المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة فى كتاب القول في علم النجوم


رضا البطاوى
19-01-2020, 12:49 PM
قراءة فى كتاب القول في علم النجوم
مؤلف الكتاب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى 463هـ) وسبب التأليف كما قال :
"سأل سائل عن النجوم هل الشروع فيه محمود أم مذموم؟ وأنا أذكر في ذلك من القول المستقيم ما تيسر بتوفيق مولاي الكريم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"
فهناك إنسان استفتى الخطيب البغدادى عن حكم النجوم فكان الجواب :
"فأقول إن علم النجوم يشتمل على ضربين أحدهما مباح وتعلمه فضيلة
والآخر محظور والنظر فيه مكروه"
ثم فصل الجواب فقال عن علم النجوم المباح:
"فأما الضرب الأول فهو العلم بأسماء الكواكب ومناظرها ومطالعها ومساقطها وسيرها والاهتداء بها وانتقال العرب عن مياهها لأوقاتها وتخيرهم الأزمان لنتاج مواشيها وضرابهم الفحول ومعرفتهم بالأمطار على اختلافها واستدلالهم على محمودها ومذمومها والتوصل إلى جهة القبلة بالنجوم ومعرفة مواقيت الصلاة وساعات الليل بظهورها وأفولها وقد جاء كثير من ذلك في كتاب الله عز وجل وفي الآثار عن رسول الله (ص) وعن أخيار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء الخالفين"
وقد استشهد على ما ذهب إليه بالقرآن فقال:
"قال الله سبحانه {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون} [يونس 5] وقال تعالى {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} [يس 39] وقال عز وجل {الشمس والقمر بحسبان} [الرحمن 5] وقال تعالى {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} [الأنعام 97] "
وبعد هذا ذكر الروايات فى المسألة فروى التالى:
"وجاء في الآثار من ذلك ما أخبرنا به أبو الحسن محمد بن عمر بن عيسى بن يحيى البلدي قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام ببلد قال حدثنا علي بن حرب الطائي الموصلي قال ثنا حسين الجعفي عن زائدة عن أبانعن الحسن عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال(ص) «أحب عباد الله إلى الله رعاء الشمس والقمر الذين يحببون عباد الله إلى الله ويحببون الله إلى عباده» وأخرج عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله (ص) «خيار عباد الله» وقال الأزهري «إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله عز وجل» وأخرج عن أبي الدرداء أنه قال «لئن شئتم لأقسمن أن أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر ويراعون النجوم والأظلة لذكر الله عز وجل» وعنه أيضا «لئن شئتم لأقسمن لكم أن أحب عباد الله إلى الله رعاة الشمس والقمر» "
هذا الحديث عن كون أحب عباد الله لله رعاة الشمس والقمر يخالف كونهم المجاهدون كما قال تعالى "فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وأخرج عن ابن عمر عن رسول الله (ص) «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ومن النجوم ما تهتدون به في الظلمات»
وأخرج عن عمر بن الخطاب «تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم انتهوا وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم وتعرفون ما يحل لكم مما يحرم عليكم من الأنساب ثم انتهوا»
وأخرج عن أبي هريرة عن (ص) قال «ما بين المشرق والمغرب قبلة»
وأخرج عن مجاهد أنه قال «لا بأس أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به في البر والبحر ويتعلم منازل القمر»
وأخرج عن ابن عباس في قوله تعالى " {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} [يس 39] فقال هي ثمانية وعشرونمنزلا ينزلها في كل شهر أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية فأولها الشرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك وهو آخر الشامية والغفر والزبانا والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح

وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر الثمانيةوالعشرين فإذا سار هذه الثمانية وعشرين منزلا عاد كالعرجون القديم كما كان في أول الشهر "
وأخرج عن ابن عباس ما في قوله تبارك وتعالى " {الذي جعل في السماء بروجا} [الفرقان 61] قال هي هذا الاثنا عشر برجا أولها الحمل ثم الثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الأسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت "
وأخرج عن ابن عباس ما في قوله تبارك وتعالى " {بالخنس {15} الجوار الكنس} [التكوير 15-16] قال النجوم تخنسبالنهار وتظهر بالليل "
وبهذا السند قال " هي النجوم السبعة زحل وبهرام وعطارد والمشتري والزهرة والشمس والقمر "
قال " خنوسها رجوعها وكنوسها تغيبها "
وأخرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) «إذا طلعالنجم ارتفعت العاهة عن أهل كل بلد» وأخرج عن ابن عمر قال «نهى رسول الله (ص) عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة»قال فقلت يا أبا عبد الرحمن ما ذهاب العاهة؟ قال «طلوع الثريا» قال الشيخ وقد أكثر العرب في أشعارهم أشياء من علم النجوم فقال كثير بن عبد الرحمن
فدع عنك سعدى إنما تسعف النوى قران الثريا مرة ثم تافل
يريد أن الثريا يقارن الهلال ليلة مرة في السنة ثم تغيب وكذلك سعدى إنما يلاقيها مرة في الحول
وقال آخر
إذا ما قارن القمر الثريا لخامسة فقد ذهب الشتاء
والثريا تقارن القمر لخمس تخلو من الشهر مرتين عند انصرام البرد وطيب الزمان وعند انصرام الحر
وقال آخر
إذا ما قارن القمر الثريا لخامسة فقد ذهب المصيف
وقال حاتم طي
وعاذلة هبت بليل تلومني وقد غاب عيوق الثريا فعردا
وقال ذو الرمة في الاهتداء بالنجوم
فقلت اجعلي ضوء الفراقد كلها يمينا ومهر النسر عن شمالك
وقال آخر
فسيروا بقلب العقرب اليوم إنه سواء عليكم بالنحوس وبالسعد
أي سيروا عند سقوط قلب العقرب والعرب يقولون إنه نحس
وقال آخر
قد جاء سعد موعدا بشره مخبرة جنوده بحره
يعني سعد الأخبية وجنوده الحشرات وهو يطلع في إقبال الدفء فيبشر الهوام ويخرج منها ما كان مختبئا وقيل سمي سعد الأخبية لذلكوللعرب أسجاع في طلوع النجوم تدل على علم كثير
وأخرج بسنده عن أبي جعفر الراسبي قال قالوا يعني العرب " إذا طلع الشرطان ألقت الإبل أوبارها في الأعطان واعتدل الزمان واخضرت الأغصان وتهادت الجيرانوإذا طلع البطين طلعت الأرض بكل زين واقتضي الدين وحسن النبات في كل عينوإذا طلع النجم خيف السقم وترى عانات الوحش في كدموإذا طلع الدبران بات الفقير بكل مكان ورمت بأنفسها حيث شاءت الصبيان وكرهت النيرانوإذا طلعت الهقعة صعد الناس إلى القلعة ورجعوا إلى النجعة وأورست الفقعةوإذا طلعت الهنعة أحب الناس إلى الريف الرجعةوإذا طلعت النثرة ترطبت البسرة وجثى الفحل بكرة ولم يترك في ذات در قطرة وأوت المواشي إلى الحجرةوإذا طلعت العوا طاب الخباوانكنستالظبا وأشرف على عوده الحرباوإذا طلع سهيل فلأم الفصيل الويلوإذا طلع السماك فأجد حذاك وأصلح خباك وصوب فناك يعني للمطروإذا طلع الغفر أتاك من البرد صدر وقام الشعر وطاب أكل التمروإذا طلع الزبانا فأعد لكل ذي ماشية هوانا ولكل ذي عيال شانا وقالوا كان وكانا فاحتل لأهلك ولا توانا واحذر أن ترى عرياناوإذا طلع الإكليل هبت على الأنيق الفحول وشمرت الذيول وخيفت السيولوإذا طلع القلب هر العشار مثل الكلب وصار أهل البادية في غم وكربوإذا طلعت الشولة أتاك الشتاء بصولة وكانت للضعفاء جولة واشتد على العيال العولة وأعجلت الشيخ البولة
وإذا طلعت البلدة فشت الرعدة وأصاب الناس من البرد شدة وأحبوا عند النار القعدة "
وقال بعض العرب في هذا الوقت
وأوقدت الشعرى مع الليل نارها وأضحت محولا جلدها يتوسف
وأصبح مبيض السقيع كأنه على سروات النيب قطن مندف
ولهم من الأسجاع في هذا الضرب أكثر من هذا ولهم أيضا أسجاع في تقدير مكث الهلال والقمر من أول ليلة من الشهر إلى عشر منه
وأخرج عن أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج قال " وللعرب في تقدير الهلال والقمر من أول ليلة إلى عشر شيء يسجعون فيه ويبينون مقدار مكث القمر على عادتهم في التمثيل فيقولون الهلال ابن ليلة رضاع سخيلة حل أهلها برميلة أي قدر مكثه ذلك القدروبعضهم يقول عتمة سخيلة أي إبطاء سخيلة في الرضاعوإنما قالوا حل أهلها برميلة لأن لبن أمها يقل فيقل رضاعهاوابن ليلتين حديث أمتين كذب ومين أي مكثه قليل وحديثهما كذب فهو غير متصلوابن ثلاث قليل اللباثوقيل حديث قينات غير جد مؤتلفاتوابن أربع عتمة ربع لا جائع ولا مرضعالربع ما نتج في الربيع وهو أقوى مما ينتح في الصيفوابن خمس عشاء خلفات قعسوالخلفات جمع خلفة وهن الحوامل وجمعهن المخاض وإنما جعلهن قعسا جمع قعساء لأنها إذا حملت شمخت بآنافها ورفعت رؤوسها وخرجت صدورها وتشذرت فيقل أكلهاوابن ست سر وبتوقيل تحدث وبت لأن القمر يمكث نحو ثلاثة أسباع من الليلوقالوا ابن سبع حديث جمعوقيل ابن سبع دلجة الضبع لأن ابن السبع يغيب نصف الليل وفي ذلك الوقت يتحرك الضبع لأنها تدلج وإنماقيل حديث جمع لأنه يمكن فيه حديث الجماعةوابن ثمان قمر إضحيانوإضحيان أي بينوابن تسع يلتقط فيه الجزعوقالوا انقطع الشسع وإنما قيل انقطع الشسع لطول المكث فيه قبل أن يغيبوابن عشر محنق الفجروقالوا يؤديك إلى الفجروتركت العرب أن تمثل ما بعد هذا لقربه من الفجر لأنهمقد وصفوا الليالي بجملتها إلى آخر الشهر "
وأخرج عن أبي يحيى محمد بن كناسة الأسدي صاحب النجوم وقال " كانت العرب تسمي الشهر عشرة أسماء لكل ثلاثة منها اسم فتسمي أولها الغرر ثم النفل ثم الدرع ثم العشر ثم البيض ثم الظلم ثم الحندس ثم الدآدئ ثم المحاق ثم الفلتةفأما الغرر فإن غرة كل شيء في أوله فإنها كانت تصوم الغرر شبه الفرض عليها لا تتركهوأما النفل فكانت تصوم شبه النافلة إن شاءت تصوم وإن شاءت تتركهوأما الدرع فتقول قد تدرعت الأرض القمر أي صار القمر على الأرض كثيراوأما العشر فتقول عشر وأحد عشر واثنا عشروأما البيض فتعني اتصال القمر مع الشمسوأما الظلم فحين يذهب القمر في أول الليلوأما الحندس فتعني بها أشد ظلمة من الظلموأما الدآدئ فحين ينقص الهلال يقول قد وقع الداء فيهوأما المحاق فقد ذكر في الحديث أن رسول الله (ص) قال وقد رأى رجلا يحتجم في المحاق «أما إنه لن ينفعه» وأما الفلتة فإن الشهر ليس يتم أبدا ثلاثين فإذا تم فيالحين سمته العرب فلتة "
قال الشيخ " والعرب تبذر فيها بين طلوع سهيل إلى سقوط الغفر فأول طلوع سهيل في آذار وآخره عند سقوط الفرغ المؤخر هو أول الوسمي ويحضرون المياه عند طلوع الثريا إلى طلوع الشعرى وأول نتاج الشاء عندهم مع طلوع الهرارين وهما النسر الواقع وقلب العقرب ويكون طلوعهما معا وهو نتاج غير محمود لشدة البرد وقلة الكلأ وكانوا يقولون ما نتج بعد سقوط الغفر فهو ضعيف لشدة الحر وهيج الأرض ثم يدركه الشتاء وهو ضعيف فلا يقوى "
وقالوا لا يطلع السماك إلا غازرا ذنبه في بردونوء الزبرة لا يخلو من مطر أو قروقالوا ما ناء الدبران والبطين فكان في نوئهما مطر إلا أجدب ذلك العام ولا اجتمع مطر الثريا في الوسمي ومطرالجبهة في الربيع إلا كان ذلك العام كثير الحياة تام الخصب "
فالعرب تعرف أوقات المطر والرياح والحر والبرد بمطالع النجم ولهم في ذلك فضيلة بينة وإذا رأوا السحاب عرفوا هل هي ذات مطر أم لا؟ وهل مطرها كثير أو غير كثير؟ وهل هي مما قد أهراق ماءه أو ماؤه فيها؟ وقد روي عن(ص) في ذلك
قال عوف بن الحارث سمعت عائشة تقول سمعت رسول الله (ص) يقول «إذا نشأت السماء بحرية ثم تشاءمت فتلك عين» أو قال «عام غديقة» يعني مطرا كثيرا وأخرج الشيخ رحمه الله بسنده بطريقين عن موسى بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جده قال بينما رسول الله (ص)
ذات يوم جالسا مع أصحابه إذ نشأت سحابه فقال «كيف ترون قواعدها؟» قالوا ما أحسنها وأشد تمكنها! قال «فكيف ترون رحاها؟» قالوا ما أحسنها وأشد استدارتها! فقال «كيف ترون بواسقها؟» قالوا ما أحسنها وأشد استقامتها! فقال «كيف ترون جونه؟» قالوا ما أحسنه وأشد سواده! فقال رسول الله (ص) «الحيا» فقالوا يا رسول الله ما رأينا الذي هو أفصح منك! قال «وما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين؟ !»قال أبو بكر بن دريد تفسير الكلام " قواعدها أسافلهاورحاها وسطها ومعظمهاوبواسقه أعاليهاوإذا استطار البرق من أعاليها إلى أسافلها فهو الذي لا يشك في مطرهوالخفو أضعف ما يكون من البرقوالوميض نحو التبسم الخفي يقال ومض وأومض "
وأخرج عن أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج قال ثنا وغيره قال محمد بن يزيد النحوي " خرج أعرابي ضرير في بغاء إبل له ضلت ومعه بنت له تقوده فمرا بواد معشب فقالت يا أبة ما رأيت مرتع أبل كهذا؟ فقال إن رد الله علينا إبلنا سرحنا فيه فلم يلبثا أن وجداها فأرسلا فيه فجعلت تخضم أطوله وأقصره فبينا هما كذلك قالت ابنته يا أبة إني أخاف المطرقال وما الذي ترين؟ قالت أرى سحابا دواني وسحابا بوانيفقال ارعي لا بأس عليكفرعت ساعة ثم قالت يا أبة إني أخاف المطرقال وما الذي ترين؟ قالت أراها كبطون الأتن القمر في المرابض الغبرقال ارعي لا بأس عليكفرعت ساعة ثم قالت يا أبة إني أخاف المطرقال وما الذي ترين؟ قالت أرى سحابا دون سحاب كأنه نعام يعلق بأرجلهقال ارعي لا بأس عليكفرعت ساعة ثم قالت يا أبة إني أخاف المطر! قال وما الذي ترين؟ قالت سحابا أكاد أرفعه بيديقال ارعي لا بأس عليكفرعت ساعة ثم قالت يا أبة إني والله أخاف المطر! قال ما الذي ترين؟ قالت أراها قد اسلنطحت وانتصبتقال ويحك فانجي بنا ولا أظنك ناجية فلم يبلغا آخر الوادي حتى سال أوله " قال الزجاج معنى اسلنطحت انبسطت
فهذا الذي ذكرنا كله من علم النجوم هو العلم الصادق النافع وبه يكون الاهتداء في ظلمات البر والبحر والنجاة من حيرة الضلال فكم من قوم أشفى بهم ذلك على الهلاك فأنجاهم الله تعالى بالاستدلال بنجم أموه ووجه قصدوه وبه يعرف وقت النتاج ووقت تأبير النخل ووقت بيع الثمرة وإقبال الخير وإدباره وأمارات الخصب والجدب وعلاماتالسحائب الماطرة والسحائب المخلفة والبروق الصادقة والكاذبة وبه ينتقلون عن المحاضر إلى المياه وعن المياه إلى المحاضر وليس ينصرف إليه شيء من الأحاديث التي أنا ذاكرها
فأخرج عن أنس بن مالك قالقال رسول الله (ص) «أخاف على أمتي تكذيبا بالقدر وصدقا بالنجوم»
وبطريق آخر إلى هشام بن عمار قال ثنا شهاب بن خراش الحوشبي لقيته وأنا شاب في سنة أربع وسبعين وقال لي إن لم تكن قدرياولا مرجيا حدثتك وإلا لم أحدثك فقلت ما في من هذا شيء فقال حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس قال قال رسول الله (ص) " أخاف على أمتي خصلتين تكذيبا بالقدر وتصديقا بالنجوم "
وقال أخذ يزيد بعرض شيبته وقال آمنا بالقدر خيره وشره
وأخرج عن جنادة قال قال رسول الله (ص) " ثلاث من فعالالجاهلية لا يدعهن أهل الإسلام استناءة بالكواكب وطعن في النسب والنياحة على الميت " وأخرج عن ابن عباس ما قال قال رسول الله (ص) " إن في أمتي أربعا من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيهن الفخر في الأنساب والطعن في الأحساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة على الميت " لأن تفسير هذه الأحاديث قد جاء في حديث آخر وأخرج عن العباس بن عبد المطلب قال أخذ رسول الله (ص) بيدي حتى خرجنا من المدينة فلما خرجنانظر إليها وقال " هذه جزيرة قد برئت من الشرك ما لم تضلهم النجومقال فقلت يا رسول الله وكيف تضلهم النجوم؟ قال يقولون إذا أصابهم الغيث مطرنا بنجم كذا وكذا "
وأخرج عن زيد بن خالد الجهني قال مطر الناس على عهد رسول الله (ص) فلما أصبح قال " ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟ قال ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين فأما من آمن وحمدني على سقياي فقد آمن بي وكفر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فقد آمن بالكواكب وكفرني وكفر نعمتي "
وأخرج عن أبي إسحاق الزجاج أنه قال إنما جاء التغليظ في هذا والله أعلم أن العرب كانت تزعم أن ذلك المطر الذي جاء عند سقوط النجم هو فعل النجم ولا يجعلونه سقيا من الله تعالى وإن كان وافق سقوط النجموأما من نسب ذلك إلى الله تعالى وجعله وقتا كمواقيت الليل والنهار كان ذلك حسناوالدليل على حسن ذلك وجوازه " أن عمر بن الخطاب حين استسقى بالناس بالمصلى نادى العباس كم بقي من نوء الثريا؟ فقال العباس إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد وقوعها فوالله ما مضت تلك السبع حتى غيث الناس "
قد مضى الكلام في الضرب الأول من علم النجوم وهو المباح
وأما الضرب الثاني وهو المحظور فهو ما يدعيه المنجمون من الأحكام وليس أشد إتعابا للفكر وإنصابا للبدن وإضلالا للفهم منه فإذا أنفد الناظر فيه عمره بإسهار الليل وشغل القلب عن المطعم والمشرب واللذات والعمل للدنيا والآخرة وتباعد من الله ورسوله ومن عباده الصالحين ورماه الناس عن قوس واحدة بالكفر والزندقة كان عرفه الذي انتهى إليه وزبدته التي مخض عنها علم كسوف الشمس والقمر متى يكون؟ وفي أي وقت يحدث من الليل والنهار؟ ومقدار ما يكسف من كل واحد منهما ووقت الانجلاء؟ وهذا علم لا ينفع الله به بوجه من الوجوه لا يستدل به على أمر من الأمور وإنما الكسوف شيء قدره الله سبحانه بمسير الشمس والقمر فيكون باجتماعهما أو تقابلهما وليس على من لم يعلم وقت الكسوف حين يكون من عيب ولا نقص وإنما يكون العيب في الجهل بما تعلمه العرب من أمر النجوم الذي تقدم ذكرنا له فإن استزله الشيطان وأطمعه في القضاء والأحكام واعتقد في الكسوف أنه لموت أحد أو حياته أو حلول حادثة ووقوع جائحة فقد عقله الشيطان بالغرور وقطع أسبابه من الدين لأن الله تعالى استأثر بالغيب دون أنبيائه وملائكتهإلا ما أطلعهم عليه
وأخرج عن عبد الله بن مسعود قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله (ص) فقالوا إنما انكسفت لموت إبراهيم ثم خرج رسول الله (ص) إلى المسجد فصلى بالناس ثم قال أيها الناس «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة»
وأخرج عن ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة قال شهدت خطبة لسمرة بن جندب فذكر حديثا عن رسول الله (ص)
أنه قال «أما بعد فإن ناسا يزعمون أن كسوف الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن موضعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض وإنهم قد كذبوا ولكنها هي آيات الله يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة» قال الشيخ إن سأل سائل عن حديث عائشة قالت أخذ رسول الله (ص) بيدي فأراني القمر فقال «استعيذي بالله من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب»
وفي رواية عنها أخذ بيدي ثم نظر إلى القمر فقال «يا عائشة تعوذي بالله من هذا فإنه الغاسق إذا وقب» وإنما سمي القمر غاسقا لأنه يكسف
فيغسق أي يسود ويظلمالغسق الظلمةووقوبه دخوله إما في حال الكسوف وإما في شيء يستره ويكسف نوره فكأنه قال تعوذي بالله من شره في تلك الحال لأن أهل الفساد ينتشرون في الظلمة ويتمكنون فيها مما لا يقدرون عليه في حالالضياء فيقدمون على العظائم ويجترئون على انتهاك المحارم فأضاف (ص) فعل أهل الفساد في تلك الحال إلى القمر لأن سبب ذلك الفعل كسوفه كما يسمى الشيء باسم غيره إذا كان سببا له والله أعلم ولو كان النظر في أحكام النجوم يفيد علما صحيحا لم يجز لنا استعماله لأن شريعتنا قد حظرته ونهت عنه فلا يجوز لمسلم الدخول فيه وكيف يجوز استعمال ذلك وقد حظر علينا (ص) ما دونه من تعليق الخرز والحلق للمنفعة بهاوأخرج عن عمران بن حصين أن (ص) رأى في عضد رجل حلقة من صفر فقال «ما هذا؟» فقال من الواهنةقال «انبذها عنك فإنها لا تزيدك إلا وهنا لو متوهي عليك وكلت إليها»
وأخرج عن أبي قلابة قال «قطع رسول الله (ص) التميمة من قلادة الصبي» قال وهو الشيء يحرز في عنق الصبي من العين وقطعها من عنق الفضل بن عباس ما
قال الشيخ فقد ورد هذا التغليط في تعليق حلقة ونحوها فكيف في خدمة كوكب وطاعة منجم؟ ! فإن قيل ما معنى قول (ص) عند هبوب بعض الرياح «هبت لموت عظيم من عظماء المنافقين»
وهو ما أخرجه الشيخ عن رافع بن خديج قال رحنا من المريسيع قبل الزوالوكان الجهد بنا يومنا وليلتنا وساق الحديث إلى أن قال وسرح الناس ظهرهم فأخذتهم ريح شديدة حتى أشفق الناس منها وسألوا عنها رسول الله (ص) فقال «لموت منافق عظيم النفاق بالمدينة فلذلك عصفت الريح»
فالجواب أنه يجوز أن يكون الله تعالى عرف نبيه (ص) أنه إذا هبت ريح في يوم كذا فاعلم أني أميت فلانا وكفيتك أمره فيكون قول (ص) هذا لما تقدم من إخبار الله تعالى إياه ذلك
فإن قيل ما أنكرت أن يكون الله قد وضع على النجوم علامات ودلالات أنها إذا نزلت بعض البروج دلت على كذا؟ قلنا لا ينكر هذا لو أخبرنا الله تعالى بذلك ورسوله (ص) فأما ولم يأت الخبر بذلك فإنا لا نجوزه ولا نجوز إلا ما جوزته الشريعة أو اجتمعت الأمة على تجويزه
مطلب ذكر الأحاديث المأثورة في النهي عن النظر في أحكام النجوم وأخرج عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله (ص) يقول «لا تسألوا عن النجوم ولا تفسروا القرآن برأيكم ولا تسبوا أحدا من أصحابي فإن ذلك الإيمان المحض»
وأخرج عن علي قال «نهاني رسول الله (ص) عن النظر في النجوم وأمرني بإسباغ الطهور»
وبطريق آخر عنه قال قال رسول الله (ص) «يا علي أسبغ الوضوء وإن شق عليك ولا تأكل الصدقة ولا تنز الحمير على الخيل ولا تجالس أصحاب النجوم»
وأخرج عن أبي هريرة قال «نهى رسول الله (ص) عن النظر في النجوم» وأخرج بطريق آخر عنه أن (ص) «نهى عن النظر في النجوم» وأخرج عنه بطرق شتى أنه قال «نهى(ص) عن النظر في النجوم» وأخرج عن عائشة ا قالت «نهى (ص) عن النظر في النجوم»
وأخرج عن ابن مسعود قالقال رسول الله (ص) «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا»
وأخرج بطرق أخر عنه مثلهوعن الأعمش مثله سواء
أراد (ص) بالإمساك عن النجوم الكف عما يقول المنجمون فيها من أنها فاعلة مدبرة وأنهاتسعد وتنحس وأن ما يكون في العالم من حادث فهو بحركات النجوم فأمر عليه الصلاة والسلام بالإمساك عن هذا القول وأن يقال فيها إنها كما جعلها الله تعالى يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ويعرف بالشمس والقمر عدد السنين والحساب وإن فيها دلالة على قدرة الله وحكمته
وأخرج بطرق عديدة عن ابن عباس ما قال قال رسول الله (ص) «من اقتبس علما من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر ما زاد زاد وما زاد زاد»
إن قيل كيف أضاف (ص)علم النجوم إلى السحر؟ فالجواب لأنهما وقعا من التمويه والخداع والأباطيل موقعا واحدا إذ النجوم لا فعل لها في خير ولا شر وإنما الله تعالى الفاعل عند حركتها وكذلك السحر
قال الله تعالى في قصة الملكين مع من أخذ السحر عنهما {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} [البقرة 102] فأعلمنا أن ذلك إذا وقععن فعل واحد منهما فليس بواقع إلا بإذن الله أي بإرادة الله عز وجل
وأخرج عن عبد الله بن عوف بن الأحمر أن مسافر بن عوف قال لعلي حين انصرف من الأنبار إلى أهل النهروان " يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهارقال علي ولم؟ قال لأنك إن سرت في هذه الساعة أصابك أنت وأصحابك بلاء وضر شديد وإن سرت في الساعة التي أمرتبها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبتفقال علي ما كان لمحمد (ص) منجم ولا لنا من بعده هل تعلم ما في بطن فرسي هذه؟ قال إن حسبت علمت
قال من صدقك بهذا القول كذب القرآن قال الله تعالى {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام} [لقمان 34]
ما كان محمد (ص) يدعي علم ما ادعيت علمه تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي تصيب السوء من سار فيها؟ قال نعمقال من صدقك بهذا القول استغنى عن الله في صرف المكروه عنه وينبغي للمقيم بأمرك أن يوليك الحمد دون الله ربه لأنك أنت بزعمك هديته إلى الساعة التيتنجي من السوء من سافر فيها فمن صدقك بهذا القول لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ دون الله ندا أو ضدا اللهم لا طائر إلا طائرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيركنكذبك ونخالفك ونسير في الساعة التي تنهانا عنها ثم أقبل على الناس فقال يا أيها الناس إياكم وتعلم هذه النجوم إلا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر إنما المنجم كالكافر والكافر في النار والمنجم كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار والله لئن بلغني أنك تنظر في النجوم وتعمل بها لأخلدنك في الحبس ما بقيت وبقيت ولأحرمنك العطاء ما كان لي سلطان ثم سار في الساعة التي نهاه عنها فلقي أهل النهروان فقتلهم ثم قال لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها فظفرنا وظهرنا لقال قائل سارفي الساعة التي أمر بها المنجم
ما كان لمحمد (ص) منجم ولا لنا من بعده فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر وسائر البلدانأيها الناس توكلوا على الله تعالى وثقوا به فإنه يكفي ممن سواه "
وأخرج عن ابن لهيعة أن الربيع بن سبرة الجهني حدثه قال " لما غزا عمر وأراد الخروج إلى الشام خرجت معه فلما أردنا أن ندلج نظرت فإذا القمر في الدبران فأردت أن أذكر لعمر ذلك فعرفت أنه يكره ذكر النجوم فقلت له يا أبا حفص انظر إلى القمر ما أحسن استواءه الليلة! فنظرفإذا هو في الدبران قال قد عرفت ما تريد يا ابن سبرة تقول إن القمر بالدبران وإنا والله ما نخرج بالشمس ولا بالقمر ولكن نخرج بالله الواحد القهار "
قال الشيخ كذا كان الحديث في أصل الحيري وليس بمستقيم عندي سماع الربيع بن سبرة عن عمر ولعل الربيع رواه عن أبيه عن عمر والله أعلم
وأخرج عن قتادة قوله تعالى " {وأنهارا وسبلا} [النحل 15] قال طرقا {وعلامات} [النحل 16] قال هي النجوم قال إن الله تعالى إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال جعلها زينة للسماء وجعلها نهتدي بها وجعلها رجوما للشياطين فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد أخطأ حظه وقال رأيه وأضاع نصيبه وتكلفما لا علم له به وإن أناسا جهلة بأمر الله تعالى قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولعمري ما من النجوم نجم إلا يولد به الطويل والقصير والأحمر والأبيض والحسن والذميم قال وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب وقضى الله تعالى أنه {لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون} [النمل 65]
ولعمري لو أن أحدا علم الغيب لعلمه آدم الذي خلقه الله تعالى بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه الجنة فأكل منها رغدا حيث شاء ونهاه عن شجرة واحدة فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه ولو كان أحد يعلم الغيب لعلمه الجن حين مات نبي الله سليمان عليه السلام فلبث الجن يعملون له حولا في أشد العذاب وأشد الهوان لا يشعرون بموته وما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن وهي في مصحف عبد الله تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهينقال قد كانت تقول قبل ذلك إنا نعلمفابتلاهم الله تعالى وجعل موت سليمان للجن والإنس عبرة "