أ.محمد العبدلي
04-05-2013, 02:14 PM
ترمي بشرر
والحائزة على جائزة البوكر للرواية العربية ، تتكون من 416صفحة طباعة منشورات الجمل بيروت .
هذه الرواية ثار حولها خصام من النقد ،فالإصلاحيون في الأدب ،يرون انّ الأدب يأتي لمعالجة الأخلاق والسلوك المعوج المغاير للطبيعة البشرية والمخالف لأذواق العقلاء من البشر .
وهذه الرواية هي تشجيع فاضح للرذيلة وتبرير للجريمة ،وهدم للأخلاق بوجه عام وهي ليست من الأدب الرفيع.
الذي تنشده الحياة ويسعى إليه المجتمع الطاهر والمثالي .
فالرواية
يجب حرقها وإقامة الحد على كاتبها لتجنيه على المجتمع المسلم يستوجب التعزير والعقاب
ولايرون بأسا من معاقبته في أحد شوارع جدة التى كتب عنها كماعوقب جمال المجنون
الذي دهسه السيد بسيارته ولم يترجل ليلملم ماتناثرمن جسده المتسخ وأطماره البالية .
والمتحررون في شمولية الأدب وواقعيته التى لاتحتمل المجاملة يرون في ترمي بشرر حدثا روائيا فريدا و جديدا
لم يعرفه الروائيون السعوديون ويشيدون بصراحة بعبده خال وتجاوزه النمط الكلاسيكي المكرر
والذي لا يجامل ويتاجربالمثالية والفضيلة التى دعا إليها أدباء االأغريق منذ أزمنة بعيدة
ويقولون لاتتبين لك الفضيلة إلا إذا عرفت الرذيلة
وعبدة خال
سلك في روايتة طريق النقيصة والخطيئة واتخذ منها سبيلا إرشاديا لمخاطبة النفس وسبر أغوارها ورغباتها الشريرة دون مجاملة ولا مواربة مع علمه أنّ نسبة كبيرة من القراء
لايشاطرونه وجهة النظر الشريرة التى يريد منها المتاجرة بنزوات البشروالضرب على الرؤية السوداويةلأي مجتمع
وعدم الخلاص من عقدة الذنب فيه
ويرى أنصار الأدب التحرري أّنّ عبده خال تخلص من قيود الأدب الموجه الذي ينشده الإصلاحيون إلى
العالمية وعدم المجاملة في الموروث الأدبى
ويرى اللبراليون أيضا أنّها لاقت القبول
عند الكثير من القراءوالدليل على ذلك نفذت من الأسواق ووصلت إلى الطبعة الرابعة وهي أكثر مبيعا من كل الروايات التى كتبها عبده خال سابقا .
وموضوع الرواية
و باختصار كمايرى
الكاتب تتحدث عن تطور الحي الذي يعيش في عقلية الراوي طارق فاضل بجدة
في أول فصول الرواية
بدأيشخّص ويصف لنا تلك الحارة بأسلوب مميز وسلس وكأننا نسكن في ذلك الحي بأسلوب المتكلم في السرد القصصية ويروي عن
مشاكلهم الأسرية..
ومايصاحب المراهقين من نزق وطيش ومايعانيه الكبارمن هموم في كسب أرزاقهم
وتوسع الحارة ودخول الغرباء إليها من جميع الشعوب
حتى من الكوريين
أكلة الكلاب التى لم يعد يسمع نباحها في ذلك الحي المليئ بالشغب والحركة.
وكل فيه قد عرف منهاج حياته وطريقة كسب عيشه .
وفجأة
ينتصب حولهم قصـر كبيريسد مناكب الشرق فلا يرون من خلاله أشعة الصباح الباكر ولا سكون الليل الدامس
فمنع الظلام أن ينزل إلى ساحات منازلهم وقد أصابتهم هذه الأنوار بالعشوان الليلى
فأخذوا يتنافسون في عدّ مصابيح القصـر ويتطلعون إلى رؤية صاحبه وشكله
ولم يعلموا أنّه هو الشيطان الأخطبوطي الأحمر
الذي أخذ يتمدد في حارتهم شرقا وغربا حتى ابتلعها وحملهم على الرحيل والبحث عن مكان بديل
تحت مسمى إزالة الحي وبناء أحياء جديدة تتناسب ومكانة القصر ,
وسبب لهم هذا القصر قلقا نفسيا وتطفلا لمعرفة مابداخله من نعيم
ويقحم طارق فاضل
أسرته في خضم المنشغلين بأخبار القصرويبين لقافة والده وخبرته في تشييد مباني جدة بالملاحة ودقة معرفته لقياسات أعمدة البناء وهويرى بأنه أفضل ممن شيدواالقصر ويستطيع كشف بعض الأخطاء فيه لودخله
ويبدأ طارق فاضل بقوله : في روايته خسئت روحي وانزلقت إلى الإجرام بخطى واثقة .
أخاه من أبيه إ‘براهيم وجميل بدري مشذب أشجار القصرهما اللذان بقيا على العفاف والستر
أما الباقون فكلّهم إما قوّادا أومرابيا أوتاجرا مقامرأو مرأة تمتهن البغاء وعلى رأسهم
سيّد القصـر
وهذه الشخصيات التى نقابلها نشعر أننا اكتسبنا معرفتهم وألممنا بمشاكلهم التى أجبرتهم على ماهم فيه من خزي المعصية وذل الحاجة والفقر..
فمنهم من نصطحبه فترة زمنية طويلة ومنهم القصيرة ومنهم من يمرّ علينا كعابر سبيل أو حلم عابر
ولكنه غرس في أذهانناحدثا محببا علق بالذاكرة
وركز الراوي طارق فاضل
على ثلاثة أبطال في الحارة أصدقاء وزملاء دراسة وجمعت بينهم الصداقة على إحاكة الدسائس والسرقة والأعمال القذرة القبيحة
بل التحرش
بمن هو أصغر منهم وافتراسه والتنمّر عليه حتى ضاقت الحارة بأفعالهم
وتم تحاشيهم وعدم السير معهم في الطرقات وضربهم وتهديدهم من آبائهم
فضاقت بهم الأرض بما رحبت وهم
عيسى الرديني
وأسامةالبشري ابن المطوّف
وطارق فاضل
عيسى دخل للقصرأولهم،
واتخذه سيّد القصر الأول أخا لأبنائه وخادما لنسائه
وطمع في موضيابنة سيّد القصر..
فسلعدته أن يواصل دراسته الجامعية ليليق بها حتى وصل لدرجة الدكتوراة
ولكن خاب ظنه وتعثرحظه
أسامة المطوف وسيم الصورة جلبه عيسى للقصـر ليصطاد عن طريقه الفتيات
ثم خشي أسامة من السيّد الصغيرنادر
وهرب من القصر
أما طارق فاضل فقد عمل عنذ السيد بصمت ودهاء
لتأديب الخصوم بسلب ما تبقى لهم من رجولة
وفي آخر المطاف
يعتدي على حبيبة سيّده مرام ، ويختلي بها في أحد الفنادق ولو علم السيد لقتله .
إذن فالثلاثة يخونون سيدهم وبدون علمه ومن هنا بدأ السيد يزهد في بقائهم في القصر .
عسى الرديني بمساعدة موضي أخت السيد أصبح مليار دير يحمل شهادات عليا وعنده أموال طائلة
فأدى به الغرورو التجاسر إلى خطبةأخت السيد موضي
فأختفت تجارته في خلال غمضة عين
فأصيب بالجنون وقتل على يد السيد بدعوى
تهجمه على حرم القصر
أسامة يهرب من القصر بعد أن ملّ من سيّده الشاذ وهرب إلى مكان لايمكن لسيده الوصول إليه..
هناك عند قبر ابنة خالته التى افتض بكارتها طارق فاضل في ليلة يجللها السواد
ولم تبح بمن اعتدى عليها فقتلها أبوها خوفا من الفضيحة
رجل القصر
وصفه طارق فاضل بأنه يستطيع أن يغني ويفقرالخصوم ويحيي ويميت مع خسة ودناءة منقطعة النظيرفي تصرفاته المتقلبة كطفل
تراه في الأعمال
الخيرية، ووجه يملأ الصحف صباحا ويستبيح مالايجوز ليلا
وحوله اللصوص والعلماء في كل فن وتراه في صالة القمار والكسب غير المشروع
وهوخبيربكل شيئ وقد منح طارق فاضل ، فيلا له ولعمته خيرية وركّب فيها أجهزة التصنت والتصوير ليعرف مايدور بالفيلا ومايفعله طارق .
الحارة
أقفرت من سكانها حتى الكلاب والقطط لم تعد موجودة ويكتشف المواطنون بعد حين تناقص الكلاب والقطط
فعمدة ا لصيادين موسى الردينى أصبح عاملا على زوارق السيد وعلى رأسها اليخت مذهلة الذي يستقبل ضيوف السيد
ويدخلهم في وسط البحر
ليحتفل برأس السنة الميلادية صحبة العاهرات والراقصات واللاتي يتوزعن بعد نهاية الحفلة على المدعوين حسب القرعة
وبأمر من السيد .
وهناك
عبارات خاطئة تجدها في أثناء السرد
أباءنا يضيفون للأقدارأقدارا ملوثة والقدر لايلوّث
تلحس قطرات الدم النازلة بلسانها (قذارة )
أمنا حواء هي تفعل الفعل الأول ونحن ننتسخ منه
الحياة مشوار قذرعليك اقتراف الآثام لكي تكون إنسانا
عبارات مقبولة
الرجل لايبكي كما أّن البكاءلايعيد شيئا
لايعرف رائحة أهل البلد إلا كلابها
هذه الأصبع كنت أحلم أن أضع فيها خاتم عرسنا
كما تجيد المرأةالطهوونثر البهارات بمقدار..تجيد نثر الحبّ بمقدار أيضا
موازنة الرواية
لاأدري لماذا تجاسر عبده خال
وسرد لنا روايته كواقعة شخصيةعلقت بذاكرته من رواسب الماضي وعبر فترة زمنية طويلة من أيام مقتل البشري المطوف على يد جهيمان والد صديقه أسامة إلى
أيام محاكمة صدّاف حسين والتى قذف فيها محمد الركابي بجزمة السيد
لاعتقاده أنّ صدام كان بطلا في المحاكمة .
وفي هذه الرواية تجد نفسك تعيش في شمولية كاملة من الأحداث خلال أربعين سنة وكأنها تلخيص
لماعرفه الراوي من أخبار إلا أن مالك القصر الإقطاعي استطاع أن يشرد سكان حارة جهنّم
وأصبح القصر هو المعلم الواضح والذي اكتسح اليابسة مادا بواباته لردم أمواج البحر العاتية
عبده خال
جعل الجحيم كناية عن فقد الأهل والسكن فقد جاء أمر إجلائهم من الملاحة خلال ثلاثة شهور
ولن يرى بعضهم بعضا بعد ذلك فمن هنا أصبحت تلك الحارة جحيما بعد نعيم بسبب تمدد القصر
أي العمران الذي عرفت به عروسة البحر الأحمر ..
عبده خال
لديه مخيّلة خصبة في السرد القصصي المشوّق بغض النظر عن اختيار بعض الكلمات السوقية والمستهجنة التي يرتفع عنها كل كاتب مبدع في مكانة عبده خال
عبده خال
يتقن إلى حد كبير حبكة الحكاية ويكشف عن الشخصية كشفا دقيقا ويصور أبعادها الحسمانية والنفسية ..
ولاتجده ينسى ماذكره لك قبل عشرين صفحة
من بداية القصة
عن شخصية صحبتها وأحببتها وظننت أنّك فقدتها ولم ترتوي من متابعة الكشف عنها ..
وإنما الذي يعيب
روايات عبده خال
الاستجرار الممل لإعادة الحكاية وسردها من جديد كقوله مثلا :
سجن ياسين أبوعميرة لتسلقه أشجار القصرسنة كاملة ،فتجد نفسك انتقلت عن مجرى الحكاية إلى حدث جانبي معيب لايرتبط بالحدث الرئيسى الذي تنشده
وكقوله :
ميمون عبد الهادي تضم قطعة أرضه لتزيد من مساحة القصر ولم نسمع عن ميمون ولم يمهد له في الحكاية
وهذا المقطع الأخير لميمون عبد الهادي جعلنا ندرك في نهاية الرواية أنّ القصر ابتلع كل سكان
الحارة كما ابتلع دار ميمون عبد الهادي
وفي نهاية القصة نجد أنّ طارق فاضـل يخرج من القصـر سليما معافى ولكنه قد فقد كل شيئ
وعاد إلى جذوره الأصلية والتقى بأسرة أخيه في شكل فيلم هندى وعن طريق المصادفة
فيجد أنّ أخاه قد أسمّى أحد أبنائه طارقاوبه شقاوة عمه
وأنّ له أختا من أبيهم
لم يرها مدة خدمته عند السيد اسمها مريم وإنما سمع عنهاومن الصدف أنّها تزوجت بشخص وضيع من طرائد أخيها طارق
وعيسىى وأسامه
وهو الجبان اللوطي بائع المخدرات الذي أخرجته زوجته سعاد بالواسطة ثمّ طلقها صحبة طفل مغولي
وخريج السجون هذاوليد خنبشي هوزوج مريم فاضل
وقد أنجبت له صبيا جميلا فاتنا يشبه أباه في الجمال والضعف والخور واكتسب منه الجينات الوراثية السيئة
وكيف لايكتسبها أيضا من خاله طارق فا ضل
الذي كان ينزو كما يقول على خراف عمته خيرية .
واكتشف طارق
جنوح أغيد للرذيلة عندما اعترف له حارس المول بأنه يمارس اللواط مع هذا الطفل أغيد وقد أعطاه مائة ريال أمام خاله ليمارس اللعب بالمول ..
وفي آخر هذه الرّاواية المشينة المليئة بالسوء الفحش
يذيّل عبده خال لبطلاته من رواد السهرات الليلية مولد كل واحدة منهن وسبب دخولها لهذا القصر المشئوم
وكيف خرجن منه وأين ذهبن بتلك الأموال التى دخلت إلى جيوبهن باستقصاء تام
يعتبرهذا التذييل في نظؤي رواية أخرى أمتع من الرواية الحقيقية ترمي بشرر
و كأنه يريد أن يلخص لنا
سبب انحراف كل شخصية منهن على حدة، وظلم الحياة لهن عن طريق الآباء والأزواج
وعلى العموم فعبده خال
لاأبخسه مخيلته الأدبية وسرده المميزوالممتع وكنت أتمنى أن يكون جادا ويسمو عن السوالف الحكواتية ويبتعد عن محيطه الأسري إلى المحيط العام الذي يلامس
هموم مجتمعنا المسلم وهموم الشعوب ..
مع اعتذاري..
لكل من لم يعجبه طرحي ووجهة نظري حول هذه الرواية الغنية بالشخصيات والوقائعالمشوقة ..
التى سردها طارق فاضل .. المتسخ من السماءكمايقول .
بقلم /أ. محمد على العبدلي.
والحائزة على جائزة البوكر للرواية العربية ، تتكون من 416صفحة طباعة منشورات الجمل بيروت .
هذه الرواية ثار حولها خصام من النقد ،فالإصلاحيون في الأدب ،يرون انّ الأدب يأتي لمعالجة الأخلاق والسلوك المعوج المغاير للطبيعة البشرية والمخالف لأذواق العقلاء من البشر .
وهذه الرواية هي تشجيع فاضح للرذيلة وتبرير للجريمة ،وهدم للأخلاق بوجه عام وهي ليست من الأدب الرفيع.
الذي تنشده الحياة ويسعى إليه المجتمع الطاهر والمثالي .
فالرواية
يجب حرقها وإقامة الحد على كاتبها لتجنيه على المجتمع المسلم يستوجب التعزير والعقاب
ولايرون بأسا من معاقبته في أحد شوارع جدة التى كتب عنها كماعوقب جمال المجنون
الذي دهسه السيد بسيارته ولم يترجل ليلملم ماتناثرمن جسده المتسخ وأطماره البالية .
والمتحررون في شمولية الأدب وواقعيته التى لاتحتمل المجاملة يرون في ترمي بشرر حدثا روائيا فريدا و جديدا
لم يعرفه الروائيون السعوديون ويشيدون بصراحة بعبده خال وتجاوزه النمط الكلاسيكي المكرر
والذي لا يجامل ويتاجربالمثالية والفضيلة التى دعا إليها أدباء االأغريق منذ أزمنة بعيدة
ويقولون لاتتبين لك الفضيلة إلا إذا عرفت الرذيلة
وعبدة خال
سلك في روايتة طريق النقيصة والخطيئة واتخذ منها سبيلا إرشاديا لمخاطبة النفس وسبر أغوارها ورغباتها الشريرة دون مجاملة ولا مواربة مع علمه أنّ نسبة كبيرة من القراء
لايشاطرونه وجهة النظر الشريرة التى يريد منها المتاجرة بنزوات البشروالضرب على الرؤية السوداويةلأي مجتمع
وعدم الخلاص من عقدة الذنب فيه
ويرى أنصار الأدب التحرري أّنّ عبده خال تخلص من قيود الأدب الموجه الذي ينشده الإصلاحيون إلى
العالمية وعدم المجاملة في الموروث الأدبى
ويرى اللبراليون أيضا أنّها لاقت القبول
عند الكثير من القراءوالدليل على ذلك نفذت من الأسواق ووصلت إلى الطبعة الرابعة وهي أكثر مبيعا من كل الروايات التى كتبها عبده خال سابقا .
وموضوع الرواية
و باختصار كمايرى
الكاتب تتحدث عن تطور الحي الذي يعيش في عقلية الراوي طارق فاضل بجدة
في أول فصول الرواية
بدأيشخّص ويصف لنا تلك الحارة بأسلوب مميز وسلس وكأننا نسكن في ذلك الحي بأسلوب المتكلم في السرد القصصية ويروي عن
مشاكلهم الأسرية..
ومايصاحب المراهقين من نزق وطيش ومايعانيه الكبارمن هموم في كسب أرزاقهم
وتوسع الحارة ودخول الغرباء إليها من جميع الشعوب
حتى من الكوريين
أكلة الكلاب التى لم يعد يسمع نباحها في ذلك الحي المليئ بالشغب والحركة.
وكل فيه قد عرف منهاج حياته وطريقة كسب عيشه .
وفجأة
ينتصب حولهم قصـر كبيريسد مناكب الشرق فلا يرون من خلاله أشعة الصباح الباكر ولا سكون الليل الدامس
فمنع الظلام أن ينزل إلى ساحات منازلهم وقد أصابتهم هذه الأنوار بالعشوان الليلى
فأخذوا يتنافسون في عدّ مصابيح القصـر ويتطلعون إلى رؤية صاحبه وشكله
ولم يعلموا أنّه هو الشيطان الأخطبوطي الأحمر
الذي أخذ يتمدد في حارتهم شرقا وغربا حتى ابتلعها وحملهم على الرحيل والبحث عن مكان بديل
تحت مسمى إزالة الحي وبناء أحياء جديدة تتناسب ومكانة القصر ,
وسبب لهم هذا القصر قلقا نفسيا وتطفلا لمعرفة مابداخله من نعيم
ويقحم طارق فاضل
أسرته في خضم المنشغلين بأخبار القصرويبين لقافة والده وخبرته في تشييد مباني جدة بالملاحة ودقة معرفته لقياسات أعمدة البناء وهويرى بأنه أفضل ممن شيدواالقصر ويستطيع كشف بعض الأخطاء فيه لودخله
ويبدأ طارق فاضل بقوله : في روايته خسئت روحي وانزلقت إلى الإجرام بخطى واثقة .
أخاه من أبيه إ‘براهيم وجميل بدري مشذب أشجار القصرهما اللذان بقيا على العفاف والستر
أما الباقون فكلّهم إما قوّادا أومرابيا أوتاجرا مقامرأو مرأة تمتهن البغاء وعلى رأسهم
سيّد القصـر
وهذه الشخصيات التى نقابلها نشعر أننا اكتسبنا معرفتهم وألممنا بمشاكلهم التى أجبرتهم على ماهم فيه من خزي المعصية وذل الحاجة والفقر..
فمنهم من نصطحبه فترة زمنية طويلة ومنهم القصيرة ومنهم من يمرّ علينا كعابر سبيل أو حلم عابر
ولكنه غرس في أذهانناحدثا محببا علق بالذاكرة
وركز الراوي طارق فاضل
على ثلاثة أبطال في الحارة أصدقاء وزملاء دراسة وجمعت بينهم الصداقة على إحاكة الدسائس والسرقة والأعمال القذرة القبيحة
بل التحرش
بمن هو أصغر منهم وافتراسه والتنمّر عليه حتى ضاقت الحارة بأفعالهم
وتم تحاشيهم وعدم السير معهم في الطرقات وضربهم وتهديدهم من آبائهم
فضاقت بهم الأرض بما رحبت وهم
عيسى الرديني
وأسامةالبشري ابن المطوّف
وطارق فاضل
عيسى دخل للقصرأولهم،
واتخذه سيّد القصر الأول أخا لأبنائه وخادما لنسائه
وطمع في موضيابنة سيّد القصر..
فسلعدته أن يواصل دراسته الجامعية ليليق بها حتى وصل لدرجة الدكتوراة
ولكن خاب ظنه وتعثرحظه
أسامة المطوف وسيم الصورة جلبه عيسى للقصـر ليصطاد عن طريقه الفتيات
ثم خشي أسامة من السيّد الصغيرنادر
وهرب من القصر
أما طارق فاضل فقد عمل عنذ السيد بصمت ودهاء
لتأديب الخصوم بسلب ما تبقى لهم من رجولة
وفي آخر المطاف
يعتدي على حبيبة سيّده مرام ، ويختلي بها في أحد الفنادق ولو علم السيد لقتله .
إذن فالثلاثة يخونون سيدهم وبدون علمه ومن هنا بدأ السيد يزهد في بقائهم في القصر .
عسى الرديني بمساعدة موضي أخت السيد أصبح مليار دير يحمل شهادات عليا وعنده أموال طائلة
فأدى به الغرورو التجاسر إلى خطبةأخت السيد موضي
فأختفت تجارته في خلال غمضة عين
فأصيب بالجنون وقتل على يد السيد بدعوى
تهجمه على حرم القصر
أسامة يهرب من القصر بعد أن ملّ من سيّده الشاذ وهرب إلى مكان لايمكن لسيده الوصول إليه..
هناك عند قبر ابنة خالته التى افتض بكارتها طارق فاضل في ليلة يجللها السواد
ولم تبح بمن اعتدى عليها فقتلها أبوها خوفا من الفضيحة
رجل القصر
وصفه طارق فاضل بأنه يستطيع أن يغني ويفقرالخصوم ويحيي ويميت مع خسة ودناءة منقطعة النظيرفي تصرفاته المتقلبة كطفل
تراه في الأعمال
الخيرية، ووجه يملأ الصحف صباحا ويستبيح مالايجوز ليلا
وحوله اللصوص والعلماء في كل فن وتراه في صالة القمار والكسب غير المشروع
وهوخبيربكل شيئ وقد منح طارق فاضل ، فيلا له ولعمته خيرية وركّب فيها أجهزة التصنت والتصوير ليعرف مايدور بالفيلا ومايفعله طارق .
الحارة
أقفرت من سكانها حتى الكلاب والقطط لم تعد موجودة ويكتشف المواطنون بعد حين تناقص الكلاب والقطط
فعمدة ا لصيادين موسى الردينى أصبح عاملا على زوارق السيد وعلى رأسها اليخت مذهلة الذي يستقبل ضيوف السيد
ويدخلهم في وسط البحر
ليحتفل برأس السنة الميلادية صحبة العاهرات والراقصات واللاتي يتوزعن بعد نهاية الحفلة على المدعوين حسب القرعة
وبأمر من السيد .
وهناك
عبارات خاطئة تجدها في أثناء السرد
أباءنا يضيفون للأقدارأقدارا ملوثة والقدر لايلوّث
تلحس قطرات الدم النازلة بلسانها (قذارة )
أمنا حواء هي تفعل الفعل الأول ونحن ننتسخ منه
الحياة مشوار قذرعليك اقتراف الآثام لكي تكون إنسانا
عبارات مقبولة
الرجل لايبكي كما أّن البكاءلايعيد شيئا
لايعرف رائحة أهل البلد إلا كلابها
هذه الأصبع كنت أحلم أن أضع فيها خاتم عرسنا
كما تجيد المرأةالطهوونثر البهارات بمقدار..تجيد نثر الحبّ بمقدار أيضا
موازنة الرواية
لاأدري لماذا تجاسر عبده خال
وسرد لنا روايته كواقعة شخصيةعلقت بذاكرته من رواسب الماضي وعبر فترة زمنية طويلة من أيام مقتل البشري المطوف على يد جهيمان والد صديقه أسامة إلى
أيام محاكمة صدّاف حسين والتى قذف فيها محمد الركابي بجزمة السيد
لاعتقاده أنّ صدام كان بطلا في المحاكمة .
وفي هذه الرواية تجد نفسك تعيش في شمولية كاملة من الأحداث خلال أربعين سنة وكأنها تلخيص
لماعرفه الراوي من أخبار إلا أن مالك القصر الإقطاعي استطاع أن يشرد سكان حارة جهنّم
وأصبح القصر هو المعلم الواضح والذي اكتسح اليابسة مادا بواباته لردم أمواج البحر العاتية
عبده خال
جعل الجحيم كناية عن فقد الأهل والسكن فقد جاء أمر إجلائهم من الملاحة خلال ثلاثة شهور
ولن يرى بعضهم بعضا بعد ذلك فمن هنا أصبحت تلك الحارة جحيما بعد نعيم بسبب تمدد القصر
أي العمران الذي عرفت به عروسة البحر الأحمر ..
عبده خال
لديه مخيّلة خصبة في السرد القصصي المشوّق بغض النظر عن اختيار بعض الكلمات السوقية والمستهجنة التي يرتفع عنها كل كاتب مبدع في مكانة عبده خال
عبده خال
يتقن إلى حد كبير حبكة الحكاية ويكشف عن الشخصية كشفا دقيقا ويصور أبعادها الحسمانية والنفسية ..
ولاتجده ينسى ماذكره لك قبل عشرين صفحة
من بداية القصة
عن شخصية صحبتها وأحببتها وظننت أنّك فقدتها ولم ترتوي من متابعة الكشف عنها ..
وإنما الذي يعيب
روايات عبده خال
الاستجرار الممل لإعادة الحكاية وسردها من جديد كقوله مثلا :
سجن ياسين أبوعميرة لتسلقه أشجار القصرسنة كاملة ،فتجد نفسك انتقلت عن مجرى الحكاية إلى حدث جانبي معيب لايرتبط بالحدث الرئيسى الذي تنشده
وكقوله :
ميمون عبد الهادي تضم قطعة أرضه لتزيد من مساحة القصر ولم نسمع عن ميمون ولم يمهد له في الحكاية
وهذا المقطع الأخير لميمون عبد الهادي جعلنا ندرك في نهاية الرواية أنّ القصر ابتلع كل سكان
الحارة كما ابتلع دار ميمون عبد الهادي
وفي نهاية القصة نجد أنّ طارق فاضـل يخرج من القصـر سليما معافى ولكنه قد فقد كل شيئ
وعاد إلى جذوره الأصلية والتقى بأسرة أخيه في شكل فيلم هندى وعن طريق المصادفة
فيجد أنّ أخاه قد أسمّى أحد أبنائه طارقاوبه شقاوة عمه
وأنّ له أختا من أبيهم
لم يرها مدة خدمته عند السيد اسمها مريم وإنما سمع عنهاومن الصدف أنّها تزوجت بشخص وضيع من طرائد أخيها طارق
وعيسىى وأسامه
وهو الجبان اللوطي بائع المخدرات الذي أخرجته زوجته سعاد بالواسطة ثمّ طلقها صحبة طفل مغولي
وخريج السجون هذاوليد خنبشي هوزوج مريم فاضل
وقد أنجبت له صبيا جميلا فاتنا يشبه أباه في الجمال والضعف والخور واكتسب منه الجينات الوراثية السيئة
وكيف لايكتسبها أيضا من خاله طارق فا ضل
الذي كان ينزو كما يقول على خراف عمته خيرية .
واكتشف طارق
جنوح أغيد للرذيلة عندما اعترف له حارس المول بأنه يمارس اللواط مع هذا الطفل أغيد وقد أعطاه مائة ريال أمام خاله ليمارس اللعب بالمول ..
وفي آخر هذه الرّاواية المشينة المليئة بالسوء الفحش
يذيّل عبده خال لبطلاته من رواد السهرات الليلية مولد كل واحدة منهن وسبب دخولها لهذا القصر المشئوم
وكيف خرجن منه وأين ذهبن بتلك الأموال التى دخلت إلى جيوبهن باستقصاء تام
يعتبرهذا التذييل في نظؤي رواية أخرى أمتع من الرواية الحقيقية ترمي بشرر
و كأنه يريد أن يلخص لنا
سبب انحراف كل شخصية منهن على حدة، وظلم الحياة لهن عن طريق الآباء والأزواج
وعلى العموم فعبده خال
لاأبخسه مخيلته الأدبية وسرده المميزوالممتع وكنت أتمنى أن يكون جادا ويسمو عن السوالف الحكواتية ويبتعد عن محيطه الأسري إلى المحيط العام الذي يلامس
هموم مجتمعنا المسلم وهموم الشعوب ..
مع اعتذاري..
لكل من لم يعجبه طرحي ووجهة نظري حول هذه الرواية الغنية بالشخصيات والوقائعالمشوقة ..
التى سردها طارق فاضل .. المتسخ من السماءكمايقول .
بقلم /أ. محمد على العبدلي.