عبدالله بن مهدي
30-05-2013, 06:45 PM
خَفْجَاوِي.. على قلقٍ!
ينتابني شعور مقلق عندما أرى الحيرة لدى طلاب الثانوية العامة الذين لا يعلم كثير منهم وجهته – في كل عام دراسي – فما تزال الامتحانات لها من القوة والرهبة في النفوس – سواء أكان الممتحن كبيرا أم صغيرا – وإن تعددت مسمياته بين اختبار وتقويم، وما تزال إشكالية التقييم قائمة لدى بعض التربويين الذين يرددون السؤال: أهي جزء من التقويم أو إحدى مراحله أم هي شيء مختلف عنه تماما؟
مضى أسبوع على اختبارات نهاية العام الدراسي – كما تسميها وزارة التربية والتعليم – وأقبل أبناؤنا وبناتنا عليها، وهم – دون شك – يعيشون قلقا وخوفا، وتتحمل معهم أسرهم القلق والخوف بدرجة أكبر خشية الإخفاق أو الفشل – وهو أمر له ما يبرره – إذ تعددت الإشكالات والنظريات التربوية التي لم يخضع كثير منها للتجريب والدراسة الكافية، فما تزال الاختبارات تشكل عبئا على الطالب وأسرته ومدرسته؛ وما زلنا نتوارث ثقافة تقليدية تجاهها عبر الأجيال من آباء وأمهات ومدرسين ومشرفين تربويين، ولم تستطع وزارتنا العتيدة – رغم تغيير اسمها – من تجاوز تلك العقبة، بل كانت كثير من ممارساتها سببا في سوء الحال منذ أن ألغت الاختبارات العامة في المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فجاءت بثالثة الأثافي حين ألغت اختبارات الثانوية العامة، وغيرها من الممارسات الأخرى والتجارب غير الناضجة، ولعل من أسوأها ما اصطلح على تسميته بالتقويم المستمر الذي أرهق المعلم، وصرفه عن مهمته الأساسية فصار مدونا لا معلما، ولم يفد الطالب، وأوهم ولي أمره.
وما يزال استخدام التقنية قاصرا بسبب عدم وجود متخصصين في كثير من المدارس لإدخال البيانات حيث ما يزال ذلك عبئا يقوم به المدرسون فوق أعمالهم، ودون تدريب مسبق على البرامج وخاصة «نور» الذي يشكو منه كثيرون؛ بسبب التعقيدات التي يلاقونها خلاله، وصعوبة التعامل معه، والتحكم الدائم به من المختصين في الوزارة مما يعيق كثيرا من الأعمال، وخاصة في عمليات رصد الدرجات.
يوم الاختبار يوم مختلف ومخيف، ولا تخفى «فوبياه» على أحد، وما أكثر المواقف المحرجة التي يتعرض لها طلابنا وطالباتنا خلالها – ولا أستثني من ذلك نفسي طالبا ومدرسا وأبا – حيث يبدأ القلق والتوتر لدى الطالب وكل المحيطين به من أسرة ومعلمين وزملاء قبل الاختبارات وأثناءها فالطالب قلق، والأسرة متوترة، والمدرس متعب بأثقال الاختبارات من تصحيح ومراجعة، ورصد أمام شاشة «نور» المتعثرة التي تهدر وقته فيما ليس من اختصاصه، وكذلك إدارة المدرسة بهيكلها الإداري المثقل بكثير من الأعباء والأحمال الثقال، والمدرسون والمدرسات ليسوا على مستوى واحد من المعرفة والخبرة والاحتراف في إعداد الاختبارات، وتصميمها، وهم كذلك متباينون في معرفة الأسس التي تبنى عليها.
من أهداف وزارة التربية والتعليم ومهامها أن تكون ورقة الاختبار وسيلة مقننة لقياس تحصيل الطلاب والطالبات أينما كانوا، فهل أعدتها إعدادا جيدا، وفقا لمعايير دقيقة وسليمة؟ وهل يتم قياس تحصيل أبنائنا وبناتنا في جميع مدارسهم قياسا متقاربا إن لم يكن متماثلا؟ وهل تخضع جميع الاختبارات لنفس المعايير في قياس أداء الطلاب والطالبات في جميع المناطق والمحافظات؟
وهل ينال الطلاب والطالبات حقهم من التحصيل العلمي بنفس المستوى والجودة في جميع المدارس؟ وهل جميع مدرسينا ومدرساتنا مؤهلون تأهيلا علميا وتربويا يلبي تلك المتطلبات، ويحقق الأهداف بذات المستوى؟ وهل تلبي جميع المباني المدرسية للطلاب والطالبات بيئة مدرسية حقيقية ومثالية تساعدهم على التعلم وترغبهم به؟
التعليم العام هو الركيزة الأولى لتقدم أي بلد، وهو السبب الأصيل في نهضته وتطوره ونمائه، وتقوم عليه كل المراحل التي تعقبه وتستند، بل ترتكز عليه باعتباره أساسا وقاعدة لها، فإن كان الأساس قويا متميزا كان البناء الذي يقوم عليه صلبا ومميزا، وإن ساء الأساس أو ضعف كان سببا في تدني ما بعده وترديه حتى وإن بدا رائعا جميل المظهر؛ لأن التعليم العام يعتبر في حقيقته المدخلات الأساسية للتعليم الجامعي والمهني، بل كل ميادين العمل الوظيفية المختلفة، فليس معقولا – مهما توفرت الوسائل والظروف، وبذلت أسباب النجاح المختلفة – أن تكون المدخلات ضعيفة وهزيلة ثم ننتظر مخرجات متميزة وذات جودة عالية!
فهل سيقتنع المسؤولون في وزارة التربية والتعليم بأهمية توحيد الجهود والمعايير، وحفظ الوقت، وإسناد الاختبارات الثانوية العامة لإدارات التربية والتعليم في المناطق، وتوحيد اختبارات المدارس التابعة لكل مكتب تربية وتعليم في المحافظات والمراكز في المراحل الأخرى.
همسة: «خفجاوي» عمل إبداعي على ( YouTube ) يستحق المشاهدة – هو الأول لمجموعة من شباب الخفجي – سلطوا فيه الضوء على مشكلات الاختبارات!
رابط المقال في جريدة الشرق:
http://www.alsharq.net.sa/2013/05/30/851712
ينتابني شعور مقلق عندما أرى الحيرة لدى طلاب الثانوية العامة الذين لا يعلم كثير منهم وجهته – في كل عام دراسي – فما تزال الامتحانات لها من القوة والرهبة في النفوس – سواء أكان الممتحن كبيرا أم صغيرا – وإن تعددت مسمياته بين اختبار وتقويم، وما تزال إشكالية التقييم قائمة لدى بعض التربويين الذين يرددون السؤال: أهي جزء من التقويم أو إحدى مراحله أم هي شيء مختلف عنه تماما؟
مضى أسبوع على اختبارات نهاية العام الدراسي – كما تسميها وزارة التربية والتعليم – وأقبل أبناؤنا وبناتنا عليها، وهم – دون شك – يعيشون قلقا وخوفا، وتتحمل معهم أسرهم القلق والخوف بدرجة أكبر خشية الإخفاق أو الفشل – وهو أمر له ما يبرره – إذ تعددت الإشكالات والنظريات التربوية التي لم يخضع كثير منها للتجريب والدراسة الكافية، فما تزال الاختبارات تشكل عبئا على الطالب وأسرته ومدرسته؛ وما زلنا نتوارث ثقافة تقليدية تجاهها عبر الأجيال من آباء وأمهات ومدرسين ومشرفين تربويين، ولم تستطع وزارتنا العتيدة – رغم تغيير اسمها – من تجاوز تلك العقبة، بل كانت كثير من ممارساتها سببا في سوء الحال منذ أن ألغت الاختبارات العامة في المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فجاءت بثالثة الأثافي حين ألغت اختبارات الثانوية العامة، وغيرها من الممارسات الأخرى والتجارب غير الناضجة، ولعل من أسوأها ما اصطلح على تسميته بالتقويم المستمر الذي أرهق المعلم، وصرفه عن مهمته الأساسية فصار مدونا لا معلما، ولم يفد الطالب، وأوهم ولي أمره.
وما يزال استخدام التقنية قاصرا بسبب عدم وجود متخصصين في كثير من المدارس لإدخال البيانات حيث ما يزال ذلك عبئا يقوم به المدرسون فوق أعمالهم، ودون تدريب مسبق على البرامج وخاصة «نور» الذي يشكو منه كثيرون؛ بسبب التعقيدات التي يلاقونها خلاله، وصعوبة التعامل معه، والتحكم الدائم به من المختصين في الوزارة مما يعيق كثيرا من الأعمال، وخاصة في عمليات رصد الدرجات.
يوم الاختبار يوم مختلف ومخيف، ولا تخفى «فوبياه» على أحد، وما أكثر المواقف المحرجة التي يتعرض لها طلابنا وطالباتنا خلالها – ولا أستثني من ذلك نفسي طالبا ومدرسا وأبا – حيث يبدأ القلق والتوتر لدى الطالب وكل المحيطين به من أسرة ومعلمين وزملاء قبل الاختبارات وأثناءها فالطالب قلق، والأسرة متوترة، والمدرس متعب بأثقال الاختبارات من تصحيح ومراجعة، ورصد أمام شاشة «نور» المتعثرة التي تهدر وقته فيما ليس من اختصاصه، وكذلك إدارة المدرسة بهيكلها الإداري المثقل بكثير من الأعباء والأحمال الثقال، والمدرسون والمدرسات ليسوا على مستوى واحد من المعرفة والخبرة والاحتراف في إعداد الاختبارات، وتصميمها، وهم كذلك متباينون في معرفة الأسس التي تبنى عليها.
من أهداف وزارة التربية والتعليم ومهامها أن تكون ورقة الاختبار وسيلة مقننة لقياس تحصيل الطلاب والطالبات أينما كانوا، فهل أعدتها إعدادا جيدا، وفقا لمعايير دقيقة وسليمة؟ وهل يتم قياس تحصيل أبنائنا وبناتنا في جميع مدارسهم قياسا متقاربا إن لم يكن متماثلا؟ وهل تخضع جميع الاختبارات لنفس المعايير في قياس أداء الطلاب والطالبات في جميع المناطق والمحافظات؟
وهل ينال الطلاب والطالبات حقهم من التحصيل العلمي بنفس المستوى والجودة في جميع المدارس؟ وهل جميع مدرسينا ومدرساتنا مؤهلون تأهيلا علميا وتربويا يلبي تلك المتطلبات، ويحقق الأهداف بذات المستوى؟ وهل تلبي جميع المباني المدرسية للطلاب والطالبات بيئة مدرسية حقيقية ومثالية تساعدهم على التعلم وترغبهم به؟
التعليم العام هو الركيزة الأولى لتقدم أي بلد، وهو السبب الأصيل في نهضته وتطوره ونمائه، وتقوم عليه كل المراحل التي تعقبه وتستند، بل ترتكز عليه باعتباره أساسا وقاعدة لها، فإن كان الأساس قويا متميزا كان البناء الذي يقوم عليه صلبا ومميزا، وإن ساء الأساس أو ضعف كان سببا في تدني ما بعده وترديه حتى وإن بدا رائعا جميل المظهر؛ لأن التعليم العام يعتبر في حقيقته المدخلات الأساسية للتعليم الجامعي والمهني، بل كل ميادين العمل الوظيفية المختلفة، فليس معقولا – مهما توفرت الوسائل والظروف، وبذلت أسباب النجاح المختلفة – أن تكون المدخلات ضعيفة وهزيلة ثم ننتظر مخرجات متميزة وذات جودة عالية!
فهل سيقتنع المسؤولون في وزارة التربية والتعليم بأهمية توحيد الجهود والمعايير، وحفظ الوقت، وإسناد الاختبارات الثانوية العامة لإدارات التربية والتعليم في المناطق، وتوحيد اختبارات المدارس التابعة لكل مكتب تربية وتعليم في المحافظات والمراكز في المراحل الأخرى.
همسة: «خفجاوي» عمل إبداعي على ( YouTube ) يستحق المشاهدة – هو الأول لمجموعة من شباب الخفجي – سلطوا فيه الضوء على مشكلات الاختبارات!
رابط المقال في جريدة الشرق:
http://www.alsharq.net.sa/2013/05/30/851712