رضا البطاوى
17-08-2020, 08:11 AM
قراءة فى كتاب أحكام صلاة المريض وطهارته
الكتيب من تأليف عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)وقد قال فى موضوعه :
"فهذه كلمة مختصرة تتعلق ببعض أحكام طهارة المريض وصلاته"
وقد تناول ابن باز الاستنجاء والوضوء والتيمم فقال :
"لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطهارة لكل صلاة، فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة - سواء من البدن أو الثوب أو المكان المصلى فيه - شرطان من شروط الصلاة فإذا أراد المسلم الصلاة وجب عليه أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الأصغر أو يغتسل إن كان حدثه أكبر ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة في حق من بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة
وفيما يلي بيان لبعض الأحكام المتعلقة بذلك: فالاستنجاء بالماء واجب لكل خارج من السبيلين كالبول والغائط وليس على من نام أو خرجت منه ريح - استنجاء، إنما عليه الوضوء؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة، ولا نجاسة هاهنا
والاستجمار يكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة، لما ثبت عن النبي (ص)أنه قال: «من استجمر فليوتر» ولقوله (ص)أيضا: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه» - رواه أبو داود - ولنهيه (ص)عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم
ولا يجوز الاستجمار بالروث والعظام والطعام؛ وكل ما له حرمة والأفضل أن يستجمر الإنسان بالحجارة وما أشبهها كالمناديل واللبن ونحو ذلك، ثم يتبعها الماء؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة، والماء يطهر المحل، فيكون أبلغ والإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها
«عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي (ص)يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» - متفق عليه -
«وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لجماعة من النساء: مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، وإن رسول الله (ص)كان يفعله» - قال الترمذي هذا حديث صحيح -
وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل؛ لأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر وهو أبلغ في التنظيف، وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل، فإن لم تكف زاد رابعا وخامسا حتى ينقي المحل، والأفضل أن يقطع على وتر لقول النبي (ص): «من استجمر فليوتر»
ولا يجوز الاستجمار باليد اليمنى؛ لقول سلمان في حديثه: «نهانا رسول الله (ص)أن يستنجي أحدنا بيمينه» ، ولقوله (ص): «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه» وإن كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما استجمر بيمينه للحاجة ولا حرج في ذلك
وبما أن الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والسهولة؛ فقد خفف الله سبحانه وتعالى عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم، ليتمكنوا من عبادته تعالى بدون حرج ولا مشقة، قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] وقال عليه (ص) «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، وقال: «إن الدين يسر»
فالمريض إذا لم يستطع التطهر بالماء - بأن يتوضأ من الحدث الأصغر أو يغتسل من الحدث الأكبر لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه - فإنه يتيمم، وهو: أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة، فيمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه براحتيه، لقوله تعالى:
{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: 6]
والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء «ولقوله (ص)لعمار بن ياسر: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه»
ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار ولا يصح التيمم إلا بنية؛ لقوله (ص): «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»"
ثم تحدث عن حلاات المرضى فقال :
"حالات المريض:
وللمريض عدة حالات:
1 - إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئا فاحشا، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوها، أو من يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه - فهذا لا يجوز له التيمم؛ لأن إباحته لنفي الضرر ولا ضرر عليه، ولأنه واجد للماء فوجب عليه استعماله
2 - وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو أو فوات منفعة، فهذا يجوز له التيمم، لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29]
3 - وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم
4 - من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره من استعمال الماء فأجنب جاز له التيمم للأدلة السابقة، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك ويتيمم للباقي
5 - مريض في محل لم يجد ماءا ولا ترابا ولا من يحضر له الموجود منهما صلى على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة، لقول الله سبحانه: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]
6 - المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويغسل ما يصيب بدنه، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه ذلك؛ وإلا عفي عنه؛ لقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] وقوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وقوله (ص): «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته ويبطل التيمم بكل ما يبطل الوضوء، وبالقدرة على استعمال الماء، أو وجوده إن كان معدوما والله أعلم"
ما قاله الرجل تناول بعض المرضى وليس كل المرضى ومن ثم لابد من ذكر بقية المرضى
ما تكلم عنهم هم المرضى الذين يقدرون على الحركة ولكن المرض يتخذ أشكالا أخرى مثل المرضى الذى لا ينفع معهم وضع الماء ولا التراب كالمحروقين فوضع الماء عليهم يميتهم أو يفسد حروقهم أكثر ووضع التراب يلوثها وهؤلاء لا يجوز لهم الاستنجاء إلا بمادة ناعمة لن تكون قطعا حجارة لأنها تحقق لهم الحرج وهو الأذى ولا يجوز لهم تيمم ولا وضوء وصلاتهم إن قدروا التلفظ بالقرآن وهم راقدون أو على أى كيفية كانوا وهو من باب قوله تعالى " ولا على المريض حرج "
ومثل المشلولين او من بهم عاهة لا تجعلهم لا يقدرون على الوضوء ولا التيمم ولا الاستنجاء فهؤلاء يستنجى لهم الآخرون كالزوجات والأمهات والأولاد وهم يقومون بتوضئتهم وتحميمهم ولا يكون مس النساء ناقض للوضوء أو للتيمم لأن هذا باب قوله تعالى " ولا على المريض حرج "
وكذلك الأمر لو كانت النساء هى المشلولات أو المصابات بعاهات مماثلة فالأزواج والآباء والأمهات والبنات والأولاد هم من يقومون بعمل الاستنجاء ولا يكون المس ناقضا للوضوء
وهناك حالات بعض الأمراض الجلدية التى ينشرها ويزيدها الماء أو التراب فهذه الأمراض لا يتوضأ ولا يتيمم أصحابها ويصلون على حالتهم من نفس الباب " ولا على المريض حرج "
وكذلك حالات تحويل مجرى البول أو البراز حيث يتم نزول البول أو غيره دون تحكم من الإنسان لفساد عمل الأجهزة ومن ثم فالأحكام العامة فى المرضى :
-كل مريض يزيد مرضه بالوضوء والتيمم يحرم عليه وعلى من معه مسه بالماء او التراب ويكون طاهر اضطرارا
-كل مريض يتم مسه من الجنس الأخر لعجزه عن الوضوء والتيمم لا ينتقض وضوئه أو تيممه لكونه حالة اضطرارية
والنص الحاكم للكل" ولا على المريض خرج"
ثم تحدث ابن باز عن كيفية صلاة المريض فقال :
"كيفية صلاة المريض:
كيفية صلاة المريض: أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا، فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا لقوله (ص)لعمران بن حصين: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب» - رواه البخاري - وزاد النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا» ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود، لقوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238] ولقوله (ص): «صل قائما» ولعموم قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]
وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا - فله أن يصلي مستلقيا ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، وإن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر ما أمكنه ذلك ومن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول ولا تسقط عنه الصلاة مادام عقله ثابتا بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة
ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» وتلا قوله: {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14]
ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته فإذا تركها عامدا وهو عاقل مكلف يقوى على أدائها ولو إيماء فهو آثم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك، لقول النبي (ص): «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر» ولقوله (ص): «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»
وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما تيسر له، إن شاء قدم العصر مع الظهر وإن شاء أخر الظهر مع العصر، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها"
ما سبق يحكمه أيضا قوله تعالى " ولا على المريض حرج" فالمريض يصلى كيف ارتاح على ظهره على بطنه قاعدا قائم.....
زد على هذا أن بعض المرضى تسقط عنهم الصلاة كالمريض الذى فى غيبوبة كاملة أى ينام طوال اليوم أو غيبوبة ناقصة حيث يفيق لحظات ثم يعود للنوم أو المحروق جسمه ويتم تقليبه عن طريق السرير المتحرك أو المريض المتصل به أنابيب تغذية وتنفس وخلعها يقتله أو يزيد مرضه وكذلك مرضى العمليات الكبرى فى الدماغ حيث لا يعوون ما يقولون فبعضهم يتخيل تخيلات لم تحدث بعد العملية كأن يرى فلان أو علان وهو لم يره ولم يزوره مطلقا ويظل على اعتقاده هذا فترة من الزمن
الكتيب من تأليف عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)وقد قال فى موضوعه :
"فهذه كلمة مختصرة تتعلق ببعض أحكام طهارة المريض وصلاته"
وقد تناول ابن باز الاستنجاء والوضوء والتيمم فقال :
"لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطهارة لكل صلاة، فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة - سواء من البدن أو الثوب أو المكان المصلى فيه - شرطان من شروط الصلاة فإذا أراد المسلم الصلاة وجب عليه أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الأصغر أو يغتسل إن كان حدثه أكبر ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة في حق من بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة
وفيما يلي بيان لبعض الأحكام المتعلقة بذلك: فالاستنجاء بالماء واجب لكل خارج من السبيلين كالبول والغائط وليس على من نام أو خرجت منه ريح - استنجاء، إنما عليه الوضوء؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة، ولا نجاسة هاهنا
والاستجمار يكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة، لما ثبت عن النبي (ص)أنه قال: «من استجمر فليوتر» ولقوله (ص)أيضا: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه» - رواه أبو داود - ولنهيه (ص)عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم
ولا يجوز الاستجمار بالروث والعظام والطعام؛ وكل ما له حرمة والأفضل أن يستجمر الإنسان بالحجارة وما أشبهها كالمناديل واللبن ونحو ذلك، ثم يتبعها الماء؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة، والماء يطهر المحل، فيكون أبلغ والإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها
«عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي (ص)يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» - متفق عليه -
«وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لجماعة من النساء: مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، وإن رسول الله (ص)كان يفعله» - قال الترمذي هذا حديث صحيح -
وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل؛ لأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر وهو أبلغ في التنظيف، وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل، فإن لم تكف زاد رابعا وخامسا حتى ينقي المحل، والأفضل أن يقطع على وتر لقول النبي (ص): «من استجمر فليوتر»
ولا يجوز الاستجمار باليد اليمنى؛ لقول سلمان في حديثه: «نهانا رسول الله (ص)أن يستنجي أحدنا بيمينه» ، ولقوله (ص): «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه» وإن كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما استجمر بيمينه للحاجة ولا حرج في ذلك
وبما أن الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والسهولة؛ فقد خفف الله سبحانه وتعالى عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم، ليتمكنوا من عبادته تعالى بدون حرج ولا مشقة، قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] وقال عليه (ص) «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، وقال: «إن الدين يسر»
فالمريض إذا لم يستطع التطهر بالماء - بأن يتوضأ من الحدث الأصغر أو يغتسل من الحدث الأكبر لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه - فإنه يتيمم، وهو: أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة، فيمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه براحتيه، لقوله تعالى:
{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: 6]
والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء «ولقوله (ص)لعمار بن ياسر: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه»
ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار ولا يصح التيمم إلا بنية؛ لقوله (ص): «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»"
ثم تحدث عن حلاات المرضى فقال :
"حالات المريض:
وللمريض عدة حالات:
1 - إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئا فاحشا، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوها، أو من يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه - فهذا لا يجوز له التيمم؛ لأن إباحته لنفي الضرر ولا ضرر عليه، ولأنه واجد للماء فوجب عليه استعماله
2 - وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو أو فوات منفعة، فهذا يجوز له التيمم، لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29]
3 - وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم
4 - من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره من استعمال الماء فأجنب جاز له التيمم للأدلة السابقة، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك ويتيمم للباقي
5 - مريض في محل لم يجد ماءا ولا ترابا ولا من يحضر له الموجود منهما صلى على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة، لقول الله سبحانه: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]
6 - المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويغسل ما يصيب بدنه، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه ذلك؛ وإلا عفي عنه؛ لقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] وقوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وقوله (ص): «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته ويبطل التيمم بكل ما يبطل الوضوء، وبالقدرة على استعمال الماء، أو وجوده إن كان معدوما والله أعلم"
ما قاله الرجل تناول بعض المرضى وليس كل المرضى ومن ثم لابد من ذكر بقية المرضى
ما تكلم عنهم هم المرضى الذين يقدرون على الحركة ولكن المرض يتخذ أشكالا أخرى مثل المرضى الذى لا ينفع معهم وضع الماء ولا التراب كالمحروقين فوضع الماء عليهم يميتهم أو يفسد حروقهم أكثر ووضع التراب يلوثها وهؤلاء لا يجوز لهم الاستنجاء إلا بمادة ناعمة لن تكون قطعا حجارة لأنها تحقق لهم الحرج وهو الأذى ولا يجوز لهم تيمم ولا وضوء وصلاتهم إن قدروا التلفظ بالقرآن وهم راقدون أو على أى كيفية كانوا وهو من باب قوله تعالى " ولا على المريض حرج "
ومثل المشلولين او من بهم عاهة لا تجعلهم لا يقدرون على الوضوء ولا التيمم ولا الاستنجاء فهؤلاء يستنجى لهم الآخرون كالزوجات والأمهات والأولاد وهم يقومون بتوضئتهم وتحميمهم ولا يكون مس النساء ناقض للوضوء أو للتيمم لأن هذا باب قوله تعالى " ولا على المريض حرج "
وكذلك الأمر لو كانت النساء هى المشلولات أو المصابات بعاهات مماثلة فالأزواج والآباء والأمهات والبنات والأولاد هم من يقومون بعمل الاستنجاء ولا يكون المس ناقضا للوضوء
وهناك حالات بعض الأمراض الجلدية التى ينشرها ويزيدها الماء أو التراب فهذه الأمراض لا يتوضأ ولا يتيمم أصحابها ويصلون على حالتهم من نفس الباب " ولا على المريض حرج "
وكذلك حالات تحويل مجرى البول أو البراز حيث يتم نزول البول أو غيره دون تحكم من الإنسان لفساد عمل الأجهزة ومن ثم فالأحكام العامة فى المرضى :
-كل مريض يزيد مرضه بالوضوء والتيمم يحرم عليه وعلى من معه مسه بالماء او التراب ويكون طاهر اضطرارا
-كل مريض يتم مسه من الجنس الأخر لعجزه عن الوضوء والتيمم لا ينتقض وضوئه أو تيممه لكونه حالة اضطرارية
والنص الحاكم للكل" ولا على المريض خرج"
ثم تحدث ابن باز عن كيفية صلاة المريض فقال :
"كيفية صلاة المريض:
كيفية صلاة المريض: أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا، فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا لقوله (ص)لعمران بن حصين: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب» - رواه البخاري - وزاد النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا» ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود، لقوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238] ولقوله (ص): «صل قائما» ولعموم قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]
وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا - فله أن يصلي مستلقيا ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، وإن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر ما أمكنه ذلك ومن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول ولا تسقط عنه الصلاة مادام عقله ثابتا بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة
ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» وتلا قوله: {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14]
ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته فإذا تركها عامدا وهو عاقل مكلف يقوى على أدائها ولو إيماء فهو آثم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك، لقول النبي (ص): «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر» ولقوله (ص): «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»
وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما تيسر له، إن شاء قدم العصر مع الظهر وإن شاء أخر الظهر مع العصر، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها"
ما سبق يحكمه أيضا قوله تعالى " ولا على المريض حرج" فالمريض يصلى كيف ارتاح على ظهره على بطنه قاعدا قائم.....
زد على هذا أن بعض المرضى تسقط عنهم الصلاة كالمريض الذى فى غيبوبة كاملة أى ينام طوال اليوم أو غيبوبة ناقصة حيث يفيق لحظات ثم يعود للنوم أو المحروق جسمه ويتم تقليبه عن طريق السرير المتحرك أو المريض المتصل به أنابيب تغذية وتنفس وخلعها يقتله أو يزيد مرضه وكذلك مرضى العمليات الكبرى فى الدماغ حيث لا يعوون ما يقولون فبعضهم يتخيل تخيلات لم تحدث بعد العملية كأن يرى فلان أو علان وهو لم يره ولم يزوره مطلقا ويظل على اعتقاده هذا فترة من الزمن