رضا البطاوى
10-01-2019, 10:34 AM
سورة سبأ
سميت بهذا الاسم لذكر سبأ فيها فى قوله "لقد كان لسبأ آيتان".
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض وله الحمد فى الآخرة وهو الحكيم الخبير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الحكم لله الذى له فى السموات والذى فى الأرض وله الحكم فى القيامة وهو القاضى العليم ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو الحمد لله أى الطاعة لحكم وهو أمر الله فى الدنيا وله الحمد وهو الطاعة لأمره فى الآخرة وهى القيامة مصداق لقوله بسورة الروم"لله الأمر من قبل ومن بعد "وقوله بسورة الإنفطار"والأمر يومئذ لله"والله له أى ملك ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"والله هو الحكيم أى القاضى بالحق وهو الخبير أى العليم بكل شىء والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور"المعنى يعرف الذى يدخل فى الأرض والذى يطلع منها وما يهبط من السماء وما يصعد إليها وهو النافع العفو ،يبين الله أن الله يعلم أى يعرف ما يلج فى الأرض وهو ما يسقط أى ما ينزل فى الأرض من شىء مصداق لقوله بسورة الأنعام"وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين"ويعلم ما يخرج منها وهو ما يطلع منها مثل العمل الصالح والنبات وما ينزل وهو ما يهبط من السماء مثل الوحى والشهب وما يعرج إليها وهو ما يصعد لها مثل العمل والله هو الرحيم الغفور أى النافع المفيد لمن يطيعه .
"وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "المعنى وقال الذين كذبوا لا تجيئنا القيامة قل بلى وإلهى لتجيئنكم عارف الخفى لا يغيب عن معرفته قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض ولا أقل من ذلك ولا أعظم إلا فى سجل كبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الرب قالوا لبعضهم :لا تأتينا الساعة والمراد لا تقع لنا القيامة وهذا يعنى تكذيبهم بالقيامة ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم هل تأتى الساعة ؟ بلى وربى أى نعم وخالقى لتأتينكم أى لتقع لكم الساعة وربى هو عالم الغيب وهو عارف السر وهو الخفى من الأمور مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"لا يعزب عنه مثقال ذرة والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة فى السموات أو فى الأرض ولا أصغر أى ولا أقل قدرا من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم قدرا فالكل فى كتاب مبين أى سجل عظيم هو كتاب كبير ومن هنا نعلم أن يعرف كل شىء فى الكون وأن هناك ما هو أصغر حجما ووزنا من الذرة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا فى آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم "المعنى ليثيب الذين صدقوا وفعلوا الحسنات أولئك لهم رحمة أى أجر عظيم والذين ساروا لأحكامنا مخالفين أولئك لهم عقاب من نار مؤلمة ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أن علمه بكل شىء يعنى أنه يجزى أى يرحم الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وأولئك لهم مغفرة أى أجر أى رزق كريم أى أجر عظيم مصداق لقوله بسورة آل عمران"أولئك لهم أجرهم عند ربهم"وقوله بسورة الحجرات"لهم مغفرة وأجر عظيم"وأما الذين سعوا فى آياتنا أى الذين صاروا لأحكامنا معاجزين أى مخالفين أولئك لهم عذاب من رجز أليم والمراد لهم ويل أى عقاب من ألم شديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وويل للكافرين من عذاب شديد "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد"المعنى ويقر الذين أعطوا الوحى أن الذى أوحى لك من إلهك هو العدل ويدخل إلى جنة الناصر الشاكر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى يرون والمراد يقرون أى يصدقون أن الذى أنزل إليك من ربك هو الحق والمراد أن الذى ألقى لك من عند خالقك هو العدل وأنه يهدى إلى صراط العزيز الحميد والمراد ويدخل فى جنة الناصر الشاكر فالوحى المنزل طاعته تدخل الجنة .
"وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفى خلق جديد "المعنى وقال الذين كذبوا هل نرشدكم إلى إنسان يخبركم إذا تبعثرتم كل تبعثر إنكم لفى إنشاء حديث ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لبعضهم هل ندلكم على رجل والمراد هل نعرفكم بإنسان ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق والمراد إذا تبعثرتم كل تبعثر أى تحولتم كل تحول إنكم لفى خلق جديد والمراد إنكم لفى حياة حديثة ؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث فبعد أن أصبحوا قطع صغيرة متناثرة يكذبون أن يجمعهم الله فيعودوا أحياء مرة أخرى .
"افترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد"المعنى هل نسب إلى الله باطلا أم به سفه،إن الذين لا يصدقون بالقيامة فى النار أى العقاب الدائم ،يسأل الله افترى على الله كذبا أى هل نسب إلى الرب باطلا أم به جنة أى سفه ؟والغرض من الأسئلة هى نفى افتراء الرسول (ص)الوحى ونفى جنونه ،ويبين للنبى (ص)أن الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة أى يكفرون بها يدخلون فى العذاب الذى فسره بأنه الضلال البعيد أى "وإن الظالمين لفى شقاق بعيد " كما قال بسورة الحج والمراد أنهم فى النار وهى العقاب المستمر.
"أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن فى ذلك لآية لكل عبد منيب "المعنى أفلم ينظروا إلى ما أمامهم والذى وراءهم فى السماء والأرض ؟إن نرد نزلزل بهم اليابس أو نمطر عليهم حجارة من الجو إن فى ذلك لبرهان لكل مملوك تائب ،يسأل الله أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض والمراد أفلم يفكروا فى الذى أمامهم وهو المخلوقات الظاهرة لهم والذى وراءهم وهو المخلوقات المخفاة عنهم إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم كسفا من السماء والمراد إن يرد يزلزل بهم جانب البر أو يمطر عليهم حاصبا وهو الحجارة المميتة من السحاب مصداق لقوله بسورة الإسراء"إن يشأ يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا "والغرض من السؤال إخبار النبى (ص) أن الكفار فكروا فى خلق السماء والأرض وعرفوا قدرته على عقابهم بالخسف أو بالكسف ومع ذلك لم يؤمنوا ويسلموا ويبين الله له أن ذلك وهو قدرة الله الظاهرة على الخسف وإنزال الكسف آية لكل عبد منيب أى برهان على وجوب طاعة حكم الله لكل مملوك مطيع لحكم الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ولقد أتينا داود منا فضلا يا جبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر فى السرد واعملوا صالحا إنى بما تعملون بصير"المعنى ولقد أعطينا داود (ص)منا رزقا يا رواسى رددى معه والطير وطوعنا له الحديد أن اصنع دروع وضيق فى الحلق واصنعوا نافعا إنى بالذى تفعلون عليم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أتى والمراد أعطى داود(ص)منه فضلا أى رزقا عظيما منه أنه أمر الجبال بالتسبيح معه والطيور فقال :يا جبال أى يا رواسى أوبى معه والطير والمراد يا رواسى رددى معه التسبيح أنت والطيور ومنه أنه ألان له الحديد والمراد أنه طوع له الحديد حتى يعمل السابغات فقال اعمل سابغات أى اصنع دروع للمحاربين وقدر فى السرد والمراد وحدد فى الحلق أى وضيق فى الفرج وهذا يعنى أن الله طالب داود(ص)بصناعة دروع للمجاهدين من الحديد اللين ،واعملوا صالحا أى افعلوا نافعا إنى بما تعملون بصير أى إنى بالذى تفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون ".
"ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور "المعنى ولسليمان (ص)الهواء المتحرك ذهابها شهر وغيابها شهر وألنا له نهر النحاس ومن الجن من يشتغل أمامه بأمر إلهه ومن يخالف منهم حكمنا نعاقبه بعقاب النار يصنعون له ما يريد من مساجد ومنارات وجفان كالأحواض وأطباق راسخات افعلوا أهل داود(ص)حمدا وقليل من خلقى الحامد،يبين الله لنبيه (ص)أن أعطى سليمان(ص)الريح وهى الهواء المتحرك غدوها شهر ورواحها شهر والمراد أن ذهابها سرعته فى يوم هى سرعتهم فى شهر فى السفر وإيابها سرعته فى يوم سرعتهم فى السفر فى شهر وهذا يعنى أنها تسافر بالركاب فى يوم قدر سفرهم فى شهر،وأسال له عين القطر والمراد وأجرى له نهر النحاس ليصنع منه ما يريد وهذا يعنى أن المعادن تجرى تحت سطح الأرض فى مجارى محددة ،ويبين لنا أنه سخر الجن له فمنهم من يعمل بين يديه والمراد من يشتغل عند سليمان(ص)بإذن ربه والمراد أن الجن يعملون عند سليمان(ص)بأمر خالقه ومن يزغ منهم عن أمر الله والمراد ومن يخالف منهم أمر الله وهو حكمه بالعمل عند سليمان (ص)يذقه من عذاب السعير والمراد يعاقبه بعقاب النار أى يدخله جهنم والجن يعملون أى يصنعون له ما يشاء أى ما يريد من المحاريب وهى المساجد والتماثيل وهى المنارات التى تنير للناس فى البر والبحر والجفان التى كالجواب والمراد وقصعات الطعام التى تشبه أحواض الماء الكبيرة ،والقدور الراسيات وهى الأطباق الثابتات أى حلل الطبخ الراسخات على مواقد النار ،وقال لسليمان(ص)اعملوا آل داود شكرا والمراد افعلوا أهل داود(ص)حسنا والمراد أن يطيعوا حكم الله وقليل من عبادى الشكور والمراد وعدد قليل من خلقى هو المطيع لحكمى والخطاب وما قبله وما بعده من القصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين "المعنى فلما أمرنا له بالوفاة ما أرشدتهم لوفاته إلا أرضة الأرض تقرض عصاه فلما سقط علمت الجن أن لو كانوا يعرفون الخفاء ما بقوا فى العقاب الشديد بعد وفاته،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لما قضى عليه الموت والمراد لما أمر لسليمان (ص)بالوفاة ما دلهم أى ما عرفهم وفاة سليمان(ص)إلا دابة الأرض وهى حشرة الأرضة تأكل منسأته أى تطعم عصاه والمراد تقرض عصا سليمان(ص)فلما خر أى سقط على الأرض بلا حراك تبينت الجن والمراد عرفت الجن :أن لو كانوا يعلمون الغيب والمراد لو كانوا يعرفون أخبار المستقبل ما لبثوا فى العذاب المهين أى ما مكثوا فى العقاب الشديد بعد وفاته وهذا يدلنا على معجزة وهى بقاء جسد سليمان(ص)فترة دون تحلل وتفسخ يدل على وفاته ويدلنا على أن الجن لا يعلمون الغيب.
"لقد كان لسبأ فى مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشىء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى إلا الكفور "المعنى لقد كان لسبأ فى بلدهم علامة حديقتان عن يمين وشمال اطعموا من نفع إلهكم وأطيعوه قرية مسلمة وإله نافع فكفروا فبعثنا عليهم فيضان النهر وغيرناهم بحديقتيهم حديقتين ذواتى طعام خمط وطرفاء وشىء من نبق قليل ذلك عاقبناهم بما كذبوا وهل نعاقب سوى الكذوب؟يبين الله لنبيه(ص)أنه كان لسبأ وهى بلد آية فى مسكنهم والمراد علامة دالة على قدرة الله هى جنتان عن يمين وشمال والمراد حديقتان عن يمين نهر البلدة وشمال نهر البلدة وقال لهم فى وحيه :كلوا من رزق ربكم أى خذوا من نفع خالقكم واشكروا له أى وأطيعوا حكمه بلدة طيبة أى أهل قرية مسلمون ورب غفور أى وإله عفو أى نافع للمطيعين ،فكانت النتيجة أن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فأرسل عليهم سيل العرم والمراد فبعث لهم فيضان النهر فدمر الحديقتين تدميرا فكانت النتيجة أن بعد أن انحصر الفيضان المدمر أن بدلهم بجنتيهم جنتين أى والمراد جعلهم يغيرون زرع الحديقتين بزرع أخر وهو أكل خمط أى طعام خمط وهو عند البعض نبات القات،الأثل وهو شجر الطرفاء عند بعض الناس،والسدر القليل وهو عند بعض الناس النبات المسمى النبق ووجوده هناك قليل والله أعلم بنوعية هذه النباتات والسبب هو أنه جزاهم بما كفروا أى عاقبهم على تكذيبهم لحكمه ويسأل الله وهل نجازى إلا الكفور والمراد وهل نعاقب أى نهلك سوى الكذوب أى الظالم والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن المجازى وهو الهالك هو الكفور أى الظالم مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهل يهلك إلا القوم الظالمون" .
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ووضعنا بين أهل سبأ وبين البلاد التى قدسناها بلاد متتابعة وسهلنا فيها السفر سافروا فيها ليالى وأياما مطمئنين فقالوا إلهنا زد بين مسافاتنا وبخسوا أنفسهم فجعلناهم عظات وأهلكناهم كل إهلاك إن فى ذلك لعبر لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل أى وضع بين أهل سبأ وبين القرى التى بارك فيها والمراد وبين البلاد التى قدسها وهى القدس أى مكة قرى ظاهرة أى بلدات متتابعة وهذا يعنى أن الطريق من سبأ إلى القدس وهى مكة كان ملىء بالقرى العامرة وبين كل قرية والأخرى مسافة قريبة وقد قدر فيها السير والمراد وقد حدد الله فيها السفر والمراد أن الله قد سهل فى الطرق بين البلدات السفر وقال للقوم :سيروا فيها ليالى وأياما أمنين والمراد سافروا بينها ليالى وأياما مطمئنين وهذا يعنى أن الطرق كانت سليمة بعيدة عن الأخطار ولذا قال أهل سبأ ربنا باعد بين أسفارنا والمراد إلهنا زد بين مسافاتنا وهذا يعنى أن يجعل المسافة بين كل مرحلة والأخرى مسافة طويلة وبالطبع هذا كفران بنعمة الراحة فى السفر وبذلك ظلموا أنفسهم أى بخسوا حق أنفسهم حيث كفروا بحكم الله فكانت النتيجة هى أن جعلهم الله أحاديث والمراد جعلهم قصص تروى وقد مزقهم كل ممزق والمراد وقد دمرهم كل تدمير وهذا يعنى أن الله لم يترك كافر واحد منهم على قيد الحياة وفيما حدث لأهل سبأ آيات والمراد عظات أى عبر لكل صبار شكور والمراد طائع متبع لحكم الله .
"ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو فى شك وربك على كل شىء حفيظ"المعنى ولقد حق فيهم إبليس قوله فأطاعوه إلا جمعا من المصدقين وما كان له عليهم من قدرة إلا لنعرف من يصدق بالقيامة ممن هو فى تكذيب وإلهك على كل أمر وكيل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ظن إبليس وهو قول إبليس لله عند رفضه السجود لآدم(ص)أنه سيضل الكثير من الناس صدق فى أهل سبأ والمراد تحقق فى أهل سبأ فاتبعوه أى فأطاعوا حكم الباطل إلا فريقا من المؤمنين أى إلا بعضا من المصدقين بحكم الله ويبين له أن ما كان للشيطان وهو الهوى الضال من سلطان أى سلطة أى قدرة تجبرهم على طاعته ويبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل وحيه للقوم ليعلم أى ليميز من يؤمن بالآخرة وهو من يصدق بالقيامة ممن هو فى شك والمراد من هو فى تكذيب لها ويبين له أن ربه على كل شىء حفيظ أى على كل مخلوق وكيل أى حامى لهم .
"قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير "المعنى قل نادوا الذين افتريتم من سوى الرب لا يحكمون قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من جزء وما له منهم من مساعد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار:ادعوا الذين زعمتم من دون الله والمراد نادوا الذين اخترعتم من سوى الرب والغرض من الطلب أن يعلموا أن الآلهة المزعومة لن تستجيب للنداء ،لا يملكون مثقال ذرة والمراد لا يحكمون قدر ذرة فى السموات والأرض أى ما لهم فيهما من جزء وما له من مخلوق وهذا يعنى أنهم ليس لهم خلق فى السموات والأرض والمراد ليس لله شريك فى ملكه وليس لهم منهم ظهير أى ولى ينصره من الذل مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير "المعنى ولا يفيد الكلام لديه إلا من سمح له حتى إذا كشف عن أنفسهم قالوا ماذا قال إلهكم قالوا العدل وهو الكبير العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الشفاعة وهى الكلام عند أى لدى الله فى الآخرة لا يكون إلا لمن أذن له أى سمح أى رضى له قولا مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "حتى إذا فزع عن قلوبهم والمراد حتى إذا كشف عن الذى فى أنفسهم قالت الملائكة للكفار ماذا قال ربكم أى إلهكم ؟قالوا الحق وهو الصدق أى العدل وهو العلى الكبير والمراد الكبير العظيم وهذا إقرار منهم بصدق الوحى .
"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين "المعنى قل من يعطيكم من السموات والأرض قل الرب وإنا أو إياكم لعلى حق أو على كفر عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار من يرزقكم أى يعطيكم النفع من السموات والأرض؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :الله رازقنا وهو الرب وإنا أو إياكم لعلى هدى أى حق وهو دين الله أو ضلال مبين أى كفر ظاهر بدين الله وهذا يعنى أنه يخبرهم أن أحد الفريقين على الحق والآخر على الباطل والخطاب للنبى(ص).
"قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون"المعنى قل لا تحاسبون على ما عملنا ولا نحاسب عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لا تسألون عما أجرمنا والمراد لا تحاسبون عن الذى فعلنا فى الدنيا ولا نسئل عما تعملون أى ولا نحاسب عن الذى تفعلون ،وهذا يعنى أن كل واحد يزر جزاء عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "والخطاب للنبى (ص) وما قبله ومنه للناس.
"قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "المعنى قل يحشرنا إلهنا ثم يحكم بيننا بالعدل وهو القاضى الخبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس يجمع بيننا ربنا والمراد يبعثنا كلنا إلهنا ثم يفتح بيننا بالحق أى ثم يقضى بيننا بالحكم العادل مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو الفتاح العليم والمراد وهو القاضى العليم بكل شىء وهذا يعنى إخبارهم بحدوث البعث والجزاء فى الآخرة .
" قل أرونى الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "المعنى قل أعلمونى بخلق الذين جعلتم معه أندادا ،حقا هو الرب الناصر القاضى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار :أرونى الذين ألحقتم به شركاء والمراد أعلمونى ماذا خلق الذين جعلتم له أنداد فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماء"،ويبين لهم أن كلا وهى الحقيقة هو أن الله وحده الإله وهو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله له.
"وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وما بعثناك إلا رحمة للخلق مبلغا أى مخبرا ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكمه أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويسألون متى هذا القول إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون أى يسألون بسخرية :متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح" كما قال بسورة السجدة وهو القيامة إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوعها.
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "المعنى قل لكم ميقات يوم لا تستأجلون عنه ساعة ولا تقربون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار ردا على سؤالهم :لكم ميعاد يوم والمراد لكم ميقات يوم محدد لدى الله لا تستأخرون عنه ساعة والمراد لا تموتون بعده بساعة ولا تستقدمون أى لا تسبقونه بساعة وهذا يعنى أن الموعد لا يتغير بالتقديم أو بالتأخير والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين "المعنى وقال الذين كذبوا لن نصدق بهذا الكتاب ولا بالذى سبقه ولو تشاهد إذا الكافرون جاثون لدى خالقهم يعيد بعضهم إلى بعض الحديث يقول الذين استذلوا للذين استعظموا لولا أنتم لكنا مصدقين ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه والمراد لن نوقن بالكتاب وهو الوحى المنزل عليك ولا بالذى سبقه من الوحى المنزل على الرسل (ص)السابقين ،ويبين له أنه لو يرى الظالمون موقوفون عند ربهم والمراد لو يشاهد الكافرون جاثون فى نار ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول أى يرد بعضهم على بعض الحديث حيث يقول الذين استضعفوا أى استذلوا وهم الذين اتبعوا السادة للذين استكبروا وهم الذين استعظموا أى تسيدوا عليهم لولا أنتم لكنا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله.
"قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "المعنى قال الذين استعظموا للذين استذلوا أنحن رددناكم عن الحق بعد إذ أتاكم بل كنتم كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا للذين استضعفوا أى استذلوا :أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم والمراد هل نحن أبعدناكم عن العدل بعد إذ أبلغ لكم ؟بل كنتم مجرمين أى كافرين وهذا يعنى أنهم ينفون أنهم أبعدوهم عن طاعة الحق وأن الأتباع بعدوا بأنفسهم وليس جبرا أو خداعا .
"وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" المعنى وقال الذين استذلوا للذين استعظموا بل كيد الليل والنهار حين توصونا أن نكذب بالرب ونعبد معه شركاء وأخفوا الحسرة لما شهدوا العقاب وجعلنا القيود فى رقاب الذين كذبوا هل يعطون إلا بما كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استضعفوا وهم الذين اتبعوا السادة قالوا للذين استكبروا أى استعظموا وهم السادة والكبراء :بل مكر أى كيد الليل والنهار والمراد إنكم كنتم تخدعوننا يوميا إذ تأمروننا أن نكفر بالله والمراد حين توصوننا أن نكذب بدين الله وفسروا هذا بقوله وهو الكفر ونجعل لله أندادا أى نعبد مع الرب شركاء مزعومين،وهذا يعنى إصرارهم على أن الكبار هم الذين أضلوهم ،ولما رأى الكفار العذاب والمراد ولما شاهدوا النار أسروا الندامة أى أخفوا الحسرة وهى الغم فى قلوبهم وقد جعل الله الأغلال فى أعناق الذين كفروا والمراد وقد ربطت ملائكة الله الأصفاد وهى السلاسل فى رقاب الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد"ويسأل الله هل يجزون إلا ما كانوا يعملون والمراد هل يدخلون سوى عقاب ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" والخطاب للنبى (ص)وما قبله وما بعده .
"وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "المعنى وما بعثنا فى بلدة من رسول إلا قال سادتها إنا للذى بعثتم به مكذبون وقالوا نحن أعظم أملاكا وعيالا وما نحن بمعاقبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسل فى قرية من نذير والمراد ما بعث فى أهل بلدة من رسول أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما أرسلنا من رسول "إلا قال مترفوها أى سادة البلدة للرسول(ص)إنا بما أرسلتم به كافرون والمراد إنا للذى بعثتم به مكذبون وهذا يعنى رفضهم لحكم الله وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا والمراد نحن أعظم أملاكا وعيالا منكم وهذا فى رأيهم يعنى أنهم أفضل دينا منهم وما نحن بمعذبين أى وما نحن بمعاقبين وإنما ساكنى الحسنى إن كان هناك آخرة مصداق لقول الكافر بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل إن إلهى يكثر العطاء لمن يريد ويقلل ولكن معظم الخلق لا يطيعون الله ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقص لمن يريد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون" والخطاب للنبى(ص).
"وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات آمنون "المعنى وما أملاككم ولا عيالكم بالتى تعطيكم لدينا ثوابا ،أما من صدق وفعل حسنا فأولئك لهم ثواب الجنة بما أحسنوا أى هم فى الجنات مطمئنون،يبين الله للناس أن أموالهم وهى أملاكهم فى الدنيا وأولادهم وهم عيالهم لا تقربهم عند الله زلفى أى لا تعطيهم عند حساب الرب لهم ثوابا فهى لا تفيدهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا "،وأما من آمن وهو من صدق حكم الله وعمل صالحا أى فعل حسنا فأولئك لهم جزاء الضعف أى ثواب الحسنى وهى الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"فله جزاء الحسنى "والسبب ما عملوا أى ما أحسنوا فى دنياهم وفسر هذا بأنهم فى الغرفات آمنون والمراد فى الجنات مطمئنون أى سعيدون فرحون والخطاب للناس وما بعده.
"والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون"المعنى والذين يسيرون لأحكامنا معاندين أولئك فى النار معذبون ،يبين الله للناس أن الذين يسعون فى آيات الله معاجزين وهم الذين يسيرون لأحكام الله مخالفين لها أولئك فى العذب وهو العقاب محضرون أى معذبون أى مبلسون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "المعنى قل إنى إلهى يكثر العطاء لمن يريد وينقص له وما عملتم من حسن فهو يزيده وهو أحسن المعطين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يكثر الرزق لمن يشاء ويقدر له والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقصه له متى شاء ،وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه والمراد وما قدمتم من خير أى عمل صالح فهو يجازيه بالخير مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا"وهو خير الرازقين والمراد والله هو أحسن المعطين للثواب أى "وهو أرحم الراحمين"كما قال بسورة يوسف والخطاب للنبى (ص)ومنه للناس.
"ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"المعنى ويوم يبعثهم كلهم ثم يقول للملائكة أهؤلاء
إياكم كانوا يطيعون ؟قالوا الطاعة لك أنت ناصرنا من دونهم بل كانوا يطيعون الخفاة أغلبهم بهم مصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشرهم جميعا والمراد يوم يبعثهم أى يجمعهم كلهم مصداق لقوله بسورة التغابن "يوم يجمعكم"ثم يقول أى ويسأل الملائكة :أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون أى يطيعون أى يتبعون قولكم ؟فأجابوا :سبحانك أى الطاعة لقولك وحدك أنت ولينا من دونهم أى ناصرنا من سواهم ،بل كانوا يعبدون الجن أى بل كانوا يطيعون قول الخفاة وهم شهوات أنفسهم أى هواهم الخفى فى أنفسهم بينما المعلن هو عبادتهم لغير أنفسهم من الملائكة وسواهم ،أكثرهم بهم مؤمنون والمراد أغلب الناس مصدقون بألوهية أهواء أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون "المعنى فالآن لا يعطى بعضكم لبعض فائدة ولا أذى ونقول للذين كفروا ادخلوا عقاب جهنم التى كنتم بها تكفرون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يقول للناس على لسان الملائكة فاليوم أى فالآن لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا والمراد لا يستطيع بعضكم لبعض فائدة ولا أذى وهذا يعنى أن لا أحد يقدر من الكفار على أن يعطى الآخر فائدة ولا يقدر على مسه بضرر ونقول للذين ظلموا وهم الذين كفروا :ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون والمراد ادخلوا عقاب الجحيم الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين "المعنى وإذ تبلغ لهم أحكامنا واضحات قالوا ما هذا إلا إنسان يحب أن يبعدكم عما كان يطيع آباؤكم وقالوا ما هذا إلا قول مخترع وقال الذين كذبوا للصدق لما بلغهم إن هذا خداع ظاهر،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات قالوا :ما هذا إلا رجل أى إنسان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم والمراد يحب أن يبعدكم عما كان يتبع آباؤكم وهذا يعنى أن هدف النبى (ص)هو أن يجعلهم يتركون دين الأباء وهم بهذا يستعدون الأخرين على النبى (ص)بحجة أنه يعتبر آبائهم على الباطل أى مجانين ومن ثم فهم يريدون منهم أن يثأروا لهذا العيب فى الأباء،وقالوا عن الوحى ما هذا إلا إفك مفترى أى كذب مخترع من عند محمد ،والذين كفروا بالحق لما جاءهم أى الذين كذبوا بالوحى لما أتاهم فقالوا إن هذا إلا سحر مبين أى خداع عظيم وهم هنا يكذبون قولهم السابق فهم مرة اعتبروه إفك ومرة اعتبروه سحر وهذا دليل على تخبطهم فى الرد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير"المعنى وما أوحينا لهم من صحف يتعلمونها وما بعثنا لهم قبلك من مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أتى الكفار من كتب يدرسونها والمراد ما أعطى الناس من صحف يتعلمونها حتى يردوا بهذا التكذيب عليه وما أرسلنا لهم من نذير من قبلك والمراد وما بعثنا للناس فى عصرك من مبلغ للوحى من قبلك وهذا ينفى بعث رسل أخرين فى عصر النبى (ص)للناس .
"وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما أتيناهم فكذبوا رسلى فكيف كان نكير "المعنى وكفر الذين من قبلهم وما وصلوا عشر ما أعطيناهم فكفروا بمبعوثى فكيف كان عقاب ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الناس من قبلهم كذبوا أى كفروا بحكم الله والمراد استهزءوا برسالات الرسل مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولقد استهزىء برسل من قبلك"والناس فى عهد النبى (ص)ما بلغوا معشار ما أتيناهم والمراد وما وصلوا فى قدر الرزق إلى عشر ما أعطى الله للأقوام السابقة وقد كذبوا رسل الله أى كفروا برسالات الأنبياء(ص)فكيف كان نكير أى "كيف كان عقاب "كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال إخبار الكل بعقاب الله للكفار حتى يعتبروا بما حدث لهم والخطاب للنبى (ص).
"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد"المعنى قل إنما أنصحكم بعمل هو أن تستيقظوا لله مثنى وواحدنا ثم تنظروا ما بصديقكم من سفه إن هو إلا مبلغ لكم أمامه عقاب عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أعظكم بواحدة والمراد إنما أنصحكم بأمر هو أن تقوموا لله مثنى وفرادى والمراد أن تستيقظوا ليلا طلبا لرحمة الله مثنى أى اثنين اثنين وفرادى أى وحدانا كل واحد بمفرده ثم تتفكروا والمراد وتنظروا ما بصاحبكم من جنة أى ما بصديقكم من سفه ،وهذا يعنى أنه يطلب منهم التفكير فى أنه عاقل وليس مجنونا ،إن أنا إلا نذير لكم والمراد مبلغ للوحى لكم بين يدى عذاب شديد والمراد أمامى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"عذاب مهين"وهذا يعنى أن العذاب سيقع للكفار فى عهده إن لم يؤمنوا برسالته ومن بعد عهده والخطاب للنبى(ص)حتى تتفكروا وما بعده جزء من قول أخر ربما أشبهه فى المعنى ولكنه ليس خطابا للنبى(ص)وإنما عنه فلو كان المتكلم لقال ما بى من جنة إنما أنا ولم يقل بضمير الغائب هو .
"قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد"المعنى قل ما طالبتكم عليه من مال فهو لكم إن ثوابى إلا من الرب وهو بكل أمر عليم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمؤمنين ما سألتكم عليه من أجر والمراد ما طالبتكم فى الإسلام بمال فهو لكم ،وهذا يعنى أن أى مال يطلب من المؤمنين فى الشريعة سوف يرد إليهم بعد ذلك بتوزيعه على مستحقيه الذى جاءوا فى أحكام الشريعة ،إن أجرى إلا من الله والمراد إن ثوابى من عند الله وهو على كل شىء شهيد والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للنبى(ص).
"قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب"المعنى قل إن خالقى يقول العدل عراف الخفايا قل أتى العدل وما يحيا الظلم أى ما يحكم قل إن كفرت فإنما أجنى على نفسى وإن أسلمت فبالذى يلقى لى من خالقى إنه عارف مجيب،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن ربى يقذف بالحق والمراد إن إلهى يقول العدل مصداق لقوله بسورة الأحزاب"والله يقول الحق "علام الغيوب أى عارف الخفايا وهى الأسرار مصداق لقوله بسورة الفرقان"يعلم السر فى السموات والأرض"،جاء الحق أى ظهر العدل مصداق لقوله بسورة التوبة "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "والمراد انتصر الوحى وما يبدىء الباطل وما يعيد والمراد وما يحيا الكفر وما يبعث وهذا يعنى أنه زهق أى مات مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقل جاء الحق وزهق الباطل"وهذا يعنى أن حكم الباطل لم يعد يحكم فى عصر الرسول(ص)،إن ضللت فإنما أضل على نفسى والمراد إن كفرت فإنما أجنى على مصلحتى فى الآخرة والمراد فأجلب لنفسى العذاب وإن اهتديت أى وإن رحمت بالجنة فبما يوحى إلى ربى والمراد وإن دخلت الجنة فبسبب طاعتى الذى يلقى إلى إلهى إنه سميع قريب أى عارف مثيب لمطيعه والخطاب للنبى(ص).
"ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب "المعنى ولو تشاهد حين بعثوا فلا ترك وادخلوا فى مقام دانى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ فزعوا والمراد لو يشاهد وقت بعثوا للحياة فلا فوت أى فلا ترك أى مغادرة لأحد منهم مصداق لقوله بسورة الكهف "فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا" وأخذوا من مكان قريب والمراد وادخلوا النار من مكان دانى وهو أرض المحشر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد"المعنى وقالوا صدقنا به وكيف لهم الخروج من مكان دائم وقد كذبوا به من قبل ويرمون بالوحى من مكان قصى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا فى النار:آمنا به أى صدقنا بوقوع العذاب ويسأل الله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد والمراد وكيف لهم الخروج من مكان أبدى ؟وهذا يعنى أن لا خروج لهم من النار مهما طال العمر بهم فيها وقد كفروا أى كذبوا بالعذاب من قبل أى فى الدنيا،هم يقذفون بالغيب من مكان بعيد والمراد وهم يبلغون بالوحى من مكان قصى وهو السماء فهى بعيدة عن الأرض حيث ينزل به جبريل (ص).
"وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا فى شك مريب "المعنى وحجز بينهم وبين الذى يحبون كما صنع بأنصارهم من قبل إنهم كانوا فى كفر عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار حيل بينهم وبين ما يشتهون والمراد حجز بينهم وبين الذى يحبون فى الآخرة بسور وهو متاع الجنة كما فعل بأشياعهم والمراد كما صنع الله بأنصارهم السابقين من قبل والسبب أنهم كانوا فى شك مريب أى فى تكذيب مستمر لحكم الله والخطاب للنبى(ص)
سميت بهذا الاسم لذكر سبأ فيها فى قوله "لقد كان لسبأ آيتان".
"بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض وله الحمد فى الآخرة وهو الحكيم الخبير"المعنى بحكم الرب النافع المفيد الحكم لله الذى له فى السموات والذى فى الأرض وله الحكم فى القيامة وهو القاضى العليم ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو الحمد لله أى الطاعة لحكم وهو أمر الله فى الدنيا وله الحمد وهو الطاعة لأمره فى الآخرة وهى القيامة مصداق لقوله بسورة الروم"لله الأمر من قبل ومن بعد "وقوله بسورة الإنفطار"والأمر يومئذ لله"والله له أى ملك ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"والله هو الحكيم أى القاضى بالحق وهو الخبير أى العليم بكل شىء والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور"المعنى يعرف الذى يدخل فى الأرض والذى يطلع منها وما يهبط من السماء وما يصعد إليها وهو النافع العفو ،يبين الله أن الله يعلم أى يعرف ما يلج فى الأرض وهو ما يسقط أى ما ينزل فى الأرض من شىء مصداق لقوله بسورة الأنعام"وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين"ويعلم ما يخرج منها وهو ما يطلع منها مثل العمل الصالح والنبات وما ينزل وهو ما يهبط من السماء مثل الوحى والشهب وما يعرج إليها وهو ما يصعد لها مثل العمل والله هو الرحيم الغفور أى النافع المفيد لمن يطيعه .
"وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "المعنى وقال الذين كذبوا لا تجيئنا القيامة قل بلى وإلهى لتجيئنكم عارف الخفى لا يغيب عن معرفته قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض ولا أقل من ذلك ولا أعظم إلا فى سجل كبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الرب قالوا لبعضهم :لا تأتينا الساعة والمراد لا تقع لنا القيامة وهذا يعنى تكذيبهم بالقيامة ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم هل تأتى الساعة ؟ بلى وربى أى نعم وخالقى لتأتينكم أى لتقع لكم الساعة وربى هو عالم الغيب وهو عارف السر وهو الخفى من الأمور مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"لا يعزب عنه مثقال ذرة والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة فى السموات أو فى الأرض ولا أصغر أى ولا أقل قدرا من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم قدرا فالكل فى كتاب مبين أى سجل عظيم هو كتاب كبير ومن هنا نعلم أن يعرف كل شىء فى الكون وأن هناك ما هو أصغر حجما ووزنا من الذرة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا فى آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم "المعنى ليثيب الذين صدقوا وفعلوا الحسنات أولئك لهم رحمة أى أجر عظيم والذين ساروا لأحكامنا مخالفين أولئك لهم عقاب من نار مؤلمة ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أن علمه بكل شىء يعنى أنه يجزى أى يرحم الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وأولئك لهم مغفرة أى أجر أى رزق كريم أى أجر عظيم مصداق لقوله بسورة آل عمران"أولئك لهم أجرهم عند ربهم"وقوله بسورة الحجرات"لهم مغفرة وأجر عظيم"وأما الذين سعوا فى آياتنا أى الذين صاروا لأحكامنا معاجزين أى مخالفين أولئك لهم عذاب من رجز أليم والمراد لهم ويل أى عقاب من ألم شديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وويل للكافرين من عذاب شديد "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد"المعنى ويقر الذين أعطوا الوحى أن الذى أوحى لك من إلهك هو العدل ويدخل إلى جنة الناصر الشاكر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى يرون والمراد يقرون أى يصدقون أن الذى أنزل إليك من ربك هو الحق والمراد أن الذى ألقى لك من عند خالقك هو العدل وأنه يهدى إلى صراط العزيز الحميد والمراد ويدخل فى جنة الناصر الشاكر فالوحى المنزل طاعته تدخل الجنة .
"وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفى خلق جديد "المعنى وقال الذين كذبوا هل نرشدكم إلى إنسان يخبركم إذا تبعثرتم كل تبعثر إنكم لفى إنشاء حديث ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لبعضهم هل ندلكم على رجل والمراد هل نعرفكم بإنسان ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق والمراد إذا تبعثرتم كل تبعثر أى تحولتم كل تحول إنكم لفى خلق جديد والمراد إنكم لفى حياة حديثة ؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث فبعد أن أصبحوا قطع صغيرة متناثرة يكذبون أن يجمعهم الله فيعودوا أحياء مرة أخرى .
"افترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد"المعنى هل نسب إلى الله باطلا أم به سفه،إن الذين لا يصدقون بالقيامة فى النار أى العقاب الدائم ،يسأل الله افترى على الله كذبا أى هل نسب إلى الرب باطلا أم به جنة أى سفه ؟والغرض من الأسئلة هى نفى افتراء الرسول (ص)الوحى ونفى جنونه ،ويبين للنبى (ص)أن الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة أى يكفرون بها يدخلون فى العذاب الذى فسره بأنه الضلال البعيد أى "وإن الظالمين لفى شقاق بعيد " كما قال بسورة الحج والمراد أنهم فى النار وهى العقاب المستمر.
"أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن فى ذلك لآية لكل عبد منيب "المعنى أفلم ينظروا إلى ما أمامهم والذى وراءهم فى السماء والأرض ؟إن نرد نزلزل بهم اليابس أو نمطر عليهم حجارة من الجو إن فى ذلك لبرهان لكل مملوك تائب ،يسأل الله أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض والمراد أفلم يفكروا فى الذى أمامهم وهو المخلوقات الظاهرة لهم والذى وراءهم وهو المخلوقات المخفاة عنهم إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم كسفا من السماء والمراد إن يرد يزلزل بهم جانب البر أو يمطر عليهم حاصبا وهو الحجارة المميتة من السحاب مصداق لقوله بسورة الإسراء"إن يشأ يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا "والغرض من السؤال إخبار النبى (ص) أن الكفار فكروا فى خلق السماء والأرض وعرفوا قدرته على عقابهم بالخسف أو بالكسف ومع ذلك لم يؤمنوا ويسلموا ويبين الله له أن ذلك وهو قدرة الله الظاهرة على الخسف وإنزال الكسف آية لكل عبد منيب أى برهان على وجوب طاعة حكم الله لكل مملوك مطيع لحكم الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ولقد أتينا داود منا فضلا يا جبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر فى السرد واعملوا صالحا إنى بما تعملون بصير"المعنى ولقد أعطينا داود (ص)منا رزقا يا رواسى رددى معه والطير وطوعنا له الحديد أن اصنع دروع وضيق فى الحلق واصنعوا نافعا إنى بالذى تفعلون عليم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أتى والمراد أعطى داود(ص)منه فضلا أى رزقا عظيما منه أنه أمر الجبال بالتسبيح معه والطيور فقال :يا جبال أى يا رواسى أوبى معه والطير والمراد يا رواسى رددى معه التسبيح أنت والطيور ومنه أنه ألان له الحديد والمراد أنه طوع له الحديد حتى يعمل السابغات فقال اعمل سابغات أى اصنع دروع للمحاربين وقدر فى السرد والمراد وحدد فى الحلق أى وضيق فى الفرج وهذا يعنى أن الله طالب داود(ص)بصناعة دروع للمجاهدين من الحديد اللين ،واعملوا صالحا أى افعلوا نافعا إنى بما تعملون بصير أى إنى بالذى تفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون ".
"ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور "المعنى ولسليمان (ص)الهواء المتحرك ذهابها شهر وغيابها شهر وألنا له نهر النحاس ومن الجن من يشتغل أمامه بأمر إلهه ومن يخالف منهم حكمنا نعاقبه بعقاب النار يصنعون له ما يريد من مساجد ومنارات وجفان كالأحواض وأطباق راسخات افعلوا أهل داود(ص)حمدا وقليل من خلقى الحامد،يبين الله لنبيه (ص)أن أعطى سليمان(ص)الريح وهى الهواء المتحرك غدوها شهر ورواحها شهر والمراد أن ذهابها سرعته فى يوم هى سرعتهم فى شهر فى السفر وإيابها سرعته فى يوم سرعتهم فى السفر فى شهر وهذا يعنى أنها تسافر بالركاب فى يوم قدر سفرهم فى شهر،وأسال له عين القطر والمراد وأجرى له نهر النحاس ليصنع منه ما يريد وهذا يعنى أن المعادن تجرى تحت سطح الأرض فى مجارى محددة ،ويبين لنا أنه سخر الجن له فمنهم من يعمل بين يديه والمراد من يشتغل عند سليمان(ص)بإذن ربه والمراد أن الجن يعملون عند سليمان(ص)بأمر خالقه ومن يزغ منهم عن أمر الله والمراد ومن يخالف منهم أمر الله وهو حكمه بالعمل عند سليمان (ص)يذقه من عذاب السعير والمراد يعاقبه بعقاب النار أى يدخله جهنم والجن يعملون أى يصنعون له ما يشاء أى ما يريد من المحاريب وهى المساجد والتماثيل وهى المنارات التى تنير للناس فى البر والبحر والجفان التى كالجواب والمراد وقصعات الطعام التى تشبه أحواض الماء الكبيرة ،والقدور الراسيات وهى الأطباق الثابتات أى حلل الطبخ الراسخات على مواقد النار ،وقال لسليمان(ص)اعملوا آل داود شكرا والمراد افعلوا أهل داود(ص)حسنا والمراد أن يطيعوا حكم الله وقليل من عبادى الشكور والمراد وعدد قليل من خلقى هو المطيع لحكمى والخطاب وما قبله وما بعده من القصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين "المعنى فلما أمرنا له بالوفاة ما أرشدتهم لوفاته إلا أرضة الأرض تقرض عصاه فلما سقط علمت الجن أن لو كانوا يعرفون الخفاء ما بقوا فى العقاب الشديد بعد وفاته،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لما قضى عليه الموت والمراد لما أمر لسليمان (ص)بالوفاة ما دلهم أى ما عرفهم وفاة سليمان(ص)إلا دابة الأرض وهى حشرة الأرضة تأكل منسأته أى تطعم عصاه والمراد تقرض عصا سليمان(ص)فلما خر أى سقط على الأرض بلا حراك تبينت الجن والمراد عرفت الجن :أن لو كانوا يعلمون الغيب والمراد لو كانوا يعرفون أخبار المستقبل ما لبثوا فى العذاب المهين أى ما مكثوا فى العقاب الشديد بعد وفاته وهذا يدلنا على معجزة وهى بقاء جسد سليمان(ص)فترة دون تحلل وتفسخ يدل على وفاته ويدلنا على أن الجن لا يعلمون الغيب.
"لقد كان لسبأ فى مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشىء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى إلا الكفور "المعنى لقد كان لسبأ فى بلدهم علامة حديقتان عن يمين وشمال اطعموا من نفع إلهكم وأطيعوه قرية مسلمة وإله نافع فكفروا فبعثنا عليهم فيضان النهر وغيرناهم بحديقتيهم حديقتين ذواتى طعام خمط وطرفاء وشىء من نبق قليل ذلك عاقبناهم بما كذبوا وهل نعاقب سوى الكذوب؟يبين الله لنبيه(ص)أنه كان لسبأ وهى بلد آية فى مسكنهم والمراد علامة دالة على قدرة الله هى جنتان عن يمين وشمال والمراد حديقتان عن يمين نهر البلدة وشمال نهر البلدة وقال لهم فى وحيه :كلوا من رزق ربكم أى خذوا من نفع خالقكم واشكروا له أى وأطيعوا حكمه بلدة طيبة أى أهل قرية مسلمون ورب غفور أى وإله عفو أى نافع للمطيعين ،فكانت النتيجة أن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فأرسل عليهم سيل العرم والمراد فبعث لهم فيضان النهر فدمر الحديقتين تدميرا فكانت النتيجة أن بعد أن انحصر الفيضان المدمر أن بدلهم بجنتيهم جنتين أى والمراد جعلهم يغيرون زرع الحديقتين بزرع أخر وهو أكل خمط أى طعام خمط وهو عند البعض نبات القات،الأثل وهو شجر الطرفاء عند بعض الناس،والسدر القليل وهو عند بعض الناس النبات المسمى النبق ووجوده هناك قليل والله أعلم بنوعية هذه النباتات والسبب هو أنه جزاهم بما كفروا أى عاقبهم على تكذيبهم لحكمه ويسأل الله وهل نجازى إلا الكفور والمراد وهل نعاقب أى نهلك سوى الكذوب أى الظالم والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن المجازى وهو الهالك هو الكفور أى الظالم مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهل يهلك إلا القوم الظالمون" .
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور "المعنى ووضعنا بين أهل سبأ وبين البلاد التى قدسناها بلاد متتابعة وسهلنا فيها السفر سافروا فيها ليالى وأياما مطمئنين فقالوا إلهنا زد بين مسافاتنا وبخسوا أنفسهم فجعلناهم عظات وأهلكناهم كل إهلاك إن فى ذلك لعبر لكل مطيع متبع ،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل أى وضع بين أهل سبأ وبين القرى التى بارك فيها والمراد وبين البلاد التى قدسها وهى القدس أى مكة قرى ظاهرة أى بلدات متتابعة وهذا يعنى أن الطريق من سبأ إلى القدس وهى مكة كان ملىء بالقرى العامرة وبين كل قرية والأخرى مسافة قريبة وقد قدر فيها السير والمراد وقد حدد الله فيها السفر والمراد أن الله قد سهل فى الطرق بين البلدات السفر وقال للقوم :سيروا فيها ليالى وأياما أمنين والمراد سافروا بينها ليالى وأياما مطمئنين وهذا يعنى أن الطرق كانت سليمة بعيدة عن الأخطار ولذا قال أهل سبأ ربنا باعد بين أسفارنا والمراد إلهنا زد بين مسافاتنا وهذا يعنى أن يجعل المسافة بين كل مرحلة والأخرى مسافة طويلة وبالطبع هذا كفران بنعمة الراحة فى السفر وبذلك ظلموا أنفسهم أى بخسوا حق أنفسهم حيث كفروا بحكم الله فكانت النتيجة هى أن جعلهم الله أحاديث والمراد جعلهم قصص تروى وقد مزقهم كل ممزق والمراد وقد دمرهم كل تدمير وهذا يعنى أن الله لم يترك كافر واحد منهم على قيد الحياة وفيما حدث لأهل سبأ آيات والمراد عظات أى عبر لكل صبار شكور والمراد طائع متبع لحكم الله .
"ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو فى شك وربك على كل شىء حفيظ"المعنى ولقد حق فيهم إبليس قوله فأطاعوه إلا جمعا من المصدقين وما كان له عليهم من قدرة إلا لنعرف من يصدق بالقيامة ممن هو فى تكذيب وإلهك على كل أمر وكيل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ظن إبليس وهو قول إبليس لله عند رفضه السجود لآدم(ص)أنه سيضل الكثير من الناس صدق فى أهل سبأ والمراد تحقق فى أهل سبأ فاتبعوه أى فأطاعوا حكم الباطل إلا فريقا من المؤمنين أى إلا بعضا من المصدقين بحكم الله ويبين له أن ما كان للشيطان وهو الهوى الضال من سلطان أى سلطة أى قدرة تجبرهم على طاعته ويبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل وحيه للقوم ليعلم أى ليميز من يؤمن بالآخرة وهو من يصدق بالقيامة ممن هو فى شك والمراد من هو فى تكذيب لها ويبين له أن ربه على كل شىء حفيظ أى على كل مخلوق وكيل أى حامى لهم .
"قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير "المعنى قل نادوا الذين افتريتم من سوى الرب لا يحكمون قدر ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من جزء وما له منهم من مساعد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار:ادعوا الذين زعمتم من دون الله والمراد نادوا الذين اخترعتم من سوى الرب والغرض من الطلب أن يعلموا أن الآلهة المزعومة لن تستجيب للنداء ،لا يملكون مثقال ذرة والمراد لا يحكمون قدر ذرة فى السموات والأرض أى ما لهم فيهما من جزء وما له من مخلوق وهذا يعنى أنهم ليس لهم خلق فى السموات والأرض والمراد ليس لله شريك فى ملكه وليس لهم منهم ظهير أى ولى ينصره من الذل مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير "المعنى ولا يفيد الكلام لديه إلا من سمح له حتى إذا كشف عن أنفسهم قالوا ماذا قال إلهكم قالوا العدل وهو الكبير العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الشفاعة وهى الكلام عند أى لدى الله فى الآخرة لا يكون إلا لمن أذن له أى سمح أى رضى له قولا مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "حتى إذا فزع عن قلوبهم والمراد حتى إذا كشف عن الذى فى أنفسهم قالت الملائكة للكفار ماذا قال ربكم أى إلهكم ؟قالوا الحق وهو الصدق أى العدل وهو العلى الكبير والمراد الكبير العظيم وهذا إقرار منهم بصدق الوحى .
"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين "المعنى قل من يعطيكم من السموات والأرض قل الرب وإنا أو إياكم لعلى حق أو على كفر عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار من يرزقكم أى يعطيكم النفع من السموات والأرض؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :الله رازقنا وهو الرب وإنا أو إياكم لعلى هدى أى حق وهو دين الله أو ضلال مبين أى كفر ظاهر بدين الله وهذا يعنى أنه يخبرهم أن أحد الفريقين على الحق والآخر على الباطل والخطاب للنبى(ص).
"قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون"المعنى قل لا تحاسبون على ما عملنا ولا نحاسب عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لا تسألون عما أجرمنا والمراد لا تحاسبون عن الذى فعلنا فى الدنيا ولا نسئل عما تعملون أى ولا نحاسب عن الذى تفعلون ،وهذا يعنى أن كل واحد يزر جزاء عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "والخطاب للنبى (ص) وما قبله ومنه للناس.
"قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "المعنى قل يحشرنا إلهنا ثم يحكم بيننا بالعدل وهو القاضى الخبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس يجمع بيننا ربنا والمراد يبعثنا كلنا إلهنا ثم يفتح بيننا بالحق أى ثم يقضى بيننا بالحكم العادل مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو الفتاح العليم والمراد وهو القاضى العليم بكل شىء وهذا يعنى إخبارهم بحدوث البعث والجزاء فى الآخرة .
" قل أرونى الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "المعنى قل أعلمونى بخلق الذين جعلتم معه أندادا ،حقا هو الرب الناصر القاضى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار :أرونى الذين ألحقتم به شركاء والمراد أعلمونى ماذا خلق الذين جعلتم له أنداد فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماء"،ويبين لهم أن كلا وهى الحقيقة هو أن الله وحده الإله وهو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله له.
"وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وما بعثناك إلا رحمة للخلق مبلغا أى مخبرا ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكمه أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويسألون متى هذا القول إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون أى يسألون بسخرية :متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح" كما قال بسورة السجدة وهو القيامة إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوعها.
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "المعنى قل لكم ميقات يوم لا تستأجلون عنه ساعة ولا تقربون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار ردا على سؤالهم :لكم ميعاد يوم والمراد لكم ميقات يوم محدد لدى الله لا تستأخرون عنه ساعة والمراد لا تموتون بعده بساعة ولا تستقدمون أى لا تسبقونه بساعة وهذا يعنى أن الموعد لا يتغير بالتقديم أو بالتأخير والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين "المعنى وقال الذين كذبوا لن نصدق بهذا الكتاب ولا بالذى سبقه ولو تشاهد إذا الكافرون جاثون لدى خالقهم يعيد بعضهم إلى بعض الحديث يقول الذين استذلوا للذين استعظموا لولا أنتم لكنا مصدقين ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه والمراد لن نوقن بالكتاب وهو الوحى المنزل عليك ولا بالذى سبقه من الوحى المنزل على الرسل (ص)السابقين ،ويبين له أنه لو يرى الظالمون موقوفون عند ربهم والمراد لو يشاهد الكافرون جاثون فى نار ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول أى يرد بعضهم على بعض الحديث حيث يقول الذين استضعفوا أى استذلوا وهم الذين اتبعوا السادة للذين استكبروا وهم الذين استعظموا أى تسيدوا عليهم لولا أنتم لكنا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله.
"قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "المعنى قال الذين استعظموا للذين استذلوا أنحن رددناكم عن الحق بعد إذ أتاكم بل كنتم كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا للذين استضعفوا أى استذلوا :أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم والمراد هل نحن أبعدناكم عن العدل بعد إذ أبلغ لكم ؟بل كنتم مجرمين أى كافرين وهذا يعنى أنهم ينفون أنهم أبعدوهم عن طاعة الحق وأن الأتباع بعدوا بأنفسهم وليس جبرا أو خداعا .
"وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" المعنى وقال الذين استذلوا للذين استعظموا بل كيد الليل والنهار حين توصونا أن نكذب بالرب ونعبد معه شركاء وأخفوا الحسرة لما شهدوا العقاب وجعلنا القيود فى رقاب الذين كذبوا هل يعطون إلا بما كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استضعفوا وهم الذين اتبعوا السادة قالوا للذين استكبروا أى استعظموا وهم السادة والكبراء :بل مكر أى كيد الليل والنهار والمراد إنكم كنتم تخدعوننا يوميا إذ تأمروننا أن نكفر بالله والمراد حين توصوننا أن نكذب بدين الله وفسروا هذا بقوله وهو الكفر ونجعل لله أندادا أى نعبد مع الرب شركاء مزعومين،وهذا يعنى إصرارهم على أن الكبار هم الذين أضلوهم ،ولما رأى الكفار العذاب والمراد ولما شاهدوا النار أسروا الندامة أى أخفوا الحسرة وهى الغم فى قلوبهم وقد جعل الله الأغلال فى أعناق الذين كفروا والمراد وقد ربطت ملائكة الله الأصفاد وهى السلاسل فى رقاب الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد"ويسأل الله هل يجزون إلا ما كانوا يعملون والمراد هل يدخلون سوى عقاب ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" والخطاب للنبى (ص)وما قبله وما بعده .
"وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "المعنى وما بعثنا فى بلدة من رسول إلا قال سادتها إنا للذى بعثتم به مكذبون وقالوا نحن أعظم أملاكا وعيالا وما نحن بمعاقبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسل فى قرية من نذير والمراد ما بعث فى أهل بلدة من رسول أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما أرسلنا من رسول "إلا قال مترفوها أى سادة البلدة للرسول(ص)إنا بما أرسلتم به كافرون والمراد إنا للذى بعثتم به مكذبون وهذا يعنى رفضهم لحكم الله وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا والمراد نحن أعظم أملاكا وعيالا منكم وهذا فى رأيهم يعنى أنهم أفضل دينا منهم وما نحن بمعذبين أى وما نحن بمعاقبين وإنما ساكنى الحسنى إن كان هناك آخرة مصداق لقول الكافر بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل إن إلهى يكثر العطاء لمن يريد ويقلل ولكن معظم الخلق لا يطيعون الله ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقص لمن يريد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون" والخطاب للنبى(ص).
"وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات آمنون "المعنى وما أملاككم ولا عيالكم بالتى تعطيكم لدينا ثوابا ،أما من صدق وفعل حسنا فأولئك لهم ثواب الجنة بما أحسنوا أى هم فى الجنات مطمئنون،يبين الله للناس أن أموالهم وهى أملاكهم فى الدنيا وأولادهم وهم عيالهم لا تقربهم عند الله زلفى أى لا تعطيهم عند حساب الرب لهم ثوابا فهى لا تفيدهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا "،وأما من آمن وهو من صدق حكم الله وعمل صالحا أى فعل حسنا فأولئك لهم جزاء الضعف أى ثواب الحسنى وهى الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"فله جزاء الحسنى "والسبب ما عملوا أى ما أحسنوا فى دنياهم وفسر هذا بأنهم فى الغرفات آمنون والمراد فى الجنات مطمئنون أى سعيدون فرحون والخطاب للناس وما بعده.
"والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون"المعنى والذين يسيرون لأحكامنا معاندين أولئك فى النار معذبون ،يبين الله للناس أن الذين يسعون فى آيات الله معاجزين وهم الذين يسيرون لأحكام الله مخالفين لها أولئك فى العذب وهو العقاب محضرون أى معذبون أى مبلسون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "المعنى قل إنى إلهى يكثر العطاء لمن يريد وينقص له وما عملتم من حسن فهو يزيده وهو أحسن المعطين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يكثر الرزق لمن يشاء ويقدر له والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقصه له متى شاء ،وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه والمراد وما قدمتم من خير أى عمل صالح فهو يجازيه بالخير مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا"وهو خير الرازقين والمراد والله هو أحسن المعطين للثواب أى "وهو أرحم الراحمين"كما قال بسورة يوسف والخطاب للنبى (ص)ومنه للناس.
"ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"المعنى ويوم يبعثهم كلهم ثم يقول للملائكة أهؤلاء
إياكم كانوا يطيعون ؟قالوا الطاعة لك أنت ناصرنا من دونهم بل كانوا يطيعون الخفاة أغلبهم بهم مصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشرهم جميعا والمراد يوم يبعثهم أى يجمعهم كلهم مصداق لقوله بسورة التغابن "يوم يجمعكم"ثم يقول أى ويسأل الملائكة :أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون أى يطيعون أى يتبعون قولكم ؟فأجابوا :سبحانك أى الطاعة لقولك وحدك أنت ولينا من دونهم أى ناصرنا من سواهم ،بل كانوا يعبدون الجن أى بل كانوا يطيعون قول الخفاة وهم شهوات أنفسهم أى هواهم الخفى فى أنفسهم بينما المعلن هو عبادتهم لغير أنفسهم من الملائكة وسواهم ،أكثرهم بهم مؤمنون والمراد أغلب الناس مصدقون بألوهية أهواء أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون "المعنى فالآن لا يعطى بعضكم لبعض فائدة ولا أذى ونقول للذين كفروا ادخلوا عقاب جهنم التى كنتم بها تكفرون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يقول للناس على لسان الملائكة فاليوم أى فالآن لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا والمراد لا يستطيع بعضكم لبعض فائدة ولا أذى وهذا يعنى أن لا أحد يقدر من الكفار على أن يعطى الآخر فائدة ولا يقدر على مسه بضرر ونقول للذين ظلموا وهم الذين كفروا :ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون والمراد ادخلوا عقاب الجحيم الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين "المعنى وإذ تبلغ لهم أحكامنا واضحات قالوا ما هذا إلا إنسان يحب أن يبعدكم عما كان يطيع آباؤكم وقالوا ما هذا إلا قول مخترع وقال الذين كذبوا للصدق لما بلغهم إن هذا خداع ظاهر،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات قالوا :ما هذا إلا رجل أى إنسان يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم والمراد يحب أن يبعدكم عما كان يتبع آباؤكم وهذا يعنى أن هدف النبى (ص)هو أن يجعلهم يتركون دين الأباء وهم بهذا يستعدون الأخرين على النبى (ص)بحجة أنه يعتبر آبائهم على الباطل أى مجانين ومن ثم فهم يريدون منهم أن يثأروا لهذا العيب فى الأباء،وقالوا عن الوحى ما هذا إلا إفك مفترى أى كذب مخترع من عند محمد ،والذين كفروا بالحق لما جاءهم أى الذين كذبوا بالوحى لما أتاهم فقالوا إن هذا إلا سحر مبين أى خداع عظيم وهم هنا يكذبون قولهم السابق فهم مرة اعتبروه إفك ومرة اعتبروه سحر وهذا دليل على تخبطهم فى الرد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير"المعنى وما أوحينا لهم من صحف يتعلمونها وما بعثنا لهم قبلك من مبلغ ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أتى الكفار من كتب يدرسونها والمراد ما أعطى الناس من صحف يتعلمونها حتى يردوا بهذا التكذيب عليه وما أرسلنا لهم من نذير من قبلك والمراد وما بعثنا للناس فى عصرك من مبلغ للوحى من قبلك وهذا ينفى بعث رسل أخرين فى عصر النبى (ص)للناس .
"وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما أتيناهم فكذبوا رسلى فكيف كان نكير "المعنى وكفر الذين من قبلهم وما وصلوا عشر ما أعطيناهم فكفروا بمبعوثى فكيف كان عقاب ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الناس من قبلهم كذبوا أى كفروا بحكم الله والمراد استهزءوا برسالات الرسل مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولقد استهزىء برسل من قبلك"والناس فى عهد النبى (ص)ما بلغوا معشار ما أتيناهم والمراد وما وصلوا فى قدر الرزق إلى عشر ما أعطى الله للأقوام السابقة وقد كذبوا رسل الله أى كفروا برسالات الأنبياء(ص)فكيف كان نكير أى "كيف كان عقاب "كما قال بسورة الرعد والغرض من السؤال إخبار الكل بعقاب الله للكفار حتى يعتبروا بما حدث لهم والخطاب للنبى (ص).
"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد"المعنى قل إنما أنصحكم بعمل هو أن تستيقظوا لله مثنى وواحدنا ثم تنظروا ما بصديقكم من سفه إن هو إلا مبلغ لكم أمامه عقاب عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أعظكم بواحدة والمراد إنما أنصحكم بأمر هو أن تقوموا لله مثنى وفرادى والمراد أن تستيقظوا ليلا طلبا لرحمة الله مثنى أى اثنين اثنين وفرادى أى وحدانا كل واحد بمفرده ثم تتفكروا والمراد وتنظروا ما بصاحبكم من جنة أى ما بصديقكم من سفه ،وهذا يعنى أنه يطلب منهم التفكير فى أنه عاقل وليس مجنونا ،إن أنا إلا نذير لكم والمراد مبلغ للوحى لكم بين يدى عذاب شديد والمراد أمامى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة آل عمران"عذاب مهين"وهذا يعنى أن العذاب سيقع للكفار فى عهده إن لم يؤمنوا برسالته ومن بعد عهده والخطاب للنبى(ص)حتى تتفكروا وما بعده جزء من قول أخر ربما أشبهه فى المعنى ولكنه ليس خطابا للنبى(ص)وإنما عنه فلو كان المتكلم لقال ما بى من جنة إنما أنا ولم يقل بضمير الغائب هو .
"قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد"المعنى قل ما طالبتكم عليه من مال فهو لكم إن ثوابى إلا من الرب وهو بكل أمر عليم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمؤمنين ما سألتكم عليه من أجر والمراد ما طالبتكم فى الإسلام بمال فهو لكم ،وهذا يعنى أن أى مال يطلب من المؤمنين فى الشريعة سوف يرد إليهم بعد ذلك بتوزيعه على مستحقيه الذى جاءوا فى أحكام الشريعة ،إن أجرى إلا من الله والمراد إن ثوابى من عند الله وهو على كل شىء شهيد والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للنبى(ص).
"قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب"المعنى قل إن خالقى يقول العدل عراف الخفايا قل أتى العدل وما يحيا الظلم أى ما يحكم قل إن كفرت فإنما أجنى على نفسى وإن أسلمت فبالذى يلقى لى من خالقى إنه عارف مجيب،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن ربى يقذف بالحق والمراد إن إلهى يقول العدل مصداق لقوله بسورة الأحزاب"والله يقول الحق "علام الغيوب أى عارف الخفايا وهى الأسرار مصداق لقوله بسورة الفرقان"يعلم السر فى السموات والأرض"،جاء الحق أى ظهر العدل مصداق لقوله بسورة التوبة "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "والمراد انتصر الوحى وما يبدىء الباطل وما يعيد والمراد وما يحيا الكفر وما يبعث وهذا يعنى أنه زهق أى مات مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقل جاء الحق وزهق الباطل"وهذا يعنى أن حكم الباطل لم يعد يحكم فى عصر الرسول(ص)،إن ضللت فإنما أضل على نفسى والمراد إن كفرت فإنما أجنى على مصلحتى فى الآخرة والمراد فأجلب لنفسى العذاب وإن اهتديت أى وإن رحمت بالجنة فبما يوحى إلى ربى والمراد وإن دخلت الجنة فبسبب طاعتى الذى يلقى إلى إلهى إنه سميع قريب أى عارف مثيب لمطيعه والخطاب للنبى(ص).
"ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب "المعنى ولو تشاهد حين بعثوا فلا ترك وادخلوا فى مقام دانى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ فزعوا والمراد لو يشاهد وقت بعثوا للحياة فلا فوت أى فلا ترك أى مغادرة لأحد منهم مصداق لقوله بسورة الكهف "فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا" وأخذوا من مكان قريب والمراد وادخلوا النار من مكان دانى وهو أرض المحشر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد"المعنى وقالوا صدقنا به وكيف لهم الخروج من مكان دائم وقد كذبوا به من قبل ويرمون بالوحى من مكان قصى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا فى النار:آمنا به أى صدقنا بوقوع العذاب ويسأل الله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد والمراد وكيف لهم الخروج من مكان أبدى ؟وهذا يعنى أن لا خروج لهم من النار مهما طال العمر بهم فيها وقد كفروا أى كذبوا بالعذاب من قبل أى فى الدنيا،هم يقذفون بالغيب من مكان بعيد والمراد وهم يبلغون بالوحى من مكان قصى وهو السماء فهى بعيدة عن الأرض حيث ينزل به جبريل (ص).
"وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا فى شك مريب "المعنى وحجز بينهم وبين الذى يحبون كما صنع بأنصارهم من قبل إنهم كانوا فى كفر عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار حيل بينهم وبين ما يشتهون والمراد حجز بينهم وبين الذى يحبون فى الآخرة بسور وهو متاع الجنة كما فعل بأشياعهم والمراد كما صنع الله بأنصارهم السابقين من قبل والسبب أنهم كانوا فى شك مريب أى فى تكذيب مستمر لحكم الله والخطاب للنبى(ص)