المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلة باول ( وزير الخارجيه الامريكي )مع الصحافة الاسرائيلية


احسـ العالم ـاس
07-08-2003, 05:55 AM
معاريف - مقابلة - 1/8/2003

بقلم: حيمي شليف

محلل سياسي وخبير استطلاعات

وزير الخارجية الامريكي، كولين باول، يجلس في هذه الايام مرتاحا بصورة نسبية في ديوانه الواسع الذي يعبق بالتاريخ والاحترام في الطابق السابع من وزارة الخارجية في واشنطن. نهج وزير الخارجية الحذر تجاه العراق عرضه لبعض السخرية عشية الحرب، الا انه وفر عليه وجع رأس كبير بعدها. الآن أصبح خصمه دونالد رامسفيلد في دائرة الاستهداف لانه لم يستعد لمرحلة ما بعد الحرب كما يجب. كما ان صديقته الخصمة كونداليزا رايس تواجه المشاكل ايضا بسبب ضلوعها في تضخيم "لائحة الاتهام" التي قدمها بوش عشية الحرب. باول يجلس بهدوء وطمأنينة ويسجل النقاط لصالحه.



بعض الأطراف الاسرائيلية في واشنطن تقول في الغرف المغلقة ان اسرائيل قد اخطأت عندما تعاملت مع باول بجفاء احيانا. فهو الشخص الأكثر شعبية في ادارة بوش ومسامع الرئيس تصغي له وحيل "فرق تسد" التي قام بها ديوان شارون لم تجدي نفعا وانما تسببت فقط في تحريك "دماء فاسدة" ولا داعي لها في الخارجية الامريكية. باول كما تدعي الأطراف أكثر ارتباطا وتنسيقا وتأثيرا في الادارة مما تعتقدون في القدس.



من المحتمل ان يكون باول قد سعى لاستغلال هذه المقابلة النادرة مع صحيفة "معاريف" حتى يرسم صورة مغايرة قليلا للصورة التي تقول "ان لا خلافات في الرأي" التي بثها ديوان شارون إثر لقاء الرئيسين الأخير. صحيح ان الأجواء كانت ودية جدا بين بوش وشارون خلال الزيارة كلها الا ان بوش قد صعق شارون في النصف ساعة الاولى وألقى عليه نظرية امريكا من دون ان يسمح له ان ينبس ببنت شفة.



باول يجلب هنا تقريبا جوهر تلك الامور. وحسب ادعاءه هناك اجماع امريكي مع موقف اسرائيل بوجوب دحر الارهاب. ولكن السؤال هو هل يتوجب ان يحدث ذلك الآن وبضربة واحدة أم خلال الوقت ومن خلال "المرونة والصبر". باول يريد ان يكون هناك عدد أقل من الحواجز وأقل من المواقع الاستيطانية وأقل قدر من الجدار، وصيغة تجميد المستوطنات التي يدعي شارون انها مقبولة في واشنطن لم تحظ بعد بمصادقة وزير الخارجية الذي يعتقد انها تحتوي على عدد كبير جدا من الثقوب.



نهج أكثر توازنا

باول كان في حالة مزاجية جيدة في هذا الاسبوع، فقد كان باسم المحيا وأكثر من المداعبة. ومع ذلك لم يكن من الصعب فهم سبب نهجه المثير لعدم الارتياح في اوساط مستشاري شارون، وسبب اعتباره احيانا "الشخص السيء" في كل الحكاية. باول أحجم عن الركوع المصطنع أمام اسرائيل الذي يميز السياسيين الامريكيين الكثيرين، وبدا نهجه أكثر توازنا وبصورة مفرطة. باول خلافا للجناح اليميني في ادارة بوش الجمهورية لا يلقي باللائمة كلها على الفلسطينيين بصورة اوتوماتيكية.



باول كرئيس هيئة اركان امريكي - سابقا - يعتبر ايضا شخصية حذرة ومعتدلة بالمقارنة مع أقرانه من الضباط وهو نفس الشيء، ناهيك عن كونه في منصب وزير الخارجية في ادارة متشددة جدا كادارة بوش الحالية. وربما فسر ذلك ولو جزئيا ما يمكن ان يفهم كاستحواذ وهوس بالنسبة لموقفه من رئيس هيئة الاركان الاسرائيلي بوغي يعلون حيث يذكره - سواء كان لذلك داع أم لم يكن - مع التركيز على لفظ الضمة الموجودة على اسمه. ربما كانت المسألة متعلقة بالجنرالات.



الحكمة المتشائمة في الحزام الداخلي في واشنطن تقول ان باول ابن الستة وستين عاما ينوي الخروج من المنصب في ختام فترة الولاية. فهو متعب وقد مل الصراعات الداخلية المتبعة في الادارة وربما مل ايضا اللسعات المزعجة التي تصل بصورة دورية من القدس. كان بامكانه ان يكون رئيسا، كما يقول الكثيرون، باستثناء مسألة هامشية واحدة: انه لا يريد ذلك ببساطة حسب كل المؤشرات.



- سيدي وزير الخارجية، رئيس الوزراء اريئيل شارون ورئيس هيئة الاركان الاسرائيلي يحذران من ان عدم قيام أبو مازن بخطوات ضد الارهاب سيؤدي الى تجدد العنف وان كل العملية موجودة في خطر الانهيار؟



+ عدد الأحداث العنيفة قل بصورة ملموسة حسبما يقول شارون نفسه مرارا. علينا ان لا نستخف بالامر، هناك المزيد من الهدوء. نقطة. فهل يعود ذلك الى الهدنة أم الى تحركات القوات الاسرائيلية؟ أنا لا أعرف. كل ما أعرفه هو ان تغيرا قد حدث وان مزاج الاسرائيليين قد تحسن. من الأجدر ان نوضح ان أحدا ليس على استعداد، لا في امريكا ولا في اسرائيل ولا في حكومة أبو مازن، ان نجد انفسنا بعد سنة - سنتين أو بعد اشهر عدة مع تنظيمات كحماس والجهاد الاسلامي القادرة على تنفيذ عمليات وقتما شاءت. أبو مازن تعهد بأن تكون قوة شرطة واحدة ووحيدة، ولكن السؤال هو كيفية تحقيق هذا الهدف. قسم من اصدقائي الاسرائيليين يقولون لي: لا توجد أي مشكلة والمطلوب هو ببساطة ان تشن حملة ضدهم وان تقضي على ذلك الآن وهنا أما أبو مازن ودحلان فلديهما موقفا مغايرا بعض الشيء: هما يحذران اننا اذا تبنينا الموقف الاسرائيلي فان حربا أهلية ضارة جدا في هذه المرحلة ستندلع عندهم. ربما كان هذا غير مرضي بالنسبة لبوغي يعلون الذي يرغب بأن ينتهي كل شيء اليوم بعد الظهر. ضربة واحدة ملموسة ضد حماس قد سجلت الآن وهي حقيقة ان غزة مفتوحة. فهل قامت حماس بفتح غزة أمامكم؟ لا. هل قام عرفات باعادة غزة لكم؟ لا. محمود عباس هو الذي أعاد لكم غزة وامريكا هي التي ساعدت لانها تدعم عباس، فهل هذه ضربة لحماس؟ أنا اعتقد ان الجواب هو نعم. ومع ذلك علينا ان نتأكد ان الفلسطينيين يدركون اننا لن نرضى الا اذا ما تم القضاء على الارهاب ليس للحظة ولا من خلال الهدنة وانما بصورة دائمة. عندما كان أبو مازن في زيارة الرئيس تحدثوا عن المستوطنات وعن السجناء وعن كافة المواضيع، ولكن الرئيس عاد وأكد في كل مناسبة: أنا أفهمكم، ولكن كل شيء يبدأ وينتهي بالأمن. نحن سنمارس الضغوط القصوى على الفلسطينيين في كل ما يتعلق بالأمن. أنا أذكر الآن انه عندما التقى القادة الثلاثة في العقبة في محادثة لطيفة تشبه النزهة كنا أنا وموفاز ودحلان نجلس في الداخل ونتجادل فيما بيننا. حتى ان موفاز ودحلان أخذا يتجادلان بالعبرية فهما يعرفان بعضهما منذ مدة طويلة لدرجة انهما يمكن ان يكونا أخوين. موفاز ذكر دحلان بأنه زار مكتبه، فرد عليه دحلان: فلماذا قصفته اذا؟ نحن نعرف ان على دحلان ان يقضي على قدرات القيام بالارهاب وسنطالبه بذلك. ولكن علينا ان نكون أكثر صبرا ومرونة حتى نتأكد من عدم قص الغصن الذي نجلس عليه.



- لقد تحدثت عن "الضغط" على الفلسطينيين. يبدو ان بوش قد مارس ضغوطه على رئيس الوزراء الاسرائيلي تحديدا ولكن شارون قال ان بناء الجدار سيتواصل؟



+ الرئيس يتقبل مبدأ ان لكل جانب الحق في اقامة جدار. ولكن الى جانب ذلك هو ضد الجدران مبدئيا ولذلك هو ليس راضيا عن الجدار الذي بني على الحدود الجنوبية من الولايات المتحدة. أنا نفسي عندما كنت رئيسا للاركان الموحدة قمت ببناء كيلومترات من الجدران في تكساس وأريزونا مع الكثير من جنود الاحتياط، ولتخمن ماذا حدث: هم (المهاجرون المكسيكيون) ما زالوا يتدفقون الينا. هناك دائما اشخاص يستطيعون الوصول من فوق الجدار أو من تحته أو من حوله. مشكلة الرئيس تبدأ من ان الجدار يسيطر على اراض فلسطينية وحتى اذا افترضنا انك كما يقول بوغي ستدفع تعويضا عن الاراضي فان ذلك ليس هو الجوهر. الجدار تعرج والتوى بصورة هامة جدا وقطع مناطق هامة جدا: هنا توجد قرية فلسطينية لطيفة وتوجد لديها اراض زراعية وطرق موصلة اليها وفجأة تصبح بلا شيء. الجدار يتطور بصورة تصعب كثيرا عملية الوصول الى المرحلة التالية من خريطة الطريق. الرئيس قلق لان الجدار يفرض الحقائق الثابتة في كل ما يتعلق بالمسار النهائي لحدود الدولة الفلسطينية. المرحلة التالية من الجدار ستكون حول القدس وجنوبها وهذه ستعقد الوضع أكثر فأكثر.



- رئيس الوزراء قال أننا سنواصل بناء الجدار رغم وجود مشكلة؟



+ الرئيس قال له بأن عليه ان يتوقف عن البناء. وقد أوضح المشاكل التي توجد مع بناء هذا الجدار.



- في اسرائيل شعروا بالعزاء من قول بوش خلال لقائه مع شارون ان الجدار "مسألة حساسة" ولم يستخدم كلمة "مشكلة" كما قال في معية أبو مازن؟



+ باول يضحك: أنا لا أقترح التشبث بالكلمات، فهي ليست من الكتاب المقدس. عبارة "مسألة حساسة" ايضا يمكن ان تشكل "مشكلة"، هذه مسألة ستوجب مواصلة النقاش مع الاسرائيليين.



- هل أنتم راضون عما قامت به اسرائيل حتى الآن أم أنكم تطلبون المزيد؟



+ نحن نشجع الطرف الاسرائيلي على السير أبعد مسافة ممكنة. اسرائيل أطلقت سراح سجناء ولكن الفلسطينيين يريدون الآلاف. اسرائيل تدعي انها لا تستطيع ان تقوم بذلك في هذه المرحلة. هناك سجناء اردنيون ايضا سيتم اطلاق سراحهم عما قريب على ما يبدو. كنا نود ان نرى تحركا أكبر في قضية المواقع الاستيطانية. فهمنا هو ان كل المواقع ستخلى مع الوقت. ونحن ننتظر حتى نرى مدى هذه المدة الزمنية. لقد ركزنا بصورة استثنائية على قضية الحواجز التي وضع بعضها لاسباب أمنية الا ان البعض الآخر يتسبب بالمعاناة والألم للفلسطينيين بالأساس. بعض الحواجز أزيلت في الايام الاخيرة ولكن هناك المزيد. سبب اهتمامي بهذه المسألة هو أهمية تأكيدها للفلسطينيين بأن الامور تتغير وانهم يستطيعون الوصول الى مدارسهم ومستشفياتهم والتنقل من مدينة الى اخرى. على المدى الأبعد اذا تغيرت الامور فان اسرائيل ايضا ستشعر براحة أكبر وتبدأ في الموافقة على خوض المخاطر في المجال السياسي. رئيس الوزراء نفسه قال بالأمس بأن أعدادا أكبر من الناس قد بدأت تخرج الى الشوارع والمطاعم وانهم يشعرون بقدر أكبر من الأمن. وفجأة سألني: باول ألن تلغي تحذير وزارة الخارجية للرعايا بعدم السفر الى اسرائيل؟. هذا سؤال ممتاز، وهناك جواب ممتاز ايضا: بوغي. اشخاص مثل بوغي يقولون ان العنف يوشك ان يندلع في كل لحظة، اذا كيف يمكن ازالة التحذير للرعايا الامريكيين في مثل هذه الحالة؟.



- هل يتوجب على اسرائيل ان تسمح لعرفات بمزيد من حرية الحركة؟



+ سأتملص من الاجابة بعد إذنك، ولكنني اقول اننا سنواصل عزله. في نيسان حذرته من حدوث ذلك اذا لم تتغير الامور وان هذا سيكون لقاءنا الأخير.



- في قمة العقبة قام بوش بتوزيع العمل وقال ان دور امريكا هو اقناع الدول العربية بتحسين موقفها من اسرائيل، ولكن شيئا لم يحدث فعليا، والسفيرين الاردني والمصري ما زالا في بلادهما كما ان مصر لم تستضف شارون بعد؟



+ هذا كله سيحدث.



- متى؟



+ لن أرد عليك.



- أنت تعرف ولا تريد الاجابة، أم أنك لا تعرف؟



+ ليس من وظيفتي ان أتحدث باسم الحكومات الاخرى. في هذا الصباح تحديدا تحدثت مع رؤساء الوزراء في الاردن ومصر. الظروف تتغير بصورة ستؤثر ايجابيا على هذه التطورات. هذا سيحدث قريبا ولكن عليك ان لا تضغط علي حتى اقول لك كلمة "قريبا" بصورة دقيقة.



- كنت في سوريا مرتين وطلبت اغلاق مكاتب الارهاب، ولكن لا يبدو انهم استجابوا. ما الذي تنوون فعله؟



+ الرافعة الأساسية التي نستخدمها مع سوريا لا تتمحور حول ما ستفعله وانما ما لم تفعله. وضعنا لهم عدة امور على الصحن. قلنا لهم ان اغلاق المكاتب ليس كافيا: نحن نريد ان يكف كل من له ضلع عن النشاط. وضع مطالب اخرى بما فيها تشجيع الجيش اللبناني للنزول الى الجنوب وايقاف انتاج سلاح الابادة الجماعية وايقاف دعمهم لحزب الله وغير ذلك. لقد قاموا بعدة امور وأغلقوا مكاتب وأبعدوا هؤلاء الناس عن الاعلام لفترة معينة وهم يدعون انهم يقومون الآن بخطوات ضد تمويل الارهاب عبر البنوك السورية. سجلنا ذلك أمامنا ولكننا أوضحنا لهم انه ليس كافيا. ما حدث هو شيئا لن يحدث حتى يتم تحسين علاقاتنا مع سوريا وهم بحاجة ماسة الى علاقات جيدة معنا حتى تكون لهم علاقات جيدة مع العراق احدى أهم الدول لهم اقتصاديا. أنا أفترض ان الحكومة العراقية المؤقتة أو كل حكومة مستقبلية في بغداد ستتعامل سلبيا مع سوريا غير المتعاونة في بناء عراق أفضل وغير متعاونة مع عملية السلام في الشرق الاوسط. عملية السلام تتحرك الى الأمام، في الاسبوع الماضي كان أبو مازن هنا وقد تحركت أماما في هذا الاسبوع مع زيارة شارون وستواصل سيرها، بامكان سوريا ايضا ان تكون طرفا ايجابيا أو سلبيا، اذا واصلت دعمها للارهاب وتوفير ملجأ لحماس وحرس الثورة وايصال السلاح لحزب الله، فان فاتورة الحساب ستقدم لها وستجد نفسها معزولة أكثر فأكثر عندما تتحرك عملية السلام من دونها. منذ زيارتي الثالثة لدمشق - الثانية أم الثالثة - من الصعب متابعة عدد الزيارات عندما تستمتع في دمشق، أجد ان الأسد قد دخل في وضع مثير. هو رئيس جديد نسبيا مع حكومة قديمة نسبيا اختارها والده، عليه ان يتخذ قرارات استراتيجية وليس لديه وقت كثير لذلك.



- الرئيس السوري يطلب استئناف المفاوضات رسميا؟



+ من يعرف، فهم يقولون امورا ولا يقولون اخرى. ليس لدي شعور ان شيئا قد تغير عندهم.



- اذا أنتم لا تعملون الآن لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل وسوريا؟



+ هذه مسألة متروكة لاسرائيل وسوريا، وأنا اشعر ان الجانبين غير مستعدين لذلك؟.

===========================