رضا البطاوى
14-01-2019, 09:24 AM
سورة الروم
سميت بهذا الاسم لذكر الروم فيها فى قوله"ألم غلبت الروم".
"بسم الله الرحمن الرحيم ألم غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات صادقة انتصرت الروم فى أقرب البلاد وهم من بعد انتصارهم سيهزمون فى عدة سنوات لله الحكم من قبل ومن بعد ويومئذ يسر المصدقون بتأييد الرب يؤيد من يريد وهو القوى النافع قول الله لا ينقض الرب قوله ولكن معظم الخلق لا يصدقون،يبين الله أن الله الرحمن الرحيم وهو الرب النافع المفيد باسمه وهو بحكمه ألم أى آيات صادقة تتحقق فى المستقبل وهى غلبت الروم فى أدنى الأرض والمراد انتصرت الروم وهى جماعة كافرة على المسلمين فى أقرب البلاد وهى حدود الدولتين وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين والمراد والروم من بعد انتصارهم على المسلمين سيهزمون من المسلمين خلال عدة سنوات وهو ما حدث بعد ذلك ويبين الله أن الأمر وهو الحكم لله من قبل نزول الآيات ومن بعد نزولها مصداق لقوله بسورة الأنعام"ألا له الحكم"وفى يوم انتصار المؤمنين يفرح المؤمنون بنصر الله والمراد يسر المصدقون بحكم الله بتأييد الله لهم وهو ينصر من يشاء أى "يعز من يشاء"كما قال بسورة آل عمران والمراد يؤيد من يريد من الخلق وهو العزيز أى الناصر الرحيم أى النافع لمن يريد وهذا وعد الله والمراد قول من الرب سيتحقق فى المستقبل والله لا يخلف وعده والمراد والرب لا ينكث بعهده وهو قوله مصداق لقوله بسورة البقرة "لن يخلف الله عهده "ويبين لنا أن أكثر الناس لا يعلمون والمراد أن أغلب الخلق لا يؤمنون أى لا يصدقون قول الله مصداق لقوله بسورة هود"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"والخطاب للنبى(ص)
"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون"المعنى يعرفون علما بالمعيشة الأولى وهم عن العمل للقيامة ساهون،يبين الله أن الكفار يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا والمراد يعرفون علما عن المعيشة الأولى والمراد يعرفون كيف يتمتعون بمتاع الحياة الدنيا من خلال دراستهم الدنيوية لها وهذا يعنى حبهم لها وهم عن الآخرة غافلون والمراد وهم عن العمل للقيامة ساهون وهذا يعنى أنهم لا يعملون لمستقبلهم الأخروى فهم "يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة "كما قال بسورة إبراهيم والخطاب للنبى (ص)
"أو لم يتفكروا فى أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم كافرون "المعنى هل لم ينظروا بعقولهم ما أنشأ الرب السموات والأرض والذى وسطهما إلا للعدل وموعد محدد وإن كثيرا من الخلق بجزاء خالقهم مكذبون ،يسأل الله أو لم يتفكروا فى أنفسهم والمراد هل لم يعلموا بعقولهم أن الله ما خلق أى أنشأ أى"فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما إلا بالحق والمراد إلا للعدل وأجل مسمى أى موعد محدد؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار علموا بعقولهم أن الكون خلق لتحقيق العدالة فيه وأن له موعد يهلك فيه ليأتى الحساب بعده ،ويبين أن كثيرا من الناس بلقاء ربهم وهو حساب إلههم وهو الآخرة كافرون أى مكذبون مصداق لقوله بسورة يوسف"وهم بالآخرة هم كافرون "والخطاب للنبى(ص)
"أو لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى هل لم يمشوا فى البلاد فيعرفوا كيف كان جزاء الذين سبقوهم كانوا أعظم منهم بطشا وشيدوا البلاد وبنوها أكبر مما بنوها وأتتهم مبعوثيهم بالآيات فما كان الرب ليبخسهم حقا ولكن كانوا ذواتهم يهلكون ،يسأل الله أو لم يسيروا فى الأرض والمراد هل لم يسافروا فى البلاد فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم أى فيعلموا كيف كان جزاء أى عذاب الذين سبقوهم فى الحياة من الكافرين كانوا أشد منهم قوة أى أعظم منهم بأسا أى بطشا مصداق لقوله بسورة ق "أشد منهم بطشا"وأثاروا الأرض أى وبنوا البلاد وهذا يعنى أنهم شيدوا القصور وفسر الله هذا بأنهم عمروها أكثر مما عمروها والمراد وبنوا فى البلاد أكثر مما بنى الكفار فى عهد الرسول(ص)وجاءتهم رسلهم بالبينات والمراد فأتتهم أنبياؤهم بالآيات وهى آيات الوحى والإعجاز فكفروا فما كان الله وهو الرب ليظلمهم أى ليبخسهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم "،والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار علموا بعقاب الله للأمم السابقة الذين كانوا أقوى منهم وبنوا ما لم يبنوه وعلموا أن الكفار هم الذين أصابوا أنفسهم بالظلم وهو العقاب بسبب ظلمهم وهو كفرهم بحكم الله .
"ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون "المعنى وكان جزاء الذين ظلموا العذاب لأنهم كفروا بأحكام الرب أى كانوا بها يكفرون ،يبين الله أن عاقبة وهى جزاء الذين أساءوا وهم الذين فعلوا السيئات وهى الذنوب السوأى وهى الهلاك أى العذاب أى الخسارة مصداق لقوله بسورة الطلاق"وكان عاقبة أمرها خسرا"والسبب أن كذبوا بآيات الله والمراد أن كفروا بأحكام الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"والذين كفروا بآيات الله"وفسر هذا بأنهم كانوا بها يستهزئون أى يسخرون منها أى يكفرون بها والخطاب وما قبله للنبى(ص)
"الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون"المعنى الله يخلق المخلوق ثم يحييه ثم إليه تحشرون،يبين الله للناس أن الله يبدأ الخلق أى يبدع المخلوق أول مرة وبعد موته يعيده أى يحييه مرة ثانية ثم يموت ثم إليه يرجعون أى "وإليه تقلبون "كما قال بسورة العنكبوت والمراد يعود حيا مرة ثالثة إلى جزاء الله والخطاب للناس
"ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركاءهم شفعاء وكانوا بشركاءهم كافرين"المعنى ويوم تحدث القيامة يعذب الكافرون ولم يكن لهم من آلهتهم ناصرين وكانوا بآلهتهم مكذبين ،يبين الله أن يوم تقوم الساعة والمراد يوم تقع القيامة يبلس المجرمون أى يخسر المبطلون مصداق لقوله بسورة الجاثية "ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون "وهذا يعنى أنهم يعذبون ولم يكن لهم من شركاءهم شفعاء والمراد ولم يكن لهم من آلهتهم المزعومة ناصرين ينقذونهم من العذاب وكانوا بشركاءهم كافرين والمراد وكانوا بآلهتهم مكذبين وهذا يعنى أن الكفار ينفون عبادتهم للشركاء مصداق لقولهم بسورة الأنعام "والله ربنا ما كنا مشركين"والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم فى روضة يحبرون وأما الذين كفروا و كذبوا بآياتنا ولقاىء الآخرة فأولئك فى العذاب محضرون"المعنى ويوم تحدث القيامة يومذاك يتوزعون فأما الذين صدقوا بحكم الله وفعلوا الحسنات فهم فى جنة يتمتعون وأما الذين جحدوا أى كذبوا بأحكامنا وجزاء القيامة فأولئك فى النار معذبون ،يبين الله أن يوم تقوم الساعة وهو يوم تقع القيامة يومئذ يتفرقون والمراد يومذاك ينقسم الناس لفريقين فأما الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فهم فى روضة يحبرون أى فهم فى جنة يسعدون أى يتمتعون مصداق لقوله بسورة هود"وأما الذين سعدوا ففى الجنة "وأما الذين كفروا أى كذبوا أى جحدوا آيات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة فصلت"وكانوا بآياتنا يجحدون"ولقاء الآخرة وهو جزاء القيامة فأولئك فى العذاب محضرون والمراد فى النار مبلسون أى معذبون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون".
"فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد فى السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون "المعنى فالطاعة للرب وقت تظلمون ووقت تظهرون وله الحكم فى السموات والأرض وليلا ووقت تصبحون،يبين الله أن سبحان والمراد التسبيح وهو طاعة حكم الله يكون حين تمسون وفسره بأنه عشيا والمراد وقت تظلمون أى ليلا وحين تصبحون وفسره بأنه حين تظهرون أى وقت النهار وهى وقت تنارون بنور الشمس وهذا يعنى وجوب طاعته ليلا ونهارا وله الحمد وهو الطاعة لأمره فى السموات والأرض مصداق لقوله بنفس السورة "لله الأمر من قبل ومن بعد".
"يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويحى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون"المعنى يفصل الباقى عن الفانى ويفصل الفانى عن الباقى ويبعث الأرض بعد جدبها وهكذا تحيون ،يبين الله أنه يخرج الحى من الميت والمراد يبعد الباقى عن المنتقل لعالم الغيب ويخرج الميت من الحى أى ويبعد الموجود فى عالم الغيب عن الموجود فى عالم الظاهر وهذا يعنى وجود فاصل بين عالم الأحياء وعالم الموتى بحيث لا يتصلون ببعضهم وهو يحى الأرض بعد موتها أى يعيد الخصب للتراب بعد جدبه عن طريق الماء وكذلك تخرجون أى"كذلك يحى الله الموتى"كما قال بسورة البقرة والمراد عن طريق الماء يبعث الله الموتى للحياة مرة أخرى والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للناس
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون "المعنى ومن علاماته أن أنشأكم من تراب ثم إذا أنتم أناس تخرجون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين "فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "المعنى ومن براهينه أن أبدع لكم من ذواتكم زوجات لترتاحوا معها وخلق بينكم حبا أى نفعا إن فى الخلق لبراهين لناس ينظرون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه على وجوب عبادته وحده أنه خلق من أنفس الناس أزواجا والمراد أنشأ للناس من بعضهم زوجات أى إناث والسبب فى خلقهن أن يسكنوا إليها أى يستريحوا معهن وجعل بين الرجال والنساء مودة أى حب وفسره الله بأنه رحمة أى تبادل للمنافع بالرضا والعفو وفى ذلك وهو خلق النساء من الرجال آيات أى براهين دالة على قدرته ومن ثم على وجوب عبادته وحده لقوم يتفكرون أى "لقوم يسمعون "كما قال بنفس السورة والمراد لناس ينظروا فى الأمر فيعلموا الحق .
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين "المعنى ومن براهينه إبداع السموات والأرض وتعدد ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لبراهين للعلماء ،يبين الله للناس أن من آياته وهى علاماته الدالة على قدرته خلق وهو إنشاء السموات والأرض واختلاف وهو تعدد ألسنتكم وهى لغات الناس وألوانهم وهى طلاءات جلودهم الإلهية وفى خلق الكون وتعدد ألسنة الناس وألوانهم آيات أى براهين للعالمين وهم العارفين أى أصحاب النهى وهى العقول مصداق لقوله بسورة طه"إن فى ذلك لآيات لأولى النهى ".
"ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون "المعنى ومن براهينه رقودكم بالليل والنهار وطلبكم من رزقه إن فى ذلك لبراهين لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته منامهم وهو سباتهم أى راحتهم فى الليل والنهار وابتغاؤهم من فضله والمراد وسعيهم وراء رزق الله وذلك وهو النوم وابتغاء الفضل هو من آيات أى براهين الله الدالة على قدرته ومن ثم وجوب طاعته وحده لقوم يسمعون أى لناس يعقلون مصداق لقوله بنفس السورة"لقوم يعقلون"والخطاب وما بعده وما بعده للناس
"ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحى به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى ومن براهينه يشهدكم النار رعبا وحبا ويسقط من السحاب مطرا فيبعث به الأرض بعد جدبها إن فى ذلك لبراهين لناس يفهمون،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته :أنه يريهم البرق خوفا وطمعا والمراد أنه يشهدهم النار المتولدة من احتكاك طبقات السحب أو السحب إرهابا لهم من عذابه وترغيبا لهم فيما بعد النار من الماء النافع لهم ومنها أنه ينزل من السماء ماء والمراد أنه يسقط من السحاب مطر فيحى به الأرض بعد موتها والمراد فيبعث به الأرض بعد جدبها وهذا يعنى أنه يعيد لها الخصوبة التى تجعلها تنبت النباتات وفى ذلك وهو البرق ونزول المطر آيات لقوم يعقلون والمراد براهين لناس يؤمنون مصداق لقوله بسورة الروم"لقوم يؤمنون".
"ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون "المعنى ومن براهينه أن تعمل السماء والأرض بحكمه ثم إذا ناداكم نداء فى الأرض إذا أنتم تبعثون،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته أن تقوم بأمره والمراد أن تعمل بحكمه السماء والأرض وهذا هو ما سماه الله تسليم الخلق لحكمه مصداق لقوله بسورة آل عمران"وله أسلم من فى السموات والأرض"ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون والمراد ثم إذا ناداكم زجرة أى نداء من الأرض إذا أنتم تنظرون أى تبعثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة الصافات"فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون "وهذا يعنى أن البوق ينفخ فيه فيبعثون .
"وله من فى السموات والأرض كل له قانتون"المعنى وله ملك من فى السموات والأرض كل له عابدون ،يبين الله للناس أن له أى يملك كل من فى السموات والأرض فالكل له قانتون أى مطيعون لحكمه أى عابدون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون" والخطاب وما بعده للناس
"وهو الذى يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم " المعنى وهو الذى يبدع الشىء ثم يبعثه وهو أسهل عليه وله الحكم الأعظم فى السموات والأرض وهو الناصر القاضى بالحق ،يبين الله للناس أنه هو الذى يبدأ الخلق والمراد أنه هو الذى يخلق الشىء أول مرة وبعد موته يعيده أى يبعثه مرة ثانية للحياة وهو أهون عليه والمراد وهو أيسر عليه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"إن ذلك على الله يسيرا"ولله المثل الأعلى والمراد ولله الحكم الحسن فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأنعام"ومن أحسن من الله حكما"والله هو العزيز أى الناصر لمن ينصره الحكيم أى القاضى بالحق.
"ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فى ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون "المعنى قال لكم قولا فى أنفسكم هل لكم من الذى تصرفت أنفسكم فيهم من مقاسمين لكم فيما أعطيناكم فأنتم فيه شركاء تخشونهم كخشيتكم بعضكم هكذا نبين الأحكام لقوم يفهمون ،يبين الله للناس أنه ضرب لهم مثلا من أنفسهم والمراد قال لهم سؤالا فى أنفسهم هو هل من ما ملكت أيمانكم أى الذى تحكمت أنفسكم فيهم وهم العبيد والإماء من شركاء أى مقاسمين لكم فيما رزقناكم أى أعطيناكم فأنتم فيه سواء أى متساوون أى شركاء؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن العبيد والإماء وهم ملك اليمين شركاء لهم فى رزق الله وهذا يعنى أن الرزق الموجود فى الأرض يقسم على الناس بالتساوى وليس كما هو الحال من وجود أغنياء وفقراء والناس يخافونهم أى يخشون من أذى العبيد والإماء كخيفتهم أنفسهم والمراد كخشيتهم لأذى بعضهم البعض وهم يخشون العبيد والإماء بسبب معرفتهم أنهم يبخسونهم حقهم الذى فرضه الله لهم وهو تقاسم الرزق معهم بالتساوى ويبين أنه بتلك الطريقة يفصل الآيات والمراد يبين الأحكام لقوم يعقلون أى لناس يفكرون فيطيعون الأحكام مصداق لقوله بسورة البقرة "كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون "والخطاب وما قبله للناس
"بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من ناصرين "المعنى لقد أطاع الذين كفروا شهواتهم بغير علم فمن يرحم من عذب الرب أى مالهم من منقذين،يبين الله أن الذين ظلموا أى كفروا بأحكام الله اتبعوا أهواءهم والمراد أطاعوا ظنونهم مصداق لقوله بسورة النجم"إن يتبعون إلا الظن"وهى شهواتهم بغير علم والمراد بغير هدى أى وحى يبيح لهم طاعة الأهواء من الله مصداق لقوله بسورة القصص"ممن اتبع هواه بغير هدى من الله "ويسأل الله فمن يهدى من أضل الله والمراد فمن ينقذ من عاقب الرب؟والغرض من السؤال هو ما قاله بعده ما لهم من ناصرين أى منقذين أى أولياء ينصرونهم من عقاب الله مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون "والخطاب للناس
"فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى فأسلم نفسك للإسلام مصدقا دين الرب الذى خلق الناس عليه ،لا تغيير لدين الرب ،الإسلام الحكم العدل ولكن معظم الخلق لا يفقهون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقيم وجهه للدين حنيفا والمراد أن يسلم نفسه للإسلام مصدقا به مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن يسلم وجهه إلى الله"والمراد أن يطيع حكم الإسلام وهو مصدق به ،ويبين له أن الإسلام هو فطرة أى دين الله أى "صبغة الله"كما قال بسورة البقرة وهى التى فطر الناس عليها والمراد وهو الدين الذى كلف الخلق به منذ أولهم آدم(ص)،ويبين له أن لا تبديل لخلق الله والمراد لا تغيير لدين وهو كلمات الله مصداق لقوله بسورة يونس"لا تبديل لكلمات الله "والإسلام هو الدين القيم وهو الحكم العدل ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن معظم الخلق لا يطيعون الإسلام أى لا يشكرون الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون"والخطاب للنبى(ص)
"منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون "المعنى مطيعين لحكمه أى اتبعوا حكمه أى أطيعوا الدين أى لا تصبحوا من الكافرين من الذين قسموا حكمهم وكانوا فرقا كل فريق بالذى عنده متمسك،يبين الله للمؤمنين أنهم يجب أن يكونوا منيبين إليه أى متبعين لحكمه أى "مخلصين له الدين "كما قال بسورة غافر وفسر هذا بقوله اتقوه أى أطيعوا دينه وفسر هذا بقوله أقيموا الصلاة أى اتبعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسر هذا بألا يكونوا من المشركين أى ألا يصبحوا من الكافرين من الذين فرقوا دينهم أى قطعوا أمرهم وهو حكمهم قطعا والمراد كل فريق له تفسير للحكم وكانوا شيعا أى فرقا كل حزب بما لديهم فرحون والمراد كل فريق بالذى عندهم من العلم مستمسكون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا "وقوله بسورة غافر"فرحوا بما عندهم من العلم "والخطاب للمؤمنين ومحذوف أوله
"وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "المعنى وإذا أصاب الخلق أذى نادوا إلههم مطيعين لحكمه ثم إذا أعطاهم منه نفع إذا جمع منهم بإلههم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم فتلذذوا فسوف تعرفون عقاب الكفر ،يبين الله للمؤمنين أن الناس وهم الخلق إذا مسهم ضر أى إذا أصابهم أذى دعوا ربهم منيبين إليه والمراد نادوا خالقهم "مخلصين له الدين "كما قال بسورة غافر وهذا يعنى أنهم لا يعرفون طاعة الله إلا وقت ضرر ،ثم إذا أذاقهم منه رحمة والمراد ثم إذا أعطاهم منه نفع منه إذا فريق منهم بربهم يشركون والمراد إذا جماعة منهم بخالقهم يكفرون والسبب فى شركهم هو أن يكفروا بما أتيناهم والمراد أن يكذبوا بالذى أوحى لهم الله من الوحى ويطلب الله من الكفار أن يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه "كما قال بسورة هود والخطاب حتى فتمتعوا للمؤمنين وما بعده جزء من آية أخرى تم حذف أولها
"أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون "المعنى هل أوحينا لهم وحيا فهو يتحدث بالذى كانوا به يحكمون ،يسأل الله أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم والمراد هل ألقينا لهم وحيا أى كتاب فهو يبيح ما كانوا به يشركون أى الذى كانوا به يحكمون أى يتخيرون مصداق لقوله بسورة القلم"أم لكم كتاب فيه تدرسون أن لكم فيه لما تخيرون" ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله لم ينزل وحى يتحدث عن إباحة الكفر به وعبادة غيره معه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون "المعنى وإذا أعطينا الخلق نفع سروا بها وإن يمسهم أذى بما عملت أنفسهم إذا هم ييأسون،يبين الله للمؤمنين أن الناس وهم الكفار إذا أذاقهم رحمة منه فرحوا بها والمراد إذا أعطاهم نعمة منه سروا بها مصداق لقوله بسورة هود"إذا أذقناه نعماء"ويبين أن الكفار إن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم والمراد إن يمسهم شر وهو أذى بسبب ما صنعت أنفسهم إذا هم يقنطون أى ييأسون من رحمة الله مصداق لقوله بسورة فصلت"وإن مسه الشر فيئوس قنوط".
"أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى هل لم يعلموا أن الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل إن فى ذلك لبراهين لناس يصدقون ،يسأل الله أو لم يروا أى هل لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد أن الرب يكثر العطاء ويقلل ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار عرفوا أن الله حر فى إعطاء الرزق بكثرة أو بقلة لمن يريد وفى بسط الرزق وتقليله آيات لقوم يؤمنون والمراد براهين تدل على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"لقوم يعقلون " والخطاب هنا للنبى(ص)
"فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون "المعنى فأعط صاحب القرابة فرضه والمحتاج وولد الطريق ذلك أفضل للذين يحبون ثواب الرب وأولئك هم الفائزون ،يطلب الله من المسلم أن يؤت الحق والمراد يعطى الفرض المقدر من المال لذى القربى وهو القريب قريب النسب أو الزواج والمسكين وهو المحتاج للمال وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس له مال يوصله لأهله ،ويبين له أن ذلك وهو إعطاء الحق خير أى أفضل أجرا للذين يريدون وجه الله وهم الذين "يرجون رحمة الله "كما قال بسورة البقرة أى الذين يرغبون فى جنة الله وأولئك هم المفلحون أى "وأولئك هم الفائزون"بجنة الله كما قال بسورة التوبة والخطاب لكل مسلم قادر ماليا والخطاب بعده لهم
"وما أتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند الله وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون "المعنى وما أعطيتم من زيادة لتزيد فى أمتعة البشر فلا يزيد لدى الرب وما أعطيتم من حق تطلبون رحمة الرب فأولئك هم المزيدون ،يبين الله للمؤمنين أن ما أتوا من ربا والمراد ما أعطوا من مال زائد لمن أرادوا الدين فوق الدين الأصلى بسبب هو أن يربوا فى أموال الناس والمراد أن يزيد مالهم مع أملاك المدينين فهو لا يربوا عند الله والمراد فهو لا يزيد فى كتاب الرب عن ثوابه العادى وأما ما أتيتم من زكاة والمراد وأما ما أعطيتم من حق الله فى المال تريدون وجه الله أى "يرجون رحمة الله"كما قال بسورة البقرة والمراد يطلبون بإعطاء الزكاة ثواب الله فأولئك هم المضعفون أى المزيدون يعنى أنهم يحصلون على 1400حسنة بينما يحصل الأولون على 700وهذا حسنة مصداق لقوله بسورة البقرة "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء".
"الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركاءكم من يفعل من ذلكم من شىء سبحانه وتعالى عما يشركون "المعنى الرب الذى أنشأكم ثم أعطاكم ثم يتوفاكم ثم يبعثكم هل من آلهتكم المزعومة من يصنع من ذلكم من بعض ارتفع أى علا عن الذى يعبدون ،يبين الله للناس أن الله هو الذى خلقهم أى أنشأهم من عدم ثم رزقهم أى أعطاهم النفع ثم أماتهم أى توفاهم ثم يحييهم أى يبعثهم للحياة مرة أخرى ،ويسأل الله هل من شركاءكم من يفعل من ذلكم من شىء والمراد هل من أربابكم المزعومة من يصنع من الخلق والرزق والموت والحياة من فعل ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن آلهتهم عاجزة عن فعل شىء مما يفعله الله ويبين لهم أنه سبحانه أى تعالى والمراد علا عما يشركون وهو ما يعبدون معه وهذا يعنى أنه أفضل مما يصفون مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون".
"ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون"المعنى كثر الأذى فى اليابس والماء بالذى عملت نفوس الخلق ليعرفهم عقاب بعض الذى فعلوا لعلهم يتوبون،يبين الله للنبى (ص)أن الفساد وهو الأذى والمراد المصائب ظهر فى البر وهو اليابس والبحر وهو الماء والسبب ما كسبت أيدى الناس والمراد ما قدمت نفوس الخلق وهو ذنوبهم مصداق لقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"وقوله بسورة آل عمران"ذلك بما قدمت أيديكم"وقوله بسورة المائدة "إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم"والسبب فى الأذى هو أن يذيقهم بعض ما عملوا والمراد أن ينزل بهم عقاب بعض الذى أذنبوا به والسبب لعلهم يرجعون أى "لعلهم يتذكرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لعلهم يعودون لإتباع دين الله والخطاب للنبى(ص)
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركون"المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف كان هلاك الذين من قبل وجودكم كان معظمهم كافرون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض أى نقبوا أى سافروا فى البلاد مصداق لقوله بسورة ق"فنقبوا فى البلاد"فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل والمراد فاعلموا كيف كان جزاء الذين من قبل وجودكم لتعتبروا بما حدث لهم ،كان أكثرهم مشركون والمراد كان أغلبهم كافرون مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون"وهذا يعنى أن أكثر الناس كانوا كفرة وقليل منهم المسلم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين "المعنى فأسلم نفسك للحكم العادل من قبل أن يحضر يوم لا مرجع له من الرب يومئذ يتفرقون من كذب فعليه عقاب تكذيبه ومن فعل حسنا فلمصلحتهم يقدمون ليثيب الذين صدقوا وصنعوا الحسنات من رزقه إنه لا يرحم الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقم وجهه للدين القيم والمراد أن يسلم نفسه للحكم العادل وهذا يعنى أن تطيع نفسه حكم الله من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله والمراد من قبل أن يقع يوم لا مانع له من دون الله وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على منع القيامة من الحدوث ،يومئذ يصدعون والمراد يومذاك يتفرق الناس للجنة والنار مصداق لقوله بسورة الروم"يومئذ يتفرقون "فمن كفر فعليه كفره والمراد فمن أساء فعليه عقاب إساءته ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون والمراد ومن فعل حسنا فلمنفعتهم يقدمون مصداق لقوله بسورة الإسراء"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ومن أساء فعليها "ويبين الله له أنه يجزى والمراد يعطى الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات من فضله وهو رحمته وهو الجنة وهو لا يحب الكافرين أى لا يرحم أى لا يهدى الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله لا يحب الظالمين"وقوله بسورة التوبة "والله لا يهدى القوم الفاسقين ".
"ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى ومن براهينه أن يبعث الهواء المتحرك مفرحات وليعطيكم من فضله ولتسير السفن بحكمه ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون،يبين الله لنبيه(ص)أن من آياته وهى براهينه الدالة على وجوب طاعته وحده أنه يرسل الرياح مبشرات والمراد يبعث الهواء المتحرك مخبرات بسقوط المطر والسبب أن يذيقهم من رحمته أى أن يعطيهم من فضله وهو رزقه الممثل فى المطر ،ويبين له أن الفلك وهى السفن تجرى بأمره والمراد تسير فى البحر بنعمة الله وهى قدرته مصداق لقوله بسورة لقمان"أن الفلك تجرى فى البحر بنعمة الله"ويبين الله للناس أنهم يبتغوا من فضله والمراد أنهم يطلبوا من رزق الله والسبب لعلكم تشكرون أى "لعلكم تعقلون" كما قال بسورة الأنعام والمراد لعلكم تطيعون حكم الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين "المعنى ولقد بعثنا من قبلك مبعوثين إلى شعبهم فأتوهم بالآيات فانتصرنا من الذين كفروا وكان فرضا علينا تأييد المصدقين،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل أى بعث رسلا وهم أنبياء إلى قومهم وهم شعوبهم مصداق لقوله بسورة يونس"ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم"فجاءوهم بالبينات والمراد فأتوهم بالآيات وهى أحكام الوحى والمعجزات فكذبوا بها فانتقمنا من الذين أجرموا والمراد فأهلكنا الذين ظلموا مصداق لقوله بسورة الكهف"تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا "وكان حقا أى فرضا أى واجبا علينا نصر وهو تأييد أى إنجاء المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ثم ننج رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الله الذى يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه فى السماء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل لمبلسين "المعنى الرب الذى يحرك الهواء فتدفع غماما فيمده فى الجو كيف يريد ويخلقه طباقا فتشاهد المطر يسقط من خرومه فإذا أعطاه من يريد من خلقه إذا هم يفرحون وإن كانوا من قبل أن يسقط من قبل لمجدبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى يرسل الرياح فتثير سحابا والمراد الذى يحرك الهواء فيزجى أى فيكون غماما فيبسطه فى السماء والمراد فيمده والمراد فيؤلف بينه فى الجو ويجعله كسفا والمراد فيخلقه ركاما أى طبقات مصداق لقوله بسورة النور"ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما"فترى الودق يخرج من خلاله والمراد فتشاهد المطر يسقط من خرومه وهذا يعنى أن السحاب له خروم كالمصفاة ينزل المطر منها فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون والمراد فإذا أسقطه الله على من يريد من خلقه إذا هم يفرحون بالمطر وقد كانوا من قبل نزول المطر مبلسين أى مجدبين والمراد عندهم حالة جفاف كادت تهلكهم .
"فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحى الأرض بعد موتها إن ذلك لمحى الموتى وهو على كل شىء قدير"المعنى فاعلم بمنافع نفع الرب كيف يبعث الأرض بعد جدبها إن الله لباعث الهلكى وهو لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر إلى آثار رحمة الله والمراد أن يفكر فيفهم من نتائج التفكير كيف يحى الله الأرض بعد موتها والمراد كيف يعيد الأرض للحياة بعد جدبها والله هو محى الموتى أى باعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج "فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص).
"ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون "المعنى ولئن حركنا هواء فشاهدوه مهلكا لاستمروا من بعده يكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أرسل ريحا والمراد إذا حرك هواء فرأوه مصفرا والمراد فعلموا أن الهواء ضار بهم وبمتاعهم لظلوا من بعده يكفرون والمراد لاستمروا من بعد هبوب الهواء الضار يكذبون بحكم الله .
"فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "المعنى فإنك لا تهدى الكفار أى لا تهدى الظلمة الوحى إذا انصرفوا مكذبين أى ما أنت بمبعد الكفار عن كفرهم إن تبلغ إلا من يصدق بأحكامنا فهم مطيعون له،يبين الله لنبيه (ص)أنه لا يسمع الموتى والمراد لا يبلغ الكفار الوحى وفسر هذا بأنه لا يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين والمراد لا يبلغ الكفار الوحى إذا أعرضوا مكذبين الوحى وفسر هذا بأنه ليس هاد العمى عن ضلالتهم والمراد ليس بباعد الكفار عن كفرهم بالوحى،ويبين له أنه يسمع من يؤمن بآيات الله والمراد يبلغ أى ينذر من يصدق بأحكام الله فهم مسلمون أى متبعون للذكر أى مطيعون لما يبلغ لهم مصداق لقوله بسورة يس"إنما تنذر من اتبع الذكر" والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير "المعنى الرب الذى أنشأكم من وهن ثم خلق من بعد وهن شدة ثم خلق من بعد شدة وهنا وابيضاض يبدع ما يريد وهو الخبير الفاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله وهو الرب الذى خلق أى أبدع الناس من ضعف أى وهن أى طفولة ثم جعل أى خلق من بعد ضعف أى طفولة قوة أى شدة هى الشباب ثم جعل أى خلق من بعد قوة أى شدة ضعفا أى وهنا أى شيخوخة وشيبة أى ابيضاض للشعر مصداق لقوله بسورة غافر"ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا "وهو يخلق ما يشاء أى يفعل ما يريد وهو العليم أى الخبير بكل شىء القدير أى الفاعل لما يريد والخطاب للناس.
"ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون"المعنى ويوم تقع القيامة يحلف الكافرون ما عاشوا غير نهار هكذا كانوا يكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم تقوم الساعة والمراد يوم تحدث القيامة يقسم المجرمون والمراد يحلف الكافرون:والله ما لبثنا غير ساعة والمراد ما عشنا غير يوما مصداق لقوله بسورة طه"إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما "وكذلك كانوا يؤفكون والمراد بتلك الطريقة وهى الكذب "كانوا يكفرون بآيات الله"كما قال بسورة البقرة .
"وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم فى كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون"المعنى وقال الذين أعطوا الوحى أى الحكم لقد عشتم فى حكم الرب إلى يوم القيامة فهذا يوم القيامة ولكنكم كنتم لا تطيعون فيومذاك لا يفيد الذين كفروا أسبابهم وليسوا يتبررون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أوتوا العلم وفسر العلم بأنه الإيمان والمراد الذين أعطوا الوحى وهو الحكم قالوا للكفار :لقد لبثتم فى كتاب الله والمراد لقد عشتم فى الدنيا فى حكم الرب إلى يوم البعث أى القيامة فهذا يوم البعث وهو القيامة ولكنكم كنتم لا تعلمون أى لا تؤمنون به،فى يوم القيامة لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم والمراد لا يفيد الذين كفروا إيمانهم أى قولهم إنا مؤمنون مصداق لقوله بسورة السجدة"لا ينفع الذين كفروا إيمانهم "وهم لا يستعتبون أى لا يتبررون والمراد لا يقولون لله أسباب واهية ليمنع عنهم العذاب لأنهم يمنعهم من النطق مصداق لقوله بسورة المرسلات" هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون "المعنى ولقد قلنا للخلق فى هذا الوحى كل حكم ولئن أتيتهم بمعجزة ليقولن الذين كذبوا إن أنتم إلا كافرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ضرب للناس فى هذا القرآن والمراد أنه صرف أى قال للخلق فى هذا الوحى من كل مثل أى كل حكم للقضايا التى يمكن وقوعها فى الحياة،ويبين له أنه لو جاءهم بآية والمراد لو أتاهم بمعجزة لكانت النتيجة أن يقول الذين كفروا أى كذبوا الوحى إن أنتم إلا مبطلون أى مخادعون أى ساحرون وهذا يعنى أنهم يتهمونه بممارسة السحر والخطاب للنبى(ص).
"كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون"المعنى هكذا يختم الرب على نفوس الذين لا يؤمنون فأطع إن قول الرب صدق ولا يضلنك الذين لا يصدقون الوحى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى كفرهم يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون والمراد يختم الرب على نفوس الذين لا يطيعون حكم الله فيستمروا فى كفرهم ويطلب منه أن يصبر أى يطيع حكم ربه مصداق لقوله بسورة القلم"فاصبر لحكم ربك "ويبين له أن وعد الله حق والمراد أن قول الله صدق أى واقع ويطلب منه ألا يستخفه الذين لا يوقنون والمراد ألا يضله الذين لا يصدقون الوحى عن طاعة الوحى والخطاب للنبى(ص)
سميت بهذا الاسم لذكر الروم فيها فى قوله"ألم غلبت الروم".
"بسم الله الرحمن الرحيم ألم غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات صادقة انتصرت الروم فى أقرب البلاد وهم من بعد انتصارهم سيهزمون فى عدة سنوات لله الحكم من قبل ومن بعد ويومئذ يسر المصدقون بتأييد الرب يؤيد من يريد وهو القوى النافع قول الله لا ينقض الرب قوله ولكن معظم الخلق لا يصدقون،يبين الله أن الله الرحمن الرحيم وهو الرب النافع المفيد باسمه وهو بحكمه ألم أى آيات صادقة تتحقق فى المستقبل وهى غلبت الروم فى أدنى الأرض والمراد انتصرت الروم وهى جماعة كافرة على المسلمين فى أقرب البلاد وهى حدود الدولتين وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين والمراد والروم من بعد انتصارهم على المسلمين سيهزمون من المسلمين خلال عدة سنوات وهو ما حدث بعد ذلك ويبين الله أن الأمر وهو الحكم لله من قبل نزول الآيات ومن بعد نزولها مصداق لقوله بسورة الأنعام"ألا له الحكم"وفى يوم انتصار المؤمنين يفرح المؤمنون بنصر الله والمراد يسر المصدقون بحكم الله بتأييد الله لهم وهو ينصر من يشاء أى "يعز من يشاء"كما قال بسورة آل عمران والمراد يؤيد من يريد من الخلق وهو العزيز أى الناصر الرحيم أى النافع لمن يريد وهذا وعد الله والمراد قول من الرب سيتحقق فى المستقبل والله لا يخلف وعده والمراد والرب لا ينكث بعهده وهو قوله مصداق لقوله بسورة البقرة "لن يخلف الله عهده "ويبين لنا أن أكثر الناس لا يعلمون والمراد أن أغلب الخلق لا يؤمنون أى لا يصدقون قول الله مصداق لقوله بسورة هود"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"والخطاب للنبى(ص)
"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون"المعنى يعرفون علما بالمعيشة الأولى وهم عن العمل للقيامة ساهون،يبين الله أن الكفار يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا والمراد يعرفون علما عن المعيشة الأولى والمراد يعرفون كيف يتمتعون بمتاع الحياة الدنيا من خلال دراستهم الدنيوية لها وهذا يعنى حبهم لها وهم عن الآخرة غافلون والمراد وهم عن العمل للقيامة ساهون وهذا يعنى أنهم لا يعملون لمستقبلهم الأخروى فهم "يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة "كما قال بسورة إبراهيم والخطاب للنبى (ص)
"أو لم يتفكروا فى أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم كافرون "المعنى هل لم ينظروا بعقولهم ما أنشأ الرب السموات والأرض والذى وسطهما إلا للعدل وموعد محدد وإن كثيرا من الخلق بجزاء خالقهم مكذبون ،يسأل الله أو لم يتفكروا فى أنفسهم والمراد هل لم يعلموا بعقولهم أن الله ما خلق أى أنشأ أى"فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما إلا بالحق والمراد إلا للعدل وأجل مسمى أى موعد محدد؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار علموا بعقولهم أن الكون خلق لتحقيق العدالة فيه وأن له موعد يهلك فيه ليأتى الحساب بعده ،ويبين أن كثيرا من الناس بلقاء ربهم وهو حساب إلههم وهو الآخرة كافرون أى مكذبون مصداق لقوله بسورة يوسف"وهم بالآخرة هم كافرون "والخطاب للنبى(ص)
"أو لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى هل لم يمشوا فى البلاد فيعرفوا كيف كان جزاء الذين سبقوهم كانوا أعظم منهم بطشا وشيدوا البلاد وبنوها أكبر مما بنوها وأتتهم مبعوثيهم بالآيات فما كان الرب ليبخسهم حقا ولكن كانوا ذواتهم يهلكون ،يسأل الله أو لم يسيروا فى الأرض والمراد هل لم يسافروا فى البلاد فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم أى فيعلموا كيف كان جزاء أى عذاب الذين سبقوهم فى الحياة من الكافرين كانوا أشد منهم قوة أى أعظم منهم بأسا أى بطشا مصداق لقوله بسورة ق "أشد منهم بطشا"وأثاروا الأرض أى وبنوا البلاد وهذا يعنى أنهم شيدوا القصور وفسر الله هذا بأنهم عمروها أكثر مما عمروها والمراد وبنوا فى البلاد أكثر مما بنى الكفار فى عهد الرسول(ص)وجاءتهم رسلهم بالبينات والمراد فأتتهم أنبياؤهم بالآيات وهى آيات الوحى والإعجاز فكفروا فما كان الله وهو الرب ليظلمهم أى ليبخسهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم "،والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار علموا بعقاب الله للأمم السابقة الذين كانوا أقوى منهم وبنوا ما لم يبنوه وعلموا أن الكفار هم الذين أصابوا أنفسهم بالظلم وهو العقاب بسبب ظلمهم وهو كفرهم بحكم الله .
"ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون "المعنى وكان جزاء الذين ظلموا العذاب لأنهم كفروا بأحكام الرب أى كانوا بها يكفرون ،يبين الله أن عاقبة وهى جزاء الذين أساءوا وهم الذين فعلوا السيئات وهى الذنوب السوأى وهى الهلاك أى العذاب أى الخسارة مصداق لقوله بسورة الطلاق"وكان عاقبة أمرها خسرا"والسبب أن كذبوا بآيات الله والمراد أن كفروا بأحكام الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"والذين كفروا بآيات الله"وفسر هذا بأنهم كانوا بها يستهزئون أى يسخرون منها أى يكفرون بها والخطاب وما قبله للنبى(ص)
"الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون"المعنى الله يخلق المخلوق ثم يحييه ثم إليه تحشرون،يبين الله للناس أن الله يبدأ الخلق أى يبدع المخلوق أول مرة وبعد موته يعيده أى يحييه مرة ثانية ثم يموت ثم إليه يرجعون أى "وإليه تقلبون "كما قال بسورة العنكبوت والمراد يعود حيا مرة ثالثة إلى جزاء الله والخطاب للناس
"ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركاءهم شفعاء وكانوا بشركاءهم كافرين"المعنى ويوم تحدث القيامة يعذب الكافرون ولم يكن لهم من آلهتهم ناصرين وكانوا بآلهتهم مكذبين ،يبين الله أن يوم تقوم الساعة والمراد يوم تقع القيامة يبلس المجرمون أى يخسر المبطلون مصداق لقوله بسورة الجاثية "ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون "وهذا يعنى أنهم يعذبون ولم يكن لهم من شركاءهم شفعاء والمراد ولم يكن لهم من آلهتهم المزعومة ناصرين ينقذونهم من العذاب وكانوا بشركاءهم كافرين والمراد وكانوا بآلهتهم مكذبين وهذا يعنى أن الكفار ينفون عبادتهم للشركاء مصداق لقولهم بسورة الأنعام "والله ربنا ما كنا مشركين"والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم فى روضة يحبرون وأما الذين كفروا و كذبوا بآياتنا ولقاىء الآخرة فأولئك فى العذاب محضرون"المعنى ويوم تحدث القيامة يومذاك يتوزعون فأما الذين صدقوا بحكم الله وفعلوا الحسنات فهم فى جنة يتمتعون وأما الذين جحدوا أى كذبوا بأحكامنا وجزاء القيامة فأولئك فى النار معذبون ،يبين الله أن يوم تقوم الساعة وهو يوم تقع القيامة يومئذ يتفرقون والمراد يومذاك ينقسم الناس لفريقين فأما الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فهم فى روضة يحبرون أى فهم فى جنة يسعدون أى يتمتعون مصداق لقوله بسورة هود"وأما الذين سعدوا ففى الجنة "وأما الذين كفروا أى كذبوا أى جحدوا آيات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة فصلت"وكانوا بآياتنا يجحدون"ولقاء الآخرة وهو جزاء القيامة فأولئك فى العذاب محضرون والمراد فى النار مبلسون أى معذبون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون".
"فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد فى السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون "المعنى فالطاعة للرب وقت تظلمون ووقت تظهرون وله الحكم فى السموات والأرض وليلا ووقت تصبحون،يبين الله أن سبحان والمراد التسبيح وهو طاعة حكم الله يكون حين تمسون وفسره بأنه عشيا والمراد وقت تظلمون أى ليلا وحين تصبحون وفسره بأنه حين تظهرون أى وقت النهار وهى وقت تنارون بنور الشمس وهذا يعنى وجوب طاعته ليلا ونهارا وله الحمد وهو الطاعة لأمره فى السموات والأرض مصداق لقوله بنفس السورة "لله الأمر من قبل ومن بعد".
"يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويحى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون"المعنى يفصل الباقى عن الفانى ويفصل الفانى عن الباقى ويبعث الأرض بعد جدبها وهكذا تحيون ،يبين الله أنه يخرج الحى من الميت والمراد يبعد الباقى عن المنتقل لعالم الغيب ويخرج الميت من الحى أى ويبعد الموجود فى عالم الغيب عن الموجود فى عالم الظاهر وهذا يعنى وجود فاصل بين عالم الأحياء وعالم الموتى بحيث لا يتصلون ببعضهم وهو يحى الأرض بعد موتها أى يعيد الخصب للتراب بعد جدبه عن طريق الماء وكذلك تخرجون أى"كذلك يحى الله الموتى"كما قال بسورة البقرة والمراد عن طريق الماء يبعث الله الموتى للحياة مرة أخرى والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للناس
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون "المعنى ومن علاماته أن أنشأكم من تراب ثم إذا أنتم أناس تخرجون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين "فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "المعنى ومن براهينه أن أبدع لكم من ذواتكم زوجات لترتاحوا معها وخلق بينكم حبا أى نفعا إن فى الخلق لبراهين لناس ينظرون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه على وجوب عبادته وحده أنه خلق من أنفس الناس أزواجا والمراد أنشأ للناس من بعضهم زوجات أى إناث والسبب فى خلقهن أن يسكنوا إليها أى يستريحوا معهن وجعل بين الرجال والنساء مودة أى حب وفسره الله بأنه رحمة أى تبادل للمنافع بالرضا والعفو وفى ذلك وهو خلق النساء من الرجال آيات أى براهين دالة على قدرته ومن ثم على وجوب عبادته وحده لقوم يتفكرون أى "لقوم يسمعون "كما قال بنفس السورة والمراد لناس ينظروا فى الأمر فيعلموا الحق .
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين "المعنى ومن براهينه إبداع السموات والأرض وتعدد ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لبراهين للعلماء ،يبين الله للناس أن من آياته وهى علاماته الدالة على قدرته خلق وهو إنشاء السموات والأرض واختلاف وهو تعدد ألسنتكم وهى لغات الناس وألوانهم وهى طلاءات جلودهم الإلهية وفى خلق الكون وتعدد ألسنة الناس وألوانهم آيات أى براهين للعالمين وهم العارفين أى أصحاب النهى وهى العقول مصداق لقوله بسورة طه"إن فى ذلك لآيات لأولى النهى ".
"ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون "المعنى ومن براهينه رقودكم بالليل والنهار وطلبكم من رزقه إن فى ذلك لبراهين لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته منامهم وهو سباتهم أى راحتهم فى الليل والنهار وابتغاؤهم من فضله والمراد وسعيهم وراء رزق الله وذلك وهو النوم وابتغاء الفضل هو من آيات أى براهين الله الدالة على قدرته ومن ثم وجوب طاعته وحده لقوم يسمعون أى لناس يعقلون مصداق لقوله بنفس السورة"لقوم يعقلون"والخطاب وما بعده وما بعده للناس
"ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحى به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى ومن براهينه يشهدكم النار رعبا وحبا ويسقط من السحاب مطرا فيبعث به الأرض بعد جدبها إن فى ذلك لبراهين لناس يفهمون،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته :أنه يريهم البرق خوفا وطمعا والمراد أنه يشهدهم النار المتولدة من احتكاك طبقات السحب أو السحب إرهابا لهم من عذابه وترغيبا لهم فيما بعد النار من الماء النافع لهم ومنها أنه ينزل من السماء ماء والمراد أنه يسقط من السحاب مطر فيحى به الأرض بعد موتها والمراد فيبعث به الأرض بعد جدبها وهذا يعنى أنه يعيد لها الخصوبة التى تجعلها تنبت النباتات وفى ذلك وهو البرق ونزول المطر آيات لقوم يعقلون والمراد براهين لناس يؤمنون مصداق لقوله بسورة الروم"لقوم يؤمنون".
"ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون "المعنى ومن براهينه أن تعمل السماء والأرض بحكمه ثم إذا ناداكم نداء فى الأرض إذا أنتم تبعثون،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته أن تقوم بأمره والمراد أن تعمل بحكمه السماء والأرض وهذا هو ما سماه الله تسليم الخلق لحكمه مصداق لقوله بسورة آل عمران"وله أسلم من فى السموات والأرض"ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون والمراد ثم إذا ناداكم زجرة أى نداء من الأرض إذا أنتم تنظرون أى تبعثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة الصافات"فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون "وهذا يعنى أن البوق ينفخ فيه فيبعثون .
"وله من فى السموات والأرض كل له قانتون"المعنى وله ملك من فى السموات والأرض كل له عابدون ،يبين الله للناس أن له أى يملك كل من فى السموات والأرض فالكل له قانتون أى مطيعون لحكمه أى عابدون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون" والخطاب وما بعده للناس
"وهو الذى يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم " المعنى وهو الذى يبدع الشىء ثم يبعثه وهو أسهل عليه وله الحكم الأعظم فى السموات والأرض وهو الناصر القاضى بالحق ،يبين الله للناس أنه هو الذى يبدأ الخلق والمراد أنه هو الذى يخلق الشىء أول مرة وبعد موته يعيده أى يبعثه مرة ثانية للحياة وهو أهون عليه والمراد وهو أيسر عليه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"إن ذلك على الله يسيرا"ولله المثل الأعلى والمراد ولله الحكم الحسن فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأنعام"ومن أحسن من الله حكما"والله هو العزيز أى الناصر لمن ينصره الحكيم أى القاضى بالحق.
"ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فى ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون "المعنى قال لكم قولا فى أنفسكم هل لكم من الذى تصرفت أنفسكم فيهم من مقاسمين لكم فيما أعطيناكم فأنتم فيه شركاء تخشونهم كخشيتكم بعضكم هكذا نبين الأحكام لقوم يفهمون ،يبين الله للناس أنه ضرب لهم مثلا من أنفسهم والمراد قال لهم سؤالا فى أنفسهم هو هل من ما ملكت أيمانكم أى الذى تحكمت أنفسكم فيهم وهم العبيد والإماء من شركاء أى مقاسمين لكم فيما رزقناكم أى أعطيناكم فأنتم فيه سواء أى متساوون أى شركاء؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن العبيد والإماء وهم ملك اليمين شركاء لهم فى رزق الله وهذا يعنى أن الرزق الموجود فى الأرض يقسم على الناس بالتساوى وليس كما هو الحال من وجود أغنياء وفقراء والناس يخافونهم أى يخشون من أذى العبيد والإماء كخيفتهم أنفسهم والمراد كخشيتهم لأذى بعضهم البعض وهم يخشون العبيد والإماء بسبب معرفتهم أنهم يبخسونهم حقهم الذى فرضه الله لهم وهو تقاسم الرزق معهم بالتساوى ويبين أنه بتلك الطريقة يفصل الآيات والمراد يبين الأحكام لقوم يعقلون أى لناس يفكرون فيطيعون الأحكام مصداق لقوله بسورة البقرة "كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون "والخطاب وما قبله للناس
"بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من ناصرين "المعنى لقد أطاع الذين كفروا شهواتهم بغير علم فمن يرحم من عذب الرب أى مالهم من منقذين،يبين الله أن الذين ظلموا أى كفروا بأحكام الله اتبعوا أهواءهم والمراد أطاعوا ظنونهم مصداق لقوله بسورة النجم"إن يتبعون إلا الظن"وهى شهواتهم بغير علم والمراد بغير هدى أى وحى يبيح لهم طاعة الأهواء من الله مصداق لقوله بسورة القصص"ممن اتبع هواه بغير هدى من الله "ويسأل الله فمن يهدى من أضل الله والمراد فمن ينقذ من عاقب الرب؟والغرض من السؤال هو ما قاله بعده ما لهم من ناصرين أى منقذين أى أولياء ينصرونهم من عقاب الله مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون "والخطاب للناس
"فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى فأسلم نفسك للإسلام مصدقا دين الرب الذى خلق الناس عليه ،لا تغيير لدين الرب ،الإسلام الحكم العدل ولكن معظم الخلق لا يفقهون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقيم وجهه للدين حنيفا والمراد أن يسلم نفسه للإسلام مصدقا به مصداق لقوله بسورة لقمان"ومن يسلم وجهه إلى الله"والمراد أن يطيع حكم الإسلام وهو مصدق به ،ويبين له أن الإسلام هو فطرة أى دين الله أى "صبغة الله"كما قال بسورة البقرة وهى التى فطر الناس عليها والمراد وهو الدين الذى كلف الخلق به منذ أولهم آدم(ص)،ويبين له أن لا تبديل لخلق الله والمراد لا تغيير لدين وهو كلمات الله مصداق لقوله بسورة يونس"لا تبديل لكلمات الله "والإسلام هو الدين القيم وهو الحكم العدل ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن معظم الخلق لا يطيعون الإسلام أى لا يشكرون الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون"والخطاب للنبى(ص)
"منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون "المعنى مطيعين لحكمه أى اتبعوا حكمه أى أطيعوا الدين أى لا تصبحوا من الكافرين من الذين قسموا حكمهم وكانوا فرقا كل فريق بالذى عنده متمسك،يبين الله للمؤمنين أنهم يجب أن يكونوا منيبين إليه أى متبعين لحكمه أى "مخلصين له الدين "كما قال بسورة غافر وفسر هذا بقوله اتقوه أى أطيعوا دينه وفسر هذا بقوله أقيموا الصلاة أى اتبعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسر هذا بألا يكونوا من المشركين أى ألا يصبحوا من الكافرين من الذين فرقوا دينهم أى قطعوا أمرهم وهو حكمهم قطعا والمراد كل فريق له تفسير للحكم وكانوا شيعا أى فرقا كل حزب بما لديهم فرحون والمراد كل فريق بالذى عندهم من العلم مستمسكون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا "وقوله بسورة غافر"فرحوا بما عندهم من العلم "والخطاب للمؤمنين ومحذوف أوله
"وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "المعنى وإذا أصاب الخلق أذى نادوا إلههم مطيعين لحكمه ثم إذا أعطاهم منه نفع إذا جمع منهم بإلههم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم فتلذذوا فسوف تعرفون عقاب الكفر ،يبين الله للمؤمنين أن الناس وهم الخلق إذا مسهم ضر أى إذا أصابهم أذى دعوا ربهم منيبين إليه والمراد نادوا خالقهم "مخلصين له الدين "كما قال بسورة غافر وهذا يعنى أنهم لا يعرفون طاعة الله إلا وقت ضرر ،ثم إذا أذاقهم منه رحمة والمراد ثم إذا أعطاهم منه نفع منه إذا فريق منهم بربهم يشركون والمراد إذا جماعة منهم بخالقهم يكفرون والسبب فى شركهم هو أن يكفروا بما أتيناهم والمراد أن يكذبوا بالذى أوحى لهم الله من الوحى ويطلب الله من الكفار أن يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه "كما قال بسورة هود والخطاب حتى فتمتعوا للمؤمنين وما بعده جزء من آية أخرى تم حذف أولها
"أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون "المعنى هل أوحينا لهم وحيا فهو يتحدث بالذى كانوا به يحكمون ،يسأل الله أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم والمراد هل ألقينا لهم وحيا أى كتاب فهو يبيح ما كانوا به يشركون أى الذى كانوا به يحكمون أى يتخيرون مصداق لقوله بسورة القلم"أم لكم كتاب فيه تدرسون أن لكم فيه لما تخيرون" ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله لم ينزل وحى يتحدث عن إباحة الكفر به وعبادة غيره معه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون "المعنى وإذا أعطينا الخلق نفع سروا بها وإن يمسهم أذى بما عملت أنفسهم إذا هم ييأسون،يبين الله للمؤمنين أن الناس وهم الكفار إذا أذاقهم رحمة منه فرحوا بها والمراد إذا أعطاهم نعمة منه سروا بها مصداق لقوله بسورة هود"إذا أذقناه نعماء"ويبين أن الكفار إن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم والمراد إن يمسهم شر وهو أذى بسبب ما صنعت أنفسهم إذا هم يقنطون أى ييأسون من رحمة الله مصداق لقوله بسورة فصلت"وإن مسه الشر فيئوس قنوط".
"أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى هل لم يعلموا أن الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل إن فى ذلك لبراهين لناس يصدقون ،يسأل الله أو لم يروا أى هل لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد أن الرب يكثر العطاء ويقلل ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار عرفوا أن الله حر فى إعطاء الرزق بكثرة أو بقلة لمن يريد وفى بسط الرزق وتقليله آيات لقوم يؤمنون والمراد براهين تدل على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"لقوم يعقلون " والخطاب هنا للنبى(ص)
"فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون "المعنى فأعط صاحب القرابة فرضه والمحتاج وولد الطريق ذلك أفضل للذين يحبون ثواب الرب وأولئك هم الفائزون ،يطلب الله من المسلم أن يؤت الحق والمراد يعطى الفرض المقدر من المال لذى القربى وهو القريب قريب النسب أو الزواج والمسكين وهو المحتاج للمال وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس له مال يوصله لأهله ،ويبين له أن ذلك وهو إعطاء الحق خير أى أفضل أجرا للذين يريدون وجه الله وهم الذين "يرجون رحمة الله "كما قال بسورة البقرة أى الذين يرغبون فى جنة الله وأولئك هم المفلحون أى "وأولئك هم الفائزون"بجنة الله كما قال بسورة التوبة والخطاب لكل مسلم قادر ماليا والخطاب بعده لهم
"وما أتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند الله وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون "المعنى وما أعطيتم من زيادة لتزيد فى أمتعة البشر فلا يزيد لدى الرب وما أعطيتم من حق تطلبون رحمة الرب فأولئك هم المزيدون ،يبين الله للمؤمنين أن ما أتوا من ربا والمراد ما أعطوا من مال زائد لمن أرادوا الدين فوق الدين الأصلى بسبب هو أن يربوا فى أموال الناس والمراد أن يزيد مالهم مع أملاك المدينين فهو لا يربوا عند الله والمراد فهو لا يزيد فى كتاب الرب عن ثوابه العادى وأما ما أتيتم من زكاة والمراد وأما ما أعطيتم من حق الله فى المال تريدون وجه الله أى "يرجون رحمة الله"كما قال بسورة البقرة والمراد يطلبون بإعطاء الزكاة ثواب الله فأولئك هم المضعفون أى المزيدون يعنى أنهم يحصلون على 1400حسنة بينما يحصل الأولون على 700وهذا حسنة مصداق لقوله بسورة البقرة "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء".
"الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركاءكم من يفعل من ذلكم من شىء سبحانه وتعالى عما يشركون "المعنى الرب الذى أنشأكم ثم أعطاكم ثم يتوفاكم ثم يبعثكم هل من آلهتكم المزعومة من يصنع من ذلكم من بعض ارتفع أى علا عن الذى يعبدون ،يبين الله للناس أن الله هو الذى خلقهم أى أنشأهم من عدم ثم رزقهم أى أعطاهم النفع ثم أماتهم أى توفاهم ثم يحييهم أى يبعثهم للحياة مرة أخرى ،ويسأل الله هل من شركاءكم من يفعل من ذلكم من شىء والمراد هل من أربابكم المزعومة من يصنع من الخلق والرزق والموت والحياة من فعل ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن آلهتهم عاجزة عن فعل شىء مما يفعله الله ويبين لهم أنه سبحانه أى تعالى والمراد علا عما يشركون وهو ما يعبدون معه وهذا يعنى أنه أفضل مما يصفون مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون".
"ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون"المعنى كثر الأذى فى اليابس والماء بالذى عملت نفوس الخلق ليعرفهم عقاب بعض الذى فعلوا لعلهم يتوبون،يبين الله للنبى (ص)أن الفساد وهو الأذى والمراد المصائب ظهر فى البر وهو اليابس والبحر وهو الماء والسبب ما كسبت أيدى الناس والمراد ما قدمت نفوس الخلق وهو ذنوبهم مصداق لقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"وقوله بسورة آل عمران"ذلك بما قدمت أيديكم"وقوله بسورة المائدة "إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم"والسبب فى الأذى هو أن يذيقهم بعض ما عملوا والمراد أن ينزل بهم عقاب بعض الذى أذنبوا به والسبب لعلهم يرجعون أى "لعلهم يتذكرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لعلهم يعودون لإتباع دين الله والخطاب للنبى(ص)
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركون"المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف كان هلاك الذين من قبل وجودكم كان معظمهم كافرون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض أى نقبوا أى سافروا فى البلاد مصداق لقوله بسورة ق"فنقبوا فى البلاد"فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل والمراد فاعلموا كيف كان جزاء الذين من قبل وجودكم لتعتبروا بما حدث لهم ،كان أكثرهم مشركون والمراد كان أغلبهم كافرون مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون"وهذا يعنى أن أكثر الناس كانوا كفرة وقليل منهم المسلم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين "المعنى فأسلم نفسك للحكم العادل من قبل أن يحضر يوم لا مرجع له من الرب يومئذ يتفرقون من كذب فعليه عقاب تكذيبه ومن فعل حسنا فلمصلحتهم يقدمون ليثيب الذين صدقوا وصنعوا الحسنات من رزقه إنه لا يرحم الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقم وجهه للدين القيم والمراد أن يسلم نفسه للحكم العادل وهذا يعنى أن تطيع نفسه حكم الله من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله والمراد من قبل أن يقع يوم لا مانع له من دون الله وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على منع القيامة من الحدوث ،يومئذ يصدعون والمراد يومذاك يتفرق الناس للجنة والنار مصداق لقوله بسورة الروم"يومئذ يتفرقون "فمن كفر فعليه كفره والمراد فمن أساء فعليه عقاب إساءته ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون والمراد ومن فعل حسنا فلمنفعتهم يقدمون مصداق لقوله بسورة الإسراء"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ومن أساء فعليها "ويبين الله له أنه يجزى والمراد يعطى الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات من فضله وهو رحمته وهو الجنة وهو لا يحب الكافرين أى لا يرحم أى لا يهدى الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله لا يحب الظالمين"وقوله بسورة التوبة "والله لا يهدى القوم الفاسقين ".
"ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى ومن براهينه أن يبعث الهواء المتحرك مفرحات وليعطيكم من فضله ولتسير السفن بحكمه ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون،يبين الله لنبيه(ص)أن من آياته وهى براهينه الدالة على وجوب طاعته وحده أنه يرسل الرياح مبشرات والمراد يبعث الهواء المتحرك مخبرات بسقوط المطر والسبب أن يذيقهم من رحمته أى أن يعطيهم من فضله وهو رزقه الممثل فى المطر ،ويبين له أن الفلك وهى السفن تجرى بأمره والمراد تسير فى البحر بنعمة الله وهى قدرته مصداق لقوله بسورة لقمان"أن الفلك تجرى فى البحر بنعمة الله"ويبين الله للناس أنهم يبتغوا من فضله والمراد أنهم يطلبوا من رزق الله والسبب لعلكم تشكرون أى "لعلكم تعقلون" كما قال بسورة الأنعام والمراد لعلكم تطيعون حكم الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين "المعنى ولقد بعثنا من قبلك مبعوثين إلى شعبهم فأتوهم بالآيات فانتصرنا من الذين كفروا وكان فرضا علينا تأييد المصدقين،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل أى بعث رسلا وهم أنبياء إلى قومهم وهم شعوبهم مصداق لقوله بسورة يونس"ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم"فجاءوهم بالبينات والمراد فأتوهم بالآيات وهى أحكام الوحى والمعجزات فكذبوا بها فانتقمنا من الذين أجرموا والمراد فأهلكنا الذين ظلموا مصداق لقوله بسورة الكهف"تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا "وكان حقا أى فرضا أى واجبا علينا نصر وهو تأييد أى إنجاء المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ثم ننج رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الله الذى يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه فى السماء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل لمبلسين "المعنى الرب الذى يحرك الهواء فتدفع غماما فيمده فى الجو كيف يريد ويخلقه طباقا فتشاهد المطر يسقط من خرومه فإذا أعطاه من يريد من خلقه إذا هم يفرحون وإن كانوا من قبل أن يسقط من قبل لمجدبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى يرسل الرياح فتثير سحابا والمراد الذى يحرك الهواء فيزجى أى فيكون غماما فيبسطه فى السماء والمراد فيمده والمراد فيؤلف بينه فى الجو ويجعله كسفا والمراد فيخلقه ركاما أى طبقات مصداق لقوله بسورة النور"ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما"فترى الودق يخرج من خلاله والمراد فتشاهد المطر يسقط من خرومه وهذا يعنى أن السحاب له خروم كالمصفاة ينزل المطر منها فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون والمراد فإذا أسقطه الله على من يريد من خلقه إذا هم يفرحون بالمطر وقد كانوا من قبل نزول المطر مبلسين أى مجدبين والمراد عندهم حالة جفاف كادت تهلكهم .
"فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحى الأرض بعد موتها إن ذلك لمحى الموتى وهو على كل شىء قدير"المعنى فاعلم بمنافع نفع الرب كيف يبعث الأرض بعد جدبها إن الله لباعث الهلكى وهو لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر إلى آثار رحمة الله والمراد أن يفكر فيفهم من نتائج التفكير كيف يحى الله الأرض بعد موتها والمراد كيف يعيد الأرض للحياة بعد جدبها والله هو محى الموتى أى باعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج "فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص).
"ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون "المعنى ولئن حركنا هواء فشاهدوه مهلكا لاستمروا من بعده يكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أرسل ريحا والمراد إذا حرك هواء فرأوه مصفرا والمراد فعلموا أن الهواء ضار بهم وبمتاعهم لظلوا من بعده يكفرون والمراد لاستمروا من بعد هبوب الهواء الضار يكذبون بحكم الله .
"فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "المعنى فإنك لا تهدى الكفار أى لا تهدى الظلمة الوحى إذا انصرفوا مكذبين أى ما أنت بمبعد الكفار عن كفرهم إن تبلغ إلا من يصدق بأحكامنا فهم مطيعون له،يبين الله لنبيه (ص)أنه لا يسمع الموتى والمراد لا يبلغ الكفار الوحى وفسر هذا بأنه لا يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين والمراد لا يبلغ الكفار الوحى إذا أعرضوا مكذبين الوحى وفسر هذا بأنه ليس هاد العمى عن ضلالتهم والمراد ليس بباعد الكفار عن كفرهم بالوحى،ويبين له أنه يسمع من يؤمن بآيات الله والمراد يبلغ أى ينذر من يصدق بأحكام الله فهم مسلمون أى متبعون للذكر أى مطيعون لما يبلغ لهم مصداق لقوله بسورة يس"إنما تنذر من اتبع الذكر" والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير "المعنى الرب الذى أنشأكم من وهن ثم خلق من بعد وهن شدة ثم خلق من بعد شدة وهنا وابيضاض يبدع ما يريد وهو الخبير الفاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله وهو الرب الذى خلق أى أبدع الناس من ضعف أى وهن أى طفولة ثم جعل أى خلق من بعد ضعف أى طفولة قوة أى شدة هى الشباب ثم جعل أى خلق من بعد قوة أى شدة ضعفا أى وهنا أى شيخوخة وشيبة أى ابيضاض للشعر مصداق لقوله بسورة غافر"ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا "وهو يخلق ما يشاء أى يفعل ما يريد وهو العليم أى الخبير بكل شىء القدير أى الفاعل لما يريد والخطاب للناس.
"ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون"المعنى ويوم تقع القيامة يحلف الكافرون ما عاشوا غير نهار هكذا كانوا يكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم تقوم الساعة والمراد يوم تحدث القيامة يقسم المجرمون والمراد يحلف الكافرون:والله ما لبثنا غير ساعة والمراد ما عشنا غير يوما مصداق لقوله بسورة طه"إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما "وكذلك كانوا يؤفكون والمراد بتلك الطريقة وهى الكذب "كانوا يكفرون بآيات الله"كما قال بسورة البقرة .
"وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم فى كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون"المعنى وقال الذين أعطوا الوحى أى الحكم لقد عشتم فى حكم الرب إلى يوم القيامة فهذا يوم القيامة ولكنكم كنتم لا تطيعون فيومذاك لا يفيد الذين كفروا أسبابهم وليسوا يتبررون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أوتوا العلم وفسر العلم بأنه الإيمان والمراد الذين أعطوا الوحى وهو الحكم قالوا للكفار :لقد لبثتم فى كتاب الله والمراد لقد عشتم فى الدنيا فى حكم الرب إلى يوم البعث أى القيامة فهذا يوم البعث وهو القيامة ولكنكم كنتم لا تعلمون أى لا تؤمنون به،فى يوم القيامة لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم والمراد لا يفيد الذين كفروا إيمانهم أى قولهم إنا مؤمنون مصداق لقوله بسورة السجدة"لا ينفع الذين كفروا إيمانهم "وهم لا يستعتبون أى لا يتبررون والمراد لا يقولون لله أسباب واهية ليمنع عنهم العذاب لأنهم يمنعهم من النطق مصداق لقوله بسورة المرسلات" هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون "المعنى ولقد قلنا للخلق فى هذا الوحى كل حكم ولئن أتيتهم بمعجزة ليقولن الذين كذبوا إن أنتم إلا كافرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ضرب للناس فى هذا القرآن والمراد أنه صرف أى قال للخلق فى هذا الوحى من كل مثل أى كل حكم للقضايا التى يمكن وقوعها فى الحياة،ويبين له أنه لو جاءهم بآية والمراد لو أتاهم بمعجزة لكانت النتيجة أن يقول الذين كفروا أى كذبوا الوحى إن أنتم إلا مبطلون أى مخادعون أى ساحرون وهذا يعنى أنهم يتهمونه بممارسة السحر والخطاب للنبى(ص).
"كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون"المعنى هكذا يختم الرب على نفوس الذين لا يؤمنون فأطع إن قول الرب صدق ولا يضلنك الذين لا يصدقون الوحى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى كفرهم يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون والمراد يختم الرب على نفوس الذين لا يطيعون حكم الله فيستمروا فى كفرهم ويطلب منه أن يصبر أى يطيع حكم ربه مصداق لقوله بسورة القلم"فاصبر لحكم ربك "ويبين له أن وعد الله حق والمراد أن قول الله صدق أى واقع ويطلب منه ألا يستخفه الذين لا يوقنون والمراد ألا يضله الذين لا يصدقون الوحى عن طاعة الوحى والخطاب للنبى(ص)