رضا البطاوى
29-07-2019, 07:35 AM
قال كريستوفر:
الإلحاد المتیقن الموقف هو الإلحاد المتیقن والذي هو نادر أن یوجد في الواقع فحیث أن الإلحاد هو الاستنتاج المنطقي وفقًا للأدلة المتاحة الحالیة لمن یوظفون التفكیر القائم على العقلانیة، فإن تقنیات اكتساب المعرفة التي أدت إلى استنتاجه عن سؤال وجود إله هي العلم والریاضیات والمنطق فرغم أن هذه الأدوات قویة للغایة في تقدیم الحقائق وأنماط السببیة للواقع الموضوعي، فإنها لا یمكنها إنتاج یقین كامل ص38
يقر الرجل أنه لا يوجد إلحاد متيقن من عدم وجود إله لأن العلم والرياضيات والمنطق لا یمكنها إنتاج یقین فى الموضوع وهذا يعنى أنه يبقى جانب من نفسه مؤمن بوجود الله ويكرر الرجل كلامه عن أن الإلحاد المتيقن علميا ليس له وجود فى المنهج العلمى فيقول:
"بالتالي، فإن موقف الإلحاد المتیقن یمثل مزاوجة خاطئة مشوشة ومتناقضة ذات بین تقنیات اكتساب المعرفة یستطیع المرء "معرفة" أشیاء كثیرة عن الواقع الموضوعي والمستوى الناتج من الیقین لاستنتاج كل منهما عمل فإن اكتساب موقف یقینيّ فیما یتعلق بنتائجه غیر صحیح على نفس هذا بناءً على البحث العلمي، لكن نظر على النحو، فإن الإلحاد المتیقن موقفٌ غیر متسق داخليا ص38
ويعود كريستوفر فيقر بأنه لا يقين للملحدين فى أى مستوى من مستويات الأحاد العلمى فيقول فى الفقرة التالية:
"الموقفان ١ و ٤ لهما اتساق داخلي فیما یتعلق بتقنیاتهما لاكتساب المعرفة ومستویي الیقین المصاحبین لكلٍّ منهما، وهما یمثلان المعسكرین الرئیسیین في النقاش عن وجود إله بناءً على الوسائل المنهجیة للعلوم والریاضیات والمنطق، فإن الإلحاد اللاأدري أو غیر المتیقن یقر على نحو صحیح بأن الیقین الكامل بالمثل فإن الإیمان المتیقن یتمسك بموقفه الفلسفي عن الیقین في نظام استنتاجه لیس أمانة ولیس ضرورة یستخدم الإیمان كتقنیته لاكتساب المعرفة بصرف النظر عن أي تقییم لمعقولیة افتراضات كلٍّ منهما، فإن معنى ذلك أن موقفهما من الیقین ینبع من تقنیات اكتساب الإلحاد اللاأدري والإیمان المتیقن متسقان داخل المعرفة الخاصة بكلٍّ منهما كما فُصِّلَتْ في افتراضات كلٍّ منهما ص40
ويكرر الرجل نفسه كلامه عن عدم وجود يقين تام علميا فى إنكار وجود الله فيقول:
"الإلحاد اللاأدري، هو موقف استنتاجه عن الواقع الموضوعي یتوافق مع مستوى الیقین فیه فیما یتعلق بالأدوات المستخدمة للتوصل إلى ذلك الاستنتاج وكما نوقش من قبل، فإن تقنیات اكتساب المعرفة الخاصة بالتفكیر القائم على العقلانیة تقدم مستوى عالیًا من الموثوقیة والقدرة على التوقع، لكنها لا یمكنها تقدیم الیقین یمكن أن تقارب نتائجها الیقین، لكنها لا تقدم ضمانات مطلقة ص40
ويكرر الرجل نفس المقولة
" فإن الإلحاد اللا أدري یعترف بأنه لا یمكنه معرفة أن الإله أو الآلهة لا توجد إلى درجة الیقین ص41
هذه الاعترافات التى تعنى أنه لا يوجد يقين عند أى ملحد علمى بأن الله غير موجود حاربها مترجم الكتاب وأدخل نفسه فى الكتاب ناقدا صاحبه والغريب أنه لا يفصل تعليقاته عن الترجمة بل يدسها داخل الكتاب نفسه ومعظم إن لم يكن تعليقاته تتعلق بالإسلام وحده دون سائر الأديان فهو ناقم عليه وحده غالبا دون بقية الأديان
قال كريستوفر:
كمثال، جملة: كوكب الأرض مستدیر، والتي هي لیست جملة متعلقة بالواقع الموضوعي فوق الشك المعقول فنظریا، لیس لدى الناس أي ضمانات بأن عیونهم وحواس جمع البیانات الأخرى لم تفشل منهجیا في ملاحظة طبیعة شكل الأرض الحقیقیة رغم ذلك فعملیا قد لاحظ البشر كوكب الأرض من الفضاء، وأرسلوا أقمارا صناعیة في مدارات حوله، وخططوا مسارات طیران على سطحه تراعي في حسبانها انحناءه، ولدیهم كم مذهل للغایة من الأدلة على أنه مستدیر بالفعل، بحیث أن الاحتمال النظري لكون ذلك الاستنتاج نتاج خطإٍ صغیرٌ للغایة على نحوٍ لا نهائي فیما یتعلق بمنحنى الحل المختص بالواقع الموضوعي عن هذه المسألة، فإن البشریة قد تقدمت إلى حد بعید على طوله بحیث أنها أقرب ما یمكن من المنحنى البیاني للیقین ص43
هنا يستشهد الرجل على صحة ما وصل إليه من أنه لا يوجد يقين كامل فى مسألة عدم وجود الله بأنه كروية الأرض فى العلم أمر ليس يقينى تماما لأن هناك احتمال صغير فى وجود خطأ فى مقولة كروية أى استدارة الأرض
قال كريستوفر:
"البشر لا یمكنهم معرفة الواقع الموضوعي إلى درجة الیقین، لكن ذلك لا یعني أنهم لا یعرفون أي شيء لقد أنتجت تقنیات التفكیر القائم على العقلانیة بركاتٍ ونعمًا للبشریة في شكل سیارات وكباري وكمبیوترات وأدویة،بدون حاجة إلى وضع استنتاجاتهم في وهم وسراب الیقین المطلق الیقین المطلق هو فكرة مثالیة نموذجیة من صنع الإنسان، أي أنها توجد فقط في مملكة الأفكار المجردة كنظرة مختلسة مستبقة للجدلیات الأخیرة المقدمة في الجزء الأول، فإن الآلهة بكمالهم والیقین المطلق هم على الأرجح لیسا سوى سكان لنفس الحقل المملكة ص44
ينكر الرجل وجود اليقين المطلق فى المعرفة حتى فيما يسميه الواقع الموضوعى أى الطبيعيات وهو يساوى بين من يؤمن باليقين المطلق فى مسألة وجود الله من عدمه وبين من يؤمن باليقين المطلق فى المسائل العلمية ومن هذا يتبين الرجل مؤمن بمبدأ اللايقين الذى ينسب لهاينز نبرج
قال كريستوفر
"بلیز باسكال عالم طبیعیات وریاضیات فرنس Blaise Pascal كان
عمل تجربة فكریة قائمة على الاحتمالیة تُعرف الآن برهان باسكال یؤكد الرهان أن الإله غیر معلوم وبالتالي كما یُفترَض وجود غیر قابل للمعرفة، سواء یوجد أم لا، وأن العقل البشري بطبیعته أداة غیر كفؤة لتقریر50 ، فإن الرهان یمضي إلى نقاش / المسألة وبعد أن یحدد احتمالیة متساویة لوجود الله وعدمه، أي 50: 50فإن الرهان یجادل بأن المرء لو عبد الإله المكسب المحتمل من القرار بعبادة الإله أو عدم فعل ذلك جوهر الذهاب إلى الجنة لو أن الله یوجد أو خسارة محدودة الموت مع عدم وجود فهو إما سیحقق مكسبًا لا نهائيا إله لیكافأ إیمانه أما لو اختار المرء رغم ذلك عدم عبادة الإله، فإن ینتظر الحصول إما على مكسب محدود الموت بدون وجود إله لیعاقب عدم إیمانه أو خسارة لا نهائیة الذهاب إلى الجحیم لو أن الله یوجد وبافتراض المكاسب المتاحة والاحتمالات المصاحبة لها، فإن التفكیر یستنتج بأن المرء ینبغي أن یختار الإیمان بالإله وعبادته بالتالي، فإن رهان باسكال لیس برهانًا على وجود إله، بل هو إستراتیجیة مقامرة نظریة عن كیف ینبغي أن یختار المرء التصرف، بافتراض أن المرء لا یمكنه أبدًا ما إذا كان یوجد إله في الحقیقة ص50
يتحدث الرجل عما أسماه برهان باسكال وهو رهان يجعل نسبة وجود الله إلى عدم وجوده النصف ما سموه بالبرهان وسماه هو بالرهان هو تطبيق لنظرية الاحتمال مع ترجيح احتمال وجود الله لأن الاحتمال نتائجه فى النهاية مكسب أو خسارة قليلة بينما الاحتمال الثانى نتيجته خسارة عظمى أو لا يوجد مكسب فالعملية هى مقارنة بين نتاءج الاحتمالين
قال كريستوفر:
أولًا، فإن كامل القوة الدافعة للجدلیة الكونیة تكمن في الحاجة المنطقیة لتجنب ارتدادًا ورجوعًا لا نهائيا لتسلسلات السببیة، وفي حلها للمشكلة المقدم بقانون السببیة في مقابل الكون، إن الجدلیة ببساطة تنتهك قانون
الارتداد لا نهائيا باستحضار وجود كائن السببیة بدون مبرر تصنع الجدلیة الكونیة مراوغة وتفادیًا تعریف ینتهك هو نفسه قانون السببیة، مفترضةً كائنًا هو إما سبب نفسه أو لا یتطلب سببًا على الإطلاق بعبارة أخرى،لا ینتهك القاعدة المنطقیة التي كانت سبب كل المشكلة في المقام الأول فالجدلیة تقدم حل كان كل ما یُستلزَم لسد الثغرة المنطقیة المتعلقة بسبب الكون هو لحظة تحكمیة للتسبب الذاتي، فیمكن أن یُجادَل بأن الكون قد سبَّب نفسه أو أن المادة والكون أزلیان مثل هذا التفسیر سیكون ذا قوة مساویة، وأكثر اقتصادًا في فرضیته، وبالتالي أكثر تفوقًا أي أنه لو كان التسبب الذاتي هو ما نتناوله، فإنه مفضَّلٌ منطق نتخلص من الوسیط السمسار ما هو جدیر بالملاحظة بخصوص الجدلیة الكونیة هو الطریقة المتواضعة التي تحصل بها على كیكتها مرادها وتأكلها بها أیضًا بالنسبة لجدلیة تحتوي على خطأ صارخ وقح مثل هذا، فإنه على نحوٍ ما یولِّد جاذبیة حدسیة هامةص54
الرجل هنا يعتبر فرضية وجود الله كحل لمشكلة السببية خطأ صارخ واضح ويضع فرضيتان هو أن الكون خلق نفسه أو الكون أزلى هما حل أصلح من افتراض وجود الله والرجل من حيث لا يدرى قدم نفس الحل وهو وجود خالق أى سبب من خلال فرضية الكون سبب أى خلق نفسه فيكون الله هو الكون طبقا لتلك الفرضية
كما أن إيمان كريستوفر بنظرية الانفجار العظيم حيث بدأ الكون بعد أن لم يكن له وجود يتعارض مع الفرضية الأخرى وهى كون الكون أزلى وفى إيمانه بها قال :
"في العصر الحاليّ، یتفق علماء الفضاء والفیزیائیون أن الكون بدأ كمفردة ضئیلة شدیدة الكثافة والتي انفجرت وأرسلت كل المادة التي بداخلها على شكل جزئیات تتسارع في حركتها هذا الانفجار هو ما یشار إلیه باسم الانفجار العظیم، وإن استعمال مصطلح "مفردة" هو مجرد طریقة أكثر لباقة لقول جملة "شيء لم یسبق له نظیر في المعرفة الحالیة للإنسان" وفقًا لتلاقي النتائج الخاصة بالعدید من الوسائل العلمیة التي تقوم على التقدیر الاستقرائي لجوانب معینة من الكون الحالي بالعودة في الزمن، لقد حدث الانفجار العظیم منذ حوالي ٥ ملیار سنة ماضیة، رغم أن لا أحد یعرف بعدُ كیف تُسُبِّبَ به أو كیف ولَّد ذلك الكم الهائل من الطاقة والمادة في الواقع، یدعي العلم فقط أن لدیه معرفة معقولة عما حدث في لحیظة ما بعد الانفجار العظیم، وبالتالي تظل المفردة نفسها لغزا رغم ذلك، فبعد الانفجار العظیم عملت قوانین الكون على الطاقة-المادة المُطلَقة حدیثًا، وبدأت المادة تتجمع مع بعضها في تكتلات على نحو غیر متساوٍ بسبب تأثیرات الجاذبیة فیما بینها، مما أدى في النهایة إلى تشكل النجوم والكواكب، بما في ذلك منظومة البشر الشمسیة والشمس والأرض ص131
وعليه فالرجل هنا رسب فى التدليل على كلامه فى قانون السببية والمشكلة فيمن يرفض قانون السببية هو أنه لا يطبق المنهج العلمى فكل الملحدون يرفضون وجود مبنى بدون صانع ووجود سفينة بلا صانع لها ووجود آلة بدون مخترع وهكذا فى الدنيا ورغم هذا يرفضون وجود صانع للكون وهذا تناقض فى المنهج فإما أن نصدق الكل أو ننكر الكل حسب المنهج العلمى ومع هذا الرفض الغير مقبول يصدقون ما يسمونه القوانين العلمية مثل الجسم الساكن يبقى ساكناً، والجسم المتحرّك يبقى متحركاً، ما لم تؤثر عليه قوى ما
قانون المؤثر هذا أى سبب الحركة أو السكون يعنى أنه لابد من وجود محرك للكون فى بدايته أى خالق له
وحتى يكون كلامنا علميا حسب المنهج العلمى نريد إجراء تجربة عندنا تعتبر مستحيلا كونيا وهى أن نحضر العدم حتى نرى هل يخلق وجودا أم لا؟
العدم لا ينتج عنه سوى العدم
التجربة بالقطع القريبة من هذا هو ما يسمونه الفراغ فنحضر حيزا مثلا زجاجيا نفرغه من كل عناصر الحياة ونراقبه سنوات لنعلم هل ينتج فيه شىء؟ بالقطع مهما أفرغناه فهو سيكون جزء من الوجود وهو المكان ولكنه لن ينتج أى شىء داخله
قال كريستوفر:
"باعتبار الذاتیة المحضة للجدلیة، فإن حضور أهواء التأكید لا ریب فیه كمثال، قد یشیر شخص یعتقد بالجدلیة الغائیة إلى أن عین الإنسان وحدها معقدة وكفؤة للغایة في التعامل مع البیانات بحیث أنها ما كانت لتوجد لولا وجود وكلیة قدرة إله بالتأكید، فإنهم یتجاهلون ببساطة العیوب المعروفة في تصمیم العین، كمثالٍ: النقطة العمیاء الموجودة في عیون كل الفقاریات مما یؤدي أحیانًا إلى الانفصال الشبكي وبالتالي العمى إن وجود ذلك العیب وحده هو جدلیة لصالح انعدام التصمیم ذي الغرض والمثالي للعین البشریة، لكن بما أنه لا یناسب مفهومهم مسبق التصور، فإنهم ینبذونه هذا مثال لأهواء التصدیق والإثبات ص56
الرجل هنا يعتبر أن ما يسمى عيوب الخلق مثل النقطة العمياء فى عيون الفقاريات دليل على انعدام التصميم ذى الغرض وهى مقولة خاطئة فما يسمى عيوب فى الخلق ليست عيوبا وإنما هى تقديرات من الله لغرض قد نفهمه أو لا نفهمه فلو خلق الله الأنواع كلها ليس فيها نقص بدرجة ما فى الأعضاء لكان شكل الحياة مختلف حيث أنها كانت لن تأكل ولن تشرب ولا تجوع ولا تظمىء فالنقص الذى يسمونه عيبا هو من اجل أن تسير الحياة فيستطيع الحيوان المفترس أن يفترس من هو ناقص عنه فى السرعة ومثلا أشكال الأسنان اختلفت فى الأشكال لكى تلاءم طعام النوع ويستطيع الحيوان النباتى أن يأكل أنواع معينة من النباتات بينما نوع أخر يأكل نباتات أخرى وهكذا
النقص وهو العيب حتى فى النوع الإنسانى هو ابتلاء فالمعاقون ابتلاء لأسرهم ولو كانت عيون الناس وأسماعهم وغير ذلك من الأعضاء واحدة ما قدر أحد منهم على مهاجمة الأخر وقتله أو جرحه أو سرقته أو غير ذلك مما يجرى فى حياة البشر
إذا التصميم ذو غرض ولكنه قد لا يفهمه البعض
قال كريستوفر:
"ما هو الأكثر احتمالًا؟: أن كوكب الأرض قد صُنِع لمساندة البشر، أم أن البشر قد تطوروا من شكل آخر من أشكال الحیاة على الكوكب لیتلاءموا مع الفرص التي كانت تقدمها الأرض؟ العلم یقول بالأخیر ولدیه كم هائل
من الأدلة لما یؤكده بینما الأدیان تقول بالأول وتقدم تأكیدات ومزاعم عاریة مموهة كمحاولات منطقیة عندما تُستعمَل للجدال لصالح نظام العالم فیما صلته بالبشر، فإن الجدلیة الغائیة هي رؤیة للكون متركزة على الذات على نحو جدیر بالملاحظة والتي تؤكد أن كل شيء یوجد فقط لأجل البشریة بینما لا تنظر أبدًا إلى مسألة عدم توفر الضرورة المنطقیة لموقفها"ص57
الخطأ أن العلم يقول أن البشر قد تطوروا من شكل آخر من أشكال الحیاة على الكوكب لیتلاءموا مع الفرص التي كانت تقدمها الأرض وهى مقولة تتنافى مع المنهج العلمى وتتطلب مستحيلا وهى العودة للماضى فلكى نقول كلمة كهذه فى العلم لابد أن نكون قد عشنا فى الماضى أو يكون لدينا جثث بعدد هائل نجد فيها اختلافا عن جثث عصرنا فى الأعضاء وهو ما اعترف دارون عشرات المرات فى كتابه أصل الأنواع باستحالة الوصول له لأن السجل التاريخى ليس للإنسان فقط وإنما لكل الأنواع ناقص نقصا رهيبا ومن تلك الأقوال:
"وأخيرا فالبنظر على مجموع الزمن وليس لأى زمن واحد وإذا كانت نظريتى صحيحة فإنه من المحتم انه كانت هناك أعداد لا حصر لها من الضروب المتوسطة تربط فيما بينه جميع الأنواع التابعة لنفس المجموعة ولكن عملية الانتقاء الطبيعى تميل بشكل ثابت كما سبق التنويه عن ذلك فى أحوال كثيرة إلى إبادة الأشكال الأبوية والحلقات الوسيطة وبالتالى فإن الدليل على وجودهما السابق من الممكن العثور عليه فقط بين البقايا الأحفورية التى نجدها محفوظة كما سوف نحاول أن نظهره فى باب قادم فى شكل سجل منقوص متقطع إلى أقصى حد ص283
ويكرر دارون اعترافه بنقص السجل وتقطعه وهو ما يمثل دحضا لنظريته وحتى النظريات الأخرى فيقول:
"ولكن من ناحية أخرى فإنه توجد مجموعة واحدة من الحقائق ألا وهى أن الظهور المفاجىء لأشكال حية جديدة وغير معتادة فى تراكيبنا الجيولوجية هو تأييد من أول نظرة للمعتقد بالتكوين الفجائى ولكن قيمة هذا الدليل فى أنه يعتمد كليا على حد الكمال الذى وصل إليه السجل الجيولوجى فيما يتعلق بعهود سحيقة من تاريخ العالم وإذا كان هذا السجل بمثل هذا التقطع الذى يؤكده بقوة العديد من علماء الجيولوجيا فلا يوجد شىء غريب فى ظهور أشكال جديدة من الكائنات الحية تبدو وكأنها قد تكونت فجأة ص391
ويعترف دارون بأن أكثر اعتراض واضح وخطير من الممكن أن يوضع فى مجال المجادلة ضد النظرية هو النقص البالغ فى السجل فيقول:
"ومع ذلك فإن السبب الأساسى لعدم وجود حلقات متوسطة لا حصر لها فى كل مكان فى جميع أنحاء الطبيعة يعتمد على عملية الانتقاء الطبيعى بذاتها والتى من خلالها تأخذ الضروب الجديدة بشكل مستمر الأماكن الخاصة وتحل محل أشكالها الحية الأبوية ولكن يجب أن يكون عدد الضروب المتوسطة التى قد سبق أن تواجدت عددا هائلا بالفعل بنفس المعدل الواسع النطاق بالضبط الذى تجرى عليه هذه العملية الخاصة بالإبادة فلماذا إذن لا يكون كل تركيب جيولوجى وكل طبقة فيه مليئة بمثل هذه الحلقات المتوسطة إن علم طبقات الأرض بالتأكيد لا يفصح عن أى شىء على شاكلة تلك السلسلة العضوية الدقيقة التدريج وربما كان هو أكثر اعتراض واضح وخطير من الممكن أن يوضع فى مجال المجادلة ضد النظرية وأنا أعتقد أن التفسير لذلك يقع فى النقص البالغ فى السجل الجيولوجى ص494
إذا مقولة التطور ليست علمية لأنها لا تتبع المنهج العلمى بالمعاصرة وهى المشاهدة ولا بوجود الجثث المبرهنة على التغير
قال كريستوفر:
"التفنید: أولًا، لنلاحظ أن الجدلیة الكونیة تستغل الفجوة في المعرفة العلمیة على وجه خصوصي فیما یتعلق بسبب وجود الكون لكي تضع الضرورة المنطقیة لإله أو آلهة، بینما تستغل جدلیة إله الفراغات أو الفجوات أي فجوة في المعرفة العلمیة لتحاول القیام بنفس الحیلة بسبب التشابهات بین الجدلیتین، فإن الدحض المقدم للأسبق ینطبق على نحو مماثل هنا، تحدیدًا: التذرع الاستثنائي بوجودٍ یخالف قانون السببیة لا یقوم بأي شيءص57للبرهنة على الضرورة المنطقیة لذلك الوجود الكیان في تفسیر سلسلة غیر معروفة للسببیة تعاقب الأسباب والنتائج ص58
نلاحظ هنا أن الرجل يعترف بوجود فجوات فى العلم وأن أهل الأديان يستغلونها لتثبيت مقولة الإله وهو بدلا من أن يعالج الفجوات العلمية حتى لا يستغلها أحد ينفى فقط مقولة الله
المنهج العلمى الذى يقر بوجود ما يجهله عليه أن يتوقف عند الجهل لا أن ينفى وجود الله لأن المجهول قد يكون من بينه الله
الرجل هنا يقول أن مقولة الإله تدحض قانون السببية لأن الإله ليس هناك خلفه سبب أى قبله سبب خلقه وهى الأمر المعروف عند العامة فى القول المشهور "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله"
ما جهله الرجل هو أن العدم لا يمكن أن ينتج وجود وإنما العدم ينتج عدم وهو ما صاغه العلم فى مقولة " المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم" وبالطبع التجربة مستحيلة لعدم وجود العدم فى الكون ولكن هناك تجارب قد تدلنا عليها مثل تجربة عزل ذكر عن أنثى من أى نوع ولننظر هل يمكن أن يخلق الفرد سواء ذكر أو أنثى شىء بدون وجود اتصال من أى نوع بينهما
قال كريستوفر :
"لكون الوضع الحالي للأدلة التجریبیة والقائمة على الملاحظة على وجود إله في الجزء التالي، لكن سببًا منطقیا أبدًا هو أن الكلمة "إله" لا تمتلك فقط مستوىً معقولًا من الدقة على نحوٍ كافٍ لكي تُثبَت وجوده لا یُثبَت إیجاب بعبارة أخرى، لا أحد یعرف على نحو معقول عما یبحث ص59وقال "رغم أن افتقاد التعریف في كلمة إله یقطع كل الطرق على السندات الاستدلالیة للأدیان، فإنه یساهم في هذا المثال بصنع حفرة لا قاع لها من تحیزات التصدیق لأتباعها ص65 وقال "بالنسبة لمسألة الأدلة الإمبریقیة على وجود إله أو آلهة، فإن أي أحدٍ یبحث عن إلهٍ سیكون له وقت عصیب في محاولة إنجاز المهمة لأن افتقاد تعریفٍ دقیق صارم لا یقدم سبیلًا معقولًا لمعرفة إذا ما ومتى یجد المرء إلهًا نفس المشكلة كانت ستحدث في محاولة استخدام البحث العلمي لتحدید مكان ما فوق الطبیعة، لكن ذلك لأجل حقیقة كون تعریف ما فوق الطبیعي یعمل على تعجیز ومنع المنهج العلمي كوسیلة مفیدة للتحري من البدایة على أیة حال، فإن الإله أو الآلهة لیسوا بدون تعریف على نحو كامل، ولو أن شخصًا یبحث عن إله من خلال البحث الإمبریقي القائم على التجارب والملاحظات، فإن البحث عن وعيٍ لدیه المقدرة على كسر قوانین الطبیعة وفق شروط تجریبیة تحكمیة عقلانیة یبدو كنقطة بدایة مقبولة إن التعدیل أو المساومة بهذه القاعدة الافتراضیة یتجاهل جوانب تعریفیة أساسیة لمفهوم إلهٍ، لكن لو أن الأدیان لا یمكنها إنشاء دلیل یكفي للحد الأدنى، فمن ثم فإنها ستفشل أیضًا في أي اختبار یشمل صفات أخرى وحیث أنه لیس هناك وعي في الطبیعة یمكن أن یشیر المرءُ إلیه على أن له القدرة على انتهاك قانون السببیة في الطبیعة، فلیس هناك دلیل إمبریقيّ كافٍ للبرهنة على الوجود الحقیقي لإلهٍ ص81
هنا يقول الرجل أنه لا يوجد تعريف حقيقى لكلمة الإله حتى يمكن البحث عنها وهو ما يناقض أنه فى أول الكتاب عرفه تعريفا دقيقا بناء على اجماع أهل الأديان فقال :
" تقبل الأغلبیة الكاسحة من المؤمنین الدینیین ثلاثة صفات أساسیة للإله:
الله هو كائن خالد والذي هو كليّ القدرة ومحسن عادة، یُدعَى أن الآلهة كذلك كلیة المعرفة، لكن یصعب وصف امرئ بأنه كلي القدرة إن كانت هناك أشیاء لا یعرفها، مما سیعیق قدرته على أن یكون كلي القدرة بحق بعبارة أخرى، فإن صفة كلیة المعرفة متضمنة بوضوح بصفة كلیة القدرة ولا تحتاج أن یشار إلیها على نحو مستقل ص12
والبحث عن الإله وهو المخترع أمر غريب فالبشر لا يبحثون مثلا عن مخترع الملعقة أو التلفاز ولا الغسالة ولا الثلاجة ولا شىء لأن المهم عندهم هو استخدام الاختراع والاستفادة منه وعندما نبحث عن الخالق الإله فلن نجد سوى اسم كما لو بحث البشر عن مخترع آلة فلن يجدوا سوى اسم
بدلا من البحث عن الخالق أى المخترع فيجب أن نستفيد مما خلق وهو ما يفعله البشر من بداية الخلق وحتى نهايته
لننظر إلى أى اختراع يستعمله البشر فهم يستخدمونه حتى يفسد فإن فسد الاختراع لجئوا إلى كتاب التصنيع أى ما يسمونه الكتالوج حتى يصلحوه والأمر كذلك فى اختراع الله للإنسان فعندما يفسد يتم اللجوء لكتاب الدين الذى وضعه الله لكى يصلحوا الفساد
السؤال لماذا يفرق القوم هنا بين الأمرين فنقبل من البشر ما لا نقبله من الله ؟
بالقطع هنا نحن نستعمل المنطق البشرى والتعبير عن الله هو تعبير تمثيلى للتفهيم
قال كريستوفر :
" بالنسبة لمسألة الأدلة المباشرة التي تقدمها الأدیان إن تأكیداتها ومزاعمها تنشأ من زعم وحي إلهيٍّ من خلال رسول، مما یؤدي عادةً إلى كتابة كتاب مقدس أو مصدر نصي لدینٍ لأجل الأغراض الاستدلالیة، فإن جملة "وحي إلهيّ" هي طریقة خیالیة لقول جملة "شهادة شاهد عیان"، وهناك العدید من الأسباب لكونها مشبوهة مشكوكًا بها في هذا السیاق ص60
يؤكد الرجل أن الوحى الإلهى مزعوم وهي طریقة خیالیة لقول جملة شهادة شاهد عیان وهو كلام خاطىء فلو اعتبرنا الوحى الإلهى كذب فيجب أن نعتبر أحلامنا كلها كذب وبالقطع لا يمكن أن ينكر كريستوفر أو غيره الأحلام فهى أمور تأتى من مصدر مجهول وهى تأتى بأمور عجيبة غالبا
السؤال من ينكر الوحى عليه أن ينكر الأحلام فهى أمور تأتى من مصدر مجهول كما يأتى الوحى عند الرجل وأصحابه من مصدر مجهول فلماذا يكذبون الوحى ولا يكذبون الأحلام فينكرون وجودها؟
قال كريستوفر:
"كم عدد المرات التي شهد الناس فیها ظاهرة إلقاء شيء ورؤیته ینجذب إلى الأرض بفعل عملیة الجاذبیة؟ لماذا لا یُنتهَك هذا القانون أبدًا لأجل معجزة؟ ماذا عن ظاهرة كون الجسد البشري لا یستطیع استخلاص الأوكْسِجِين في الماء، أيْ: أنه لا یقدر أن یتنفس تحت الماء؟ الكثیر من الناس هلكوا نتیجةً لهذه القوانین الطبیعیة یشهدون بالحاجة إلى حدوث مثل تلك المعجزات، إلا أن الإمداد بالمزاعم لا یبدو أنه احتوى أيا منها "ص64
الرجل هنا يتحدث عن المعجزات التى هى انتهاك لقوانين الطبيعة وأن قوانين الطبيعة لا يمكن أن تتغير وما نساه الرجل العلمى هو أن بداية الكون كانت معجزة حيث لم يكن هناك قوانين ثم نشأت القوانين بعد أن لم تكن موجودة فنسيت المعجزة وبقيت القوانين
نسى رجل العلم إيمانه بنظرية التطور حيث تتغير قوانين الطبيعة فبدلا من رجل أو يد أصبحت هناك أجنحة وزعانف مثلا أليس هذا مخالف للقوانين الطبيعية السابقة حسب النظرية ؟
إذا المعجزات حدثت فى بداية الانفجار الكبير وحدثت فى نظرية التطور ومن ثم فلا يحق للرجل أن ينكرها وإلا عليه أن ينكر بداية الانفجار العظيم ونظرية التطور؟
المعجزات ليست انتهاك لقوانين الطبيعة وإنما هى عودة لما حدث فى بداية الخلق حيث أن مادة الخلق الواحدة تحولت لأشكال متنوعة فمثلا معجزة عصا موسى(ص) حولت المادة الصلبة لمخلوق لين ومثلا الناقة حسب الروايات تحولت من مادة صلبة هى الصخرة إلى مادة لينة
قال كريستوفر :
"فیما یتعلق بتقییم أي دلیل مقدَّم لتأیید وجود إله، فإنه لهامٌّ أن نتذكر السؤال الدقیق الذي نحن بصدده: هل یوجد إله حالیا؟ یتضمن تعریف كلمة إله أنه لو كان إلهٌ قد وُجد على الإطلاق، فمن ثم فهو یوجد الآن لأنه خالد، لكن الأدیان لا تحاول أبدًا بالضرورة إثبات شيء كهذا عوضًا عن ذلك فإن المتحدثین باسمها ونصوصها تقوم بمكر بوضع ذلك العنصر كلي الأهمیة ضمن تعلیب مصطلحاتها في محاولة لتمریره وتهریبه من التفحص المنطقي المعتاد ص66
مشكلة تعريف الله هى عند الرجل وليس عند الغير فالتعريف واضح ولكى نريحه نقول للتبسيط أن الله هو مخترع الخلق ولو حاولنا تقريب الأمر فنقول أنه كأى مخترع مر عليه الزمان هو فى دنيانا اسم فمثلا هل يستطيع أن يقيم الأدلة العلمية على وجود مخترع الملعقة أو الصحن الذى نأكل فيه لن يستطيع إثباته وجوده عن طريق الحواس الخمسة ولن يستطيع أن يثبت وجوده فى الماضى بأى طريقة علمية لكن اختراعه الباقى هو الدليل على أنه كان موجودا
قال كريستوفر :
"ولو أن هناك تعریفًا دقیقًا على نحو معقول لمصطلح إلهٍ ودلیلًا مرافقًا على وجوده الحالي، لكان الإلحاد سیكون استنتاجًا غیر مطروق بالفعل الإلحاد لیس الاستنتاج الثابت غیر المتغیر للتفكیر القائم على العقلانیة فیما یتعلق بوجود إله أو آلهة، بل هو الاستنتاج الذي یصل إلیه وفقَ الأدلة الحالیّة ككل الاستنتاجات العملیة، فإن بزوغ دلیل مقنع عند لحظة متأخرة والذي یبرهن على أن استنتاجًا سابقًا كان خطأ سیؤدي إلى تغیرٍ في الموقف ص67
الرجل هنا يعترف أن الإلحاد وهو إنكار الإله ليس استنتاجا ثابتا بل يمكن أن يتغير لصالح إثبات الإله عند وجود الدليل على وجود الإله وهذا يعنى أن الرجل اختار اللأدرية بمعنى أنه متحير لا يعرف هل الإله موجود أم لا وهذا يعيدنا إلى إنكاره ما سماه رهان باسكال فهو هنا لا يكذبه كليا وإنما هو يعمل به بطريقة أخرى
قال كريستوفر:
على أي حال، فإن الجدلیة ٣ هي أفضل اختیار للأدیان لأنها تظل مناسبة للافتراض الدیني الأساسي الخاص بالإیمان، أي أنها تنبذ المعرفة البشریة باعتبارها تافهة وغیر ذات صلة بتأكیدها بزعمها أن الناس لا یمكنهم إدراك أي شيء عن الطبیعة الحقیقیة للعالم أو ما یحدث في الحقیقة، فإن الإیمان یقدم رسالة للناس بأنهم لا ینبغي أن یزعجوا أنفسهم أو یحاولوا بالتأكید، فإن استعمال الإیمان بهذه الطریقة سیطرح الشخص في موقف عجزٍ كامل ومذلٍّ، لكن على الأقل یتوافق ویتحالف منطقيا مع جوهر افتراضَيْ الاعتقاد الدیني ص69
الخطأ هنا أن الرجل يظن أن كل الأديان تنبذ المعرفة البشرية وهو كلام يتناقض مع الإسلام الداعى للمعرفة البشرية كما قال المؤمنون لقارون "ولا تنس نصيبك من الدنيا" وكما قال المؤمنون"وآتنا فى الدنيا حسنة"
الفقرة عن حرب الأديان للمعرفة البشرية مأخوذة من الدين النصرانى
قال كريستوفر:
"كمثالٍ على المشكلة التي تواجهها الأدیان في هذه المسألة، تفكر في حالة طفلٍ رضیعٍ یموت بسبب سوء التغذیة لم یكن لدیه أي وقت في العالم لیشكِّل أفكارا أخلاقیة من أي نوع، ولم یكن لدیه قط القدرة على أن یتصرف بوحشیة اتجاه شخص آخر إنه بريء لا یمكن لومه على شيء باختصارص70
المثال الذى ضربه الرجل يدل على الجهل فهو يظن أن ما ينزل بالبرىء كالطفل الرضيع من ضرر عقاب له وهو لا يدرى أن الأمر ليس له علاقة بالرضيع فالغرض هو اختبار صبر والديه أو القائمين على تربيته كما قال تعالى"ونبلوكم بالشر والخير فتنة" كما أن الرضيع لا يفهم معنى الألم والعقاب لأنه يولد صفحة بيضاء بلا أى علم ومن ثم فإحساسه بالألم ليس موجودا لكونه لا يعلم ماهية الألم والسعادة وغير ذلك وفى هذا قال تعالى " "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
قال كريستوفر:
"لو أن إلهًا صنع الإنسانَ ویعرف كل شيء عنه، فمن ثم أيُّ معلوماتٍ یمكن احتمالًا أن یحصل علیها من وضع الناس خلال اختبار كهذا؟ عند هذه النقطة الحاسمة تستمتع الأدیان بأن تضع على نحوٍ إستِراتیجي مصطلحها ، المرتجَل "الإرادة الحرة"، والذي یُقصَد به أن یُضمَّن معناه أن إلهًا قد تنازل قصديا عن التحكم فیما یفعله الناس لكن بفضل المرونة المعتادة في المعنى التي یتصف بها هذا المصطلح، فإنهم أیضًا یستخدمونه لتضمینه أن إلهًا لا یعلم ما سیُقدِم شخصٌ على فعله لو أن ذلك صحیحٌ، فمن ثم فإنه لیس إلهًا بحكم التعریف، حیث أن افتقاده لكلیة العلم یتضمن ما هو أقل من كلیة القدرة لو أنه لیس كليَّ العلم، فهو لیس كليَّ القدرة، ولو أنه لیس كليَّ القدرة فلماذا ننشغل بالصلاة والتعبد إلیه ص71
الرجل يصنع مشكلة من غير مشكلة فهو يستغرب علم الله المسبق بأن فلان وعلان سيطيعونه وعلان وفلان سيكفرون به ومع هذا يضعهم فى الاختبار وقبل أن يصنع الرجل مشكلته هنا كان عليه أن يتساءل هل يجوز أن يعاقب المرء على الفعل قبل أن يفعله أو يثاب على الفعل قبل ان يفعله؟
فى كل دول العالم الملحدة وغير الملحدة لا يجوز عقاب أحد على جريمة لم تحدث بعد
والسؤال كيف يطلب الرجل من الله أن يعاقب أو يثيب على شىء لم يقع كما يريد الرجل؟
تلك هى المسألة العدل فإن فعل الله ما يقوله كريستوفر سيكون ظالما ساعتها وسيقول ذلك كريستوفر وغيره على إله يعاقب على جريمة لم تقع ويثيب على حسنة لم تحدث
قال كريستوفر:
"هناك مشكلتان في هذا الجزء من الاعتقاد الدیني فلو أن إلهًا خلق الإنسان وعدالته الأبدیة تنتظر مخلوقاته البشریة لتقییم مقدار أخلاقهم، فلماذا یكون الناس مسئولین عن العیوب التي وضعها إلهٌ في شخصیاتهم وسماتهم؟ ثانیًا، ما هي العدالة بالضبط في مجازاة الجرائم المحدودة للإنسان بعقوبات لا نهائیة أبدیة فیما بعد الحیاة؟ص71وكرر الرجل نفس المعنى فقال :
"إن المعنى الضمني لذلك المفهوم لا یمكنه حمایة إله مزعومٍ من اللوم على معرفته بالضبط ما سیقدم الأشخاص على فعله خلال حیواتهم على أیة حال خشیة مماثلة ذات علاقة هي في السؤال عما إذا یمكن أن یُلام إلهٌ لأجل الأخطاء التي یرتكبها الناس فلو أنه منطق یحتفظ ولیده كل صفاته المفترَضة الأساسیة، فإن الإجابة هي بوضوح نعم، وبما أن إلهًا مفترَضًا لا یمكنه إنكار مسؤولیته الكلیة عن طبیعة وأفعال أي شخص محدَّد، فأيُّ نوعٍ من العدل هو أن یُكافَأ أو یعاقَب ذلك الشخص لأجل طبیعته وأفعاله إلى كل الأبدیة أبد الآبدین؟ لو أن لإلهٍ وجودٌ، فإن الشخص هو ما صنعه إلهٌ لیكونه لا توجد كمیة إرادة حرة كافیة في العالم لإضعاف تلك العلاقة السببیة والارتباط المفترَض على نحوٍ كافٍ بحیث تضْمَن نوع العدالة الأبدیة اللانهائیة التي تدعیها الأدیان یمكن للمرء أن یتنازل للأدیان عن كل الزیادة غیر الضروریة لحریة الإرادة في العالم مقابل جعل الإله أو الآلهة یوقفون معاناة الإنسان، لكن ذلك یظل رغم ذلك لا یحمیه أو یحمیهم من الانزعاج المنطقي لكونه خلق الإنسان بحیث یكون قادرا على الوحشیة والعدوان من البدایةص72وقال " أما عن السؤال الثاني، وهو ما العدل في معاقبة أو مكافأة الناس لأجل التصرفات التي قاموا بها خلال حیواتهم المحدودة عندما تكون فترات تلك الأحكام أبدیة؟ أین التناسب بین الجریمة والعقاب في نظامٍ مثلَ هذا؟ فقط حسٌّ ضالٌّ عن العدالة سیثني على فضائل مثل هذا النهج للأحكام، وهو یصیر كریهًا على نحوٍ خاص عندما یضاف إلیه النقاش السابق أعلاه فیما یتعلق بمسؤولیة الإله أو الآلهة عن سلوكیات الناس بعبارة أخرى، فإن نظام العدل الأبدي الخاص بالاعتقاد الدیني هو كابوس حقیقي، ممتلئ بإساءة غیر مناسبة خاصة بألوهیة مزعومة إن العزاء الذي یوجد في مفاهیمه هو أن رعبه مرتبط مباشرة بمخالفته للعقل ص72
الخطأ الأول هو عقاب الناس عن العیوب التي وضعها إلهٌ في شخصیاتهم وهو فهم خاطىء للمسألة فالله لم يضع فيهم عيوبا وإنما أعطاهم الحرية فى فعل الخير وفعل الشر كما قال "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
الخطأ الثانى مجازاة الجرائم المحدودة للإنسان بعقوبات لا نهائیة أبدیة فیما بعد الحیاة وهو كلام يدل على فهم خاطىء للمسألة فالعقد بين الله والناس كأى عقد بين الناس فالعقد شريعة المتعاقدين ومن ثم فما يقرره المتعاقدون عليهم أن يلتزموا به
ونجد الرجل ينظر للمسالة من زاوية واحدة وهى العقاب ولا ينظر من زاوية الثواب وهى ثوابات لا نهائية على أفعال محدودة فلماذا ينتقد العقاب ولا ينتقد الثواب ؟
إذا المسألة عادلة ولكن الرجل يراها من جانب واحد وليس من الجانبين حيث العدل التام
كما أن الرجل لا يعرف كم الفرص التى يعطيها الله لكل لإنسان لا يعرف كم النعم التى يعطيها لهم ........ومن ثم فالجاهل بما يحدث لكل واحد من الفرص والنعم عليه ألا يتكلم لأن كلامه يكون بناء عن جهل وليس بناء على علم علمه وليس العمر مقياسا لكم الفرص والنعم فالله لأنه عادل فلابد أنه أعطى كما عادلا للكل من الفرص والنعم بناء على قوله تعالى " وأن الله ليس بظلام للعبيد"
كما أن هناك قواعد عادلة وضعها الله حتى لا يظلم أحد فمثلا لا يعاقب أحد إلا بناء على وصول الرسول والمراد وصول رسالة الله واضحة للفرد كما قال "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" ومثلا الأطفال ليسوا بمحاسبين لكونهم غير عقلاء فهم سفهاء ووضع أمور كثيرة لتكون العدالة تامة ليس فيها مثقال ذرة من ظلم
الإلحاد المتیقن الموقف هو الإلحاد المتیقن والذي هو نادر أن یوجد في الواقع فحیث أن الإلحاد هو الاستنتاج المنطقي وفقًا للأدلة المتاحة الحالیة لمن یوظفون التفكیر القائم على العقلانیة، فإن تقنیات اكتساب المعرفة التي أدت إلى استنتاجه عن سؤال وجود إله هي العلم والریاضیات والمنطق فرغم أن هذه الأدوات قویة للغایة في تقدیم الحقائق وأنماط السببیة للواقع الموضوعي، فإنها لا یمكنها إنتاج یقین كامل ص38
يقر الرجل أنه لا يوجد إلحاد متيقن من عدم وجود إله لأن العلم والرياضيات والمنطق لا یمكنها إنتاج یقین فى الموضوع وهذا يعنى أنه يبقى جانب من نفسه مؤمن بوجود الله ويكرر الرجل كلامه عن أن الإلحاد المتيقن علميا ليس له وجود فى المنهج العلمى فيقول:
"بالتالي، فإن موقف الإلحاد المتیقن یمثل مزاوجة خاطئة مشوشة ومتناقضة ذات بین تقنیات اكتساب المعرفة یستطیع المرء "معرفة" أشیاء كثیرة عن الواقع الموضوعي والمستوى الناتج من الیقین لاستنتاج كل منهما عمل فإن اكتساب موقف یقینيّ فیما یتعلق بنتائجه غیر صحیح على نفس هذا بناءً على البحث العلمي، لكن نظر على النحو، فإن الإلحاد المتیقن موقفٌ غیر متسق داخليا ص38
ويعود كريستوفر فيقر بأنه لا يقين للملحدين فى أى مستوى من مستويات الأحاد العلمى فيقول فى الفقرة التالية:
"الموقفان ١ و ٤ لهما اتساق داخلي فیما یتعلق بتقنیاتهما لاكتساب المعرفة ومستویي الیقین المصاحبین لكلٍّ منهما، وهما یمثلان المعسكرین الرئیسیین في النقاش عن وجود إله بناءً على الوسائل المنهجیة للعلوم والریاضیات والمنطق، فإن الإلحاد اللاأدري أو غیر المتیقن یقر على نحو صحیح بأن الیقین الكامل بالمثل فإن الإیمان المتیقن یتمسك بموقفه الفلسفي عن الیقین في نظام استنتاجه لیس أمانة ولیس ضرورة یستخدم الإیمان كتقنیته لاكتساب المعرفة بصرف النظر عن أي تقییم لمعقولیة افتراضات كلٍّ منهما، فإن معنى ذلك أن موقفهما من الیقین ینبع من تقنیات اكتساب الإلحاد اللاأدري والإیمان المتیقن متسقان داخل المعرفة الخاصة بكلٍّ منهما كما فُصِّلَتْ في افتراضات كلٍّ منهما ص40
ويكرر الرجل نفسه كلامه عن عدم وجود يقين تام علميا فى إنكار وجود الله فيقول:
"الإلحاد اللاأدري، هو موقف استنتاجه عن الواقع الموضوعي یتوافق مع مستوى الیقین فیه فیما یتعلق بالأدوات المستخدمة للتوصل إلى ذلك الاستنتاج وكما نوقش من قبل، فإن تقنیات اكتساب المعرفة الخاصة بالتفكیر القائم على العقلانیة تقدم مستوى عالیًا من الموثوقیة والقدرة على التوقع، لكنها لا یمكنها تقدیم الیقین یمكن أن تقارب نتائجها الیقین، لكنها لا تقدم ضمانات مطلقة ص40
ويكرر الرجل نفس المقولة
" فإن الإلحاد اللا أدري یعترف بأنه لا یمكنه معرفة أن الإله أو الآلهة لا توجد إلى درجة الیقین ص41
هذه الاعترافات التى تعنى أنه لا يوجد يقين عند أى ملحد علمى بأن الله غير موجود حاربها مترجم الكتاب وأدخل نفسه فى الكتاب ناقدا صاحبه والغريب أنه لا يفصل تعليقاته عن الترجمة بل يدسها داخل الكتاب نفسه ومعظم إن لم يكن تعليقاته تتعلق بالإسلام وحده دون سائر الأديان فهو ناقم عليه وحده غالبا دون بقية الأديان
قال كريستوفر:
كمثال، جملة: كوكب الأرض مستدیر، والتي هي لیست جملة متعلقة بالواقع الموضوعي فوق الشك المعقول فنظریا، لیس لدى الناس أي ضمانات بأن عیونهم وحواس جمع البیانات الأخرى لم تفشل منهجیا في ملاحظة طبیعة شكل الأرض الحقیقیة رغم ذلك فعملیا قد لاحظ البشر كوكب الأرض من الفضاء، وأرسلوا أقمارا صناعیة في مدارات حوله، وخططوا مسارات طیران على سطحه تراعي في حسبانها انحناءه، ولدیهم كم مذهل للغایة من الأدلة على أنه مستدیر بالفعل، بحیث أن الاحتمال النظري لكون ذلك الاستنتاج نتاج خطإٍ صغیرٌ للغایة على نحوٍ لا نهائي فیما یتعلق بمنحنى الحل المختص بالواقع الموضوعي عن هذه المسألة، فإن البشریة قد تقدمت إلى حد بعید على طوله بحیث أنها أقرب ما یمكن من المنحنى البیاني للیقین ص43
هنا يستشهد الرجل على صحة ما وصل إليه من أنه لا يوجد يقين كامل فى مسألة عدم وجود الله بأنه كروية الأرض فى العلم أمر ليس يقينى تماما لأن هناك احتمال صغير فى وجود خطأ فى مقولة كروية أى استدارة الأرض
قال كريستوفر:
"البشر لا یمكنهم معرفة الواقع الموضوعي إلى درجة الیقین، لكن ذلك لا یعني أنهم لا یعرفون أي شيء لقد أنتجت تقنیات التفكیر القائم على العقلانیة بركاتٍ ونعمًا للبشریة في شكل سیارات وكباري وكمبیوترات وأدویة،بدون حاجة إلى وضع استنتاجاتهم في وهم وسراب الیقین المطلق الیقین المطلق هو فكرة مثالیة نموذجیة من صنع الإنسان، أي أنها توجد فقط في مملكة الأفكار المجردة كنظرة مختلسة مستبقة للجدلیات الأخیرة المقدمة في الجزء الأول، فإن الآلهة بكمالهم والیقین المطلق هم على الأرجح لیسا سوى سكان لنفس الحقل المملكة ص44
ينكر الرجل وجود اليقين المطلق فى المعرفة حتى فيما يسميه الواقع الموضوعى أى الطبيعيات وهو يساوى بين من يؤمن باليقين المطلق فى مسألة وجود الله من عدمه وبين من يؤمن باليقين المطلق فى المسائل العلمية ومن هذا يتبين الرجل مؤمن بمبدأ اللايقين الذى ينسب لهاينز نبرج
قال كريستوفر
"بلیز باسكال عالم طبیعیات وریاضیات فرنس Blaise Pascal كان
عمل تجربة فكریة قائمة على الاحتمالیة تُعرف الآن برهان باسكال یؤكد الرهان أن الإله غیر معلوم وبالتالي كما یُفترَض وجود غیر قابل للمعرفة، سواء یوجد أم لا، وأن العقل البشري بطبیعته أداة غیر كفؤة لتقریر50 ، فإن الرهان یمضي إلى نقاش / المسألة وبعد أن یحدد احتمالیة متساویة لوجود الله وعدمه، أي 50: 50فإن الرهان یجادل بأن المرء لو عبد الإله المكسب المحتمل من القرار بعبادة الإله أو عدم فعل ذلك جوهر الذهاب إلى الجنة لو أن الله یوجد أو خسارة محدودة الموت مع عدم وجود فهو إما سیحقق مكسبًا لا نهائيا إله لیكافأ إیمانه أما لو اختار المرء رغم ذلك عدم عبادة الإله، فإن ینتظر الحصول إما على مكسب محدود الموت بدون وجود إله لیعاقب عدم إیمانه أو خسارة لا نهائیة الذهاب إلى الجحیم لو أن الله یوجد وبافتراض المكاسب المتاحة والاحتمالات المصاحبة لها، فإن التفكیر یستنتج بأن المرء ینبغي أن یختار الإیمان بالإله وعبادته بالتالي، فإن رهان باسكال لیس برهانًا على وجود إله، بل هو إستراتیجیة مقامرة نظریة عن كیف ینبغي أن یختار المرء التصرف، بافتراض أن المرء لا یمكنه أبدًا ما إذا كان یوجد إله في الحقیقة ص50
يتحدث الرجل عما أسماه برهان باسكال وهو رهان يجعل نسبة وجود الله إلى عدم وجوده النصف ما سموه بالبرهان وسماه هو بالرهان هو تطبيق لنظرية الاحتمال مع ترجيح احتمال وجود الله لأن الاحتمال نتائجه فى النهاية مكسب أو خسارة قليلة بينما الاحتمال الثانى نتيجته خسارة عظمى أو لا يوجد مكسب فالعملية هى مقارنة بين نتاءج الاحتمالين
قال كريستوفر:
أولًا، فإن كامل القوة الدافعة للجدلیة الكونیة تكمن في الحاجة المنطقیة لتجنب ارتدادًا ورجوعًا لا نهائيا لتسلسلات السببیة، وفي حلها للمشكلة المقدم بقانون السببیة في مقابل الكون، إن الجدلیة ببساطة تنتهك قانون
الارتداد لا نهائيا باستحضار وجود كائن السببیة بدون مبرر تصنع الجدلیة الكونیة مراوغة وتفادیًا تعریف ینتهك هو نفسه قانون السببیة، مفترضةً كائنًا هو إما سبب نفسه أو لا یتطلب سببًا على الإطلاق بعبارة أخرى،لا ینتهك القاعدة المنطقیة التي كانت سبب كل المشكلة في المقام الأول فالجدلیة تقدم حل كان كل ما یُستلزَم لسد الثغرة المنطقیة المتعلقة بسبب الكون هو لحظة تحكمیة للتسبب الذاتي، فیمكن أن یُجادَل بأن الكون قد سبَّب نفسه أو أن المادة والكون أزلیان مثل هذا التفسیر سیكون ذا قوة مساویة، وأكثر اقتصادًا في فرضیته، وبالتالي أكثر تفوقًا أي أنه لو كان التسبب الذاتي هو ما نتناوله، فإنه مفضَّلٌ منطق نتخلص من الوسیط السمسار ما هو جدیر بالملاحظة بخصوص الجدلیة الكونیة هو الطریقة المتواضعة التي تحصل بها على كیكتها مرادها وتأكلها بها أیضًا بالنسبة لجدلیة تحتوي على خطأ صارخ وقح مثل هذا، فإنه على نحوٍ ما یولِّد جاذبیة حدسیة هامةص54
الرجل هنا يعتبر فرضية وجود الله كحل لمشكلة السببية خطأ صارخ واضح ويضع فرضيتان هو أن الكون خلق نفسه أو الكون أزلى هما حل أصلح من افتراض وجود الله والرجل من حيث لا يدرى قدم نفس الحل وهو وجود خالق أى سبب من خلال فرضية الكون سبب أى خلق نفسه فيكون الله هو الكون طبقا لتلك الفرضية
كما أن إيمان كريستوفر بنظرية الانفجار العظيم حيث بدأ الكون بعد أن لم يكن له وجود يتعارض مع الفرضية الأخرى وهى كون الكون أزلى وفى إيمانه بها قال :
"في العصر الحاليّ، یتفق علماء الفضاء والفیزیائیون أن الكون بدأ كمفردة ضئیلة شدیدة الكثافة والتي انفجرت وأرسلت كل المادة التي بداخلها على شكل جزئیات تتسارع في حركتها هذا الانفجار هو ما یشار إلیه باسم الانفجار العظیم، وإن استعمال مصطلح "مفردة" هو مجرد طریقة أكثر لباقة لقول جملة "شيء لم یسبق له نظیر في المعرفة الحالیة للإنسان" وفقًا لتلاقي النتائج الخاصة بالعدید من الوسائل العلمیة التي تقوم على التقدیر الاستقرائي لجوانب معینة من الكون الحالي بالعودة في الزمن، لقد حدث الانفجار العظیم منذ حوالي ٥ ملیار سنة ماضیة، رغم أن لا أحد یعرف بعدُ كیف تُسُبِّبَ به أو كیف ولَّد ذلك الكم الهائل من الطاقة والمادة في الواقع، یدعي العلم فقط أن لدیه معرفة معقولة عما حدث في لحیظة ما بعد الانفجار العظیم، وبالتالي تظل المفردة نفسها لغزا رغم ذلك، فبعد الانفجار العظیم عملت قوانین الكون على الطاقة-المادة المُطلَقة حدیثًا، وبدأت المادة تتجمع مع بعضها في تكتلات على نحو غیر متساوٍ بسبب تأثیرات الجاذبیة فیما بینها، مما أدى في النهایة إلى تشكل النجوم والكواكب، بما في ذلك منظومة البشر الشمسیة والشمس والأرض ص131
وعليه فالرجل هنا رسب فى التدليل على كلامه فى قانون السببية والمشكلة فيمن يرفض قانون السببية هو أنه لا يطبق المنهج العلمى فكل الملحدون يرفضون وجود مبنى بدون صانع ووجود سفينة بلا صانع لها ووجود آلة بدون مخترع وهكذا فى الدنيا ورغم هذا يرفضون وجود صانع للكون وهذا تناقض فى المنهج فإما أن نصدق الكل أو ننكر الكل حسب المنهج العلمى ومع هذا الرفض الغير مقبول يصدقون ما يسمونه القوانين العلمية مثل الجسم الساكن يبقى ساكناً، والجسم المتحرّك يبقى متحركاً، ما لم تؤثر عليه قوى ما
قانون المؤثر هذا أى سبب الحركة أو السكون يعنى أنه لابد من وجود محرك للكون فى بدايته أى خالق له
وحتى يكون كلامنا علميا حسب المنهج العلمى نريد إجراء تجربة عندنا تعتبر مستحيلا كونيا وهى أن نحضر العدم حتى نرى هل يخلق وجودا أم لا؟
العدم لا ينتج عنه سوى العدم
التجربة بالقطع القريبة من هذا هو ما يسمونه الفراغ فنحضر حيزا مثلا زجاجيا نفرغه من كل عناصر الحياة ونراقبه سنوات لنعلم هل ينتج فيه شىء؟ بالقطع مهما أفرغناه فهو سيكون جزء من الوجود وهو المكان ولكنه لن ينتج أى شىء داخله
قال كريستوفر:
"باعتبار الذاتیة المحضة للجدلیة، فإن حضور أهواء التأكید لا ریب فیه كمثال، قد یشیر شخص یعتقد بالجدلیة الغائیة إلى أن عین الإنسان وحدها معقدة وكفؤة للغایة في التعامل مع البیانات بحیث أنها ما كانت لتوجد لولا وجود وكلیة قدرة إله بالتأكید، فإنهم یتجاهلون ببساطة العیوب المعروفة في تصمیم العین، كمثالٍ: النقطة العمیاء الموجودة في عیون كل الفقاریات مما یؤدي أحیانًا إلى الانفصال الشبكي وبالتالي العمى إن وجود ذلك العیب وحده هو جدلیة لصالح انعدام التصمیم ذي الغرض والمثالي للعین البشریة، لكن بما أنه لا یناسب مفهومهم مسبق التصور، فإنهم ینبذونه هذا مثال لأهواء التصدیق والإثبات ص56
الرجل هنا يعتبر أن ما يسمى عيوب الخلق مثل النقطة العمياء فى عيون الفقاريات دليل على انعدام التصميم ذى الغرض وهى مقولة خاطئة فما يسمى عيوب فى الخلق ليست عيوبا وإنما هى تقديرات من الله لغرض قد نفهمه أو لا نفهمه فلو خلق الله الأنواع كلها ليس فيها نقص بدرجة ما فى الأعضاء لكان شكل الحياة مختلف حيث أنها كانت لن تأكل ولن تشرب ولا تجوع ولا تظمىء فالنقص الذى يسمونه عيبا هو من اجل أن تسير الحياة فيستطيع الحيوان المفترس أن يفترس من هو ناقص عنه فى السرعة ومثلا أشكال الأسنان اختلفت فى الأشكال لكى تلاءم طعام النوع ويستطيع الحيوان النباتى أن يأكل أنواع معينة من النباتات بينما نوع أخر يأكل نباتات أخرى وهكذا
النقص وهو العيب حتى فى النوع الإنسانى هو ابتلاء فالمعاقون ابتلاء لأسرهم ولو كانت عيون الناس وأسماعهم وغير ذلك من الأعضاء واحدة ما قدر أحد منهم على مهاجمة الأخر وقتله أو جرحه أو سرقته أو غير ذلك مما يجرى فى حياة البشر
إذا التصميم ذو غرض ولكنه قد لا يفهمه البعض
قال كريستوفر:
"ما هو الأكثر احتمالًا؟: أن كوكب الأرض قد صُنِع لمساندة البشر، أم أن البشر قد تطوروا من شكل آخر من أشكال الحیاة على الكوكب لیتلاءموا مع الفرص التي كانت تقدمها الأرض؟ العلم یقول بالأخیر ولدیه كم هائل
من الأدلة لما یؤكده بینما الأدیان تقول بالأول وتقدم تأكیدات ومزاعم عاریة مموهة كمحاولات منطقیة عندما تُستعمَل للجدال لصالح نظام العالم فیما صلته بالبشر، فإن الجدلیة الغائیة هي رؤیة للكون متركزة على الذات على نحو جدیر بالملاحظة والتي تؤكد أن كل شيء یوجد فقط لأجل البشریة بینما لا تنظر أبدًا إلى مسألة عدم توفر الضرورة المنطقیة لموقفها"ص57
الخطأ أن العلم يقول أن البشر قد تطوروا من شكل آخر من أشكال الحیاة على الكوكب لیتلاءموا مع الفرص التي كانت تقدمها الأرض وهى مقولة تتنافى مع المنهج العلمى وتتطلب مستحيلا وهى العودة للماضى فلكى نقول كلمة كهذه فى العلم لابد أن نكون قد عشنا فى الماضى أو يكون لدينا جثث بعدد هائل نجد فيها اختلافا عن جثث عصرنا فى الأعضاء وهو ما اعترف دارون عشرات المرات فى كتابه أصل الأنواع باستحالة الوصول له لأن السجل التاريخى ليس للإنسان فقط وإنما لكل الأنواع ناقص نقصا رهيبا ومن تلك الأقوال:
"وأخيرا فالبنظر على مجموع الزمن وليس لأى زمن واحد وإذا كانت نظريتى صحيحة فإنه من المحتم انه كانت هناك أعداد لا حصر لها من الضروب المتوسطة تربط فيما بينه جميع الأنواع التابعة لنفس المجموعة ولكن عملية الانتقاء الطبيعى تميل بشكل ثابت كما سبق التنويه عن ذلك فى أحوال كثيرة إلى إبادة الأشكال الأبوية والحلقات الوسيطة وبالتالى فإن الدليل على وجودهما السابق من الممكن العثور عليه فقط بين البقايا الأحفورية التى نجدها محفوظة كما سوف نحاول أن نظهره فى باب قادم فى شكل سجل منقوص متقطع إلى أقصى حد ص283
ويكرر دارون اعترافه بنقص السجل وتقطعه وهو ما يمثل دحضا لنظريته وحتى النظريات الأخرى فيقول:
"ولكن من ناحية أخرى فإنه توجد مجموعة واحدة من الحقائق ألا وهى أن الظهور المفاجىء لأشكال حية جديدة وغير معتادة فى تراكيبنا الجيولوجية هو تأييد من أول نظرة للمعتقد بالتكوين الفجائى ولكن قيمة هذا الدليل فى أنه يعتمد كليا على حد الكمال الذى وصل إليه السجل الجيولوجى فيما يتعلق بعهود سحيقة من تاريخ العالم وإذا كان هذا السجل بمثل هذا التقطع الذى يؤكده بقوة العديد من علماء الجيولوجيا فلا يوجد شىء غريب فى ظهور أشكال جديدة من الكائنات الحية تبدو وكأنها قد تكونت فجأة ص391
ويعترف دارون بأن أكثر اعتراض واضح وخطير من الممكن أن يوضع فى مجال المجادلة ضد النظرية هو النقص البالغ فى السجل فيقول:
"ومع ذلك فإن السبب الأساسى لعدم وجود حلقات متوسطة لا حصر لها فى كل مكان فى جميع أنحاء الطبيعة يعتمد على عملية الانتقاء الطبيعى بذاتها والتى من خلالها تأخذ الضروب الجديدة بشكل مستمر الأماكن الخاصة وتحل محل أشكالها الحية الأبوية ولكن يجب أن يكون عدد الضروب المتوسطة التى قد سبق أن تواجدت عددا هائلا بالفعل بنفس المعدل الواسع النطاق بالضبط الذى تجرى عليه هذه العملية الخاصة بالإبادة فلماذا إذن لا يكون كل تركيب جيولوجى وكل طبقة فيه مليئة بمثل هذه الحلقات المتوسطة إن علم طبقات الأرض بالتأكيد لا يفصح عن أى شىء على شاكلة تلك السلسلة العضوية الدقيقة التدريج وربما كان هو أكثر اعتراض واضح وخطير من الممكن أن يوضع فى مجال المجادلة ضد النظرية وأنا أعتقد أن التفسير لذلك يقع فى النقص البالغ فى السجل الجيولوجى ص494
إذا مقولة التطور ليست علمية لأنها لا تتبع المنهج العلمى بالمعاصرة وهى المشاهدة ولا بوجود الجثث المبرهنة على التغير
قال كريستوفر:
"التفنید: أولًا، لنلاحظ أن الجدلیة الكونیة تستغل الفجوة في المعرفة العلمیة على وجه خصوصي فیما یتعلق بسبب وجود الكون لكي تضع الضرورة المنطقیة لإله أو آلهة، بینما تستغل جدلیة إله الفراغات أو الفجوات أي فجوة في المعرفة العلمیة لتحاول القیام بنفس الحیلة بسبب التشابهات بین الجدلیتین، فإن الدحض المقدم للأسبق ینطبق على نحو مماثل هنا، تحدیدًا: التذرع الاستثنائي بوجودٍ یخالف قانون السببیة لا یقوم بأي شيءص57للبرهنة على الضرورة المنطقیة لذلك الوجود الكیان في تفسیر سلسلة غیر معروفة للسببیة تعاقب الأسباب والنتائج ص58
نلاحظ هنا أن الرجل يعترف بوجود فجوات فى العلم وأن أهل الأديان يستغلونها لتثبيت مقولة الإله وهو بدلا من أن يعالج الفجوات العلمية حتى لا يستغلها أحد ينفى فقط مقولة الله
المنهج العلمى الذى يقر بوجود ما يجهله عليه أن يتوقف عند الجهل لا أن ينفى وجود الله لأن المجهول قد يكون من بينه الله
الرجل هنا يقول أن مقولة الإله تدحض قانون السببية لأن الإله ليس هناك خلفه سبب أى قبله سبب خلقه وهى الأمر المعروف عند العامة فى القول المشهور "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله"
ما جهله الرجل هو أن العدم لا يمكن أن ينتج وجود وإنما العدم ينتج عدم وهو ما صاغه العلم فى مقولة " المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم" وبالطبع التجربة مستحيلة لعدم وجود العدم فى الكون ولكن هناك تجارب قد تدلنا عليها مثل تجربة عزل ذكر عن أنثى من أى نوع ولننظر هل يمكن أن يخلق الفرد سواء ذكر أو أنثى شىء بدون وجود اتصال من أى نوع بينهما
قال كريستوفر :
"لكون الوضع الحالي للأدلة التجریبیة والقائمة على الملاحظة على وجود إله في الجزء التالي، لكن سببًا منطقیا أبدًا هو أن الكلمة "إله" لا تمتلك فقط مستوىً معقولًا من الدقة على نحوٍ كافٍ لكي تُثبَت وجوده لا یُثبَت إیجاب بعبارة أخرى، لا أحد یعرف على نحو معقول عما یبحث ص59وقال "رغم أن افتقاد التعریف في كلمة إله یقطع كل الطرق على السندات الاستدلالیة للأدیان، فإنه یساهم في هذا المثال بصنع حفرة لا قاع لها من تحیزات التصدیق لأتباعها ص65 وقال "بالنسبة لمسألة الأدلة الإمبریقیة على وجود إله أو آلهة، فإن أي أحدٍ یبحث عن إلهٍ سیكون له وقت عصیب في محاولة إنجاز المهمة لأن افتقاد تعریفٍ دقیق صارم لا یقدم سبیلًا معقولًا لمعرفة إذا ما ومتى یجد المرء إلهًا نفس المشكلة كانت ستحدث في محاولة استخدام البحث العلمي لتحدید مكان ما فوق الطبیعة، لكن ذلك لأجل حقیقة كون تعریف ما فوق الطبیعي یعمل على تعجیز ومنع المنهج العلمي كوسیلة مفیدة للتحري من البدایة على أیة حال، فإن الإله أو الآلهة لیسوا بدون تعریف على نحو كامل، ولو أن شخصًا یبحث عن إله من خلال البحث الإمبریقي القائم على التجارب والملاحظات، فإن البحث عن وعيٍ لدیه المقدرة على كسر قوانین الطبیعة وفق شروط تجریبیة تحكمیة عقلانیة یبدو كنقطة بدایة مقبولة إن التعدیل أو المساومة بهذه القاعدة الافتراضیة یتجاهل جوانب تعریفیة أساسیة لمفهوم إلهٍ، لكن لو أن الأدیان لا یمكنها إنشاء دلیل یكفي للحد الأدنى، فمن ثم فإنها ستفشل أیضًا في أي اختبار یشمل صفات أخرى وحیث أنه لیس هناك وعي في الطبیعة یمكن أن یشیر المرءُ إلیه على أن له القدرة على انتهاك قانون السببیة في الطبیعة، فلیس هناك دلیل إمبریقيّ كافٍ للبرهنة على الوجود الحقیقي لإلهٍ ص81
هنا يقول الرجل أنه لا يوجد تعريف حقيقى لكلمة الإله حتى يمكن البحث عنها وهو ما يناقض أنه فى أول الكتاب عرفه تعريفا دقيقا بناء على اجماع أهل الأديان فقال :
" تقبل الأغلبیة الكاسحة من المؤمنین الدینیین ثلاثة صفات أساسیة للإله:
الله هو كائن خالد والذي هو كليّ القدرة ومحسن عادة، یُدعَى أن الآلهة كذلك كلیة المعرفة، لكن یصعب وصف امرئ بأنه كلي القدرة إن كانت هناك أشیاء لا یعرفها، مما سیعیق قدرته على أن یكون كلي القدرة بحق بعبارة أخرى، فإن صفة كلیة المعرفة متضمنة بوضوح بصفة كلیة القدرة ولا تحتاج أن یشار إلیها على نحو مستقل ص12
والبحث عن الإله وهو المخترع أمر غريب فالبشر لا يبحثون مثلا عن مخترع الملعقة أو التلفاز ولا الغسالة ولا الثلاجة ولا شىء لأن المهم عندهم هو استخدام الاختراع والاستفادة منه وعندما نبحث عن الخالق الإله فلن نجد سوى اسم كما لو بحث البشر عن مخترع آلة فلن يجدوا سوى اسم
بدلا من البحث عن الخالق أى المخترع فيجب أن نستفيد مما خلق وهو ما يفعله البشر من بداية الخلق وحتى نهايته
لننظر إلى أى اختراع يستعمله البشر فهم يستخدمونه حتى يفسد فإن فسد الاختراع لجئوا إلى كتاب التصنيع أى ما يسمونه الكتالوج حتى يصلحوه والأمر كذلك فى اختراع الله للإنسان فعندما يفسد يتم اللجوء لكتاب الدين الذى وضعه الله لكى يصلحوا الفساد
السؤال لماذا يفرق القوم هنا بين الأمرين فنقبل من البشر ما لا نقبله من الله ؟
بالقطع هنا نحن نستعمل المنطق البشرى والتعبير عن الله هو تعبير تمثيلى للتفهيم
قال كريستوفر :
" بالنسبة لمسألة الأدلة المباشرة التي تقدمها الأدیان إن تأكیداتها ومزاعمها تنشأ من زعم وحي إلهيٍّ من خلال رسول، مما یؤدي عادةً إلى كتابة كتاب مقدس أو مصدر نصي لدینٍ لأجل الأغراض الاستدلالیة، فإن جملة "وحي إلهيّ" هي طریقة خیالیة لقول جملة "شهادة شاهد عیان"، وهناك العدید من الأسباب لكونها مشبوهة مشكوكًا بها في هذا السیاق ص60
يؤكد الرجل أن الوحى الإلهى مزعوم وهي طریقة خیالیة لقول جملة شهادة شاهد عیان وهو كلام خاطىء فلو اعتبرنا الوحى الإلهى كذب فيجب أن نعتبر أحلامنا كلها كذب وبالقطع لا يمكن أن ينكر كريستوفر أو غيره الأحلام فهى أمور تأتى من مصدر مجهول وهى تأتى بأمور عجيبة غالبا
السؤال من ينكر الوحى عليه أن ينكر الأحلام فهى أمور تأتى من مصدر مجهول كما يأتى الوحى عند الرجل وأصحابه من مصدر مجهول فلماذا يكذبون الوحى ولا يكذبون الأحلام فينكرون وجودها؟
قال كريستوفر:
"كم عدد المرات التي شهد الناس فیها ظاهرة إلقاء شيء ورؤیته ینجذب إلى الأرض بفعل عملیة الجاذبیة؟ لماذا لا یُنتهَك هذا القانون أبدًا لأجل معجزة؟ ماذا عن ظاهرة كون الجسد البشري لا یستطیع استخلاص الأوكْسِجِين في الماء، أيْ: أنه لا یقدر أن یتنفس تحت الماء؟ الكثیر من الناس هلكوا نتیجةً لهذه القوانین الطبیعیة یشهدون بالحاجة إلى حدوث مثل تلك المعجزات، إلا أن الإمداد بالمزاعم لا یبدو أنه احتوى أيا منها "ص64
الرجل هنا يتحدث عن المعجزات التى هى انتهاك لقوانين الطبيعة وأن قوانين الطبيعة لا يمكن أن تتغير وما نساه الرجل العلمى هو أن بداية الكون كانت معجزة حيث لم يكن هناك قوانين ثم نشأت القوانين بعد أن لم تكن موجودة فنسيت المعجزة وبقيت القوانين
نسى رجل العلم إيمانه بنظرية التطور حيث تتغير قوانين الطبيعة فبدلا من رجل أو يد أصبحت هناك أجنحة وزعانف مثلا أليس هذا مخالف للقوانين الطبيعية السابقة حسب النظرية ؟
إذا المعجزات حدثت فى بداية الانفجار الكبير وحدثت فى نظرية التطور ومن ثم فلا يحق للرجل أن ينكرها وإلا عليه أن ينكر بداية الانفجار العظيم ونظرية التطور؟
المعجزات ليست انتهاك لقوانين الطبيعة وإنما هى عودة لما حدث فى بداية الخلق حيث أن مادة الخلق الواحدة تحولت لأشكال متنوعة فمثلا معجزة عصا موسى(ص) حولت المادة الصلبة لمخلوق لين ومثلا الناقة حسب الروايات تحولت من مادة صلبة هى الصخرة إلى مادة لينة
قال كريستوفر :
"فیما یتعلق بتقییم أي دلیل مقدَّم لتأیید وجود إله، فإنه لهامٌّ أن نتذكر السؤال الدقیق الذي نحن بصدده: هل یوجد إله حالیا؟ یتضمن تعریف كلمة إله أنه لو كان إلهٌ قد وُجد على الإطلاق، فمن ثم فهو یوجد الآن لأنه خالد، لكن الأدیان لا تحاول أبدًا بالضرورة إثبات شيء كهذا عوضًا عن ذلك فإن المتحدثین باسمها ونصوصها تقوم بمكر بوضع ذلك العنصر كلي الأهمیة ضمن تعلیب مصطلحاتها في محاولة لتمریره وتهریبه من التفحص المنطقي المعتاد ص66
مشكلة تعريف الله هى عند الرجل وليس عند الغير فالتعريف واضح ولكى نريحه نقول للتبسيط أن الله هو مخترع الخلق ولو حاولنا تقريب الأمر فنقول أنه كأى مخترع مر عليه الزمان هو فى دنيانا اسم فمثلا هل يستطيع أن يقيم الأدلة العلمية على وجود مخترع الملعقة أو الصحن الذى نأكل فيه لن يستطيع إثباته وجوده عن طريق الحواس الخمسة ولن يستطيع أن يثبت وجوده فى الماضى بأى طريقة علمية لكن اختراعه الباقى هو الدليل على أنه كان موجودا
قال كريستوفر :
"ولو أن هناك تعریفًا دقیقًا على نحو معقول لمصطلح إلهٍ ودلیلًا مرافقًا على وجوده الحالي، لكان الإلحاد سیكون استنتاجًا غیر مطروق بالفعل الإلحاد لیس الاستنتاج الثابت غیر المتغیر للتفكیر القائم على العقلانیة فیما یتعلق بوجود إله أو آلهة، بل هو الاستنتاج الذي یصل إلیه وفقَ الأدلة الحالیّة ككل الاستنتاجات العملیة، فإن بزوغ دلیل مقنع عند لحظة متأخرة والذي یبرهن على أن استنتاجًا سابقًا كان خطأ سیؤدي إلى تغیرٍ في الموقف ص67
الرجل هنا يعترف أن الإلحاد وهو إنكار الإله ليس استنتاجا ثابتا بل يمكن أن يتغير لصالح إثبات الإله عند وجود الدليل على وجود الإله وهذا يعنى أن الرجل اختار اللأدرية بمعنى أنه متحير لا يعرف هل الإله موجود أم لا وهذا يعيدنا إلى إنكاره ما سماه رهان باسكال فهو هنا لا يكذبه كليا وإنما هو يعمل به بطريقة أخرى
قال كريستوفر:
على أي حال، فإن الجدلیة ٣ هي أفضل اختیار للأدیان لأنها تظل مناسبة للافتراض الدیني الأساسي الخاص بالإیمان، أي أنها تنبذ المعرفة البشریة باعتبارها تافهة وغیر ذات صلة بتأكیدها بزعمها أن الناس لا یمكنهم إدراك أي شيء عن الطبیعة الحقیقیة للعالم أو ما یحدث في الحقیقة، فإن الإیمان یقدم رسالة للناس بأنهم لا ینبغي أن یزعجوا أنفسهم أو یحاولوا بالتأكید، فإن استعمال الإیمان بهذه الطریقة سیطرح الشخص في موقف عجزٍ كامل ومذلٍّ، لكن على الأقل یتوافق ویتحالف منطقيا مع جوهر افتراضَيْ الاعتقاد الدیني ص69
الخطأ هنا أن الرجل يظن أن كل الأديان تنبذ المعرفة البشرية وهو كلام يتناقض مع الإسلام الداعى للمعرفة البشرية كما قال المؤمنون لقارون "ولا تنس نصيبك من الدنيا" وكما قال المؤمنون"وآتنا فى الدنيا حسنة"
الفقرة عن حرب الأديان للمعرفة البشرية مأخوذة من الدين النصرانى
قال كريستوفر:
"كمثالٍ على المشكلة التي تواجهها الأدیان في هذه المسألة، تفكر في حالة طفلٍ رضیعٍ یموت بسبب سوء التغذیة لم یكن لدیه أي وقت في العالم لیشكِّل أفكارا أخلاقیة من أي نوع، ولم یكن لدیه قط القدرة على أن یتصرف بوحشیة اتجاه شخص آخر إنه بريء لا یمكن لومه على شيء باختصارص70
المثال الذى ضربه الرجل يدل على الجهل فهو يظن أن ما ينزل بالبرىء كالطفل الرضيع من ضرر عقاب له وهو لا يدرى أن الأمر ليس له علاقة بالرضيع فالغرض هو اختبار صبر والديه أو القائمين على تربيته كما قال تعالى"ونبلوكم بالشر والخير فتنة" كما أن الرضيع لا يفهم معنى الألم والعقاب لأنه يولد صفحة بيضاء بلا أى علم ومن ثم فإحساسه بالألم ليس موجودا لكونه لا يعلم ماهية الألم والسعادة وغير ذلك وفى هذا قال تعالى " "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
قال كريستوفر:
"لو أن إلهًا صنع الإنسانَ ویعرف كل شيء عنه، فمن ثم أيُّ معلوماتٍ یمكن احتمالًا أن یحصل علیها من وضع الناس خلال اختبار كهذا؟ عند هذه النقطة الحاسمة تستمتع الأدیان بأن تضع على نحوٍ إستِراتیجي مصطلحها ، المرتجَل "الإرادة الحرة"، والذي یُقصَد به أن یُضمَّن معناه أن إلهًا قد تنازل قصديا عن التحكم فیما یفعله الناس لكن بفضل المرونة المعتادة في المعنى التي یتصف بها هذا المصطلح، فإنهم أیضًا یستخدمونه لتضمینه أن إلهًا لا یعلم ما سیُقدِم شخصٌ على فعله لو أن ذلك صحیحٌ، فمن ثم فإنه لیس إلهًا بحكم التعریف، حیث أن افتقاده لكلیة العلم یتضمن ما هو أقل من كلیة القدرة لو أنه لیس كليَّ العلم، فهو لیس كليَّ القدرة، ولو أنه لیس كليَّ القدرة فلماذا ننشغل بالصلاة والتعبد إلیه ص71
الرجل يصنع مشكلة من غير مشكلة فهو يستغرب علم الله المسبق بأن فلان وعلان سيطيعونه وعلان وفلان سيكفرون به ومع هذا يضعهم فى الاختبار وقبل أن يصنع الرجل مشكلته هنا كان عليه أن يتساءل هل يجوز أن يعاقب المرء على الفعل قبل أن يفعله أو يثاب على الفعل قبل ان يفعله؟
فى كل دول العالم الملحدة وغير الملحدة لا يجوز عقاب أحد على جريمة لم تحدث بعد
والسؤال كيف يطلب الرجل من الله أن يعاقب أو يثيب على شىء لم يقع كما يريد الرجل؟
تلك هى المسألة العدل فإن فعل الله ما يقوله كريستوفر سيكون ظالما ساعتها وسيقول ذلك كريستوفر وغيره على إله يعاقب على جريمة لم تقع ويثيب على حسنة لم تحدث
قال كريستوفر:
"هناك مشكلتان في هذا الجزء من الاعتقاد الدیني فلو أن إلهًا خلق الإنسان وعدالته الأبدیة تنتظر مخلوقاته البشریة لتقییم مقدار أخلاقهم، فلماذا یكون الناس مسئولین عن العیوب التي وضعها إلهٌ في شخصیاتهم وسماتهم؟ ثانیًا، ما هي العدالة بالضبط في مجازاة الجرائم المحدودة للإنسان بعقوبات لا نهائیة أبدیة فیما بعد الحیاة؟ص71وكرر الرجل نفس المعنى فقال :
"إن المعنى الضمني لذلك المفهوم لا یمكنه حمایة إله مزعومٍ من اللوم على معرفته بالضبط ما سیقدم الأشخاص على فعله خلال حیواتهم على أیة حال خشیة مماثلة ذات علاقة هي في السؤال عما إذا یمكن أن یُلام إلهٌ لأجل الأخطاء التي یرتكبها الناس فلو أنه منطق یحتفظ ولیده كل صفاته المفترَضة الأساسیة، فإن الإجابة هي بوضوح نعم، وبما أن إلهًا مفترَضًا لا یمكنه إنكار مسؤولیته الكلیة عن طبیعة وأفعال أي شخص محدَّد، فأيُّ نوعٍ من العدل هو أن یُكافَأ أو یعاقَب ذلك الشخص لأجل طبیعته وأفعاله إلى كل الأبدیة أبد الآبدین؟ لو أن لإلهٍ وجودٌ، فإن الشخص هو ما صنعه إلهٌ لیكونه لا توجد كمیة إرادة حرة كافیة في العالم لإضعاف تلك العلاقة السببیة والارتباط المفترَض على نحوٍ كافٍ بحیث تضْمَن نوع العدالة الأبدیة اللانهائیة التي تدعیها الأدیان یمكن للمرء أن یتنازل للأدیان عن كل الزیادة غیر الضروریة لحریة الإرادة في العالم مقابل جعل الإله أو الآلهة یوقفون معاناة الإنسان، لكن ذلك یظل رغم ذلك لا یحمیه أو یحمیهم من الانزعاج المنطقي لكونه خلق الإنسان بحیث یكون قادرا على الوحشیة والعدوان من البدایةص72وقال " أما عن السؤال الثاني، وهو ما العدل في معاقبة أو مكافأة الناس لأجل التصرفات التي قاموا بها خلال حیواتهم المحدودة عندما تكون فترات تلك الأحكام أبدیة؟ أین التناسب بین الجریمة والعقاب في نظامٍ مثلَ هذا؟ فقط حسٌّ ضالٌّ عن العدالة سیثني على فضائل مثل هذا النهج للأحكام، وهو یصیر كریهًا على نحوٍ خاص عندما یضاف إلیه النقاش السابق أعلاه فیما یتعلق بمسؤولیة الإله أو الآلهة عن سلوكیات الناس بعبارة أخرى، فإن نظام العدل الأبدي الخاص بالاعتقاد الدیني هو كابوس حقیقي، ممتلئ بإساءة غیر مناسبة خاصة بألوهیة مزعومة إن العزاء الذي یوجد في مفاهیمه هو أن رعبه مرتبط مباشرة بمخالفته للعقل ص72
الخطأ الأول هو عقاب الناس عن العیوب التي وضعها إلهٌ في شخصیاتهم وهو فهم خاطىء للمسألة فالله لم يضع فيهم عيوبا وإنما أعطاهم الحرية فى فعل الخير وفعل الشر كما قال "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
الخطأ الثانى مجازاة الجرائم المحدودة للإنسان بعقوبات لا نهائیة أبدیة فیما بعد الحیاة وهو كلام يدل على فهم خاطىء للمسألة فالعقد بين الله والناس كأى عقد بين الناس فالعقد شريعة المتعاقدين ومن ثم فما يقرره المتعاقدون عليهم أن يلتزموا به
ونجد الرجل ينظر للمسالة من زاوية واحدة وهى العقاب ولا ينظر من زاوية الثواب وهى ثوابات لا نهائية على أفعال محدودة فلماذا ينتقد العقاب ولا ينتقد الثواب ؟
إذا المسألة عادلة ولكن الرجل يراها من جانب واحد وليس من الجانبين حيث العدل التام
كما أن الرجل لا يعرف كم الفرص التى يعطيها الله لكل لإنسان لا يعرف كم النعم التى يعطيها لهم ........ومن ثم فالجاهل بما يحدث لكل واحد من الفرص والنعم عليه ألا يتكلم لأن كلامه يكون بناء عن جهل وليس بناء على علم علمه وليس العمر مقياسا لكم الفرص والنعم فالله لأنه عادل فلابد أنه أعطى كما عادلا للكل من الفرص والنعم بناء على قوله تعالى " وأن الله ليس بظلام للعبيد"
كما أن هناك قواعد عادلة وضعها الله حتى لا يظلم أحد فمثلا لا يعاقب أحد إلا بناء على وصول الرسول والمراد وصول رسالة الله واضحة للفرد كما قال "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" ومثلا الأطفال ليسوا بمحاسبين لكونهم غير عقلاء فهم سفهاء ووضع أمور كثيرة لتكون العدالة تامة ليس فيها مثقال ذرة من ظلم