رضا البطاوى
11-06-2019, 08:02 AM
نقد كتاب أحكام الأحداد
الكتاب تأليف خالد بن عبدالله المصلح
كما فى الكثير من المسائل التى تناولها الفقهاء نجد مسائل لا أصل لها فى كتاب الله ونجد الفقهاء يقيمون بناء على الهواء فيفرعون تفريعات على الأصل وفى النهاية نجد هذا البناء كومة من القش
الإحداد أو الحداد على الميت مسألة لا وجود لها فى الإسلام فتعريفها هو :
أن المرأة التى لها قريب ميت -وكل الِأحاديث المروية لا تذكر حكاية القريب وإنما تذكر كلمة الميت عامة ومن ثم فهى تعنى كل موتى المسلمين – عليها أن تمتنع عن بعض الأفعال فى اللباس والطعام والتزين والسكن والخروج
تحريم تلك الفعال على المرأة يتناقض مع إباحة زينة الله من لباس وطعام وغيرهم من الطيبات كما قال تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
تحريم بعض الأكل على المرأة كاللحم يناقض أن الطعام المحرم واحد على المسلمين والمسلمات وليس من ضمنه اللحم الحلال كما قال تعالى :
"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق"
قرأت العديد من الكتب المتعلقة بالفقه من المختصرات والموسوعات ونسيتها وفى تلك الكتب آراء لا يمكن وصفها إلا بوصف واحد إنها مجنونة ومن قالوها هم مجموعة من المجانين وفى هذا الكتاب يذكر لنا المؤلف عدة مسائل مجنونة مثل :
الزوجة المجنونة عليها الإحداد والعدة
الطفلة الزوجة عليها الإحداد والعدة
الزوجة الذمية عليها الاثنين
أين ذهبت عقول من قالوا تلك الأقوال فالثلاثة غير مخاطبين بالشرع حتى يتم إلزامهم بالأحكام وسيأتى ذكر تلك المسائل فى سياق تناول مسائل الكتاب
استهل المؤلف كتابه بسرد الأحاديث التى قيلت فى الإحداد فقال:
مسرد أحاديث الإحداد:
أولاً: أحاديث الصحيحين أو أحداهما :
1 ـ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبريه هذه الأحاديث الثلاثة قال: قالت زينب : دخلت على أم حبيبة زوج النبي ? ، حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره ، فدهنت منه جاريةً ثم مسٍٍٍت بعارضيها ثم قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة, غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله:إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول : لا ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداهن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال حميد: قلت لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشفاً، ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة ، فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره رواه البخاري في مواضع ، وهو بهذا السياق في كتاب الطلاق باب : تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً 3/420 برقم 5334،5335،5336،5337ورواه مسلم 2/1123 ـ 1125 برقم 1486 وفي رواية له 2/1127 برقم 1490 عن حفصة رضي الله عنها زاد : فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً
فى الرواية يوجد عدة أخطاء :
الأول تطيب النساء بصفرة خلوق وهو ما يناقض أن الطيب الملون هو تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان" ولأمرنهم فليغيرن خلق الله"
كما يناقض الروايات المحرمة على النساء التطيب وهو وضع وضح الروائح حيث اعتبرت المرأة التى تضعه زانية
«أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ"رواه النسائى وأبو داود والترمذى
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ"رواه مسلم
وفي رواية ابن ماجه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ"رواه ابن ماجة
" قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ" "رواه أحمد وابن حيان
والنهى عن تطيب المحدة فى الرواية السابقة يناقض إباحة تطيبها بقسط أو أظفار فى الرواية التالية:
2ـ عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله قال: لاتحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ،ولا تلبس ثوباً مصبوغا إلا ثوب عصب ، ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت من نبذة من قسط أو أظفار رواه البخاري في كتاب الطلاق ،باب القسط للحادة عند الطهر 3/421 برقم 5341ورواه مسلم برقم 938 واللفظ له وزاد أبو داود 2/292 باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ولا تختطب وزاد النسائي 6/203 برقم 3534 ولا تمتشط
ونجد نفس الأخطاء فى هذه الرواية وسابقتها وما بعدها وهو تحريم زينة الله وهو الطيبات من اللباس والريح والكل يخالف قوله تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
كما أنها تبيح تغيير خلقة الله بالاكتحال وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله بقوله"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله|
3 ـ عن عبيد الله عن عبد الله بن عتبة : أن أباه كتب إلى عمر ابن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية ، فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله حين استفتته فكتب عمر بن عبد اله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته : أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وهو من بني عامر بن لؤي ، وكان ممن شهد بدر ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار ، فقال لها : مالي أراك تجملت للخطاب ، ترجين النكاح ، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، وأتيت رسول الله فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي رواه البخاري في المغازي ، باب فضل من شهد بدا 3/90برقم 3991ومسلم 2/1122 برقم 1484
الخطأ هنا هو الخلط بين عدة المتوفى عنها زوجها وعدة المطلقة فعدة المطلقة الحامل وضع الحمل كما قال تعالى "واللائى يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"
فلو كانت عدة المطلقة هى عدة الأرملة ما قال الله فى عدة الأرملة "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
ولو كانت علة أى عدة هى استبراء الرحم ما كانت عدة المطلقة غير الحامل ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء كما قال تعالى"والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر"لأنه فى حالة الحيض مرة واحدة تكون المرأة غير حامل
وهناك فى هذه الرواية خروم كثيرة منها :
أن أبا السنابل مكى من مسلمة الفتح كما فى كتب التاريخ وليس من سكانن المدينة ومن ثم فكيف التقى المرأة ؟
أن المرأة كانت حاملا والحامل لا تسافر لأن السفر يضر بها وبحملها ومن ثم كانت فى المدينة بينما زوجها كان يحج فى مكة
دخول أبو السنابل عليها بيتها دون إذن وكلامه معها دون ان تطرده أو تستدعى المسلمين ليعاقبوه
4 ـ قال البخاري: حدثني إسحاق بن منصور : أخبرنا روح بن عباده : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً قال : كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجبا ، فأنزل الله : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ قال : جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله تعالى : غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها زعم ذلك عن مجاهد رواه البخاري: في كتاب الطلاق، باب وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [سورة البقرة: الآية 234]3/422، برقم 5344
هذه الرواية ليس لها أى صلة بالإحداد وإنما تتكلم عن العدة وليس فيها أى ذكر لمحرمات اللباس والتعطر وغيره مما فرضوه على المحدة
5 ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : طاقت خالتي ، فأرادت أن تجد نخلها ، فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت النبي فقال : بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً رواه مسلم 2/1121 برقم 1483
هذه الرواية تبيح للمحدة الخروج من بيتها لمباشرة مالها وهو ما يناقض تحريم الرواية التالية للخروج من البيت وهى من روايات الكتب التسعة غير الصحيحين التالية:
6 ـ عن مالك بن يحيى بن سعيد ، قال : بلغني أن السائب بن خباب توفي، وأن امرأته جاءت عبد الله بن عمر وذكرت له وفاة زوجها ، وذكرت له حرثاً لهم بفتاة ، وسألته : هل يصلح لها أن تبيت فيه ؟ فنهاها عن ذلك ، فكانت تخرج من المدينة بسحر ، فتصبح في حرثهم ، فتظل فيه يومَها ، ثم تدخل المدينة إذا أمست ، فتبيت في بيتها
رواه مالك في الموطأ 2/592 برقم 88 وقد ضعف الألباني لانقطاع سنده ، إرواء الغليل 7/212
ثانياً: أحاديث الكتب التسعة سوى الصحيحين:
1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي قال :
المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل رواه الإمام أحمد 6/302، وأبو داود 2/292 واللفظ لهما ، ورواه النسائي 6/203 برقم 3535 بدون قوله ولا الحلي وقد ضعف ابن حزم الحديث فقال في المحلى 10/277: ولا يصح لأن إبراهيم بن طهمان ضعيف وقد استنكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 5/708 -709 تضعيف الحديث بإبراهيم فقال: ولا يحفظ عن أحد من المحدثين قط تعليل حديث رواه ولا تضعيفه
2 ـ عن أسماء بنت عميس أنها قالت : لما أصيب جعفر بن أبي طالب أمرني رسول الله فقال: تسلبي ثلاثاً ثم اصنعي بعد ما شئت رواه الإمام أحمد 6/369، 438 ،ولفظه[أي أحمد] : دخل علي رسول الله اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: لا تحدي بعد يومك هذا ، وروا ابن حبان الإحسان واللفظ له 7/418، برقم 3148 والبيهقي 7/438 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/75 والطبراني في الكبير 24/193 برقم 369 بلفظ تسكني ثلاثاً
هذه الرواية تناقض روايات الحداد على الزواج أكثر من ثلاثة أيام
3_ عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي و كانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء_ قال أحمد أحد الرواة : والصواب بكحل الجلاء _ فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة, فسألتها عن كحل الجلاء , فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لابد [منه] يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار ، ثم قالت عند ذلك أم سلمة : دخل علي رسول الله حين توفي أبو سلمة ، وقد جعلت على عيني صبراً ، فقال: ما هذا يا أم سلمة فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قالت : بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك رواه أبو داود واللفظ له 2/728 ، باب ما تجتنبه المعتدة في عدتها ، ورواه النسائي 6/204 برقم 3537وقد صحح الحديث ابن عبد البر في التمهيد 17/318،وحسنه ابن القيم في زاد المعاد 5/703 والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص204 ، وضعفه عبد الحق كما ذكر ذلك الزيلعي في نصب الراية 3/261
الخطأ المتكرر فى الرواية إباحة تغيير خلقة الله بالكحل والصبر والطيب والحناء والسدر سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
4 ـ عن علقمة والأسود قالا : أتي عبد الله في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها قبل أن يدخل بها ، فقال عبد الله : سلوا هل تجدون فيها أثراً ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ما نجد فيها -يعني أثراً - قال: أقول برأيي فإن كان صواباً فمن الله : لها كمهر نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة ، فقام رجل من أشجع فقال : في مثل هذا قضى رسول الله فينا في امرأة يقال لها بروع بنت واشق تزوجت رجلاً فمات قبل أن يدخل بها فقضى لها رسول الله بمثل صداق نسائها ولها الميراث وعليها العدة فرفع عبد الله يديه وكبر رواه النسائي واللفظ له 6/121 برقم 3354 ،وأبو داود 2/588 والترمذي 3/441، وابن ماجه 1/60 برقم 1891،والإمام أحمد 3/480 وابن حبان الإحسان 9/409 برقم 4100 والحاكم في المستدرك 2/180 وقال بعد سرد رواياته 2/181 : فصار الحديث صحيحاً على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وقال الألباني في إرواء الغليل 6/359: هو كما قالا قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 3/191: وصححه ابن مهدي والترمذي وقال ابن حزم : لا مغمز فيه لصحة إسناده والبيهقي في الخلافيات وقال شيخنا عبد العزيز بن باز أثابه الله : إسناده لا بأس به "
هذه الرواية ليس بها ما يستدل على الإحداد المزعوم فكل ما فيها هو العدة على الأرملة
5 ـ عن مالك أنه بلغ أن أم سلمة زوج النبي قالت لامرأة حاد على زوجها ، اشتكت عيناها ، فبلغ ذلك منها : اكتحلي بكحل الجلاء بالليل وامسحيه بالنهار الموطأ 2/598 برقم 105
نلاحظ الخبل فى الرواية وهو إباحة العلاج بالكحل ليلا وتحريمه نهارا والعلاج مباح ليلا ونهارا ما دام هناك مرض لكون هذا التحريم فيه حرج أى أذى على المسلم أو المسلمة وهو ما حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
7 ـ عن زينب بنت كعب بن عجرة ، عن الفريعة بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد الخدري - أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله أن أرجع إلى أهلي ، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، فقال رسول الله : نعم ،قالت : فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له ، فقال: كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي ، قالت : فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ، قالت : فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك ، فأخبرته ، فأتبعه وقضى به
رواه أبو داود واللفظ له 2/723 ، والترمذي 3/499 ـ 500 وقال: حسن صحيح ، والنسائي 6/199 برقم 3529 وبلفظ اعتدي حيث بلغك الخبر ، وفي لفظ آخر له أيضاً برقم 3530 امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله ، وابن ماجه 1/654برقم 203 وفيه امكثي بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله ورواه الإمام أحمد في مسنده 6/370 ، 420 ، 421 بلفظ قريب من لفظ ابن ماجه وقد صححه الترمذي كما تقدم والحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك 2/208 ، وكره ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان 10/128-129 برقم 4292 ونقل الحافظ ابن حجر في الدراية 2/80 تصحيحه عن الذهبي وذكر ذلك الحاكم أيضاً في مستدرك 2/208 , وابن عبد البر في التمهيد 21/31 , وصححه وابن القيم في زاد المعاد 5/680 , والصنعاني في سبل السلام 6/419 , وأعله ابن حزم في المحلى 10/32 بجهالة زينب وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة وتابعه على ذلك عبد الحق كما قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 , وضعفه الألباني أيضاً في إرواء الغليل 7/206-207 وقد أجاب ابن القيم رحمه الله على علة جهالة زينب رضي الله عنها فقال في زاد المعاد 5/681 : فهذه امرأة تابعية كانت تحت صحابي وروى عنها الثقات, ولم يطعن فيها بحرف واحتج الأئمة بحديثها وصححوه وقال الحافظ عن هذه العلة في تلخيص الحبير 3/240 :و زينب وثقها الترمذي وقد وثقها ابن حبان في الثقات 4/271 واحتج بها مالك كما في الموطأ في كتاب الطلاق باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ص405 برقم 125 وأما سعد فقد قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 : وثقه النسائي وابن حبان فالراجح أن الحديث ثابت محتج به"
الرواية ليس لها علاقة بالإحداد وإنما هى متعلقة بالعدة أين تكون ومن ثم فلا تنفع فى الاستدلال على الحداد بشىء
8 ـ عن أبي بن كعب أنه سأل النبي عن قوله : وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فقال : هي للمطلقة ثلاثاً وللمتوفى عنها
رواه أحمد 5/116، والطبري في تفسيره 14/28/143، وفي رواية أحمد المثنى بن الصباح وهو ضعيف ورواية الطبري من حديث ابن لهيعة وهو ضعيف أيضاًً ، وطريقه الثانية فيها عبد الكريم بن أبي مخارق وهو ضعيف ولم يدرك أبي كما قال الزيلعي في نصب الراية 3/256 وقد ضعف الحديث ابن كثير رحمه الله في تفسيره 8/178 والألباني فيه إرواء الغليل 7/196 وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدراية ص 78 : ويقوي قول ابن مسعود ما جاء عن أبي بن كعب إن ثبت عنه "
الرواية تتحدث عن العدة وليس عن الإحداد ومن ثم فلا تصلح للاستدلال بها على شىء من أحكام الإحداد المزعومة وهى تخالف ما فى المصحف من كون تلك العدة فى المطلقة وليس فى المتوفى عنها زوجها
ثالثاُ : ما سوى الكتب التسعة :
1 ـ عن علي أن النبي أمر المتوفي عنها أن تعتد في غير بيتها إن شاءت رواه الدار قطني 3/266: وقال : لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو ضعيف ومحبوب ضعيف أيضاًً
2 ـ عن مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله فقلنا : إن نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال النبي : تحدثنا عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة منكن إلى بيتها رواه البيهقي في السنن الكبرى 7/436 ومعرفة السنن 11/218 وعبد الرزاق في المصنف 7/36
وفي إسناد البيهقي عبد المعين بن عبد العزيز بن أبي رواد قال عنه الحافظ في التقريب ص 361 : صدوق يخطأ ورجال إسناد عبد الرزاق كلهم موثقون إلا أنه مرسل ولذا ضعفه الألباني في ارواء الغليل 7/211 وعندي أن هذا المرسل يعتضد بحديث الفريعة فستأنس به والله أعلم "
الروايتان تتحدث عن المبيت أو الوجود فى غير بيت الزوجية ولا علاقة لها بالإحداد وإنما لها علاقة بالعدة
3ـ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي : نهى المعتدة أن تختضب بالحناء فإن الحناء طيب وفي لفظ آخر : نهى النبي المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب والحناء عزاه السروجي للنسائي، قال الحافظ ابن حجر: وروى النسائي بلفظ نهى المعتدة عن الكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب، كذا عزاه السروجي في الغاية ولم أجده فليتأمل الدراية 2/79، وقد وهّم الزيلعيُ السروجي في هذا العزو فقال في نصب الراية 3/261 : وعزاه للنسائي ولفظه - وذكر لفظ الحديث - وهو وهم منه وقد ذكر محقق معرفة السنن في 7/168 أن ابن التركماني عزاه لابن عبد البر في التمهيد وللبيهقي في المعرفة بلفظ لا تطيبي وأنت محد ولا تمسي الحناء فإنه طيب وقد راجعت معرفة السنن زمناً طويلاً المطبوع منه والمخطوط لكني لم أجده بلفظ المحدة أو المعتدة بلى هو موجود بلفظ: لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب معرفة السنن 7/168 والذي يظهر والعلم عند الله أن هناك تصحيفاً لكلمة محرمة فجعلها بعضهم محدة وبعضهم معتدة وبهذا يرتفع الإشكال وقد قال البيهقي في معرفة السنن 7/168 عن حديث نهي المحرمة عن الطيب: وهذا إسناد ضعيف ابن لهيعة غير محتج به وقال التهانوي عن حديث نهي المعتدة عن الطيب والحناء في إعلاء السنن 11/265 : قال بعض الناس فالحاصل أن الحديث لم يثبت 4- عن عمرو بن شعيب قال: رخص رسول الله للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى أبيها سبعة أيام وعلى من سواهما ثلاثة أيام
رواه أبو داود في مراسيله ص 295، قال عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9/486: مرسل أو معضل، وهو شاذ أيضاً إذ إنه مخالف لما وواه الثقات فلا يعتمد عليه"
الخطأ إباحة تغيير خلقة الله سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وتناول المؤلف تعريف الإحداد فقال ناقلا عن غيره:
"تربص تجتنب فيه المرأة ما يدعو إلى جماعها أو يرغب في النظر إليها من الزينة وما في معناها مدة مخصوصة في أحوال مخصوصة "
ومن التعريف يتضح أن أحكام الإحداد مما تختص بها النساء دون الرجال "
مما سبق يضح أن الإحداد خاص بالمتوفى عنها زوجها وهو كلام بديهى من خلال معرفة الناس ومع هذا وجد من يقول أن الرجل يحد هو الأخر فنقل المؤلف التالى:
"ذكر فقهاء الحنابلة ما يشعر بأن للرجل أن يحد فقال في الإنصاف مع الشرح 6/279 " : فائدة : يكره للمصاب تغيير حاله من خلع ردائه ونعله، وتغليق حانوته وتعطيل معاشه، على الصحيح من المذهب وقيل : لا يكره وسئل الإمام أحمد عن مسألة يوم مات بشر، فقال : ليس هذا يوم جواب : هذا يوم حزن وأطلقهما في الفروع وقال المجد : لا بأس بهجر المصاب الزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام وجزم به ابن تميم وابن حمدان " وانظر مطالب أولي النهى 1/924 "
ومن ثم بناء على هذا هناك حداد على الرجل وهو تخريف فلا تعطيل للعمل بسبب الموت إلا يوم الوفاة ليتم دفن القريب أو القريبة
وتناول المؤلف أنواع الحداد فقال:
ينقسم الإحداد من حيث حكمه الشرعي إلى قسمين
القسم الأول : الإحداد الشرعي
وهو ما كان وفق أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول / إحداد المرأة على زوجها المتوفى عنها
النوع الثاني : إحداد المرأة على غير زوجها
القسم الثاني : الإحداد الجاهلي
وهو ما لم يكن على أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول : الإحداد الجاهلي القديم
إن الناظر في أحوال المرأة قبل الإسلام ليوقن إيقاناً لا يخالطه ريب أنها كانت تعاني ألواناً عديدة من الظلم والحيف والجور ، ومن الصور التي يتجلى فيها العدوان على المرأة والظلم لها في تلك العصور المظلمة وله صلة بموضوعنا هو طريقة إحداد المرأة على زوجها إذا توفي عنها ، فقد نقلت لنا دواوين السنة وكتب الآثار تلك الصورة البشعة التي كان يمارسها المجتمع الجاهلي على المرأة فالمرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها عمدت إلى شر بيتها فلبثت فيه حولاً ولبست أطمار ثيابها فلا تغتسل ولا تتنظف ولا ترى شمساً ولا ريحاً ، حتى إذا حال عليها الحول خرجت بأقبح منظر وأفظع مرأى ، فتؤتى بدابة - حمار أو شاة أو طائر - فتمسح به جلدها فلا يكاد يعيش بعدما تتمسح به مما يجد من أوساخها وروائحها وقد ذكر النبي بعض النساء لما أرادت أن تترخص لابنتها في الكحل فقال : إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالعرة على رأس الحول وقد سئلت زينب - راوية الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها - وما ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشفاً ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً حتى تمر السنة ثم تؤتى بدابة - حمار أو شاة أو طائر - فتفتض به فقلما بشيء إلا مات ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره "
النوع الثاني : الإحداد الجاهلي الحديث
إن إطلاق لفظة جاهلي على شئ ما ليس وقفاً على زمان أو مكان معينين ، بل هو وصف متى ما بدت معالمه وقامت رسومه وجد فهو وصف يخترق حدود الزمان والمكان ، فلا غرابة أن نطلق في هذا الزمان المتطور المستنير بالعلوم المادية على كل ما خالف الهدي الرباني بأنه جاهلي ، إذ الجاهلية متضمنة لعدم العلم أو لعدم العمل به كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ..ومن صور الإحداد الجاهلي المعاصر الإحداد العام في الدول لموت رئيس أو عظيم أو حلول مصاب عام ، ومن مظاهر هذا الإحداد إيقاف الأعمال وتنكيس الأعلام وتغيير برامج الإعلام بما يناسب المقام من ثناء على الميت وذكر أعماله وغير ذلك مما يندرج تحت تقديس الأشخاص وتعظيمهم ..ولا شك أن تعطيل أعمال الناس لأجل موت أحدهم فيه إفساد لمصالح الأحياء وإهدار لطاقاتهم وربطهم بالموتى وكأن الإحداد المبتدع مما أخذه بعض المسلمين عن الكفار، ومعلوم من نصوص الكتاب والسنة أن التشبه بهم ممنوع، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، والتشبه بهم من موالاتهم وقد نهى النبي ومن تشبه بقوم فهو منهم رواه أحمد وأبو داود وقال شيخ الإسلام رحمه الله بعد هذا الحديث : وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم "
ما سبق من كلام فيه تخريف أوله تقسيم الحداد بناء على الرواية لحداد على الزوج وحداد على غير الزوج وهى رواية تعنى الحداد على كل الموتى المسلمين أقارب وغير أقارب وهو ما يعنى أن حداد المسلمين مستمر طوال السنة فلا يكاد يخلو يوم من ميت أو أكثر من المسلمين وهو كلام لا يقول به عاقل
والتخريف الثانى هو أن كل النساء قبل عهد الرسالة كن يحددن بتلك الطريقة البشعة المذكورة فى الكتب وهو كلام يخالف أن تعدد الأديان يعنى أن هناك أحكام مختلفة فى الحداد المعروف
وأما الكلام عن الحداد العام من خلال تحريمه لما يحدث من تعطيل العمل فى الدولة وتنكيس الأعلام وغيره فهو كلام سليم تماما
وتناول المؤلف ما أسماه حكمة الحداد فقال:
الحكمة من الإحداد:
يمكن تلخيصها بالآتي :
أولاً : تعظيم خطر هذا العقد ورفع قدره
ثانياً : تعظيم حق الزوج وحفظ عشرته
ثالثاً : تطييب نفس أقارب الزوج ومراعاة شعورهم
رابعاً : سد ذريعة تطلع المرأة للنكاح أو تطلع الرجال إليها
خامساً : الإحداد من مكملات العدة ومقتضياتها
سادساً : تأسف على فوات نعمة النكاح الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة
سابعاً : موافقة الطباع البشرية ، فإن النفس تتفاعل مع المصائب والنوائب فأباح الله لها حداً تستطيع من خلاله التعبير عن مشاعر الحزن والألم بالمصاب مع الرضا التام بما قضى الله تعالى وقدر
وقال أيضاً رحمه الله : والمقصود أنه للنساء لضعف عقولهن وقلة صبرهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في علة إباحة الإحداد على القريب وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية وعنها قال ابن القيم رحمه الله : وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها ، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر للتحبب إلى زوجها وترد لها نفسه ويحسن ما بينهما من العشرة ، فإن مات الزوج واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر فاقتضى تمام حق الأول وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله أن تمنع مما تضعه النساء لأزواجهن مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج فلا شيء أبلغ من هذا المنع والإباحة، ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئاً أحسن منه وقال أيضاً : ومما ذكر من حكم الإحداد إظهار التأسف على فوات نعمة النكاح التي هي من النعم الدينية والدنيوية إذ أنها من أسباب النجاة في الحال والمآل "
وكل ما ذكره هو خبل فلماذا تحزن المرأة التى مات عنها زوجها ولا يحزن الرجل الذى ماتت عنه زوجته ؟
ولماذا يكون الأسف على فوات نعمة النكاح من جانب الأرملة ولا يكون من جانب الرجل الأرمل ؟
ولماذا تراعى مشاعر أقارب الزوج الميت ولا تراعى مشاعر أقارب الزوجة الميتة؟
إن ما ذكر من الحكمة وهى الأسباب هو تمييز بلا موجب عند الله فالله لم يشرع سوى العدة وأما الإحداد فلم يشرعه
وتناول الرجل شروط الإحداد فقال:
"شروط الإحداد:
أجمع أهل العلم على أن الإحداد يلزم المتوفى عنها زوجها إذا كانت عاقلة بالغة مسلمة عقد عليها بنكاح صحيح ولو لم يدخل بها لحديث بروع بنت واسق واتفقوا أيضاً على أنه يلزم المطلقة الرجعية إذا مات زوجها وهي في العدة ثم اختلفوا بعد ذلك في عدة من هي دون البلوغ صور هل يجب فيها الإحداد أو لا والصحيح أنه يجب عليها الإحداد"
وتناول المؤلف ما أطلقنا عليه كلام المجانين ومنها :
"المسألة الأولى: حكم إحداد الصغيرة:
وأما الجمهور فذهبوا إلى لزوم حكم الإحداد للصغيرة ولو كانت في المهد واستدلوا بما أخرجه الشيخان عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يارسول الله ابنتي توفي زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله لا مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: لا "
كلام جنونى فالصغيرة غير مكلفة ولا يجوز لها الزواج لكونها غير عاقلة ووجوب بلوغها سن النكاح وبعده الرشد كما قال تعالى :
وقال:
"المسألة الثانية: حكم إحداد المجنونة :
ذهب جمهور العلماء رحمهم الله إلى أن المجنونة يلزمها الإحداد إذا توفي عنها زوجها لدخولها في عموم الأدلة الدالة على وجوب الإحداد ولأن غير المكلفة تساوي المكلفة في وجوب اجتناب المحرمات وإنما يختلفان في الإثم "
جنون أخر فالمجنونة غير مكلفة "والمجنون حتى يفيق"ولا يمكن السيطرة على أقوالها وأفعالها فكيف يمكن إلزامها بالإحداد ؟
وقال :
"المسألة الثالثة: حكم الإحداد في النكاح الفاسد:
النكاح الفاسد: هو ما يسوغ فيه الاجتهاد ، وقال شيخنا محمد العثيمين أثابه الله معلقاً: هو ما اختلف العلماء في فساده
والنكاح الفاسد يساوي النكاح الصحيح في بعض الأحكام ويخالفه في
بعضها ، وقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم الإحداد منه على قولين:
القول الأول: لا يجب الإحداد إلا على المعتدة من وفاة في نكاح صحيح وبه قال الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة …القول الثاني: أنه يجب الإحداد على المعتدة من وفاة في النكاح الفاسد وهو قول القاضي أبي يعلى "
لا يوجد عند المسلمين نكاح فاسد فالنكاح الفاسد هو زنى أو جريمة إكراه على زواج أو غير ذلك من الجرائم
وقال:
" المسألة الرابعة: حكم إحداد الذمية المتوفى عنها :
تقدم أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن الإحداد لازم لكل متوفى عنها ولو كانت ذمية"
الذمية غير مخاطبة بالشرع فكيف يمكن إلزامها ؟ فضلا عن أنه لا يجوز زواج المسلم من ذمية لقوله تعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
وقال :
"المسألة الخامسة: حكم إحداد الأمة وأم الولد:
الأمة إما أن تكون مزوجة أو غير مزوجة، فإن كانت غير مزوجة أو أم ولد فلا إحداد عليها لعدم الدليل على ذلك قال ابن المنذر رحمه الله: ولا أعلمهم يختلفون في أن لا إحداد على أم الولد إذا مات سيدها قال أبو بكر: وبه أقول وذلك لأنها ليست بزوجة "
بالقطع لا يجوز جماع الأمة دون زواج لقوله تعالى "فأنكحوهن بإذن اهلهن" وقوله "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
وقال:
"المسألة السادسة: حكم إحداد المعتدة من طلاق :
المراد بهذه المسألة هو بيان خلاف أهل العلم رحمهم الله في ثبوت أحكام الإحداد بالطلاق وقبل الخوض في أقوالهم يحسن بنا تحرير محل النزاع في المسألة فاعلم بارك الله فيك أن أهل العلم رحمهم الله متفقون على أن المطلقة الرجعية لا إحداد عليها بالطلاق، بل ينبغي لها أن تتجمل وتتزين وتتعرض لمطلقها لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً وذهب بعض الشافعية إلى استحباب الإحداد للرجعية إذا طلقت مدة عدتها واتفق أهل العلم أيضاً على أن المطلقة قبل الدخول لا إحداد عليها بالطلاق فتبين أن محل الخلاف هو في المعتدة من طلاق بائن بينونة صغرى كالمخلوعة والمفسوخة، أو كبرى كالمطلقة ثلاثاً "
بالقطع بالطلاق سواء بائن أو رجعى انقطعت العلاقة الزوجية ومن ثم فلا توجد عدة وفاة عليها لأن عليها عدة أخرى هى عدة الطلاق ولا يمكن الجمع بين الحالين الطلاق والوفاة
وتناول الرجل ما سماه زمن أى مدة الحداد فقال:
"مدة الإحدادك
تختلف مدة الإحداد باختلاف الميت المحدّ عليه وذلك على قسمين:
القسم الأول: مدة الإحداد على غير الزوج:
وردت الأحاديث النبوية ناصة على أنه يجوز الإحداد على غير الزوج ثلاث ليال فقط قال رسول الله : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث "
ومع هذا التحديد الثلاثى ذكرنا المؤلف برواية مناقضة تجعل الحداد على الأب سباعى اى سبعة أيام فقال :
"ويشكل على هذا ما أخرجه أبو داود في مراسليه 160 من طريق جرير بن حازم قال: سمعت عمرو بن شعيب أن رسول الله رخص للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى أبيها سبعة أيام وعلى من سواهما ثلاثة أيام "
ثم تناول المؤلف مدة الحداد على الزوج فقال:
القسم الثاني: مدة الإحداد على الزوج
لما كانت عدة المتوفى عنها ظرفاً لإحدادها لزمنا البحث في عدتها: فنقول: المتوفى عنها لا تخلو من أن تكون حائلاً أو حاملاً ولكل واحدة عدة تخصها
النوع الأول: عدة الحائل
الحائل هي غير الحامل وهي إما أن تكون مدخولاً بها أو غير مدخول بها وكلا الصنفين عدته من الوفاة أربعة أشهر وعشر لعموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ، ولما أخرجه الشيخان مرفوعاً لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر
وعشراً فظاهر الآية والحديث يشملهما فلا فرق بين مدخول بها وغير مدخول بها ..
النوع الثاني: عدة الحامل:
أختلف أهل العلم في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها على ثلاثة أقوال
القول الأول: أن الحامل أجلها أن تضع حملها ولو بعد الوفاة بوقت يسير ولو قبل دفنه وهو مذهب أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة
مسائل متعلقة بزمن الإحداد
وهي ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: حكم انقضاء العدة بالسقط
انقضاء العدة بالسقط يختلف باختلاف زمن الإسقاط، ويمكن تلخيصه في الحالات التالية:
الحال الأولى: أن تضع ما تبين فيه خلق الإنسان سواء قبل نفخ الروم أو بعده، فهذا تنقضي به العدة بالإجماع قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط تسقطه إذا علم أنه ولد
الحال الثانية: أن تضع مضغة لم يتبين فيها خلق إنسان ولكن شهد نساء ثقات بأن فيها صورة خفية لخلق إنسان أو شهدن أنها مبتدأ خلق إنسان فالسقط هنا يترتب عليه انقضاء العدة عند جمهور العلماء "
لا يوجد للمتوفى عنها زوجها سوى عدة واحدة هى عدة الوفاة كما قال تعالى
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
هذه العدة تستوى فيها الحامل بغير الحامل وأما الحامل التى يتخطى حملها مدة هذه العدة فتتم حملها ثم تتزوج إن أرادت
لو كان الحمل مناط العدة فى الأرملة لكان يصح زواجها إذا وضعت ولكن لا يصح زواجها قصرت مدة الحمل أو طالت عن عدة الترمل
ثم تناول عدة المغيبة وهى تسمية خاطئة والمفروض الغائب عنها زوجها فقال :
"المسألة الثانية: حكم إحداد المغيبة
سبق أن إحداد المتوفى عنها مرتبط بعدتها فمسألتنا هذه مبنية على عدة المغيبة وهي التي يموت زوجها ولا تعلم به إلا بعد زمن موته وفيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: عدة المتوفى عنها تبدأ من يوم موت زوجها، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم وهو قول ابن عمر وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، القول الثاني: عدة المتوفى عنها زوجها تبدأ من حين يأتيها خبر وفاة زوجها وهذا القول مروي عن أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبه قال الحسن البصري وقتادة
القول الثالث: عدتها إن قامت بينة من يوم الوفاة وإن لم تقم فمن حين بلوغ الخبر، وهذا قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والشعبي "
الغائب عنها زوجها لسبب مجهول لا يعرف منه حياته أو موته عدتها انتهت بمرور أربعة أشهر وعشر أيام من يوم غيابه الأول كما فى غياب الرجل عن زوجته وهى حى كما قال تعالى :
"للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم"
فمتى انقضت الأربعة أشهر من غياب الزوج أصبحت المرأة مطلقة أو أرملة يحق لها الزواج ما لم تكن حاملا
ثم تناول المؤلف بيان ما يلزم الحادة على زوجها من الأحكام فقال:
"-تجنب أنواع الطيب ونحوها
أجمع كل من أوجب الإحداد على أن الحادة ممنوعة من الطيب ودليلهم حديث أم عطية رضي الله عنها وفيه قال النبي شأن الحادة: ولا تمس طيباً وعلة هذا المنع أن الطيب مما يدعو إلى النكاح فمنعت الحادة منه لأنها ممنوعة من النكاح، واستثنى النبي الشيء اليسير عند الطهر للحاجة إليه فقال : إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار والقسط اختلف أهل العلم في الأدهان غير المطيبة كالزيت والشيراج والسمن والمراهم "
يخالف تحريم الطيب وهو الرائحة أنه لا يجوز لأحد تحريم ما أحل الله بقوله ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فلو كان التطيب العادى محرم فلماذا خلق الله الريحان فقال "والحب ذو العصف والريحان"
-وقال:" حكم أكل المطيب:
ذهب الشافعية رحمهم الله إلى أن الحادة ممنوعة من أكل الطيب قال النووي رحمه الله: وطيب في بدن وثوب وطعام "
نفس الكلام فأكل الطيب حلال لا يمكن لأحد تحريمه لقوله تعالى ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
"- وقال:حكم التجارة بالطيب:
رجح المالكية أن الحادة يجب عليها ترك التطيب وعمله لتعلق رائحته بها فهو كالتطيب في الحقيقة وكذلك الاتجار به إن كانت تباشره بنفسها "
نفس ما قلناه سابقا لا يجوز تحريم ما أخل الله
" وقال:-تجنب الزينة في الثياب:
أجمع أهل العلم على أن الحادة يحرم عليها لبس كل ما فيه زينة من الثياب لقوله ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولقوله لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، وألحقوا بالمنصوص كل ما وافقه في المعنى أو كان أولى منع بالمنع "
لم يحرم الله نوعا من اللباس طالما يغطى العورة ولا يلفت نظر الناس ولا يجوز لأحد تحريم ما احل الله لقوله تعالى ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
وقال:
"تجنب الزينة في البدن:
ذهب أهل العلم قاطبة إلى منع الحادة من الزينة في بدنها وذلك بمنعها من خصلتين:
الخصلة الأولى : منعها من الخضاب
فالحادة ممنوعة من الخضاب بالحناء ونحوه مما يكون فيه تجمل وزينة كالتشقير والتمييش والصبغ في هذا العصر
الخصلة الثانية: منعها من الاكتحال
أكثر أهل العلم على أن الحادة ممنوعة من الكحل ودليله قوله ولا تكتحل ففيه منعها من الكحل ويدل عليه أيضاً ما أخرجه الشيخان عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يارسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها ؟ قال : لا مرتين أو ثلاثاً
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز للحادة في حال الضرورة استعماله إلا في الليل وتمسحه في النهار المسألة الثانية: حكم استعمال المكايج ونحوها للحادة"
تحريم الخضاب والكحل والتزين بأنواع من الألوان على المحدة وحدها يخالف انه محرم على النساء والرجال دائما لكونه استجابة لتغيير خلقة الله التى امر بها الشيطان بقوله الذى قصه الله"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وقال:
"حكم لبس النقاب والخفاف للحادة:
وذهب بعض أهل العلم إلى منع الحادة من النقاب والخفاف قياساً على المحرمة ولا شك أن هذا مما لا دليل عليه ولا هو في معنى المنصوص عليه، فيجوز لها كل ما لم ينص الشارع على تحريمه ومنعه ولم يكن في معنى الممنوع "
لا يجوز تحريم شىء لم يحرمه الله
وقال:
"تجنب الحلي:
ذهب أكثر أهل العلم رحمهم الله إلى أن الحادة ممنوعة من لبس الحلي"
وهو تحريم ما أحل الله فلم ينه الله عن لبس الحلى
وقال:
:حكم ما لو كانت متلبسة ببعض المنهيات قبل وفاة زوجها:
إذا كانت الحادة متلبسة بشيء مما نهيت عنه قبل وفاة زوجها، كأن تكون متطيبة أو مكتحلة أو عليها لباس زينة أو مختضبة فإن الواجب عليها إزالة ما يمكن إزالته منها، لأن العلة التي منعت من إبتداء هذه الأمور موجودة في استدامتها فدل ذلك على منع استدامة ما نهيت عنه لأجل الحداد ويشهد لهذا أن أم سلمة رضي الله عنها أذن لها النبي أن تضع الصبر لما احتاجت إليه بالليل وتنزعه بالنهار فدل ذلك على منع استدامة هذه الممنوعات"
ما حرمه الله هو حرام وما أباحه هو حلال سواء كان فى حالة موت أو فرح أو غير هذا
وتناول الرجل مسألة وجوب لزوم الحادة بيتها فقال:
"للعلماء رحمهم الله في وجوب لزوم الحادة بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه قولان:
القول الأول: أنه يجب عليها لزوم بيت زوجها الذي توفي عنها وهي فيه، وإليه ذهب عامة العلماء
القول الثاني: أنه لا يجب عليها لزوم بيت زوجها بل تعتد حيث شاءت واختاره جماعة من المتقدمين من الصحابة وغيرهم...واستدلوا بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ "
المسألة متعلقة بالعدة وليس لها علاقة بالإحداد المزعوم وقد ناقش فيها مسائل السكنى والنفقة وغيرها وهى مسائل متعلقة بالعدة والمعتدة تكون فى بيت زوجها فى مدة العدة لها السكن ولها النفقة وكل ما لزم الزوجة فى حياة زوجها وبعد العدة لها ان تفعل ما تريد من الزواج أو عدمه وهو قوله تعالى :
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
وذكر المؤلف بعض الأمور المنتشرة فى بعض المجتمعات خاصة بالحداد فقال:
"أحدث بعض الناس أموراً في الإحداد لا أصل لها في الشرع المطهر وإنما جاءت نتيجة تلقي الأحكام من العادات المنتشرة بين الناس، والتي لم يأت بها كتاب ولا سنة فمن هذه الأمور المستحدثة:
* التزام بعض النساء لباساً معيناً أو لوناً معيناً للإحداد
* امتناع الحادة عن مشط رأسها
* امتناع الحادة من الاغتسال للتنظيف إلا يوم الجمعة
* امتناع الحادة عن العمل في بيتها من خياطة ونحوها
* امتناع الحادة من البروز للقمر
* امتناع الحادة من الظهور على سطح البيت
* اعتزال الحادة بحيث لا يراها أحد، وإذا زارها أحد زادت في العدة والإحداد يوماً مقابل ذلك اليوم الذي رئيت فيه كفارة لذلك أو قضاءً له
* اعتقاد بعضهم أن الحادة لا تقطع اللحمة الحمراء
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها تكليم الرجال مطلقاً
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها الخروج لقضاء حواجاتها ومصالحها
* اعتقاد أن الحادة لا تجيب الهاتف
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها النظر إلى زوجها إذا مات
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها النظر إلى صورة زوجها بعد وفاته
* اعتقاد بعضهم أن المتوفى إذا كان له زوجتان فإن العدة تقسم بينهما
* اعتقاد بعضهم أن المتوفى إذا كان له زوجتان إحداهما حامل وولدت ذكراً فإن هذا ينهي عدة الزوجة الثانية"
وهناك أمور أخرى فى بعض المجتمعات
الكتاب تأليف خالد بن عبدالله المصلح
كما فى الكثير من المسائل التى تناولها الفقهاء نجد مسائل لا أصل لها فى كتاب الله ونجد الفقهاء يقيمون بناء على الهواء فيفرعون تفريعات على الأصل وفى النهاية نجد هذا البناء كومة من القش
الإحداد أو الحداد على الميت مسألة لا وجود لها فى الإسلام فتعريفها هو :
أن المرأة التى لها قريب ميت -وكل الِأحاديث المروية لا تذكر حكاية القريب وإنما تذكر كلمة الميت عامة ومن ثم فهى تعنى كل موتى المسلمين – عليها أن تمتنع عن بعض الأفعال فى اللباس والطعام والتزين والسكن والخروج
تحريم تلك الفعال على المرأة يتناقض مع إباحة زينة الله من لباس وطعام وغيرهم من الطيبات كما قال تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
تحريم بعض الأكل على المرأة كاللحم يناقض أن الطعام المحرم واحد على المسلمين والمسلمات وليس من ضمنه اللحم الحلال كما قال تعالى :
"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق"
قرأت العديد من الكتب المتعلقة بالفقه من المختصرات والموسوعات ونسيتها وفى تلك الكتب آراء لا يمكن وصفها إلا بوصف واحد إنها مجنونة ومن قالوها هم مجموعة من المجانين وفى هذا الكتاب يذكر لنا المؤلف عدة مسائل مجنونة مثل :
الزوجة المجنونة عليها الإحداد والعدة
الطفلة الزوجة عليها الإحداد والعدة
الزوجة الذمية عليها الاثنين
أين ذهبت عقول من قالوا تلك الأقوال فالثلاثة غير مخاطبين بالشرع حتى يتم إلزامهم بالأحكام وسيأتى ذكر تلك المسائل فى سياق تناول مسائل الكتاب
استهل المؤلف كتابه بسرد الأحاديث التى قيلت فى الإحداد فقال:
مسرد أحاديث الإحداد:
أولاً: أحاديث الصحيحين أو أحداهما :
1 ـ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبريه هذه الأحاديث الثلاثة قال: قالت زينب : دخلت على أم حبيبة زوج النبي ? ، حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره ، فدهنت منه جاريةً ثم مسٍٍٍت بعارضيها ثم قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة, غير أني سمعت رسول الله يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله:إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول : لا ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداهن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال حميد: قلت لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشفاً، ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة ، فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره رواه البخاري في مواضع ، وهو بهذا السياق في كتاب الطلاق باب : تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً 3/420 برقم 5334،5335،5336،5337ورواه مسلم 2/1123 ـ 1125 برقم 1486 وفي رواية له 2/1127 برقم 1490 عن حفصة رضي الله عنها زاد : فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً
فى الرواية يوجد عدة أخطاء :
الأول تطيب النساء بصفرة خلوق وهو ما يناقض أن الطيب الملون هو تغيير لخلقة الله استجابة لقول الشيطان" ولأمرنهم فليغيرن خلق الله"
كما يناقض الروايات المحرمة على النساء التطيب وهو وضع وضح الروائح حيث اعتبرت المرأة التى تضعه زانية
«أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ"رواه النسائى وأبو داود والترمذى
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ"رواه مسلم
وفي رواية ابن ماجه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ"رواه ابن ماجة
" قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ" "رواه أحمد وابن حيان
والنهى عن تطيب المحدة فى الرواية السابقة يناقض إباحة تطيبها بقسط أو أظفار فى الرواية التالية:
2ـ عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله قال: لاتحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ،ولا تلبس ثوباً مصبوغا إلا ثوب عصب ، ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت من نبذة من قسط أو أظفار رواه البخاري في كتاب الطلاق ،باب القسط للحادة عند الطهر 3/421 برقم 5341ورواه مسلم برقم 938 واللفظ له وزاد أبو داود 2/292 باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ولا تختطب وزاد النسائي 6/203 برقم 3534 ولا تمتشط
ونجد نفس الأخطاء فى هذه الرواية وسابقتها وما بعدها وهو تحريم زينة الله وهو الطيبات من اللباس والريح والكل يخالف قوله تعالى :
"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
كما أنها تبيح تغيير خلقة الله بالاكتحال وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله بقوله"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله|
3 ـ عن عبيد الله عن عبد الله بن عتبة : أن أباه كتب إلى عمر ابن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية ، فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله حين استفتته فكتب عمر بن عبد اله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته : أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وهو من بني عامر بن لؤي ، وكان ممن شهد بدر ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار ، فقال لها : مالي أراك تجملت للخطاب ، ترجين النكاح ، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، وأتيت رسول الله فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي رواه البخاري في المغازي ، باب فضل من شهد بدا 3/90برقم 3991ومسلم 2/1122 برقم 1484
الخطأ هنا هو الخلط بين عدة المتوفى عنها زوجها وعدة المطلقة فعدة المطلقة الحامل وضع الحمل كما قال تعالى "واللائى يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"
فلو كانت عدة المطلقة هى عدة الأرملة ما قال الله فى عدة الأرملة "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
ولو كانت علة أى عدة هى استبراء الرحم ما كانت عدة المطلقة غير الحامل ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء كما قال تعالى"والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله فى أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر"لأنه فى حالة الحيض مرة واحدة تكون المرأة غير حامل
وهناك فى هذه الرواية خروم كثيرة منها :
أن أبا السنابل مكى من مسلمة الفتح كما فى كتب التاريخ وليس من سكانن المدينة ومن ثم فكيف التقى المرأة ؟
أن المرأة كانت حاملا والحامل لا تسافر لأن السفر يضر بها وبحملها ومن ثم كانت فى المدينة بينما زوجها كان يحج فى مكة
دخول أبو السنابل عليها بيتها دون إذن وكلامه معها دون ان تطرده أو تستدعى المسلمين ليعاقبوه
4 ـ قال البخاري: حدثني إسحاق بن منصور : أخبرنا روح بن عباده : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً قال : كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجبا ، فأنزل الله : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ قال : جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله تعالى : غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها زعم ذلك عن مجاهد رواه البخاري: في كتاب الطلاق، باب وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [سورة البقرة: الآية 234]3/422، برقم 5344
هذه الرواية ليس لها أى صلة بالإحداد وإنما تتكلم عن العدة وليس فيها أى ذكر لمحرمات اللباس والتعطر وغيره مما فرضوه على المحدة
5 ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : طاقت خالتي ، فأرادت أن تجد نخلها ، فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت النبي فقال : بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً رواه مسلم 2/1121 برقم 1483
هذه الرواية تبيح للمحدة الخروج من بيتها لمباشرة مالها وهو ما يناقض تحريم الرواية التالية للخروج من البيت وهى من روايات الكتب التسعة غير الصحيحين التالية:
6 ـ عن مالك بن يحيى بن سعيد ، قال : بلغني أن السائب بن خباب توفي، وأن امرأته جاءت عبد الله بن عمر وذكرت له وفاة زوجها ، وذكرت له حرثاً لهم بفتاة ، وسألته : هل يصلح لها أن تبيت فيه ؟ فنهاها عن ذلك ، فكانت تخرج من المدينة بسحر ، فتصبح في حرثهم ، فتظل فيه يومَها ، ثم تدخل المدينة إذا أمست ، فتبيت في بيتها
رواه مالك في الموطأ 2/592 برقم 88 وقد ضعف الألباني لانقطاع سنده ، إرواء الغليل 7/212
ثانياً: أحاديث الكتب التسعة سوى الصحيحين:
1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي قال :
المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل رواه الإمام أحمد 6/302، وأبو داود 2/292 واللفظ لهما ، ورواه النسائي 6/203 برقم 3535 بدون قوله ولا الحلي وقد ضعف ابن حزم الحديث فقال في المحلى 10/277: ولا يصح لأن إبراهيم بن طهمان ضعيف وقد استنكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 5/708 -709 تضعيف الحديث بإبراهيم فقال: ولا يحفظ عن أحد من المحدثين قط تعليل حديث رواه ولا تضعيفه
2 ـ عن أسماء بنت عميس أنها قالت : لما أصيب جعفر بن أبي طالب أمرني رسول الله فقال: تسلبي ثلاثاً ثم اصنعي بعد ما شئت رواه الإمام أحمد 6/369، 438 ،ولفظه[أي أحمد] : دخل علي رسول الله اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: لا تحدي بعد يومك هذا ، وروا ابن حبان الإحسان واللفظ له 7/418، برقم 3148 والبيهقي 7/438 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/75 والطبراني في الكبير 24/193 برقم 369 بلفظ تسكني ثلاثاً
هذه الرواية تناقض روايات الحداد على الزواج أكثر من ثلاثة أيام
3_ عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي و كانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء_ قال أحمد أحد الرواة : والصواب بكحل الجلاء _ فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة, فسألتها عن كحل الجلاء , فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لابد [منه] يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار ، ثم قالت عند ذلك أم سلمة : دخل علي رسول الله حين توفي أبو سلمة ، وقد جعلت على عيني صبراً ، فقال: ما هذا يا أم سلمة فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قالت : بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك رواه أبو داود واللفظ له 2/728 ، باب ما تجتنبه المعتدة في عدتها ، ورواه النسائي 6/204 برقم 3537وقد صحح الحديث ابن عبد البر في التمهيد 17/318،وحسنه ابن القيم في زاد المعاد 5/703 والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص204 ، وضعفه عبد الحق كما ذكر ذلك الزيلعي في نصب الراية 3/261
الخطأ المتكرر فى الرواية إباحة تغيير خلقة الله بالكحل والصبر والطيب والحناء والسدر سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
4 ـ عن علقمة والأسود قالا : أتي عبد الله في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها قبل أن يدخل بها ، فقال عبد الله : سلوا هل تجدون فيها أثراً ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ما نجد فيها -يعني أثراً - قال: أقول برأيي فإن كان صواباً فمن الله : لها كمهر نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة ، فقام رجل من أشجع فقال : في مثل هذا قضى رسول الله فينا في امرأة يقال لها بروع بنت واشق تزوجت رجلاً فمات قبل أن يدخل بها فقضى لها رسول الله بمثل صداق نسائها ولها الميراث وعليها العدة فرفع عبد الله يديه وكبر رواه النسائي واللفظ له 6/121 برقم 3354 ،وأبو داود 2/588 والترمذي 3/441، وابن ماجه 1/60 برقم 1891،والإمام أحمد 3/480 وابن حبان الإحسان 9/409 برقم 4100 والحاكم في المستدرك 2/180 وقال بعد سرد رواياته 2/181 : فصار الحديث صحيحاً على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وقال الألباني في إرواء الغليل 6/359: هو كما قالا قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 3/191: وصححه ابن مهدي والترمذي وقال ابن حزم : لا مغمز فيه لصحة إسناده والبيهقي في الخلافيات وقال شيخنا عبد العزيز بن باز أثابه الله : إسناده لا بأس به "
هذه الرواية ليس بها ما يستدل على الإحداد المزعوم فكل ما فيها هو العدة على الأرملة
5 ـ عن مالك أنه بلغ أن أم سلمة زوج النبي قالت لامرأة حاد على زوجها ، اشتكت عيناها ، فبلغ ذلك منها : اكتحلي بكحل الجلاء بالليل وامسحيه بالنهار الموطأ 2/598 برقم 105
نلاحظ الخبل فى الرواية وهو إباحة العلاج بالكحل ليلا وتحريمه نهارا والعلاج مباح ليلا ونهارا ما دام هناك مرض لكون هذا التحريم فيه حرج أى أذى على المسلم أو المسلمة وهو ما حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
7 ـ عن زينب بنت كعب بن عجرة ، عن الفريعة بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد الخدري - أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله أن أرجع إلى أهلي ، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، فقال رسول الله : نعم ،قالت : فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له ، فقال: كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي ، قالت : فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ، قالت : فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك ، فأخبرته ، فأتبعه وقضى به
رواه أبو داود واللفظ له 2/723 ، والترمذي 3/499 ـ 500 وقال: حسن صحيح ، والنسائي 6/199 برقم 3529 وبلفظ اعتدي حيث بلغك الخبر ، وفي لفظ آخر له أيضاً برقم 3530 امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله ، وابن ماجه 1/654برقم 203 وفيه امكثي بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله ورواه الإمام أحمد في مسنده 6/370 ، 420 ، 421 بلفظ قريب من لفظ ابن ماجه وقد صححه الترمذي كما تقدم والحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك 2/208 ، وكره ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان 10/128-129 برقم 4292 ونقل الحافظ ابن حجر في الدراية 2/80 تصحيحه عن الذهبي وذكر ذلك الحاكم أيضاً في مستدرك 2/208 , وابن عبد البر في التمهيد 21/31 , وصححه وابن القيم في زاد المعاد 5/680 , والصنعاني في سبل السلام 6/419 , وأعله ابن حزم في المحلى 10/32 بجهالة زينب وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة وتابعه على ذلك عبد الحق كما قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 , وضعفه الألباني أيضاً في إرواء الغليل 7/206-207 وقد أجاب ابن القيم رحمه الله على علة جهالة زينب رضي الله عنها فقال في زاد المعاد 5/681 : فهذه امرأة تابعية كانت تحت صحابي وروى عنها الثقات, ولم يطعن فيها بحرف واحتج الأئمة بحديثها وصححوه وقال الحافظ عن هذه العلة في تلخيص الحبير 3/240 :و زينب وثقها الترمذي وقد وثقها ابن حبان في الثقات 4/271 واحتج بها مالك كما في الموطأ في كتاب الطلاق باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ص405 برقم 125 وأما سعد فقد قال الحافظ في تلخيص الحبير 3/240 : وثقه النسائي وابن حبان فالراجح أن الحديث ثابت محتج به"
الرواية ليس لها علاقة بالإحداد وإنما هى متعلقة بالعدة أين تكون ومن ثم فلا تنفع فى الاستدلال على الحداد بشىء
8 ـ عن أبي بن كعب أنه سأل النبي عن قوله : وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فقال : هي للمطلقة ثلاثاً وللمتوفى عنها
رواه أحمد 5/116، والطبري في تفسيره 14/28/143، وفي رواية أحمد المثنى بن الصباح وهو ضعيف ورواية الطبري من حديث ابن لهيعة وهو ضعيف أيضاًً ، وطريقه الثانية فيها عبد الكريم بن أبي مخارق وهو ضعيف ولم يدرك أبي كما قال الزيلعي في نصب الراية 3/256 وقد ضعف الحديث ابن كثير رحمه الله في تفسيره 8/178 والألباني فيه إرواء الغليل 7/196 وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدراية ص 78 : ويقوي قول ابن مسعود ما جاء عن أبي بن كعب إن ثبت عنه "
الرواية تتحدث عن العدة وليس عن الإحداد ومن ثم فلا تصلح للاستدلال بها على شىء من أحكام الإحداد المزعومة وهى تخالف ما فى المصحف من كون تلك العدة فى المطلقة وليس فى المتوفى عنها زوجها
ثالثاُ : ما سوى الكتب التسعة :
1 ـ عن علي أن النبي أمر المتوفي عنها أن تعتد في غير بيتها إن شاءت رواه الدار قطني 3/266: وقال : لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو ضعيف ومحبوب ضعيف أيضاًً
2 ـ عن مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله فقلنا : إن نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال النبي : تحدثنا عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة منكن إلى بيتها رواه البيهقي في السنن الكبرى 7/436 ومعرفة السنن 11/218 وعبد الرزاق في المصنف 7/36
وفي إسناد البيهقي عبد المعين بن عبد العزيز بن أبي رواد قال عنه الحافظ في التقريب ص 361 : صدوق يخطأ ورجال إسناد عبد الرزاق كلهم موثقون إلا أنه مرسل ولذا ضعفه الألباني في ارواء الغليل 7/211 وعندي أن هذا المرسل يعتضد بحديث الفريعة فستأنس به والله أعلم "
الروايتان تتحدث عن المبيت أو الوجود فى غير بيت الزوجية ولا علاقة لها بالإحداد وإنما لها علاقة بالعدة
3ـ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي : نهى المعتدة أن تختضب بالحناء فإن الحناء طيب وفي لفظ آخر : نهى النبي المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب والحناء عزاه السروجي للنسائي، قال الحافظ ابن حجر: وروى النسائي بلفظ نهى المعتدة عن الكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب، كذا عزاه السروجي في الغاية ولم أجده فليتأمل الدراية 2/79، وقد وهّم الزيلعيُ السروجي في هذا العزو فقال في نصب الراية 3/261 : وعزاه للنسائي ولفظه - وذكر لفظ الحديث - وهو وهم منه وقد ذكر محقق معرفة السنن في 7/168 أن ابن التركماني عزاه لابن عبد البر في التمهيد وللبيهقي في المعرفة بلفظ لا تطيبي وأنت محد ولا تمسي الحناء فإنه طيب وقد راجعت معرفة السنن زمناً طويلاً المطبوع منه والمخطوط لكني لم أجده بلفظ المحدة أو المعتدة بلى هو موجود بلفظ: لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب معرفة السنن 7/168 والذي يظهر والعلم عند الله أن هناك تصحيفاً لكلمة محرمة فجعلها بعضهم محدة وبعضهم معتدة وبهذا يرتفع الإشكال وقد قال البيهقي في معرفة السنن 7/168 عن حديث نهي المحرمة عن الطيب: وهذا إسناد ضعيف ابن لهيعة غير محتج به وقال التهانوي عن حديث نهي المعتدة عن الطيب والحناء في إعلاء السنن 11/265 : قال بعض الناس فالحاصل أن الحديث لم يثبت 4- عن عمرو بن شعيب قال: رخص رسول الله للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى أبيها سبعة أيام وعلى من سواهما ثلاثة أيام
رواه أبو داود في مراسيله ص 295، قال عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9/486: مرسل أو معضل، وهو شاذ أيضاً إذ إنه مخالف لما وواه الثقات فلا يعتمد عليه"
الخطأ إباحة تغيير خلقة الله سواء كان فى العدة أو بعدها وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله فقال "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وتناول المؤلف تعريف الإحداد فقال ناقلا عن غيره:
"تربص تجتنب فيه المرأة ما يدعو إلى جماعها أو يرغب في النظر إليها من الزينة وما في معناها مدة مخصوصة في أحوال مخصوصة "
ومن التعريف يتضح أن أحكام الإحداد مما تختص بها النساء دون الرجال "
مما سبق يضح أن الإحداد خاص بالمتوفى عنها زوجها وهو كلام بديهى من خلال معرفة الناس ومع هذا وجد من يقول أن الرجل يحد هو الأخر فنقل المؤلف التالى:
"ذكر فقهاء الحنابلة ما يشعر بأن للرجل أن يحد فقال في الإنصاف مع الشرح 6/279 " : فائدة : يكره للمصاب تغيير حاله من خلع ردائه ونعله، وتغليق حانوته وتعطيل معاشه، على الصحيح من المذهب وقيل : لا يكره وسئل الإمام أحمد عن مسألة يوم مات بشر، فقال : ليس هذا يوم جواب : هذا يوم حزن وأطلقهما في الفروع وقال المجد : لا بأس بهجر المصاب الزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام وجزم به ابن تميم وابن حمدان " وانظر مطالب أولي النهى 1/924 "
ومن ثم بناء على هذا هناك حداد على الرجل وهو تخريف فلا تعطيل للعمل بسبب الموت إلا يوم الوفاة ليتم دفن القريب أو القريبة
وتناول المؤلف أنواع الحداد فقال:
ينقسم الإحداد من حيث حكمه الشرعي إلى قسمين
القسم الأول : الإحداد الشرعي
وهو ما كان وفق أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول / إحداد المرأة على زوجها المتوفى عنها
النوع الثاني : إحداد المرأة على غير زوجها
القسم الثاني : الإحداد الجاهلي
وهو ما لم يكن على أمر الله ورسوله ، وهو نوعان :
النوع الأول : الإحداد الجاهلي القديم
إن الناظر في أحوال المرأة قبل الإسلام ليوقن إيقاناً لا يخالطه ريب أنها كانت تعاني ألواناً عديدة من الظلم والحيف والجور ، ومن الصور التي يتجلى فيها العدوان على المرأة والظلم لها في تلك العصور المظلمة وله صلة بموضوعنا هو طريقة إحداد المرأة على زوجها إذا توفي عنها ، فقد نقلت لنا دواوين السنة وكتب الآثار تلك الصورة البشعة التي كان يمارسها المجتمع الجاهلي على المرأة فالمرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها عمدت إلى شر بيتها فلبثت فيه حولاً ولبست أطمار ثيابها فلا تغتسل ولا تتنظف ولا ترى شمساً ولا ريحاً ، حتى إذا حال عليها الحول خرجت بأقبح منظر وأفظع مرأى ، فتؤتى بدابة - حمار أو شاة أو طائر - فتمسح به جلدها فلا يكاد يعيش بعدما تتمسح به مما يجد من أوساخها وروائحها وقد ذكر النبي بعض النساء لما أرادت أن تترخص لابنتها في الكحل فقال : إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالعرة على رأس الحول وقد سئلت زينب - راوية الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها - وما ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشفاً ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً حتى تمر السنة ثم تؤتى بدابة - حمار أو شاة أو طائر - فتفتض به فقلما بشيء إلا مات ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره "
النوع الثاني : الإحداد الجاهلي الحديث
إن إطلاق لفظة جاهلي على شئ ما ليس وقفاً على زمان أو مكان معينين ، بل هو وصف متى ما بدت معالمه وقامت رسومه وجد فهو وصف يخترق حدود الزمان والمكان ، فلا غرابة أن نطلق في هذا الزمان المتطور المستنير بالعلوم المادية على كل ما خالف الهدي الرباني بأنه جاهلي ، إذ الجاهلية متضمنة لعدم العلم أو لعدم العمل به كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ..ومن صور الإحداد الجاهلي المعاصر الإحداد العام في الدول لموت رئيس أو عظيم أو حلول مصاب عام ، ومن مظاهر هذا الإحداد إيقاف الأعمال وتنكيس الأعلام وتغيير برامج الإعلام بما يناسب المقام من ثناء على الميت وذكر أعماله وغير ذلك مما يندرج تحت تقديس الأشخاص وتعظيمهم ..ولا شك أن تعطيل أعمال الناس لأجل موت أحدهم فيه إفساد لمصالح الأحياء وإهدار لطاقاتهم وربطهم بالموتى وكأن الإحداد المبتدع مما أخذه بعض المسلمين عن الكفار، ومعلوم من نصوص الكتاب والسنة أن التشبه بهم ممنوع، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، والتشبه بهم من موالاتهم وقد نهى النبي ومن تشبه بقوم فهو منهم رواه أحمد وأبو داود وقال شيخ الإسلام رحمه الله بعد هذا الحديث : وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم "
ما سبق من كلام فيه تخريف أوله تقسيم الحداد بناء على الرواية لحداد على الزوج وحداد على غير الزوج وهى رواية تعنى الحداد على كل الموتى المسلمين أقارب وغير أقارب وهو ما يعنى أن حداد المسلمين مستمر طوال السنة فلا يكاد يخلو يوم من ميت أو أكثر من المسلمين وهو كلام لا يقول به عاقل
والتخريف الثانى هو أن كل النساء قبل عهد الرسالة كن يحددن بتلك الطريقة البشعة المذكورة فى الكتب وهو كلام يخالف أن تعدد الأديان يعنى أن هناك أحكام مختلفة فى الحداد المعروف
وأما الكلام عن الحداد العام من خلال تحريمه لما يحدث من تعطيل العمل فى الدولة وتنكيس الأعلام وغيره فهو كلام سليم تماما
وتناول المؤلف ما أسماه حكمة الحداد فقال:
الحكمة من الإحداد:
يمكن تلخيصها بالآتي :
أولاً : تعظيم خطر هذا العقد ورفع قدره
ثانياً : تعظيم حق الزوج وحفظ عشرته
ثالثاً : تطييب نفس أقارب الزوج ومراعاة شعورهم
رابعاً : سد ذريعة تطلع المرأة للنكاح أو تطلع الرجال إليها
خامساً : الإحداد من مكملات العدة ومقتضياتها
سادساً : تأسف على فوات نعمة النكاح الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة
سابعاً : موافقة الطباع البشرية ، فإن النفس تتفاعل مع المصائب والنوائب فأباح الله لها حداً تستطيع من خلاله التعبير عن مشاعر الحزن والألم بالمصاب مع الرضا التام بما قضى الله تعالى وقدر
وقال أيضاً رحمه الله : والمقصود أنه للنساء لضعف عقولهن وقلة صبرهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في علة إباحة الإحداد على القريب وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية وعنها قال ابن القيم رحمه الله : وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها ، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر للتحبب إلى زوجها وترد لها نفسه ويحسن ما بينهما من العشرة ، فإن مات الزوج واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر فاقتضى تمام حق الأول وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله أن تمنع مما تضعه النساء لأزواجهن مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج فلا شيء أبلغ من هذا المنع والإباحة، ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئاً أحسن منه وقال أيضاً : ومما ذكر من حكم الإحداد إظهار التأسف على فوات نعمة النكاح التي هي من النعم الدينية والدنيوية إذ أنها من أسباب النجاة في الحال والمآل "
وكل ما ذكره هو خبل فلماذا تحزن المرأة التى مات عنها زوجها ولا يحزن الرجل الذى ماتت عنه زوجته ؟
ولماذا يكون الأسف على فوات نعمة النكاح من جانب الأرملة ولا يكون من جانب الرجل الأرمل ؟
ولماذا تراعى مشاعر أقارب الزوج الميت ولا تراعى مشاعر أقارب الزوجة الميتة؟
إن ما ذكر من الحكمة وهى الأسباب هو تمييز بلا موجب عند الله فالله لم يشرع سوى العدة وأما الإحداد فلم يشرعه
وتناول الرجل شروط الإحداد فقال:
"شروط الإحداد:
أجمع أهل العلم على أن الإحداد يلزم المتوفى عنها زوجها إذا كانت عاقلة بالغة مسلمة عقد عليها بنكاح صحيح ولو لم يدخل بها لحديث بروع بنت واسق واتفقوا أيضاً على أنه يلزم المطلقة الرجعية إذا مات زوجها وهي في العدة ثم اختلفوا بعد ذلك في عدة من هي دون البلوغ صور هل يجب فيها الإحداد أو لا والصحيح أنه يجب عليها الإحداد"
وتناول المؤلف ما أطلقنا عليه كلام المجانين ومنها :
"المسألة الأولى: حكم إحداد الصغيرة:
وأما الجمهور فذهبوا إلى لزوم حكم الإحداد للصغيرة ولو كانت في المهد واستدلوا بما أخرجه الشيخان عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يارسول الله ابنتي توفي زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله لا مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: لا "
كلام جنونى فالصغيرة غير مكلفة ولا يجوز لها الزواج لكونها غير عاقلة ووجوب بلوغها سن النكاح وبعده الرشد كما قال تعالى :
وقال:
"المسألة الثانية: حكم إحداد المجنونة :
ذهب جمهور العلماء رحمهم الله إلى أن المجنونة يلزمها الإحداد إذا توفي عنها زوجها لدخولها في عموم الأدلة الدالة على وجوب الإحداد ولأن غير المكلفة تساوي المكلفة في وجوب اجتناب المحرمات وإنما يختلفان في الإثم "
جنون أخر فالمجنونة غير مكلفة "والمجنون حتى يفيق"ولا يمكن السيطرة على أقوالها وأفعالها فكيف يمكن إلزامها بالإحداد ؟
وقال :
"المسألة الثالثة: حكم الإحداد في النكاح الفاسد:
النكاح الفاسد: هو ما يسوغ فيه الاجتهاد ، وقال شيخنا محمد العثيمين أثابه الله معلقاً: هو ما اختلف العلماء في فساده
والنكاح الفاسد يساوي النكاح الصحيح في بعض الأحكام ويخالفه في
بعضها ، وقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم الإحداد منه على قولين:
القول الأول: لا يجب الإحداد إلا على المعتدة من وفاة في نكاح صحيح وبه قال الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة …القول الثاني: أنه يجب الإحداد على المعتدة من وفاة في النكاح الفاسد وهو قول القاضي أبي يعلى "
لا يوجد عند المسلمين نكاح فاسد فالنكاح الفاسد هو زنى أو جريمة إكراه على زواج أو غير ذلك من الجرائم
وقال:
" المسألة الرابعة: حكم إحداد الذمية المتوفى عنها :
تقدم أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن الإحداد لازم لكل متوفى عنها ولو كانت ذمية"
الذمية غير مخاطبة بالشرع فكيف يمكن إلزامها ؟ فضلا عن أنه لا يجوز زواج المسلم من ذمية لقوله تعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"
وقال :
"المسألة الخامسة: حكم إحداد الأمة وأم الولد:
الأمة إما أن تكون مزوجة أو غير مزوجة، فإن كانت غير مزوجة أو أم ولد فلا إحداد عليها لعدم الدليل على ذلك قال ابن المنذر رحمه الله: ولا أعلمهم يختلفون في أن لا إحداد على أم الولد إذا مات سيدها قال أبو بكر: وبه أقول وذلك لأنها ليست بزوجة "
بالقطع لا يجوز جماع الأمة دون زواج لقوله تعالى "فأنكحوهن بإذن اهلهن" وقوله "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
وقال:
"المسألة السادسة: حكم إحداد المعتدة من طلاق :
المراد بهذه المسألة هو بيان خلاف أهل العلم رحمهم الله في ثبوت أحكام الإحداد بالطلاق وقبل الخوض في أقوالهم يحسن بنا تحرير محل النزاع في المسألة فاعلم بارك الله فيك أن أهل العلم رحمهم الله متفقون على أن المطلقة الرجعية لا إحداد عليها بالطلاق، بل ينبغي لها أن تتجمل وتتزين وتتعرض لمطلقها لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً وذهب بعض الشافعية إلى استحباب الإحداد للرجعية إذا طلقت مدة عدتها واتفق أهل العلم أيضاً على أن المطلقة قبل الدخول لا إحداد عليها بالطلاق فتبين أن محل الخلاف هو في المعتدة من طلاق بائن بينونة صغرى كالمخلوعة والمفسوخة، أو كبرى كالمطلقة ثلاثاً "
بالقطع بالطلاق سواء بائن أو رجعى انقطعت العلاقة الزوجية ومن ثم فلا توجد عدة وفاة عليها لأن عليها عدة أخرى هى عدة الطلاق ولا يمكن الجمع بين الحالين الطلاق والوفاة
وتناول الرجل ما سماه زمن أى مدة الحداد فقال:
"مدة الإحدادك
تختلف مدة الإحداد باختلاف الميت المحدّ عليه وذلك على قسمين:
القسم الأول: مدة الإحداد على غير الزوج:
وردت الأحاديث النبوية ناصة على أنه يجوز الإحداد على غير الزوج ثلاث ليال فقط قال رسول الله : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث "
ومع هذا التحديد الثلاثى ذكرنا المؤلف برواية مناقضة تجعل الحداد على الأب سباعى اى سبعة أيام فقال :
"ويشكل على هذا ما أخرجه أبو داود في مراسليه 160 من طريق جرير بن حازم قال: سمعت عمرو بن شعيب أن رسول الله رخص للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى أبيها سبعة أيام وعلى من سواهما ثلاثة أيام "
ثم تناول المؤلف مدة الحداد على الزوج فقال:
القسم الثاني: مدة الإحداد على الزوج
لما كانت عدة المتوفى عنها ظرفاً لإحدادها لزمنا البحث في عدتها: فنقول: المتوفى عنها لا تخلو من أن تكون حائلاً أو حاملاً ولكل واحدة عدة تخصها
النوع الأول: عدة الحائل
الحائل هي غير الحامل وهي إما أن تكون مدخولاً بها أو غير مدخول بها وكلا الصنفين عدته من الوفاة أربعة أشهر وعشر لعموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ، ولما أخرجه الشيخان مرفوعاً لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر
وعشراً فظاهر الآية والحديث يشملهما فلا فرق بين مدخول بها وغير مدخول بها ..
النوع الثاني: عدة الحامل:
أختلف أهل العلم في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها على ثلاثة أقوال
القول الأول: أن الحامل أجلها أن تضع حملها ولو بعد الوفاة بوقت يسير ولو قبل دفنه وهو مذهب أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة
مسائل متعلقة بزمن الإحداد
وهي ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: حكم انقضاء العدة بالسقط
انقضاء العدة بالسقط يختلف باختلاف زمن الإسقاط، ويمكن تلخيصه في الحالات التالية:
الحال الأولى: أن تضع ما تبين فيه خلق الإنسان سواء قبل نفخ الروم أو بعده، فهذا تنقضي به العدة بالإجماع قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط تسقطه إذا علم أنه ولد
الحال الثانية: أن تضع مضغة لم يتبين فيها خلق إنسان ولكن شهد نساء ثقات بأن فيها صورة خفية لخلق إنسان أو شهدن أنها مبتدأ خلق إنسان فالسقط هنا يترتب عليه انقضاء العدة عند جمهور العلماء "
لا يوجد للمتوفى عنها زوجها سوى عدة واحدة هى عدة الوفاة كما قال تعالى
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
هذه العدة تستوى فيها الحامل بغير الحامل وأما الحامل التى يتخطى حملها مدة هذه العدة فتتم حملها ثم تتزوج إن أرادت
لو كان الحمل مناط العدة فى الأرملة لكان يصح زواجها إذا وضعت ولكن لا يصح زواجها قصرت مدة الحمل أو طالت عن عدة الترمل
ثم تناول عدة المغيبة وهى تسمية خاطئة والمفروض الغائب عنها زوجها فقال :
"المسألة الثانية: حكم إحداد المغيبة
سبق أن إحداد المتوفى عنها مرتبط بعدتها فمسألتنا هذه مبنية على عدة المغيبة وهي التي يموت زوجها ولا تعلم به إلا بعد زمن موته وفيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: عدة المتوفى عنها تبدأ من يوم موت زوجها، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم وهو قول ابن عمر وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، القول الثاني: عدة المتوفى عنها زوجها تبدأ من حين يأتيها خبر وفاة زوجها وهذا القول مروي عن أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبه قال الحسن البصري وقتادة
القول الثالث: عدتها إن قامت بينة من يوم الوفاة وإن لم تقم فمن حين بلوغ الخبر، وهذا قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والشعبي "
الغائب عنها زوجها لسبب مجهول لا يعرف منه حياته أو موته عدتها انتهت بمرور أربعة أشهر وعشر أيام من يوم غيابه الأول كما فى غياب الرجل عن زوجته وهى حى كما قال تعالى :
"للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم"
فمتى انقضت الأربعة أشهر من غياب الزوج أصبحت المرأة مطلقة أو أرملة يحق لها الزواج ما لم تكن حاملا
ثم تناول المؤلف بيان ما يلزم الحادة على زوجها من الأحكام فقال:
"-تجنب أنواع الطيب ونحوها
أجمع كل من أوجب الإحداد على أن الحادة ممنوعة من الطيب ودليلهم حديث أم عطية رضي الله عنها وفيه قال النبي شأن الحادة: ولا تمس طيباً وعلة هذا المنع أن الطيب مما يدعو إلى النكاح فمنعت الحادة منه لأنها ممنوعة من النكاح، واستثنى النبي الشيء اليسير عند الطهر للحاجة إليه فقال : إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار والقسط اختلف أهل العلم في الأدهان غير المطيبة كالزيت والشيراج والسمن والمراهم "
يخالف تحريم الطيب وهو الرائحة أنه لا يجوز لأحد تحريم ما أحل الله بقوله ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فلو كان التطيب العادى محرم فلماذا خلق الله الريحان فقال "والحب ذو العصف والريحان"
-وقال:" حكم أكل المطيب:
ذهب الشافعية رحمهم الله إلى أن الحادة ممنوعة من أكل الطيب قال النووي رحمه الله: وطيب في بدن وثوب وطعام "
نفس الكلام فأكل الطيب حلال لا يمكن لأحد تحريمه لقوله تعالى ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
"- وقال:حكم التجارة بالطيب:
رجح المالكية أن الحادة يجب عليها ترك التطيب وعمله لتعلق رائحته بها فهو كالتطيب في الحقيقة وكذلك الاتجار به إن كانت تباشره بنفسها "
نفس ما قلناه سابقا لا يجوز تحريم ما أخل الله
" وقال:-تجنب الزينة في الثياب:
أجمع أهل العلم على أن الحادة يحرم عليها لبس كل ما فيه زينة من الثياب لقوله ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولقوله لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، وألحقوا بالمنصوص كل ما وافقه في المعنى أو كان أولى منع بالمنع "
لم يحرم الله نوعا من اللباس طالما يغطى العورة ولا يلفت نظر الناس ولا يجوز لأحد تحريم ما احل الله لقوله تعالى ""قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
وقال:
"تجنب الزينة في البدن:
ذهب أهل العلم قاطبة إلى منع الحادة من الزينة في بدنها وذلك بمنعها من خصلتين:
الخصلة الأولى : منعها من الخضاب
فالحادة ممنوعة من الخضاب بالحناء ونحوه مما يكون فيه تجمل وزينة كالتشقير والتمييش والصبغ في هذا العصر
الخصلة الثانية: منعها من الاكتحال
أكثر أهل العلم على أن الحادة ممنوعة من الكحل ودليله قوله ولا تكتحل ففيه منعها من الكحل ويدل عليه أيضاً ما أخرجه الشيخان عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يارسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها ؟ قال : لا مرتين أو ثلاثاً
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز للحادة في حال الضرورة استعماله إلا في الليل وتمسحه في النهار المسألة الثانية: حكم استعمال المكايج ونحوها للحادة"
تحريم الخضاب والكحل والتزين بأنواع من الألوان على المحدة وحدها يخالف انه محرم على النساء والرجال دائما لكونه استجابة لتغيير خلقة الله التى امر بها الشيطان بقوله الذى قصه الله"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
وقال:
"حكم لبس النقاب والخفاف للحادة:
وذهب بعض أهل العلم إلى منع الحادة من النقاب والخفاف قياساً على المحرمة ولا شك أن هذا مما لا دليل عليه ولا هو في معنى المنصوص عليه، فيجوز لها كل ما لم ينص الشارع على تحريمه ومنعه ولم يكن في معنى الممنوع "
لا يجوز تحريم شىء لم يحرمه الله
وقال:
"تجنب الحلي:
ذهب أكثر أهل العلم رحمهم الله إلى أن الحادة ممنوعة من لبس الحلي"
وهو تحريم ما أحل الله فلم ينه الله عن لبس الحلى
وقال:
:حكم ما لو كانت متلبسة ببعض المنهيات قبل وفاة زوجها:
إذا كانت الحادة متلبسة بشيء مما نهيت عنه قبل وفاة زوجها، كأن تكون متطيبة أو مكتحلة أو عليها لباس زينة أو مختضبة فإن الواجب عليها إزالة ما يمكن إزالته منها، لأن العلة التي منعت من إبتداء هذه الأمور موجودة في استدامتها فدل ذلك على منع استدامة ما نهيت عنه لأجل الحداد ويشهد لهذا أن أم سلمة رضي الله عنها أذن لها النبي أن تضع الصبر لما احتاجت إليه بالليل وتنزعه بالنهار فدل ذلك على منع استدامة هذه الممنوعات"
ما حرمه الله هو حرام وما أباحه هو حلال سواء كان فى حالة موت أو فرح أو غير هذا
وتناول الرجل مسألة وجوب لزوم الحادة بيتها فقال:
"للعلماء رحمهم الله في وجوب لزوم الحادة بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه قولان:
القول الأول: أنه يجب عليها لزوم بيت زوجها الذي توفي عنها وهي فيه، وإليه ذهب عامة العلماء
القول الثاني: أنه لا يجب عليها لزوم بيت زوجها بل تعتد حيث شاءت واختاره جماعة من المتقدمين من الصحابة وغيرهم...واستدلوا بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ "
المسألة متعلقة بالعدة وليس لها علاقة بالإحداد المزعوم وقد ناقش فيها مسائل السكنى والنفقة وغيرها وهى مسائل متعلقة بالعدة والمعتدة تكون فى بيت زوجها فى مدة العدة لها السكن ولها النفقة وكل ما لزم الزوجة فى حياة زوجها وبعد العدة لها ان تفعل ما تريد من الزواج أو عدمه وهو قوله تعالى :
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف"
وذكر المؤلف بعض الأمور المنتشرة فى بعض المجتمعات خاصة بالحداد فقال:
"أحدث بعض الناس أموراً في الإحداد لا أصل لها في الشرع المطهر وإنما جاءت نتيجة تلقي الأحكام من العادات المنتشرة بين الناس، والتي لم يأت بها كتاب ولا سنة فمن هذه الأمور المستحدثة:
* التزام بعض النساء لباساً معيناً أو لوناً معيناً للإحداد
* امتناع الحادة عن مشط رأسها
* امتناع الحادة من الاغتسال للتنظيف إلا يوم الجمعة
* امتناع الحادة عن العمل في بيتها من خياطة ونحوها
* امتناع الحادة من البروز للقمر
* امتناع الحادة من الظهور على سطح البيت
* اعتزال الحادة بحيث لا يراها أحد، وإذا زارها أحد زادت في العدة والإحداد يوماً مقابل ذلك اليوم الذي رئيت فيه كفارة لذلك أو قضاءً له
* اعتقاد بعضهم أن الحادة لا تقطع اللحمة الحمراء
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها تكليم الرجال مطلقاً
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها الخروج لقضاء حواجاتها ومصالحها
* اعتقاد أن الحادة لا تجيب الهاتف
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها النظر إلى زوجها إذا مات
* اعتقاد أن الحادة لا يجوز لها النظر إلى صورة زوجها بعد وفاته
* اعتقاد بعضهم أن المتوفى إذا كان له زوجتان فإن العدة تقسم بينهما
* اعتقاد بعضهم أن المتوفى إذا كان له زوجتان إحداهما حامل وولدت ذكراً فإن هذا ينهي عدة الزوجة الثانية"
وهناك أمور أخرى فى بعض المجتمعات