رضا البطاوى
07-03-2019, 12:59 PM
"يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين "يفسره قوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله"وقوله بسورة الدخان"ولقد اخترناهم على علم على العالمين"فذكر النعمة هو ذكر آلاء الله وهى أحكامه وتفضيل القوم هو اختيارهم من بين الناس ومعنى الآية يا أولاد يعقوب أطيعوا حكمى الذى أرسلت لكم وأنى اخترتكم من الناس ،يبين الله لبنى إسرائيل أن الواجب عليهم هو إطاعة رسالته وهى نعمته المنزلة عليهم لأنه فضلهم على العالمين بسبب طاعتهم للوحى وليس غير هذا ،والخطاب للمؤمنين وهو حكاية عما حدث لبنى إسرائيل وكذا القول بعده وهما تكرار لفظى لآيتين سابقتين عدا عدة كلمات.
"واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون "يفسره قوله بسورة البقرة "فاتقوا النار"وقوله بسورة الإنفطار "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا"وقوله بسورة الدخان "يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"وقوله بسورة البقرة "ولا يؤخذ منها عدل "وقوله "ولا هم ينظرون "وقوله بسورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا "فإتقاء اليوم هو إتقاء النار بسورة البقرة وعدم جزاء نفس عن نفس شيئا هو عدم إغناء مولى عن مولى شيئا بسورة الدخان هو عدم ملكية نفس لنفس أمرا فى ذلك اليوم بسورة الإنفطار وعدم قبول العدل هو عدم أخذ العدل بسورة البقرة هو عدم أخذ الفدية منهم بسورة الحديد وعدم نصرهم هو عدم النظر لهم بسورة البقرة والمعنى وابتعدوا عن عذاب يوم لا تتحمل نفس عن نفس عقابا ولا يؤخذ منها فدية ولا تفيدها مناصرة الأخرين ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يتم تحريم التالى تحمل المخلوق لعقاب الأخرين وتحرم الفدية وهو العدل أى المال المدفوع مقابل إخراجهم من النار وتحرم الشفاعة وهى الكلام الذى يراد من خلفه إخراجهم من النار مع استحقاقهم لها ويحرم نصرهم أى رحمتهم من قبل الله .
"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"قوله "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن"يفسره قوله بسورة البقرة "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"فكلمات الابتلاء هى قول الله له:أسلم وإتمامه هو قوله أسلمت لرب العالمين والمعنى وقد اختبر إبراهيم إلهه بالإسلام فأسلم ،يبين الله لنا أنه اختبر إبراهيم (ص)بطلب الإسلام منه فنجح فى الإختبار حيث أسلم وجهه لله،وقوله "قال إنى جاعلك للناس إماما "يفسره قوله بسورة النساء"واتخذ الله إبراهيم خليلا"فالإمام هو الخليل أى الرسول والمعنى قال إنى معينك للخلق رسولا ،وهذا يعنى أن الله أرسله للناس قائدا يرشدهم للحق ،وقوله "قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"يفسره قوله بسورة إبراهيم "رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى "فطلب إبراهيم (ص)كون الذرية أئمة هو أن يكونوا مقيمى الصلاة والمعنى قال ومن نسلى هداة قال لا يأخذ ثوابى الكفار،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يكون نسله كله هداة أئمة يرشدون الناس فأخبره الله أن عهده وهو ثوابه لا يأخذه الكفار وهذه معناه أن نسله سيكون منه كفرة ظلمة فى المستقبل والمعنى وقد اختبر إبراهيم (ص)إلهه بأوامر فأطاعهن قال إنى مختارك للخلق رسولا قال ومن نسلى هداة مثلى قال لا يدخل رحمتى الكافرين والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم(ص)وكذا ما بعده.
"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"قوله "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا"يفسره قوله بسورة المائدة "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس"فالمثابة هى القيام هى الأمن للناس والمعنى وقد وضعنا الكعبة قياما للبشر أى طمأنينة وهذا يبين لنا أن سبب بناء الكعبة فى الأرض هو أن تكون مثابة أى مكان أمن للخلق أى مكان لقيام أى دوام حياة الخلق فيها ،وقوله "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "يفسره قوله بسورة البقرة "فول وجهك شطر المسجد الحرام "فاتخاذ المقام مصلى هو تولية الوجه تجاه المسجد الحرام والمعنى واجعلوا تطهير إبراهيم (ص)قبلة ،يطلب الله من المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم (ص)أى الكعبة مصلى أى قبلة يتجهوا إليها عند الصلاة وقوله "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"يفسره قوله بسورة الحج"وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"فالعاكفين هم القائمين والمصلين والمعنى وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن جهزا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،يبين الله لنا أنه عهد أى أوحى لإبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)ابنه أن يطهرا البيت أى يرفعا أى يجهزا الكعبة من أجل الطائفين وهم الزائرين الحجيج والعمار والعاكفين وهم المقيمين فى جوار المسجد والركع السجود وهم المصلين المتجهين للكعبة فى الصلاة ومعنى الآية وقد وضعنا الكعبة حياة للخلق أى طمأنينة واجعلوا من مكان تنظيف إبراهيم (ص)قبلة وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن نطفا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،ونلاحظ أن القول هنا هو وصل لعدة آيات فأولها حديث من الله عن الكعبة"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا "فهو حديث عن الماضى وثانيها جزء من آية تتحدث عن الحاضر "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"فهى أمر للمسلمين بالإتجاه عند الصلاة للكعبة وثالثها جزء من آية تتحدث عن بناء إبراهيم(ص)وإسماعيل (ص)للكعبة وهو ماضى وإن كان أحدث من الجزء الأول .
"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "قوله "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر"يفسره قوله بسورة القصص"حرما أمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا "فالبلد الأمن هو الحرم الأمن والمعنى وقد قال إبراهيم (ص)إلهى أدم هذه قرية مطمئنة وأعطى سكانه من المنافع من صدق بحكم الله ويوم القيامة ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يجعل مكة بلد أمن أى قرية مطمئنة ليس فيها قتال أو قتل وطلب منه أن يرزق أى يعطى أهل البلدة ثمرات كل شىء أى منافع كل صنف من الرزق وخص بهذا الذين يؤمنون بوحى الله ويوم البعث ،وقوله "قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "يفسره قوله بسورة لقمان"نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ "وقوله بسورة المائدة "إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة "وقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار"فمن كفر هو من يشرك بالله فى سورة لقمان وعذاب النار هو العذاب الغليظ بسورة لقمان والمصير هو القرار بسورة إبراهيم والمعنى قال الله ومن أشرك بالله فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار ،يبين الله لإبراهيم (ص)أن من كفر أى عصى وحى الله من سكان مكة سوف يمتعه قليلا أى يعطيه الرزق وقتا قصيرا هو وقت معيشتهم فى الدنيا ثم بعد الموت يدخله النار حيث البيت القبيح لمن يقيم به ومعنى الآية وقد قال إبراهيم إلهى أدم مكة قرية مطمئنة وأعطى سكانها من المنافع من صدق بوحى الله ويوم القيامة قال الله ومن كذب بوحى الله ويوم البعث فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار .
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا "يعنى وحين يحمل إبراهيم (ص)القمامة للقبلة وإسماعيل (ص)إلهنا إرض عنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وقت رفعهما القواعد وهو وقت رفع القمامة الترابية من القبلة دعوا معا فقالا لله:تقبل منا أى إرض عن عملنا وقوله "إنك أنت السميع العليم "يعنى إنك أنت الخبير المحيط ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قالا فى الدعاء:إنك أنت السميع العليم فالسميع هو العارف لكل شىء ومثله العليم أى المحيط بكل أمر فى الكون ومعنى الآية وحين ينظف إبراهيم (ص)تراب القبلة وإسماعيل(ص)إلهنا إرض عن عملنا إنك أنت الخبير المحيط .
"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.
"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى .
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من آيتين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الآية الأولى معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .
"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه والخطاب لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.
"فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم فى شقاق فسيكيفكهم الله وهو السميع العليم "يفسر الآية قوله بسورة آل عمران"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا إنما عليك البلاغ"وقوله بسورة المائدة "فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله يصيبهم ببعض ذنوبهم"فكلمة أمنوا تفسرها كلمة أسلموا فى آل عمران وكفاية الله رسوله (ص)للكفار هى إصابتهم ببعض ذنوبهم والمعنى فإن صدقوا بكل ما صدقتم به فقد أصابوا وإن أعرضوا فإنما هم فى كفر فسيتكفل بهم الله وهو الخبير المحيط ،يبين الله للمسلمين أن الناس إذا اهتدوا بمثل ما يؤمنون به فقد أصابوا أى أثابهم الله بالجنة ويبين لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كذبوا بالوحى كله أو بعضه فإن الناس فى شقاق أى كفر وسيكفى الله النبى(ص) شرهم والمراد وسيبعد الله أذاهم عن الرسول(ص) مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "ويبين لنا أنه السميع أى الخبير أى العليم أى المحيط بكل شىء ،والخطاب للمؤمنين فى أول القول وأما بقية القول ولابد أنه جزء من آية أخرى فخطاب للنبى(ص) والمحذوف معناه وأذى المستهزئين كثر فسيحميك الله منهم .
"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون "يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما "وقوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"و"ونحن له مخلصون"فالصبغة هى الحكم والعابدون هم المسلمون هم المخلصون والمعنى الإسلام حكم الله ومن أفضل من الله حكما ونحن له مطيعون ،يبين الله لنا أن الإسلام هو حكم الله وليس هناك من هو أحسن من الله حكما أى دينا وهو رد على قول الناس من الصبغة أى الدين الأحسن ؟ والقول هنا جزء من آيتين حذف من كل منهما بعضها فالمحذوف فى الأول هو كلمة الإسلام أو سؤال معناه ما صبغة الله والجواب الإسلام صبغة الله والمخاطب هو النبى(ص)غالبا وأما بقية القول فهى جزء من آية يتحدث فيها المسلمون والمعنى المحذوف الله هو ربنا ونحن له عابدون
"قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون"يفسر الآية قوله بسورة غافر "ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا"وقوله بسورة العنكبوت"وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"وقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين"فقوله أتحاجوننا فى الله يعنى أتجادلوننا كما بسورة غافر وربنا وربكم هو إلهنا وإلهكم بسورة العنكبوت وأعمالنا هى ديننا وأعمالكم هى دينكم كما بسورة الكافرون ومسلمون هى مخلصون كما بسورة العنكبوت والمعنى قل يا محمد هل تجادلوننا فى دين الله وهو إلهنا وإلهكم ولنا أفعالنا ولكم أفعالكم ونحن لدينه مطيعون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يخبر أهل الكتاب أن حجاجهم فى الله وهو تكذيبهم بدين الله ليس له أساس لأن الله هو ربهم وربنا وهو إله واحد ويبين لهم أن حساب أعمالهم عليهم وحساب أعمال المسلمين عليهم والمسلمون مخلصون أى مطيعون لدين الله ،والخطاب للنبى(ص) .
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون "قوله "أتقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى "يعنى هل تزعمون أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق (ص)ويعقوب(ص)والأولاد (ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟والغرض من السؤال إخبار اليهود والنصارى أن الرسل السابق ذكرهم لم يكونوا يهودا أو نصارى كما زعموا للناس وإنما كانوا مسلمين ،وقوله "أأنتم أعلم أم الله"يعنى هل أنتم أعرف بهذا أم الله؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو الأعلم بالحقيقة ،وقوله "ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "يعنى ومن أكفر من الذى أخفى وحيا لديه من الله والغرض من القول هو إخبارهم أن الظالم هو من يخفى الشهادة وهى الوحى الإلهى الذى يعرف أن مصدره الله عن الناس وقوله "وما الله بغافل عما تعملون"يفسره قوله بسورة يونس"ولا يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض " فالله ليس غافلا عن أعمال الخلق أى لا يعزب عنه شىء والمعنى وما الله بساهى عن الذى تفعلون ،يبين الله لهم أنه ليس بساهى عما يفعلون من أعمال سواء فى السر أو فى العلن ومعنى الآية هل تزعمون أن إبراهيم (ص) وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأولاد(ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟قل هل الله أعرف أم أنتم ؟ومن أضل من الذى أخفى وحيا لديه من الرب وما الرب بساهى عن الذى تفعلون ،والخطاب فى أول الآية لأهل الكتاب وفى وسطها للنبى(ص) وفى أخرها لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك فرقة قد ماتت لها جزاء الذى عملت ولكم جزاء الذى عملتم ولا تحاسبون عن الذى كانوا يصنعون ،يبين الله لأهل الكتاب أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأسباط (ص)وهم أولاد يعقوب(ص)هم فرقة أى أمة من الناس قد خلت والمراد رحلت عن دنيانا فلها جزاء ما عملت وهو ما صنعت فى الدنيا من أعمال ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا ونحن لا نسأل عما كانوا يعملون أى لا نحاسب أى لا نجازى عن الذى كانوا يعملون وهو الذى كانوا يفعلون من عمل ،والخطاب لأهل الكتاب وقد تكررت الآية بنفس ألفاظها فى السورة سابقا.
"سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " قوله "سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها"يعنى سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم الذى كانوا عليه ،يبين الله للمؤمنين أن عند تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة بمكة سيقول السفهاء وهم المجانين من الخلق وهم أهل الكتاب الكفار :ما سبب تركهم المسجد الأقصى الذى كانوا يتجهون إليه فى الصلاة؟ والسؤال يدل على الجهل فتغيير القبلة سببه هو حكم الله الذى نسخ التوجه للبيت الأقصى ،وقوله "قل لله المشرق والمغرب"يفسره قوله تعالى بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"فالمشرق والمغرب هما السموات والأرض فمكان الشروق ومكان الغروب هما السموات والأرض والمعنى ولله ملك مكان النور ومكان الظلام ،يبين الله للسفهاء أنه يملك كل الجهات ومن ثم فمن حقه أن يغير إتجاه القبلة إلى حيث يريد لأنه حر التصرف فى ملكه ،وقوله "يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" يفسره قوله تعالى بسورة الحج "يهدى من يريد"وقوله بسورة المائدة" يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام "فمن يشاء هم من يريد والصراط المستقيم هو سبل السلام والمعنى يدخل من يحب إلى جنة حسنة ،ومعنى الأية سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم فى الصلاة الذى كانوا عليه قل لله مكان النور ومكان الظلام يسكن من يريد فى جنة كبرى ،والخطاب للنبى(ص).
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم "قوله "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"يعنى يا أيها الذين أمنوا وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الخلق ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا ،يبين الله للمؤمنين أنه خلقهم أمة وسطا أى جماعة عادلة تحكم بالعدل والسبب هو أن يكونوا شهداء على الناس والمراد أن يصبحوا قضاة على بقية الناس بإقرارهم عما رأوهم يعملون فى الدنيا وذلك يوم القيامة وأن يكون الرسول محمد(ص)شهيدا على المسلمين أى مقرا أى قاضيا بما رآهم يعملونه وهو حى فى الدنيا،وقوله "وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه "يفسره قوله تعالى بسورة سبأ"إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك "فمتبع الرسول(ص)هو المؤمن بالآخرة والمنقلب على عقبيه هو الشاك فى الآخرة ومعنى القول وما شرعنا الجهة التى كنت تتجه إليها إلا لنعرف من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره ،يبين الله لرسوله (ص)أن السبب الذى جعله يصدر حكمه بالاتجاه إلى بيت المقدس عند الصلاة فى الوحى السابق هو أن يعلم أى يعرف والمراد أن يفرق بين من يتبع الرسول والمراد الذى يطيع أمر النبى (ص)بالاتجاه إلى الكعبة بمكة وبين الذى ينقلب على عقبيه أى يرتد إلى دين الكفر الذى كان عليه قبل ادعاءه الإسلام ،وقوله "وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن كانت لكبيرة إلا على الخاشعين "فالذين هدى الله هم الخاشعون والمعنى وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله ،يبين الله للرسول(ص)أن الصلاة وهى طاعة حكم الله هو كبيرة أى أمر ثقيل عظيم على الناس عدا الذين هداهم الله وهم المسلمون الذين خفوا إلى طاعة الأمر على الفور،وقوله "وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم " يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "إن الله لا يضيع أجر المحسنين "فالإيمان هو أجر المحسنين ومعنى القول وما كان الله ليبخس أعمالكم إن الله بالخلق لنافع مفيد ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يضيع إيمانهم والمراد لا يزيل ثواب أعمالهم وهى هنا يقصد بها الصلاة وإنما يعطيه لهم والله بالخلق رءوف رحيم أى نافع مفيد لهم ،ومعنى الآية وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الكفار بما عملوا ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا بما عملتم وما شرعنا الاتجاه الذى كنت عليه فى الصلاة إلا لنميز من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله وما كان الله ليزيل ثوابكم إن الله بالخلق لنافع مفيد،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى شهيدا ولابد أن هذه آية بمفردها أو معها جزء محذوف وفى وسط القول للنبى(ص) حتى عقبيه وهذا جزء من آية أو أية وفى الوسط الثانى من وإن كانت حتى هدى الله فجزء من آية محذوف أولها وهو الصلاة كما فى آية سابقة "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين"وفى أخر الآية جزء من آية تخاطب المؤمنين وما كان ليضيع إيمانكم .
"قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " قوله "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " يفسره قوله تعالى بسورة الضحى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" فلنولينك يفسرها يعطيك والمعنى يا محمد (ص) إنا نعلم تغير نظرك فى الأفق فلنوجهك جهة تحبها فاجعل نظرك تجاه المسجد الأمن من حيث خرجت ،يبين الله لرسوله (ص)أنه يعلم بأمر تقلب وجهه فى السماء والمراد بأمر تغير نظره فى جهات الأفق انتظارا لمجىء الوحى بأمر تحويل للكعبة ولذلك سوف يأمره بقبلة يرضاها أى بجهة يحبها وهى المسجد الحرام ومن ثم فالواجب عليه أن يولى وجهه تجاهه والمراد أن يجعل نظره عند الصلاة جهة المسجد الحرام ،وقوله "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "يعنى وحيث وجدتم فاتجهوا بأنظاركم مكانه ،يطلب الله من المؤمنين أن يتجهوا فى أى مكان يتواجدون فيه إلى الكعبة إذ أرادوا الصلاة ،وهذا يعنى وجوب الاتجاه للكعبة عند الصلاة،وقوله "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم "يعنى وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى من قبل وهم أهل الكتاب يعرفون أن أمر تحويل القبلة وغيره مما فى القرآن هو الحق من ربهم أى الصدق النازل من خالقهم وهذا يعنى أن الوحى النازل عليهم فيه إخبار عن هذا الأمر يصدق ما جاء به القرآن ،وقوله "وما الله بغافل عما يعملون " يعنى وما الله بساهى عن الذى يفعلون ،يبين الله لنا أنه ليس بغافل أى لاهى أى غائب عن الذى يصنعه أهل الكتاب ،ومعنى الآية إنا نعرف تغير نظرك فى الأفق فلنأمرنك باتجاه تحبه فاجعل وجهك تجاه المسجد الحرام وحيث ما وجدتم فاجعلوا أنظاركم تجاهه وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم وما الله بلاهى عن الذى يصنعون،والخطاب فى أول الآية للنبى (ص)وفى بقيتها للمؤمنين.
"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين" قوله "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك"يفسره قوله تعالى بسورة ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون " فأتيت تعنى جئت لهم بآية أى معجزة وأهل الكتاب هم الذين أوتوا الكتاب وعدم اتباعهم القبلة هو قولهم لنا إننا مبطلون ومعنى القول ولئن جئت الذين أعطوا الوحى بكل معجزة ما أطاعوا دينك،يبين الله لرسوله (ص)أن أهل الكتاب لو جاءهم بكل آية أى معجزة فلن يتبعوا قبلته والمراد فلن يطيعوا دينه ،وقوله "وما أنت بتابع قبلتهم " يعنى وما أنت بمطيع دينهم ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لن يتبع قبلة أهل الكتاب والمراد لن يطيع دين من أديان أهل الكتاب،وقوله "وما بعضهم بتابع قبلة بعض "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "قالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء "فعدم اتباع اليهود قبلة أى دين النصارى هو زعمهم أن النصارى ليسوا على الدين الصحيح وعدم اتباع النصارى لقبلة أى دين اليهود هو زعمهم أن اليهود ليسوا على دين الله ،وقوله "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا من الظالمين " يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من الحق"فالعلم هو الحق والمعنى ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا من الكافرين ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لو اتبع أهوائهم أى أطاع دين من أديانهم لكان ظالما أى كافرا يستحق دخول النار،ومعنى الآية هو ولئن جئت الذين أعطوا الوحى من قبل بكل معجزة ما أطاعوا دينك وما أنت بمطيع دينهم وما بعضهم بمطيع دين بعض ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا لمن الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " قوله "الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق " فأهل الكتاب يعرفون أى يعلمون الكتاب وهو الحق كما يعلمون من هم أولادهم والمعنى والذين أوحينا لهم الوحى من قبل يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم ،يبين الله لنا أن أهل الكتاب يعرفون أن القرآن هو الحق من ربهم كما يعرفون أولادهم جسما ونفسا ،وقوله "وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ما كنتم تخفون من الكتاب "وقوله بسورة البقرة" إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" فالفريق يكتم الحق والمراد يخفى الكتاب المنزل من عند الله والمعنى وإن جماعة منهم ليخفون الكتاب وهم يعرفون الصدق من إلههم ،يبين الله لنا أن جماعة من أهل الكتاب تكتم الحق أى تخفى الوحى المنزل على رسلهم (ص)من قبل عن الناس حتى يضلوا عن الحق وهؤلاء الجمع يعلمون الحق من ربهم والمراد أنهم يعرفون الوحى المنزل من عند الله بالضبط وهذا معناه أن التوراة والإنجيل كانا موجودين فى عصر الرسول (ص)كما أنزلا بالضبط ،وقوله " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " يفسره قوله تعالى بسورة يونس"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله "وقوله بسورة الأنعام "ولا تكونن من المشركين "فالممترين هم المكذبين بآيات الله هم المشركين والمعنى الصدق من خالقك فلا تصبحن من الكافرين ،يطلب الله من رسوله (ص)ألا يكون من الممترين أى الكافرين بدين الله ،ومعنى الآية الذين أعطيناهم الوحى السابق يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم وإن جماعة منهم ليخفون الصدق وهم يعرفون ،وقول القرآن الصدق من عند خالقك فلا تصبحن من الكافرين بدين الله ،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى أبناءهم وهو جزء من آية محذوف بعضها والخطاب فى الجزء الثانى للنبى(ص)وفى الآية "الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "الخطاب للنبى(ص)وهنا جزء محذوف من القول معناه إن قول القرآن فى المسألة هو الحق
"واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون "يفسره قوله بسورة البقرة "فاتقوا النار"وقوله بسورة الإنفطار "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا"وقوله بسورة الدخان "يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"وقوله بسورة البقرة "ولا يؤخذ منها عدل "وقوله "ولا هم ينظرون "وقوله بسورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا "فإتقاء اليوم هو إتقاء النار بسورة البقرة وعدم جزاء نفس عن نفس شيئا هو عدم إغناء مولى عن مولى شيئا بسورة الدخان هو عدم ملكية نفس لنفس أمرا فى ذلك اليوم بسورة الإنفطار وعدم قبول العدل هو عدم أخذ العدل بسورة البقرة هو عدم أخذ الفدية منهم بسورة الحديد وعدم نصرهم هو عدم النظر لهم بسورة البقرة والمعنى وابتعدوا عن عذاب يوم لا تتحمل نفس عن نفس عقابا ولا يؤخذ منها فدية ولا تفيدها مناصرة الأخرين ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يتم تحريم التالى تحمل المخلوق لعقاب الأخرين وتحرم الفدية وهو العدل أى المال المدفوع مقابل إخراجهم من النار وتحرم الشفاعة وهى الكلام الذى يراد من خلفه إخراجهم من النار مع استحقاقهم لها ويحرم نصرهم أى رحمتهم من قبل الله .
"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"قوله "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن"يفسره قوله بسورة البقرة "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"فكلمات الابتلاء هى قول الله له:أسلم وإتمامه هو قوله أسلمت لرب العالمين والمعنى وقد اختبر إبراهيم إلهه بالإسلام فأسلم ،يبين الله لنا أنه اختبر إبراهيم (ص)بطلب الإسلام منه فنجح فى الإختبار حيث أسلم وجهه لله،وقوله "قال إنى جاعلك للناس إماما "يفسره قوله بسورة النساء"واتخذ الله إبراهيم خليلا"فالإمام هو الخليل أى الرسول والمعنى قال إنى معينك للخلق رسولا ،وهذا يعنى أن الله أرسله للناس قائدا يرشدهم للحق ،وقوله "قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"يفسره قوله بسورة إبراهيم "رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى "فطلب إبراهيم (ص)كون الذرية أئمة هو أن يكونوا مقيمى الصلاة والمعنى قال ومن نسلى هداة قال لا يأخذ ثوابى الكفار،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يكون نسله كله هداة أئمة يرشدون الناس فأخبره الله أن عهده وهو ثوابه لا يأخذه الكفار وهذه معناه أن نسله سيكون منه كفرة ظلمة فى المستقبل والمعنى وقد اختبر إبراهيم (ص)إلهه بأوامر فأطاعهن قال إنى مختارك للخلق رسولا قال ومن نسلى هداة مثلى قال لا يدخل رحمتى الكافرين والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم(ص)وكذا ما بعده.
"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"قوله "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا"يفسره قوله بسورة المائدة "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس"فالمثابة هى القيام هى الأمن للناس والمعنى وقد وضعنا الكعبة قياما للبشر أى طمأنينة وهذا يبين لنا أن سبب بناء الكعبة فى الأرض هو أن تكون مثابة أى مكان أمن للخلق أى مكان لقيام أى دوام حياة الخلق فيها ،وقوله "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "يفسره قوله بسورة البقرة "فول وجهك شطر المسجد الحرام "فاتخاذ المقام مصلى هو تولية الوجه تجاه المسجد الحرام والمعنى واجعلوا تطهير إبراهيم (ص)قبلة ،يطلب الله من المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم (ص)أى الكعبة مصلى أى قبلة يتجهوا إليها عند الصلاة وقوله "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"يفسره قوله بسورة الحج"وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"فالعاكفين هم القائمين والمصلين والمعنى وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن جهزا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،يبين الله لنا أنه عهد أى أوحى لإبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)ابنه أن يطهرا البيت أى يرفعا أى يجهزا الكعبة من أجل الطائفين وهم الزائرين الحجيج والعمار والعاكفين وهم المقيمين فى جوار المسجد والركع السجود وهم المصلين المتجهين للكعبة فى الصلاة ومعنى الآية وقد وضعنا الكعبة حياة للخلق أى طمأنينة واجعلوا من مكان تنظيف إبراهيم (ص)قبلة وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن نطفا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،ونلاحظ أن القول هنا هو وصل لعدة آيات فأولها حديث من الله عن الكعبة"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا "فهو حديث عن الماضى وثانيها جزء من آية تتحدث عن الحاضر "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"فهى أمر للمسلمين بالإتجاه عند الصلاة للكعبة وثالثها جزء من آية تتحدث عن بناء إبراهيم(ص)وإسماعيل (ص)للكعبة وهو ماضى وإن كان أحدث من الجزء الأول .
"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "قوله "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر"يفسره قوله بسورة القصص"حرما أمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا "فالبلد الأمن هو الحرم الأمن والمعنى وقد قال إبراهيم (ص)إلهى أدم هذه قرية مطمئنة وأعطى سكانه من المنافع من صدق بحكم الله ويوم القيامة ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يجعل مكة بلد أمن أى قرية مطمئنة ليس فيها قتال أو قتل وطلب منه أن يرزق أى يعطى أهل البلدة ثمرات كل شىء أى منافع كل صنف من الرزق وخص بهذا الذين يؤمنون بوحى الله ويوم البعث ،وقوله "قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "يفسره قوله بسورة لقمان"نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ "وقوله بسورة المائدة "إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة "وقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار"فمن كفر هو من يشرك بالله فى سورة لقمان وعذاب النار هو العذاب الغليظ بسورة لقمان والمصير هو القرار بسورة إبراهيم والمعنى قال الله ومن أشرك بالله فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار ،يبين الله لإبراهيم (ص)أن من كفر أى عصى وحى الله من سكان مكة سوف يمتعه قليلا أى يعطيه الرزق وقتا قصيرا هو وقت معيشتهم فى الدنيا ثم بعد الموت يدخله النار حيث البيت القبيح لمن يقيم به ومعنى الآية وقد قال إبراهيم إلهى أدم مكة قرية مطمئنة وأعطى سكانها من المنافع من صدق بوحى الله ويوم القيامة قال الله ومن كذب بوحى الله ويوم البعث فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار .
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا "يعنى وحين يحمل إبراهيم (ص)القمامة للقبلة وإسماعيل (ص)إلهنا إرض عنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وقت رفعهما القواعد وهو وقت رفع القمامة الترابية من القبلة دعوا معا فقالا لله:تقبل منا أى إرض عن عملنا وقوله "إنك أنت السميع العليم "يعنى إنك أنت الخبير المحيط ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قالا فى الدعاء:إنك أنت السميع العليم فالسميع هو العارف لكل شىء ومثله العليم أى المحيط بكل أمر فى الكون ومعنى الآية وحين ينظف إبراهيم (ص)تراب القبلة وإسماعيل(ص)إلهنا إرض عن عملنا إنك أنت الخبير المحيط .
"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.
"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى .
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من آيتين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الآية الأولى معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .
"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه والخطاب لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.
"فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم فى شقاق فسيكيفكهم الله وهو السميع العليم "يفسر الآية قوله بسورة آل عمران"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا إنما عليك البلاغ"وقوله بسورة المائدة "فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله يصيبهم ببعض ذنوبهم"فكلمة أمنوا تفسرها كلمة أسلموا فى آل عمران وكفاية الله رسوله (ص)للكفار هى إصابتهم ببعض ذنوبهم والمعنى فإن صدقوا بكل ما صدقتم به فقد أصابوا وإن أعرضوا فإنما هم فى كفر فسيتكفل بهم الله وهو الخبير المحيط ،يبين الله للمسلمين أن الناس إذا اهتدوا بمثل ما يؤمنون به فقد أصابوا أى أثابهم الله بالجنة ويبين لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كذبوا بالوحى كله أو بعضه فإن الناس فى شقاق أى كفر وسيكفى الله النبى(ص) شرهم والمراد وسيبعد الله أذاهم عن الرسول(ص) مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "ويبين لنا أنه السميع أى الخبير أى العليم أى المحيط بكل شىء ،والخطاب للمؤمنين فى أول القول وأما بقية القول ولابد أنه جزء من آية أخرى فخطاب للنبى(ص) والمحذوف معناه وأذى المستهزئين كثر فسيحميك الله منهم .
"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون "يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما "وقوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"و"ونحن له مخلصون"فالصبغة هى الحكم والعابدون هم المسلمون هم المخلصون والمعنى الإسلام حكم الله ومن أفضل من الله حكما ونحن له مطيعون ،يبين الله لنا أن الإسلام هو حكم الله وليس هناك من هو أحسن من الله حكما أى دينا وهو رد على قول الناس من الصبغة أى الدين الأحسن ؟ والقول هنا جزء من آيتين حذف من كل منهما بعضها فالمحذوف فى الأول هو كلمة الإسلام أو سؤال معناه ما صبغة الله والجواب الإسلام صبغة الله والمخاطب هو النبى(ص)غالبا وأما بقية القول فهى جزء من آية يتحدث فيها المسلمون والمعنى المحذوف الله هو ربنا ونحن له عابدون
"قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون"يفسر الآية قوله بسورة غافر "ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا"وقوله بسورة العنكبوت"وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"وقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين"فقوله أتحاجوننا فى الله يعنى أتجادلوننا كما بسورة غافر وربنا وربكم هو إلهنا وإلهكم بسورة العنكبوت وأعمالنا هى ديننا وأعمالكم هى دينكم كما بسورة الكافرون ومسلمون هى مخلصون كما بسورة العنكبوت والمعنى قل يا محمد هل تجادلوننا فى دين الله وهو إلهنا وإلهكم ولنا أفعالنا ولكم أفعالكم ونحن لدينه مطيعون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يخبر أهل الكتاب أن حجاجهم فى الله وهو تكذيبهم بدين الله ليس له أساس لأن الله هو ربهم وربنا وهو إله واحد ويبين لهم أن حساب أعمالهم عليهم وحساب أعمال المسلمين عليهم والمسلمون مخلصون أى مطيعون لدين الله ،والخطاب للنبى(ص) .
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون "قوله "أتقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى "يعنى هل تزعمون أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق (ص)ويعقوب(ص)والأولاد (ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟والغرض من السؤال إخبار اليهود والنصارى أن الرسل السابق ذكرهم لم يكونوا يهودا أو نصارى كما زعموا للناس وإنما كانوا مسلمين ،وقوله "أأنتم أعلم أم الله"يعنى هل أنتم أعرف بهذا أم الله؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو الأعلم بالحقيقة ،وقوله "ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "يعنى ومن أكفر من الذى أخفى وحيا لديه من الله والغرض من القول هو إخبارهم أن الظالم هو من يخفى الشهادة وهى الوحى الإلهى الذى يعرف أن مصدره الله عن الناس وقوله "وما الله بغافل عما تعملون"يفسره قوله بسورة يونس"ولا يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض " فالله ليس غافلا عن أعمال الخلق أى لا يعزب عنه شىء والمعنى وما الله بساهى عن الذى تفعلون ،يبين الله لهم أنه ليس بساهى عما يفعلون من أعمال سواء فى السر أو فى العلن ومعنى الآية هل تزعمون أن إبراهيم (ص) وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأولاد(ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟قل هل الله أعرف أم أنتم ؟ومن أضل من الذى أخفى وحيا لديه من الرب وما الرب بساهى عن الذى تفعلون ،والخطاب فى أول الآية لأهل الكتاب وفى وسطها للنبى(ص) وفى أخرها لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك فرقة قد ماتت لها جزاء الذى عملت ولكم جزاء الذى عملتم ولا تحاسبون عن الذى كانوا يصنعون ،يبين الله لأهل الكتاب أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأسباط (ص)وهم أولاد يعقوب(ص)هم فرقة أى أمة من الناس قد خلت والمراد رحلت عن دنيانا فلها جزاء ما عملت وهو ما صنعت فى الدنيا من أعمال ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا ونحن لا نسأل عما كانوا يعملون أى لا نحاسب أى لا نجازى عن الذى كانوا يعملون وهو الذى كانوا يفعلون من عمل ،والخطاب لأهل الكتاب وقد تكررت الآية بنفس ألفاظها فى السورة سابقا.
"سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " قوله "سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها"يعنى سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم الذى كانوا عليه ،يبين الله للمؤمنين أن عند تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة بمكة سيقول السفهاء وهم المجانين من الخلق وهم أهل الكتاب الكفار :ما سبب تركهم المسجد الأقصى الذى كانوا يتجهون إليه فى الصلاة؟ والسؤال يدل على الجهل فتغيير القبلة سببه هو حكم الله الذى نسخ التوجه للبيت الأقصى ،وقوله "قل لله المشرق والمغرب"يفسره قوله تعالى بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"فالمشرق والمغرب هما السموات والأرض فمكان الشروق ومكان الغروب هما السموات والأرض والمعنى ولله ملك مكان النور ومكان الظلام ،يبين الله للسفهاء أنه يملك كل الجهات ومن ثم فمن حقه أن يغير إتجاه القبلة إلى حيث يريد لأنه حر التصرف فى ملكه ،وقوله "يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" يفسره قوله تعالى بسورة الحج "يهدى من يريد"وقوله بسورة المائدة" يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام "فمن يشاء هم من يريد والصراط المستقيم هو سبل السلام والمعنى يدخل من يحب إلى جنة حسنة ،ومعنى الأية سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم فى الصلاة الذى كانوا عليه قل لله مكان النور ومكان الظلام يسكن من يريد فى جنة كبرى ،والخطاب للنبى(ص).
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم "قوله "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"يعنى يا أيها الذين أمنوا وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الخلق ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا ،يبين الله للمؤمنين أنه خلقهم أمة وسطا أى جماعة عادلة تحكم بالعدل والسبب هو أن يكونوا شهداء على الناس والمراد أن يصبحوا قضاة على بقية الناس بإقرارهم عما رأوهم يعملون فى الدنيا وذلك يوم القيامة وأن يكون الرسول محمد(ص)شهيدا على المسلمين أى مقرا أى قاضيا بما رآهم يعملونه وهو حى فى الدنيا،وقوله "وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه "يفسره قوله تعالى بسورة سبأ"إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك "فمتبع الرسول(ص)هو المؤمن بالآخرة والمنقلب على عقبيه هو الشاك فى الآخرة ومعنى القول وما شرعنا الجهة التى كنت تتجه إليها إلا لنعرف من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره ،يبين الله لرسوله (ص)أن السبب الذى جعله يصدر حكمه بالاتجاه إلى بيت المقدس عند الصلاة فى الوحى السابق هو أن يعلم أى يعرف والمراد أن يفرق بين من يتبع الرسول والمراد الذى يطيع أمر النبى (ص)بالاتجاه إلى الكعبة بمكة وبين الذى ينقلب على عقبيه أى يرتد إلى دين الكفر الذى كان عليه قبل ادعاءه الإسلام ،وقوله "وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن كانت لكبيرة إلا على الخاشعين "فالذين هدى الله هم الخاشعون والمعنى وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله ،يبين الله للرسول(ص)أن الصلاة وهى طاعة حكم الله هو كبيرة أى أمر ثقيل عظيم على الناس عدا الذين هداهم الله وهم المسلمون الذين خفوا إلى طاعة الأمر على الفور،وقوله "وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم " يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "إن الله لا يضيع أجر المحسنين "فالإيمان هو أجر المحسنين ومعنى القول وما كان الله ليبخس أعمالكم إن الله بالخلق لنافع مفيد ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يضيع إيمانهم والمراد لا يزيل ثواب أعمالهم وهى هنا يقصد بها الصلاة وإنما يعطيه لهم والله بالخلق رءوف رحيم أى نافع مفيد لهم ،ومعنى الآية وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الكفار بما عملوا ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا بما عملتم وما شرعنا الاتجاه الذى كنت عليه فى الصلاة إلا لنميز من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله وما كان الله ليزيل ثوابكم إن الله بالخلق لنافع مفيد،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى شهيدا ولابد أن هذه آية بمفردها أو معها جزء محذوف وفى وسط القول للنبى(ص) حتى عقبيه وهذا جزء من آية أو أية وفى الوسط الثانى من وإن كانت حتى هدى الله فجزء من آية محذوف أولها وهو الصلاة كما فى آية سابقة "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين"وفى أخر الآية جزء من آية تخاطب المؤمنين وما كان ليضيع إيمانكم .
"قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " قوله "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " يفسره قوله تعالى بسورة الضحى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" فلنولينك يفسرها يعطيك والمعنى يا محمد (ص) إنا نعلم تغير نظرك فى الأفق فلنوجهك جهة تحبها فاجعل نظرك تجاه المسجد الأمن من حيث خرجت ،يبين الله لرسوله (ص)أنه يعلم بأمر تقلب وجهه فى السماء والمراد بأمر تغير نظره فى جهات الأفق انتظارا لمجىء الوحى بأمر تحويل للكعبة ولذلك سوف يأمره بقبلة يرضاها أى بجهة يحبها وهى المسجد الحرام ومن ثم فالواجب عليه أن يولى وجهه تجاهه والمراد أن يجعل نظره عند الصلاة جهة المسجد الحرام ،وقوله "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "يعنى وحيث وجدتم فاتجهوا بأنظاركم مكانه ،يطلب الله من المؤمنين أن يتجهوا فى أى مكان يتواجدون فيه إلى الكعبة إذ أرادوا الصلاة ،وهذا يعنى وجوب الاتجاه للكعبة عند الصلاة،وقوله "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم "يعنى وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى من قبل وهم أهل الكتاب يعرفون أن أمر تحويل القبلة وغيره مما فى القرآن هو الحق من ربهم أى الصدق النازل من خالقهم وهذا يعنى أن الوحى النازل عليهم فيه إخبار عن هذا الأمر يصدق ما جاء به القرآن ،وقوله "وما الله بغافل عما يعملون " يعنى وما الله بساهى عن الذى يفعلون ،يبين الله لنا أنه ليس بغافل أى لاهى أى غائب عن الذى يصنعه أهل الكتاب ،ومعنى الآية إنا نعرف تغير نظرك فى الأفق فلنأمرنك باتجاه تحبه فاجعل وجهك تجاه المسجد الحرام وحيث ما وجدتم فاجعلوا أنظاركم تجاهه وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم وما الله بلاهى عن الذى يصنعون،والخطاب فى أول الآية للنبى (ص)وفى بقيتها للمؤمنين.
"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين" قوله "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك"يفسره قوله تعالى بسورة ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون " فأتيت تعنى جئت لهم بآية أى معجزة وأهل الكتاب هم الذين أوتوا الكتاب وعدم اتباعهم القبلة هو قولهم لنا إننا مبطلون ومعنى القول ولئن جئت الذين أعطوا الوحى بكل معجزة ما أطاعوا دينك،يبين الله لرسوله (ص)أن أهل الكتاب لو جاءهم بكل آية أى معجزة فلن يتبعوا قبلته والمراد فلن يطيعوا دينه ،وقوله "وما أنت بتابع قبلتهم " يعنى وما أنت بمطيع دينهم ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لن يتبع قبلة أهل الكتاب والمراد لن يطيع دين من أديان أهل الكتاب،وقوله "وما بعضهم بتابع قبلة بعض "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "قالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء "فعدم اتباع اليهود قبلة أى دين النصارى هو زعمهم أن النصارى ليسوا على الدين الصحيح وعدم اتباع النصارى لقبلة أى دين اليهود هو زعمهم أن اليهود ليسوا على دين الله ،وقوله "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا من الظالمين " يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من الحق"فالعلم هو الحق والمعنى ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا من الكافرين ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لو اتبع أهوائهم أى أطاع دين من أديانهم لكان ظالما أى كافرا يستحق دخول النار،ومعنى الآية هو ولئن جئت الذين أعطوا الوحى من قبل بكل معجزة ما أطاعوا دينك وما أنت بمطيع دينهم وما بعضهم بمطيع دين بعض ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا لمن الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " قوله "الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق " فأهل الكتاب يعرفون أى يعلمون الكتاب وهو الحق كما يعلمون من هم أولادهم والمعنى والذين أوحينا لهم الوحى من قبل يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم ،يبين الله لنا أن أهل الكتاب يعرفون أن القرآن هو الحق من ربهم كما يعرفون أولادهم جسما ونفسا ،وقوله "وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ما كنتم تخفون من الكتاب "وقوله بسورة البقرة" إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" فالفريق يكتم الحق والمراد يخفى الكتاب المنزل من عند الله والمعنى وإن جماعة منهم ليخفون الكتاب وهم يعرفون الصدق من إلههم ،يبين الله لنا أن جماعة من أهل الكتاب تكتم الحق أى تخفى الوحى المنزل على رسلهم (ص)من قبل عن الناس حتى يضلوا عن الحق وهؤلاء الجمع يعلمون الحق من ربهم والمراد أنهم يعرفون الوحى المنزل من عند الله بالضبط وهذا معناه أن التوراة والإنجيل كانا موجودين فى عصر الرسول (ص)كما أنزلا بالضبط ،وقوله " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " يفسره قوله تعالى بسورة يونس"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله "وقوله بسورة الأنعام "ولا تكونن من المشركين "فالممترين هم المكذبين بآيات الله هم المشركين والمعنى الصدق من خالقك فلا تصبحن من الكافرين ،يطلب الله من رسوله (ص)ألا يكون من الممترين أى الكافرين بدين الله ،ومعنى الآية الذين أعطيناهم الوحى السابق يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم وإن جماعة منهم ليخفون الصدق وهم يعرفون ،وقول القرآن الصدق من عند خالقك فلا تصبحن من الكافرين بدين الله ،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى أبناءهم وهو جزء من آية محذوف بعضها والخطاب فى الجزء الثانى للنبى(ص)وفى الآية "الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "الخطاب للنبى(ص)وهنا جزء محذوف من القول معناه إن قول القرآن فى المسألة هو الحق