شاهندا
02-01-2016, 08:43 PM
http://articles.islamweb.net/PicStore/Random/1445848872_207535.jpg
{واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} (الأنفال:24)، كم يرتجف قلب المؤمن حينما يستذكر هذه الآية، لأنه يفهمُ منها أن لذّة الإيمان التي يتذوّقها في يومِه وليلتِه قد يحول بينَه وبينها سببٌ إلهيٌ يكون سبباً في تناقص منسوب الإيمان في قلبِه، وخفوتِ بريقِه الذي يسْطَعُ من روحِه، فالإيمان قد يعتريه الضعف، والقلبُ قد يشتكي القسوة، ونقاءُ النفس الإيماني قد يشوبُه شائبة.
وما مِن أحدٍ إلا ويريد أن يظلّ على مسيرتِه الإيمانيّة المستمرّة في الرقيّ والصعود نحو الأعلى، وما من مؤمنٍ إلا ويكره أن يتراجع أو يتقهقر نحو الخلف، فلهؤلاء نقول: حتى يتحقّق لكم ما تريدونَه وما تأملونه، فاحذروا أعداء الإيمان الثلاثة.
وكلّ واحدٍ من هؤلاء الأعداء سببٌ رئيس في نقصان الإيمان وضعفِه، فلابد إذن من التعرّف على هذه الأسباب واتّقائها، وإدراكِ أثرها على القلب والنفس، وهي كالآتي:
الشيطان ووساوسه
{فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} (الأعراف:16-17)، بهذه الكلمات أعلن إبليس لعنه الله معركته الطويلة مع السلالة البشريّة بطولها وعرضها حتى قيام الساعة، وإنها لأعظم الحروب في الدنيا وأخطرها على الإطلاق، فيها من الاستفزاز بالصوت وإجلاب الخيل والرجال للمبارزات: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} (الإسراء:64)، وفيها من نسج المؤامرات وإغواء النفوس، وتزيين الباطل وإفساد القلوب، ما يعجز المرء عن تسطيره بيده، أو تصوّره بعقله مهما جنح به الخيال واشتطّ به التفكير.
وقد تعدّدت مكائد إبليس وتنوّعت صور مكره، وكثرت مداخله على قلوب بني آدم بحسبِ كل نفسٍ وما تشتهيه، وكل امريءٍ وما يتناسب مع طبيعته ومكامن القوّة والضعف فيه، فنجد أنه يدخل للبعض من باب الرياء والعجب، ولآخرين من باب الزهد والورع، ولغيرهم من باب حب المال والرئاسة، ولمن دونهم من باب تزيين الباطل وتزويقه وترويجه، أو تسهيل الصغائر للإيقاع في الكبائر، ناهيك عماّ يدخل في باب الشهوات والشبهات.
ومن مكائد إبليس سعيُه الدائم في إفساد الإيمان وإضعافه بشكل متدرّج قد لا يفطِنُ إليه المؤمن، فيبدأُ بتزيين الاشتغال بالأعمال المفضولة عن الفاضلة، ثم ينتقلٌ منها إلى الاشتغال بالمباحات، ثم مواقعة الصغائر، ثم الوقوع في الكبائر، ثم ألوان البدع، ثم الكفر والشرك، فإذا استرسلَ المؤمن في التراجع والضعف فقد يَصِلُ إلى أخطرِ الذنوبِ وهي الكفرُ والعياذ بالله، وهذا ما يجعلنا نضع الشيطان في المقام الأوّل من العداوة، وهو أمرٌ مفهوم في ظلّ النصوص القرآنية الكثيرة والأحاديث الصحيحة التي تحذّرنا من الشيطان وتأمرنا بعداوتِه، قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} (فاطر:6)، فهو لا يدعوا الإنسان إلى خير، ولا ينتهي به إلى نجاة، وفي آيةٍ أخرى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} (البقرة:208).
لقد بين الله تعالى أن الشيطان عدو لبني آدم، ويريد ضلالتهم ليجرهم مع نفسه إلى النار، فالواجب على العاقل أن يجتهد في مجاهدته لكي يخلص نفسه منه.
الدنيا وفتنتها للإنسان
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الدنيا حلوة خضرة)، والنفسُ تتأثّرُ بالعاجل الحاضر وقد تفضّله على الآجل الغائب، وليس المقصود أن الاستمتاع بما وهبَه الله وسخّره لنا مذمومٌ بذاتِه، ولكن القصد بيان أن النفس قد تنشغل بهذه الملذات فيضعفُ اشتغال صاحبِها في أمرِ الآخرة، فيتعلّق قلبُه بهذه الملذاتِ الفانية، فينقص الإيمان عندَه.
يقول الإمام ابن القيم: ".. وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله، وطلب الآخرة".
لهذا السبب نجد الخشيةَ النبويّة من فتنة الدنيا واضحةً جليّةً في قوله –صلى الله عليه وسلم-: (والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها، كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم) متفق عليه، وإذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة، وإذا تعلّقت بالدنيا، ضعف ارتباطها في الآخرة، فقلّ مستوى إيمانها.
قرناء السوء
من أضرّ الأمور على إيمان العبد، صداقة السوءِ التي تُضعف دينَه وتسبّب فتورَه عن الطاعة وقصورَه في العبادة، حتى قال سفيان: "ليس شيء أبلغُ في فساد رجلٍ وصلاحِه من صاحب".
ولأن صديق السوء لا يريد الخير لصديقِه، ويبغي إبقاءه على ضلاله وغيّه، وإضعافِ يقينِه وإيمانِه، حذرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من مجالسته، تعليماً لأمّته بأن الصاحب ساحب، قال –صلى الله عليه وسلم-: (إنما مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسْكِ إما أن يُحذِيَكَ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) متفق عليه.
فهؤلاء إذن أعداؤنا الثلاثة، يتربّصون بنا كلّ حين، ويترقّبون منّا أي غفلة، حتى يُلقوا بسهامهم على قلوبنا أملاً في إسقاطنا، ولا نقول إلا: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
{واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} (الأنفال:24)، كم يرتجف قلب المؤمن حينما يستذكر هذه الآية، لأنه يفهمُ منها أن لذّة الإيمان التي يتذوّقها في يومِه وليلتِه قد يحول بينَه وبينها سببٌ إلهيٌ يكون سبباً في تناقص منسوب الإيمان في قلبِه، وخفوتِ بريقِه الذي يسْطَعُ من روحِه، فالإيمان قد يعتريه الضعف، والقلبُ قد يشتكي القسوة، ونقاءُ النفس الإيماني قد يشوبُه شائبة.
وما مِن أحدٍ إلا ويريد أن يظلّ على مسيرتِه الإيمانيّة المستمرّة في الرقيّ والصعود نحو الأعلى، وما من مؤمنٍ إلا ويكره أن يتراجع أو يتقهقر نحو الخلف، فلهؤلاء نقول: حتى يتحقّق لكم ما تريدونَه وما تأملونه، فاحذروا أعداء الإيمان الثلاثة.
وكلّ واحدٍ من هؤلاء الأعداء سببٌ رئيس في نقصان الإيمان وضعفِه، فلابد إذن من التعرّف على هذه الأسباب واتّقائها، وإدراكِ أثرها على القلب والنفس، وهي كالآتي:
الشيطان ووساوسه
{فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} (الأعراف:16-17)، بهذه الكلمات أعلن إبليس لعنه الله معركته الطويلة مع السلالة البشريّة بطولها وعرضها حتى قيام الساعة، وإنها لأعظم الحروب في الدنيا وأخطرها على الإطلاق، فيها من الاستفزاز بالصوت وإجلاب الخيل والرجال للمبارزات: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} (الإسراء:64)، وفيها من نسج المؤامرات وإغواء النفوس، وتزيين الباطل وإفساد القلوب، ما يعجز المرء عن تسطيره بيده، أو تصوّره بعقله مهما جنح به الخيال واشتطّ به التفكير.
وقد تعدّدت مكائد إبليس وتنوّعت صور مكره، وكثرت مداخله على قلوب بني آدم بحسبِ كل نفسٍ وما تشتهيه، وكل امريءٍ وما يتناسب مع طبيعته ومكامن القوّة والضعف فيه، فنجد أنه يدخل للبعض من باب الرياء والعجب، ولآخرين من باب الزهد والورع، ولغيرهم من باب حب المال والرئاسة، ولمن دونهم من باب تزيين الباطل وتزويقه وترويجه، أو تسهيل الصغائر للإيقاع في الكبائر، ناهيك عماّ يدخل في باب الشهوات والشبهات.
ومن مكائد إبليس سعيُه الدائم في إفساد الإيمان وإضعافه بشكل متدرّج قد لا يفطِنُ إليه المؤمن، فيبدأُ بتزيين الاشتغال بالأعمال المفضولة عن الفاضلة، ثم ينتقلٌ منها إلى الاشتغال بالمباحات، ثم مواقعة الصغائر، ثم الوقوع في الكبائر، ثم ألوان البدع، ثم الكفر والشرك، فإذا استرسلَ المؤمن في التراجع والضعف فقد يَصِلُ إلى أخطرِ الذنوبِ وهي الكفرُ والعياذ بالله، وهذا ما يجعلنا نضع الشيطان في المقام الأوّل من العداوة، وهو أمرٌ مفهوم في ظلّ النصوص القرآنية الكثيرة والأحاديث الصحيحة التي تحذّرنا من الشيطان وتأمرنا بعداوتِه، قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} (فاطر:6)، فهو لا يدعوا الإنسان إلى خير، ولا ينتهي به إلى نجاة، وفي آيةٍ أخرى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} (البقرة:208).
لقد بين الله تعالى أن الشيطان عدو لبني آدم، ويريد ضلالتهم ليجرهم مع نفسه إلى النار، فالواجب على العاقل أن يجتهد في مجاهدته لكي يخلص نفسه منه.
الدنيا وفتنتها للإنسان
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الدنيا حلوة خضرة)، والنفسُ تتأثّرُ بالعاجل الحاضر وقد تفضّله على الآجل الغائب، وليس المقصود أن الاستمتاع بما وهبَه الله وسخّره لنا مذمومٌ بذاتِه، ولكن القصد بيان أن النفس قد تنشغل بهذه الملذات فيضعفُ اشتغال صاحبِها في أمرِ الآخرة، فيتعلّق قلبُه بهذه الملذاتِ الفانية، فينقص الإيمان عندَه.
يقول الإمام ابن القيم: ".. وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله، وطلب الآخرة".
لهذا السبب نجد الخشيةَ النبويّة من فتنة الدنيا واضحةً جليّةً في قوله –صلى الله عليه وسلم-: (والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها، كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم) متفق عليه، وإذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة، وإذا تعلّقت بالدنيا، ضعف ارتباطها في الآخرة، فقلّ مستوى إيمانها.
قرناء السوء
من أضرّ الأمور على إيمان العبد، صداقة السوءِ التي تُضعف دينَه وتسبّب فتورَه عن الطاعة وقصورَه في العبادة، حتى قال سفيان: "ليس شيء أبلغُ في فساد رجلٍ وصلاحِه من صاحب".
ولأن صديق السوء لا يريد الخير لصديقِه، ويبغي إبقاءه على ضلاله وغيّه، وإضعافِ يقينِه وإيمانِه، حذرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من مجالسته، تعليماً لأمّته بأن الصاحب ساحب، قال –صلى الله عليه وسلم-: (إنما مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسْكِ إما أن يُحذِيَكَ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) متفق عليه.
فهؤلاء إذن أعداؤنا الثلاثة، يتربّصون بنا كلّ حين، ويترقّبون منّا أي غفلة، حتى يُلقوا بسهامهم على قلوبنا أملاً في إسقاطنا، ولا نقول إلا: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.