رضا البطاوى
19-05-2017, 09:57 AM
العمى فى القرآن
العمى يطلق على معنيين فى المصحف عمى القلوب وهو الكفر وعمى الأبصار وهو عدم القدرة على مشاهدة المخلوقات
ليس على الأعمى حرج :
المراد ليس على العمى أذى والمراد ليس عليه أن يفعل ما يجلب له الأذى كالعمل الوظيفى فى وظائف تجلب الضرر له وفى هذا قال تعالى بسورة النور :
"ليس على الأعمى حرج "
العمى على النفس :
قال تعالى بسورة الأنعام:
"قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها " هنا بين الله للناس أنه قد جاءهم بصائر من ربهم والمراد قد أتاهم أحكام الوحى من خالقهم فمن أبصر فلنفسه والمراد"فمن اهتدى فلنفسه "كما قال بسورة يونس والمراد فمن أطاع أحكام الوحى فلمنفعته ومن عمى فعليها أى "ومن ضل فإنما يضل عليها "كما قال بسورة يونس والمراد ومن عصى حكم الله فإنما عقابه على نفسه ؟
العمى الكثير :
معنى أن المنافقين عموا كثيرا هو أنهم عصوا الله باستمرار فى الخفاء وعلنا أمام أنفسهم وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة :
" ثم تاب عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم "
ما يعمى القلوب :
سأل الله أفلم يسيروا فى الأرض والمراد هل لم ينتقلوا فى البلاد فتكون لهم قلوب يعقلون بها أى أذان يسمعون بها والمراد عقول يفهمون بها ما حدث لمن سبقوهم ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الناس علموا ما حدث لمن سبقوهم ومع ذلك لم يتعظوا ووضح الله أن الدنيا لا تعمى الأبصار والمراد لا تخدع العيون التى تتم المشاهدة بها ولكن الدنيا تعمى القلوب التى فى الصدور أى تضل العقول التى فى النفوس والمراد أن متاع الدنيا يلغى البصائر من النفوس فتقود الشهوات النفس بدلا من العقل مصداق لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة "أى عقلوفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور"
الملعونون أعمى الله أبصارهم :
بين الله أن المفسدين فى الأرض أولئك الذين لعنهم الله أى غضب الله عليهم" والمراد أضلهم وفسر هذا بأنه أصمهم أى أضلهم وفسره بأنه أعمى أبصارهم أى أضل قلوبهم عن الحق لأنهم أرادوا ضلالهم وفى هذا قال تعالى بسورة محمد:
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم "
استحباب العمى على الهدى:
وضح الله لنا أن ثمود استحبوا العمى على الهدى والمراد فضلوا الكفر وهو حب متاع الدنيا على الإيمان وهو العمل لنيل متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون والمراد فدمرتهم صيحة العقاب المذل وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت :
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون "
القرآن عمى للكفار :
يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول هو أى القرآن للذين آمنوا أى صدقوا به هدى أى شفاء والمراد نافع أى فائدة حيث يدخلهم الجنة والذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون بالقرآن فى أذانهم وقر والمراد فى قلوبهم كفر أى هو عليهم عمى والمراد هو لهم ضرر حيث يدخلهم عصيانه النار وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت :
"ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمى وعربى قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون فى أذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد"
المقارنة بين الأعمى والبصير :
طلب الله من نبيه (ص) أن يسأل الناس هل يستوى الأعمى والبصير أى "قل لا يستوى الخبيث والطيب"كما قال بسورة المائدة والمراد لا يتساوى فى الجزاء الخبيث وهو الكافر أى الأعمى الذى يعمى عن البصائر والطيب وهو المسلم أى البصير الذى يستخدم بصيرته وهى عقله فيبصر البصائر من الرب لنفسه مصداق لقوله بسورة الأنعام "قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها " وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون "
بم شبه الله الكفار والمسلمين ؟
بين الله للناس أن مثل الفريقين والمراد أن شبه جماعة المسلمين وجماعة الكفار كالأعمى وهو الضرير والأصم وهم الذى لا يتكلم والبصير وهو الرائى والسميع وهو مميز الكلام فالمسلمين يشبهون البصير والسميع فى أنهم يرون آيات الله ويسمعون كلامه فيطيعونه والكفار يشبهون الأعمى والأصم فى أنهم يتخبطون فى الطرق ولا يعلمون مصلحتهم ويسأل الله هل يستويان مثلا والمراد هل يتساويان جزاء ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلمين جزاءهم غير جزاء الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون "
من فى الدنيا أعمى يكون أعمى فى القيامة :
وضح الله أن من كان فى هذه أعمى والمراد من كان فى الدنيا معرضا عن ذكر الله فهو فى الآخرة وهى القيامة أعمى أى أضل سبيلا أى معرضا عن ذكر الله يعاقب بالمعيشة الضارة وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء :
"ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا"
حشر البعض أعمى فى القيامة:
بين الله أنه قال للأبوين :ومن أعرض عن ذكرى والمراد ومن تولى عن حكمى أى ومن كفر بحكمى فإن له معيشة ضنكا أى حياة مؤلمة ونحشره يوم القيامة أعمى والمراد ونبعثه يوم البعث جاهلا وهذا يعنى أن الله يحيى الكافر فى الأخرة كما كان فى الدنيا كافرا فقال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا والمراد إلهى لماذا بعثتنى كافرا وقد كنت مسلما ،وهذا يعنى أن الكافر يعترض على خلقه كافرا فى الأخرة بحجة أنه كان فى الدنيا مسلما وقد ورد نفيه فى قوله بسورة الأنعام"والله ربنا ما كنا مشركين " وفى هذا قال تعالى بسورة طه :
"ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى "
ظن النبى(ص) فى الأعمى :
قال تعالى بسورة عبس :
"عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى "بين الله لنا أن النبى (ص)عبس أى قطب وجهه أى أظهر الغضب وتولى أى أعرض والمراد أشاح بوجهه لما جاءه الأعمى والمراد لما أتى له الضرير ليسلم،ويبين الله لنبيه (ص)وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى والمراد والله الذى يعرفك أنه يسلم أى يطيع فتفيده الطاعة والغرض هو إخبار الرسول (ص)أنه ارتكب ذنبا عليه التوبة منه وهو الظن السيىء فى الأعمى بأنه لن يزكى بالإضافة لذنب أخر وهو العبس والإعراض عنه وأن الأعمى قد يزكى أى يسلم فيفيده الإسلام
هداية العمى :
بين الله لنبيه(ص)أن من الكفار من ينظر إليه والمراد من يشاهده وهو يتحدث بالوحى كما قال بالآية "ومنهم من يستمعون إليك"ويسأل الله نبيه(ص)أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون أى "أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون" والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون الحق؟والغرض من السؤال أن يكف النبى(ص)عن تكرار دعوته للكفار لأن دعوتهم كعدم دعوتهم فى النتيجة وهى كفرهم وفى هذا قال تعالى بسورة يونس :
"ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون"
هل يقدر النبى (ص) على هداية العمى ؟
بين الله لنبيه (ص)أنه لا يسمع الموتى والمراد أنه لا يعلم الكفار وهم الهلكى الوحى وفسر هذا بأنه لا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون والمراد أنه لا يعلم الكفار الهدى وهو الوحى إذا ما يبلغون الوحى مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا "وفسر هذا بأنه ما هو بهاد العمى عن ضلالتهم والمراد أنه ما هو بمبعد الكفار عن كفرهم وفى هذا قال تعالى بسورة النمل:
"إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "
حشر الكفار على وجوههم عميا:
بين الله لنبيه(ص)أنه يحشر الكفار يوم القيامة على وجوههم عميا أى بكما أى صما والمراد أنه يبعثهم فى يوم البعث على ذواتهم أى على أحوالهم التى كانوا عليها فى الدنيا وهى أنهم كفار أى ظلمة أى فساق وكل هذا بمعنى واحد أنهم كفار ومأواهم وهو مكانهم فى الآخرة جهنم
وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء :
" ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما "
عدم الخرور على الآيات عميا :
وضح الله أن عباد الرحمن هم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والمراد والذين إذا أبلغوا بأحكام إلههم لم يكونوا له مخالفين أى عصاة وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان :
" والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا"
الكفار صم بكم عمى :
قال تعالى بسورة البقرة"صم بكم عمى فهم لا يرجعون"فقوله صم بكم "يفسره قوله بسورة الأنبياء"ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون"فالكافر أصم لعدم طاعته أى سماعه الوحى وقوله "عمى "يفسره قوله بنفس السورة "وما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم "فالكافر لا يهتدى بسبب ضلاله ،وقوله "فهم لا يرجعون "يفسره قوله بسورة البقرة "صم بكم عمى فهم لا يعقلون "فعدم رجوعهم عن الباطل هو عدم عقلهم الحق ومعنى الآية كافرون ظالمون فاسقون فهم لا يؤمنون .
الأعمى مقابل العالم:
سأل الله النبى (ص)أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى والمراد هل من يعرف إنما ألقى لك من خالقك العدل كمن هو مكذب ؟والمراد"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون"كما قال بسورة الزمر والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن العالم بالوحى وهو المطيع له لا يتساوى فى الجزاء بالمخالف له وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد:
"أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى "
القوم العمين :
بين الله لنا أن القوم كذبوا نوحا (ص)والمراد كفروا برسالة نوح(ص)فكان الجزاء أن أنجاه الله والذين معه فى الفلك والمراد أن أنقذه الله والذين أمنوا برسالته فى السفينة وأغرق الذين كذبوا بآيات الله والمراد وأهلك الذين كفروا بأحكام الله ووصفهم بأنهم كانوا قوما عمين أى ناسا سيئين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنهم كانوا قوم سوء"والمراد كافرين بحكم الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف :
"فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين"
الكفار عمون بالآخرة :
وضح الله أن الكفار ادارك علمهم فى القيامة والمراد زالت معرفتهم بالقيامة وهذا يعنى أنهم نسوا العمل للآخرة وفسر هذا بأنهم فى شك منها أى فى تكذيب بالساعة مصداق لقوله بسورة الفرقان"بل كذبوا بالساعة"وفسر هذا بأنهم منها عمون والمراد أنهم بها مكذبون أى هم عنها معرضون أى غافلون وفى هذا قال تعالى بسورة النمل :
"بل ادارك علمهم فى الآخرة بل هم فى شك منها بل هم منها عمون "
ماذا عمى على الكفار فى الدنيا ؟
وضح الله أن نوح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا شعبى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على دين من إلهى أى أتانى رحمة من عنده والمراد أعطانى علم من لدنه؟والغرض من السؤال إخبارهم أنهم يعرفون أن الله أعطاه الدين وهو العلم الذى أبلغهم به ولكنه عمى عليهم أى ضلت عنهم والمراد بعد عنهم الإيمان وسألهم أنلزمكموها والمراد هل نجبركم على الدين وأنتم له كارهون أى مخالفون له ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الإجبار على الدين محرم وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون"
ماذا عمى على الكفار يوم القيامة ؟
بين الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة ينادى أى يخاطب أى يسأل الله الكفار على لسان الملائكة فيقول :ماذا أجبتم المرسلين أى بماذا رددتم على الأنبياء ؟وفى هذا اليوم عميت عليهم الأنباء أى خفيت عليهم الأخبار والمراد أنهم جهلة بالأحداث فى هذا اليوم ومن ثم فهم لا يتساءلون أى لا يستفهمون عن شىء لأن "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " كما قال بسورة عبس وفى هذا قال تعالى بسورة القصص:
ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون "
هداية الأعمى فى الطريق:
واجب على من فى الطريق أن يقود الأعمى إلى حيث يريد الذهاب لقوله تعالى بسورة المائدة :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
ما سبب وجوب مساعدة الأعمى ؟
سبب وجوب مساعدة العمى هو منع الحرج وهو الأذى عنه مصداق لقوله تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
متى يأثم الناس فى حالة الأعمى ؟
يأثم كل من شاهد الأعمى ولم يقوده أو لم يفعل ما يطلبه منه الأعمى فإن فعل واحد ما يريد رفع الإثم عن الجميع
عمل الأعمى بوظيفة :
العميان لا يجوز أن يعملوا بوظائف مؤذية لمنع الحرج وهو الأذى عنهم كما قال تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
الوظائف التى يعملون بها هى وظائف صوتية مثل قارىء قرآن أو مؤذن ويجب توفير قائد لكل واحد منهم عند الذهاب للعمل والعودة منه ويتم جعل مسكن الأعمى بجوار المسجد مباشرة توفيرا للجهد ومنعا للذى الكثير الذى يصيبه فى حالة بعد المسافة
ما الذى يجب مراعاته فى زواج الأعمى؟
يجب أن تكون زوجة الأعمى مبصرة فلا يجوز زواج أعميان منعا للمصائب التى من الممكن حدوثها بسبب زواجهما الذى لابد أن يفشل بسبب العمى
تعليم الأعمى:
لابد من تعليم العميان أحكام الدين بأى وسيلة من الوسائل ككتب العميان بطريقة برايل أو بالكتب المسموعة
عصا العميان :
مباح استخدامها ولكن الأفضل هو وجود قائد للأعمى عند كل خروج من المنزل فالقائد أفضل فى منع الأذى وهو الحرج تطبيقا لقوله تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
نفقة الأعمى :
فى حالة عدم وجود الدولة الإسلامية التى تفرض معاشا للعميان بوظيفة أو من غيرها تجب نفقة الأعمى على والديه فإن ماتا وكان له إخوة وجبت نفقته على سائر إخوته البنين فإن لم يوجد له إخوة وجبت على أعمامه أو أولاد أعمامه فإن لم يوجد وجبت على المجتمع ككل
العمى يطلق على معنيين فى المصحف عمى القلوب وهو الكفر وعمى الأبصار وهو عدم القدرة على مشاهدة المخلوقات
ليس على الأعمى حرج :
المراد ليس على العمى أذى والمراد ليس عليه أن يفعل ما يجلب له الأذى كالعمل الوظيفى فى وظائف تجلب الضرر له وفى هذا قال تعالى بسورة النور :
"ليس على الأعمى حرج "
العمى على النفس :
قال تعالى بسورة الأنعام:
"قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها " هنا بين الله للناس أنه قد جاءهم بصائر من ربهم والمراد قد أتاهم أحكام الوحى من خالقهم فمن أبصر فلنفسه والمراد"فمن اهتدى فلنفسه "كما قال بسورة يونس والمراد فمن أطاع أحكام الوحى فلمنفعته ومن عمى فعليها أى "ومن ضل فإنما يضل عليها "كما قال بسورة يونس والمراد ومن عصى حكم الله فإنما عقابه على نفسه ؟
العمى الكثير :
معنى أن المنافقين عموا كثيرا هو أنهم عصوا الله باستمرار فى الخفاء وعلنا أمام أنفسهم وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة :
" ثم تاب عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم "
ما يعمى القلوب :
سأل الله أفلم يسيروا فى الأرض والمراد هل لم ينتقلوا فى البلاد فتكون لهم قلوب يعقلون بها أى أذان يسمعون بها والمراد عقول يفهمون بها ما حدث لمن سبقوهم ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الناس علموا ما حدث لمن سبقوهم ومع ذلك لم يتعظوا ووضح الله أن الدنيا لا تعمى الأبصار والمراد لا تخدع العيون التى تتم المشاهدة بها ولكن الدنيا تعمى القلوب التى فى الصدور أى تضل العقول التى فى النفوس والمراد أن متاع الدنيا يلغى البصائر من النفوس فتقود الشهوات النفس بدلا من العقل مصداق لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة "أى عقلوفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور"
الملعونون أعمى الله أبصارهم :
بين الله أن المفسدين فى الأرض أولئك الذين لعنهم الله أى غضب الله عليهم" والمراد أضلهم وفسر هذا بأنه أصمهم أى أضلهم وفسره بأنه أعمى أبصارهم أى أضل قلوبهم عن الحق لأنهم أرادوا ضلالهم وفى هذا قال تعالى بسورة محمد:
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم "
استحباب العمى على الهدى:
وضح الله لنا أن ثمود استحبوا العمى على الهدى والمراد فضلوا الكفر وهو حب متاع الدنيا على الإيمان وهو العمل لنيل متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون والمراد فدمرتهم صيحة العقاب المذل وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت :
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون "
القرآن عمى للكفار :
يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول هو أى القرآن للذين آمنوا أى صدقوا به هدى أى شفاء والمراد نافع أى فائدة حيث يدخلهم الجنة والذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون بالقرآن فى أذانهم وقر والمراد فى قلوبهم كفر أى هو عليهم عمى والمراد هو لهم ضرر حيث يدخلهم عصيانه النار وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت :
"ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمى وعربى قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون فى أذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد"
المقارنة بين الأعمى والبصير :
طلب الله من نبيه (ص) أن يسأل الناس هل يستوى الأعمى والبصير أى "قل لا يستوى الخبيث والطيب"كما قال بسورة المائدة والمراد لا يتساوى فى الجزاء الخبيث وهو الكافر أى الأعمى الذى يعمى عن البصائر والطيب وهو المسلم أى البصير الذى يستخدم بصيرته وهى عقله فيبصر البصائر من الرب لنفسه مصداق لقوله بسورة الأنعام "قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها " وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون "
بم شبه الله الكفار والمسلمين ؟
بين الله للناس أن مثل الفريقين والمراد أن شبه جماعة المسلمين وجماعة الكفار كالأعمى وهو الضرير والأصم وهم الذى لا يتكلم والبصير وهو الرائى والسميع وهو مميز الكلام فالمسلمين يشبهون البصير والسميع فى أنهم يرون آيات الله ويسمعون كلامه فيطيعونه والكفار يشبهون الأعمى والأصم فى أنهم يتخبطون فى الطرق ولا يعلمون مصلحتهم ويسأل الله هل يستويان مثلا والمراد هل يتساويان جزاء ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلمين جزاءهم غير جزاء الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون "
من فى الدنيا أعمى يكون أعمى فى القيامة :
وضح الله أن من كان فى هذه أعمى والمراد من كان فى الدنيا معرضا عن ذكر الله فهو فى الآخرة وهى القيامة أعمى أى أضل سبيلا أى معرضا عن ذكر الله يعاقب بالمعيشة الضارة وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء :
"ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا"
حشر البعض أعمى فى القيامة:
بين الله أنه قال للأبوين :ومن أعرض عن ذكرى والمراد ومن تولى عن حكمى أى ومن كفر بحكمى فإن له معيشة ضنكا أى حياة مؤلمة ونحشره يوم القيامة أعمى والمراد ونبعثه يوم البعث جاهلا وهذا يعنى أن الله يحيى الكافر فى الأخرة كما كان فى الدنيا كافرا فقال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا والمراد إلهى لماذا بعثتنى كافرا وقد كنت مسلما ،وهذا يعنى أن الكافر يعترض على خلقه كافرا فى الأخرة بحجة أنه كان فى الدنيا مسلما وقد ورد نفيه فى قوله بسورة الأنعام"والله ربنا ما كنا مشركين " وفى هذا قال تعالى بسورة طه :
"ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى "
ظن النبى(ص) فى الأعمى :
قال تعالى بسورة عبس :
"عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى "بين الله لنا أن النبى (ص)عبس أى قطب وجهه أى أظهر الغضب وتولى أى أعرض والمراد أشاح بوجهه لما جاءه الأعمى والمراد لما أتى له الضرير ليسلم،ويبين الله لنبيه (ص)وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى والمراد والله الذى يعرفك أنه يسلم أى يطيع فتفيده الطاعة والغرض هو إخبار الرسول (ص)أنه ارتكب ذنبا عليه التوبة منه وهو الظن السيىء فى الأعمى بأنه لن يزكى بالإضافة لذنب أخر وهو العبس والإعراض عنه وأن الأعمى قد يزكى أى يسلم فيفيده الإسلام
هداية العمى :
بين الله لنبيه(ص)أن من الكفار من ينظر إليه والمراد من يشاهده وهو يتحدث بالوحى كما قال بالآية "ومنهم من يستمعون إليك"ويسأل الله نبيه(ص)أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون أى "أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون" والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون الحق؟والغرض من السؤال أن يكف النبى(ص)عن تكرار دعوته للكفار لأن دعوتهم كعدم دعوتهم فى النتيجة وهى كفرهم وفى هذا قال تعالى بسورة يونس :
"ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون"
هل يقدر النبى (ص) على هداية العمى ؟
بين الله لنبيه (ص)أنه لا يسمع الموتى والمراد أنه لا يعلم الكفار وهم الهلكى الوحى وفسر هذا بأنه لا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون والمراد أنه لا يعلم الكفار الهدى وهو الوحى إذا ما يبلغون الوحى مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا "وفسر هذا بأنه ما هو بهاد العمى عن ضلالتهم والمراد أنه ما هو بمبعد الكفار عن كفرهم وفى هذا قال تعالى بسورة النمل:
"إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "
حشر الكفار على وجوههم عميا:
بين الله لنبيه(ص)أنه يحشر الكفار يوم القيامة على وجوههم عميا أى بكما أى صما والمراد أنه يبعثهم فى يوم البعث على ذواتهم أى على أحوالهم التى كانوا عليها فى الدنيا وهى أنهم كفار أى ظلمة أى فساق وكل هذا بمعنى واحد أنهم كفار ومأواهم وهو مكانهم فى الآخرة جهنم
وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء :
" ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما "
عدم الخرور على الآيات عميا :
وضح الله أن عباد الرحمن هم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والمراد والذين إذا أبلغوا بأحكام إلههم لم يكونوا له مخالفين أى عصاة وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان :
" والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا"
الكفار صم بكم عمى :
قال تعالى بسورة البقرة"صم بكم عمى فهم لا يرجعون"فقوله صم بكم "يفسره قوله بسورة الأنبياء"ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون"فالكافر أصم لعدم طاعته أى سماعه الوحى وقوله "عمى "يفسره قوله بنفس السورة "وما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم "فالكافر لا يهتدى بسبب ضلاله ،وقوله "فهم لا يرجعون "يفسره قوله بسورة البقرة "صم بكم عمى فهم لا يعقلون "فعدم رجوعهم عن الباطل هو عدم عقلهم الحق ومعنى الآية كافرون ظالمون فاسقون فهم لا يؤمنون .
الأعمى مقابل العالم:
سأل الله النبى (ص)أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى والمراد هل من يعرف إنما ألقى لك من خالقك العدل كمن هو مكذب ؟والمراد"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون"كما قال بسورة الزمر والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن العالم بالوحى وهو المطيع له لا يتساوى فى الجزاء بالمخالف له وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد:
"أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى "
القوم العمين :
بين الله لنا أن القوم كذبوا نوحا (ص)والمراد كفروا برسالة نوح(ص)فكان الجزاء أن أنجاه الله والذين معه فى الفلك والمراد أن أنقذه الله والذين أمنوا برسالته فى السفينة وأغرق الذين كذبوا بآيات الله والمراد وأهلك الذين كفروا بأحكام الله ووصفهم بأنهم كانوا قوما عمين أى ناسا سيئين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنهم كانوا قوم سوء"والمراد كافرين بحكم الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف :
"فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين"
الكفار عمون بالآخرة :
وضح الله أن الكفار ادارك علمهم فى القيامة والمراد زالت معرفتهم بالقيامة وهذا يعنى أنهم نسوا العمل للآخرة وفسر هذا بأنهم فى شك منها أى فى تكذيب بالساعة مصداق لقوله بسورة الفرقان"بل كذبوا بالساعة"وفسر هذا بأنهم منها عمون والمراد أنهم بها مكذبون أى هم عنها معرضون أى غافلون وفى هذا قال تعالى بسورة النمل :
"بل ادارك علمهم فى الآخرة بل هم فى شك منها بل هم منها عمون "
ماذا عمى على الكفار فى الدنيا ؟
وضح الله أن نوح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا شعبى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على دين من إلهى أى أتانى رحمة من عنده والمراد أعطانى علم من لدنه؟والغرض من السؤال إخبارهم أنهم يعرفون أن الله أعطاه الدين وهو العلم الذى أبلغهم به ولكنه عمى عليهم أى ضلت عنهم والمراد بعد عنهم الإيمان وسألهم أنلزمكموها والمراد هل نجبركم على الدين وأنتم له كارهون أى مخالفون له ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الإجبار على الدين محرم وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون"
ماذا عمى على الكفار يوم القيامة ؟
بين الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة ينادى أى يخاطب أى يسأل الله الكفار على لسان الملائكة فيقول :ماذا أجبتم المرسلين أى بماذا رددتم على الأنبياء ؟وفى هذا اليوم عميت عليهم الأنباء أى خفيت عليهم الأخبار والمراد أنهم جهلة بالأحداث فى هذا اليوم ومن ثم فهم لا يتساءلون أى لا يستفهمون عن شىء لأن "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " كما قال بسورة عبس وفى هذا قال تعالى بسورة القصص:
ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون "
هداية الأعمى فى الطريق:
واجب على من فى الطريق أن يقود الأعمى إلى حيث يريد الذهاب لقوله تعالى بسورة المائدة :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
ما سبب وجوب مساعدة الأعمى ؟
سبب وجوب مساعدة العمى هو منع الحرج وهو الأذى عنه مصداق لقوله تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
متى يأثم الناس فى حالة الأعمى ؟
يأثم كل من شاهد الأعمى ولم يقوده أو لم يفعل ما يطلبه منه الأعمى فإن فعل واحد ما يريد رفع الإثم عن الجميع
عمل الأعمى بوظيفة :
العميان لا يجوز أن يعملوا بوظائف مؤذية لمنع الحرج وهو الأذى عنهم كما قال تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
الوظائف التى يعملون بها هى وظائف صوتية مثل قارىء قرآن أو مؤذن ويجب توفير قائد لكل واحد منهم عند الذهاب للعمل والعودة منه ويتم جعل مسكن الأعمى بجوار المسجد مباشرة توفيرا للجهد ومنعا للذى الكثير الذى يصيبه فى حالة بعد المسافة
ما الذى يجب مراعاته فى زواج الأعمى؟
يجب أن تكون زوجة الأعمى مبصرة فلا يجوز زواج أعميان منعا للمصائب التى من الممكن حدوثها بسبب زواجهما الذى لابد أن يفشل بسبب العمى
تعليم الأعمى:
لابد من تعليم العميان أحكام الدين بأى وسيلة من الوسائل ككتب العميان بطريقة برايل أو بالكتب المسموعة
عصا العميان :
مباح استخدامها ولكن الأفضل هو وجود قائد للأعمى عند كل خروج من المنزل فالقائد أفضل فى منع الأذى وهو الحرج تطبيقا لقوله تعالى بسورة الحج :
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج "
نفقة الأعمى :
فى حالة عدم وجود الدولة الإسلامية التى تفرض معاشا للعميان بوظيفة أو من غيرها تجب نفقة الأعمى على والديه فإن ماتا وكان له إخوة وجبت نفقته على سائر إخوته البنين فإن لم يوجد له إخوة وجبت على أعمامه أو أولاد أعمامه فإن لم يوجد وجبت على المجتمع ككل