ابيديوم
12-10-2017, 05:28 AM
https://i.imgur.com/ZpMjjWr.jpg
في حياتنا بعض الأمور التي لا نعرف لها مصدراً، أو حتى مُبَرِّراً، نسمعها فنرددها ومن ثَمَّ نُطبِّقُها -أو تُطبَّق علينا- بغير وعيٍ منا أحياناً..
نتغاضى عن بعضٍ من الكرامة الإنسانية مقابل اعتبارات مادية بحتة، لنخسر في لحظة عابرة كلاً منهما لمجرد أن القاعدة تقول: “الزبون دائماً على حق!”.
بقلم: يحيى السيد عمر
https://i.imgur.com/x0ZR1gOl.jpg
مشاهد متكررة بشكل يومي مع كثير من المؤسسات التجارية والخدمية، كلٌّ حسب تخصّصه، في البنوك والفنادق والمنتجعات والمحالّ التجارية، وقاعدة الزبون المُحِقِّ تبقى أساس التعامل بين الطرفين، والسؤال هنا: هل الزبون بالفعل على حقٍّ دائماً؟!
بالتأكيد إنّ هذه القاعدة قد وُضِعَت لتحقيق رضا المتعاملين، وكَسْب ثقتهم، والحفاظ على سمعة المؤسسة في مجال عملها، لكن في مقابل ذلك يوجد طرفٌ خاسر في هذه المعادلة، ألا وهو الموظَّف؛ لأنّ كثيراً من المؤسسات لا تلتفت إلى رضا موظفيها، ولا تفكّر بتأثير ذلك على أدائهم الوظيفي، في حين أن إدراك المؤسسة بأن محاولة كسب أحد الزبائن قد تجعلها تخسر آخرين كُثُراً؛ فبعد أن يُسَاءَ لموظَّفِيها نفسياً ومعنوياً، ستضطر إلى أن تُعيدُ النظر في الأمر حتماً!
الموظفون بَشَرٌ، واحتمالية الخطأ لديهم واردةٌ، لذلك لا بد من أَخْذِ هذه المسألة بالحسبان، وتقدير حجم العقاب المناسب لحجم الخطأ المقتَرَف، مع جعل مبدأ التسامح أمراً قائماً يُؤخَذ به بين الحين والآخر؛ تشجيعاً للموظف وتعزيزاً لانتمائه تجاه مؤسسته. كما أن بعض التصرُّفات التي يمكن أن يُبادِر بها الموظف تجاه المتعامل لا يمكن أن نُصنِّفها على أنها صحيحة أو خاطئة؛ لأن بعض الأمور لا بد من مراعاتها في كل موقف من المواقف: كالحالة النفسية للموظف والزبون على حد سواءٍ، وحجم المشكلة المختلَف عليها، وإمكانية التغاضي عنها، ومكانة الزبون الاجتماعية والمادية بالنسبة للشركة، وغيرها.
من جهة أخرى.. يبدو أن المجتمع الذي نعيش فيه لا يزال أفراده يأخذون انطباعاتهم ممن يجب ألّا يأخذوها منهم، فرأي أحد المتعاملين السلبي عن إحدى الشركات أو المحالّ التجارية، لا يعني بالضرورة سوء خدماتها أو رداءة بضاعتها؛ لأنّ التقييم لا يفترض به أن يقوم استناداً إلى تجربة واحدة، فإذا ما صارت انطباعات الناس عقلانية ومنطقية، أعتقد بأن مسألة خوف الشركات من إغضاب أحد المتعاملين المخطئين لن تعود تَشْغَل حيزاً من التفكير أو الاهتمام لديهم، لتصبح القاعدة حينها: “الزبون على حق طالما الحق معه فقط..”.
إنّ المؤسسات والشركات الناجحة، هي تلك التي تستطيع تحقيق التوازن في معادلة الرضا بين الزبون والموظف، وهذه ليست بالمعضلة؛ إذ إنّهما ليسا طرفين متحاربين، وإنّما هما طرفان يتبادلان المنفعة، مهما كان مجال تخصّص المؤسسة، فالزبون يحتاج إلى سلعة أو خدمة ما، وفي الوقت ذاته، يحتاج الموظف لأن يسير عمله وتزدهر مؤسسته، وهذا الأمر يقود إلى ضرورة التوفيق بين الاثنين للوصول إلى حالة من التوازن في معادلة الرضا. وفي حديث أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ما يحقِّق هذه المعادلة حين قال: “رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى”.
ومع ذلك.. يبقى على المؤسسة أن تُحسِن اختيار موظفيها، وأن تُدرِّبهم على أساليب التعامل الراقية مع الزبائن، وأن تكافئهم في حال عدم صدور أيِّ شكوى ضد أحدهم من قِبَل أحد الزبائن على مدى فترات معينة. كما عليها أن تدرك بأن رضا الزبون لن يتحقق إلا عن طريق موظفٍ يتمتَّع بالاستقرار الداخلي، ويشعر بكرامته الإنسانية وقيمته في المكان الذي يعمل فيه، لينعكس هذا الشعور تلقائياً في تعاملاته وقدرته على الإقناع وتقبُّل الآخرين.
لتحميل المقال بصيغة PDF يرجى الضغط على الرابط التالي:
هل الزبون علي حق.. دائماً ؟! (http://www.yahyasayedomar.com/wp-content/uploads/2017/09/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D9%82..-%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%85%D8%A7%D9%8B%D8%9F-.pdf)
في حياتنا بعض الأمور التي لا نعرف لها مصدراً، أو حتى مُبَرِّراً، نسمعها فنرددها ومن ثَمَّ نُطبِّقُها -أو تُطبَّق علينا- بغير وعيٍ منا أحياناً..
نتغاضى عن بعضٍ من الكرامة الإنسانية مقابل اعتبارات مادية بحتة، لنخسر في لحظة عابرة كلاً منهما لمجرد أن القاعدة تقول: “الزبون دائماً على حق!”.
بقلم: يحيى السيد عمر
https://i.imgur.com/x0ZR1gOl.jpg
مشاهد متكررة بشكل يومي مع كثير من المؤسسات التجارية والخدمية، كلٌّ حسب تخصّصه، في البنوك والفنادق والمنتجعات والمحالّ التجارية، وقاعدة الزبون المُحِقِّ تبقى أساس التعامل بين الطرفين، والسؤال هنا: هل الزبون بالفعل على حقٍّ دائماً؟!
بالتأكيد إنّ هذه القاعدة قد وُضِعَت لتحقيق رضا المتعاملين، وكَسْب ثقتهم، والحفاظ على سمعة المؤسسة في مجال عملها، لكن في مقابل ذلك يوجد طرفٌ خاسر في هذه المعادلة، ألا وهو الموظَّف؛ لأنّ كثيراً من المؤسسات لا تلتفت إلى رضا موظفيها، ولا تفكّر بتأثير ذلك على أدائهم الوظيفي، في حين أن إدراك المؤسسة بأن محاولة كسب أحد الزبائن قد تجعلها تخسر آخرين كُثُراً؛ فبعد أن يُسَاءَ لموظَّفِيها نفسياً ومعنوياً، ستضطر إلى أن تُعيدُ النظر في الأمر حتماً!
الموظفون بَشَرٌ، واحتمالية الخطأ لديهم واردةٌ، لذلك لا بد من أَخْذِ هذه المسألة بالحسبان، وتقدير حجم العقاب المناسب لحجم الخطأ المقتَرَف، مع جعل مبدأ التسامح أمراً قائماً يُؤخَذ به بين الحين والآخر؛ تشجيعاً للموظف وتعزيزاً لانتمائه تجاه مؤسسته. كما أن بعض التصرُّفات التي يمكن أن يُبادِر بها الموظف تجاه المتعامل لا يمكن أن نُصنِّفها على أنها صحيحة أو خاطئة؛ لأن بعض الأمور لا بد من مراعاتها في كل موقف من المواقف: كالحالة النفسية للموظف والزبون على حد سواءٍ، وحجم المشكلة المختلَف عليها، وإمكانية التغاضي عنها، ومكانة الزبون الاجتماعية والمادية بالنسبة للشركة، وغيرها.
من جهة أخرى.. يبدو أن المجتمع الذي نعيش فيه لا يزال أفراده يأخذون انطباعاتهم ممن يجب ألّا يأخذوها منهم، فرأي أحد المتعاملين السلبي عن إحدى الشركات أو المحالّ التجارية، لا يعني بالضرورة سوء خدماتها أو رداءة بضاعتها؛ لأنّ التقييم لا يفترض به أن يقوم استناداً إلى تجربة واحدة، فإذا ما صارت انطباعات الناس عقلانية ومنطقية، أعتقد بأن مسألة خوف الشركات من إغضاب أحد المتعاملين المخطئين لن تعود تَشْغَل حيزاً من التفكير أو الاهتمام لديهم، لتصبح القاعدة حينها: “الزبون على حق طالما الحق معه فقط..”.
إنّ المؤسسات والشركات الناجحة، هي تلك التي تستطيع تحقيق التوازن في معادلة الرضا بين الزبون والموظف، وهذه ليست بالمعضلة؛ إذ إنّهما ليسا طرفين متحاربين، وإنّما هما طرفان يتبادلان المنفعة، مهما كان مجال تخصّص المؤسسة، فالزبون يحتاج إلى سلعة أو خدمة ما، وفي الوقت ذاته، يحتاج الموظف لأن يسير عمله وتزدهر مؤسسته، وهذا الأمر يقود إلى ضرورة التوفيق بين الاثنين للوصول إلى حالة من التوازن في معادلة الرضا. وفي حديث أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ما يحقِّق هذه المعادلة حين قال: “رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى”.
ومع ذلك.. يبقى على المؤسسة أن تُحسِن اختيار موظفيها، وأن تُدرِّبهم على أساليب التعامل الراقية مع الزبائن، وأن تكافئهم في حال عدم صدور أيِّ شكوى ضد أحدهم من قِبَل أحد الزبائن على مدى فترات معينة. كما عليها أن تدرك بأن رضا الزبون لن يتحقق إلا عن طريق موظفٍ يتمتَّع بالاستقرار الداخلي، ويشعر بكرامته الإنسانية وقيمته في المكان الذي يعمل فيه، لينعكس هذا الشعور تلقائياً في تعاملاته وقدرته على الإقناع وتقبُّل الآخرين.
لتحميل المقال بصيغة PDF يرجى الضغط على الرابط التالي:
هل الزبون علي حق.. دائماً ؟! (http://www.yahyasayedomar.com/wp-content/uploads/2017/09/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D9%82..-%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%85%D8%A7%D9%8B%D8%9F-.pdf)