عبدالله بن مهدي
16-05-2013, 09:27 PM
أين أخوك ماهر؟
تصرمت أيام عامنا الدراسي، وأوشكت على الانتهاء، وسيستقبل الجميع الإجازة الصيفية التي لا ندري حجم حرارتها على الأبدان والجيوب، لقد تقطعت أوصال العام الدراسي بكثرة الإجازات بسبب القرارات التي أسرف في اتخاذها مديرو التربية والتعليم في المناطق والمحافظات، ومهدت الوزارة لذلك بتفويضها بعض صلاحياتها لهم دون قيود واضحة أو معايير دقيقة.
ذهبت أيام كثيرة هدراً في إجازات غير مبررة، ويستقبل اليوم أبناؤنا وبناتنا الاختبارات النهائية؛ وهي أيام تتطلب منهم ومن معلميهم ومعلماتهم وأولياء أمورهم جهداً مضاعفاً وحرصاً ويقظة شديدة؛ لحمايتهم.
خطران محدقان، أولهما: خطر الحوادث المرورية بسبب الفوضى التي يحدثها الكبار منهم أثناء قيادتهم سياراتهم أو أثناء مشاهداتهم استعراضات أقرانهم وغيرهم في الساحات والشوارع، ففي كل عام يتعرضون لحوادث مروِّعة تكون نتيجتها الموت والإعاقة التامة، والعاهات المستديمة، والإصابات الخطيرة، وإتلاف للمال؛ بسبب التفحيط والسرعة، وقطع الإشارات المرورية، والتجاوز الخاطئ وغيرها من المخالفات المرورية، وهي مآسٍ كبيرة لهم ولأسرهم!
أما الخطر الآخر فهو المخدرات، حيث يتم استهدافهم بعمليات ترويج كبيرة –وهي خطر كبير ومدمر- إذ ينشط مجرمو التهريب قبل الاختبارات بإدخال سمومهم إلى البلاد بأساليب مختفة، ويتحفز المروجون؛ ليقوموا ببيعها على أكبر عدد من هؤلاء اليافعين!
من المؤكد أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لديها كثير من المعلومات، ويدرك مسؤولوها حجم ما يستهدف البلاد من عمليات تهريب هذه السموم القاتلة، عمليات تهريب تقف وراءها شبكات ومنظمات -وربما دول- تسعى لاستهداف شريحة كبيرة ومهمة من المجتمع استهدافاً منظماً له أساليبه ووسائله الدنيئة.
إن حماية الحدود البرية والبحرية من عمليات التهريب منوطة بحرس الحدود، ويساندهم رجال الجمارك في المنافذ البرية والمطارات والموانئ التي تواجه زيادة كبيرة في أعداد المسافرين، وتتضاعف تلك الأعداد عشرات المرات في المناسبات والعطلات والأعياد، وهو أمر تؤكده الإحصاءات، ولذلك فإن الحاجة ماسّة وملحّة لدعم مصلحة الجمارك بموظفين مهرة، خاصة مع استخدامها الحالي للتقنية الحديثة في إجراءات التسجيل التي تعتمد قاعدة بيانات كبيرة للسيارات العابرة أسهمت في تيسير الإجراءات، وتطوير وسائل التفتيش، والقدرة على الكشف عن كثير من حالات التهريب المتجددة، فهل نحن بحاجة إلى نظام اسمه «ماهر» في الجمارك على غرار نظام ساهر؟
إن رجال المرور بحاجة إلى دعم ومؤازرة وتقدير؛ ليقوموا بمهامهم وواجباتهم الأساسية المتمثلة في ضبط الحركة المرورية، وتيسيرها وبث الوعي المروري، ونشر الثقافة المرورية الواعية والرشيدة، فالمعاناة كبيرة في المدن الكبرى؛ بسبب الزحام الشديد الذي يحتاج لوجود مكثف لرجال المرور في مواقع محددة أثناء ساعات الذروة، ووجود دائم في مواقع أخرى؛ للمحافظة على حركة مرورية مرنة تُسهم في حماية الأرواح من الحوادث، وسلامتها من الأخطار، وحماية الممتلكات من التلف، والحد من التجاوزات والمخالفات التي تؤدي لحوادث قاتلة وتلفيات كبيرة.
ما يتم رصده من المخالفات يشكل أرقاماً مخيفة، ولا تزال الأرقام التي يتم نشرها سنوياً عن الحوادث المرورية كبيرة ومرعبة أيضاً، وهو أمر يتطلب جهوداً كبيرة، ومؤازرة حقيقية وصادقة من المواطنين والمقيمين لرجال المرور.
وربما تكون مثل هذه الأسئلة مشروعة:
– هل من الضرورة إسناد جميع الأعمال الإدارية في إدارات المرور للعسكريين فقط؟
– ما المانع من إسنادها لموظفين مدنيين مؤهلين؟
– ألا يُسهم ذلك في توفير أعداد كبيرة من العسكريين للقيام بالمهام الميدانية، ويشكل دعماً ومساندة لزملائهم الموجودين في الشوارع، والأحياء؟
هناك من يقول إن تطبيق «ساهر» قد أسهم في خفض الحوادث المرورية، وهناك من يزعم بغير ذلك -كما جاء في مقطع تسجيلي للدكتور سلمان العودة- حيث يقول إنه بحث في الإنترنت فوجد أن نظام ساهر لم يقلل الحوادث، وكان كلامه مرتجلاً، ويبدو أنه كان من محاضرة عامة، على عكس تلك البرامج التي يقدمها في القنوات الفضائية، ويحرص على أن تكون منتقاة العبارة والدليل!
ولكن ما تؤكده الإدارة العامة للمرور يعارض ذلك القول ويُسقطه، فهو نظام لا يمكن معرفة نسبة مؤيديه ومعارضيه، وقد طالب بإيقافه ذات يوم أحد أعضاء مجلس الشورى، ولكن الأصوات التي دعت لاستمراره –ولله الحمد- هي الأقوى، والأكثر أملاً وتفاؤلاً بتغيير واقعنا المروري، ووقف النزف اليومي الشديد لدماء أبنائنا على الطرقات، وهو أمر يلحّ على أننا بحاجة حقيقية وماسّة إلى أن يستمر «ساهر» ويُدعم.
قالت العرب قديماً: «رُبَّ أخٍ لكَ لمْ تلدْهُ أمُّك» فكيف إن كان قد ولدته أمك فعلاً، إن «ساهر» بحاجة ماسّة لأن يكون له أخ اسمه «ماهر» ليُسهما معاً في حماية أرواح أبنائنا وعقولهم.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٥٢٩) صفحة (٢٩) بتاريخ (١٦-٠٥-٢٠١٣)
اعتذر عن عدم إضافة مقالي السابق ، وهذا رابطه لمن أراد أن يطلع عليه ، وعنوانه :ثَمَاني سِنينَ ثِمَانٍ مِن العَطَاء
http://www.alsharq.net.sa/2013/05/09/828886
تصرمت أيام عامنا الدراسي، وأوشكت على الانتهاء، وسيستقبل الجميع الإجازة الصيفية التي لا ندري حجم حرارتها على الأبدان والجيوب، لقد تقطعت أوصال العام الدراسي بكثرة الإجازات بسبب القرارات التي أسرف في اتخاذها مديرو التربية والتعليم في المناطق والمحافظات، ومهدت الوزارة لذلك بتفويضها بعض صلاحياتها لهم دون قيود واضحة أو معايير دقيقة.
ذهبت أيام كثيرة هدراً في إجازات غير مبررة، ويستقبل اليوم أبناؤنا وبناتنا الاختبارات النهائية؛ وهي أيام تتطلب منهم ومن معلميهم ومعلماتهم وأولياء أمورهم جهداً مضاعفاً وحرصاً ويقظة شديدة؛ لحمايتهم.
خطران محدقان، أولهما: خطر الحوادث المرورية بسبب الفوضى التي يحدثها الكبار منهم أثناء قيادتهم سياراتهم أو أثناء مشاهداتهم استعراضات أقرانهم وغيرهم في الساحات والشوارع، ففي كل عام يتعرضون لحوادث مروِّعة تكون نتيجتها الموت والإعاقة التامة، والعاهات المستديمة، والإصابات الخطيرة، وإتلاف للمال؛ بسبب التفحيط والسرعة، وقطع الإشارات المرورية، والتجاوز الخاطئ وغيرها من المخالفات المرورية، وهي مآسٍ كبيرة لهم ولأسرهم!
أما الخطر الآخر فهو المخدرات، حيث يتم استهدافهم بعمليات ترويج كبيرة –وهي خطر كبير ومدمر- إذ ينشط مجرمو التهريب قبل الاختبارات بإدخال سمومهم إلى البلاد بأساليب مختفة، ويتحفز المروجون؛ ليقوموا ببيعها على أكبر عدد من هؤلاء اليافعين!
من المؤكد أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لديها كثير من المعلومات، ويدرك مسؤولوها حجم ما يستهدف البلاد من عمليات تهريب هذه السموم القاتلة، عمليات تهريب تقف وراءها شبكات ومنظمات -وربما دول- تسعى لاستهداف شريحة كبيرة ومهمة من المجتمع استهدافاً منظماً له أساليبه ووسائله الدنيئة.
إن حماية الحدود البرية والبحرية من عمليات التهريب منوطة بحرس الحدود، ويساندهم رجال الجمارك في المنافذ البرية والمطارات والموانئ التي تواجه زيادة كبيرة في أعداد المسافرين، وتتضاعف تلك الأعداد عشرات المرات في المناسبات والعطلات والأعياد، وهو أمر تؤكده الإحصاءات، ولذلك فإن الحاجة ماسّة وملحّة لدعم مصلحة الجمارك بموظفين مهرة، خاصة مع استخدامها الحالي للتقنية الحديثة في إجراءات التسجيل التي تعتمد قاعدة بيانات كبيرة للسيارات العابرة أسهمت في تيسير الإجراءات، وتطوير وسائل التفتيش، والقدرة على الكشف عن كثير من حالات التهريب المتجددة، فهل نحن بحاجة إلى نظام اسمه «ماهر» في الجمارك على غرار نظام ساهر؟
إن رجال المرور بحاجة إلى دعم ومؤازرة وتقدير؛ ليقوموا بمهامهم وواجباتهم الأساسية المتمثلة في ضبط الحركة المرورية، وتيسيرها وبث الوعي المروري، ونشر الثقافة المرورية الواعية والرشيدة، فالمعاناة كبيرة في المدن الكبرى؛ بسبب الزحام الشديد الذي يحتاج لوجود مكثف لرجال المرور في مواقع محددة أثناء ساعات الذروة، ووجود دائم في مواقع أخرى؛ للمحافظة على حركة مرورية مرنة تُسهم في حماية الأرواح من الحوادث، وسلامتها من الأخطار، وحماية الممتلكات من التلف، والحد من التجاوزات والمخالفات التي تؤدي لحوادث قاتلة وتلفيات كبيرة.
ما يتم رصده من المخالفات يشكل أرقاماً مخيفة، ولا تزال الأرقام التي يتم نشرها سنوياً عن الحوادث المرورية كبيرة ومرعبة أيضاً، وهو أمر يتطلب جهوداً كبيرة، ومؤازرة حقيقية وصادقة من المواطنين والمقيمين لرجال المرور.
وربما تكون مثل هذه الأسئلة مشروعة:
– هل من الضرورة إسناد جميع الأعمال الإدارية في إدارات المرور للعسكريين فقط؟
– ما المانع من إسنادها لموظفين مدنيين مؤهلين؟
– ألا يُسهم ذلك في توفير أعداد كبيرة من العسكريين للقيام بالمهام الميدانية، ويشكل دعماً ومساندة لزملائهم الموجودين في الشوارع، والأحياء؟
هناك من يقول إن تطبيق «ساهر» قد أسهم في خفض الحوادث المرورية، وهناك من يزعم بغير ذلك -كما جاء في مقطع تسجيلي للدكتور سلمان العودة- حيث يقول إنه بحث في الإنترنت فوجد أن نظام ساهر لم يقلل الحوادث، وكان كلامه مرتجلاً، ويبدو أنه كان من محاضرة عامة، على عكس تلك البرامج التي يقدمها في القنوات الفضائية، ويحرص على أن تكون منتقاة العبارة والدليل!
ولكن ما تؤكده الإدارة العامة للمرور يعارض ذلك القول ويُسقطه، فهو نظام لا يمكن معرفة نسبة مؤيديه ومعارضيه، وقد طالب بإيقافه ذات يوم أحد أعضاء مجلس الشورى، ولكن الأصوات التي دعت لاستمراره –ولله الحمد- هي الأقوى، والأكثر أملاً وتفاؤلاً بتغيير واقعنا المروري، ووقف النزف اليومي الشديد لدماء أبنائنا على الطرقات، وهو أمر يلحّ على أننا بحاجة حقيقية وماسّة إلى أن يستمر «ساهر» ويُدعم.
قالت العرب قديماً: «رُبَّ أخٍ لكَ لمْ تلدْهُ أمُّك» فكيف إن كان قد ولدته أمك فعلاً، إن «ساهر» بحاجة ماسّة لأن يكون له أخ اسمه «ماهر» ليُسهما معاً في حماية أرواح أبنائنا وعقولهم.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٥٢٩) صفحة (٢٩) بتاريخ (١٦-٠٥-٢٠١٣)
اعتذر عن عدم إضافة مقالي السابق ، وهذا رابطه لمن أراد أن يطلع عليه ، وعنوانه :ثَمَاني سِنينَ ثِمَانٍ مِن العَطَاء
http://www.alsharq.net.sa/2013/05/09/828886