أحمد العبكي
06-10-2006, 08:21 PM
يقولون، إن شاباً ناعم العود، رخو العزيمة، عاش في بيت رفاهية وتدليل، أراد والده أن يسوقه إلى ساحة المعركة بين قبيلته وقبائل أخرى، وأن يفتخر بفروسية ولده، وفي ميدان القتال، أسهب الأب في ذكر مناقب فارس القبيلة الهمام، الذي ادخره لمثل هذا اليوم، ودب ذعر في نفوس المقاتلين وهم ينتظرون خروج الفارس المنتظر، ولكن ما ان شاهدوا البطل الجديد وهو يتمنطق بسيفه وقد مال حيث مالت اثقال حمله، وهو يرفل بعباءته ورائحة الطيب تصك أنوف المقاتلين، حتى شعروا أن فارسهم الهمام إنما برز لحتفه، وخرج لمصرعه.
وخلافاً لما رأته ميسون زوجة معاوية إبن أبي سفيان وأكثر نسائه حظوة لديه، التي خرجت من قصر الخضراء المنيف لتركن الى حياة الخشونة، حيث تقول:
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليَّ من لبس الشفوفِ
فإن عدداً من الصحفيين السعوديين وفي رواق صاحبة الجلالة التي تستثير محبي مهنة المصاعب، لازالوا يتعاملون معها كعارضي ازياء، بدل أن يشمروا عن سواعد العزيمة والعمل.
لقد عرف السعوديون كغيرهم من بني يعرب، العباءة، واتخذوها وشاحاً للتباهي وزياً لعلية القوم، ولباساً يتفننون فيه في مناسبات أفراحهم وأتراحهم، وكانت العباءة زينة الرجال، حين يتعين عليهم التزين، ولكنها كانت بعيدة عن أجسادهم حين يشمرون سواعدهم للعمل، وبقدر ما كان العربي مفتونا بعمله، متحمساً لأدائه كان يوصف بأنه يشمر عن ساعديه، ويطوي ما تطاول من ثيابه، ولم يكن المحاربين والناشطين والعاملين يتزينون إلا بما يلقي الهيبة في نفوسهم، أما ما يعيق حركتهم فكان يعد ترفاً وميوعة يترفعون عنها.
خلال الأيام الأخيرة، ازدادت ظاهرة الصحفيين الباحثين عن الجاه وعن الوجاهة عوضاً عن العمل والبحث عن المتاعب، وتكاثر كنبات الفطر ساعة ينزل المطر، عدد الصحفيين الذين يتزينون بملابسهم المخصرة، ونظاراتهم الفرنسية وساعاتهم السويسرية وأجهزة الهاتف النقال المذهبة، بل وأصبح البعض منهم يعطي اهتماماً لنغمات الجوال أكثر مما يعطيه لعمله الصحفي الذي يفترض فيه البحث المضني عن الخبر والمعلومة ونقلهما وصناعتهما.
في كل مناسبة يتهادى بعض الصحفيين كعارضات الأزياء، أو كراقصات الفيديو كليب، ولكن في عدد من المناسبات الأخيرة طغت ظاهرة الصحفيين الذين يتشحون بمشالح العرس والحفلات العامة، بعضها على الأقل من ذلك النوع الذي يباع بالجملة في سوق القماش.. أما البعض فهو من المشالح المذهبة التي تشغل زملاءهم في تقدير اسعارها.
ولا تجد نفسك، أنت الصحفي الذي تشغل نفسك بهوى البحث عن المتاعب، إلا ان تزدري نفسك وتفقد شعورك باحترام الذات، حين تقف بجانب زميل يلمع من حذائه حتى شماغه، مروراً بمشلحه المعطر، دون أن تنسى الوقوف أمام مساحيق الماسكر التي تصبغ خدوده، وحين تهيم بهذا الجو الشاعري، فإنه سيوقظك بمسبحته التي يحركها ذات اليمين وذات الشمال.
اذا كنت من الصحفيين الذين لا يعرفون من القماش سوى حاجته لتغطية الأجساد، فعليك أن ترتمي داخل مكتبك، فرجال العلاقات العامة سيهبون لإجلاس زميلك الأمي المتشح بالعباءة! وسيتعين عليك أن تقف خلفه دائماً.
وليس مهماً أن يفهم مثل هؤلاء المناسبة التي يحضرونها، فالعباءة كافية لكي تفتح لهم الطريق، وليس واجباً أن يوجهوا أي سؤال في أي مؤتمر صحفي، ولكن إذا صدق أحدهم غروره وأرتبك جناية الكلام، فإن أمعاءك ستتراقص من الضحك!
ولكنه الزمنّ!
الذي يسوق العباءة لحفلات الولائم، كما يسوقها لساحات العمل..!
وقديماً كان الأعرابي الحكيم يقول لنا بإسلوب لا تخطؤه البصائر.. أن واحداً من بني عمنا قصد مجلس وجيه من القوم، بملابسه الرثة، فطارده الحراس لأقصى الباب، وعاد في اليوم التالي متشحاً بعباءة زاهية.. فهّب الحاضرون لاستقباله والحفاوة به وأجلسوه في صدر المكان، وقدموا له اشهى الطعام، وعند ذلك شّد كًمّه الى المائدة وقال : أيتها العباءة .. كلي فهذا الطعام لم يًُسَق إلا إليك !
وخلافاً لما رأته ميسون زوجة معاوية إبن أبي سفيان وأكثر نسائه حظوة لديه، التي خرجت من قصر الخضراء المنيف لتركن الى حياة الخشونة، حيث تقول:
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليَّ من لبس الشفوفِ
فإن عدداً من الصحفيين السعوديين وفي رواق صاحبة الجلالة التي تستثير محبي مهنة المصاعب، لازالوا يتعاملون معها كعارضي ازياء، بدل أن يشمروا عن سواعد العزيمة والعمل.
لقد عرف السعوديون كغيرهم من بني يعرب، العباءة، واتخذوها وشاحاً للتباهي وزياً لعلية القوم، ولباساً يتفننون فيه في مناسبات أفراحهم وأتراحهم، وكانت العباءة زينة الرجال، حين يتعين عليهم التزين، ولكنها كانت بعيدة عن أجسادهم حين يشمرون سواعدهم للعمل، وبقدر ما كان العربي مفتونا بعمله، متحمساً لأدائه كان يوصف بأنه يشمر عن ساعديه، ويطوي ما تطاول من ثيابه، ولم يكن المحاربين والناشطين والعاملين يتزينون إلا بما يلقي الهيبة في نفوسهم، أما ما يعيق حركتهم فكان يعد ترفاً وميوعة يترفعون عنها.
خلال الأيام الأخيرة، ازدادت ظاهرة الصحفيين الباحثين عن الجاه وعن الوجاهة عوضاً عن العمل والبحث عن المتاعب، وتكاثر كنبات الفطر ساعة ينزل المطر، عدد الصحفيين الذين يتزينون بملابسهم المخصرة، ونظاراتهم الفرنسية وساعاتهم السويسرية وأجهزة الهاتف النقال المذهبة، بل وأصبح البعض منهم يعطي اهتماماً لنغمات الجوال أكثر مما يعطيه لعمله الصحفي الذي يفترض فيه البحث المضني عن الخبر والمعلومة ونقلهما وصناعتهما.
في كل مناسبة يتهادى بعض الصحفيين كعارضات الأزياء، أو كراقصات الفيديو كليب، ولكن في عدد من المناسبات الأخيرة طغت ظاهرة الصحفيين الذين يتشحون بمشالح العرس والحفلات العامة، بعضها على الأقل من ذلك النوع الذي يباع بالجملة في سوق القماش.. أما البعض فهو من المشالح المذهبة التي تشغل زملاءهم في تقدير اسعارها.
ولا تجد نفسك، أنت الصحفي الذي تشغل نفسك بهوى البحث عن المتاعب، إلا ان تزدري نفسك وتفقد شعورك باحترام الذات، حين تقف بجانب زميل يلمع من حذائه حتى شماغه، مروراً بمشلحه المعطر، دون أن تنسى الوقوف أمام مساحيق الماسكر التي تصبغ خدوده، وحين تهيم بهذا الجو الشاعري، فإنه سيوقظك بمسبحته التي يحركها ذات اليمين وذات الشمال.
اذا كنت من الصحفيين الذين لا يعرفون من القماش سوى حاجته لتغطية الأجساد، فعليك أن ترتمي داخل مكتبك، فرجال العلاقات العامة سيهبون لإجلاس زميلك الأمي المتشح بالعباءة! وسيتعين عليك أن تقف خلفه دائماً.
وليس مهماً أن يفهم مثل هؤلاء المناسبة التي يحضرونها، فالعباءة كافية لكي تفتح لهم الطريق، وليس واجباً أن يوجهوا أي سؤال في أي مؤتمر صحفي، ولكن إذا صدق أحدهم غروره وأرتبك جناية الكلام، فإن أمعاءك ستتراقص من الضحك!
ولكنه الزمنّ!
الذي يسوق العباءة لحفلات الولائم، كما يسوقها لساحات العمل..!
وقديماً كان الأعرابي الحكيم يقول لنا بإسلوب لا تخطؤه البصائر.. أن واحداً من بني عمنا قصد مجلس وجيه من القوم، بملابسه الرثة، فطارده الحراس لأقصى الباب، وعاد في اليوم التالي متشحاً بعباءة زاهية.. فهّب الحاضرون لاستقباله والحفاوة به وأجلسوه في صدر المكان، وقدموا له اشهى الطعام، وعند ذلك شّد كًمّه الى المائدة وقال : أيتها العباءة .. كلي فهذا الطعام لم يًُسَق إلا إليك !