رضا البطاوى
16-09-2019, 08:31 AM
نقد مقال الوصايا العشر في الحوار
هذا المقال موجود فى العديد المنتديات وقد تعذر على الوصول لمؤلفه الحقيقى وهو يبدأ بالحكاية التالية:
"جلست يوما إلى شخص عرفت .. كان هاويا للنقاش محبا للجدال . . وما أكثر ما كان يتكلم وما اقل ما كان يصمت .. لم يدع جدالا يهمه إلا ودخله ولا رأيا يخنقه إلا وباح به .. كسب في ذلك ما كسب وخسر في ذلك ما خسر .. وفي أحدى لحظات هدوءه القليلة "
القاص طلب من المجادل أن يعلمه فن الحوار وسوف نتناول هنا نقطة نقطة لنتبين الحق من الباطل فيما قاله المجادل :
"سألته يا سيدي .. يا من صناعتك الكلام .. علمني الكلام وفن الحوار .. التفت لي بتثاقل و تمتم بكلمات حفظتها من فوري عن ظهر قلب .. وهاأنذا أنقلها إليكم بقليل من التبديل و بأقل ما يكون من التحريف .. قال لي يابني .. إن عزمت على الكلام فأنظر من تكلم .. إن كلمت سفيها فأنت مثله .. وإن جادلت وضيعا فهو لك ند .. فاختر لنفسك في جدالك من تحب أن تكون أنت وهو سواء"
النصيحة الأولى جدال المتساوين وليس السفهاء أو الوضيعون وهى نصيحة خاطئة فالجدال يكون مع الكل شرط أن يكون بالحسنى كما قال تعالى :
"وجادلهم بالتى هى أحسن"
وأما النصيحة الثانية فهى:
" يا بني أني لن أحاور من أثق في جهله .. فحتى وإن كان عالما بما سأناقشه فيه فلن يتمكن من إقناعي أو اخراجي عن خطأي في ما إذا كنت خاطئ لأني من البداية أعلم أني لن آخذ عنه فهو على زعمي .. لا يعلم "
النصيحة عدم جدال الجهلاء بزعم أنهم لم يفيدوه بشىء وهو ظن خاطىء قد تجىء قولة حق على لسان أحدهم كما قيل خذوا الحكمة من أفواه المجانين
كما أن جدالهم يكون لتعليمهم الصواب كما قال تعالى فى المعلم:
"وعلمهم الكتاب والحكمة" فليس الغرض من الجدال الانتصار فيه وإنما الغرض منه بالنسبة للعالم تعليم الغير
وأما النصيحة التالية فهى:
"حين أحاور فأني لن أحاور شخصا في مزاج غير جيد مثلما لن أحاور شخصا حين يكون مزاجي كذلك .. "
هذا كلام صحيح فلابد أن المتحاروين فى مزاج جيد لعدم الغضب ولعدم تأثير المرض أو المشاكل على أى منهم
والنصيحة التالية هى اختيارالوقت والمكان المناسبين للحوار بالقول:
"ومن البديهي أيضا أني لن اختار غير الوقت والمكان المناسبين للحوار"
وهى نصيحة لا يمكن تنفيذها لأن الحوار قد يحدث فى أى وقت وأى مكان ولا يمكن أن يسيطر الإنسان على نفسه إلى درجة عدم الحديث مع أحد يحدثه لأن هذا يعتبر إساءة والاختيار يكون فى أحيان قليلة
وأما النصيحة التالية فهى :
" هل قلت أني لن اختار الموضوع المناسب أيضا؟ لابد من دقة الاختيار إن كنت أريد الخروج بشئ من هذا الحوار "
النصيحة وهى اختيار الموضوع المناسب للحوار نصيحة لا تفيد الموضوعات تفرض نفسها فى كثير من الأحيان ولا يستطيع أى إنسان السيطرة على نفسه تماما لدرجة أن يحدد موضوعات الحوار إلا أن يكون هذا فى مؤسسة تعليمية أو تابعة المؤسسة فى الدولة
والنصيحة فى فسدة الرأى هى :
" لن أحاور من اعلم عنه يقينا فساد الرأي والفكر .. فإنه إن لم يفسدني بفساده فهو على أقل تقدير لا يريد لي الفائدة .. فإن كنت املك الكثير من الوقت والجهد والأعصاب .. وأردت إنفاق كل ذلك جدال لا فائدة منه"
هذه النصيحة توافق قوله تعالى :
"الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله"
فمن علم الإنسان أنه لن بغير رأيه عليه لا يبلغه كلام الله أكثر من عدة مرات حتى يوفر الوقت والجهد لمن يريد التعلم فعلا
النصيحة التالية عدم الاشتراك فى الحوار يكسب الجدال زخما وهو قوله:
"فلا أسهل من اختيار احدهم ولأبدأ معه النقاش . يقول أحد مفكرين الغرب ((ديل كارينج)) .. أفضل وسيلة لتكسب جدلا ما .. أن لا تشترك فيه .. "
وهو كلام متناقض فكيف يكسب الإنسان الجدال وهو لا يشارك فيه؟
والنصيحة التالية أن المحاور عليه أن يضع نفسه مكان المحاور الأخر حتى يعرف كيف يرد عليه وهو قوله:
"ماذا إن قررت الاشتراك في حوار ما ؟ سأضع نفسي دائما موضع من أناقشه .. وسأعرض عليها كل ما أريد قوله أولا .. ولا أسألها .. إن قيل لي مثل هذا ترى ما هو الرد المناسب .. وعليه فلن أضع في نقاشي من الكلمات والعبارات ما أكره أن يوجه لي كما أني لن اتجه بالحوار إلى منحى لا أحب أن أؤخذ إليه ."
وهى وجهة نظر صحيحة فلابد أن يدرس الإنسان الأخر وكلامه حتى يقدر على الرد عليه ولعل قصة موسى(ص) والعبد الصالح(ص) خير دليل على ذلك فموسى (ص) باعتراضاته لم يدرس العبد لصالح(ص)
النصيحة التالية الحذر فى الجدال العقائدى وهى قوله:
إن كان النقاش يدور حول مسألة عقائدية فينبغي أن أكون في أشد حالات الحذر فلا شئ يحول الإنسان من الوداعة إلى حالة الافتراس أكثر من اللغو في العقائد ... وإن خرج محدثي عن طوره فعلي أن التمس له العذر فقد علمت منذ البداية حساسية ما أناقش فيه . "
بداية لا يوجد حوار غير عقائدى فكل الأمور داخلة فى الدين كما قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وأما الحذر فمطلوب فى كل قول وعمل فى الإسلام حتى لا يخالفه
وأما النصيحة التالية فهى:
"وكما علي الحذر في الخوض في العقائد علي أيضا الحذر المشابه حين أخوض في مثل أعلى .. تستطيع أن تمازح شخصا فتسبه وقد يتقبل منك ذلك ولكن جرب أن تمزح بأحد من والديه وانظر النتيجة .. فإن عزمت الحوار ،، إياك والمساس بالمثل العليا .. يمكنك الالتفاف حولها إن استطعت ولكن لا تحاول الاقتراب أكثر من ذلك إن أردت أن تكسب من محدثك أعصابا هادئة في النقاش "
هذه النصيحة توافق قوله تعالى :
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم"
فالخوض فى الأشخاص المعظمة عند كل قوم يجب أن يكون بالبراهين وليس بالشتم لأنه سيؤدى لسب الله تعالى
وأما النصيحة بعدها فهى:
"وليس فساد معتقد محدثك بكافي ليخرجك ذلك عن اللين في الخطاب . . فبرغم أن عقائد العرب في الجاهلية كانت من أفسد العقائد حتى ليرسل الله نبيا ليصححها فإننا نجد هذا النبي عليه السلام يتبع أسلوب اللطف واللين في دعوته بل ويأمره الله تعالى بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كتأكيد لنا على ما ينبغي علينا إتباعه "
هذه النصيحة وهى استعمال الكلام اللين طلبها الله من موسى(ص) وهارون (ص) فقال "اذهب أنت وأخوك بآياتى ولا تنيا فى ذكرى اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"
والنصيحة التى تليها هى :
" قد يصل الحوار إلى نقطة ينفجر عندها أحد المتحاورين لأي سبب .. منطقي كان أو غير منطقي .. كيف أتصرف ؟ هل أرد ؟ قيل قديما أن الكلمة تولد عقيما فإن أنت رددتها ألقحتها ... أن أردت أن تستمتع بشجار حاد وكان بك القدرة على تحمل أي إصابات محتملة .. فليس مطلوب منك إلا الرد على الإساءة بمثلها وسيتكفل محاورك بالباقي "
فالمطلوب عدم الرد بالسوء على انفجار المحاور الأخر بالسوء بسبب عجزه عن الرد وهو تطيق لقوله تعالى :
"وجادلهم بالتى هى أحسن "
والتى هى احسن هى الموعظة الحسنة وأما النصيحة التالية فهى:
" لن أفكر أن انتصر في جدال ما لمجرد الانتصار .. فتفوقك على محاورك بالضربة القاضية لا يعني بالضرورة أنك المُحق .. ألم يقال أن أحمق واحد يسأل سؤالا قد يعجز عشرة من العلماء عن إجابته؟ ومن ذا يكسب عشرة من المجادلين في كلمة واحدة إن لم يكن "
النصيحة هنا أن الغرض من الجدل ليس الانتصار فالغرض منه فى الإسلام هو تعليم الأخر الحق من الباطل وأما النصيحة التى بعدها فهى التسليم بالعجز عند العجز عن الرد على المحاور ومن ثم التسليم له بأنه على الحق وهى قوله:
" حين ادخل حوارا سأضع تصوراتي ومفاهيمي وقناعاتي الخاصة على المحك .. وسأقابلها بما يعرض علي ولكني قبلا لن أفعل ذلك قبل أن أسلحها بمبادئي وعقيدتي وتفكيري أيضا .. ولأدخل النقاش .. فإن عرضت علي مفاهيم جديدة أو تصورات من الطرف الآخر واستطاعت أن تعبر من حاجز أسلحتي فلماذا لا آخذ بها فهي حتما الأصوب على الأقل في مقابل ما كنت اعتقده والذي لم يصمد أمامها .. كما أريد الآخر أن يتقبل رأيي علي أن أهئ نفسي لتقبل رأيه إن بدا لي أنه الأصوب "
وهى نصيحة سليمة فواجب المحاور هو التسليم أن الأخر على الحق عند العجز على الرد عليه فليس المطلوب العناد لمجرد العناد هذا ديدن الكافر
والنصيحة التى تليها هى عدم تشعيب الحوار وهى قوله:
"أريد أن أخرج بحوار هادف.. فلن التف حول محدثي ولن أشعب حواري .. ولن انتقل إلى نقطة ما إلى التي تليها قبل أن أكون واثقا من أني لست بحاجة إلى العودة إليها مجددا .. أما إن شعرت بهزيمتي في حوار ما وأردت الإفلات من الموقف فليس أسهل من تشعيب الموضوع وطرح نقاط هامشية للبعد عن هدف الحوار الأصلي .. ولكن للأسف لم يعد هنالك من لا يحفظ هذه الخدعة عن ظهر قلب .. إذا لنتفق .. إن شعبت الحوار لا تقلق أنا لا أجد ما أقول .. هل تحب أن يظن بك قول هذا ؟"
هنا الرجل يقول أن الحوار يجب ألا ينتقال من نقطة حتى يتم الانتهاء منها ثم الانتقال لنقطة أخرى وأما تشعيب الحوار ويعنى به لدخول فى موضوعات أى نقاط جديدة خارجة عن الموضوع فهو دليل هزيمة المشعب لأنه يريد الهرب لنقط يستطيع الانتصار فيها
النصيحة التى بعدها أن الحوار مع أشخاص مختلفين يجب أن يكون الخطاب فيه متنوع وليس نظاما واحدا نظرا لاختلاف الأفهام وهو قوله:
"لا يعني أني اشتركت في نقاش مع شخص ما انه مسموح لي بتجاوز حدودي مع هذا الشخص .. فحين اكلم والدي سيختلف ذلك عن كلامي مع أخي وسيختلف حين أتحدث مع ابني وإن كنا نتناقش في ذات الموضوع "
والنصيحة التى تليها هى احترام المحاور الأخر مهما كان وهو قوله:
"فمهما كان الداعي لن أفقد أعصابي حين احدث شخصا له مكانته ولو كان مخطئا وسأعمل دائما على انتقاء كلماتي بعناية حين أخاطبه فمهما حدث سيظل للكبير احترامه .. سواء كان كبيرا بسنه أو بعلمه أو بمركزه .. وكما للكبير احترامه فللمجلس الذي يجمعني بهذا الكبير هو الآخر احترامه .. فما سأقوله أمام أناس عاديين ليس بالضرورة أن يكون هو ذاته ما أقوله في حضرة شخص له مكانته .. وأيا كان فاحترامك لغيرك هو احترامك لنفسك .. لن أقول لشخص ما علانية أمر يسيئه حتى لو اعتدت أن أكلمه كذلك سرا .. قد تقبل مني أمرا بيني وبينك ولكن هذا لا يقتضي أن تتقبله مني أمام الناس .. إن أردت أن أكون مقبولا على كل وجه علي أن افرق بين ما أعد ليكون أمام الجميع وما هو خاص بالخاص "
وهو كلام صحيح مطلوب من أى محاور فعله إن كان يبتغى الحقيقة والنصائح التالية هى الأخرى وهى عدم مقاطعة المحاور صحيحة:
" بديهي أني لن أقاطع غيري حين يتحدث "
وعدم فرض الرأى فى قوله:
"وأني لن أفرض رأيي عليه أيضا "
وعدم الدخول فى حوار بين اثنين لم يطلبا من السامع التدخل فى قوله:
"وكما أني لن ادخل بين اثنين يتحدثان إن لم يشركاني في حديثهما إن لم يكن على مسمع من الكل منذ البداية "
وأيضا عدم ذكر أحد بسوء فى غيابه وعدم السباب وعدم الكلام الضار وعدم تشجيع الغير على المحرم قوله فى قوله:
"فإني أيضا لن أحدث أحدا بغيبة عن آخر ولن اجعل حديثي ملوثا بسباب أو مصابا بالخارج من الكلمات ولن أتكلم بغير المفيد فضلا عن أن يكون ضارا .. ولن أشجع غيري على ما ينبغي لي تركه"
وأيضا عدم الموفقة على باطل فى قوله:
"ولن احيي مجلسا بحضوري وأنا اعلم انه للهو أو الخوض في باطل سأنفض عنه وأحث غيري على ذلك "
وكرر نصيحة سابقة وهى عدم السب فقال :
"ولن أسب أحدا أو اكذبه .."
وعدم الكلام عند عدم استماع أحد واجب فى قوله:
" ولن أتكلم إن كنت اعلم أن لا أحد يصغي .. "
وعدم قول السر فى قوله :
"ولن أقول سرا ما أخشى افتضاحه علانية"
وهى نصيحة غير مفهومة فالحوار علنى وليس فيه سرية
وكرر نصيحة سابقة وهى عدم الحوار بسبب عدم الاستفادة فى قوله :
"إن علمت أني لن أخرج من نقاشي أو حواري بأمر جديد علي"
وكررها أيضا فى النصيحة قبل الأخيرة التى نقلتها من مكانها هنا :
"ولو لم يزدني حواري خبرة أو يلفت نظري إلى شاردة أو لم يذكرني بأمر نسيته .. أو يبصرني بشئ أظنني بحاجة إليه .. ولن أديم به ودا أو أصل به رحما .. فلا حاجة لي بهذا الحوار"
وقد قلنا أنها نصيحة خاطئة فالفائدة كما قلنا قد تأتى من جاهل أو غير عالم وفوق كل ذى علم عليم
والنصيحة التالية خاطئة فى قوله:
" ولن أصحح لغيري مفهوم أرى انه ينبغي له التصحيح .. أو لم أسعى لتثبيت فكرة لدي خشيت أنها بحاجة إلى إيضاح .."
فتصحيح الأمر واجب من باب الأمر بالمعروف والجملة الأخيرة عن عدم الإيضاح والتثبيت خاطئة إن كان المراد بها ترك الغامض غامض
والنصيحة الأخيرة وهى الاستغفار عند انتهاء المحاورة مطلوبة وهى قوله:
" فإن كنت في مجلس فقبل أن أقوم منه سأتذكر أن اردد كفارته .. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "
والملاحظ أن قواعد الحوار هنا تخطت فيما يبدو العشرين وهى ما يخالف العنوان الذى يقول أنها عشر قواعد
هذا المقال موجود فى العديد المنتديات وقد تعذر على الوصول لمؤلفه الحقيقى وهو يبدأ بالحكاية التالية:
"جلست يوما إلى شخص عرفت .. كان هاويا للنقاش محبا للجدال . . وما أكثر ما كان يتكلم وما اقل ما كان يصمت .. لم يدع جدالا يهمه إلا ودخله ولا رأيا يخنقه إلا وباح به .. كسب في ذلك ما كسب وخسر في ذلك ما خسر .. وفي أحدى لحظات هدوءه القليلة "
القاص طلب من المجادل أن يعلمه فن الحوار وسوف نتناول هنا نقطة نقطة لنتبين الحق من الباطل فيما قاله المجادل :
"سألته يا سيدي .. يا من صناعتك الكلام .. علمني الكلام وفن الحوار .. التفت لي بتثاقل و تمتم بكلمات حفظتها من فوري عن ظهر قلب .. وهاأنذا أنقلها إليكم بقليل من التبديل و بأقل ما يكون من التحريف .. قال لي يابني .. إن عزمت على الكلام فأنظر من تكلم .. إن كلمت سفيها فأنت مثله .. وإن جادلت وضيعا فهو لك ند .. فاختر لنفسك في جدالك من تحب أن تكون أنت وهو سواء"
النصيحة الأولى جدال المتساوين وليس السفهاء أو الوضيعون وهى نصيحة خاطئة فالجدال يكون مع الكل شرط أن يكون بالحسنى كما قال تعالى :
"وجادلهم بالتى هى أحسن"
وأما النصيحة الثانية فهى:
" يا بني أني لن أحاور من أثق في جهله .. فحتى وإن كان عالما بما سأناقشه فيه فلن يتمكن من إقناعي أو اخراجي عن خطأي في ما إذا كنت خاطئ لأني من البداية أعلم أني لن آخذ عنه فهو على زعمي .. لا يعلم "
النصيحة عدم جدال الجهلاء بزعم أنهم لم يفيدوه بشىء وهو ظن خاطىء قد تجىء قولة حق على لسان أحدهم كما قيل خذوا الحكمة من أفواه المجانين
كما أن جدالهم يكون لتعليمهم الصواب كما قال تعالى فى المعلم:
"وعلمهم الكتاب والحكمة" فليس الغرض من الجدال الانتصار فيه وإنما الغرض منه بالنسبة للعالم تعليم الغير
وأما النصيحة التالية فهى:
"حين أحاور فأني لن أحاور شخصا في مزاج غير جيد مثلما لن أحاور شخصا حين يكون مزاجي كذلك .. "
هذا كلام صحيح فلابد أن المتحاروين فى مزاج جيد لعدم الغضب ولعدم تأثير المرض أو المشاكل على أى منهم
والنصيحة التالية هى اختيارالوقت والمكان المناسبين للحوار بالقول:
"ومن البديهي أيضا أني لن اختار غير الوقت والمكان المناسبين للحوار"
وهى نصيحة لا يمكن تنفيذها لأن الحوار قد يحدث فى أى وقت وأى مكان ولا يمكن أن يسيطر الإنسان على نفسه إلى درجة عدم الحديث مع أحد يحدثه لأن هذا يعتبر إساءة والاختيار يكون فى أحيان قليلة
وأما النصيحة التالية فهى :
" هل قلت أني لن اختار الموضوع المناسب أيضا؟ لابد من دقة الاختيار إن كنت أريد الخروج بشئ من هذا الحوار "
النصيحة وهى اختيار الموضوع المناسب للحوار نصيحة لا تفيد الموضوعات تفرض نفسها فى كثير من الأحيان ولا يستطيع أى إنسان السيطرة على نفسه تماما لدرجة أن يحدد موضوعات الحوار إلا أن يكون هذا فى مؤسسة تعليمية أو تابعة المؤسسة فى الدولة
والنصيحة فى فسدة الرأى هى :
" لن أحاور من اعلم عنه يقينا فساد الرأي والفكر .. فإنه إن لم يفسدني بفساده فهو على أقل تقدير لا يريد لي الفائدة .. فإن كنت املك الكثير من الوقت والجهد والأعصاب .. وأردت إنفاق كل ذلك جدال لا فائدة منه"
هذه النصيحة توافق قوله تعالى :
"الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله"
فمن علم الإنسان أنه لن بغير رأيه عليه لا يبلغه كلام الله أكثر من عدة مرات حتى يوفر الوقت والجهد لمن يريد التعلم فعلا
النصيحة التالية عدم الاشتراك فى الحوار يكسب الجدال زخما وهو قوله:
"فلا أسهل من اختيار احدهم ولأبدأ معه النقاش . يقول أحد مفكرين الغرب ((ديل كارينج)) .. أفضل وسيلة لتكسب جدلا ما .. أن لا تشترك فيه .. "
وهو كلام متناقض فكيف يكسب الإنسان الجدال وهو لا يشارك فيه؟
والنصيحة التالية أن المحاور عليه أن يضع نفسه مكان المحاور الأخر حتى يعرف كيف يرد عليه وهو قوله:
"ماذا إن قررت الاشتراك في حوار ما ؟ سأضع نفسي دائما موضع من أناقشه .. وسأعرض عليها كل ما أريد قوله أولا .. ولا أسألها .. إن قيل لي مثل هذا ترى ما هو الرد المناسب .. وعليه فلن أضع في نقاشي من الكلمات والعبارات ما أكره أن يوجه لي كما أني لن اتجه بالحوار إلى منحى لا أحب أن أؤخذ إليه ."
وهى وجهة نظر صحيحة فلابد أن يدرس الإنسان الأخر وكلامه حتى يقدر على الرد عليه ولعل قصة موسى(ص) والعبد الصالح(ص) خير دليل على ذلك فموسى (ص) باعتراضاته لم يدرس العبد لصالح(ص)
النصيحة التالية الحذر فى الجدال العقائدى وهى قوله:
إن كان النقاش يدور حول مسألة عقائدية فينبغي أن أكون في أشد حالات الحذر فلا شئ يحول الإنسان من الوداعة إلى حالة الافتراس أكثر من اللغو في العقائد ... وإن خرج محدثي عن طوره فعلي أن التمس له العذر فقد علمت منذ البداية حساسية ما أناقش فيه . "
بداية لا يوجد حوار غير عقائدى فكل الأمور داخلة فى الدين كما قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وأما الحذر فمطلوب فى كل قول وعمل فى الإسلام حتى لا يخالفه
وأما النصيحة التالية فهى:
"وكما علي الحذر في الخوض في العقائد علي أيضا الحذر المشابه حين أخوض في مثل أعلى .. تستطيع أن تمازح شخصا فتسبه وقد يتقبل منك ذلك ولكن جرب أن تمزح بأحد من والديه وانظر النتيجة .. فإن عزمت الحوار ،، إياك والمساس بالمثل العليا .. يمكنك الالتفاف حولها إن استطعت ولكن لا تحاول الاقتراب أكثر من ذلك إن أردت أن تكسب من محدثك أعصابا هادئة في النقاش "
هذه النصيحة توافق قوله تعالى :
"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم"
فالخوض فى الأشخاص المعظمة عند كل قوم يجب أن يكون بالبراهين وليس بالشتم لأنه سيؤدى لسب الله تعالى
وأما النصيحة بعدها فهى:
"وليس فساد معتقد محدثك بكافي ليخرجك ذلك عن اللين في الخطاب . . فبرغم أن عقائد العرب في الجاهلية كانت من أفسد العقائد حتى ليرسل الله نبيا ليصححها فإننا نجد هذا النبي عليه السلام يتبع أسلوب اللطف واللين في دعوته بل ويأمره الله تعالى بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كتأكيد لنا على ما ينبغي علينا إتباعه "
هذه النصيحة وهى استعمال الكلام اللين طلبها الله من موسى(ص) وهارون (ص) فقال "اذهب أنت وأخوك بآياتى ولا تنيا فى ذكرى اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"
والنصيحة التى تليها هى :
" قد يصل الحوار إلى نقطة ينفجر عندها أحد المتحاورين لأي سبب .. منطقي كان أو غير منطقي .. كيف أتصرف ؟ هل أرد ؟ قيل قديما أن الكلمة تولد عقيما فإن أنت رددتها ألقحتها ... أن أردت أن تستمتع بشجار حاد وكان بك القدرة على تحمل أي إصابات محتملة .. فليس مطلوب منك إلا الرد على الإساءة بمثلها وسيتكفل محاورك بالباقي "
فالمطلوب عدم الرد بالسوء على انفجار المحاور الأخر بالسوء بسبب عجزه عن الرد وهو تطيق لقوله تعالى :
"وجادلهم بالتى هى أحسن "
والتى هى احسن هى الموعظة الحسنة وأما النصيحة التالية فهى:
" لن أفكر أن انتصر في جدال ما لمجرد الانتصار .. فتفوقك على محاورك بالضربة القاضية لا يعني بالضرورة أنك المُحق .. ألم يقال أن أحمق واحد يسأل سؤالا قد يعجز عشرة من العلماء عن إجابته؟ ومن ذا يكسب عشرة من المجادلين في كلمة واحدة إن لم يكن "
النصيحة هنا أن الغرض من الجدل ليس الانتصار فالغرض منه فى الإسلام هو تعليم الأخر الحق من الباطل وأما النصيحة التى بعدها فهى التسليم بالعجز عند العجز عن الرد على المحاور ومن ثم التسليم له بأنه على الحق وهى قوله:
" حين ادخل حوارا سأضع تصوراتي ومفاهيمي وقناعاتي الخاصة على المحك .. وسأقابلها بما يعرض علي ولكني قبلا لن أفعل ذلك قبل أن أسلحها بمبادئي وعقيدتي وتفكيري أيضا .. ولأدخل النقاش .. فإن عرضت علي مفاهيم جديدة أو تصورات من الطرف الآخر واستطاعت أن تعبر من حاجز أسلحتي فلماذا لا آخذ بها فهي حتما الأصوب على الأقل في مقابل ما كنت اعتقده والذي لم يصمد أمامها .. كما أريد الآخر أن يتقبل رأيي علي أن أهئ نفسي لتقبل رأيه إن بدا لي أنه الأصوب "
وهى نصيحة سليمة فواجب المحاور هو التسليم أن الأخر على الحق عند العجز على الرد عليه فليس المطلوب العناد لمجرد العناد هذا ديدن الكافر
والنصيحة التى تليها هى عدم تشعيب الحوار وهى قوله:
"أريد أن أخرج بحوار هادف.. فلن التف حول محدثي ولن أشعب حواري .. ولن انتقل إلى نقطة ما إلى التي تليها قبل أن أكون واثقا من أني لست بحاجة إلى العودة إليها مجددا .. أما إن شعرت بهزيمتي في حوار ما وأردت الإفلات من الموقف فليس أسهل من تشعيب الموضوع وطرح نقاط هامشية للبعد عن هدف الحوار الأصلي .. ولكن للأسف لم يعد هنالك من لا يحفظ هذه الخدعة عن ظهر قلب .. إذا لنتفق .. إن شعبت الحوار لا تقلق أنا لا أجد ما أقول .. هل تحب أن يظن بك قول هذا ؟"
هنا الرجل يقول أن الحوار يجب ألا ينتقال من نقطة حتى يتم الانتهاء منها ثم الانتقال لنقطة أخرى وأما تشعيب الحوار ويعنى به لدخول فى موضوعات أى نقاط جديدة خارجة عن الموضوع فهو دليل هزيمة المشعب لأنه يريد الهرب لنقط يستطيع الانتصار فيها
النصيحة التى بعدها أن الحوار مع أشخاص مختلفين يجب أن يكون الخطاب فيه متنوع وليس نظاما واحدا نظرا لاختلاف الأفهام وهو قوله:
"لا يعني أني اشتركت في نقاش مع شخص ما انه مسموح لي بتجاوز حدودي مع هذا الشخص .. فحين اكلم والدي سيختلف ذلك عن كلامي مع أخي وسيختلف حين أتحدث مع ابني وإن كنا نتناقش في ذات الموضوع "
والنصيحة التى تليها هى احترام المحاور الأخر مهما كان وهو قوله:
"فمهما كان الداعي لن أفقد أعصابي حين احدث شخصا له مكانته ولو كان مخطئا وسأعمل دائما على انتقاء كلماتي بعناية حين أخاطبه فمهما حدث سيظل للكبير احترامه .. سواء كان كبيرا بسنه أو بعلمه أو بمركزه .. وكما للكبير احترامه فللمجلس الذي يجمعني بهذا الكبير هو الآخر احترامه .. فما سأقوله أمام أناس عاديين ليس بالضرورة أن يكون هو ذاته ما أقوله في حضرة شخص له مكانته .. وأيا كان فاحترامك لغيرك هو احترامك لنفسك .. لن أقول لشخص ما علانية أمر يسيئه حتى لو اعتدت أن أكلمه كذلك سرا .. قد تقبل مني أمرا بيني وبينك ولكن هذا لا يقتضي أن تتقبله مني أمام الناس .. إن أردت أن أكون مقبولا على كل وجه علي أن افرق بين ما أعد ليكون أمام الجميع وما هو خاص بالخاص "
وهو كلام صحيح مطلوب من أى محاور فعله إن كان يبتغى الحقيقة والنصائح التالية هى الأخرى وهى عدم مقاطعة المحاور صحيحة:
" بديهي أني لن أقاطع غيري حين يتحدث "
وعدم فرض الرأى فى قوله:
"وأني لن أفرض رأيي عليه أيضا "
وعدم الدخول فى حوار بين اثنين لم يطلبا من السامع التدخل فى قوله:
"وكما أني لن ادخل بين اثنين يتحدثان إن لم يشركاني في حديثهما إن لم يكن على مسمع من الكل منذ البداية "
وأيضا عدم ذكر أحد بسوء فى غيابه وعدم السباب وعدم الكلام الضار وعدم تشجيع الغير على المحرم قوله فى قوله:
"فإني أيضا لن أحدث أحدا بغيبة عن آخر ولن اجعل حديثي ملوثا بسباب أو مصابا بالخارج من الكلمات ولن أتكلم بغير المفيد فضلا عن أن يكون ضارا .. ولن أشجع غيري على ما ينبغي لي تركه"
وأيضا عدم الموفقة على باطل فى قوله:
"ولن احيي مجلسا بحضوري وأنا اعلم انه للهو أو الخوض في باطل سأنفض عنه وأحث غيري على ذلك "
وكرر نصيحة سابقة وهى عدم السب فقال :
"ولن أسب أحدا أو اكذبه .."
وعدم الكلام عند عدم استماع أحد واجب فى قوله:
" ولن أتكلم إن كنت اعلم أن لا أحد يصغي .. "
وعدم قول السر فى قوله :
"ولن أقول سرا ما أخشى افتضاحه علانية"
وهى نصيحة غير مفهومة فالحوار علنى وليس فيه سرية
وكرر نصيحة سابقة وهى عدم الحوار بسبب عدم الاستفادة فى قوله :
"إن علمت أني لن أخرج من نقاشي أو حواري بأمر جديد علي"
وكررها أيضا فى النصيحة قبل الأخيرة التى نقلتها من مكانها هنا :
"ولو لم يزدني حواري خبرة أو يلفت نظري إلى شاردة أو لم يذكرني بأمر نسيته .. أو يبصرني بشئ أظنني بحاجة إليه .. ولن أديم به ودا أو أصل به رحما .. فلا حاجة لي بهذا الحوار"
وقد قلنا أنها نصيحة خاطئة فالفائدة كما قلنا قد تأتى من جاهل أو غير عالم وفوق كل ذى علم عليم
والنصيحة التالية خاطئة فى قوله:
" ولن أصحح لغيري مفهوم أرى انه ينبغي له التصحيح .. أو لم أسعى لتثبيت فكرة لدي خشيت أنها بحاجة إلى إيضاح .."
فتصحيح الأمر واجب من باب الأمر بالمعروف والجملة الأخيرة عن عدم الإيضاح والتثبيت خاطئة إن كان المراد بها ترك الغامض غامض
والنصيحة الأخيرة وهى الاستغفار عند انتهاء المحاورة مطلوبة وهى قوله:
" فإن كنت في مجلس فقبل أن أقوم منه سأتذكر أن اردد كفارته .. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "
والملاحظ أن قواعد الحوار هنا تخطت فيما يبدو العشرين وهى ما يخالف العنوان الذى يقول أنها عشر قواعد