بسمه
16-05-2013, 10:37 AM
هكذا علمتنا التجارب
http://www.7ophamsa.com/up//uploads/images/7ophamsa-2cff0942f6.png
1- ومن العداوة ما ينالك نفعه:
قد تستفيد من العدو أكثر من الصديق، فالعدو يكاسرك بالنقد، ولا يجاملك كالصديق
، فتطَّلع على عيوبك،
والعدو ينافسك، فيشحذ همتك على طلب الكمال، والمبادرة إلى أشرف الخصال،
والعدو يتشفى بعثرتك،
فتصبر وتتجلد فتحصل على ثواب الصابرين، والعدو يدلك على سيئتك، فتستغفر منها،
ويخبر بنقصك فتتلافاه، والعدو يخبر الناس بخطئك فيذيع لك شهرة وأجراً وذكراً،
وكلما خمل ذكرك فتَّش عنك العدو،
وأعلن اسمك في النوادي، والعدو يترصدك فيجعلك يقظان دائماً، تتأمل العواقب وتعد العدة،
والعدو ربما ضايقك فكفَّر من خطاياك، فهو مصيبة تؤجر عليها إذا صبرت:
قد يُنعمُ الله بالبلوى وإن عظُمَت .. ويبتلي الله بعضَ القومِ بالنِّعَمِ
والصديق في الغالب تنام إليه، وتثق به، وتسترسل إلى مودته، وتفشي له سرك
، وتذيع له مكنونك،
ويطلع على خفايا عيوبك، ويحصي زلاتك ليوم الحاجة، ويعد غلطاتك لساعة الانتقام،
ويعرف مداخلك لوقت الغارة،
ويدرك ضعفك وتقلباتك، ثم هو المجامل، وربما كتم النصيحة، وسكت عن
الخطأ، وأيدك على الزلل،
وحسن لك الوقوع، وضيع عليك الوقت، وثبطك على النجاح
، فهو سُمٌّ في عسل.
2- الدهماء والغوغاء:
هم العوام الهوام الطوام، يغلون الأسعار، ويسدون السيل، ويطفئون الحريق
، ويحضرون نطاح الكباش،
ومناقرة الديوك، ويجلسون على الطرقات يسألون عن الأخبار والأمطار،
أتباع كل ناعق، ذباب طمع،
إن أقبلت الدنيا عليك طلبوك حتى ملوك، وإن أدبرت جفوك ومقتوك،
لا تثق بمدحهم فهم الدهماء،
والغوغاء البلداء الأغبياء السفهاء.ينقلبون مع الدنيا عليك، ويمنون بالمجيء إليك،
إن أكلت من قصعة أحدهم عدها تاريخاً،
وإن أكل من قصعتك حسبه حقاً لازماً، إذا عادوا من مرض زادوا العلة، وإن
حضروا في وليمة أطالوا القعود،
يضحكون من غير سبب، ويعجبون من غير عجب، حديثهم تزوج فلان وطلق علان،
وسافر زيد ورجع عمرو،
إن حدثتهم بالعلم ناموا، وإن ذكرتهم الموت قاموا، اجتماعهم بلبلة، وتفرقهم رحمة،
إذا احتشدوا لا يفرقهم إلا الشرط بالسياط،
يحفون بالعاقل حتى يتركوه أحمقَ، ويلتفون بالعالم حتى يودعوه مهلكة،
حفوا بالحسين بن علي فلما قُتل شَردوا شرود الجراد،
وطافوا بابن الزبير، فلما صُلب طاروا طيران الفراش، وحشدوا مع أحمد بن حنبل،
فلما سُجن وجُلد ذابوا كالملح في الماء،
يرقدون في مجالس الذكر، ويضحكون في المآتم، خفق نعالهم خلف العالم فتنة،
وصداقتهم مؤونة،
وسؤالاتهم كلفة، يسألون عن الغامض، ويجهلون الجلي، ويستفتونك عن المعدوم
ولا يعلمون الموجود،
إذا سمعوا المسألة قلبوا عاليها سافلها، ونقلوها للناس منكوسة، يعجبهم الصوت
ولا يدرون ما المعنى!
وتدهشهم الحركة، ولا يعلمون الفحوى. الخطيب عندهم من صاح وناح، وبيده أشاح،
والعالم لديهم من كوَّر العمامة،
وزخرف هندامه، وعرض أكمامه، والسلطان القوي العادل عندهم من ضربهم بالسياط،
وبطحهم على البساط،
وأوقفهم في الشمس على البلاط، يسألونك عن حركات المريخ وهم
لا يعرفون نواقض الوضوء،
ويباحثونك في أبي زيد الهلالي ولا يفقهون سيرة عمر، يحبون الغرائب وتدهشهم العجائب
، وتسليهم الأماني،
وتشغلهم الأراجيف، وتستهويهم الشائعات، أثقل على الجسم من الحمَّى،
وأشد على القلب من الضيم،
وأخوف في العين من الليل، إن رضوا عنك بالغداة غضبوا بالعشي،
إن لنت معهم امتهنوك وأذلوك،
وإن أخذتهم بالجد كرهوك ومقتوك، إن زاروا منُّوا الزيارة، وإن زرتهم قالوا: بعض حقنا أداه،
يقحمونك ويتركونك، ويفحمونك ولا يشكرونك.
3- إسلام بلا دروشة:
الله جميل يحب الجمال، خلق حدائق ذات بهجة، وخلق النخل باسقات
لها طلع نضيد، يحب المظهر الجميل،
والمخبر الجميل، ولا يعترف بالدروشة، وتهميش الأناقة،
والرسول -صلى الله عليه وسلم- طيب الطلعة،
جميل الصورة، زكي الرائحة، حي العواطف، وافر المشاعر، جاء يؤيد الفطرة،
ويعلم الإنسان معنى الحياة،
والله يكره البؤس والتباؤس، وظن بعض الناس أن النسك لبس الثياب الممزقة، وبعثرة شعر اللحية،
وهجر الطيب، والتجافي عن نظافة الجسم، والتماوت في المشية،
وتنكيس الرأس كما يفعل الرهبان،
وهذا كله ما أنزل الله به من سلطان،كان عمر-رضي الله عنه-، وهو من أفضل النُّسَّاك،
إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع.
لابد أن يُقدم الإسلام في صورته الزَّاهية الجميلة، طهر للسريرة، حفظ للمزاج
، صحة للجسم، قوة في العمل،
سمو في الهمة، الإسلام نقاء للقلب من الحقد والدغل والشرك والنفاق،
وصفاء للمبدأ من الغي والانحراف،
غسل ووضوء، وسواك وطيب، أكل للطيبات مع الشكر، ولباس للجميل مع التواضع،
واستغلال الحياة بطريق الشَّرع،
أما إطفاء إشراق النفس وقتل إرادتها، وإرغام الرُّوح على المشقة، والعنت والتقزز من مباهج الحياة، فهو لغو،
وغلو لا أصل له: ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) [الحج:78].
4- حلاوة المعاناة:
لا يبرع متميز في باب من الأبواب أو فنٍّ من الفنون حتى يذوق المعاناة في هذا السبيل،
يحترق بنار الجهد والدأب والانصهار،
ليكون عطاؤه صادقاً، نابعاً من قلبه ووجدانه.الكلمة الملتهبة المؤثرة هي
التي يذوق صاحبها طعمها،
ويحس بحرارتها وتأثيرها قبل غيره.القصيدة البديعة هي تلك المتدفقة من الجوانح،
المعبرة عن معاناة قائلها والْتياعه.
الكتاب النافع مؤلف بريشة موحية تحمل رسالة تحرص على أن تقدمها
في هذا الكتاب.
آلاف الكلمات والقصائد والخطب والمؤلفات جثث هامدة، كالمتردية والنطيحة
وما أكل السَّبُع؛
لأنها قدمت بلا معاناة ولا معايشة ولا روح، فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن الإكثار شيء، والجودة شيء آخر، وأفضل العبادة أحسنها
: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) [هود:7]، وهو صدق التّوجه وحسن الاتباع ومعرفة المقاصد،
والتفقه في الأسرار، وعلى الباردين في عطائهم،
الجامدين في عواطفهم أن يعيشوا معاناة ما يحملون
، وهمِّ ما يريدون، ليصلوا مع من وصل
http://www.7ophamsa.com/up//uploads/images/7ophamsa-2cff0942f6.png
1- ومن العداوة ما ينالك نفعه:
قد تستفيد من العدو أكثر من الصديق، فالعدو يكاسرك بالنقد، ولا يجاملك كالصديق
، فتطَّلع على عيوبك،
والعدو ينافسك، فيشحذ همتك على طلب الكمال، والمبادرة إلى أشرف الخصال،
والعدو يتشفى بعثرتك،
فتصبر وتتجلد فتحصل على ثواب الصابرين، والعدو يدلك على سيئتك، فتستغفر منها،
ويخبر بنقصك فتتلافاه، والعدو يخبر الناس بخطئك فيذيع لك شهرة وأجراً وذكراً،
وكلما خمل ذكرك فتَّش عنك العدو،
وأعلن اسمك في النوادي، والعدو يترصدك فيجعلك يقظان دائماً، تتأمل العواقب وتعد العدة،
والعدو ربما ضايقك فكفَّر من خطاياك، فهو مصيبة تؤجر عليها إذا صبرت:
قد يُنعمُ الله بالبلوى وإن عظُمَت .. ويبتلي الله بعضَ القومِ بالنِّعَمِ
والصديق في الغالب تنام إليه، وتثق به، وتسترسل إلى مودته، وتفشي له سرك
، وتذيع له مكنونك،
ويطلع على خفايا عيوبك، ويحصي زلاتك ليوم الحاجة، ويعد غلطاتك لساعة الانتقام،
ويعرف مداخلك لوقت الغارة،
ويدرك ضعفك وتقلباتك، ثم هو المجامل، وربما كتم النصيحة، وسكت عن
الخطأ، وأيدك على الزلل،
وحسن لك الوقوع، وضيع عليك الوقت، وثبطك على النجاح
، فهو سُمٌّ في عسل.
2- الدهماء والغوغاء:
هم العوام الهوام الطوام، يغلون الأسعار، ويسدون السيل، ويطفئون الحريق
، ويحضرون نطاح الكباش،
ومناقرة الديوك، ويجلسون على الطرقات يسألون عن الأخبار والأمطار،
أتباع كل ناعق، ذباب طمع،
إن أقبلت الدنيا عليك طلبوك حتى ملوك، وإن أدبرت جفوك ومقتوك،
لا تثق بمدحهم فهم الدهماء،
والغوغاء البلداء الأغبياء السفهاء.ينقلبون مع الدنيا عليك، ويمنون بالمجيء إليك،
إن أكلت من قصعة أحدهم عدها تاريخاً،
وإن أكل من قصعتك حسبه حقاً لازماً، إذا عادوا من مرض زادوا العلة، وإن
حضروا في وليمة أطالوا القعود،
يضحكون من غير سبب، ويعجبون من غير عجب، حديثهم تزوج فلان وطلق علان،
وسافر زيد ورجع عمرو،
إن حدثتهم بالعلم ناموا، وإن ذكرتهم الموت قاموا، اجتماعهم بلبلة، وتفرقهم رحمة،
إذا احتشدوا لا يفرقهم إلا الشرط بالسياط،
يحفون بالعاقل حتى يتركوه أحمقَ، ويلتفون بالعالم حتى يودعوه مهلكة،
حفوا بالحسين بن علي فلما قُتل شَردوا شرود الجراد،
وطافوا بابن الزبير، فلما صُلب طاروا طيران الفراش، وحشدوا مع أحمد بن حنبل،
فلما سُجن وجُلد ذابوا كالملح في الماء،
يرقدون في مجالس الذكر، ويضحكون في المآتم، خفق نعالهم خلف العالم فتنة،
وصداقتهم مؤونة،
وسؤالاتهم كلفة، يسألون عن الغامض، ويجهلون الجلي، ويستفتونك عن المعدوم
ولا يعلمون الموجود،
إذا سمعوا المسألة قلبوا عاليها سافلها، ونقلوها للناس منكوسة، يعجبهم الصوت
ولا يدرون ما المعنى!
وتدهشهم الحركة، ولا يعلمون الفحوى. الخطيب عندهم من صاح وناح، وبيده أشاح،
والعالم لديهم من كوَّر العمامة،
وزخرف هندامه، وعرض أكمامه، والسلطان القوي العادل عندهم من ضربهم بالسياط،
وبطحهم على البساط،
وأوقفهم في الشمس على البلاط، يسألونك عن حركات المريخ وهم
لا يعرفون نواقض الوضوء،
ويباحثونك في أبي زيد الهلالي ولا يفقهون سيرة عمر، يحبون الغرائب وتدهشهم العجائب
، وتسليهم الأماني،
وتشغلهم الأراجيف، وتستهويهم الشائعات، أثقل على الجسم من الحمَّى،
وأشد على القلب من الضيم،
وأخوف في العين من الليل، إن رضوا عنك بالغداة غضبوا بالعشي،
إن لنت معهم امتهنوك وأذلوك،
وإن أخذتهم بالجد كرهوك ومقتوك، إن زاروا منُّوا الزيارة، وإن زرتهم قالوا: بعض حقنا أداه،
يقحمونك ويتركونك، ويفحمونك ولا يشكرونك.
3- إسلام بلا دروشة:
الله جميل يحب الجمال، خلق حدائق ذات بهجة، وخلق النخل باسقات
لها طلع نضيد، يحب المظهر الجميل،
والمخبر الجميل، ولا يعترف بالدروشة، وتهميش الأناقة،
والرسول -صلى الله عليه وسلم- طيب الطلعة،
جميل الصورة، زكي الرائحة، حي العواطف، وافر المشاعر، جاء يؤيد الفطرة،
ويعلم الإنسان معنى الحياة،
والله يكره البؤس والتباؤس، وظن بعض الناس أن النسك لبس الثياب الممزقة، وبعثرة شعر اللحية،
وهجر الطيب، والتجافي عن نظافة الجسم، والتماوت في المشية،
وتنكيس الرأس كما يفعل الرهبان،
وهذا كله ما أنزل الله به من سلطان،كان عمر-رضي الله عنه-، وهو من أفضل النُّسَّاك،
إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع.
لابد أن يُقدم الإسلام في صورته الزَّاهية الجميلة، طهر للسريرة، حفظ للمزاج
، صحة للجسم، قوة في العمل،
سمو في الهمة، الإسلام نقاء للقلب من الحقد والدغل والشرك والنفاق،
وصفاء للمبدأ من الغي والانحراف،
غسل ووضوء، وسواك وطيب، أكل للطيبات مع الشكر، ولباس للجميل مع التواضع،
واستغلال الحياة بطريق الشَّرع،
أما إطفاء إشراق النفس وقتل إرادتها، وإرغام الرُّوح على المشقة، والعنت والتقزز من مباهج الحياة، فهو لغو،
وغلو لا أصل له: ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) [الحج:78].
4- حلاوة المعاناة:
لا يبرع متميز في باب من الأبواب أو فنٍّ من الفنون حتى يذوق المعاناة في هذا السبيل،
يحترق بنار الجهد والدأب والانصهار،
ليكون عطاؤه صادقاً، نابعاً من قلبه ووجدانه.الكلمة الملتهبة المؤثرة هي
التي يذوق صاحبها طعمها،
ويحس بحرارتها وتأثيرها قبل غيره.القصيدة البديعة هي تلك المتدفقة من الجوانح،
المعبرة عن معاناة قائلها والْتياعه.
الكتاب النافع مؤلف بريشة موحية تحمل رسالة تحرص على أن تقدمها
في هذا الكتاب.
آلاف الكلمات والقصائد والخطب والمؤلفات جثث هامدة، كالمتردية والنطيحة
وما أكل السَّبُع؛
لأنها قدمت بلا معاناة ولا معايشة ولا روح، فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن الإكثار شيء، والجودة شيء آخر، وأفضل العبادة أحسنها
: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) [هود:7]، وهو صدق التّوجه وحسن الاتباع ومعرفة المقاصد،
والتفقه في الأسرار، وعلى الباردين في عطائهم،
الجامدين في عواطفهم أن يعيشوا معاناة ما يحملون
، وهمِّ ما يريدون، ليصلوا مع من وصل