رضا البطاوى
03-05-2020, 02:01 PM
ثم تحدث عن التالى:
أصل اختلاف القراءات
46 - ووجه هذا الاختلاف في القرآن أن رسول الله (ص) كان يعرض القرآن على جبريل (ص)في كل عام عرضة فلما كان في العام الذي توفى فيه عرضه عليه عرضتين فكان جبريل (ص)يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة ولذلك قال (ص) إن القرآن أنزل عليها وإنها كلها شاف كاف وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها والإقرار بكلها إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة ومنه (ص) مأخوذة"
وكلامه عن العرضتين غير مقنع لأنه قال أنه فى كل عرضة وجه أى حرف فيكون المجموع حرفين وهو ما يناقض كونهم سبعة
47 - ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بأجمعها بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت منها كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة بأن تكفر بأي الكفارات شاءت إما بعتق وإما بإطعام وإما بكسوة وكذلك المأمور في الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك أي ذلك فعل فقد أدى ما عليه وسقط عنه فرض غيره فكذا أمروا بحفظ القرآن وتلاوته ثم خيروا في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءوا إذ كان معلوما أنهم لم يلزموا استيعاب جميعها دون أن يقتصروا منها على حرف واحد بل قيل لهم أي ذلك قرأتم أصبتم فدل على صحة ما قلنا"
الخبل هنا هو أن لا أحد يعرف ما هى الأحرف السبعة يقينا فكيف يكون النبى(ص) أمر بشىء مجهول والشريعة كلها كما قال الله واضحة مبينة كما قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
ثم اختار عنوان مصيبة يحدث الخلاف بين المسلمين مع أن ما قاله فيما بعده لا يدل على هذا فقال :
"اختلاف المعاني تبعا لاختلاف الألفاظ في الأحرف السبعة:
48 - وأما على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف فإنه يشتمل على ثلاثة معان يحيط بها كلها
أحدها اختلاف اللفظ والمعنى الواحد والثاني اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضاد اجتماعهما فيه والثالث اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه ونحن نبين ذلك إن شاء الله
49 - فأما اختلاف اللفظ والمعنى واحد فنحو قوله / السراط / بالسين و {الصراط} بالصاد و / الزراط / بالزاي و {عليهم} و {إليهم} و {لديهم} بضم الهاء مع إسكان الميم وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها و {فيه هدى} و {عليه كنز} و / منه ءايت / و {عنه ماله} بصلة الهاء وبغير صلتها و {يؤده إليك} و {نؤته منها}و{فألقه إليهم} بإسكان الهاء وبكسرها مع صلتها واختلاسها و {أكلها} و {في الأكل} بإسكان الكاف وبضمها و {إلى ميسرة} بضم السين وبفتحها و {يعرشون} بكسر الراء وبضمها وكذلك ما أشبهه ونحو ذلك البيان والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة وتحقيق الهمز وتخفيفه وشبهه مما يطلق عليه أنه لغات فقط
50 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز اجتماع القراءتين في شيء واحد من أجل عدم تضاد اجتماعهما فيه فنحو قوله تعالى / ملك يوم الدين / بألف و {ملك} بغير ألف لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو الله سبحانه وتعالى وذلك أنه تعالى مالك يوم الدين وملكه فقد اجتمع له الوصفان جميعا فأخبر تعالى بذلك في القراءتين
51 - وكذا {بما كانوا يكذبون} بتخفيف الذال وبتشديدها لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هم المنافقون وذلك أنهم كانوا يكذبون في إخبارهم ويكذبون النبي (ص) فيما جاء به من عند الله تعالى فالأمران جميعا مجتمعان لهم فأخبر الله تعالى بذلك عنهم وأعلمنا أنه معذبهم بهما
52 - وكذا قوله تعالى / كيف ننشرها / بالراء وبالزاي لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هي العظام وذلك أن الله تعالى أنشرها أي أحياها وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فأخبر سبحانه أنه جمع لها هذين الأمرين من إحيائها بعد الممات ورفع بعضها إلى بعض لتلتئم فضمن تعالى المعنيين في القراءتين تنبيها على عظيم قدرته
53 - وكذا قوله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} بكسر الخاء على الأمر وبفتحها على الخبر لأن المراد بالقراءتين جميعا هم المسلمون وذلك أن الله تعالى أمرهم باتخاذهم مقام إبراهيم مصلى فلما امتثلوا ذلك وفعلوه أخبر به عنهم فجاءت القراءة بالأمرين جميعا للدلالة على اجتماعهما لهم فهما صحيحان غير متضادين ولا متنافيين
54 - وكذا قوله / وما هو على الغيب بظنين / بالظاء و {بضنين} بالضاد لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي (ص) وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب أي غير متهم فيما أخبر به عن الله تعالى وغير ضنين به أي غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه فقد انتفى عنه الأمران جميعا فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين وكذا ما أشبهه
55 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه فكقراءة من قرأ {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتشديد لأن المعنى وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم وقراءة من قرأ {قد كذبوا} بالتخفيف لأن المعنى وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول للرسل والثاني للمرسل إليهم والظن في القراءة الثانية شك والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل
56 - وكذا قراءة من قرأ / لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموت والأرض بصائر / بضم التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى موسى عليه السلام حديثا منه لفرعون حيث قال {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} فقال له موسى عليه السلام عند ذلك {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} فأخبر عليه السلام عن نفسه بالعلم بذلك أي ليس بمجنون وقراءة من قرأ {لقد علمت} بفتح التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى فرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع والتوبيخ له على شدة معاندته للحق وجحوده له بعد علمه ولذلك أخبر تبارك وتعالى عنه وعن قومه فقال {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} الآية
57 - وكذلك ما ورد من هذا النوع من اختلاف القراءتين التي لا يصح أن يجتمعا في شيء واحد هذه سبيله لأن كل قراءة منهما بمنزل آية قائمة بنفسها لا يصح أن تجتمع مع آية أخرى تخالفها في شيء واحد لتضادهما وتنافيهما"
ومن ثم فالقراءة وهى النطق قد يختلف ولكن المفهوم واحد لا يتغير ثم تحدث أنه الأحرف السبعة ليست معروفى رواية ولا فى قراءة واحدة فقال :
"الأحرف السبعة لا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة:
58 - وأما هذه السبعة الأحرف فإنها ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة بل بعضها فإذا قرأ القارئ بقراءة من قراءات الأئمة وبرواية من رواياتهم فإنما قرأ ببعضها لا بكلها والدليل على ذلك أنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات كنحو اختلاف الإعراب والحركات والسكون والإظهار والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة والزيادة للحرف ونقصانه والتقديم والتأخير وغير ذلك مما شرحناه ممثلا قبل وإذا كان هذا هكذا فمعلوم أن من قرأ بوجه من هذه الأوجه وقراءة من القراءات ورواية من الروايات أنه لا يمكنه أن يحرك الحرف ويسكنه في حالة واحدة أو يقدمه ويؤخره أو يظهره ويدغمه أو يمده ويقصره أو يفتحه ويميله إلى ما أشبه هذا من اختلاف تلك الأوجه والقراءات والروايات في حالة واحدة فدل على صحة ما قلناه"
وكلام الدانى عن وجود سبعة أوجه فى قوله " والدليل على ذلك أنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات1- كنحو اختلاف الإعراب 2-والحركات 3-والسكون 4-والإظهار 5-والإدغام 6-والمد 7-والقصر 8-والفتح 9-والإمالة 10-والزيادة للحرف 11-ونقصانه 12-والتقديم 13-والتأخير وغير ذلك مما شرحناه ممثلا قبل "يناقض أنه ذكر18 وجه فى فقرات سابقة كما يناقض نفسه بذكر السبعة حيث ذكر فى الفقرة13 وجها
ثم تحدث عن كون ألحرف كلها صحيحة فقال :
"الأحرف السبعة كلها صواب:
59 - وهذه القراءات كلها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها وقرأ بها رسول الله (ص) وأقرا بها وأباح الله تعالى لنبيه القراءة بجميعها وصوب الرسول (ص) من قرأ ببعضها دون بعض كما تقدم في حديث عمر رضي الله عنه وفي حديث أبي بن كعب وعمرو بن العاص وغيرهم
60 - وكما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضي قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك بن ميسرة قال سمعت النزال بن سبرة قال سمعت عبد الله قال سمعت رجلا قرأ آية سمعت من النبي (ص) خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله (ص) فقال كلاكما محسن
61 - وحدثنا الخاقاني قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا علي قال حدثنا القاسم قال حدثنا حجاج عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن ابن مسعود قال سمعت رجلا يقرأ آية وسمعت من رسول الله (ص) خلافها فأتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الغضب ثم قال كلاكما محسن إن من قبلكم اختلفوا فأهلكهم ذلك
62 - وحدثنا طاهر بن غلبون قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن علي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قلت لرجل أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله (ص) فقلت لآخر اقرأ فقرأ خلاف ما أقرأني الأول فأتيت بهما رسول الله (ص) فغضب فقال علي قال لكم اقرؤوا كما قد علمتم
63 - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك ثم ترافعوا إلى النبي (ص) فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقر أنه كذلك أخذ عليه وأنه كذلك أنزل ثم أقره على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله واعلم أن كل واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب فدل ذلك على صحيح ما تأولناه
64 - فأما قوله (ص) لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة أصبت وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب مرسلا فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وأنه عربي مبين وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها
65 - وكذا قوله (ص) كل شاف كاف أي يشفي من التمس علمه وحكمته ويكفي من التمس بتلاوته الفضيلة والثواب كما يشفي ويكفي غيره من سائر الأحرف لما فيه
66 - وكذا قوله (ص) في الحديث الآخر أحسنت أي أحسنت القصد لالتماس الثواب بقراءة القرآن على الحروف التي أقرئتها وأحسنت في الثبات على ما كان معك من الأحرف السبعة إذ هي متساوية"
ولو كان حديث وروايات الوجوه السبعة صحيحة مع الجهل بماهية الوجوه فكل ما قاله هو ضرب من الجنون خاصة أنه لم يحدد هو أو غيره سبعا متفق عليها فهو وحده ذكر 18 مرة و13 مرة
ورغم أنه حاول تحديد الوجوه ففشل هو أو غيره فإنه هنا يذكر روايات فى الأمر فيقول :
"خبر نزول القرآن على سبعة أبواب وبيان معناه:
67 - فأما الخبر الذي رويناه عن ابن مسعود عن النبي (ص) أنه قال كان الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال إلى آخره
68 - في السبعة الأحرف التي ذكرها (ص) في هذا الخبر وجهان أحدهما أنها غير السبعة الأحرف التي ذكرها في الأخبار المتقدمة وذلك من حيث فسرها في هذا الخبر فقال زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال وأمر أمته أن يحلوا حلاله ويحرموا حرامه ويفعلوا ما أمروا به وينتهوا عما نهوا عنه ويعتبروا بأمثاله ويعملوا بحكمه ويؤمنوا بمتشابهه ثم أكد ذلك بأن أمرهم أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا فدل ذلك كله على أن هذه الأحرف غير تلك الأحرف التي هي اللغات والقراءات وأنه (ص) أراد بذكر الأحرف في هذا الخبر التنبيه على فضل القرآن على سائر الكتب وأن الله سبحانه قد جمع فيه من خلال الخير ما لم يجمعه فيها
69 - وأما قوله في هذا الخبر كان الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب فمعناه أن الكتاب الأول نزل خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام كزبور داود الذي هو تذكير ومواعظ وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض دون غير ذلك من الأحكام والشرائع وكذلك ما أشبه ذلك من الكتب المنزلة ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا الذي خص الله تعالى به نبينا (ص) وأمته فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله مطلبا ينالون به الجنة ويستوجبون به منه القربة إلا من الوجه الواحد الذي نزل به كتابهم وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب
70 - والوجه الثاني أن السبعة الأحرف في هذا الخبر هي السبعة الأحرف المذكورة في الأخبار المتقدمة التي هي اللغات والقراءات ويكون قوله زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال تفسيرا للسبعة أبواب التي هي من الجنة لا تفسيرا للسبعة الأحرف لأن العامل إذا عمل بها وانتهى إلى حدودها استوجب بذلك الجنة وكلا الوجهين في تأويل الحديث بين ظاهر وعلى الأول أكثر العلماء وبالله التوفيق"
هنا الرجل يحاول إزالة تناقض الروايات فالرواية التى ذكرها فى أول الفصل تنقض تفسيرات الوجوه السبعة اللغوية وتجعلها سبعة فروق بين الآيات فى الفهم
وهى رواية هى الأخرى بها خطأ ظاهر فالزاجر هو وهى المنهى عنه هو الحرام والأمر هو الحلال وكلهم هم المحكم أى الأحكام ومن ثم فلا يوجد سبعة وإنما ثلاثة
ثم تحدث عن عقيدة الأحرف فقال:
"ما ينبغي اعتقاده في الأحرف والقراءات وتاريخ المصحف:
71 - قال أبو عمرو وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأليفه وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره فأن القرآن منزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف وحق وصواب وأن الله تعالى قد خير القراء في جميعها وصوبهم إذا قرؤوا بشيء منها وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها وأن جميع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن رسول الله (ص) وضبطتها الأمة على اختلافها عنه وتلقتها منه ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه ولا مرتابا به"
المصيبة الكبرى هنا هو اعتراف الدانى بأننا جهلة بماهية الأحرف السبعة بقوله :
"وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها"
ثم كلمنا كلاما غير مفهوم فقال :
72 - وأن أمير المؤمنين عثمان ومن بالحضرة من جميع الصحابة قد أثبتوا جميع تلك الأحرف في المصاحف وأخبروا بصحتها وأعلموا بصوابها وخيروا الناس فيها كما كان صنع رسول الله (ص) وأن من هذه الأحرف حرف أبي بن كعب وحرف عبد الله بن مسعود وحرف زيد بن ثابت وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة إنما طرحوا حروفا وقراءات باطلة غير معروفة ولا ثابتة بل منقولة عن الرسول (ص) نقل الأحاديث التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها
73 - وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من الصحابة كأبي وعبد الله وزيد وغيرهم من قبل أنه كان أضبط له وأكثر قراءة وإقراءا به وملازمة له وميلا إليه لا غير ذلك وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار المراد بها أن ذلك القارئ وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة وآثره على غيره وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به وقصد فيه وأخذ عنه فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد
74 - وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط دون سائر العرب وإن كان معظمه نزل بلغة قريش وأن رسول الله (ص) سن جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته وأنه (ص) لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه وحفظ الباقون منه جميعه متفرقا وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن
75 - وأن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وجماعة الأمة أصابوا في جمع القرآن بين لوحين وتحصينه وإحرازه وصيانته وجروا في كتابته على سنن الرسول (ص) وسنته وأنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف ولا ما لم تقم الحجة به ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين ومن جرى مجراهما وإن كانوا قد أشهدوا على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط وطرق الحكم والانقاد
76 - وأن أبا بكر رضي الله عنه قصد في جمع القرآن إلى تثبيته بين اللوحين فقط ورسم جميعه وأن عثمان رحمه الله تعالى أحسن وأصاب ووفق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك وأن سائر الصحابة من علي رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول (ص) وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير
77 - وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول (ص) ولا منع منها ولا حظر القراءة بها إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه وحكم الرسول (ص) للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق"
الغير مفهوم هو أن المصاحف مثبت بها كل القراءات أى الأحرف وهو كلام عار من الصحة فحتى لو سلمنا بكونها كانت غير منقطة أو غير مشكولة فالكتابة لا يمكن أن تدل على كل القراءات بل إنها فى أحيان لو تركت هكذا فإن هناك جمل وعبارات تقرأ على أنها جمل كفر أو جمل لا تدل على شىء يريده الله وإنما يريده الشيطان أو معانى جنونية فمثلا لا يقبل منها شفاعة تقرأ مثلا لا يقيل منها سفاعة أو لا يقبل منها سقاعة
ومثلا الرحيم تنطق الرجيم والكبير تنطق الكثير
إن فرية جمع وكتابة المصاحف من قبل الصحابة جنون يتعارض مع حفظ الله للوحى فى أقوال كثيرة مقل "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وقوله "وإنه لقرآن كريم فى كتاب محفوظ "
يتعارض مع اقرار الله أنه هو من جمع القرآن بقوله "إنا علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه"
فهل نكذب القرآن أم نكذب الروايات التى وضعتنا فى هذا الموضع من الجهل حيث لا أحد يعرف ماهية الأحرف السبعة المزعومة ؟
أصل اختلاف القراءات
46 - ووجه هذا الاختلاف في القرآن أن رسول الله (ص) كان يعرض القرآن على جبريل (ص)في كل عام عرضة فلما كان في العام الذي توفى فيه عرضه عليه عرضتين فكان جبريل (ص)يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة ولذلك قال (ص) إن القرآن أنزل عليها وإنها كلها شاف كاف وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها والإقرار بكلها إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة ومنه (ص) مأخوذة"
وكلامه عن العرضتين غير مقنع لأنه قال أنه فى كل عرضة وجه أى حرف فيكون المجموع حرفين وهو ما يناقض كونهم سبعة
47 - ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بأجمعها بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت منها كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة بأن تكفر بأي الكفارات شاءت إما بعتق وإما بإطعام وإما بكسوة وكذلك المأمور في الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك أي ذلك فعل فقد أدى ما عليه وسقط عنه فرض غيره فكذا أمروا بحفظ القرآن وتلاوته ثم خيروا في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءوا إذ كان معلوما أنهم لم يلزموا استيعاب جميعها دون أن يقتصروا منها على حرف واحد بل قيل لهم أي ذلك قرأتم أصبتم فدل على صحة ما قلنا"
الخبل هنا هو أن لا أحد يعرف ما هى الأحرف السبعة يقينا فكيف يكون النبى(ص) أمر بشىء مجهول والشريعة كلها كما قال الله واضحة مبينة كما قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
ثم اختار عنوان مصيبة يحدث الخلاف بين المسلمين مع أن ما قاله فيما بعده لا يدل على هذا فقال :
"اختلاف المعاني تبعا لاختلاف الألفاظ في الأحرف السبعة:
48 - وأما على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف فإنه يشتمل على ثلاثة معان يحيط بها كلها
أحدها اختلاف اللفظ والمعنى الواحد والثاني اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضاد اجتماعهما فيه والثالث اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه ونحن نبين ذلك إن شاء الله
49 - فأما اختلاف اللفظ والمعنى واحد فنحو قوله / السراط / بالسين و {الصراط} بالصاد و / الزراط / بالزاي و {عليهم} و {إليهم} و {لديهم} بضم الهاء مع إسكان الميم وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها و {فيه هدى} و {عليه كنز} و / منه ءايت / و {عنه ماله} بصلة الهاء وبغير صلتها و {يؤده إليك} و {نؤته منها}و{فألقه إليهم} بإسكان الهاء وبكسرها مع صلتها واختلاسها و {أكلها} و {في الأكل} بإسكان الكاف وبضمها و {إلى ميسرة} بضم السين وبفتحها و {يعرشون} بكسر الراء وبضمها وكذلك ما أشبهه ونحو ذلك البيان والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة وتحقيق الهمز وتخفيفه وشبهه مما يطلق عليه أنه لغات فقط
50 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز اجتماع القراءتين في شيء واحد من أجل عدم تضاد اجتماعهما فيه فنحو قوله تعالى / ملك يوم الدين / بألف و {ملك} بغير ألف لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو الله سبحانه وتعالى وذلك أنه تعالى مالك يوم الدين وملكه فقد اجتمع له الوصفان جميعا فأخبر تعالى بذلك في القراءتين
51 - وكذا {بما كانوا يكذبون} بتخفيف الذال وبتشديدها لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هم المنافقون وذلك أنهم كانوا يكذبون في إخبارهم ويكذبون النبي (ص) فيما جاء به من عند الله تعالى فالأمران جميعا مجتمعان لهم فأخبر الله تعالى بذلك عنهم وأعلمنا أنه معذبهم بهما
52 - وكذا قوله تعالى / كيف ننشرها / بالراء وبالزاي لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هي العظام وذلك أن الله تعالى أنشرها أي أحياها وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فأخبر سبحانه أنه جمع لها هذين الأمرين من إحيائها بعد الممات ورفع بعضها إلى بعض لتلتئم فضمن تعالى المعنيين في القراءتين تنبيها على عظيم قدرته
53 - وكذا قوله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} بكسر الخاء على الأمر وبفتحها على الخبر لأن المراد بالقراءتين جميعا هم المسلمون وذلك أن الله تعالى أمرهم باتخاذهم مقام إبراهيم مصلى فلما امتثلوا ذلك وفعلوه أخبر به عنهم فجاءت القراءة بالأمرين جميعا للدلالة على اجتماعهما لهم فهما صحيحان غير متضادين ولا متنافيين
54 - وكذا قوله / وما هو على الغيب بظنين / بالظاء و {بضنين} بالضاد لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي (ص) وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب أي غير متهم فيما أخبر به عن الله تعالى وغير ضنين به أي غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه فقد انتفى عنه الأمران جميعا فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين وكذا ما أشبهه
55 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه فكقراءة من قرأ {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتشديد لأن المعنى وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم وقراءة من قرأ {قد كذبوا} بالتخفيف لأن المعنى وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول للرسل والثاني للمرسل إليهم والظن في القراءة الثانية شك والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل
56 - وكذا قراءة من قرأ / لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموت والأرض بصائر / بضم التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى موسى عليه السلام حديثا منه لفرعون حيث قال {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} فقال له موسى عليه السلام عند ذلك {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} فأخبر عليه السلام عن نفسه بالعلم بذلك أي ليس بمجنون وقراءة من قرأ {لقد علمت} بفتح التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى فرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع والتوبيخ له على شدة معاندته للحق وجحوده له بعد علمه ولذلك أخبر تبارك وتعالى عنه وعن قومه فقال {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} الآية
57 - وكذلك ما ورد من هذا النوع من اختلاف القراءتين التي لا يصح أن يجتمعا في شيء واحد هذه سبيله لأن كل قراءة منهما بمنزل آية قائمة بنفسها لا يصح أن تجتمع مع آية أخرى تخالفها في شيء واحد لتضادهما وتنافيهما"
ومن ثم فالقراءة وهى النطق قد يختلف ولكن المفهوم واحد لا يتغير ثم تحدث أنه الأحرف السبعة ليست معروفى رواية ولا فى قراءة واحدة فقال :
"الأحرف السبعة لا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة:
58 - وأما هذه السبعة الأحرف فإنها ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة بل بعضها فإذا قرأ القارئ بقراءة من قراءات الأئمة وبرواية من رواياتهم فإنما قرأ ببعضها لا بكلها والدليل على ذلك أنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات كنحو اختلاف الإعراب والحركات والسكون والإظهار والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة والزيادة للحرف ونقصانه والتقديم والتأخير وغير ذلك مما شرحناه ممثلا قبل وإذا كان هذا هكذا فمعلوم أن من قرأ بوجه من هذه الأوجه وقراءة من القراءات ورواية من الروايات أنه لا يمكنه أن يحرك الحرف ويسكنه في حالة واحدة أو يقدمه ويؤخره أو يظهره ويدغمه أو يمده ويقصره أو يفتحه ويميله إلى ما أشبه هذا من اختلاف تلك الأوجه والقراءات والروايات في حالة واحدة فدل على صحة ما قلناه"
وكلام الدانى عن وجود سبعة أوجه فى قوله " والدليل على ذلك أنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات1- كنحو اختلاف الإعراب 2-والحركات 3-والسكون 4-والإظهار 5-والإدغام 6-والمد 7-والقصر 8-والفتح 9-والإمالة 10-والزيادة للحرف 11-ونقصانه 12-والتقديم 13-والتأخير وغير ذلك مما شرحناه ممثلا قبل "يناقض أنه ذكر18 وجه فى فقرات سابقة كما يناقض نفسه بذكر السبعة حيث ذكر فى الفقرة13 وجها
ثم تحدث عن كون ألحرف كلها صحيحة فقال :
"الأحرف السبعة كلها صواب:
59 - وهذه القراءات كلها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها وقرأ بها رسول الله (ص) وأقرا بها وأباح الله تعالى لنبيه القراءة بجميعها وصوب الرسول (ص) من قرأ ببعضها دون بعض كما تقدم في حديث عمر رضي الله عنه وفي حديث أبي بن كعب وعمرو بن العاص وغيرهم
60 - وكما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضي قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الملك بن ميسرة قال سمعت النزال بن سبرة قال سمعت عبد الله قال سمعت رجلا قرأ آية سمعت من النبي (ص) خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله (ص) فقال كلاكما محسن
61 - وحدثنا الخاقاني قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا علي قال حدثنا القاسم قال حدثنا حجاج عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن ابن مسعود قال سمعت رجلا يقرأ آية وسمعت من رسول الله (ص) خلافها فأتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الغضب ثم قال كلاكما محسن إن من قبلكم اختلفوا فأهلكهم ذلك
62 - وحدثنا طاهر بن غلبون قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن علي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قلت لرجل أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله (ص) فقلت لآخر اقرأ فقرأ خلاف ما أقرأني الأول فأتيت بهما رسول الله (ص) فغضب فقال علي قال لكم اقرؤوا كما قد علمتم
63 - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك ثم ترافعوا إلى النبي (ص) فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقر أنه كذلك أخذ عليه وأنه كذلك أنزل ثم أقره على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله واعلم أن كل واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب فدل ذلك على صحيح ما تأولناه
64 - فأما قوله (ص) لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة أصبت وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب مرسلا فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وأنه عربي مبين وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها
65 - وكذا قوله (ص) كل شاف كاف أي يشفي من التمس علمه وحكمته ويكفي من التمس بتلاوته الفضيلة والثواب كما يشفي ويكفي غيره من سائر الأحرف لما فيه
66 - وكذا قوله (ص) في الحديث الآخر أحسنت أي أحسنت القصد لالتماس الثواب بقراءة القرآن على الحروف التي أقرئتها وأحسنت في الثبات على ما كان معك من الأحرف السبعة إذ هي متساوية"
ولو كان حديث وروايات الوجوه السبعة صحيحة مع الجهل بماهية الوجوه فكل ما قاله هو ضرب من الجنون خاصة أنه لم يحدد هو أو غيره سبعا متفق عليها فهو وحده ذكر 18 مرة و13 مرة
ورغم أنه حاول تحديد الوجوه ففشل هو أو غيره فإنه هنا يذكر روايات فى الأمر فيقول :
"خبر نزول القرآن على سبعة أبواب وبيان معناه:
67 - فأما الخبر الذي رويناه عن ابن مسعود عن النبي (ص) أنه قال كان الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال إلى آخره
68 - في السبعة الأحرف التي ذكرها (ص) في هذا الخبر وجهان أحدهما أنها غير السبعة الأحرف التي ذكرها في الأخبار المتقدمة وذلك من حيث فسرها في هذا الخبر فقال زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال وأمر أمته أن يحلوا حلاله ويحرموا حرامه ويفعلوا ما أمروا به وينتهوا عما نهوا عنه ويعتبروا بأمثاله ويعملوا بحكمه ويؤمنوا بمتشابهه ثم أكد ذلك بأن أمرهم أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا فدل ذلك كله على أن هذه الأحرف غير تلك الأحرف التي هي اللغات والقراءات وأنه (ص) أراد بذكر الأحرف في هذا الخبر التنبيه على فضل القرآن على سائر الكتب وأن الله سبحانه قد جمع فيه من خلال الخير ما لم يجمعه فيها
69 - وأما قوله في هذا الخبر كان الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب فمعناه أن الكتاب الأول نزل خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام كزبور داود الذي هو تذكير ومواعظ وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض دون غير ذلك من الأحكام والشرائع وكذلك ما أشبه ذلك من الكتب المنزلة ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا الذي خص الله تعالى به نبينا (ص) وأمته فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله مطلبا ينالون به الجنة ويستوجبون به منه القربة إلا من الوجه الواحد الذي نزل به كتابهم وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب
70 - والوجه الثاني أن السبعة الأحرف في هذا الخبر هي السبعة الأحرف المذكورة في الأخبار المتقدمة التي هي اللغات والقراءات ويكون قوله زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال تفسيرا للسبعة أبواب التي هي من الجنة لا تفسيرا للسبعة الأحرف لأن العامل إذا عمل بها وانتهى إلى حدودها استوجب بذلك الجنة وكلا الوجهين في تأويل الحديث بين ظاهر وعلى الأول أكثر العلماء وبالله التوفيق"
هنا الرجل يحاول إزالة تناقض الروايات فالرواية التى ذكرها فى أول الفصل تنقض تفسيرات الوجوه السبعة اللغوية وتجعلها سبعة فروق بين الآيات فى الفهم
وهى رواية هى الأخرى بها خطأ ظاهر فالزاجر هو وهى المنهى عنه هو الحرام والأمر هو الحلال وكلهم هم المحكم أى الأحكام ومن ثم فلا يوجد سبعة وإنما ثلاثة
ثم تحدث عن عقيدة الأحرف فقال:
"ما ينبغي اعتقاده في الأحرف والقراءات وتاريخ المصحف:
71 - قال أبو عمرو وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأليفه وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره فأن القرآن منزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف وحق وصواب وأن الله تعالى قد خير القراء في جميعها وصوبهم إذا قرؤوا بشيء منها وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها وأن جميع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن رسول الله (ص) وضبطتها الأمة على اختلافها عنه وتلقتها منه ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه ولا مرتابا به"
المصيبة الكبرى هنا هو اعتراف الدانى بأننا جهلة بماهية الأحرف السبعة بقوله :
"وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها"
ثم كلمنا كلاما غير مفهوم فقال :
72 - وأن أمير المؤمنين عثمان ومن بالحضرة من جميع الصحابة قد أثبتوا جميع تلك الأحرف في المصاحف وأخبروا بصحتها وأعلموا بصوابها وخيروا الناس فيها كما كان صنع رسول الله (ص) وأن من هذه الأحرف حرف أبي بن كعب وحرف عبد الله بن مسعود وحرف زيد بن ثابت وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة إنما طرحوا حروفا وقراءات باطلة غير معروفة ولا ثابتة بل منقولة عن الرسول (ص) نقل الأحاديث التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها
73 - وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من الصحابة كأبي وعبد الله وزيد وغيرهم من قبل أنه كان أضبط له وأكثر قراءة وإقراءا به وملازمة له وميلا إليه لا غير ذلك وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار المراد بها أن ذلك القارئ وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة وآثره على غيره وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به وقصد فيه وأخذ عنه فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد
74 - وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط دون سائر العرب وإن كان معظمه نزل بلغة قريش وأن رسول الله (ص) سن جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته وأنه (ص) لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه وحفظ الباقون منه جميعه متفرقا وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن
75 - وأن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وجماعة الأمة أصابوا في جمع القرآن بين لوحين وتحصينه وإحرازه وصيانته وجروا في كتابته على سنن الرسول (ص) وسنته وأنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف ولا ما لم تقم الحجة به ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين ومن جرى مجراهما وإن كانوا قد أشهدوا على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط وطرق الحكم والانقاد
76 - وأن أبا بكر رضي الله عنه قصد في جمع القرآن إلى تثبيته بين اللوحين فقط ورسم جميعه وأن عثمان رحمه الله تعالى أحسن وأصاب ووفق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك وأن سائر الصحابة من علي رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول (ص) وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير
77 - وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول (ص) ولا منع منها ولا حظر القراءة بها إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه وحكم الرسول (ص) للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق"
الغير مفهوم هو أن المصاحف مثبت بها كل القراءات أى الأحرف وهو كلام عار من الصحة فحتى لو سلمنا بكونها كانت غير منقطة أو غير مشكولة فالكتابة لا يمكن أن تدل على كل القراءات بل إنها فى أحيان لو تركت هكذا فإن هناك جمل وعبارات تقرأ على أنها جمل كفر أو جمل لا تدل على شىء يريده الله وإنما يريده الشيطان أو معانى جنونية فمثلا لا يقبل منها شفاعة تقرأ مثلا لا يقيل منها سفاعة أو لا يقبل منها سقاعة
ومثلا الرحيم تنطق الرجيم والكبير تنطق الكثير
إن فرية جمع وكتابة المصاحف من قبل الصحابة جنون يتعارض مع حفظ الله للوحى فى أقوال كثيرة مقل "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وقوله "وإنه لقرآن كريم فى كتاب محفوظ "
يتعارض مع اقرار الله أنه هو من جمع القرآن بقوله "إنا علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه"
فهل نكذب القرآن أم نكذب الروايات التى وضعتنا فى هذا الموضع من الجهل حيث لا أحد يعرف ماهية الأحرف السبعة المزعومة ؟