رضا البطاوى
10-09-2020, 08:26 AM
قراءة فى كتاب العلمانية
الكتاب أو البحث كتبه بندر بن محمد الرباح من أهل العصر وموضوعه كما قال:
"وهذا البحث يتناول جانبا مهما وخطيرا من جوانب هذا التيار الفكري الذي وفد على الأمة الإسلامية واستهدف إبعادها عن عقيدتها وربطها بالفكر المهيمن في هذا العصر البعيد عن هدي الله ومنهج رسوله (ص).وهذا التيار الذي نحن بصدد الحديث عنه، هو تيار "العلمانية" ذلك المصطلح الغربي الذي يوحي ظاهره أن طريقة الحياة التي يدعو إليها تعتمد على العلم وتتخذه سندا لها ليخدع الناس بصواب الفكرة واستقامتها. حتى انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره، وقد أوصلهم ذلك إلى البعد عن الدين بعدا واضحا"
بالقطع العلمانية معناها ليس جديدا على الكفار فهى شىء قديم قائم على رفض الوحى سواء كان رفضا كليا أو رفضا جزئيا وقد عبر الله عن ذلك بأن الكفار يعلمون ظاهر الحياة الدنيا فقال :
"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون"
والمعنى أنهم يعملون على التمتع بكل متع الحياة دون النظر لوحى الله من خلال معرفتهم بالكائنات الدنيوية وهذه المعرفة هى التى جعلت كل كافر أعطاه النعم يقول أن سببها علمه هو وفى هذا قال تعالى :
"فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم "
ومن الكفار قارون الذى قال عن ثروته الهائلة:
"قال إنما أوتيته على علم عندى"
وقد بدأ الرباح الكتاب بتعريف العلمانية فقال:
"الفصل الأول:تعريف العلمانية وأسباب ظهورها وآثارها في الغرب
المبحث الأول: تعريف العلمانية:
العلمانية تبدو لأول وهلة للناظر فيها كلمة عربية مشتقة من العلم, بل هي مبالغة تشير إلى الاهتمام بالعلم والعلماء, ولا غبار على هذا – لو كان على ظاهره – من الوجهة الإسلامية حيث اهتمام الإسلام بالعلم والعلماء, ولكنها حينما تكون وسيلة من وسائل الغرب لتغريب المسلمين فإن الأمر يصبح غير ذلك, إذ لا تبقى على ظاهرها لفظا ومعنى, وإنما تكون ترجمة عربية للفظ أجنبي له مدلوله الخاص, ولذلك أجمع الكثير من رواد الفكر الإسلامي على أن " العلمانية " ترجمة للكلمة الإنجليزية ( سيكولاريتي Secularity ) أي لا ديني, أو غير عقيدي, ونستنتج من ذلك أن العلمانية تعني اللادينية جاء في معجم ألفاظ العقيدة: أن العلمانية تأتي لمعان منها: العالمية, ومنها اللادينية. ومنها فصل الدين عن الدولة وعن الحياة.وكلمة العلمانية اصطلاح جاهلي غربي مشير إلى انتصار العلم على الكنيسة التي حاربت التطور باسم الدين وهي على هذا كلمة مضللة خادعة ابتدعها الغرب لصرف الناس عن الاهتمام بالآخرة كما تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة: هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا فقط, وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر.
وفي معجم ويبستر الشهير: العلمانية: " رؤية للحياة أو أي أمر محدد يعتمد أساسا على أنه يجب استبعاد الدين وكل الاعتبارات الدينية وتجاهلها", ومن ثم فهي نظام أخلاقي اجتماعي يعتمد على قانون يقول: " بأن المستويات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية يجب أن تحدد من خلال الرجوع إلى الحياة المعاشة والرفاهية الاجتماعية دون الرجوع إلى الدين"
وهي من خلال النصين السابقين دعوة صريحة إلى نبذ الدين والاهتمام بالحياة وإسقاطه من الحسبان وإقامة الحياة على غير الدين سواء بالنسبة للأمة أو للفرد, وآن للأمة أن تعمل وللفرد أن يعمل ما تشاء وما يشاء دون التفات لأوامر الدين ونواهيه حسب ما يمليه الواقع المادي سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو التربوية والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو " فصل الدين عن الدولة ", وهو في الحقيقة لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة, ولو قيل أنها " فصل الدين عن الحياة " لكان أصوب, ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية هو " إقامة الحياة على غير الدين " سواء بالنسبة للأمة أو للفرد, ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود: فبعضها تسمح به, كالمجتمعات الديمقراطية الليبرالية, وتسمي منهجها " العلمانية المعتدلة " أي أنها مجتمعات لا دينية ولكنها غير معادية للدين, وذلك مقابل ما يسمى " العلمانية المتطرفة "أي المضادة للدين, ويعنون بها المجتمعات الشيوعية ومشاكلها.
ومن هذا يتضح لنا أنه لا علاقة لكلمة العلمانية بالعلم، وإنما علاقتها قائمة بالدين على أساس سلبي وهو نفي الدين عن مجالات الحياة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية... الخ."
الحديث هنا عن كون العلمانية خاصة بالمجتمعات الغربية كلام خاطىء فطبقا للتاريخ الحالى سبب هذا التعريف هو كتب النصرانية وليس العلمانيين أنفسهم فالنصرانية أو بالأحرى الكنيسة التى اخترعت الدين جعلت من فيها معلمى الدين والشعب حتى لو كان نصرانى فهو علمانى لكونه ليس من معلمى الدين وكلهم بالقطع يعمل فى أعمال دنيوية وكتاب تعاليم الرسل وهو المصدر الثانى للتشريع فى النصرانيى أى المسيحية بالمعنى العامى طافح بهذا التقسيم ومن أقواله:
" ليوص الأسقف العلمانيين بثبات ويعظهم ليكونوا متشبهين به" تعاليم الرسل ( الديسقولية) "ص33
: فالولد لا يرأس على أبيه ولا المملوك على مولاك ولا التلميذ على معلمه ولا الجندى على الملك ولا العلمانى على الأسقف"تعاليم الرسل ص42
" اسمعوا أيها الأساقفة اسمعوا أيها العلمانيين" تعاليم الرسل ص49
" هكذا الأسقف فليحب العلمانيين كأولاده" تعاليم الرسل ص52
ومن هنا ارتبطت تسمية الشعب بكونه علمانى أى علمه وعمله دنيوى بينما العلم فى الكنيسة علم متعلق بالدين يتعلمه العلمانيون للعمل به
وفى المبحث الثانى تحدث عن أسباب ظهور العلمانية التى كانت موجودة فى المجتمعات الغربية قبل وجود التعريف الحديث فقال:
"المبحث الثاني أسباب ظهور العلمانية في الغرب:
هناك أسباب كثيرة أدت إلى ظهور العلمانية في الغرب كان من أبرز هذا الأسباب ما يلي:
أولا: طغيان رجال الكنيسة:
لقد عاشت أوروبا في القرون الوسطى فترة قاسية، تحت طغيان رجال الكنيسة وهيمنتهم، وفساد أحوالهم، واستغلال السلطة الدينية لتحقيق أهوائهم، وإرضاء شهواتهم، تحت قناع القداسة التي يضفونها على أنفسهم، ويهيمنون بها على الأمة الساذجة، ثم اضطهادهم الشنيع لكل من يخالف أوامر أو تعليمات الكنيسة المبتدعة في الدين، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى لو كانت أمورا تتصل بحقائق كونية تثبتها التجارب والمشاهد العلمية وقد شمل هيمنة الكنيسة النواحي الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمية، وفرضت على عقول الناس وأموالهم وتصرفاتهم وصاية لا نظير لها على الإطلاق وسنعرض إلى شيء من ذلك بإيجاز:
أ - الطغيان الديني:
إن الإيمان بالله الواحد الأحد، الذي لا إله غيره ولا معبود بحق سواه، وإن عيسى عبد الله ورسوله، قد تحول في عقيدة النصارى إلى إيمان باله مثلث يتجسد،أويحل بالإنسان ذي ثلاثة أقانيم (الأب والابن ورح القدس).وذلك أنه منذ مجمع نيقية سنة 325م والكنيسة تمارس الطغيان الديني والإرهاب في أبشع صوره، ففرضت بطغيانها هذا عقيدة التثليث قهرا، وحرمت ولعنت مخالفيها، بل سفكت دماء من ظفرت به من الموحدين، وأذاقتهم صنوف التعذيب وألوان النكال وتتفق المصادر على أن اليد الطولى في تحريف العقيدة النصرانية تعود إلى بولس "شاؤل" اليهودي، وهو الذي أثار موضوع ألوهية المسيح لأول مرة مدعيا أنه ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أما العبادات فقد دخلت فيها أوضاع بشرية كنسية مبتدعة، وهذه المبتدعات حملها النصارى مفاهيم غيبية، وفسروها بأن لها أسرارا مقدسة، وجعلوا لها طقوسا تمارس في مناسباتها، ويجب احترامها والتقيد بها وأما الأحكام التشريعية فمعظمها أوامر وقرارات كنسية بابوية، ما أنزل الله بها من سلطان، وهى تحلل وتحرم من غير أن يكون لها مستند من الشرع ونصبت الكنيسة نفسها عن طريق المجامع المقدسة "إلها" يحل ويحرم، ينسخ ويضيف، وليس لأحد حق الاعتراض، أو على الأقل حق إبداء الرأي كائنا من كان، وإلا فالحرمان مصيره، واللعنة عقوبته؛ لأنه كافر ومن أمثلة الأحكام التي غيرتها الكنيسة الختان حيث أنه كان واجبا فأصبح حراما، وكانت الميتة محرمة فأصبحت مباحة، وكانت التماثيل شركا ووثنية فأصبحت تعبيرا عن التقوى، وكان زواج رجال الدين حلالا فأصبح محظورا، وكان أخذ الأموال من الأتباع منكرا فأصبحت الضرائب الكنسية فرضا لازما، وأمور كثيرة نقلتها المجامع من الحل إلى الحرمة أو العكس دون أن يكون لديها من الله سلطان، أو ترى في ذلك حرجا.وأضافت الكنيسة إلى عقيدة التثليث عقائد وآراء أخرى تحكم البديهة باستحالتها ولكن لا مناص من الإيمان بها والإقرار بشرعيتها على الصورة التي توافق هوى الكنيسة.ومن أمثلة ذلك التعميد وتقديس الصليب وحمله وعقيدة الخطيئة الموروثة وصكوك الغفران والحرمان وحياة الرهبنةإلى غير ذلك من العقائد والمبتدعات النصرانية التي فرضتها الكنيسة على أتباعها، وكل هذه العقائد واضح بطلانها بحمد الله في العقيدة الإسلامية، وإن دينا من هذا القبيل هو مقطوع الصلة بما أنزل الله تعالى من الحق، وغير صالح لأن يكون له سلطان على العقول البشرية.
ب- الطغيان المالي:
إن المتأمل في الأناجيل - على الرغم من تحريفها - يجد أنها لم تنه عن شيء كنهيها عن اقتناء الثروة والمال جاء في إنجيل متى: "لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم ".وجاء في إنجيل مرقص: "مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله" .إلا أن القرون التالية قد شهدت مفارقة عجيبة بين مفهوم الكنيسة عن الدنيا وبين واقعها العملي، حتى صار جمع المال والاستكثار من الثروات غاية لديهم، فتهالك رجال الدين على جمع المال والإسراف والبذخ والانغماس في الشهوات والملذات."
ويمكن إيجاز مظاهر الطغيان الكنسي في هذا المجال فيما يلي:
1-الأملاك الإقطاعية:
يقول ديورانت: "أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، فقد كان دير "فلدا" مثلا يمتلك(15000) قصر صغير، وكان "الكوين فيتور" أحد رجال الدين سيدا لعشرين ألفا من أرقاء الأرض،وكانت أملاكها المادية، وحقوقها والتزاماتها الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه، وسخرية تلوكها ألسنة الخارجين على الدين ومصدرا للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات".
2-الأوقاف:
كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافا للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية، إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول إلى درجة لا تكاد تصدق، وقد قال المصلح الكنسي "ويكلف" - وهو من أوائل المصلحين -: "إن الكنيسة تملك أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقي، وطالب بإلغاء هذه الأوقاف واتهم رجال الدين بأنهم "أتباع قياصرة لا أتباع الله".
3-العشور:
فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة (العشور) وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغله الأراضي الزراعية والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين ولم يكن في وسع أحد أن يرفض شيئا من ذلك فالشعب خاضع تلقائيا لسطوتها .
4- الهبات والعطايا:
وكانت الكنيسة تحظى بالكثير من الهبات التي يقدمها الأثرياء الإقطاعيون للتملق والرياء، أو يهبها البعض بدافع الإحسان والصدقة. وقد قويت هذه الدوافع بعد مهزلة صكوك الغفران، إذ انهالت التبرعات على الكنيسة، وتضخمت ثروات رجال الدين تضخما كبيرا.هذا. ولا ننسى المواسم المقدسة والمهرجانات الكنيسية التي كانت تدر الأموال الطائلة على رجال الكنيسة؛ فمثلا في سنة1300م عقد مهرجان لليوبيل واجتمع له جمهور حاشد من الحجاج في روما بلغ من انهيال المال إلى خزائن البابوية أن ظل موظفان يجمعان بالمجاريف الهبات التي وضعت عند قبر القديس بطرس.
5- العمل المجاني "السخرة":
لم تقنع الكنيسة بامتلاك الإقطاعيات برقيقها وما يملكه بعض رجال الدين من آلاف الأرقاء، بل أرغمت أتباعها على العمل المجاني في حقولها وفي مشروعاتها، ولاسيما بناء الكنائس والأضرحة وكان على الناس أن يرضخوا لأوامرها ويعملوا بالمجان لمصلحتها مدة محدودة، هى في الغالب يوم واحد في الأسبوع، ولا ينالون مقابل ذلك جزاء ولا شكورا .وبهذا يتبين لنا أن الانحراف والفساد الديني والاجتماعي قد وصل على يد الكنيسة النصرانية ورجالها وتعاليمها المزيفة إلى حد لم يعد يتحمله الناس ولا تطيقه فطرة البشر، حيث شقيت أوروبا برجال الدين الدجالين، وبتسلطهم ونفوذهم باسم الدين، وباسم الرب.
ج-الطغيان السياسي:
أما الطغيان السياسي فقد بلغت سلطة البابا الدينية المهيمنة على ذوي السلطة الإدارية والسياسية أوجها، حتى كان باستطاعة البابا أن يتوج الملوك والأباطرة، وأن يخلع تيجانهم إذا نازعوه ورفضوا أوامره، وأن يحرمهم من الدين، وأن يحرم شعوبهم الذين يوالونهم، ولايستجيبون لأوامر الخلع البابوية."
ثانيا: الصراع بين الكنيسة والعلم:
الصراع بين الدين والعلم مشكلة من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوروبي إن لم تكن أعمقها على الإطلاق. وذلك أن الكنيسة كانت هي صاحبة السلطة طوال القرون الوسطى في أوروبا حتى قامت النهضة العلمية هناك.وفي هذه الأثناء وقعت الحروب الصليبية بين المسلمين والأوروبيين،واستمرت طوال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر الميلادي،واحتك الصليبيون خلالها بالمسلمين ووقفوا عن كثب على صفات الإسلام وروعته في جميع مجالات العلوم والفنون، في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها، حيث كانت المدارس والجامعات المتعددة في كل مكان في بلاد المسلمين، يؤمها طلاب العلم ومنهم الأوروبيون الذين وفدوا يتعلمون من الأساتذة المسلمين، وترجمت بعض الكتب إلى اللغة الإنجليزية.فلما عاد أولئك الأوروبيين الذين تأثروا بنور الإسلام وعرفوا أن الكنيسة ورجالها عملة مزيفة، ووسيلة للدجل والتحكم الظالم في عباد الله، أخذ هؤلاء يقاومون الكنيسة ودينها المزيف وأعلنوا كشوفا تهم العلمية والجغرافية، والعلوم الطبيعية التي تحرمها الكنيسة، وعند ذلك قامت قيامة من يسمون لدى النصارى برجال الدين، واحتدم الصراع، ومكث قرونا بين رجال العلم ورجال الكنيسة، فأخذوا يكفرون ويقتلون ويحرقون ويشردون المكتشفين، وأنشأت الكنيسة محاكم للتفتيش لملاحقة حملة الأفكار المخالفة لآرائها وأفكارها. ومكث هذا الصراع عدة قرون، وانتهى بإبعاد الكنيسة ورجالها عن التدخل في نظم الحياة وشئون الدولة، فالدين - بمعنى أوضح - مهمته داخل جدران الكنيسة فقط ولا داعي لوجوده خارجها، ويكون لرجال الدولة والعلم إدارة شئون الحياة بالأسلوب الذي يناسبهم سواء أكان متفقا مع مبادئ الدين أم لا وبما أن الدين بصبغته الإلهية النقية لم يدخل المعركة، فإن الأولى أن نسمي ما حدث في أوروبا صراعا بين الكنيسة والعلم، وليس بين الدين والعلم أو بين رجال الدين والعلماء. ونظرا لأن الصراع الدامي الطويل قد انتهى بأول انتصار حاسم لأعداء الكنيسة اثناء الثورة الفرنسية فإننا سنتناول ذلك بإيجاز.
ثالثا: الثورة الفرنسية:
ونتيجة لوضع الكنيسة ودينها المحرف، ووقوفها ضد مطالب الناس، دبر اليهود مكايدهم لاستغلال الثورة النفسية التي وصلت إليها الشعوب الأوروبية، لاسيما الشعب الفرنسي.. فأعدوا الخطط اللازمة؛ لإقامة الثورة الفرنسية الرامية إلى تغيير الأوضاع السائدة، وفي مقدمتها عزل الدين النصراني المحرف الذي حارب العلم عن الحياة، وحصره في داخل الكنيسة وإبعاد رجالها عن التحكم الظالم. وفعلا قامت الثورة الكبرى عام (1789م) واستطاع اليهود أن يجنوا ثمرات عملهم على حساب آلام الشعوب، والدماء التي أهرقت من جرائها، واستطاعوا أن يظلوا في الخفاء بعيدا عن الأضواء، وأن يزوروا كثيرا من الحقائق التاريخية؛ لستر مكايدهم وغاياتهم، واستطاعوا أن يصوروا هذه الثورة وما جرت وراءها بالصورة الجميلة المحببة، وأن يجعلوها إحدى الأعمال التاريخية المجيدة، وذلك عن طريق الدعايات والإشاعات المزخرفة المقرونة بالشعارات البراقة التي انخدع بها الناس، وأخذت ترددها دون أن تفهم الهدف الذي ترمي إليه.ووضع اليهود شعارا مثلثا لهذه الثورة هو "الحرية، والمساواة، والإخاء".
أما أصل مخططات هذه الثورة فقد وضعها جماعة النورانيين من الحاخامين اليهود، واستخدموا للبدء بالدعوة إليها بين سادة المال اليهود العالميين، الثري المرابي الكبير "روتشيلد الأول" ثم ابنه "ناتان روتشيلد"ومما يدل على أن الثورة الفرنسية هي من صنع اليهود وتدبيرهم ما تتبجح به بروتوكولاتهم فتقول: "تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها "الكبرى"إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيدا لأنها من صنع أيدينا".وتقول: "كذلك كنا قديما أول من صاح في الناس "الحرية، والمساواة والإخاء" كلمات ما انفكت ترددها منذ ذلك الحين ببغاوات جاهلة متجمهرة من كل مكان حول هذه الشعائر. وتمخضت الثورة عن نتائج بالغة الخطورة، فقد ولدت لأول مرة في تاريخ أوروبا المسيحية دولة جمهورية، لادينية، تقوم فلسفتها على الحكم باسم الشعب - وليس باسم الله - وعلى حرية التدين بدلا من الكثلكة وعلى الحرية الشخصية بدلا من التقيد بالأخلاق الدينية، وعلى دستور وضعي بدلا من قرارات الكنيسة.وقامت الثورة بأعمال غريبة على عصرها فقد حلت الجمعيات الدينية، وسرحت الرهبان والراهبات، وصادرت أموال الكنيسة،وألغت كل امتيازاتها، وحوربت العقائد الدينية هذه المرة علنا وبشدة...وقد سرت الثورة إلى كل الغرب؛ لأنه لا يدين بالإسلام دين العلم والحق والعدل.
رابعا: نظرية التطور:
في سنة 1859م نشر الباحث الإنجليزي "تشارلز داروين"كتابه "أصل الأنواع" الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب، وقد جعلت نظريته كون الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها فاحدث ذلك ضجة لم يحدثها أي مؤلف آخر في التاريخ الأوروبي قاطبة، وكان له من الآثار في المجالات الفكرية والعملية مالم يكن في الحسبان وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية، ونشر الإلحاد في أوروبا، وقد استغلها اليهود استغلالا بشعا.وقد قال أحد العلماء الغربيين في النظرية الداروينية: بـ "بإنها أبوها الكفر وأمها القذارة" والنظرية الداروينية باطلة بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وباطلة بجميع الكتب السماوية، وباطلة بإجماع المسلمين في كل زمان ومكان، وباطلة بالعقل الصحيح، وبالفطرة السليمة من الشذوذ والانحراف فبنو آدم وجميع الحيوانات والطيور، وجميع مافي البراري والبحار، من آلاف السنين وهي على ما هي عليه لم تتغير أشكالها ولا أسماؤها ومذهب داروين باطل؛ لعدم مشاهدة أي ارتقاء من أي نوع من مخلوقات الله، فمن الذي عاش آلاف السنين حتى شاهد تغير الإنسان من خلية إلى حشرة إلى حيوان إلى قرد كما يزعم داروين، وهو الذي لم يعش سوى أقل من 75 سنة. قال تعالى: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} والنظرية باطلة بقوله تعالى: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فالله تعالى إنما أهبط من الجنة أدميا يعقل ولم يهبط حشرة ثم صارت حيوانا لا يعقل ثم صار قردا
خامسا: دور اليهود :
وليس غريبا بعد الذي تقدم - كما جاء في الثورة الفرنسية - أن يكون اليهود وراء الدعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، وذلك من أجل السيطرة، ومن أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلا بينهم وبين أمم الأرض.
هذه أهم الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور هذا الفكر الجاهلي، والذي هيمن على أوروبا كلها، وأصبح يحمل شعارات الإلحاد والفوضى الأخلاقية عنادا للكنيسة ورجالها.والحق أن هذه الأسباب وتلك الظروف ليست مبررة لابتعاد النصارى وغيرهم عن الدين. وفكرة أن العلم لا صلة له بالدين وأن الدين يحارب العلم، هي الفكرة السائدة في الغرب طيلة القرنين الثامن عشر، والتاسع عشر الميلاديين، ومع إطلالة القرن العشرين بدأت بوادر التفاهم والمصالحة بين رجال الكنيسة والاتجاه الجاهلي، وانتهت بتنازلات كبيرة من الطرفين إلى أن دخلت الأحزاب الدينية النصرانية مجالات السياسة في بعض الدول الغربية."
تحليل المسألة لا يكون هكذا فتلك هى النظرة التى أرادها أهل الغرب أن تشيع عندنا عنهم فالمجتمع الغربى لم يتغير فى شىء سوى استبدال الأنظمة الحاكمة بجمهورية أو ملكية مقننة فما زال فى داخله نصرانى رغم كلمة العلمانية الشائعة وإلا فما تفسير قسم الكل على الكتاب المقدس ؟
وما تفسير الابقاء على أملاك الكنائس وعدم المساس بها ؟
وما هو تفسير أن الدولة الأم للعلمانية وهى فرنسا هى أكثر الدول التى اتبعت نظام التبشير بالنصرانية بعد الثورة وما زالت حتى ألان حتى أنها حولت ديانة الكثير من أهل أفريقيا الوسطى والغربية للنصرانية كما مكنتهم من حكم البلاد فى أثناء الاحتلال وحتى الآن بعد الاستقلال الصورة تدعم رئاسة النصارى لكل تلك الدول رغم كون الأغلبية مسلمة ولو بالاسم وما زالت المخابرات الفرنسية ترمى فى طرق الساسة فى افريقية النساء النصرانيات المدربات عندهم ليكن أزواجا لهؤلاء الساسة المتسمين بأسماء المسلمين غالبا؟
وما هو سر التبشير الإنجليزى فى البلاد المحتلة وما سر قيام اسبانيا والبرتغال بتنصير أمريكا اللاتينية بعد انتصار العلمانية المزعوم فيها؟
وما هو سر معاداة معظم تلك الدول للمساجد واللباس الإسلامى والآذان رغم كونها علمانية أى لا دخل لها بمناصرة دين على أخر؟
وما هو سر احتفال كل دول الغرب رغم العلمانية بأعياد النصرانية طالما تخلت عنها ولماذا يصر الرؤساء والملوك على الذهاب للكنائس فى تلك الأعياد؟
وما هو سر أن الكثير من الأحزاب فى أوربا والأمريكتين ما زالت تحمل اسم حزب كذا المسيحى ؟
ما هو سر ابقاء معظم دول الغرب على ابقاء الصليب فى أعلامها؟
وما هو سر احتفاظ الكثير من النوادى الرياضية فى الغرب بالصليب على صدور أقمصة لاعبيها ومشجعيها؟
ما هو سر إصرار دول الغرب على تدريس المسيحية فى مقرارتها المدرسية ؟
وما هو سر احتفاظ العاهرين والعاهرات الذين يمارسون الزنى فى التمثيل والاعلانات ومصورات الإباحية بالصليب ملبوسا على الملابس او الصدور أو مرسوما على الأجساد وحتى على الأثاث والحجرات التى يصورون فيها ؟
كل ما حدث فى الغرب هو أن من قادوا ما يسمى بالحركة العلمية كانوا هم القسس والرهبان كالقسيس مندل ونيوتن ومور عدلوا العلاقة بين الحكام والكنيسة من وجوب رضا الكنيسة عن الحكام وخضوعهم لها إلى كون الحكام أصبحوا يختارون برضا الشعوب وليس الكنيسة
كما عدلوا علاقة الكنيسة بالعلماء الدنيويين فلم يعد للكنيسة دور إلا قليلا فى بعض المسائل وأصبح الدور للجامعات ومراكز الأبحاث
كل ما حدث هو تعديل للأدوار ومن يقودها
وأما حكاية اليهود وتدخلاتهم فمن المعروف أن دورهم فى إشعال الحروب هو أمر يجب أن يصدقه المسلم كما قال تعالى " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله"
الكتاب أو البحث كتبه بندر بن محمد الرباح من أهل العصر وموضوعه كما قال:
"وهذا البحث يتناول جانبا مهما وخطيرا من جوانب هذا التيار الفكري الذي وفد على الأمة الإسلامية واستهدف إبعادها عن عقيدتها وربطها بالفكر المهيمن في هذا العصر البعيد عن هدي الله ومنهج رسوله (ص).وهذا التيار الذي نحن بصدد الحديث عنه، هو تيار "العلمانية" ذلك المصطلح الغربي الذي يوحي ظاهره أن طريقة الحياة التي يدعو إليها تعتمد على العلم وتتخذه سندا لها ليخدع الناس بصواب الفكرة واستقامتها. حتى انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره، وقد أوصلهم ذلك إلى البعد عن الدين بعدا واضحا"
بالقطع العلمانية معناها ليس جديدا على الكفار فهى شىء قديم قائم على رفض الوحى سواء كان رفضا كليا أو رفضا جزئيا وقد عبر الله عن ذلك بأن الكفار يعلمون ظاهر الحياة الدنيا فقال :
"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون"
والمعنى أنهم يعملون على التمتع بكل متع الحياة دون النظر لوحى الله من خلال معرفتهم بالكائنات الدنيوية وهذه المعرفة هى التى جعلت كل كافر أعطاه النعم يقول أن سببها علمه هو وفى هذا قال تعالى :
"فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم "
ومن الكفار قارون الذى قال عن ثروته الهائلة:
"قال إنما أوتيته على علم عندى"
وقد بدأ الرباح الكتاب بتعريف العلمانية فقال:
"الفصل الأول:تعريف العلمانية وأسباب ظهورها وآثارها في الغرب
المبحث الأول: تعريف العلمانية:
العلمانية تبدو لأول وهلة للناظر فيها كلمة عربية مشتقة من العلم, بل هي مبالغة تشير إلى الاهتمام بالعلم والعلماء, ولا غبار على هذا – لو كان على ظاهره – من الوجهة الإسلامية حيث اهتمام الإسلام بالعلم والعلماء, ولكنها حينما تكون وسيلة من وسائل الغرب لتغريب المسلمين فإن الأمر يصبح غير ذلك, إذ لا تبقى على ظاهرها لفظا ومعنى, وإنما تكون ترجمة عربية للفظ أجنبي له مدلوله الخاص, ولذلك أجمع الكثير من رواد الفكر الإسلامي على أن " العلمانية " ترجمة للكلمة الإنجليزية ( سيكولاريتي Secularity ) أي لا ديني, أو غير عقيدي, ونستنتج من ذلك أن العلمانية تعني اللادينية جاء في معجم ألفاظ العقيدة: أن العلمانية تأتي لمعان منها: العالمية, ومنها اللادينية. ومنها فصل الدين عن الدولة وعن الحياة.وكلمة العلمانية اصطلاح جاهلي غربي مشير إلى انتصار العلم على الكنيسة التي حاربت التطور باسم الدين وهي على هذا كلمة مضللة خادعة ابتدعها الغرب لصرف الناس عن الاهتمام بالآخرة كما تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة: هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا فقط, وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر.
وفي معجم ويبستر الشهير: العلمانية: " رؤية للحياة أو أي أمر محدد يعتمد أساسا على أنه يجب استبعاد الدين وكل الاعتبارات الدينية وتجاهلها", ومن ثم فهي نظام أخلاقي اجتماعي يعتمد على قانون يقول: " بأن المستويات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية يجب أن تحدد من خلال الرجوع إلى الحياة المعاشة والرفاهية الاجتماعية دون الرجوع إلى الدين"
وهي من خلال النصين السابقين دعوة صريحة إلى نبذ الدين والاهتمام بالحياة وإسقاطه من الحسبان وإقامة الحياة على غير الدين سواء بالنسبة للأمة أو للفرد, وآن للأمة أن تعمل وللفرد أن يعمل ما تشاء وما يشاء دون التفات لأوامر الدين ونواهيه حسب ما يمليه الواقع المادي سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو التربوية والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو " فصل الدين عن الدولة ", وهو في الحقيقة لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة, ولو قيل أنها " فصل الدين عن الحياة " لكان أصوب, ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية هو " إقامة الحياة على غير الدين " سواء بالنسبة للأمة أو للفرد, ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود: فبعضها تسمح به, كالمجتمعات الديمقراطية الليبرالية, وتسمي منهجها " العلمانية المعتدلة " أي أنها مجتمعات لا دينية ولكنها غير معادية للدين, وذلك مقابل ما يسمى " العلمانية المتطرفة "أي المضادة للدين, ويعنون بها المجتمعات الشيوعية ومشاكلها.
ومن هذا يتضح لنا أنه لا علاقة لكلمة العلمانية بالعلم، وإنما علاقتها قائمة بالدين على أساس سلبي وهو نفي الدين عن مجالات الحياة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية... الخ."
الحديث هنا عن كون العلمانية خاصة بالمجتمعات الغربية كلام خاطىء فطبقا للتاريخ الحالى سبب هذا التعريف هو كتب النصرانية وليس العلمانيين أنفسهم فالنصرانية أو بالأحرى الكنيسة التى اخترعت الدين جعلت من فيها معلمى الدين والشعب حتى لو كان نصرانى فهو علمانى لكونه ليس من معلمى الدين وكلهم بالقطع يعمل فى أعمال دنيوية وكتاب تعاليم الرسل وهو المصدر الثانى للتشريع فى النصرانيى أى المسيحية بالمعنى العامى طافح بهذا التقسيم ومن أقواله:
" ليوص الأسقف العلمانيين بثبات ويعظهم ليكونوا متشبهين به" تعاليم الرسل ( الديسقولية) "ص33
: فالولد لا يرأس على أبيه ولا المملوك على مولاك ولا التلميذ على معلمه ولا الجندى على الملك ولا العلمانى على الأسقف"تعاليم الرسل ص42
" اسمعوا أيها الأساقفة اسمعوا أيها العلمانيين" تعاليم الرسل ص49
" هكذا الأسقف فليحب العلمانيين كأولاده" تعاليم الرسل ص52
ومن هنا ارتبطت تسمية الشعب بكونه علمانى أى علمه وعمله دنيوى بينما العلم فى الكنيسة علم متعلق بالدين يتعلمه العلمانيون للعمل به
وفى المبحث الثانى تحدث عن أسباب ظهور العلمانية التى كانت موجودة فى المجتمعات الغربية قبل وجود التعريف الحديث فقال:
"المبحث الثاني أسباب ظهور العلمانية في الغرب:
هناك أسباب كثيرة أدت إلى ظهور العلمانية في الغرب كان من أبرز هذا الأسباب ما يلي:
أولا: طغيان رجال الكنيسة:
لقد عاشت أوروبا في القرون الوسطى فترة قاسية، تحت طغيان رجال الكنيسة وهيمنتهم، وفساد أحوالهم، واستغلال السلطة الدينية لتحقيق أهوائهم، وإرضاء شهواتهم، تحت قناع القداسة التي يضفونها على أنفسهم، ويهيمنون بها على الأمة الساذجة، ثم اضطهادهم الشنيع لكل من يخالف أوامر أو تعليمات الكنيسة المبتدعة في الدين، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى لو كانت أمورا تتصل بحقائق كونية تثبتها التجارب والمشاهد العلمية وقد شمل هيمنة الكنيسة النواحي الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمية، وفرضت على عقول الناس وأموالهم وتصرفاتهم وصاية لا نظير لها على الإطلاق وسنعرض إلى شيء من ذلك بإيجاز:
أ - الطغيان الديني:
إن الإيمان بالله الواحد الأحد، الذي لا إله غيره ولا معبود بحق سواه، وإن عيسى عبد الله ورسوله، قد تحول في عقيدة النصارى إلى إيمان باله مثلث يتجسد،أويحل بالإنسان ذي ثلاثة أقانيم (الأب والابن ورح القدس).وذلك أنه منذ مجمع نيقية سنة 325م والكنيسة تمارس الطغيان الديني والإرهاب في أبشع صوره، ففرضت بطغيانها هذا عقيدة التثليث قهرا، وحرمت ولعنت مخالفيها، بل سفكت دماء من ظفرت به من الموحدين، وأذاقتهم صنوف التعذيب وألوان النكال وتتفق المصادر على أن اليد الطولى في تحريف العقيدة النصرانية تعود إلى بولس "شاؤل" اليهودي، وهو الذي أثار موضوع ألوهية المسيح لأول مرة مدعيا أنه ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أما العبادات فقد دخلت فيها أوضاع بشرية كنسية مبتدعة، وهذه المبتدعات حملها النصارى مفاهيم غيبية، وفسروها بأن لها أسرارا مقدسة، وجعلوا لها طقوسا تمارس في مناسباتها، ويجب احترامها والتقيد بها وأما الأحكام التشريعية فمعظمها أوامر وقرارات كنسية بابوية، ما أنزل الله بها من سلطان، وهى تحلل وتحرم من غير أن يكون لها مستند من الشرع ونصبت الكنيسة نفسها عن طريق المجامع المقدسة "إلها" يحل ويحرم، ينسخ ويضيف، وليس لأحد حق الاعتراض، أو على الأقل حق إبداء الرأي كائنا من كان، وإلا فالحرمان مصيره، واللعنة عقوبته؛ لأنه كافر ومن أمثلة الأحكام التي غيرتها الكنيسة الختان حيث أنه كان واجبا فأصبح حراما، وكانت الميتة محرمة فأصبحت مباحة، وكانت التماثيل شركا ووثنية فأصبحت تعبيرا عن التقوى، وكان زواج رجال الدين حلالا فأصبح محظورا، وكان أخذ الأموال من الأتباع منكرا فأصبحت الضرائب الكنسية فرضا لازما، وأمور كثيرة نقلتها المجامع من الحل إلى الحرمة أو العكس دون أن يكون لديها من الله سلطان، أو ترى في ذلك حرجا.وأضافت الكنيسة إلى عقيدة التثليث عقائد وآراء أخرى تحكم البديهة باستحالتها ولكن لا مناص من الإيمان بها والإقرار بشرعيتها على الصورة التي توافق هوى الكنيسة.ومن أمثلة ذلك التعميد وتقديس الصليب وحمله وعقيدة الخطيئة الموروثة وصكوك الغفران والحرمان وحياة الرهبنةإلى غير ذلك من العقائد والمبتدعات النصرانية التي فرضتها الكنيسة على أتباعها، وكل هذه العقائد واضح بطلانها بحمد الله في العقيدة الإسلامية، وإن دينا من هذا القبيل هو مقطوع الصلة بما أنزل الله تعالى من الحق، وغير صالح لأن يكون له سلطان على العقول البشرية.
ب- الطغيان المالي:
إن المتأمل في الأناجيل - على الرغم من تحريفها - يجد أنها لم تنه عن شيء كنهيها عن اقتناء الثروة والمال جاء في إنجيل متى: "لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم ".وجاء في إنجيل مرقص: "مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله" .إلا أن القرون التالية قد شهدت مفارقة عجيبة بين مفهوم الكنيسة عن الدنيا وبين واقعها العملي، حتى صار جمع المال والاستكثار من الثروات غاية لديهم، فتهالك رجال الدين على جمع المال والإسراف والبذخ والانغماس في الشهوات والملذات."
ويمكن إيجاز مظاهر الطغيان الكنسي في هذا المجال فيما يلي:
1-الأملاك الإقطاعية:
يقول ديورانت: "أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، فقد كان دير "فلدا" مثلا يمتلك(15000) قصر صغير، وكان "الكوين فيتور" أحد رجال الدين سيدا لعشرين ألفا من أرقاء الأرض،وكانت أملاكها المادية، وحقوقها والتزاماتها الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه، وسخرية تلوكها ألسنة الخارجين على الدين ومصدرا للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات".
2-الأوقاف:
كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافا للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية، إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول إلى درجة لا تكاد تصدق، وقد قال المصلح الكنسي "ويكلف" - وهو من أوائل المصلحين -: "إن الكنيسة تملك أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقي، وطالب بإلغاء هذه الأوقاف واتهم رجال الدين بأنهم "أتباع قياصرة لا أتباع الله".
3-العشور:
فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة (العشور) وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغله الأراضي الزراعية والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين ولم يكن في وسع أحد أن يرفض شيئا من ذلك فالشعب خاضع تلقائيا لسطوتها .
4- الهبات والعطايا:
وكانت الكنيسة تحظى بالكثير من الهبات التي يقدمها الأثرياء الإقطاعيون للتملق والرياء، أو يهبها البعض بدافع الإحسان والصدقة. وقد قويت هذه الدوافع بعد مهزلة صكوك الغفران، إذ انهالت التبرعات على الكنيسة، وتضخمت ثروات رجال الدين تضخما كبيرا.هذا. ولا ننسى المواسم المقدسة والمهرجانات الكنيسية التي كانت تدر الأموال الطائلة على رجال الكنيسة؛ فمثلا في سنة1300م عقد مهرجان لليوبيل واجتمع له جمهور حاشد من الحجاج في روما بلغ من انهيال المال إلى خزائن البابوية أن ظل موظفان يجمعان بالمجاريف الهبات التي وضعت عند قبر القديس بطرس.
5- العمل المجاني "السخرة":
لم تقنع الكنيسة بامتلاك الإقطاعيات برقيقها وما يملكه بعض رجال الدين من آلاف الأرقاء، بل أرغمت أتباعها على العمل المجاني في حقولها وفي مشروعاتها، ولاسيما بناء الكنائس والأضرحة وكان على الناس أن يرضخوا لأوامرها ويعملوا بالمجان لمصلحتها مدة محدودة، هى في الغالب يوم واحد في الأسبوع، ولا ينالون مقابل ذلك جزاء ولا شكورا .وبهذا يتبين لنا أن الانحراف والفساد الديني والاجتماعي قد وصل على يد الكنيسة النصرانية ورجالها وتعاليمها المزيفة إلى حد لم يعد يتحمله الناس ولا تطيقه فطرة البشر، حيث شقيت أوروبا برجال الدين الدجالين، وبتسلطهم ونفوذهم باسم الدين، وباسم الرب.
ج-الطغيان السياسي:
أما الطغيان السياسي فقد بلغت سلطة البابا الدينية المهيمنة على ذوي السلطة الإدارية والسياسية أوجها، حتى كان باستطاعة البابا أن يتوج الملوك والأباطرة، وأن يخلع تيجانهم إذا نازعوه ورفضوا أوامره، وأن يحرمهم من الدين، وأن يحرم شعوبهم الذين يوالونهم، ولايستجيبون لأوامر الخلع البابوية."
ثانيا: الصراع بين الكنيسة والعلم:
الصراع بين الدين والعلم مشكلة من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوروبي إن لم تكن أعمقها على الإطلاق. وذلك أن الكنيسة كانت هي صاحبة السلطة طوال القرون الوسطى في أوروبا حتى قامت النهضة العلمية هناك.وفي هذه الأثناء وقعت الحروب الصليبية بين المسلمين والأوروبيين،واستمرت طوال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر الميلادي،واحتك الصليبيون خلالها بالمسلمين ووقفوا عن كثب على صفات الإسلام وروعته في جميع مجالات العلوم والفنون، في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها، حيث كانت المدارس والجامعات المتعددة في كل مكان في بلاد المسلمين، يؤمها طلاب العلم ومنهم الأوروبيون الذين وفدوا يتعلمون من الأساتذة المسلمين، وترجمت بعض الكتب إلى اللغة الإنجليزية.فلما عاد أولئك الأوروبيين الذين تأثروا بنور الإسلام وعرفوا أن الكنيسة ورجالها عملة مزيفة، ووسيلة للدجل والتحكم الظالم في عباد الله، أخذ هؤلاء يقاومون الكنيسة ودينها المزيف وأعلنوا كشوفا تهم العلمية والجغرافية، والعلوم الطبيعية التي تحرمها الكنيسة، وعند ذلك قامت قيامة من يسمون لدى النصارى برجال الدين، واحتدم الصراع، ومكث قرونا بين رجال العلم ورجال الكنيسة، فأخذوا يكفرون ويقتلون ويحرقون ويشردون المكتشفين، وأنشأت الكنيسة محاكم للتفتيش لملاحقة حملة الأفكار المخالفة لآرائها وأفكارها. ومكث هذا الصراع عدة قرون، وانتهى بإبعاد الكنيسة ورجالها عن التدخل في نظم الحياة وشئون الدولة، فالدين - بمعنى أوضح - مهمته داخل جدران الكنيسة فقط ولا داعي لوجوده خارجها، ويكون لرجال الدولة والعلم إدارة شئون الحياة بالأسلوب الذي يناسبهم سواء أكان متفقا مع مبادئ الدين أم لا وبما أن الدين بصبغته الإلهية النقية لم يدخل المعركة، فإن الأولى أن نسمي ما حدث في أوروبا صراعا بين الكنيسة والعلم، وليس بين الدين والعلم أو بين رجال الدين والعلماء. ونظرا لأن الصراع الدامي الطويل قد انتهى بأول انتصار حاسم لأعداء الكنيسة اثناء الثورة الفرنسية فإننا سنتناول ذلك بإيجاز.
ثالثا: الثورة الفرنسية:
ونتيجة لوضع الكنيسة ودينها المحرف، ووقوفها ضد مطالب الناس، دبر اليهود مكايدهم لاستغلال الثورة النفسية التي وصلت إليها الشعوب الأوروبية، لاسيما الشعب الفرنسي.. فأعدوا الخطط اللازمة؛ لإقامة الثورة الفرنسية الرامية إلى تغيير الأوضاع السائدة، وفي مقدمتها عزل الدين النصراني المحرف الذي حارب العلم عن الحياة، وحصره في داخل الكنيسة وإبعاد رجالها عن التحكم الظالم. وفعلا قامت الثورة الكبرى عام (1789م) واستطاع اليهود أن يجنوا ثمرات عملهم على حساب آلام الشعوب، والدماء التي أهرقت من جرائها، واستطاعوا أن يظلوا في الخفاء بعيدا عن الأضواء، وأن يزوروا كثيرا من الحقائق التاريخية؛ لستر مكايدهم وغاياتهم، واستطاعوا أن يصوروا هذه الثورة وما جرت وراءها بالصورة الجميلة المحببة، وأن يجعلوها إحدى الأعمال التاريخية المجيدة، وذلك عن طريق الدعايات والإشاعات المزخرفة المقرونة بالشعارات البراقة التي انخدع بها الناس، وأخذت ترددها دون أن تفهم الهدف الذي ترمي إليه.ووضع اليهود شعارا مثلثا لهذه الثورة هو "الحرية، والمساواة، والإخاء".
أما أصل مخططات هذه الثورة فقد وضعها جماعة النورانيين من الحاخامين اليهود، واستخدموا للبدء بالدعوة إليها بين سادة المال اليهود العالميين، الثري المرابي الكبير "روتشيلد الأول" ثم ابنه "ناتان روتشيلد"ومما يدل على أن الثورة الفرنسية هي من صنع اليهود وتدبيرهم ما تتبجح به بروتوكولاتهم فتقول: "تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها "الكبرى"إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيدا لأنها من صنع أيدينا".وتقول: "كذلك كنا قديما أول من صاح في الناس "الحرية، والمساواة والإخاء" كلمات ما انفكت ترددها منذ ذلك الحين ببغاوات جاهلة متجمهرة من كل مكان حول هذه الشعائر. وتمخضت الثورة عن نتائج بالغة الخطورة، فقد ولدت لأول مرة في تاريخ أوروبا المسيحية دولة جمهورية، لادينية، تقوم فلسفتها على الحكم باسم الشعب - وليس باسم الله - وعلى حرية التدين بدلا من الكثلكة وعلى الحرية الشخصية بدلا من التقيد بالأخلاق الدينية، وعلى دستور وضعي بدلا من قرارات الكنيسة.وقامت الثورة بأعمال غريبة على عصرها فقد حلت الجمعيات الدينية، وسرحت الرهبان والراهبات، وصادرت أموال الكنيسة،وألغت كل امتيازاتها، وحوربت العقائد الدينية هذه المرة علنا وبشدة...وقد سرت الثورة إلى كل الغرب؛ لأنه لا يدين بالإسلام دين العلم والحق والعدل.
رابعا: نظرية التطور:
في سنة 1859م نشر الباحث الإنجليزي "تشارلز داروين"كتابه "أصل الأنواع" الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب، وقد جعلت نظريته كون الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها فاحدث ذلك ضجة لم يحدثها أي مؤلف آخر في التاريخ الأوروبي قاطبة، وكان له من الآثار في المجالات الفكرية والعملية مالم يكن في الحسبان وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية، ونشر الإلحاد في أوروبا، وقد استغلها اليهود استغلالا بشعا.وقد قال أحد العلماء الغربيين في النظرية الداروينية: بـ "بإنها أبوها الكفر وأمها القذارة" والنظرية الداروينية باطلة بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وباطلة بجميع الكتب السماوية، وباطلة بإجماع المسلمين في كل زمان ومكان، وباطلة بالعقل الصحيح، وبالفطرة السليمة من الشذوذ والانحراف فبنو آدم وجميع الحيوانات والطيور، وجميع مافي البراري والبحار، من آلاف السنين وهي على ما هي عليه لم تتغير أشكالها ولا أسماؤها ومذهب داروين باطل؛ لعدم مشاهدة أي ارتقاء من أي نوع من مخلوقات الله، فمن الذي عاش آلاف السنين حتى شاهد تغير الإنسان من خلية إلى حشرة إلى حيوان إلى قرد كما يزعم داروين، وهو الذي لم يعش سوى أقل من 75 سنة. قال تعالى: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} والنظرية باطلة بقوله تعالى: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فالله تعالى إنما أهبط من الجنة أدميا يعقل ولم يهبط حشرة ثم صارت حيوانا لا يعقل ثم صار قردا
خامسا: دور اليهود :
وليس غريبا بعد الذي تقدم - كما جاء في الثورة الفرنسية - أن يكون اليهود وراء الدعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، وذلك من أجل السيطرة، ومن أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلا بينهم وبين أمم الأرض.
هذه أهم الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور هذا الفكر الجاهلي، والذي هيمن على أوروبا كلها، وأصبح يحمل شعارات الإلحاد والفوضى الأخلاقية عنادا للكنيسة ورجالها.والحق أن هذه الأسباب وتلك الظروف ليست مبررة لابتعاد النصارى وغيرهم عن الدين. وفكرة أن العلم لا صلة له بالدين وأن الدين يحارب العلم، هي الفكرة السائدة في الغرب طيلة القرنين الثامن عشر، والتاسع عشر الميلاديين، ومع إطلالة القرن العشرين بدأت بوادر التفاهم والمصالحة بين رجال الكنيسة والاتجاه الجاهلي، وانتهت بتنازلات كبيرة من الطرفين إلى أن دخلت الأحزاب الدينية النصرانية مجالات السياسة في بعض الدول الغربية."
تحليل المسألة لا يكون هكذا فتلك هى النظرة التى أرادها أهل الغرب أن تشيع عندنا عنهم فالمجتمع الغربى لم يتغير فى شىء سوى استبدال الأنظمة الحاكمة بجمهورية أو ملكية مقننة فما زال فى داخله نصرانى رغم كلمة العلمانية الشائعة وإلا فما تفسير قسم الكل على الكتاب المقدس ؟
وما تفسير الابقاء على أملاك الكنائس وعدم المساس بها ؟
وما هو تفسير أن الدولة الأم للعلمانية وهى فرنسا هى أكثر الدول التى اتبعت نظام التبشير بالنصرانية بعد الثورة وما زالت حتى ألان حتى أنها حولت ديانة الكثير من أهل أفريقيا الوسطى والغربية للنصرانية كما مكنتهم من حكم البلاد فى أثناء الاحتلال وحتى الآن بعد الاستقلال الصورة تدعم رئاسة النصارى لكل تلك الدول رغم كون الأغلبية مسلمة ولو بالاسم وما زالت المخابرات الفرنسية ترمى فى طرق الساسة فى افريقية النساء النصرانيات المدربات عندهم ليكن أزواجا لهؤلاء الساسة المتسمين بأسماء المسلمين غالبا؟
وما هو سر التبشير الإنجليزى فى البلاد المحتلة وما سر قيام اسبانيا والبرتغال بتنصير أمريكا اللاتينية بعد انتصار العلمانية المزعوم فيها؟
وما هو سر معاداة معظم تلك الدول للمساجد واللباس الإسلامى والآذان رغم كونها علمانية أى لا دخل لها بمناصرة دين على أخر؟
وما هو سر احتفال كل دول الغرب رغم العلمانية بأعياد النصرانية طالما تخلت عنها ولماذا يصر الرؤساء والملوك على الذهاب للكنائس فى تلك الأعياد؟
وما هو سر أن الكثير من الأحزاب فى أوربا والأمريكتين ما زالت تحمل اسم حزب كذا المسيحى ؟
ما هو سر ابقاء معظم دول الغرب على ابقاء الصليب فى أعلامها؟
وما هو سر احتفاظ الكثير من النوادى الرياضية فى الغرب بالصليب على صدور أقمصة لاعبيها ومشجعيها؟
ما هو سر إصرار دول الغرب على تدريس المسيحية فى مقرارتها المدرسية ؟
وما هو سر احتفاظ العاهرين والعاهرات الذين يمارسون الزنى فى التمثيل والاعلانات ومصورات الإباحية بالصليب ملبوسا على الملابس او الصدور أو مرسوما على الأجساد وحتى على الأثاث والحجرات التى يصورون فيها ؟
كل ما حدث فى الغرب هو أن من قادوا ما يسمى بالحركة العلمية كانوا هم القسس والرهبان كالقسيس مندل ونيوتن ومور عدلوا العلاقة بين الحكام والكنيسة من وجوب رضا الكنيسة عن الحكام وخضوعهم لها إلى كون الحكام أصبحوا يختارون برضا الشعوب وليس الكنيسة
كما عدلوا علاقة الكنيسة بالعلماء الدنيويين فلم يعد للكنيسة دور إلا قليلا فى بعض المسائل وأصبح الدور للجامعات ومراكز الأبحاث
كل ما حدث هو تعديل للأدوار ومن يقودها
وأما حكاية اليهود وتدخلاتهم فمن المعروف أن دورهم فى إشعال الحروب هو أمر يجب أن يصدقه المسلم كما قال تعالى " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله"