولة في صفحة (ص 315) السطر السادس
ثمّ نجد خيانة أخرى تراود بطلنا مبخوت في ص(322 ) هي زواجه بسلمى راعية البقر اليتيمة التى تعلّقها زوج عمته الشايب الخرف العم بركات والذي أصبح قاب قوسين من مرض الشيخوخة المزمن ولكنه تعلّق بسلمى وجعل واسطته مبخوت الذي بدأت بوادر الغدر تلوح بمخيلته وخطف سلمى من بركات
ولكن سلمى يعاجلها القدر وتموت بطلق ناري من قبل الحوثيين ويتوزع حبّها بين حب خفي في قلب مبخوت ، وحبّ ظاهر في قلب بركات الذي أبدى للقرية كلّها هلعا ووجدا وجزعا بسلمى وقام بتكفينها ودفنها على حسابه الخاص وتقبل العزاء بمنزله.
فمبخوت شبيه في خسة الضعف وتبييت النوايا بالبطل الجانبي ياسين الذي يحاول إغواء زوجة عمه الأعمى فتون وما تخلل ذلك من وصف في الرغبة والامتناع
أثناء الخلوة بفتون وسفرهالجازان بحثا عن مبخوت صحبة ياسين ومالحقهما من معاناة وحرمان .
وفي الغاوية لم يطل المقام بمبخوت ولم يصف له المقام فأخذ يلوح بخياله حبّ قديم لأنس والتى اختطفها منه موسى الصعدي ولد هواش وكان بين
والد مبخوت وهواش الصعدي صداقة وطيدة ذكرها القاص وانتهت بقتل حفصة أخت مبخوت برشاش هواش الصعدى عن طريق الخطأ في يوم حفلة ختان مبخوت
وبعد فترة من الزمن يأتي ولد هواش موسى ويتزوج أنس حبيبة مبخوت التى اتفق معها على الزواج .
ويخوض مبخوت بحثا مريرا بعد أنس في مناطق جبلية وعرة وبين قبائل أشبه بالوحوش المفترسة ويستطيع قتل زوج عشيقته أنس أما كان أجدر بمبخوت أن يكون صاحب قلب كبير ويدعو لها بالسعادة والتوفيق في حياتها الجديدة في تلك البقعة البعيدة .
فهو من هذا الجانب أشبه بفتون معشوقته الجداوية التى برغم وجود زوجها جابر وشهاداتها الجامعية لازالت لاترى ولاتسمع إلا صورة مبخوت وأغانيه العاطفية كما ذكر عبده خال .
تشابه كبير في الحكاية لجميع الشخصيات .
ورغم محاولة عبده خال من جعل مبخوت رجلا يتسم بالشهامة والبطولة فأخطاءه التى لا تغتقر جعلته في نظرنا قبيحا ، ولا نوافق عبده خال على إنهاء حكايته في هذه الرواية الرائعة
الغاوية بالمصادفات الغريبة العجيبة والملفقة .
خليل المسلكى شخصية خيّرة ينقذ مبخوت في كثير من المواقف القانونية والصعبة وله ولد تسلق الرتب العسكرية هو الآخر ينقذ مبخوت من ورطة مع حرس الحدود صحبة زوجته أنس..
زوجة موسى الصعدي أم إسماعيل الذي أمات الكاتب والده موسى وجدّه هوّاش
وجعل أنس تعود أدراجها وتبحث عن مبخوت في منزله المهجور في قرية الغاوية مما أضعف واقعية الحدث.
وهذا الحدث أشبه بقصة فتون التى دخلت بيت مبخوت المهجور بجدة فالأحداث والمواقف تتكرر مشاهدها دون تغيير .
وموقف الضابط ابن المسلكى في حمل مبخوت وتحويله إلى جدة
ليموت بيد متيمته فتون هو ضرب من صروف القدر .
ونلاحظ المواقف المتشابهة في صفحة (397 /408/412) وفي صفحة 430 / 431)
وتفتقد الرواية في بعض المواقف إلى توثيق الخبر فكيف يموت مبخوت
في المستشفى التخصصي لمثل علاج حالتة وتحت الوساطة لبعض المنتفعين والمتآمرين على حقوق المرضى .
فالأطباء لدينا ومستشفياتنا محطّ الثقة وإلا كيف نسلمهم أرواحنا .
وقد أعجبتنى نهاية القصة إذ جمعت امرأتين في حب رجل واحد وقد وحّد بينهما المصاب
دون أن تعرف الأخرى نوعية حبّ الأخرى لمبخوت المتوفى ..
بل أعجبتني عبارته التى ختم بها روايته من أنس لفتون هل أنت أبنة مؤنسة .؟
ولا أنكر ..
أنني استمتعت بقراءة هذه الرواية الممتعة لعبده خال وهو كاتب كبير بشهادة غيري وترجمة الكثير من رواياته إلى لغات العالم المختلفة . فهو كاتب اكتسب العالمية
وكان بودي لو يبتعد عن العامية مثل دهكوه ،ولغما .. للماء والمقصود بقعة ،والعجور.. يعني القصب المشوّن، ويترجّل ، بمعنى يتشجّع وشجاع ،وموارات التنانير التنور..
النار بنفخها ، وشفرة الختّان حطبة ، المفروض خطيّة حادة ،لها خط بالوسط .الجدي التيس الصغير
تمخّطت في منديل ، غائط ، أبله ( معلمه) جبال الريف في (تذغين )أين تقع؟
وأين تقع (غوان)
قائم الدش معروف ،وأين تقع القهرة باليمن لم نسمع عنها . بل سمعنا عن جبل القهر.
(القرعينة) معروفة عند أهل جازان علامة على رأس العشّة تدل كلما استطالت على وجاهة صاحب المنزل
(الغيل)
مجرى الماء في الوادى من أثر العيون بعد السيل ، تموسق صوت أنثى
وبرغم أنّ هذه الكلمات قلقة في فهم القارئ إلا أنها معروفة تماما عند كاتبهاوأهل جازان
ومن يرى أنّهم يعجبون بها كاسم المقبص لمكان والقبص عض الثعبان ولدغ العقرب .
وفي آخر حديثى عن هذه الرواية أشيد بالقاص عبده خال وكتاباته القصصية
الممتعة وأسلوبه الجميل الرائع برغم تحفظي على ذكر بعض الأحداث العابرة
والتاريخية التى لاترتبط خارطتها بوضوح قريةالغاوية وماجاورها
كانتهاك قدسية الحرم من قبل جهيمان واحتلال الكويت من قبل العراق
وبث العصبية بين زيدي وسنّى
ولم نسمع بها على ألسنة القوم لافي الشعب السعودي ولا في الشعب اليمنى
وإن كنا لاننفي وجودها الذميم على ألسنة الزيدية والسنيّة على ألسنة جهلائهم
أجل..
قصة فنيّة مترابطة وتحكي نكبة أهل القرى الجنوبية بجازان وروعة المكان وجمال الطبيعة التى افتقدها أهل ذلك المكان . شكرا لعبده خال ..
على إحساسه. وبالله التوفيق ..
بقلم / الأديب محمد على طاهر العبدلي
كنت أتحدث مع المعجبين لروايات عبده خال .. وقال : لى من لم يقرأ روايات
عبده خال ..
فقد حرم متعة الأدب القصصي ولاسيما روايته لوعة الغاوية .. وقال : هل تحب الاطلاع عليها أعيرك ثم تردها فقلت له لابأس وأبديت شكري وتقديري له .
وكنت أظن الغاوية أنه يتحدث عن غاوية ظلّت الطريق ولم يدر في خلدي أنه يقصد قرية الغاوية ..
ليتخذ منها بطلا لروايته ومكانا لمجرى الحكاية .وعندما أمعنت النظر فيها وجدتها تتكون من (443 صفحة ) صدرت عن دار الساقي للطباعة وكانت في طبعتها الثالثة .
أيقنت حينها أنّ الرواية قد حققت ماصرف على طبعها .وأنّ قراءها راضون عنها
وتلقفوها بالقبول .
فلماذا لا أكون كأحد هؤلاء القراء وأتعرف على أسلوب وإبداع عبده خال وأبدي
لصديقى ما أستحسنه ومالا أستحسنه حسب وجهة نظري وفهمي المتواضع
للأدب الروائي .
وقد لفت انتباهي صورة تلك الفتاة السبئية التى توحي على غلاف الرواية أنها هي المعنية بالحكاية .
المسماة بالغاوية وأخذت أمعن النظر، والجلوس في مكان قصي عن الضوضاء لأستمتع بهذه الرواية ، وأول ماصادفنى من شخوصها هو مبخوت بدأ في الرواية
كطفل صغير في قرية الغاوية
وماواجهه من مرض وختان ولمّا شبّ عن الطوق .
رحل عنها إلى مدينة جازان
وتناقلت حوله القصص والأخبارفي بطولة غير مشرّفة .
لرجل قروي بسيط في آماله وتطلعاته حول خبز رغيف وغرفة تواريه عن أعين الآخرين .
وتعليمه متوسط ويحمل شهادة معهد دينى إذن فهو يعرف ما معنى الحلال والحرام
ومن قرية الغاوية يحط ّ رحاله في مدينة جازان ..
ومن مساوئ الصدف يلتقي بامرأة صفيقة تصطاد في الماء العكر تسمى جبرانة .
وتتبسط معه أطراف الحديث وتحاول مساعدته على الحصول على سكن ولم تعلم أنه متزوج بفتاة تدعى مؤنسة .
هذه هي البداية في حديثنا عن هذا البطل أماجبرانة فقد عرفت أنّ مبخوت قد عزف عنها وعن غيرها ، ولاهمّ له إلا العيش مع زوجته مؤنسة بسلام ، وعرف عن مبخوت
أنّه محبّ للأطفال يمسح على رؤسهن ويقدم لهن الهدايا والحلوى بناء على وصيّة أخته التوأم حفصة تخليدا لوفاتها
كماذكر عبده خال في آخر الرواية إلا أنّ هذا الحب للأطفال قد جلب له الخزي والعار ، ووصف مبخوت عن طريق جبرانة أنّه يعتدي على الصغار ويتحرش بهم عند خروج زوجته .
مما ألّب عليه سكان الحي ، وأخرجوه من جازان ، على غير هدى ، وتحت حماية الخيّرين من جيرانه .وأظنّه خليل المسلكى .
فاستوطن جدة بعد أن حمل وزر فتاتين وافتض بكارتهما كما تقول جبرانه وهما طاهرة عماري ، وعبير مساوى (صفحة 20)
وكانت ملاحقة عبده خال في الكشف عن شخصية مبخوت غير دقيقة وغير واضحة المعالم لافي الزمان ولافي المكان .
في صفحة سبعة..
غريبا يبحث عن مأوى ثمّ فجأة نشعر كأن الشخوص الذين أخرجوه من جازان هم نفس الشخوص الذين جاوروه في جدة عند نزوله بها هربا من فضيحة تلاحقه بجازان .
ودون أي مقدمات يوجه عبده خال شخصياته حسب خارطة الخيال القصصي ، كيف تعيش وكيف تموت ، ومايحدث حولها من حوادث جانبية وشخوص يملاء بهم فراغ التوقف القصصي .
بل وجدنا الكاتب يتحدّث بحديث نفسي ، وبعيدا عن الهدف المنشود كأنه يتحدث عن عمق قصصي يخصّه هو لاغيره .
والهدف هو كلام سردي من أجل التطويل وقد أضاع متعة المتابعة للشخصية الأصلية ، التى أحببناها ونتطلع إلى نهايتها (مبخوت)
وهذه النظرية لم تتناسب مع الحدث الرئيسى لمبخوت ، والهرم القصصي لنمو الحدث
وكثيرا مايخرجنا من الحدث الرئيسى ليزج بنافي أحداث جانبية ، لتلك الشخصيات التى تواجهنا من أنماط المجتمع ..
سواء ذكورا أو إناثا ويصوّر لنا ثقافة تلك الشخوص المعرفية والمهنية كوالد فتون كبائع موز خاسر وزوجها مربي الأغنام وسائق تكسي .يتبسط مع الركاب لقطع الطريق .
وما قيل ويقال من صدق وكذب على لسان تلك الشخصيات ، مما أنستنا مبخوت تماما في الكثير من صفحات الرواية .
وعندما نودع جبرانة بجازان ننتقل إلى مكان آخر إلى جدة
وكأنّ القاص يربط جدة ..
بزمن غابر في عهد ها التى لم تكن هي عليه من تطوّر ورقي في الزمن الحاضـر
مما يدلّ على اكتناز عقلية عبده خال بخيال تصويرى رائع عن تلك الحقبة
ومتجدد يستحق التقدير ومشبوب بالعاطفة التى تربطنا بمجتمع صغير تربطه الألفة والمحبة مع كره وبغض
لم يلبث أن يزول بين السّكان لمختلفي الثقافة والنّطق كبائعة الفول الحاجة زهراء الإفريقية وأم فتون الغجريّة .
و ماحدث من أخطاء مبخوت في جازان يحدث بجدة ، وهذه المرة في ليلة مطر ..
وعلى بطلة محوريّة جديدة تمضي أحداثها المأساوية جنبا إلى جنب مع مأساة مبخوت الذي يصوّره الكاتب بسوء الطالع والحظ .
وهذه البطلة الجديدة هي فتون والتى هي الأخرى لاتبعد عن جبرانة ومؤنسة وأنس في تعلقهن بمبخوت
الذي خذلهن جميعا ، ولم يكن عند حسن الظّن
إلا أنه شغفهن حبا لاهوادة فيه ولاصبر .
تنهمر السماء بالمطر وتدخل فتون منزل مبخوت في غياب زوجته مؤنسة وقد استمال قلبها بهداياه وأغانيه لمحمد عبده وطلال وليلى مراد ومجموعة من المغنين اليمنيين وبحسن معاملته
وكانت في سن المراهقة فسلمته نفسها
فعبث بها دون مراعاة للجوار ولا للطفولة
وحملت له بعد ذلك ..
فنونا لضروب العشق لم يحتمله قلب ولا يحتويه كيان ، ولم تمسحه الأيام والليالى كما ذكر عبده خال لكشف شخصية فتون وولهها.
وفي تلك الليلة الماطرة يسند لمبخوت بطولة أسطوريّة في إنقاذه للكثير من الأرواح من الغرق.
ومن ضمنهم جابر البطل المحوري الثالث الذي هو في عداء مستحكم مع مبخوت ورغم هذه البطولة الفريدة
لم تشفع له عند أهل الحارة وصوّروه بالأعزب ثم فجأة ثبت لنا أنّه متزوج بمؤنسة وقد عرفنا أنه حملها معه من جازان وكانت فتون تكن لها
العداء والكره وتنافسها على حبّ مبخوت ، و برغم أنها كانت مؤنسة زوجة مبخوت
تتعرض لنوبات مرض فكانت فتون وجدتها يذهبان لمساعدتها ومعالجتها .
ومن هناك وقعت نظرة مبخوت على فتون جارته وحدث بينهما ماحدث فربما هذه الحادثة
هي القشّة التى قصمت ظهر البعير فأخرج بسببها مبخوت من الحارة مع زوجته مؤنسة
وبنفس الحدث الذي أخرج به من حارته بجازان .
كما أنّ الكاتب يبرر لأخطاء مبخوت وهوسه الجنسي لأنه تزوج بمؤنسة غصبا عن طريق والده
وهو لايريدها مع العلم أنه كان يحترمها ويجلها لأنه من رقعة ثوبه
وربما تربطه بها قرابة تعفيه من الإساءة لها برغم سوء خلقها وجفاء معاملتها لزوجها كما أوحى بذلك الكاتب.
ويتعاطف الكاتب مع مبخوت فمرة يصرّح ببراءته من الاعتداء على لأطفال ومرة يدينه .
بفعل ظاهر ومشين مع فتون .
وبرغم مكانة مبخوت الاجتماعية التى حصل عليها كوظيفة ساع للبريد وقصة توزيع المجلات المصادرة على شباب الحارة ومن ضمنهم جابر الأعمى الذي حلل نفسيته الكاتب تحليلا جميلا .
ثم نجد في خضم هذه الأحداث نقلة في الزمن وتغيّرا في حياة تلك الحارة فقد وصلها التجوال ..
وهو خلاف ما كنّا نريده من القاص أن يبق ثقافتنا حول عدم تغير الزمن المفاجئ .
وولادة فتون في زمن جهيمان قرنت بالخطيئة أصبحت عندها زكاة أسرة
تشبيه ووصف غير لائق من كاتب كبير
له قراءه النبلاء الكرام في صفحة (99 )
كما أثمن له وصفه الجميل في سلوى رسائل مبخوت على لسان فتون ص (113 )
وعند خروجه من جدة
في تلك الليلة الماطرة بذلك المشهد الدرامى وقبل أن يكتشف الجميع فعلته بفتون وفتون تعدو صارخة خلفه وخلف زوجته مؤنسه .
منظر مأساوي آخريشبه الإخراج السينمائى
في ساعات الرحيل بعد صداقة وحب في مكان لايمكن المكوث فيه ولا العيش ولكن نحمل منه صور وجوه من نقابلهم في لحظة وداع حزين .
والعيب الذي يوجه لعبده خال هو مخالفته للواقع القصصي فكيف بطفلة صغيرة لم تفهم بعد معنى الحب والغرام والخطأ والصواب أن تتعلق برجل متزوج كمبخوت
وكلمة المرأة تنسى ولا تنسى أسلوب كان المفروض الاستغناء عنه
وحدفه فهو حشو ولايجوز أن يأتي على لسان أي شخصية لا بجد ولا بهزل .
وتصطدم فتون البطلة المحورية الثانية بقرار أمّها وأبيها بتزويجها من رجل أعمى كمبخوت جارهم ولو داروا وستروا وصبروا لكان أفضل .
والطرافة أنّها طفلة رمت عليه حجرا كما يرميه الأطفال الآخرون وتلاحظ أخته عائشة ذلك
فتخطبها له وتحمل عليه مجبرة ولكنها تهرب ليلة زفافها من جريرة غلط ارتكبه مبخوت إلى خطأ ارتكبه جابر الكبير بالسن والأعمى والمشوه باقترانه بطفلة لاتحبّه ولا تطيقه إلا أنها رمته بحجر.
وتدخل بيت جابر وتفرّ إلى بيت مبخوت ويشي بها ثوب زفافها اللامع في ليلة مظلمة.
فيجدها والدها وأهل الحارة في بيت مبخوت المهجور ، وهي وحيدة في ذلك المنزل
تنتابها الهواجس والخوف والذكريات فينبه الجوع طوارق العشق فتبحث في ذلك المنزل على ما بقي من طعام فلم تجد سوى القمامة المجاورة فتشارك الهوام والقطط ما تبقى من هياكل السمك .
وصف جميل يستدر العواطف ويشعرنا بمأساة فتون وقسوة المجتمع والظروف والديها لخطأ ارتكبته وهي لا تعرف أنّه خطأ بل الخطأ هو خطأ مبخوت ومافي ذلك من شك .
ولكنه لم يبق لإصلاح الخطأ وغادر منزله تحت إجماع الحارة .
وتعود فتون لجابر كما يعود شوال أرز محمولة في كيس خيش ويحذره والدها لوهربت فلن تعود إليه.
فربطها مبخوت في سلسلة ربطت بوتد بجوانب السرير فأي زواج هذا والذي يمثله الاغتصاب .
فجابر لايعرف معنى الأبوة ولا الزوجية والطفلة لاتعرف معنى واجب الزوج وطاعته فلهذا حملت الكره لجابر وقلّلت من احترامه .
وصاغ الكاتب هذه العواطف بحديث ممل وطويل كما في صفحة (134 /149)
مع تخلل بعض الكلمات في صفحة (142) كما أنّه وصف العشق والهيام لفتون بأسلوب جميل كما في صفحة ( 149/ 150 )( وفي منزل مبخوت المهجور صفحة (158 / 159 )
وعدم الاستعفاف عن بعض الكلمات في صفحة (161/ 163) وللقارئ الحكم مع احترامي لعبده خال .
وفي صفحة (306 ) سرد قصصي مكرر ولايمت إلى وحي الضمير بصلة وكأنّه خلاصة لما سبق دراسته من أحداث وما يريد الكاتب أن يوحي به لنا في المستقبل فتحس أن هناك انقطاعا تاما بين الماضي والحاضر، في مجرى الحكاية وهذا المقطع أشبه بالمقالة منه إلى الأسلوب القصصي حسب وجهة نظري .
ونعود لقصة الزّموح مرة أخرى ونحس بطفولة الكاتب وتجربته بهذه الزّماميح وقرية الغاوية تحضر في الذهن مرّة أخرى
كمكان لوقوع الحدث والأحداث ولاسيّما بعد عودة مبخوت وتطليق مؤنسة .
كما في صفحة (207)
ونجد في قصة زواج خالد محلوي قصة عشق أخرى راقت لمبخوت ولكنها انتهت بالسعادة مع عبارة خجولة في صفحة (ص 315) السطر السادس
ثمّ نجد خيانة أخرى تراود بطلنا مبخوت في ص(322 ) هي زواجه بسلمى راعية البقر اليتيمة التى تعلّقها زوج عمته الشايب الخرف العم بركات والذي أصبح قاب قوسين من مرض الشيخوخة المزمن ولكنه تعلّق بسلمى وجعل واسطته مبخوت الذي بدأت بوادر الغدر تلوح بمخيلته وخطف سلمى من بركات
ولكن سلمى يعاجلها القدر وتموت بطلق ناري من قبل الحوثيين ويتوزع حبّها بين حب خفي في قلب مبخوت ، وحبّ ظاهر في قلب بركات الذي أبدى للقرية كلّها هلعا ووجدا وجزعا بسلمى وقام بتكفينها ودفنها على حسابه الخاص وتقبل العزاء بمنزله.
فمبخوت شبيه في خسة الضعف وتبييت النوايا بالبطل الجانبي ياسين الذي يحاول إغواء زوجة عمه الأعمى فتون وما تخلل ذلك من وصف في الرغبة والامتناع
أثناء الخلوة بفتون وسفرهالجازان بحثا عن مبخوت صحبة ياسين ومالحقهما من معاناة وحرمان .
وفي الغاوية لم يطل المقام بمبخوت ولم يصف له المقام فأخذ يلوح بخياله حبّ قديم لأنس والتى اختطفها منه موسى الصعدي ولد هواش وكان بين
والد مبخوت وهواش الصعدي صداقة وطيدة ذكرها القاص وانتهت بقتل حفصة أخت مبخوت برشاش هواش الصعدى عن طريق الخطأ في يوم حفلة ختان مبخوت
وبعد فترة من الزمن يأتي ولد هواش موسى ويتزوج أنس حبيبة مبخوت التى اتفق معها على الزواج .
ويخوض مبخوت بحثا مريرا بعد أنس في مناطق جبلية وعرة وبين قبائل أشبه بالوحوش المفترسة ويستطيع قتل زوج عشيقته أنس أما كان أجدر بمبخوت أن يكون صاحب قلب كبير ويدعو لها بالسعادة والتوفيق في حياتها الجديدة في تلك البقعة البعيدة .
فهو من هذا الجانب أشبه بفتون معشوقته الجداوية التى برغم وجود زوجها جابر وشهاداتها الجامعية لازالت لاترى ولاتسمع إلا صورة مبخوت وأغانيه العاطفية كما ذكر عبده خال .
تشابه كبير في الحكاية لجميع الشخصيات .
ورغم محاولة عبده خال من جعل مبخوت رجلا يتسم بالشهامة والبطولة فأخطاءه التى لا تغتقر جعلته في نظرنا قبيحا ، ولا نوافق عبده خال على إنهاء حكايته في هذه الرواية الرائعة
الغاوية بالمصادفات الغريبة العجيبة والملفقة .
خليل المسلكى شخصية خيّرة ينقذ مبخوت في كثير من المواقف القانونية والصعبة وله ولد تسلق الرتب العسكرية هو الآخر ينقذ مبخوت من ورطة مع حرس الحدود صحبة زوجته أنس..
زوجة موسى الصعدي أم إسماعيل الذي أمات الكاتب والده موسى وجدّه هوّاش
وجعل أنس تعود أدراجها وتبحث عن مبخوت في منزله المهجور في قرية الغاوية مما أضعف واقعية الحدث.
وهذا الحدث أشبه بقصة فتون التى دخلت بيت مبخوت المهجور بجدة فالأحداث والمواقف تتكرر مشاهدها دون تغيير .
وموقف الضابط ابن المسلكى في حمل مبخوت وتحويله إلى جدة
ليموت بيد متيمته فتون هو ضرب من صروف القدر .
ونلاحظ المواقف المتشابهة في صفحة (397 /408/412) وفي صفحة 430 / 431)
وتفتقد الرواية في بعض المواقف إلى توثيق الخبر فكيف يموت مبخوت
في المستشفى التخصصي لمثل علاج حالتة وتحت الوساطة لبعض المنتفعين والمتآمرين على حقوق المرضى .
فالأطباء لدينا ومستشفياتنا محطّ الثقة وإلا كيف نسلمهم أرواحنا .
وقد أعجبتنى نهاية القصة إذ جمعت امرأتين في حب رجل واحد وقد وحّد بينهما المصاب
دون أن تعرف الأخرى نوعية حبّ الأخرى لمبخوت المتوفى ..
بل أعجبتني عبارته التى ختم بها روايته من أنس لفتون هل أنت أبنة مؤنسة .؟
ولا أنكر ..
أنني استمتعت بقراءة هذه الرواية الممتعة لعبده خال وهو كاتب كبير بشهادة غيري وترجمة الكثير من رواياته إلى لغات العالم المختلفة . فهو كاتب اكتسب العالمية
وكان بودي لو يبتعد عن العامية مثل دهكوه ،ولغما .. للماء والمقصود بقعة ،والعجور.. يعني القصب المشوّن، ويترجّل ، بمعنى يتشجّع وشجاع ،وموارات التنانير التنور..
النار بنفخها ، وشفرة الختّان حطبة ، المفروض خطيّة حادة ،لها خط بالوسط .الجدي التيس الصغير
تمخّطت في منديل ، غائط ، أبله ( معلمه) جبال الريف في (تذغين )أين تقع؟
وأين تقع (غوان)
قائم الدش معروف ،وأين تقع القهرة باليمن لم نسمع عنها . بل سمعنا عن جبل القهر.
(القرعينة) معروفة عند أهل جازان علامة على رأس العشّة تدل كلما استطالت على وجاهة صاحب المنزل
(الغيل)
مجرى الماء في الوادى من أثر العيون بعد السيل ، تموسق صوت أنثى
وبرغم أنّ هذه الكلمات قلقة في فهم القارئ إلا أنها معروفة تماما عند كاتبهاوأهل جازان
ومن يرى أنّهم يعجبون بها كاسم المقبص لمكان والقبص عض الثعبان ولدغ العقرب .
وفي آخر حديثى عن هذه الرواية أشيد بالقاص عبده خال وكتاباته القصصية
الممتعة وأسلوبه الجميل الرائع برغم تحفظي على ذكر بعض الأحداث العابرة
والتاريخية التى لاترتبط خارطتها بوضوح قريةالغاوية وماجاورها
كانتهاك قدسية الحرم من قبل جهيمان واحتلال الكويت من قبل العراق
وبث العصبية بين زيدي وسنّى
ولم نسمع بها على ألسنة القوم لافي الشعب السعودي ولا في الشعب اليمنى
وإن كنا لاننفي وجودها الذميم على ألسنة الزيدية والسنيّة على ألسنة جهلائهم
أجل..
قصة فنيّة مترابطة وتحكي نكبة أهل القرى الجنوبية بجازان وروعة المكان وجمال الطبيعة التى افتقدها أهل ذلك المكان . شكرا لعبده خال ..
على إحساسه. وبالله التوفيق ..
بقلم / الأديب محمد على طاهر العبدلي