المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن الخاتمة وسائلها وعلاماتها والتحذير من سوء الخاتمة


الامير باسل
16-07-2013, 04:03 PM
حسن الخاتمة وسائلها وعلاماتها والتحذير من سوء الخاتمة


الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء، وأحصى كل شيء عدداً، رحم من شاء من عباده فهيأ لهم في الدنيا ما يرفع به درجاتهم في الآخرة، فثابروا على طاعته، واجتهدوا في عبادته، إن أصابتهم سراء شكروا فكان خيراً لهم، وإن أصابتهم ضراء صبروا فكانوا ممن قال الله فيهم: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث رحمةً للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
فإن نصيب الإنسان من الدنيا عمره، فإن أحسن استغلاله فيما ينفعه في دار القرار ربحت تجارته، وإن أساء استغلاله في المعاصي والسيئات حتى لقي الله على تلك الخاتمة السيئة فهو من الخاسرين، وكم حسرة تحت التراب والعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله، وخاف من ذنوبه قبل أن تكون سببا في هلاكه، قال ابن مسعود: المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه.
وكم شخص أصر على صغيرة فألفها وهانت عليه ولم يفكر يوماً في عظمة من عصاه، فكانت سبباً في سوء خاتمته، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها في عهد رسول الله من الموبقات. وقد نبه الله في كتابه جميع المؤمنين إلى أهمية حسن الخاتمة، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]. وقال تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99].
فالأمر بالتقوى والعبادة مستمر حتى الموت: لتحصل الخاتمة الحسنة. وقد بين أن بعض الناس يجتهد في الطاعات ويبتعد عن المعاصي مدة طويلة من عمره، ولكن قبيل وفاته يقترف السيئات والمعاصي مما يكون سبباً في أن يختم له بخاتمة السوء، قال : { وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها }.
وورد في حديث سهل بن سعد الساعدي أن رجلاً من المسلمين في إحدى المعارك مع رسول الله أبلى بلاءً شديداً، فأعجب الصحابة ذلك، وقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله : { أما إنه من أهل النار }. فقال بعض الصحابة: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، سأنظر ماذا يفعل، فتبعه، قال: فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت، فوضع سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فرجع الرجل إلى رسول الله فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذلك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه حتى جرح جرحاً شديداً، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله عند ذلك: { إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار } وفي بعض الروايات زيادة: { وإنما الأعمال بالخواتيم }.
وقد وصف الله سبحانه عباده المؤمنين بأنهم جمعوا بين شدة الخوف من الله مع الإحسان في العمل فقال: إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون:57-61].
وقد كانت هذه حالة الصحابة رضي الله عنهم، وقد روى أحمد عن أبي بكر الصديق أنه قال: ( وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن ) وكان يمسك بلسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد. وكان علي بن أبي طالب يشتد خوفه من اثنتين: طول الأمل، واتباع الهوى، قال: فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق. وكان يقول: ألا،إن الدنيا قد ولت مدبرة، والآخرة قد أسرعت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
وقد كان موت الفجأة مذموما في الإسلام، لأنه يباغت صاحبه ولا يمهله، فربما كان على معصية فيختم له بالخاتمة السيئة.
وقد كان السلف الصالح يخافون من سوء الخاتمة خوفاً شديداً، قال سهل التستري: خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة، وهم الذين وصفهم الله تعالى إذ قال: وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60].
وينبغي أن يكون الخوف من سوء الخاتمة ماثلاً أمام عين العبد في كل لحظة، لأن الخوف باعث على العمل، وقد قال : { من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة }.
لكن إذا قاربت وفاة الشخص وأشرف على الموت فينبغي له حينئذ أن يغلب جانب اللاجاء، وأن يشتاق إلى لقاء الله، فإن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، قال : { لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل }.

دانة الكون
16-07-2013, 11:09 PM
بارك الله فيك

قناص المقناص
16-07-2013, 11:34 PM
اللهم أرزقنا حسن الـــــخاتمة
جزاك الله خير ع الموضوع القيم

أميرة فلسطين
17-07-2013, 03:16 AM
جزاك الله خيرا

عذبة الصفات
17-07-2013, 10:33 AM
جزاك الله خيرا على الطرح القيم
ننتظر المزيد من الموضوعات المفيدة

وهج
17-07-2013, 02:54 PM
http://www.alraidiah.org/up/up/37405603420130717.gif

ثويبة
21-07-2013, 05:12 PM
جزاك الله خيرا ونفع بك ....