رضا البطاوى
22-11-2019, 09:41 AM
نقد أحاديث وضع اليد على اليد في الصلاة
الكتاب من تأليف مشتاق طالب محمد وهو طالب علم شيعى جمع فيه كما يقول الروايات عن وضع اليد على اليد فى الصلاة فى كتب الحديث السنية التسع الكبار وهناك كتب سنية سبق تأليفها فى نفس الموضوع مثل فتح الغفور فى وضع اليد على الصدور لمحمد حياة السندى وهو نفس الكتاب تقريبا من حيث الروايات وإن زادت فى كتاب السندى قليلا والغريب هو إجماع من ألفوا فى الموضوع انه لا يوجد حديث واحد عن النبى(ص) والروايات متناقضة فى اليد التى فوق الأخرى وفى مكان وضعها هل على الصدر أو على البطن فوق السرة أو تحت السرة او غير ذلك
وهدف الباحث كما قال:
"الهدف من البحث:
تقييم الأحاديث الواردة عن رسول الله (ص)بخصوص وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال القيام في الصلاة "
وأما طريقة البحث فقد قال فيها :
"طريقة البحث:
"اعتمدنا على القرص المضغوط المسمى " موسوعة الحديث الشريف "، الذي أعدته شركة صخر لبرامج الحاسب، والذي يحتوي على نصوص كتب الحديث التسعة: صحيح البخاري، و صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجة، ومسند أحمد، وموطأ مالك، وسنن الدارمي
اخترنا الأمر (بحث) من القائمة الرئيسية للبرنامج، ومنه (بدلالة موضوع فقهي)، ومنه (العبادات)، ومنه (الصلاة)، ومنه (سنن الصلاة وهيئاتها)، ومنه (هيئة وضع اليدين في الصلاة) فحصلنا على قائمة تضم 80 رواية
بعد تفحص الروايات وجدنا أن بعضها يخص هيئة وضع اليد في الركوع والتشهد و غير ذلك فأهملناها لعدم علاقتها بموضوع البحث، واخذنا فقط الروايات التي تخص هيئة وضع اليد حال القيام فحصلنا بذلك على 42 رواية ثم بدأنا بتصنيف الروايات، و ضم المتشابهة إلى بعضها و دراسة أسانيدها، ومقارنة متونها لتحديد نقاط الاختلاف والاتفاق بينها، وما إلى ذلك مما يتطلبه هذا البحث وقد اعتمدنا في تقييمنا للرواة على كتاب " تهذيب التهذيب " لابن حجر العسقلاني، لأنه من العلماء المتأخرين وقد جمع في كتابه هذا أقوال من سبقه من العلماء، وبين اختلافاتهم إن وجدت، مما أعطى لهذا الكتاب أهمية كبيرة جدا مقارنة بغيره من كتب الرجال "
وهذا البحث برعاية مركز الأبحاث العقائدية الشيعى الذى يعمل بأوامر السيستانى وقد اتخذ المركز فى تأليف الكتب نهج يقوم على مناقشة أهل السنة من خلال نصوص كتبهم وليس من خلال كتب الشيعة إلا فى أضيق الحدود وقد ناقش الرجل الأحاديث الواردة كلها سندا ومتنا فأحسن النقل وأحسن إيراد الحجج وسوف نذكر ما قاله وهو:
"الحديث الأول: حديث سهل بن سعد:
حصلنا على 3 روايات لهذا الحديث الأولى واردة في موطأ مالك، والثانية واردة في مسند أحمد، والثالثة واردة في صحيح البخاري، وهي الرواية الوحيدة للبخاري في هذا الخصوص
نص الحديث:أبوحازم، عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبوحازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي (ص)
سند الحديث:
سند حديث سهل بن سعد:
ولا توجد مشكلة في هذا السند، إذ أن جميع رجاله من الثقاة الممدوحين باتفاق علماء الرجال، كما بين ذلك ابن حجر العسقلاني، في ترجمة كل واحد منهم في كتابه " تهذيب التهذيب "
مناقشة المتن:
هناك مشكلتان في متن هذا الحديث:
الأولى هي أن الصحابي (سهل بن سعد) لم يصرح برفعه إلى رسول الله (ص)، بل فهم التابعي (أبوحازم) أن الحكم مرفوع وهناك نقاش حول هذا الموضوع بين علماء الأصول وقد بين ابن حجر العسقلاني عددا من الأمور المتعلقة بذلك منها:
أن الحديث الذي ليس فيه تصريح بالرفع إلى رسول الله (ص)لا يقال عنه أنه مرفوع بل يقال أن له حكم الرفع، والمفهوم أن الثاني في منزلة أدنى من الأول واعترض الدائي في (أطراف الموطأ) فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ورُدّ بأن قول الصحابي: كنا نؤمر بكذا، يصرف بظاهره إلى من له الأمر، وهوالنبي (ص)، لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع، فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، فإنه محمول على أن الآمر بذلك هوالنبي(ص) وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم " أقول: هذه حجة قوية، فإن قول الصحابي: كنا نؤمر، محمول على أن الآمر بذلك هو رسول الله (ص)، إلا أن تكون هناك بينة على غير ذلك وهنا لا توجد بينة بأن المقصود غير ذلك فهذا الحديث له حكم الرفع
المشكلة الثانية والرئيسية هي أن مالك بن أنس هوالراوي الأساسي لهذا الحديث كما هوواضح وقد اختلف تلاميذ مالك في تحديد موقفه من هذه القضية فهناك جماعة من تلاميذه رووا عنه الرواية التي رأيناها آنفا في " الموطأ "، في حين أن تلاميذ آخرين لمالك رووا عنه في كتاب " المدونة الكبرى " ما يلي: " وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه
فهنا إذن مشكلة وهي تناقض الرواية عن مالك علما بأن الكتابين " المدونة الكبرى " و " الموطأ " هما من مرويات تلاميذ مالك عنه، ويحويان أصول الفقه المالكي ومن حيث السند رأينا كيف أن سند الرواية الواردة في " الموطأ " يخلو من أي مشكلة، إذ لا يمكن الإشارة إلى أي من الرواة باعتباره مطعونا عليه أو مجروحا من قبل علماء الرجال والكلام نفسه ينطبق على رواة كتاب " المدونة الكبرى "، ...ولكن المالكية اليوم، وهم أتباع المذهب المالكي، منتشرون في شمال أفريقيا و غيرها من مناطق العالم، ويبلغ تعدادهم عشرات الملايين من المسلمين، فكلهم يعملون بما ورد في " المدونة الكبرى " فيرسلون أيديهم، ولا يضعون أيديهم اليمنى على اليسرى كما ورد في " الموطأ " مما يشير إلى أن المعبر الحقيقي عن رأي مالك في المسألة هو ما ورد في " المدونة الكبرى " وعلى كل حال فالموقف الصحيح تجاه هذا الحديث هو التوقف فيه، على أقل تقدير، لاضطراب الرواية عن مالك ولا يجوز الاعتداد به بحال "
"الحديث الثاني: حديث وائل بن حجر
حصلنا على 18 رواية لهذا الحديث واحدة أوردها مسلم في صحيحه، وهي الرواية الوحيدة التي أوردها مسلم بهذا الخصوص وثلاث أوردها النسائي في سننه وثلاث أوردها أبو داود في سننه وواحدة أوردها ابن ماجة في سننه وثماني أوردها أحمد في مسنده وروايتان أوردهما الدارمي في سننه "
نص الحديث:
عن وائل بن حجر أنه رأى النبي(ص) رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر (وصف همام حيال أذنيه) ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما فكبر فركع والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وحسب وثمة اختلافات عديدة بين رواياته سنناقشها فيما بعد، والنص أعلاه مأخوذ من صحيح مسلم
سند الحديث:
يعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها أن هناك ثلاثة رجال سمعوا هذا الحديث من وائل بن حجر، لكن أحدهم مجهول أشير إليه في إحدى الروايات بأنه مولى لآل وائل، وفي رواية أخرى بأنه واحد من أهل بيته وأيا كان الوصف فهذا الرجل مجهول والسند منقطع من هذه الجهة مما يوجب علينا إسقاط الروايتين اللتين ورد فيهما هذا المجهول من الاعتبار
وثانيها تخص العلاقة بين وائل بن حجر وولديه علقمة وعبد الجبار فهناك عدد من علماء الرجال يقولون أن عبد الجبار كان جنينا في بطن أنه عندما مات أبوه وائل، وعلى هذا القول ابن حبان والبخاري ولا يؤثر ذلك على هذا السند لأن كل الروايات التي ورد فيها اسم عبد الجبار تكون هناك واسطة بينه وبين أبيه وهذه الواسطة هي أخوه علقمة وهنا تبرز مشكلة أخرى، ذلك أن عددا من علماء الرجال يعتبرون رواية علقمة عن أبيه مرسلة، ومنهم يحيى بن معين وقد ورد في إحدى الروايات أن " عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل عن أبي وائل بن حجر إلخ " ولا يمكن أن يكون عبد الجبار قائل هذه العبارة لأنه لم يكن مولودا أصلا عندما مات أبوه، فقائلها إذن علقمة وقد " نص أبوبكر البزار على أن القائل: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي هو علقمة بن وائل، لا أخوه عبد الجبار " فرواية علقمة عن أبيه هي رواية غلام لا يعقل صلاة أبيه، أوهي رواية مرسلة مما يجعلنا نضع علامة استفهام على كل الروايات الواردة بطريق علقمة عن أبيه وبذلك لا تبقى إلا الروايات الواردة بطريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر وهو طريق لا يخلو من المشاكل، فمع أن علماء الرجال عموما اعتبروا عاصم بن كليب ثقة، إلا أن ابن المديني قال أنه لا يحتج به إذا انفرد"
مناقشة المتن:
هناك عدة مؤاخذات على متن هذا الحديث :
أولها يخص علاقة وائل بن حجر برسول الله (ص) فالمعروف أن وائل قدم على رسول الله (ص)في عام الوفود، حيث أعلن إسلامه، ومكث في المدينة عدة أيام، ثم عاد بعدها إلى بلده اليمن فهولم ير رسول الله(ص)إلا في هذه الأيام التي وفد فيها عليه في المدينة تُرى إلى أي حد يمكن الاعتماد على رواية رجل مثل هذا؟
وفي عدة روايات لهذا الحديث وصف لما فعله رسول الله (ص)على النحو التالي: " ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب " ولا ندري كيف رأى وائل بن حجر يدي النبي (ص)وهما داخل الثوب الذي التحف به والروايات التي ورد فيها هذا الوصف جاءت كلها من طريق محمد بن جحادة
وهناك خلاف بين الروايات في وصف طريقة وضع اليد اليمنى على اليسرى ففي عدة روايات أنه " وضع يده اليمنى على اليسرى "، أو " واضعا يمينه على شماله"، أو " يضع يمينه على يساره "، أو " قبض بيمينه على شماله "، أو " ممسكا يمينه على شماله " أو " أخذ شماله بيمينه "، وكل هذه الروايات بمعنى واحد، ولكن الاختلاف يظهر عندما تبدأ روايات أخرى بالتوضيح أكثر فتقول " وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد " بينما تكتفي روايات أخرى بالقول " يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريبا من الرسغ "، أو " وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى " ففي المجموعة الأولى من الروايات يكون الحديث عن اليد كلها بالكف والساعد وصولا إلى المرفق، أما في المجموعة الثانية فالحديث عن الكف وحسب وصولا إلى الرسغ
والأسانيد هنا متداخلة بما لا يسمح لنا بالحكم على الروايات فحتى لو حذفنا روايات علقمة عن أبيه فلن يزول الاضطراب إذ أن المجموعتين مرويتان عن زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب فهذا حديث مضطرب سندا ومتنا "
"الحديث الثالث: حديث هلب الطائي:
حصلنا على سبع روايات لهذا الحديث واحدة أخرجها الترمذي وواحدة أخرجها ابن ماجة واربع روايات أخرجها أحمد بن حنبل ورواية واحدة أخرجها عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأوردها في مسند أبيه
نص الحديث:
بحسب رواية الترمذي، ينص الحديث على أن هلب الطائي قال: كان رسول الله (ص) يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه
مناقشة السند:
يعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها ما يتعلق بهلب الطائي، فالواضح من ترجمته أنه لم ير رسول الله (ص)إلا لفترة قصيرة أعلن فيها إسلامه بعد فتح مكة على الأرجح، وجرت عليه معجزة إذ أنه كان أصلع فمسح رسول الله (ص)على رأسه فنبت شعره فلقبوه الهُلْب إي الكثير الشعر وهناك خلاف كبير في اسمه ولعل هذا الخلاف راجع إلى عدم مكثه لفترة طويلة مع رسول الله (ص)، بحيث أنهم نسوا اسمه، ولم يتذكروا إلا المعجزة التي حدثت له
وثانيها تخص ابنه قبيصة فهو مختلف فيه فقد وثقه ابن حبان والعجلي ولكن عددا من علماء الرجال قالوا أنه لم يرو عنه غير سماك بن حرب، ولذلك اعتبره ابن المديني والنسائي مجهولا وثالثها تخص سماك بن حرب، وهو الراوي الأساسي لهذا الحديث فهو مختلف فيه أيضا، إذ وثقه جماعة و ضعفه آخرون والذين ضعفوه قالوا عنه بأنه ليس من المتثبتين، وانه أسند أحاديث لم يسندها غيره، وانه كان يلقن الحديث فيتلقن، و غير ذلك من الأوصاف فسند الحديث ليس مما يطمئن إليه، ولا ندري كيف وصفه الترمذي بأنه حديث حسن فهذا حديث رجل مختلف فيه، عن رجل مجهول لا يعرفه أحد غيره، عن رجل لم ير رسول الله (ص)إلا سويعة حتى أن الناس لا يذكرون اسمه
مناقشة المتن:
نقل هذا الحديث عن سماك بن حرب اثنان، أبو الأحوص وسفيان الثوري وبحسب رواية أبي الأحوص فإن هلب الطائي قال: " كان رسول الله (ص)يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه " وبحسب رواية سفيان فإنه قال: " رأيت النبي(ص) " والرواية عن سفيان مضطربة، فقد سمع الحديث منه اثنان وكيع ويحيى القطان والمذكور في رواية وكيع " رأيت النبي (ص)واضعا يمينه على شماله في الصلاة " أما المذكور في رواية يحيى فهو " يضع هذه على صدره (وصفّ يحيى اليمنى على اليسرى فوق المفصل) " فهذا حديث مضطرب سندا ومتنا، والله أعلم "
"الحديث الرابع: حديث عبد الله بن مسعود:
حصلنا على ثلاث روايات لهذا الحديث واحدة أخرجها النسائي والثانية أخرجها ابن ماجة والثالثة أخرجها أبو داود
نص الحديث:
بحسب رواية النسائي ينص الحديث على أن عبد الله بن مسعود قال: " رآني النبي(ص) قد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي "
سند الحديث:
ويعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها يخص الحجاج بن أبي زينب إذ اختلف فيه علماء الرجال فقد ذكره ابن حبان في الثقاة وقال ابن عدي وابو داود: لا بأس به وضعفه علي بن المديني والنسائي واحمد واختلفت الرواية عن الدار قطني، فضعفه في موضع ووثقه في موضع آخر وذكر العقيلي حديثه هذا عن ابن مسعود وقال: لا يتابع عليه
المشكلة الثانية تخص هشيم بن بشير فمع أن علماء الرجال وثقوه ومدحوه، إلا أنهم اتفقوا على أنه مدلس، فإن قال: أخبرنا فهو حجة، وان لم يقل فليس بشيء وفي هذا الحديث اختلاف، ففي النسائي وابي داود " هشيم عن الحجاج بن أبي زينب "، أما عند ابن ماجة فـ " أنبأنا هشيم أنبأنا الحجاج بن أبي زينب " ولكن إذا تابعنا سند رواية ابن ماجة نلاحظ إن هشيما توفي سنة 183 هـ، أما تلميذه أبو اسحاق الهروي فقد ولد سنة 178 هـ أي أن التلميذ كان عمره 5 سنوات فقط عندما توفي أستاذه مما لا يبقي لنا أي مجال سوى عدم الاعتداد برواية ابن ماجة لعدم دقة سندها وحيث أن رواية النسائي فيها عنعنة هشيم عن أبي الحجاج، وليس فيها تصريح بالسماع، فهذا الحديث كله ليس بشيء
مناقشة المتن:
ليست لدينا أية ملاحظات على مضمون الحديث، فالمشكلة الأساسية التي تسقطه من الاعتبار هي في سنده ولا معنى لمناقشة المتن بعد سقوط السند"
"الحديث الخامس: حديث جابر بن عبد الله:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده
نص الحديث:
قال أحمد بن حنبل: " حدثنا محمد بن الحسن الواسطي (يعني المزني): حدثنا أبو يوسف الحجاج (يعني ابن أبي زينب الصيقل)، عن أبي سفيان، عن جابر قال: مر رسول الله (ص) برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى "
سند الحديث:
والملاحظ هنا أن الحجاج بن أبي زينب راوي الحديث السابق هو نفسه راوي هذا الحديث وقد ذكرنا آنفا اختلاف علماء الرجال فيه
كما أن هناك مشكلة في طلحة بن نافع، إذ أكد عدد من علماء الرجال أنه لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث فقط مكتوبة في صحيفة وقد ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أن تلك الأحاديث الأربعة هي التي رواها البخاري في صحيحه، وعدّدها وليس من ضمنها هذا الحديث الذي نناقشه هنا وإذا تذكرنا أن عددا من علماء الرجال ضعّفوا الحجاج بن أبي زينب، فلن يكون أمامنا مفر من اتهامه بوضع هذا الحديث و نسبته إلى طلحة بن نافع عن جابر زورا وكذبا
مناقشة المتن:
إن العلاقة بين هذا الحديث والحديث الذي قبله واضحة جدا فالحديثان رواهما الحجاج بن أبي زينب، الذي على ما يبدو وضع حديث ابن مسعود، فلما لم يجد أحدا يتابعه عليه أراد تأكيده فوضع حديث جابر هذا ومما يؤيد ذلك أن أبا بكر بن أبي شيبة روى ما يلي: " حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج بن أبي زينب قال: حدثني أبو عثمان النهدي: أن النبي(ص) مر برجل يصلي وقد وضع شماله على يمينه فأخذ النبي(ص) يمينه فوضعها على شماله "
لاحظ أن اسم الحجاج بن أبي زينب موجود في سند هذه الرواية مثل حديثي ابن مسعود وجابر السابقين وان اسم أبي عثمان النهدي موجود في سندها مثل حديث ابن مسعود، في حين أن مضمونها مطابق تماما لمضمون حديث جابر وعليه يمكن القول أن هذه الرواية تمثل مرحلة وسطا بين حديثي ابن مسعود و جابر وكأن الحجاج بن أبي زينب لما وضع حديث ابن مسعود ولم يجد من يتابعه عليه، أراد تأكيد معناه بهذه الرواية، ثم وجد أنها غير كافية، ربما لأن أبا عثمان النهدي لم يلق رسول الله (ص)وروايته عنه مرسلة، فغيّر سند هذه الرواية و نسبها إلى جابر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
"الحديث السادس: حديث علي بن أبي طالب :
حصلنا على روايتين لهذا الحديث واحدة رواها أبو داود والثانية وردت في مسند أحمد
نص الحديث:
بحسب رواية أبي داود ينص الحديث على ما يلي: " أن عليا رضي الله عنه قال: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة "
مناقشة السند:
وفي هذا السند مشكلتان:
أولاهما متعلقة بزياد بن زيد، الذي قال عنه أبو حاتم الرازي: " مجهول، روى له أبو داود حديثا واحدا عن علي: أن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة "
وثانيهما متعلقة بعبد الرحمن بن إسحاق، الذي ضعفه جميع علماء الرجال، ووصفوه بأنه ليس بشيء، منكر الحديث، وغير ذلك من الأوصاف المنكرة، ولم نجد أحدا ذكره بخير
وهاتان المشكلتان لا تدعان لنا أي مجال سوى القول بأن عبد الرحمن بن إسحاق وضع هذا الحديث، و نسبه إلى شخص مجهول لا يعرفه أحد
فهذا حديث ليست له أية قيمة والله أعلم "
الحديث السابع: حديث أبي هريرة:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث رواها أبو داود:
نص الحديث:
قال أبو هريرة: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة
مناقشة السند:
وأول ما يلفت النظر في هذا السند وجود عبد الرحمن بن إسحاق فيه، وهو نفسه واضع الحديث السابق، فإذا لاحظنا التطابق الكبير بين ألفاظ الحديثين تأكد لنا أنه وضعهما ليدعم رأيا كان يتبناه، ويبدو ان ما كان يفكر فيه هو الحصول على أدلة تؤيد وضع اليدين تحت السرة على ما ذهب إليه بعض أصحاب المذاهب
فهذا حديث مثل سابقه، دون أية قيمة"
"الحديث الثامن: حديث آخر لعلي بن أبي طالب :
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث ذكرها أبو داود:
نص الحديث:
عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: رأيت عليا رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة "
مناقشة السند:
والمشكلة في هذا السند جرير الضبي، الذي قال عنه ابن حجر العسقلاني: " جرير الضبي، جد فضيل بن غزوان بن جرير قال: رأيت عليا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة عنه ابنه قلت: قرأت بخط الذهبي في الميزان: لا يعرف انتهى وقد ذكره ابن حبان في الثقاة، واخرج له الحاكم في المستدرك، وعلق البخاري حديثه هذا في الصلاة مطولا بصيغة الجزم عن علي، ولا يعرف إلا من طريق جرير هذا، فكان يلزم المؤلف أن يرقم له علامة التعليق كما نبهنا على ذلك في ترجمة عبد الرحمن بن فروخ وقد روى معاوية بن صالح عن أبي الحكم عن جرير الضبي عن عبادة بن الصامت حديثا آخر ومن الواضح أن جرير الضبي أقرب إلى أن يكون مجهول الحال، أو كما صرح الذهبي بأنه لا يعرف أي أن الذهبي لم يعتد بتوثيق ابن حبان له، وربما يعود ذلك إلى أن من مذهب ابن حبان توثيق مجهول الحال الذي لم يرد في حقه جرح ولا تعديل ونحن نرى أن من الصحيح وضع مجهولي الحال في مرتبة متميزة عن الثقاة وعن المجروحين، لأنهم كذلك ونقلهم إلى مرتبة الثقاة، كما فعل ابن حبان، يؤثر على قدرتنا على تقييم الأحاديث بالشكل الصحيح فهذا الحديث إذن رواه شخص مجهول الحال وليس من حقنا القول أن هذا الشخص كذاب، ولكن من واجبنا القول أن رواية مجهول الحال لا تصلح للفصل في قضية شائكة اختلفت فيها المذاهب والله أعلم "
"الحديث التاسع: حديث غضيف بن الحارث (أوالحارث بن غضيف):
حصلنا على ثلاث روايات لهذا الحديث أخرجها كلها أحمد بن حنبل
نص الحديث:
عن غضيف بن الحارث (أوالحارث بن غضيف) أنه قال: ما نسيت من الأشياء ما نسيت أني رأيت رسول الله (ص)واضعا يمينه على شماله في الصلاة "
مناقشة السند:
ويعاني هذا السند من عدد من الاضطراباتك
أولها ما يتعلق بالأسماء، فقد اضطرب علماء الرجال في اسم غضيف بن الحارث، فقال بعضهم إنه الحارث بن غضيف، وقال غيرهم غطيف بالطاء وكذلك اضطربوا في اسم يونس بن سيف فقال بعضهم أنه يوسف وليس يونس وقد ظهر هذا الاضطراب جليا في الروايات التي أخرجها أحمد، حيث وردت في سند بعضها أسماء، وفي الأخرى غيرها
وهنا اضطراب أيضا في تحديد شخصية غضيف بن الحارث، إذا توهم عدد من علماء الرجال و خلطوا بينه وبين شخص آخر يحمل اسما مقاربا وكذلك اضطربوا في صحبة غضيف هذا، فاعتبره عدد من علماء الرجال صحابيا، واعتبره آخرون تابعيا إذن هناك اضطراب في تحديد اسم الراوي الأساسي لهذا الحديث و تحديد شخصيته ومدى علاقته برسول الله(ص) وليس في مقدورنا أن نحدد أيا من هذه الآراء هو الصحيح، لأننا لا نملك الأدوات الكافية لذلك، ولكن هذا الاضطراب يجعلنا نضع علامة استفهام أولى على سند هذا الحديث
وهناك مشاكل أخرى متعلقة بمعاوية بن صالح فهناك خلافات بين علماء الرجال حول توثيقه ومع أن عدد الذين وثقوه أكبر من عدد الذين لم يرضوا به إلا أن سيرته فيها الكثير مما يجعلنا لا نطمئن إليه ..
"الحديث العاشر: حديث عبد الله بن الزبير:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أبو داود
نص الحديث"
ينص الحديث على أن عبد الله بن الزبير قال: صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة"
مناقشة السند:
وفيه مشكلتان :
الأولى بسيطة، وهي تخص زرعة بن عبد الرحمن، حيث من الواضح أنه لم يرو غير هذا الحديث، دون أن يعني ذلك أنه مجهول بل هو ممن لم يعرفوا بطلب الحديث وبتدريسه، ولعله التقى بابن الزبير خلال فترة ادعائه الخلافة ومنازعته الأمويين عليها، فسمعه يقول هذا الكلام
سند حديث عبد الله بن الزبير:
المشكلة الثانية تخص العلاء بن صالح، إذ هو مختلف فيه، فقد وثقه جماعة منهم ابن معين وأبو داود وأبو حاتم وابن حبان ويعقوب ابن سفيان وابن نمير والعجلي وعلى العكس من ذلك قال عنه ابن المديني: روى أحاديث مناكير، وقال عنه البخاري: لا يتابع "
"الحادي عشر: حديث طاوس اليماني:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أبو داود
نص الحديث:
عن طاوس قال: كان رسول الله (ص)يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة :
مناقشة السند:
وفي هذا السند ثلاث مشاكل:
الأولى تخص ثور بن يزيد، فقد اختلف فيه علماء الرجال فوثقه جماعة و جرحه آخرون، ولكن المعروف عنه أنه كان قدريا حتى أن أهل حمص نفوه لأجل ذلك، كما إن جده قتل يوم صفين مع معاوية، فكان ثور إذا ذكر عليا قال: لا أحب رجلا قتل جدي
والثانية تخص الهيثم بن حميد، فهو مثل شيخه مختلف فيه فوثقه
والمشكلة الثالثة أن الحديث كله حديث مرسل، فطاوس تابعي لم ير رسول الله (ص)هذا إذن حديث مرسل في سنده قدريان مختلف فيهما"
"الحديث الثاني عشر: حديث عبد الكريم بن أبي المخارق البصري:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث رواها مالك بن أنس
نص الحديث:
عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال: من كلام النبوة ..ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة "
مناقشة السند:
في هذا السند ثلاث مشاكل :
الأولى تخص الحديث نفسه، فهو مرسل إذ أن عبد الكريم بن أبي المخارق ليس صحابيا ولا نعرف من أين جاء بهذا الكلام
والثانية تخص عبد الكريم ابن أبي المخارق نفسه، إذ اتفق علماء الرجال على تضعيفه و تركه، وقالوا إن مالكا ما روى عن أحد أضعف منه، ولم يكن عبد الكريم من أهل المدينة المنورة ليعرفه مالك جيدا فاغتر بسمته والثالثة تخص مالك بن أنس نفسه الذي رأينا كيف اختلفت الرواية عنه بين " الموطأ " و " المدونة الكبرى "
فهذا سند ليس فيه شيء مقبول على الإطلاق"
وانتهى الباحث إلى نتيجة وهى أنه لا يوجد حديث واحد ثابت فى الموضوع فقال:
" الخلاصة:
ناقشنا في هذا البحث 42 رواية تتحدث عن وضع اليد على اليد في الصلاة، وهي كل الروايات الواردة في كتب الحديث السنية التسعة بخصوص هذا الموضوع وقد توزعت الروايات على 12 حديثا وقد وجدنا أن الجميع تعاني من مشاكل في أسانيدها
فهناك حديثان مرسلان (حديثا طاوس اليماني وعبد الكريم بن أبي المخارق)
وثلاثة أحاديث مروية عن رجال متفق على تضعيفهم (أحاديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الكريم بن أبي المخارق البصري)
وستة أحاديث مروية عن رجال مختلف فيهم (أحاديث هلب الطائي وعبد الله بن مسعود و جابر بن عبد الله وغضيف بن الحارث وعبد الله بن الزبير طاوس اليماني) وثلاثة أحاديث مروية عن مجهولين أو أقرب إلى أن يكونوا مجهولين (حديث هلب الطائي والحديثان المرويان عن علي بن أبي طالب )وحديثان مرويان عن رجال علاقتهم بشيوخهم غير مؤكدة (حديثا وائل بن حجر و جابر بن عبد الله) وحديثان مرويان عن رجلين لم يريا رسول الله (ص)إلا فترة محدودة (حديثا وائل بن حجر وهلب الطائي) وحديثان مرويان عن مالك بن أنس الذي يقول تلاميذه وأتباعه أنه كان يعمل بما يخالفهما (حديثا سهل بن سعد وعبد الكريم بن أبي المخارق)فكلها إذن أحاديث عليها علامات استفهام، ولا يصح الاعتماد عليها في مجال الحجاج والجدال"
والغريب أن فى كتب الحديث الشيعية نفس المشكلة فى الأسانيد والمتون فى نفس الموضوع
الكتاب من تأليف مشتاق طالب محمد وهو طالب علم شيعى جمع فيه كما يقول الروايات عن وضع اليد على اليد فى الصلاة فى كتب الحديث السنية التسع الكبار وهناك كتب سنية سبق تأليفها فى نفس الموضوع مثل فتح الغفور فى وضع اليد على الصدور لمحمد حياة السندى وهو نفس الكتاب تقريبا من حيث الروايات وإن زادت فى كتاب السندى قليلا والغريب هو إجماع من ألفوا فى الموضوع انه لا يوجد حديث واحد عن النبى(ص) والروايات متناقضة فى اليد التى فوق الأخرى وفى مكان وضعها هل على الصدر أو على البطن فوق السرة أو تحت السرة او غير ذلك
وهدف الباحث كما قال:
"الهدف من البحث:
تقييم الأحاديث الواردة عن رسول الله (ص)بخصوص وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال القيام في الصلاة "
وأما طريقة البحث فقد قال فيها :
"طريقة البحث:
"اعتمدنا على القرص المضغوط المسمى " موسوعة الحديث الشريف "، الذي أعدته شركة صخر لبرامج الحاسب، والذي يحتوي على نصوص كتب الحديث التسعة: صحيح البخاري، و صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجة، ومسند أحمد، وموطأ مالك، وسنن الدارمي
اخترنا الأمر (بحث) من القائمة الرئيسية للبرنامج، ومنه (بدلالة موضوع فقهي)، ومنه (العبادات)، ومنه (الصلاة)، ومنه (سنن الصلاة وهيئاتها)، ومنه (هيئة وضع اليدين في الصلاة) فحصلنا على قائمة تضم 80 رواية
بعد تفحص الروايات وجدنا أن بعضها يخص هيئة وضع اليد في الركوع والتشهد و غير ذلك فأهملناها لعدم علاقتها بموضوع البحث، واخذنا فقط الروايات التي تخص هيئة وضع اليد حال القيام فحصلنا بذلك على 42 رواية ثم بدأنا بتصنيف الروايات، و ضم المتشابهة إلى بعضها و دراسة أسانيدها، ومقارنة متونها لتحديد نقاط الاختلاف والاتفاق بينها، وما إلى ذلك مما يتطلبه هذا البحث وقد اعتمدنا في تقييمنا للرواة على كتاب " تهذيب التهذيب " لابن حجر العسقلاني، لأنه من العلماء المتأخرين وقد جمع في كتابه هذا أقوال من سبقه من العلماء، وبين اختلافاتهم إن وجدت، مما أعطى لهذا الكتاب أهمية كبيرة جدا مقارنة بغيره من كتب الرجال "
وهذا البحث برعاية مركز الأبحاث العقائدية الشيعى الذى يعمل بأوامر السيستانى وقد اتخذ المركز فى تأليف الكتب نهج يقوم على مناقشة أهل السنة من خلال نصوص كتبهم وليس من خلال كتب الشيعة إلا فى أضيق الحدود وقد ناقش الرجل الأحاديث الواردة كلها سندا ومتنا فأحسن النقل وأحسن إيراد الحجج وسوف نذكر ما قاله وهو:
"الحديث الأول: حديث سهل بن سعد:
حصلنا على 3 روايات لهذا الحديث الأولى واردة في موطأ مالك، والثانية واردة في مسند أحمد، والثالثة واردة في صحيح البخاري، وهي الرواية الوحيدة للبخاري في هذا الخصوص
نص الحديث:أبوحازم، عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبوحازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي (ص)
سند الحديث:
سند حديث سهل بن سعد:
ولا توجد مشكلة في هذا السند، إذ أن جميع رجاله من الثقاة الممدوحين باتفاق علماء الرجال، كما بين ذلك ابن حجر العسقلاني، في ترجمة كل واحد منهم في كتابه " تهذيب التهذيب "
مناقشة المتن:
هناك مشكلتان في متن هذا الحديث:
الأولى هي أن الصحابي (سهل بن سعد) لم يصرح برفعه إلى رسول الله (ص)، بل فهم التابعي (أبوحازم) أن الحكم مرفوع وهناك نقاش حول هذا الموضوع بين علماء الأصول وقد بين ابن حجر العسقلاني عددا من الأمور المتعلقة بذلك منها:
أن الحديث الذي ليس فيه تصريح بالرفع إلى رسول الله (ص)لا يقال عنه أنه مرفوع بل يقال أن له حكم الرفع، والمفهوم أن الثاني في منزلة أدنى من الأول واعترض الدائي في (أطراف الموطأ) فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ورُدّ بأن قول الصحابي: كنا نؤمر بكذا، يصرف بظاهره إلى من له الأمر، وهوالنبي (ص)، لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع، فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، فإنه محمول على أن الآمر بذلك هوالنبي(ص) وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم " أقول: هذه حجة قوية، فإن قول الصحابي: كنا نؤمر، محمول على أن الآمر بذلك هو رسول الله (ص)، إلا أن تكون هناك بينة على غير ذلك وهنا لا توجد بينة بأن المقصود غير ذلك فهذا الحديث له حكم الرفع
المشكلة الثانية والرئيسية هي أن مالك بن أنس هوالراوي الأساسي لهذا الحديث كما هوواضح وقد اختلف تلاميذ مالك في تحديد موقفه من هذه القضية فهناك جماعة من تلاميذه رووا عنه الرواية التي رأيناها آنفا في " الموطأ "، في حين أن تلاميذ آخرين لمالك رووا عنه في كتاب " المدونة الكبرى " ما يلي: " وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه
فهنا إذن مشكلة وهي تناقض الرواية عن مالك علما بأن الكتابين " المدونة الكبرى " و " الموطأ " هما من مرويات تلاميذ مالك عنه، ويحويان أصول الفقه المالكي ومن حيث السند رأينا كيف أن سند الرواية الواردة في " الموطأ " يخلو من أي مشكلة، إذ لا يمكن الإشارة إلى أي من الرواة باعتباره مطعونا عليه أو مجروحا من قبل علماء الرجال والكلام نفسه ينطبق على رواة كتاب " المدونة الكبرى "، ...ولكن المالكية اليوم، وهم أتباع المذهب المالكي، منتشرون في شمال أفريقيا و غيرها من مناطق العالم، ويبلغ تعدادهم عشرات الملايين من المسلمين، فكلهم يعملون بما ورد في " المدونة الكبرى " فيرسلون أيديهم، ولا يضعون أيديهم اليمنى على اليسرى كما ورد في " الموطأ " مما يشير إلى أن المعبر الحقيقي عن رأي مالك في المسألة هو ما ورد في " المدونة الكبرى " وعلى كل حال فالموقف الصحيح تجاه هذا الحديث هو التوقف فيه، على أقل تقدير، لاضطراب الرواية عن مالك ولا يجوز الاعتداد به بحال "
"الحديث الثاني: حديث وائل بن حجر
حصلنا على 18 رواية لهذا الحديث واحدة أوردها مسلم في صحيحه، وهي الرواية الوحيدة التي أوردها مسلم بهذا الخصوص وثلاث أوردها النسائي في سننه وثلاث أوردها أبو داود في سننه وواحدة أوردها ابن ماجة في سننه وثماني أوردها أحمد في مسنده وروايتان أوردهما الدارمي في سننه "
نص الحديث:
عن وائل بن حجر أنه رأى النبي(ص) رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر (وصف همام حيال أذنيه) ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما فكبر فركع والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وحسب وثمة اختلافات عديدة بين رواياته سنناقشها فيما بعد، والنص أعلاه مأخوذ من صحيح مسلم
سند الحديث:
يعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها أن هناك ثلاثة رجال سمعوا هذا الحديث من وائل بن حجر، لكن أحدهم مجهول أشير إليه في إحدى الروايات بأنه مولى لآل وائل، وفي رواية أخرى بأنه واحد من أهل بيته وأيا كان الوصف فهذا الرجل مجهول والسند منقطع من هذه الجهة مما يوجب علينا إسقاط الروايتين اللتين ورد فيهما هذا المجهول من الاعتبار
وثانيها تخص العلاقة بين وائل بن حجر وولديه علقمة وعبد الجبار فهناك عدد من علماء الرجال يقولون أن عبد الجبار كان جنينا في بطن أنه عندما مات أبوه وائل، وعلى هذا القول ابن حبان والبخاري ولا يؤثر ذلك على هذا السند لأن كل الروايات التي ورد فيها اسم عبد الجبار تكون هناك واسطة بينه وبين أبيه وهذه الواسطة هي أخوه علقمة وهنا تبرز مشكلة أخرى، ذلك أن عددا من علماء الرجال يعتبرون رواية علقمة عن أبيه مرسلة، ومنهم يحيى بن معين وقد ورد في إحدى الروايات أن " عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل عن أبي وائل بن حجر إلخ " ولا يمكن أن يكون عبد الجبار قائل هذه العبارة لأنه لم يكن مولودا أصلا عندما مات أبوه، فقائلها إذن علقمة وقد " نص أبوبكر البزار على أن القائل: كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي هو علقمة بن وائل، لا أخوه عبد الجبار " فرواية علقمة عن أبيه هي رواية غلام لا يعقل صلاة أبيه، أوهي رواية مرسلة مما يجعلنا نضع علامة استفهام على كل الروايات الواردة بطريق علقمة عن أبيه وبذلك لا تبقى إلا الروايات الواردة بطريق عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر وهو طريق لا يخلو من المشاكل، فمع أن علماء الرجال عموما اعتبروا عاصم بن كليب ثقة، إلا أن ابن المديني قال أنه لا يحتج به إذا انفرد"
مناقشة المتن:
هناك عدة مؤاخذات على متن هذا الحديث :
أولها يخص علاقة وائل بن حجر برسول الله (ص) فالمعروف أن وائل قدم على رسول الله (ص)في عام الوفود، حيث أعلن إسلامه، ومكث في المدينة عدة أيام، ثم عاد بعدها إلى بلده اليمن فهولم ير رسول الله(ص)إلا في هذه الأيام التي وفد فيها عليه في المدينة تُرى إلى أي حد يمكن الاعتماد على رواية رجل مثل هذا؟
وفي عدة روايات لهذا الحديث وصف لما فعله رسول الله (ص)على النحو التالي: " ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب " ولا ندري كيف رأى وائل بن حجر يدي النبي (ص)وهما داخل الثوب الذي التحف به والروايات التي ورد فيها هذا الوصف جاءت كلها من طريق محمد بن جحادة
وهناك خلاف بين الروايات في وصف طريقة وضع اليد اليمنى على اليسرى ففي عدة روايات أنه " وضع يده اليمنى على اليسرى "، أو " واضعا يمينه على شماله"، أو " يضع يمينه على يساره "، أو " قبض بيمينه على شماله "، أو " ممسكا يمينه على شماله " أو " أخذ شماله بيمينه "، وكل هذه الروايات بمعنى واحد، ولكن الاختلاف يظهر عندما تبدأ روايات أخرى بالتوضيح أكثر فتقول " وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد " بينما تكتفي روايات أخرى بالقول " يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريبا من الرسغ "، أو " وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى " ففي المجموعة الأولى من الروايات يكون الحديث عن اليد كلها بالكف والساعد وصولا إلى المرفق، أما في المجموعة الثانية فالحديث عن الكف وحسب وصولا إلى الرسغ
والأسانيد هنا متداخلة بما لا يسمح لنا بالحكم على الروايات فحتى لو حذفنا روايات علقمة عن أبيه فلن يزول الاضطراب إذ أن المجموعتين مرويتان عن زائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب فهذا حديث مضطرب سندا ومتنا "
"الحديث الثالث: حديث هلب الطائي:
حصلنا على سبع روايات لهذا الحديث واحدة أخرجها الترمذي وواحدة أخرجها ابن ماجة واربع روايات أخرجها أحمد بن حنبل ورواية واحدة أخرجها عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأوردها في مسند أبيه
نص الحديث:
بحسب رواية الترمذي، ينص الحديث على أن هلب الطائي قال: كان رسول الله (ص) يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه
مناقشة السند:
يعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها ما يتعلق بهلب الطائي، فالواضح من ترجمته أنه لم ير رسول الله (ص)إلا لفترة قصيرة أعلن فيها إسلامه بعد فتح مكة على الأرجح، وجرت عليه معجزة إذ أنه كان أصلع فمسح رسول الله (ص)على رأسه فنبت شعره فلقبوه الهُلْب إي الكثير الشعر وهناك خلاف كبير في اسمه ولعل هذا الخلاف راجع إلى عدم مكثه لفترة طويلة مع رسول الله (ص)، بحيث أنهم نسوا اسمه، ولم يتذكروا إلا المعجزة التي حدثت له
وثانيها تخص ابنه قبيصة فهو مختلف فيه فقد وثقه ابن حبان والعجلي ولكن عددا من علماء الرجال قالوا أنه لم يرو عنه غير سماك بن حرب، ولذلك اعتبره ابن المديني والنسائي مجهولا وثالثها تخص سماك بن حرب، وهو الراوي الأساسي لهذا الحديث فهو مختلف فيه أيضا، إذ وثقه جماعة و ضعفه آخرون والذين ضعفوه قالوا عنه بأنه ليس من المتثبتين، وانه أسند أحاديث لم يسندها غيره، وانه كان يلقن الحديث فيتلقن، و غير ذلك من الأوصاف فسند الحديث ليس مما يطمئن إليه، ولا ندري كيف وصفه الترمذي بأنه حديث حسن فهذا حديث رجل مختلف فيه، عن رجل مجهول لا يعرفه أحد غيره، عن رجل لم ير رسول الله (ص)إلا سويعة حتى أن الناس لا يذكرون اسمه
مناقشة المتن:
نقل هذا الحديث عن سماك بن حرب اثنان، أبو الأحوص وسفيان الثوري وبحسب رواية أبي الأحوص فإن هلب الطائي قال: " كان رسول الله (ص)يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه " وبحسب رواية سفيان فإنه قال: " رأيت النبي(ص) " والرواية عن سفيان مضطربة، فقد سمع الحديث منه اثنان وكيع ويحيى القطان والمذكور في رواية وكيع " رأيت النبي (ص)واضعا يمينه على شماله في الصلاة " أما المذكور في رواية يحيى فهو " يضع هذه على صدره (وصفّ يحيى اليمنى على اليسرى فوق المفصل) " فهذا حديث مضطرب سندا ومتنا، والله أعلم "
"الحديث الرابع: حديث عبد الله بن مسعود:
حصلنا على ثلاث روايات لهذا الحديث واحدة أخرجها النسائي والثانية أخرجها ابن ماجة والثالثة أخرجها أبو داود
نص الحديث:
بحسب رواية النسائي ينص الحديث على أن عبد الله بن مسعود قال: " رآني النبي(ص) قد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي "
سند الحديث:
ويعاني هذا السند من مشاكل عديدة :
أولها يخص الحجاج بن أبي زينب إذ اختلف فيه علماء الرجال فقد ذكره ابن حبان في الثقاة وقال ابن عدي وابو داود: لا بأس به وضعفه علي بن المديني والنسائي واحمد واختلفت الرواية عن الدار قطني، فضعفه في موضع ووثقه في موضع آخر وذكر العقيلي حديثه هذا عن ابن مسعود وقال: لا يتابع عليه
المشكلة الثانية تخص هشيم بن بشير فمع أن علماء الرجال وثقوه ومدحوه، إلا أنهم اتفقوا على أنه مدلس، فإن قال: أخبرنا فهو حجة، وان لم يقل فليس بشيء وفي هذا الحديث اختلاف، ففي النسائي وابي داود " هشيم عن الحجاج بن أبي زينب "، أما عند ابن ماجة فـ " أنبأنا هشيم أنبأنا الحجاج بن أبي زينب " ولكن إذا تابعنا سند رواية ابن ماجة نلاحظ إن هشيما توفي سنة 183 هـ، أما تلميذه أبو اسحاق الهروي فقد ولد سنة 178 هـ أي أن التلميذ كان عمره 5 سنوات فقط عندما توفي أستاذه مما لا يبقي لنا أي مجال سوى عدم الاعتداد برواية ابن ماجة لعدم دقة سندها وحيث أن رواية النسائي فيها عنعنة هشيم عن أبي الحجاج، وليس فيها تصريح بالسماع، فهذا الحديث كله ليس بشيء
مناقشة المتن:
ليست لدينا أية ملاحظات على مضمون الحديث، فالمشكلة الأساسية التي تسقطه من الاعتبار هي في سنده ولا معنى لمناقشة المتن بعد سقوط السند"
"الحديث الخامس: حديث جابر بن عبد الله:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده
نص الحديث:
قال أحمد بن حنبل: " حدثنا محمد بن الحسن الواسطي (يعني المزني): حدثنا أبو يوسف الحجاج (يعني ابن أبي زينب الصيقل)، عن أبي سفيان، عن جابر قال: مر رسول الله (ص) برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى "
سند الحديث:
والملاحظ هنا أن الحجاج بن أبي زينب راوي الحديث السابق هو نفسه راوي هذا الحديث وقد ذكرنا آنفا اختلاف علماء الرجال فيه
كما أن هناك مشكلة في طلحة بن نافع، إذ أكد عدد من علماء الرجال أنه لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث فقط مكتوبة في صحيفة وقد ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أن تلك الأحاديث الأربعة هي التي رواها البخاري في صحيحه، وعدّدها وليس من ضمنها هذا الحديث الذي نناقشه هنا وإذا تذكرنا أن عددا من علماء الرجال ضعّفوا الحجاج بن أبي زينب، فلن يكون أمامنا مفر من اتهامه بوضع هذا الحديث و نسبته إلى طلحة بن نافع عن جابر زورا وكذبا
مناقشة المتن:
إن العلاقة بين هذا الحديث والحديث الذي قبله واضحة جدا فالحديثان رواهما الحجاج بن أبي زينب، الذي على ما يبدو وضع حديث ابن مسعود، فلما لم يجد أحدا يتابعه عليه أراد تأكيده فوضع حديث جابر هذا ومما يؤيد ذلك أن أبا بكر بن أبي شيبة روى ما يلي: " حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج بن أبي زينب قال: حدثني أبو عثمان النهدي: أن النبي(ص) مر برجل يصلي وقد وضع شماله على يمينه فأخذ النبي(ص) يمينه فوضعها على شماله "
لاحظ أن اسم الحجاج بن أبي زينب موجود في سند هذه الرواية مثل حديثي ابن مسعود وجابر السابقين وان اسم أبي عثمان النهدي موجود في سندها مثل حديث ابن مسعود، في حين أن مضمونها مطابق تماما لمضمون حديث جابر وعليه يمكن القول أن هذه الرواية تمثل مرحلة وسطا بين حديثي ابن مسعود و جابر وكأن الحجاج بن أبي زينب لما وضع حديث ابن مسعود ولم يجد من يتابعه عليه، أراد تأكيد معناه بهذه الرواية، ثم وجد أنها غير كافية، ربما لأن أبا عثمان النهدي لم يلق رسول الله (ص)وروايته عنه مرسلة، فغيّر سند هذه الرواية و نسبها إلى جابر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
"الحديث السادس: حديث علي بن أبي طالب :
حصلنا على روايتين لهذا الحديث واحدة رواها أبو داود والثانية وردت في مسند أحمد
نص الحديث:
بحسب رواية أبي داود ينص الحديث على ما يلي: " أن عليا رضي الله عنه قال: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة "
مناقشة السند:
وفي هذا السند مشكلتان:
أولاهما متعلقة بزياد بن زيد، الذي قال عنه أبو حاتم الرازي: " مجهول، روى له أبو داود حديثا واحدا عن علي: أن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة "
وثانيهما متعلقة بعبد الرحمن بن إسحاق، الذي ضعفه جميع علماء الرجال، ووصفوه بأنه ليس بشيء، منكر الحديث، وغير ذلك من الأوصاف المنكرة، ولم نجد أحدا ذكره بخير
وهاتان المشكلتان لا تدعان لنا أي مجال سوى القول بأن عبد الرحمن بن إسحاق وضع هذا الحديث، و نسبه إلى شخص مجهول لا يعرفه أحد
فهذا حديث ليست له أية قيمة والله أعلم "
الحديث السابع: حديث أبي هريرة:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث رواها أبو داود:
نص الحديث:
قال أبو هريرة: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة
مناقشة السند:
وأول ما يلفت النظر في هذا السند وجود عبد الرحمن بن إسحاق فيه، وهو نفسه واضع الحديث السابق، فإذا لاحظنا التطابق الكبير بين ألفاظ الحديثين تأكد لنا أنه وضعهما ليدعم رأيا كان يتبناه، ويبدو ان ما كان يفكر فيه هو الحصول على أدلة تؤيد وضع اليدين تحت السرة على ما ذهب إليه بعض أصحاب المذاهب
فهذا حديث مثل سابقه، دون أية قيمة"
"الحديث الثامن: حديث آخر لعلي بن أبي طالب :
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث ذكرها أبو داود:
نص الحديث:
عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: رأيت عليا رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة "
مناقشة السند:
والمشكلة في هذا السند جرير الضبي، الذي قال عنه ابن حجر العسقلاني: " جرير الضبي، جد فضيل بن غزوان بن جرير قال: رأيت عليا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة عنه ابنه قلت: قرأت بخط الذهبي في الميزان: لا يعرف انتهى وقد ذكره ابن حبان في الثقاة، واخرج له الحاكم في المستدرك، وعلق البخاري حديثه هذا في الصلاة مطولا بصيغة الجزم عن علي، ولا يعرف إلا من طريق جرير هذا، فكان يلزم المؤلف أن يرقم له علامة التعليق كما نبهنا على ذلك في ترجمة عبد الرحمن بن فروخ وقد روى معاوية بن صالح عن أبي الحكم عن جرير الضبي عن عبادة بن الصامت حديثا آخر ومن الواضح أن جرير الضبي أقرب إلى أن يكون مجهول الحال، أو كما صرح الذهبي بأنه لا يعرف أي أن الذهبي لم يعتد بتوثيق ابن حبان له، وربما يعود ذلك إلى أن من مذهب ابن حبان توثيق مجهول الحال الذي لم يرد في حقه جرح ولا تعديل ونحن نرى أن من الصحيح وضع مجهولي الحال في مرتبة متميزة عن الثقاة وعن المجروحين، لأنهم كذلك ونقلهم إلى مرتبة الثقاة، كما فعل ابن حبان، يؤثر على قدرتنا على تقييم الأحاديث بالشكل الصحيح فهذا الحديث إذن رواه شخص مجهول الحال وليس من حقنا القول أن هذا الشخص كذاب، ولكن من واجبنا القول أن رواية مجهول الحال لا تصلح للفصل في قضية شائكة اختلفت فيها المذاهب والله أعلم "
"الحديث التاسع: حديث غضيف بن الحارث (أوالحارث بن غضيف):
حصلنا على ثلاث روايات لهذا الحديث أخرجها كلها أحمد بن حنبل
نص الحديث:
عن غضيف بن الحارث (أوالحارث بن غضيف) أنه قال: ما نسيت من الأشياء ما نسيت أني رأيت رسول الله (ص)واضعا يمينه على شماله في الصلاة "
مناقشة السند:
ويعاني هذا السند من عدد من الاضطراباتك
أولها ما يتعلق بالأسماء، فقد اضطرب علماء الرجال في اسم غضيف بن الحارث، فقال بعضهم إنه الحارث بن غضيف، وقال غيرهم غطيف بالطاء وكذلك اضطربوا في اسم يونس بن سيف فقال بعضهم أنه يوسف وليس يونس وقد ظهر هذا الاضطراب جليا في الروايات التي أخرجها أحمد، حيث وردت في سند بعضها أسماء، وفي الأخرى غيرها
وهنا اضطراب أيضا في تحديد شخصية غضيف بن الحارث، إذا توهم عدد من علماء الرجال و خلطوا بينه وبين شخص آخر يحمل اسما مقاربا وكذلك اضطربوا في صحبة غضيف هذا، فاعتبره عدد من علماء الرجال صحابيا، واعتبره آخرون تابعيا إذن هناك اضطراب في تحديد اسم الراوي الأساسي لهذا الحديث و تحديد شخصيته ومدى علاقته برسول الله(ص) وليس في مقدورنا أن نحدد أيا من هذه الآراء هو الصحيح، لأننا لا نملك الأدوات الكافية لذلك، ولكن هذا الاضطراب يجعلنا نضع علامة استفهام أولى على سند هذا الحديث
وهناك مشاكل أخرى متعلقة بمعاوية بن صالح فهناك خلافات بين علماء الرجال حول توثيقه ومع أن عدد الذين وثقوه أكبر من عدد الذين لم يرضوا به إلا أن سيرته فيها الكثير مما يجعلنا لا نطمئن إليه ..
"الحديث العاشر: حديث عبد الله بن الزبير:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أبو داود
نص الحديث"
ينص الحديث على أن عبد الله بن الزبير قال: صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة"
مناقشة السند:
وفيه مشكلتان :
الأولى بسيطة، وهي تخص زرعة بن عبد الرحمن، حيث من الواضح أنه لم يرو غير هذا الحديث، دون أن يعني ذلك أنه مجهول بل هو ممن لم يعرفوا بطلب الحديث وبتدريسه، ولعله التقى بابن الزبير خلال فترة ادعائه الخلافة ومنازعته الأمويين عليها، فسمعه يقول هذا الكلام
سند حديث عبد الله بن الزبير:
المشكلة الثانية تخص العلاء بن صالح، إذ هو مختلف فيه، فقد وثقه جماعة منهم ابن معين وأبو داود وأبو حاتم وابن حبان ويعقوب ابن سفيان وابن نمير والعجلي وعلى العكس من ذلك قال عنه ابن المديني: روى أحاديث مناكير، وقال عنه البخاري: لا يتابع "
"الحادي عشر: حديث طاوس اليماني:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أبو داود
نص الحديث:
عن طاوس قال: كان رسول الله (ص)يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة :
مناقشة السند:
وفي هذا السند ثلاث مشاكل:
الأولى تخص ثور بن يزيد، فقد اختلف فيه علماء الرجال فوثقه جماعة و جرحه آخرون، ولكن المعروف عنه أنه كان قدريا حتى أن أهل حمص نفوه لأجل ذلك، كما إن جده قتل يوم صفين مع معاوية، فكان ثور إذا ذكر عليا قال: لا أحب رجلا قتل جدي
والثانية تخص الهيثم بن حميد، فهو مثل شيخه مختلف فيه فوثقه
والمشكلة الثالثة أن الحديث كله حديث مرسل، فطاوس تابعي لم ير رسول الله (ص)هذا إذن حديث مرسل في سنده قدريان مختلف فيهما"
"الحديث الثاني عشر: حديث عبد الكريم بن أبي المخارق البصري:
حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث رواها مالك بن أنس
نص الحديث:
عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال: من كلام النبوة ..ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة "
مناقشة السند:
في هذا السند ثلاث مشاكل :
الأولى تخص الحديث نفسه، فهو مرسل إذ أن عبد الكريم بن أبي المخارق ليس صحابيا ولا نعرف من أين جاء بهذا الكلام
والثانية تخص عبد الكريم ابن أبي المخارق نفسه، إذ اتفق علماء الرجال على تضعيفه و تركه، وقالوا إن مالكا ما روى عن أحد أضعف منه، ولم يكن عبد الكريم من أهل المدينة المنورة ليعرفه مالك جيدا فاغتر بسمته والثالثة تخص مالك بن أنس نفسه الذي رأينا كيف اختلفت الرواية عنه بين " الموطأ " و " المدونة الكبرى "
فهذا سند ليس فيه شيء مقبول على الإطلاق"
وانتهى الباحث إلى نتيجة وهى أنه لا يوجد حديث واحد ثابت فى الموضوع فقال:
" الخلاصة:
ناقشنا في هذا البحث 42 رواية تتحدث عن وضع اليد على اليد في الصلاة، وهي كل الروايات الواردة في كتب الحديث السنية التسعة بخصوص هذا الموضوع وقد توزعت الروايات على 12 حديثا وقد وجدنا أن الجميع تعاني من مشاكل في أسانيدها
فهناك حديثان مرسلان (حديثا طاوس اليماني وعبد الكريم بن أبي المخارق)
وثلاثة أحاديث مروية عن رجال متفق على تضعيفهم (أحاديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الكريم بن أبي المخارق البصري)
وستة أحاديث مروية عن رجال مختلف فيهم (أحاديث هلب الطائي وعبد الله بن مسعود و جابر بن عبد الله وغضيف بن الحارث وعبد الله بن الزبير طاوس اليماني) وثلاثة أحاديث مروية عن مجهولين أو أقرب إلى أن يكونوا مجهولين (حديث هلب الطائي والحديثان المرويان عن علي بن أبي طالب )وحديثان مرويان عن رجال علاقتهم بشيوخهم غير مؤكدة (حديثا وائل بن حجر و جابر بن عبد الله) وحديثان مرويان عن رجلين لم يريا رسول الله (ص)إلا فترة محدودة (حديثا وائل بن حجر وهلب الطائي) وحديثان مرويان عن مالك بن أنس الذي يقول تلاميذه وأتباعه أنه كان يعمل بما يخالفهما (حديثا سهل بن سعد وعبد الكريم بن أبي المخارق)فكلها إذن أحاديث عليها علامات استفهام، ولا يصح الاعتماد عليها في مجال الحجاج والجدال"
والغريب أن فى كتب الحديث الشيعية نفس المشكلة فى الأسانيد والمتون فى نفس الموضوع