رضا البطاوى
28-10-2018, 10:24 AM
سورة الواقعة
سميت بهذا الاسم لذكر الواقعة بقوله"إذا وقعت الواقعة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا حدثت القيامة ليس بحدوثها كافر مذلة معزة إذا هزت الأرض هزا هزا ونسفت الرواسى نسفا فكانت غبارا منتشرا ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن إذا وقعت الواقعة أى "أزفت الأزفة"كما قال بسورة النجم والمراد إذا حدثت القيامة ليس لوقعتها كاذبة والمراد ليس بحدوثها مكذب وهذا يعنى أن الفرد إذا رأى حدوث القيامة لا يستطيع إنكارها وهى خافضة أى مذلة للكفار رافعة أى معزة للمسلمين ،وإذا رجت الأرض رجا رجا والمراد إذا زلزلت الأرض زلزلة زلزلة مصداق لقوله بسورة الزلزلة"إذا زلزلت الأرض زلزالها"وبست الجبال بسا والمراد ونسفت الرواسى نسفا فكانت هباء منبثا والمراد فكانت غبارا منتشرا مصداق لقوله بسورة طه "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا"يحدث الحساب بعد هذه الأحداث والخطاب وما بعده للناس مؤمنين وكفار.
"وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الأخرين "المعنى وكنتم فرقا ثلاثة فسكان اليمين هم ملاك الجنة وسكان الشمال هم أهل النار والمسارعون الأعلون أولئك الدانون فى حدائق المتاع قليل من السابقين وقليل من المتأخرين ،يبين الله لنبيه(ص) أنهم فى يوم القيامة ثلاثة فرق هى أصحاب الميمنة وهم سكان الجنة وهم أصحاب الميمنة وهم ملاك الجنة وأصحاب المشئمة وهم سكان الشمال وهم أصحاب المشئمة والمراد أهل النار والمقربون المقربون وهم السابقون إلى الخيرات هم المقربون أى الأعلون فى جنات النعيم أى فى حدائق المتاع وهم ثلة من الأولين أى قليل من السابقين زمنيا وقليل من الأخرين أى قليل من المتأخرين فى الزمن والجنة مقسمة لطبقتين أى درجتين درجة للمجاهدين وهم المقربون ودرجة للقاعدين وهم أصحاب اليمين مصداق لقوله بسورة النساء"فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة ".
"على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما سلاما سلاما "المعنى على فرش مرفوعة راقدين عليها متلاقين يدور عليهم غلمان مقيمون بكئوس وأباريق وكوب من خمر لا ينتهون عنها ولا ينقطعون وفاكهة مما يختارون ولحم طير مما يحبون وقاصرات الطرف كأشباه اللؤلؤ المخفى ثواب بما كانوا يحسنون لا يعلمون فيها باطلا ولا زورا إلا قولهم خيرا خيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن المقربين فى الجنة على أسرة موضونة أى على فرش مرفوعة عن الأرض أى مصفوفة مصداق لقوله بسورة الغاشية "فيها سرر مرفوعة"وهم متكئين عليها متقابلين والمراد راقدين على الفرش متلاقين ويطوف عليهم ولدان مخلدون والمراد ويدور عليهم غلمان مقيمون فى الجنة بأكواب أى كئوس أى أباريق أى كأس أى كوب من معين وهو الخمر اللذة مصداق لقوله بسورة الطور"يطوف عليهم غلمان لهم" وهم لا يصدعون عنها ولا ينزفون والمراد لا ينتهون عن شربها أى لا ينقطعون عن تناولها ،ويدورون عليهم بفاكهة مما يتخيرون أى من الذى يشتهون ويدورون عليهم بلحم طير مما يشتهون أى من الذى يحبون ،ولهم فى الجنة حور عين أى غضيضات البصر والمراد نساء جميلات كأمثال اللؤلؤ المكنون والمراد كأشباه الدر المخفى وهذا يعنى أن جمالهن موجود فى الخيام التى تخفيهن عن أعين غير صاحبهم وكل هذا جزاء بما كانوا يعملون والمراد ثواب بالذى كانوا يحسنون فى الدنيا ،وهم لا يسمعون فى الجنة إلا قيلا سلاما سلاما والمراد وهم لا يعرفون فى الجنة حديثا إلا حديث خير خير وهذا يعنى أن الكلام فى الجنة كله طيب ليس فيه لغو أى تأثيم والمراد باطل أى كذب أى زور .كوابأ
"وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين "المعنى وسكان الجنة هم سكان السعد فى نبق مقطع وموز مرصوص وظل دائم وماء متتالى وفاكهة دائمة لا مبتورة أى ليست محرمة وسرر مصفوفة إنا خلقناهن خلقا فجعلناهن عذراوات حسان متساويات لأهل الجنة جماعة من السابقين وجماعة من المتأخرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن أصحاب اليمين وهم سكان الدرجة الثانية فى الجنة هم أصحاب اليمين أى أهل السعادة يقيمون فى سدر مخضود أى فى أكل للنبق المقطوع شوكه حيث لا ينبت فى شجره شوك كما فى الدنيا والطلح المنضود وهو الموز المرصوص الثمار وهم تحت ظل ممدود أى خيال مبسوط وهم فى شرب لماء مسكوب أى ماء مصبوب باستمرار وهم فى أكل لفاكهة كثيرة أى فاكهة متنوعة لا مقطوعة وفسرها بأنها لا ممنوعة أى ليست محرمة عليهم أى لا أحد يقدر على إمساكها عنهم وهم فى اتكاء على فرش مرفوعة أى على أسرة عالية عن الأرض والله أنشأ الحور إنشاء والمراد إن الله خلق الجميلات خلقا فجعلهن أبكارا عربا أترابا والمراد عذراوات حسان متساويات فى الحسن وقد خلقهن الله لأصحاب اليمين وهم أهل السعادة والذين هم ثلة من الأولين أى قليل من السابقين زمنيا وثلة من الأخرين والمراد وقليل من المتأخرين زمنيا .
"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم "المعنى وأهل الشؤم هم سكان النار فى نيران وغساق وخيال من شرر لا واقى ولا مانع إنهم كانوا قبل ذلك متمتعين وكانوا يعزمون على الكفر المستمر ،يبين الله لنبيه(ص) أن أصحاب الشمال وهم سكان المشئمة وهى النار هم أصحاب الشمال أى أهل الألم كما قال بالسورة "وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة "وهم يسكنون فى سموم أى نيران،وحميم وهو غساق أى سائل الشرب والغسل وهو سائل حارق ،ظل من يحموم لا بارد ولا كريم والمراد خيال من شرر لا مغنى أى لا مانع من اللهب مصداق لقوله بسورة المرسلات"انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب"وهذا يعنى أن الظل يصب عليهم النار من فوقهم فلا يمنع عنهم لهب،والسبب فى معيشتهم هذه أنهم كانوا قبل ذلك مترفين والمراد أنهم كانوا قبل الآخرة فى الدنيا متمتعين بمتاعها وكانوا يصرون على الحنث العظيم والمراد وكانوا يثبتون على الكفر المستمر وهذا يعنى موتهم على الكفر .
"وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "المعنى وكانوا يقولون هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما هل إنا لأحياء أو آباؤنا السابقون؟قل إن السابقين والمتأخرين لمحشورون إلى موعد يوم معروف لله ،يبين الله لنبيه (ص)أن أهل الشمال كانوا يقولون فى الدنيا :أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون والمراد هل إذا هلكنا وكنا غبارا وعظاما مفتتة هل إنا عائدون للحياة مرة أخرى أو آباؤنا السابقون؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،ويطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للكفار:إن الأولين وهم السابقين فى الزمن والأخرين وهم المتأخرين فى الزمن لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم والمراد لمبعوثون فى موعد يوم معروف لله وحده والخطاب للنبى(ص) .
"ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لأكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين "المعنى ثم إنكم أيها الظالمون الكافرون لطاعمون من ثمر من ضريع فمعبئون منها الأجواف فمسقون عليه من الغساق فمسقون سقى العطاش هذا مقامهم يوم الحساب ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ثم إنكم أيها الضالون المكذبون أى الظالمون الكافرون بحكم الله لأكلون من شجر من زقوم والمراد لطاعمون من ثمر من شجر الضريع مصداق لقوله بسورة الغاشية "ليس لهم طعام إلا من ضريع"فمالئون منها البطون والمراد فمعبئون أى فمكملون منها الأجواف فشاربون عليه من الحميم والمراد فمسقون عليه من الغساق وهذا يعنى أنهم متناولون بسبب أكل الزقوم عصير من الغساق الحارق فشاربون شرب الهيم والمراد فمسقون سقى العطاش وهذا يعنى أنهم يشربون شرب الإبل العطشانة لأن الزقوم يجعلهم يعطشون رغم أن الغساق حارق لهم ،هذا نزلهم يوم الدين والمراد هذا جزاءهم يوم الحساب والخطاب للكفار على لسان النبى(ص) حتى هذا فهى له ولنا
"نحن خلقناكم فلولا تصدقون أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم فيما لا تعلمون ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون"المعنى نحن أنشأناكم فلولا تؤمنون أعلمتم الذى تقذفون أأنتم تنشئونه أم نحن المنشئون نحن فرضنا عليكم الوفاة وما نحن بممنوعين أن نخلق غيركم فيما لا تعرفون ولقد عرفتم الخلقة السابقة فلولا تفهمون،يبين الله للناس التالى :نحن خلقناكم فلولا تصدقون والمراد نحن أبدعناكم فلولا تشكرون مصداق لقوله بسورة الواقعة "فلولا تشكرون"وهذا يعنى أن الله خلقهم ليصدقوه أى يشكروه أى يعبدوه،أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون والمراد أتعرفون ما تقذفون فى الجماع هل أنتم تنشئونه" أم نحن المنشئون "كما قال بنفس السورة؟ والغرض من السؤال إخبار الناس أن المنى الذى ينخلق منه الإنسان الله هو خالقه وليس الإنسان الذى لا يقدر على خلقه مهما فعل ،نحن قدرنا بينكم الموت والمراد نحن أوجبنا عليكم الوفاة مصداق لقوله بسورة آل عمران "كل نفس ذائقة الموت "وما نحن بمسبوقين والمراد وما نحن بعاجزين على أن نبدل أمثالكم والمراد وما نحن بعاجزين عن أن نخلق غيركم وهذا يعنى أن الله قادر على خلق غيرهم ،وننشئكم فيما لا تعلمون والمراد ونخلقكم فى الذى لا تعرفون ،وهذا يعنى أنه يحييهم فى الذى يجهلون وهو القيامة التى يكذبون بها ،ولقد علمتم النشأة الأولى والمراد ولقد عرفتم الحياة السابقة فلولا تذكرون أى فلولا تعقلون والغرض من القول هو إخبارهم أنهم عرفوا مما خلقهم الله فى الدنيا والواجب عليهم هو الذكر وهو طاعة حكم الله والخطاب وما بعده للناس.
"أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون"المعنى أفعلمتم الذى تفلحون أأنتم تنمونه أم نحن المنمون ؟لو نريد لجعلناه مدمرا فاستمررتم تقولون إنا لمثقلون بل نحن ممنوعون ،يسأل الله الناس أفرأيتم ما تحرثون والمراد أعرفتم الذى تضعون فى التراب أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون والمراد هل تنبتونه أم نحن المنبتون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن ما يضعونه فى التراب من بذور وأنوية للنباتات لا يقدرون على إنباته أى خلقه وإخراجه والله وحده هو المنبت المخرج له ،لو نشاء لجعلناه حطاما والمراد لو نريد لجعلنا النبات مدمرا فظلتم تفكهون والمراد فاستمررتم تقولون بعد تدميره :إنا لمغرمون أى لمثقلون أى لمتعبون بل نحن ممنوعون والمراد إنما نحن جائعون .
"أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون "المعنى أعلمتم الماء الذى تسقون هل أنتم أسقطتموه من السحاب أم نحن المسقطون ؟لو نريد خلقناه مالحا فلولا تطيعون،يسأل الله الناس أفرأيتم الماء الذى تشربون والمراد أعرفتم المياه التى تسقون أى تروون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون والمراد هل أنتم أسقطتموه من السحاب أم نحن المسقطون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الماء الذى يتناولونه لم ينزلوه من السحاب وإنما الله هو الذى أنزله من السحاب،لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون والمراد لو نريد حولناه مالحا فلولا تعقلون،وهو يبين لهم أنه لو أراد لحول الماء العذب لماء مالح ولكنه لم يرد والواجب عليهم هو شكر الله وهو طاعة حكم الله .
"أفرأيتم النار التى تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاع للمقوين "المعنى أعلمتم الوقود الذى تشعلون أأنتم خلقتم أصلها أم نحن الخالقون؟نحن خلقناها عبرة ونفعا للمستخدمين،يسأل الله الناس أفرأيتم النار التى تورون والمراد أعرفتم الوقود الذى توقدون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون والمراد هل أنتم خلقتم أصلها "أم نحن الخالقون"كما قال بنفس السورة ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله هو الذى خلق شجرة النار وهى مواد الوقود الذى يشعلونه على مختلف أنواعه وليس هم ،نحن جعلناها تذكرة ومتاع للمقوين والمراد نحن خلقناها آية أى برهان على قدرة الله ونفع للمستخدمين لها والخطاب وما قبله للناس.
"فسبح باسم ربك العظيم "المعنى فاعمل بوحى إلهك الكبير ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحمد أى بحكم خالقه الكبير مصداق لقوله بسورة الحجر"فسبح بحمد ربك"والخطاب للنبى(ص).
"فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين "المعنى أحلف بمواضع الكواكب وإنه لحلف لو تعرفون كبير إنه لكتاب عظيم فى سجل محفوظ لا يلمسه سوى المزكون إلقاء من إله الخلق،يقسم الله فيقول فلا أقسم بمواقع النجوم والمراد أحلف بمواضع المصابيح فى السماء ويبين أنه قسم لو يعلمون عظيم والمراد أنه حلف لو يعرفون كبير وهو يحلف على التالى إن الوحى هو قرآن كريم فى كتاب مكنون والمراد كتاب مجيد فى لوح محفوظ مصداق لقوله بسورة البروج"بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ "لا يمسه إلا المطهرون والمراد لا يلمسه سوى المزكون والمراد يمسك بصحف القرآن فى اللوح المحفوظ فى الكعبة الحقيقية المسلمون الطاهرون حقا ولا يقدر على ذلك كافر وهو تنزيل من رب العالمين والمراد وهو وحى من خالق الكل والخطاب للناس وما بعده.
"أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون "المعنى أفبهذا القرآن أنتم مكذبون أى تقررون أن منفعتكم أنكم تكفرون ،يسأل الله الناس أفبهذا الحديث أنتم مدهنون والمراد هل بهذا القرآن أنتم كافرون أى تجعلون رزقكم أنكم تكذبون أى تحكمون أن نفعكم أن تكفرون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بالحديث وهو القرآن الذى قرروا أن رزقهم وهو منفعتهم أى مصلحتهم هى التكذيب به .
"فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين "المعنى فلولا إذا وصلت الحنجرة وأنتم عند ذلك تبصرون ونحن أدنى إليه منكم ولكن لا تشعرون فلولا إن كنتم مذنبين تعيدونها إن كنتم عادلين،يبين الله للناس أن النفس إذا بلغت الحلقوم وهو الحنجرة أى التراقى مصداق لقوله بسورة القيامة"كلا إذا بلغت التراقى"وأنتم حينئذ تنظرون والمراد وأنتم وقت هذا ترون الميت ونحن أقرب إليه منكم والمراد ونحن أعلم به منكم مصداق لقوله بسورة ق"ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"ولكن لا تبصرون أى لا ترون هذا فلولا إذا كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين والمراد فلولا إن كنتم غير مذنبين تعيدونها إن كنتم عادلين فى قولكم ،والغرض من القول إخبار الناس أنهم يرون موت الواحد منهم وهم لا يقدرون على إعادته للحياة مرة أخرى والخطاب للناس .
"فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين "المعنى فأما إن كان من السابقين فرحمة أى نفع حديقة متاع وأما إن كان من سكان السعادة فخير لك من سكان السعادة ،يبين الله للنبى(ص) أن الميت إن كان من المقربين وهم السابقين أى المجاهدين فله روح أى ريحان أى رحمة أى جنة نعيم أى حديقة متاع وأما إن كان من أصحاب اليمين وهم سكان الدرجة الثانية من الجنة فسلام لك من أصحاب اليمين والمراد فخير لك من أهل السعادة فى الجنة والخطاب للنبى(ص)وما بعده وما بعده.
"وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم "المعنى وأما إن كان من الكافرين الظالمين فمقام من عذاب أى ذوق نار ،يبين الله لنبيه (ص)أن الميت إن كان من المكذبين أى الضالين وهم الكافرين الظالمين فنزل من حميم أى فمكان من نار أى تصلية جحيم أى ذوق عذاب
"إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم "المعنى إن هذا لهو صدق البعث فاعمل بحكم إلهك الكبير،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا وهو الثواب والعقاب هو حق اليقين أى حكم البعث وهى الحياة الأخرى ويطلب منه أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحكم وهو حمد خالقه الكبير مصداق لقوله بسورة الحجر"فسبح بحمد ربك"
سميت بهذا الاسم لذكر الواقعة بقوله"إذا وقعت الواقعة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا حدثت القيامة ليس بحدوثها كافر مذلة معزة إذا هزت الأرض هزا هزا ونسفت الرواسى نسفا فكانت غبارا منتشرا ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن إذا وقعت الواقعة أى "أزفت الأزفة"كما قال بسورة النجم والمراد إذا حدثت القيامة ليس لوقعتها كاذبة والمراد ليس بحدوثها مكذب وهذا يعنى أن الفرد إذا رأى حدوث القيامة لا يستطيع إنكارها وهى خافضة أى مذلة للكفار رافعة أى معزة للمسلمين ،وإذا رجت الأرض رجا رجا والمراد إذا زلزلت الأرض زلزلة زلزلة مصداق لقوله بسورة الزلزلة"إذا زلزلت الأرض زلزالها"وبست الجبال بسا والمراد ونسفت الرواسى نسفا فكانت هباء منبثا والمراد فكانت غبارا منتشرا مصداق لقوله بسورة طه "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا"يحدث الحساب بعد هذه الأحداث والخطاب وما بعده للناس مؤمنين وكفار.
"وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الأخرين "المعنى وكنتم فرقا ثلاثة فسكان اليمين هم ملاك الجنة وسكان الشمال هم أهل النار والمسارعون الأعلون أولئك الدانون فى حدائق المتاع قليل من السابقين وقليل من المتأخرين ،يبين الله لنبيه(ص) أنهم فى يوم القيامة ثلاثة فرق هى أصحاب الميمنة وهم سكان الجنة وهم أصحاب الميمنة وهم ملاك الجنة وأصحاب المشئمة وهم سكان الشمال وهم أصحاب المشئمة والمراد أهل النار والمقربون المقربون وهم السابقون إلى الخيرات هم المقربون أى الأعلون فى جنات النعيم أى فى حدائق المتاع وهم ثلة من الأولين أى قليل من السابقين زمنيا وقليل من الأخرين أى قليل من المتأخرين فى الزمن والجنة مقسمة لطبقتين أى درجتين درجة للمجاهدين وهم المقربون ودرجة للقاعدين وهم أصحاب اليمين مصداق لقوله بسورة النساء"فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة ".
"على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما سلاما سلاما "المعنى على فرش مرفوعة راقدين عليها متلاقين يدور عليهم غلمان مقيمون بكئوس وأباريق وكوب من خمر لا ينتهون عنها ولا ينقطعون وفاكهة مما يختارون ولحم طير مما يحبون وقاصرات الطرف كأشباه اللؤلؤ المخفى ثواب بما كانوا يحسنون لا يعلمون فيها باطلا ولا زورا إلا قولهم خيرا خيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن المقربين فى الجنة على أسرة موضونة أى على فرش مرفوعة عن الأرض أى مصفوفة مصداق لقوله بسورة الغاشية "فيها سرر مرفوعة"وهم متكئين عليها متقابلين والمراد راقدين على الفرش متلاقين ويطوف عليهم ولدان مخلدون والمراد ويدور عليهم غلمان مقيمون فى الجنة بأكواب أى كئوس أى أباريق أى كأس أى كوب من معين وهو الخمر اللذة مصداق لقوله بسورة الطور"يطوف عليهم غلمان لهم" وهم لا يصدعون عنها ولا ينزفون والمراد لا ينتهون عن شربها أى لا ينقطعون عن تناولها ،ويدورون عليهم بفاكهة مما يتخيرون أى من الذى يشتهون ويدورون عليهم بلحم طير مما يشتهون أى من الذى يحبون ،ولهم فى الجنة حور عين أى غضيضات البصر والمراد نساء جميلات كأمثال اللؤلؤ المكنون والمراد كأشباه الدر المخفى وهذا يعنى أن جمالهن موجود فى الخيام التى تخفيهن عن أعين غير صاحبهم وكل هذا جزاء بما كانوا يعملون والمراد ثواب بالذى كانوا يحسنون فى الدنيا ،وهم لا يسمعون فى الجنة إلا قيلا سلاما سلاما والمراد وهم لا يعرفون فى الجنة حديثا إلا حديث خير خير وهذا يعنى أن الكلام فى الجنة كله طيب ليس فيه لغو أى تأثيم والمراد باطل أى كذب أى زور .كوابأ
"وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين "المعنى وسكان الجنة هم سكان السعد فى نبق مقطع وموز مرصوص وظل دائم وماء متتالى وفاكهة دائمة لا مبتورة أى ليست محرمة وسرر مصفوفة إنا خلقناهن خلقا فجعلناهن عذراوات حسان متساويات لأهل الجنة جماعة من السابقين وجماعة من المتأخرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن أصحاب اليمين وهم سكان الدرجة الثانية فى الجنة هم أصحاب اليمين أى أهل السعادة يقيمون فى سدر مخضود أى فى أكل للنبق المقطوع شوكه حيث لا ينبت فى شجره شوك كما فى الدنيا والطلح المنضود وهو الموز المرصوص الثمار وهم تحت ظل ممدود أى خيال مبسوط وهم فى شرب لماء مسكوب أى ماء مصبوب باستمرار وهم فى أكل لفاكهة كثيرة أى فاكهة متنوعة لا مقطوعة وفسرها بأنها لا ممنوعة أى ليست محرمة عليهم أى لا أحد يقدر على إمساكها عنهم وهم فى اتكاء على فرش مرفوعة أى على أسرة عالية عن الأرض والله أنشأ الحور إنشاء والمراد إن الله خلق الجميلات خلقا فجعلهن أبكارا عربا أترابا والمراد عذراوات حسان متساويات فى الحسن وقد خلقهن الله لأصحاب اليمين وهم أهل السعادة والذين هم ثلة من الأولين أى قليل من السابقين زمنيا وثلة من الأخرين والمراد وقليل من المتأخرين زمنيا .
"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم "المعنى وأهل الشؤم هم سكان النار فى نيران وغساق وخيال من شرر لا واقى ولا مانع إنهم كانوا قبل ذلك متمتعين وكانوا يعزمون على الكفر المستمر ،يبين الله لنبيه(ص) أن أصحاب الشمال وهم سكان المشئمة وهى النار هم أصحاب الشمال أى أهل الألم كما قال بالسورة "وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة "وهم يسكنون فى سموم أى نيران،وحميم وهو غساق أى سائل الشرب والغسل وهو سائل حارق ،ظل من يحموم لا بارد ولا كريم والمراد خيال من شرر لا مغنى أى لا مانع من اللهب مصداق لقوله بسورة المرسلات"انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب"وهذا يعنى أن الظل يصب عليهم النار من فوقهم فلا يمنع عنهم لهب،والسبب فى معيشتهم هذه أنهم كانوا قبل ذلك مترفين والمراد أنهم كانوا قبل الآخرة فى الدنيا متمتعين بمتاعها وكانوا يصرون على الحنث العظيم والمراد وكانوا يثبتون على الكفر المستمر وهذا يعنى موتهم على الكفر .
"وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "المعنى وكانوا يقولون هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما هل إنا لأحياء أو آباؤنا السابقون؟قل إن السابقين والمتأخرين لمحشورون إلى موعد يوم معروف لله ،يبين الله لنبيه (ص)أن أهل الشمال كانوا يقولون فى الدنيا :أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون والمراد هل إذا هلكنا وكنا غبارا وعظاما مفتتة هل إنا عائدون للحياة مرة أخرى أو آباؤنا السابقون؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،ويطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للكفار:إن الأولين وهم السابقين فى الزمن والأخرين وهم المتأخرين فى الزمن لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم والمراد لمبعوثون فى موعد يوم معروف لله وحده والخطاب للنبى(ص) .
"ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لأكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين "المعنى ثم إنكم أيها الظالمون الكافرون لطاعمون من ثمر من ضريع فمعبئون منها الأجواف فمسقون عليه من الغساق فمسقون سقى العطاش هذا مقامهم يوم الحساب ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ثم إنكم أيها الضالون المكذبون أى الظالمون الكافرون بحكم الله لأكلون من شجر من زقوم والمراد لطاعمون من ثمر من شجر الضريع مصداق لقوله بسورة الغاشية "ليس لهم طعام إلا من ضريع"فمالئون منها البطون والمراد فمعبئون أى فمكملون منها الأجواف فشاربون عليه من الحميم والمراد فمسقون عليه من الغساق وهذا يعنى أنهم متناولون بسبب أكل الزقوم عصير من الغساق الحارق فشاربون شرب الهيم والمراد فمسقون سقى العطاش وهذا يعنى أنهم يشربون شرب الإبل العطشانة لأن الزقوم يجعلهم يعطشون رغم أن الغساق حارق لهم ،هذا نزلهم يوم الدين والمراد هذا جزاءهم يوم الحساب والخطاب للكفار على لسان النبى(ص) حتى هذا فهى له ولنا
"نحن خلقناكم فلولا تصدقون أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم فيما لا تعلمون ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون"المعنى نحن أنشأناكم فلولا تؤمنون أعلمتم الذى تقذفون أأنتم تنشئونه أم نحن المنشئون نحن فرضنا عليكم الوفاة وما نحن بممنوعين أن نخلق غيركم فيما لا تعرفون ولقد عرفتم الخلقة السابقة فلولا تفهمون،يبين الله للناس التالى :نحن خلقناكم فلولا تصدقون والمراد نحن أبدعناكم فلولا تشكرون مصداق لقوله بسورة الواقعة "فلولا تشكرون"وهذا يعنى أن الله خلقهم ليصدقوه أى يشكروه أى يعبدوه،أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون والمراد أتعرفون ما تقذفون فى الجماع هل أنتم تنشئونه" أم نحن المنشئون "كما قال بنفس السورة؟ والغرض من السؤال إخبار الناس أن المنى الذى ينخلق منه الإنسان الله هو خالقه وليس الإنسان الذى لا يقدر على خلقه مهما فعل ،نحن قدرنا بينكم الموت والمراد نحن أوجبنا عليكم الوفاة مصداق لقوله بسورة آل عمران "كل نفس ذائقة الموت "وما نحن بمسبوقين والمراد وما نحن بعاجزين على أن نبدل أمثالكم والمراد وما نحن بعاجزين عن أن نخلق غيركم وهذا يعنى أن الله قادر على خلق غيرهم ،وننشئكم فيما لا تعلمون والمراد ونخلقكم فى الذى لا تعرفون ،وهذا يعنى أنه يحييهم فى الذى يجهلون وهو القيامة التى يكذبون بها ،ولقد علمتم النشأة الأولى والمراد ولقد عرفتم الحياة السابقة فلولا تذكرون أى فلولا تعقلون والغرض من القول هو إخبارهم أنهم عرفوا مما خلقهم الله فى الدنيا والواجب عليهم هو الذكر وهو طاعة حكم الله والخطاب وما بعده للناس.
"أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون"المعنى أفعلمتم الذى تفلحون أأنتم تنمونه أم نحن المنمون ؟لو نريد لجعلناه مدمرا فاستمررتم تقولون إنا لمثقلون بل نحن ممنوعون ،يسأل الله الناس أفرأيتم ما تحرثون والمراد أعرفتم الذى تضعون فى التراب أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون والمراد هل تنبتونه أم نحن المنبتون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن ما يضعونه فى التراب من بذور وأنوية للنباتات لا يقدرون على إنباته أى خلقه وإخراجه والله وحده هو المنبت المخرج له ،لو نشاء لجعلناه حطاما والمراد لو نريد لجعلنا النبات مدمرا فظلتم تفكهون والمراد فاستمررتم تقولون بعد تدميره :إنا لمغرمون أى لمثقلون أى لمتعبون بل نحن ممنوعون والمراد إنما نحن جائعون .
"أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون "المعنى أعلمتم الماء الذى تسقون هل أنتم أسقطتموه من السحاب أم نحن المسقطون ؟لو نريد خلقناه مالحا فلولا تطيعون،يسأل الله الناس أفرأيتم الماء الذى تشربون والمراد أعرفتم المياه التى تسقون أى تروون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون والمراد هل أنتم أسقطتموه من السحاب أم نحن المسقطون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الماء الذى يتناولونه لم ينزلوه من السحاب وإنما الله هو الذى أنزله من السحاب،لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون والمراد لو نريد حولناه مالحا فلولا تعقلون،وهو يبين لهم أنه لو أراد لحول الماء العذب لماء مالح ولكنه لم يرد والواجب عليهم هو شكر الله وهو طاعة حكم الله .
"أفرأيتم النار التى تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاع للمقوين "المعنى أعلمتم الوقود الذى تشعلون أأنتم خلقتم أصلها أم نحن الخالقون؟نحن خلقناها عبرة ونفعا للمستخدمين،يسأل الله الناس أفرأيتم النار التى تورون والمراد أعرفتم الوقود الذى توقدون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون والمراد هل أنتم خلقتم أصلها "أم نحن الخالقون"كما قال بنفس السورة ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله هو الذى خلق شجرة النار وهى مواد الوقود الذى يشعلونه على مختلف أنواعه وليس هم ،نحن جعلناها تذكرة ومتاع للمقوين والمراد نحن خلقناها آية أى برهان على قدرة الله ونفع للمستخدمين لها والخطاب وما قبله للناس.
"فسبح باسم ربك العظيم "المعنى فاعمل بوحى إلهك الكبير ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحمد أى بحكم خالقه الكبير مصداق لقوله بسورة الحجر"فسبح بحمد ربك"والخطاب للنبى(ص).
"فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين "المعنى أحلف بمواضع الكواكب وإنه لحلف لو تعرفون كبير إنه لكتاب عظيم فى سجل محفوظ لا يلمسه سوى المزكون إلقاء من إله الخلق،يقسم الله فيقول فلا أقسم بمواقع النجوم والمراد أحلف بمواضع المصابيح فى السماء ويبين أنه قسم لو يعلمون عظيم والمراد أنه حلف لو يعرفون كبير وهو يحلف على التالى إن الوحى هو قرآن كريم فى كتاب مكنون والمراد كتاب مجيد فى لوح محفوظ مصداق لقوله بسورة البروج"بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ "لا يمسه إلا المطهرون والمراد لا يلمسه سوى المزكون والمراد يمسك بصحف القرآن فى اللوح المحفوظ فى الكعبة الحقيقية المسلمون الطاهرون حقا ولا يقدر على ذلك كافر وهو تنزيل من رب العالمين والمراد وهو وحى من خالق الكل والخطاب للناس وما بعده.
"أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون "المعنى أفبهذا القرآن أنتم مكذبون أى تقررون أن منفعتكم أنكم تكفرون ،يسأل الله الناس أفبهذا الحديث أنتم مدهنون والمراد هل بهذا القرآن أنتم كافرون أى تجعلون رزقكم أنكم تكذبون أى تحكمون أن نفعكم أن تكفرون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بالحديث وهو القرآن الذى قرروا أن رزقهم وهو منفعتهم أى مصلحتهم هى التكذيب به .
"فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين "المعنى فلولا إذا وصلت الحنجرة وأنتم عند ذلك تبصرون ونحن أدنى إليه منكم ولكن لا تشعرون فلولا إن كنتم مذنبين تعيدونها إن كنتم عادلين،يبين الله للناس أن النفس إذا بلغت الحلقوم وهو الحنجرة أى التراقى مصداق لقوله بسورة القيامة"كلا إذا بلغت التراقى"وأنتم حينئذ تنظرون والمراد وأنتم وقت هذا ترون الميت ونحن أقرب إليه منكم والمراد ونحن أعلم به منكم مصداق لقوله بسورة ق"ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"ولكن لا تبصرون أى لا ترون هذا فلولا إذا كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين والمراد فلولا إن كنتم غير مذنبين تعيدونها إن كنتم عادلين فى قولكم ،والغرض من القول إخبار الناس أنهم يرون موت الواحد منهم وهم لا يقدرون على إعادته للحياة مرة أخرى والخطاب للناس .
"فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين "المعنى فأما إن كان من السابقين فرحمة أى نفع حديقة متاع وأما إن كان من سكان السعادة فخير لك من سكان السعادة ،يبين الله للنبى(ص) أن الميت إن كان من المقربين وهم السابقين أى المجاهدين فله روح أى ريحان أى رحمة أى جنة نعيم أى حديقة متاع وأما إن كان من أصحاب اليمين وهم سكان الدرجة الثانية من الجنة فسلام لك من أصحاب اليمين والمراد فخير لك من أهل السعادة فى الجنة والخطاب للنبى(ص)وما بعده وما بعده.
"وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم "المعنى وأما إن كان من الكافرين الظالمين فمقام من عذاب أى ذوق نار ،يبين الله لنبيه (ص)أن الميت إن كان من المكذبين أى الضالين وهم الكافرين الظالمين فنزل من حميم أى فمكان من نار أى تصلية جحيم أى ذوق عذاب
"إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم "المعنى إن هذا لهو صدق البعث فاعمل بحكم إلهك الكبير،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا وهو الثواب والعقاب هو حق اليقين أى حكم البعث وهى الحياة الأخرى ويطلب منه أن يسبح باسم ربه العظيم والمراد أن يعمل بحكم وهو حمد خالقه الكبير مصداق لقوله بسورة الحجر"فسبح بحمد ربك"