بسمه
07-05-2013, 03:33 PM
لفظ (الحساب) في القرآن
لفظ (الحساب) حاضر في القرآن الكريم بقوة، يكفينا في هذا أنه سبحانه جعل من أسماء يوم القيامة (يوم الحساب). فما هي دلالة هذا اللفظ المحوري في القرآن الكريم؟ وقبل ذلك، ما هي دلالته في لغة العرب؟
تفيد معاجم اللغة أن مادة (حسب) تدل على معان أربعة رئيسة، هي وفق التالي:
أولاً: العدُّ. تقول: حسبت المال أحسبه حسباً وحسباناً، أي: أعده. ويدخل في هذا المعنى: الحسبان بمعنى الظن؛ لأنه إذا قال: حسبته كذا، فكأنه قال: هو في الذي أعده من الأمور الكائنة. ويدخل فيه أيضاً: الحَسَب، وهو ما يُعدُّ من مآثر الإنسان. ويدخل فيه أيضاً، قولهم: احتسب فلان ابنه، إذا مات كبيراً؛ وذلك أن يعده في الأشياء المذخورة له عند الله تعالى. ويدخل فيه أيضاً: الحسبة بمعنى حسن تدبير الأمر، يقال: فلان حسن الحسبة بالأمر، إذا كان حسن التدبير؛ لأنه إذا كان حسن التدبير للأمر، كان عالماً بعِداد كل شيء وموضعه من الرأي والصواب. ويدخل فيه أيضاً: الحسبة: بمعنى احتسابك الأجر.
ثانياً: الكفاية. تقول: شيء حساب، أي: كاف. ويقال: أحسبت فلاناً، إذا أعطيته ما يرضيه؛ وكذلك حسبته.
ثالثاً: الحسبان، جمع حِسبانة، وهي: الوسادة الصغيرة. وقد حسبت الرجل أحسبه، إذا أجلسته عليها، ووسدته إياها.
رابعاً: الأحسب: الذي ابيضت جلدته من داء، ففسدت شعرته، كأنه أبرص. قال ابن فارس بعد أن ساق هذه المعاني الأربعة للفظ (الحساب) في اللغة: "وقد يتفق في أصول الأبواب هذا التفاوت الذي تراه في هذه الأصول الأربعة"، يريد أنه لا يُستغرب في كلام العرب أن تدل الكلمة على معان متفاوتة.
وقد ورد لفظ (الحساب) في القرآن في ثمانية ومائة موضع، جاء في خمسين منها بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} (البقرة:214). وجاء في ثمانية وأربعين منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله سبحانه: {والله سريع الحساب} (البقرة:202). وجاء على صيغة اسم فعل في عشرة مواضع، من ذلك قوله عز وجل: {فإن حسبك الله} (الأنفال:62).
ولفظ (الحساب) ورد في القرآن الكريم على عدة معان، منها:
بمعنى الكثرة، من ذلك قوله سبحانه: {جزاء من ربك عطاء حسابا} (النبأ:36)، قال قتادة: عطاء كثيراً، فجزاهم بالعمل اليسير الخير الجسيم، الذي لا انقطاع له. على نحو قوله سبحانه: {عطاء غير مجذوذ} (هود:108).
بمعنى الثواب والجزاء، من ذلك قوله تعالى: {إن حسابهم إلا على ربي} (الشعراء:113)، أي: أجرهم. قال ابن عاشور: (الحساب) يطلق على الوفاء بالحق، يقال: حاسبه، أي: كافأه، أو دفع إليه حقه، ومنه سمي يوم (القيامة) يوم (الحساب)؛ لأن فيه يكون الجزاء على العمل. ونحو هذا قوله عز من قائل: {إنهم كانوا لا يرجون حسابا} (النبأ:27). أي: لم يكونوا يعتقدون، أن ثمة داراً يجازون فيها، ويحاسبون.
بمعنى الكفاية والشهادة، من ذلك قوله سبحانه: {وكفى بالله حسيبا} (النساء:6)، قال السدي: {حسيبا}: شهيداً. وقال ابن كثير: وكفى بالله محاسباً وشهيداً ورقيباً. ومن هذا القبيل، قوله عز وجل: {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (الإسراء:14)، قال الطبري: حسبك اليوم نفسك عليك حاسباً، يحسب عليك أعمالك، فيحصيها عليك، لا نبتغي عليك شاهداً غيرها.
بمعنى المحاسبة والعرض يوم القيامة، من ذلك قوله تعالى: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} (إبراهيم:41)، قال الشوكاني: يوم يثبت حساب المكلفين في المحشر. ونحوه قوله عز من قائل: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} (الانشقاق:8)، قال المفسرون: هو أن تعرض عليه سيئاته، ثم يغفرها الله، فهو الحساب اليسير.
بمعنى العدد، من ذلك قوله سبحانه: {لتعلموا عدد السنين والحساب} (يونس:5)، أي: عدد أوقات السنين، والشهور، والأيام، والساعات.
بمعنى التقتير والمِنَّة، من ذلك قوله عز وجل: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} (البقرة:212)، أي: أنه سبحانه يعطي من يشاء من خلقه، فيجود عليه، بغير محاسبة منه، ولا مِنَّة. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وترزق من تشاء بغير حساب} (آل عمران:27). وعلى هذا المعنى كثير من آيات القرآن.
بمعنى حساب منازل الأفلاك، من ذلك قوله سبحانه: {الشمس والقمر بحسبان} (الرحمن:5)، قال الطبري : جعل الشمس والقمر يجريان بحساب وعددٍ لبلوغ أمرهما، ونهاية آجالهما، ويدوران لمصالح الخلق التي جُعِلا لها. ومنه قوله تعالى: {والشمس والقمر حسبانا} (الأنعام:96). وليس غير هاتين الآيتين في القرآن على هذا المعنى. أما قوله تعالى: {ويرسل عليها حسبانا} (الكهف:40)، أي: عذاباً من السماء، ترمي به رمياً، وتقذف. و(الحسبان): جمع حُسْبانة، وهي المرامي. وهذا مروي عن قتادة وغيره.
بمعنى الظن، من ذلك قوله عز وجل: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (آل عمران:169). أي: ولا تظنن. ومنه قوله سبحانه: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} (البقرة:273). وعلى هذا المعنى كثير من آيات القرآن.
وقد ذكر أصحاب الفروق اللغوية، أن الظن درجة فوق الحسبان، فالظن أقرب إلى العلم، والحسبان دون درجة الظن، فأنت تقول: أظن زيداً قد سافر، وذلك لرجحان علمك بسفره، وتقول: أحسبه قد سافر، وذلك في حال عدم حصول العلم لديك بسفره. ثم توسعوا باستعمال (الحسبان)، فأصبح يطلق بمعنى (الظن). وفرقوا بين الفعل والمصدر منهما، فقالوا في (الظن): حَسِب -بكسر السين- حِسباناً: ظن. وقالوا في (الحساب): حَسَب -بفتح السين- حِساباً وحُسباناً: عدَّ وأحصى.
لفظ (الحساب) حاضر في القرآن الكريم بقوة، يكفينا في هذا أنه سبحانه جعل من أسماء يوم القيامة (يوم الحساب). فما هي دلالة هذا اللفظ المحوري في القرآن الكريم؟ وقبل ذلك، ما هي دلالته في لغة العرب؟
تفيد معاجم اللغة أن مادة (حسب) تدل على معان أربعة رئيسة، هي وفق التالي:
أولاً: العدُّ. تقول: حسبت المال أحسبه حسباً وحسباناً، أي: أعده. ويدخل في هذا المعنى: الحسبان بمعنى الظن؛ لأنه إذا قال: حسبته كذا، فكأنه قال: هو في الذي أعده من الأمور الكائنة. ويدخل فيه أيضاً: الحَسَب، وهو ما يُعدُّ من مآثر الإنسان. ويدخل فيه أيضاً، قولهم: احتسب فلان ابنه، إذا مات كبيراً؛ وذلك أن يعده في الأشياء المذخورة له عند الله تعالى. ويدخل فيه أيضاً: الحسبة بمعنى حسن تدبير الأمر، يقال: فلان حسن الحسبة بالأمر، إذا كان حسن التدبير؛ لأنه إذا كان حسن التدبير للأمر، كان عالماً بعِداد كل شيء وموضعه من الرأي والصواب. ويدخل فيه أيضاً: الحسبة: بمعنى احتسابك الأجر.
ثانياً: الكفاية. تقول: شيء حساب، أي: كاف. ويقال: أحسبت فلاناً، إذا أعطيته ما يرضيه؛ وكذلك حسبته.
ثالثاً: الحسبان، جمع حِسبانة، وهي: الوسادة الصغيرة. وقد حسبت الرجل أحسبه، إذا أجلسته عليها، ووسدته إياها.
رابعاً: الأحسب: الذي ابيضت جلدته من داء، ففسدت شعرته، كأنه أبرص. قال ابن فارس بعد أن ساق هذه المعاني الأربعة للفظ (الحساب) في اللغة: "وقد يتفق في أصول الأبواب هذا التفاوت الذي تراه في هذه الأصول الأربعة"، يريد أنه لا يُستغرب في كلام العرب أن تدل الكلمة على معان متفاوتة.
وقد ورد لفظ (الحساب) في القرآن في ثمانية ومائة موضع، جاء في خمسين منها بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} (البقرة:214). وجاء في ثمانية وأربعين منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله سبحانه: {والله سريع الحساب} (البقرة:202). وجاء على صيغة اسم فعل في عشرة مواضع، من ذلك قوله عز وجل: {فإن حسبك الله} (الأنفال:62).
ولفظ (الحساب) ورد في القرآن الكريم على عدة معان، منها:
بمعنى الكثرة، من ذلك قوله سبحانه: {جزاء من ربك عطاء حسابا} (النبأ:36)، قال قتادة: عطاء كثيراً، فجزاهم بالعمل اليسير الخير الجسيم، الذي لا انقطاع له. على نحو قوله سبحانه: {عطاء غير مجذوذ} (هود:108).
بمعنى الثواب والجزاء، من ذلك قوله تعالى: {إن حسابهم إلا على ربي} (الشعراء:113)، أي: أجرهم. قال ابن عاشور: (الحساب) يطلق على الوفاء بالحق، يقال: حاسبه، أي: كافأه، أو دفع إليه حقه، ومنه سمي يوم (القيامة) يوم (الحساب)؛ لأن فيه يكون الجزاء على العمل. ونحو هذا قوله عز من قائل: {إنهم كانوا لا يرجون حسابا} (النبأ:27). أي: لم يكونوا يعتقدون، أن ثمة داراً يجازون فيها، ويحاسبون.
بمعنى الكفاية والشهادة، من ذلك قوله سبحانه: {وكفى بالله حسيبا} (النساء:6)، قال السدي: {حسيبا}: شهيداً. وقال ابن كثير: وكفى بالله محاسباً وشهيداً ورقيباً. ومن هذا القبيل، قوله عز وجل: {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (الإسراء:14)، قال الطبري: حسبك اليوم نفسك عليك حاسباً، يحسب عليك أعمالك، فيحصيها عليك، لا نبتغي عليك شاهداً غيرها.
بمعنى المحاسبة والعرض يوم القيامة، من ذلك قوله تعالى: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} (إبراهيم:41)، قال الشوكاني: يوم يثبت حساب المكلفين في المحشر. ونحوه قوله عز من قائل: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} (الانشقاق:8)، قال المفسرون: هو أن تعرض عليه سيئاته، ثم يغفرها الله، فهو الحساب اليسير.
بمعنى العدد، من ذلك قوله سبحانه: {لتعلموا عدد السنين والحساب} (يونس:5)، أي: عدد أوقات السنين، والشهور، والأيام، والساعات.
بمعنى التقتير والمِنَّة، من ذلك قوله عز وجل: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} (البقرة:212)، أي: أنه سبحانه يعطي من يشاء من خلقه، فيجود عليه، بغير محاسبة منه، ولا مِنَّة. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وترزق من تشاء بغير حساب} (آل عمران:27). وعلى هذا المعنى كثير من آيات القرآن.
بمعنى حساب منازل الأفلاك، من ذلك قوله سبحانه: {الشمس والقمر بحسبان} (الرحمن:5)، قال الطبري : جعل الشمس والقمر يجريان بحساب وعددٍ لبلوغ أمرهما، ونهاية آجالهما، ويدوران لمصالح الخلق التي جُعِلا لها. ومنه قوله تعالى: {والشمس والقمر حسبانا} (الأنعام:96). وليس غير هاتين الآيتين في القرآن على هذا المعنى. أما قوله تعالى: {ويرسل عليها حسبانا} (الكهف:40)، أي: عذاباً من السماء، ترمي به رمياً، وتقذف. و(الحسبان): جمع حُسْبانة، وهي المرامي. وهذا مروي عن قتادة وغيره.
بمعنى الظن، من ذلك قوله عز وجل: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (آل عمران:169). أي: ولا تظنن. ومنه قوله سبحانه: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} (البقرة:273). وعلى هذا المعنى كثير من آيات القرآن.
وقد ذكر أصحاب الفروق اللغوية، أن الظن درجة فوق الحسبان، فالظن أقرب إلى العلم، والحسبان دون درجة الظن، فأنت تقول: أظن زيداً قد سافر، وذلك لرجحان علمك بسفره، وتقول: أحسبه قد سافر، وذلك في حال عدم حصول العلم لديك بسفره. ثم توسعوا باستعمال (الحسبان)، فأصبح يطلق بمعنى (الظن). وفرقوا بين الفعل والمصدر منهما، فقالوا في (الظن): حَسِب -بكسر السين- حِسباناً: ظن. وقالوا في (الحساب): حَسَب -بفتح السين- حِساباً وحُسباناً: عدَّ وأحصى.