المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد كتاب حجية القياس والرد علي المخالفين2


رضا البطاوى
24-08-2020, 02:42 PM
وأما الدليل السادس فهو :
"سادسا: ان القران جاءت به كثير من التشريعات والأحكام معللة مبينة حكمتها والمصلحة منها وهذا يدلنا اننا اينما وجدت امثال هذه المصالح والعلل فعلينا ان نعمل بمثل تلك الأحكام فمن هذه الأحكام القصاص قال تعالي (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) فبين تعالي ان القصاص انما شرح للحفاظ علي حياتنا وكذلك قوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فبين سبحانه ان الغاية من تشريع الصيام هي بلوغ درجة التقوي وليس هذا فقط بل حتي في الامور الكونية يبين الله سبحانه أنه ما خلقها الا لعلة وحكمة قال سبحانه (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون) فبين الحكمة وهو العلم بعدد السنين والحساب وختم الاية بقوله يفصل الايات لقوم يعلمون وقال سبحانه (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) فبين العلة والحكمة من تشريعه لقسمة الفيئ علي هذه الاصناف وقال سبحانه (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون) فبين ان الحكمة من خلق الجبال كيلا تميد الارض بمن عليها وقال سبحانه (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) فبين ان الحكمة من ارسال الرسل الي الخلق الاعذار اليهم لأنه يحب العذر سبحانه حتي لا يكون لأحد حجة بعد ذلك اضافة الي غير ذلك من الحكم كإنذار الخلق وتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة وقال سبحانه (فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن) فبين علة ارجاعه موسي الي امه بالاضافة الي تحقيقه سبحانه وعده لها بارجاعه وقال سبحانه(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) فبين الحكم من ارسال الرسل وانزال الحديد وهي القيام بالعدل ونشره وحمايته وليعلم سبحانه من ينصره ورسله بالغيب وقال سبحانه (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) قال ابن كثير (أي: ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه الله، ولا على إعطاء ما منع الله) فمن قرأ القران تبين له ذلك واستخرج من كنوزه ولا يجادل في هذه الجاهل أو مكابر جامد"
لا يوجد دليل فالقوم يذكرون نصوصا فيها على الحكم ولا يذكرون أى شىء مقيس عليها ولو عقلوا لعلموا أن العلة قد تتحد ومع هذا يختلف الحكم فعلة القصاص وعلة الصوم واحدة فى الآيتيين التى نقلوها فى أول الدليل وهو لعلكم تهتدون ومع هذا حكم القصاص غير حكم الصوم
وأما دليلهم التالى فقد قال فيه:
"سابعا: ان في القران ضرب الامثال والمقاييس
قال ابن القيم في كتابه الماتع النافع اعلام الموقعين (قال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} فالقياس في ضرب الأمثال من خاصة العقل، وقد ركز الله فطر الناس وعقولهم على التسوية بين المتماثلين وإنكار التفريق بينهما، والفرق بين المختلفين وإنكار الجمع بينهما) وقد استشهد بكثير من الايات التي تدل علي القياس (منها قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} ومنها قوله تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} فذكر سبحانه إهلاك من قبلنا من القرون، وبين أن ذلك كان لمعنى القياس، وهو ذنوبهم، فهم الأصل ونحن الفرع، والذنوب العلة الجامعة، والحكم الهلاك؛ فهذا محض قياس العلة، وقد أكده سبحانه بضرب من الأولى، وهو أن من قبلنا كانوا أقوى منا فلم تدفع عنهم قوتهم وشدتهم ما حل بهم، ومنه قوله تعالى: {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون}والمقصود أنه سبحانه ألحقهم بهم في الوعيد، وسوى بينهم فيه كما تساووا في الأعمال، وكونهم كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالا وأولادا فرق غير مؤثر، فعلق الحكم بالوصف الجامع المؤثر، وألغى الوصف الفارق، ثم نبه على أن مشاركتهم في الأعمال اقتضت مشاركتهم في الجزاء فقال: {فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا} فهذه هي العلة المؤثرة والوصف الجامع، وقوله: {أولئك حبطت أعمالهم} هو الحكم، والذين من قبل هم الأصل، والمخاطبون الفرع) انتهي من اعلام الموقعين"
الخبل هنا هو الاستدلال على صحة القياس البشرى بقياس الله فى الوحى عن طريق الأمثال فالله لا يقيس لأن كل قول يقوله نص ولا يصلح أن نشبه ما نفعله بما يفعله الله حتى لا نقع فى مخالفة قوله تعالى " ليس كمثله شىء"
ثم ذكر يوسف براهين القوم من الروايات فقال:
"ثانيا:-الاستدلال بالسنة علي حجية القياس
أولا تقريره (ص)لمعاذ لما قال اجتهد رأيي قال ابن قدامة في روضة الناظر (قول النبي (ص)لمعاذ بم تقضي قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله (ص)قال فإن لم تجد قال أجتهد رأيي قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله (ص)قالوا هذا الحديث يرويه الحارث بن عمرو عن رجال من أهل حمص) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (أحمد وأبو داود والترمذي، وابن عدي والطبراني والبيهقي، من حديث الحارث بن عمرو، عن ناس من أصحاب معاذ، عن معاذ قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بمتصل وقال البخاري في تاريخه: الحارث بن عمرو عن أصحاب معاذ، وعنه أبو عون لا يصح، ولا يعرف إلا بهذا، وقال الدارقطني في العلل: رواه شعبة، عن أبي عون هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح قال أبو داود: أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ: أن رسول الله، وقال مرة: عن معاذ، وقال ابن حزم: لا يصح، لأن الحارث مجهول وشيوخه لا يعرفون ) وقال الشيخ علوي السقاف في تخريج احاديث في ظلال القران لشهيد الاسلام سيد قطب (لا يصح رواه: أبو داود، والترمذي، وغيرهما انظر: ((جامع الأصول )) (10/177) ، ((السلسلة الضعيفة)) (2/273) ) انتهي من تخريج كتاب في ظلال القران قلت: وقال عنه الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " (2 / 273) :منكر) قال ابن قدامة في روضة الناظر
(قلنا قد رواه عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ ثم هذا الحديث تلقته الآمة بالقبول فلا يضره كونه مرسلا والثاني لا يصح لأنه بين أنه يجتهد فيما ليس فيه كتاب ولا سنة) انتهي من روضة الناظر قال العلامة ابن القيم: (فهذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك؛ لأنه يدل على شهرة الحديث وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى؟ ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث؟ وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به، قال أبو بكر الخطيب: وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله (ص) {لا وصية لوارث} ، وقوله في البحر {، هو الطهور ماؤه الحل ميتته} ، وقوله: {إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع} ، وقوله: {الدية على العاقلة} ، وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، ولكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعا غنوا عن طلب الإسناد له، انتهى كلامه )
قلت وقد اقر النبي سعد بن معاذ في حكمه علي بني قريظة باجتهاده وقال {لقد حكمت فيهم اليوم بحكم الله} والحديث رواه البخاري ومسلم في كتاب الجهاد والسير في صحيحيهما وكذلك في مناقب سعد وأقر كذلك عمارا لما تمرغ في الارض اذ كان جنبا قياسا علي الغسل ثم بين له النبي كيفية التيمم والحديث رواه البخاري ومسلم واخرج الامام احمد في مسنده
و (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي (ص)يوم الأحزاب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي (ص)فلم يعنف واحدا منهم) اخرجه البخاري وها انت تري انه (ص)قد اقر الفريقين علي اجتهادهم
ومن ذلك ما رواه البخاري في باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} فذكر للنبي (ص)فلم يعنف) كتاب التيمم من صحيح البخاري
أيضا الصحابة لما نصبوا خالد اميرا عليهم في مؤتة وسماه يومها سيف من سيوف الله ,وعن أبي سعيد الخدري، قال: {خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله (ص)فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للذي توضأ فأعاد: لك الأجر مرتين} فأنت تري ان النبي (ص)قد اقرهما علي اجتهادهما والحديث رواه كماقال ابن حجر في التلخيص الحبير (أبو داود والدارمي والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري، ورواه النسائي مسندا ومرسلا، ورواه الدارقطني موصولا ثم قال: تفرد به عبد الله بن نافع، عن الليث، عن بكر بن سوادة، عن عطاء عنه موصولا، وخالفه ابن المبارك فأرسله، وكذا قال الطبراني في الأوسط)"
ما روى هنا خبل وهو الحكم بغير ما حكم به الله وهو الاجتهاد بالرأى مع قوله تعالى " تبيانا لكل شىء" فلا يصح اجتهاد مع النص وواجب المسلم هو انتظار حكم الله إن لم يكن قد نزل فى ذلك العهد وليس وظيفته الاجتهاد فى الرأى كما حدث مع النبى(ص) فى أمر القبلة حيث كان ينظر فى السماء انتظارا لحكم تغيير القبلة كما قال تعالى "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام"
وأما حكاية حكم سعد فى بنى قريظة فلا أصل لها وكيف يحكم سعد وحكم الله موجود وهو مخالف لحكمه المزعوم بقتل الكل وسبى النساء والأطفال فلا يمكن قتل غير المقاتلين " فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"ولا يوجد سبى للنساء ولا للأطفال فالأسرى يطلق سراحهم بعد الحرب كما قى قوله تعالى "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
والدليل الثانى قولهم:
"ثانيا: تعليمه (ص)للصحابة كيفية استنباط العلل وأن الأحكام شرعت لعلل وحكم ومصالح تقتضيها كقول النبي (ص)للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه قالت نعم قال فدين الله أحق أن يقضى والحديث عند البخاري وروي مسلم (عن ابن عباس قال:جاءت أمرأة إلى رسول الله (ص)فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك) فهذا قياس منه (ص)لدين الله علي دين الادمي في وجوب الوفاء قال ان قدامة في روضة الناظر (وقوله عليه السلام لعمر حين سأله عن القبلة للصائم ثم قال أرأيت لو تمضمضت فهو قياس للقبلة على المضمضة بجامع أنها مقدمة الفطر ولا يفطر) قلت ومثله تنبيه الصحابة علي قياس العكس وهو اذا حكم بكم ما لوجود علة فالحكم ينعكس اذا انعكست العلة وذلك لما قال النبي لهم وفي بضع احدكم صدقة قالوا اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال (ص) أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم قال: كذلك إن وضعها في الحلال كان له فيها أجر " والحديث رواه مسلم من حديث ابي ذر الغفاري "
الروايات كلها لم تحدث لمخالفتها كلام الله فالحج والصوم عن الغير هو وأى عمل أخر لا يصلح مع قوله تعالى " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" ومن ثم فهو سعى من الغير وأما سداد دين الميت فواجب على الورثة لأنه يرثون مال من مال الميت فإن لم يكن له مال فقد انتفع الورثة به فى حياتهم ومن ثم فهم شركاء فى الدين وكما أنه كان واجبا على الميت النفقة عليهم وهو صغار فواجبهم النفقة عليه وهو كبير وسداد دينه ردا لبعض ما أنفقه عليهم وأما رواية القبلة فهى تحالف قوله تعالى "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" فلا يوجد قياس للقبلة على المضمضة او العكس لوجود نص محرم لأى فعل من أفعال الجماع وأما دليلهم الثالث فهو:
"ثالثا عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله (ص)يقول: {إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب فله أجران، وإذا حكم وأخطأ فله أجر} اخرجه احمد ورواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة انظر الجامع الكبير للسيوطي ونصب الراية للزيلعي, قال ابن قدامة في روضة الناظر (ويتجه عليه أنه يجتهد في تحقيق المناط دون تخريجه) وهو كما قال ابن حزم في احكام الأحكام فصل في ابطال القياس وهو يرد علي المستدلين بهذا الحديث قال (ليس فيه للقياس أثر لا بدليل ولا بنص ولا للرأي أيضا لا يذكر ولا بدليل بوجه من الوجوه وإنما فيه إباحة الاجتهاد فقط والاجتهاد ليس قياسا ولا رأيا وإنما الاجتهاد إجهاد النفس واستفراغ الوسع في طلب حكم طلب النازلة في القول والسنة) والحق ان القياس نوع من الاجتهاد فيدخل في عموم اباحة الاجتهاد ما لم يـأت دليل باستثنائه وليس ثم دليل بذلك فدل علي ان القياس مباح مشروع"
الرواية تخالف الأجر فى القرآن فليس للمجتهد المصيب أجرين وللمخطىء واحد وإنما حسب كلام الله عشر حسنات كما قال تعالى ط من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" ومن ثم فهو كلام لن يقله النبى(ص)وأما دليلهم الرابع فهو:
"رابعا: وروى ابن الصباغ وهو من سادات أصحاب الشافعي في كتابه المسمى بالشامل عن قيس بن طلق بن علي أنه قال جاء رجل الى رسول الله (ص)كأنه بدوي فقال يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما توضأ فقال هل هو إلا بضعة منه وهذا هو القياس) انتهي من الأصول للشاشي"
هذا ليس قياس لأن القياس يوجب وجود المقياس والمقيس عليه وليس فى الرواية مقياس ولا مقيس عليه لأن الذكر وهو جزء لا يصلح لأن يكون مقياسا للجسم كله ولا الجسم يصلح أن يكون مقياسا للذكر وإنما القياس يستوجب شيئين مختلفين عند القوم وأما الدليل الخامس فهو:
"خامسا: روي البخاري في صحيحه قال حدثنا أصبغ بن الفرج حدثني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أعرابيا أتى رسول الله (ص)فقال إن أمرأتي ولدت غلاما أسود وإني أنكرته فقال له رسول الله (ص)هل لك من إبل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى ترى ذلك جاءها قال يا رسول الله عرق نزعها قال ولعل هذا عرق نزعه ولم يرخص له في الانتفاء منه وقد ترجم له البخاري بترجمة لطيفة قال: باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل قال صاحب كتاب الفصول في الأصول : (فقايسه رسول الله (ص)ورده إلى أمر كان قد تقرر عنده، من نظير ما سأل عنه، ونبهه على أن يحكم له بحكمه ) وقال النووي (وفيه إثبات القياس والاعتبار بالأشباه، وضرب الأمثال )"
الرواية ليس فيها قياس فالولد لا يقاس على الجمل ولا العكس لأن القياس يرتكز على تحريم أو تحليل الأفعال وليس الأشخاص أو افراد الأنواع خاصة عندما يكون أحدهما مخير والثانى مسير وأما الدليل السادس فهو:
"سادسا: ورد كثير من الأحاديث الصحيحة عن النبي (ص)وفيها بيان علة الحكم اما صريحة منصوص عليها واما مستنبطة مما يدل ان الأحكام الشرعية شرعت لعلة وحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها وليس من جهل حجة علي من علم بل العكس هو الصواب وانه اينما وجدت تلك العلل وجب ان نحكم بتلك الأحكام فمن الاحاديث التي وردت من هذا القبيل قوله صلي الله عيه وسلم انما نهيتكم من اجل الدافة وكان قد نهاهم عن ادخار لحوم الاضاحي فوق ثلاث والحديث في صحيح مسلم من حديث علي بن ابي طالب وقوله عن الاستئذان انما جعل من اجل النظر والحديث عند البخاري وغيره من حديث سهل بن سعد وقال في سبب تحريم الحمر الاهلية انها رجس والحديث عند البخاري من حديث انس بن مالك وقوله (ص)في بيان ان سؤر الهرة طاهر (انها من الطوافين عليكم والطوافات) والحديث رواه أحمد وابو داؤود وغيرهما من رواية ابي قتادة الانصاري فبين النبي ان ذلك لرفع الحرج وكقوله (ص)(أينقص الرطب اذا جف قالوا نعم قال فلا إذن) والحديث عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار من رواية سعد بن ابي وقاص فبين النبي ان سبب عدم مشروعية عارية الرطب بالتمر هي الربا وقوله صلي الله عيه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الاخرة) فبين ان المصلحة من شرعيتها انها تذكر هم بالآخرة وكان قد نهاهم من قبل لانهم كانوا حديثي عهد بالاسلام وكانت المصلحة حينئذ ان تجرهم زيارتها الي تعظيمها فلذلك نهاهم عنها وغيرها من الاحاديث"
الكلام يتحدث عن وجود علة لكل حكم حسب الروايات ولكنه لا يتحدث عن القياس
ثم تحدث يوسف عن الأدلة على حجية القياس فقال :
"ثالثا:- الاستدلال علي حجية القياس بالاجماع
(قال ابن عقيل الحنبلي وقد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله وهو قطعي وقال الصفي الهندي دليل الإجماع هو المعول عليه لجماهير المحققين من الأصول يين وقال الرازي في المحصول مسلك الإجماع هو الذي عول جمهور الأصول يين وقال ابن دقيق العيد عندي أن المعتمد اشتهار العمل بالقياس في أقطار الأرض شرقا وغربا قرنا بعد قرن عند جمهور الأمة إلا عند شذوذ متأخرين قال وهذا أقوى الأدلة) ارشاد الفحول للشوكاني
قال الآمدي في الأحكام (وأما الإجماع وهو أقوى الحجج في هذه المسألة فهو أن الصحابة اتفقوا على استعمال القياس في الوقائع التي لا نص فيها من غير نكير من أحد منهم) نعم لقد استعمل الصحابة القياس في مسائل لا تحصر وهي بالكثرة التي تدل علي التواتر المعنوي كما قال الشاطبي في الموافقات فصل في اقتناص القطعيات من الظنيات وهو من امتع ما كتب في ذلك الباب فوجود هذه الآثار الكثيرة التي استعمل فيها الصحابة القياس دليل علي ان الأمر ثابت مجمع عليه عندهم ويسعنا ما وسع صحابة رسول الله (ص)فيهم اصفي الامة قلوبا واقواها ايمانا واعمقها فهما ولقد اختارهم الله لصحبة نبيه (ص)فمن هذه الاجماعات
اولا اجماعهم علي بيعة ابي بكر الصديق ولم يكن ثم نص ولقد استدلوا علي ذلك باختيار النبي (ص)له لامامتهم في الصلاة اثناء مرضه (ص)وقد اثر عن علي وعمر قولهما: رضيناه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا ونسبه ابن القيم في اعلام الموقعين الي الصحابة وقال في فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (قال الأنصار منا أمير ومنكم أمير فأتاهم عمر فقال ألستم تعلمون أن رسول الله (ص)مر ابابكر أن يصلي بالناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر فقالوا نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر حديث حسن أخرجه أحمد والدارقطني عن أمير المؤمنين علي قال له قائل حدثنا عن أبى بكر قال ذاك رجل سماه الله الصديق على لسان جبريل خليفة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم رضيه لديننا فنرضاه لدنيانا) وهذا قياس اولي لان أمر الدين اعظم من أمر الدنيا
ثانيا: (قياسهم العهد على العقد إذ عهد أبو بكر إلى عمر ولم يرد فيه نص لكن قياسا لتعيين الإمام على تعيين الأمة) روضة الناظر
ثالثا: (ومن ذلك موافقتهم أبا بكر في قتال مانعي الزكاة بالاجتهاد) روضة الناظر
رابعا:كتابة ابي بكر للمصحف لما استحر القتل في قراء القران من الصحابة في حربهم مع مدعي النبوة في اليمامة فاشار عمر علي ابي بكر بكتابة المصحف فابي قائلا لم اكن لافعل أمرا ما فعله رسول الله (ص)ولكن مع الحاح عمر واستخار ابو بكر شهرا حتي شرح الله صدره لكتابة المصحف
رابعا: (عن شريح القاضي قال: قال لي عمر بن الخطاب أن أقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله (ص)فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح
وقال الحميدي: ثنا سفيان ثنا الشيباني عن الشعبي قال: كتب عمر إلى شريح إذا حضرك أمر لا بد منه فانظر ما في كتاب الله فاقض به، فإن لم يكن ففيما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن ففيما قضى به الصالحون وأئمة العدل، فإن لم يكن فأنت بالخيار، فإن شئت أن تجتهد رأيك فاجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤأمرني، ولا أرى مؤأمرتك إياي إلا خيرا لك، والسلام ) انتهي من اعلام الموقعين لابن القيم من فصل النوع الثالث من الرأي المحمود
خامسا: (ومن ذلك أنه لما قيل لعمر إن سمرة قد أخذ الخمر من تجار اليهود في العشور وخللها وباعها قال قاتل الله سمرة أما علم أن رسول الله (ص)قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها قاس الخمر على الشحم وأن تحريمها تحريم لثمنها ومن ذلك أنه جلد أبا بكرة حيث لم يكمل نصاب الشهادة بالقياس على القاذف وإن كان شاهدا لا قاذفا) انتهي من الأحكام للامدي
سادسا: (ومن ذلك أن عمر كان يشك في قود القتيل الذي اشترك في قتله سبعة فقال له علي يا أمير المؤمنين أرأيت لو أن نفرا اشتركوا في سرقة أكنت تقطعهم قال نعم قال فكذلك وهو قياس للقتل على السرقة) انتهي من الأحكام للامدي
سابعا: وهذه امور اخري تدل بجملتها علي استعمال الصحابة للقياس
(وجمع عثمان له على ترتيب واحد واتفاقهم على الاجتهاد في مسألة الجد والأخوة على وجوه مختلفة مع قطعهم أنه لا نص فيها وقولهم في المشركة ومن ذلك قول أبي بكر في الكلالة أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه الكلالة ما عدا الوالد والولد ونحوه عن ابن مسعود في قضية بروع بنت واشق ومنه حكم الصديق في التسوية بين الناس في العطاء كقوله إنما أسلموا لله وأجورهم عليه وإنما الدنيا بلاغ ولما انتهت النوبة إلى عمر فضل بينهم وقال لا أجعل من ترك داره وماله وهاجر إلى الله ورسوله كمن أسلم كرها ومنه عهد عمر إلى أبي موسى اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور برأيك
وقال علي اجتمع رأيى ورأي عمر في أمهات الأولاد ألا يبعن وأنا الآن أرى بيعهن وقال عثمان لعمر أن نتبع رأيك فرأي رشيد وإن نتبع رأي من قبلك فنعم ذو الرأي كان ومنه قولهم في السكران إذا سكر هذى وإن هذى افترى فحدوه حد المفتري وهذا التفات منهم إلى أن مظنة الشيء تنزل منزلته فهذا وأمثاله مما لا يدخل تحت الحصر مشهور وإن لم تتواتر آحاده حصل بمجموعه العلم الضروري أنهم كانوا يقولون بالرأي وما من مفت إلا وقد قال بالرأي ومن لم يقل فلأنه أغناه غيره عن الاجتهاد وما أنكر على القائل به فكان إجماعا) انتهي من روضة الناظر لابن قدامة المقدسي "
الحديث عن الإجماع كحجة اوجود القياس هو ضرب من الخبل فالمسلمون يجمعون على الباطل كما فى إجماع اخوة يوسف(ص) على رمية فى الجب كما قال تعالى "فلما أجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب" والرسول(ص) والمسلمون أجمعوا فى أمر المنافقين على باطل فنزل الوحى ناهيا له ولهم عن الدفاع عن المنافقين الذين اتهموا رجلا بريئا فقال"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"
وما ما رووه من روايات كاستخلاف ابو بكر بالصلاة وعمر بالعهد فباطل فالاستخلاف على الصلاة فى الروايات كان لابن أم مكتوم فى أحيان ولناس أخرين عند الذهاب للغزوات كما أن الشيعة يخالفون هذا الاجماع بتولية على وتلك المبايعات والاستخلافات تخالف قوله تعالى " وأمرهم شورى بينهم" وكذلك امر جمع القرآن فهو مخالف لكون الله جامعه فى قوله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"
والروايات الأخرى عن جهل الصحابة بأحكام الله فى الكلالة وأمهات الأولاد والجدة والاخوة يدل على أن القوم طبقا لذلك يقولون أن الرسول(ص) لم يعلم الصحابة الدين ولم يبلغهم الرسالة كاملة وهو علمهم وبلغهم الرسالة كاملة كما قال تعالى" وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
وناقش الرجل أدلة المنكرين للقياس فقال :
المبحث الثالث في مناقشة أدلة المنكرين للقياس
أولا: مناقشة ما استدلوا به من الكتاب
أولا:اما قولهم ان القياس ظن وطريق غير مأمون واستدلاهم بالأيات والآثار التي فيها النهي عن اتباع الظن مثل قوله تعالي (ولا تقف ما ليس لك به علم)) فهذا تفسيرها قال الالوسي في روح المعاني (واحتج بالآية نفاة القياس لأنه قفو للظن وحكم به وأجيب بأنهم أجمعوا على الحكم بالظن والعمل به في صور كثيرة فمن ذلك الصلاة على الميت ودفنه في مقابر المسلمين وتوريث المسلم منه بناء على أنه مسلم وهو مظنون والتوجه إلى القبلة في الصلاة وهو مبني على الاجتهاد بإمارات لا تفيد إلا الظن وأكل الذبيحة بناء على أنها ذبيحة مسلم وهو مظنون والشهادة فإنها ظنية وقيم المتلفات واروش الجنايات فإنها لا سبيل إليها الا الظن، ومن نظر ولو بمؤخر العين رأى أن جميع الأعمال المعتبرة في الدنيا ) انتهي من تفسير الالوسي قلت فالظن المبني علي اجتهاد صحيح يجب العمل به ومما يدل علي ذلك ما رواه البخاري ومسلم وابو داؤود والنسائي وغيرهم من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي (ص)انه قال (وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين) فأمر من شك ان يجتهد ويتحر الصواب وهو مبني علي غلبة الظن ,فهذا أمر من النبي بالعمل بالظن , ومما يدل ايضا علي العمل بالظن ما رواه الترمذي (عن عبد الله بن عأمر بن ربيعة عن أبيه قال كنا مع النبي (ص)في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي (ص)فنزل {فأينما تولوا فثم وجه الله}قال أبو عيسى هذا حديث ليس إسناده بذاك لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يضعف في الحديث وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا قالوا إذا صلى في الغيم لغير القبلة ثم استبان له بعدما صلى أنه صلى لغير القبلة فإن صلاته جائزة وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحق) والحديث عند البيهقي من رواية جابر بن عبد الله "
ما زال القوم ينكرون بهذا قوله تعالى " تبيانا لكل شىء" فالمظنونات المذكورة ليست سوى إنكار لأقوال الله عن بيانه لكل شىء وقال فى الرد على الدليل الثانى:
ثانيا: استدلالهم بقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) فقد قال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (استدل منكرو القياس بهذه الآية الكريمة على بطلان القياس قالوا: لأنه تعالى أوجب الرد إلى خصوص الكتاب والسنة دون القياس، وأجاب الجمهور بأنه لا دليل لهم في الآية لأن إلحاق غير المنصوص بالمنصوص لوجود معنى النص فيه لا يخرج عن الرد إلى الكتاب والسنة) ، بل قال بعضهم: الآية متضمنة لجميع الأدلة الشرعية، فالمراد بإطاعة الله العمل بالكتاب وبإطاعة الرسول العمل بالسنة، وبالرد إليهما القياس لأن رد المختلف فيه غير المعلوم من النص إلى المنصوص عليه، إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه، وليس القياس شيئا وراء ذلك ) انتهي من اضواء البيان
ثم ان بحثنا معكم في الاية في مسألتين،الاولي في القضية المتنازع فيها , والثانية في كيفية الرد الي الله والرسول, اما المسألة الاولي وهي القضية المتنازع فيها هل ورد حكمها في الشرع أم لا؟ فان كان ورد حكمها في الشرع بدليل صحيح صريح فقد وجب حينئذ الطاعة والانقياد للدليل وحرم التنازع ,وهذا الاحتمال غير وارد في الاية لأنه لا يصح أما الاحتمال الاخر فهو ان تكون القضية المتنازع فيها لم يرد حكمها في قران ولا سنة ولا اجماع , وهذا هو الاحتمال الصحيح من الأية أما المسألة الثانية وهي كيفية الرد الي الله ورسوله فأما ان يكون بترك الحكم في القضية فيترتب عليه ضياع الحقوق ,وهذا لا يجوز أصلا وليس من العدل الذي أمر الله به ,وإما ان يكون الرد الي الله ورسوله بالاجتهاد لاستخراج الحكم في القضية والقياس فرع من الاجتهاد بل هو عماده وأسه فثبت القول بالقياس واتضح ان الاية حجة لنا لا علينا "
القوم هنا ينكرون أن الرد يكون لكلام الله كما قال تعالى " وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله" وهم ينكرون أن كتاب الله طبقا لكلامه " تبيانا لكل شىء" و"تفصيلا لكل شىء" وقال :
"أما استدلالهم بالآيات علي ان القياس حكم بغير ما انزل الله وتشريع لما لم يأذن به الله فنقول ان عملنا بالقياس عمل بكتاب الله وقد اذن الله به وقد ذكرنا الأدلة التي تثبت ذلك فيما مضي ونقول ايضا ان الايات متوجة لمن ترك حكم الله المنزل وعمل بالهوي وتشريعا البشر كما عمل التتر بالياسق وكما حكم الظالمون المفسدون في الارض اليوم قوانين الفرنج وأرغموا الناس علي التحكام بها , قال تعالي (أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الاية (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم اليساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله [ص] فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير)