seeen
22-06-2006, 01:24 PM
تأملات حول تشكيل العقل العربى
سيد يوسف
تمهيد
يقول تعالى (وَكَذلِك جَعَلْنَاكُـمْ أُمةً وَسطاً لِتكُونوا شُهداءَ على الناس وَيكونَ الرسُولُ عَليكمْ شهِيداً ) البقرة 43
ولا تستقيم تلك الشهادة إذا كان العقل المسلم غير مؤهل للقيادة والإبداع الحضارى ...ولا تستقيم تلك الشهادة والعقل المسلم مكبل ببعض القيود .
نماذج من هذه القيود
نقول لا تستقيم تلك الشهادة والعقل مكبل ببعض القيود مثل :
قيود التهويل أو التهوين ، وقيود التعميم المفرط ، وقيود التأويل الشخصى للأمور، وقيود عزل الأشياء عن سياقها ، أو قيود قراءة المستقبل سلبيا ، أو قيود الانهزام الداخلى وضعف الثقة بالنفس ، أو قيود الاعتمادية المفرطة على الغير تكنولوجيا ومنهجيا وفكريا ، أو قيود العجز عن تقدير خير الشرين ، أو قيود المبالغة فى التركيز على العيوب وجلد الذات بصورة مرَضية فى مقابل قيود التهوين من العيوب مع التركيز فقط على المميزات ومن ثم تضخم الشعور بالذات ، أو قيود التماوت حول الآلام والمصائب ، أو قيود الحزازات النفسية ، أو قيود الموروثات الخاطئة ، أو قيود التقديس لكل ما هو قديم فى مقابل الانبهار بكل ما هو جديد ، أو قيود عدم وضوح معايير التقييم للأشخاص أو الأشياء أو الموضوعات ، أو قيود التسليم بكل ما يقال، أو قيود التعصب ، أو قيود الارتهان الثقافي، والاستلاب الحضاري، و التقليد، والتخاذل الفكري ، الانضغاط لمدح الاخرين ، الجدال ، وغير ذلك .
ماذا نريد لهذا العقل ؟
نريد لهذا العقل أن يسهم فى الإنتاج والإبداع الحضارى شأنه شأن كل عقل حر يتحرك فلا تثقله القيود أوالموروثات الخاطئة نريد له أن يتحول من رفع الشعارات إلى الإبداع واعتماد الوسائل العلمية، والانتقال من منهج الاستنباط الى منهج الاستقراء .
نريد له أن يسترد عافيته ويتعافى من مرضه المزمن – بغض النظر مرحليا عن أسباب مرضه-
وذلك حتى يتبوأ مكانته بين الأمم....ولكن ما أسهل القول إذا قورن بالعمل !!
احتياجات لازمة
إن إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم ليست ترفا حتى يزهد فيه الزاهدون إنها المفردة التى منها نواة الانطلاق نحو صناعة المستقبل وبناء الحضارة ...وهذه الرغبة هى أمانى وحتى تتحول تلك الأمانى من حلم إلى واقع فإنه يلزم ما يلى:
* جودة التشخيص لعلل أمتنا الفكرية وأمراضها الاجتماعية والخلقية ومن ثم تحديد أسباب هزيمتنا الفكرية وغيرها ...وهى مهمة غير شاقة وبذلت من أجلها جهود كثيرة لبعض المفكرين والمنظرين وللمركز العالمى للفكر الإسلامى جهود طيبة ههنا سواء فى المجال الاجتماعى أو الفكرى أو العلمى ولكنها نواة أكثر من كونها جهد منظم، وكذا بعض جهود الأفراد من دول عدة .
*ترسيخ مبادىء حقوق الإنسان ،والحريات ...فمن السفه أن نطالب بكيان علمى أو غيره دون أن يكون لدينا كيان إنسانى جدير بالاحترام والتقدير ومراعاة حقوقه.
* إعادة دراسة الثوابت والمتغيرات فى ضوء اجتهاد من يحق لهم الاجتهاد فى كل التخصصات بحيث يمكن توصيلها لعموم الناس مع مراعاة الفروق الفردية طبعا.
* تعديل البنية المعرفية للأمة ممثلة فى أشخاصها ومؤسساتها من خلال تحليل مكونات العقل العربى والمسلم ، والتعرف على مصادر روائه ، وتحديد مواريثه الفكرية وغربلة تلك المواريث من خلال علمائه وقادته ومناهج التعليم ومنابر الإعلام المختلفة ، وتسليط الضوء على أهمية تبنى منهج الاستقراء فى التعاطى مع عالم الحضارة ، مع رصد للأفكار اللاعقلانية الشائعة ، واستبدالها بأخرى عقلانية وفق مصادر الوحى السماوى ووفقا لمعيار الفهم الصحيح
* إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم من خلال هذه المفردات الخمسة :
1/ رصد وتحليل ومن ثم معالجة المعتقدات الخاطئة الشائعة بين أفراد الأمة.
2/ رصد وتحليل طرق التفكير اللاعقلانية لدى أمتنا ومن ثم استبدال ذلك بتعلم طرق تفكير فعالة وايجابية .
3/ تبنى عقل يقظ استقرائى لا يعتمد على أحكام وتوقعات مسبقة .
4/ تحليل ورصد التخيلات المفزعة والتى شكلت وجدان أفراد هذه الأمة ..ولا يستهينن أحد بتلك المفردة فواقع أمتنا وانهزام صفنا الداخلى وانبهارنا بالغالب الغربى وضعف ثقتنا بذواتنا يرجع فى أحد أهم أسبابه إلى تلك المفردة .
5/إمداد الأمة أفرادا وجماعات بالمعلومات اللازمة للنهوض عبر المستقبل من خلال وسائط التعليم المختلفة ولا سيما ما يختص بالبحث العلمى والمعلومات لنوفر على أنفسنا من خلال العلم والتعلم كثيرا من سنوات الخبرة التى ضاعت منا فى ظل هذا التيه الفكرى الذى نمنا فى سباته طويلا حتى قاد ركب الحضارة قوم آخرون.
وهذه المفردات الخمسة هى التى نرجو لها تفعيلا حتى يحدث تغير محمود فى البنية المعرفية
ويبقى السؤال المعضل : كيف؟
من المؤسف أن تكون الكيفية منوطة بالقيادة وأزمة أمتنا منذ عقود طوال فى قادتها ولكن لا مناص من المحاولة ولا سيما وأن كثيرا من مفرادات احتياجاتنا منوطة بمعاهد التعليم ومنابر الإعلام المختلفة والوسائط التربوية المتنوعة وهذا أمر يمكن التعاطى معه حتى وإن ضغطت على معظم بلادنا قياداتها التى لا تحسن سوى الانصياع لضغوط الغرب...وكم نرجو أن تتسع لحل هذه الإشكالية كتابات الفاقهين من كل اتجاه.
سيد يوسف
روابط ذات صلة
نظرية A.b.c
العقل العربى ومنهج التعاطي مع الحضارة
تجفيف منابع استنبات القادة
معيار الفهم وعلاقته ببعض أخطاء التدين
هيا نتعلم فن التفكير
سيد يوسف
تمهيد
يقول تعالى (وَكَذلِك جَعَلْنَاكُـمْ أُمةً وَسطاً لِتكُونوا شُهداءَ على الناس وَيكونَ الرسُولُ عَليكمْ شهِيداً ) البقرة 43
ولا تستقيم تلك الشهادة إذا كان العقل المسلم غير مؤهل للقيادة والإبداع الحضارى ...ولا تستقيم تلك الشهادة والعقل المسلم مكبل ببعض القيود .
نماذج من هذه القيود
نقول لا تستقيم تلك الشهادة والعقل مكبل ببعض القيود مثل :
قيود التهويل أو التهوين ، وقيود التعميم المفرط ، وقيود التأويل الشخصى للأمور، وقيود عزل الأشياء عن سياقها ، أو قيود قراءة المستقبل سلبيا ، أو قيود الانهزام الداخلى وضعف الثقة بالنفس ، أو قيود الاعتمادية المفرطة على الغير تكنولوجيا ومنهجيا وفكريا ، أو قيود العجز عن تقدير خير الشرين ، أو قيود المبالغة فى التركيز على العيوب وجلد الذات بصورة مرَضية فى مقابل قيود التهوين من العيوب مع التركيز فقط على المميزات ومن ثم تضخم الشعور بالذات ، أو قيود التماوت حول الآلام والمصائب ، أو قيود الحزازات النفسية ، أو قيود الموروثات الخاطئة ، أو قيود التقديس لكل ما هو قديم فى مقابل الانبهار بكل ما هو جديد ، أو قيود عدم وضوح معايير التقييم للأشخاص أو الأشياء أو الموضوعات ، أو قيود التسليم بكل ما يقال، أو قيود التعصب ، أو قيود الارتهان الثقافي، والاستلاب الحضاري، و التقليد، والتخاذل الفكري ، الانضغاط لمدح الاخرين ، الجدال ، وغير ذلك .
ماذا نريد لهذا العقل ؟
نريد لهذا العقل أن يسهم فى الإنتاج والإبداع الحضارى شأنه شأن كل عقل حر يتحرك فلا تثقله القيود أوالموروثات الخاطئة نريد له أن يتحول من رفع الشعارات إلى الإبداع واعتماد الوسائل العلمية، والانتقال من منهج الاستنباط الى منهج الاستقراء .
نريد له أن يسترد عافيته ويتعافى من مرضه المزمن – بغض النظر مرحليا عن أسباب مرضه-
وذلك حتى يتبوأ مكانته بين الأمم....ولكن ما أسهل القول إذا قورن بالعمل !!
احتياجات لازمة
إن إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم ليست ترفا حتى يزهد فيه الزاهدون إنها المفردة التى منها نواة الانطلاق نحو صناعة المستقبل وبناء الحضارة ...وهذه الرغبة هى أمانى وحتى تتحول تلك الأمانى من حلم إلى واقع فإنه يلزم ما يلى:
* جودة التشخيص لعلل أمتنا الفكرية وأمراضها الاجتماعية والخلقية ومن ثم تحديد أسباب هزيمتنا الفكرية وغيرها ...وهى مهمة غير شاقة وبذلت من أجلها جهود كثيرة لبعض المفكرين والمنظرين وللمركز العالمى للفكر الإسلامى جهود طيبة ههنا سواء فى المجال الاجتماعى أو الفكرى أو العلمى ولكنها نواة أكثر من كونها جهد منظم، وكذا بعض جهود الأفراد من دول عدة .
*ترسيخ مبادىء حقوق الإنسان ،والحريات ...فمن السفه أن نطالب بكيان علمى أو غيره دون أن يكون لدينا كيان إنسانى جدير بالاحترام والتقدير ومراعاة حقوقه.
* إعادة دراسة الثوابت والمتغيرات فى ضوء اجتهاد من يحق لهم الاجتهاد فى كل التخصصات بحيث يمكن توصيلها لعموم الناس مع مراعاة الفروق الفردية طبعا.
* تعديل البنية المعرفية للأمة ممثلة فى أشخاصها ومؤسساتها من خلال تحليل مكونات العقل العربى والمسلم ، والتعرف على مصادر روائه ، وتحديد مواريثه الفكرية وغربلة تلك المواريث من خلال علمائه وقادته ومناهج التعليم ومنابر الإعلام المختلفة ، وتسليط الضوء على أهمية تبنى منهج الاستقراء فى التعاطى مع عالم الحضارة ، مع رصد للأفكار اللاعقلانية الشائعة ، واستبدالها بأخرى عقلانية وفق مصادر الوحى السماوى ووفقا لمعيار الفهم الصحيح
* إعادة تشكيل العقل العربى والمسلم من خلال هذه المفردات الخمسة :
1/ رصد وتحليل ومن ثم معالجة المعتقدات الخاطئة الشائعة بين أفراد الأمة.
2/ رصد وتحليل طرق التفكير اللاعقلانية لدى أمتنا ومن ثم استبدال ذلك بتعلم طرق تفكير فعالة وايجابية .
3/ تبنى عقل يقظ استقرائى لا يعتمد على أحكام وتوقعات مسبقة .
4/ تحليل ورصد التخيلات المفزعة والتى شكلت وجدان أفراد هذه الأمة ..ولا يستهينن أحد بتلك المفردة فواقع أمتنا وانهزام صفنا الداخلى وانبهارنا بالغالب الغربى وضعف ثقتنا بذواتنا يرجع فى أحد أهم أسبابه إلى تلك المفردة .
5/إمداد الأمة أفرادا وجماعات بالمعلومات اللازمة للنهوض عبر المستقبل من خلال وسائط التعليم المختلفة ولا سيما ما يختص بالبحث العلمى والمعلومات لنوفر على أنفسنا من خلال العلم والتعلم كثيرا من سنوات الخبرة التى ضاعت منا فى ظل هذا التيه الفكرى الذى نمنا فى سباته طويلا حتى قاد ركب الحضارة قوم آخرون.
وهذه المفردات الخمسة هى التى نرجو لها تفعيلا حتى يحدث تغير محمود فى البنية المعرفية
ويبقى السؤال المعضل : كيف؟
من المؤسف أن تكون الكيفية منوطة بالقيادة وأزمة أمتنا منذ عقود طوال فى قادتها ولكن لا مناص من المحاولة ولا سيما وأن كثيرا من مفرادات احتياجاتنا منوطة بمعاهد التعليم ومنابر الإعلام المختلفة والوسائط التربوية المتنوعة وهذا أمر يمكن التعاطى معه حتى وإن ضغطت على معظم بلادنا قياداتها التى لا تحسن سوى الانصياع لضغوط الغرب...وكم نرجو أن تتسع لحل هذه الإشكالية كتابات الفاقهين من كل اتجاه.
سيد يوسف
روابط ذات صلة
نظرية A.b.c
العقل العربى ومنهج التعاطي مع الحضارة
تجفيف منابع استنبات القادة
معيار الفهم وعلاقته ببعض أخطاء التدين
هيا نتعلم فن التفكير