رضا البطاوى
01-03-2021, 07:47 AM
قراءة فى كتاب الصاع بين المقاييس القديمة والحديثة
الكتاب تأليف عبد الله بن منصور الغفيلي وهو من أهل العصروهو يدور مكيال الصاع فى القديم والحديث وقد قال فى المقدمة:
"أما بعد:فإن الشريعة أناطت بالصاع أحكاما عديدة كأنواع من الزكوات والكفارات؛ ولذا كان من الأهمية بمكان معرفة مقدار الصاع النبوي وتحديده،لاسيما وقد حدث خلاف كثير فيه بين الفقهاء المتقدمين والمعاصرين، ثم إن ظهور المقاييس الحديثة يؤكد بحث مقداره على وفقها، وقد اجتهدت في بيان ذلك في هذه الوريقات، ملتزما بالاختصار مع التحرير ما أمكن، وقد جعلت ذلك في مطلبين: فتحديده بالمقاييس القديمة في مطلب، وتحديده بالمقاييس الحديثة في مطلب آخر، سائلا المولى أن ينفع بها المستفيد، ويحقق بها بيت القصيد، ويكللها بالإخلاص والتسديد، إنه حميد مجيد."
وقد استهل الغفيلى الكتاب ببيان مقدار الصاع القديم فقال:
"المطلب الأول:مقدار الصاع بالمقاييس القديمة:
يتعين لبيان مقدار الصاع تحديد مقدار المد النبوي،ويتوقف ذلك على معرفة زنة الرطل،الذي يتبين بتحرير وزن الدرهم ،كما سيأتي بيان وجه ذلك في المسائل الثلاث المعقودة لتفصيل تلك الأوزان، كما يلي:
المسألة الأولى : مقدار المد النبوي :
قدر جماعة من العلماء المد بأنه أربع حفنات بحفنة الرجل الوسط، أو بملء كفي الإنسان المعتدل إذا مد يديه بهما .
هذا بالنظر إلى أن المد وحدة وكيل يقاس بها حجم ما يوضع فيها كما هو الحال في الصاع أيضا، وقد عمد الكثير من العلماء إلى تحديد المد والصاع بالوزن ؛ ليحفظ مقداره وينقل؛ لعدم وجود مقاييس متعارف عليها يضبط بها الحجم سابقا ، كما ذكر ذلك ابن قدامة فقال : والأصل فيه أي الصاع – الكيل وإنما قدر بالوزن ليحفظ وينقل".
ولذا فقد قدر الفقهاء المد النبوي بالأرطال ، فذهب جمهورهم إلى أن المد النبوي هو رطل وثلث مستدلين على ذلك بما جاء من الآثار الدالة أن المعتمد في الكيل مكيال المدينة كما جاء عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ أنه قال : "المكيال مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة " ، وهو مجمع عليه عند أهل الحجاز كما قال أبو عبيد : وأما أهل الحجار فلا اختلاف بينهم فيما أعلمه أن الصاع خمسة أرطال وثلث، يعرفه عالمهم وجاهلهم ، ويباع في أسواقهم ، ويحمل علمه قرن عن قرن .
قال ابن حزم: « والاعتراض على أهل المدينة في صاعهم ومدهم كالمعترض على أهل مكة في موضع الصفا والمروة » ."
قطعا لا يوجد فى المسألة من الروايات وإنما روايات عن الصحابة أو التابعين ولا يوجد فى الإسلام شىء اسمه صاع أهل مكة ولا صاع أهل المدينة ولا غير ذلك وإنما الصاع أو بالأحرى المكيال والميزان هو مكاييل إلهية حتى لا يختلف الناس وقد ذكر الله من المكاييل التالى :
القنطار فقال تعالى "فإن أتيتم إحداهن قنطارا"
وقد ذكر الله أنها مقنطرة أى محسوبة حسابا دقيقا فقال " والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة"
كما ذكر مكيال لأهل مصر هو الصواع فقال " نفقد صواع الملك"
كما ذكر المكيال الأخر وهو حمل البعير فقال:
" ولمن جاء به حمل بعير"
ومن ثم فالمسألة لا علاقة لها بالناس وبلادهم وإنما هو تنظيم لعلاقة البيع والشراء وغيرها بوجود مكاييل وأوزان إلهية ويمكن استنتاج ذلك من وجود مقاييس للطول قالها مثل القوس والذراع كما فى قوله تعالى " فى سلسلة ذرعها سبعين ذراعا فاسلكوه"
ثم قال الغفيلى:
"المسألة الثانية : في مقدار الرطل :
والمقصود بالرطل المذكور في تحديد المد : هو الرطل البغدادي ، وهو قول عامة الفقهاء ، وقد اختلفوا في تحديد مقداره على أقوال متقاربة أقربها أنه يزن مئة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع الدرهم ، وهو الأصح عند الشافعية ، والصحيح عند الحنابلة ، وقول للمالكية ، ورجحه ابن تيمية وابن قدامة وقال : والرطل العراقي : مئة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع الدرهم، ووزنه بالمثاقيل : تسعون مثقالا ، ثم زيد في الرطل مثقال آخر وهو درهم وثلاثة أسباع درهم ، فصار إحدى وتسعين مثقالا فكملت زنته بالدراهم مئة وثلاثين درهما ، والاعتبار بالأول قبل الزيادة ."
كما قلت لا يوجد شىء محدد لأن الكفار عندما هدموا الدولة المسلمة أضاعوا كل شىء وخلقوا روايات متناقضة حتى نظل فى حيرة من امرناومن ثم قهذا الاختلاف لا يمكن أن نخرج منه بشىء صحيح
ثم قال :
"المسألة الثالثة: مقدار وزن الدرهم :
لقد اختلف المعاصرون في زنة الدرهم بالموازيين الحديثة، وسبب خلافهم ، هو اختلاف الفقهاء في زنة الدراهم بحبات الشعير ، و اختلافهم في أنواع الدراهم ، فأما اختلافهم في زنة الدراهم بحبات الشعير فعلى أقوال ، أبرزها قولان :
القول الأول: إن وزن الدرهم الشرعي خمسون وخمسا حبة شعير ، وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة .
القول الثاني: إن وزن الدرهم الشرعي سبعون حبة شعير، وهو قول الحنفية ولم أقف على أدلة للفريقين ، إلا أن الأرجح هو رأي الجمهور ؛ وذلك لموافقة ذلك لما وجد من دنانير قديمة كما سيأتي بيانه .
ويمكن الجمع بين القولين بأن وزن الدرهم يتراوح ببينهما لاختلاف حبة الشعير
وأما اختلافهم في أنواع الدراهم ، فقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين ، كعلي باشا مبارك ومحمود الخطيب إلى أن الدراهم نوعان : دراهم نقد ؛ ودراهم كيل، ولا دليل بين على ذلك ، بل الأظهر أن الدرهم نوع واحد ، وهو الدرهم النقدي الشرعي ، فإذا استعمل في المكاييل كان درهم كيل ، وإذا استعمل في المعاوضات كان درهم نقد ، وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام ، ولم ينص أحد من المتقدمين فيما وقفت عليه على خلاف ذلك .
وقد اختلف المعاصرون في زنة الدرهم بالجرام على أقوال أبرزها قولان :
القول الأول : أن الدرهم الشرعي يعادل 2.97 جرام .
القول الثاني : أن الدرهم الشرعي يعادل 3.17 جرام .
والأرجح هو القول الأول وذلك أنه أمكن الوقوف على وزن الدينار الشرعي المتسكوك في الدولة الأموية ، مع كون السبعة من الدنانير تساوي عشرة دراهم فالنسبة بينهما سبعة إلى عشرة بلا خلاف وقد قام بعض الباحثين بجمع الدنانير الإسلامية المسكوكة في عهد عبدالملك بن مروان من بعض المتاحف وذلك على النحو التالي :
المتحف الفني الإسلامي المصري ... 19 ... 79.955جم ... 4.2081 جم
المتحف العراقي ... 4 ... 17017 جم ... 4.2677جم
متحف لندن ود لجادو ... 7 ... 29.705 جم ... 4.2435 جم
كتالوجات متاحف أجنبية ... 3 ... 12.706 ... 4.2353 جم
المجموع ... 33 ... 139.437 ... 16.9549
فمتوسط الدينار من هذه المتوسطة هو 4.2386 .
وبالتقريب يكون : 4.24 جرام .
ويكون وزن الدرهم بناء على ذلك 4.24 × 0.7 = 2.968 ، وبالتقريب يكون 2.97 جرام ، وقد وافقت هذه النتيجة بعض التجارب على حبات الشعير حيث بلغ وزن اثنتين وسبعين حبة شعير ممتلئ ما يقارب 4.25 ، وهو وزن الدينار الشرعي ، وبما أن نسبة درهم النقد الشرعي إلى مثقال النقد الشرعي هي 7 :10 فيكون وزن الدرهم 2.975 جرام ، وبالتقريب 2.97 فيكون موافقاً لما تقدم تقريباً (
المطلب الثاني : مقدار الصاع بالمقاييس الحديثة
المسألة الأولى: مقدار الصاع بوحدة قياس الوزن [ جرام ]
وبناءً على ما تقدم من وزن الدراهم يتبين لنا وزن المد النبوي بالجرام وذلك، أن الرطل يساوي 7/4 128 درهماً.
والمد يساوي رطل وثلث، فنعرف وزن المد بالطريقة التالية:
2.97 × 7/4 128× 1.3 = 508.75 جرام .
ولما كان الصاع يساوي أربعة أمداد ، علمنا أن وزنه يتبين بالطريقة التالية :
508.75 × 4 = 2.035 جرام .
أي كيلوان وخمس وثلاثون جراماًَ من الحنطة الرزينة
وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن وزن الصاع = 2173 جرام وذلك اعتماداً على أن وزن الدرهم هو 3.17 جرام كما تقدم بيانه وردَّ (
وذهبت هيئة كبار العلماء في السعودية إلى أن الصاع = 600 جرام وذلك بناءً على أن المد ملء كفي الرجل المعتاد ، وكان تحقيق وزن المد لديهم هو650 جرام تقريباً فيكون الصاع 650 × 4 = 2600 جرام وبه صدرت الفتوى، إلا أنه يشكل على ذلك تفاوت الأيدي تفاوتاً كبيراً ، مع تفاوت المادة المكيلة أيضاً ، مما يدفع للنظر في طريقة أدق مع تحديد نوع المكيل أيضاً
ومما تقدم يتبيَّن أن الأرجح هو القول الأول الذي حدد وزن الصاع بـ 2035 جراماً أي كيلوان وخمسة وثلاثون جراماً "
كل ما سبق يدل على أنه لا يوجد شىء ثابت فالاختلاف ظاهر وهو دليل على أنه لا يوجد مكيال نبوى
ثم ناقش مسألة اخرى خى ألخرى مختلف فيها فقال:
المسألة الثانية : معرفة مقدار الصاع بوحدة قياس الحجم "المللتر" :
تقدم تقدير الصاع بالوزن بوحدة قياس الكتلة والثقل وهي (الجرام) ، مع كون الصاع يقوم على قياس الحجم ، إلا أن الفقهاء صنعوا ذلك لعدم وجود مقياس يمكن به قياس المكيل وضبطه، وقد استخدم وحدة قياس للحجم وهي (اللتر) ، مما يحقق نتائج أدق من القياس بالجرام وإن كنا سنحتاج إلى نتيجة الوزن ؛ لمعادلتها بقياس الحجم في إحدى الطرق الاستنتاجية ؛ ولذا فإنه يمكن معرفة النصاب باللتر في أحد الطرق التالية
الطريقة الأولى : تحديد حجم الصاع بالمللتر عن طريق قياس حجم وزنه بالجرام ؛ وهو (2.035 جرام) من الحنطة الجيدة المتوسطة ، وقد قام الباحث خالد السرهيد بوزن ذلك بإناء يقيس الحجم في إدارة المختبرات التابعة لهيئة المواصفات والمقاييس كانت النتيجة 2430مللتر من البر الجيد المتوسط ، أي لتران وأربعمائة وثلاثين مليلتر ،
الطريقة الثانية: قياس حفنة الرجل المعتدل الخلقة:
فقد قام بعض الباحثين في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بقياس حفنة أربعين رجلا معتدل الخلقة، فكان المتوسط هو 628مليلترا ، وهو ما يعادل مدا فيكون الصاع 628 × 4 = 2512، فيكون الفارق بين هذا الطريق والذي قبله 82 مليلترا ، وهو فارق ليس كبيرا ، لا سيما مع صعوبة التحديد الدقيق لوزن الصاع وحجمه.
الطريقة الثالثة : قياس حجم الصاع بالوقوف على أصواع أو أمداد بنوية أثرية من عصور متقدمة ، فلما لم يكن ذلك ، تيسرت لي إجازة مد نبوي ، حيث عدلت حجم مدي بمد شيخي ، وعدل هو مده بمد شيخه ، وهكذا عدل كل واحد في الإسناد مده بمد شيخه حتى عدل المد بمد زيد بن ثابت ، الذي كان يؤدي به الفطر للرسول (ص) ، وبمعايرة المد الموجود لدي بالماء في إدارة مختبرات هيئة المواصفات والمقاييس تبين أن سعته هي 786مللترا ، فيكون حجم الصاع 786 × 4 = 3144مليلترا ، ويكون الفرق بينه وبين الطريق الذي قبله 632 مليلترا ، كما أن بينه وبين الطريق الأول 714 مليلتر ، وهو فارق ليس يسيرا ، ويكون النصاب بناء على النتيجة الأولى 943.200 لترا ، وقد وجدت أمداد أخرى مسندة إلا أن الفارق بينها وبين المد المذكور ليس كبيرا .
فيشكل على هذا الطريق التفاوت الكبير بينه وبين الطرق الأخرى ، لاسيما مع تطرق الخطأ في صناعة الأمداد ومعادلتها ، حيث يتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة تقريبا ، مما ينتج عنه زيادة أو نقص في الأمداد بلا شك ، لا سيما مع عدم توفر المقاييس في العصور السابقة .
ولذا فإن الأخذ بنتيجة هذا الطريق يكون متى غلب على الظن سلامة الأمداد من التفاوت الكبير، كما لو وجد أحد الأمداد أو الأصواع يرجع إلى زمن قديم ، وتأكد لنا من إسناده ودقة رجاله ، أما والأمر كذلك فالذي يظهر لي الأخذ بالطريقين الأوليين ، وأدقهما هو الطريق الأول ، وبه يتحقق اليقين لكونه الأقل ، مع أن الأمر على التقريب لا على التحديد ، ذلك أنه لا يمكن ضبط الصاع النبوي على التحديد لعدم وجوده بعينه ، أما وزنه ثم نقله فإنه لا يسلم من التفاوت مهما دق الموزن وتماثل .
كما أن الحسابات مهما بلغت فلا بد فيها من الخلل نتيجة اختلاف المآخذ والأقيسة وهذا هو الموافق لمقاصد الشريعة القائمة على التيسير والذي يتأكد مراعاته هنا لا سيما مع قوله (ص) : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" .
فما كان من جنس تلك المسائل ، وشق ضبطه على التحديد فيكون الأمر فيه على التقريب ، ولا يعني ذلك التفريط بل يجب الاجتهاد في الوصول للحق مع عدم اطراح التقادير الأخرى ، لاسيما المقاربة والقائمة على أساس معتبر ."
ومما سبق نجد ان كل الطرق تؤدى إلى الاختلاف ومن ثم يجب التالى :
اختراع مكيال جديد عن طريق الأدوات البشرية وهى حفنة اليد الواحدة وحفنة اليدين معا مثل مقياس الذراع فى الطول
وقطعا تجرب حفنات عدد كبير من الناس المتوسطين للوصول للمتوسط كمتوسط الذراع الذى هو حوالى48 سم
ومما لا شك فيه أن الكعبة الحقيقية فيها المكاييل والموازين الحقيقية العادلة
الكتاب تأليف عبد الله بن منصور الغفيلي وهو من أهل العصروهو يدور مكيال الصاع فى القديم والحديث وقد قال فى المقدمة:
"أما بعد:فإن الشريعة أناطت بالصاع أحكاما عديدة كأنواع من الزكوات والكفارات؛ ولذا كان من الأهمية بمكان معرفة مقدار الصاع النبوي وتحديده،لاسيما وقد حدث خلاف كثير فيه بين الفقهاء المتقدمين والمعاصرين، ثم إن ظهور المقاييس الحديثة يؤكد بحث مقداره على وفقها، وقد اجتهدت في بيان ذلك في هذه الوريقات، ملتزما بالاختصار مع التحرير ما أمكن، وقد جعلت ذلك في مطلبين: فتحديده بالمقاييس القديمة في مطلب، وتحديده بالمقاييس الحديثة في مطلب آخر، سائلا المولى أن ينفع بها المستفيد، ويحقق بها بيت القصيد، ويكللها بالإخلاص والتسديد، إنه حميد مجيد."
وقد استهل الغفيلى الكتاب ببيان مقدار الصاع القديم فقال:
"المطلب الأول:مقدار الصاع بالمقاييس القديمة:
يتعين لبيان مقدار الصاع تحديد مقدار المد النبوي،ويتوقف ذلك على معرفة زنة الرطل،الذي يتبين بتحرير وزن الدرهم ،كما سيأتي بيان وجه ذلك في المسائل الثلاث المعقودة لتفصيل تلك الأوزان، كما يلي:
المسألة الأولى : مقدار المد النبوي :
قدر جماعة من العلماء المد بأنه أربع حفنات بحفنة الرجل الوسط، أو بملء كفي الإنسان المعتدل إذا مد يديه بهما .
هذا بالنظر إلى أن المد وحدة وكيل يقاس بها حجم ما يوضع فيها كما هو الحال في الصاع أيضا، وقد عمد الكثير من العلماء إلى تحديد المد والصاع بالوزن ؛ ليحفظ مقداره وينقل؛ لعدم وجود مقاييس متعارف عليها يضبط بها الحجم سابقا ، كما ذكر ذلك ابن قدامة فقال : والأصل فيه أي الصاع – الكيل وإنما قدر بالوزن ليحفظ وينقل".
ولذا فقد قدر الفقهاء المد النبوي بالأرطال ، فذهب جمهورهم إلى أن المد النبوي هو رطل وثلث مستدلين على ذلك بما جاء من الآثار الدالة أن المعتمد في الكيل مكيال المدينة كما جاء عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ أنه قال : "المكيال مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة " ، وهو مجمع عليه عند أهل الحجاز كما قال أبو عبيد : وأما أهل الحجار فلا اختلاف بينهم فيما أعلمه أن الصاع خمسة أرطال وثلث، يعرفه عالمهم وجاهلهم ، ويباع في أسواقهم ، ويحمل علمه قرن عن قرن .
قال ابن حزم: « والاعتراض على أهل المدينة في صاعهم ومدهم كالمعترض على أهل مكة في موضع الصفا والمروة » ."
قطعا لا يوجد فى المسألة من الروايات وإنما روايات عن الصحابة أو التابعين ولا يوجد فى الإسلام شىء اسمه صاع أهل مكة ولا صاع أهل المدينة ولا غير ذلك وإنما الصاع أو بالأحرى المكيال والميزان هو مكاييل إلهية حتى لا يختلف الناس وقد ذكر الله من المكاييل التالى :
القنطار فقال تعالى "فإن أتيتم إحداهن قنطارا"
وقد ذكر الله أنها مقنطرة أى محسوبة حسابا دقيقا فقال " والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة"
كما ذكر مكيال لأهل مصر هو الصواع فقال " نفقد صواع الملك"
كما ذكر المكيال الأخر وهو حمل البعير فقال:
" ولمن جاء به حمل بعير"
ومن ثم فالمسألة لا علاقة لها بالناس وبلادهم وإنما هو تنظيم لعلاقة البيع والشراء وغيرها بوجود مكاييل وأوزان إلهية ويمكن استنتاج ذلك من وجود مقاييس للطول قالها مثل القوس والذراع كما فى قوله تعالى " فى سلسلة ذرعها سبعين ذراعا فاسلكوه"
ثم قال الغفيلى:
"المسألة الثانية : في مقدار الرطل :
والمقصود بالرطل المذكور في تحديد المد : هو الرطل البغدادي ، وهو قول عامة الفقهاء ، وقد اختلفوا في تحديد مقداره على أقوال متقاربة أقربها أنه يزن مئة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع الدرهم ، وهو الأصح عند الشافعية ، والصحيح عند الحنابلة ، وقول للمالكية ، ورجحه ابن تيمية وابن قدامة وقال : والرطل العراقي : مئة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع الدرهم، ووزنه بالمثاقيل : تسعون مثقالا ، ثم زيد في الرطل مثقال آخر وهو درهم وثلاثة أسباع درهم ، فصار إحدى وتسعين مثقالا فكملت زنته بالدراهم مئة وثلاثين درهما ، والاعتبار بالأول قبل الزيادة ."
كما قلت لا يوجد شىء محدد لأن الكفار عندما هدموا الدولة المسلمة أضاعوا كل شىء وخلقوا روايات متناقضة حتى نظل فى حيرة من امرناومن ثم قهذا الاختلاف لا يمكن أن نخرج منه بشىء صحيح
ثم قال :
"المسألة الثالثة: مقدار وزن الدرهم :
لقد اختلف المعاصرون في زنة الدرهم بالموازيين الحديثة، وسبب خلافهم ، هو اختلاف الفقهاء في زنة الدراهم بحبات الشعير ، و اختلافهم في أنواع الدراهم ، فأما اختلافهم في زنة الدراهم بحبات الشعير فعلى أقوال ، أبرزها قولان :
القول الأول: إن وزن الدرهم الشرعي خمسون وخمسا حبة شعير ، وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة .
القول الثاني: إن وزن الدرهم الشرعي سبعون حبة شعير، وهو قول الحنفية ولم أقف على أدلة للفريقين ، إلا أن الأرجح هو رأي الجمهور ؛ وذلك لموافقة ذلك لما وجد من دنانير قديمة كما سيأتي بيانه .
ويمكن الجمع بين القولين بأن وزن الدرهم يتراوح ببينهما لاختلاف حبة الشعير
وأما اختلافهم في أنواع الدراهم ، فقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين ، كعلي باشا مبارك ومحمود الخطيب إلى أن الدراهم نوعان : دراهم نقد ؛ ودراهم كيل، ولا دليل بين على ذلك ، بل الأظهر أن الدرهم نوع واحد ، وهو الدرهم النقدي الشرعي ، فإذا استعمل في المكاييل كان درهم كيل ، وإذا استعمل في المعاوضات كان درهم نقد ، وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام ، ولم ينص أحد من المتقدمين فيما وقفت عليه على خلاف ذلك .
وقد اختلف المعاصرون في زنة الدرهم بالجرام على أقوال أبرزها قولان :
القول الأول : أن الدرهم الشرعي يعادل 2.97 جرام .
القول الثاني : أن الدرهم الشرعي يعادل 3.17 جرام .
والأرجح هو القول الأول وذلك أنه أمكن الوقوف على وزن الدينار الشرعي المتسكوك في الدولة الأموية ، مع كون السبعة من الدنانير تساوي عشرة دراهم فالنسبة بينهما سبعة إلى عشرة بلا خلاف وقد قام بعض الباحثين بجمع الدنانير الإسلامية المسكوكة في عهد عبدالملك بن مروان من بعض المتاحف وذلك على النحو التالي :
المتحف الفني الإسلامي المصري ... 19 ... 79.955جم ... 4.2081 جم
المتحف العراقي ... 4 ... 17017 جم ... 4.2677جم
متحف لندن ود لجادو ... 7 ... 29.705 جم ... 4.2435 جم
كتالوجات متاحف أجنبية ... 3 ... 12.706 ... 4.2353 جم
المجموع ... 33 ... 139.437 ... 16.9549
فمتوسط الدينار من هذه المتوسطة هو 4.2386 .
وبالتقريب يكون : 4.24 جرام .
ويكون وزن الدرهم بناء على ذلك 4.24 × 0.7 = 2.968 ، وبالتقريب يكون 2.97 جرام ، وقد وافقت هذه النتيجة بعض التجارب على حبات الشعير حيث بلغ وزن اثنتين وسبعين حبة شعير ممتلئ ما يقارب 4.25 ، وهو وزن الدينار الشرعي ، وبما أن نسبة درهم النقد الشرعي إلى مثقال النقد الشرعي هي 7 :10 فيكون وزن الدرهم 2.975 جرام ، وبالتقريب 2.97 فيكون موافقاً لما تقدم تقريباً (
المطلب الثاني : مقدار الصاع بالمقاييس الحديثة
المسألة الأولى: مقدار الصاع بوحدة قياس الوزن [ جرام ]
وبناءً على ما تقدم من وزن الدراهم يتبين لنا وزن المد النبوي بالجرام وذلك، أن الرطل يساوي 7/4 128 درهماً.
والمد يساوي رطل وثلث، فنعرف وزن المد بالطريقة التالية:
2.97 × 7/4 128× 1.3 = 508.75 جرام .
ولما كان الصاع يساوي أربعة أمداد ، علمنا أن وزنه يتبين بالطريقة التالية :
508.75 × 4 = 2.035 جرام .
أي كيلوان وخمس وثلاثون جراماًَ من الحنطة الرزينة
وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن وزن الصاع = 2173 جرام وذلك اعتماداً على أن وزن الدرهم هو 3.17 جرام كما تقدم بيانه وردَّ (
وذهبت هيئة كبار العلماء في السعودية إلى أن الصاع = 600 جرام وذلك بناءً على أن المد ملء كفي الرجل المعتاد ، وكان تحقيق وزن المد لديهم هو650 جرام تقريباً فيكون الصاع 650 × 4 = 2600 جرام وبه صدرت الفتوى، إلا أنه يشكل على ذلك تفاوت الأيدي تفاوتاً كبيراً ، مع تفاوت المادة المكيلة أيضاً ، مما يدفع للنظر في طريقة أدق مع تحديد نوع المكيل أيضاً
ومما تقدم يتبيَّن أن الأرجح هو القول الأول الذي حدد وزن الصاع بـ 2035 جراماً أي كيلوان وخمسة وثلاثون جراماً "
كل ما سبق يدل على أنه لا يوجد شىء ثابت فالاختلاف ظاهر وهو دليل على أنه لا يوجد مكيال نبوى
ثم ناقش مسألة اخرى خى ألخرى مختلف فيها فقال:
المسألة الثانية : معرفة مقدار الصاع بوحدة قياس الحجم "المللتر" :
تقدم تقدير الصاع بالوزن بوحدة قياس الكتلة والثقل وهي (الجرام) ، مع كون الصاع يقوم على قياس الحجم ، إلا أن الفقهاء صنعوا ذلك لعدم وجود مقياس يمكن به قياس المكيل وضبطه، وقد استخدم وحدة قياس للحجم وهي (اللتر) ، مما يحقق نتائج أدق من القياس بالجرام وإن كنا سنحتاج إلى نتيجة الوزن ؛ لمعادلتها بقياس الحجم في إحدى الطرق الاستنتاجية ؛ ولذا فإنه يمكن معرفة النصاب باللتر في أحد الطرق التالية
الطريقة الأولى : تحديد حجم الصاع بالمللتر عن طريق قياس حجم وزنه بالجرام ؛ وهو (2.035 جرام) من الحنطة الجيدة المتوسطة ، وقد قام الباحث خالد السرهيد بوزن ذلك بإناء يقيس الحجم في إدارة المختبرات التابعة لهيئة المواصفات والمقاييس كانت النتيجة 2430مللتر من البر الجيد المتوسط ، أي لتران وأربعمائة وثلاثين مليلتر ،
الطريقة الثانية: قياس حفنة الرجل المعتدل الخلقة:
فقد قام بعض الباحثين في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بقياس حفنة أربعين رجلا معتدل الخلقة، فكان المتوسط هو 628مليلترا ، وهو ما يعادل مدا فيكون الصاع 628 × 4 = 2512، فيكون الفارق بين هذا الطريق والذي قبله 82 مليلترا ، وهو فارق ليس كبيرا ، لا سيما مع صعوبة التحديد الدقيق لوزن الصاع وحجمه.
الطريقة الثالثة : قياس حجم الصاع بالوقوف على أصواع أو أمداد بنوية أثرية من عصور متقدمة ، فلما لم يكن ذلك ، تيسرت لي إجازة مد نبوي ، حيث عدلت حجم مدي بمد شيخي ، وعدل هو مده بمد شيخه ، وهكذا عدل كل واحد في الإسناد مده بمد شيخه حتى عدل المد بمد زيد بن ثابت ، الذي كان يؤدي به الفطر للرسول (ص) ، وبمعايرة المد الموجود لدي بالماء في إدارة مختبرات هيئة المواصفات والمقاييس تبين أن سعته هي 786مللترا ، فيكون حجم الصاع 786 × 4 = 3144مليلترا ، ويكون الفرق بينه وبين الطريق الذي قبله 632 مليلترا ، كما أن بينه وبين الطريق الأول 714 مليلتر ، وهو فارق ليس يسيرا ، ويكون النصاب بناء على النتيجة الأولى 943.200 لترا ، وقد وجدت أمداد أخرى مسندة إلا أن الفارق بينها وبين المد المذكور ليس كبيرا .
فيشكل على هذا الطريق التفاوت الكبير بينه وبين الطرق الأخرى ، لاسيما مع تطرق الخطأ في صناعة الأمداد ومعادلتها ، حيث يتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة تقريبا ، مما ينتج عنه زيادة أو نقص في الأمداد بلا شك ، لا سيما مع عدم توفر المقاييس في العصور السابقة .
ولذا فإن الأخذ بنتيجة هذا الطريق يكون متى غلب على الظن سلامة الأمداد من التفاوت الكبير، كما لو وجد أحد الأمداد أو الأصواع يرجع إلى زمن قديم ، وتأكد لنا من إسناده ودقة رجاله ، أما والأمر كذلك فالذي يظهر لي الأخذ بالطريقين الأوليين ، وأدقهما هو الطريق الأول ، وبه يتحقق اليقين لكونه الأقل ، مع أن الأمر على التقريب لا على التحديد ، ذلك أنه لا يمكن ضبط الصاع النبوي على التحديد لعدم وجوده بعينه ، أما وزنه ثم نقله فإنه لا يسلم من التفاوت مهما دق الموزن وتماثل .
كما أن الحسابات مهما بلغت فلا بد فيها من الخلل نتيجة اختلاف المآخذ والأقيسة وهذا هو الموافق لمقاصد الشريعة القائمة على التيسير والذي يتأكد مراعاته هنا لا سيما مع قوله (ص) : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" .
فما كان من جنس تلك المسائل ، وشق ضبطه على التحديد فيكون الأمر فيه على التقريب ، ولا يعني ذلك التفريط بل يجب الاجتهاد في الوصول للحق مع عدم اطراح التقادير الأخرى ، لاسيما المقاربة والقائمة على أساس معتبر ."
ومما سبق نجد ان كل الطرق تؤدى إلى الاختلاف ومن ثم يجب التالى :
اختراع مكيال جديد عن طريق الأدوات البشرية وهى حفنة اليد الواحدة وحفنة اليدين معا مثل مقياس الذراع فى الطول
وقطعا تجرب حفنات عدد كبير من الناس المتوسطين للوصول للمتوسط كمتوسط الذراع الذى هو حوالى48 سم
ومما لا شك فيه أن الكعبة الحقيقية فيها المكاييل والموازين الحقيقية العادلة