المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد كتاب علم المعصومين


رضا البطاوى
07-01-2021, 07:56 AM
نقد كتاب علم المعصومين
مؤلف الكتاب أحمد بن زين الدين الأحسائي مخترع مذهب الأوحدية وهو مذهب يعتبر من ضمن المذاهب الشيعية وإن كان يتصف بالصفة الصوفية والكتاب يدور حول سؤال عن السر المسمى (المعمى المنمنم)والسؤال معناه إذا كان الله يعلم أن فلان مؤمن وعلان كافر فى قدره فكيف يطلب من نبيه(ص) أن يأمرهم بالإيمان ؟
الكتاب يتعلق يعلم المعصومين والمراد معرفة الأئمة وبالقطع لا يوجد عصمة لأحد من ارتكاب الذنوبفلو كان لأحد عصمة لكان للرسل ولكنهم ارتكبوا ذنوبا كسؤال نوح(ص) إدخال ابنه الجنة وكظن يونس (ص) أن الله لن يقدر عليه وكقتل موسى (ص) لشخص من آل فرعون وكارتكاب محمد(ص) لذنب العبوس والإذن للمنافقين
يقول الإحسائى فى سبب تأليف الكتاب:
"الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين أما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين أنه قد سأل سيدنا الأكرم عن مسألة عويصة في العلم وجوابها وكشف سرها من مخزون العلم الذي كتمه أهل العصمة عن غيرهم , لأنه من غامض العلم الذي لا يزيده البيان إلا غموضا , وهو السر المسمى (المعمى المنمنم) لتوقف معرفته على تعقل الدهر وأفراده من الزمان , وأفراد السرمد منهما , ثم إنه أجاب نفسه , وكتب لي جوابه , وكان فيه شيء غير مطابق , وكله تحت الجواب بمراحل طويلة لأن هذا الجواب الذي كتب لا يكشف سر السؤال لاختلاف المراد , فأحببت أن أكتبه وأجعله بمنزلة المتن , ويكون عن مسألته الأصلية كالشرح , ولكن يجب أن أقدم أمام ذلك وصيته وهي (أوصيك أيها الناظر ألا تقف على الألفاظ والعبارات فإن كنت تعرف الفرق بين القلب والفؤاد , والفرق بين نظرهما , واستعملت في كلامي نظر الفؤاد , وفزت ببلوغ المراد , وإلا فاقطع الخطاب , ولا تطلب الرأي من السراب , فإن كنت عطشانا لهذا المورد فقد ضرب دونه ألف حجاب والله سبحانه الموفق للصواب، أصل السؤال (معناه) إذا كان كل شيء فقد كتب في اللوح قبل خلق الخلق (ومنه إيمان المؤمن وكفر الكافر) فكيف يجوز أن يأمر النبي صلى الله عليه وآله بالإيمان من يعلم أنه لا يؤمن , وأنه قد كتب أنه كافر في اللوح المحفوظ الذي ليس فيه محو ولا إثبات , ولا تغيير ولا تبديل "
وكانت إجابة السائل على المسألة هى :
" كتب سلمه الله تعالى: لعل سبب تكليف النبي صلى الله عليه وآله الكفار بالإيمان مع أنه يعلم أنه لا يؤمن أن للشخص وجودين: تكويني , وتشريعي , ولابد أن يظهر كلاهما في الزمان , وفي عالم الملك والشهادة , كما في قوله تعالى: ((وان منكم إلا واردها)) وظهور وجود التكويني لا يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وآله أي تكليفه وإلا لما خلق."
وأما الإحسائى فلم يستحسن اجابة السائل فقام برد أخر عليها هو :
"أقول: إن قوله (ولابد أن يظهر كلاهما في الزمان) أراد بأن الوجودين لابد أن يكونا في الزمان , وهذا حق , ولكن التشريعي الظاهري , وأما التشريعي الأول والتكويني الأول يجب أن لا يوجدا في الزمان , لما بينهما من التنافي , ونشير إليه إن شاء الله فيما يأتي.
وقوله (وظهور الوجود التكويني لا يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وآله أي تكليفه يعني به أن الوجود التكويني وان احتاج الى النبي صلى الله عليه وآله في الظهور من جهته العلية لكن من جهة التكليف لا يحتاج إليه , وهو في الظاهر تام , لكن في الحقيقة غير تام , لأن الإيجاد التكويني تكليف باطن , وإيجاد ظاهر والتشريعي إيجاد باطن , وتكليف ظاهر , فإن أريد أن التكويني لا يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وآله وتكليفه بالإيجاد والإنوجاد على ما تعرفه العوام فحسن , وإن أريد الحقيقة فأي حاجة أشد منه إلى تكليفه له , والله سبحانه يقول (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وقوله أيده الله تعالى (وإلا لما خلق) فيه ما سبق من وجهين: (الأول) ما ذكرنا من أن الإيجاد تشريع , والتشريع إيجاد , (والثاني) أن الله يقول في حق المضلين والجاحدين (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) تعريضا بأن الهادين الشاهدين أشهدهم خلق السموات والأرض , وأشهدهم خلق أنفسهم , فالنبي صلى الله عليه وآله إمامهم , وقد أشهده الله خلق نفسه بكلا المعنيين , ولا يلزم الدور لأن الأحكام التضائفية لا يلزم فيها الدور , مع أن كل واحد متوقف على وجود الآخر (كالأبوة والبنوة) لأن الممنوع من الدور ما تقدم أحدهما على الآخر وأما ماساوق أحدهما الآخر فلاشك في الصحة "
الإحسائى وصاحبه كلامهم يقوم على أساس أن النبى(ص) يعلم من يكفر ومن يؤمن وهو كلام مخالف لوحى الله فى التالى :
1-ان النبى(ص) لا يعلم ما يفعله الله به وبالناس وهذا معناه انه لا يعلم هل يسامر هو فى إيمانه وهم فى كفرهم أو إيمانهم وفى هذا قال تعالى :
"قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
لاحظ " وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
2- أن النبى (ص) والمؤمنين ومنهم على كان لا يعرف فريق من الكفار الذين يعادون وفى هذا قال تعالى له :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم"
لاحظ القول " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم "
3- أن النبى(ص) كان لا يعلم بفريق المنافقين وفى هذا قال تعالى :
"وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم"
لاحظ " لا تعلمهم"
4- أن النبى(ص) نفسه كان لا يعلم أى شىء من الغيب بدليل أن اللع طلب منه ان يقول أنه لو كان بعلم الغيب لاستكثر الخير لنفسه ومنع السوء عنها وفى هذا قال تعالى :
"ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
ثم حاول الرجل حل المشكلة فقال :
"قال أيده الله تعالى وأما ظهور وجود التشريعي فيحتاج إلى تكليف النبي صلى الله عليه وآله بل هو من أسباب وجوده كما سئل الإمام هل يرد الدواء من القدر شيئا ? قال عليه السلام (ذلك من القدر) 0
أقول هذا الإشكال فيه بقي فيه بيان أن الدواء من القدر , فاعلم أن القدر يجري في الأفعال كالحكم الوضعي عند أهل الأصول لأنه سبحانه إذا كان يفعل بالأسباب وجب في الحكمة أنه إذا وجد مقتض أو مانع أن يخلق ما يقتضيانه عندهما , وإلا كان قاسرا , وتعالى في عز جلاله عن ذلك , لو أراد خلاف ذلك سبب لما أراد سببا يوجده أنجح من ذلك , أو من ذاته المقدسة لأنه سبب من لا سبب له , وسبب كل ذي سبب , ومسبب الأسباب من غير سبب , فإذا وجد سبب أو مانع أقوى من الأول عمل بمقتضى الأقوى تحقيقا للاختيار , ونفيا للاضطرار , لئلا تكون للناس على الله حجة , وإيجاده عند السبب الأول قدر منه وإيجاد خلاف ذلك عند وجوب سبب أقوى قدر منه , فمن هنا قال ذاك من القدر 0
قال سلمه الله تعالى: (وكذلك التكليف سبب ظهور إيمان المؤمن وكفر الكافر فان النبي صلى الله عليه وآله إذا دعاهم الى الإيمان فإن أجاب صار مؤمنا , وان لم يجب يصير كافرا , فبالطاعة يصير المؤمن مؤمنا , وبعدمها يصير الكافر كافرا , وإلا قبل التكليف والطاعة لم يحكم بإيمانه ولا بكفره فالمؤمن مؤمن حين التكليف , والكافر كافر حين التكليف.
أقول: اعلم أن التكليف سبب ظهور إيمان المؤمن من جهة الوجود , وسببه الآخر قبول الدعوة فكل مكون لا يكون في من دعوتين: أمر الله فأجاب ودعا فأجاب , فكان الشيء بالدعوتين والإجابتين والدعوة الأولى دعا الله سبحانه فأجاب المخلوق , فدعا الله إفاضته الوجود على من سأله الإفاضة وتفصيل هذه الجملة أن الإفاضة دعا الله لمن أجاب (أي إجابة الله لمن سأل والسؤال إجابة العبد لمن دعا أي قبوله لما أفاض فمن أجاب خلقه الله من طينة عليين وهي هياكل التوحيد وهي طينة الطاعة وهي فطرة الله وهي الصورة الإنسانية ومن عصى خلقه الله من طينة سجين وهي هياكل الثرى وهي طينة المعصية وهي تبديل خلق الله وتغييره وهي الصورة الحيوانية وصورة المسخ وطينة خبال ويصدق على هذا قوله فان أجاب صار مؤمنا وان لم يجب يصير كافرا ويصدق قوله فبالطاعة أي بقبوله الإيمان حتى خلق من طينة الطاعة التي هي شعاع الرحمة المكتوبة صار الشخص المخاطب حين أجاب مؤمنا بإجابته وبالعكس لعكس هذا محصل كلامه وأما ما وعدنا به من الإشارة الى جواب ما سأل عنه فاعلم أن الجواب يحتاج الى تمثيل وإشارة وقد قدمت إليك بألا تقف على ما ذكرنا فان العبارة تقصر عن هذا المطلب أما التمثيل فأقول لو أراد الله أن يجعل هذه الصخرة إنسانا كان قادرا على ذلك فإذا فعل ذلك يوم الجمعة مثلا الحادي عشر من جمادى الثانية سنة الثالثة والعشرين بعد المائتين والألف من هجرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله الطاهرين خلق له روح إنسان ولم تكن له روح إنسان قبل ذلك اليوم فإذا أراد أن يجعله في ذلك اليوم إنسانا خلق له روح إنسان فإذا خلقها كان قد خلقها قبل خلق السماوات والأرض وقبل اليوم الذي جعله فيه إنسانا لانه بعد خلق السماوات والأرض بأربعة آلاف عام وقبل أن يريد الله أن يجعل الصخرة إنسانا ما خلق له روح إنسان وأما الإشارة فالكافر قبل الإنكار للإسلام ليس بكافر في الزمان ولا في الدهر بالنسبة الى الزمان فإذا أنكر كان كافرا في الزمان وفي الدهر أما الإيمان والكفر في الزمان فيكون ما كان منهما مع ما اقتضاه لا قبله ولا بعده مثلا لما أنكر أبو لهب الإسلام كان كافرا مع إنكاره لا قبله ولا بعده وكان في اللوح المحفوظ أنه كافر قبل خلق الخلق ولا يتغير ما في اللوح المحفوظ ولو أنه حين دعاه النبي صلى الله عليه وآله أجاب كان مؤمنا مع الإجابة لا قبلها ولا بعدها وكان في اللوح المحفوظ أنه مؤمن قبل خلق الخلق وذلك لان الدهر ماضيه عين مستقبله في الشيء الواحد فقولك تكون الروح بعد فناء الزمان بأربعة آلاف سنة وقولك كان عمل زيد قبل جسمه بألف سنة نفس قولك يكون عمله بعد جسمه بألف سنة وكان روح زيد قبل عمله بثلاثة آلاف سنة نفس قولك تكون روحه بعد عمله بثلاثة آلاف سنة فالروح قبل العمل مثلا في الماضي الذي هو نفس المستقبل بثلاثة آلاف سنة وهي بعد العمل في المستقبل الذي هو نفس الماضي بثلاثة آلاف سنة فإذا عرفت ان سبق الدهر إنما هو بالطول أي بكثرة العدد كالأربعة بالنسبة إلى الثلاثة وإن سابقه عين لاحقه بلا مغايرة لا في الواقع ولا في الفرض إذا كانا في رتبة واحدة كالأربعة والأربعة وكالخمسة والخمسة وكالاثنين والاثنين فإذا عرفت ذلك عرفت أن كفر أبي لهب إنما كتب في اللوح المحفوظ حين كفر ونظيره إني قلت لك إذا قبلت كلامي عرفت فانك حال الخطاب أدرك سمعك لفظي وفهم قلبك حين أنا تكلمت به قبل خلق الخلق بأربعة آلاف عام وهذا معنى قول جعفر بن محمد ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر فيصير ملخص جميع ما ذكرت وكررت لك أن أبا لهب لم يكتب في اللوح كافرا إلا بعد أن كفر فلما كفر كان في اللوح المحفوظ كافرا قبل خلق السماوات والأرض بأربعة آلاف سنة فكان دعا النبي صلى الله عليه وآله له بالإسلام قبل أن يكفر وقبل أن يكتب عليه الكفر في العلم الزماني وغيره فلما كفر كان
مع كفره العلم الزماني بكفره لا قبله ولا بعده والعلم الدهري قبله وبعده قبل خلق الخلق بأربعة آلاف سنة والسنة دور الأفلاك بالثلاثمائة وستين اسما ثلاثمائة وستين دورة حركة اسم منها فلجبرائيل تسعون اسما لها تسعون حركة في السنة ولميكائيل تسعون اسما لها تسعون حركة في السنة ولاسرافيل تسعون اسما لها تسعون حركة في السنة ولعزرائيل تسعون اسما لها تسعون حركة في السنة فلجبرائيل في الكون الجوهري ثلاثون اسما وفي الكون الماء ثلاثون اسما وفي الكون الزماني ثلاثون اسما ولميكائيل ولأخويه كذلك في الأكوان الثلاثة فإذا أطلق ألف سنة يراد به ما ذكر "
فى الفقرات الطويلة السابقة أدخلنا الإحسائى متاهات ليس عليها دليل من الوحى والمسالة أسهل وأبسط من كل هذا التعقيد:
الله علم بمن يؤمن وبمن يكفر من خلال كتابته ذلك فى الكتاب الكبير وهو أم الكتاب أى كتاب القضاء والقدر كما يسمى ولكن الخلق لم يعلموا بهذا القضاء أبدا لا رسل ولا أئمة ولا غيرهم كما قال تعالى :
""قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله"
فالله وحده هو الذى يعلم بما كتب فى الغيب
أن الخلق ليس لهم وجود حقيقى أى مخلوق إلا عند خلقهم ووجودهم الثانى هو علم الله بوجودهم فى المستقبل قبل خلقهم فى الكتاب وهذا هو معنى قوله تعالى :
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
ونجد الإحسائى يدخلنا فى متاهة أربعة آلاف سنة وهى أن الكتاب كتاب القضاء والقدر كتب قبل الخلق بأربعة آلاف سنة إنما هو ضرب من الخبل لأن الزمان وهو هنا السنة لم يكن لها وجود قبل الخلق وإنما كانت بداية الزمان وهو السنة اثنا عشر شهرا مع المكان عندما بدأ الله الخلق وفى هذا قال تعالى :
"إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم"
كما أدخلنا فى متاهة الأكوان الثلاثة الجوهرى والزمانى والمائى مع كونه كون واحد
وأدخلنا فى متاهة تقسيم حركات الزمان والتقسيم الاسمى للملائكة الأربعة جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل مع أنه لا وجود فى القرآن لإسرافيل ولا لعزرائيل فلا وجود لاسمهما فى القرآن
كما أنه طبقا لتقسيم أيام السنة طول السنة القمرية حسب الروايات لا يؤدى إلى كونها360 يوم وإنما تتراوح ما بين 348 إلى 360 وحسب الفلك الحالى نفس الأمر فلا يوجد ثبات لعدد الأيام وقد لاحظت من خلال محول التاريخ أن السنوات العشر الأخيرة 355 أو 356 أو354 يوم
بقيت نقطة أخيرة تثير إشكالا وهى أن سورة أبو لهب نزلت وهو حى ولكنها نزلت بعد موته لقوله " ما أغنى عنه ماله وما كسب" فالرجل لم ينفعه ماله ولا عمله فلو كان حيا ما قيل ذلك