عبق الورد
19-02-2015, 04:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مقتطف من كلام الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - رحمه الله - للكبيرة السادسة و العشرون و هي كبيرة الظلم نقلا من كتابه " الكبائر " طبعة دار الكتاب الحديث ( 91- 97) .
قال - رحمه الله و غفر له - :
الكبيرة السادسة و العشرون : الظلم
بأكل أموال الناس وأخذها ظلما وظلم الناس بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء قال الله تعالى {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال }
وقال تعالى {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس }
وقال تعالى { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }
وقال صلى الله عليه و سلم : (( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ رسول الله {وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} وقال من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ))
وقال عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ))
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( أتدرون من المفلس ؟ قالوا : يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيأتي وقد شتم هذا وأخذ مال هذا ونبش عن عرض هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في النار ))
وهذه الأحاديث كلها في الصحاح وتقدم حديث (( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة )) وتقدم قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن (( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) وفي الصحيح (( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة ))
وفي بعض الكتب: يقول الله تعالى : اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصرا غيري
وأنشد بعضهم :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وكان بعض السلف يقول :لا تظلم الضعفاء فتكون من أشرار الأقوياء
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : إن الحبارى لتموت في وكرها هزالا من ظلم الظالم
عن جابر قال : لما رجعت مهاجرة الحبشة عام الفتح إلى رسول الله قال : (( ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة )) فقال فتية كانوا منهم : بلى يا رسول الله بينما نحن يوما جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت المرأة على ركبتيها وانكسرت قلتها فلما قامت التفتت إليه ثم قالت: سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون سوف تعلم من أمري وأمرك عنده غدا قال : فقال رسول الله (( صدقت كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم))
إذا ما الظلوم استوطأ الظلم مركبا ولج عتوا في قبيح اكتسابه
فكله إلى صرف الزمان وعدله سيبدو له ما لم يكن في حسابه
وقيل :لما حبس خالد بن برمك وولده قال : يا أبتي بعد العز صرنا في القيد والحبس . فقال : يا بني دعوة المظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها
وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله يقول لي : حسبي الله الله بيني وبينك
وحبس الرشيد أبا العتاهية الشاعر فكتب إليه من السجن هذين البيتين شعرا :
أما والله إن الظلم شوم وما زال المسيء هو الظلوم
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا غدا عند المليك من الملوم
وعن أبي أمامة قال : يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم لقيه المظلوم وعرفه ما ظلمه به فما يبرح الذين ظلموا بالذين ظلموا حتى ينزعوا ما بأيدهم من الحسنات فإن لم يجدوا لهم حسنات حملوا عليهم من سيئاتهم مثل ما ظلموهم حتى يردوا إلى الدرك الأسفل من النار
وعن عبدالله بن أنيس قال : سمعت رسول الله يقول : (( يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة أو أحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة أن أقصه حتى اللطمة فما فوقها ولا يظلم ربك أحدا )). قلنا : يا رسول الله كيف ؟ وإنما نأتي حفاة عراة . فقال : (( بالحسنات والسيئات جزاء ولا يظلم ربك أحدا ))
ومن الظلم أخذ مال اليتيم وتقدم حديث معاذ بن جبل حين قال له رسول الله : (( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) وفي رواية ((إن دعاء المظلوم يرفع فوق الغمام ويقول الرب تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ))
وأنشدوا شعرا :
توق دعا المظلوم إن دعاءه ليرفع فوق السحب ثم يجاب
توق دعا من ليس بين دعائه وبين إله العالمين حجاب
ولا تحسبن الله مطرحا له ولا أنه يخفى عليه خطاب
ومن أعظم الظلم المماطلة بحق عليه مع قدرته على الوفاء لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال (( مطل الغني ظلم )) وفي رواية : (( لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته )) أي يحل شكايته وحبسه
ومن الظلم أن يظلم المرأة حقها من صداقها ونفقتها وكسوتها وهو داخل في قوله : (( لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ))
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينادى به على رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه قال : فتفرح المرأة أن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : فيغفر الله من حقه ما شاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئا . فينصب العبد للناس ثم يقول الله تعالى لأصحاب الحقوق : ائتوا إلى حقوقكم . قال : فيقول الله تعالى للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر طلبته فإن كان وليا لله وفضل له مثقال ذرة ضاعفها الله تعالى له حتى يدخله الجنة بها وإن كان عبدا شقيا ولم يفضل له شيء فتقول الملائكة : ربنا فنيت حسناته وبقي طالبوه فيقول الله : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صك له صكا إلى النار .
ومن الظلم أن يستأجر أجيرا أو إنسانا في عمل ولا يعطيه أجرته لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله قال : (( يقول الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجرته ))
وكذلك إذا ظلم يهوديا أونصرانيا أو نقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فهو داخل في قوله تعالى : أنا حجيجه أو قال أنا خصمه يوم القيامة
ومن ذلك أن يحلف على دين في ذمته كاذبا فاجرا لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال : (( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة )) قيل يا رسول الله : وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال : (( وإن قضيبا من أراك ))
فخف القصاص غدا إذا وفيت ما كسبت يداك اليوم بالقسطاس
في موقف ما فيه إلا شاخص أو مهطع أو مقنع للراس
أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم نار وحاكمهم شديد البأس
إن تمطل اليوم الحقوق مع الغنى فغدا تؤديها مع الإفلاس
وقد روي أنه لا أكره للعبد يوم القيامة من أن يرى من يعرفه خشية أن يطالبه بمظلمة ظلمه بها في الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : (( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ))
وقال : (( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلل منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار ))
و روى عبدالله بن أبي الدنيا بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال : أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تعنت لزوجها في الدنيا ويشهد على الرجل يده ورجله بما كان يولي زوجته من خير أو شرثم يدعى بالرجل وخدمه مثل ذلك فما يؤخذ منهم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا الظالم تدفع إلى هذا المظلوم وسيئات هذا المظلوم تحمل على هذا الظالم ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال سوقوهم إلى النار
وكان شريح القاضي يقول : سيعلم الظالمون حتى من انتقصوا أن الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر والثواب
و روي أنه : إذا أراد الله بعبده خيرا سلط الله عليه من يظلمه
ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبدالملك فقال له : اتق الله يوم الأذان قال هشام وما يوم الأذان قال : قال الله تعالى : {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين } فصعق هشام فقال طاوس هذا ذل ذا الصفة فكيف بذل المعاينة .
يا راضيا باسم الظالم كم عليك من المظالم السجن جهنم والحق الحاكم !
مقتطف من كلام الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - رحمه الله - للكبيرة السادسة و العشرون و هي كبيرة الظلم نقلا من كتابه " الكبائر " طبعة دار الكتاب الحديث ( 91- 97) .
قال - رحمه الله و غفر له - :
الكبيرة السادسة و العشرون : الظلم
بأكل أموال الناس وأخذها ظلما وظلم الناس بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء قال الله تعالى {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال }
وقال تعالى {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس }
وقال تعالى { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }
وقال صلى الله عليه و سلم : (( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ رسول الله {وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} وقال من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ))
وقال عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ))
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( أتدرون من المفلس ؟ قالوا : يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيأتي وقد شتم هذا وأخذ مال هذا ونبش عن عرض هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في النار ))
وهذه الأحاديث كلها في الصحاح وتقدم حديث (( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة )) وتقدم قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن (( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) وفي الصحيح (( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة ))
وفي بعض الكتب: يقول الله تعالى : اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصرا غيري
وأنشد بعضهم :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وكان بعض السلف يقول :لا تظلم الضعفاء فتكون من أشرار الأقوياء
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : إن الحبارى لتموت في وكرها هزالا من ظلم الظالم
عن جابر قال : لما رجعت مهاجرة الحبشة عام الفتح إلى رسول الله قال : (( ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة )) فقال فتية كانوا منهم : بلى يا رسول الله بينما نحن يوما جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت المرأة على ركبتيها وانكسرت قلتها فلما قامت التفتت إليه ثم قالت: سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون سوف تعلم من أمري وأمرك عنده غدا قال : فقال رسول الله (( صدقت كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم))
إذا ما الظلوم استوطأ الظلم مركبا ولج عتوا في قبيح اكتسابه
فكله إلى صرف الزمان وعدله سيبدو له ما لم يكن في حسابه
وقيل :لما حبس خالد بن برمك وولده قال : يا أبتي بعد العز صرنا في القيد والحبس . فقال : يا بني دعوة المظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها
وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله يقول لي : حسبي الله الله بيني وبينك
وحبس الرشيد أبا العتاهية الشاعر فكتب إليه من السجن هذين البيتين شعرا :
أما والله إن الظلم شوم وما زال المسيء هو الظلوم
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا غدا عند المليك من الملوم
وعن أبي أمامة قال : يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم لقيه المظلوم وعرفه ما ظلمه به فما يبرح الذين ظلموا بالذين ظلموا حتى ينزعوا ما بأيدهم من الحسنات فإن لم يجدوا لهم حسنات حملوا عليهم من سيئاتهم مثل ما ظلموهم حتى يردوا إلى الدرك الأسفل من النار
وعن عبدالله بن أنيس قال : سمعت رسول الله يقول : (( يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة أو أحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة أن أقصه حتى اللطمة فما فوقها ولا يظلم ربك أحدا )). قلنا : يا رسول الله كيف ؟ وإنما نأتي حفاة عراة . فقال : (( بالحسنات والسيئات جزاء ولا يظلم ربك أحدا ))
ومن الظلم أخذ مال اليتيم وتقدم حديث معاذ بن جبل حين قال له رسول الله : (( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) وفي رواية ((إن دعاء المظلوم يرفع فوق الغمام ويقول الرب تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ))
وأنشدوا شعرا :
توق دعا المظلوم إن دعاءه ليرفع فوق السحب ثم يجاب
توق دعا من ليس بين دعائه وبين إله العالمين حجاب
ولا تحسبن الله مطرحا له ولا أنه يخفى عليه خطاب
ومن أعظم الظلم المماطلة بحق عليه مع قدرته على الوفاء لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال (( مطل الغني ظلم )) وفي رواية : (( لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته )) أي يحل شكايته وحبسه
ومن الظلم أن يظلم المرأة حقها من صداقها ونفقتها وكسوتها وهو داخل في قوله : (( لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ))
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينادى به على رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه قال : فتفرح المرأة أن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : فيغفر الله من حقه ما شاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئا . فينصب العبد للناس ثم يقول الله تعالى لأصحاب الحقوق : ائتوا إلى حقوقكم . قال : فيقول الله تعالى للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر طلبته فإن كان وليا لله وفضل له مثقال ذرة ضاعفها الله تعالى له حتى يدخله الجنة بها وإن كان عبدا شقيا ولم يفضل له شيء فتقول الملائكة : ربنا فنيت حسناته وبقي طالبوه فيقول الله : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صك له صكا إلى النار .
ومن الظلم أن يستأجر أجيرا أو إنسانا في عمل ولا يعطيه أجرته لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله قال : (( يقول الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجرته ))
وكذلك إذا ظلم يهوديا أونصرانيا أو نقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فهو داخل في قوله تعالى : أنا حجيجه أو قال أنا خصمه يوم القيامة
ومن ذلك أن يحلف على دين في ذمته كاذبا فاجرا لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال : (( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة )) قيل يا رسول الله : وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال : (( وإن قضيبا من أراك ))
فخف القصاص غدا إذا وفيت ما كسبت يداك اليوم بالقسطاس
في موقف ما فيه إلا شاخص أو مهطع أو مقنع للراس
أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم نار وحاكمهم شديد البأس
إن تمطل اليوم الحقوق مع الغنى فغدا تؤديها مع الإفلاس
وقد روي أنه لا أكره للعبد يوم القيامة من أن يرى من يعرفه خشية أن يطالبه بمظلمة ظلمه بها في الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : (( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ))
وقال : (( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلل منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار ))
و روى عبدالله بن أبي الدنيا بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال : أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تعنت لزوجها في الدنيا ويشهد على الرجل يده ورجله بما كان يولي زوجته من خير أو شرثم يدعى بالرجل وخدمه مثل ذلك فما يؤخذ منهم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا الظالم تدفع إلى هذا المظلوم وسيئات هذا المظلوم تحمل على هذا الظالم ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال سوقوهم إلى النار
وكان شريح القاضي يقول : سيعلم الظالمون حتى من انتقصوا أن الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر والثواب
و روي أنه : إذا أراد الله بعبده خيرا سلط الله عليه من يظلمه
ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبدالملك فقال له : اتق الله يوم الأذان قال هشام وما يوم الأذان قال : قال الله تعالى : {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين } فصعق هشام فقال طاوس هذا ذل ذا الصفة فكيف بذل المعاينة .
يا راضيا باسم الظالم كم عليك من المظالم السجن جهنم والحق الحاكم !