رضا البطاوى
04-07-2019, 07:48 AM
ولو عدنا لكتب الشيعة لوجدنا أن المعجزة تكون تحديا من الناس لكل نبى ومن تلك التعاريف:
"المعجز هو الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدى المتعذر على الخلق " المقداد بن عبد السيورى شرح الباب الحادى عشر للعلامة الحلى ط1 طهران وقال الشهيد المطهرى " الفعل الصادر من النبى لاثبات مدعاه اى يأتى به فى مقام التحدى" النبوة ص102و103 اصدار انتشارات صدرا ط 1
إذا تلك المعجزات بناء على تعريفات بعض فقهاء الشيعة تستلزم التحدى ويطلبها الكفار والرجعة المذكورة فى الكتاب ليست تحديا لأن الكفار لم يطلبوها ومن ثم لا يمكن تحققها بناء على تلك التعريفات وبناء على قول الله بمنع الآيات المعجزات
ورجعة ذو القرنين(ص) ليس فيها نص من القرآن
والدليل الثانى فى الكتاب كما يقولون:
"ثانياً: الآيات الدالة على وقوعها قبل القيامة
أولاً: قوله تعالى: (وإذا وقعَ القولُ عَليهم أخرَجنا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن يُكذِّبُ بآياتِنا فَهُم يُوزعُونَ حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآياتي ولم تُحيطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ)إلى قوله تعالى: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ ومن في الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرينَ)
من أمعن النظر في سياق الآيات المباركة وما قيل حولها من تفسير، يلاحظ أنّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ عليها، وهي بمجموعها تدلُّ على علامات تقع بين يدي الساعة وهي:
1 ـ إخراج دابة من الأرض: (أخرَجَنا لَهُم دابَّةً من الأرض)
2 ـ الحشر الخاص: (ويومَ نَحشُرُ من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)
3 ـ نفخة النشور ثم القيامة: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، وسوف نتحدث عمّا في تلك الآيات من دلالة واضحة على الاعتقاد بالرجعة وعلى النحو الآتي:
فالآية الاُولى تتعلق بالوقائع التي تحدث قبل يوم القيامة باتّفاق المفسرين، ويدلُّ عليه أيضاً ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها»
وروى البغوي عن طريق مسلم، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنَّ أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة ضحىً»
ما هي دابة الأرض ؟
وقد ذكرت الدابة التي في قوله تعالى: (دابةٌ مِنَ الأرض) بشكل
مجمل، والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل
والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليها، ...وفي بعض الروايات ما يدل على أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو مصداق لهذه الآية، فقد روي بالإسناد عن سفيان بن عيينة، عن جابر بن يزيد الجعفي، أنّه قال: دابة الأرض عليّ قدس سره
وروى الشيخ الكليني بالإسناد عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس»
وروى الشيخ علي بن إبراهيم بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «قال رجل لعمار بن ياسر، يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني قال عمار: أيّة آية هي ؟ قال: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم أنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقنُونَ) فأيّة دابة هذه ؟قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أُريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزبداً، فقال: يا أبا اليقظان، هلمّ، فجلس عمار، وأقبل يأكل معه، فتعجّب الرجل منه، فلمّا قام قال له الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها قال عمار: قد أريتكها، إن كنت تعقل»وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد، وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحركه ثم قال له: قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، أيسمي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال: لا والله، ما هو إلاّ له خاصة، وهو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض)»وروي عن الاَصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزاً وخلاً وزيتاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم) الآية، فما هذه الدابة؟ قال عليه السلام: «هي دابة تأكل خبزاً وخلاً وزيتاً»
ويقول أبو الفتوح الرازي في تفسيره: طبقاً للأخبار التي جاءتنا عن طريق الأصحاب، فإنَّ دابة الأرض كناية عن المهدي صاحب الزمان عليه السلام "
نلاحظ هنا أن كتاب الكتاب يفسرون الآيات دون أى دليل صريح أو حتى ضمنى ومع هذا يعتبرون هذا دليل رغم اعترافاتهم التالية فى الكلام السابق:
"والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل"
فهنا يعترفون بكون معنى الدابة غامض وهم يعترفون الروايات المروية فيها لا يلتفت إليها لأنها لم تثبت عندهم فى قولهم:
والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليه"
الغريب أن الروايات التى لم تصح عند القوم تقول بكون على هو الدابة المذكورة وكون المهدى هو الدابة وهذا الاختلاف يعنى انه لا يصح فى ذلك شىء
وما دام القوم يقرون بعدم وجود تعريف صحيح للدابة وعدم وجود رواية صحيحة فى المر فكلامهم عن كون الآيات كدليل لا تصلح كدليل على الرجعة المزعومة
ونجد الكتاب يجعل ما يلى دليل على الرجعة :
الحشر الخاص، قوله تعالى: (وَيَومَ نَحشُر من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)سبق أن بيّنا أنَّ الآية الاُولى (أخرَجنَا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض) تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة، وذلك باتّفاق المفسرين، وعليه تكون آية الحشر الخاص (ويومَ نَحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) مكملة لها ومرتبطة بها من حيث التسلسل الزمني للأحداث فضلاً عن سياق الآيات وترتيبها، فقد وقعت آية الحشر الخاص بين علامتين من العلامات التي تقع قبيل الساعة وهي الدابة والنفخة (ويومَ يُنفَخُ في الصُورِ) ممّا يدلُّ على أنّ الحشر الخاص يقع قبل القيامة وأنّه من علاماتها، وعبّر تعالى عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله: (فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ وَمَن في الأرض وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، إذن فهناك حشران حشر يجمع فيه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة، وحشر يشمل الناس جميعاً وهو يوم القيامة، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد القيامة إجماعاً فيتعين وقوع هذا الحشر بين يدي القيامة"
الخطأ فى الكلام هو وجود حشران حشر الرجعة المزعومة وهو حشر خاص يتفق مع دابة الأرض التى قالوا أنها أمر مبهم والروايات فيها لا يعتد بها كما سبق أن نقلنا عن كتبة الكتاب اعترافاتهم والحشر الأخر هو حشر القيامة وسبق أن قلنا أن حشر الفوج هو جزء من أحداث يوم القيامة وهو نزع الكفار الكبار كما قال تعالى :
"فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا"
وكرر القوم نفس الكلام عن آية حشر الفوج فنقلوا كلاما يروى عن الأئمة وعن الفقهاء منه ما يلى:
"لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقاد بالرجعة، فقد روي عن أبي بصير، أنّه قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: «ينكر أهل العراق الرجعة ؟» قلتُ: نعم، قال: «أما يقرأون القرآن (ويوم نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟»وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بالإسناد عن حماد، عن الصادق عليه السلام، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية (ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟» قلتُ: يقولون إنّها في القيامة قال عليه السلام: «ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله: (وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً)»
استدلال أعلام الشيعة:
واستدل بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسريهم على صحة عودة الأموات إلى الحياة قبل يوم القيامة، قال الشيخ المفيد قدس سره: إنَّ الله تعالى يحيي قوماً من أُمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبر الله عزَّ وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: (ويومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن يُكذِّبُ بآياتِنَا) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص وقال الشيخ الطبرسي قدس سره: استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية، بأن قال: أنّ دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض، فدلّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم عليه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته، ولايشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «سيكون في أُمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه»
والكلام هو تكرار لما سبق ذكره من أدلة وروايات وبين الكتاب أن أغلب المفسرين من المذاهب الأخرى لا يمكثون كثيرا عند تفسير الآية فقال:
"أغلب المفسرين من غير الإمامية يمرون في تفاسيرهم بهذه الآية مروراً سريعاً، ويوجزون القول بكلمات معدودة، ويمكن إجمال حصيلة آرائهم في نقطتين:الأولى: إنّها إخبار عن يوم القيامة، وبيان إجمالي لحال المكذبين عند قيام الساعة بعد بيان بعض مباديها الثانية: إنّها من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة، وإنّ المراد بهذا الحشر هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق أي هو حشر بعد حشر
وهذا الكلام لا يستند إلى أساس علمي، وترتيب الآيات وارتباطها ببعضها ينفيه كما أسلفنا، ولاَنَّ تفسير الحشر الأول بيوم القيامة سيوقع التناقض في حقّ الله تعالى، فكيف يقول تعالى سنحشر من كلِّ أُمّة فوجاً يوم القيامة، وسنحشر الناس جميعاً يوم القيامة ؟ قال ابن شهر آشوب: لاخلاف أنَّ الله يحيي الجملة يوم القيامة، فالفوج إنّما يكون في غير القيامة"
ورد ابن شهر قد يكون صالحا لو راجع الآيات الأخرى مثل :
"يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا"
فهنا المؤمنون يحشرون وحدهم وهو حشر خاص هو الأخر فلماذا يعتبرون الآية الأخرى صالحة ولا يعتبرون هذه هل لأنها ذكرت كل المتقين فلم تبق منهم أحد؟
واستشهد الكتاب بالتالى :
"قوله تعالى: (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا منكُم وعملُوا الصَّالِحاتِ ليستَخلِفَنَّهُم في الأرض كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم ولُيمكِنَنَّ لهُم دينَهُم الذي ارتضى لهمُ وليُبَدِلَّنهُم مِن بعدِ خَوفِهِم أمناً يعبُدونَني لا يُشرِكُونَ بي شَيئاً)روى الشيخ الكليني قدس سره بالإسناد عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا) الآية، فقال عليه السلام: «هم الأئمة عليهم السلام»
وقال الطبرسي: المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي وأهل بيته عليهم السلام، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكين في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي عليه السلام منهم، ويكون المراد بقوله تعالى: (كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان عليهم السلام، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: (إنّي جَاعِلٌ في الأرض خليفةً)وقوله (يا داود إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرض) وقوله: (فقد آتينا آلَ إبراهيمَ الكتابَ والحكمةَ وآتيناهُ مُلكاً عظيماً)قال: وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» وأيضاً فإنّ التمكين في الأرض على الاطلاق لم يتّفق فيما مضى فهو منتظر، لاَنّ الله عزَّ اسمه لا يخلف وعده"
الغريب أن القوم اعتبروا الذين أمنوا فى آية الاستخلاف الأئمة مع أن الآية صريحة وواضحة فى كونهم كل المؤمنين بلا استثناء
كما ان حديث الثقلين ليس صحيحا فى أمر الحوض فلا يوجد حوض واحد للنبى (ص) وإنما لكل مسلم حوضان أى عينان أى نهران كما قال تعالى :
"ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
واستشهد القوم بالتالى:
"قوله تعالى: (قَالُوا رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ) إذن فالمراد بالموتتين موتة عند انتهاء آجالهم، والموتة الثانية بعد عودتهم إلى الحياة، وتفسير منكري الرجعة بأنَّ الموتة الثانية قبل خلقهم حين كانوا عدماً لا يستقيم، لاَنّ الموت لا يكون إلاّ للحي، ويلزم هذا وجودهم أحياء وهم في العدم، فلا يبقى إلاّ ما بيّناه للخروج من هذا التناقض"
هذا الدليل هو قول من الكفار وقول الكفار لا يصلح كدليل فى الاستشهاد فلابد ان يكون قول الله نفسه أو حتى قول رسول ولو راجعنا الوحى لوجدنا ثلاث حيوات كما فى قوله تعالى :
"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "
1-فأحياكم 2-يحييكم 3- ترجعون
واستشهد القوم بالتالى :
"قوله تعالى: (وأقسَمُوا باللهِ جَهدَ أيمانِهِم لا يبعثُ اللهُ من يَموتُ) إلى قوله تعالى: (ليُبيّنَ لهُم الذي يَختلِفُونَ فِيه وليعلمَ الذينَ كفروا أنَّهم كانُوا كاذِبين)
روى الشيخ الصدوق والكليني وعلي بن إبراهيم والعياشي وغيرهم
أنّها نزلت في الرجعة، ولا يخفى أنّها لا تستقيم في إنكار البعث، لأنهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزى، ولاَنّ التبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة"
الآيات هى :
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذى يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين"
وهو أمر غريب أن يتم الاستشهاد بالقول على الرجعة فالآيات تتحدث عن إنكار البعث وتتحدث عن علم الذين كفروا جميعا بكونهم كاذبين فكيف تدل على الرجعة الخاصة لبعضهم؟
والغريب أن يستشهد القوم بقوله تعالى: (كيفَ تكفُرونَ باللهِ وكُنتُم أمواتاً فأحياكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم ثم إليه تُرجَعُونَ)فينقلون قول ابن شهرآشوب: (هذه الآية تدلُّ على أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرى، ولا ينكر ذلك لاَنّه قد جرى مثله في الزمن الأول، قوله في قصة بني إسرائيل: (ألم ترَ إلى الذينَ خرجُوا من ديارِهم)، وقوله في قصة عزير أو أرميا: (أو كالذِي مرَّ على قريةٍ)، وقوله في قصة إبراهيم: (ربِّ أرِني كيف تُحيي الموتى)وقال الشيخ الحر العاملي: وجه الاستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الإحياء مرتين، ثم قال بعدها (ثُمَّ إليهِ تُرجعُونَ) والمراد به القيامة قطعاً، والعطف ـ خصوصاً بثمّ ـ ظاهر في المغايرة، فالإحياء الثاني إما في الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة على وقوع الإحياء قبل القيامة"
فالآية تتعارض مع استشهادهم بقول الكفار فى سورة الزمر" رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ"
فآية البقرة فيها ثلاث حيوات ثالثها بعد الرجوع لله بينما قول الكفار فيه حياتين فقط
واستدل القوم فقالوا:
" قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا في الأرض
ونَجعَلَهُم أئمةً ونجعلهُم الوارِثينَ) إلى قوله تعالى: (ما كانُوا يَحذَرُون)
روى الشيخ الكليني والصدوق بالإسناد عن الباقر والصادق عليهما السلام: «أنّ المراد بالذين استضعفوا هم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأنَّ هذه الآية جارية فيهم عليهم السلام إلى يوم القيامة»
وروى السيد الرضي قدس سره بالإسناد عن الصادق عليه السلام، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: لتعطفنَّ علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، ثم تلا قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا)»، وفي روايات عديدة أنَّ ذلك يكون إذا رجعوا إلى الدنيا وقتلوا أعداءهم وملكوا الأرض"
نلاحظ مدى الاستهبال فالآية التى تتحدث عن بنى إسرائيل أصبحت عندهم فى الأئمة بعد النبى(ص) وهى :
"إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون"
واستدل القوم بدليل أخر فقالوا:
"سابعاً: قوله تعالى: (وحرامٌ على قريةٍ أهلَكنَاها أنَهُم لا يرجِعُونَ)
روى علي بن إبراهيم والطبرسي وغيرهما بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كلُّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، وأمّا في القيامة فيرجعون، ومن محض الإيمان محضاً وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب، ومحضوا الكفر محضاً يرجعون»وهذه الآية أوضح دلالة على الرجعة، لاَنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك، فقوله: (لا يَرجِعُونَ) يعني في الرجعة"
نفس طريقة الاستدلال الخاطئة فهنا كل القرى لا ترجع للحياة الدنيا لأنهم هلكوا لكفرهم ومع هذا أن من محضوا الكفر منهم محضاً يرجعون مع أن الآية ليس فيها أى استثناء
السنة والرجعة :
ذكر الكتاب اعتقاد بعض السنة فى الرجعة فقال نقلا عن مروان خليفات:
"وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي بالرجعة، لكن بمعنى مختلف عن الذي تقول به الإمامية، فقد ادعى إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة، وألّف رسالة في ذلك هي (إمكان رؤية النبي والملك في اليقظة) وادعى السيوطي رؤيته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بضعاً وسبعين مرة كلها في اليقظة
واعتقاد السيوطي هذا شبيه باعتقاد الشيعة بالرجعة، وقوله برجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة لا يختلف عن قول الشيعة برجوع بعض الأموات إلى الحياة، فلماذا يشنّع على الشيعة لاعتقادهم الرجعة، ولا يشنع على السيوطي ؟!
وحين تكلم محمد بن علي الصبّان في «اسعاف الراغبين ص161» ـ وهو من العامّة ـ عن طرق معرفة عيسى الأحكام الإسلامية بعد نزوله، قال: ومنها ـ أي الطرق ـ أنّ عيسى إذا نزل يجتمع به صلى الله عليه وآله وسلم فلا مانع من أن يأخذ عنه ما يحتاج إليه من أحكام شريعته، واعتقاد الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني رجوعه إلى الدنيا في زمان الظهور
أشراط الساعة"
ولا شك فى أن السنة يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) ونادرا بعضهم يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) والنبى(ص)ونجد أن الكتاب ذكر عن أبي محمد الفضل بن شاذان روايات عديدة في إحياء الموتى مروية بطرق العامّة ويقصد بهم أهل السنة
نقلا عن كتابه (الايضاح) حيث قال:
"من ذلك ما رويتم عن إبراهيم بن موسى الفرّاء، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: جاء يزيد بن النّعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرّحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم ـ يعني إلى أُمه ـ بسم الله الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم، سلامٌ عليكم، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو أما بعد، فإنّي كتبت إليك بشأن زيد بن خارجة، وأنّه كان من أمره أنّه أخذه وجعٌ في كتفه، وهو يومئذٍ من أصحّ أهل المدينة حالاً في نفسه فمات، فأتاني آتٍ وأنا أُسبّح بعد الغروب فقال لي: إنَّ زيداً تكلّم بعد وفاته ورويتم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، قال: كنّا أربع إخوة، وكان الرّبيع أخونا أصومنا في اليوم الحار، وأطولنا صلاة، فخرجت فقيل لي: إنّه قد مات، فاسترجعت، ثمَّ رجعت حتى دخلت عليه فإذا هو مسجّى عليه، وإذا أهله عنده، وهم يذكرون الحنوط، فجلست فما أدري أجلوسي كان أسرع أم كشف الثوب عن وجهه، ثمّ قال: السلام عليك، فأخذني ما تقدّم وما تأخّر من الذّعر، ثمَّ قلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، أبعد الموت ؟! قال: نعم، إنّي لقيت ربي بعدكم فتلقاني بروحٍ وريحانٍ وربّ غير غضبان، فكساني ثياب السندس والاِستبرق، وإنَّ الأمر أيسر ممّا في أنفسكم ولا تغترّوا، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقسم عليّ أن لا يسبقني حتى أُدركه، فاحملوني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما شبّهت موته إلاّ بحصاةٍ رمى بها في ماءٍ، ثم ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: ما سمعت بمثل حديث صاحبكم في هذه الأمة، ولقد صدقكم ....وروى علي ابن أُخت يعلى الطنافسي ومحمّد بن الحسين بن المختار كلاهما عن محمد بن الفضيل، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن فراس، عن الشعبي، قال: أُغمي على رجل من جهينة في بدء الإسلام، كان اسمه المفضّل، فبينا نحن كذلك عنده وقد حفر له، إذ مرَّ بهم رجلٌ يقال له المفضّل، فأفاق الرجل، فكشف عن وجهه، وقال: هل مرَّ بكم المفضّل ؟ قالوا: نعم، مرَّ بنا الساعة، فقال: ويحكم كاد أن يغلط بي، أتاني حين رأيتموني أُغمي عليَّ آت، فقال: لاُمّك الهبل، أما ترى حفرتك تُنثل، وقد كادت أُمّك أن تثكل، أرأيت أن حوّلناها عنك بمحوّل، وجعلنا في حفرتك المفضّل، الذي مشى فاجتذل، إنّه لم يؤدّ ولم يفعل، ثمَّ ملاَنا عليه الجندل، أتشكر لربك وتصلّ، وتدع سبيل من أشرك وأضلَّ ؟
قال: قلت: أجل، قال: فأطلق عني، فعاش هو، ودفن المفضل مكانه ...من ذلك ما رواه عدّة من فقهائكم منهم محمد بن عبيد الطنافسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي: أنَّ قوماً أقبلوا من الدّفينة متطوّعين ـ أو قال: مجاهدين ـ فنفق حمار رجل منهم، فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلّف، فأبى فقام فتوضأ ثمَّ صلى، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني قد أقبلت من الدّفينة مجاهداً في سبيلك ابتغاء مرضاتك، وإني أسألك أن لا تجعل لأحد عليَّ منّة، وأن تبعث لي حماري؛ ثمَّ قام فضربه برجله، فقام الحمار ينفض أُذنيه، فأسرجه وألجمه، ثمَّ ركب حتى لحق أصحابه، فقالوا له: ما شأنك ؟ قال: شأني أنّ الله بعث لي حماري قال محمد بن عبيد: قال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي: فأنا رأيت حماره بيع بالكناسة...روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن ابن عباس، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً»، قال عمر: من لفلانة وفلانة ـ مدائن الروم ـ إنَّ رسول الله ليس بميت حتى نفتحها، ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى
وقال الطبري وابن سعد وغيرهما: لمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عمر: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فليقطعنَّ أيدي رجالٍ وأرجلهم زعموا أنّه قد مات"
ما نقل من روايات كلها يناقض منع الله الآيات المعجزات فى عهد النبى(ص) بقوله فى سورة الإسراء:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والقول الحق فى الرجعة هو :
أنها كانت موجودة قبل عهد النبى الخاتم (ص) أعطيت للرسل(ص) كمعجزات تدل على صدقهم أو لتطمين قلوبهم أو للناس لتعليمهم درسا كعدم الفرار من الموت
أن الرجعة من عهد النبى الأخير (ص) منعها الله بمنعه الآيات المعجزات بقوله فى سورة الإسراء:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وتحريمه عودة الموتى للدنيا بقوله بسورة الأنبياء:
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
"هل ترى لهم من باقية
"هل تحس منهم من أحد او تسمع لهم ركزا"
"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة"
"المعجز هو الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدى المتعذر على الخلق " المقداد بن عبد السيورى شرح الباب الحادى عشر للعلامة الحلى ط1 طهران وقال الشهيد المطهرى " الفعل الصادر من النبى لاثبات مدعاه اى يأتى به فى مقام التحدى" النبوة ص102و103 اصدار انتشارات صدرا ط 1
إذا تلك المعجزات بناء على تعريفات بعض فقهاء الشيعة تستلزم التحدى ويطلبها الكفار والرجعة المذكورة فى الكتاب ليست تحديا لأن الكفار لم يطلبوها ومن ثم لا يمكن تحققها بناء على تلك التعريفات وبناء على قول الله بمنع الآيات المعجزات
ورجعة ذو القرنين(ص) ليس فيها نص من القرآن
والدليل الثانى فى الكتاب كما يقولون:
"ثانياً: الآيات الدالة على وقوعها قبل القيامة
أولاً: قوله تعالى: (وإذا وقعَ القولُ عَليهم أخرَجنا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن يُكذِّبُ بآياتِنا فَهُم يُوزعُونَ حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآياتي ولم تُحيطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ)إلى قوله تعالى: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ ومن في الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرينَ)
من أمعن النظر في سياق الآيات المباركة وما قيل حولها من تفسير، يلاحظ أنّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ عليها، وهي بمجموعها تدلُّ على علامات تقع بين يدي الساعة وهي:
1 ـ إخراج دابة من الأرض: (أخرَجَنا لَهُم دابَّةً من الأرض)
2 ـ الحشر الخاص: (ويومَ نَحشُرُ من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)
3 ـ نفخة النشور ثم القيامة: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، وسوف نتحدث عمّا في تلك الآيات من دلالة واضحة على الاعتقاد بالرجعة وعلى النحو الآتي:
فالآية الاُولى تتعلق بالوقائع التي تحدث قبل يوم القيامة باتّفاق المفسرين، ويدلُّ عليه أيضاً ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها»
وروى البغوي عن طريق مسلم، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنَّ أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة ضحىً»
ما هي دابة الأرض ؟
وقد ذكرت الدابة التي في قوله تعالى: (دابةٌ مِنَ الأرض) بشكل
مجمل، والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل
والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليها، ...وفي بعض الروايات ما يدل على أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو مصداق لهذه الآية، فقد روي بالإسناد عن سفيان بن عيينة، عن جابر بن يزيد الجعفي، أنّه قال: دابة الأرض عليّ قدس سره
وروى الشيخ الكليني بالإسناد عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس»
وروى الشيخ علي بن إبراهيم بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «قال رجل لعمار بن ياسر، يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني قال عمار: أيّة آية هي ؟ قال: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم أنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقنُونَ) فأيّة دابة هذه ؟قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أُريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزبداً، فقال: يا أبا اليقظان، هلمّ، فجلس عمار، وأقبل يأكل معه، فتعجّب الرجل منه، فلمّا قام قال له الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها قال عمار: قد أريتكها، إن كنت تعقل»وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد، وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحركه ثم قال له: قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، أيسمي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال: لا والله، ما هو إلاّ له خاصة، وهو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض)»وروي عن الاَصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزاً وخلاً وزيتاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم) الآية، فما هذه الدابة؟ قال عليه السلام: «هي دابة تأكل خبزاً وخلاً وزيتاً»
ويقول أبو الفتوح الرازي في تفسيره: طبقاً للأخبار التي جاءتنا عن طريق الأصحاب، فإنَّ دابة الأرض كناية عن المهدي صاحب الزمان عليه السلام "
نلاحظ هنا أن كتاب الكتاب يفسرون الآيات دون أى دليل صريح أو حتى ضمنى ومع هذا يعتبرون هذا دليل رغم اعترافاتهم التالية فى الكلام السابق:
"والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل"
فهنا يعترفون بكون معنى الدابة غامض وهم يعترفون الروايات المروية فيها لا يلتفت إليها لأنها لم تثبت عندهم فى قولهم:
والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليه"
الغريب أن الروايات التى لم تصح عند القوم تقول بكون على هو الدابة المذكورة وكون المهدى هو الدابة وهذا الاختلاف يعنى انه لا يصح فى ذلك شىء
وما دام القوم يقرون بعدم وجود تعريف صحيح للدابة وعدم وجود رواية صحيحة فى المر فكلامهم عن كون الآيات كدليل لا تصلح كدليل على الرجعة المزعومة
ونجد الكتاب يجعل ما يلى دليل على الرجعة :
الحشر الخاص، قوله تعالى: (وَيَومَ نَحشُر من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)سبق أن بيّنا أنَّ الآية الاُولى (أخرَجنَا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض) تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة، وذلك باتّفاق المفسرين، وعليه تكون آية الحشر الخاص (ويومَ نَحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) مكملة لها ومرتبطة بها من حيث التسلسل الزمني للأحداث فضلاً عن سياق الآيات وترتيبها، فقد وقعت آية الحشر الخاص بين علامتين من العلامات التي تقع قبيل الساعة وهي الدابة والنفخة (ويومَ يُنفَخُ في الصُورِ) ممّا يدلُّ على أنّ الحشر الخاص يقع قبل القيامة وأنّه من علاماتها، وعبّر تعالى عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله: (فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ وَمَن في الأرض وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، إذن فهناك حشران حشر يجمع فيه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة، وحشر يشمل الناس جميعاً وهو يوم القيامة، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد القيامة إجماعاً فيتعين وقوع هذا الحشر بين يدي القيامة"
الخطأ فى الكلام هو وجود حشران حشر الرجعة المزعومة وهو حشر خاص يتفق مع دابة الأرض التى قالوا أنها أمر مبهم والروايات فيها لا يعتد بها كما سبق أن نقلنا عن كتبة الكتاب اعترافاتهم والحشر الأخر هو حشر القيامة وسبق أن قلنا أن حشر الفوج هو جزء من أحداث يوم القيامة وهو نزع الكفار الكبار كما قال تعالى :
"فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا"
وكرر القوم نفس الكلام عن آية حشر الفوج فنقلوا كلاما يروى عن الأئمة وعن الفقهاء منه ما يلى:
"لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقاد بالرجعة، فقد روي عن أبي بصير، أنّه قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: «ينكر أهل العراق الرجعة ؟» قلتُ: نعم، قال: «أما يقرأون القرآن (ويوم نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟»وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بالإسناد عن حماد، عن الصادق عليه السلام، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية (ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟» قلتُ: يقولون إنّها في القيامة قال عليه السلام: «ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله: (وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً)»
استدلال أعلام الشيعة:
واستدل بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسريهم على صحة عودة الأموات إلى الحياة قبل يوم القيامة، قال الشيخ المفيد قدس سره: إنَّ الله تعالى يحيي قوماً من أُمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبر الله عزَّ وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: (ويومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن يُكذِّبُ بآياتِنَا) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص وقال الشيخ الطبرسي قدس سره: استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية، بأن قال: أنّ دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض، فدلّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم عليه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته، ولايشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «سيكون في أُمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه»
والكلام هو تكرار لما سبق ذكره من أدلة وروايات وبين الكتاب أن أغلب المفسرين من المذاهب الأخرى لا يمكثون كثيرا عند تفسير الآية فقال:
"أغلب المفسرين من غير الإمامية يمرون في تفاسيرهم بهذه الآية مروراً سريعاً، ويوجزون القول بكلمات معدودة، ويمكن إجمال حصيلة آرائهم في نقطتين:الأولى: إنّها إخبار عن يوم القيامة، وبيان إجمالي لحال المكذبين عند قيام الساعة بعد بيان بعض مباديها الثانية: إنّها من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة، وإنّ المراد بهذا الحشر هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق أي هو حشر بعد حشر
وهذا الكلام لا يستند إلى أساس علمي، وترتيب الآيات وارتباطها ببعضها ينفيه كما أسلفنا، ولاَنَّ تفسير الحشر الأول بيوم القيامة سيوقع التناقض في حقّ الله تعالى، فكيف يقول تعالى سنحشر من كلِّ أُمّة فوجاً يوم القيامة، وسنحشر الناس جميعاً يوم القيامة ؟ قال ابن شهر آشوب: لاخلاف أنَّ الله يحيي الجملة يوم القيامة، فالفوج إنّما يكون في غير القيامة"
ورد ابن شهر قد يكون صالحا لو راجع الآيات الأخرى مثل :
"يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا"
فهنا المؤمنون يحشرون وحدهم وهو حشر خاص هو الأخر فلماذا يعتبرون الآية الأخرى صالحة ولا يعتبرون هذه هل لأنها ذكرت كل المتقين فلم تبق منهم أحد؟
واستشهد الكتاب بالتالى :
"قوله تعالى: (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا منكُم وعملُوا الصَّالِحاتِ ليستَخلِفَنَّهُم في الأرض كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم ولُيمكِنَنَّ لهُم دينَهُم الذي ارتضى لهمُ وليُبَدِلَّنهُم مِن بعدِ خَوفِهِم أمناً يعبُدونَني لا يُشرِكُونَ بي شَيئاً)روى الشيخ الكليني قدس سره بالإسناد عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا) الآية، فقال عليه السلام: «هم الأئمة عليهم السلام»
وقال الطبرسي: المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي وأهل بيته عليهم السلام، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكين في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي عليه السلام منهم، ويكون المراد بقوله تعالى: (كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان عليهم السلام، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: (إنّي جَاعِلٌ في الأرض خليفةً)وقوله (يا داود إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرض) وقوله: (فقد آتينا آلَ إبراهيمَ الكتابَ والحكمةَ وآتيناهُ مُلكاً عظيماً)قال: وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» وأيضاً فإنّ التمكين في الأرض على الاطلاق لم يتّفق فيما مضى فهو منتظر، لاَنّ الله عزَّ اسمه لا يخلف وعده"
الغريب أن القوم اعتبروا الذين أمنوا فى آية الاستخلاف الأئمة مع أن الآية صريحة وواضحة فى كونهم كل المؤمنين بلا استثناء
كما ان حديث الثقلين ليس صحيحا فى أمر الحوض فلا يوجد حوض واحد للنبى (ص) وإنما لكل مسلم حوضان أى عينان أى نهران كما قال تعالى :
"ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
واستشهد القوم بالتالى:
"قوله تعالى: (قَالُوا رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ) إذن فالمراد بالموتتين موتة عند انتهاء آجالهم، والموتة الثانية بعد عودتهم إلى الحياة، وتفسير منكري الرجعة بأنَّ الموتة الثانية قبل خلقهم حين كانوا عدماً لا يستقيم، لاَنّ الموت لا يكون إلاّ للحي، ويلزم هذا وجودهم أحياء وهم في العدم، فلا يبقى إلاّ ما بيّناه للخروج من هذا التناقض"
هذا الدليل هو قول من الكفار وقول الكفار لا يصلح كدليل فى الاستشهاد فلابد ان يكون قول الله نفسه أو حتى قول رسول ولو راجعنا الوحى لوجدنا ثلاث حيوات كما فى قوله تعالى :
"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "
1-فأحياكم 2-يحييكم 3- ترجعون
واستشهد القوم بالتالى :
"قوله تعالى: (وأقسَمُوا باللهِ جَهدَ أيمانِهِم لا يبعثُ اللهُ من يَموتُ) إلى قوله تعالى: (ليُبيّنَ لهُم الذي يَختلِفُونَ فِيه وليعلمَ الذينَ كفروا أنَّهم كانُوا كاذِبين)
روى الشيخ الصدوق والكليني وعلي بن إبراهيم والعياشي وغيرهم
أنّها نزلت في الرجعة، ولا يخفى أنّها لا تستقيم في إنكار البعث، لأنهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزى، ولاَنّ التبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة"
الآيات هى :
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذى يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين"
وهو أمر غريب أن يتم الاستشهاد بالقول على الرجعة فالآيات تتحدث عن إنكار البعث وتتحدث عن علم الذين كفروا جميعا بكونهم كاذبين فكيف تدل على الرجعة الخاصة لبعضهم؟
والغريب أن يستشهد القوم بقوله تعالى: (كيفَ تكفُرونَ باللهِ وكُنتُم أمواتاً فأحياكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم ثم إليه تُرجَعُونَ)فينقلون قول ابن شهرآشوب: (هذه الآية تدلُّ على أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرى، ولا ينكر ذلك لاَنّه قد جرى مثله في الزمن الأول، قوله في قصة بني إسرائيل: (ألم ترَ إلى الذينَ خرجُوا من ديارِهم)، وقوله في قصة عزير أو أرميا: (أو كالذِي مرَّ على قريةٍ)، وقوله في قصة إبراهيم: (ربِّ أرِني كيف تُحيي الموتى)وقال الشيخ الحر العاملي: وجه الاستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الإحياء مرتين، ثم قال بعدها (ثُمَّ إليهِ تُرجعُونَ) والمراد به القيامة قطعاً، والعطف ـ خصوصاً بثمّ ـ ظاهر في المغايرة، فالإحياء الثاني إما في الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة على وقوع الإحياء قبل القيامة"
فالآية تتعارض مع استشهادهم بقول الكفار فى سورة الزمر" رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ"
فآية البقرة فيها ثلاث حيوات ثالثها بعد الرجوع لله بينما قول الكفار فيه حياتين فقط
واستدل القوم فقالوا:
" قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا في الأرض
ونَجعَلَهُم أئمةً ونجعلهُم الوارِثينَ) إلى قوله تعالى: (ما كانُوا يَحذَرُون)
روى الشيخ الكليني والصدوق بالإسناد عن الباقر والصادق عليهما السلام: «أنّ المراد بالذين استضعفوا هم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأنَّ هذه الآية جارية فيهم عليهم السلام إلى يوم القيامة»
وروى السيد الرضي قدس سره بالإسناد عن الصادق عليه السلام، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: لتعطفنَّ علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، ثم تلا قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا)»، وفي روايات عديدة أنَّ ذلك يكون إذا رجعوا إلى الدنيا وقتلوا أعداءهم وملكوا الأرض"
نلاحظ مدى الاستهبال فالآية التى تتحدث عن بنى إسرائيل أصبحت عندهم فى الأئمة بعد النبى(ص) وهى :
"إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون"
واستدل القوم بدليل أخر فقالوا:
"سابعاً: قوله تعالى: (وحرامٌ على قريةٍ أهلَكنَاها أنَهُم لا يرجِعُونَ)
روى علي بن إبراهيم والطبرسي وغيرهما بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كلُّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، وأمّا في القيامة فيرجعون، ومن محض الإيمان محضاً وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب، ومحضوا الكفر محضاً يرجعون»وهذه الآية أوضح دلالة على الرجعة، لاَنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك، فقوله: (لا يَرجِعُونَ) يعني في الرجعة"
نفس طريقة الاستدلال الخاطئة فهنا كل القرى لا ترجع للحياة الدنيا لأنهم هلكوا لكفرهم ومع هذا أن من محضوا الكفر منهم محضاً يرجعون مع أن الآية ليس فيها أى استثناء
السنة والرجعة :
ذكر الكتاب اعتقاد بعض السنة فى الرجعة فقال نقلا عن مروان خليفات:
"وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي بالرجعة، لكن بمعنى مختلف عن الذي تقول به الإمامية، فقد ادعى إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة، وألّف رسالة في ذلك هي (إمكان رؤية النبي والملك في اليقظة) وادعى السيوطي رؤيته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بضعاً وسبعين مرة كلها في اليقظة
واعتقاد السيوطي هذا شبيه باعتقاد الشيعة بالرجعة، وقوله برجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة لا يختلف عن قول الشيعة برجوع بعض الأموات إلى الحياة، فلماذا يشنّع على الشيعة لاعتقادهم الرجعة، ولا يشنع على السيوطي ؟!
وحين تكلم محمد بن علي الصبّان في «اسعاف الراغبين ص161» ـ وهو من العامّة ـ عن طرق معرفة عيسى الأحكام الإسلامية بعد نزوله، قال: ومنها ـ أي الطرق ـ أنّ عيسى إذا نزل يجتمع به صلى الله عليه وآله وسلم فلا مانع من أن يأخذ عنه ما يحتاج إليه من أحكام شريعته، واعتقاد الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني رجوعه إلى الدنيا في زمان الظهور
أشراط الساعة"
ولا شك فى أن السنة يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) ونادرا بعضهم يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) والنبى(ص)ونجد أن الكتاب ذكر عن أبي محمد الفضل بن شاذان روايات عديدة في إحياء الموتى مروية بطرق العامّة ويقصد بهم أهل السنة
نقلا عن كتابه (الايضاح) حيث قال:
"من ذلك ما رويتم عن إبراهيم بن موسى الفرّاء، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: جاء يزيد بن النّعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرّحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم ـ يعني إلى أُمه ـ بسم الله الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم، سلامٌ عليكم، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو أما بعد، فإنّي كتبت إليك بشأن زيد بن خارجة، وأنّه كان من أمره أنّه أخذه وجعٌ في كتفه، وهو يومئذٍ من أصحّ أهل المدينة حالاً في نفسه فمات، فأتاني آتٍ وأنا أُسبّح بعد الغروب فقال لي: إنَّ زيداً تكلّم بعد وفاته ورويتم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، قال: كنّا أربع إخوة، وكان الرّبيع أخونا أصومنا في اليوم الحار، وأطولنا صلاة، فخرجت فقيل لي: إنّه قد مات، فاسترجعت، ثمَّ رجعت حتى دخلت عليه فإذا هو مسجّى عليه، وإذا أهله عنده، وهم يذكرون الحنوط، فجلست فما أدري أجلوسي كان أسرع أم كشف الثوب عن وجهه، ثمّ قال: السلام عليك، فأخذني ما تقدّم وما تأخّر من الذّعر، ثمَّ قلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، أبعد الموت ؟! قال: نعم، إنّي لقيت ربي بعدكم فتلقاني بروحٍ وريحانٍ وربّ غير غضبان، فكساني ثياب السندس والاِستبرق، وإنَّ الأمر أيسر ممّا في أنفسكم ولا تغترّوا، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقسم عليّ أن لا يسبقني حتى أُدركه، فاحملوني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما شبّهت موته إلاّ بحصاةٍ رمى بها في ماءٍ، ثم ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: ما سمعت بمثل حديث صاحبكم في هذه الأمة، ولقد صدقكم ....وروى علي ابن أُخت يعلى الطنافسي ومحمّد بن الحسين بن المختار كلاهما عن محمد بن الفضيل، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن فراس، عن الشعبي، قال: أُغمي على رجل من جهينة في بدء الإسلام، كان اسمه المفضّل، فبينا نحن كذلك عنده وقد حفر له، إذ مرَّ بهم رجلٌ يقال له المفضّل، فأفاق الرجل، فكشف عن وجهه، وقال: هل مرَّ بكم المفضّل ؟ قالوا: نعم، مرَّ بنا الساعة، فقال: ويحكم كاد أن يغلط بي، أتاني حين رأيتموني أُغمي عليَّ آت، فقال: لاُمّك الهبل، أما ترى حفرتك تُنثل، وقد كادت أُمّك أن تثكل، أرأيت أن حوّلناها عنك بمحوّل، وجعلنا في حفرتك المفضّل، الذي مشى فاجتذل، إنّه لم يؤدّ ولم يفعل، ثمَّ ملاَنا عليه الجندل، أتشكر لربك وتصلّ، وتدع سبيل من أشرك وأضلَّ ؟
قال: قلت: أجل، قال: فأطلق عني، فعاش هو، ودفن المفضل مكانه ...من ذلك ما رواه عدّة من فقهائكم منهم محمد بن عبيد الطنافسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي: أنَّ قوماً أقبلوا من الدّفينة متطوّعين ـ أو قال: مجاهدين ـ فنفق حمار رجل منهم، فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلّف، فأبى فقام فتوضأ ثمَّ صلى، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني قد أقبلت من الدّفينة مجاهداً في سبيلك ابتغاء مرضاتك، وإني أسألك أن لا تجعل لأحد عليَّ منّة، وأن تبعث لي حماري؛ ثمَّ قام فضربه برجله، فقام الحمار ينفض أُذنيه، فأسرجه وألجمه، ثمَّ ركب حتى لحق أصحابه، فقالوا له: ما شأنك ؟ قال: شأني أنّ الله بعث لي حماري قال محمد بن عبيد: قال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي: فأنا رأيت حماره بيع بالكناسة...روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن ابن عباس، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً»، قال عمر: من لفلانة وفلانة ـ مدائن الروم ـ إنَّ رسول الله ليس بميت حتى نفتحها، ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى
وقال الطبري وابن سعد وغيرهما: لمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عمر: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فليقطعنَّ أيدي رجالٍ وأرجلهم زعموا أنّه قد مات"
ما نقل من روايات كلها يناقض منع الله الآيات المعجزات فى عهد النبى(ص) بقوله فى سورة الإسراء:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والقول الحق فى الرجعة هو :
أنها كانت موجودة قبل عهد النبى الخاتم (ص) أعطيت للرسل(ص) كمعجزات تدل على صدقهم أو لتطمين قلوبهم أو للناس لتعليمهم درسا كعدم الفرار من الموت
أن الرجعة من عهد النبى الأخير (ص) منعها الله بمنعه الآيات المعجزات بقوله فى سورة الإسراء:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وتحريمه عودة الموتى للدنيا بقوله بسورة الأنبياء:
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
"هل ترى لهم من باقية
"هل تحس منهم من أحد او تسمع لهم ركزا"
"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة"